الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٥

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 607

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 182612 / تحميل: 6252
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

السلام ، فان الفاظ القصة لا تدل على التأويل الذي ذكره الخضر لموسى. كما انه في آية( وأوفوا الكيل اذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ) لا تدل هاتان الجملتان دلالة لفظية على وضع اقتصادي خاص هو التأويل للأمر الوارد فيها. وفي آية( فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ) لا تدل الآية دلالة لفظية على تأويله الذي هو الوحدة الإسلامية وهكذا دواليك في الآيات الاخرى لو امعنا النظر فيها.

بل في الرؤيا تأويله حقيقة خارجية رآها الراؤون في صورة خاصة ، وفي قصة موسى والخضر تأويل الخضر حقيقة تنبع منها اعماله التي عملها ، والامر في آية الكيل والوزن تأويله مصلحة عامة تنبع منه ، وآية رد النزاع الى الله والرسول ايضاً شبيهة بما ذكرناه.

فتأويل كل شيء حقيقة خارجية يتراءى ذلك الشيء منها وهو بدوره يحقق التأويل ، كما ان صاحب التأويل بقاؤه بالتأويل وظهوره في صاحبه.

وهذا المعنى جار في القرآن الكريم ، لان هذا الكتاب المقدس يستمد من منابع حقائق ومعنويات قطعت اغلال المادية والجسمانية ، وهي اعلى مرتبة من الحس والمحسوس واوسع من قوالب الالفاظ والعبارات التي هي نتيجة حياتنا المادية.

٦١

ان هذه الحقائق والمعنويات لا يمكن التعبير عنها بألفاظ محدودة ، وانما هي الفات للبشرية من عالم الغيب الى ضرورة استعدادهم للوصول الى السعادة بواسطة الالتزام بظواهر العقائد الحقة والاعمال الصالحة ، ولا طريق للوصول الى تلك السعادة الا بهذه الظواهر ، وعندما ينتقل الإنسان الى العالم الاخر تتجلى له الحقائق مكشوفة ، وهذا ما يدل عليه آيتا سورتي الاعراف ويونس المذكورتان.

والى هذا يشير ايضا قوله تعالى :( حّم *والكتاب المبين *انا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون *وانه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) (١) .

انطباق الآية على « التأويل » بالمعنى الذي ذكرناه واضح لا غبار عليه ، وخاصة لانه قال( لعلكم تعقلون ) ولم يقل « لعلكم تعقلونه » ، لان علم التأويل خاص بالله تعالى كما جاء في آية المحكم والمتشابه( وما يعلم تأويله الا الله ) ، ولهذا عندما تريد الآية ان تذكر المنحرفين الذين يتبعون المتشابهات ، تصفهم بأنهم يبتغون الفتنة والتأويل ولم تصفهم بأنهم يجدون التأويل.

فاذاً « التأويل » هو حقيقة او حقائق مضبوطة في ام

ــــــــــــــــــ

(١) سورة الزخرف : ١ ، ٢ ، ٣ ، ٤.

٦٢

الكتاب ولا يعلمها الا الله تعالى وهي مما اختص بعالم الغيب.

وقال تعالى ايضاً في آيات اخرى :( فلا اقسم بمواقع النجوم *وانه لقسم لو تعلمون عظيم *انه لقرآن كريم *في كتاب مكنون *لا يمسه الا المطهرون *تنزيل من رب العالمين ) ؟(١) .

يظهر جلياً من هذه الآيات ان للقرآن الكريم مقامين : مقام مكنون محفوظ من المس ، ومقام التنزيل الذي يفهمه كل الناس.

والفائدة الزائدة التي نستفيدها من هذه الآيات ولم نجدها في الآيات السابقة ، هي الاستثناء الوارد في قوله( الا المطهرون ) الدال على ان هناك بعض من يمكن ان يدرك حقائق القرآن وتأويله. وهذا الاثبات لا ينافي النفي الوارد في قوله تعالى( وما يعلم تأويله الا الله ) ، لان ضم احداهما الى الاخرى ينتج الاستقلال والتبعية ، اي يعرف منها استقلال علمه تعالى بهذه الحقائق ولا يعرفها احد الا باذنه عز شأنه وتعليم منه.

وعلم التأويل شبيه فيما ذكرنا بعلم الغيب الذي اختص بالله تعالى في كثير من الآيات ، وفي آية استثنى العباد

ــــــــــــــــــ

(١) سورة الواقعة : ٧٥ ـ ٨٠.

٦٣

المرضيون فأثبت لهم العلم به ، وهي قوله تعالى :( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احداً *الا من ارتضى من رسول ) (١) . فمن مجموع الكلمات في علم الغيب نستنتج انه بالاستقلال خاص بالله تعالى ولا يطلع عليه احدا الا باذنه عز وجل.

نعم ، المطهرون هم الذين يلمسون الحقيقة القرآنية ويصلون الى غور معارف القرآن ـ كما تدلنا عليه الآيات التي ذكرناها. ولو ضممنا هذه الى قوله تعالى( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً ) (٢) .

الوارد حسب احاديث متواترة في حق اهل البيتعليهم‌السلام نعلم ان النبي واهل بيته هم المطهرون العالمون بتأويل القرآن الكريم.

القرآن والناسخ والمنسوخ :

بضمن آيات الاحكام الواردة في القرآن الكريم آيات احتلت احكامها مكان احكام كانت موضوعة في آيات سابقة ، فأنهت الآيات اللاحقة مفعول الآيات السابقة ولم تعد

ــــــــــــــــــ

(١) سورة الجن : ٢٦ ـ ٢٧.

(٢) سور الاحزاب : ٣٣.

٦٤

تلك الاحكام معمولاً بها. وتسمى الآيات السابقة بـ « المنسوخ » والآيات اللاحقة بـ « الناسخ ».

فمثلاً في بداية مبعث الرسول أمر المسلمون بمداراة اهل الكتاب في قوله تعالى :( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ) (١) . وبعد مدة انهي هذا الحكم وامروا بالقتال معهم في قوله( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب ) (٢) .

والنسخ الذي يدور على السنتنا حقيقته هي : وضع قانون لمصلحة ما والعمل به ثم ظهور الخطأ في ذلك والغاؤه ووضع قانون جديد مكانه.

لكن لا يمكن نسبة مثل هذا النسخ الدال على الجهل والخطأ الى الله تعالى المنزه عن كل جهل وخطأ ، ولا يوجد هكذا نسخ في الآيات الكريمة الخالية عن وجود اي اختلاف بينها.

بل النسخ في القرآن معناه : انتهاء زمن اعتبار الحكم المنسوخ. ونعني بهذا ان للحكم الاول كانت مصحلة زمنية محدودة واثر موقت بوقت خاص تعلن الآية الناسخة انتهاء

ــــــــــــــــــ

(١) سورة البقرة : ١٠٩.

(٢) سورة التوبة : ٢٩.

٦٥

ذلك الزمن المحدود وزوال الاثر. ونظراً الى ان الآيات نزلت في مناسبات مختلفة خلال ثلاث وعشرون سنة ، من السهولة بمكان تصور اشتمالها على هكذا احكام.

ان وضع حكم موقت في حين لم تتم مقتضيات الحكم الدائم ، ثم وضع الحكم الدائم وابدال الحكم الموقت به ، شيء ثابت لا اشكال فيه. كما يفهم هذا ايضا مما ورد في القرآن الكريم حول فلسفة النسخ. قال تعالى :( واذا بدلنا آية مكان آية والله اعلم بما ينزل قالوا انما انت مفتر بل اكثرهم لا يعلمون *قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدىً وبشرى للمسلمين ) (١) .

الجري والانطباق في القرآن :

القرآن الكريم كتاب دائم لكل الازمان وتسري احكامه على كل الناس ، فيجري في الغائب كما يجري في الحاضر وينطبق على الماضي والمستقبل كما ينطبق على الحال. فمثلاً الآيات النازلة في حكم ما على احد المؤمنين بشروط خاصة في عصر النبوة يسري ذلك الحكم على غيره لو توفرت تلك الشروط في العصور التالية ايضاً ، والآيات التي تمدح او تذم

ــــــــــــــــــ

(١) سورة النحل : ١٠١ ـ ١٠٢.

٦٦

بعض من يتحلى بصفات ممدوحة او مذمومة تشمل من يتحلى بها ممن لم يعاصر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فاذاً مورد نزول آية من الآيات لا يكون مخصصاً لتلك الآية نفسها. ونعني بذلك انه لو نزلت في شخص او اشخاص معينين آية لا تكون تلك الآية جامدة في ذلك الشخص او اولئك الاشخاص ، بل يسري حكمها في كل من يشترك مع اولئك في الصفات التي كانت مورداً لتلك الآية.

هذا هو الذي يسمى في السنة الاحاديث بـ « الجري ». قال الامام الباقرعليه‌السلام ، في حديثه للفضيل بن يسار ، عندما سأله عن هذه الرواية « ما في القرآن آية الا ولها ظهر وبطن وما فيها حرف الا وله حد ولكل حد مطلع » ما يعني بقوله « ظهر وبطن »؟ قالعليه‌السلام : ظهره تنزيله وبطنه تأويله ، منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد ، يجري كما يجري الشمس والقمر كلما جاء منه شيء وقع. الحديث(١) .

وفي بعض الاحاديث يعتبر بطن القرآن ـ يعني انطباقه بموارد وجدت بالتحليل ـ مثل الجري(٢) .

ــــــــــــــــــ

(١) تفسير العياشي ١ / ١٠.

(٢) انظر المصدر السابق ١ / ١١.

٦٧

التفسير وظهوره وتطوره :

بدأ التفسير للآيات وبيان معاني الفاظ القرآن وعباراته من عصر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان هو المعلم الاول للقرآن الكريم وتوضيح مقاصده وحل ما غمض من عباراته ، قال تعالى( وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ) (١) .

وقال :( هو الذي بعث في الاميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ) (٢) .

وفي عصر النبي وبأمر منه اشتغل جماعة من الصحابة بقراءة القرآن وحفظه وضبطه ، وهم الذين يسمون بـ « القراء ». وبعد الصحابة استمر المسلمون في التفسير ولا زال حتى الان فيهم مفسرون.

علم التفسير وطبقات المفسرين :

اشتغل جماعة من الصحابة بالتفسير بعد ان ارتحل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الى الرفيق الاعلى ، ومنهم

ــــــــــــــــــ

(١) سورة النحل : ٤٤.

(٢) سورة الجمعة : ٢.

٦٨

أُبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله الانصاري وابو سعيد الخدري وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر وانس وابو هريرة وابو موسى ، وكان اشهرهم عبد الله بن عباس.

كان منهج هؤلاء في التفسير انهم ينقلون ما سمعوه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في معاني الآيات بشكل احاديث مسندة(١) وبلغت هذه الاحاديث كلها الى نيف واربعين ومائتي حديث اسانيد كثير منها ضعيفة ومتون بعضها منكرة لا يمكن الركون اليها.

وربما ذكر هؤلاء تفسير بعض الآيات على انه تفسير منهم بدون اسناده الى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فعد المفسرون من متأخري اهل السنة هذا القسم ايضا من جملة الاحاديث ، بحجة ان الصحابة اخذوا علم القرآن من النبي ويبعد ان يفسروا من عند انفسهم.

ولكن لا دليل قاطع على كلامهم هذا ، بالاضافة الى ان كمية كبيرة من الاحاديث المذكورة واردة في اسباب نزول الآيات وقصصها التاريخية ، كما ان فيها احاديث غير مسندة منقولة عن بعض علماء اليهود الذين اسلموا ككعب الاحبار وغيره.

ــــــــــــــــــ

(١) آخر كتاب الاتقان ، طبع القاهرة سنة ١٣٧٠ هـ.

٦٩

وكان ابن عباس في اكثر الاوقات يستشهد بأبيات شعرية في فهم معاني الآيات ، كما نرى ذلك جلياً في مسائل نافع بن الازرق ، فان ابن عباس عند الاجابة عليها استشهد بالشعر في اكثر من مائتي مورد من الآيات ، وقد نقل السيوطي مائة وتسعين جواباً منها في كتابه الاتقان(١) .

ومن هنا لا يمكن اعتبار الاحاديث المنقولة عن الصحابة احاديث نبوية كما لا يمكن القول بأنهم لم يفسروا مطلقاً برأيهم.

ومفسرو الصحابة هم الطبقة الاولى من المفسرين.

( الطبقة الثانية ) هم التابعون ، وهم تلامذة مفسري الصحابة ، وهم مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وضحاك. ومن هذه الطبقة ايضا الحسن البصري وعطاء بن ابي رباح وعطاء بن ابي مسلم وابي العالية ومحمد بن كعب القرظي وقتادة وعطية وزيد بن اسلم وطاوس اليماني(٢) .

ــــــــــــــــــ

(١) الاتقان ص ١٢٠ ـ ١٣٣.

(٢) مجاهد ، مفسر مشهور ، توفي سنة ١٠٠ او سنة ١٠٣ ( تهذيب الاسماء للنووي ).

سعيد بن جبير مفسر معروف تلميذ ابن عباس ، قتله الحجاج الثقفي سنة ٩٤ ( التهذيب ).

عكرمة ، مولى ابن عباس وتلميذه وتلميذ سعيد بن جبير ،

٧٠

( الطبقة الثالثة ) تلامذة الطبقة الثانية ، كربيع بن انس وعبد الرحمن بن زيد بن اسلم وابو صالح الكلبي ونظرائهم(١) .

ــــــــــــــــــ

توفي سنة ١٠٤ ( التهذيب ).

ضحاك ، من تلامذة عكرمة ( لسان الميزان ).

الحسن البصري ، زاهد ومفسر معروف ، توفي سنة ١١٠ ( التهذيب ).

عطاء بن ابي رباح ، فقيه ومفسر مشهور ، من تلامذة ابن عباس ، توفي سنة ١١٥ ( التهذيب ).

عطاء بن ابي مسلم ، من اكابر التابعين ، ومن تلامذة ابن جبير وعكرمة ، توفي سنة ١٣٣ ( التهذيب ).

ابو العالية ، من ائمة التفسير واكابر التابعين ، كان في المائة الاولى من الهجرة ( التهذيب ).

محمد بن كعب القرظي ، مفسر معروف ، وهو من اسرة يهودية من بني قريظة ، كان في المائة الاولى من الهجرة.

قتادة ، اعمى ، كان من اكابر المفسرين ، وهو من تلامذة الحسن البصري وعكرمة ، توفي سنة ١١٧ ( التهذيب ).

عطية ، ينقل عن ابن عباس ( لسان الميزان ).

زيد بن اسلم ، مولى عمر بن الخطاب ، فقيه ومفسر ، توفي سنة ١٣٦ ( التهذيب ).

طاوس اليماني ، من اعلام عصره ، وهو تلميذ ابن عباس ، توفي سنة ١٠٦ ( التهذيب ).

(١) عبد الرحمن بن زيد ، يعد من علماء التفسير.

٧١

وكان منهج التابعين في التفسير انهم ينقلونه احيانا بصورة احاديث عن الرسول الكريم او الصحابة ، واحيانا ينقلونه بشكل نظريات خاصة بلا اسنادها الى احد ، فعامل متأخرو المفسرين مع هذه الاقوال معاملة الاحاديث النبوية واعتبروها احاديث موقوفة(١) .

ويطلق على الطبقتين الاخرتين لفظة « قدماء المفسرين ».

( الطبقة الرابعة ) اوائل المؤلفين في علم التفسير ، كسفيان ابن عيينة ووكيع بن الجراح وشعبة بن الحجاج وعبد بن حميد وغيرهم. ومن هذه الطبقة ايضا ابن جرير الطبري صاحب التفسير المشهور(٢) .

ــــــــــــــــــ

ابو صالح الكلبي ، النسابة المفسر ، وهو من اعلام القرن الثاني.

(١) الاحاديث الموقوفة هي التي لم يذكر فيها المروي عنه.

(٢) سفيان بن عيينة ، مكي من طبقة التابعين الثانية ، وهو من علماء التفسير توفي سنة ١٩٨ ( التهذيب ).

وكيع بن الجراح ، كوفي من طبقة التابعين الثانية ، ومن مشاهير المفسرين توفي سنة ١٩٧ ( التهذيب ).

شعبة بن الحجاج البصري ، من طبقة التابعين الثانية ، وهو من مشاهير المفسرين ، توفي سنة ١٦٠ ( التهذيب ).

عبد بن حميد ، صاحب تفسير ، من طبقة التابعين الثانية ، كان في القرن الثاني من الهجرة.

٧٢

ومنهج هذه الطبقة من المفسرين كان نقل اقوال الصحابة والتابعين بشكل احاديث في مؤلفاتهم التفسيرية بدون ذكر آرائهم الخاصة. الا ان ابن جرير في تفسيره قد يبدي رأيه في ترجيح بعض الاحاديث على بعضها وكيفية الجمع بينها. ومن هذه الطبقة تبدأ طبقات المفسرين المتأخرين.

( الطبقة الخامسة ) المفسرون الذين نقلوا الاحاديث في تفاسيرهم بحذف الاسانيد واكتفوا بنقل الاقوال والآراء.

قال السيوطي : فدخل من هنا الدخيل والتبس الصحيح بالعليل(١) .

الا ان المتدبر في الاحاديث المسندة يرى ايضا كثيرا من الوضع والدس ، ويشاهد الاقوال المتناقضة تنسب الى صحابي واحد ، ويقرأ قصصاً وحكايات يقطع بعدم صحتها ، ويمر على احاديث في اسباب النزول والناسخ والمنسوخ لا تتفق مع سياق الآيات. ومن هنا نقل ان الامام احمد بن حنبل قال : ثلاثة لا اصل لها المغازي والملاحم واحاديث التفسير. ونقل عن الامام الشافعي ان الثابت من الاحاديث المروية عن ابن عباس مائة حديث فقط.

ــــــــــــــــــ

ابن جرير الطبري ، محمد بن جرير بن يزيد ، من مشاهير علماء السنة ، توفي سنة ٣١٠ ( لسان الميزان ).

(١) الاتقان ٢ / ١٩٠.

٧٣

( الطبقة السادسة ) المفسرون الذين كتبوا التفسير بعد ظهور العلوم المختلفة ونضجها ، فكتب كل منهم حسب اختصاصه وفي العلم الذي اتقنه : فالنحوي ادرج المباحث النحوية كالزجاج والواحدي وابي حيان(١) ، والاديب اورد المباحث البلاغية كالزمخشري في كشافه(٢) ، والمتكلم اهتم بالمباحث الكلامية كالفخر الرازي في تفسيره الكبير(٣) ، والصوفي غاص في المباحث الصوفية كابن العربي وعبد الرزاق الكاشاني في تفسيريهما(٤) ، والاخباري ملأ كتابه بالاحاديث كالثعلبي في تفسيره(٥) ، والفقيه جاء بالمسائل الفقهية

ــــــــــــــــــ

(١) الزجاج ، من علماء النحو ، توفي سنة ٣١٠ ( ريحانة الادب ).

الواحدي ، نحوي مفسر ، توفي سنة ٤٦٨ ( الريحانة ).

ابو حيان الاندلسي ، نحوي مفسر قارىء توفي في مصر سنة ٧٤٥ ( الريحانة ).

(٢) الزمخشري ، من مشاهير علماء الادب ، مؤلف تفسير الكشاف ، توفي سنة ٥٣٨ ( كشف الظنون ).

(٣) الامام فخر الدين الرازي ، متكلم مفسر مشهور ، صاحب تفسير مفاتيح الغيب ، توفي سنة ٦٠٦ ( كشف الظنون ).

(٤) عبد الرزاق الكاشاني ، من مشاهير علماء الصوفية في القرن الثامن الهجري ( ريحانة الادب ).

(٥) احمد بن محمد بن ابراهيم الثعلبي ، صاحب التفسير المشهور ، توفي سنة ٤٢٦ او ٤٢٧ ( الريحانة ).

٧٤

كالقرطبي في تفسيره(١) . وقد خلط جماعة آخرون في تفاسيرهم بين العلوم المختلفة كما نشاهده في تفسير روح المعاني(٢) وروح البيان(٣) وتفسير النيسابوري(٤) .

والخدمة التي قدمتها هذه الطبقة الى علم التفسير هي اخراجه من جموده واخضاعه للدرس والبحث ، ولكن الانصاف يقتضي القول بأن كثيراً من المباحث التي كتبها هؤلاء حملت على القرآن حملاً ولا تدل عليها الآيات.

أسلوب مفسري الشيعة وطبقاتهم :

الطبقات التي ذكرناها هي طبقات المفسرين من السنة ، وقد رأينا ان لهم منهجاً خاصا في التفسير ساروا على ضوئه من حين نشأته ، فجعلوه احاديث نبوية واقوال للصحابة والتابعين ولم يجيزوا اعمال النظر فيها لانه يكون من قبيل الاجتهاد

ــــــــــــــــــ

(١) محمد بن احمد بن ابي بكر القرطبي ، توفي سنة ٦٦٨ ( الريحانة ).

(٢) تأليف الشيخ اسماعيل حقي ، توفي سنة ١١٣٧ ( ذيل كشف الظنون ).

(٣) تأليف شهاب الدين محمود الالوسي البغدادي ، توفي سنة ١٢٧٠ ( ذيل كشف الظنون ).

(٤) غرائب القرآن ، تأليف نظام الدين حسن القمي النيسابوري ، توفي سنة ٧٢٨ ( ذيل كشف الظنون ).

٧٥

 مقابل النص. ولكن لما ظهر التناقض والتضارب والدس والوضع فيها بدأت الطبقة السادسة تعمل رأيها فيها وتجتهد.

أما المنهج الذي اتخذته الشيعة في تفسير القرآن الكريم فيختلف مع منهج السنة ، ولذا يختلف تقسيم طبقاتهم مع الطبقات المذكورة.

تعتقد الشيعة ـ بنص من القرآن الكريم حجية اقوال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في التفسير ، وترى ان الصحابة والتابعين كبقية المسلمين لا حجية في اقوالهم الا ما ثبت انه حديث نبوي. وقد ثبت بطرق متواترة في حديث الثقلين ان اقوال العترة الطاهرة من اهل بيتهعليهم‌السلام هي تالية لاقوال الرسول ، فهي حجة ايضا. ومن هنا اخذت الشيعة في التفسير بما اثر عن النبي واهل بيتهعليهم‌السلام ، فكانت طبقات المفسرين منهم كما يلي :

( الطبقة الاولى ) : الذين رووا التفسير عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وائمة اهل البيتعليهم‌السلام ، وادرجوا الاحاديث في مؤلفاتهم المتفرقة ، كزرارة ومحمد بن مسلم ومعروف وجرير واشباههم(١) .

ــــــــــــــــــ

(١) زرارة بن اعين ومحمد بن مسلم من فقهاء الشيعة وخواص اصحاب الامامين الباقر والصادقعليهما‌السلام .

معروف بن خربوذ وجرير من خواص اصحاب الامام الصادق عليه الصلاة والسلام.

٧٦

( الطبقة الثانية ) : اوائل المؤلفين في التفسير ، كفرات بن ابراهيم الكوفي وابي حمزة الثمالي والعياشي وعلي بن ابراهيم القمي والنعماني(١) .

وطريقة هؤلاء في تفاسيرهم تشبه طريقة الطبقة الرابعة من مفسري اهل السنة ، فقد رووا الاحاديث المأثورة عن الطبقة الاولى وادرجوها مسندة في مؤلفاتهم ولم يبدوا آراءهم الخاصة في الموضوع.

ومن الواضح ان الزمن الذي كان يمكن الاخذ فيه عن الائمةعليهم‌السلام كان طويلاً بلغ نحواً من ثلاثمائة سنة ،

ــــــــــــــــــ

(١) فرات بن ابراهيم الكوفي ، صاحب التفسير المشهور ، من مشايخ علي بن ابراهيم القمي ( ريحانة الادب ).

ابو حمزة الثمالي ، من فقهاء الشيعة وخواص اصحاب الامام السجاد والباقرعليهما‌السلام ( الريحانة ).

العياشي ، محمد بن مسعود الكوفي السمرقندي ، من اعيان علماء الامامية في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري ( الريحانة ).

علي بن ابراهيم القمي ، من مشائخ الحديث الشيعي في اواخر القرن الثالث واوائل القرن الرابع الهجري.

النعماني ، محمد بن ابراهيم ، من اعيان علماء الامامية ، وهو تلميذ ثقة الإسلام الكليني ، كان في اوائل القرن الرابع الهجري ( الريحانة ).

٧٧

فكان من الطبيعي ان لا يضبط الترتيب الزمني لهاتين الطبقتين بصورة دقيقة ، بل كانتا متداخلتين ومن الصعوبة بمكان التفريق الدقيق بينهما.

وقد قل عند اوائل مفسري الشيعة نقل احاديث التفسير بشكل روايات مرسلة في تفاسيرهم ، وكنموذج لنقل الاحاديث مروية بدون اسانيد نلفت الانظار الى تفسير العياشي الذي حذف بعض تلامذته اسانيده اختصاراً ، فاشتهرت نسخة التلميذ المختصرة وحلت محل نسخة الاصل.

( الطبقة الثالثة ) اصحاب العلوم المختلفة ، كالشريف الرضي في تفسيره الادبي والشيخ الطوسي في تفسيره الكلامي المسمى بالتبيان والمولى صدر الدين الشيرازي في تفسيره الفلسفي والميبدي الكونابادي في تفسيره الصوفي والشيخ عبد علي الحويزي والسيد هاشم البحراني والفيض الكاشاني في تفاسيرهم نور الثقلين والبرهان والصافي(١) .

ــــــــــــــــــ

(١) الشريف الرضي ، محمد بن الحسين الموسوي ، من اجلاء فقهاء الامامية ، اعلم اهل زمانه في الشعر والادب ، ومن تآليفه كتاب « نهج البلاغة » توفي سنة ٤٠٤ او ٤٠٦ ( ريحانة الادب ).

شيخ الطائفة ، محمد بن الحسن الطوسي ، من اعلام علماء الامامية ، من تآليفه « التهذيب » و « الاستبصار » اللذين هما اصلان من الاصول الاربعة الحديثية عند الشيعة ، توفي سنة ٤٦٠ ( الريحانة ).

٧٨

وهناك جماعة جمعوا في تفاسيرهم بين العلوم المختلفة ، ومنهم الشيخ الطبرسي في تفسيره « مجمع البيان » الذي يبحث فيه عن اللغة والنحو والقراءة والكلام والحديث وغيرها(١) .

كيف يتقبل القرآن التفسير؟

الاجابة على هذا السؤال تتوضح من الفصول الماضية ، فان القرآن الكريم ـ كما ذكرنا ـ كتاب دائم للجميع ،

ــــــــــــــــــ

صدر المتألهين ، محمد بن ابراهيم الشيرازي ، الفيلسوف المشهور ، مؤلف كتاب « اسرار الآيات » و « مجموعة تفاسير » ، توفي سنة ١٠٥٠ ( روضات الجنات ).

الميبدي.

السيد هاشم البحراني ، صاحب تفسير « البرهان » في اربعة اجزاء كبار توفي سنة ١١٠٧ ( الريحانة ).

الفيض الكاشاني ، المولى محمد محسن بن المرتضى ، مؤلف كتاب « الصافي » و « الاصفى » ، توفي سنة ١٠٩١ ( الريحانة ).

الشيخ عبد علي الحويزي الشيرازي ، مؤلف كتاب « نور الثقلين » في خمسة اجزاء ، توفي سنة ١١١٢ ( الريحانة ).

(١) أمين الإسلام ، الفضل بن الحسن الطبرسي ، من اعيان علماء الامامية ، صاحب « مجمع البيان » في عشرة اجزاء ، توفي سنة ٥٤٨ ( الريحانة ).

٧٩

يخاطب الكل ويرشدهم الى مقاصده وقد تحدى في كثير من آياته على الاتيان بمثله واحتج بذلك على الناس ، ووصف نفسه بأنه النور والضياء والتبيان لكل شيء ، فلا يكون مثل هذا الكتاب محتاجا الى شيء اخر.

يقول محتجاً على انه ليس من كلام البشر :( افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) (١) .

ليس فيه اي اختلاف ، ولو وجد فيه اختلاف بالنظرة البدائية يرتفع بالتدبر في القرآن نفسه.

ومثل هذا الكتاب لو احتاج في بيان مقاصده الى شيء اخر لم تتم به الحجة ، لانه لو فرض ان احد الكفار وجد اختلافا في شيء من القرآن لا يرتفع من طريق الدلالة اللفظية للايات لم يقنع برفعه من طرق اخرى ، كأن يقول النبي مثلاً يرتفع بكذا وكذا ، ذلك لان هذا الكافر لا يعتقد بصدق النبي ونبوته وعصمته ، فلم يتنازل لقوله ودعاويه.

وبعبارة اخرى : لا يكفي ان يكون النبي رافعا للاختلافات القرآنية بدون شاهد لفظي من نفس القرآن لمن لا يعتقد نبوته وعصمته ، والآية الكريمة( أفلا يتدبرون

ــــــــــــــــــ

(١) سورة النساء : ٨٢.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

وقد سمح له الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمبيت ليلا في المسجد ، لأنّه لا يملك مكانا للاستراحة والسكن ، وعند ما كثر عدد الغرباء ـ وكلهم سكن المسجد ـ أدى ذلك إلى وضع سلبي للمسجد ، أمر الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإخراجهم من المسجد وتطهيره ، وأغلقت أبواب بيوت الصحابة التي كانت شارعة إلى المسجد بأمر الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما عدا بيت علي وفاطمةعليهما‌السلام .

عندها أمر الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتسقيف مكان معين بسعف النخل ليكون محلا لسكن الغرباء والفقراء ، وكان بنفسه يزورهم ويعطيهم الماء والتمر والخبز والمواد الغذائية الأخرى ، وقام باقي المسلمين بالاهتمام بهم ومساعدتهم عن طريق الزكاة وأنواع الإنفاق الأخرى.

وقد اشترك هؤلاء في المعارك الإسلامية وجاهدوا بإخلاص ، وقد وردت بعض الآيات القرآنية لتذكر فضلهم وصفاءهم وطهرهم ، وقد سمّوا (بأصحاب الصفّة) لأنّهم سكنوا تلك (الصفّة).

* * *

٥٤١

الآيات

( وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٣٢) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٥) فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦) )

التّفسير

هبوب الرياح المنتظمة وحركة السفنعليهم‌السلام

مرّة اخرى نشاهد أنّ هذه الآيات تقوم بتبيان علائم الخالق وأدلة التوحيد ، وتستمر في البحث الذي أشارت إليه الآيات السابقة بهذا الخصوص.

وهنا تذكر موضوعا يتعامل معه الإنسان كثيرا في حياته المادية ، خصوصا المسافرين عبر البحار وسكان السواحل ، حيث تقول الآية :( وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ ) .

«جوار» جمع (جارية) وهي صفة للسفن حيث لم تذكر للاختصار ، وعادة فإن

٥٤٢

الآية تقصد حركة السفن ، ولذا فقد استخدمت هذه الصفة.

ويقال للبنت الشابة «جارية» لأن الشباب والنشاط يجري في عروقها ووجودها.

«أعلام» جمع (علم) على وزن (قلم) وتعني الجبل ، إلّا أنّها في الأصل بمعنى العلامة والأثر الباقي الذي يخبر عن شيء معين ، مثل (علم الطريق) و (علم الجيش) وما شابه.

أمّا لماذا سمّي الجبل بالعلم؟ فذلك لأنّه ظاهر من بعيد ، وأحيانا كانوا يشعلون النّار فوق قمته حتى تكون منارا للسائرين ، إلّا أنّ وجود النّار وعدمها لا يؤثر في التسمية.

وعلى هذا الأساس فإنّ القرآن يعتبر حركة السفن العملاقة في هذه الآية ـ كما في الآيات المتعددة الأخرى ـ بسبب هبوب الرياح المنتظمة ، من آيات الخالق.

فليس مهمّا حركة السفينة الصغيرة أو الزوارق على سطح الماء بسبب هبوب الرياح ، المهم حركة السفن والبواخر العملاقة بحمولتها الكبيرة ومسافريها المتعددين عند هبوب الرياح ، فتقطع آلاف الأميال وتصل إلى مرساها.

فمن الذي خلق هذه المحيطات بخصوصياتها ومياهها وعمقها؟ من أعطى للخشب الذي تصنع منه السفن خاصية الطفو على سطح الماء؟

ومن يأمر الرياح بالهبوب بشكل منظم على سطح البحار والمحيطات كي يستطيع الإنسان أن يصل من نقطة إلى اخرى بالاستفادة من هذه الرياح؟

نعم ، فلو أخذنا بعين الإعتبار الخرائط التي يملكها البحارة بخصوص حركة الرياح ، والمعلومات التي يملكها البشر حول هبوب الرياح من القطبين نحو خط الإستواء ومن خط الإستواء إلى القطبين ، وأيضا هبوب الرياح المتناوبة من السواحل واليابسة نحو البحار وبالعكس ، عندها سندرك أن هذا الأمر مخطط وله

٥٤٣

نظام.

في زماننا ، تقوم المحركات الضخمة بتحريك السفن ودفعها إلى الأمام ، إلّا أنّ الرياح تبقى مؤثرة أيضا في حركة هذه السفن.

وللتأكيد أكثر تقول الآية :( إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ ) .

وكاستنتاج تضيف الآية في نهايتها :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ) .

نعم ، فهبوب الرياح ، وحركة السفن ، وخلق البحار ، والنظام الخاص المتناسق الذي يتحكم بهذه الأمور كلّها آيات مختلفة للذات المقدسة.

ونعلم أن هبوب الرياح يتمّ بسبب الاختلاف في درجة الحرارة بين منطقتين على الكرة الأرضية ، لأنّ الهواء يتمدد بسبب الحرارة ويتحرك نحو الأعلى ، ويضغط على الهواء المحيط به ويقوم بتحريكه ، ومن جانب آخر يترك مكانه للهواء المجاور له عند تحركه نحو الطبقات العليا ، فلو سحب الخالق هذه الخاصية (خاصية التمدد) من الهواء ، عندها سيطغى السكون والهدوء القاتل وستقف السفن الشراعية في عرض البحار دون أية حركة.

«صبار» و (شكور) صيغتا مبالغة حيث تعطي الأولى معنى كثرة الصبر ، والثانية كثرة الشكر. وهذان الوصفان الواردان في هذه الآية ـ وفي موارد اخرى(١) ـ يشيران إلى ملاحظات لطيفة.

فهاتان الصفتان توضحان حقيقة الإيمان ، لأن المؤمن صبور في المشاكل والابتلاءات وشكور في النعم ، وقد ورد في حديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الإيمان نصفان : نصف صبر ونصف شكر»(٢) .

إضافة إلى ذلك ، فإنّ البحث في أسرار نظام الخلق يحتاج إلى الصبر والاستمرار وتخصيص الوقت الكافي ، ومن جانب ثان يستحق شكر لمنعم.

__________________

(١) إبراهيم ـ ٥ ، لقمان ـ ٣١ ، سبأ ـ ١٩ ، والآية التي نبحثها.

(٢) تفسير الصافي ، مجمع البيان ، الفخر الرازي ، والقرطبي نهاية الآية (٣١) من سورة لقمان.

٥٤٤

فمتى ما توفر هذان العاملان عندها يكون الإنسان مؤهلا للبحث في هذه الآيات ، وعادة فإنّ البحث في أسرار الخلق يعتبر بحد ذاته نوعا من الشكر.

ومن جانب ثالث ، فإنّ هاتين الصفتين تتجسدان في الإنسان أكثر من أي وقت مضى متى ما ركب في السفينة ، حيث الصبر حيال حوادث ومشاكل البحار ، والشكر عند الوصول إلى الساحل.

مرّة اخرى ، لتجسيد عظمة هذه النعمة الإلهية ، تقول الآية الأخرى :( أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا ) أيّ لو شاء لأباد هذه السفن بسبب الأعمال التي ارتكبها المسافرون.

وكما قرأنا في الآيات الماضية ، فإنّ المصائب التي تصيب الإنسان غالبا ما ما تكون بسبب أعماله.

إلّا أنّه بالرغم من ذلك فإن اللطف الإلهي يشمل الإنسان :( وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ ) .

فلو لا عفو الخالق لم يكن لينجو أحد من عذاب الخالق سوى المعصومين والخواص والطاهرين ، كما نقرأ ذلك في الآية (٤٥) من سورة فاطر :( وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ) .

نعم ، فهو يستطيع أن يمنع الرياح من الهبوب حتى تقف السفن في وسط البحار والمحيطات ، أو يحوّل هذه الرياح إلى عواصف هو جاء تدمر هذه السفن والبواخر ، إلّا أن لطفه العام يمنع هذا العمل.

( وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ) (١) وما لهم من ملجأ سوى ذاته المنزهة.

فهؤلاء سوف لا يشملهم العفو الإلهي ، لأنّهم عارضوه بعلم ووعي ، واستمروا

__________________

(١) جملة( وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ ) كما يقول الزمخشري في كشافه : وردت منصوبة بسبب عطفها على تعليل محذوف وتقديره : لينتقم منهم ويعلم الذين يجادلون فالهدف أن ينتقم الخالق من هذه المجموعة ، والهدف أن يعلم المجادلون بعدم وجود طريق للنجاة.

٥٤٥

في محاربته عن عداوة وعناد ، فهؤلاء سوف لا يشملهم عفوه ورحمته ، ولا خلاص لهم من عذابه.

«محيص» مأخوذة من كلمة (حيص) على وزن (حيف) وتعني الرجوع والعدول عن أمر ما ، وبما أن (محيص) اسم مكان ، لذا وردت هذه الكلمة ، بمعنى محل الهروب أو الملجأ.

والكلام في آخر آية موجّه إلى الجميع حيث تقول :( فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا ) .

فلا تتصوروا أنّه سيبقى لكم ، لأنّه كالوميض الذي يبرق ثمّ يخبو ، وكالشمعة في مهبّ الريح والفقاعة على سطح الماء ، ولكن( وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) .

فلو استطعتم أن تستبدلوا هذا المتاع الدنيوي الزائل المحدود التافه بمتاع أبدي خالد ، فتلك هي التجارة المربحة العديمة النظير.

فالمواهب في هذه الدنيا لا تخلو من المشاكل ، حيث توجد الأشواك دائما إلى جانب الورود ، والمحبطات إلى جانب الآمال ، في حين أن الأجر الإلهي لا يحتوي على أي إزعاجات ، بل هو خير خالص ومتكامل.

ومن جانب آخر فإن هذه المواهب مهما كانت فستزول حتما ، إلّا أن الجزاء الأخروي أبدي خالد ، عندها هل يقبل العقل أن يستغني الإنسان عن هذه التجارة المربحة ، أو يصاب بالغرور والغفلة وتبهره زخارف الدنيا؟

لذا فإننا نقرأ في الآية ٣٨ من سورة التوبة :( أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ) .

وأساسا ، فإنّ «الحياة الدنيا» (بالمعنى المتقدم) تشير إلى الحياة الدنية والحقيرة ، وطبيعي أن أي متاع أو وسائل للاستفادة من مثل هذه الحياة ستكون ـ أيضا ـ مثلها في القيمة.

٥٤٦

لذا فقد ورد في حديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «والله ما الدنيا في الآخرة إلّا مثل أن يجعل أحدكم إصبعه هذه في اليم ، فلينظر بم ترجع؟!»(١) .

والملفت للنظر أنّه ورد في هذه الآية التأكيد على الإيمان والتوكل ، وهذا بسبب أن نيل الأجر الإلهي هو للذين يفوضون أمورهم في جميع الأعمال ويستسلمون له تعالى إضافة إلى الإيمان ، لأن التوكل يعني تفويض الأمور.

وتقابل هذه المجموعة أشخاص يجادلون في آيات الله بسبب حب الدنيا والارتباط بالمتاع الزائل ، ويقلبون الحقائق ، وبهذا الترتيب فإن آخر آية هي بمثابة تعليل للآية التي قبلها ، والتي كانت تتحدث عن الذين يجادلون في آيات الله.

* * *

__________________

(١) روح البيان ، المجلد الثّالث ، ص ٤٢٩ (نهاية الآية ٣٨ من سورة التوبة)

٥٤٧

الآيات

( وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩) وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٤٠) )

التّفسير

المؤمنون لا يستسلمون للظلم :

هذه الآيات استمرار للبحث الوارد في الآيات السابقة بخصوص الأجر الإلهي للمؤمنين المتوكلين.

فبعد ذكر الإيمان والتوكل اللذين لهما طبيعة قلبية ، تشير هذه الآيات إلى سبعة أنواع من البرامج العملية للصفتين السابقتين سواء كانت إيجابية أو سلبية ، فردية أو اجتماعية ، مادية أو معنوية ، وهذه البرامج توضح أسس المجتمع الصالح والحكومة الصالحة القوية.

والملفت للنظر أنّ هذه الآيات نزلت في مكّة ـ كما يظهر ـ وفي ذلك اليوم لم

٥٤٨

يكن قد تأسس المجتمع الإسلامي بعد ، ولم يكن هناك وجود للحكومة الإسلامية ، إلّا أن هذه الآيات أعطت التفكير الإسلامي الصحيح في هذا الخصوص منذ ذلك اليوم ، حيث كان الرّسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلّمهم ويربّيهم لغرض الاستعداد لبناء المجتمع الإسلامي في المستقبل.

فأوّل صفة تبدأ من التطهير حيث تقول الآية أن الثواب الإلهي العظيم سوف يكون من نصيب المؤمنين المتوكلين :( وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ ) (١) .

«كبائر» جمع «كبيرة» وتعني الذنوب الكبيرة ، أمّا ما هو المعيار في الكبائر؟

البعض فسّرها بالذنوب التي توعد القرآن في آياته بعذاب النّار لها ، وأحيانا الذنوب التي تستوجب الحدّ الشرعي.

وقد احتمل البعض أنّها إشارة للبدع وإيجاد الشبهات الاعتقادية في أذهان الناس.

ولكننا لو رجعنا إلى المعنى اللغوي كلمة «كبيرة» فإنّها تعني الذنب الذي يكون كبيرا ومهما من وجهة نظر الإسلام ، وأحد علائم أهميته أنّه ورد في القرآن المجيد وتوعد بالعذاب عليه ، وقد ورد تفسير للكبائر في روايات أهل البيتعليهم‌السلام بأنّها : «التي أوجب اللهعزوجل عليها النّار»(٢) .

وعلى هذا الأساس فلو توضحت أهمية وعظمة الذنب بطرق اخرى ، عندها سيشمله عنوان (الكبائر).

«فواحش» جمع «فاحشة» وتعني الأعمال القبيحة للغاية والممقوتة ، وذكر هذه العبارة بعد كلمة (الكبائر) من قبيل ذكر الخاص بعد العام ، وفي الحقيقة فإنّ

__________________

(١) يعتقد غالب المفسّرين أن( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ ) عطف لـ( لِلَّذِينَ آمَنُوا ) في الآية السابقة ، بالرغم من احتمال البعض أنّها مبتدأ خبره محذوف (وفي التقدير والذين يجتنبون لهم مثل ذلك من الثواب) إلّا أن المعنى الأوّل أفضل ظاهرا.

(٢) نور الثقلين ، المجلد الأوّل ، ص ٤٧٣.

٥٤٩

التأكيد على الذنوب القبيحة للغاية بعد ذكر اجتناب المؤمنين الحقيقيين عن جميع الذنوب الكبائر ، للتأكيد على أهمية ذلك.

وعلى هذا الأساس فإنّ أوّل علائم الإيمان والتوكل هو الاجتناب عن (الكبائر) ، فكيف يمكن للإنسان أن يدعي الإيمان والتوكل على الخالق ، في حين أنّه مصاب بأنواع الذنوب وقلبه وكر من أوكار الشيطان؟!

أمّا ثاني صفة ، والتي لها طبيعة تطهيرية أيضا ، فهي السيطرة على النفس عند الغضب الذي يعتبر من أشدّ حالات الإنسان حيث تقول الآية :( وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ) .

فهؤلاء لا يفقدون السيطرة على أنفسهم عند الغضب ولا يرتكبون الجرائم عنده ، والأكثر من ذلك غسل قلوبهم وقلوب الآخرين من الحقد بواسطة مياه العفو والغفران.

وهذه الصفة لا تتوفر إلّا في ظل الإيمان الحقيقي والتوكل على الحق.

والطريف في الأمر أن الآية لا تقول : إنّهم لا يغضبون ، لأنّ الغضب من طبيعة الإنسان ، وهناك ضرورة له في بعض الأحيان خاصة عند ما يكون لله وفي طريق إحقاق الحق ، بل تقول : إنّهم لا يلوثون أنفسهم بالذنب عند الغضب ، وبكل بساطة يعفون ويغفرون ، ويحب أن يكونوا هكذا ، فكيف يمكن للإنسان أن ينتظر العفو الإلهي في حين أن أعماقه مليئة بالحق وحب الانتقام ، ولا يعترف بأي قانون عند الغضب؟ وإذا شاهدنا التأكيد على الغضب هنا ، فذلك لأنّ هذه الحالة كالنار الحارقة التي تلتهب في داخل أعماق الإنسان ، وهناك الكثيرون الذين لا يستطيعون ضبط أنفسهم في تلك الحالة ، إلّا أن المؤمنين الحقيقيين لا يستسلمون أبدا للغضب.

وورد في حديث عن الإمام الباقرعليه‌السلام : «من ملك نفسه إذا رغب ، وإذا رهب ،

٥٥٠

وإذا غضب ، حرم الله جسده على النّار»(١) .

الآية الأخرى تشير إلى الصفة الثّالثة والرّابعة والخامسة والسادسة ، حيث تقول :( وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ ) .

( وَأَقامُوا الصَّلاةَ ) .

( أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ ) (٢) .

( وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ) .

فالآية السابقة كانت تتحدث عن تطهير النفس من الذنوب والتغلب على الغضب ، إلّا أنّ الآية التي نبحثها تتحدث عن بناء النفس في المجالات المختلفة ، ومن أهمها إجابة دعوة الخالق ، والتسليم حيال أوامره ، حيث أن الخير كلّ الخير تجسد في هذا الأمر. فهم مستسلمون بكل وجودهم لأوامره ، وليست لهم إرادة إزاء إرادته ، ويجب أن يكونوا هكذا ، لأنّ الاستسلام والاستجابة أمران حتميان بعد تطهير القلب والروح من آثار الذنب الذي يعيق السير نحو الحق.

ونظرا لوجود بعض القضايا المهمّة في التعليمات الإلهية يجب الإشارة إليها بالخصوص ، لذا نرى أن الآية أشارت إلى بعض المواضيع المهمّة وخاصة (الصلاة) التي هي عمود الدين وحلقة الوصول بين المخلوق والخالق ومربية النفوس ، وتعتبر معراج المؤمن وتنهى عن الفحشاء والمنكر.

بعد ذلك تشير الآية إلى أهم قضية اجتماعية وهي «الشورى» فبدونها تعتبر جميع الأعمال ناقصة ، فالإنسان الواحد مهما كان قويا في فكره وبعيدا في نظره ، إلّا أنّه ينظر للقضايا المختلفة من زاوية واحدة أو عدّة زوايا ، وعندها ستختفي عنه الزوايا والأبعاد الأخرى ، إلّا أنّه وعند التشاور حول القضايا المختلفة تقوم العقول

__________________

(١) تفسير علي بن إبراهيم ـ طبقا لنقل نور الثقلين ، المجلد الرابع ، ص ٥٨٣.

(٢) يقول بعض المفسّرين أنّه متى ما كانت (شورى) مصدرا وتعني المشاورة يجب أن تضاف لها كلمة (ذو) ويصبح تقدير الجملة (أمرهم ذو شورى بينهم) أو للمبالغة والتأكيد ، لأن ذكر (المصدر) بدلا من (الصفة) يوصل هذا المعنى عادة ، لكن إذا كانت شورى كما يقول الراغب في مفرداته بمعنى (الأمر الذي يتشاور فيه) عندها لا حاجة للتقدير (لاحظ ذلك).

٥٥١

العقول والتجارب المختلفة بمساعدة بعضها البعض ، عند ذلك ستتوضح الأمور وتقل العيوب النواقص ويقل الانحراف.

لذا فقد ورد في حديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «ما من رجل يشاور أحدا إلّا هدي إلى الرشد».

والملفت للنظر أن العبارة وردت هنا على شكل برنامج مستمر للمؤمنين ، ليس في عمل واحد ومؤقت ، بل يجب أن يكون التشاور في جميع الأعمال.

والطريف في الأمر أن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان أيضا يتشاور مع أتباعه وأنصاره في القضايا الاجتماعية المهمّة والتنفيذية والصلح والحرب والأمور المهمّة الأخرى بالرغم من تكامل عقله وارتباطه بمصدر الوحي ، وكان يشاور أصحابه أحيانا بالرغم من المشكل التي تحصل من جراء ذلك ، لكي يكون أسوة وقدوة للناس ، لأن بركات الاستشارة أكثر بكثير من احتمالات ضررها.

وهناك تفصيلات في نهاية الآية (١٥٩) من سورة آل عمران بخصوص (الاستشارة) و (شروط الشورى) و (أوصاف الذين يجب استشارتهم) و (مسئولية المستشار) حيث لا نرى ضرورة إلى إعادة ذلك ، إلّا أنّه يجب أن نضيف بعض الملاحظات الأخرى :

أ ـ الشورى تختص بالأعمال التنفيذية ومعرفة الموضوع وليست لمعرفة الأحكام ، لأنّها يجب أن تؤخذ من مصدر الوحي ومن الكتاب والسنة ، وعبارة (أمرهم) تشير إلى هذا المعنى أيضا ، لأن الأحكام ليست من شأن الناس ، بل هي من أمر الخالق.

ولذا فلا أساس لما يقوله بعض المفسّرين كالآلوسي من أن الشورى تشمل الأحكام أيضا ، حيث لا يوجد نص خاص بذلك ، خاصة وأنّنا نعتقد بعدم وجود أي أمر في الإسلام ليس له نص عام أو خاص صادر بشأنّه ، وإلّا فما فائدة( الْيَوْمَ

٥٥٢

أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (١) [يجب قراءة تفصيلات عن هذا المعنى في كتب أصول الفقه بخصوص بطلان الاجتهاد بمعنى التقنين في الإسلام].

ب ـ قال بعض المفسّرين إن شأن نزول عبارة :( أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ ) خاص بالأنصار بخصوص الأنصار ، إما لأن أعمالهم قبل الإسلام كانت وفقا للشورى ، أو هي إشارة إلى تلك المجموعة من الأنصار الذين آمنوا قبل هجرة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبايعوه في (العقبة) ، ودعوه إلى المدينة (لأن هذه السورة مكية ، والآيات أعلاه نزلت في مكّة كما يظهر أيضا).

وعلى أية حال ، فإن الآية لا تختص بسبب نزولها ، بل توضح برنامجا عاما وجماعيا.

وننهي هذا الكلام بحديث عن أمير المؤمنين الإمام عليعليه‌السلام حيث يقول : «لا ظهير كالمشاورة ، والاستشارة عين الهداية»(٢) .

ومن الضروري الإشارة إلى أن آخر صفة وردت في هذه الآية لا تشير إلى الإنفاق المالي فحسب ، وإنّما إنفاق كلّ ما أعطاه الخالق من الرزق كالمال والعقل والذكاء والتجربة ، والتأثير الاجتماعي ، والخلاصة : الإنفاق من كلّ شيء.

وتقول الآية بخصوص سابع صفة للمؤمنين الحقيقيين :( وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ) أيّ أنّهم إذا تعرضوا للظلم لا يستسلمون له ، بل يطلبون النصر من الآخرين.

وواضح أنّ الآخرين مكلفون بالانتصار ضد الظلم ، لأن طلب النصر دون النصرة يعتبر لغو ولا فائدة فيه ، وفي الحقيقة فإن المظلوم مكلف بمقاومة الظالم وطلب النصرة ، وأيضا فإن المؤمنين مكلفون بإجابته ، كما ورد في الآية (٧٢) من سورة الأنفال حيث نقرأ :( وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ) .

__________________

(١) المائدة ، الآية ٣.

(٢) وسائل الشيعة ، المجلد الثامن ، ص ٤٢٥ (باب ٢١ من أبواب الأحكام العشرة).

٥٥٣

هذا البرنامج الإيجابي البناء يحذر الظالمين من مغبة ظلم المؤمنين ، حيث أنّهم لا يسكتون على ذلك ويقفون بوجوههم. وهو أيضا يؤمّل المظلومين بأن الآخرين سوف ينصرونكم عند استغاثتكم.

«ينتصرون» من كلمة «انتصار» وتعني طلب النصر ، إلّا أن البعض فسرها بمعنى «التناصر» والنتيجة واحدة للتوضيح الذي ذكرناه.

على أية حال ، فأي مظلوم إذا لم يستطع أن يقف بوجه الظلم بمفرده ، فعليه ألا يسكت ، بل يستفيد من طاقات الآخرين والنهوض بوجه الظلم ، ومسئولية جميع المسلمين الاستجابة لاستغاثته وندائه.

ولكن بم أنّ التناصر يجب أن لا يخرج عن حد العدل وينتهي إلى الانتقام والحقد والتجاوز عن الحد ، لذا فإن الآية التي بعدها اشترطت ذلك بالقول :( وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ) .

يجب أن لا تتجاوزوا عن الحد بسبب أن أصدقاءكم هم الذين ظلموا فتنقلبوا إلى أشخاص ظالمين ، وخاصة الإفراط في الرد على الظلم في مجتمعات كالمجتمع العربي في بداية الإسلام ، لذا يجب التمييز بين نصرة المظلوم والانتقام.

وعمل الظالم يجب أن يسمى بـ (سيئة) إلّا أن جزاءه وعقابه ليس (سيئة) وإذا وجدنا أنّ الآية عبّرت عن ذلك بالسيئة فبسبب التقابل بالألفاظ واستخدام القرائن ، أو أنّ الظالم يعتبرها (سيئة) لأنّه يعاقب ، أو يحتمل أن يكون استخدام لفظة (السيئة) لأنّ العقاب أليم ومؤذ ، والألم والأذى بحدّ ذاته (سيء) بالرغم من أن قصاص الظالم ومعاقبته يعتبر عملا حسنا بحد ذاته.

وهذا يشبه العبارة الواردة في الآية (١٩٤) من سورة البقرة :( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ ) .

على أية حاله ، فإنّ هذه العبارة يمكن أن تكون مقدمة للعفو الوارد في الجملة التي بعدها ، وكأنّما تريد الآية القول : إنّ العقاب مهما كان فهو نوع من الأذى ، وإذا

٥٥٤

ندم الشخص عندها يستحق العفو.

لذا ففي مثل هذه الموارد ينبغي عليكم العفو ، لأن( فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ ) .

صحيح أنّه فقد حقه ولم يحصل على شيء في الظاهر ، إلّا أنّه بسبب عفوه ، العفو الذي يعتبر أساس انسجام المجتمع والتطهّر من الأحقاد وزيادة أواصر الحب وزوال ظاهرة الانتقام والاستقرار الاجتماعي ، فقد تعهد الخالق بأن يعطيه من فضله الواسع ، ويا لها من عبارة لطيفة (على الله) حيث أن الخالق يعتبر نفسه مدينا لمثل هؤلاء الأشخاص ويقول بأن أجرهم عليّ.

وتقول الآية في نهايتها :( إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) .

وقد تكون هذه الجملة إشارة إلى بعض الملاحظات :

فأوّلا : قد يكون العفو بسبب أن الإنسان لا يستطيع أحيانا السيطرة على نفسه بدقة عند العقاب والقصاص ، وقد يتجاوز الحد ويكون في عداد الظالمين.

وثانيا : إن هذا العفو ليس بمعنى الدفاع عن الظالمين ، لأن الله لا يحب الظالمين أبدا ، بل إن الهدف هو هداية الضالين وتثبيت الأواصر الاجتماعية.

وثالثا : إنّ الذين يستحقون العفو هم الذين يكفون عن الظلم ويندمون على ما ارتكبوه في الماضي ، ويقومون بإصلاح أنفسهم ، وليس للظالمين الذين يزدادون جرأة بواسطة هذا العفو.

وبعبارة أوضح ، فإنّ كلّا من العفو والعقاب له موقعه الخاص ، فالعفو يكون عند ما يستطيع الإنسان الانتقام ، وهذا يسمى العفو البناء ، لأنّه يمنح المظلوم المنتصر قابلية السيطرة على النفس وصفاء الروح ، وأيضا يفرض على الظالم المغلوب إصلاح نفسه.

والعقاب والانتقام والردّ بالمثل يكون عند ما يبقى الظالم مستمرا في غيه وضلاله ، والمظلوم لم يثبّت أركان سيطرته بعد ، فالعفو هنا يكون من موقع الضعف

٥٥٥

فيجب الردّ بالمثل.

وقد ورد في حديث عن الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «إذا كان يوم القيامة نادى مناد : من كان أجره على الله فليدخل الجنّة ، فيقال : من ذا الذي أجره على الله؟

فيقال : العافون عن الناس ، فيدخلون الجنّة بغير حساب»(١) .

وهذا الحديث ـ في الحقيقة ـ هو النتيجة المستوحاة من آخر آية في هذا البحث ، والإسلام الأصيل هو هذا.

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ـ نهاية الآية التي نبحثها.

٥٥٦

الآيات

( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٢) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣) )

التّفسير

الظلم والإنتصار :

تعتبر هذه الآيات ـ في الحقيقة ـ تأكيدا وتوضيحا وتكميلا للآيات السابقة بشأن الإنتصار ومعاقبة الظالم والعفو في المكان المناسب ، والهدف من ذلك أن معاقبة الظالم والانتقام منه من حق المظلوم ، ولا يحق لأحد منعه عن حقه ، وفي نفس الوقت فإذا صادف أن سيطر المظلوم على الظالم وانتصر عليه ، وعند ذلك صبر ولم ينتقم فإن ذلك يعتبر فضيلة كبرى.

فأوّلا تقول الآية :( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ) (١) فلا يحق لأحد أن يمنع هذا العمل ، ولا يلوم ذلك الشخص أو يوبخه أو يعاقبه ،

__________________

(١) عبارة (ظلمه) هي من باب إضافة المصدر إلى المفعول.

٥٥٧

ولا يتوانى في نصر مثل هذا المظلوم ، لأن الإنتصار وطلب العون من الحقوق الطبيعية لأي مظلوم ، ونصر المظلومين مسئولية كلّ إنسان حر ومتيقظ الضمير.

( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ ) .

وإضافة إلى عقابهم الدنيوي( أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) ينتظرهم في الآخرة.

يقول بعض المفسّرين حول الاختلاف بين جملة( يَظْلِمُونَ النَّاسَ ) وجملة( يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ ) أن الجملة الأولى إشارة إلى موضوع (الظلم) والثانية إلى (التكبر)(١) .

البعض الآخر اعتبر الأولى إشارة إلى (الظلم) والثانية إشارة إلى (الوقوف بوجه الحكومة الإسلامية).

«بغى» تعني في الأصل الجد والمثابرة والمحاولة للحصول على شيء ما ، ولكن كثيرا ما تطلق على المحاولات لغصب حقوق الآخرين ، والتجاوز عن حدود وحقوق الخالق ، لذا فإن للظلم مفهوما خاصا وللبغي مفهوما عاما يشمل أي تعد أو تجاوز للحقوق الإلهية.

عبارة (بغير الحق) تأكيد لهذا المعنى ، وعلى هذا الأساس فإنّ الجملة الثانية من باب ذكر العام بعد ذكر الخاص.

أمّا آخر آية فتشير مرّة اخرى إلى الصبر والعفو ، لكي تؤكّد أن الانتقام والعقاب والقصاص من الظالم لا يمنع المظلوم من العفو ، حيث تقول :( وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) (٢) .

«العزم» في الأصل يعني (التصميم لإنجاز عمل معين) ، ويطلق على الإرادة القوية ، وقد تكون عبارة (عزم الأمور) إشارة إلى أن هذا العمل من الأعمال التي أمر الله بها ولا يمكن أن تنسخ ، أو أنّه من الأعمال التي يجب أن يشد الإنسان

__________________

(١) تفسير (الكشاف) ، (روح المعاني) و (روح البيان) نهاية الآيات التي نبحثها.

(٢) اللام في (لمن صبر) هي لام القسم وفي (لمن عزم الأمور) للتأكيد ، والاثنان يوضحان أهمية هذا الأمر الإلهي أي (العفو).

٥٥٨

العزم لها ، وأيا كان من المعنيين فهو يدل على أهمية هذا العمل.

والملفت للنظر ذكر (الصبر) قبل (الغفران) ، لأنّه مع عدم وجود الصبر لا يمكن أن يحصل العفو والغفران ، حيث يفقد الإنسان السيطرة على نفسه ويحاول الانتقام مهما كان.

ومرة اخرى نذكّر بهذه الحقيقة ، وهي أن العفو والغفران مطلوبان في حال القوة والاقتدار ، وأن يستفيد الطرف المقابل من ذلك بأفضل شكل أيضا ، وقد تكون عبارة «من عزم الأمور» لتأكيد هذا المعنى أيضا ، لأنّ التصميم بخصوص شيء معين يحدث عند ما يكون الإنسان قادر على إنجاز ذلك الشيء ، على أية حال فإن العفو الذي يكون مفروضا من قبل الظالم ، أو يشجعه في عمله ويجرئه على ذلك ، غير مطلوب.

بعض الرّوايات فسّرت الآيات أعلاه بثورة الإمام المهدي (عج) وانتقامه وانتصاره على الظالمين والمفسدين في الأرض. وكما قلنا عدّة مرات سابقا فإن مثل هذه التفاسير من قبيل بيان المصداق الواضح ولا تمنع من عمومية مفهوم الآية وشموليته(١) .

* * *

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، المجلد الرابع ، ص ٥٨٥.

٥٥٩

الآيات

( وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (٤٤) وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ (٤٥) وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (٤٦) )

التّفسير

هل من سبيل للرجعة؟

الآيات السابقة كانت تتحدث عن الظالمين ، أمّا الآيات التي نبحثها فتشير إلى عاقبة هذه المجموعة وجوانب من عقابها.

فهي تعتبرهم من الضالين الذين لا يملكون أي ولي ، فتقول :( وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ ) .

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607