الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 592

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 592 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184214 / تحميل: 6199
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

إنّ جملة :( لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ) إشارة إلى أنّ الله سبحانه قد خلق هذه المراكب على هيئة تستطيعون معها ركوبها بصورة جيّدة ، وتصلون إلى مقاصدكم براحة ويسر(١) .

لقد أوضحت هذه الآية هدفين لخلق هذه المراكب البحريّة والبريّة ، من الفلك والأنعام ، أحدهما : ذكر نعم الله سبحانه حين الإستواء على ظهورها ، والآخر : تنزيه الله سبحانه الذي سخّرها للإنسان ، فقد جعل الفلك على هيئة تقدر أن تشقّ صدر الأمواج وتسير نحو المقصد ، وجعل الدواب والأنعام خاضعة لأمر الإنسان ومنقادة لإرادته.

«مقرنين» من مادة «إقران» ، أي امتلاك القدرة على شيء ، وقال بعض أرباب اللغة : إنّه يعني مسك الشيء وحفظه ، وفي الأصل بمعنى وقوع الشيء قرينا لشيء آخر ، ولازم ذلك القدرة على حفظه(٢) .

بناء على هذا ، فإنّ معنى جملة( وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) هو أنّه لو لم يكن لطف الله وعنايته لما كان بإمكاننا السيطرة على هذه المراكب وحفظها ، ولتحطمت بفعل الرياح المخالفة لحركة السفن ، وكذلك الحيوانات القويّة التي تفوق قوّتها قوّة الإنسان أضعافا ، ما كان الإنسان ليستطيع أن يقترب منها مطلقا لو لا روح التسليم التي تحكمها ، ولذلك حين يغضب أحد هذه الحيوانات ويفقد روح التسليم ، فإنّه سيتحوّل إلى موجود خطر لا يقوى عدّة أشخاص على مقابلته ، في حين أن من الممكن في حالة سكونها ودعتها ـ أن ترتبط عشرات ، بل مئات منها بحبل وزمام ، ويسلّم بيد صبي ليذهب بها حيث يشاء ، وكأنّ الله سبحانه يريد أن يبيّن للإنسان نعمة الحالة الطبيعيّة للحيوانات من خلال بيان الحالة الاستثنائيّة.

__________________

(١) الضمير في «على ظهوره» يعود على «ما» الموصولة والتي وردت في جملة «ما تركبون» وهي تشمل السفن والدواب ، وكونه مفردا لظاهر اللفظ.

(٢) جاء في لسان العرب : «أقرن له وعليه» : أطاق وقوي عليه واعتلى ، وفي التنزيل العزيز :( وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) .

٢١

وتذكر آخر آية ـ من هذه الآيات ـ قول المؤمنين لدى ركوبهم المركب ، إذ يقولون :( وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) .

هذه الجملة إشارة إلى مسألة المعاد بعد الحديث حول التوحيد ، لأنّ الانتباه إلى الخالق والمبدأ ، يلفت نظر الإنسان نحو المعاد دائما.

وهي أيضا إشارة إلى أن لا تغترّوا عند ما تركبون هذه المراكب وتتسلّطون عليها ، ولا تغرقوا في مغريات الدنيا وزخارفها ، بل يجب أن تكونوا دائما ذاكرين للآخرة غير ناسين لها ، لأنّ حالات الغرور تشتد وتتعمّق في مثل هذه الموارد خاصّة ، والأشخاص الذين يتّخذون مراكبهم ووسائط نقلهم وسيلة للتعالي والتكبّر على الآخرين ليسوا بالقليلين.

ومن جهة ثالثة ، فإنّ الإستواء على المركب والانتقال من مكان إلى آخر يذكّرنا بانتقالنا الكبير من هذا العالم إلى العالم الآخر.

نعم فنحن أخيرا ننقلب إلى الله سبحانه.

* * *

ملاحظة

ذكر الله عند الانتفاع بالنعم :

من النكات الجميلة التي تلاحظ في آيات القرآن الكريم ، أنّ المؤمنين قد علّموا أدعية يقرءونها عند التنعّم بمواهب الله سبحانه ونعمه تلك الأدعية التي تصقل روح الإنسان وتهذّبها بمحتوياتها البنّاءة ، وتبعد عنها آثار الغرور والغفلة.

فيأمر الله سبحانه نوحاعليه‌السلام أن :( فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (١) .

ويأمره أيضا أن يقول عند طلب المنزل المبارك :( رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً

__________________

(١) المؤمنون ، الآية ٢٨.

٢٢

وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ ) (١) .

وهو سبحانه يأمرنا في هذه الآيات أن نشكر نعم الله تعالى ، وأن نسبّح اللهعزوجل عند الإستواء على ظهورها.

فإذا تحوّل ذكر المنعم الحقيقي عند كلّ نعمة ينعم بها إلى طبع وملكة في الإنسان ، فسوف لا يغرق في ظلمة الغفلة ، ولا يسقط في هاوية الغرور ، بل إنّ المواهب والنعم الماديّة ستكون له سلّما إلى الله سبحانه!

وقد ورد في سيرة الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه ما وضع رجله في الركاب إلّا وقال : «الحمد لله» ، وإذا ما استوى على ظهر الدابّة فإنّه يقول : الحمد لله على كل حال ،( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) (٢) .

وجاء في حديث آخر عن الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام أنّه رأى رجلا ركب دابّة فقال: سبحان الذي سخّر لنا هذا ، فقال له : «ما بهذا أمرت ، أمرت أن تقول : «الحمد لله الذي هدانا للإسلام ، الحمد لله الذي منّ علينا بمحمّد ، والحمد لله الذي جعلنا من خير أمّة أخرجت للناس ، ثمّ تقول : سبحان الذي سخّر لنا هذا»(٣) ، إشارة إلى أنّ الآية لم تأمر بأن يقال : سبحان الذي سخّر لنا هذا ، بل أمرت أوّلا بذكر نعم الله العظيمة : نعمة الهداية إلى الإسلام ، نعمة نبوّة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، نعمة جعلناه في زمرة خير أمّة ، ثمّ تسبيح الله على تسخيره لما نركب!

وممّا يستحقّ الانتباه أنّه يستفاد من الرّوايات أنّ من قال عند ركوبه :( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ) فسوف لن يصاب بأذى بأمر الله! وقد روي هذا المطلب في حديث في الكافي عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام (٤) .

ونكتشف من خلال ذلك البون الشاسع بين تعليمات الإسلام البنّاءة هذه ، وبين

__________________

(١) المؤمنون ، الآية ٢٩.

(٢) تفسير الفخر الرازي ، المجلد ٢٧ ، صفحة ١٩٩.

(٣) المصدر السابق.

(٤) نور الثقلين ، المجلد ٤ ، صفحة ٥٩٣.

٢٣

ما يلاحظ من جماعة من المغرورين ومتّبعي الأهواء والميول الذين يتّخذون وسائط نقلهم وسيلة للفخر ولإظهار أنفسهم بمظهر العزيز الوجيه ، وقد يجعلونها سببا لارتكاب أنواع المعاصي كما ينقل «الزمخشري» في الكشّاف عن بعض السلاطين أنّه يركب مركبه الخاص يريد الذهاب من مدينة إلى أخرى التي تبعد عنها مسافة شهر فكان يكثر من شرب الخمر لئلّا يحسّ بطول الطريق وتعبه ، ولا يفيق من سكره إلّا حين يصل تلك المدينة!

* * *

٢٤

الآيات

( وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (١٧) أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨) وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (١٩) )

التّفسير

كيف تزعمون أنّ الملائكة بنات الله؟

بعد تثبيت دعائم التوحيد بوسيلة ذكر آيات الله سبحانه في نظام الوجود ، وذكر نعمه ومواهبه ، تتناول هذه الآيات ما يقابل ذلك ، أيّ محاربة الشرك وعبادة غير الله تعالى ، فتطرّقت أوّلا إلى أحد فروعها ، أيّ عبادة الملائكة فقالت :( وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً ) فظنّوا أنّ الملائكة بنات الله سبحانه ، وأنّها آلهتهم ، وكانت هذه الخرافة القبيحة رائجة بين الكثيرين من عبدة الأوثان.

٢٥

إنّ التعبير بـ «الجزء» يبيّن من جانب أنّ هؤلاء كانوا يعتبرون الملائكة أولاد الله تعالى ، لأنّ الولد جزء من وجود الأب والأمّ ، وينفصل عنهما كنطفة تتكوّن وتتلقّح ، وإذا ما تلقّحت تكوّن الولد من تلك اللحظة. ويبيّن من جانب آخر قبولهم عبادتها ، لأنّهم كانوا يظنّون الملائكة جزءا من الآلهة في مقابل الله سبحانه.

ثمّ إنّ هذا التعبير استدلال واضح على بطلان اعتقاد المشركين الخرافي ، لأنّ الملائكة إن كانت أولادا لله سبحانه ، فإنّ ذلك يستلزم أن يكون لله جزء ، ونتيجة ذلك أنّ ذات الله ، مركّبة سبحانه ، في حين أنّ الأدلّة العقليّة والنقليّة شاهدة على بساطة وجوده وأحديّته ، لأنّ الجزاء مختصّ بالموجودات الممكنة.

ثمّ تضيف :( إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ ) فمع كل هذه النعم الإلهيّة التي أحاطت بوجوده ، والتي مرّ ذكر خمس منها في الآيات السابقة ، فإنّه بدل أن يطأطئ رأسه إعظاما لخالقه ، وإجلالا لولي نعمته ، سلك سبيل الكفر واتّجه إلى مخلوقات الله ليعبدها!

في الآية التي بعدها يستثمر القرآن الثوابت الفكريّة لدى هؤلاء من أجل إدانة هدا التفكير الخرافي ، لأنّهم كانوا يرجّحون جنس الرجل على المرأة ، وكانوا يعدّون البنت عارا ـ عادة ـ يقول تعالى :( أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ ) ؟ فإذا كان مقام البنت أدنى في اعتقادكم ، فكيف ترجّحون أنفسكم وتعلونها على الله ، فتجعلون نصيبه بنتا ، ونصيبكم ولدا؟

صحيح أنّ المرأة والرجل متساويان في القيم الإنسانيّة السامية عند الله سبحانه ، إلّا أنّ الاستدلال باعتقادات المخاطب يترك أحيانا في فكره أثرا يدفعه إلى إعادة النظر فيما يعتقد.

وتتابع الآية التالية هذا البحث ببيان آخر ، فتقول :( وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ) .

والمراد من( بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ) هم الملائكة الذين كانوا يعتبرونهم بنات

٢٦

الله ، وكانوا يعتقدون في الوقت نفسه أنّها آلهتهم ، وأنّها شبيهة به ـ سبحانه ـ ومثله.

إنّ لفظة (كظيم) من مادّة «كظم» ، وتعني الحلقوم ، وجاءت أيضا بمعنى غلق فم قربة الماء بعد امتلائها ، ولذلك فإنّ هذه الكلمة استعملت للتعبير عمّن امتلأ قلبه غضبا أو غمّا وحزنا. وهذا التعبير يحكي جيّدا عن خرافة تفكير المشركين البله في عصر الجاهليّة فيما يتعلق بولادة البنت ، وكيف أنّهم كانوا يحزنون ويغتمّون عند سماعهم بولادة بنت لهم ، إلّا أنّهم في الوقت نفسه كانوا يعتقدون بأنّ الملائكة بنات الله سبحانه!

وتضيف في الآية الكريمة :( أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) (١) .

لقد ذكر القرآن هنا صفتين من صفات النساء غالبا ، تنبعثان من ينبوع عاطفتهنّ ، إحداهما : تعلّق النساء الشديد بأدوات الزينة ، والأخرى : عدم امتلاكهنّ القدرة الكافية على إثبات مرادهنّ أثناء المخاصمة والجدال لحيائهنّ وخجلهنّ.

لا شكّ أنّ بعض النسوة ليس لداهنّ هذا التعلّق الشديد بالزينة ، ولا شكّ أيضا أنّ التعلّق بالزينة ومحبّتها في حدود الاعتدال لا يعد عيبا في النساء ، بل أكّد عليها الإسلام ، إلّا أنّ المراد هو أكثريّة النساء اللاتي تعوّدن على الإفراط في الزينة في أغلب المجتمعات البشريّة ، وكأنّهن يولدن بين أحضان الزينة ويتربّين في حجرها.

وكذلك لا يوجد أدنى شكّ في أنّ بعض النسوة ارتقين أعلى الدرجات في قوّة المنطق والبيان ، لكن لا يمكن إنكار ضعف النساء عند المخاصمة والبحث والجدال ، إذا ما قورنت بقدرة الرجال ، وذلك بسبب خجلهنّ وحيائهنّ.

والهدف بيان هذه الحقيقة ، وهي : كيف تظنّون وتعتقدون بأنّ البنات أولاد الله سبحانه ، وأنّكم مصطفون بالبنين؟

__________________

(١) «ينشّؤا» من مادة «الإنشاء» ، أي إيجاد الشيء ، وهنا بمعنى تربية الشيء ، وتنميته ، و «الحلية» تعني الزينة ، و «الخصام» هو المجادلة والنزاع على شيء ما.

٢٧

وتذكر الآية الأخيرة ـ من هذه الآيات ـ هذا المطلب بصراحة أكثر ، فتقول :( وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً ) .

أجل إنّهم عباد الله ، مطيعون لأمره ، ومسلمون لإرادته ، كما ورد ذلك في الآيتين (٢٦) ، (٢٧) من سورة الأنبياء :( بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) .

إنّ التعبير بكلمة (عباد) في الواقع ردّ على ظنّ هؤلاء ، لأنّ الملائكة لو كانت مؤنّثا لوجب أن يقول : (عبدات) ، لكن ينبغي الانتباه إلى أنّ العباد تطلق على جمع المذكّر وعلى الموجودات التي تخرج عن إطار المذكر والمؤنث كالملائكة ، ويشبه ذلك استعمال ضمائر المفرد المذكّر في حقّ الله سبحانه ، في حين أنّه تعالى فوق كلّ هذه التقسيمات.

وجدير بالذكر أنّ كلمة (عباد) قد أضيفت إلى (الرحمن) في هذه الجملة ، ويمكن أن يكون هذا التعبير إشارة إلى أن أغلب الملائكة منفذون لرحمة الله ، ومدبرون لقوانين عالم الوجود وأنظمته ، وكل ذلك رحمة.

لكن لماذا وجدت هذه الخرافة بين عرب الجاهليّة؟ ولماذا بقيت ترسباتها إلى الآن في أذهان جماعة من الناس؟ حتى أنّهم يرسمون الملائكة ويصورونها على هيئة المرأة والبنت ، بل حتى إذا أرادوا أن يرسموا ما يسمى بملك الحرية فإنّهم يرسمونه على هيئة امرأة جميلة طويلة الشعر!

يمكن أن يكون هذا الوهم نابعا من أنّ الملائكة مستورون عن الأنظار ، والنساء مستورات كذلك ، ويلاحظ هذا المعنى في بعض موارد المؤنث المجازي في لغة العرب ، حيث يعتبرون الشمس مؤنثا مجازيّا والقمر مذكرا ، لأنّ قرص الشمس مغطى عادة بأمواج نورها فلا سبيل للنظر إليه ، بخلاف قرص القمر.

أو أن لطافة الملائكة ورقتها قد سببت أن يعتبروها كالنساء ، حيث أن النساء اكثر رقّة ولطافة إذا قيست بالرجال.

٢٨

والعجيب أنّه بعد كل هذه المحاربة الإسلامية لهذا التفكير الخرافي وإبطاله ، فإنّهم إذا ما أرادوا أن يصفوا امرأة فإنّهم يقولون : إنّها ملك ، أمّا في شأن الرجال فقلما يستعمل هذا التعبير. وكذلك قد يختارون كلمة الملك والملاك اسما للنساء!

ثمّ تجيبهم الآية بصيغة الاستفهام الإنكاري فتقول :( أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ) ؟ وتضيف في النهاية :( سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ ) .

لقد ورد ما قرأناه في هذه الآيات بصورة أخرى في سورة النحل الآيات (٥٦ ـ ٦٠) أيضا ، وقد أوردنا هناك بحثا مفصّلا حول عقائد عرب الجاهليّة فيما يتعلق بمسألة الوأد ، وعقيدتهم في جنس المرأة ، وكذلك حول دور الإسلام في إحياء شخصيّة المرأة ومقامها السامي.

* * *

٢٩

الآيات

( وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٢٠) أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) )

التّفسير

لا دليل لهم سوى تقليد الآباء الجاهلين!

أعطت الآيات السابقة أوّل جواب منطقي على عقيدة عبدة الأوثان الخرافيّة ، حيث كانوا يظنون أنّ الملائكة بنات الله ، والجواب هو : إنّ الرؤية والحضور في موقف ما ضروري قبل كل شيء لإثبات ادعاء ما ، في حين لا يقوى أي عابد ، وثن أن يدّعي أنّه كان حاضرا حين خلق الملائكة ، وأنّه رأى كيفيّة ذلك الخلق بعينه.

وتتابع هذه الآيات نفس الموضوع ، وتسلك مسالك أخرى لإبطال هذه الخرافة القبيحة ، فتتعرض أوّلا ـ وبصورة مختصرة ـ لأحد الأدلة الواهية لهؤلاء ثمّ تجيب عليه ، فتقول :( وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ) .

٣٠

إنّ هذا التعبير قد يكون إشارة إلى أنّ هؤلاء كانوا يعتقدون بالجبر ، وأن كل ما يصدر منا فهو بإرادة الله ، وكل ما نفعله فهو برضاه أو أنّه لو لم يكن راضيا عن أعمالنا وعقائدنا لوجب أن ينهانا عنها ، ولما لم ينهنا عنها فإنّ ذلك دليل على رضاه.

الحقيقة ، أنّ هؤلاء اختلقوا خرافات جديدة من أجل توجيه عقائدهم الخرافية الفاسدة الأولى ، وافتروا أكاذيب جديدة لإثبات أكاذيبهم الأولى ، وأيّا من الاحتمالين ـ أعلاه ـ كان مرادهم ، فهو فاسد من الأساس.

صحيح أنّ كل شيء في عالم الوجود لا يكون إلّا بإذن الله تعالى ، إلّا أنّ هذا لا يعني الجبر ، إذ يجب أن لا ننسى أنّ الله سبحانه هو الذي أراد لنا أن نكون مختارين وأحرارا في اختيارنا وتصرفنا ، ليختبرنا ويربينا.

وصحيح أيضا أنّه يجب أن يجب أن ينهى الله سبحانه عباده عن الباطل ، لكن لا يمكن إنكار أنّ جميع الأنبياء قد تصدّوا لردع الناس عن كل نوع من أنواع الشرك والازدواجيّة في العبادة.

إضافة إلى ذلك ، فإنّ عقل الإنسان السليم ينكر هذه الخرافات أيضا أليس العقل ـ هو رسول الله الداخلي ـ في أعماق الإنسان؟!

وتجيب الآية في النهاية بجملة قصيرة على هذا الاستدلال الواهي لعبدة الأصنام ، فتقول :( ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ) .

إنّ هؤلاء لا علم ولا إيمان لهم حتى بمسألة الجبر أو رضى الله سبحانه عن أعمالهم ، بل هم ـ ككثير من متبعي الهوى والمجرمين الآخرين ـ يتخذون مسألة الجبر ذريعة لهم من أجل تبرئة أنفسهم من الذنب والفساد ، فيقولون : إنّ يد القضاء والقدر هي التي جرتنا إلى هذا الطريق وحتمته علينا! مع علمهم بأنّهم يكذبون ، وأن هذه ذريعة ليس إلّا ، ولذلك فإنّ أحدا لو اغتصبهم حقّا فإنّهم غير مستعدين أبدا لغض النظر عن معاقبته مطلقا ، ولا يقولون : إنّه كان مجبرا على عمله هذا!

٣١

«يخرصون» من الخرص ، وهو في الأصل بمعنى التخمين ، وأطلقت هذه الكلمة أوّلا على تخمين مقدار الفاكهة ، ثمّ أطلقت على الحدس والتخمين ، ولما كان الحدس والتخمين يخطئ أحيانا ولا يطابق الواقع ، فقد استعملت هذه الكلمة بمعنى الكذب أيضا ، و «يخرصون» في هذه الآية من هذا القبيل.

وعلى أيّة حال ، فيظهر من آيات قرآنية عديدة بأنّ عبدة الأوثان كانوا يستدلون ـ مرارا ـ بمسألة المشيئة الإلهيّة من أجل توجيه خرافاتهم ، ومن جملة ذلك أنّهم كانوا قد حرّموا على أنفسهم أشياء وأحلّوا أخرى ، ونسبوا ذلك إلى الله سبحانه ، كما جاء ذلك في الآية (١٤٨) من سورة الأنعام :( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ ) .

وتكرر هذا المعنى في الآية (٣٥) من سورة النحل أيضا :( وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ) .

وقد كذّبهم القرآن الكريم في ذيل آية سورة الأنعام ، حيث يقول :( كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا ) ويصرح في ذيل آية سورة النحل :( فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ ) ؟!

وفي ذيل الآية مورد البحث ينسبهم إلى التخمين والكذب كما رأينا ، وكلها ترجع في الحقيقة إلى أساس ومصدر واحد.

وتشير الآية التالية إلى دليل آخر يمكن أن يكونوا قد استدلوا به ، فتقول :( أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ) (١) ؟ أي يجب على هؤلاء أن يتمسّكوا بدليل العقل لإثبات هذا الادّعاء ، أو بدليل النقل ، في حين لم يكن لهؤلاء دليل لا من العقل ولا من النقل ، فإنّ كل الأدلّة العقلية تدعوا إلى التوحيد ، وكذلك دعا كل

__________________

(١) «أم» هنا متصلة ، وهي معطوفة على (اشهدوا خلقهم) ، والضمير في (من قبله) يعود إلى القرآن. وما احتمله البعض من أن (أم) هنا منقطعة ، أو أن الضمير يرجع إلى الرّسول ، لا يتناسب كثيرا مع القرائن التي في الآية.

٣٢

الأنبياء والكتب السماوية إلى التوحيد.

وأشارت آخر آية ـ من هذه الآيات ـ إلى ذريعتهم الأصلية ، وهي في الواقع خرافة لا أكثر ، أصبحت أساسا لخرافة أخرى ، فتقول :( بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ ) .

لم يكن لهؤلاء دليل إلّا التقليد الأعمى للآباء والأجداد ، والعجيب أنّهم كانوا يظنون أنّهم مهتدون بهذا التقليد ، في حين لا يستطيع أي إنسان عاقل حر أن يستند إلى التقليد في المسائل العقائدية والأساسية التي يقوم عليها بناؤه الفكري ، خاصة إذا كان التقليد تقليد «جاهل لجاهل» ، لأنا نعلم أن آباء أولئك المشركين لم يكن لهم أدنى حظ من العلم ، وكانت أدمغتهم مليئة بالخرافات والأوهام ، وكان الجهل حاكما على أفكارهم ومجتمعاتهم ، كما توضح ذلك الاية (١٧٠) من سورة البقرة :( أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ ) ؟

التقليد يصحّ في المسائل الفرعية وغير الأساسية فقط ، وأيضا يجب أن يكون تقليدا لعالم ، أي رجوع الجاهل إلى العالم ، كما يرجع المريض إلى الطبيب ، وغير المتخصصين إلى أصحاب الإختصاص ، وبناء على هذا فإنّ تقليد هؤلاء كان باطلا بدليلين.

لفظة «الأمّة» تطلق ـ كما يقول الراغب في المفردات ـ على الجماعة التي تربط بعضها مع البعض الآخر روابط ، إمّا من جهة الدين ، أو وحدة المكان ، أو الزمان ، سواء كانت حلقة الاتصال تلك اختيارية أم إجباريّة. ومن هنا استعملت هذه الكلمة أحيانا بمعنى المذهب ، كما هو الحال في الآية مورد البحث ، إلّا أن معناها الأصلي هو الجماعة والقوم ، وإطلاق هذه الكلمة على الدين يحتاج إلى قرينة(١) .

* * *

__________________

(١) في جملة( إِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ ) مهتدون خبر (إن) و «على آثارهم» متعلق به ، وأمّا ما احتمله البعض من أن «على آثارهم» خبر أوّل ، و (مهتدون) خبر ثان ، فيبدو بعيدا عن الصواب.

٣٣

الآيات

( وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٢٤) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥) )

التّفسير

عاقبة هؤلاء المقلدين :

تواصل هذه الآيات موضوع الآيات السابقة حول الدليل الأصلي للمشركين في عبادتهم للأصنام ، وهو تقليد الآباء ، والأجداد ، فتقول : إن هذا مجرّد ادعاء واه من مشركي العرب :( وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ ) .

يستفاد من هذه الآية جيدا أنّ المتصدين لمحاربة الأنبياء ، والذين كانوا يقولون بمسألة تقليد الآباء ويدافعون عنها بكل قوّة ، كانوا من المترفين والأثرياء

٣٤

السكارى والمغرورين ، لأنّ (المترف) من مادة (الترفّه) أي كثرة النعمة ، ولما كان كثير من المنعمين يغرقون في الشهوات والأهواء ، فإنّ كلمة «المترف» تعني من طغى بالنعمة وغرق في سكرتها وأصبح مغرورا(١) ، ومصداق ذلك ـ على الأغلب ـ الملوك والجبابرة والأثرياء المستكبرون والأنانيون.

نعم ، هؤلاء هم الذين تتعرض مصالحهم وأنانيّاتهم للفناء بثورة الأنبياء ، ويحدق الخطر بمنافعهم وثرواتهم اللامشروعة ، ويتحرّر المستضعفون من مخالبهم ، ولهذا كانوا يسعون إلى تخدير الناس وإبقائهم جهلاء بمختلف الأساليب والحيل. وأغلب فساد الدنيا ينبع من هؤلاء المترفين الذين يتواجدون في أماكن الظلم والتعدي والمعصية والفساد والرذيلة.

وجدير بالذكر ، أنّنا قرأنا في الآية السابقة أن هؤلاء كانوا يقولون :( إِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ ) وهنا يذكر القرآن أنّهم يقولون :( وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ ) وبالرغم من أن التعبيرين يعودان إلى معنى واحد في الحقيقة ، إلّا أنّ التعبير الأوّل إشارة إلى دعوى أحقيّة مذهب الآباء ، والتعبير الثّاني إشارة إلى إصرار هؤلاء. وثباتهم على اتباع الآباء والاقتداء بهم.

وعلى أية حال فإنّ هذه الآية نوع من التسلية لخاطر النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين ليعلموا أن ذرائع المشركين واستدلالاتهم هذه ليست بالشيء الجديد ، إذ أنّ هذا الطريق سلكه كل المنحرفين الضالين على مر التأريخ.

وتبيّن الآية التالية جواب الأنبياء السابقين على حجج هؤلاء المشركين والمنحرفين بوضوح تام ، فتقول :( قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ ) (٢) ؟

__________________

(١) تقرأ في لسان العرب : أترفته النعمة ، أي : أطغته.

(٢) لهذه الجملة محذوف تقديره : أتتبعون آباءكم ولو جئتكم بدين أهدى من دين آبائكم. تفسير الكشاف المراغي ، القرطبي ، وروح المعاني.

٣٥

هذا التعبير هو أكثر التعابير المؤدبة الممكن طرحها أمام قوم عنيدين مغرورين ، ولا يجرح عواطفهم أو يمسها مطلقا ، فهو لا يقول : إن ما تقولونه كذب وخرافة ، بل يقول : إنّ ما جئت به أهدى من دين آبائكم ، فتعالوا وانظروا فيه وطالعوه.

إنّ مثل هذه التعبيرات القرآنية تعلمنا آداب المحاورة والمجادلة وخاصّة أمام الجاهلين المغرورين.

ومع كل ذلك ، فإنّ هؤلاء كانوا غرقى الجهل والتعصب والعناد بحيث لم يؤثّر فيهم حتى هذا المقال المؤدب الرقيق ، فكانوا يجيبون أنبياءهم بجواب واحد فقط :( قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ ) دون أن يأتوا بأيّ دليل على مخالفتهم ، ودون أن يتأملوا في الاقتراح المعقول المتين لأنبياء الله ورسله.

من البديهي أنّ مثل هؤلاء الأقوام الطاغين المعاندين ، لا يستحقون البقاء ، وليست لهم أهليّة الحياة ، ولا بدّ أن ينزل عذاب الله ليقتلع هذه الأشواك من الطريق ويطهره منها ، ولذلك فإنّ آخر آية ـ من هذه الآيات ـ تقول :( فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ ) فبعضهم بالطوفان ، وآخرون بالزلزلة المدمرة ، وجماعة بالعاصفة والصاعقة ، وخلاصة القول : إنّا دمّرنا كل فئة منهم بأمر صارم فأهلكناهم.

وأخيرا وجهت الآية الخطاب إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أجل أن يعتبر مشركو مكّة أيضا ، فقالت :( فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) فعلى مشركي مكّة المعاندين أن يتوقعوا مثل هذا المصير المشؤوم.

* * *

٣٦

الآيات

( وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨) بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (٢٩) وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ قالُوا هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ (٣٠) )

التّفسير

التوحيد كلمة الأنبياء الخالدة :

أشارت هذه الآيات إشارة موجزة إلى قصّة إبراهيم ، وما جرى له مع قوم بابل عبدة الأوثان ، لتكمل بذلك بحث ذم التقليد ، الذي ورد في الآيات السابقة ، وذلك لأنّه :

أوّلا : إنّ إبراهيمعليه‌السلام كان الجد الأكبر للعرب ، وكانوا يعدونه محترما ويقدّسونه ، ويفتخرون بتأريخه ، فإذا كان اعتقادهم وقولهم هذا حقّا فيجب عليهم أن يتبعوه عند ما مزّق حجب التقليد. وإذا كان سبيلهم تقليد الآباء ، فلما ذا يقلّدون عبدة

٣٧

الأوثان ولا يتّبعون إبراهيمعليه‌السلام .

ثانيا : إنّ عبدة الأصنام استندوا إلى هذا الاستدلال الواهي ـ وهو اتباع الآباء ـ فلم يقبله إبراهيم منهم أبدا ، كما يقول القرآن الكريم في سورة الأنبياء ـ ٥٣ ، ٥٤ :( قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) .

ثالثا : إنّ هذه الآية نوع من التطييب لخاطر الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمين الأوائل ليعلموا أنّ مثل هذه المخالفات والتوسّلات بالمعاذير والحجج الواهية كانت موجودة دائما ، فلا ينبغي أن يضعفوا أو ييأسوا.

تقول الآية الأولى :( وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ) (١) ، ولما كان كثير من عبدة الأصنام يعبدون الله أيضا ، فقد استثناه إبراهيم مباشرة فقال :( إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ) .

إنّهعليه‌السلام يذكر في هذه العبارة الوجيزة دليلا على انحصار العبوديّة بالله تعالى ، لأنّ المعبود هو الخالق والمدبر ، وكان الجميع مقتنعين بأنّ الخالق هو الله سبحانه ، وكذلك أشارعليه‌السلام في هذه العبارة إلى مسألة هداية الله التكوينيّة والتشريعيّة التي يوجبها قانون اللطف(٢) .

وقد ورد هذا المعنى في سورة الشعراء ، الآيات ٧٧ ـ ٨٢ أيضا.

ولم يكن إبراهيمعليه‌السلام من أنصار أصل التوحيد ، ومحاربة كل اشكال الشرك طوال حياته وحسب ، بل إنّه بذل قصارى جهده من أجل إبقاء كلمة التوحيد في هذا العالم إلى الأبد ، كما تبيّن ذلك الآية التالية إذ تقول :( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي

__________________

(١) «براء» مصدر ، وهي تعني التبرؤ ، ولها في مثل هذه الموارد معنى الوصف بشكل مؤكد والمبالغة ، كـ (زيد عدل) ولما كانت مصدرا فقد تساوى فيها المفرد والجمع ، والمذكر والمؤنث.

(٢) طبقا لهذا التفسير ، فإن الاستثناء في جملة «إلا الذي فطرني» متصل ، لأن كثيرا من عبدة الأوثان لم يكونوا منكرين لله ، بل كانوا يشركون معه غيره ، إلا أنه احتمل أيضا أن يكون الاستثناء منقطعا ، و (إلا) بمعنى (لكن) لأن التعبير بـ (ما تعبدون) يشير إلى الأصنام ، فإن هذا التعبير غير متعارف في شأن الله تعالى. (تأمل).

٣٨

عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) (١) .

والطريف أنّ كل الأديان التي تتحدّث عن التوحيد اليوم تستلهم دعوتها وأفكارها من تعليمات إبراهيمعليه‌السلام التوحيديّة ، وأنّ ثلاثة من أنبياء الله العظام ـ وهم موسىعليه‌السلام وعيسىعليه‌السلام ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ من ذرّيته ، وهذا دليل على صدق تنبؤ القرآن في هذا الباب.

صحيح أنّ أنبياء آخرين قبل إبراهيمعليه‌السلام ـ كنوحعليه‌السلام ـ قد حاربوا الشرك والوثنيّة ، ودعوا البشر إلى التوحيد ، إلّا أنّ الذي منح هذه الكلمة الاستقرار والثبات ، ورفع رايتها في كلّ مكان ، كان إبراهيمعليه‌السلام محطّم الأصنام. فهوعليه‌السلام لم يسع لاستمرار خطّ التوحيد في زمانه وحسب ، بل إنّه طلب استمرار هذا الأمر من الله سبحانه في أدعيته إذ قال :( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ ) (٢) .

ثمّة تفسير آخر ، وهو : إنّ الضمير في (جعل) يعود إلى الله سبحانه ، فيكون معنى الجملة : إنّ الله سبحانه قد جعل كلمة التوحيد في أسرة إبراهيم.

غير أنّ رجوع الضمير إلى إبراهيمعليه‌السلام ـ وهو التّفسير الأوّل يبدو أنسب ، لأنّ الجمل السابقة تتحدّث عن إبراهيم ، ومن المناسب أن يكون هذا الجزء من جملة أعمال إبراهيم ، خاصّة وأنّه قد أكّد على هذا المعنى في آيات عديدة من القرآن الكريم ، وإنّ إبراهيم كان مصرّا على أن يبقى بنوه وعقبه على دين الله ، كما نقرأ في الآيتين (١٣١) ، (١٣٢) من سورة البقرة :( إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ* وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) .

والتصوّر بأنّ (جعل) يعني الخلق ، وأنّه مختصّ بالله سبحانه ، تصوّر خاطئ ، لأنّ (الجعل) يطلق على أعمال البشر وغيرهم أيضا ، وفي القرآن نماذج كثيرة

__________________

(١) «العقب» في الأصل بمعنى كعب القدم ، إلّا أن هذه الجملة استعملت فيما بعد في الأولاد وأولاد الأولاد بصورة واسعة.

(٢) إبراهيم ، الآية ٣٥.

٣٩

لذلك ، فمثلا عبّر القرآن عن إلقاء يوسف في البئر من قبل إخوته ، بالجعل :( فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ ) (١)

اتّضح ممّا قلناه أنّ ضمير المفعول في (جعلها) يعود إلى كلمة التوحيد وشهادة (لا إله إلّا الله) ويستفاد هذا من جملة :( إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ) التي تخبر عن مساعي إبراهيم من أجل استمرار خط التوحيد في الأجيال القادمة.

وورد في روايات عديدة من طرق أهل البيتعليهم‌السلام اعتبار مرجع الضمير إلى مسألة الإمامة ، وضمير الفاعل يرجع إلى الله طبعا ، أي إنّ الله سبحانه قد جعل مسألة الإمامة مستمرّة في ذريّة إبراهيمعليه‌السلام ، كما يستفاد من الآية (١٢٤) من سورة البقرة ، إذ لما قال الله سبحانه لإبراهيم :( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) طلب إبراهيمعليه‌السلام أن يكون أبناؤه أئمّة أيضا ، فاستجاب الله دعاءه ، إلّا في الذين ظلموا وتلوّثوا بالمعصية والجور :( قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) .

إلّا أنّ الإشكال الذي يتبادر لأوّل وهلة هو أنّه لا كلام عن الإمامة في الآية مورد البحث ، اللهمّ إلّا أن تكون جملة (سيهدين) إشارة إلى هذا المعنى ، لأنّ هداية النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والأئمّةعليهم‌السلام شعاع من هداية الله المطلقة ، وحقيقة الهداية والإمامة واحدة.

والأفضل من ذلك أن يقال : إنّ مسألة الإمامة مندرجة في كلمة التوحيد ، لأنّ للتوحيد فروعا أحدها التوحيد في الحاكميّة والولاية والقيادة ، ونحن نعلم أنّ الأئمّة يأخذون ولايتهم وزعامتهم من الله سبحانه ، لا أنّهم مستقلّون بأنفسهم ، وبهذا فإنّ هذه الرّوايات تعتبر من قبيل بيان مصداق وفرع من المعنى العام لـ( جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً ) ولهذا فإنّه لا منافاة مع التّفسير الذي ذكرناه في البداية.

__________________

(١) يوسف ، الآية ١٥.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

اتضح ، واستبان الشيء وتبين : ظهر ، والبيان : ما يبين به الشيء.

كاشف الضرّ :

معناه : المفرّج( يجيب المضطرَّ إذا دعاهُ ويكشفُ السوء ) (222) .

والضرّ بفتح الضاد : خلاف النفع ، وبالضم : الهزال وسوء الحال ، وضرّه وضارّه بمعنى ، والاسم الضرر.

خير الناصرين :

معناه : كثرة تكرار النصر منه ، كما قيل : خير الراحمين لكثرة رحمته.

الوفيّ :

معناه : أنّه يفي بعهده ويوفي بوعده ، والوفاء ضد الغدر ، ووفى الشيء : تم وكثر ، ووفّاه حقه وأوفاه : أعطاه وافياً ، أي : تامّاً ، وتوفّيت حقّي من فلان واستوفيته بمعنى واحد ، أي : أخذته تاماً ، ومنه :( الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ) (223) ودرهم واف وكيل واف ، أي : تام ، ومنه :( وأوفوا الكيل ) (224) وقوله :( وإبراهيم الذي وفّى ) (225) أي : وفي سهام الإسلام ، وامتحن بذبح ابنه فصبر ، وصبر على عذاب قومه ، وعلى مضض ختانه ، فقد وفى عدد ما اُمر به. وقيل : وفّى بمعنى وفى ولكنه أوكد.

الديّان :

الذي يجزي العباد بأعمالهم ، والدين : الجزاء ، ومنه : كما تدين تدان ،

__________________

(222) النمل 27 : 62.

(223) المطففين 83 : 2.

(224) الأنعام 6 : 152 ، الاسراء 17 : 35.

(225) النجم 53 : 37.

٨١

أي : كما تجازي تجازى.

قال :

كما يدين الفتى يوماً يدان به

من يزرع الثوم لا يقلعه ريحاناً

الشافي :

هو رزاق العافية والشفاء ، ومنه :( وإذا مرضت فهو يشفين ) (226) .

* * *

__________________

(226) الشعراء 26 : 80.

٨٢

خاتمة فيها أبحاث

أ : هنا سؤال ، تقديره : قد ثبت أن الله تعالى واحديّ الذات لا مجال للتعدد فيه ، فليس بمتكثر بحسب الوجود الخارجي لا فرضاً ولا اعتباراً ولا بشيء من الوجوه الموجبة للتكثر ، ولا شكّ أن هذه الصفات التي ذكرناها في الواجب تعالى متعددة ، فإما أن تكون معانيها ثابتة للواجب تعالى ، فيلزم التكثر في ذاته وهو محال ، أو ليست ثابتة ، فلم يجز صدقها عليه ، لكنها صادقة عليه تعالى ، فتكون معانيها ثابتة له ، فيلزم التكثر في ذاته ؟

والجواب : أنّ الاسم الذي يطلق عليه تعالى من غير اعتبار غيره ليس إلاّ لفظة ( الله ) تعالى ، ومعناها ثابت للواجب تعالى بالنظر إلى ذاته لا باعتبار أمر خارج ، وما عداه من الصفات إنما يطلق عليه باعتبار إضافته إلى الغير ، كالخالق فإنه يسمّى خالقاً باعتبار الخلق وهو أمر خارج عنه ، أو باعتبار سلب الغير عنه ، كالواحد فان معناه سلب الشريك ، أو باعتبار الإضافة والسلب عنه معاً ، كالحيّ فان معناه في حق الواجب تعالى كونه لا يستحيل أن يقدر ويعلم ويلزم صحة القدرة والعلم ، فهي سلبية باعتبار معناها وإضافية باعتبار لازمها ، فهذه التكثرات التي ذكرناها ليست حاصلة في ذات الواجب تعالى ، بل في اُمور خارجة عنه.

فالحاصل : أن الصفات المذكورة المتعددة ثابتة للواجب تعالى باعتبار تكثرات خارجة عنه ، فليس في الذات تكثر ، لا باعتبارها ولا باعتبار الصفات ، بل هي واحدة من جميع الجهات والاعتبارات ، قاله صاحب كتاب منتهى السّؤول فيه.

ب : قال الشهيد في قواعده : مرجع هذه الأسماء والصفات عندنا وعند المعتزلة إلى الذات ( وذلك لأنّ مرجع هذه إلى الذات )(227) والحياة والقدرة

__________________

(227) ما بين القوسين لم يرد في (ر) وأثبتناه من (ب) والمصدر.

٨٣

والعلم والإرادة والسمع والبصر والكلام ، والأربعة الأخيرة ترجع إلى العلم والقدرة ، والعلم والقدرة كافيان في الحياة ، والعلم والقدرة نفس الذات ، فرجعت جميعها إلى الذات ، إما مستقلة ، أو إليها مع السلب ، أو الإضافة ، أو هما ، أو إليها مع واحدة من الصفات الاعتبارية المذكورة ، أو إلى صفة مع إضافة ، أو إلى صفة مع زيادة إضافة ، أو إلى صفة مع فعل وإضافة ، أو إلى صفة فعل ، أو إلى صفة فعل مع إضافة زائدة :

فالأول : الله ، ويقرب منه الحقّ.

والثاني(228) : مثل القدوس والسلام والغني والأحد.

والثالث : كالعليّ والعظيم والأول والآخر.

والرابع : كالملك والعزيز.

والخامس : كالعليم والقدير.

والسادس : كالحكيم والخبير والشهيد والمحصي.

والسابع : كالقوي والمتين.

والثامن : كالرحمن والرحيم والرؤوف والودود.

والتاسع : كالخالق والباري والمصوّر.

والعاشر : كالمجيد والكريم واللطيف(229) .

ج : روي عن الصادقعليه‌السلام : أنه من عبدالله بالوهم فقد كفر ، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك ، ومن عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه ـ بصفاته التي وصف بها نفسه وعقد عليه قلبه ونطق به لسانه في سريرته وعلانيته ـ فاُولئك هم المؤمنون حقاً(230) .

__________________

(228) في (ر) و (ب) ورد الترتيب من هنا على الحروف الأبجدية ، والمثبت من المصدر وهو الأنسب.

(229) القواعد والفوائد 2 : 175.

(230) التوحيد : 220 حديث 12 ، وفيه : « من عبدالله بالتوهّم فقد كفر ، ومن عبد الاسم ولم يعبد المعنى فقد كفر ، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك ».

٨٤

وقالعليه‌السلام لهشام بن الحكم(231) في حديث. لله تسعة وتسعون اسماً ، فلو كان الاسم هو المعنى لكانّ كلّ إسم منها إلهاً ، ولكن الله تعالى معنى واحد تدلّ عليه هذه الأسماء(232) .

و اعلم : أنّ تخصيص هذه الاسماء بالذكر لا يدلّ على نفي ما عداها ، لأنّ في أدعيتهمعليهم‌السلام أسماء كثيرة لم تذكر في هذه الأسماء ، حتى أنّه ذكر أن لله تعالى ألفاً واسماً من الأسماء المقدّسة المطهّرة ، وروي : أربعة الآف(233) . ولعلّ تخصيص هذه الأسماء بالذكر لاختصاصها بمزية الشرف على باقي الأسماء ، أو لأنّها أشهر الأسماء وأبينها معاني وأظهرها.

وحيث فرغنا من هذه العبارة الرابعة ، التي هي لأسماء العبارات الاُول جامعة ، فلنشرع في عبارة خامسة من غير ذكر المعنى ، تحتوي على كثير من الأسماء الحسنى ، ووضعتها على نسق الحروف المعجمة ، فصارت كالبرود المعلمة ، لا يضلّ سالكها ولا تجهل مسالكها ، وجعلت في غرّة كلّ اسم منها حروف النداء ، لتكون

__________________

(231) أبو محمد هشام بن الحكم الكندي ، مولاهم بغدادي ، عين الطائفة ووجهها ومتكلّمها وناصرها ، أجمع الأصحاب على وثاقته وسموّ قدره ، فتق الكلام في الإمامة وهذّب المذهب بالنظر ، كان حاذقاً بصناعة الكلام حاضر الجواب عظيم الشان رفيع المنزلة من أرباب الاُصول ، له نوادر وحكايات ولطائف ومناظرات ، روي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في حقّه : هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده ، وعن أبي جعفرعليه‌السلام حين سئل عنهرحمه‌الله : ما كان أذبّه عن هذه الناحية ، وكانرحمه‌الله كسابقه من العظماء لم يسلم من الأكاذيب والأباطيل والافتراءات عليه ، حتى نسب إليه الشهرستاني في الملل والنحل 1 : 164 الفرقة الهشامية ، ونسب إليه القول بالتشبيه ، ولكنّه كان عبداً صالحاً ناصحاً اُوذي من قبل أصحابه حسداً منهم له كما روي عن الرضاعليه‌السلام ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن موسىعليهما‌السلام ، توفي سنة 179 بالكوفة في أيام الرشيد على قول الكشّي ، وسنة 199 ببغداد على قول النجاشي ، وبعد نكبة البرامكة بمدة يسيرة مستتراً على قول الشيخ.

رجال النجاشي : 432 ، رجال الكشّي 2 : 526 ، رجال الشيخ : 329 ، الفهرست : 174 ، رجال العلاّمة : 178 ، سفينة البحار 2 : 719.

(232) التوحيد : 220 حديث 13 ، وفيه « لله ـ عزّوجلّ ـ تسعة وتسعون اسماً فلو كان الاسم هو المسمّى لكان كل اسم منها هو إلهاً ، ولكن الله ـ عزّوجلّ ـ معنى يدلّ عليه بهذه الأسماء وكلّها غيره ».

(233) عوالي اللآلي 4 : 106 حديث 157.

٨٥

مشتملة بربطة الدعاء وملاءة الثناء.

فادعوه بها ، والظوا على لزوم المثابرة على أسمائها ، وطيبّوا أدواءكم بمعجون نجاحها وأيارج لوغاذيائها(234) ، واكشفوا لأواءكم بنفحةٍ من نفحات نور خمائل آلائها ، ولمحة من لمحات نور مخائل لألائها.

الألف :

اللهّم إنّي أسألك باسمك : يا الله ، يا إلهُ ، يا أحدُ ، يا أبدُ ، يا أيد ، يا أبديُّ ، يا أزليُّ ، يا أوّابُ ، يا أمينُ ، يا أمنَ من لا أمنَ لهُ ، يا أمانَ الخائفينَ ، يا أشفعَ الشافعينَ ، يا أسرعَ الحاسبينَ ، يا أحسن الخالقينَ ، يا أسبغَ المنعمينَ ، يا أسفعَ السّافعينَ ، يا أكرمَ الأكرمينَ ، يا أعدلَ العادلينَ ، يا أحكمَ الحاكمينَ ، يا أصدقَ الصادقينَ ، يا أطهرَ الطاهرينَ ، يا أسمعَ السّامعينَ ، يا أبصرَ النّاظرينَ ، يا أجودَ الأجودينَ ، يا أرحمَ الرّاحمينَ ، يا أنيسَ الذّاكرينً ، يا أقدرَ القادرينَ ، يا أعلمّ العالمينَ ، يا إلهَ الخلقِ أجمعينَ ، يا أملَ الآملينَ ، يا اُنسَ المستوحشينَ ، يا آمراً بالطاعةِ ، يا أليمَ الأخذِ ، يا أهلَ التقوى ، يا أهلَ المغفرة ، يا أقدرَ من كلِّ قديرٍ ، يا أعظمَ من كلِّ عظيم ، يا أجلَّ من كلِّ جليلٍ ، يا أمجدَ من كلِّ ماجدٍ ، يا أرأفَ من كلِّ رؤوفٍ ، يا أعزَّ من كلِّ عزيزٍ ، يا أكبرَ من كلِّ كبيرٍ ، يا أقدمَ من كلِّ قديمٍ يا أعلى من كلِّ عليٍّ ، يا أسنى من كلِّ سنيٍّ ، يا أبهى من كلِّ بهيٍّ ، يا أنورَ من كلِّ منيرٍ ، يا أظهرَ من كلِّ ظاهرٍ ، يا أخفى من كلِّ خفيٍّ ، يا أعلم من كلِّ عليمٍ ، يا أخبرَ مِن كلِّ خبيرٍ ، يا أكرمَ من كلِّ كريم ، يا ألطف من كل لطيف ، يا أبصر من كل بصير يا أسمع من كل سميع يا أحفظ من كل حفيظ ، يا أملى من كل مليّ ، يا أوفى من كلِّ وفيٍّ ، يا أغنَى من كلِّ غنيٍّ ، يا أعطَى من كلِّ معطٍ ، يا أوسعَ من كلِّ واسعٍ ، يا أجودَ من كلّ جوادٍ ، يا أفضلَ من كلِّ مفضلٍ ،

__________________

(234) كذا في (ر) وفي (ب) : « لوغازيائها » وفي (م) : « لوغاذياتها » ولم أهتد إلى معنى لها يناسب المقام.

٨٦

يا أنعمَ من كلّ منعمٍ ، يا أسيدَ من كلّ سيدٍ ، يا أرحمَ من كلّ رحيم ، يا أشدَّ من كلّ شديدٍ ، يا أقوى من كلِّ قويٍّ ، يا أحمدَ من كلِّ حميدٍ ، يا أحكم مِن كلِّ حكيمِ ، يا أبطشَ من كلِّ باطشٍ ، يا أقومَ من كل قيّومٍ ، يا أدومَ من كلِّ دائمٍ ، يا أبقَى من كلِّ باقٍ ، يا أفردَ من فردٍ ، يا أوحدّ من كلِّ واحدٍ ، يا أحمد من كلِّ حمدٍ ، يا أكمل من كلِّ كاملٍ ، يا أتمَّ من كلِّ تامٍّ ، يا أعجب من كلِّ عجيبٍ ، يا أفخرَ من كلِّ فاخرٍ ، يا أبعدَ من كلِّ بعيدٍ ، يا أقربَ من كلّ قريب ، يا أمنع من كلِّ مانعٍ ، يا أغلبَ من كلِّ غالبٍ ، يا أعفى من كلِّ عفوٍّ ، يا أحسنَ من كلِّ محسنٍ ، يا أجملَ من كلَّ مجملٍ ، يا أقبلَ من كلّ قابلٍِ، يا أشكرَ من كلِّ شاكرٍ ، يا أغفَر من كلِّ غفورٍ ، يا أصبرَ من كلِّ صبور ، يا أجبرَ من كلِّ جبّارٍ ، يا أدينَ من كلِّ ديّان ، يا أقضى من كلِّ قاض ، يا أمضى من كلِّ ماضٍ ، يا أنفذَ من كلِّ نافذٍ ، يأ أحلمَ من كلِّ حليمٍ ، يا أخلقَ من كل خالقٍ ، يا أرزقَ من كلِّ رازقٍ ، يا أقهرَ من كلِّ قاهر ، يا أنشى من كلِّ منشٍ ، يا أملك من كلِّ مالكٍ ، يا أولى من كلِّ وليّ ، يا أرفعَ من كلِّ رفيعٍ ، يا أشرفَ من كلِّ شريفٍ ، يا أبسطَ من كلِّ باسطٍ ، يا أقبضَ من كلِّ قابضٍ ، يا أبدَى من كلِّ بادٍ ، يا أقدسَ من كلِّ قدوس ، يا أطهر من كلِّ طاهر ، يا أزكى من كلِّ زكيّ ، يا أهدى من كلِّ هادٍ ، يا أصدق من كلَّ صادقٍ ، يا أعود من كلّ عوّادٍ ، يا أفطر من كلِّ فاطرٍ ، يا أرعى من كلِّ راعٍ ، يا أعونَ من كلِّ معينٍ ، يا أوهبَ من كلِّ وهّاب ، يا أتوب من كلِّ توّاب ، يا أسخى من كلِّ سخيّ ، يا أنصرَ من كلِّ نصيرٍ ، يا أسلم من كلِّ سلامٍ ، يا أشفَى من كلِّ شافٍ ، يا أنجَى من كلِّ منجٍ ، يا أبرَّ من كلَِّ بارٍّ ، يا أطلبَ من كلِّ طالبٍ ، يا أدركَ من كلِّ مدركٍ ، يا أرشدَ من كلِّ رشيد ، يا أعطفَ من كلِّ معطفٍ ، يا أعدلَ من كلِّ عدل ، يا أتقنَ من كلِّ متقنٍ ، يا أكفلَ من كلِّ كفيلٍ ، يا أشهدَ من كلِّ شهيد(235) . أن تصليَ على محمّدٍ وآلهِ ، وافعل بي وبجميعِ

__________________

(235) في هامش (ر) : « هذه الأسماء المبنية على أفعل التفضيل كثيرة جداً ، اقتصرنا منها على الأسماء المذكورة في الدعاء المسمّى بدعاء الصحيفة ، وقد مرّ بعد دعاء المجير ، أوله : سبحان الله العظيم وبحمده

٨٧

المؤمنينَ ما أنتَ أهلهُ ، يا أرحم الرّاحمينَ.

الباء :

اللّهمَّ إنّي أسالكَ باسمكَ : يا بديعُ ، يا بديُّ ، يا بادي ، يا برُّ ، يا بارُّ ، يا برهانُ ، يا بصيرُ ، يا باطنُ ، يا بائنُ ، يا بارئ ، يا باسطُ ، يا باطشُ ، يا باقِي ، يا باعثُ ، يا باذخُ ، يا بهيُّ ، يا برِياً من كلِّ عيبٍ ، يا بالغَ الحجّةِ ، يا بانيَ السماءِ بقوّتِه ، يا باسَّ الجبالِ بقدرته ، يا باثَّ الأقواتِ بعلمهِ ، يا بلاغّ العاجزينً ، يا بُشرَى المؤمنينَ ، يا باترَ عمرِ الباغينَ ، يا بعَدَ البعدِ ، يا بعيداً في قربه. أن تصلّيَ على محمّدٍ وآله ، وافعل بي وبجميع المؤمنينَ ما أنت أهلُهُ ، يا أرحمَ الراحمينَ.

التاء :

اللّهمّ إنّي أسالكَ باسمكَ : يا تامُّ ، يا توابُ ، يا تاليَ الأنباءِ على رسولهِ. أن تصليَ على محمّدٍ وآلهِ ، وافعل بي وبجميع المؤمنين ما أنتَ اهلهُ ، يا أرحم الراحمينَ.

الثاء :

اللّهمّ إني أسالك باسمِكَ : يا ثقَة المتوكلينَ ، يا ثابتَ الربوبيةِ ، يا ثاني كلِّ وحيدٍ ، يا ثاجَّ المعصراتِ بقدرتِهِ ، يا ثالجَ قلوب المؤمنينَ بذكره. أن تصليَ على محمّدٍ وآله ، وافعل بي وبجميع المؤمنين ما أنتَ أهلهُ ، يا أرحم الراحمينَ.

الجيم :

اللّهم إني أسألكَ باسمكَ : يا جبّارُ ، يا جوادُ ، يا جامعُ ، يا جابرُ ، يا جليلُ ، يا جلالَ السماوات والأرضِ ، يا جمالَ السماواتِ والأرضِ ، يا جاعلَ الليلِ

__________________

من إلهٍ ما أقدره ، إلى آخر الدعاء ، منهرحمه‌الله ».

٨٨

سكناً ، يا جميلَ الصنعِ ، يا جاليَ الهمومِ ، يا جسيمَ النّعمِ ، يا جاريَ القدر ، يا جديداً لا يبلّى ، يا جاذَّ اُصول الضالمينَ ، يا جليَّ البراهينَ ، يا جارَ المستجيرينَ ، يا جليسَ الذّاكرينَ ، يا جُنّةً العائذينَ ، أنّ تصلّيَ علَى محمّدٍ وآله ، وافعل بِي وبجميعِ المؤمنينَ ما أنتَ أهلهُ ، يا أرحمَ الراحمينَ.

الحاء :

اللّهمَّ إني أسألكَ باسمكَ : يا حيُّ ، يا حامدُ ، يا حميدُ ، يا حافظُ ، يا حفيظُ ، يا حفيُّ ، يا حسيبُ ، يا حنّانُ ، يا حليمُ ، يا حكم ، يا حكيمُ ، يا حاكمُ ، يا حقُّ ، يا حامل العرشِ ، يا حلوَ الذّكرِ ، يا حسنَ التجاوزِ ، يا حاضرَ كلِّ ملأٍ ، يا حبيبَ من لا حبيبَ لهُ ، يا حرزَ من لا حرزَ لهُ ، يا حصنَ كلِّ هارب ، يا حياةَ كلِّ شيءٍ ، يا حافَّ العرشِ بملائكتهِ ، يا حارسَ السماءِ بالشّهبِ ، يا حابسَ السماواتِ والأرضِ أن تزولا ، يا حاشرَ الخلائقِ في اليوم الموعودِ ، يا حاثَّ عبادِهِ على شكرهِ ، يا حاشيَ العزِّ قلوبَ المتقينَ ، يا حاطَّ أوزارِ التائبينَ. أن تصلّيَ على محمّدٍ وآله ، وافعل بِي وبجميع المؤمنينَ ما أنت اهلُهُ ، يا أرحم الراحمينَ.

الخاء :

اللّهمَّ إنّي أسألكَ باسمك : يا خافضُ ، يا خالقُ ، يا خلاّقُ ، يا خفيرُ ، يا خبيرُ ، يا خالد الملكِ ، يا خفيَّ الألطافِ ، يا خازنَ النّورِ في السماء ، يا خاصَّ موسى بكلامهِ ، يا خليفةَ النّبيّنّ ، يا خاذلَ الظالمينَ ، يا خادعَ الكافرينَ ، يا خيرَ الناصرينَ ، يا خيرَ الفاتحينَ ، يا خيرَ الوارثينَ ، يا خيرَ المنزلينَ ، يا خيرَ المحسنينَ ، يا خيرَ الرّازقينَ ، يا خيرَ الفاصلينَ ، يا خيرَ الغافرينَ ، يا خيرَ السّاترينَ ، يا خيرَ الحاكمينَ ، يا خير الحامدينً ، يا خيرَ الذّاكرين ، يا خير الشّاكرينَ ، يا خاتماً بالخيرِ لأوليائه(236) . أن تصليّ على محمّدٍ وآله ، وافعل بِي وبجميعِ المؤمنين ما

__________________

(236) في هامش (ر) : « الأسماء المضافة إلى خير كثيرة ، اقتصرنا منها على هذا القدر. منهرحمه‌الله ».

٨٩

أنتَ أهلهُ ، يا أرحمَ الراحمينَ.

الدال :

اللّهمَّ إني أسألكَ باسمكَ : يا داعِي ، يا دائبُ ، يا دائمُ ، يا ديمومُ ، يا ديَومُ ، يا دالُّ ، يا دليلُ ، يا دانٍ في علوّهِ ، يا ديانَ العبادِ ، يا دافعَ الهمومِ يا دامغَ الباغينَ ، يا داحَي المدحواتِ. أن تصلّيَ على محمّدٍ وآلهِ ، وافعل بِي وبجميعِ المؤمنينَ ما أنتَ أهلهُ ، يا أرحمَ الرّاحمينَ.

الذال :

اللّهمَّ إنّي أسألك باسمكَ : يا ذاكرُ ، يا ذكورُ ، يا ذائدُ ، يا ذاريَ ما في الأرضِ ، يا ذخرَ من لا ذخرَ لهُ ، يا ذا الطّولِ ، يا ذا المعارج ، يا ذا القوةِ المتين ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ(237) . أن تصليَ على محمّدٍ وآله ، وافعل بي وبجميعِ المؤمنينَ ما أنت اهلهُ ، يا أرحم الراحمينَ.

الراء :

اللّهمَّ إني أسألكَ باسمكَ : يا ربُّ ، يا رقيبُ ، يا رشيدُ ، يا راشدُ ، يا رفيعُ ، يا رافعُ ، يا رحمنُ ، يا رحيمُ ، يا راحمُ ، يا رؤوفُ ، يا رازقُ ، يا رزّاقُ ، يا رائي ، يا رضوانُ ، يا راصدُ ، يا رصدَ المرتصدِ ، يا رضيَّ القولِ ، يا راضٍ على أوليائه ، يا رافِدَ من استرفدهُ ، يا راعيَ من استراعاهُ ، يا ركنَ من لا ركنَ لهُ ، يا رايشَ كلِّ قانعٍ ، يا رادَّ ما فاتَ ، يا راميَ أصحابِ الفيلِ بالسّجيلِ ، يا رابطَ على قلوبِ أهلِ الكهفِ بقدرتهِ ، يا راجَّ الأرضِ بعظمتهِ ، يا رغبةَ العابدينَ ، يا رجاءَ المتوكلينَ. أن تصلّيَ

__________________

(237) في هامش (ر) : « النعوث والصفات المضافة إلى ذي كثيرة جداً ، مثل : ذو العزّة ذو القدرة ، وإنمّا تركنا ذكرها هنا لكونها من قبيل النعوت والصفات ، والمراد هنا ذكر ما يتيسّر من الأسماء ، وإنّما ذكرنا ذا الجلالِِ والإكرام فقط تبرّكاً به وتيمّناً ، ولوروده في القرآن ، وكذا ذو الطول ، ذو المعارج ، ذو القوة المتين ، منهرحمه‌الله ».

٩٠

علّى محمّدٍ وآله ، وافعل بي وبجميعِ المؤمنينَ ما أنتَ أهلهُ ، يا أرحمُ الرّاحمينَ.

الزاء :

اللّهمَّ إني أسألكَ باسمكَ : يا زكيُّ ، يا زاكي ، يا زارعَ النباتِ ، يا زينَ السماوات والأرضِ ، يا زاجرَ الظَّلومِ ، يا زائدَ الخضرِ في علمهِ ، أن تصلّيَ علّى محمّدٍ وآلهِ ، وافعل بي وبجميع المؤمنينَ ما أنتَ أهلُه ، يا أرحم الرّاحمينَ.

السين :

الل ّهمّ إني أسألك باسمكَ : يا سمحُ ، يا سموحُ ، يا سلامُ ، يا سالمُ ، يا ساترُ ، يا ستّارُ ، يا سبحانُ ، يا سلطانُ ، يا سامقُ ، يا سبّوحُ ، يا سرمديُّ ، يا سخيُّ ، يا سنيُّ ، يا سابغَ النّعمِ ، يا ساميَ القدرِ ، يا سابقَ الفوتِ ، يا ساجَر البحرِ ، يا سالخَ النّهارِ من الليلِِ ، يا سادَّ الهواءِ بالسماءِ ، يا سيّدَ الساداتِ ، يا سببَ من لا سببَ لهُ ، يا سندَ من لا سندَ لهُ ، يا سريعَ الحسابِ ، يا سميعَ الدعاءِ ، يا سامعَ الأصواتِ ، يا سارَّ أوليائه ، يا سرورَ العارفينَ ، يا ساقيَ الظمآنينَ ، يا سبيلَ حاجةِ الطالبينَ ، يا سامكَ السماءِ ، يا ساطحَ الأرضينَ ، يا سالبَ نعمِ الجاحدينَ ، يا سافعاً بنواصي الخلقِ أجمعينَ ، أن تصلّيَ عَلى محمّدٍ وآلهِ ، وافعل بي وبجميعِ المؤمنينَ ما أنتَ أهلهُ ، يا أرحمَ الراحمينَ.

الشين :

اللّهمّ إني أسالكَ باسمكَ : يا شاهدُ ، يا شهيدُ ، يا شاكرُ ، يا شكورُ ، يا شافعُ ، يا شفيعُ ، يا شاءٍ لا بهمّةٍ ، يا شاقَّ السماء بالغمامِ ، يا شفيقَ من لا شفيقَ لهُ ، يا شرفَ من لا شرفَ لهُ ، يا شديدَ البطشِ ، يا شريف الجزاءِ ، يا شارعً الأحكام ، يا شاملَ اللطفِ ، يا شاغبَ صدعِ المكسورين ، يا شادَّ أزرِ النّبيينَ ، يا شافيَ مرضَى المؤمنينَ. أن تصلّيَ على محمّدٍ وآلهِ ، وافعل بِي وبجميعِ المؤمنينَ ما أنتَ

٩١

أهلهُ ، يا أرحمَ الرّاحمينَ.

الصاد :

اللّهمَّ إنّي أسألكَ باسمكَ : يا صبّارُ ، يا صابر ، يا صبورُ ، يا صادقُ ، يا صدوقُ ، يا صافحُ ، يا صفوحُ ، يا صمدَ المؤمنينَ ، يا صانعَ كلِّ مصنوعٍ ، يا صالحَ خلقِه ، يا صارفَ اللزبةِ ، يا صابَّ ماءِ المطر بقدرتهِ ، يا صافَّ الملائكةِ بعظمتهِ ، يا صافيَ الملكِ ، يا صاحبَ كلِّ وحيدٍ ، يا صَغارَ المعتدينَ ، يا صريخَ المستصرخينَ. أن تصلّيَ علَى محمّدٍ وآلهِ ، وافعل بي وبجميعِ المؤمنينَ ما أنتَ أهلهُ ، يا أرحم الراحمينَ.

الضاد :

اللّهمَّ إني أسألكَ باسمكَ : يا ضارَّ المعتدينَ ، يا ضامنَ الأرزاقِ ، يا ضاربَ الأمثالِ ، يا ضافيَ الفجرِ والجمالِ. أن تصلّيَ علَى محمّدٍ وآلهِ ، وافعل بي وبجميعِ المؤمنينَ ما أنتَ أهلهُ ، يا أرحم الرّاحمينَ.

الطاء :

اللّهمَّ إنّي أسألُكَ باسمِك : يا طُهرُ ، يا طاهرُ ، يا طهورُ ، يا طبيبَ الأولياءِ ، يا طامسَ عيونِ الأعداء ، يا طالباً لا يَعجزُ ، يا طاحي الأرضِ ، يا طاويَ السماءِ ، يا طلبَ الغادرينَ ، يا طاردَ العسر عن اليسر ، أن تصلّيَ على محمّدٍ وآلهِ ، وافعل بي وبجميع المؤمنين ما أنت أهلُهُ ، يا أرحَمَ الراحمينَ.

الظاء :

اللّهمَّ إني أسألكَ باسمكَ : يا ظاهرُ ، يا ظهيرُ ، يا ظليلَ الظلِّ ، يا ظهر

٩٢

اللاجئينَ. أن تصلّيَ عَلى محمّدٍ وآلهِ ، وافعل بي وبجميعِ المؤمنينَ ما أنتَ أهلهُ ، يا أرحمّ الراحمينَ.

العين :

اللّهمَّ إني أسألك باسمكَ : يا عدلُ ، يا عادلُ ، يا عليُّ ، يا عالِي ، يا عليمُ ، يا علاّمُ ، يا عالمُ ، يا عزُّ ، يا عزيزُ ، يا عظيمُ ، يا عاضدُ ، يا عاطفُ ، يا عطوفُ ، يا عافِي ، يا عفوُّ ، يا عتيد الإمكانِ ، يا عجيبَ القدرةِ ، يا عريضَ الكبرياءِ ، يا عائداً بالجودِ ، يا عوّاداً بالفضلِ ، يا عاجل النّفعِ ، يا عامَّ المعروف ، يا عاملاً بإرادتهِ ، يا عامرَ السمواتِ بملائكتهِ ، يا عاصمَ المستعصمينَ ، يا عينَ المتوكلينَ ، يا عدةَ الواثقينَ ، يا عمادَ المعتمدينَ ، يا عونَ المؤمنينَ ، يا عياذَ العائذينَ. أن تصلّيَ عَلى محمّدٍ وآلهِ ، وافعل بي وبجميع المؤمنينَ ما أنت أهلهُ ، يا أرحمَ الراحمينَ.

الغين :

اللّهمَّ إنّي أسألك باسمكَ : يا غنيُّ ، يا غالبُ ، يا غفورُ ، يا غفّارُ ، يا غافُر ، يا غفرانُ ، يا غامرَ خلقِهُ برحمتهِ ، يا غارسَ أشجار الجنانِ لأوليائهِ ، يا غالقَ أبوابِ النارِ عَلى اعدائهِ ، يا غوثَ كلِّ طريدٍ ، يا غِنى كلِّ فقيرٍ ، يا غايةَ الطالبينَ ، يا غياثَ المستغيثينَ. أن تصلّيَ على محمدٍ وآلهِ ، وافعل بي وبجميع المؤمنينَ ما أنتَ اهلهُ ، يا أرحم الراحمنَ.

الفاء :

اللّهمَّ إنّي أسألكَ باسمكَ : يا فاتحُ ، يا فتّاحُ ، يا فردُ ، يا فاصلُ ، يا فاخرُ ، يا فاطرُ ، يا فائقُ ، يا فاعلَ ما يشاءُ ، يا فعّالاً لما يريدُ ، يا فالقَ الحبِّ والنَوى ، يا فارجَ الهمِّ ، يا فائضَ البرِّ ، يا فاكَّ العتاةِ ، يا فالجَ الحجّةِ ، يا فارضَ

٩٣

الطاعةِ ، يا فرجَ كلِّ حزينٍ ، يا فخرَ الأولياء ، يا فاضَّ رؤوسِ الضلالةِ ، يا فاقةَ كلِّ مفقودٍ ، يا فارقَ كلِّ أمرٍ حكيمٍ ، يا فكاكَ الرَّقابِ منَ النّار ، يا فاديَ إسماعيلَ منَ الذبحِ ، يا فاتقَ السماواتِ والأرضِ بعدَ رتقهما. أن تصلّيَ على محمّدٍ وآله ، وافعل بِي وبجميعِ المؤمنينَ ما أنتَ أهلهُ ، يا أرحمَ الراحمينَ.

القاف :

اللّهمَّ إني أسالكَ باسمكَ : يا قادرُ ، يا قديرُ ، يا قيّومُ ، يا قيّام ، يا قائمُ ، يا قاهرُ ، يا قهّارُ ، يا قديمُ ، يا قويُّ ، يا قريبُ ، يا قبلُ ، يا قدّوسُ ، يا قابضُ ، يا قاصدَ السبيلِ ، يا قاضيَ الحاجاتِ ، يا قاسمَ الأرزاقِ ، يا قاتلَ المردةِ ، يا قاصمَ الظلمةِ ، يا قامعَ الفجرة ، يا قاصفَ الشجرةِ الملعونةِ ، يا قبلَ القبلِ ، يا قابلَ التوب ، يا قائلَ الصّدقِ ، يا قاذفاً بالحقِّ ، يا قوامَ السماواتِ والأرضِ ، يا قوةَّ كلِّ ضعيفٍ ، يا قاصَّ نبأ الماضينَ ، يا قرةَ عينِ العابدينَ ، يا قائد المتوكلينَ. أن تصلّيَ عَلى محمّدٍ وآله ، وافعل بي وبجميعِ المؤمنين ما أنتَ أهلهُ ، يا أرحم الراحمينَ.

الكاف :

اللّهمَّ إني أسألكَ باسمكَ : يا كاملُ ، يا كالئ ، يا كبيرُ ، يا كائنُ ، يا كينونُ ، يا كريمُ ، يا كفيلُ ، يا كهيعص ، يا كافِي ، يا كافَّ الشرورِ ، يا كاسرَ الأحزابِ ، يا كافلَ موسَى ، يا كادرَ النّجومِ ، يا كاشطَ السماءِ ، يا كابتَ الأعداءِ ، يا كانفَ الأولياءِ ، يا كنزّ الفقراءِ ، يا كهفَ الضعفاءِ ، يا كثيرَ الخيرِ ، يا كاتبَ الحسناتِ ، يا كاشفَ الكربِ ، يا كاسيَ الجنوبِ العاريةِ ، يا كابسَ الأرضينَ عَلى الماءِ. أن تصلّيَ عَلى محمّدٍ وآلهِ ، وافعل بي وبجميعِ المؤمنينَ ما أنتَ أهلهُ ، يا أرحمَ الراحمينَ.

٩٤

اللام :

اللّهمَّ إني أسألكَ باسمكَ : يا لطيفُ ، يا لجأ اللاجئينَ ، يا لذيذَ الاسم ، يا ليّناً في تجبرهِ. أن تصلّيَ عَلى محمّدٍ وآله ، وافعل بي وبجميعِ المؤمنينَ ما أنت أهلهُ ، يا أرحم الراحمينَ.

الميم :

اللّهمّ إنّي أسألك باسمكَ : يا مزيلُ ، يا منيلُ ، يا مقيلُ ، يا مديلُ ، يا محيلُ ، يا مفيدُ ، يا مزيدُ ، يا مبيدُ ، يا مريدُ ، يا مجيدُ ، يا ماجدُ ، يا موجدُ ، يا منجدُ ، يا مرفدُ ، يا مرشدُ ، يا مسعدُ ، يا مؤيّدُ ، يا ممهّدُ ، يا مسدّد ، يا متوحّدُ ، يا منفردُ ، يا متفرّدُ ، يا مقصدُ ، يا موحدُ ، يا ممجّدُ ، يا مصّدقُ ، يا مقدسُ ، يا مسبّحُ ، يا مهلّلُ ، يا مكبّرُ ، يا مطهّرُ ، يا موقّرُ ، يا مبجّلُ ، يا مؤمّلُ ، يا منزّهُ ، يا مباركُ ، يا معظّمُ ، يا مكرّمُ ، يا مستغفرُ ، يا مسترزقُ ، يا مستنجدُ ، يا مستعصمُ ، يا مستحفظُ ، يا مُستهدّى ، يا مسترحمُ ، يا مستصرخُ ، يا مستجارُ ، يا مستعادُ ، يا مستعان ، يا مستغاثُ ، يا مُستكفَى ، يا معتمدُ ، يا مجتّدى ، يا مناجَى ، يا منادَى ، يا مخشى ، يا ممنّنُ ، يا منّانُ ، يا معتزُّ ، يا متعزّزُ ، يا متجاوزُ ، يا متقدّسُ ، يا متكبّرُ ، يا متجبّرُ ، يا متطهّرُ ، يا متسلّطُ ، يا متعظّمُ ، يا متكرّمُ ، يا متفضّلُ ، يا متطوّلُ ، يا متجلّلُ ، يا متحيّبُ ، يا مترحّمُ ، يا متحنّنُ ، يا متعطّفُ ، يا مترئّفُ ، يا متشرّفُ ، يا متعالِ ، يا محتجبُ ، يا مبتِلي ، يا مختبرُ ، يا ممتحّنُ ، يا مبينُ ، يا متينُ ، يا معين ، يا مكينُ ، يا ماكنُ ، يا مكوّنُ ، يا مزيّنُ ، يا مهوّنُ ، يا ملقّنُ ، يا مبيّنُ ، يا ممكّنُ ، يا محصّنُ ، يا مؤمنُ ، يا مهيمنُ ، يا متكلّمُ ، يا معلّمُ ، يا مقسّمُ ، يا معظّمُ ، يا مكرّمُ ، يا ملهمُ ، يا مفهّمُ ، يا مبدّلُ ، يا منوّلُ ، يا مذلّلُ ، يا مفضّلُ ، يا مفصّلُ ، يا منزّلُ ، يا معدّلُ ، يا مسهّلُ ، يا محوّل ، يا ممهّلُ ، يا موئلُ ، يا مرسلُ ، يا مجزلُ ، يا مجملُ ، يا محسنُ ، يا مكافي ، يا مقيمُ ، يا منعمُ ، يا منعامُ ، يا مفضلُ ، يا مفضالُ ، يا مصلحُ ، يا موضحُ ،

٩٥

يا منجحُ ، يا ممنحُ ، يا مانحُ ، يا منّاحُ ، يا مرتاحُ ، يا مؤنسُ ، يا منفّسُ ، يا محتجُّ ، يا مبلغُ ، يا مشفعُ ، يا ممتّعُ ، يا مطّلعُ ، يا مستمِعُ ، يا مرتفعُ ، يا مبتدعُ ، يا مخترعُ ، يا موسعُ ، يا منيعُ ، يا ممتنعُ ، يا مستطيعُ ، يا محيطُ ، يا مقسطُ ، يا مولى ، يا مليّ ، يا مملّكُ ، يا متملّكُ ، يا مالكُ ، يا مليكُ ، يا ملك ، يا مطاعُ ، يا ملاذُ ، يا معاذُ ، يا معيذُ، يا مجيبُ ، يا مستجيبُ ، يا مجابُ ، يا مقيتُ ، يا مغيثُ ، يا مستعلي ، يا مستغني ، يا مصرخُ ، يا منقذُ ، يا مخلّصُ ، يا ممحّصُ ، يا مخصّصُ ، يا معوّضُ ، يا منطقُ ، يا مطلقُ ، يا معتقُ ، يا مغلقُ ، يا مفرّقُ ، يا مطوّقُ ، يا موفّقُ ، يا مصدّقُ ، يا متجَلّ ، يا منجابُ ، يا مَخوفُ ، يا مَهوبُ ، يا مَهيبُ ، يا مُهابُ ، يا موهبُ ، يا مَرهوبُ ، يا مرَغوبُ ، يا مطلوبُ ، يا محجوبُ ، يا منيفُ ، يا مألوفُ ، يا موصوفُ ، يا معروفُ ، يا منعوتُ ، يا مشكورُ ، يا مذكورُ ، يا مشهورُ ، يا موجودُ ، يا معبودُ ، يا محمودُ ، يا مقصودُ ، يا موفودُ ، يا مسؤول ، يا مأمولُ ، يا مرجوُّ ، يا مدعوُّ ، يا ممدوحُ ، يا ممتحدحُ ، يا ممدحُ ، يا ممسكُ ، يا مهلكُ ، يا مدركُ ، يا مبوّئ ، يا مثوي ، يا مسوّي ، يا مقلّبُ ، يا مرغبُ ، يا مرهبُ ، يا مرتّبُ ، يا مسبّبُ ، يا محبّبُ ، يا مركّبُ ، يا معقبُ ، يا مخوّفُ ، يا مصرفُ ، يا مؤلفُ ، يا مكلّفُ ، يا مشرّفُ ، يا معرّفُ ، يا مضعفُ ، يا منصفُ ، يا مهني ، يا منبي ، يا موفي ، يا مرضي ، يا مرضيّ ، يا ممضي ، يا منجي ، يا محصي ، يا منشي ، يا مقني ، يا مجزي ، يا مجازي ، يا منتخبُ ، يا منتجبُ ، يا مصطفي ، يا مرتضي ، يا مجتبي ، يا مزكّي ، يا مختارُ ، يا مظفرُ ، يا مقدّرُ، يا مُقتَدِر ، يا مفتخرُ ، يا منتصرُ ، يا مستكبرُ ، يا منوّرُ، يا مصوّرُ ، يا مبصرُ ، يا مصبرُ ، يا مسخّرُ ، يا مغيّرُ ، يا مبشّرُ ، يا ميسّرُ ، يا مسّير ، يا مذكّرُ ، يا مدبّرُ ، يا مخبر ، يا محذرُ ، يا منذرُ ، يا منشرُ ، يا مقبرُ ، يا مرجِي ، يا مرتجي ، يا منجِي ، يا ملتجِي ، يا ملجأُ ، يا محسابُ ، يا مطلبُ ، يا مصيبُ ، يا مفرّجُ ، يا مسلّطُ ، يا مجيرُ ، يا مبيرُ ، يا محكمُ ، يا متقنُ ، يا مخفِي ، يا معلنُ ، يا مبقي ، يا مطعمُ ، يا مهينُ ، يا مكرمُ ، يا منتقمُ ، يا مسلمُ ، يا محلّلُ ، يا محرّم ، يا مقرّبُ ، يا مبعّدُ ، يا مثيبُ ، يا معذِبُ ، يا مخصبُ ، يا مجدبُ ، يا مقدّمُ ، يا مؤخّرُ ، يا مقلّلُ ، يا مكثّرُ ، يا معزُّ ، يا مذلُّ ، يا محيِي ، يا مميتُ ،

٩٦

يا موردُ ، يا مصدرُ ، يا مضعفُ ، يا مقوّي ، يا معيشُ ، يا متوفي ، يا مصحُّ ، يا مبرِئ ، يا ممرضُ ، يا مشفِي ، يا معلُّ ، يا مداوي ، يا معاقبُ ، يا معافِي ، يا مثبتُ ، يا ماحِي ، يا معيدُ ، يا مبدِي ، يا مضحكُ ، يا مبكي ، يا مضلُّ ، يا مهدِي ، يا مسعدُ ، يا مشقِي ، يا مدنِي ، يا مقضِي ، يا مفقرُ ، يا مغنِي ، يا مانعُ ، يا معطِي ، يا مبقِي ، يا مفني ، يا مرويَ الظمآن ، يا مشبعَ الغرثانَ ، يا مبليَ كلِّ جديدٍ ، يا مجدّدَ كلِّ بالٍ ، يا مظلمَ الليلِ ، يا مشرق النهارِ ، يا مسرجَ الشَمسِ ، يا منيرَ القمرِ ، يا مزهرَ النجومِ ، يا مطلِعَ النباتِ ، يا منبتَ الشجر ، يا مخالف طعمِ الثمرِ ، يا مُنبعَ العيونِ ، يا مثيرَ السّحاب ، يا مدجيَ الظلمة ، يا مشعشِعَ النور ، يا مهبَّ الرَياح ، يا مورقَ الأشجارِ ، يا مومضَ البرقِ ، يا مرزمَ الرعدِ ، يا ممطَر المطرِ ، يا مُهبِطَ الملائكةِ الى الأرضِ ، يا مرسيَ الجبالِ ، يا مجريَ الفلكِ ، يا مغطشَ الليلِ ، يا مولجَ الليلِ في النهارِ ومولجَ النهارِ في الليلِ ، يا مكوّرَ الليلِ على النهار ومكوّر النهارِ على الليلِ ، يا مخرجَ الحيَّ من الميتِ ومخرجَ الميتِ من الحيَّ ، يا مرخّص الأسعار ، يا معظّم البركةِ ، يا مباركَ في الأرضِ المقدسة ، يا مربح متاجريه ، يا مزيحَ العللِ ، يا مظهرَ الآياتِ ، يا مادَّ الظلِّ ، يا ممدَّ الأرضِ ، يا مموّرَ السماءِ ، يا مكيد المكر ، يا مستوجبَ الشكر ، يا منجزَ العِداتِ ، يا مؤديَ الأماناتِ ، يا منتهَى الرغباتِ ، يا متقبّلَ الحسناتِ ، يا مكفّر السيئاتِ ، يا مؤتي السؤلات ، يا مأمنَ الهالِع ، يا معقلَ الضارع ، يا مفزَع الفازِع ، يا مطمعَ الطامِع ، يا مأوَى الحيرانِ ، يا مخسئ الشيطانِ ، يا مضيء البرهانِ ، يا متمّمَ النعمِ ، يا مسبغَ المننِ ، يا مولي التطوّل ، يا مواتر الإنعامِ ، يا متتابعَ الإحسانِ ، يا مواليَ الإفضال ، يا متصلَ الآلاءِ ، يا مرادفَ النعماءِ ، يا مدِرَّ الأرزاقِ ، يا ملزمَ الدينِ ، يا موجبَ التعبدِ ، يا محقَ الحقِّ ، يا مبطلَ الباطلِ ، يا مميطَ الأذَى ، يا منعشاً من الصرعةِ ، يا محرِّكَ الحركاتِ ، يا محفوظَ الحفظِ ، يا مسلّي الأحزانِ ، يا مذهب الغمومِ ، يا موزعَ الشكرِ ، يا منهج الدّلالةِ ، يا مفعولَ الأمرِ ، يا متّسعَ الرَّحمةِ ، يا معدنَ العفوِ ، يا مخفّف الأثقالِ ، يا معشبَ البرِّ ، يا موطّدَ الجبالِ ، يا مفجّرَ البحارِ ، يا معذبَ الأنهارِ ، يا متكفّلاً بالرزقِ ، يا منخرَ العظامِ ، يا مستطيلَ

٩٧

القدرةِ ، يا مؤجّل الآجالِ ، يا موقتَ المواقيتِ ، يا مؤسّسَ الاُمورِ ، يا مكمّلَ الدينِ ، يا موضعَ كلِّ شكوَى ، يا مظلّلَ كلِّ شيءٍ ، يا مفتحَ الأبوابِ ، يا مكّاراً بالمترفينَ ، يا مخزيَ الكافرينَ ، يا مستدرجَ العاصينَ ، يا ماقتَّ أعمالِ المفسدينَ ، يا مبيّضَ وجوهِ المؤمنينَ ، يا مسوّدَ وجوهِ المجرمينَ ، يا مبدّدَ شملِ الباغينَ ، يا مجتثَّ أصلِ الطاغينَ ، يا متوّعداً بعذاب الجبارينَ ، يا مدحضَ كلمةِ الجاحدينَ ، يا مشّتتَ جمعِ المعاندينَ ، يا مفاجئاً بنكالهِ الظالمينَ ، يا مرغمَ اُنوفِ المستكبرينَ ، يا مخترماً بسطوتهِ المتجبرينَ ، يا مفلَّ حدِّ الناكثين ، يا مكلَّ سلاح القاسطينَ ، يا معفي آثارِ المارقينَ ، يا ممزّقَ ملكِ المتغلبينَ ، يا مرعبَ قلوبِ المحاربينَ ، يا مجنّبَ عقوبته الطائعينَ ، يا مباعداً بأسهُ عن التائبينَ ، يا موطّئ مسالكِ المتقين ، يا منضّرَ وجوهِ المتهجّدين ، يا مهيّئ اُمور المتوكلينَ ، يا مالَ المقلّينَ ، يا مهربَ الخائفينَ ، يا متوليَ الصالحينَ ، يا منى المحبّينَ ، يا مريحَ اللاغبينَ ، يا مخرسَ ألسنة المعاندينَ ، يا ملجمَ الجنَّ المتمردينَ ، يا مزوّجَ الحور العينِ ، يا محقّق أملِ الآملينَ ، يا مفيضَ عطيته علَى السائلينَ ، يا مديمَ نعمته على الشاكرينً ، يا مرجّحَ ميازينِ المطيعينَ ، يا مصعدَ أصواتِ الداعينَ ، يا معليَ دينه علَى كلِّ دينٍ ، يا مجيرَ غصصِ الملهوفينَ ، يا مزرعَ قبور العالمينَ ، يا مفحمَ بحجتهِ المجادلينَ ، يا مجلي عظائمِ الاُمور ، يا منتجعاً لكشفِ الضرِّ ، يا مستدَعى لبذلِ الرغائِب ، يا منزولاً بهِ كلّ حاجةٍ ، يا ماضيَ العلمِ فيما خلقَ ، يا ملقيَ الرواسِي في الأرضِ ، يا مربيَ نفقاتِ أهلِ التقوى ، يا مسكّنَ العروقِ الضاربة ، يا منوّم العيون الساهرة ، يا متلقّيَ العصاةِ بحلمهِ ، يا مملياً لمن لَجَّ في طغيانهِ ، يا معذراً إلى من تمادَى في غيِّهِ ، يا موصدَ النارِ على أهلِ معصيته ، يا مردفاً جندهُ بملائكتهِ ، يا مشريَ أنفسِ المؤمنينَ بجنتهِ ، يا مجلّلَ خلقه برداءِ رحمتهِ ، يا محلَّ كنوزِ أهلِ الغَنى ، يا مقرَّ السموات بغيرِ عمدِ ، يا مزلزلَ أقدامِ الأحزابِ ، يا منتزعَ المُلكِ ممّن يشاءُ ، يا مغرقَ فرعونَ وجنودِهُ ، يا مجاوزاً ببِني إسرائيلَ البحر ، يا مليّنَ الحديدِ لدوادَ ، يا مكلِّمَ موسَى تكليماً ، يا منادِيه من جانبِ الطّور ، يا مقيّظَ الركبِ ليوسفَ ، يا مبرّدَ نارِ الخليلِ ، يا مدمّراً على قومِ لوطٍ ، يا مُدَمدِماً علَى

٩٨

قومِ شعيبٍ ، يا متبّرَ الظّلمةِ ، يا مسأصل الكفرةِ ، يا متبَّ الفسقةِ ، يا مصطلمَ الفجرةِ ، ويا مدوّخَ المردةِ ، يا مبتَّ حبالِ الغَشمِ ، يا مُخملَ سوقِ الظّلمِ ، يا مزلفَ الجنةِ لمن أطاعهُ ، يا مسعِّرَ النار لمن ناواهُ ، يا موحيَ إلى عبدهِ ما أوحَى ، يا مبعثَر القبور بقدرتهِ ، يا محصّلَ ما في الصدورِ بعلمهِ ، يا مقصرَ الأبصارِ عن إدراكهِ ، يا مبايناً لخلقهِ في صفاتهِ ، يا محيِّرَ القلوبِ في شأنهِ ، يا مطفئ الأنوارِ بنورهِ ، يا مستعبدَ الأرباب بعزتهِ ِ، يا مستبقيَ الملكِ بوجههِ ، يا مالئ أركانه بعظمتهِ ، يا مبتدئ الخلق بقدرتهِ ، يا متأبّداً بخلودهِ ، يا متقدّماً بوعيدهِ ، يا متلطّفاً في ترغيبهِ ، يا مستولياً على سلطانهِ ، يا متمكّناً في ملكهِ ، يا مستوياً على عرشهِ ، يا متردّياً بكبريائهِ ، يا متأزّراً بعظمتهِ ، يا متسربلاً بجلالهِ ، يا مشتهراً بتجبّره ، يا مستأثراً بغيبهِ ، يا متمّاً نورهُ ، يا مدرجَ السعداءِ في غفرانهِ ، يا مُصلِيَ الأشقياءِ حرَّ نارهِ ، يا مدّخرَ الثواب لأوليائهِ ، يا معدَّ العقاب لأعدائهِ ، يا مطَمئنَ القلوب بذكرهِ ، يا مطيِّبَ النفوس بآلائهِ ، يا مفرّجَ عن المؤمنينَ بنصرهِ ، يا معرضَ أهلِ السقمِ لأجرهِ ، يا متعمّداً بفضلهِ ، يا متغمّداً بعفوه ، يا متودّداً بإحسانهِ ، يا متعرّفاً بامتنانهِ ، يا مغشياً برحمتهِ ، يا مئوياً في ظلهِ ، يا مجيباً بكرامتهِ ، يا مغدياً بآلائهِ ، يا مربياً بنعمائهِ ، يا مقرَّ عيونِ أوليائهِ ، يا ملبَسهم جُنّتهُ ، يا مؤتمنَ أنبيائهُ وأئمتهُ على وحيهِ ومستحفظّهم شرعهُ ومستخصّهم ببرهانه ومستخلصهم لدعوتهِ ومستصلحهم لعبادهِ ومستخلفهم في أرضهِ ومطلعهم على سرّهِ ومصطنعم لنفسهِ ومخلصهم بمشيتهِ ومريَهم ملوكتهُ ومسترعيهمُ الأنام ومورثهمُ الكتاب. أن تصليَ عَلى محمدٍ وآلهِ وافعل بي وبجميع المؤمنين ما أنت أهلهُ ، يا أرحم الراحمينً.

النون :

اللّهمّ إني أسألكَ باسمكَ : يا ناشرُ ، يا نافعُ ، يا نفّاعُ ، يا نفاحُ ، يا نصيرُ ، يا ناصرُ ، يا ناظرُ ، يا نورُ ، يا ناطقُ ، يا نوالُ ، يا ناهٍ عن المعاصي ، يا ناصبَ الجبالِ أوتاداً ، يا ناثر النجوم نثراً ، يا ناسفَ الجبالِ نسفاً ، يا نقياً من كلِّ جورٍ ، يا نافخَ النَّسمِ في الأجسادِ ، يا نائيَ في قربهِ ، يا نكالَ الظالمينَ ، يا نافذَ العلمِ ، يا

٩٩

نبيلَ العظمةِ والجلالِ ، يا نعمَ المولَى ، يا نعمَ النصيرِ ، أن تصلّيَ على محمدٍ وآلهِ ، وافعل بي وبجميع المؤمنينَ ما أنت أهلهُ ، يا أرحمَ الراحمينَ.

الواو :

اللّهمَّ إني أسألك باسمكَ : يا واحدُ ، يا واجدُ ، يا وليُّ ، يا والِي ، يا وفيُّ ، يا وافِي ، يا واقِي ، يا وكيلُ ، يا ودودُ ، يا وادُّ ، يا واهبُ ، يا وهّابُ ، يا وارثُ ، يا وترُ ، يا واسع الرحمةِ ، يا واصل النعمِ ، يا واضعَ الآصارِ(238) ، يا وثيقَ العهدِ ، يا وحيَّ الإجابةِ ، يا واعداً بالجنةِ ، يا واضح السبيلِ. أن تصلّي على محمدٍ وآله ، وأفعل بي وبجميعِ المؤمنينَ ما أنتَ اهلهُ ، يا أرحم الراحمينَ.

الهاء :

اللّهمَّ إني أسألك باسمكَ : يا هُوَ ، يا هُو ، يا هنيءَ العطاءِ ، يا هاديَ المضلينَ ، يا هازمَ الأحزابِ ، يا هاشم سوقِ الفجرةِ ، يا هاتك جنة الظلمة ، يا هادمَ بنيانِ البدعِ ، يا هادَّ ركنِ الضلالةِ ، أن تصلّيَ عَلى محمّدٍ وآلهِ ، وافعل بِي وبجميعِ المؤمنينَ ما أنت أهلهُ ، يا أرحمَ الراحمينَ.

اللام ألف (لا) :

اللّهمَّ إنّي أسألكَ باسمكَ : يا لا إله إلاّ أنت(239) . أن تصلّي على محمدٍ وآلهِ ، وافعل بي وبجميع المؤمنينَ ما أنت أهلهُ ، يا أرحم الراحمينَ.

__________________

(238) في هامش (ر) : « هي : ما عقد من عهد ثقيل عليهم ، كقتلهم أنفسهم وقرض الجلد إذا أصابته النجاسة ، قاله الهروي. منهرحمه‌الله ».

(239) في هامش (ر) : « لا إله إلاّ أنت نعت يوجب تفردّه تعالى بالإلهية ، وليس باسم ، وإنما ذكرناه تبرّكاً به وتيمّناً ، ولاشتماله على كلمة الإخلاص وهي أفضل الكلام ، ولئلاّ يخلو حرف اللام ألف من ذكره تعالى. منهرحمه‌الله ».

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592