الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٧

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل11%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 526

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 526 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156786 / تحميل: 6155
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

السلام إلى أن قال : فأخذته وتنحّيت ناحية ، فقرأته فإذا والله فيه جواب مسألة مسألة ، فعند ذلك قطعت عليه وتركت الوقف(1) ، انتهى.

وربما استفيد توثيقه من استجازة أحمد بن محمّد بن عيسى ؛ ولا ريب أنّ كونه عينا من عيون هذه الطائفة ووجها من وجوهها أولى.

وفيتعق : قولصه : خيّران ، مرّ ما فيه في إلياس.

وقوله : واسمع بعد ، يشير إلى أنّهم ما كانوا يعتمدون على ما في الأصول ولا يروون حتّى يسمعونه من المشايخ ويأخذون منهم الإجازة ، ويظهر ذلك من كثير من التراجم.

وقوله : عين ، مرّ ما فيه في الفوائد.

وقال جدّي العلاّمة : عين ، توثيق ، لأنّ الظاهر استعارته بمعنى الميزان باعتبار صدقه كما كان الصادقعليه‌السلام يسمّي أبا الصباح بالميزان لصدقه ، بل الظاهر أنّ قولهم : وجه ، توثيق ، لأنّ دأب علمائنا السابقين في نقل الأخبار كان عدم النقل إلاّ عمّن كان في غاية الثقة ، ولم يكن يومئذ مال ولا جاه حتّى يتوجّهوا إليهم بها(2) بخلاف اليوم ولذا يحكمون بصحّة خبره(3) ، انتهى.

قلت : وفي رواية محمّد بن أحمد بن يحيى عنه وعدم الاستثناء أيضا إشارة إلى وثاقته ، وكذا في رواية ابن أبي عمير عنه ، وكذا كونه شيخ الإجازة ، سيّما وأن يكون المستجيز أحمد.

وصحّح العلاّمةرحمه‌الله طرقا كثيرة للصدوق هو فيها ، منها إلى‌

__________________

(1) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام 2 : 228 / 1.

(2) في المصدر والتعليقة : لهما.

(3) روضة المتّقين : 14 / 45.

٤٢١

أحمد بن عائذ ، ومنها إلى أبي الحسن النهدي(1) ، مضافا إلى ما في المسالك في كتاب التدبير عند ذكر رواية عنه : أنّ الأصحاب ذكروها في الصحيح(2) ، وكذا في حاشيته على شرحه على اللمعة(3) .

وبالجملة : الظاهر أنّ حديثه يعدّ من الصحاح كما قاله جدّي.

وفي الوجيزة : ثقة(4) .

هذا ، وقال الشيخ في آخر زيادات زكاة التهذيب : وهو يعني الحسن ابن عليّ وهو ابن بنت إلياس وكان وقف ثمّ رجع وقطع(5) ، انتهى.

ويشهد له ما مرّ عن العيون.

وفي كشف الغمّة عنه قال : كنت بخراسان فبعث إليّ الرضاعليه‌السلام يوما. إلى أن قال : فقلت : أشهد أنّك إمام مفترض الطاعة ، وكان سبب دخولي في هذا الأمر(6) .

وفي الكافي عنه قال : أتيت خراسان وأنا واقف. ثمّ ذكر نحوه ، وليس فيه أنّه كان سبب دخوله في هذا الأمر(7) .

وقال المحقق الشيخ محمّدرحمه‌الله : الحكم بوقفه يتوقّف على كون هذا الكلام ـ أي المذكور عن التهذيب ـ من الشيخ ، ولم يعلم. واحتمال كونه ( عن ابن عقدة الراوي أقرب ، ويحتمل كونه )(8) من الراوي عن الوشّاء‌

__________________

(1) الخلاصة : 280 ، ذكر فيها الطريقان.

(2) مسالك الافهام : 2 / 111.

(3) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة : 6 / 325.

(4) الوجيزة : 189 / 501.

(5) التهذيب 4 : 149 / 417.

(6) كشف الغمة : 2 / 301.

(7) الكافي 1 : 288 / 12.

(8) ما بين القوسين لم يرد في نسخة « م ».

٤٢٢

وهو محمّد بن المفضّل بن إبراهيم الذي وثّقهجش (1) ، لكنّه ليس بمجزوم ، إلاّ أن يكتفى بالظهور ، وفيه ما فيه.

أقول : فيما ذكره ما لا يخفى. وأمر وقفه مرّ الكلام فيه في الفوائد(2) .

أقول : ذكره في الحاوي ـ مع ما علم من طريقته ـ في قسم الثقات ، وقال : لا يبعد استفادة توثيقه من عبارةجش ومن استجازة أحمد. ورأيت كلاما لبعض فضلاء العصر يقتضي التوقّف في شأنه لرواية ضعيفة حكاها الشيخ في التهذيب في آخر كتاب الزكاة ، وكأنّه توهّم أنّ ما فيها كلام الشيخ ، وليس كذلك. ويؤيّد ما قلناه وصف جمع من الأصحاب الأخبار التي فيها هذا(3) الشيخ العظيم الشأن الذي هو عين من عيون هذه الطائفة بالصحّة في كثير من المواضع(4) ، انتهى.

وهو جيّد ، إلاّ أنّ منع كون ما في التهذيب كلام الشيخ كما سبق عن المحقّق الشيخ محمّدرحمه‌الله أيضا ليس بمكانه ، فلاحظ. مع أنّه إن لم يكن كلامهرحمه‌الله فهو كلام محمّد بن المفضّل الثقة لا محالة ، واحتمال كونه عن ابن عقدة بعيد غايته. هذا مضافا إلى ما مرّ عن(5) العيون والكشف. والكافي.

وفي كتاب الخرائج والجرائح عنه قال : كنّا عند رجل بمرو وكان معنا رجل واقفي ، فقلت له : اتق الله ، قد كنت مثلك ثمّ نوّر الله قلبي. إلى آخره(6) .

__________________

(1) رجال النجاشي : 340 / 911.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 104.

(3) هذا ، لم ترد في نسخة « ش ».

(4) حاوي الأقوال : 49 / 171.

(5) في نسخة « م » : من.

(6) الخرائج والجرائح 1 : 366 / 23.

٤٢٣

إلاّ أنّ كلّ ذلك لا يقتضي التوقّف في شأنه أصلا ، لأنّه لا كلام في رجوعه. ورواياته لا شكّ في صدورها بعده ، لأنّ الواقفة لا تروي عن الرضاعليه‌السلام ومن بعده ، لعدم اعتقادها إمامتهمعليهم‌السلام ، بل تعتقد خطأهم صلوات الله عليهم كما هو معلوم من مذهبها ، فتدبّر.

هذا ، ولم أره(1) في نسختي من الاختيار أيضا. نعم في ترجمة يونس ابن ظبيان ذكر أنّ عبد الله بن محمّد الطيالسي قال : كان الحسن بن عليّ الوشّاء ابن بنت إلياس يحدّثنا. إلى آخره(2) .

وفي المجمع : ليس له ذكر في اختيار الرجال المشهور بالكشّي ، والظاهر أنّجش نقل ذلك عنكش الأصل(3) ، انتهى.

وفيمشكا : ابن زياد الوشّاء الممدوح ، عنه يعقوب بن يزيد ، وأحمد ابن محمّد بن عيسى ، ومحمّد بن عيسى العبيدي ، وصالح بن أبي حمّاد ، والحسين بن(4) سعيد ، وإبراهيم بن هاشم ، وأيّوب بن نوح ، ومعلّى بن محمّد(5) .

769 ـ الحسن بن عليّ بن سفيان :

ابن خالد بن سفيان البزوفري ، خاصّ ، يكنّى أبا عبد الله ، لم يرو عن الأئمّةعليهم‌السلام ، وكان شيخا ثقة جليلا من أصحابنا ،صه (6) .

والذي وجدناه في لم : الحسين(7) ، ويأتي.

__________________

(1) في نسخة « م » : أر.

(2) رجال الكشّي : 363 / 672.

(3) مجمع الرجال : 2 / 128.

(4) في نسخة « ش » : زيادة : أبي.

(5) هداية المحدّثين : 190.

(6) الخلاصة : 40 / 10.

(7) رجال الشيخ : 466 / 27.

٤٢٤

ولم يذكره فيست أصلا ، مع أنّ فيجخ : له كتب ذكرناها في ست.

أقول : يأتي عنجش أيضا مصغّرا(1) ، ولذا لم يذكر في الوجيزة إلاّ الحسين(2) .

وفي النقد والحاوي وإن ذكرا اثنين تبعا للعلاّمة(3) رحمه‌الله ، إلاّ أنّهما قالا : إنّ الأوّل سهو منهرحمه‌الله (4) .

770 ـ الحسن بن عليّ بن عبد الله :

ابن المغيرة البجلي ، مولى جندب بن عبد الله ، أبو محمّد ، من أصحابنا الكوفيّين ، ثقة ثقة ،صه (5) .

وزادجش : له كتاب نوادر ، البرقي عنه به(6) .

وفيست : له كتاب ، أخبرنا به الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عن محمّد بن عليّ بن محبوب ، عنه(7) .

وفيتعق : قال جدّيرحمه‌الله : وثّقه الصدوق في الفقيه في باب لباس المصلّي(8) .

قلت : هذا بناء على كونه الحسن بن عليّ الكوفي كما حكمرحمه‌الله به ، وكذا المصنّف عند ذكر المشيخة(9) ، قال جدّي : ويدلّ عليه الأخبار في‌

__________________

(1) رجال النجاشي : 68 / 162.

(2) الوجيزة : 196 / 570.

(3) حيث أنّ العلاّمة ذكر الحسن كما مرّ ، والحسين : 50 / 9.

(4) نقد الرجال : 94 / 158 و 108 / 94 ، حاوي الأقوال : 49 / 173 و 57 / 202.

(5) الخلاصة : 44 / 43.

(6) رجال النجاشي : 62 / 147.

(7) الفهرست : 50 / 176.

(8) الفقيه 1 : 162 / 764 ، روضة المتّقين : 14 / 95.

(9) منهج المقال : 409.

٤٢٥

الكافي(1) وغيره(2) .

وفي الوجيزة : هو الحسن بن عليّ الكوفي بقول مطلق(3) .

وفي البلغة : هو على إطلاقه مشكل(4) .

أقول : ببالي أنّ المطلق ركن إلى قرينة دالّة عليه. ويحتمل إطلاقه كذلك على الحسن بن عليّ بن النعمان ، ونشير إليه في عليّ بن الحكم ، لكنّ الأغلب الأكثر هو الأوّل كما قالوا.

وفي النقد : روى عنه سعد بن عبد الله كما يظهر من التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة(5) . وقيل : وفي كتاب الحجّ أيضا في باب التلبية(6) (7) .

أقول : رأيته في الاستبصار في الباب المذكور كما ذكر : سعد عنه ، وهو عن عليّ بن مهزيار(8) .

ومن القرائن الدالّة على ما ذكروه من انصراف الإطلاق إليه أنّ في الكافي في عدّة مواضع ـ منها باب العقوق وباب حقّ الجوار وباب التقبيل ـ : أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن عبيس بن هشام(9) . وفي باب فضل حامل القرآن : أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن‌

__________________

(1) الكافي 2 : 260 / 3.

(2) روضة المتّقين : 14 / 117.

(3) الوجيزة : 189 / 502.

(4) بلغة المحدّثين : 347 هامش رقم 3.

(5) التهذيب 1 : 51 / 148 ، نقد الرجال : 94 / 159.

(6) التهذيب 5 : 86 / 286.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 105.

(8) الاستبصار 2 : 172 / 568.

(9) الكافي 2 : 260 / 3 و 490 / 10 و 148 / 1.

٤٢٦

عليّ بن عبد الله ، عن عبيس بن هشام(1) .

ومنها أنّ الشيخ صرّح فيست برواية الحسن بن علي الكوفي ، عن العبّاس بن عامر(2) . وفي الكافي في باب فضل حامل القرآن : أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن عليّ بن عبد الله ، عن العبّاس بن عامر(3) ، فتأمّل.

وفيمشكا : ابن عليّ بن عبد الله بن المغيرة الثقة ، ويقال له : الحسن ابن علي الكوفي ، عنه البرقي ، ومحمّد بن عليّ بن محبوب ، وسعد بن عبد الله ، وأبو علي الأشعري الذي يروي عنه الكليني(4) .

771 ـ الحسن بن عليّ بن فضّال :

ـ كوفي ، يكنّى أبا محمّد ـ ابن عمرو(5) بن أيمن مولى تيم الله ، لم يذكره أبو عمرو في رجال أبي الحسن الأوّلعليه‌السلام .

قال أبو عمرو : قال الفضل بن شاذان : كنت في قطيعة الربيع في مسجد الربيع أقرأ على مقرئ يقال له : إسماعيل بن عبّاد ، فرأيت قوما يتناجون ، فقال أحدهم : بالجبل رجل يقال له : ابن فضّال ، أعبد من رأينا وسمعنا به ، قال : فإنّه يخرج إلى الصحراء فيسجد السجدة فتجي‌ء الطير فتقع عليه فما تظنّ(6) إلاّ أنّه ثوب أو خرقة ، وإنّ الوحش لترعى حوله فما تنفر منه لما قد آنست به ، وإنّ عسكر الصعاليك ليجيئون يريدون الغارة أو قتال‌

__________________

(1) الكافي 2 : 442 / 6.

(2) الفهرست : 118 / 527.

(3) الكافي 2 : 445 / 5 ، في باب من حفظ القرآن ثمّ نسيه.

(4) هداية المحدّثين : 190 ، وفيها بدل ابن علي بن عبد الله : ابن علي بن عبيد الله.

(5) في المصدر : عمر.

(6) في نسخة « م » : نظن.

٤٢٧

قوم فإذا رأوا شخصه طاروا في الدنيا فذهبوا.

قال أبو محمّد : فظننت أنّ هذا رجل كان في الزمان الأوّل ، فبينا أنا بعد ذلك بيسير قاعد في قطيعة الربيع مع أبيرحمه‌الله إذ جاء شيخ حلو الوجه حسن الشمائل عليه قميص نرسي ورداء نرسي وفي رجله نعل مخصّر ، فسلّم على أبي ، فقام إليه أبي فرحّب به وبجّله ، فلمّا أن مضى يريد ابن أبي عميرقلت : من هذا الشيخ؟ قال : هذا الحسن بن عليّ بن فضّال ، قلت : هذا ذلك العابد الفاضل؟! قال : هو ذاك ،قلت : ليس هو ذاك ، ذاك بالجبل ، قال : هو ذاك كان يكون بالجبل ، قال : ما أغفل عقلك من غلام ، فأخبرته بما سمعت من القوم فيه ، قال : هو ذلك. فكان بعد ذلك يختلف إلى أبي.

ثمّ خرجت إليه بعد ذلك إلى الكوفة ، فسمعت منه كتاب ابن بكير وغيره من الأحاديث ، وكان يحمل كتابه ويجي‌ء إلى الحجرة فيقرأ(1) عليّ.

فلمّا حجّ ختن طاهر بن الحسين وعظّمه(2) الناس لقدره وماله ومكانه من السلطان ، وقد كان وصف له فلم يصر إليه الحسن ؛ فأرسل إليه : أحبّ أن تصير إليّ فإنّه لا يمكنني المصير إليك ، فأبى ؛ وكلّمه أصحابنا في ذلك ، فقال : مالي ولطاهر ، لا أقربهم ، ليس بيني وبينهم عمل. فعلمت بعد هذا أنّ مجيئه إليّ كان لدينه. إلى أن قال : وكان الحسن عمره [ كلّه ](3) فطحيّا مشهورا بذلك حتّى حضره الموت ، فمات وقد قال بالحقّ ،رضي‌الله‌عنه .

أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال : حدّثنا أبو الحسن بن داود ، قال : حدّثنا أبي ، عن محمّد بن جعفر المؤدّب ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ،

__________________

(1) في المصدر : فيقرأه.

(2) في نسخة « م » : وعظم.

(3) ما أثبتناه من المصدر.

٤٢٨

عن عليّ بن الريّان(1) ، قال : كنّا في جنازة الحسن ، فالتفت إليّ وإلى محمّد ابن الهيثم التميمي فقال لنا : ألا أبشّركما؟ فقلنا له : وما ذاك؟ فقال : حضرت الحسن بن عليّ قبل وفاته وهو في تلك الغمرات وعنده محمّد بن الحسن بن الجهم ، قال : فسمعته يقول : يا أبا محمّد تشهّد ، قال : فتشهّد الحسن فعبر عبد الله ، وصار إلى أبي الحسنعليه‌السلام ، فقال له محمّد بن الحسن : وأين عبد الله؟ فسكت ، ثمّ عاد فقال له : تشهّد ، فتشهّد وصار إلى أبي الحسنعليه‌السلام ، فقال له : وأين عبد الله؟ يردّد عليه ذلك ثلاث مرّات.

قال الحسن : قد نظرنا في الكتب فما رأينا لعبد الله شيئا.

قال أبو عمرو الكشّي : كان الحسن بن علي فطحيّا يقول بإمامة عبد الله ابن جعفر فرجع.

قال ابن داود في تمام الحديث : فدخل علي بن أسباط فأخبره محمّد ابن الحسن بن الجهم الخبر ، قال : فأقبل علي بن أسباط يلومه.

قال : فأخبرت أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال يقول محمّد بن عبد الله ، فقال : حرّف محمّد بن عبد الله على أبي.

قال : وكان والله محمّد بن عبد الله أصدق عندي لهجة من أحمد بن الحسن ، فإنّه رجل فاضل ديّن.

وذكره أبو عمرو في أصحاب الرضاعليه‌السلام خاصّة.

__________________

(1) في المصدر زيادة : عن محمّد بن عبد الله بن زرارة بن أعين. وسينبّه عليه المصنّف فيما بعد. وفي بعض نسخ النجاشي كما نقل عنه الشيخ المامقاني في تنقيح المقال : 1 / 297 والسيّد الخويي في رجاله : 5 / 44 ورد هكذا :. عن علي بن الريّان قال : كنّا في جنازة الحسن فالتفت محمّد بن عبد الله بن زرارة إليّ وإلى محمّد بن الهيثم التميمي فقال لنا : ألا ابشّركما.

وبهذا اتّضح أنّ قائل : قال كنّا ، هو علي بن الريّان ، وفاعل : فالتفت ، هو محمّد بن عبد الله.

٤٢٩

وله كتب ، عبد الله بن محمّد بن بنان عنه بكتابه الزهد ، وأحمد بن محمّد بن عيسى عنه(1) بكتابه المتعة وكتاب الرجال.

مات الحسن سنة أربع وعشرين ومائتين ،جش (2) .

وفيصه : روى عن الرضاعليه‌السلام وكان خصّيصا به ، وكان جليل القدر عظيم(3) المنزلة ، زاهدا ورعا ، ثقة في رواياته ، روىكش (4) عن سعد ابن عبد الله القمّي عن عليّ بن الريّان عن محمّد بن عبد الله بن زرارة بن أعين ، قال : كنّا في جنازة الحسن بن عليّ بن فضّال فالتفت إليّ وإلى محمّد ابن الهيثم التميمي(5) . إلى قوله : فلم نجد(6) لعبد الله شيئا. ثمّ قال :

وكان الحسن بن عليّ بن فضّال فطحيّا يقول بعبد الله بن جعفر قبل أبي الحسنعليه‌السلام فرجع. قال الفضل بن شاذان : كنت في قطيعة الربيع. إلى قوله : وكان بعد ذلك يختلف إلى أبي. ثمّ قال :

ماترحمه‌الله سنة أربع وعشرين ومائتين(7) .

وفيست : روى عن الرضاعليه‌السلام وكان خصّيصا به ، جليل القدر عظيم المنزلة ، زاهدا ورعا ، ثقة في الحديث وفي رواياته ، له كتب ، أخبرنا بجميع رواياته عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن عليّ بن الحسين ،

__________________

(1) عنه ، لم ترد في نسخة « م ».

(2) رجال النجاشي : 34 / 72.

(3) في نسخة « م » زيادة : الشأن.

(4) في المصدر زيادة : عن محمّد بن قولويه.

(5) التميمي ، لم ترد في نسخة « م ».

(6) لا يخفى أنّ الذي تقدّم عن النجاشي بدل فلم نجد : فما رأينا.

(7) الخلاصة : 37 / 2 ، ولم يرد فيها الترحّم.

٤٣٠

عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله والحميري ، عن أحمد بن محمّد ومحمّد بن الحسين ، عنه(1) .

وفيضا : كوفي ثقة(2) .

وفيكش : قال محمّد بن مسعود : عبد الله بن بكير وجماعة من الفطحيّة وهم(3) فقهاء أصحابنا ، منهم ابن بكير ، وابن فضّال ـ يعني الحسن ابن علي ـ وعمّار الساباطي ، وعليّ بن أسباط ، وبنو الحسن بن عليّ بن فضّال : عليّ وأخواه ، ويونس بن يعقوب ، ومعاوية بن حكيم. وعدّ(4) عدّة من أجلّة الفقهاء العلماء(5) .

وفي موضع آخر : قال أبو عمرو : قال الفضل بن شاذان : إنّي كنت في قطيعة الربيع. إلى قوله : فعلمت بعدها أنّ مجيئه إليّ ـ وأنا حدث غلام وهو شيخ ـ لم يكن إلاّ لجودة النية(6) .

وفيه أيضا حكاية إجماع العصابة(7) .

وفيه : محمّد بن قولويه عن سعد بن عبد الله. إلى آخر ما مرّ ، وبعد قوله فرجع : فيما حكي عنه في هذا الحديث إن شاء الله(8) .

__________________

(1) الفهرست : 47 / 163.

(2) رجال الشيخ : 371 / 2.

(3) في المصدر : هم.

(4) في نسخة « م » : وعدّه.

(5) رجال الكشّي : 345 / 639 ، وفيه : من أجلّة العلماء.

(6) رجال الكشّي : 515 / 993. ولا يخفى أنّ ما تقدّم عن الكشّي في كلام النجاشي هكذا : فعلمت بعد هذا أنّ مجيئه إليّ كان لدينه.

(7) رجال الكشّي : 556 / 1050 ، إلاّ أنّ الكشّي حكى إجماع العصابة عليه عن بعض.

(8) رجال الكشّي : 565 / 1067.

٤٣١

وقالطس : لم أستثبت حال محمّد بن عبد الله بن زرارة ، وباقي الرجال موثّقون ، انتهى.

وفيه توثيق محمّد بن قولويه وعليّ بن الريّان(1) .

ويستفاد من كلامجش توثيق محمّد بن عبد الله بن زرارة كما لا يخفى ، فالرجال كلّهم موثّقون بحمد الله ، فتدبّر.

وفيتعق : قوله : عبد الله بن محمّد بن بنان ، لفظة ابن الثانية سهو من من النسّاخ ، لأنّ عبد الله يلقّب ببنان.

وقوله : يستفاد من كلامجش ، المراد منه قوله : وكان والله. إلى آخره. والظاهر أنّه من كلام عليّ بن الريّان الثقة ، ويحتمل كونه من كلام ابن داود.

وكيف كان ، فهو(2) مقبول معتمد عليه.

وممّا يقوّي وثاقته تصديقه في هذا الحديث واعتمادكش بل وجش عليه.

وفي الوجيزة : ثقة(3) .

وقال المحقّق البحراني : قد يستفاد من بعض المواضع مدحه بل توثيقه(4) . والظاهر أنّه يريد ما في المقام. ويأتي أيضا فيه ما فيه(5) .

أقول : العجب من الشهيد الثانيرحمه‌الله حيث قال : في هذا السند‌

__________________

(1) التحرير الطاووسي : 132 / 98.

(2) أي : محمّد بن عبد الله.

(3) الوجيزة : 306 / 1698.

(4) راجع بلغة المحدّثين : 409.

(5) تعليقة الوحيد البهبهاني : 106. وعبارة : ويأتي أيضا فيه ما فيه ، لم ترد في نسختنا من التعليقة.

٤٣٢

محمّد بن عبد الله بن زرارة وحاله مجهول ، والمبشّر غير معلوم كما لا يخفى ، فثبوت إيمانه بذلك غير واضح(1) ، لما عرفت من جلالة محمّد بن عبد الله بن زرارة ، وهو المبشّر كما يستفاد من قوله : فأخبرت أحمد بن الحسن بن عليّ بقول محمّد بن عبد الله ، وقوله ثانيا : كان محمّد بن عبد الله أصدق لهجة ، وبه قطع ابنه وابن ابنه والفاضل عبد النبي الجزائري(2) والميرزا في المتوسّط(3) والسيّد مصطفى في الحاشية(4) .

فعلى هذا ، قائل قال لنا : عليّ بن الريّان ، ومحمّد بن عبد الله بن زرارة ساقط من أوّل السند في كلامجش ، فتدبّر.

وفي نسختي منست : الحسن بن عليّ بن فضّال كان فطحيّا يقول بإمامة عبد الله بن جعفر ـعليه‌السلام ـ ثمّ رجع إلى إمامه أبي الحسنعليه‌السلام عند موته ، ومات في سنة أربع وعشرين ومائتين ، وهو ابن التيملي بن ربيعة. إلى آخره. وكذا أيضا نقل في الحاوي(5) .

وفي ب : الحسن بن عليّ بن فضّال(6) ، ثقة ، كان خصّيصا بالرضاعليه‌السلام . ثمّ ذكر كتبه(7) .

ورأيت قطعجش أيضا بالرجوع ، فظهر إطباق الأصحاب على رجوعه ، إلاّ أنّه لا يجدي في رواياته نفعا ، لأنّها قبل الرجوع ، لأنّ الرجوع‌

__________________

(1) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : 21.

(2) حاوي الأقوال : 140 / 546.

(3) الوسيط : 223.

(4) نقد الرجال : 315 / 486 و 94 / 111.

(5) حاوي الأقوال : 199 / 1053.

(6) في المصدر زيادة : التيملي.

(7) معالم العلماء : 33 / 184.

٤٣٣

كان عند الموت ، وإن كان ظاهر قوله : قد نظرنا في الكتب فما رأينا لعبد الله شيئا ، سبق رجوعه.

هذا ، وعن كتاب الملل والنحل : الحسن بن عليّ بن فضّال من القائلين بإمامة جعفر الكذّاب ومن أجلّ أصحابهم وفقهائهم(1) ، انتهى.

وهو إمّا سهو أو كفر ، فافهم.

وفي الحاوي : يظهر من اعتماد محمّد بن مسعود الثقة الصدوق على الحسن بن علي في تعديل الرجال وتضعيفهم ـ على ما يظهر مكرّرا من كتابكش ـ أنّه مأمون مقبول القول عند الأصحاب(2) ، انتهى.

ولا يخفى أنّه اشتباه بعليّ بن الحسن بن فضّال ، فإنّه الذي أكثر محمّد ابن مسعود من النقل عنه على سبيل الاعتماد والاستناد في التعديل والتضعيف كما يأتي في ترجمته ، فلاحظ.

وفيمشكا : ابن عليّ بن فضّال الموثّق ، عنه أيّوب بن نوح ، وأبو طالب عبد الله بن أبي الصلت ، وعبد الله بن محمّد بن بنان ، وأحمد بن محمّد بن عيسى ، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، ومحمّد بن عبد الجبّار. وهو عن الرضاعليه‌السلام (3) ، انتهى ، فتأمّل.

772 ـ الحسن بن علي الكلبي :

له روايات. والحسن بن الحسين له روايات ، رويناهما عن ابن عبدون ، عن الأنباري ، عن حميد ، عن إبراهيم بن سليمان ، عنهما ،ست (4) .

__________________

(1) الملل والنحل : 1 / 151.

(2) حاوي الأقوال : 201 / 1053.

(3) هداية المحدّثين : 190 ، وفيها بدل ابن أبي الصلت : ابن الصلت.

(4) الفهرست : 51 / 189 و 190 ، وفيه : رويناهما بالإسناد الأوّل عن حميد عن إبراهيم بن

٤٣٤

ولعلّه ابن علوان المذكور.

773 ـ الحسن بن عليّ بن محمّد :

مرّ بعنوان ابن أبي قتادة ،تعق (1) .

774 ـ الحسن بن عليّ الناصر :

يروي عنه الصدوق قائلا : قدّس الله روحه(2) ،تعق (3) .

قلت : هذا هو الناصر المذكور جدّ السيّدين رضي الله عنهما ، فراجع.

775 ـ الحسن بن عليّ بن النعمان :

مولى بني هاشم ، أبوه عليّ بن النعمان الأعلم ، ثقة ، ثبت ،صه (4) .

وزادجش : له كتاب نوادر ، صحيح الحديث كثير الفوائد ، الصفّار ، عنه به(5) .

وفيست : له كتاب ، عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله والصفّار جميعا ، عنه(6) ، انتهى.

وفي بعض نسخه : له كتاب نوادر الحديث ، كثير الفوائد.

__________________

سليمان عنهما.

والاسناد : عن ابن عبدون عن الأنباري عن حميد ، الفهرست : 50 / 177. (1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 106.

(2) أمالي الصدوق : 293 / 4 ، وفيه : الحسن بن علي بن الناصر ، ولم يرد فيه : قدّس الله روحه.

(3) تعليقة الوحيد البهبهاني : 106.

(4) الخلاصة : 41 / 17.

(5) رجال النجاشي : 40 / 81.

(6) الفهرست : 54 / 201.

٤٣٥

وفيدي : ابن عليّ بن النعمان ، كوفي(1) .

وقيل : باحتمال رجوع توثيقصه وجش إلى الأب ، وربما استفيد توثيقه من وصف كتابه بصحيح الحديث ، وفيهما نظر ، لأنّ الكلام في الحسن لا في أبيه ، وتوثيقه يأتي في محلّه ، مع أنّ قولجش : له كتاب ، يريد به الحسن ، وعبارةصه هي عبارةجش ، وأمّا وصف الكتاب فإنّما يقتضي الحكم بصحّة حديثه إذا علم أنّه من كتابه لا مطلقا ـ كما هو مقتضى التوثيق ـ على أنّ ظاهر الجماعة كالعلاّمة الحكم بالصحّة مطلقا.

وفيتعق : قوله : لأنّ الكلام في الحسن ، يؤيّده أيضا كيفيّة توثيق الأب ، فلاحظ(2) .

وقال المحقق الشيخ محمّدرحمه‌الله : من عادةجش أنّه إذا وثّق(3) الابن لا يعيد التوثيق مع ذكر الأب في كثير من الرجال على ما رأيت ، انتهى.

وقوله : على أنّ ظاهر. إلى آخره ، فيه شي‌ء ، فتدبّر(4) .

أقول : قوله دام ظلّه : يؤيّده أيضا كيفية توثيق الأب ، الذي يختلج بخاطري الآن وفاقا للنقد(5) وشيخنا البهائي والماحوزي في مشرق الشمسين(6) والفوائد النجفيّة أنّها تؤيّد العكس ، فتأمّل.

__________________

(1) رجال الشيخ : 430 / 6 ، ذكره في أصحاب الإمام العسكريعليه‌السلام وليس في أصحاب الإمام الهاديعليه‌السلام .

(2) رجال النجاشي : 274 / 719.

(3) في التعليقة زيادة : الأب مع.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 106.

(5) نقد الرجال : 95 / 117.

(6) مشرق الشمسين : 277.

٤٣٦

إلاّ أنّ في(1) الوجيزة : ثقة على الأظهر(2) . وفي الحاوي أيضا ذكره في الثقات(3) ، فتدبّر.

وقول الميرزا : فإنّما يقتضي الحكم بصحّة حديثه. إلى آخره ، الذي ينبغي في الجواب : أنّ تصحيح الحديث لا يستلزم الوثاقة ، إذ لعلّه عرف من قرائن خارجيّة ، وأمّا بعد التسليم فيشكل التأمّل ، فتأمّل.

ومرّ في حذيفة بن منصور نقل الأستاذ العلاّمة دام علاه عن التهذيب ماله دخل ، فلاحظ.

وفيمشكا : ابن عليّ بن النعمان الثقة ، عنه الصفّار ، وأحمد بن أبي عبد الله ، وعمران بن موسى الثقة ، وابنه الحسن الثقة ، ومحمّد بن أحمد بن يحيى ، وسعد بن عبد الله كما في الفقيه(4) .

776 ـ الحسن بن علي الوشّاء :

هو ابن زياد.

777 ـ الحسن بن علي الهمداني :

أبو محمّد. في النقد : في التهذيب في باب الوصيّة لأهل الضلال أنّه مطعون(5) ،تعق (6) .

أقول : وفي الوجيزة : ضعيف(7) .

__________________

(1) في نسخة « ش » : فتأمّل وفي.

(2) الوجيزة : 189 / 505.

(3) حاوي الأقوال : 48 / 170.

(4) الفقيه ـ المشيخة ـ : 4 / 115 ، هداية المحدّثين : 191.

(5) التهذيب 9 : 204 / 812 ، نقد الرجال : 95 / 118.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني : 107.

(7) الوجيزة : 190 / 509.

٤٣٧

778 ـ الحسن بن عليّ بن يقطين :

ابن موسى ، مولى بني هاشم ، وقيل : مولى بني أسد ، كان ثقة فقيها متكلّما ، روى عن أبي الحسن موسى والرضاعليهما‌السلام ،صه (1) .

وزادجش : وله كتاب مسائل أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، عنه صالح مولى عليّ بن يقطين(2) .

وفيضا : ابن عليّ بن يقطين ، ثقة(3) .

أقول : في نسختي منست : ابن عليّ بن يقطين(4) ، بغدادي ، له كتاب(5) ، عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن محمّد بن أبي عبد الله ، عنه(6) .

وفي نسخة الحاوي بعد يقطين : مولى بني هاشمرحمه‌الله ، وبعد كتاب : موسى بن جعفرعليه‌السلام ، وكان فقيها متكلّما(7) .

ولم أره في نسختي رجال الميرزا كليهما.

وفيمشكا : ابن عليّ بن يقطين الثقة ، عنه صالح مولى عليّ بن يقطين ، وأحمد بن محمّد بن عيسى ، ومحمّد بن عيسى.

وفي التهذيب الحسن ذا سأل أبا الحسن الأوّل(8) ، وهو سهو ، لأنّه‌

__________________

(1) الخلاصة : 39 / 4.

(2) رجال النجاشي : 45 / 91 ، ولم يرد فيه التوثيق.

(3) رجال الشيخ : 372 / 7.

(4) في نسختنا من الفهرست زيادة : مولى بني هاشم.

(5) في الفهرست زيادة : مسائل موسى بن جعفرعليه‌السلام ، وكان فقيها متكلّما.

(6) الفهرست : 48 / 165.

(7) حاوي الأقوال : 49 / 172 ، وفيه : كتاب مسائل موسى بن جعفرعليه‌السلام .

(8) التهذيب 3 : 34 / 122.

٤٣٨

يروي عن الرضاعليه‌السلام لا غير(1) .

وفي التهذيب والاستبصار عن أخيه الحسين ، قال : سألت أبا الحسن الأوّل(2) ، وهو غلط أيضا ، بل الواسطة أبوه علي(3) .

779 ـ الحسن بن عليّ بن يوسف :

هو ابن بقّاح ،تعق (4) .

780 ـ الحسن بن عمّار :

عامّي ،قر (5) ،ق (6) .

قلت : يأتي ما فيه في الذي يليه.

781 ـ الحسن بن عمارة :

عامّي ،قر (7) .

وزادصه : من أصحاب الباقرعليه‌السلام (8) .

وفي ين : ابن عمارة الكوفي(9) .

وفيق : ابن عمارة بن أبي المضرب ، أبو محمّد البجلي الكوفي ، أسند عنه(10) .

__________________

(1) لا غير ، لم ترد في نسخة « ش ».

(2) التهذيب 2 : 76 / 285 ، الإستبصار 1 : 323 / 1207 إلاّ أنّ السند في الاستبصار : عن أخيه الحسين بن علي بن يقطين عن أبيه عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام .

(3) هداية المحدّثين : 191.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 107.

(5) رجال الشيخ : 114 / 14 ، ولم يرد فيه : عامي.

(6) رجال الشيخ : 183 / 301 ، ولم يرد فيه : عامي.

(7) رجال الشيخ : 115 / 17.

(8) الخلاصة : 212 / 1.

(9) رجال الشيخ : 88 / 19.

(10) رجال الشيخ : 166 / 15 ، وفيه : ابن عمارة بن المضرب.

٤٣٩

وفيقي : فيمن أدرك الصادقعليه‌السلام من أصحاب الباقرعليه‌السلام الحسن بن عمارة كوفي(1) ، بعد أن قال في أصحابهعليه‌السلام : الحسن بن عمارة(2) .

فلا يبعد اتّحاد الجميع.

وفيتعق : روى ابن أبي نصر في الصحيح عن أبان بن عثمان عنه(3) ، وفيه إشعار بالاعتماد عليه(4) .

قلت : مضافا إلى أنّه أسند عنه.

هذا ، وفي النقد أيضا مال إلى الاتّحاد(5) .

782 ـ الحسن بن عمرو بن منهال :

كوفي ، ثقة هو وأبوه أيضا ،صه (6) .

وزادجش قبل كوفي : ابن مقلاص(7) .

وفيست : له روايات ، حميد بن زياد ، عن أحمد بن ميثم ، عنهما(8) . هذا إذ قال قبله : الحسن ابن موفّق له روايات.

أقول : فيمشكا : ابن عمرو بن منهال الثقة ، عنه أحمد بن ميثم ، والقرينة فارقة(9) .

__________________

(1) رجال البرقي : 17.

(2) رجال البرقي : 13.

(3) الكافي 8 : 391 / 588.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 107.

(5) نقد الرجال : 96 / 121.

(6) الخلاصة : 43 / 36.

(7) رجال النجاشي : 57 / 133.

(8) الفهرست : 51 / 186.

(9) هداية المحدّثين : 40.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

التي تتميّز بأوراق عريضة جدّا وخضراء وجميلة ، وفاكهتها حلوة ولذيذة.

و «منضود» : من مادّة (نضد) بمعنى متراكم.

وممكن أن يشير هذا التعبير إلى تراكم الأوراق أو تراكم الفاكهة أو كليهما ، حتّى أنّ البعض قال : إنّ هذه الأشجار مليئة بالفاكهة إلى حدّ أنّها تغطّي سيقان وأوراق الأشجار.

وقال بعض المفسّرين : بالنظر إلى أنّ أوراق شجر السدر صغيرة جدّا ، وأوراق شجر الموز كبيرة جدّا ، فإنّ ذكر هاتين الشجرتين إشارة جميلة إلى جميع أشجار الجنّة التي تكون صفاتها بين صفات هاتين الشجرتين(١) .

ثمّ يستعرض سبحانه ذكر النعمة الثالثة من نعم أهل اليمين بقوله :( وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ) .

فسّر البعض هذا (الظلّ الواسع) بحالة شبيهة للظلّ الذي يكون بين الطلوعين من حيث انتشاره في كلّ مكان ، وقد نقل حديث للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذا المعنى في روضة الكافي(٢) .

والمقصود هنا أن لا حرّ في الجنّة ، وأنّ أهلها في ظلال لطيفة واسعد تلطّف الروح.

وينتقل الحديث إلى مياه الجنّة حيث يقول سبحانه :( وَماءٍ مَسْكُوبٍ ) .

«مسكوب» من مادّة (سكب) على وزن «حرب» وتعني في الأصل الصبّ ، ولأنّ صبّ الماء يكون من الأعلى إلى الأسفل بصورة تيّار أو شلّال فإنّه بذلك يصوّر لنا مشهدا رائعا حيث إنّ خرير المياه ينعش الروح ، ويبهر العيون ، وهذه هي إحدى الهبات التي منحها الله لأهل الجنّة ، ومن الطبيعي أنّ هذه الجنّة المليئة بالأشجار العظيمة ، والمياه الجارية ، لا بدّ أن تكون فيها فواكه كثيرة ، وهذا ما ذكرته

__________________

(١) الفخر الرازي في التّفسير الكبير نهاية الآية مورد البحث ، ج ٢٩ ، ص ١٦٢.

(٢) روضة الكافي ، مطابق نقل نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٢١٦.

٤٦١

الآية الكريمة ، حيث يقول سبحانه في ذكر خامس نعمة :( وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ ) .

نعم ، ليست كفواكه الدنيا من حيث محدوديتها في فصول معيّنة من أسابيع أو شهور ، أو يصعب قطفها بلحاظ الأشواك ، أو العلو مثل النخيل ، أو مانع ذاتي في نفس الإنسان ، أو أنّ المضيف الأصلي الذي هو الله والملائكة الموكّلين بخدمة أهل الجنّة يبخلون عليهم كلّا ، لا يوجد شيء من هذا القبيل ، فالمقتضي موجود بشكل كامل ، والمانع بكلّ أشكاله مفقود.

ثمّ يشير سبحانه إلى نعمة اخرى حيث يقول :( وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ) أي الزوجات الرفيعات القدر والشأن.

«فرش» : جمع فراش وتعني في الأصل كلّ فراش يفرش ولهذا التناسب فإنّها تستعمل في بعض الأحيان كناية عن الزوج (سواء كان رجلا أو امرأة) لذا جاء في الحديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : (الولد للفراش وللعاهر الحجر).

وفسّر البعض الفرش بمعناها الحقيقي وليس كناية ، واعتبرها إشارة إلى الفرش الثمينة والتي لها قيمة عظيمة في الجنّة. ولكن إذا فسّرت بهذه الصورة ، فسيقطع ارتباط هذه الآية مع الآيات اللاحقة التي تتحدّث عن حوريات وزوجات الجنّة.

ويصف القرآن الكريم زوجات الجنّة بقوله تعالى :( إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً ) .

وهذه الآية لعلّها تشير إلى الزوجات المؤمنات في هذه الدنيا حيث يمنحهنّ الله سبحانه خلقا جديدا في يوم القيامة ، ويدخلن الجنّة وهنّ في قمّة الحيوية والشباب والجمال والكمال الظاهر والباطن ، وبشكل يتناسب مع كمال الجنّة وخلوّها من كلّ نقص وعيب.

وإذا كان المقصود بذلك (الحوريات) فإنّ الله تعالى خلقهنّ بصورة لا يعتريهنّ فيها غبار العجز والضعف ، ويمكن أن يكون التعبير بالإنشاء إشارة إلى

٤٦٢

المعنيين أيضا.

ثمّ يضيف تعالى :( فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً ) .

واحتمال أن يكون الوصف مستمرّا ، كما صرّح كثير من المفسّرين بذلك ، وأشير له في الرّوايات الإسلامية أيضا ، حيث الزواج لا يغيّر وضعهنّ ويبقين أبكارا(١) .

ويضيف في وصفهنّ بوصف آخر فيقول تعالى :( عُرُباً ) .

(عربا) جمع (عروبة) على وزن (ضرورة) بمعنى المرأة التي يحكي وضع حالها عن مقام عفّتها وطهارتها ، وعمّا تكنّه من المحبّة لزوجها ، (إعراب) : على وزن (إظهار) معناه هو نفس مدلول الإظهار ، ويأتي هذا المصطلح أيضا بمعنى الفصاحة ولطافة الكلام ، ويمكن جمع المعنيين في هذه الآية.

والوصف الآخر لهن( أَتْراباً ) أي أنّها متماثلات في الجمال وأتراب في الظاهر والباطن ، ومتماثلات في العمر مع أزواجهنّ.

(أتراب) جمع (ترب) على وزن (ذهن) بمعنى المثل والشبيه ، وقال البعض : إنّ هذا المعنى أخذ من الترائب وهي عظام قفص الصدر ، لأنّها تتشابه الواحدة مع الاخرى.

إنّ هذا الشبه والتماثل يمكن أن يكون في أعمار الزوجات بالنسبة لأزواجهنّ ، كي يدركن إحساسات ومشاعر أزواجهنّ كاملة ، وبذلك تصبح الحياة أكثر سعادة وانسجاما ، بالرغم من أنّ السعادة تحصل مع اختلاف العمر أحيانا ، إلّا أنّ الغالب ليس كذلك. كما يمكن أن يكون المقصود بالتشابه والتساوي في الصفات الجمالية والنفسية وحسن الظاهر والباطن.

ثمّ يضيف تعالى :( لِأَصْحابِ الْيَمِينِ ) .

__________________

(١) روح المعاني ، ج ٢٧ ، ص ١٢٣ وبالضمن يجدر الانتباه إلى أنّ هذه الحالة ، مع فاء التفريع عطفت على الآية السابقة.

٤٦٣

وهذا تأكيد جديد على اختصاص هذه الصفات والنعم الإلهيّة بهم.

ويحتمل أيضا أن تكون هذه الجملة مكمّلة لجملة( إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً ) (١) .

وفي نهاية هذا العرض يقول سبحانه :( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) .

«ثلّة» : في الأصل بمعنى قطعة مجتمعة من الصوف ، ثمّ أطلقت على كلّ مجموعة من الناس عظيمة ومتماسكة ، وبهذا الترتيب فإنّ مجموعة عظيمة من أصحاب اليمين هم من الأمم السابقة ، ومجموعة عظيمة من الامّة الإسلامية ، لأنّ بين المجموعتين كثير من الصالحين والمؤمنين. بالرغم من أنّ السابقين للإيمان في الامّة الإسلامية أقلّ من السابقين للإيمان في الأمم السابقة ، وذلك لكثرة تلك الأمم وكثرة أنبيائها.

وقال البعض : إنّ هاتين المجموعتين كلاهما من الامّة الإسلامية ، قسم من أوّلهم وقسم من آخرهم ، إلّا أنّ التّفسير الأوّل أصحّ.

* * *

__________________

(١) في الصورة الاولى عبارة (أصحاب اليمين) خبر لمبتدأ محذوف ، وفي التقدير تصبح هكذا : (هذه كلّها لأصحاب اليمين) وفي الصورة الثانية جار ومجرور متعلّق بأنشأناهنّ ، والتّفسير الأوّل أصحّ.

٤٦٤

الآيات

( وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) )

التّفسير

العقوبات المؤلمة لأصحاب الشمال :

بعد الاستعراض الذي مرّ بنا حول النعم والهبات العظيمة التي منحها الله سبحانه للمقرّبين من عباده ولأصحاب اليمين من أوليائه ، يتطرّق الآن إلى ذكر المجموعة الثالثة( أَصْحابُ الشِّمالِ ) والعذاب المؤلم والعاقبة السيّئة التي حلّت بهم ، في عملية مقارنة لوضع المجموعات الثلاثة حيث يقول البارئ :( وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ ) .

٤٦٥

أصحاب الشمال هم الذين يستلمون صحائف أعمالهم بأيديهم اليسرى إشارة إلى سوء عاقبتهم ، وأنّهم من أهل المعاصي والذنوب ، وممّن تكون النار مصيرا لهم ، ويستعمل هذا التعبير عادة لبيان (حسن) أو (سوء) نهاية الإنسان كما في قولنا : السعادة أقبلت علينا يا لها من سعادة!. أو المصيبة داهمتنا يا لها من مصيبة. وكذلك في قوله تعالى :( وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ ) .

ثمّ يشير سبحانه إلى ثلاثة أنواع من العقوبات التي يواجهونها ، الهواء الحارق القاتل من جهة( سَمُومٍ ) والماء المغلي المهلك من جهة اخرى( وَحَمِيمٍ ) ، وظلّ الدخان الخالق الحارّ من جهة ثالثة( وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ) هذه الألوان من العذاب حاصرهم وتطوقهم وتسلب منهم الصبر والقدرة إنّها آلام وعذاب لا يطاق ، ولو لم يكن غيره من جزاء لكفاهم.

«سموم» : من مادّة (سمّ) بمعنى الهواء الحارق الذي يدخل في مسام الجلد فتهلكهم ، (ويقال للسمّ سمّا لأنّه ينفذ في جميع خلايا الجسم).

و «حميم» : بمعنى الشيء الحارّ ، وهنا جاء بمعنى الماء الحارق والذي أشير له في آيات قرآنية سابقة كما في قوله تعالى( يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ ) .(١)

«يحموم» : من نفس المادّة أيضا ، وهنا بمناسبة الظلّ فسّرت الكلمة بمعنى الظلّ الغليظ الأسود والحارّ.

ثمّ يضيف البارئ مؤكّدا فيقول :( لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ ) .

المظلّة عادة تحمي الإنسان من الشمس والمطر والهواء ولها منافع اخرى ، والظلّ المشار إليه في الآية الكريمة ليس له من هذه الفوائد شيء يذكر.

والتعبير بـ (كريم) من مادّة (كرامة) بمعنى مفيد فائدة ، ولذلك فإنّ المتعارف بين العرب إذا أرادوا أن يعرفوا شيئا أو شخصا بانّه غير مفيد يقولون (لا كرامة

__________________

(١) الحجّ. ١٩.

٤٦٦

فيه).

ومن الطبيعي أنّ مظلّة من الدخان الأسود الخانق لا ينتظر منها إلّا الشرّ والضرر (لا كرامة).

وبالرغم من أنّ أجزاء أهل النار له أنواع مختلفة مرعبة من العذاب ، إلّا أنّ ذكر الأقسام الثلاثة يكفي لإعطاء فكرة عن بقيّة الأهوال.

وفي الآيات اللاحقة يذكر الأسباب التي أدّت بأصحاب الشمال إلى هذا المصير المخيف والمشؤوم ، وذلك بثلاث جمل ، يقول في البداية :( إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ ) .

«مترف» : كما ورد في لسان العرب من مادّة ترف ـ على وزن (سبب) ـ بمعنى التنعّم ، وتطلق على الشخص الذي ملكته الغفلة وجعلته مغرورا سكران ، وجرّته إلى الطغيان.(١)

صحيح أنّ أصحاب الشمال ليسوا جميعا من زمرة المترفين ، إلّا أنّ المقصودين في القرآن الكريم هم أربابهم وأكابرهم.

والملاحظ في عصرنا الحاضر أنّ فساد المجتمعات وعوامل الانحراف ورأس الحروب والدمار ونزيف الدم وأنواع الظلم ومركز الشهوات والفساد في العالم أجمع بيد «الزمرة» المترفة المغرورة ، ولهذا فالقرآن الكريم قد شخصّهم وحدّد موقفه منهم ابتداء.

وهنالك رأي ثان وهو : إنّ نعم الله سبحانه واسعة وعديدة ولا تنحصر بالأموال فقط ، بل تشمل الصحّة والشباب والعمر فإذا كانت هذه النعم أو بعضها مبعثا للغرور والغفلة ، فإنّها ستكون مصدرا أساسيا للذنوب ، وهذا المفهوم يسري على أصحاب الشمال.

__________________

(١) لسان العرب ، ج ٩ ، ص ١٧.

٤٦٧

ثمّ يشير سبحانه إلى العامل الثاني الذي كان مصدرا وسببا لعذاب أصحاب الشمال ، فيقول سبحانه :( وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ ) .

«الحنث» في الأصل يعني كلّ نوع من الذنوب ، وقد استعمل هذا المصطلح في كثير من الموارد بمعنى نقض العهد ومخالفة القسم ، لكونه مصداقا واضحا للذنب ، وبناء على هذا فإنّ خصوصية أصحاب الشمال ليس فقط في ارتكاب الذنوب ولكن في الإصرار عليها ، لأنّ الذنب يمكن صدوره من أصحاب اليمين أيضا ، إلّا أنّهم لا يصرّون عليه أبدا ، ويستغفرون ربّهم ويعلنون التوبة إليه عند تذكّره.

وفسّر البعض «الحنث العظيم» بمعنى الشرك ، لأنّه لا ذنب أعظم من الشرك.

قال تعالى :( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ) (١) .

وفسّر (الحنث) بالكذب ، لأنّه أعظم الذنوب ، ومفتاح المعاصي ، خصوصا حينما يكون الكذب توأما لتكذيب للأنبياءعليه‌السلام والمعاد.

والظاهر أنّ هذه جميعا تعتبر مصاديق للحنث العظيم.

وثالث عمل سبب لهم هذا الويل والعذاب ، هو أنّهم قالوا :( وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) .

وعلى هذا فإنّ إنكار القيامة والذي هو بحدّ ذاته مصدر للكثير من الذنوب ، هو وصف آخر لأصحاب الشمال ، ومصدر لشقائهم. وتعبير( كانُوا يَقُولُونَ ) يوضّح لنا أنّهم كانوا يصرّون ويعاندون في إنكار يوم القيامة أيضا.

وهنا مطلبان جديران بالملاحظة وهما :

الأوّل : أنّ القرآن الكريم في معرض حديثه عن (المقرّبين) و (أصحاب اليمين) لم يعط توضيحا عن أعمالهم التي سبّبت لهم تلك النعم وذلك الجزاء ، إلّا ضمن إشارة عابرة. أمّا عند ما جاء دور الحديث عن أصحاب الشمال فقد وضّحت

__________________

(١) النساء ، آية ٤٨.

٤٦٨

أفعالهم بصورة كافية ، وذلك ليكون إتماما للحجّة عليهم من جهة ، وإظهار أنّ جزاءهم هذا كان انسجاما مع مبادئ العدالة تماما من جهة اخرى.

والمسألة الاخرى : أنّ الذنوب الثلاثة التي أشير إليها في الآيات الثلاثة السابقة كانت بمثابة نفي اصول الدين الثلاثة من قبل أصحاب الشمال.

ففي آخر آية تحدّث القرآن الكريم عن تكذيبهم ليوم القيامة ، وفي الآية الثانية عن إنكار التوحيد ، وفي الآية الاولى كانت الحديث عن المترفين وهي إشارة إلى تكذيب الأنبياء كما جاء في قوله تعالى :( وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ ) .(١)

والتعبير بـ( تُراباً وَعِظاماً ) لعلّه إشارة إلى أنّ لحومنا تتحوّل إلى تراب ، وعظامنا إلى رميم ، ومع ذلك فكيف نكون خلقا جديد؟

ولمّا كانت عودة الحياة إلى التراب أبعد من عودتها إلى العظام لذا ذكر في البداية حيث يقول تعالى :( تُراباً وَعِظاماً ) .

والعجيب أنّ هؤلاء يرون مشاهد المعاد بأعينهم في هذه الدنيا ومع ذلك فإنّهم ينكرونها(٢) . ألم يروا إلى الكثير من الموجودات الحيّة كالنباتات تموت وتجفّ وتصبح ترابا ثمّ تلبس لباس الحياة مرّة اخرى ، وأساسا فإنّ الذي خلق الخلق أوّل مرّة لن يعييه إعادة الخلق ثانية ، ولن يكون عليه ذلك صعبا وعسيرا ولكنّهم مع ذلك يصرّون على إنكار المعاد.

إنّهم لم يكتفوا بما ذكروا وذهبوا إلى أكثر من ذلك حيث قالوا بتعجّب :( أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ ) (٣) الذين لم يبق منهم أثر وتناثرت كلّ ذرّة من تراب أجسادهم

__________________

(١) الزخرف ، ٢٣.

(٢) يجب الانتباه هنا إلى تكرا حرف الاستفهام والتعبير بـ (أنّ) كلّها للتأكيد.

(٣) الهمزة في (أو آبائنا الأوّلون) استفهامية ، والواو واو عطف وهنا قدّمت الهمزة الاستفهامية عليها.

٤٦٩

في جهة ، أو أصبحت جزءا من بدن كائن آخر؟

ولكن ، كما قيل مفصّلا في نهاية سورة ياسين ، فإنّ هذه التساؤلات وغيرها ليست سوى حجج واهية أمام الدلائل القويّة المتوفّرة حول مسألة المعاد.

ثمّ إنّ القرآن الكريم يأمر الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يجيبهم :( قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ) (١) .

«ميقات» من مادّة (وقت) بمعنى الزمان الذي يحدّد لعمل ما أو موعد.

والمقصود من الميقات هنا هو نفس الوقت المقرّر للقيامة ، حيث يجتمع كلّ البشر للحساب ، ويأتي أحيانا كناية عن المكان الذي عين لإنجاز عمل معيّن ، مثل مواقيت الحجّ ، التي هي أسماء أماكن خاصّة للشروع بالإحرام.

ويستفاد من التعابير المختلفة التي وردت في الآية السابقة والتأكيدات العديدة حول مسألة الحشر ، مثل : (إنّ ، اللام ، «مجموعون» التي جاءت بصيغة اسم مفعول ، ووصف «يوم» بأنّه معلوم) ممّا يكون واضحا ومؤكّدا أنّ حشر جميع الناس ينجز في يوم واحد ، وجاء هذا المعنى في آيات قرآنية اخرى أيضا(٢) .

ومن هنا يتّضح جيّدا أنّ الذين كانوا يتصوّرون أنّ القيامة تقع في أزمنة متعدّدة حيث إنّ لكلّ امّة قيامة ، هم غرباء عن آيات الله تماما.

ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ معلومية يوم القيامة هي عند الله فقط ، وإلّا فإنّ جميع البشر بما فيهم الأنبياء والمرسلون والمقرّبون والملائكة ليس لهم علم بتوقيتها.

* * *

__________________

(١) استعملت (إلى) في هذه الجملة إشارة إلى أنّ القيامة تكون في نهاية هذا العالم ، ويمكن أن تكون هنا بمعنى بـ «لام» كما هو في الكثير من الآيات القرآنية وردت (لميقات).

(٢) هور ، الآية ١٠٣ ، مريم ، الآية ٩٥.

٤٧٠

الآيات

( ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦) )

التّفسير

عقوبات جديدة للمجرمين :

هذه الآيات استمرار للأبحاث المرتبطة بعقوبات أصحاب الشمال ، حيث يخاطبهم بقوله :( ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ ) (١) .

كان الحديث في الآيات السابقة حول الأجواء التي تحيط بـ (أصحاب الشمال) وينتقل الحديث في الآيات أعلاه إلى مشربهم ومأكلهم مقارنا بمأكل ومشرب المقرّبين وأصحاب اليمين.

والجدير بالذكر أنّ المخاطبين في هذه الآيات هم «الضالّون المكذّبون»

__________________

(١) (من) في (من شجر) تبعيضية ، و (من) في (زقّوم) بيانية.

٤٧١

الذين يتّسمون مضافا إلى الضلال والانحراف بأنّ لديهم روح العناد والإصرار على الباطل في مقابل الحقّ.

(زقّوم) كما ذكرنا سابقا : نبات مرّ نتن الرائحة وطعمه غير مستساغ ، وفيه عصارة إذا دخلت جسم الإنسان يصاب بالتورّم ، وتقال أحيانا لكلّ نوع من الغذاء المنفّر لأهل النار(١) .

وللمزيد حول (الزقّوم) يراجع نهاية الآية (٦٢) سورة الصافات ، وكذلك نهاية الآية (٤٣) سورة الدخان.

والتعبير بـ( فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ ) إشارة إلى الجوع الشديد الذي يصيبهم بحيث إنّهم يأكلون بنهم وشره من هذا الغذاء النتن وغير المستساغ جدّا فيملئون بطونهم.

وعند تناولهم لهذا الغذاء السيء يعطشون. ولكن ما هو شرابهم؟!

يتبيّن ذلك في قوله تعالى :( فَشارِبُونَ عَلَيْهِ ) (٢) ( مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ) .

إنّ البعير الذي يبتلى بداء العطش فإنّ شدّة عطشه تجعله يشرب الماء باستمرار حتّى يهلك ، وهذا هو نفس مصير( الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ) في يوم القيامة.

«حميم» : بمعنى الماء الحارّ جدّا والحارق ، وتطلق عبارة (وليّ حميم) على طبيعة العلاقة الصادقة الوديّة الحارّة ، و «حمّام» مشتقّ من نفس المادّة أيضا.

(هيم) على وزن (ميم) جمع هائم ، واعتبرها البعض جمع أهيم وهيماء ، وهي في الأصل من (هيام) على وزن (فرات) بمعنى مرض العطش الذي يصيب البعير ،

__________________

(١) مجمع البحرين ومفردات الراغب ، ولسان العرب ، وتفسير روح المعاني.

(٢) الجدير بالذكر أنّ في الآية السابقة كان الضمير مؤنثا (منها) يعود على (شجر من زقّوم) وفي هذه الآية كان الضمير مذكرا (عليه) يعود على الشجر ، وذلك لأنّ الشجر اسم جنس يستعمل للذكر والمؤنث ، وكذلك ثمر ، (مجمع البيان نهاية الآية مورد البحث).

٤٧٢

ويستعمل هذا التعبير للعشق الحادّ أو للعشّاق الذين لا يقرّ لهم قرار.

ويعتبر بعض المفسّرين أنّ معنى (هيم) هي الأراضي الرملية والتي كلّما سقيت بماء تسرّب منها فتظهر الظمأ دائما.

وفي آخر آية ـ مورد البحث ـ يشير سبحانه إلى طبيعة مأكلهم ومشربهم في ذلك اليوم حيث يقول :( هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ) .

فأين نزلهم ونزل أصحاب اليمين الذين ينعمون بالاستقرار في ظلال الأشجار الوارفة ، ويتناولون ألذّ الفواكه وأطيب الأطعمة ، وأعذب الشراب الطهور ، ويطوف حولهم الولدان المخلّدون وحور العين ، وهم سكارى من عشق البارئعزوجل ؟

أين أولئك؟ وأين هؤلاء؟

مصطلح (نزل) كما قلنا سابقا بمعنى الوسيلة التي يكرمون بها الضيف العزيز ، وتطلق أحيانا على أوّل طعام أو شراب يؤتى به للضيوف ، ومن الطبيعي أنّ أهل النار ليسوا ضيوفا ، وأنّ الزقّوم والحميم ليس وسيلة لضيافتهم. بل هو نوع من الطعن فيهم ، وأنّه إذا كان كلّ هذا العذاب هو مجرّد استقبال لهم ، فكيف بعد ذلك سيكون حالهم؟

* * *

٤٧٣

الآيات

( نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ (٥٧) أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ (٦٢) )

التّفسير

سبعة أدلّة على المعاد :

بما أنّ الآيات السابقة تحدّثت عن تكذيب الضالّين ليوم المعاد ، فإنّ الآيات اللاحقة استعرضت سبعة أدلّة على هذه المسألة المهمّة ، كي يتركّز الإيمان وتطمئن القلوب بالوعود الإلهيّة التي وردت في الآيات السابقة حول «المقرّبين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال» ، وأساسا فإنّ أبحاث هذه السورة تتركّز على بحث المعاد بشكل عامّ.

يقول سبحانه في المرحلة الاولى :( نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ ) أي لم لا

٤٧٤

تصدّقون بالمعاد(١) ؟!

لماذا تتعجّبون من الحشر والمعاد الجسمي بعد أن تصبح أجسامكم ترابا؟ ألم نخلقكم من التراب أوّل مرّة؟ أليس حكم الأمثال واحدا؟

هذه الاستدلالات في الحقيقة شبيهة بما جاء في قوله تعالى :( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) .(٢)

وفي الآية اللاحقة يشير البارئ إلى دليل ثان حول هذه المسألة فيقول :( أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ ) (٣) ( أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ ) .

من الذي يجعل من هذه النطفة الحقيرة التي لا قيمة لها في كلّ يوم بخلق جديد وشكل جديد ، وخلق بعد خلق؟! هذه التطورات العجيبة التي بهرت العقول واولى الألباب من المفكّرين ، هل كانت من خلقكم أم من خلق الله تعالى؟

وهل أنّ القادر على الخلق المتكرّر يعجز عن إحياء الموتى في يوم القيامة؟ إنّ المفاهيم التي وردت في هذه الآية تحكي نفس المفاهيم التي جاءت في قوله تعالى :( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ) .(٤)

وإذا تجاوزنا ذلك وأخذنا بنظر الإعتبار ما يقوله علماء اليوم حول قطرة الماء هذه (النطفة) التي في ظاهر الأمر لا قيمة لها ، سوف يتّضح لنا الحال أكثر ،

__________________

(١) (لولا) في الاصطلاح تستعمل للحضّ والتحريك لإنجاز عمل ما ، وكما يقول البعض فإنّها في الأصل مركّبة من (لم) و (لا) والتي تعطي معنى السؤال والنفي ثمّ تبدّلت الميم إلى واو ، ويستعمل هذا المصطلح في مكان يتسامح فيه فرد أو أفراد في إنجاز عمل ما ، ويقال لهم : لماذا لا تعملون هكذا وهكذا؟

(٢) سورة يس ، ٧٨ ـ ٧٩.

(٣) جاءت «رأيتم» هنا من الرؤية بمعنى العلم وليست المشاهدة بالعين المجرّدة.

(٤) الحجّ ، ٥.

٤٧٥

حيث يقولون : إنّ الحيمن (الأسبر) هو حيوان مجهري صغير جدّا وإنّ منيّ الرجل يحتوي على عدد هائل من الحيامن في كلّ إنزال تقدّر بين (٢ ـ ٥) مليون حيمن وهذا يمثّل مقدار مجموع سكّان عدّة (بلدان في العالم)(١) هذا الحيوان المنوي يتّحد مع بويضة المرأة (أوول) ، فتتكوّن البيضة المخصّبة التي تنمو بسرعة وتتكاثر بصورة عجيبة ، حيث تصنع خلايا جسم الإنسان ، ومع أنّ الخلايا متشابهة في الظاهر ، إلّا أنّها تتوزّع بسرعة إلى مجاميع عديدة ، فقسم منها يختص بالقلب ، والآخر بالأطراف ، والثالث بالاذن والحنجرة ، وكلّ مجموعة مستقرّة في مكانها المحدّد له ، فلا خلايا الكلية تنتقل إلى خلايا القلب ، ولا خلايا القلب تتحوّل إلى خلايا العين ، ولا العكس.

والخلاصة أنّ «النطفة المخصّبة» في المرحلة الجنينيّة تمرّ بعوالم عديدة مختلفة حتّى تصبح جنينا ، وكلّ هذا في ظلّ خالقية إلهيّة مستمرّة ، في حين أنّ دور الإنسان في هذه العملية بسيط جدّا ، ويقتصر على وضع النطفة في الرحم ، والذي ينجز بلحظة واحدة.

أليست هذه المسألة دليلا حيّا على مسألة المعاد؟

أو ليست هذه القدرة العظيمة تدلّل على قدرة إحياء الموتى أيضا(٢) .

ثمّ يستعرض ذكر الدليل الثالث حيث يقول سبحانه :( نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ) .

نعم ، إنّنا لن نغلب أبدا ، وإذا قدّرنا الموت فلا يعني ذلك أنّنا لا نستطيع أن نمنح العمر السرمدي ، بل أنّ الهدف هو أن نذهب بقسم من الناس ونأتي بآخرين محلّهم. وأخيرا نعيدكم خلقا جديدا في عالم لا تعلمون عنه شيئا( عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ ) .

__________________

(١) كتاب أوّل جامعة ، ج ١ (بحث معرفة الجنين) ، ص ٢٤١.

(٢) في هذا الموضوع ذكرنا توضيحات اخرى في نهاية الآية (٥) من سورة الحجّ.

٤٧٦

وفي تفسير هاتين الآيتين هناك وجهة نظر اخرى وهي : أنّ الآية الثانية لم تأت لبيان هدف الآية الاولى ولكن تكملة لها ، حيث يريد سبحانه أن يبيّن المعنى التالي وهو : أنّنا لسنا بعاجزين ومغلوبين على أن نذهب بقسم ونأتي بآخرين مكانهم(١) .

ويوجد تفسيران لجملة( عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ ) .

الأوّل : هو نفس التّفسير المذكور أعلاه ، والذي هو المشهور بين المفسّرين ، وطبقا لهذا الرأي تكون عملية تبديل الأقوام في هذه الدنيا.

والثاني هو : أنّ المقصود من (أمثال) هم نفس البشر الذين يبعثون في يوم القيامة ، والتعبير بـ (مثل) لأنّ الإنسان لا يبعث مرّة اخرى بكلّ خصوصياته التي كان عليها ، إذ أنّه سيكون في وقت جديد وكيفيات جديدة من حيث الروح والجسم.

إلّا أنّ التّفسير الأوّل هو الأنسب حسب الظاهر.

وعلى كلّ حال ، فإنّ الهدف هو الاستدلال على المعاد من خلال مسألة الموت ، ويمكن توضيح الدليل بالصورة التالية : إنّ الله الحكيم الذي خلق الإنسان وقدّر له الموت فطائفة يموتون وآخرين يولدون باستمرار ، من البديهي أنّ له هدف.

فإذا كانت الحياة الدنيا هي الهدف فالمناسب أن يكون عمر الإنسان خالدا وليس بهذا المقدار القصير المقترن مع ألوان الآلام والمشاكل.

وسنّة الموت تشهد أنّ الدنيا معبّرا وليست منزلا وأنّها جسر وليست مقصدا ، لأنّها لو كانت مستقرّا ومقصد للزم أن تدوم الحياة فيها.

جملة( وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ ) ظاهرا إشارة إلى خلق الإنسان يوم القيامة ،

__________________

(١) طبقا للتفسير الأوّل فإنّ الجار والمجرور في (على أنّ نبدّل) متعلّق بـ (قدّرنا) والذي جاء في الآية السابقة ، طبقا للتفسير الثاني فإنّها متعلّقة بـ (مسبوقين) (يرجى الانتباه).

٤٧٧

والتي هي الهدف لحياة وفناء هذه الدنيا ، ومن البديهي لأي شخص لم ير الدار الآخرة أنّه لن يستطيع إدراكها ومعرفة قوانينها والأنظمة المسيطرة عليها من خلال الألفاظ والصور التي تنقل لنا عنها ، نعم إنّنا نستطيع أن نرى شبحها وظلالها فقط من التصوير اللفظي لها ، ولذا فإنّ الآية أعلاه تعكس هذه الحقيقة ، حيث تذكر أنّ الله سيخلقنا في عالم جديد وبأشكال وظروف جديدة لا ندرك أسرارها(١) .

وفي آخر آية ـ مورد البحث ـ يتحدّث سبحانه عن رابع دليل للمعاد حيث يقول :( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ ) .

هذا الدليل نستطيع بيانه بصورتين :

الاولى : في المثال التالي : إذا كنا نسير في صحراء وشاهدنا قصرا مهيبا عظيما مثيرا للإعجاب في محتوياته ومواد بنائه وهندسته ، وقيل لنا : إنّ الهدف من هذا القصر هو استعماله كمحطّة للراحة والهدوء لعدّة ساعات فقط لقافلة صغيرة فإنّنا سنحكم في أنفسنا بصورة قاطعة على عدم الحكمة في هذا العمل ، إذ من المناسب لمثل الهدف المتقدّم ذكره أن تعد خيمة صغيرة فقط.

وعلى هذا فإنّ خلق هذه الدنيا العظيمة وما فيها من أجرام سماوية وشمس وقمر وأنواع المخلوقات الأرضية الاخرى ، هل يمكن أن يكون لهدف صغير محدود ، كأن يعيش الإنسان فيها بضعة أيّام؟ كلّا ليس كذلك ، وإلّا فانّه يعني أنّ خلق العالم سيكون بدون هدف ، ولكن ممّا لا شكّ فيه أنّ هذه المخلوقات العظيمة قد خلقت لموجود شريف ـ مثل الإنسان ـ ليعرف الله سبحانه من خلالها ، معرفة تكون رأسماله الوحيد في الدار الآخرة ، فالهدف إذن هو الدار الآخرة ، وهذا دليل آخر على المعاد.

وهذا البيان هو ما نجده في الآية الشريفة :( وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما

__________________

(١) اعتبر البعض أن الآية هي إشارة إلى مسخ الأقوام السابقين في هذا العالم ، حيث إن الله سبحانه قد مسخهم بأشكال لا يعلمونها ، إلا أن هذا المعنى لا ينسجم مع ظاهر الآية.

٤٧٨

بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ) .(١)

الثانية : هو أنّنا نلاحظ مشاهد المعاد في هذا العالم تتكرّر أمامنا في كلّ سنة وفي كلّ زاوية وكلّ مكان ، حيث مشهد القيامة والحشر في عالم النبات ، فتحيى الأرض الميتة بهطول الأمطار الباعثة للحياة قال تعالى :( إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى ) ،(٢) وقد أشير إلى هذا المعنى كذلك في الآية ٦ من سورة الحجّ.

* * *

ملاحظة

حجيّة القياس :

إنّ هذه المسألة تطرح عادة في اصول الفقه ، وهي أنّنا لا نستطيع إثبات الحكم الشرعي عن طريق القياس كقولنا مثلا : (إنّ المرأة الحائض التي يجب أن تقضي صومها يجب أن تقضي صلاتها كذلك) ـ أي يجب أن تكون استنتاجاتنا من الكلّي إلى الجزئي ، وليس العكس ـ وبالرغم من أنّ علماء أهل السنّة قد قبلوا القياس في الغالب كأحد مصادر التشريع في الفقه الإسلامي ، فإنّ قسما منهم يوافقوننا في مسألة (نفي حجيّة القياس).

والظريف هنا أنّ بعض مؤيّدي القياس أرادوا أن يستدلّوا بمقصودهم بالآية التالية :( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى ) أي قيسوا النشأة الاخرى (القيامة) على النشأة الاولى (الدنيا).

إلّا أنّ هذا الاستدلال عجيب ، لأنّه أوّلا : إنّ المذكور في الآية هو استدلال عقلي وقياس منطقي ، ذلك أنّ منكري المعاد كانوا يقولون : كيف تكون لله القدرة على إحياء العظام النخرة؟ فيجيبهم القرآن الكريم بالمفهوم التالي : إنّ القوّة التي

__________________

(١) سورة ص ، ٣٧.

(٢) فصّلت ، ٣٩.

٤٧٩

كانت لها القدرة على خلقكم في البداية هي نفسها ستكون لها القدرة لخلقكم مرّة ثانية ، في الوقت الذي لا يكون القياس الظنّي بالأحكام الشرعية بهذه الصورة أبدا ، لأنّنا لا نحيط بمصالح ومفاسد كلّ الأحكام الشرعية.

وثانيا : إنّ من يقول ببطلان القياس يستثني قياس الأولوية ، فمثلا يقول تعالى :( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما ) ونفهم بطريق أولى ألّا تؤذيهما من الناحية البدنية.

والآية مورد البحث من قبيل قياس الأولوية وليس لها ربط بالقياس الظنّي مورد الخلاف والنزاع ، لأنّه لم يكن شيء من المخلوقات في البداية ، واللهعزوجل خلق الوجود من العدم وخلق الإنسان من التراب ، ولذا فإنّ إعادة الإنسان إلى الوجود مرّة اخرى أيسر من خلقه ابتداء ، وتعكس الآية الكريمة التالية هذا المفهوم حيث يقول تعالى :( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) .(١)

وننهي حديثنا هذا بالحديث التالي : «عجبا كلّ العجب للمكذّب بالنشأة الاخرى وهو يرى النشأة الاولى ، وعجبا للمصدّق بالنشأة الاخرى وهو يسعى لدار الغرور»(٢) .

* * *

__________________

(١) الروم ، ٢٧.

(٢) ذكر هذا الحديث في تفسير روح البيان وروح المعاني والقرطبي والمراغي باختلاف مختصر بعنوان خبر ، وبدون تصريح باسم الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا أنّ ظاهر تعبيراتهم أنّ الحديث للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي كتاب الكافي أيضا نقل القسم الأوّل من هذا الحديث عن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام .

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526