الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٧

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل11%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 526

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 526 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156736 / تحميل: 6146
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

الآيات

( أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى (٢٤) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى (٢٥) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى (٢٦) )

التّفسير

الشفاعة أيضا بإذنه :

هذه الآيات أيضا تتناول بالبحث والتعقيب ـ موضوع عبادة الأصنام وخرافتها ، وهي تتمّة لما سبق بيانه في الآيات المتقدّمة!

فتتناول أوّلا الامنيات الجوفاء عند عبدة الأصنام وما كانوا يتوقّعون من الأصنام :( أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى ) ؟!.

ترى! هل من الممكن أن تشفع هذه الأجسام التي لا قيمة لها ولا روح فيها عند الله سبحانه؟ أو يلتجأ إليها عند المشكلات!؟ كلّا!( فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى ) .

إنّ عالم الأسباب يدور حول محور إرادته ، وكلّ ما لدى الموجودات فمن بركات وجوده ، فالشفاعة من اختياراته أيضا ، وحلّ المشاكل بيد قدرته كذلك!

ممّا يلفت النظر أنّ القرآن يتحدّث عن الآخرة أوّلا ، ثمّ عن الدنيا ، لأنّ أكثر ما

٢٤١

يشغل فكر الإنسان هو النجاة في الآخرة وحاكمية الله في الدار الآخرة تتجلّى أكثر منها في هذه الدنيا.

وهكذا فإنّ القرآن يقطع أمل المشركين تماما ـ بشفاعة الأصنام ـ ويسدّ بوجوههم هذه الذريعة بأنّها تشفع لهم «ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله».

وهناك احتمال آخر في تفسير الآيتين آنفتي الذكر : وهو أن يتوجّه الإنسان نحو الله لعدم بلوغه أمانيّه وما يرغب إليه لأنّ الآية الاولى من الآيات محلّ البحث تقول :( أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى؟ ) وهذا استفهام إنكاري ، وحيث أنّ جواب هذا الاستفهام أو السؤال بالنفي قطعا ، لأنّ الإنسان لا ينال كثيرا من أمانيه أبدا ، وهذا يدلّ على أنّ تدبير هذا العالم بيد اخرى تتحكّم في هذا العالم ، ولذلك فإنّ الآية الثانية تقول : حيث كان الأمر كذلك( فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى ) !

وهذا المعنى يشبه ما جاء في كلام الإمام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام : «عرفت الله بفسخ العزائم وحلّ العقود ونقض الهمم»(١) . ولا يبعد الجمع بين هذا التّفسير والتّفسير السابق أيضا.

وفي آخر الآيات محلّ البحث يقول القرآن مضيفا ومؤكّدا على هذه المسألة :( وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى ) .

فحيث لا تستطيع الملائكة على عظمتها حتّى ولو بشكل جماعي أن تشفع لأحد إلّا بإذن الله ورضاه ، فما عسى ينتظر من هذه الأصنام التي لا قيمة لها ، وهي لا تعي شيئا!؟. وحينما تتساقط النسور المحلّقة وتهوي بأجنحتها عاجزة فما تنفع البعوضة الضعيفة؟ أليس من المخجل أن تقولوا إنّما نعبدهم ليقرّبونا إلى الله زلفى ، أو هؤلاء شفعاؤنا عند الله؟!

__________________

(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ـ الكلمة رقم ٢٥٠.

٢٤٢

والتعبير بـ «كم» في الآية يفيد العموم ، أي ليس لأي ملك أن يشفع دون إذن الله ورضاه ، لأنّ هذه اللفظة تفيد العموم في لغة العرب ، كما أنّ لفظة «كثير» تفيد العموم أحيانا وقد جاء في الآية ٧٠ من سورة الإسراء ما يدلّ على ذلك :( وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً ) أي فضّلنا بني آدم على جميع من خلقنا.

كما نجد هذا الاستعمال في شأن الشياطين إذ نقرأ الآية ٢٢٣ من سورة الشعراء قائلة :( وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ ) مع أنّنا نعلم أنّ جميع الشياطين كاذبون(١) .

أمّا الفرق بين «الإذن» و «الرضا» فهو ـ أنّ الإذن يعبّر عنه في مقام يكشف الإنسان عن رضاه الباطني ، إلّا أنّ الرضا أعمّ من ذلك ، وقد تستعمل كلمة «الرضا» لانسجام الطبع مع ما يفعل ، وحيث أنّ الإنسان قد يأذن بشيء ما دون أن يكون راضيا في قلبه فقد جاءت كلمة «يرضى» تأكيدا على الإذن ، وإن كان الإذن والرضا عند الله لا ينفصل بعضهما عن بعض ولا مجال (للتقيّة) عند الله!

* * *

تعقيب

١ ـ سعة الأماني :

الأمل أو التمنّي إنّما ينبع من محدودية قدرة الإنسان وضعفه الإنسان إذا كانت له علاقة بالشيء ولم يستطع أن يبلغه ويحقّقه فانّه يأخذ صورة التمنّي عنده وإذا استطاع الإنسان أن يحقّق كلّ ما يريده ويرغب فيه ، لم يكن للتمنّي من معنى!

وبالطبع قد تكون أمانيّ الإنسان أحيانا نابعة من روحه العالية وباعثا على الحركة والجدّ والنشاط والجهاد وسيره التكاملي كما لو تمنّى بأن يتقدّم الناس بالعلم والتقوى والشخصيّة والكرامة!

__________________

(١) مع أنّ كلمة ملك في الآية مفردة فقد عاد الضمير عليها جمعا في «شفاعتهم» وذلك لمفهوم الكلام ورعاية للمعنى!

٢٤٣

إلّا أنّه كثيرا ما تكون هذه الأحلام «والأماني» كاذبة ، وعلى العكس من الأماني الصادقة فانّها أساس للغفلة والجهل والتخدير والتخلّف كما لو تمنّى الإنسان الخلود في الأرض والعمر الدائم ، وأن يملك أموالا طائلة ، وأن يحكم الناس جميعا وأمثال ذلك القبيل الموهوم.

ولذلك فقد رغّبت الرّوايات الإسلامية الناس في تمنّي الخير ، كما نقرأ في بعض ما وصلنا عن رسو اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «من تمنّى شيئا وهو للهعزوجل رضى لم يخرج من الدنيا حتّى يعطاه»(١) .

ويستفاد من بعض الرّوايات أنّه إذا لم يصل إلى ذلك في الدنيا فسينال ثوابه(٢) .

٢ ـ كلام في شأن الشفاعة

إنّ الآية الأخيرة ـ من الآيات محلّ البحث ـ تخبر بجلاء عن إمكان أن يشفع الملائكة ، فحيث أنّه للملائكة الحقّ أن يشفعوا بإذن الله ورضاه ، فمن باب الأولى أن يكون للأنبياء والمعصومين حقّ الشفاعة عند الله.

إلّا أنّه لا ينبغي أن ننسى أنّ الآية آنفة الذكر تقول بصراحة إنّ هذه الشفاعة ليست من دون قيد وشرط. بل هي مشروطة بإذن الله ورضاه ، وحيث أنّ إذن الله ورضاه لم يكونا عبثا أو اعتباطا ، فينبغي أن تكون بين الإنسان وربّه علاقة حتّى يأذن بالشفاعة للمقرّبين في شأنه ، ومن هنا فإنّ رجاء الشفاعة يكون مذهبا تربويّا للإنسان ومانعا من اليأس وقطع جميع الروابط بالله تعالى(٣) .

* * *

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٧١ ، ص ٢٦١ (باب تمنّي الخيرات).

(٢) المصدر السابق.

(٣) التعبير بـ «من يشاء» الوارد في الآية المتقدّمة يمكن أن يكون إشارة إلى الناس الذين يأذن الله لهم بالشفاعة ، أو إشارة إلى الملائكة الذين يأذن الله لهم بالشفاعة ، إلّا أنّ الاحتمال الأوّل أنسب.

٢٤٤

الآيات

( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى (٢٧) وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (٢٨) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا (٢٩) ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى (٣٠) )

التّفسير

إنّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئا :

هذه الآيات ـ محلّ البحث ـ كالآيات المتقدّمة ، تبحث موضوع نفي عقائد المشركين.

فتقول أوّلها :( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى ) !

أجل ، إنّ هذا الكلام القبيح والمخجل إنّما يصدر من أناس لا يعتقدون بيوم الحساب ولا بجزاء أعمالهم ، فلو كانوا يعتقدون بالآخرة لما تجاسروا فقالوا مثل هذا الكلام ، وأي كلام؟! كلام ليس لهم فيه أدنى دليل بل الدلائل العقليّة تبرهن على أنّه ليس لله من ولد ، وليس الملائكة إناثا ، ولا هم بنات الله كذلك!

٢٤٥

والتعبير بـ «تسمية الأنثى» إشارة إلى ما نوّهنا عنه في الآيات المتقدّمة ، وهو أنّ مثل هذا الكلام لا معنى له. وإنّ هذا الأسماء لا مسميّات لها ، وبتعبير آخر إنّها لا تعدو حدود التسمية ، ولا واقع لها أبدا.

ثمّ يتناول القرآن واحدا من الأدلّة الواضحة على بطلان هذه التسمية فيقول معقّبا :( وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ) .

فالإنسان الهادف والمعتقد لا يطلق كلامه دون علم ودراية ، ولا ينسب أيّة نسبة لأحد دونما دليل فالتعويل عن الظنّ والتصوّر إنّما هو من عمل الشيطان أو من يتّصف بالشيطانيّة وقبول الخرافات والأشياء الموهومة دليل الانحراف وعدم العقل!

وواضح أنّ كلمة «الظنّ» لها معنيان مختلفان ، فتارة تطلق هذه الكلمة على الأوهام التي لا أساس لها ، وطبقا لتعبير الآيات آنفة الذكر تعني الخرافات والأوهام وما تهوي الأنفس والمراد من هذه الكلمة في الآية هو هذا المعنى ذاته.

المعنى الآخر ، الظنّ المعقول وهو ما يخطر في الذهن ، ويكون مطابقا للواقع غالبا ، وعليه يكون مبنى العمل في اليوم ـ مرة أو أكثر ـ كشهادة الشهود في المحكمة وقول أهل الخبرة وظواهر الألفاظ وأمثال ذلك ، فلو أعرضنا عن مثل هذه الأمور وعوّلنا على اليقين القطعي لاضطربت الحياة واختلّ نظامها.

ولا شكّ أنّ هذا القسم من الظنّ غير داخل في هذه الآيات ، وهناك شواهد كثيرة في الآيات ذاتها على ذلك وفي الحقيقة أنّ القسم الثاني نوع من العلم العرفي لا الظنّ ، فبناء على هذا لا يصحّ الاستدلال بالآية( إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ) وأمثالها على نفي حجيّة الظنّ بشكل مطلق.

وينبغي الالتفات إلى هذه اللطيفة والمسألة الدقيقة وهي أنّ الظنّ في اصطلاح الفقهاء والأصوليين معناه «الإعتقاد الراجح» ، إلّا أنّه في اللغة أوسع

٢٤٦

مفهوما ، فيشمل حتّى الوهم والاحتمالات الضعيفة ، ومن هذا القبيل ظنّ عبدة الأوثان ـ إذ كان خرافة تظهر في أذهانهم بشكل احتمال ضعيف. ثمّ ينهض هوى النفس فيزيّن ذلك الاحتمال ، ويهمل الاحتمال الآخر الذي هو أقوى من هذا الاحتمال ، ويصير الاحتمال الضعيف اعتقادا راسخا مع أنّه لا أساس له أبدا.

ومن أجل أن يبيّن القرآن أنّ هؤلاء الجماعة ليسوا أهلا للاستدلال والمنطق الصحيح ، وقد ألهاهم حبّ الدنيا عن ذكر الله وجرّهم إلى الوحل في خرافاتهم وأوهامهم يضيف قائلا :( فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا ) .

والمراد من (ذكرنا) في إعتقاد أغلب المفسّرين هو «القرآن» ، وقد يفسّر بأنّه الدلائل المنطقية والعقلية التي توصل الإنسان إلى الله ، كما احتملوا أن يكون المراد هو ذكر الله الذي يقابل الغفلة عند الإنسان.

إلّا أنّ الظاهر أنّ هذا التعبير ذو مفهوم واسع بحيث يشمل كلّ توجّه نحو الله ، سواء أكان ذلك عن طريق القرآن ، أو عن طريق العقل ، أو عن طريق السنّة ، أو تذكّر القيامة وما إلى ذلك!

ويستفاد من هذه الآية ـ ضمنا ـ أنّ هناك علاقة بين الغفلة عن ذكر الله والإقبال على الماديات ، وبين زخرف الدنيا وزبرجها وأنّ بينهما تأثيرا متلازما!

فالغفلة عن ذكر الله تسوق الإنسان نحو عبادة الدنيا ، كما أنّ عبادة الدنيا تصرف الإنسان عن ذكر الله ، فيكون غافلا عنه ـ وهما جميعا يقترنان مع هوى النفس ، وبالطبع فإنّ الخرافات التي تنسجم مع هوى النفس تتزيّن في نظر الإنسان وتتبدّل تدريجا إلى إعتقاد راسخ!

وربّما لا حاجة إلى التذكير أنّ الأمر بالإعراض عن هذه الفئة (أهل الدنيا) لا ينافي تبليغ الرسالة الذي هو وظيفة النّبي الأساسيّة ، لأنّ التبليغ والإنذار والبشارة كلّها لا تكون إلّا في موارد احتمال التأثير ، فحيث يعلم ويتيقّن عدم التأثير فلا يصحّ هدر الطاقات ، وينبغي الإعراض بعد إتمام الحجّة.

٢٤٧

كما ينبغي الإشارة إلى أنّ الأمر بالإعراض عمّن تولّى عن ذكر الله ، ليس مختصّا بالنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بل هو شامل لجميع الدعاة في طريق الحقّ ، ليصرفوا طاقاتهم الكريمة في ما يحتمل تأثيرها فيه ، أمّا عبدة الدنيا وموتى القلوب الذين لا أمل في هدايتهم فينبغي ـ بعد إتمام الحجّة عليهم ـ الإعراض عنهم ليحكم الله حكمه فيهم!.

وفي آخر آية من الآيات محلّ البحث يثبت القرآن انحطاط أفكار هذه الفئة فيقول مضيفا :( ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ) .

أجل ، إنّ أوج أفكارهم منته إلى هذا الحدّ وهو اسطورتهم أنّ الملائكة بنات الله!! ـ وخبطهم في الخرافات وهذه آخر نقطة تبلغ إليه همّتهم ، إذ نسوا الله وأقبلوا على الدنيا واستعاضوا عن جميع شرفهم ووجودهم بالدينار والدرهم!

وهذه الجملة( ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ) يمكن أن تكون إشارة إلى خرافاتهم كعبادة الأصنام وجعلهم الملائكة بنات الله : أي أنّ منتهى علمهم هو هذه الأوهام!.

أو أنّها إشارة إلى حبّ الدنيا والأسر في قبضة الماديات ، أي أن؟ منتهى إدراكهم هو قناعتهم بالأكل والشرب والنوم والمتاع الفاني في هذه الدنيا وزبرجها وزخرفها إلخ.

وقد جاء في الدعاء المعروف في أعمال شعبان المنقول عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا ولا مبلغ علمنا»(١) .

وتختتم الآية بالقول :( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى ) ختام الآية يشير إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ الله يعرف الضالّين جيّدا كما يعرف المهتدين أيضا ، فيصبّ غضبه على الضالّين ويسبغ لطفه على المهتدين ، ويجازي كلّا بعمله يوم القيامة.

* * *

__________________

(١) جاء هذا الدعاء من دون الإشارة إلى أنّه من أعمال شهر شعبان في مجمع البيان وفي تفاسير اخرى ذيل الآية محلّ البحث.

٢٤٨

ملاحظة

رأس مال عبدة الدنيا :

الطريف أنّ الآيات الآنفة في الوقت الذي تنسب العلم لعبدة الدنيا ، إلّا أنّها تعدّهم ضالّين ، وهذا يدلّ على أنّ العلوم التي لا تهدف إلى شيء سوى الماديّات فمن وجهة نظر القرآن ليست علوما ، بل هي الضلالة بعينها.

ومن الغريب أنّ كلّ هذه الشقوة والحروب وسفك الدماء والظلم والتجاوز والفساد والتلوّث ناشئ من علوم الضلال هذه ـ ومن الذين منتهى ما توصّلت إليه علومهم حبّ الدنيا والحياة الفانية ، ولا يتّسع أفق متطلّباتهم لأكثر من متطلّبات الحيوان.

أجل ، إنّ علوم «التقنية» والمسائل الحديثة إذا لم تكن تسعى لأهداف أسمى من الماديّات ، فهي الجهل بعينه ، وإذا لم تؤدّ إلى نور الإيمان فهي الضلال!.

* * *

٢٤٩

الآيتان

( وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى (٣٢) )

التّفسير

لا تزكّوا أنفسكم :

لمّا كان الكلام في الآيات المتقدّمة عن علم الله بالضالّين والمهتدين ، فإنّ الآيات أعلاه تتمّة لما جاء آنفا ، تقول :( وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) .

فالمالكية المطلقة في عالم الوجود له وحده ، والحاكمية المطلقة على هذا العالم له أيضا ، ولذلك فإنّ تدبير عالم الوجود بيده فحسب. ولمّا كان الأمر كذلك فهو وحده الجدير بالعبادة والشفاعة!

إنّ هدفه الكبير من هذا الخلق الواسع ليتألّف الإنسان في عالم الوجود وليسير في مسير التكامل في ضوء المناهج التكوينية والتشريعيّة وتعليم الأنبياء

٢٥٠

وتربيتهم ، لذلك فإنّ القرآن يذكر نتيجة هذه المالكية فيختتم الآية بالقول :( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ) (١) .

ثمّ يصف القرآن المحسنين في الآية التالية فيقول :( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ) .

و «الكبائر» جمع كبيرة ، و «الإثم» في الأصل هو العمل الذي يبعد الإنسان عن الخير والثواب ، لذلك يطلق على الذنب عادة ، و «اللمم» على وزن القلم ـ كما يقول الراغب في المفردات معناه الاقتراب من الذنب ، وقد يعبّر عن الذنوب الصغيرة باللمم أيضا ، وهذه الكلمة في الأصل مأخوذة من الإلمام ومعناها الاقتراب من شيء دون أدائه ، وقد يطلق «اللمم» على الأشياء القليلة أيضا «وإطلاقه على الذنوب الصغيرة من هذا الباب».

وقد فسّر المفسّرون «اللمم» في هذه الحدود ، فقال بعضهم : هو الذنوب الصغيرة ، وقال آخرون هو نيّة المعصية دون أدائها ، وفسّره غيرهم بأنّ اللمم معاص لا أهميّة لها.

وربّما قالوا بأنّ اللمم يشمل الذنوب الصغيرة والكبيرة على أن لا تكون معتادة والتي تقع أحيانا فيتذكّرها الإنسان فيتوب منها.

وهناك تفاسير متعدّدة لهذه الكلمة في الرّوايات الإسلامية ، فقد جاء من الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : اللمم الرجل يلمّ به الذنب فيستغفر الله منه(٢) وورد عنه أيضا أنّه قال : هو الذنب يلمّ به الرجل فيمكث ما شاء الله ثمّ يلمّ به بعد(٣) .

كما وردت روايات اخرى في هذا المعنى أيضا.

__________________

(١) «اللام» في (ليجزي) هي لام الغاية ، فبناء على ذلك الجزاء هو غاية الخلق ، وإن كان بعضهم يعتقد بأنّ «ليجزي» متعلّق بأعلم في الآية السابقة ، وأنّ جملة (ولله ما في السماوات والأرض) معترضة ، إلّا أنّ هذا الاحتمال يبدو بعيدا

(٢) الكافي ، ج ٢ كتاب الإيمان والكفر باب اللمم ٣٢٠.

(٣) المصدر السابق.

٢٥١

والقرائن الموجودة في هذه الآية تشهد على هذا المعنى أيضا إذ قد تصدر من الإنسان بعض الذنوب ، ثمّ يلتفت إليها فيتوب منها ، لأنّ استثناء اللمم من الكبائر (مع الالتفات إلى أنّ ظاهر الاستثناء كونه استثناء متّصلا) يشهد على هذا المعنى.

أضف إلى ذلك فإنّ الجملة التالية بعد الآية في القرآن تقول :( إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) !.

وهذا يدلّ على أنّ ذنبا صدر من الإنسان وهو بحاجة إلى غفران الله ، لا أنّه قصد الاقتراب منه ونواه دون أن يرتكبه.

وعلى كلّ فالمراد من الآية أنّ الذين أحسنوا من الممكن أن ينزلقوا في منزلق ما فيذنبوا ، إلّا أنّ الذنب على خلاف سجيّتهم وطبعهم وقلوبهم الطاهرة ـ وإنّما تقع الذنوب عرضا ، ولذلك فما أن يصدر منهم الذنب إلّا ندموا وتذكّروا وطلبوا المغفرة من الله سبحانه كما نقرأ في الآية (٢٠١) من سورة الأعراف إذ تشير إلى هذا المعنى :( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ ) .

ونظير هذا المعنى في الآية (١٣٥) من سورة آل عمران إذ تقول في وصف المحسنين والمتّقين :( وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ) !

فكلّ هذا شاهد على ما جاء من تفسير «اللّمم».

ونختتم بحثنا هنا بحديث للإمام الصادقعليه‌السلام إذ أجاب على سؤال حول تفسير الآية ـ محلّ البحث ـ فقال : «اللمام العبد الذي يلمّ بالذنب بعد الذنب ليس من سليقته أي من طبيعته»(١) .

__________________

(١) الكافي ، ج ٢ باب اللمم ص ٣٢١.

٢٥٢

ويتحدّث القرآن في ذيل الآية عن علم الله المطلق مؤكّدا عدالته في مجازاة عباده حسب أعمالهم فيقول :( هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ ) (١) .

وقوله : «أنشأكم من الأرض» أمّا هو باعتبار الخلق الأوّل عن طريق آدمعليه‌السلام الذي خلقه من تراب ، أو باعتبار أنّ ما يتشكّل منه وجود الإنسان كلّه من الأرض ، حيث له الأثر الكبير في التغذية وتركيب النطفة ، ثمّ بعد ذلك له الأثر في مراحل نمو الإنسان أيضا.

وعلى كلّ حال ، فإنّ الهدف من هذه الآية أنّ الله مطّلع على أحوالكم وعليم بكم منذ كنتم ذرّات في الأرض ومن يوم انعقدت نطفتكم في أرحام الامّهات في أسجاف من الظلمات فكيف ـ مع هذه الحال ـ لا يعلم أعمالكم؟!

وهذا التعبير مقدّمة لما يليه من قوله تعالى :( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى ) !

فلا حاجة لتعريفكم وتزكيتكم وبيان أعمالكم الصالحة ، فهو مطّلع على أعمالكم وعلى ميزان خلوص نيّاتكم ، وهو أعرف بكم منكم ، ويعلم صفاتكم الداخلية والخارجية.

قال بعض المفسّرين أنّ الآيتين آنفتي الذكر نزلتا في جماعة كانوا يمدحون أنفسهم بعد أداء الصوم أو الصلاة فيقولون : إنّنا صلّينا وصمنا وقمنا بكذا وكذا. فنزلت الآيتان ونهتهم عن تزكية الأنفس(٢) .

* * *

__________________

(١) الأجنّة : جمع جنين : الطفل الذي في بطن امّه

(٢) روح المعاني ، ج ٧ ، ص ٥٥.

٢٥٣

بحوث

١ ـ علم الله المطلق

مرّة اخرى يشار في هاتين الآيتين إلى علم الله المطلق وسعته ، إلّا أنّ التعبير فيهما تعبير جديد ، لأنّه يستند إلى لطيفتين(١) وهما من أشدّ حالات الإنسان خفاء والتواء حالة خلق الإنسان من التراب إذ ما تزال عقول المفكّرين حائرة فيها ، فكيف يوجد موجود حي من موجود لا روح فيه (ميّت)؟ وممّا لا شكّ فيه أنّ هذا الأمر حدث في السابق سواء في الإنسان أو الحيوانات الاخر ، ولكن في أيّة ظروف؟! فالمسألة في غاية الخفاء والالتواء بحيث ما تزال أسرارها مطوية ومكتومة عن علم الإنسان.

والاخرى مسألة التحوّلات المفعمة بالأسرار في وجود الإنسان في مرحلة الجنين ، فهي أيضا من الأسرار الغامضة في كيفية خلق الإنسان وإن كان شبح منها قد انكشف لعلم البشر ، إلّا أنّ الأسئلة حول أسرار الجنين التي ما زالت دون جواب كثيرة.

فالمطّلع على هاتين ، الحالتين من جميع أسرار وجود الإنسان وتحوّلاته وتغييراته وهاديه ومربّيه ، كيف يكون غير عالم بأعماله وأفعاله! ولا يجازي كلّا بحسب ما يقتضيه عمله!

إذا ، فهذا العلم المطلق أساس عدالته المطلقة!

٢ ـ ما هي كبائر الإثم

هناك كلام طويل بين المفسّرين من جهة ، والفقهاء والمحدّثين من جهة اخرى في شأن الذنوب الكبيرة المشار إليها في بعض الآيات من القرآن(٢) .

__________________

(١) اللطيفة : ما فيها من دقّة وخفاء.

(٢) كما في النساء الآية (٣١) والشورى الآية (٣٧) والآيات محلّ البحث.

٢٥٤

فبعضهم يعتقد أنّ جميع الذنوب تعدّ من الكبائر ، لأنّ كلّ ذنب ـ أمام الخالق الكبير يعدّ ذنبا كبيرا.

في حين أنّ بعضهم ينظر إلى الذنوب نظرة نسبيّة فيرى كلّ ذنب بالنسبة إلى ما هو أهمّ منه صغيرا وبالعكس.

وقال آخرون إنّ الكبائر ما جاء الوعيد من قبل الله في القرآن بارتكابها!

وربّما قيل إنّ الكبائر ما يجري عليها «الحدّ» الشرعي.

إلّا أنّ الأفضل أنّ يقال بأنّه مع ملاحظة أنّ التعبير بالذنوب الكبيرة دليل على عظمها ، فكلّ ذنب فيه أحد الشروط التالية يعدّ كبيرا :

أ ـ الذنوب التي ورد الوعيد من قبل الله في شأنها والعذاب لمرتكبها.

ب ـ الذنوب المذكورة في نظر أهل الشرع ولسان الرّوايات بأنّها عظيمة.

ج ـ الذنوب التي عدّتها المصادر الشرعيّة أكبر من الذنوب التي هي من الكبائر.

د ـ وأخيرا الذنوب المصرّح بها في الرّوايات المعتبرة بأنّها من الكبائر!.

وقد ورد ذكر الكبائر في الرّوايات الإسلامية مختلفا عددها فيه ، إذ جاء في بعضها أنّها سبع «قتل النفس ، وعقوق الوالدين ، وأكل الربا ، والعودة إلى دار الكفر بعد الهجرة ، ورمي المحصنات بالزنا ، وأكل مال اليتيم ، والفرار من [الزحف] الجهاد»(١) .

وقد جاء في بعض الرّوايات ذكر هذا النصّ : «كلّما أوجب عليه الله النار» [مكان عقوق الوالدين].

وجاء في بعض الرّوايات أنّها «عشر» ، وأوصلتها روايات أخر إلى «تسع عشرة» كبيرة! وربّما ترقّى هذا العدد إلى أكثر ممّا ذكر في بعض الرّوايات أيضا(٢) .

__________________

(١) الوسائل ، ج ١١ ـ أبواب جهاد النفس الباب ٤٦ الحديث ١.

(٢) لمزيد الإيضاح يراجع المصدر السابق الباب ٤٦ من أبواب جهاد النفس وقد جاء في هذا الباب سبع وثلاثون رواية

٢٥٥

وهذا التفاوت في عدد الكبائر هو لأنّ الذنوب الكبيرة ليست بمرتبة واحدة ، فبعضها أهمّ من بعض ، وبتعبير آخر يعدّ أكبر الكبائر ، فبناء على هذا لا تضادّ بين الرّوايات في اختلاف العدد.

٣ ـ تزكية النفس :

«تزكية النفس» قبيح إلى درجة أنّها يضرب بها المثل! فيقال تزكية المرء نفسه قبيحة.

وأساس هذا العمل القبيح وأصله عدم معرفة النفس ، لأنّ الإنسان إذا عرف نفسه حقّا تصاغر أمام عظمة الخالق ورأى أعماله لا شيء لما عليه من مسئولية ، ولما وهبه الله من النعم العظيمة ، وإذا لما خطا أيّة خطوة نحو تزكية النفس.

والغرور والغفلة والاستعلاء والأفكار الجاهلية أيضا بواعث أخر على هذا العمل القبيح!

وحيث أنّ تزكية النفس تكشف عن إعتقاد الإنسان بكماله فهي مدعاة إلى تخلّفه! لأنّ رمز التكامل الاعتراف بالتقصير وقبول وجود النواقص والضعف!

ومن هنا نرى أولياء الله يعترفون بتقصيرهم أمام الله وما عليهم من وظائف من قبله! وينهون الناس عن تزكية النفس وتعظيم أعمالهم!.

فقد ورد عن الإمام الباقرعليه‌السلام في تفسير الآية الكريمة( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) أنّه قال : «لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته وصومه وزكاته ونسكه لأنّ اللهعزوجل أعلم بمن اتّقى»(١) .

ويقول الإمام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام في إحدى رسائله إلى معاوية مشيرا إلى هذا المضمون في ما يقول : «ولو لا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه لذكر

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٦٥.

٢٥٦

ذاكر فضائل جمّة ، تعرفها قلوب المؤمنين ولا تمجّها آذان السامعين» «يعني بذلك نفسهعليه‌السلام »(١) .

«وفي هذا الصدد أوردنا بحثا مفصّلا في هذا التّفسير ذيل الآية ٤٩ من سورة النساء فراجع إن شئت».

ولا ننسى أن نقول إنّ الضرورات قد توجب على الإنسان أحيانا تزكية نفسه أمام الغير بكلّ ما لديه من امتيازات حتّى لا تسحق أهدافه المقدّسة ، وبين هذا النوع من التعريف بالنفس وتزكية النفس المذموم اختلافا كبيرا.

ومن أمثلة ذلك خطبة الإمام زين العابدين في مسجد بني اميّة في الشام لما أراد أن يعرف نفسه وأهل بيته لأهل الشام ليحبط مؤامرة الأمويين بكون الحسين والشهداء معه خوارج ويفضحهم!!

وقد ورد في بعض الرّوايات أنّه سئل الإمام الصادق عن «تزكية النفس» فقال نعم إذا اضطرّ إليه ـ أما سمعت قول يوسف أحيانا للضرورة ـ ثمّ استدلّ بموضعين من كلام الأنبياء أحدهما اقتراح يوسف على عزيز مصر أن يكون مسئولا ومشرفا على خزائن مصر وتعقيبه :( إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) وقول العبد الصالح :( أَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ ) .(٢)

* * *

__________________

(١) نهج البلاغة ، من كتاب له برقم ٢٨.

(٢) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٦٦.

٢٥٧

الآيات

( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى (٣٤) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى (٣٥) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى (٣٦) وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) أَلاَّ تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى (٤٠) ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى (٤١) )

سبب النّزول

ذكر أغلب المفسّرين أسبابا لنزول الآيات أعلاه ، إلّا أنّها لا تنسجم كثيرا مع الآيات هذه ، وما هو معروف بكثرة شأنان للنّزول :

١ ـ إنّ هذه الآيات ناظرة إلى «عثمان بن عفّان» حيث كانت لديه أموال طائلة وكان ينفق منها ، فقال له بعض أرحامه واسمه «عبد الله بن سعد» : إذا واصلت إنفاقك فلا يبقى عندك شيء ، فقال عثمان : لدي ذنوب وأريد أن أنال بإنفاقي رضا ربّي وعفوه. فقال له عبد الله : إن أعطيتني ناقتك بما عليها من جهاز تحمّلت ذنوبك وجعلتها في رقبتي ، ففعل عثمان وأشهده على ما اتّفق عليه وامتنع من الإنفاق بعدئذ. «فنزلت الآيات وذمّت هذا العمل بشدّة ، وأوضحت أنّه لا يمكن لأحد أن

٢٥٨

يحمل وزر الآخر وكلّ ينال جزاء سعيه»(١) .

٢ ـ إنّ الآية في شأن «الوليد بن المغيرة» إذ جاء إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصبا إلى الإسلام فلامه بعض المشركين وقال : تركت ما كان عليه كبراؤنا وعددتهم ضلّالا وظننت أنّهم من أهل النار! فقال إنّي أخاف من عذاب الله. فقال له اللائم : إن أعطيتني شيئا من مالك ورجعت إلى الشرك تحمّلت وزرك وجعلته في رقبتي! ففعل الوليد بن المغيرة ذلك إلّا أنّه لم يعط من المال المتّفق عليه إلّا قليلا. فنزلت الآية ووبّخته على ارتداده من الإيمان(٢) .

التّفسير

كلّ يتحمّل مسئولية أعماله :

كان الكلام في الآيات السابقة في أن يجزي الله تعالى من أساء بإساءته ويثيب المحسنين بإحسانهم وبما أنّه من الممكن أن يتصوّر أن يعذّب أحد بذنب غيره أو أن يتحمّل أحد وزر غيره ، فقد جاءت هذه الآيات لتنفي هذا التوهّم في المقام ، وبيّنت هذا الأصل الإسلامي المهمّ أنّ كلّا يرى نتيجة عمله ، فقالت أوّلا :( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ) أي تولّى من الإسلام أو الإنفاق!؟( وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى ) (٣) بمعنى أنّه أنفق القليل ثمّ امتنع وأمسك وهو يظنّ أنّ غيره سيحمل وزره يوم القيامة.

فأيّ رجل جاءهم من الغيب و «القيامة» فأخبرهم بأنّه يمكن أخذ الرشوة وتحمّل آثام الآخرين؟ أو من جاءهم من قبل الله فأخبرهم بأنّ الله راض عن هذا

__________________

(١) ذكره الطبرسي في مجمع البيان ومفسّرون آخرون أمثال الزمخشري في الكشّاف والفخر الرازي في التّفسير الكبير ويضيف الطبرسي أنّه ذكره ابن عبّاس والسدي والكلبي وجماعة من المفسّرين!

(٢) ذكر هذا الشأن صاحب مجمع البيان والقرطبي وروح البيان وروح المعاني وبعض التفاسير الاخر.

(٣) أكدى مأخوذ من الكدية ومعناه الصلابة ، ثمّ أطلق على من يمسك والبخيل.

٢٥٩

التعامل إلّا ما تدور في أذهانهم من أوهام؟ فهم يتّبعون ما يتوهّمون فرارا من تحمّل المسؤولية.

وبعد هذا تأتي الآية الاخرى لتبيّن اعتراض القرآن الشديد على ذلك ، وبيان لأصل كلّي مطّرد في الأديان السماوية كلّها فتقول : ترى أهذا الذي امتنع عن الإنفاق أو الإيمان بالوعود الخيالية. ويريد أن يخلص نفسه من عذاب الله بإنفاقه اليسير والزهيد من أمواله ، أتغنيه هذه الخيالات والتصوّرات :( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) (١) .

«إبراهيم» : هو ذلك النّبي العظيم الذي أدّي حقّ رسالة الله ، وبلّغ ما أمره به ووفي بجميع عهوده ومواثيقه ، ولم يخش تهديد قومه وطاغوت زمانه ، ذلك الإنسان الذي امتحن بمختلف الامتحانات حتّى بلغ به أن يقدّم ولده ليذبحه بأمر الله ، وخرج منتصرا مرفوع الرأس من جميع هذه الامتحانات ونال المقام السامي لقيادة الامّة كما نقرأ هذا المعنى في الآية (١٢٤) من سورة البقرة إذ تقول :( وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) .

وقال بعض المفسّرين في توضيح معنى الآية : أنّه بذل نفسه للنيران وقلبه للرحمن وولده للقربان وماله للإخوان(٢) .

ثمّ تأتي الآية الاخرى لتقول :( أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) .

«الوزر» في الأصل مأخوذ من «الوزر» ـ على زنة خطر ـ ومعناه المأوى أو الكهف أو الملجأ الجبلي ، ثمّ استعلمت هذه الكلمة في الإعباء الثقيلة! لشباهتها الصخور الجبلية العظيمة ، وأطلقت على الذنب أيضا ، لأنّه يترك عبئا ثقيلا على ظهر الإنسان.

__________________

(١) وفّى مصدره توفية معناه البذل والأداء التامّ

(٢) روح البيان ، ج ٩ ، ص ٢٤٦.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

الاول، فيبقى على إحرامه بالنسبة إلى الطيب والنساء والصيد لا غير حتى يأتي بالمناسك، ويتحقق في الثاني، فيتحلل ويعيد الحج من قابل، ويلوح من كلام ابن الجنيد(١) التحلل والاجتزاء بقضاء باقي المناسك، وقال ابن حمزة(٢) : يتسنيب فيها ولم يذكر التحلل، ولو منع عن سعي العمرة أمكن التحلل، لعدم إفادة الطواف شيئا.

ولو ظن انكشاف العدو تربص ندبا، فإن استمر تحلل بالهدي إن لم يتحقق الفوات وإلا فبالعمرة، ولو عدل إلى العمرة مع الفوات فصد عن إتمامها تحلل أيضا، وكذا لو قلنا: ينقلب إحرامه إليها بالفوات، وعلى هذا لو صار إلى بلده ولما يتحلل وتعذر العود في عامه لخوف الطريق فهو مصدود، فله التحلل بالذبح والتقصير في بلده.

ولو كان العدو يندفع بالقتال لم يجب وأن ظن الظفر، ويجوز إذا كانوا مشركين، ومنعه الشيخ(٣) التفاتا إلى إذن الامام في الجهاد، ويندفع بأنه نهي عن منكر، ولو كانوا مسلمين فالاولى ترك قتالهم، ولو فعله جاز من حيث النهي عن المنكر، ولو ظن العطب أو تساوى الاحتمالان سقط في الموضعين.

ولو بدأوا بالقتال وجب دفاعهم مع المكنة في الموضعين، فإن لبسوا جنة القتال كالجباب والجواشن والمخيط فعليهم الفدية، ولو طلبوا مالا ففيه ما سلف في الشرائط، ولو لم يوثق بهم لم يجب قطعا، والشيخ(٤) لم يوجب على التقديرين وإن قل، والفاضل(٥) إذا كثر كره دفعه إن كان العدو كافرا للصغار.

____________________

(١) المختلف: ج ١ ص ٣١٨.

(٢) الوسيلة: ص ١٩٤.

(٣) المبسوط: ج ١ ص ٣٣٤.

(٤) نفس المصدر.

(٥) المنتهى: ج ٢ ص ٨٤٩.

٤٨١

ويجب قضاء الحج والعمرة بعد التحلل إذا كانا مستقرين، وإلا وجب إن بقيت الاستطاعة، سواء قضاه(١) في عامه أو لا، ولو كان الاصل ندبا استحب القضاء، والتسمية بالقضاء في مواضعه مجاز، لعدم الوقت المحدود.

فروع ستة: لا فرق بين الصد العام والخاص بالنسبة إلى المصدود، فلو حبس الظالم بعض الحاج تحلل، ولو(٢) كان بحق وهو قادر عليه لم يتحلل، وإلا تحلل، ولو كان عليه دين يحل قبل قدوم الحاج فمنعه صاحبه من المضي تحلل.

الثاني: لو أحاط العدو بهم جاز التحلل، لانه زيادة في العذر، ولانهم يستفيدون به الامن ممن أمامهم.

الثالث: لو صد عن الموقفين دون مكة فله التحلل والمصابرة، فإن فات الحج فالعمرة، ولا يجوز فسخه إلى العمرة قبل الفوات كما جاز فسخ حج الافراد إلى العمرة ابتداء، لان المعدول إليه هناك عمرة التمتع المتصلة بالحج، فهو عدول من جزء إلى كل، بخلاف هذه الصورة فإنه إبطال للحج بالكلية، نعم لو كان الحج ندبا إفردا أمكن ذلك، لانه يجوز له التحلل لا إلى بدل فالعمرة أولى.

الرابع: لا يجب على المصدود إذا تحلل بالهدي من النسك المندوب حج ولا عمرة، ولا يلزم من وجوب العمرة بالفوات وجوبها بالتحلل، إذ ليس التحلل فواتا محضا.

الخامس: لو أحرم الرق بغير إذن سيده حلله من غير هدي، وكذا لو أذن له في نسك فأتى بغيره، وإن كان عدولا إلى الادنى، كما لو أذن له في الحج

____________________

(١) في " م ": قضى.

(٢) في " م ": وإن.

٤٨٢

فاعتمر، أو في التمتع فقرن على مذهب ابن أبي عقيل، لانه يسقط عنه سعي الحج عنده لتحقق المخالفة، مع احتمال المنع، وكذا لو قرن على مذهب الجعفي، والاحتمال فيه أقوى، لعدم الفرق بينهما إلا في تعجيل التحلل. هذا إذا كان السياق لا من مال السيد إن جوزناه من الاجنبي، وإلا فله تحليله قطعا، لان القران بغير سياق باطل بإجماعنا والتمتع لم ينوه.

ولو أذن له في الاحرام في وقت فقدمه فله تحليله قبل حضور الوقت المأذون فيه، وفي ما بعده تردد، التفاتا إلى مصادفة المأذون فيه، وإلى أن أصله وقع فاسدا، والاول مختار الفاضل(١) ، والاشبه الثاني.

السادس: لو اجتمع الاحصار والصد فالاشبه تغليب الصد، لزيادة التحلل به، ويمكن التخيير، وتظهر الفائدة في الخصوصيات، والاشبه جواز الاخذ بالاخف من أحكامهما، ولا فرق بين عروضهما معا أو متعاقبين، نعم لو عرض الصد بعد بعث المحصر، أو الاحصار بعد ذبح المصدود ولما يقصر، ففي ترجيح جانب السابق قوي، وهنا لواحق متفرقة.

(١٢١) درس

صرح في ثامن ضروب الحج من التهذيب(٢) جواز الحج ندبا والصلاة ندبا والزكاة ندبا لمن عليه واجب، والتمتع للمكي في الحج المندوب أفضل. وإشعار الابل وهي باركة ونحرها قائمة، ويستقبل بها حال الاشعار القبلة، ويتولاه بنفسه تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله(٣) ، ويقول: بسم الله اللهم منك ولك تقبل مني. فإن عقد به الاحرام فليكن في الميقات بعد غسله ولبس ثوبيه

____________________

(١) التذكرة: ج ١ ص ٣٩٧.

(٢) التهذيب: ب ٤ ضروب الحج ذيل ح ٩٢ ج ٥ ص ٣٠.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٣٦ ح ٣، ب ٣٥ ح ٣ من ابواب الذبح ج ١٠ ص ١٣٥ ١٣٦.

٤٨٣

وصلاة الاحرام، ولو لم يتمكن من السوق ثم تمكن فحيث يمكن يشعر أو يقلد.

واشترط ابن الجنيد(١) أن تكون النعل قد صلى فيها مهديه، ويلوح منه أن السير والخيط مما صلى فيه، لان تقليد الغنم بخيط أو سير جائز.

وفسر الصادق عليه السلام(٢) لسفيان الثوري قوله تعالى: " تلك عشرة كاملة "(٣) أن كمالها كمال الاضحية، أي هما سواء في الكمال، وروى معاوية(٤) عنه تسميته طواف النساء طواف الزيارة.

وصرح المفيد(٥) رحمه الله بتقديم القارن والمفرد طوافهما وسعيهما، وهو في صحيح حماد بن عثمان(٦) والحلبي(٧) عنه عليه السلام، ورواه عن الباقر عليه السلام زرارة(٨) .

وفي صحيح عبدالرحمن بن الحجاج(٩) عن الصادق عليه السلام إحرام المجاور(١٠) بحجه من الجعرانة بكسر الجيم وكسر العين، وقال(١١) الباقر عليه السلام(١٢) لمن أحرم قبل الميقات: لا يعرض لي بابان كلاهما حلال إلا أخذت باليسير إن الله يحب اليسر ويعطي على اليسر ما لا يعطي على العنف، وفيه تلويح بصحته، ولانه لم يأمره بالاعادة، إلا أنه معارض بنحو رواية ابراهيم الكرخي(١٣)

____________________

(١) لا يوجد لدينا كتابه.

(٢) التهذيب: ب ٤ ضروب الحج ح ١٢٠ ج ٥ ص ٤٠.

(٣) سورة البقرة: الآية ١٩٦.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٢ من أبواب أقسام الحج ح ١٣ ج ٨ ص ١٥٦.

(٥) لم نعثر عليه.

(٦) وسائل الشيعة: ب ١٤ من أبواب أقسام الحج ح ١ ج ٨ ص ٢٠٤.

(٧) وسائل الشيعة: ب ١٣ من أبواب أقسام الحج ح ٤ ج ٨ ص ٢٠٣.

(٨) وسائل الشيعة: ب ١٤ من أبواب أقسام الحج ح ٢ ج ٨ ص ٢٠٤.

(٩) وسائل الشيعة: ب ٩ من أبواب أقسام الحج ح ٥ ج ٨ ص ١٩٢.

(١٠) في " ز ": المجاور مكة.

(١١) في " ق " قال.

(١٢) وسائل الشيعة: ب ١١ من أبواب المواقيت ح ٧ ج ٨ ص ٢٣٥.

(١٣) وسائل الشيعة: ب ٩ من أبواب المواقيت ح ٢ ج ٨ ص ٢٣١.

٤٨٤

المتضمنة لعدم الانعقاد، فتحمل الاولى على النذر أو التقية.

وروى عبدالله بن سنان(١) الاحرام للمدني من ستة أميال إذا لم يأت الشجرة، وروي(٢) أن الصادق عليه السلام أخر الاحرام عن الشجرة إلى الجحفة للمرض، وروى أبوشعيب المحاملي(٣) مرسلا تأخير المضطر إلى الحرم.

ولم أقف الآن على رواية بتحريم غير المخيط، إنما نهي(٤) عن القميص والقباء والسراويل، وفي صحيح معاوية(٥) لا تلبس ثوبا تزره ولا تدرعه ولا تلبس سراويل، وتظهر الفائدة في الخياطة في الازار وشبهه.

وروى علي بن أبي حمزة(٦) عن أبي الحسن والكاظم عليه السلام أن الحائض لا تقدم طواف النساء، فإن أبت الرفقة الاقامة عليها استعدت عليهم، والاصح جوازه لها ولكل مضطر، رواه الحسن بن علي(٧) عن أبيه عنه، وفي الرواية الاولى إشارة إلى عدم شرعية استنابة الحائض في الطواف، كما يقوله متأخروا الاصحاب في المذاكرة.

وقد روى الكليني(٨) في الحسن عن الصادق عليه السلام في امرأة حاضت ولم تطف طواف النساء، فقال: لا يقيم عليها جمالها ولا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها تمضي وقد تم حجها، وهو لا ينافي إعادة الطواف من قابل، وهو دليل أيضا على عدم استنابتها، ويؤيده أيضا ما رواه عن أبي

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٧ من أبواب المواقيت ح ١ و ٣ ج ٨ ص ٢٣٠.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٦ من أبواب المواقيت ح ٤ ج ٨ ص ٢٢٩.

(٣) وسائل الشيعة: ب ١٦ من أبواب المواقيت ح ٣ ج ٨ ص ٢٤١.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٤٥ من أبواب تروك الاحرام ح ١ و ٢ ج ٩ ص ١١٥.

(٦) وسائل الشيعة: ب ٦٤ من أبواب الطواف ح ٥ ج ٩ ح ٤٧٤.

(٧) وسائل الشيعة: ب ٦٤ من أبواب الطواف ح ١ ج ٩ ص ٤٧٣.

(٨) وسائل الشيعة: ب ٨٤ من أبواب الطواف ح ١٣ ج ٩ ص ٥٠٠.

٤٨٥

الحسن(١) في امرأة حاضت فخافت أن يفوتها الحج تتحمل بقطنة بماء اللبن فانقطع، وروي(٢) أيضا أنها تدعو لانقطاعه.

وروى اسحاق بن عمار(٣) عن أبي الحسن عليه السلام ما رأيت الناس أخذوا عن الحسن والحسين عليهما السلام إلا الصلاة بعد العصر وبعد الغداة في طواف الفريضة، وروى محمد بن مسلم(٤) عن الباقر عليه السلام في ركعتي طواف الفريضة أكرهه عند اصفرار الشمس عند طلوعها، وروى(٥) غيره أيضا ذلك، ويعارضها رواية ميسر(٦) عن الصادق عليه السلام وغيرها.

ولا يجوز التقدم إلى منى على التروية بأزيد من ثلاثة أيام، قاله المفيد(٧) ، لرواية اسحاق بن عمار(٨) عن أبي الحسن عليه السلام، وروى عبدالرحمن بن الحجاج(٩) عنه عليه السلام أن أباه كان يقول: ذو الحجة كله من أشهر الحج.

وروى السكوني(١٠) بإسناده إلى علي عليه السلام في المحرم والمحل يقتلان صيدا، على المحرم الفداء وعلى المحل نصف الفداء، وروى أبوبصير(١١) عن الصادق عليه السلام في بيضة النعامة شاة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، فإن لم يستطع

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٩٢ من أبواب الطواف ح ١ ج ٩ ص ٥٠٨.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٩٣ من أبواب الطواف ح ١ ج ٩ ص ٥٠٨.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٧٦ من أبواب الطواف ح ٤ ج ٩ ص ٥٨٧.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٧٦ من أبواب الطواف ح ٧ ج ٩ ص ٤٨٨.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٧٦ من أبواب الطواف ح ١٢ ج ٩ ص ٤٨٩.

(٦) وسائل الشيعة: ب ٧٦ من أبواب الطواف ح ٦ ج ٩ ص ٤٨٨.

(٧) لم نعثر عليه.

(٨) وسائل الشيعة: ب ٣ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ح ١ ج ١٠ ص ٤.

(٩) وسائل الشيعة: ب ٥١ من أبواب الذبح ح ٤ ج ١٠ ص ١٦٥.

(١٠) وسائل الشيعة: ب ٢١ من أبواب كفارات الصيد ح ١ ج ٩ ص ٢١٢.

(١١) وسائل الشيعة: ب ٢٣ من أبواب كفارات الصيد ح ٣ ج ٩ ص ٢١٥.

٤٨٦

فإطعام عشرة مساكين إذا أصابه وهو محرم، وهو محمول على بيض اشتراه نضيجا أو مكسورا وإلا وجب الارسال، وروى زرارة(١) عن أحدهما عليهما السلام إن قتل الصبي المحرم صيدا فعلى أبيه.

واليوم المشهود يوم عرفة، ويوم الحج الاكبر يوم النحر.

(١٢٢) درس

روى الكليني عن زرارة(٢) أيضا عن أحدهما عليهما السلام أن الجمار ركن يرمين كلهن يوم النحر ثم ترك ذلك، وعن حمران(٣) أن الباقر عليه السلام كان يرميهن جمع يوم النحر.

وعن معاوية بن عمار(٤) عن الصادق عليه السلام المعتمر إذا ساق الهدي يحلق قبل الذبح، وروى(٥) أيضا عنه النحر قبل الحلق، ومثله رواه زرارة(٦) ، وروى معاوية(٧) أيضا أن الحزورة بين الصفا والمروة.

وعن الحلبي(٨) عن الصادق عليه السلام إذا لبى من لا يريد الحج بحج أو عمرة فليس بشئ ولا ينبغي له أن يفعل، وروى البزنطي(٩) مرسلا عن الصادق عليه السلام أعظم الناس وزرا من وقف وسعى وطاف وصلى ثم

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ١٧ من أبواب أقسام الحج ح ٥ ج ٨ ص ٢٠٨.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١٦ من أبواب رمي جمرة العقبة ح ٢ ج ١٠ ص ٨٢.

(٣) وسائل الشيعة: ب ١٦ من أبواب رمي جمرة العقبة ح ٣ ج ١٠ ص ٨٢.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٣ من أبواب الحلق والتقصير ح ٢ ج ١٠ ص ١٨١.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٣ من أبواب الحلق والتقصير ح ١ ج ١٠ ص ١٨١.

(٦) وسائل الشيعة: ب ٣ من أبواب الحلق والتقصير ح ٣ ج ١٠ ص ١٨١.

(٧) وسائل الشيعة: ب ٤ من أبواب الذبح ح ٤ ج ١٠ ص ٩٣.

(٨) وسائل الشيعة: ب ١٧ من أبواب الاحرام ح ٤ ج ٩ ص ٢٥.

(٩) وسائل الشيعة: ب ٣٨ من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح ٨ ج ٨ ص ٦٦.

٤٨٧

ظن أن الله لم يغفر له.

وعن الفضيل بن يسار(١) عن أحدهما عليهما امن حج ثلاث ولاء فهو بمنزلة مدمن الحج وإن لم يحج، وروى عمر بن يزيد(٢) عن الصادق عليه السلام لا يلي الموسم مكي.

والدفن في الحرم أفضل من عرفات ولو مات بها، رواه علي بن سليمان(٣) .

وروى داود الرقي(٤) عن الصادق عليه السلام أنه شكا إليه غريما له خاف توى ماله عليه، فأمره بالطواف عن عبدالمطلب وعبدالله وأبي طالب وآمنة وفاطمة بنت أسد، كل واحد منهم اسبوعا وركعتيه، ثم الدعاء برد ماله، ففعل فإذا غريمه واقف على باب الصفا لايفائه.

وحافظ متاع القوم حتى يطوفوا أعظمهم أجرا عن الصادق عليه السلام(٥) ، (وعنه(٦) العقود عند المريض أفضل من الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله(٧) ، وعنه عليه السلام(٨) من سبق إلى موضع فهو أحق به يومه وليلته، ومن أماط أذى من طريق مكة كتب الله له حسنة ومن كتب له حسنة لم يعذبه(٩) ، ولا يزال العبد في حد الطواف ما دام حلق الرأس عليه(١٠).

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٤٥ من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح ٩ ج ٨ ص ٨٩.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٥ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ح ٢ ج ١٠ ص ٧.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٤٤ من أبواب مقدمات الطواف ح ٢ ج ٩ ص ٣٨١.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٥١ من أبواب الطواف ح ٣ ج ٩ ص ٤٦١.

(٥) وسائل الشيعة: ب ١١ من أبواب الطواف ح ١ ج ٩ ص ٣٩٩.

(٦) وسائل الشيعة: ب ١١ من ابواب الطواف ح ٢ ج ٩ ص ٤٠٠.

(٧) ما بين المعقوفتين أثبتناه من بقية النسخ.

(٨) وسائل الشيعة: ب ٥٦ من أبواب أحكام المساجد ح ١ ج ٣ ص ٥٤٢.

(٩) وسائل الشيعة: ب ٤٧ من أبواب الطواف ح ١ ج ٩ ص ٣٨٥.

(١٠) وسائل الشيعة: ب ١٢ من أبواب الحلق والتقصير ح ١ ج ١٠ ص ١٩١.

٤٨٨

وروى الحسين بن مسلم(١) عن أبي الحسن عليه السلام يوم الاضحى يوم الصوم ويوم عاشوراء يوم الفطر.

وروى الصدوق(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام أن الله تبارك وتعالى حول الكعبة عشرين ومائة رحمة، منها ستون للطائفين وأربعون للمصلينوعشرون للناظرين، وروى(٣) أيضا أن من صلى في المسجد الحرام صلاة واحدة قبل الله منه كل صلاة صلاها وكل صلاة يصليها إلى أن يموت.

وإذا رد النائب فاضل الاجرة استحب للمستأجر ترك أخذه، رواه الصدوق(٤) ، وروى(٥) أيضا أن النائب إذا مات قبل الفعل ولا مال له أجزأ عن الميت، وإن كان له عند الله حجة أثبتت لصاحبه، وقال الصادق عليه السلام(٦) لمن حج عن اسماعيل: لك تسع وله واحدة، وحجة الجمال والتاجر والاجير تامة.

ويؤخر الاحرام بالصبي عند البرد إلى العرج، فإن شق فالجحفة، فإن شق فبطن مر، وكان علي بن الحسين عليه السلام(٧) يضع السكين في يد الصبي ويقبض الرجل على يده فيذبح.

ومن أدان وحج قضى دينه، والمؤمن محرم المؤمنة، لقوله تعالى: " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض "(٨) ، واستنابة الرجل عن المرأة أفضل، ويجوز

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ١٠ من أبواب أحكام شهر رمضان ح ٦ ج ٧ ص ٢٠٦.

(٢) الفقيه: باب فضائل الحج ح ١٥٣ ج ٢ ص ٢٠٧.

(٣) الفقيه: باب فضل المساجد ح ٦٨١ ج ١ ص ٢٢٨.

(٤) الفقيه: ح ٦٨ ٢٨ ج ٢ ص ٤٢٢.

(٥) الفقيه: ح ٢٨٧١ ج ٢ ص ٤٢٣.

(٦) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب النيابة في الحج ح ٨ ج ٨ ص ١١٦.

(٧) وسائل الشيعة: ب ٣٦ من أبواب الذبح ح ٢ ج ١٠ ص ١٣٧.

(٨) سورة التوبة: الآية ٧١.

٤٨٩

للوصي في الاستئجار للحج مباشرته، ولو شك الوارث في حج المورث حج عنه، إذا علم أنه قد وجب عليه واستقر، ويجوز ن يتمتع عن واحد ويحج عن آخر، وأفتى به الجعفي(١) ، ولو أحرم في شهر وأحل في آخر كتب له أفضلهما، ويجوز تشريك الغير في الحج ندبا ولو بعد فراغه.

(١٢٣) درس

من كلام ابن الجنيد قال(٢) : روى ابن عباس(٣) أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا حج الاعرابي ثم هاجر فعليه اخرى، ولعله على الندب.

وجعل عسفان ميقاتا لمن دخل مفردا للعمرة إذا أراد أن يتمتع بعمرة، وخير بينه وبين ذات عرق، وجعل ميقات أهل مكة لحجهم الجعرانة. واستحب أن يكون في أول ذي الحجة، وكذا المجاور ما لم يتجاوز المكي الحرم فلا عمرة عليه لدخوله. ولا يجزئ الاحرام بغير صلاة إلا للحائض. وفائدة الاشتراط إباحة تأخير قضاء النسك، ولولاه لوجب المبادرة في أول أوقات الامكان. والاحتياط لمن أراد التمتع أن ينوي المتعة ويهل بالحج. وليكثر من لبيك ذا المعارج، لان فيها إثبات فضيلة رسول الله صلى الله عليه وآله في الاسراء. ولا بأس بالمراوحة بين الاثواب إذا كان قد أخرج جميعها عند الميقات. ولو وطئ بعير الراكب ليلا شيئا في وكره بغير عمد فلا جزاء عليه، مع أنه قال: لا فرق بين العامد وغيره، ويمكن إخراج هذا للحرج كما لو ملاء الجراد الطرق.

____________________

(١) و(٢) لا يوجد لدينا كتابه.

(٣) سنن البيهقي: باب إثبات فرض الحج ٤ ص ٣٢٥.

٤٩٠

وقال: لو علم أن النعامة ذات فراخ أهدى بدنة ذات جنين ونحرهما جميعا، وفي أكل الجراد عمدا دم ومعناه إذا كان على الرفض لاحرامه، وقال: لو اجتمعت في الصيد الواحد أفعال يوجب كل منها الجزاء بانفراده لم تتداخل، كما لو أشار إلى صيد حتى صيد، ثم أعان عليه حتى ذبح، ثم أكل منه، ثم أطعم.

ومن نفر طيور الحرم كان عليه لكل طائر ربع قيمته، ولم يذكر العود ولا عدمه، وإذا أحرم وفي ملكه صيد خلاه خارج الحرم، فإن أدخله وجب تخليته إن كان ممتنعا، وإلا حفظه حتى يمتنع.

قال: ولا يستحب أن يحرم وفي يده صيد ولا لحم صيد، وقيد في الميتة المقدمة على الصيد للقادر على الفداء بأن يكون مباحا أكلها بالذكاة وألا أكل الصيد.

وقال: لا يصلي إذا دخل المسجد تطوعا حتى يطوف ويصلي له ويسعى، ولو طاف في ما ليس له لبسه في إحرامه افتدى عن كل ثوب بدم، وهو مخالف للمشهور، وجعل استئناف طواف الفريضة عند قطعه أحوط، وجوز البناء ولكن يبتدئ بالحجر، وكذلك الساعي يبتدئ بالصفا أو بالمروة لو قطعه في أثناء الشوط، ولو ابتدأ بالسعي قبل الطواف أعاده بعده، فإن فاته ذلك قدم، والمشهور وجوب الاعادة مطلقا.

ولا يحل الطيب بالحلق لمكي أخر إحرامه إلى يوم التروية، وعلى الامام أن يمضي للطوافين والسعي من منى ليومه، ويعود حتى يصلي بالناس الظهر بمنى، ولا يؤخر المتمتع الزيارة عن يوم النحر، وكذا من بحكمه، وهو المكي الذي أخر إحرامه إلى يوم التروية.

قال: وروي عن أبي جعفر عليه السلام(١) الاتمام في الثلاثة الايام بمنى

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٢٧ من أبواب صلاة المسافر ح ٣ ج ٥ ص ٥٥٤.

٤٩١

للحاج، وأرى ذلك إذا نوى مقام خمسة أيام أولها أيام منى، وهو شاذ.

ومن تعذر حمله إلى الجمرة يرمي بالحصى في يد غيره مكبرا مع كل حصاة، ويفصل بين كل سبع منها بدعاء، ثم يأمر الغير بالرمي.

ومن نفر في الاول لم يقرب الصيد حتى يمضي اليوم الثالث.

ويحرم إجارة بيوت مكة فيدفع الحاج الاجرة عن حفظ رحله.

وتجب الاضحية على البالغ مرة واحدة والاستحباب في كل سنة، ويجوز التبرع بها عن الغير، ويستحب كون الاضحية من غالب قوت بلد الضحية، فإن اشترك فمن أعلاها، ويجوز أن يشرك فيها من يشاء من أهله وغيره حاضرا أو غائبا، إلا من لا يجوز توليه في الدين أو من يريد أن لا يهدي نصيبه منه.

ويكره التعرض للصوف والشعر واللبن من الاضحية الواجبة، ولا بأس به في التطوع، ولا يذبح أمام المصر إلا في المصلى بعد خطبته، وروت أم سلمة(١) أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إذا أهل هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره.

والفرعة والعتيرة والبحيرة والسائبة والوصيلة والحامي التي كانت الجاهلية توجبها في مواسمها منسوخة بالهدي والاضحية والعقيقة، ويفهم من هذا أنها كانت مشروعة والقرآن ينفيه، إلا أن يعني بالنسخ الرفع المطلق.

(١٢٤) درس

منع ابن ادريس(٢) من الاحرام عمن زال عقله، لسقوط الحج عنه، وجوز ذلك عنه من الولي جماعة، وهو المعتمد، ولا يلزم من سقوط التكليف عنه عدم

____________________

(١) سنن ابن ماجة: باب ١١ من كتاب الاضاحي ح ٣١٤٩ ج ٢ ص ١٠٥٢.

(٢) السرائر: ج ١ ص ٦٢٠.

٤٩٢

الاعتداد به، كإحرام الصبي المميز والاحرام بغير المميز، وتظهر الفائدة لو زال المانع قبل الوقوف.

وقال: لا يكره الاحرام في الكتان وإن كره التكفين فيه.

ولو قتل الطير الاهلي غرم لصاحبه قيمته السوقية، وتصدق بقيمته الشرعية على المساكين، ويشكل إذا كان في الحل، نعم لو كان في الحرم كالقماري وقال بملكه أمكن ما قاله، وكذا إذا أراد بالقيمة الفداء.

وفي فرخ النعامة إبل في سنه، ونقل عن بعض الاصحاب أن في الفرخ إذا تحرك في بيضة الحمامة شاة.

وقال سلار(١) في الوداع: من السنة المتأكدة صلاة ركعتين فما زاد بإزاء كل ركن، آخرها الركن الذي فيه الحجر، وعد(٢) من موجبات الدم الاحرام بالعمرة في رجب ثم المقام بمكة حتى يحرم(٣) منها للرواية(٤) السالفة، ومنع المستحاضة من دخول الكعبة(٥) .

ومن فتاوى الجعفي(٦) يجوز للمدني تأخير الاحرام إلى الجحفة، ويجوز لمريد الاحرام التطيب بما ليس فيه مسك ولا عنبر، وهما ضعيفان، ولا يلبس ثوبا مخيطا يتدرعه.

ولو عجز عن بدنة النعامة أطعم ثلاثين مسكينا، فإن عجز صام ثمانية عشر يوما، وفي بقرة البقرة يعجز عنها الصدقة على ثمانية عشر مسكينا، فإن عجز صام تسعة أيام، وفي شاة الظبي يعجز عنها الصدقة على عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام، وفي شاة الثعلب والارنب يعجز عنها صيام ثلاثة أيام، وكلها متروكة.

وفي اليحمور والايل ونحوهما ما في حمار الوحش وهي بقرة، ولم يذكره الاصحاب، ومن نتف ريش طير في الحرم تصدق على مسكين باليد الناتفة،

____________________

(١) المراسم: ص ١١٧.

(٢) المراسم: ص ١٢٠ ١٢١.

(٣) في " ز ": يحرم بالحج.

(٤) وسائل الشيعة: ب ١٨ من ابواب العود إلى منى ح ٣ ج ١٠ ص ٢٣١.

(٥) المراسم: ص ١٢٣.

(٦) لايوجد لدينا كتابه.

٤٩٣

وعليه أن يمسكه ويعلفه حتى ينبت، وفي بغاث الطير مد، وفي العصفور(١) والقبرة والفاختة والحجلة واليعفور جدي، وهو شاذ.

وقال: لو عجز عن الارسال في بيض الحمام والطير ففي كل بيضة شاة، ثم إطعام عشرة مساكين، ثم صيام ثلاثة أيام، وجوز الظلال للصبيان، وجعل المشي أفضل من الركوب، والحفا أفضل من الانتعال، ويجعل بينه وبين جمرة العقبة عشرين ذراعا.

وقال أبوالصلاح الحلبي(٢) : ميقات المجاور ميقات بلده، ويجوز له الاحرام من الجعرانة، وإن ضاق الوقت فمن خارج الحرم، وميقات المعتمر ميقات أهله، فإن اعتمر من مكة فخارج الحرم، وميقات أهله أفضل، ومن منزله بين الميقات ومكة إحرامه من الميقات أفضل، وأهل مكة مخيرون بين سائر المواقيت، وأوجب في قتل الزنابير صاعا، وفي قتل الكثير دم شاة.

وقال المفيد رحمه الله(٣) : في الزنبور تمرة، فإن قتل كثيرا منها تصدق بمد من طعام أو مد من تمر، وقال(٤) : يكره للمحرم أن يأكل من يد امرأته أو أمته شيئا تلقمه إياه، ويسقط المشي عن ناذره بعد طواف النساء، وروى المفيد(٥) عن الصادق عليه السلام سقوطه إذا رمى جمرة العقبة.

ومن فروع المبسوط(٦) : يكره للمحرم لبس الثياب المعلمة بالابريسم وخطبة النساء، ولو وطئ العاقد محرما لزمه المسمى إن سمى وإلا فمهر المثل، والاقرب مهر المثل وإن سمى، ولا تبطل الاجارة المطلقة بالتأخير، وليس

____________________

(١) في " ز ": الصعوة.

(٢) الكافي في الفقه: ص ٢٠٢.

(٣) المقنعة: ص ٤٣٨.

(٤) المقنعة: ص ٤٣٤.

(٥) المقنعة: ص ٤٤٩.

(٦) المبسوط: ج ١ ص ٣٢٠.

٤٩٤

للمستأجر فسخها، وقد مر ثبوت الخيار.

ويدخل أغنياء الحاج في الوصية للحاج، وإن كان الفقراء أفضل، ولو قال: من حج عني فله عبد أو دينار أو درهم فحج تخير الجاعل في دفع واحد منها، ويحتمل أجرة المثل للجهالة.

وقال: في الزنبور تمرة، فإن قتل كثيرا منها تصدق بمد من طعام أو مد من تمر، وقال: يحرم الدبا كالجراد، ويشكل بعدم تحليله، ويحرم البيض الذي يكسره المحرم، والاقرب حله.

وفي الخلاف(١) : لا يحرم صيد وج وهو مكان بالطائف ولا يكره للاصل، وهو بالواو والجيم المشددة.

(١٢٥) درس

ينبغي للامام الاعظم إذا لم يشهد الموسم نصب امام عليه في كل عام، كما فعل النبي صلى الله عليه وآله(٢) من تولية علي عليه السلام سنة تسع على الموسم وأمره بقراء‌ة براء‌ة، وكان قد ولى غيره فعزله عن أمر الله تعالى، وولي علي عليه السلام على الحج أيام ولايته الظاهرة.

وروى ابن بابويه(٣) عن العمري أن المهدي عليه السلام يحضر الموسم في كل سنة، يرى الناس ويرونه ويعرفهم ولا يعرفونه.

ويشترط في الوالي العدالة والفقه في الحج، وينبغي أن يكون شجاعا مطاعا ذا رأي وهداية وكفاية.

وعليه في مسيره أمور خمسة عشر: جمع الناس في سيرهم ونزولهم حذرا من المتلصصة، وترتيبهم في السير والنزول، وإعطاء كل طائفة معتادا في السير

____________________

(١) الخلاف: ج ١ ص ٤٤٢.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٥٣ من أبواب الطواف ح ١ ج ٩ ص ٤٦٣.

(٣) كمال الدين: باب من شاهد القائم (ع) ح ٨ ج ٢ ص ٤٤٠.

٤٩٥

وموضعا من النزول، ليهتدي ضالهم إليهم، وأن يرتاد لهم المياه والمراعي، وأن يسلك بهم أوضح الطرق وأخصبها وأسهلها مع الاختيار.

وأن يحرسهم في سيرهم(١) ونزولهم، ويكف عنهم من يصدهم عن المسير ببذل مال أو قتال مع إمكانه، ولو احتاج إلى خفارة بذل لها أجرة، فإن كان هناك بيت مال أو تبرع به الامام أو غيره فلا بحث، وإن طلب من الحجيج فقد مر حكمه، وأن يرفق بهم في السير على سير أضعفهم، وأن يحمل المنقطع منهم من بيت المال أو من الوقف على الحاج إن كان، وإلا فهو من فروض الكفاية.

وأن يراعي في خروجه الاوقات المعتادة، فلا يتقدم بحيث يؤدي إلى فناء الزاد، ولا يتأخر فيؤدي إلى النصب أو فوات الحج، وأن يؤدب الجناة حدا أو تعزيرا إذا فوض إليه ذلك، وأن يحكم بينهم إن كان أهلا، وإلا رفعهم إلى الاهل.

وأن يمهلهم عند الوصول إلى الميقات ريثما يتهيؤا له بفروضه وسننه، ويمهلهم بعد النفر لقضاء حوائجهم من المناسك المتخلفة وغيرها، وأن يقيم على الحائض والنفساء كي ما تطهرا، روي(٢) نصا، وأن يسير بهم إلى زيارة النبي والائمة عليهم السلام، ويمهلهم بالمدينة بقدر أداء مناسك الزيارات والتوديع وقضاء حاجاتهم.

وعليه في إمامة المناسك أمور: الاعلام بوقت الاحرام ومكانه وكيفيته، وكذا في كل فعل ومنسك، والخطب الاربع تتضمن أكثر ذلك، ولتكن الاولى بعد صلاة الظهر من اليوم السابع من ذي الحجة وبعد إحرامه لمكان تقدمه إلى منى، والثانية يوم عرفة قبل صلاة الظهر، والثالثة يوم النحر، والرابعة في النفر الاول.

____________________

(١) في " ز " مسيرهم.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٣٦ من أبواب آداب السفر إلى الحج ح ١ ج ٨ ص ٣٠٥.

٤٩٦

وكلها مفردة إلا خطبة عرفة فإنها اثنتان، يعرفهم في الاولى كيفية الوقوف وآدابه ووقت الافاضة ومبيت المزدلفة ووقت الافاضة منها، ويحضهم على الدعاء والاذكار، ثم يجلس جلسة خفيفة كالاولى، ويقوم إلى الثانية فيأتي بها مخففة، بحيث يفرغ منها بفراغ المؤذن من الاذان والاقامة، وصرح الشيخ في الخلاف(١) بأن الخطبة قبل الاذان، قال ابن الجنيد(٢) : وروي عن الصادق عليه السلام(٣) أن النبي صلى الله عليه وآله خطب بعرفة بعد الصلاة، وأنه خطب الرابعة في غد يوم النحر.

وتقدمه في الخروج إلى منى ليصلي بها الظهرين، وتخلفه فيها حتى تطلع الشمس، وكذا يتخلف بجمع حتى تطلع ولا يلبث بعد طلوعها، وتقدمه يوم النحر في الافاضة إلى مكة، ثم يعود ليومه ليصلي الظهرين بالحجيج في منى، وتأخره بمنى إلى النفر الثاني، ثم يتقدم الصلاة الظهرين بمكة، وأمر أهل مكة بالتشبه بالمحرمين أيام الموسم، وإمامة الحجيج في الصلوات وخصوصا الصلوات التي معها الخطب.

وعلى الناس طاعته فيما يأمر به، ويستحب لهم التأمين على دعائه، ويكره التقدم بين يديه فيما ينبغي التأخر عنه وبالعكس، ولو نهى حرم.

وعليه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخصوصا فيما يتعلق بالمناسك والكفارات، ولو كان الحكم مختلفا فيه بين علماء الشيعة فليس لهم أن يأمرهم باتباع مذهبه إذا لم يكن الامام الاعظم أو من أخذ عنه، إلا أن يكون الخطأ ظاهرا فيه لندور القول، فله رد معتقده.

ويجوز أن يتولى الامام الواحد وظائف السفر وتأدية المناسك وأن يفوضا

____________________

(١) الخلاف: ج ١ ص ٤٠٧.

(٢) لم نعثر عليه.

(٣) لا يوجد لدينا كتابه.

٤٩٧

إلى إمامين، ولو كان إمام التأدية والتعليم حلالا جاز، والظاهر أنه مكروه لما فيه من تغيير سنة السلف، ولو أمر الامام مناديا أن ينادي أيام منى كما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله(١) بديل بن ورقا ألا لا تصوموا فإنها أيام أكل وشرب وبعال كان حسنا.

(١٢٦) درس

لنختم كتاب الحج بأخبار اثني عشر: الاول: روى البزنطي(٢) عن ثعلبة عن ميسر، قال: كنا عند أبي جعفر عليه السلام في الفسطاط نحوا من خمسين رجلا، فقال لنا: أتدرون أي البقاع أفضل عند الله منزلة؟ فلم يتكلم أحد، فكان هو الراد على نفسه، فقال: تلك مكة الحرام التي رضيها الله لنفسه حرما وجعل بيته فيها.

ثم قال: أتدرون أي بقعة في مكة أفضل حرمة؟ فلم يتكلم أحد، فكان هو الراد على نفسه، فقال: ذلك المسجد الحرام.

ثم قال: أتدرون أي بقعة في المسجد أعظم عند الله حرمة؟ فلم يتكلم أحد، فكان هو الراد على نفسه، فقال: ذلك بين الركن الاسود إلى باب الكعبة، ذلك حطيم اسماعيل عليه السلام الذي كان يذود فيه غنيمته ويصلي فيه. فوالله لو أن عبدا صف قدميه في ذلك المكان، قائما الليل مصليا حتى يجنه النهار، وقائما النهار حتى يجنه الليل، ولم يعرف حقنا وحرمتنا أهل البيت، لم يقبل الله منه شيئا أبدا.

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٥١ من أبواب الذبح ح ٨ ج ١٠ ص ١٦٦.

(٢) ثواب الاعمال: ح ٣ ص ٢٤٤ مع بعض الاختلاف في سنده.

٤٩٨

إن أبانا إبراهيم عليه السلام وعلى محمد وآله كان مما اشترط على ربه أن قال: رب اجعل افئدة من الناس تهوي إليهم، أما أنه لم يعن الناس كلهم، فأنتم أولئك رحمكم الله ونظراؤكم، وإنما مثلكم في الناس مثل الشعرة السوداء في الثور الانور.

الثاني: ما رواه الصدوق(١) بإسناده إلى أبي حمزة الثمالي، قال: قال لنا علي بن الحسين عليه السلام: أي البقاع أفضل؟ فقلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، فقال: أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أن رجلا عمر ما عمر نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك المكان، ثم لقي الله عزوجل بغير ولايتنا، لم ينفعه ذلك شيئا.

الثالث: ما رواه سعيد الاعرج(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: أحب الارض إلى الله عزوجل مكة، وما تربة أحب إلى الله من تربتها، ولا حجر أحب إليه(٣) من حجرها، ولا شجر أحب إليه(٤) من شجرها، ولا جبال أحب إليه(٥) من جبالها، ولا ماء أحب إليه(٦) من مائها.

الرابع: ما رواه الصدوق(٧) عن الباقر عليه السلام، قال: أتى آدم هذا البيت ألف أتية على قدميه، منها سبعمائة حجة وثلثمائة عمرة، وكان يأتيه من ناحية الشام على ثور.

الخامس: عن الصادق عليه السلام(٨) من أم هذا البيت حاجا أو معتمرا تبرء من الكبر، رجع من ذنوبه كهيئة(٩) يوم ولدته امه، والكبر أن يجهل الحق

____________________

(١) من لا يحضره الفقيه: ح ٢٣١٣ ج ٢ ص ٢٤٥.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١٩ من أبواب مقدمات الطواف ح ١ ج ٩ ص ٣٤٩.

(٣) و(٤) و(٥) و(٦) في " م " و " ق ": إلى الله.

(٧) من لا يحضره الفقيه: ح ٢٢٧٤ ج ٢ ص ٢٢٩.

(٨) وسائل الشيعة: ب ٣٨ من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح ١ ج ٨ ص ٦٤ وفيه مبرء‌ا.

(٩) في " ز ": كهيئته.

٤٩٩

ويطعن على أهله.

السادس: قال الصادق عليه السلام(١) : من نظر إلى الكعبة، فعرف من حقنا وحرمتنا مثل الذي عرف من حقها وحرمتها، غفر الله له ذنوبه وكفاه هم الدنيا والآخرة، وروي(٢) من نظر إلى الكعبة لم يزل يكتب له حسنة ويمحى عنه سيئة حتى يصرف بصره عنها.

السابع: قال الباقر عليه السلام(٣) : ما يقف أحد على تلك الجبال بر ولا فاجر إلا استجاب الله له، فأما البر فيستجاب له في آخرته ودنياه، وأما الفاجر فيستجاب له في دنياه، وما من رجل وقف بعرفة من أهل بيت من المؤمنين إلا غفر الله لاهل ذلك البيت من المؤمنين، وما من رجل من أهل كورة وقف بعرفة من المؤمنين إلا غفر الله لاهل تلك الكورة من المؤمنين.

الثامن: عن الصادق عليه السلام(٤) للذي يحج عن الرجل أجر وثواب عشر حجج، ويغفر له ولابيه ولامه ولابنه ولابنته ولاخيه ولاخته ولعمه وعمته ولخاله وخالته.

التاسع: قال الصادق عليه السلام(٥) : من أنفق درهما في الحج كان خيرا له من مائة ألف درهم ينفقها في حق، قال ابن بابويه(٦) : وري أن درهما في الحج أفضل من ألفي ألف درهم في ما سواه في سبيل الله، وأن درهما يصل إلى الامام مثل ألف ألف في الحج(٧) .

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٢٩ من أبواب مقدمات الطواف ح ٥ ج ٩ ص ٣٦٤.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٢٩ من أبواب مقدمات الطواف ح ٦ ج ٩ ص ٣٦٤.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٦٢ من أبواب النيابة في الحج ح ٢ ج ٨ ص ١١٤.

(٤) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب النيابة في الحج ح ٢ ج ٨ ص ١١٦.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٤٢ من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح ١٠ ج ٨ ص ٨٢.

(٦) من لا يحضره الفقيه: ح ٢٢٤٩ ج ٢ ص ٢٢٥.

(٧) في باقي النسخ: مثل ألف ألف في حج.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526