الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٩

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل11%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 511

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 511 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 140925 / تحميل: 5802
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .

وقيل أيضا في تفسير هذه الآية : إنّ المعنى : قل لن يجيرني من الله أحد إلّا تبليغا منه ومن رسالاته ، أي إلّا أن أمتثل ما أمرني به من التبليغ منه تعالى.(١)

وأمّا عن الفرق بين «البلاغ» و «الرسالات» فقد قيل : إنّ البلاغ يخص اصول الدين ، والرسالات تخصّ بيان فروع الدين.

وقيل المراد من إبلاغ الأوامر الإلهية ، والرسالات بمعنى تنفيذ تلك الأوامر ، ولكن الملاحظ أنّ الإثنين يرجعان إلى معنى واحد ، بقرينة الآيات القرآنية المتعددة : وكقوله تعالى في الآية (٦٢) سورة الأعراف فيقول :( أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي ) وغيرها من الآيات ، ويحذر في نهاية الآية فيقول :( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ) .

الواضح أنّ المراد فيها ليس كلّ العصاة ، بل المشركون والكافرون لأنّ مطلق العصاة لا يخلدون في النّار.

ثمّ يضيف :( حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً ) .(٢)

وفي المراد من العذاب في :( ما يُوعَدُونَ ) هل هو العذاب الدنيوي أم الاخروي أم الاثنان معا؟ ورد في ذلك أقوال ، والأوجه هو أن يكون المعنى عامّا ، وفيما يخصّ الكثرة والقلّة والضعف والقوّة للأنصار فإنّه متعلق بالدنيا ، ولذا فسّره البعض بأنّه يتعلق بواقعة بدر التي كانت قوّة وقدرة المسلمين فيها ظاهرة

__________________

(١) هذه الجملة مستثناة من الجملة السابقة( لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً ) حسب هذا التّفسير ومستثناة من الآية السابقة حسب التّفسير الأوّل.

(٢) «متى» : تأتي عادة لبيان الغاية والنهاية للشيء وقيل في ذلك وجهان : الأوّل : إنّ الغاية جملة محذوفة وتقديرها (ولا يزالون يستهزؤن ويستضعفون المؤمنين حتى إذا رأوا ما يوعدون ...). الثّاني : إنّ الغاية هي للآية( يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ) والتي مرّت سابقا ، والأوّل أوجه.

١٠١

وواضحة وقيل حسب الرّوايات المتعددة أنّها تخصّ الإمام المهدي (أرواحنا فده) وإذا أردنا تفسير الآية بمعانيها فإنّها تشمل كلّ ذلك.

إضافة إلى ما جاء في الآية (٧٥) من سورة مريمعليها‌السلام :( حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً ) وعلى كل حال فإنّ سياق هذه الآية يشير إلى أنّ أعداء الإسلام كانوا يتبجّجون قدرات جيوشهم وكثرة جنودهم أمام المسلمين يستضعفونهم ، الأنصار لهذا كان القرآن يواسيهم ويبشرهم بأنّ العاقبة ستكون بانتصارهم وخسران عدوهم.

* * *

ملاحظتات

١ ـ صفاء القادة الإلهيين

إحدى خصوصيات القادة الإلهيين هي أنّهم بعكس العادة الشيطانيين ، ليسوا بمغرورين ولا متكبرين ولا ممن يدّعون ما ليس فيهم.

فإذا كان فرعون ينادي لحماقته : أنّا ربّكم الأعلى! وهذه الأنهار تجري من تحتي ، فإنّ الإلهيون يرون أنفسهم من أصغر عباد الله لشدّة تواضعهم لله ، وما كانوا يحسبون لأنفسهم قدرة أمام إرادة الله تعالى ، كما نقرأ في الآية (١١٠) من سورة الكهف :( قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ ) وورد في موضع آخر :( وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) .

ونقرأ في آية اخرى :( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ) .(١)

حتى لو وصلوا إلى ذروة القدرة المادية فإنّهم لا يغترون بها ولا يتيهون فيها

__________________

(١) الأنعام ، ٥٠.

١٠٢

كما قال سليمانعليه‌السلام :( هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي ) .(١)

ومن الطريف أنّ كثيرا من الآيات القرآنية توجّه خطابات حادة إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعاتبه ليكون في أمره على حذر.

إنّ مجموع هذه الآيات والآيات السابقة هي وثيقة حيّة على أحقّية هذا النّبي العظيم ، وإلّا فما هو المانع من أن يدعي لنفسه المنازل العظيمة فوق ما يدركه البشر وهو يعيش في فئة تتقبل منه ما يدّعيه ومن دون احتجاج وتساؤل من الناس كما أشار التاريخ إلى ذلك في شأن الظالمين.

نعم ، إنّ هذا التعابير في مثل هذه الآيات تكون شواهد حيّة لأحقّية دعوة الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢ ـ ليس المهم الكم بل الكيف!

أخذ هذا الموضوع بنظر الإعتبار في كثير من آيات القرآن ، وهو أنّ طاغوت كل زمان يتظاهر بكثرة أعوانه ، كما في شأن فرعون عند ما كان يستهين بمن مع موسىعليه‌السلام فقال :( إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ) (٢) ، وقال مشركو العرب :( نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ) وكان المعاند يتظاهر بأمواله وأعوانه ، ويفتخر بذلك ليغيظ به المؤمنين ، ويقول :( أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً ) .(٣)

ولم يكن المؤمنون السائرون على خط الأنبياء يتأثرون بمظاهر الثروة وغيرها ، بل كان قولهم هو :( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ ) .(٤)

ويقول أمير المؤمنينعليه‌السلام : «أيّها الناس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة

__________________

(١) النمل ، ٤٠.

(٢) الشعراء ، ٥٤.

(٣) الكهف ، ٣٤.

(٤) البقرة ، ٢٤٩.

١٠٣

أهله»(١) إنّ تاريخ الأنبياء ، وبالخصوص تاريخ حياة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يشير كيف أن المعاندين على كثرتهم وامتلاكهم لجميع القدرات انكسروا وعجزوا أمام القلّة القليلة من المؤمنين ، وتعكس الآيات القرآنية هذا المعني جيدا وهي تروي قصص بني إسرائيل وفرعون وطالوت وجالوت ، وكذلك ما في واقعة بدر والأحزاب.

* * *

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٠١.

١٠٤

الآيات

( قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (٢٥) عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (٢٧) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (٢٨) )

التّفسير

الله عالم الغيب :

لقد تبيّن في الآيات السابقة حقيقة أنّ العصاة يبقون على عنادهم واستهزائهم حتى يأتي وعد الله بالعذاب ، وهنا يطرح السؤال ، وهو : متى يتحقق وعد الله؟ وقد بيّن المفسّرون سبب نزول الآية ، وذكروا أنّ بعض المشركين كالنضر بن الحارث سألوا عن وعد الله بعد نزول هذه الآيات أيضا ، وقد أجاب القرآن على ذلك فقال :( قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً ) .

هذا العلم يخص ذاته المقدسة تعالى شأنه ، وأراد أن يبقى مكتوما حتى عن

١٠٥

عباده المؤمنين ، ليتحقق الاختبار الإلهي للبشرية ، وإلّا فلم يؤثر الاختبار.

«أمد» : على وزن (صمد) وتعني الزمان ، وعلى ما يقوله الراغب في مفرداته : إنّ هناك اختلافا بين الزمان والأمد ، فالزمان يشمل الابتداء والانتهاء ، وأمّا الأمد فإنّها الغاية التي ينتهي إليها.

وقيل أيضا بتقارب المعنى في الأمد والأبد مع اختلاف ، وهو أنّ الأبد يراد به المدّة غير المحدودة ، وأمّا الأمد فهي المدّة المحدودة وإن طالت.

وعلى كل حال ، فإنّنا كثيرا ما نواجه مثل هذه المعاني في آيات القرآن ، وعند ما يسأل الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن يوم القيامة يجيب بأنّه ليس لهم علم بذلك ، وأن علمه عند الله ، وورد في حديث أنّ جبرئيلعليه‌السلام ظهر عند النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على هيئة أعرابي ، فسأله عن الساعة ، فقال النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل» فأعاد عليه السؤال رافعا صوته : يا محمّد متى الساعة؟ فقال النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ويحك ، إنّها كائنة فما أعددت لها؟» فقال الأعرابي : لم أعد كثيرا من الصلاة والصيام ، ولكن أحبّ الله ورسوله ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «فأنت مع من أحببت» ، فقال أنس (وهو أحد الصحابة) : فما فرح المسلمون بشيء كفرحهم بهذا الحديث.(١)

ثمّ يبيّن في هذا الحديث قاعدة كلية بشأن علم الغيب فيقول :( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً ) .(٢)

ثمّ يضيف مستثنيا :( إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ) .

أي يبلغه ما يشاء عن طريق الوحي الإلهي :( فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ) .

__________________

(١) تفسير المراغي ، ج ٢٩ ، ص ١٠٥.

(٢) عالم الغيب خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : هو عالم الغيب ، وقيل : صفة أو بدل لربّي في الآية السابقة.

١٠٦

«رصد» : في الأصل مصدر ، ويراد به الاستعداد للمراقبة من شيء ، ويطلق على الاسم الفاعل والمفعول ، ويستعمل في المفرد والجمع ، أي يطلق على المراقب والحارس أو على المراقبين والحرّس.

ويراد به هنا الملائكة الذين يبعثهم الله مع الوحي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليحيطوه من كل جانب ، ويحفظوا الوحي من شرّ شياطين الجنّ والإنس ووساوسهم : ومن كل شيء يخدش أصالة الوحي ، ليوصلوا الرسالات إلى العباد من دون خدش أو زيادة أو نقصان ، وهذا هو دليل من الأدلة على عصمة الأنبياءعليهم‌السلام المحفوظين من الزّلات والخطايا بالإمداد الإلهي والقوة الغيبية ، والملائكة.

في بحثنا للآية الأخيرة التي تنهي السورة تبيان لدليل وجود الحراس والمراقبين فيقول :( لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ) (١) .

المراد من العلم هنا هو العلم الفعلي ، وبعبارة أخرى ليس معنى الآية أنّ الله ما كان يعلم عن أنبيائه شيئا ثمّ علم ، لأنّ العلم الإلهي أزلي وأبدي وغير متناه ، بل إنّ المراد هو تحقق العلم الإلهي في الخارج ، ويتخذ لنفسه صورة عينية واضحة ، أي ليتحقق إبلاغ الأنبياء ورسالات ربّهم ويتمموا الحجّة بذلك.

* * *

__________________

(١) أرجع بعض المفسّرين ضمير (ليعلم) إلى الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالوا : المراد من ذلك هو أنّ الله قد جعل لأسرار الوحي والرسالة حفظة وحراسا ، وليعلم الرّسول أنّ الملائكة قد أبلغوا إليه الوحي الإلهي فتطمئن نفسه ولا يتردد في أصالة الوحي ، ولكن هذا القول في غاية البعد ، وذلك لأنّ حمل الرسالة من عمل النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا من عمل الملائكة وعبارة الرّسول في الآية السابقة والرسالات في الآيات التي مضت تخصّ شخص الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولذا فإنّ التّفسير الأوّل هو الأوجه.

١٠٧

بحوث

١ ـ تحقيق موسّع حول علم الغيب

من خلال التمعن في الآيات المختلفة للقرآن الكريم يتّضح لنا أنّ الآيات المتعلقة بعلم الغيب قسمان :

القسم الأوّل : ما يتعلق بذاته جلّ شأنه ولا يعلمه إلّا هو ، كما في الآية (٥٩) من سورة الأنعام :( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ ) والآية (٦٥) من سورة النمل :( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ ) وكما ورد في شأن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الآية (٥٠) من سورة الأنعام :( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ) .

ونقرأ في الآية (١٨٨) من سورة الأعراف :( وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ ) وأخيرا نقرأ في الآية (٢٠) من سورة يونس :( فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ ) وغيرها من الآيات.

القسم الثّاني : يطرح بوضوح اطلاع أولياء الله على الغيب ، كما نقرأ في الآية (١٧٩) من سورة آل عمران :( ما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ ) ونقرأ في معاجز المسيحصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ) (١)

والآية السابقة مورد البحث أيضا تشير إلى أنّ الله تعالى يهب العلم لمن يرتضيه من رسله : (وذلك لأنّ استثناء النفي إثبات) ، ومن جهة أخرى فإنّ الآيات التي تشمل الأخبار الغيبية ليست بقليلة. كالآية الثّانية حتى الرّابعة من سورة الروم :( غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ ) ، وتقول الآية (٨٥) من سورة القصص :( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ

__________________

(١) آل عمران ، ٤٩.

١٠٨

لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ ) وتقول الآية (٢٧) من سورة الفتح :( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ ) .

ومن المعروف أنّ الوحي السماوي الذي يهبط على الرسل هو نوع من الغيب الذي أطلعهم الله عليه ، فكيف يمكن أن ننفي اطلاعهم بالغيب في الوقت الذي يهبط عليهم الوحي.

بالإضافة إلى ذلك كلّه فإنّ هناك روايات كثيرة تدل على أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام مطّلعون على الغيب ، ويخبرون به أحيانا ، فمثلا نجد ذلك في قصّة «فتح مكّة» وحادث حاطب بن أبي بلتعة الذي كتب كتابا لأهل مكّة وسلمه لامرأة تدعى «سارة» لتوصله إلى مشركي مكّة ، وأطلعهم فيه على نيّة الرّسول في الهجوم على مكّة ، فأخفت تلك المرأة الكتاب في ضفائرها ، قصدت الذّهاب إلى مكّة ، فأرسل النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليها أمير المؤمنينعليه‌السلام ومعه بعض أصحابه وقال لهم : «ستجدون امرأة عندها كتاب من حاطب إلى المشركي قريش في منزل يسمّى (خاخ)» فلمّا وجدوها أنكرت عليهم الكتاب ، ولكنّها سرعان ما اعترفت وأخذوا منها الكتاب(١) .

وكذلك إخبارهم بحوادث معركة مؤتة ، واستشهاد جعفر الطيارعليه‌السلام وبعض القادة المسلمين ، في الوقت الذي كان الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يطلع الناس على ذلك في المدينة(٢) ، والأمثلة على ذلك ليست قليلة في حياة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وورد في نهج البلاغة أيضا أخبار كثيرة سابقة لأوانها تشير إلى حوادث مستقبلية ، أخبر عنها أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ممّا يدل على اطلاعهعليه‌السلام بأسرار الغيب ، كما جاء في الخطبة (١٣) في ذمّة أهل البصرة حيث يقول : «كأنّي بمسجدكم كجؤجؤ لسفينة قد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها وغرق من في ضمنها».

__________________

(١) شرح هذه الحادثة ودليله في هذا المجلد في تفسير سورة الممتحنة.

(٢) كامل ابن الأثير ، ج ٢ ، ص ٢٣٧ ، (حادثة غزوة مؤتة).

١٠٩

ووردت في روايات أخرى عن طريق الخاصّة والعامّة أخبار متعددة عنهعليه‌السلام وهي سابقة لأوانها ، كقوله لحجر بن قيس : «إنّك من بعدي تجبر على لعني»(١) .

وما قاله في مروان : «إنّه يحمل راية الضلال بعد الكبر على أكتافه»(٢) .

وما قاله كميل بن زياد للحجاج أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قد أخبرني بأنّك قاتلي.(٣)

وما قالهعليه‌السلام في خوارج النهروان : «إنّه لا يقتل منّا في حربهم عشرة ولا ينجو منهم إلّا عشرة»(٤) وقد حدث ما قالعليه‌السلام .

وما قاله حول موضع قبر الإمام الحسينعليه‌السلام عند مروره بكربلاء للأصبغ بن نباتة(٥) ، وفي كتاب فضائل الخمسة وردت روايات كثيرة عن كتب أبناء العامّة حول علم الإمام الخارق للعادة ، وذكرها يطول في هذا المقام(٦) .

وذكرت أيضا روايات عديدة في هذا الباب عن لسان الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ؛ منها ما ذكر في كتاب الكافي المجلد الأوّل من تصاريح وإشارات متعددة في أبواب عديدة منه.

وقد أورد المرحوم العلّامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار المجلد (٢٦) أحاديث كثيرة في هذا الإطار تبلغ ٢٢ حديثا.

ومضافا إلى ذلك فإنّ روايات في باب علم الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والائمّة

__________________

(١) مستدرك الصحيحين ، ج ٢ ، ص ٣٥٨.

(٢) طبقات ابن سعد ، ج ٥ ، ص ٣٠.

(٣) الإصابة لابن حجر ، ج ٥ ، القسم ٣ ، ص ٣٢٥.

(٤) الهيثمي في المجمع ، ج ٦ ، ص ٢٤١.

(٥) الرياض النضرة ، ج ٣ ، ص ٢٢٢.

(٦) فضائل الخمسة ، ج ٢ ، ص ٢٣١ الى ٢٥٣.

١١٠

المعصومينعليهم‌السلام بأسرار الغيب هي على حدّ التواتر ، أمّا كيف نجمع بين هذه الآيات والرّوايات التي ينفي بعضها علم الغيب لغير الله وإثبات البعض الآخر لغيره تعالى؟ هناك طرق مختلفة للجمع بينها :

١ ـ أشهر طرق الجمع هو أنّ المراد من اختصاص علم الغيب بالله تعالى هو العلم الذاتي والاستقلالي ، ولهذا لا يعلم الغيب إلّا هو ، وما يعلمونه فهو من الله ، وذلك بلطفه وعنايته ، والدليل على هذا الجمع هو تلك الآية التي بحثت من قبل والتي تقول :( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ) .

وقد أشير إلى هذا المعنى في نهج البلاغة عند ما كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يخبر عن الحوادث المقبلة (وهو يتصور هجوم المغول على البلاد الإسلامية) فقال أحد أصحابه : يا أمير المؤمنين ، هل عندك علم الغيب؟ فتبسّم أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال : «ليس هو بعلم غيب ، إنّما هو تعلم من ذي علم».(١)

وقد وافق على هذا الجمع كثير من العلماء المحققين.

٢ ـ أسرار الغيب قسمان : قسم خاص باللهعزوجل لا يعلمه إلّا هو كقيام الساعة ، وغيرها ممّا يشابه ذلك ، والقسم الآخر علّمه الأنبياء والأولياء ، كما يقول عليعليه‌السلام في نهج البلاغة في ذيل تلك الخطبة المشار إليها : «وإنّما علم الغيب علم الساعة ، وما عدده الله سبحانه بقوله :( إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ) (٢) .

ثمّ أضاف الإمامعليه‌السلام في شرح هذا المعنى.

يمكن لبعض الناس أن يعلموا بزمان وضع الحمل أو نزول المطر ومثل ذلك علما إجماليا ، وأمّا العلم التفصيلي والتعرف على هذه الأمور فهو خاص بذات

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٢٨.

(٢) المصدر السّابق.

١١١

الله تعالى المقدسة وإنّ علمنا بشأن يوم القيامة هو علم إجمالي ونجهل جزئيات وخصوصيات يوم القيامة.

وإذا كان النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو الأئمّة المعصومونعليهم‌السلام قد أخبروا البعض في أحاديثهم عمّن يولد أو عمن ينقضي عمره ، فذلك يتعلق بالعلم الإجمالي.

٣ ـ الطريق الآخر للجمع بين القسمين من الآيات والرّوايات هو ثبوت أسرار الغيب في مكانين : في اللوح المحفوظ (الخزانة الخاصّة لعلم الله وهو غير قابل للتغيير ولا يمكن لأحد أن يعلم عنه شيئا).

ولوح المحو والإثبات الذي هو علم المقتضيات وليس العلّة التامة ، ولهذا فهو قابل للتغيير ، وما لا يدركه الآخرون يرتبط بهذا القسم.

لذا نقرأ في حديث عن الإمام الصّادقعليه‌السلام : «إنّ لله علما لا يعلمه إلّا هو ، وعلما أعلمه ملائكته ورسله ، فما أعلمه ملائكته وأنبياءه ورسله فنحن نعلمه»(١) .

ونقل عن علي بن الحسينعليه‌السلام أيضا أنّه قال : «لولا آية في كتاب الله لحدثتكم بما كان وما يكون إلى يوم القيامة» فقلت له : أيّة آية؟ فقال : «قول الله :( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) (٢) .

وطبقا لهذا الجمع يكون تقسيم العلوم على أساس حتميته أو عدمه ، وفي الجمع السابق يكون على أساس مقدار المعلومات.

٤ ـ والطريق الآخر هو أنّ الله تعالى يعلم بكل أسرار الغيب ، وأمّا الأنبياء والأولياء فإنّهم لا يعلمونها كلّها ، ولكنّهم إذا ما شاءوا ذلك أعلمهم الله تعالى بها ، وبالطبع هذه الإرادة لا تتمّ إلّا بإذن الله تعالى.

ومحصلة ذلك أنّ الآيات والرّوايات التي تقول إنّهم لا يعلمون بالغيب هي إشارة إلى عدم المعرفة الفعلية ، والتي تقول إنّهم يعلمون تشير إلى

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٢٦ ، ص ١٦٠ ، الحديث ٥ ، هناك روايات متعددة في هذا الإطار قد نقلت من هذا المصدر.

(٢) تفسير نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٥١٢ ، الحديث ١٦.

١١٢

إمكان معرفتهم لها.

وهذا في الحقيقة كمن يسلم رسالة بيد شخص ما ليوصلها إلى آخر ، ويمكن القول هنا : إنّ الشخص الموصل لها لا يعلم بمحتوى الرسالة ، ولكن يمكنه فتحها والتعرف على ما فيها إذا ما حصل على الموافقة على قراءتها ، ففي هذه الصورة يمكن القول على أنّه عالم بمحتوى الرسالة ، وربّما لا يسمح له ذلك.

والدليل على هذا الجمع هو ما نقرأه في الرّوايات المنقولة في كتاب الكافي للكلينيرحمه‌الله في باب (أنّ الأئمّة إذا شاءوا أن يعلموا اعلموا) ومنها في حديث ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام قال : «إذا أراد الإمام أن يعلم شيئا أعلمه الله ذلك».(١)

وهذا الوجه من الجمع يمكن أن يحلّ الكثير من المشاكل المتعلقة بعلم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّةعليهم‌السلام ، منها أنّهم كانوا يتناولون مثلا الغذاء المسموم في حين أن تناول ما يؤدي بالإنسان إلى الهلاك غير جائز ، فكيف يكون ذلك؟ فلهذا يجب القول : إنّ في مثل هذه الموارد ما كان يسمح لهم معرفة أسرار الغيب.

وهكذا تقتضي المصلحة أحيانا في ألّا يتعرّف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو الإمام على أمر من الأمور ، أو يعرض إلى اختبار ليتكامل بتجاوزه مرحلة الاختبار ، كما جاء في قصّة ليلة المبيت عند ما بات الإمام عليعليه‌السلام في فراش النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو لا يعلم هل أنّ الإمامعليه‌السلام سوف ينجو من المشركين عند ما يهجمون على أم يستشهد ، فالمصلحة هنا تقتضي ألّا يعلم الإمام عاقبة هذا الأمر ليتحقق الاختبار الإلهي ، وإذا كان الإمام بنجاته عند هجوم القوم عليه لم يكن له حينئذ أيّ ، ولم يكن ما ذكر في الآيات الكريمة والرّوايات في أهمية هذا الإيثار محل من الاعراب.

نعم ، إنّ مسألة العلم الإرادي هي جواب لكلّ هذه الإشكالات.

٥ ـ هناك طريق آخر أيضا لجمع الرّوايات المختلفة في علم الغيب (وإن كان

__________________

(١) كتاب الكافي باب (أنّ الأئمّة إذا شاءوا أن يعلموا أعلموا) الحديث ٣ ، ونقلت روايات عديدة في هذا الباب بنفس المضمون.

١١٣

هذا الطريق صادقا في بعض هذه الرّوايات) وذلك هو أنّ المخاطبين في هذه الرّوايات هم على مستويات مختلفة ، فمن كان له الاستعداد الكامل والتهيؤ لقبول مسألة علم الغيب للأئمّةعليهم‌السلام كانت تستوفي لهم المطاليب بتمامها ، وأمّا المخالفون والضعفاء فقد كان الحديث معهم على قدر عقولهم.

فنقرأ مثلا في حديث أنّ أبا بصير وعدّة من أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام كانوا ذات يوم في مجلس فدخل عليهم الإمامعليه‌السلام غضبان ، وعند ما جلس قال : «يا عجبا لأقوام يزعمون أنّا نعلم الغيب! ما يعلم الغيب إلّا اللهعزوجل لقد هممت بضرب جاريتي فلانة ، فهربت منّي فما علمت في أي بيوت الدار هي».(١)

يقول الراوي : فلمّا قام الإمام ودخل الدّار قمنا خلفه ، وقلنا له : فدتك نفوسنا قلت هذا عن جاريتك ، ونحن نعلم أنّ لكم علوما كثيرة ، ولا نسمّي ذلك بعلم الغيب؟ عندئذ قال الإمام : «إنّ ما أردته كان العلم بأسرار الغيب».

يتّضح من ذلك أنّ الجالسين كانوا لا يملكون الاستعداد والتهيؤ لإدراك مثل هذه المعاني ويجهلون مقام الإمامعليه‌السلام .

ويجب الالتفات إلى أنّ هذه الطريق الخمسة لا تتنافى مع بعضها ، ويمكن أن تكون كلّها صادقة.

٢ ـ الطريق الآخر لإثبات علم الغيب للأئمّةعليهم‌السلام

يوجد هنا طريقان لإثبات حقيقة أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّةعليهم‌السلام المعصومين يعلمون الغيب بصورة إجمالية :

الأوّل : هو أنّنا نعلم أنّ مهمتهم لم تجدّد بمكان وزمان خاص ، بل أنّ رسالة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإمامة الأئمّةعليهم‌السلام هي عالمية وخالدة ، فكيف يمكن لمن يملك هذه

__________________

(١) اصول الكافي ، ج ١ ، باب نادر فيه ذكر الغيب الحديث ٣.

١١٤

المهمّة ألّا يعلم شيئا سوى ما يحيط به وبزمانه؟ هل يمكن لمن يتسلم مهمّة الإمرة على إمارة ، والمحافظة على قسم عظيم من بلاد ما وهو لا يعلم منها شيئا ، وفي نفس الوقت يطلب منه أن ينفذ المهمّة على أحسن وجه؟!

وبعبارة أخرى ، أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو الإمام عليه أن يبيّن الأحكام الإلهية ويطبقها في فترة حياته بحيث يلبّي احتياجات البشرية في كلّ زمان ومكان ، وهذا لا يمكن إلّا بمعرفته على الأقل لقسم من أسرار الغيب.

ثمّ هناك ثلاث آيات في القرآن المجيد إذا وضعت إلى جانب بعضها البعض فسرعان ما يتّضح لنا ما يتعلق بعلم الغيب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّةعليهم‌السلام فالأوّل ما يذكره القرآن حول من أحضر عرش ملكة سبأ في طرفة عين (وهو آصف بن برخيا) فيقول تعالى في كتابه :( قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي ) (١) ، ونقرأ في آية أخرى :( قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) (٢) .

ومن جهة أخرى نقل في أحاديث مختلفة في كتب الخاصّة والعامّة أنّ أبا سعيد الخدري قال سألت النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن معنى الآية :( الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ ) فقال : «هو وصي أخي سليمان بن داود» قلت ومن المراد في :( وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) ؟ فقال : «ذاك أخي علي بن أبي طالب»(٣) .

فالملاحظ فيما يقوله إنّ (علم من الكتاب) الذي جاء فيما يخص «آصف» هو علم جزئي ، وأمّا حينما يقول في (علم الكتاب) الذي ورد فيما يخص علياعليه‌السلام هو علم كلي ، وهذا ما يوضح الاختلاف بين المقام العلمي لآصف وبين المقام العلمي لعليعليه‌السلام .

__________________

(١) النّمل ، ٤٠.

(٢) الرّعد ، ٤٣.

(٣) راجع الجزء الثالث من (إحقاق الحقّ) ص ٢٨٠ ـ ٢٨١ ، ونور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٥٢٣.

١١٥

ومن جهة ثالثة : نقرأ في الآية (٨٩) من سورة النحل :( وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ ) فمن الواضح أنّ من يعلم بأسرار مثل هذا الكتاب ، لا بدّ أن يكون مطّلعا على أسرار الغيب ، وهذا دليل واضح على إمكان الاطلاع والمعرفة على أسرار الغيب بأمر من الله لإنسان هو من أولياء الله.

وكانت لنا بحوث ح علم الغيب في ذيل الآية (٥٠) و (٥٩) من سورة الأنعام والآية (١٨٨) من سورة الأعراف.

٣ ـ تحقيق حول خلق الجن

الجن كما جاء في المفهوم اللغوي هو نوع من الخلق المستور ، وقد ذكرت له مواصفات كثيرة في القرآن منها :

١ ـ إنّهم مخلوقون من النار ، بعكس الإنسان المخلوق من التراب :( وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ ) .(١)

٢ ـ إنّهم يمتلكون الإدراك والعلم والتمييز بين الحق والباطل والقدرة على المنطق والاستدلال ، (كما هو واضح من آيات سورة الجن).

٣ ـ إنّهم مكلّفون ومسئولون (كما في آيات سورة الجن والرحمن).

٤ ـ وفيهم المؤمنون والصالحون والطالحون :( وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ ) .(٢)

٥ ـ إنّهم يحشرون وينشرون :( وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ) .(٣)

٦ ـ لهم القدرة على النفوذ في السماوات وأخذ الأخيار واستراق السمع ، ولكنّهم منعوا من ذلك فيما بعد :( وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ

__________________

(١) الرحمن ، ١٥.

(٢) الجن ، ١١.

(٣) الجن ، ١٥.

١١٦

الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً ) .(١)

٧ ـ كانوا يوجدون ارتباطا مع بعض الناس لإغوائهم بما لديهم من العلوم المحدودة التابعة إلى بعض الأسرار الروحية :( وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً ) .(٢)

٨ ـ ويوجد فيهم من يتمتع بالقدرة الفائقة كما وجود في أوساط الإنس :( قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ ) .(٣)

٩ ـ لهم القدرة على قضاء بعض الحوائج التي يحتاجها الإنسان( وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ ) (٤) .

١٠ ـ إنّ خلقهم كان قبل خلق الإنسان :( وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ ) (٥) ولهم خصائص أخرى.

بالإضافة إلى ذلك فإنّه يستفاد من الآيات القرآنية أنّ الإنسان هو نوع أفضل من الجن ، وبخلاف ما هو مشهور على الألسن لأنّهم أفضل منّا ، ودليل اختيار الأنبياء من الإنس ، وإنّهم آمنوا بنبي الإسلام الذي هو من الإنس واتبعوه ، وهكذا وجوب سجود الشيطان لآدمعليه‌السلام كما صرّح القرآن بذلك ، وكون الشيطان من أكابر طائفة الجن (الكهف ٥٠) هو دليل على أفضلية بني الإنسان على الجنّ.

إلى هنا كان الحديث عن أمور تستفاد من القرآن المجيد حول هذا الخلق المستور والخالية من كل الخرافات والمسائل غير العلمية ، ولكنّنا نعلم أن السذج والجهلاء ابتدعوا خرافات كثيرة فيما يخص هذا الكائن بما يتنافى مع العقل

__________________

(١) الجن ، ٩.

(٢) الجن ، ٦.

(٣) النمل ، ٣٩.

(٤) سبأ ، ١٢ ـ ١٣.

(٥) الحجر ، ٢٧.

١١٧

والمنطق ، منها ما نسب إليهم الأشكال الغريبة والعجيبة والمرعبة ، وأنّهم موجودات سامة وذوات أذناب! مؤذية ، ومبغضة ، سيئة التصرف والسلوك إذ يمكن أن تحرق دورا بمجرّد أن يسكب إناء ماء مغلي في بالوعة مثلا ، وأوهام أخرى من هذا القبيل ، في حين أنّ أصل الموضوع إذا تمّ تطهيره من هذه الخرافات قابلا للقبول ، لأننا لا نملك دليلا على حصر الموجودات الحية بما نحن نراه ، بل يقول علماء العلوم الطبيعية : إنّ الكائنات التي يستطيع الإنسان أن يدركها بحواسه ضئيلة بالنسبة للموجودات التي لا تدرك بالحواس.

وفي الفترة الأخيرة وقبل أن يكشف المجهر هذه الكائنات الحية ، لم يصدق أحد أنّ هناك الآلاف المؤلفة من الموجودات الجية المتواجدة في قطرة الماء أو الدم لا يمكن للإنسان أن يراها ويقول أيضا : إنّ أعيننا ترى ألوانا محدودة ، وكذا آذاننا تسمع أمواجا صوتية محدودة ، والألوان والأصوات التي لا ندركها بآذاننا وأعيننا أكثر بكثير من تلك التي تدرك ، وعند ما تكون الدنيا بهذا الشكل لا يبقى موضع للتعجب من وجود هذه الكائنات الحية ، والتي لا يمكن لنا إدراكها بالحواس ، ولم لا نتقبل ذلك عند ما يخبرنا انسان صادق كالنّبي العظيمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

على أي حال فإنّ القرآن المجيد قد أخبرنا من جهة بوجود الجن وخصوصياته المذكورة سلفا ، ومن جهة أخرى ليس هناك دليل عقلي على عدم وجود الجن ، ولهذا لا بدّ من الإعتقاد بهم ، وتجنب الأقوال التي لا تليق بهم كما في خرافات العوام.

وممّا يلاحظ أيضا أنّ لفظ الجن يطلق أحيانا على مفهوم أوسع يشمل أنواعا من الكائنات المستورة أعم من الكائنات ذوات العقل والإدراك ولفاقدة لهما ، وحتى مجاميع الحيوانات التي ترى بالعين والمختفية في الأوكار أيضا ، والدليل على ذلك روايات وردت عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «خلق الله الجن خمسة أصناف : صنف كالريح في الهواء ، وصنف حيات ، وصنف عقارب ، وصنف

١١٨

حشرات الأرض ، وصنف كنبي آدم عليهم الحساب والعقاب»(١) .

وبالتوجه إلى هذه الرّوايات ومفهومها فسوف تحلّ الكثير من المشاكل التي تطرح في الرّوايات والقصص الخاصّة بالجن.

ففي رواية وردت عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال : «لا تشرب الماء من ثلمة الإناء ولا عروته ، فإنّ الشيطان يقعد على العروة والثلمة».(٢) لأنّ الشيطان هو من الجن ، ولأنّ ثلمة الإناء وعروته محل لاجتماع المكروبات المتنوعة ، فلا يستبعد أن يكون الجن والشيطان بمفهومه العام شاملا لمثل هذه الكائنات ، وإن كان المعنى الخاص له هو الكائن ذو فهم وشعور وإنّه مكلّف ومسئول ، والرّوايات كثيرة في هذا الباب.

ربّنا! ألطف بنا يوم يحضر الجن والإنس في محكمة عدلك ، ويوم يندم المسيؤون على ما عملوا.

اللهم! إنّ أركان ملكك واسعة ومعرفتنا ومعلوماتنا محدودة فاحفظنا وصنّا من المزالق والخطايا والحكم بغير الحقّ.

إلهنا! إنّ مقام رسولك الكريم من العظمة والسمو أن آمن به الجن مضافا إلى الإنس ، فاجعلنا من المؤمنين بدعوته

آمين ربّ العالمين

انتهاء سورة الجن

* * *

__________________

(١) سفينة البحار ، ج ١ ، ص ١٨٦ (مادة الجن).

(٢) الكافي ، ج ٦ ، ص ٣٨٥ ، كتاب الأشربة ، باب الأواني ، الحديث ٥.

١١٩
١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

وفيكش ما ذكره(1) .

وفيست : له كتاب ، ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عنه(2) .

أقول : فيمشكا : ابن المغيرة النصري الثقة(3) ، عنه صفوان بن يحيى ، وأبو عمارة ، وربيع الأصم ـ كما في الفقيه ـ(4) وابن مسكان ، وعليّ ابن النعمان ، ويحيى بن عمران الحلبي ، وجعفر بن بشير(5) .

656 ـ الحارث بن النعمان :

شهد بدرا ،صه (6) .

وزاد ل : وأحدا. وبعد النعمان : ابن أميّة الأنصاري(7) .

أقول : هو في القسم الأوّل.

وفي الحاوي في القسم الرابع(8) .

657 ـ الحارث بن همّام النخعي :

صاحب لواء الأشتر يوم صفّين ، ي(9) .

وزادصه بدل النخعي : من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (10) .

__________________

(1) رجال الكشّي : 337 / 619 و 620.

(2) الفهرست : 65 / 265.

(3) في المصدر : الفقيه.

(4) الفقيه 4 : 28 / 73.

(5) هداية المحدّثين : 35.

(6) الخلاصة : 54 / 3.

(7) رجال الشيخ : 17 / 23.

(8) حاوي الأقوال : 251 / 1407.

(9) رجال الشيخ : 39 / 25.

(10) الخلاصة : 54 / 5 ، و :عليه‌السلام ، لم ترد في نسخة « م ».

٣٢١

قلت : هو فيهما كسابقه(1) .

658 ـ حارثة بن سراقة :

بالمهملة المضمومة ؛ شهد بدرا ،صه (2) .

وزادل : وقتل بها ، وبدل الترجمة : الأنصاري النجاري ، آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبين السائب بن مطعون(3) .

قلت : هو كسابقيه(4) (5) .

659 ـ حارثة بن قدامة :

ي .(6) ووجد على كتاب الشيخرحمه‌الله هكذا : قال محمّد بن إدريس : هذا إغفال واقع في التصنيف ، وإنّما هو جارية بالجيم ، وهو جارية ابن قدامة السعدي التميمي ، أحد خواصّ عليّعليه‌السلام ، صاحب السرايا والألوية والميل يوم صفّين ، وكان ينبغي أن يكون في باب الجيم بغير شك ، انتهى ، فتأمّل.

660 ـ حازم بن إبراهيم البجلي :

الكوفي ، أسند عنه ،ق (7) .

661 ـ حبّة :

بالمهملة قبل الموحدة ، ابن جوين ـ بضمّ الجيم والنون بعد المثنّاة‌

__________________

(1) حاوي الأقوال : 251 / 1405.

(2) الخلاصة : 57 / 2.

(3) رجال الشيخ : 18 / 37 ، وفيه بعد بدرا : وأحدا.

(4) في نسخة « ش » كسابقه.

(5) حاوي الأقوال : 251 / 1406.

(6) رجال الشيخ : 39 / 29.

(7) رجال الشيخ : 181 / 281 ، وفيه بعد الكوفي زيادة : سكن البصرة.

٣٢٢

تحت ـ العرني ،صه (1) ، ن ، إلاّ الترجمة(2) .

وقي : في أصحابهعليه‌السلام من اليمن(3) .

وزادي : كوفي ، وكنية حبّة أبو قدامة ، وقيل : ابن جوية العرني(4) .

وفيد : العرني ـ بالمهملة المضمومة والراء المفتوحة والنون ـ منسوب إلى عرينة بن عون بن بدير بن قسر ، ثمّ قال : ي نجخ كش ، ممدوح(5) .

ولم أجده فيكش .

وفيقب : صدوق ، وله أغلاط ، وكان غاليا في التشيّع ، من الثانية ، وأخطأ من زعم أنّ له صحبة. مات سنةست وقيل : سبع وسبعين(6) ، انتهى.

قلت : هو مذكور في آخر الباب الأوّل منصه في أصحابهعليه‌السلام من اليمن.

وفي الوجيزة : ممدوح(7) .

وعن كتاب ميزان الاعتدال : حبّة العرني ، من الغالين في التشيّع(8) .

662 ـ حبيب بن أبي ثابت :

ي (9) . وزادقر : الأسدي الكوفي ، تابعي(10) .

__________________

(1) الخلاصة : 194.

(2) رجال الشيخ : 67 / 5 ، وفيه : ابن جوير.

(3) رجال البرقي : 6.

(4) رجال الشيخ : 38 / 9 ، ولم يرد فيه : كوفي.

(5) رجال ابن داود : 69 / 375 ، وفيه : عرين بن بدر.

(6) تقريب التهذيب 1 : 148 / 103 ، وفيه تسع وسبعين : بدل سبع وسبعين.

(7) الوجيزة : 182 / 432.

(8) ميزان الاعتدال 1 : 450 / 1688.

(9) رجال الشيخ : 39 / 24.

(10) رجال الشيخ : 116 / 30.

٣٢٣

وزاد ين : أبو يحيى ، وكان فقيه الكوفة ، أعور ، مات سنة تسع عشرة ومائة(1) .

وفيقب : ابن أبي ثابت قيس ، ويقال : هند بن دينار الأسدي ، مولاهم ، أبو يحيى الكوفي ، ثقة ، فقيه ، جليل ، وكان كثير الإرسال والتدليس. مات سنة تسع عشرة ومائة(2) .

أقول : عدّه في الوجيزة ممدوحا(3) ، فتأمّل.

663 ـ حبيب الأحول الخثعمي :

كوفي ،ق (4) .

وفيست : حبيب الخثعمي ، له أصل ، عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عنه(5) ، انتهى.

والظاهر أنّ هذا ابن المعلّل الخثعمي الآتي عنجش (6) ، أمّا كونه الأحول فمحتمل.

قلت : ظاهر الحاوي أيضا اتّحاد ما فيست مع الآتي عنجش (7) . ويشهد له رواية ابن أبي عمير عنه.

وفيمشكا : الأحول الخثعمي ، عنه ابن أبي عمير(8) .

__________________

(1) رجال الشيخ : 87 / 7.

(2) تقريب التهذيب 1 : 148 / 106.

(3) الوجيزة : 182 / 433.

(4) رجال الشيخ : 185 / 344.

(5) الفهرست : 64 / 253 و 252.

(6) رجال النجاشي : 141 / 368.

(7) حاوي الأقوال : 65 / 338.

(8) هداية المحدّثين : 36.

٣٢٤

664 ـ حبيب بن أوس :

أبو تمّام الطائي ، كان إماميّا ، وله شعر في أهل البيتعليهم‌السلام كثير.

وذكر أحمد بن الحسينرحمه‌الله أنّه رأى نسخة عتيقة ، قال : لعلّها كتبت في أيامه أو قريبا منها ، فيها(1) قصيدة يذكر فيها الأئمّةعليهم‌السلام حتّى انتهى إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام لأنّه توفّي في أيامه.

وقال الجاحظ في كتاب الحيوان : حدثني أبو تمام الطائي ، وكان من رؤساء الرافضة(2) ،صه (3) .

وزادجش : له كتاب الحماسة ، وكتاب مختار شعر القبائل. أخبرنا أبو أحمد عبد السلام بن حسين البصري(4) .

أقول : جعله في ب من الشعراء المتّقين(5) .

وفي الوجيزة : ممدوح(6) .

وفي مل : حبيب بن أوس ، أبو تمّام الطائي العاملي الشامي ، الشاعر المشهور ، كان شيعيا فاضلا أديبا منشأ.

وقال صاحب طبقات الأدباء ـ بعد مدحه ـ : رثاه محمّد بن عبد الملك وهو حينئذ وزير فقال :

نبأ أتى من أعظم الإنباء

لما ألمّ مقلقل الأحشاء

__________________

(1) في نسخة « ش » : منها.

(2) كتاب الحيوان للجاحظ : 1 / 67 و 6 / 246 ، ولم يرد فيهما كونه من رؤساء الرافضة.

(3) الخلاصة : 61 / 3.

(4) رجال النجاشي : 141 / 367.

(5) معالم العلماء : 152.

(6) لم يرد في النسخة المطبوعة من الوجيزة ، وورد في النسخ الخطيّة ، وفيها : ابن طاوس الطائي.

٣٢٥

قالوا حبيب قد ثوى فأجبتهم

ناشدتكم لا تجعلوه الطائي

وقال ابن خلكان : كان واحد عصره في فصاحة لفظه ، ونصاعة شعره ، وحسن أسلوبه.

له كتاب الحماسة التي دلت على غزارة فضله ، وله مجموع آخر سمّاه فحول الشعراء ، جمع فيه طائفة كثيرة من شعراء الجاهلية والمخضرمين والاسلاميين ؛ وكتاب الاختيارات من شعر الشعراء ، وكان له من المحفوظ ما لا يلحقه فيه غيره. قيل : إنّه كان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة غير القصائد والمقاطيع. إلى آخر كلامه(1) .

وما مرّ من أنّه ذكر الأئمّةعليهم‌السلام إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام فقد نقل في مل عن ابن شهرآشوب في مناقبه : له شعرا يذكر فيه الأئمّةعليهم‌السلام كلّهم إلى القائمعليه‌السلام (2) ، فلاحظ وتأمّل.

ومن شعره :

السيف أصدق إنباء من الكتب

في حدّه الحد بين الجدّ واللعب

بيض الصفائح لا سود الصحائف في

متونهن جلاء الشك والريب

والعلم في شهب الأرماح لامعة

بين الخميسين لا في السبعة الشهب

إنّ الأسود أسود الغاب همتها

يوم الكريهة في المسلوب لا السلب

(3) وذكره في الحاوي في القسم الرابع(4) ، فتأمّل جدا.

665 ـ حبيب الجماعي :

في نسختي من عبارة المفيد وسنشير إليها في زياد بن المنذر أنّه من‌

__________________

(1) وفيات الأعيان : 2 / 12.

(2) مناقب ابن شهرآشوب : 1 / 312.

(3) أمل الآمل 1 : 50 / 41.

(4) حاوي الأقوال : 254 / 1422.

٣٢٦

الفقهاء الأعلام(1) ؛ ويحتمل أن يكون الجماعي مصحّف الخثعمي ،تعق (2) .

قلت : في نسخة عندي من رسالة المفيدقدس‌سره أيضا حبيب الجماعي.

666 ـ حبيب السجستاني :

ين (3) . وزادقر : روى عنه وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام (4) .

وفيصه : قالكش : قال محمّد بن مسعود : حبيب السجستاني كان أوّلا شاريا ثم دخل في هذا المذهب ، وكان من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام منقطعا إليهما(5) ، انتهى.

وفيكش ما ذكره(6) .

ويأتي ابن المعلى السجستاني.

وفيتعق : حكم خالي وفي البلغة بحسنه(7) ، ولعلّه لحكاية الانقطاع إليهماعليهما‌السلام ، ولا يخلو من التأمّل. ثم حكم خالي بوثاقته ، ولعلّه لاتحاده مع ابن المعلّل الآتي ، وهذا أيضا لا يخلو من التأمّل. لكن الجماعة وصفوا حديثه بالصحة في كتاب الديات ، واتفاقهم على إرادة الصحة إليه بعيد(8) .

__________________

(1) الرسالة العددية ـ ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ـ : 9 / 43.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 91.

(3) رجال الشيخ : 88 / 24.

(4) رجال الشيخ : 116 / 32.

(5) الخلاصة : 61 / 1.

(6) رجال الكشّي : 347 / 646.

(7) بلغة المحدّثين : 342 / 4.

(8) تعليقة الوحيد البهبهاني : 91.

٣٢٧

أقول : الظاهر وقوع اشتباه في نسخته سلمه الله من الوجيزة ، والذي رأيته في نسختين : ابن المعلى السجستاني : ممدوح ، وابن المعلل الخثعمي : ثقة ، وفي بعض نسخ الحديث : ابن المعلى(1) ، انتهى فتدبّر.

وذكره في الحاوي في القسم الرابع(2) ، فتأمّل.

667 ـ حبيب بن مظاهر :

ن (3) ،سين (4) . وزادي : الأسدي(5) .

وفيصه : ابن مظهّر الأسدي ـ بضم الميم وفتح الظاء المعجمة وتشديد الهاء والراء أخيرا ـ وقيل : مظاهر ، مشكور ،رحمه‌الله ، قتل مع الحسينعليه‌السلام بكربلاء(6) ، انتهى.

وفيكش : جبرئيل بن أحمد ، عن محمّد بن عبد الله بن مهران ، عن أحمد بن النضر ، عن عبد الله بن زيد(7) الأسدي ، عن فضيل بن الزبير قال : مرّ ميثم التمّار على فرس له فاستقبله حبيب بن مظاهر الأسدي عند مجلس بني أسد ، فتحدثا حتى اختلفت أعناق فرسيهما ، ثم قال حبيب : لكأنّي بشيخ أصلع ضخم البدن(8) يبيع البطيخ عند دار(9) الرزق قد صلب في حب‌

__________________

(1) الوجيزة : 183 / 436. و 435.

(2) حاوي الأقوال : 254 / 1424.

(3) رجال الشيخ : 67 / 1.

(4) رجال الشيخ : 72 / 1.

(5) رجال الشيخ : 38 / 3.

(6) الخلاصة : 61 / 2.

(7) في المصدر : يزيد.

(8) في المصدر : البطن.

(9) في نسخة « ش » : عند باب.

٣٢٨

أهل بيت نبيّهعليه‌السلام ويبقر ببطنه(1) على الخشبة.

فقال ميثم : وإنّي(2) لأعرف رجلا أحمر له ضفيرتان يخرج لنصرة ابن بنت نبيّه فيقتل ويجال برأسه في الكوفة ، ثم افترقا.

فقال أهل المجلس : ما رأينا أحدا أكذب من هذين. قال : فلم يفترق أهل المجلس حتى أقبل رشيد الهجري فطلبهما فسأل أهل المجلس عنهما فقالوا : قد افترقا وسمعنا يقولان كذا وكذا.

فقال رشيد : رحم الله ميثما ، نسي : ويزداد في عطاء الذي يجي‌ء بالرأس مائة درهم ، ثم أدبر. فقال القوم : هذا والله أكذبهم.

فقال القوم : والله ما ذهبت الأيام والليالي حتى رأينا ميثما مصلوبا على باب دار عمرو بن حريث! وجئ برأس حبيب بن مظاهر قد قتل مع الحسينعليه‌السلام ! ورأينا كلّ ما قالوا.

وكان حبيب من السبعين الرجال الّذين نصروا الحسينعليه‌السلام ، ولقوا جبال الحديد ، واستقبلوا الرماح بصدورهم ، والسيوف بوجوههم ، وهم يعرض عليهم الأمان والأموال فيأبون ويقولون : لا عذر لنا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان قتل الحسينعليه‌السلام ومنّا عين تطرف ، حتى قتلوا حوله.

ولقد خرج حبيب بن مظاهر(3) يوم الطف وهو يضحك فقال له برير(4) ابن حصين الهمداني ـ وكان يقال له سيد القرّاء(5) ـ : يا أخي ليس هذا ساعة‌

__________________

(1) في نسخة « ش » : بطنة.

(2) في نسخة « ش » : إنّي.

(3) في نسخة « م » : المظاهر.

(4) في المصدر : زيد ، وفي نسخة منه : برير.

(5) في النسخ : القرى ، وما أثبتناه من المصدر.

٣٢٩

ضحك.

فقال له : وأي موضع أحق من هذا بالسرور ، والله ما هذا إلاّ أن تميل علينا هذه الطغاة بسيوفهم فنعانق الحور العين.

قالكش : هذه الكلمة مستخرجة من كتاب مفاخرة الكوفة والبصرة(1) .

أقول : ذكره فيصه في القسم الأوّل ، والحاوي في القسم الثاني.

وفي الفقيه ، في باب من قطع عليه طوافه : حبيب بن مظاهر ، إلى أن قال : فذكرت ذلك لأبي عبد اللهعليه‌السلام (2) ، والظاهر أنّه غير هذا.

قال في الحاوي : ويحتمل على بعد أن يكون أبو عبد الله المذكور هو الحسينعليه‌السلام ، انتهى(3) .

ولا يخفى أنّ الراوي عنه حمّاد بن عثمان ، إلاّ أن تكون الرواية مرسلة ، فتدبّر.

668 ـ حبيب بن المعلّى :

ق (4) . وزادقر : السجستاني(5) .

وتقدّم حبيب السجستاني.

669 ـ حبيب بن المعلّل :

بالميم المضمومة والعين المهملة ، الخثعمي ، المدائني ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن والرضاعليهم‌السلام .

__________________

(1) رجال الكشي : 78 / 133.

(2) الفقيه 2 : 247 / 1188.

(3) حاوي الأقوال : 182 / 917.

(4) رجال الشيخ : 182 / 292.

(5) رجال الشيخ : 117 / 43.

٣٣٠

قالجش : إنّه ثقة ثقة ، صحيح ،صه (1) .

جش ، إلاّ الترجمة وقوله : قالجش إنّه ، وزاد : له كتاب رواه محمّد ابن أبي عمير(2) .

وزادصه : وروى ابن عقدة ، عن محمّد بن أحمد بن خاقان النهدي ، قال : حدّثنا حسن بن الحسين اللؤلؤي ، قال : حدّثنا عبد الله بن محمّد الحجّال ، عن حبيب الخثعمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مضمونه أنّه كان يكذب عليّ ، مع أنّه لا يزال لنا كذّابا.

وهذه الرواية لا أعتمد عليها ، والمرجع إلى قول جش.

وفيست ما تقدّم في حبيب الأحول(3) .

وفيق : ابن المعلّل الخثعمي ، مولى كوفي(4) .

وفيتعق : في الوجيزة والبلغة : في بعض نسخ الحديث : ابن المعلّى(5) .

قلت : ربما يتصرّف في الألقاب والأسامي الحسنة بالردّ إلى الرديّة إهانة ، وبالعكس تعظيما أو تنزّها ، فلعلّه معلّل وقيل : معلّى ، أو بالعكس ، ويؤيّده عدم توجّهجش إلى المشهور الذي توجّه إليهكش ، لكنّه يبعّده بقاؤه من زمان زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام إلى زمان الرضاعليه‌السلام .

هذا ، وقال جدّي : ذكر أصحاب الرجال هذا الخبر وغفلوا عن أنّه لا‌

__________________

(1) الخلاصة : 62 / 4.

(2) رجال النجاشي : 141 / 368.

(3) الفهرست : 64 / 252 و 253.

(4) رجال الشيخ : 172 / 116 ، وفيه بدل المعلل : معلل.

(5) الوجيزة : 183 / 435 ، بلغة المحدّثين : 343.

٣٣١

يمكن عادة أن يروي الراوي على نفسه مثل هذه الرواية ، والظاهر أنّ حبيبا ينقل هذا على غيره المتقدّم ذكره ، فتوهّموا أنّه ذكره على نفسه(1) (2) .

أقول : فيمشكا : ابن المعلّل الخثعمي الثقة ، عنه ابن أبي عمير ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وعبد الله بن محمّد الحجّال ، وعبد الله بن المغيرة الثقة(3) .

670 ـ حبيب بن نزار بن حيّان :

الهاشمي ، مولاهم الكوفي الصيرفي ، أسند عنه ،ق (4) .

671 ـ حبيش بن مبشّر :

أخو جعفر بن مبشّر ، أبو عبد الله ، كان من أصحابنا ، وروى من أحاديث العامّة فأكثر ، له كتاب كبير حسن سمّاه أخبار السلف ، وفيه الطعون على المتقدّمين على أمير المؤمنينعليه‌السلام .

أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد بن أحمد ، قال : حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن وهبان الدبيلي ، قال : حدّثنا أحمد بن كثير الصوفي ، قال : حدّثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن محمّد العسكري الزعفراني المعروف بما كردويه ، قال : حدّثنا عليّ بن الحسين بن موسى الزرّاد ، قال : حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن مبشّر يلقّب حبيش ، أخو جعفر بن مبشّر الكاتب ،جش (5) .

صه ، إلى قوله : وأكثر ، وزاد بعد حبيش : وقيل : حبش ، مكبّرا(6) .

__________________

(1) روضة المتقين : 14 / 85.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 91.

(3) هداية المحدّثين : 36.

(4) رجال الشيخ : 172 / 119.

(5) رجال النجاشي : 146 / 379.

(6) الخلاصة : 64 / 7.

٣٣٢

وفيقب : ابن مبشّر ـ بموحّدة ومعجمه مثقّلة ـ بن أحمد بن محمّد الثقفي أبو عبد الله الطوسي ، ثقة فقيه سنّي ، من الحادية عشرة ، وكان أخوه جعفر من كبار المعتزلة.

مات سنة ثمان وخمسين(1) . أي : بعد المائة.

أقول : فيضح بعد ترجمة حروفه قال : واسم حبيش محمّد ، وحبيش لقب(2) . ومرّ أيضا عنجش هذا.

وذكره في الحاوي في القسم الرابع(3) .

ولا ريب أنّ المستفاد منجش حسنه لكونه من علماء الإماميّة والفضلاء الاثني عشريّة ، على أنّ توثيققب ممّا يؤنس أيضا بحاله ، بل هو مدح معتدّ به للإمامي وإن زعمه سنّيّا. ولذا ذكره فيصه في القسم الأوّل ، وفي الوجيزة : ممدوح(4) .

672 ـ حجّاج بن رفاعة :

أبو رفاعة وقيل : أبو علي الخشّاب ، كوفي ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ثقة ، ذكره أبو العبّاس. له كتاب يرويه عدّة من أصحابنا ، منهم محمّد بن يحيى الخزّاز ،جش (5) .

صه ، إلى قوله : ذكره أبو العبّاس ، وفيها التوثيق مكرّر(6) .

وقالشه : تكرير توثيقه مرّتين لم يذكره أحد من أصحاب الرجال غير‌

__________________

(1) تقريب التهذيب 1 : 152 / 143.

(2) إيضاح الاشتباه : 167 / 239.

(3) حاوي الأقوال : 257 / 1449.

(4) الوجيزة : 183 / 438.

(5) رجال النجاشي : 144 / 373.

(6) الخلاصة : 64 / 6.

٣٣٣

المصنّف ، والمعلوم من طريقة المصنّف أن ينقل في كتابه لفظجش في جميع الأبواب ويزيد ما يقبل الزيادة ، ولفظجش هنا بعينه جميع ما ذكره المصنّف ، غير أنّه اقتصر على توثيقه مرّة واحدة ، والنسخة بخطّ السيّد ابن طاوس ، انتهى(1) .

وكذلك في نسخة عليها خطّ ابن إدريس وخطّ ابن طاوس رحمهما الله.

وفيست : حجّاج الخشّاب له كتاب ، أخبرنا به عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن حميد ، عن أحمد بن ميثم ، عنه(2) .

أقول : فيمشكا : ابن رفاعة الخشّاب الثقة ، عنه محمّد بن يحيى الخزّاز ، وأحمد بن ميثم ، والعبّاس بن عامر ، وجعفر بن بشير(3) .

673 ـ حجّاج بن عزبة الأنصاري :

ي (4) . وفي نسخة : ابن عربة ، بالمهملتين والموحّدة.

وفيقب : حجّاج بن عمرو بن غزيّة ـ بفتح المعجمة وكسر الزاي وتشديد التحتانيّة ـ الأنصاري المازني المدني ، صحابي ، وله رواية عن زيد ابن ثابت ، وشهد صفّين مع عليّعليه‌السلام (5) .

أقول : عن الاستيعاب : الحجّاج بن عمرو بن عزية(6) الأنصاري من أهل المدينة ، شهد مع عليّعليه‌السلام ، وهو الذي كان يقول عند القتال :

__________________

(1) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : 33.

(2) الفهرست : 65 / 260.

(3) هداية المحدّثين : 36.

(4) رجال الشيخ : 38 / 11 ، وفيه : غزية ، وفي نسخة « م » : عزية.

(5) تقريب التهذيب 1 : 153 / 158.

(6) في المصدر : غزية.

٣٣٤

يا معشر الأنصار ، أتريدون أن نقول لربّنا إذا لقيناه : إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فاضلّونا السبيلا؟! يا معشر الأنصار ، انصروا أمير المؤمنين آخرا كما نصرتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوّلا ، والله إنّ الآخرة لشبيهة بالأولى إلاّ أنّ الأولى أفضلهما ، انتهى(1) .

ومرّ عنتعق أنّ صاحب هذه المقالة حارث بن عزبة ، فتأمّل.

ويؤيّد ما هنا أيضا عدم ذكر الحارث في شي‌ء من كتب الرجال.

674 ـ حجر بن زائدة :

الحضرمي ،ق (2) .

وزادجش : أبو عبد الله ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، ثقة ، صحيح المذهب ، صالح ، من هذه الطائفة(3) .

وفيصه : حجر بن زائدة وحمران بن أعين ، روى كش. ثمّ نقل حديث الحواريّين ، ثمّ قال :

وروي أنّ أبا عبد اللهعليه‌السلام قال : لا غفر الله له ـ إشارة إلى حجر ابن زائدة ـ إلاّ أنّ الراوي الحسين بن سعيد رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وقال جش. ثمّ نقل ما مرّ عنه(4) .

وقالشه : في الطريق عليّ بن سليمان بن داود ، وهو مجهول الحال ، وحديث القدح فيه مرسل ، فبقي الاعتماد على توثيقجش (5) ، انتهى.

__________________

(1) الاستيعاب : 1 / 346 ، ولم يرد فيه ما ذكر ، بل ورد بعضه في ترجمة الحارث بن غزية : 1 / 306.

(2) رجال الشيخ : 179 / 247 ، وفيه زيادة : الكوفي.

(3) رجال النجاشي : 148 / 384.

(4) الخلاصة : 59 / 2.

(5) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : 31.

٣٣٥

والذي فيكش : عليّ بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد يرفعه ، عن عبد الله بن الوليد ، قال : قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما تقول في المفضّل؟قلت : وما عسيت أن أقول فيه بعد ما سمعت منك.

فقال :رحمه‌الله ، لكن عامر بن جذاعة وحجر بن زائدة أتياني فعاباه عندي ، فسألتهما الكفّ عنه فلم يفعلا ، ثمّ سألتهما أن يكفّى عنه وأخبرتهما بسروري بذلك فلم يفعلا ، فلا غفر الله لهما(1) .

وفيست : له كتاب ، ابن أبي جيد ، عن محمّد بن الحسن ، عن الحسن بن متيل ومحمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين ، عنه.

ورواه الحسين بن أبي الخطّاب(2) ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ، عنه(3) .

وفيتعق : في الروضة في الصحيح عن ابن أبي عمير ، عن حسين بن أحمد المنقري ، عن يونس بن ظبيان ، قال : قلت للصادقعليه‌السلام : ألا تنهى هذين الرجلين عن هذا الرجل؟ فقال : من هذا الرجل ومن هذين الرجلين؟قلت : ألا تنهى حجر بن زائدة وعامر بن جذاعة عن المفضّل بن عمر؟ قال :

يا يونس ، قد سألتهما أن يكفّى عنه فلم يفعلا ، فلا غفر الله لهما إلى أن قال : لو أحبّاني لأحبّا من أحبّ(4) . ورواه في الكافي في كتاب‌

__________________

(1) رجال الكشّي : 407 / 764.

(2) في المصدر : محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب.

(3) الفهرست : 63 / 251.

(4) الكافي 8 : 373 / 561.

٣٣٦

الحجّة(1) .

وفي متن الروايتين شي‌ء ربما لا يقبله العقل ، مضافا إلى ما في السند. وسيجي‌ء في المفضّل ما يزيد التحقيق ، فتأمّل(2) .

أقول : فيمشكا : ابن زائدة الثقة ، عنه ابن مسكان ، وجعفر بن بشير.

وهو عن الباقر والصادقعليهما‌السلام (3) .

675 ـ حجر بن عدي الكندي :

الكوفي ، ن(4) . وفي ي بدل الكوفي : وكان من الأبدال(5) .

وزادصه على ي : بضمّ الحاء ، وبعد ابن عدي : من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام (6) .

وفي القاموس : رجل بدل ـ بالكسر ويحرّك ـ : شريف كريم ، الجمع أبدال(7) .

وفيكش : قال الفضل بن شاذان : ومن التابعين الكبار ورؤسائهم وزهادهم جندب بن زهير قاتل الساحر ، وعبد الله بن بديل ، وحجر بن عدي(8) .

وفيه أيضا في ترجمة عمرو بن الحمق فيما كتب الحسينعليه‌السلام في جواب معاوية : ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة والمصلّين‌

__________________

(1) لم نجده فيه.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 92.

(3) هداية المحدّثين : 36.

(4) رجال الشيخ : 67 / 4 ، ولم يرد فيه : الكندي الكوفي.

(5) رجال الشيخ : 38 / 6.

(6) الخلاصة : 59 / 1.

(7) القاموس المحيط : 3 / 333.

(8) رجال الكشّي : 69 / 124.

٣٣٧

العابدين الّذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ولا يخافون في الله لومة لائم؟! ثم قتلتهم ظلما وعدوانا ، وبعد ما أعطيتهم الأيمان المغلّظة والمواثيق المؤكّدة(1) .

أقول : فيطس : مشكور ،رحمه‌الله (2) .

وفي الوجيزة : من الشهداء السعداء(3) .

وذكره في الحاوي في القسم الثاني(4) .

وفيمشكا : يعرف ابن عدي بروايته عن عليّعليه‌السلام (5) ، انتهى.

قلت : وعن الحسن وعن الحسين(6) عليهما‌السلام .

676 ـ حديد بن حكيم :

أبو علي الأزدي المدائني ، ثقة ، وجه ، متكلم ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهما‌السلام ،صه (7) .

وزادجش : له كتاب يرويه محمّد بن خالد(8) .

وفيست : حديد والد علي بن حديد ، له كتاب ، أخبرنا به عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن‌

__________________

(1) رجال الكشّي : 49 / 99.

(2) التحرير الطاووسي : 158 / 119.

(3) الوجيزة : 183 / 441.

(4) حاوي الأقوال : 182 / 915.

(5) هداية المحدّثين : 36.

(6) في نسخة « م » : وعن الحسن والحسين.

(7) الخلاصة : 64 / 9.

(8) رجال النجاشي : 148 / 385.

٣٣٨

أبيه ، عنه(1) .

وفيق : أسند عنه(2) .

وفيتعق : في أخيه مرازم ما له ربط(3) .

677 ـ حذيفة بن أسد :

الغفاري ،ن (4) ،ل (5) ،د (6) ، إلاّ أنّ فيهما(7) : أسيد.

وزادد : ابن شريحة(8) ، ول : أبو شريحة(9) صاحب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو ابن أميّة ، انتهى.

وعن ابن إدريس : آمنة(10) .

ومرّ في أويس أنّه من حواريّ الحسنعليه‌السلام (11) .

وفيقب : ابن أسيد ـ بفتح الهمزة ـ الغفاري ، أبو سريحة ـ بمهملتين مفتوح الأوّل ـ صحابي ، من أصحاب الشجرة ، مات سنة اثنين وأربعين(12) .

قلت : في الوجيزة : ممدوح(13) . ولم يذكره في الحاوي.

__________________

(1) الفهرست : 63 / 252.

(2) رجال الشيخ : 181 / 276.

(3) تعليقة الوحيد البهبهاني : 92 ، منهج المقال : 331.

(4) رجال الشيخ : 67 / 2.

(5) رجال الشيخ : 16 / 6.

(6) رجال ابن داود : 70 / 388 ، وفي المصادر الثلاثة ورد : أسيد.

(7) في نسخة « ش » : فيها.

(8) في رجال ابن داود : أبو سريحة وفي نسخة : أبو سرعة.

(9) في المصدر : أبو سرعة. وأبو : لم ترد في نسخة « ش ».

(10) مجمع الرجال : 2 / 87 ، هامش رقم : 3.

(11) رجال الكشّي : 9 / 20.

(12) تقريب التهذيب 15691 / 181.

(13) الوجيزة : 184 / 443.

٣٣٩

678 ـ حذيفة بن شعيب :

السبيعي ، الهمداني ، كوفي ، نعرف حديثه وننكره ، وأكثر تخليطه فيما يرويه عن جابر ، وأمره مظلم ،صه (1) .

وفيتعق : في النقد : وكذا في الباب الثاني من د(2) . ولم أجد في كتب الرجال حتّى في ح(3) إلاّ حميدا ، وكأنّه اشتبه على العلاّمةقدس‌سره ، وأخذ عنه د ، حيث لم يسمّ المأخذ كما هو دأبه ، وذكر في الباب الأوّل بعنوان حميد(4) ، انتهى(5) . وسيجي‌ء في ذلك العنوان(6) .

أقول : ممّا يؤيّد كونه اشتباها بحميد عدم ذكرصه حميدا مع ذكره فيجش (7) وست(8) وجخ (9) ، لكن لم أقف على مأخذ للأوصاف المذكورة ، فتتبّع(10) . ولذا لم يذكره في الوجيزة(11) .

وفيمشكا : ابن شعيب ، عن جابر(12) .

679 ـ حذيفة بن منصور الخزاعي :

مولاهم ، كوفي ،ق (13) .

__________________

(1) الخلاصة : 219 / 6 ، وفيه : السبعي الهمداني كوفي ، يعرف حديثه وينكر.

(2) رجال ابن داود : 236 / 110.

(3) أي : حرف الحاء.

(4) رجال ابن داود : 86 / 537.

(5) نقد الرجال : 121 / 10.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني : 92.

(7) رجال النجاشي : 133 / 341.

(8) الفهرست : 60 / 239.

(9) رجال الشيخ : 180 / 251.

(10) نقل هذه الأوصاف في مجمع الرجال : 2 / 245 نقلا عن ابن الغضائري.

(11) في الوجيزة : 203 / 637 : حميد بن شعيب السبيعي : ضعيف.

(12) هداية المحدّثين : 37.

(13) رجال الشيخ : 179 / 239.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511