الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٥

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 607

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 182320 / تحميل: 6244
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وكم هي جميلة التعابير القرآنية في هذا المجال ، وذلك عند ما تصف البعض بأنّهم ذو وصدور منشرحة وأرواح واسعة ، وتصف البعض الآخر بأنّهم ذو وصدور ضيقة ، كما ورد في الآية (١٢٥) من سورة الأنعام :( فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ ) .

هذا الموضوع يتّضح بصورة كاملة في حالة دراسة أوضاع وأحوال الأشخاص ، فالبعض لهم صدور منشرحة رحبة تتسع لاستيعاب أيّ مقدار من الحقائق ، في حين أنّ البعض الآخر على العكس ، إذ أنّ صدورهم ضيقة وأفكارهم محدودة لا يمكنها أحيانا استيعاب أيّ حقيقة ، وكأن عقولهم محاطة بجدران فولاذية لا يمكن اختراقها. وبالطبع لكلّ واحد منهما أسبابه.

فالدراسة الدائمة والمستمرة والاتصال بالعلماء والحكماء الصالحين ، وبناء الذات وتهذيب النفس ، واجتناب الذنوب وخاصة أكل الطعام الحرام ، وذكر الله دائما ، كلها أسباب وعوامل لانشراح الصدر ، وعلى العكس فإنّ الجهل والذنب والعناد والجدل والرياء ، ومجالسة أصحاب السوء والفجار والمجرمين وعبيد الدنيا والشهوات ، كلّها تؤدّي إلى ضيق الصدر وقساوة القلب.

فعند ما يقول القرآن الكريم :( فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً ) . فهذه الإرادة وعدم الارادة ليست اعتباطية وبدون دليل. بل هي نابعة من اعماقنا وذواتنا في البداية.

وقد ورد حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام جاء فيه : «أوحى اللهعزوجل إلى موسى : يا موسى لا تفرح بكثرة المال ، ولا تدع ذكري على كلّ حال ، فإن كثرة المال تنسي الذنوب ، وإن ترك ذكري يقسي القلوب»(١) .

وفي حديث آخر عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، جاء فيه : «ما جفت الدموع إلّا

__________________

(١) بحار الأنوار ، المجلد ٧٠ ، الصفحة ٥٥ ، الحديث ٢٣.

٦١

لقسوة القلوب ، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب»(١) .

كما ورد في حديث ثالث أنّ من جملة كلام الله سبحانه وتعالى مع موسىعليه‌السلام «يا موسى لا تطول في الدنيا أملك ، فيقسو قلبك ، والقاسي القلب مني بعيد»(٢) .

وأخيرا ، ورد حديث آخر عن أمير المؤمنينعليه‌السلام جاء فيه : «لمتان : لمة من الشيطان ولمة من الملك ، فلمّة الملك الرقة والفهم ، ولمّة الشيطان السهو والقسوة»(٣) .

على أية حال ، فإن من يريد انشراح صدره وإزالة القساوة من قلبه ، عليه أن يتوجه نحو البارئعزوجل كي يبعث الأنوار الإلهية في قلبه كما وعد بذلك الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وعليه أن يصقل مرآة قلبه من صدأ الذنوب ، ويطهّر روحه من أوساخ هوى النفس والوساوس الشيطانية ، استعدادا لاستقبال المعشوق ، وأن يسكب الدموع خوفا من الله وحبا له ، فإنّ في ذلك تأثيرا عجيبا لا نظير له على رقّة ولين القلب ورحابة الروح ، وفي المقابل فان جمود العين هو إحدى علامات القلب المتحجر.

* * *

__________________

(١) بحار الأنوار ، المجلد ٧٠ ، الصفحة ٥٥ ، الحديث ٢٤.

(٢) الكافي ، المجلد الثّاني ، باب القسوة الحديث (١).

(٣) نفس المصدر السابق الحديث (٣).

٦٢

الآيات

( اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٢٣) أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٢٤) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٢٥) فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٢٦) )

سبب النّزول

نقل بعض المفسّرين عن (عبد الله بن مسعود) أنّ جمعا من الصحابة ملّوا وتضجّروا ، فقالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حدّثنا حديثا يزيل السأم من نفوسنا والملل من قلوبنا ، فنزلت أول آية من الآيات المذكورة أعلاه معرّفة القرآن بـ (أحسن الحديث)(١) .

__________________

(١) سبب النّزول ورد باختلاف يسير في تفسير (الكشاف) المجلد الرابع ص ١٢٣ وفي تفسير (القرطبي) و (الآلوبسي) و (أبو

٦٣

التّفسير

الآيات السابقة تحدثت عن العباد الذين يستمعون القول ويتبعون أحسنه ، كما تحدثت عن الصدور الرحبة المستعدة لتقبل الحقّ.

الآيات التي يدور حولها البحث تواصل التطرق إلى هذا الأمر ، كي تكمل حلقات البحوث السابقة الخاصة بالتوحيد والمعاد مع ذكر بعض دلائل النبوّة ، إذ تقول الفقرة الأولى من الآية :( اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ) .

ثم تستعرض خصائص القرآن الكريم ، حيث تشرح الخصائص المهمّة للقرآن من خلال بيان ثلاث صفات له :

أمّا الخاصية الأولى فهي( كِتاباً مُتَشابِهاً )

المقصود من (متشابه) هنا هو الكلام المتناسق الذي لا تناقض فيه ويشبه بعضه البعض ، فلا تعارض فيه ولا تضادّ ، وكلّ آية فيه أفضل من الأخرى والمتماثل من حيث اللطف والجمال والعمق في البيان.

وهذا بالضبط على عكس العبارات التي يصوغها الإنسان ، والتي مهما اعتنى بصياغته فإنّها لن تخلو من الاخطاء والاختلافات والتناقضات ، خصوصا عند ما يتسع مجالها وتأخذ أبعادا أوسع ، إذ تلاحظ أنّ بعضها في قمّة البلاغة ، والبعض الآخر عادي وطبيعي ، ودراسة آثار الكتّاب الكبار المعروفين في مجالي النثر والشعر هي خير شاهد على هذا الموضوع.

أمّا كلام الله المجيد فليس كذلك ، إذ نرى فيه انسجاما خارقا ، وتناسقا لا نظير له في المفاهيم والفصاحة والبلاغة ، وهذا بحدّ ذاته يجعل آيات القرآن تحكم وتشهد بأنّه ليس من كلام البشر.

__________________

ـ الفتوح الرازي) وغيرها ، وذلك في ذيل آيات البحث.

٦٤

أما الخاصية الثّانية فهي( مَثانِيَ ) ـ أي المكرر ـ

وهذه الكلمة تشير إلى تكرار بحوثه المختلفة وقصصه ومواعظه ، التكرار الذي لا يملّ منه الإنسان ، وإنّما على العكس من ذلك ، إذ يتشوق لتلاوته أكثر ، وهذه إحدى أسس الفصاحة ، إذ يعمد الإنسان أحيانا إلى التكرار وبصور مختلفة وأساليب متنوعة ، وذلك إذا أراد التأكيد على أمر ما وجلب الانتباه إليه والتأثّر به ، كي لا يملّ السامع أو يضجر منه.

إضافة إلى أنّ مواضيع القرآن المكررة تفسّر إحداها الأخرى ، وتحل الكثير من ألغازه عن هذا الطريق.

بعضهم اعتبرها إشارة إلى تكرار تلاوة القرآن وبقائه غضا طريا من جراء تكرار تلاوته.

والبعض الآخر اعتبرها إشارة إلى تكرار نزول القرآن ، فمرّة نزل دفعة واحدة على صدر الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذلك في ليلة القدر ، ومرّة أخرى بصورة تدريجية استمرت لفترة (٢٣) عاما.

ومن المحتمل أن يكون المراد من التكرار هو ملاءمة القرآن لكلّ زمان ، وانكشاف بعض الأمور الغيبية فيه بمرور السنوات.

والتّفسير الأوّل أنسب من بقية التفاسير ، رغم عدم وجود أيّ تعارض بين الجميع ، بل من الممكن أن تكون جميعها صحيحة(١) .

أمّا الخاصية الثّالثة فهي تقشعر منه الجلود

وهذه الخاصية للقرآن فهي مسألة نفوذه وتأثيره العميقين والخارقين( تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ) .

__________________

(١) قال الزمخشري في الكشاف : إن (مثاني) يمكن أن تكون جمع (مثنى) على وزن (مصلّى) وتعني المكرّر ، ويمكن أن تكون جمع (مثنى) على وزن (مبنى) من التثنية بمعنى التكرار ، الكشاف ، المجلد الرابع ، الصفحة ١٢٣.

٦٥

إنّه لوصف وتجسيد لطيف وجميل لنفوذ آيات القرآن العجيب إلى أعماق القلوب ، إذ أنّه في بداية الأمر يبعث في القلب شيئا من الخوف والرهبة ، الخوف الذي يكون أساسا للصحوة ولبدء الحركة ، والرهبة التي تجعل الإنسان يتحسس مسئولياته المختلفة. ثمّ تأتي مرحلة الهدوء وقبول آيات الله وتتبعها السكنية والاستقرار.

هذه الحالة التدريجية التي تبيّن مراحل (السلوك إلى الله) المختلفة ، يمكن إدراكها بسهولة ، فالقلوب تقشعر فور ما تسمع آيات التهديد والتحذير النازلة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ تهدأ فور ما تسمع آيات الرحمة.

التفكير بذات الله ومسألة أبديته وأزليته وعدم محدوديته يوجد عند الإنسان حالة من الرهبة في كيفية معرفة الله ، إلّا أنّ دراسة آثار ودلائل ذاته المقدسة في الآفاق والأنفس تمنح الإنسان نوعا من الارتياح والهدوء(١) .

والتأريخ الإسلامي مليء بالشواهد على التأثير العجيب للقرآن في قلوب المؤمنين ، وحتى غير المؤمنين من أصحاب القلوب المستعدة لتقبل الإيمان ، فالجاذبية أو النفوذ الخارق للقرآن دليل واضح على أنّ القرآن كتاب نزل من السماء بواسطة الوحي.

وقد ورد حديث عن (أسماء) ، جاء فيه (كان أصحاب النّبي حقا إذا قرئ عليهم القرآن ـ كما نعتهم الله ـ تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم)(٢) .

أمير المؤمنينعليه‌السلام وصف هذه الحقيقة بأفضل وجه في الخطبة الخاصة بالمتقين ، إذ قال : «أمّا الليل فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونها ترتيلا ،

__________________

(١) (تقشعر) من مادة (قشعريرة) وقد ذكر اللغويون والمفسّرون معاني مختلفة ومتقاربة بعض الشيء ، فالبعض قال : إنّها تعني انكماش جلد البدن (حالة نصيب الإنسان أثناء خوفه) والبعض قال : إنّها الرجفة التي تصيب الإنسان في حالة الخوف ، والبعض الآخر قال : إنّها تعني وقوف شعر البدن ، وفي الحقيقة فإنّ كلّ حالة من هذه الحالات ملازمة للأخرى.

(٢) تفسير القرطبي ، المجلد الثامن ، الصفحة ٥٦٩٣ ، عن التأثير العميق والخارق لآيات القرآن ، أوردنا روايات عديدة في ذيل الآية ٩٢ من سورة آل عمران.

٦٦

يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم ، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا ، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا ، وظنوا أنّها نصب أعينهم ، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنوا أنّ زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم».

وفي نهاية الآية يقول تعالى بعد أن بيّن تلك الخصائص :( ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ ) .

حقا إنّ القرآن نزل لهداية الجميع ، لكن المتقين وطلاب الحقّ والحقيقة هم المستفيدون ـ فقط ـ من نوره ، أمّا أولئك الذين تعمدوا إغلاق كافة نوافذ قلوبهم أمام نور القرآن الكريم ، والذين تتحكم بأرواحهم ظلمات التعصب والعناد فقط لا يستفيدون من نور القرآن ، وإنّما يزدادون ضلالة من جراء عنادهم وعدائهم ، لذلك فإن تتمة الآية تقول :( وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ ) .

فهذه الضلالة هي التي يضع الإنسان حجر أساسها بيده ، ويحكم بناء أساسها بواسطة أعماله الخاطئة والسيئة ، ولذلك لا تتنافى إطلاقا مع إرادة الإنسان وحريته.

الآية التالية تقارن بين مجموعة من الظالمين والمجرمين ، ومجموعة من المؤمنين الذين استعرضت أوضاعهم فيما قبل ، وذلك كي تجعل الحقيقة أكثر وضوحا في هذه المقارنة ، إذ تقول :( أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ ) (١) كمن هو آمن في ذلك اليوم ولا تمسّه النّار أبدا؟!.

الملاحظة التي ينبغي الالتفات إليها ، هي قوله تعالى :( يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ ) وكما هو معروف فإنّ الوجه أشرف أعضاء جسم الإنسان ، لأنّ فيه (العينان والفم والأذنان) التي هي أهم حواسّ الإنسان ، وأساسا فإنّ تشخيص الإنسان إنّما يتمّ عن طريق وجهه ، ولهذه الخصائص الموجودة في الوجه ، فإنّ

__________________

(١) هذه العبارة فيها محذوف ، التقدير (أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة كمن هو آمن لا تمسه النار).

٦٧

الإنسان عند ما يحسّ أنّ هناك خطرا سيصيب وجهه ، فإنّه يضع يديه وما يمكن من أعضاء جسمه أمام وجهه كدرع لدرء ذلك الخطر.

إلا أن أوضاع الظالمين في جهنم في ذلك اليوم تجبرهم على استخدم وجوههم كوسيلة دفاعية ، لأنّ أيديهم وأرجلهم مقيدة بالسلاسل ، كما ورد في الآية (٨) من سورة يس :( إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ) .

قال البعض : بما أنّ أهل جهنم يرمون على وجوههم في النّار ، لذا فإنّ الوجه هو أوّل عضو من أعضاء الجسم يحترق في نار جهنم ، كما ورد في الآية (٩٠) من سورة النمل :( مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ) .

والبعض الآخر قال : إنّ هذه العبارة كناية عن عجز أهل جهنم من الدفاع عن أنفسهم مقابل نار جهنم.

التفاسير الثلاثة ـ هذه ـ لا تتعارض مع بعضها ، ويمكن أن تعطي جميعها مفهوم الآية.

ثم تضيف نهاية الآية :( وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ) .

نعم ، إنّ ملائكة العذاب هي التي توضح لهم هذه الحقيقة المرّة والمؤلمة ، إذ يقولون لهم : إنّ أعمالكم ستبقى معكم وستعذبكم ، وهذا التوضيح هو تعذيب روحي آخر لهؤلاء.

وممّا يلفت النظر أنّ هذه العبارة لا تقول : ذوقوا عقاب ما كنتم تكسبون ، وإنّما تقول لهم : ذوقوا ما كنتم تكسبون ، وهذا شاهد آخر على مسألة تجسيد الأعمال يوم القيامة.

إنّ ما قيل لحدّ الآن هو إشارة بسيطة لعذابهم الأليم في يوم القيامة ، والآية التالية تتحدّث عن العذاب الدنيوي لهؤلاء ، كي لا يتصور أحد أنّه يعيش في أمان بهذه الدنيا ، قال تعالى :( كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ

٦٨

لا يَشْعُرُونَ ) .

فالإنسان لا يتألم كثيرا إن أصيب بضربة كان يتوقعها ، إلّا أنّه يتألم كثيرا إن وجهت إليه ضربة من طرف لم يتوقع أن تصدر منه ، كأن تصدر عن أقرب أصدقائه ، أو يلحق به أذى من أمور حيوية جدا ومحبوبة له كالماء الذي هو مصدر حياة الإنسان ، أو من نفحة النسيم التي هي مصدر نشاطه ، أو من الأرض الهادئة التي هي مقر استراحته وأمنه.

نعم ، إنّ نزول العذاب الإلهي بواسطة هذه الطرق يعدّ أمرا مؤلما جدّا ، كالذي أصاب قوم نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون وقارون وأمثالهم ، إذ لم يكن أي أحد منهم يتوقع أن يصيبه العذاب بواسطة إحدى الطرق المذكورة أعلاه.

الآية الأخيرة في بحثنا هذا تبيّن أنّ عذاب هؤلاء الدنيوي لا يقتصر على العذاب الجسدي ، وإنّما يشتمل أيضا على عقوبات نفسية :( فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ) (١) .

نعم ، فإن أصيب الإنسان بمصيبة في هذه الدنيا ، ثمّ خرج منها مرفوع الرأس حافظا لماء وجهه ، فهذه الحالة ليست بعار وخزي على الإنسان ، إنّما العار والخزي للإنسان الذي يخرج من هذه الدنيا رذيلا وذليلا ، ومبتلى بعذاب فاضح يريق ماء وجهه ،( وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ) .

كلمة (أكبر) كناية عن شدّة العذاب وقسوته.

* * *

بحث

وردت عدّة روايات في ذيل الآيات مورد البحث تجسّم أمامنا آفاقا أوسع مهما يفهم من الآية.

__________________

(١) كلمة (خزي) تعني الذلّ والهوان كما تعني الفضيحة (يراجع لسان العرب).

٦٩

إذ نقل العباس عم النّبي ، حديثا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء في ، «إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها»(١) .

ومن الواضح أن الشخص الذي يخشى الله ويتأثر من ذلك الى هذه الدرجة لا بدّ أن تتوفر فيه حالة التوبة والانابة ، ومثل هذا الشخص سيكون موردا لعفو الله ومغفرته حتما.

وروي عن (أسماء) إذ قالت عند ما سئلت عن أصحاب رسول الله فقالت : (كان أصحاب النّبي حقا إذا قرئ عليهم القرآن ـ كما نعتهم الله ـ تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم). وأضاف الراوي : سئلت أسماء : هل عندنا أحد يغمى عليه أو يفقد الوعي عند ما يسمع آيات القرآن المجيد ، فأجابت أسماء : أعوذ بالله تعالى من الشيطان ، (أي إنّه من عمل الشيطان)(٢) .

هذا الحديث ـ في الحقيقة ـ جواب لأولئك المتصوفة الذين يعقدون الاجتماعات والحلقات ، ويقرءون فيها بعض الآيات والأذكار ، ثمّ يقومون ببعض الحركات بعنوان حالة الوجد والسرور ، ثمّ يشرعون بإطلاق بعض الصيحات وإظهار أنفسهم وكأنّهم قد أغشي عليهم ، ويحتمل أن البعض يغشى عليه فعلا. مثل هذه الأمور لم ينقلها أحد أبدا بشأن أصحاب الرّسول ، وما هي إلّا بدعة ابتدعها المتصوفة.

وبالطبع يمكن أن يندهش الإنسان أحيانا وقد يغشى عليه من شدّة خوفه من البارئعزوجل ، وهذا الأمر يختلف كثير عن ممارسة الصوفيين الذين يعقدون الحلقات للذكر التي ذكرناها آنفا.

* * *

__________________

(١) (مجمع البيان) ذيل آيات البحث ، كما نقل هذه الرواية أبو الفتوح الرازي والقراطبي مع شيء من الاختلاف.

(٢) أورد الآلوسي هذا الحديث في روح المعاني ، المجلد ٢٣ ، الصفحة ٢٣٥ ، كما أورده بعض المفسّرين في ذيل الآية.

٧٠

الآيات

( وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٢٨) ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٩) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١) )

التّفسير

قرآن لا عوج فيه :

الآيات ـ هنا ـ تبحث خصائص القرآن المجيد أيضا ، وتكمل البحوث السابقة في هذا المجال.

ففي البداية تتحدّث عن مسألة شمولية القرآن ، إذ تقول الآية الكريمة :( وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ) .

حيث تمّ فيه شرح قصص الطغاة والمتمردين الرهيبة ، وعواقب الذنوب الوخيمة ، ونصائح ومواعظ ، وأسرار الخلق ونظامه ، وأحكام وقوانين متينة.

٧١

وبكلمة أنّه وضح فيه كلّ ما هو ضروري لهداية الإنسان على شكل أمثال ، لعلهم يتذكرون ويعودون من طريق الضلال إلى الصراط المستقيم( لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) .

وممّا يذكر أنّ «المثل» في اللغة العربية هو الكلام الذي يجسّم الحقيقة ، أو يصف الشيء ، أو يشبه الشيء بشيء آخر ، وهذه العبارة شملت كلّ حقائق ومواضيع القرآن ، وبيّنت شموليته.

ثم تتطرق الآية إلى وصف آخر للقرآن ، إذ تقول :( قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ) (١) .

في الحقيقة ، تمّ هنا ذكر ثلاث صفات للقرآن :

الأولى كلمة (قرآنا) التي هي إشارة إلى حقيقة أنّ الآيات الكريمة ستبقى تتلى دائما ، في الصلاة وفي غير أوقات الصلاة ، في الخلوات وفي أوساط الناس ، وعلى طول التاريخ الإسلامي حتى قيام الساعة ، وبهذا الترتيب فإن آيات القرآن ستبقى نور الهداية المضيء على الدوام.

الصفة الثّانية هي فصاحة وحلاوة وجاذبية هذا الكلام الإلهي ، الذي عبّر عنه بـ (عربيا) لأنّ إحدى معاني العربي هي الفصاحة ، والمقصود منه هنا هذا المعنى.

الصفة الثّالثة ، ليس فيه أي اعوجاج ، فآياته منسجمة ، وعباراته ظاهرة ويفسّر بعضها البعض(٢) .

الكثير من اللغويين وأصحاب التّفسير قالوا : إنّ (عوج) (بكسر العين) تعني الانحرافات المعنوية ، في حين أنّ (عوج) بفتح العين ، تعني الاعوجاج الظاهر.

ومن النادر استعمال العبارة الأولى في الاعوجاج الظاهري ، ما في الآية (١٠٧) من سورة طه :( لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ) لهذا فإنّ بعض اللغويين يعتبرونها أكثر

__________________

(١) الموقع الإعرابي لقوله تعالى :( قُرْآناً عَرَبِيًّا ) حال لـ (القرآن) التي ذكرت من قبل ، ولكون كلمة (قرآنا) لا تحمل طابع الوصف فقد قال البعض : إنّها توطئة للحال الذي هو (عربيا) وذهب البعض الى أنها بمعنى (مقروءا) وتعطي معنى الوصف ، والبعض قال : إنّها منصوبة على المدح بتقدير فعل.

(٢) كلمة (عوج) جاءت بصورة نكرة في سياق النفي ، وتعطي معنى النفي العام لعدم لوجود أي انحراف وانعطاف في القرآن.

٧٢

عمومية(١) .

وعلى أية حال ، فإنّ الهدف من نزول القرآن الكريم ـ بكل هذه الصفات التي ذكرناها ـ هو( لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) .

وممّا يلفت النظر أنّ الآية السابقة انتهت بعبارة :( لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) وهنا انتهت بعبارة :( لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) لأنّ التذكّر يكون دائما مقدّمة للتقوى و «التقوى» هي ثمرة شجرة «التذكر».

ثمّ يستعرض القرآن المجيد أحد الأمثال التي ضربت ليرسم من خلاله مصير الموحّد والمشرك ، وذلك ضمن إطار مثل ناطق وجميل ، إذ يقول :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ ) (٢) .

أي إنّ هناك عبدا يمتلكه عدّة أشخاص ، كلّ واحد منهم يأمره بتنفيذ أمر معين ، فهذا يقول له : نفذ العمل الفلاني ، والآخرة ينهاه عن تنفيذ ذلك العمل ، وهو في وسطهم كالتائه الحيران ، لا يدري أي أمر ينفّذ ، فالأمران متناقضان ومتضادان ، ولا يدري أيّا منهما يرضيه؟

والأدهى من كلّ ذلك أنّه عند ما يطلب من أحدهم توفير مستلزمات حياته ، يرميه على الآخر ، والآخر يرميه على الأوّل ، وهكذا يبقى محروما محتاجا عاجزا تائها. وفي مقابله هناك رجل سلم لرجل واحد( وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ ) .

فهذا الشخص خطه ومنهجه واضح ، وولي أمره معلوم فلا تردد ولا حيرة ولا تضاد ولا تناقض ، يعيش بروح هادئة ويخطو خطوات مطمئنة ، ويعمل تحت رعاية فرد يدعمه في كلّ شيء وفي كلّ أمر وفي كلّ مكان. فهل أنّ هذين الرجلين متساويان( هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً ) .

__________________

(١) يراجع (مفردات الراغب) و (لسان العرب) وغيرها من التفاسير.

(٢) «متشاكسون» : أصلها من (شكاسة) وتعني سوء الخلق والتنازع والاختصام ، ولهذا يقال «متشاكس» لمن يتخاصم ويتنازع بعصبية وسوء خلق.

٧٣

هذا المثال ينطبق على (المشرك) و (الموحد) فالمشرك يعيش في وسط المتضادات والمتناقضات ، وكل يوم يتعلق قلبه بمعبود جديد ، فلا استقرار في حياته ولا اطمئنان ولا مسير واضح يسلكه. أما الموحّدون فإنّهم يعشقون الله وحده ، وفي كلّ الأحوال يلجؤون إلى ظلّ لطفه ، ولا تنظر عيونهم إلى سواه ، فطريقهم ونهجهم واضح ، ومصيرهم ونهايتهم واضحة أيضا.

وجاء في حديث لأمير المؤمنينعليه‌السلام «أنا ذاك الرجل السلم لرسول الله»(١) .

وورد في حديث آخر عنه أيضا «الرجل السلم للرجل حقا عليّ وشيعته»(٢) .

وفي نهاية الآية يقول تعالى :( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) فالله سبحانه وتعالى بذكره لتلك الأمثال يرشدكم إلى أفضل السبل ، ويضع تحت تصرفكم أوضح الدلائل لتشخيص الحقّ عن الباطل ، فالبارئعزوجل يدعو الجميع إلى الإخلاص وفي ظل الإخلاص تكون السكينة والراحة ، فهل هناك نعمة أفضل من هذه ، وهل هناك أمر آخر يستحق الحمد والشكر أكثر من هذه النعمة؟!

ولكن أكثرهم لا يعلمون رغم وجود هذه الدلائل الساطعة ، إذ أنّ حبّ الدنيا والشهوات الطاغية عليهم يجعلهم يضلون عن طريق الحقيقة :( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) .

وتتمّة لبحث الآيات السابقة بشأن التوحيد والشرك ، تتحدث الآية التالية عن نتائج الشرك والتوحيد في موقف القيامة.

إذ تبدأ بمسألة الموت الذي هو بوابة القيامة ، وتبيّن لكلّ البشرية أنّ قانون الموت عامّ ، وشامل للجميع :( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) (٣) .

__________________

(١) نقله (الحاكم أبو القاسم الحسكاني) في شواهد التنزيل.

(٢) نقله العياشي في تفسيره مجمع البيان ، ذيل آيات البحث.

(٣) عبارة( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) على الظاهر تعطي معنى موت الجميع في الوقت الحاضر ، وهي من قبيل (المضارع المتحقق الوقوع) الذي يأتى أحيانا بصورة حال وأحيانا اخرى بصورة الماضي.

٧٤

نعم ، فالموت من الأمور التي تشمل جميع الناس ، ولا يستثنى منه أحد ، فهو طريق يجب أن يمرّ به الجميع في نهاية المطاف.

قال بعض المفسّرين : إنّ أعداء رسول الله كانوا ينتظرون وفاته ، وكانوا في نفس الوقت فرحين مسرورين لكون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يموت في نهاية الأمر ، فالقرآن ـ هنا ـ أجابهم بالقول : إن مات رسول الله فهل تبقون أنتم خالدين ، هذا ما نصت عليه الآية (٣٤) من سورة الأنبياء :( أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ ) .

ثم ينتقل البحث إلى محكمة يوم القيامة ، ليجسم المجادلة بين العباد في ساحة المحشر ،( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ) .

«تختصمون» : مشتقّة من (اختصام) وتعني النزاع والجدال بين شخصين أو مجموعتين تحاول كل ، منهما تفنيد كلام الأخر ، فأحيانا يكون أحدهم على حقّ والآخر على باطل ، وأحيانا يكون الاثنان على باطل ، كما في مجادلة ومخاصمة أهل النّار فيما بينهم ، وقد اختلف المفسّرون في كون هذا الحكم عاما أم لا.

قال البعض : إنّ المخاصمة تقع بين المسلمين والكفار.

وقال البعض الآخر : إنّها تقع بين المسلمين أنفسهم ، وفي رواية عن أبي سعيد الخدري قال : لم يكن أحد فينا يفكر في أن يقع خصام فيما بين المسلمين ، وكنّا نقول : كيف نختصم نحن وربّنا واحد ، ونبيّنا واحد وديننا واحد؟ فلما كان يوم صفين وشدّ الفريقان الذين كانا مسلمين (حيث كان أحدهما مسلما حقيقيا والآخر يدعي الإسلام) بالسيوف على بعضهما البعض ، قلنا : نعم ، الآية تشملنا نحن أيضا(١) .

ولكن الآيات التالية تبيّن أنّ المخاصمة تقع بين الأنبياء والمؤمنين من جهة ، والمشركين المكذبين من جهة اخرى.

لمّا توفّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام عمر بن الخطاب ، فقال : إنّ رجالا من المنافقين

__________________

(١) مجمع البيان ، المجلد ٨ ، الصفحة ٤٩٧.

٧٥

يزعمون أنّ رسول الله قد توفّي والله رسول الله ما مات ، ولكنّه ذهب الى ربّه كما ذهب موسى بن عمران ، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثمّ رجع إليهم بعد أن قيل قد مات ، وو الله ليرجعنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما رجع موسى ، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مات؟.

وقال الرّاوي : وأقبل أبو بكر حتى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر ، وعمر يكلّم الناس ، فلم يلفت إلى شيء حتى دخل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيت عائشة ، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسجّى في ناحية البيت ، عليه برد حبرة؟ ، فأقبل حتى كشف عن وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ قال الراوي : قال أبو بكر : على رسلك يا عمر أنصت فأبى إلّا أن يتكلم ثمّ تلا أبو بكر هذه الآية :( وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ) .

قال الرّاوي : فو الله لكأنّ الناس يعلموا أنّ هذه الآية ما نزلت حتى تلا أبو بكر ثمّ قال عمر : والله ما هو إلّا أن سمعت أبا بكر تلاها فعفرت(١) حتى وقعت إلى الأرض ما تحملني ، رجلاي(٢) .

* * *

__________________

(١) غفرت : وحشت

(٢) سيرة ابن هشام ، المجلد الرابع ، الصفحات ٣٠٥ و ٣٠٦ ، نقلا عن الكامل لابن الأثير ، المجلد الثّاني ، الصفحة ٣٢٣ و ٣٢٤ ، مع شيء من التلخيص.

٧٦
٧٧

بداية

الجزء الرابع والعشرون

من

القران الكريم

٧٨

الآيات

( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٣٢) وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥) )

التّفسير

أولئك الذين يصدقون كلام الله :

هذه الآيات تواصل البحث الخاصّ بموقف الناس في ساحة المحشر ، وتخاصمهم في تلك المحكمة الكبرى ، وتقسم آيات بحثنا إلى مجموعتين هما (المكذبون) و (المصدقون).

والقرآن الكريم يعطي صفتين لأصحاب المجموعة الأولى ، أي «المكذبين» ، قال تعالى :( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ ) .

الكافرون والمشركون يكذبون كثيرا على البارئعزوجل ، فأحيانا يعتبرون الملائكة بنات الله ، وأحيانا يقولون : عيسى هو ابن الله ، وأحيانا اخرى

٧٩

يعتبرون الأصنام شفعاء لهم عند الله ، وأحيانا يبتدعون أحكاما كاذبة في الحلال والحرام وينسبونها إلى الله ، وما شابه ذلك.

وأمّا الكلام الصادق الذي أنزل إليهم وكذّبوه فهو القرآن المجيد.

خاتمة الآية تبيّن في جملة قصيرة جزاء أمثال هؤلاء الأفراد ، قال تعالى :( أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ ) (١) .

أمّا المجموعة الثّانية فقد وصفها القرآن الكريم بوصفين ، إذ قال :( وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) .

فبعض الرّوايات الواردة عن أئمّة الهدىعليهم‌السلام فسّرت :( وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ ) بأنّها تعود على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و( صَدَّقَ بِهِ ) تعود على عليعليه‌السلام (٢) ، وبالطبع فإن المقصود من ذلك هو باين مصداقية الآية ، لأنّ عبارة :( أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) دليل على شمولية الآية.

ومن هنا يتّضح أنّ تفسير الآية المذكورة أعلاه بأن المراد شخص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي هو مهبط الوحي والمصدق به في نفس الوقت ، فهو أيضا من قبيل بيان مصداق الآية وليس بيان المفهوم العام لها.

لذلك فإنّ مجموعة من المفسّرين فسّروا عبارة قوله تعالى :( وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ ) بأنّه يعني كلّ الأنبياء و( صَدَّقَ بِهِ ) يعني أتباعهم الحقيقيين ، وهم المتقون.

وهناك تفسير آخر للآية ، لكنّه أوسع وأكثر شمولية من التفاسير الأخرى ، رغم أنّه لم يحظ كثيرا باهتمام المفسّرين ، لكنّه أكثر انسجاما مع ظاهر الآيات ، والتّفسير هو أن( الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ ) ليس منحصرا في الرّسل فقط ، وإنّما يشمل كلّ الذين يبلغون نهج الأنبياء ويروجون كلام الله ، وفي هذه الحالة فلا يوجد أي

__________________

(١) «مثوى» : من مادة (ثواء) وتعني الإقامة المستمرة في مكان ما ولهذا فإنّ (مثوى) هنا تعني المكان والمنزل الدائم.

(٢) مجمع البيان ذيل آيات البحث.

٨٠

3 - وممّا نظمه في الوعظ هذه الأبيات:

كلنا يأمل مدّاً في الأجل

والمنايا هنّ آفات الأمل

لا تغرّنك أباطيل المنى

والزم القصد ودع عنك العلل

إنّما الدنيا كظلٍّ زائلٍ

حلّ فيه راكبٌ ثمّ ارتحل(1)

4 - قيل له: كيف أصبحت؟ فقالعليه‌السلام : (أصبحت بأجل منقوص، وعمل محفوظ، والموت في رقابنا، والنار من ورائنا، ولا ندري ما يفعل بنا!)(2).

5 - قال ياسر الخادم: سمعت عليّاً الرضا بن موسىعليه‌السلام يقول: (أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواضع: يوم ولد إلى الدنيا ويخرج المولود من بطن أُمّه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها، ويوم يبعث فيرى أحكاماً لم يرها في دار الدنيا. وقد سلّم الله تعالى على يحيى في هذه الثلاثة المواطن وآمن روعته فقال:( وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً ) . وقد سلّم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال:( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ) (3).

6 - شكا إليه رجل أخاه فأنشأعليه‌السلام يقول:

أعذر أخاك على ذنوبه

واستر وغطّ على عيوبه

واصبر على بهت السفيه

وللزمان على خطوبه

ودع الجواب تفضّلاً

وكل الظلوم إلى حبيبه(4)

7 - وأنشد النوفلي للإمامعليه‌السلام هذه الأبيات:

رأيت الشيب مكروهاً وفيه

وقار لا تليق به الذنوبُ

إذا ركب الذنوب أخو مشيبٍ

فما أحد يقول: متى يتوبُ

سأصحبه بتقوى الله حتى

يفرّق بيننا الأجل القريبُ(5)

____________________

(1) عيون التواريخ 3 / 227 مصور في مكتبة الإمام أمير المؤمنين تسلسل 2769، البداية والنهاية10 / 250.

(2) تحف العقول (ص 446).

(3) نور الأبصار (ص 140).

(4) أعيان الشيعة 4 / ق 2 / 198.

(5) عيون التواريخ 3 / 227.

٨١

كلماته القصار:

وأثرت عن الإمام الرضا كوكبة من الكلمات القصار حفلت بروائع الحكم والآداب، كان منها ما يلي:

1 - قالعليه‌السلام : (إنّ للقلوب إقبالاً وإدباراً ونشاطاً وفتوراً، فإذا أقبلت بصرت وفهمت وإذا أدبرت كلّت وملّت؛ فخذوها عند إقبالها ونشاطها، واتركوها عند إدبارها وفتورها)(1) .

2 - قالعليه‌السلام : (اصحب السلطان بالحذر، والصديق بالتواضع، والعدو بالتحرّز، والعامّة بالبِشر)(2) .

3 - قالعليه‌السلام : (الأجل آفة الأمل، والبر غنيمة الحازم، والتفريط مصيبة ذي القدرة، والبخل يمزّق العرض، والحب داعي المكاره وتحقيق أمل الآمل، وتصديق مخيلة الراجي، والاستكثار من الأصدقاء في الحياة والباكين بعد الوفاة)(3).

4 - قالعليه‌السلام : (إنّما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن متعظ فأمّا صاحب سوط وسيف فلا)(4) .

5 - قالعليه‌السلام : (مَن تعرّض لسطانٍ جائرٍ فأصابته منه بليّة لم يؤجر عليها ولم يرزق الصبر فيها)(5) .

6 - قالعليه‌السلام للمأمون: (ما التقت فئتان قط إلاّ نصر الله أعظمهما عفواً)(6) .

7 - قالعليه‌السلام : (إنّ مشي الرجال مع الرجل فتنة للمتبوع ومذلّة للتابع)(7).

8 - قالعليه‌السلام : (صاحب النعمة يجب أن يوسّع على عياله) (8) .

____________________

(1) أعيان الشيعة.

(2) أعيان الشيعة.

(3) أعيان الشيعة.

(4) تأريخ اليعقوبي 3 / 181.

(5) تاريخ اليعقوبي 3 / 181.

(6) تاريخ اليعقوبي 3 / 181.

(7) تأريخ اليعقوبي 3 / 181.

(8) بحار الأنوار 78 / 335.

٨٢

9 - قالعليه‌السلام : (التودّد إلى الناس نصف العقل)(1) .

10 - قالعليه‌السلام : (الأخ الأكبر بمنزلة الأب)(2) .

11 - قالعليه‌السلام : (من أخلاق الأنبياء التنظّف)(3) .

12 - قالعليه‌السلام : (لم يخنك الأمين ولكن ائتمنت الخائن)(4).

13 - قالعليه‌السلام : (ما من شيء من الفضول إلاّ ويحتاج إلى فضول من الكلام)(5) .

14 - قالعليه‌السلام : (إنّ الله يبغض القيل والقال وإضاعة المال وكثرة السؤال)(6).

15 - سُئل الإمامعليه‌السلام عن السفلة؟ فقال: (مَن كان له شيء يلهيه عن الله)(7) .

16 - قالعليه‌السلام : (من السنّة إطعام الطعام عند التزويج)(8).

17 - قالعليه‌السلام : (السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه)(9) .

18 - قالعليه‌السلام : (إنّا أهل بيت نرى وعدنا علينا ديناً كما صنع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )(10) .

19 - قالعليه‌السلام : (يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء، تسعة منها في اعتزال الناس وواحد في الصمت)(11) .

20 - قالعليه‌السلام : (عونك للضعيف أفضل من الصدقة)(12) .

21 - قالعليه‌السلام لأبي هاشم داود بن القاسم الجعفري: (يا داود إنّ لنا عليكم حقّاً برسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وإنّ لكم علينا حقّاً فمَن عرف حقّنا وجب حقّه، ومَن لم يعرف حقّنا فلا حقّ له)(13) .

22 - قالعليه‌السلام : (ليس لبخيل راحة، ولا لحسود لذّة، ولا للملوك وفاء، ولا لكذوب مروة)(14) .

23 - قالعليه‌السلام : (إذا ذكرت الرجل وهو حاضر فكنّه، وإذا كان غائباً فسمّه)(15) .

____________________

(1) بحار الأنوار 78 / 335.                           (2) بحار الأنوار 78 / 335.

(3) بحار الأنوار 78 / 335.                           (4) بحار الأنوار 78 / 335.

(5) بحار الأنوار 78 / 335.                           (6) بحار الأنوار 78 / 335.

(7) تحف العقول (ص 446 - 450).                (8) تحف العقول (ص 446 - 450).

(9) تحف العقول (ص 446 - 450).                (10) تحف العقول (ص 446 - 450).

(11) تحف العقول (ص 446 - 450).              (12) تحف العقول (ص 446 - 450).

(13) تحف العقول (ص 446 - 450).              (14) تحف العقول (ص 446 - 450).

(15) تحف العقول (ص 446 - 450).

٨٣

24 - قالعليه‌السلام : (المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأُمّه، ملعون ملعون مَن اتهم أخاه، ملعون ملعون مَن غشّ أخاه، ملعون ملعون مَن لم ينصح أخاه، ملعون ملعون مَن احتجب عن أخيه، ملعون ملعون مَن اغتاب أخاه)(1) .

25 - قالعليه‌السلام : (مَن استفاد أخاً في الله استفاد بيتاً في الجنّة)(2) .

26 - قالعليه‌السلام : (المؤمن الذي إذا أحسن استبشر، وإذا أساء استغفر، والمسلم الذي يسلم المسلمون من لسانه ويده، وليس منّا مَن لم يأمن جاره بوائقه)(3) .

27 - قال له رجل: سل لي ربّك التقية الحسنة والمعرفة بحقوق الإخوان والعمل بما أعرف من ذلك؛ فقال الرضاعليه‌السلام : (قد أعطاك الله ذلك، لقد سألت أفضل شعار الصالحين ودثارهم ((4) .

28 - قالعليه‌السلام : (لا تبذل لإخوانك من نفسك ما ضرّه عليك أكثر من نفعه لهم)(5) .

29 - قالعليه‌السلام : (مَن فرّج عن مؤمن فرّج الله عنه يوم القيامة)(6) .

30 - قالعليه‌السلام : (لا يجتمع المال إلاّ بخصال خمس: ببخلٍ شديد، وأملٍ طويل، وحرصٍ غالب، وقطيعةٍ لرحم، وإيثار الدنيا على الآخرة)(7) .

31 - قالعليه‌السلام : (إنّ الإنسان إذا ادخر طعام سنته خفّ ظهره واستراح)(8) .

____________________

(1) وسائل الشيعة 8 / 563.

(2) وسائل الشيعة 8 / 565.

(3) وسائل الشيعة 8 / 488.

(4) وسائل الشيعة 11 / 474.

(5) وسائل الشيعة 11 / 544.

(6) وسائل الشيعة 12 / 587.

(7) وسائل الشيعة 12 / 19.

(8) وسائل الشيعة 2 / 320.

٨٤

32 - قالعليه‌السلام : (مَن كثرت محاسنة مدح بها واستغنى عن التمدّح بذكرها).

33 - قالعليه‌السلام : (مَن طلب الأمر من وجهه لم يزل وإن زال لم تخذله الحيلة).

34 - قالعليه‌السلام : (كفاك ممّن يريد نصحك بالنميمة ما يجد في نفسه من سوء الحساب في العاقبة).

35 - قالعليه‌السلام : (المسكنة مفتاح البؤس).

36 - قالعليه‌السلام : (مَن لم يتابع رأيك في صلاحه فلا تصغ إلى رأيه).

37 - قالعليه‌السلام للحسن بن سهل في تعزيته: (التهنئة بآجل الثواب أولى من التعزية على عاجل المصيبة).

38 - قالعليه‌السلام : (إنّ البراءة من أبي موسى الأشعري من محض الإسلام، وإنّه من كلاب أهل النار).

39 - قالعليه‌السلام : (الغوغاء قتلة الأنبياء).

40 - قالعليه‌السلام : (الصغائر من الذنوب طرق إلى الكبائر).

41 - قالعليه‌السلام : (مَن لم يخف الله في القليل لم يخفه في الكثير).

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض ما أثر عنه من روائع الحكم والآداب.

٨٥

أصحابه ورواة حديثه

وكان الإمام الرضاعليه‌السلام - في عصره - عملاق الفكر الإسلامي وأعلم إنسان على وجه الأرض - كما يقول المأمون - وقد أمدّ العالم الإسلامي بجميع مقوّمات الارتقاء والنهوض، وقد اتخذ الجامع النبوي - زاده الله شرفاً - معهداً لدروسه ومحاضراته، وقد احتفّ به العلماء والرواة وطلبة الفقه وهو ابن نيف وعشرين عاماً(1) وهم يسجّلون فتواه وما يدلي به من روائع الحكم وفنون الآداب.

ووجد العلماء في أحاديثه امتدادا ذاتيا لأحاديث جدّه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الملهم الأول لقضايا الفكر والعلم في الأرض، وامتداداً مشرقاً لآبائه الأئمّة الطاهرين روّاد النهضة العلمية والحضارية في دنيا الإسلام، ويقول الرواة: إنّه ليس في الأرض سبعة أشراف كتب عنهم الحديث عند الخاص والعام إلاّ علي بن موسىعليه‌السلام (2) .

____________________

(1) تهذيب التهذيب.

(2) البحار 12 / 29.

٨٦

وبلغ من اهتمام العلماء بأحاديثه أنّه حينما اجتاز في نيسابور ازدحموا عليه، وقد بلغ عددهم ما ينيف على عشرين ألفاً، وهم يحملون المحابر، وطلبوا منه أن يتحفهم بحديث عن جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فروى لهم الحديث - الذي سُمّي بالحديث الذهبي - كما سنذكره، ونظراً لأهميته فقد كتبه بعض أمراء السامانية بالذهب وأوصى أن يدفن معه(1) .

وقد حظي بالرواية عنه بعض تلامذة جدّه الإمام الصادقعليه‌السلام ، وبعض تلامذة أبيه الإمام موسىعليه‌السلام (2) ، كما روى عنه جمهرة من العلماء المعاصرين له، ونعرض إلى تراجم أصحابه ورواة حديثه؛ لأن ذلك - فيما نحسب - من متمّمات البحث عن شخصيته؛ لأنّه يكشف عن جانب مهم عن حياته العلمية.

(أ)

إبراهيم بن العبّاس:

ابن محمد الصولي الشاعر الملهم الكبير يكنّى أبا إسحاق، من ألمع شعراء عصره ومن أكثرهم ولاءً ومحبّةً لائمّة أهل البيتعليهم‌السلام اتصل بالإمام الرضاعليه‌السلام اتصالاً وثيقاً، وكان إبراهيم يكنّ في نفسه أعمق الود وخالصه للإمامعليه‌السلام ، ونعرض إلى بعض الجوانب من حياته.

وفادته على الإمام:

وفد إبراهيم مع شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي على الإمام الرضاعليه‌السلام حينما بايع له المأمون بولاية العهد، وقد أنشده دعبل قصيدته الخالدة التي تُعدّ من محاسن الشعر العربي، وسنذكرها في ترجمته، وانبرى من بعده إبراهيم فأنشده قصيدته التي لم يعرف منها غير هذا البيت:

أزالت عزاء القلب بعد التجلّدِ

مصارع أولاد النبي محمّدِ

ويحكي هذا البيت توجّع الصولي وأساه على ما حلّ بأهل بيت النبوّة من عظيم المحن والخطوب التي صبّها عليهم أعداء الإسلام، وفيما أحسب أنّ القصيدة كلها بهذه الجودة والمتانة والتفجّع على مصائب أهل البيت، ولـمّا فرغ من إنشادها وهب الإمام لهما عشرين ألف درهم من الدراهم التي عليها اسمه الشريف، أمّا دعبل

____________________

(1) أخبار الدول (ص 115).

(2) رجال البرقي (ص 53).

٨٧

فصار بجائزته إلى قم المقدّسة فاشترى أهلها كل درهم بعشرة فباع حصّته بمائة ألف درهم، وأمّا إبراهيم بن العباس فلم يزل عنده بعضها حتى مات(1) .

ومن شعره في مدح الإمام الرضاعليه‌السلام هذه الأبيات:

كفى بفعال امرئٍ عالمٍ

على أهله عادلاً شاهدا(2)

أرى لهم طارفاً مونقاً

ولا يشبه الطارف التالدا(3)

يمن عليكم بأموالكم

وتعطون من مائة واحدا(4)

فلا حمد الله مستنصراً

يكون لأعدائكم حامدا

فضلت قسيمك في قعددٍ

كما فضل الوالد الوالدا(5)

وحكت هذه الأبيات عميق إيمانه بأهل البيت، وولائه لهم، وقد كنّى عنهم خوفاً من السلطة العاتية التي كانت تأخذ بالظن والتهمة لكل مَن والى عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

نماذج من شعره:

ويعتبر شعر الصولي من روائع الشعر العربي، ومن مختار شعره قوله:

دنت بأُناس عن ثناء زيادة

وشطّ بليلى عن دنو مزارها

وإنّ مقيمات بمنعرج اللوى

لأقرب من ليلى وهاتيك دارها(6)

وله:

ولربّ نازلةٍ يضيق بها الفتى

ذرعاً وعند الله منها مخرجُ

ضاقت فلمّا استحكمت حلقاتها

فُرجت وكنت أظنّها لا تُفرجُ(7)

____________________

(1) أمالي المرتضى 1 / 485، وجاء في أعيان الشيعة 6 / 16 أنّ الأبيات التي قالها إبراهيم كتبت على ظهر دفتر، وعليها توقيع (متوق خائف)، وإنّه كان يكنّي عن الإمام في مدحه له.

(2) يقول السيد الأمين: في شرحه لهذا البيت: كفى بفعال آل أبي طالب شاهداً على طيب أصلهم.

(3) علّق السيد الأمين على هذا البيت بقوله: الطارف: الحديث، والتالد القديم، كنّى به عن بني العباس بأنّ لهم طارفاً مونقاً بتولّيهم الخلافة، ولكنّه لا يشبه أصلهم بطيب أفعاله.

(4) لم يصرّح إبراهيم باسم المخاطبين، فقد عنى آل أبي طالب وعلى رأسهم الإمام الرضاعليه‌السلام ، وقد منّ عليهم المأمون بما أعطاهم من بعض الهبات التي هي من أموالهم.

(5) المخاطب بقوله: فضلت هو الإمام العظيم الرضاعليه‌السلام والمراد بقسيمه هو المأمون.

(6) وفيات الأعيان 1 / 25.

(7) وفيات الأعيان 1 / 29.

٨٨

وله أيضاً:

كنت السواد لمقلتي

فبكى عليك الناظرُ

مَن شاء بعدك فليمت

فعليك كنت أحاذرُ(1)

حرقه لديوان شعره:

كان إبراهيم صديقاً لإسحاق بن إبراهيم، فأنسخه شعره في الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، ودفع إليه شيئاً من شعره بخطّه، وكانت النسخة عنده حتى ولي الطاغية المتوكل، وولّى إبراهيم ديوان الضياع، وقد حصل تباعد وكراهية بين إبراهيم وإسحاق فعزله إبراهيم عن ضياع كانت بيده وطالبه بمال وألحّ عليه، وأساء مطالبته، فدعا إسحاق بعض مَن يثق به من أخوانه، وقال له: امض إلى إبراهيم بن العباس فاعلمه أنّ شعره في علي بن موسى بخطّه عندي، وبغير خطّه، والله لئن استمرّ على ظلمي، ولم يزل عنّي المطالبة لأوصلن الشعر إلى المتوكل، قال:

فصار الرجل إلى إبراهيم بن العباس فأخبره بذلك، فاضطرب اضطراباً شديداً وجعل الأمر في ذلك إلى الواسطة، فاسقط عنه جميع ما كان طالبه به، وأخذ الشعر منه، وأحلفه أنّه لم يبق عنده منه شيء، فلمّا حصل عنده عمد إلى إحراقه بحضرته(2) .

نموذج من كتابته:

وكان إبراهيم كاتباً بليغاً، ومن بديع ما كتبه عن بعض ملوك العباسيين إلى بعض البغاة الخارجين يتهدّدهم، ويتوعّدهم:

(أمّا بعد: فإنّ لأمير المؤمنين أناة، فإن لم تغن عقب بعدها وعيداً، فإن لم يغن أغنت عزائمه والسلام).

وعلّق ابن خلكان على هذه الرسالة بقوله: وهذا الكلام مع وجازته في غاية الإبداع(3) .

وفاته:

توفّي إبراهيم في منتصف شعبان سنة (243 ه‍) بـ (سُرّ مَن رأى)(4) .

____________________

(1) وفيات الأعيان 1 / 29.

(2) أمالي المرتضى 1 / 485.

(3) وفيات الأعيان 1 / 29.

(4) وفيات الأعيان 1 / 29.

٨٩

2 - إبراهيم بن أبي البلاد:

واسم أبي البلاد يحيى بن سليم الغطفاني، يكنّى أبا إسماعيل، عدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام ، قال: (كان ثقة فقيهاً قارئاً، وعمّر دهراً طويلاً حتى كاتبه علي بن موسى الرضا برسالة، وروى عنه ابناه يحيى ومحمد، ومحمد بن سهل بن اليسع، وآخرون)(1) .

قال النجاشي: (كان إبراهيم ثقة، قارئاً، أدبياً، وكان أبوه ضريراً راوية للشعر، وله يقول الفرزدق: (يا لهف نفسي على عينيك من رجل ).

وروى إبراهيم عن أبي عبد الله، وأبي الحسن موسى، والرضاعليهم‌السلام .

بعث إليه الإمام الرضا رسالة، وأثنى عليه. له كتاب يرويه عنه جماعة(2) .

3 - إبراهيم بن أبي محمود الخراساني:

وثّقه النجاشي، وقال: (إنّه روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام له كتاب يرويه أحمد بن محمد بن عيسى)(3) .

قال الكشي: (قال نصر بن الصباح: إبراهيم بن أبي محمود كان مكفوفاً، روى عنه أحمد بن عيسى مسائل موسىعليه‌السلام تقدّر بخمس وعشرين ورقة، عاش بعد الرضا).

روى حمدويه قال: حدثنا الحسن بن موسى الخشّاب، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي محمود قال: دخلت على أبى جعفر، ومعي كتب إليه من أبيه فجعل يقرأها، ويضع كتاباً كبيراً على عينيه، ويقول: خط أبي والله، ويبكي حتى سالت دموعه على خدّيه، فقلت له: جعلت فداك قد كان أبوك ربّما قال لي في المجلس الواحد مرات أسكنك الله الجنة، فقال: وأنا أقول لك: أدخلك الله الجنة، فقلت: جعلت فداك تضمن لي على ربّك أن تدخلني الجنة، قال: نعم، قال: فأخذت رجله فقبّلتها(4) .

____________________

(1) لسان الميزان 1 / 41.

(2) النجاشي.

(3) النجاشي.

(4) النجاشي.

٩٠

4 - إبراهيم بن إسحاق:

النهاوندي، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه صالح بن

محمد الهمداني(1) .

5 - إبراهيم بن إسماعيل:

ابن داود، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه موسى بن جعفر

المدائني(2).

6 - إبراهيم بن بشر:

قال النجاشي: (له مسائل إلى الإمام الرضاعليه‌السلام ، روى عنه

محمد بن عبد الحميد(3) .

7 - إبراهيم بن سلامة النيشابوري:

عدّه الشيخ من أصحاب الرضاعليه‌السلام وأضاف أنه

وكيل(4) قال السيد الخوئي: (اختلف في حال الرجل فمنهم من أعتبره حجة، ومنهم

من لم يعتبره، واستدل من قال باعتباره بمقدمتين: الأولى انه كان وكيلا عن الإمام الرضا

عليه‌السلام . الثانية: انهم سلام الله عليهم لا يوكلون الفاسق) وناقش

السيد في كلا المقدمتين(5) .

8 - إبراهيم بن شعيب:

الواقفي قال: كنت جالسا في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإلى

جانبي رجل من أهل المدينة، وحادثته مليا، وسألني من أين أنت؟ فأخبرته أنى رجل

من أهل العراق، قلت له: فمن أنت؟ قال: مولى لأبي الحسن الرضا

عليه‌السلام ، فقلت له: لي إليك حاجة، قال: وما هي؟ قلت: توصل لي إليه

رقعة، قال: نعم إذا شيءت فخرجت، وأخذت قرطاسا، وكتبت فيه: (بسم الله الرحمن

الرحيم إن من كان قبلك من آبائك كان يخبرنا بأشياء فيها دلالات وبراهين، وقد

____________________

(1) التهذيب الجزء السادس باب فضل زيارة أبى الحسن علي بن موسىعليه‌السلام .

(2) التهذيب الجزء الرابع: باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر.

(3) النجاشي.

(4) رجال الطوسي.

(5) معجم رجال الحديث 1 / 91.

٩١

أحببت أن تخبرني باسمي واسم أبى وولدي).

قال: ثم ختمت الكتاب، ودفعته إليه، فلما كان من الغد أتاني بكتاب مختوم

ففضضته وقرأته، فإذا في أسفل الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم يا أبا إبراهيم إن من

آبائك شعيبا وصالحا، وإن من أبنائك محمدا وعليا وفلانا وفلانة)(1) .

9 - إبراهيم بن شعيب:

العقرقوفي(2) ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام قال الشيخ المامقاني: (هو عندنا مجهول الحال، والعلم عند الله)(4) .

10 - إبراهيم بن صالح:

عدّه الشيخ في رجاله من غير تلقيب ولا توصيف من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (5) قال النجاشي: (إبراهيم بن صالح الأنماطي(6) الأسدي ثقة روى عن أبي الحسنعليه‌السلام ووقف، له كتاب يرويه عدّة)(7) .

11 - إبراهيم بن عبد الحميد:

قال الشيخ: إنّه من أصحاب الإمام أبي عبد اللهعليه‌السلام أدرك الإمام الرضاعليه‌السلام ، ولم يسمع منه على قول سعد بن عبد الله، واقفي، له كتاب(8)

وقال: في (الفهرست): (إبراهيم بن عبد الحميد ثقة له أصل أخبرنا به أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد)(9) .

وتوثيق الشيخ له في (الفهرست) يدل على أنّه ليس واقفياً، ويمكن أن يكون أنّه

____________________

(1) الكشي.

(2) العقرقوفي: نسبة إلى عقرقوف، قيل: هي قرية من نواحي الدجيل، وقيل من نواحي نهر عيسى بينها وبين بغداد أربعة فراسخ إلى جانبها تل عظيم عال يرى من مسافة خمسة فراسخ، جاء ذلك في مراصد الاطلاع.

(3) رجال الطوسي. * هكذا ورد هذا الهامش في الكتاب المطبوع من غير رقم له في المتن. [ الشبكة ].

(4) تنقيح المقال.

(5) رجال الطوسي.

(6) الأنماطي: نسبة إلى أنماط جمع نمط وهو ثوب من الصوف يطرح على الهودج له خمل رقيق.

(7) النجاشي.

(8) رجال الطوسي.

(9) فهرست الطوسي.

٩٢

رجع عن الوقف، ودان بدين الحق.

12 - إبراهيم بن علي:

ابن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وأُمّ علي سيّدة النساء بطلة كربلاء السيدة زينبعليها‌السلام ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (1) .

13 - إبراهيم بن محمد:

الأشعري، القمّي، قال النجاشي: إنّه ثقة، روى عن الإمام موسى، والإمام الرضاعليهما‌السلام ، وأخوه الفضل، وكتابهما شركة رواه الحسن بن أبي علي بن فضال عنهما(2) ، وثّقة ابن داود في رجاله، والفاضل المجلسي وغيرهم(3) .

14 - إبراهيم بن محمد:

الخزاز، روى عن الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه الحسن بن سعيد(4) .

15 - إبراهيم بن محمد:

مولى خراساني، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (5) .

16 - إبراهيم بن محمد:

الهمداني، كان وكيلاً للإمام الرضاعليه‌السلام (6) ، وعدّه الشيخ من

أصحاب الإمام الرضا والإمام الجواد، والإمام الهاديعليهم‌السلام (7) ، قال الكشي: إنّه حجّ أربعين حجّة(8) .

17 - إبراهيم بن موسى:

روى عن الإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه محمد بن حمزة(9) .

____________________

(1) رجال الطوسي.

(2) النجاشي.

(3) تنقيح المقال.

(4) معجم رجال الحديث 1 / 152.

(5) رجال الطوسي.

(6) النجاشي.

(7) رجال البرقي.

(8) الكشي.

(9) معجم رجال الحديث 1 / 162.

٩٣

18 - إبراهيم بن هاشم:

أبو إسحاق القمّي، أصله من (الكوفة)، وانتقل إلى (قم المقدّسة)، عدّه الشيخ النجاشي من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وقال: إنّ أصحابنا

يقولون: إنّه أوّل مَن نشر حديث الكوفيين ب‍ (قم)، له كتب منها: كتاب النوادر، وكتاب قضايا الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام (1).

19 - إبراهيم بن هاشم:

العباسي(2) ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (3) وظاهره أنّه إمامي مجهول الحال(4) ، قال السيد الخوئي: والصحيح هاشم بن إبراهيم لا إبراهيم بن هاشم كما في النجاشي(5) .

20 - أحمد بن أبي نصر:

روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه أحمد بن محمد(6) .

21 - أحمد بن أشيم:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (7) روى عن يونس وروى عنه أحمد بن محمد(8) .

22 - أحمد بن عامر:

ابن سليمان بن صالح بن وهب الذي استشهد مع ريحانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حدث ابنه عبد الله قال: ولد أبي سنة (157 ه‍) ولقي الإمام الرضاعليه‌السلام سنة (174 ه‍) ومات الرضا بطوس سنة (202 ه‍) يوم الثلاثاء لثمان عشر خلون من جمادى الأُولى وشاهدت أبا الحسن، وأبا محمدعليهما‌السلام ، وكان أبي مؤذِّناً لهما، هكذا جاء في النجاشي.

____________________

(1) النجاشي.

(2) رجال الطوسي.

(3) رجال الطوسي.

(4) تنقيح المقال 1 / 39.

(5) معجم رجال الحديث 1 / 152.

(6) التهذيب الجزء السادس باب المهور والأجور.

(7) رجال الطوسي.

(8) التهذيب الجزء الأول باب تلقين المحتضر.

٩٤

23 - أحمد بن عمر:

الحلال، كان يبيع الحل - يعنى الشيرج - روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وله عنه مسائل(1) .

24 - أحمد بن الفيض:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام (2) ، وهو إمامي مجهول الحال.

25 - أحمد بن محمد:

ابن أبي نصر البزنطي، كوفي، ثقة الإمام الرضاعليه‌السلام ، وكان عظيم المنزلة عنده، وروى عنه كتاباً، وله من الكتب كتاب الجامع، وله كتاب (النوادر)، قال الشيخ في كتابه (الغيبة): (كان واقفاً ثم رجع لما ظهر من المعجزات على يد الإمام الرضاعليه‌السلام الدالة على صحّة إمامته، فالتزم الحجّة وقال بإمامته، وإمامة مَن بعده من ولده.

قال أحمد: كنت عند الإمام الرضاعليه‌السلام فأمسيت عنده، قال: فقلت أنصرف؟ فقال لي: لا تنصرف فقد أمسيت، قال: فأقمت عنده فقالعليه‌السلام : لجاريته هاتي مضربتي ووسادتي فافرشي لأحمد في ذلك البيت، قال: فلمّا صرت في البيت دخلني شيء، فجعل يخطر ببالي من مثلي في بيت ولي الله(3) ، وعلى مهاده، فناداني يا أحمد إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام عاد صعصعة بن صوحان فقال: يا صعصعة لا تجعل عيادتي إيّاك فخراً على قومك، وتواضع لله يرفعك.

وهو ممّن أجمع على الإقرار له بالفضل وتصحيح ما يصح عنه.

توفّي سنة (221 ه‍)(4) .

26 - أحمد بن محمد:

ابن حنبل بن هلال الشيباني، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبي الحسن الرضا

____________________

(1) النجاشي.

(2) رجال الطوسي.

(3) وفى رواية (فقلت: الحمد لله حجّة الله ووارث علم النبيين أنس بي الخ).

(4) معجم رجال الحديث (237 - 239).

٩٥

عليه‌السلام (1) قال ابن حجر: أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني المروزي، نزيل بغداد، أبو عبد الله أحد الأئمة، ثقة، حافظ، فقيه، حجّة، وهو رأس الطبقة العاشرة، مات سنة (241 ه‍) وله سبع وسبعون سنة(2) .

27 - أحمد بن محمد:

ابن عيسى الأشعري، القمّي، شيخ القميين ووجيههم، وكان الرئيس الذي يلقى السلطان، ولقي أبا جعفر الثاني، وأبا الحسن العسكريعليهما‌السلام .

له كتب فمنها: (كتاب التوحيد)، وكتاب (فضل النبي (ص)، وكتاب (المتعة)، وكتاب (النوادر)، وكان غير مبوّب فبوّبه داود بن كورة، وكتاب (الناسخ والمنسوخ)، وكتاب (الأطعمة)، وكتاب (المسوخ)، وكتاب (فضائل العرب)، قال ابن نوح: ورأيت له عند الدبيلي كتاباً في (الحج).

28 - أحمد بن يوسف:

مولى بنى تيم الله، كوفي، كان منزله بالبصرة، وتوفّي ببغداد، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وأضاف أنّه ثقة(3) .

29 - إدريس بن زيد:

من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ذكره الصدوق في مشيخة الفقيه مع علي بن إدريس أولاً مع توصيفهما بصاحبي الرضاعليه‌السلام ، ووصفه بالقمّي عند ذكر طريقه إليه ثانياً(4) .

30 - إدريس بن عبد الله:

ابن سعد الأشعري، ثقة له كتاب، يروى عن الإمام الرضاعليه‌السلام (5) .

____________________

(1) رجال الطوسي.

(2) تقريب التهذيب، وترجمة في تهذيب التهذيب.

(3) الكشي.

(4) رجال الطوسي.

(5) معجم رجال الحديث 3 / 9.

(6) النجاشي.* هكذا ورد هذا الهامش في الكتاب المطبوع من غير رقم له في المتن. [ الشبكة ].

٩٦

31 - إدريس بن عيسى:

الأشعري، القمّي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام ثقة، وروى عنه حديثاً واحداً(1) .

32 - إدريس بن يقطين:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام (2) .

33 - إسحاق بن آدم:

الأشعري، القمّي، روى عن الإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام كتاب يرويه جماعة(3).

34 - إسحاق بن إبراهيم:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضا والإمام الجوادعليهما‌السلام (4) قال الكشي: إنّه وصل إلى خدمة الإمام الرضاعليه‌السلام بواسطة الحسن بن سعيد الأهوازي(5) .

35 - إسحاق بن إبراهيم:

الحنظلي يعرف بابن راهويه، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (6) .

36 - إسحاق بن محمد:

الحضيني، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (7) .

37 - إسحاق بن الإمام موسى:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، روى عن أخيه وعن عمّه عن الإمام أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وروى عنه محمد بن مسلم(8) .

____________________

(1) النجاشي.

(2) رجال الطوسي.

(3) النجاشي.

(4) رجال البرقي.

(5) الكشي.

(6) رجال الطوسي.

(7) رجال الطوسي.

(8) رجال الطوسي.

٩٧

38 - إسماعيل بن سعد:

الأحوص، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه محمد بن خالد(1) .

39 - إسماعيل بن عباد:

القصري - من قصر بن هبيرة - عدّه البرقي من أصحاب الإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام (2) .

40 - إسماعيل بن عيسى:

روى عن الإمام أبى الحسن، والإمام الرضاعليهما‌السلام ، وروى عنه ابنه سعد(3) .

41 - إسماعيل بن قتيبة:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وأضاف أنّه مجهول(4) .

42 - إسماعيل بن مهران:

ابن أبي نصر السكوني، مولى، كوفي، يكنّى أبا يعقوب، ثقة، معتمد عليه، من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، ألّف مجموعة من الكتب كان منها:

1 - الملاحم.

2 - ثواب القرآن.

3 - الإهليلجة.

4 - صفة المؤمن والفاجر.

5 - خطب الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام .

6 - نوادر.

7 - النوادر(5) .

____________________

(1) معجم رجال الحديث 3 / 133.

(2) البرقي.

(3) معجم رجال الحديث 3 / 158.

(4) رجال الطوسي.

(5) الكشي.

٩٨

وقد طعن في حديثه ابن الغضائري، وقال: ليس حديثه بالنقي فيضطرب تارة، ويصلح أخرى، ويروى عن الضعفاء كثيراً ويجوز أن يخرج شاهداً، وبنى سيدنا الخوئي على وثاقته لشهادة جعفر بن محمد بن قولويه، وعلي بن إبراهيم، والشيخ والنجاشي والعياشي بوثاقته، وليس فيما ذكره ابن الغضائري دلالة على عدم وثاقته بل إنّ نفي النقاوة من حديثه من جهة أنّه يروى عن الضعفاء(1) .

43 - إسماعيل بن همام:

ابن عبد الرحمان البصري مولى كندة، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ثقة هو وأبوه وجدّه، له كتاب يرويه عنه جماعة(2) .

44 - أصرم بن مطر:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (3) .

45 - أفلح بن يزيد:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (4) .

46 - أفلح بن يزيد: عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وكذلك عدّه الشيخ وأضاف إنّه مجهول(5) .

47 - الياس بن عمرو:

الصيرفي الخزاز، خيّر، من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، ولـمّا حضرته الوفاة قال لـمَن حوله: اشهدوا عليّ وليست ساعة الكذب هذه الساعة سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: (والله لا يموت عبد يحب الله ورسوله ويتولّى الأئمّة فتمسّه النار)(6) .

48 - أيوب بن نوح:

كوفي، مولى النخع، ثقة، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضا

____________________

(1) معجم رجال الحديث 3 / 188 - 189.

(2) النجاشي.

(3) رجال الطوسي.

(4) رجال الطوسي.

(5) رجال الطوسي.

(6) الكشي.

٩٩

عليه‌السلام (1) وكان وكيلاً، وتوفّى ولم يخلف إلاّ مائة وخمسين ديناراً، وكان الناس يظنون أنّ عنده مالاً كثيراً؛ لأنّه كان وكيلاً للأئمّةعليهم‌السلام (2) .

(ب)

49 - البائس:

مولى حمزة بن السبع الأشعري، ثقة، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (3) .

50 - بكر بن صالح:

الرازي عده الشيخ البرقي من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (4) قال الشيخ: له كتاب في درجات الإيمان ووجوه الكفر والاستغفار والجهاد(5).

قال ابن الغضائري: ضعيف جداً، كثير التفرّد بالغرائب(6).

(ت)

51 - ثلج بن أبي ثلج:

اليعقوبي، من ولد داود بن علي اليعقوبي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (7) .

(ج)

52 - جعفر بن بشير:

البجلي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (8) ، من زهّاد الشيعة وعبّادهم ونسّاكهم، وله مسجد بالكوفة باقٍ في (بجيلة)، يقول النجاشي وأنا وكثير من أصحابنا إذا وردنا الكوفة نصلّي فيه مع المساجد التي يرغب في الصلاة فيها.

توفّي جعفر رحمه الله بـ‍ (الأبواء) سنة (208 ه‍) وكان يلقّب قفة العلم، وله

____________________

(1) رجال الطوسي.

(2) الكشي.

(3) رجال الطوسي.

(4) رجال البرقي.

(5) معجم رجال الحديث.

(6) معجم رجال الحديث.

(7) رجال الطوسي.

(8) رجال الطوسي.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607