الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٨

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل6%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 624

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 624 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 204297 / تحميل: 6100
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٨

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

( وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ ) .(١)

وقيل أيضا أنّ هاتين العينين هما ، الاولى : «الشراب الطهور» ، والثانية : «العسل المصفّى» وقد جاءتا كليهما في سورة محمّد ، الآية ١٥.

وإذا فسّرنا ال «جنّتان» في الآيات السابقة بـ (الجنّتين المعنوية والمادية) فإنّ (العينين) يمكن أن تكونا عين معنوية وهي (عين المعرفة) وعين ماديّة (عيون الماء الزلال أو الحليب أو العسل أو الشراب الطهور) ولكن لا يوجد دليل خاصّ لأيّ من هذه التفاسير.

وفي الآية اللاحقة ينتقل البحث إلى فاكهة هاتين الجنّتين حيث يقول سبحانه :( فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ ) قسم يشاهد مثيله في الدنيا ، والآخر لا نظير له في هذا العالم أبدا. كما فسّرها البعض أنّهما نوعان من الفاكهة صيفي وشتوي ، أو يابس وطري ، أو صغير وكبير ، إلّا أنّه لا يوجد دليل واضح على أي من هذه الآراء.

إلّا أنّ من المسلّم به ، أنّ الفاكهة الموجودة في الجنّة متنوّعة ومختلفة تماما عن فواكه الدنيا ولا يقاس طعم فواكه الجنّة بطعم فواكه الدنيا ومذاقها.

ثمّ يضيف سبحانه قوله :( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) .

لقد طرحت في الآيات السابقة ثلاث صفات لهاتين الجنّتين ، وتستعرض الآية الكريمة التالية الصفة الرابعة حيث يقول تعالى :( مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ) (٢) .

وفي الغالب أنّ الإنسان عند ما يتكئ يكون في جوّ هادئ وفي أمان تامّ ، وهذا التعبير يدلّل على الهدوء الكامل والاستقرار التامّ لدى أهل الجنّة.

«فرش» على وزن «حجب» ، جمع فراش ، وهو الفراش الذي يبسط.

و «بطائن» جمع بطانة ، وهي القماش الداخلي للفرش.

__________________

(١) المطففون ، ٢٧

(٢) متكئين حال لأهل الجنّة الذين ذكروا في الآيات السابقة بعنوان أنّهم( وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) .

٤٢١

و «إستبرق» بمعنى الحرير السميك.

والشيء الظريف هنا أنّ أثمن قماش يتصوّر في هذه الدنيا يكون بطانة لتلك الفرش ، إشارة إلى أنّ القسم الظاهر لا يمكننا وصفه من حيث الجمال والجاذبية.

حيث أنّ البطانة غالبا ما تستعمل من القماش الرديء قياسا للوجه الظاهري ، وعلى هذا فإنّنا نلاحظ أنّ أراد نوع من القماش في ذلك العالم يعتبر من أثمن وأرقى أنواع القماش في الدنيا ، فكيف الحال بالثمين من متاع الجنّة؟

ومن المسلّم أنّ الهبات الإلهية في عالم الآخرة لا نستطيع وصفها بالألفاظ ، ولا حتّى تصوّرها ، إلّا أنّ الآيات الكريمة تعكس لنا شبحا وظلالا عنها من خلال ألفاظها المعبّرة.

ونقرأ أيضا في وصف المتع لأهل الجنّة حيث يحدّثنا القرآن عنهم بأنّهم يتكئون على «الأرائك» ـ التخت الذي له متّكأ ـ و «السرير» هو ـ التخت الذي ليس له متكأ ـ والاتّكاء هنا على فرش ، وعلينا عندئذ أن نتصوّركم هي اللذات المتنوّعة في الجنّة ، حيث تارة يتكأ على الأرائك واخرى على السرر المفروشة بهذه الأفرشة الثمينة ، وقد تكون امور اخرى من هذه النعم لا نستطيع إدراكها نحن سكّان هذا العالم.

وأخيرا ، وفي خامس نعمة يشير سبحانه إلى كيفية هذه النعم العظيمة حيث يقول :( وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ ) .

نعم لا توجد صعوبة في قطف ثمار الجنّة كالصعوبة التي نواجهها في عالمنا هذا.

(جنى) على وزن (بقي) وتعني الفاكهة التي نضج قطفها. (دان) في الأصل (داني) بمعنى قريب.

ومرّة اخرى يخاطب الجميع سبحانه بقوله تعالى :( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) .

* * *

٤٢٢

الآيات

( فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٩) هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦١) )

التّفسير

الجنّة والزوجات الحسان :

في الآيات السابقة ذكرت خمسة أقسام من هبات وخصوصيات الجنّتين ، وهنا نتطرّق لذكر النعمة السادسة وهي الزوجات الطاهرات ، حيث يقول سبحانه :( فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ ) (١) قد قصرن نظرهنّ على أزواجهنّ ، وليس لهنّ معشوق سواهم. ثمّ يضيف تعالى :( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ ) (٢) .

__________________

(١) إنّ ضمير الجمع في (فيهنّ) يمكن أن يرجع إلى قصور الجنّة أو الحدائق المختلفة لتلك «الجنّتين» أو «نعمها وهباتها».

(٢)( لَمْ يَطْمِثْهُنَ) من مادّة (طمث) ، في الأصل بمعنى دم الدورة الشهرية ، وجاءت بمعنى زوال البكارة ، والمراد هنا أنّ النساء الباكرات في الجنّة لم يكنّ لهنّ أزواج قطّ.

٤٢٣

وبناء على هذا فإنّهن بواكر ولم يمسهنّ أحد طاهرات من كلّ الجوانب.

نقل عن (أبي ذرّ) أنّ (زوجة الجنّة تقول لزوجها أقسم بعزّة ربّي إنّي لم أجد شيئا أفضل منك في الجنّة ، فالشكر لله وحده ، الذي جعلني زوجة لك وجعلك زوجا لي)(١) .

«طرف» على وزن (حرف) بمعنى جانب العين ، وبما أنّ الإنسان عند ما يريد النظر يحرّك أجفانه ، لذا فقد استعمل هذا اللفظ كناية عن النظر ، وبناء على هذا فإنّ التعبير بقاصرات الطرف إشارة إلى النساء اللواتي يقصرن نظراتهنّ على أزواجهنّ. ويعني أنّهنّ يكننّ الحبّ والودّ لأزواجهنّ فقط ، وهذه هي إحدى ميزات الزوجة التي لا تفكّر بغير زوجها ولا تضمر لسواه الودّ.

وفي التعقيب على نعمة الجنّة هذه يكرّر قوله تعالى :( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) .

ثمّ يتطرّق إلى المزيد من وصف الزوجات الموجودات في الجنّة حيث يقول :( كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ ) حيث تكون بشرتهنّ باحمرار وصفاء ولمعان الياقوت وبياض وجمال غصون المرجان ، وعند ما يختلط هذان الوصفان (الأبيض والأحمر الشفّاف) فإنّه يمنحهنّ روعة الجمال التي لا مثيل لها.

الياقوت : حجر معدني ويكون غالبا أحمر اللون.

والمرجان : هو حيوان بحري يشبه أغصان الشجر ، يكون أبيض اللون أحيانا واخرى أحمر وألوان اخرى ، والظاهر أنّ المقصود به هنا هو النوع الأبيض(٢) .

ومرّة اخرى ، وبعد ذكر هذه النعمة يقول سبحانه :( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) .

وفي نهاية هذا البحث يقولعزوجل :( هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ ) (٣) .

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٠٨.

(٢) بيّنا شرحا تفصيليا حول المرجان في نهاية الآية (٢٢) من هذه السورة.

(٣) ورد السؤال «هل» هنا بصيغة الاستفهام الاستنكاري ، وفي الحقيقة أنّ هذه الآية هي نتيجة للآيات السابقة والتي

٤٢٤

وهل ينتظر أن يجازى من عمل عملا صالحا في الدنيا بغير الإحسان الإلهي؟

وبالرغم من أنّ بعض الرّوايات الإسلامية فسّرت «الإحسان» في هذه الآية بالتوحيد فقط ، أو التوحيد والمعرفة ، أو الإسلام ، إلّا أنّ الظاهر أنّ كلّ واحد في هذه التفاسير هو مصداق لهذا المفهوم الواسع الذي يشمل كلّ إحسان في العقيدة والقول والعمل.

جاء في حديث للإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : «آية في كتاب الله مسجّلة. قلت : وما هي؟ قال : قول اللهعزوجل :( هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ ) جرت في الكافر والمؤمن والبرّ والفاجر ، من صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به ، وليس المكافأة أن تصنع كم صنع حتّى تربي ، فإنّ صنعت كما صنع كان له الفضل في الابتداء»(١) .

وبناء على هذا فالجزاء الإلهي في يوم القيامة يكون أكثر من عمل الإنسان في هذه الدنيا. وذلك تماشيا مع الاستدلال المذكور في الحديث أعلاه.

يقول الراغب في المفردات : الإحسان فوق العدل ، وذاك أنّ العدل هو أن يعطي ما عليه ، ويأخذ ماله ، والإحسان أن يعطي أكثر ممّا عليه ويأخذ أقلّ ممّا له فالإحسان زائد على العدل

ويتكرّر قوله سبحانه مرّة اخرى :( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) .

وذلك لأنّ جزاء الإحسان بالإحسان نعمة كبيرة من قبل الله تعالى ، حيث يؤكّد سبحانه أنّ جزاءه مقابل أعمال عباده مناسب لكرمه ولطفه وليس لأعمالهم ، مضافا إلى أنّ طاعاتهم وعباداتهم إنّما هي بتوفيق الله ولطفه ، وبركاتها تعود عليهم.

* * *

__________________

تحدثت عن ستّ نعم من نعم الجنّة.

(١) تفسير العياشي طبقا لنقل نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٩٩ ، تفسير مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٠٨.

٤٢٥

بحث

جزاء الإحسان :

ما قرأناه في الآية الكريمة :( هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ ) هو قانون عام في منطق القرآن الكريم ، حيث يشمل الله سبحانه والخلق وكافّة العباد ، والمسلمون جميعا يعلمون بعمومية هذا القانون وعليهم مقابلة كلّ خير بزيادة ، كما ذكر الإمام الصادقعليه‌السلام في حديثه أعلاه حيث يفترض أن يكون التعويض أفضل من العمل المنجز (المقدّم) وليس مساويا له ، وإلّا فإنّ المبتدئ بالإحسان هو صاحب الفضل.

وحول أعمالنا في حضرة البارئعزوجل فإنّ المسألة تأخذ بعدا آخر ، حيث أنّ أحد الطرفين هو الله العظيم الكريم الذي شملت رحمته وألطافه كلّ عالم الوجود ، وإنّ عطاءه وكرمه يليق بذاته وليس على مستوى أعمال عباده ، وبناء على هذا فلا عجب أن نقرأ في تأريخ الأمم بصورة متكرّرة أنّ أشخاصا قد شملتهم العناية الإلهيّة الكبيرة بالرغم من إنجازهم لأعمال صغيرة ، وذلك لخلوص نيّاتهم ومن ذلك القصّة التالية :

نقل بعض المفسّرين أنّ شخصا مسلما شاهد امرأة كافرة تنثر الحبّ للطيور في الشتاء فقال لها : لا يقبل هذا العمل من أمثالك ، فأجابته : إنّي أعمل هذا سواء قبل أم لم يقبل ، ولم يمض وقت طويل حتّى رأى الرجل هذه المرأة في حرم الكعبة. فقالت له : يا هذا ، إنّ الله تفضّل عليّ بنعمة الإسلام ببركة تلك الحبوب القليلة(١) .

* * *

__________________

(١) روح البيان ، ج ٩ ، ص ٣١٠.

٤٢٦

الآيات

( وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٣) مُدْهامَّتانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٥) فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٦٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٧) فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٩) )

التّفسير

جنّتان بأوصاف عجيبة :

بعد بيان صفات جنّتي الخائفين وخصوصياتهما المتميّزة ، واستمرارا للبحث ينتقل الحديث في الآيات التالية عن جنّتين بمرتبة أدنى من السابقتين يكونان لأشخاص أقلّ خوفا وإيمانا بالله تعالى من الفئة الاولى ، حيث إنّ هدف العرض هو بيان سلسلة درجات ومراتب للجنان تتناسب مع الإيمان والعمل الصالح للأفراد.

يقول سبحانه في البداية :( وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ ) .

ذكر تفسير أنّ لهذه الآية الأوّل : أحدهما ما بيّناه أعلاه.

والتّفسير الآخر هو أنّه توجد جنّتان أخريان غير تلكما الجنّتين لهؤلاء

٤٢٧

الأشخاص أنفسهم حيث يتجوّلون ويتنقّلون بين حدائق هذه الجنان ، لأنّ طبع الإنسان ميّال للتنوّع والتبدّل.

وبالنظر إلى لحن هذه الآيات والرّوايات التي وردت في تفسيرها فانّ التّفسير الأوّل هو الأنسب.

ونقرأ حديثا للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تفسير هذه الآية أنّه قال : «وجنّتان من فضّة آنيتهما وما فيهما ، جنّتان من ذهب آنيتهما وما فيهما» (أنّ التعبير بالذهب والفضّة يمكن أن يكون كناية عن اختلاف مرتبة ودرجة كلّ من الجنّتين)(١) .

ونقرأ في حديث للإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير هذه الآية قال : «لا تقولنّ الجنّة الواحدة ، إنّ الله تعالى يقول : «ومن دونهما جنّتان» ، ولا تقولنّ درجة واحدة ، إنّ لله تعالى يقول «درجات بعضها فوق بعض» إنّما تفاضل القوم بالأعمال»(٢) .

وفي نفس الموضوع ورد حديث للرسول محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «جنّتان من ذهب للمقرّبين ، وجنّتان من ورق لأصحاب اليمين»(٣) أي من فضّة.

ثمّ يضيف سبحانه :( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) .

ثمّ ذكر القرآن الخصوصيات الخمس لهاتين الجنّتين التي تشبه ـ إلى حدّ ما ـ ما ذكر حول الجنّتين السابقتين ، كما أنّهما تختلفان في بعض الخصوصيات الاخرى حيث يقول سبحانه :( مُدْهامَّتانِ ) .

«مدهامتان» : من مادّة (أدهيمام) ومن أصل (دهمه) على وزن (تهمه) ومعناها في الأصل السواد وظلمة الليل ، ثمّ أطلقت على الخضرة الغامقة المعتمة ، ولأنّ مثل هذا اللون يحكي عن غاية النضرة للنباتات والأشجار ، ممّا يعكس منتهى السرور

__________________

(١) مجمع البيان نهاية الآية مورد البحث.

(٢) المصدر السابق.

(٣) الدرّ المنثور ، ج ٦ ، ص ١٤٦ وكما ذكرنا أنّ التعبير بالذهب والفضّة يمكن أن يكون إشارة إلى اختلاف درجة هاتين الجنّتين.

٤٢٨

والإنشراح ، لهذا فقد استعمل لهذا المعنى.

ويضيف سبحانه مرّة اخرى :( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) .

وفي الآية اللاحقة يصف الجنّة وصفا إضافيا حيث يقول سبحانه :( فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ ) .

«نضّاختان» من مادّة (نضخ) بمعنى فوران الماء.

ومرّة اخرى يسأل سبحانه عن الإنس والجنّ سؤالا استنكاريا فيقول :( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) .

وتتحدّث الآية التالية حول فاكهة هاتين الجنّتين حيث تقول :( فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ) .

لا شكّ أنّ للفاكهة مفهوما واسعا يشمل جميع أنواعها ، إلّا أنّ التمر والرمّان خصّا بالذكر هنا لأهميّتهما الخاصّة ، لا كما يذهب بعض المفسّرين إلى أنّ ذكرهما هو لأنّهما لا يدخلان ضمن مفهوم الفاكهة ، إذ أنّ هذا التصوّر خاطئ ، لأنّ علماء اللغة أنكروا ذلك ، بالإضافة إلى أنّ عطف الخاصّ على العام في الموارد التي لها امتيازات أمر معمول به وطبيعي. قال تعالى :( مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ ) .(١)

وهنا جاءت عبارة (جبريل وميكال) وهما من الملائكة العظام بعد ذكر لفظ الملائكة بصورة عامّة.

ويكرّر سبحانه السؤال مرّة اخرى :( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) .

* * *

__________________

(١) البقرة ، ٩٨.

٤٢٩

بحث

قيمة الفاكهة :

الشيء الجدير بالذكر أنّ الآيات أعلاه خصّت الفاكهة بالذكر من بين مختلف أنواع أغذية الجنّة كما خصّت فاكهتي (الرطب والرمّان) بالذكر من بين جميع فواكه الجنّة أيضا.

والغريب هنا ذكر النخل بدلا من الرطب ، أمّا الرمّان فقد ذكر باسمه ، ولا بدّ أن يكون لكلّ واحد من هذه الفواكه خصوصية.

أمّا ذكر الفاكهة بالخصوص من بين عموم الأغذية الموجودة في الجنّة فذلك لأهميّة الفاكهة في تغذية الإنسان : حتّى قيل : أنّ الإنسان موجود آكل للفاكهة ، وللفاكهة دور مهمّ في وجود الإنسان ودوام حياته لا على الصعيد العلمي فقط ، بل من الناحية التجريبيّة لعموم الناس أيضا.

أمّا ذكر شجرة النخيل بدل فاكهتها فيمكن أن يكون للحاظ أنّ هذه الشجرة موضع استفادة من جهات عديدة ، في حين أنّ شجرة الرمّان ليست كذلك.

فالنخلة يستفاد من ورقها في صنع وسائل عديدة من لوازم الحياة كالفرش والقبّعات والملابس ووسائل الحمل والنقل والأسرّة ، ويستفاد من أليافها في امور شتّى كذلك ، كما أنّ البعض منها له خواص طبية ، وحتّى أنّ جذعها يستخدم كأعمدة في البناء أو جسور لعبور الأنهار.

أمّا إختيار هاتين الفاكهتين من بين جميع فواكه الجنّة فهو بسبب تنوّعهما : فأحدهما : ينمو في المناطق الحارّة (النخيل). والاخرى : تنمو في المناطق الباردة (الرمّان). أحدهما تتميّز بالمادّة السكرية ، والاخرى تتميّز بالمادّة الحامضية ، واحدة حارّة من حيث طبيعتها والاخرى باردة ، إحداهما مغذّية والاخرى مرويّة.

كما أنّ التمر يتمتّع بالكثير من المواد الحياتية وأنواع الفيتامينات ، وقد اكتشفت ثلاث عشرة مادّة حياتية فيه ، وخمس أنواع من الفيتامينات بالإضافة

٤٣٠

إلى بقيّة خواصها الاخرى ، (وقد بحثناها في نهاية الآية رقم (٥) من سورة مريم في هذا التّفسير تحت عنوان : التمر غذاء مقوّ وباعث للنشاط).

وأمّا «الرمّان» الذي عرّف في بعض الرّوايات الإسلامية بأنّه سيّد الفواكه(١) ، فقد ذكر العلماء تفاصيل كثيرة حول فوائد هذه الفاكهة ومنها تنقية الدم ، واحتوائها على مقادير كبيرة من فيتامين (سي). كما ذكرت في الكتب فوائد كثيرة اخرى للرمّان (الحلو والحامض) كتقوية المعدة ، ودفع الحمى الصفراء ، واليرقان ، والجرب (مرض جلدي) وتقوية البصر ، ورفع التقيّحات المزمنة ، وتقوية اللثة ، ودفع الإسهال كما نقرأ في حديث للإمام الصادقعليه‌السلام في التأكيد على هذه الفاكهة : «أطعموا صبيانكم الرمّان فإنّه أسرع لشبابهم»(٢) .

وجاء في حديث آخر : «فإنّه أسرع لألسنتهم»(٣) .

وجاء في حديث آخر للإمام الصادقعليه‌السلام والإمام الباقرعليه‌السلام أنّهما قالا : «وما على وجه الأرض ثمرة كانت أحبّ إلى رسول الله من الرمّان»(٤) .

* * *

__________________

(١) نقل هذا التعبير في حديث للرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (بحار الأنوار ، ج ٦٦ ، ص ١٦٣).

(٢) بحار الأنوار ، ج ٦٦ ، ص ١٦٤ حيث جاء في حديث آخر أنّه أسرع لألسنتهم.

(٣) المصدر السابق ، ص ١٦٥.

(٤) الكافي ، ج ٦ ، ص ٣٥٢.

٤٣١

الآيات

( فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧١) حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٧٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٥) مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (٧٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٧) تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٧٨) )

التّفسير

زوجات الجنّة مرّة اخرى :

استمرار لشرح نعم الجنّتين التي ذكرت في الآيات السابقة ، تتحدّث هذه الآيات عن قسم آخر من هذه النعم التي تزخر بها جنان الله التي أعدّها للصالحين من عباده ، حيث يقول سبحانه في البداية :( فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ ) (١) .

__________________

(١) الضمير في (فيهنّ) والذي هو جمع مؤنث يمكن أن يرجع إلى مجموع الجنّات الأربع ، ويمكن أن يكون إشارة إلى الجنّتين اللتين ذكرتا أخيرا ، بلحاظ ما فيهما من حدائق عديدة وقصور مختلفة ، وهذا أنسب لأنّه في هذا فصل بين الجنّتين

٤٣٢

تستعمل كلمة (خير) غالبا للصفات الجيّدة والجمال المعنوي ، أمّا «حسن» فإنّها تستعمل للجمال الظاهر. لذا فإنّ المقصود بـ( خَيْراتٌ حِسانٌ ) أولئك النسوة اللواتي جمعن بين حسن السيرة ، وحسن الظاهر.

وجاء في الرّوايات في تفسير هذه الآية أنّ الصفات الحسنة للزوجات في الجنّة كثيرة ومن جملتها طيب اللسان والنظافة والطهارة ، وعدم الإيذاء ، وعدم النظر للرجال الأجانب والخلاصة أنّ جميع صفات الخير والجمال التي يجب أن تكون في الزوجة الصالحة موجودة فيهنّ ، وهذه الصفات إشارة للصفات العالية التي يجب أن تكون في نساء هذه الدنيا ويجسّدن الاسوة بذلك لجميع الناس والقرآن الكريم يعبّر عنهنّ باختصار رائع أنهنّ( خَيْراتٌ حِسانٌ ) (١) .

ثمّ يضيف مستمرّا في وصف الزوجات في الجنّة :( حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ ) .

«حور» : جمع حوراء وأحور ، وتطلق على الشخص الذي يكون سواد عينه قاتما وبياضها ناصعا ، وأحيانا تطلق على النساء اللواتي يكون لون وجوههنّ أبيض.

والتعبير بـ «مقصورات» إشارة إلى أنهنّ مرتبطات ومتعلّقات بأزواجهنّ ومحجوبات عن الآخرين.

«خيام» : جمع خيمة ، وكما ورد في الرّوايات الإسلامية ، فإنّ الخيم الموجودة في الجنّة لا تشبه خيم هذا العالم من حيث سعتها وجمالها.

و «الخيمة» كما ذكر علماء اللغة وبعض المفسّرين لا تطلق على الخيم المصنوعة من القماش المتعارف فحسب. بل تطلق أيضا على البيوت الخشبية وكذلك كلّ بيت دائري. وقيل أنّها تطلق على كلّ بيت لم يكن من الحجر

__________________

(١) قال البعض : إنّ خيرات جمع (خيّرة) على وزن (سيّدة) ، وقيل لها خيرات للتخفيف ، واعتبرها آخرون أنّها جمع (خيرة) على وزن (حيرة) وعلى كلّ حال فإنّها تعطي معنى الوصف ، وليس بمعنى (أفعل التفضيل) لأنّه لا يجمع.

٤٣٣

وأشباهه(١) .

ومرّة اخرى يكرّر السؤال نفسه بقوله تعالى :( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) .

ويضيف سبحانه وصفا آخر لحوريات الجنّة حيث يقول :( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ ) (٢) .

ويستفاد من الآيات القرآنية أنّ الزوجين المؤمنين في هذه الدنيا سيلتحقان في الجنّة مع بعضهما ويعيشان في أفضل الحالات(٣) .

ويستفاد أيضا من الرّوايات أنّ درجة ومقام زوجات المؤمنين الصالحات أعلى وأفضل من حوريات الجنّة(٤) وذلك بما قمن به في الدنيا من صالح الأعمال وعبادة الله سبحانه.

ثمّ يضيف تعالى :( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) .

وفي آخر وصف للنعم الموجودة في هذه الجنّة يذكر سبحانه تعالى :( مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ ) .

«رفرف» في الأصل بمعنى الأوراق الواسعة للأشجار ، ثمّ أطلقت على الأقمشة الملوّنة الزاهية التي تشبه مناظر الحدائق.

«عبقري» في الأصل بمعنى كلّ موجود قلّ نظيره ، ولذا يقال للعلماء الذين يندر وجودهم بين الناس (عباقرة) ويعتقد الكثير أنّ كلمة (عبقر) كان في البداية اسما لمدينة (بريان) انتخبه العرب لها ، لأنّ هذه المدينة كانت في مكان غير معلوم ونادر. لذا فإنّ كلّ موضوع يقلّ نظيره ينسب لها ويقال «عبقري» ، وذكر البعض أنّ «عبقر» كانت مدينة تحاك فيها أفضل المنسوجات الحريرية(٥) .

__________________

(١) لسان العرب ومجمع البحرين والمنجد.

(٢) حول معنى الطمث أعطينا توضيحا كافيا في نهاية الآية رقم (٥٦) من نفس السورة.

(٣) الرعد ، ٢٣ ، والمؤمن ، ٨.

(٤) الدّر المنثور ، ص ١٥١.

(٥) تفسير أبو الفتوح الرازي نهاية الآية مورد البحث.

٤٣٤

والمعنى الأصلي لهذه الكلمة متروك في الوقت الحاضر وتستعمل كلمة «عبقري» ككلمة مستقلّة بمعنى نادر الوجود ، وتأتي جمعا في بعض الأحيان ، كما في الآية مورد البحث.

و (حسان) جمع (حسن) على وزن «نسب» بمعنى جيّد ولطيف.

وعلى كلّ حال فإنّ هذه التعابير حاكية جميعا عن أنّ كلّ موجودات الجنّة رائعة : الفاكهة ، الغذاء ، القصور ، الأفرشة والخلاصة أنّ كلّ شيء فيها لا نظير له ولا شبيه في نوعه ، ولا بدّ من القول هنا أنّ هذه التعبيرات لا تستطيع أبدا أن تعكس تلك الإبداعات العظيمة بدقّة ، وإنّها تستطيع ـ فقط ـ أن ترسم لنا صورة تقريبية من الصورة الحقيقيّة للموجودات في الجنّة.

وللمرّة الأخيرة وهي (الحادية والثلاثون) يسأل سبحانه جميع مخلوقاته من الجنّ والإنس هذا السؤال :( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) .

هل النعم المعنوية؟ أم النعم الماديّة؟ أم نعم هذا العالم؟ أم الموجودة في الجنّة؟ إنّ كلّ هذه النعم شملت وجودكم وغمرتكم إلّا أنّه ـ مع الأسف ـ قد أنساكم غروركم وغفلتكم هذه الألطاف العظيمة ، ومصدر عطائها وهو الله سبحانه الذي أنتم بحاجة مستمرّة إلى نعمه في الحاضر والمستقبل فأيّا منها تنكرون وتكذّبون؟

ويختم السورة سبحانه بهذه الآية الكريمة :( تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ) .

«تبارك» من أصل (برك) على وزن (درك) بمعنى صدر البعير ، وذلك لأنّ الجمال حينما تبرك تضع صدرها على الأرض أوّلا ، ومن هنا استعمل هذا المصطلح بمعنى الثبات والدوام والاستقامة ، لذا فإنّ كلمة (مبارك) تقال للموجودات الكثيرة الفائدة ، وأكرم من تطلق عليه هذه الكلمة هي الذات الإلهيّة المقدّسة باعتبارها مصدرا لجميع الخيرات والبركات.

٤٣٥

واستعملت هذه المفردة هنا لأنّ جميع النعم الإلهيّة ـ سواء كانت في الأرض والسماء في الدنيا والآخرة والكون والخلق ـ فهي من فيض الوجود الإلهي المبارك ، لذا فإنّ هذا التعبير من أنسب التعابير المذكورة في الآية لهذا المعنى.

والمقصود من (اسم) هنا هو صفات الله تعالى خصوصا الرحمانية التي هي منشأ البركات ، وبتعبير آخر فإنّ أفعال الله تعالى مصدرها من صافته ، وإذا خلق عالم الوجود فذلك من إبداعه ونظام خلقه ، وإذا وضع كلّ شيء في ميزان فذلك ما أوجبته حكمته ، وإذا وضع قانون العدالة حاكما على كلّ شيء فإنّ (علمه وعدالته) توجبان ذلك. وإذا عاقب المجرمين بأنواع العذاب الذي مرّ بنا في هذه السورة فإنّ (انتقامه يقضي ذلك ، وإذا شمل المؤمنين الصالحين بأنواع الهبات والنعم العظيمة الماديّة والمعنوية ـ في هذا العالم وفي الآخرة ـ فإنّ رحمته الواسعة أوجبت ذلك ، وبناء على هذا فإنّ اسمه يشير إلى صفاته وصفاته هي نفس ذاته المقدّسة.

والتعبير بـ( ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ) إشارة إلى كلّ صفات جماله وجلاله :( ذِي الْجَلالِ ) إشارة إلى الصفات السلبية ، و (ذي الإكرام) إشارة إلى الصفات الثبوتية.

والملفت للنظر هنا أنّ هذه السورة بدأت باسم الله (الرحمن) وانتهت باسم الله ذي الجلال والإكرام) وكلاهما ينسجمان مع مجموعة مواضيع السورة.

* * *

ملاحظات

١ ـ في الآية رقم (٣٧) من هذه السورة بعد ذكر النعم الإلهيّة المختلفة المعنوية والماديّة في الدنيا يقول سبحانه :( وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ) .

وفي نهاية السورة وبعد ذكر أنواع النعم الاخروية يقول سبحانه :( تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ) .

٤٣٦

إنّ هاتين الآيتين توضّحان حقيقة مهمّة وهي أنّ جميع الخطوط تنتهي إلى ذاته المقدّسة ، وأنّ جميع ما في الوجود مصدره الله سبحانه ، فالدنيا منه ، والعقبى كذلك ، وإنّ جلاله وإكرامه قد شمل كلّ شيء.

٢ ـ ونقرأ في حديث للرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ رجلا كان يدعو الله في حضرته حيث قال : «يا ذا الجلال والإكرام فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد استجيب لك فسل(١) .

وجاء في حديث آخر أنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاهد رجلا يقيم الصلاة حيث دعا بعد الركوع والسجود والتشهّد بهذا الدعاء : اللهمّ انّي أسألك بأنّ لك الحمد ، لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك ، المنّان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيّوم انّي أسألك فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى»(٢) .

٣ ـ نقرأ في حديث للإمام الباقرعليه‌السلام في تفسير الآية :( تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ) أنّه قال : «نحن جلال الله وكرامته التي أكرم العباد بطاعتنا»(٣) .

ومن الواضح أنّ أهل البيتعليه‌السلام لا يدعون لغير الله ، ولا يأمرون بغير طاعته وهم هداة الطريق إليه ، وسفن النجاة في بحر الحياة المتلاطم. وبناء على هذا ، فإنّهم يمثّلون مصاديق جلال الله وإكرامه ، لأنّ الله تعالى قد شمل الناس بنعمة الهداية بواسطة أوليائه.

٤ ـ ذكر البعض أنّ أوّل آيات قرئت في مكّة على قريش علنا هي الآيات الأوائل لهذه السورة يقول عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : اجتمع يوما أصحاب رسول الله فقالوا : والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قطّ. فمن رجل يسمعهموه؟ فقال عبد الله بن مسعود : أنا ، قالوا : إنّا نخشاهم عليك ، إنّما نريد رجلا

__________________

(١) تفسير الدرّ المنثور ، ج ٦ ص ١٥٣.

(٢) تفسير الدرّ المنثور ، ج ٦ ، ص ١٥٣.

(٣) تفسير البرهان ، ج ٤ ، ص ٢٧٢.

٤٣٧

له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه ، قال : دعوني فإنّ الله سيمنعني ، قال : فغذا ابن مسعود حتّى أتى المنام في الضحى ، وقريش في أنديتها ، حتّى قام عند المقام ثمّ قرأ :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) رافعا بها صوته :( الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ) قال : ثمّ استقبلها يقرؤها قال : فتأمّلوه فجعلوا يقولون : ماذا قال ابن أمّ عبد؟ قال : ثمّ قالوا : إنّه ليتلو بعض ما جاء به محمّد فقاموا إليه فجعلوا يضربون في وجهه ، وجعل يقرأ حتّى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ. ثمّ انصرف إلى أصحابه وقد أثّروا في وجهه.

فقالوا له : هذا الذي خشينا عليك ، فقال : ما كان أعداء الله أهون عليّ منهم الآن ، ولئن شئتم لأغادينّهم بمثلها غدا ، قالوا : لا حسبك قد أسمعتهم ما يكرهون(١) .

ولهذا السبب فقد اعتبر ابن مسعود أوّل مسلم جهر بالقرآن في مكّة أمام المشركين(٢) .

ربّنا ، يا ذا الجلال والإكرام ، نقسم عليك بجلالك وإكرامك ألّا تحرمنا من نعم وهبات الجنّة.

ربّاه ، إنّ دائرة رحمتك واسعة جدّا ، وإنّنا لم نعمل عملا يليق برحمتك ، فعاملنا بما يليق بمقام رحمانيّتك.

إلهنا ، نحن لا نكذّب أيّا من نعمك ، ونعتبر أنفسنا غارقين بإحسانك دائما ، فأدم نعمك علينا.

آمين يا ربّ العالمين.

نهاية سورة الرحمن

* * *

__________________

(١) سيرة ابن هشام ، ج ١ ، ص ٣٣٦.

(٢) اسد الغابة ، ج ٣ ، ص ٢٥٧.

٤٣٨
٤٣٩

سورة

الواقعة

مكّية

وعدد آياتها ستّ وتسعون آية

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

والأمواج الصوتية التي تستطيع اذن الإنسان سماعها هي أمواج محدودة ، أمّا الأمواج الصوتية الاخرى التي لا تستطيع الاذن سماعها فتقدّر بالآلاف.

وبالنسبة للألوان التي نستطيع رؤيتها فهي سبعة ألوان معروفة ، وقد أصبح من المسلّم اليوم وجود ما لا نهاية له من الألوان الاخرى ، كلون ما وراء البنفسجي ، وما دون الأحمر ، حيث لا يمكن أن تراها أعيننا.

أمّا عدد الحيوانات المجهرية التي لا ترى بالعين المجرّدة فهي كثيرة جدّا إلى حدّ أنّها ملأت جميع العالم ، إذ توجد في قطرة الماء أحيانا آلاف الآلاف منها ، فما أضيق تفكير من يضع نفسه في إطار المحسوسات المادية فقط ، ويبقى جاهلا لأمور كثيرة لا تستطيع الحواس أن تدركها ، أو أنّه ينكرها أحيانا؟

لقد أثبتت الدلائل العقلية والتجريبية أنّ عالم الأرواح عالم أوسع بكثير من عالم أجسامنا ، فلما ذا نحبس أنفسنا وعقولنا في إطار المحسوسات؟

ثمّ تستعرض الآية اللاحقة جواب هذا القسم العظيم ، حيث يقول تعالى بأنّ هذا القرآن هو قول رسول كريم :( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) .

والمقصود من الرّسول هنا ـ بدون شكّ ـ هو الرّسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس جبرائيل ، لأنّ الآيات اللاحقة تبيّن هذا المعنى بوضوح.

والسبب في نسبة القرآن إلى الرّسول بالرغم من أنّنا نعرف أنّه قول الله تعالى ، لأنّ الرّسول مبلّغ عنه ، وخاصّة أنّ الآية ذكرت كلمة «رسول» وهذا يعني أنّ كلّ ما يقوله الرّسول فهو قول مرسله ، بالرغم من أنّه يجري على لسان الرّسول ، ويسمع من فمه الشريف.

ثمّ يضيف تعالى :( وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ ) (١) ( وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ ) .

__________________

(١) (قليلا) في هذه الآية وفي الآية اللاحقة هي صفة (لمفعول مطلق) محذوف. و (ما) زائدة وفي التقدير هكذا ، (وتؤمنون إيمانا قليلا).

٦٠١

تنفي هاتان الآيتان ما نسبه المشركون والمخالفون من تهم باطلة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ كانوا يقولون أحيانا : إنّه (شاعر) وإنّ هذه الآيات من شعره ، كما كانوا يقولون أحيانا : إنّه (كاهن) وإنّ الذي يقوله هو (كهانة) لأنّ الكهنة أشخاص كانوا يتنبّئون بأسرار الغيب أحيانا ، وذلك لارتباطهم بالجنّ والشياطين ، وكانوا يطلقون عن قصد كلاما مسجعا وجملا موزونة.

ولأنّ القرآن الكريم أيضا كان يتنبّأ ويتحدّث عن امور غيبية ، وإنّ ألفاظه وعباراته لها نظام خاصّ ، لذا اتّهم الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه التّهم ، في حين أنّ الفرق بين الإثنين كالفرق بين الأرض والسماء.

لقد نقل البعض في سبب نزول هذه الآية أنّ (أبا جهل) نسب قول الشعر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنّ (عقبة) أو (عتبة) هو الذي نسب الكهانة إلى رسولنا الكريم وكذلك الآخرون أيضا كانوا يردّدون هذه التّهم.

وفي الحقيقة فإنّ للقرآن الكريم ألفاظا منسجمة ، وتعابير ذات نظم جميل تسحر الآذان وتبعث الاطمئنان في الأرواح. إلّا أنّ هذا ليس له أي ارتباط مع شعر الشعراء ، ولا مع سجع الكاهنين.

الشعر في الغالب وليد الخيال ، ومعبّر عن الأحاسيس الجياشة في النفوس ، والعواطف الملتهبة ، ولهذا فإنّه يجسّد حالة عدم الاستقرار وعدم التوازن صعودا ونزولا ، شدّة وانخفاضا ، في الوقت الذي نلاحظ أنّ القرآن الكريم ، وهو يمثّل قمّة الروعة والجاذبية ، فإنّه كتاب استدلالي ومنطقي في عرضه للمفاهيم ، وعقلاني في محتواه ، وما فيه من التنبّؤ المستقبلي لا يشكّل قاعدة أساسية للقرآن الكريم ، بالإضافة إلى أنّها صادقة جميعا بخلاف ما عليه تنبّؤ الكهنة.

التعبير بـ( قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ ) و( قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ ) هو توبيخ ولوم للأشخاص الذين يسمعون الوحي السماوي مقرونا بدلائل واضحة ، إلّا أنّهم يعتبرونه (شعرا) أحيانا ، و (كهانة) أحيانا اخرى. وقليلا ما يؤمنون.

٦٠٢

ويقول سبحانه في آخر آية ـ مورد البحث ـ كتأكيد على هويّة القرآن الربانية :( تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ) (١) .

وبناء على هذا فإنّ القرآن الكريم ليس بشعر ولا كهانة ، وليس هو إنتاج فكر الرّسول ، ولا قول جبرائيل بل إنّه كلام الله سبحانه ، حيث نزل بواسطة الوحي على القلب الطاهر لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجاء هذا المعنى بعبارات مختلفة إحدى عشرة مرّة في القرآن الكريم.

* * *

__________________

(١) «تنزيل» مصدر بمعنى (اسم مفعول) ، وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هو منزل من ربّ العالمين).

٦٠٣

الآيات

( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (٤٧) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٥٢) )

التّفسير

استمرارا للأبحاث المتعلّقة بالقرآن الكريم ، تستعرض الآيات التالية دليلا واضحا يؤكّد يقينية كون القرآن من الله سبحانه ، حيث يقول :( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ ) (١) .

«أقاويل» : جمع (أقوال) و (أقوال) بدورها جمع (قول) وبناء على هذا فإنّ أقاويل جمع الجمع ، والمقصود منها هنا هو الحديث الكذب.

__________________

(١) (من) في (من أحد) زائدة وللتأكيد.

٦٠٤

«وتقوّل» من مادّة (تقوّل) على وزن (تكلّف) بمعنى الحديث المصطنع الذي لا أساس له من الصحّة والحقيقة.

جملة( لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ) تعني : لأخذنا من يده اليمنى ولعاقبناه وجازيناه وكلمة «اليمين» هنا كناية عن القدرة ، وذلك بلحاظ أنّ الإنسان الذي ينجز أعمالا معيّنة بيده اليمنى يتمتّع بقدرة وقوّة أفضل.

كما أورد بعض المفسّرين احتمالات اخرى أيضا في تفسير هذه الآية ، أعرضنا عن ذكرها بلحاظ كونها غير مشهورة ولا موزونة.

«وتين» بمعنى (عرق القلب) والمقصود به هو الشريان الذي عن طريقه يصل الدم إلى جميع أعضاء جسم الإنسان ، وإذا قطع فإنّ الإنسان يتعرّض للموت فورا ، وهذا تعبير عن أسرع عقوبة يمكن أن يعاقب بها الإنسان.

وفسّر البعض (الوتين) بأنّه العرق الذي يكون القلب معلّقا به ، أو العرق الذي يوصل الدم إلى الكبد ، أو أنّه عرق النخاع الذي هو في وسط العمود الفقري ، إلّا أنّ التّفسير الأوّل أصحّ من الجميع حسب الظاهر.

«حاجزين» جمع (حاجز) بمعنى المانع.

وقد يتساءل البعض قائلا : إذا كان الموت الفوري والهلاك الحتمي هو عقوبة كلّ من يكذب على الله سبحانه ، فهذا يستلزم هلاك جميع من يدّعي النبوّة كذبا وبسرعة ، وهذا ما لم يلاحظ في حياتنا العملية ، حيث بقي الكثير منهم لسنين طويلة. بل حتّى معتقداتهم الباطلة بقيت أيضا فترة زمنية من بعدهم.

الجواب يتّضح جليّا بالانتباه إلى ما يلي : وهو أنّ القرآن الكريم لم يقل بأنّ الله يهلك كلّ مدّع يدّعي النبوّة بل إنّه سبحانه خصّص هذه العقوبة لشخص الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما لو انحرف عن طريق الحقّ ، فسوف لن يهمل لحظة واحدة ، لأنّه

٦٠٥

يكون سببا لضياع الرسالة وضلال الناس(١) .

أمّا الأشخاص الذين يدّعون ادّعاءات باطلة ، وليس لديهم أي دليل عليها ، فليس هنالك ضرورة لأنّ يهلكهم الله فورا ، لأنّ بطلان ادّعاءاتهم واضح لكلّ من يطلب الحقّ ، إلّا أنّ الأمر يلتبس ويصعب حينما يكون الادّعاء بالنبوّة مقترنا بأدلّة ومعاجز دامغة كما هو بالنسبة للنبي الإلهي ، فإنّ ذلك ممّا يؤدّي إلى الانحراف عن طريق الحقّ.

ومن هنا يتّضح بطلان ادّعاء بعض (الفرق الضالّة) لإثبات ما يقوله أسيادهم من خلال الاستشهاد بهذه الآية المباركة. فلو صحّ ذلك لكان (مسيلمة الكذّاب) وكلّ مدّع كاذب من أمثاله يستطيعون إثبات ادّعاءاتهم من خلال الاستدلال بهذه الآية أيضا.

ويذكّر سبحانه مرّة اخرى في الآية اللاحقة مؤكّدا ما سبق عرضه في الآيات السابقة( وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ) . إنّ كتاب الله هذا أنزله للأشخاص الذين يريدون أن يطهّروا أنفسهم من الذنوب ، ويسيروا في طريق الحقّ ، ويبحثوا عن الحقيقة ، ويسعوا للوصول إليها ، أمّا من لم يصل إلى هذا الحدّ من صفاء النظرة وتقوى النفس ، فمن المسلّم أنّه لن يستطيع أن يستلهم تعاليم القرآن الكريم ويتذوّق حلاوة معرفة الحقّ المبين.

إنّ التأثير العميق الفذّ للقرآن الكريم الذي يحدثه في نفوس سامعيه وقارئيه ، هو بحدّ ذاته علامة على إعجازه وحقّانيته.

ثمّ يضيف تعالى :( وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ ) .

إنّ وجود المكذّبين المعاندين لم يكن مانعا أبدا من الدليل على عدم حقّانيتهم.

__________________

(١) وهذا هو نفس ما طرح في كتب علم الكلام بعنوان : (جعل المعجزة في يد الكاذب) وقد قبّح هذا الأمر.

٦٠٦

إنّ المتّقين وطلّاب الحقّ يتّعظون به ، ويرون فيه سمات الحقّ ، وإنّه عون لهم في الوصول إلى طريق الله سبحانه.

وبناء على هذا فكما يجدر بالإنسان ـ بل يجب عليه ـ أن يفتح عينه للاستفادة من إشعاع النور ، فإنّ عليه كذلك أن يفتح عين قلبه للاستفادة من نور القرآن العظيم.

ويضيف في الآية اللاحقة :( وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ ) .

إنّ هؤلاء الكفرة الذين يتحدّون القرآن الكريم اليوم ويكذّبونه ، فإنّهم غدا حيث (يوم الظهور) و (يوم البروز) وهو وفي نفس الوقت (يوم الحسرة) يدركون مدى عظمة النعمة التي فرّطوا بها بسبب لجاجتهم وعنادهم ، وما جلبوه لأنفسهم من أليم العذاب ، ذلك اليوم الذي يشاهدون فيه ما عليه المؤمنون من نعيم ونعمة ، وعندئذ تكون المقارنة بين هؤلاء وبين من غضب الله عليهم ، فعند ذلك سيعضّون أصابع الندم ، يقول تعالى :( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ) (١) .

ولكي لا يتصور أحد أنّ التكذيب والتشكيك كان بلحاظ غموض وإبهام مفاهيم القرآن الكريم ، فيضيف في الآية اللاحقة :( وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ) .

التعبير بـ (حقّ اليقين) في إعتقاد بعض المفسّرين هو في قبيل (إضافة شيء إلى نفسه) لأنّ (الحقّ) هو (اليقين) نفسه و (اليقين) هو (عين الحقّ) وذاته ، وذلك كما يقال : (المسجد الجامع) أو (يوم الخميس) ، ويقال له باصطلاح النحاة (إضافة بيانية) إلّا أنّ الأفضل أن يقال في مثل هذه الإضافة : إضافة (الموصوف إلى الصفة).

يعني أنّ القرآن الكريم هو (يقين خالص) أو بتعبير آخر أنّ لليقين مراحل

__________________

(١) الفرقان ، الآية ٢٧.

٦٠٧

مختلفة ، حيث يحصل أحيانا بالدليل العقلي كما في حصول اليقين بوجود النار من خلال مشاهدة دخّان من بعيد ، لذا يقال لمثل هذا الأمر (علم اليقين).

وحينما نقترب أكثر ونرى اشتعال النار بامّ أعيننا ، فعند ذلك يصبح اليقين أقوى ويسمّى عندئذ بـ (عين اليقين).

وعند ما يكون اقترابنا أكثر فأكثر ونصبح في محاذاة النار أو في داخلها ونلمس حرارتها بأيدينا ، فإنّ من المسلّم أنّ هذه أعلى مرحلة من مراحل اليقين ، وتسمّى بـ (حقّ اليقين).

والآية أعلاه تقول : إنّ القرآن الكريم في مثل هذه المرحلة من اليقين ، ومع هذا فإنّ عديمي البصيرة ينكرونه ويشكّكون فيه.

وأخيرا يقول سبحانه في آخر آية ـ مورد البحث ، والتي هي آخر آية من سورة (الحاقّة) ـ( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) .

والجدير بالملاحظة ـ هنا ـ أنّ مضمون هذه الآية والآية السابقة قد جاء بتفاوت يسير مع ما ورد في سورة الواقعة ، وهذا التفاوت هو أنّ الآية وصفت القرآن الكريم هنا بأنّه (حقّ اليقين) أمّا في نهاية سورة (الواقعة) فكان الحديث عن المجاميع المتباينة للصالحين والطالحين في يوم القيامة.

* * *

ملاحظة

وصف القرآن الكريم في هذه الآيات المباركة بأوصاف أربعة وهي «تنزيل» و «تذكرة» و «حسرة» و «حقّ اليقين». حيث يقول في البداية :( تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ) ، ثمّ يقول :( وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ) ثمّ يقول تعالى :( وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ ) ويضيف في آخر وصف له بقوله :( وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ) .

وذلك أنّ الآية الاولى موجّهة لجميع البشر ، والثانية مختصّة بالمتّقين والآية

٦٠٨

الثالثة تعني الكافرين ، والرابعة خاصّة بالمقرّبين.

اللهمّ : إنّك تعلم إنّه لا شيء أفضل من اليقين ، فارزقنا منه ما يكون معه إيماننا مصداقا لحقّ اليقين.

ربّنا : إنّ يوم القيامة هو يوم الحسرة ، فلا تجعلنا في ذلك اليوم من الذين يتحسّرون لكثرة ذنوبهم ، بل من قلّة طاعاتهم على الأقل

ربّنا : آتنا صحيفة أعمالنا بيدنا اليمنى ، وأدخلنا في جنّة عالية في عيشة راضية.

آمين ربّ العالمين

نهاية سورة الحاقّة

ونهاية المجلد الثّامن عشر

* * *

٦٠٩
٦١٠

الفهرس

سورة الحديد»

محتوى السورة ٧

فضيلة تلاوة سورة الحديد ٨

تفسير الآيات : ١ ـ ٣ ١٠

آيات للمتفكّرين ١٠

بحث

جمع الأضداد في صفات الله ١٤

تفسير الآيات : ٤ ـ٦ ١٦

على عرش القدرة دائما ١٦

تعقيب ٢٣

آيات الاسم الأعظم ٢٢

تفسير الآيات : ٧ ـ ١١ ٢٥

الإيمان والإنفاق أساسان للنجاة ٢٦

بحوث

١ ـ بواعث الإنفاق ٣٢

٢ ـ شروط الإنفاق في سبيل الله ٣٣

٣ ـ السابقون في الإيمان والجهاد والإنفاق ٣٥

تفسير الآيات : ١٢ ـ ١٥ ٣٧

انظرونا نقتبس من نوركم ٣٧

ملاحظة

الإستغاثة العقيمة للمجرمين ٤٤

٦١١

تفسير الآيات : ١٦ ـ ١٨ ٤٦

سبب النزول ٤٦

إلى متى هذه الغفلة ٤٧

موعظة وتوبة ٥٠

تفسير الآيتان : ١٩ ـ ٢٠ ٥٢

الدنيا متاع الغرور ٥٢

تعقيب ٥٧

١ ـ مقام الصدّيقين والشهداء ٥٧

٢ ـ الحياة الدنيا لهو ولعب ٥٩

تفسير الآيات : ٢١ ـ ٢٤ ٦١

المسابقة المعنوية الكبرى ٦١

تفسير الآية : ٢٥ ٧٠

الهدف الأساس من بعثة الأنبياء ٧٠

تعقيب ٧٥

١ ـ الحدود بين القوّة والمنطق ٧٥

٢ ـ الحديد وإحتياجات الحياة الأساسية ٧٦

تفسير ال آیتان : ٢٦ ـ ٢٧ ٧٨

تعاقب الرسل واحداً بعد ال آخر ٧٨

بحوث

١ ـ الإسلام والرهبانية ٨٣

٢ ـ المصدر التأريخي للرهبانية ٨٦

٣ ـ المفاسد الأخلاقية والاجتماعية الناشئة من الرهبانية ٨٧

٤ ـ إنجيل أم أناجيل ٨٩

تفسیر الآيتان : ٢٨ ـ ٢٩ ٩٠

سبب النّزول ٩٠

الذين لهم سهمان من الرحمة الإلهية ٩١

بحث

التقوى والوعي ٩٥

٦١٢

«سورة المجادلة»

محتوى السورة ٩٩

فضيلة تلاوة سورة المجادلة ٩٩

تفسیر الآيات : ١ ـ ٤ ١٠١

سبب النّزول ١٠١

الظهار عمل جاهلي قبيح ١٠٣

ملاحظات

١ ـ قسم من أحكام الظهار ١٠٩

٢ ـ الظهار من كبائر الذنوب ١١٠

تفسیر الآيات : ٥ ـ ٧ ١١٢

أولئك أعداء الله ١١٢

بحث

حضور الله سبحانه في كلّ نجوى ١١٧

تفسیر الآيات : ٨ ـ ١٠ ١١٨

سبب النّزول ١١٨

النجوى من الشيطان ١١٩

بحثان

١ ـ أنواع النجوى ١٢٢

٢ ـ كيف تكون التحيّة الإلهيّة ١٢٣

تفسیر الآية : ١١ ١٢٥

سبب النّزول ١٢٦

احترام أهل السابقة والإيمان ١٢٦

بحثان

١ ـ مقام العلماء ١٢٩

٢ ـ آداب المجلس في القرآن الكريم ١٣٠

تفسیر الآيتان : ١٢ ـ ١٣ ١٣٢

٦١٣

سبب النّزول ١٣٢

الصدقة قبل النجوى (اختبار رائع) ١٣٣

بحوث

١ ـ الملتزم الوحيد بآية الصدقة قبل النجوى ١٣٥

٢ ـ فلسفة تشريع ونسخ حكم الصدقة ١٣٦

٣ ـ هل الالتزام بالصدقة فضيلة ١٣٧

٤ ـ مدّة الحكم ومقدار الصدقة ١٣٨

تفسیر الآيات : ١٤ ـ ١٩ ١٣٩

حزب الشيطان ١٤٠

تفسیر الآيات : ٢٠ ـ ٢٢ ١٤٥

حزب الله والنصر الدائم ١٤٥

بحثان

١ ـ العلامة الفارقة بين حزب الله وحزب الشيطان ١٥١

٢ ـ جزاء الحبّ في الله والبغض في الله ١٥٣

«سورة الحشر»

محتوى السورة ١٥٧

فضيلة تلاوة هذه السورة ١٥٨

تفسیر الآيات : ١ ـ ٥ ١٦٠

سبب النّزول ١٦١

نهاية مؤامرة يهود بني النضير ١٦٣

بحثان

١ ـ الجيوش الإلهيّة اللامرئية ١٧٢

٢ ـ مؤامرات اليهود المعاصرة ١٧٣

تفسیر الآيتان : ٦ ـ ٧ ١٧٥

سبب النّزول ١٧٥

حكم الغنائم بغير الحرب ١٧٦

٦١٤

بحوث

١ ـ مصارف الفيء ١٨١

٢ ـ جواب على سؤال ١٨٣

٣ ـ القصّة المؤلمة لـ (فدك) ١٨٤

تفسیر الآيات : ٨ ـ ١٠ ١٨٧

السمات الأساسية للأنصار والمهاجرين والتابعين ١٨٧

بحث

الصحابة في ميزان القرآن والتاريخ ١٩٥

تفسیر الآيات : ١١ـ١٤ ١٩٧

سبب النّزول ١٩٧

دور المنافقين في فتن اليهود ١٩٩

تفسیر الآيات : ١٥ ـ ٢٠ ٢٠٤

حيل الشيطان والمهالك ٢٠٤

بحوث

١ ـ التعاون العقيم مع أهل النفاق ٢١١

٢ ـ قصّة العابد (برصيصا) ٢١٢

٣ ـ ما ينبغي عمله ٢١٣

تفسیر الآيات : ٢١ ـ ٢٤ ٢١٥

لو نزل القرآن على جبل ٢١٥

ملاحظتان

١ ـ التأثير الخارق للقرآن الكريم ٢٢٣

٢ ـ عظمة الآيات الأخيرة لسورة الحشر ٢٢٣

«سورة الممتحنة»

«سورة الممتحنة» ٢٢٩

محتوى السورة ٢٢٩

٦١٥

فضيلة تلاوة سورة الممتحنة ٢٢٩

تفسير الآيات : ١ ـ ٣ ٢٣١

سبب النّزول ٢٣١

نتيجة الولاء لأعداء الله ٢٣٣

تفسير الآيات : ٤ ـ ٦ ٢٣٨

أسوة للجميع ٢٣٨

بحوث

١ ـ نماذج خالدة ٢٤٤

٢ ـ الله غني عن الجميع ٢٤٥

٣ ـ الأصل في العلاقات الرسالية : (الحبّ في الله والبغض في الله) ٢٤٦

تفسير الآيات : ٧ ـ ٩ ٢٤٨

مودّة الكفّار غير الحربيين ٢٤٨

تفسير الآيتان : ١٠ ـ ١١ ٢٥٣

سبب النّزول ٢٥٣

تعويض خسائر المسلمين والكفّار ٢٥٤

العدل حتّى مع الأعداء ٢٦١

تفسير الآية : ١٢ ٢٦٢

شروط بيعة النساء ٢٦٢

بحوث

١ ـ ارتباط بيعة النساء ببناء شخصيتهنّ الإسلامية ٢٦٤

٢ ـ قصّة بيعة (هند) زوجة أبي سفيان ٢٦٥

٣ ـ الطاعة بالمعروف ٢٦٦

تفسير الآية : ١٣ ٢٦٨

«سورة الصّف»

محتوى سورة الصّف ٢٧٣

فضيلة تلاوة سورة الصّف ٢٧٤

تفسير الآيات : ١ ـ ٤ ٢٧٥

٦١٦

سبب النّزول ٢٧٥

المقاتلون المؤمنون صفّ حديدي منيع ٢٧٦

بحثان

١ ـ ضرورة وحدة الصفوف ٢٧٩

٢ ـ الأقوال المجرّدة عن العمل ٢٨١

تفسير الآيتان : ٥ ـ ٦ ٢٨٣

البشارة بظهور النّبي (أحمد) ٢٨٣

بحوث

١ ـ الصلة بين البشارة وتكامل الدين ٢٨٦

٢ ـ بشارة العهدين وتعبير (فارقليطا) ٢٨٧

٣ ـ هل أنّ اسم رسول الإسلام كان (أحمد) ٢٩٠

تفسير الآيات : ٧ ـ ٩ ٢٩٢

يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ٢٩٢

تفسير الآيات : ١٠ ـ ١٣ ٢٩٨

التجارة الرّابحة ٢٩٨

بحوث

١ ـ أي فتح هو «الفتح القريب» ٣٠٢

٢ ـ ما هي خصائص المساكين الطيّبة ٣٠٣

٣ ـ الدنيا موضع تجارة أولياء الله ٣٠٣

تفسير الآية : ١٤ ٣٠٥

كونوا كالحواريين ٣٠٥

تعقيب ٣٠٧

من هم الحواريون ٣٠٧

«سورة الجمعة»

محتوى السورة ٣١١

فضيلة تلاوة سورة الجمعة ٣١١

٦١٧

تفسير الآيات : ١ ـ ٤ ٣١٣

الهدف من بعثة الرّسول ٣١٣

ملاحظة

الفضل الإلهي له حساب ٣١٨

تفسير الآيات : ٥ ـ ٨ ٣٢٠

الحمار الذي يحمل الأسفار ٣٢٠

بحثان

١ ـ العالم بلا عمل ٣٢٤

٢ ـ لماذا أخاف الموت ٣٢٥

تفسير الآيات : ٩ ـ ١١ ٣٢٨

سبب النّزول ٣٢٨

أكبر تجمّع عبادي سياسي اسبوعي ٣٢٩

بحوث

١ ـ أوّل صلاة جمعة في الإسلام ٣٣٣

٢ ـ أهميّة صلاة الجمعة ٣٣٤

٣ ـ فلسفة صلاة الجمعة العبادية والسياسيّة ٣٣٥

٤ ـ آداب صلاة الجمعة ومضمون الخطبتين ٣٣٨

٥ ـ شرائط وجوب صلاة الجمعة ٣٤٠

نهاية سورة الجمعة ٣٤١

«سورة المنافقون»

محتوى السورة ٣٤٥

فضيلة تلاوة سورة المنافقين ٣٤٦

تفسير الآيات : ١ ـ ٤ ٣٤٧

مصدر النفاق وعلامات المنافقين ٣٤٧

٦١٨

تفسير الآيات : ٥ ـ ٨ ٣٥٥

سبب النّزول ٣٥٥

علامات اخرى للمنافقين ٣٥٧

بحوث

١ ـ للمنافقين علامات عشر ٣٦٠

٢ ـ خطر المنافقين ٣٦١

٣ ـ المنافق فارغ ومنخور ٣٦٢

تفسير الآيات : ٩ ـ ١١ ٣٦٥

لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم ٣٦٥

تعقيب ٣٦٧

١ ـ طريقة التغلّب على الاضطرابات والقلق ٣٦٧

٢ ـ النفاق العقائدي والنفاق العملي ٣٦٨

نهاية سورة المنافقين ٣٦٩

سورة التغابن

محتوى السورة ٣٧٣

فضيلة تلاوة السورة ٣٧٤

تفسير الآيات : ١ ـ ٦ ٣٧٥

يعلم ما تخفي الصدور ٣٧٥

تفسير الآيات : ٧ ـ ١٠ ٣٧٩

يوم التغابن وظهور الغبن ٣٨٤

تفسير الآيات : ١١ ـ ١٣ ٣٨٤

كلّ ما يصيبنا بإذنه وعلمه ٣٨٤

تفسير الآيات : ١٤ ـ ١٨ ٣٨٧

سبب النّزول ٣٨٧

أولادكم وأموالكم وسيلة لامتحانكم ٣٨٨

ملاحظة

حديث مهمّ ٣٩٣

٦١٩

سورة الطّلاق

«سورة الطلاق» ٣٩٧

محتوى السورة ٣٩٧

فضيلة تلاوة السورة ٣٩٧

تفسير الآية : ١ ٣٩٨

شرائط الطلاق والانفصال ٣٩٨

ملاحظات

١ ـ أبغض الحلال إلى الله الطلاق ٤٠٢

٢ ـ أسباب الطلاق ٤٠٥

٣ ـ فلسفة ضبط وإحصاء العدّة ٤٠٧

تفسير الآيات : ٢ ـ ٣ ٤٠٨

فأمسكوهنّ بمعروف أو فارقوهنّ بمعروف ٤٠٨

بحثان

١ ـ التقوى والنجاة من المشاكل ٤١٢

٢ ـ روح التوكّل ٤١٣

تفسير الآيات : ٤ ـ ٧ ٤١٥

أحكام النساء المطلّقات وحقوقهنّ ٤١٦

بحوث

١ ـ أحكام الطلاق الرجعي ٤٢١

٢ ـ لا يكلّف الله نفسا إلّا وسعها ٤٢٢

٣ ـ أهميّة النظام العائلي ٤٢٢

تفسير الآيات : ٨ ـ ١١ ٤٢٤

العاقبة المؤلمة للعاصين ٤٢٤

تفسير الآية : ١٢ ٤٢٩

الهدف من خلق العالم ٤٢٩

سورة التّحريم

محتوى السورة ٤٣٧

٦٢٠

621

622

623

624