الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٩

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل15%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 511

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 511 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 140959 / تحميل: 5806
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

خيار هذه الأمة مع أبرار هذه العترة.

قلت: وما يكون بعد ذلك؟

قال: ثم( يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ ) ، فإن له إرادات وغايات ونهايات(٤) .

١١٦ - سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير،

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إن ذا القرنين لم يكن نبيا، ولكنه كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه الله، وناصح لله فناصحه الله، أمر قومه بتقوى الله، فضربوه على قرنه، فغاب عنهم زمانا، ثم رجع إليهم، فضربوه على قرنه الآخر،

وفيكم من هو على سنته(٥) .

١١٧ - عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن فضالة بن أيوب، عن سدير قال:

سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول:

إن في القائم سنة من يوسفعليه‌السلام .

قلت: كأنك تذكر خبره أو غيبته؟

فقال لي: وما تنكر من ذلك هذه الأمة، أشباه الخنازير، إن إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء، تاجروا يوسف وبايعوه، وهم إخوته وهو أخوهم فلم يعرفوه حتى قال لهم:( أَنَا يُوسُفُ ) .

__________________

(٤) رواه الصدوق في الاكمال: ١ / ٢٨٨ ح ١ عن أبيه وعنه في البحار: ٥١ / ١١٧ ح ١٨ وعن غيبة النعماني: ص ٢٩ عن الكافي: ١ / ٣٣٨ ح ٧ عن علي بن محمد عن عبد الله بن محمد بن خالد عن منذر بن محمد بن قابوس عن منصور بن السندي عن أبي داود المسترق بسنده، والاختصاص: ٢٠٤ عن ابن قولويه عن سعد مع اختلاف يسير، وفي الغيبة بعد قوله (ع): ويهتدي فيها آخرون فقلت: يا أمير المؤمنين فكم تكون تلك الحيرة والغيبة، فقال: سبت من الدهر، وفي الكافي، فقال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين، وعن غيبة الطوسي: ص ١٠٣ عن البرقي، وعن سعد بسند آخر، ونقله عنه في بشارة الاسلام: ص ٣٩، ورواه عن الصدوق في كفاية الأثر: ص ٢١٩ ورواه الحسين بن حمدان الخصيبي في الهداية: ص ١٧٣ بسند ينتهي إلى سعيد بن المسيب عن الأصبغ، وفي إعلام الورى: ص ٤٢٥.

(٥) رواه في الاكمال: ٢ / ٣٩٣ ح ١ عن أبيه وعنه في البحار: ١٢ / ١٩٤ ح ١٧ وعن قصص الأنبياء ( مخطوط ): ص ٧١ والعياشي: ٢ / ٣٤٠ صدر حديث ٧٢.

١٢١

فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله عز وجل - في وقت من الأوقات - يريد أن يستر حجته؟!

لقد كان يوسفعليه‌السلام إليه ملك مصر، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد الله عز وجل أن يعرفه مكانه لقدر على ذلك، والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة مسيرة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر.

فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله عز وجل يفعل بحجته ما فعل بيوسف أن يكون يسير في أسواقهم، ويطأ بسطهم، وهم لا يعرفونه؟ حتى يأذن الله عز وجل أن يعرفهم بنفسه كما أذن ليوسف حتى قال لهم:( هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ، قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي ) (٦) و(٧) .

١١٨ - سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام يقول:

من مات منتظرا لهذا الأمر كان كمن كان مع القائم في فسطاطه، لا، بل كان كالضارب بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالسيف(٨) .

١١٩ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن زياد المكفوف، عن عبد الله بن أبي عقبة(٩) الشاعر، قال:

سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام يقول:

كأني بكم تجولون جولان الإبل تبتغون المرعى، فلا تجدونه يا معشر الشيعة. ورواه عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد

__________________

(٦) آية (٨٩) و (٩٠) سورة يوسف ١٢.

(٧) رواه الصدوق في الاكمال: ص ١٤٤ ح ١١ و ٣٤١ ح ٢١ والعلل: ٢٤٤ ح ٣ عن أبيه وعنها في البحار: ٥١ / ١٤٢ ح ١ و ١٢ / ٢٨٣ ح ٦١، وفي البحار: ٥٢ / ١٥٤ ح ٩ عن غيبة النعماني: ص ٨٤ و ٨٥ ودلائل الامامة: ص ٢٩٠، وأورده في اعلام الورى: ص ٤٣١.

(٨) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٣٣٨ ح ١١ عن أبيه وعنه في البحار: ٥٢ / ١٤٦ ح ٦٩.

(٩) في البحار: أبي عفيف الشاعر، وفي هامش الإكمال: أبي عقب، عفيف / خ.

١٢٢

سنان، عن أبي الجارود، زياد بن المنذر، عن عبد الله الشاعر مثله(١٠) .

١٢٠ - سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال:

أقرب ما يكون العباد من الله عز وجل وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجة الله عز وجل، فلم يظهر لهم، ولم يعلموا بمكانه، وهم في ذلك يعلمون أنه لم تبطل حجج الله عنهم وبيناته، فعندها فتوقعوا الفرج صباحا ومساء، وإن أشد ما يكون غضب الله تعالى على أعدائه إذا افتقدوا حجة الله فلم يظهر لهم وقد علم أن أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنهم يرتابون لما غيب حجته طرفة عين، ولا يكون ذلك إلا على رأس شرار الناس(١١) .

١٢١ - عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن المفضل بن عمر، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن تفسير جابر؟

فقال: لا تحدث به السفل، فيذيعوه، أما تقرأ في كتاب الله عز وجل:( فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) (١٢) .

إن منا إماما مستترا، فإذا أراد الله عز وجل إظهار أمره نكت في قلبه نكتة، فظهر وأمر بأمر الله عز وجل(١٣) و(١٤) .

__________________

(١٠) رواه الصدوق في الاكمال: ١ / ٣٠٤ ح ١٧ عن أبيه و ١٨ عن أبيه بسند آخر عن عبد الله بن أبي عقبة الشاعر وعنهما في البحار: ٥١ / ١١٠ ح ٣.

(١١) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٣٣٧ ح ١٠ وص ٣٣٩ ح ١٦ مع اختلاف السند وعنهما في البحار: ٥٢ / ١٤٥ ح ٦٧.

وعن غيبة النعماني: ص ٨٣ وغيبة الطوسي: ص ٢٧٦. وأورده في الكافي: ١ / ٣٣٣ ح ١، واعلام الورى: ص ٤٣١ باختلاف يسير في المتن.

(١٢) آية ٨ سورة المدثر ٧٤.

(١٣) في البحار والمصادر الاخرى: فظهر فقام بأمر الله عز وجل.

(١٤) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٣٤٩ ح ٤٢ عن أبيه وفي البحار: ٥٢ / ٢٨٤ ح ١١ عن غيبة الطوسي:

١٢٣

٣٤ - باب ما يصنع الناس في الغيبة

١٢٢ - محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، ومحمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، جميعا،

عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب،

عن خاله الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال:

قلت له: إن كان كون - لا أراني الله يومك - فبمن أئتم؟

فأومأ إلى موسىعليه‌السلام ،

فقلت: فإن مضى موسى فإلى من؟ قال: إلى ولده،

قلت: فإن مضى ولده، وترك أخا كبيرا وابنا صغيرا، فبمن أئتم؟ قال: بولده، ثم قال: هكذا أبدا،

قلت: فإن أنا لم أعرفه ولم أعرف موضعه، فما أصنع؟

قال: تقول: ( اللهم إني أتولى من بقي من حججك من ولد الإمام الماضي ) فإن ذلك يجزيك.

ورواه عن سعد والحميري عن ابن أبي الخطاب وابن عبيد(١) .

__________________

١٠٣ ورجال الكشي: ١٩٢ ح ٣٣٨،

وأخرجه في البحار: ٢ / ٧٠ ح ٢٩ عن رجال الكشي: ١٠٣، وفي البحار: ٥١ / ٥٧ ح ٤٩ عن غيبة النعماني: ص ١٨٧ باختلاف يسير بأسانيدهم عن المفضل، وأورده الكليني في الكافي: ١ / ٣٤٣ ح ٣٠.

(١) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٣٤٩ ح ٤٣ عن أبيه وعنه في البحار: ٤٨ / ١٦ ح ٨ و ٥٢ / ١٤٨ ح ٧٢ و ٢٧ / ٢٩٧ ح ٥، وفي الاكمال: ٢ / ٤١٥ ح ٧ عن أبيه وعنه في البحار: ٤٨ / ١٦ ح ١٠ و ٥٢ / ١٤٨ ذح ٧٢.

١٢٤

١٢٣ - عبد الله بن جعفر الحميري، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :

يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم.

فقلت له: ما يصنع الناس في ذلك الزمان؟

قال: يتمسكون بالأمر الذي هم عليه حتى يتبين لهم(٢) .

١٢٤ - سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، عن معاوية بن وهب البجلي، وأبي قتادة علي بن محمد بن حفص، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال:

قلت: ما تأويل قول الله عز وجل:( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ ) (٣) .

فقال: إذا فقدتم إمامكم فلم تروه، فما ذا تصنعون؟(٤) .

١٢٥ - سعد والحميري وابن إدريس، قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن عبد الجبار، وعبد الله بن عامر ابن سعد الأشعري، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن محمد بن المساور، عن المفضل بن عمر الجعفي،

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال:

سمعته يقول: إياكم والتنويه، أما والله ليغيبن إمامكم سنينا من دهركم، ولتمحصن حتى يقال: « مات أو هلك، بأي واد سلك »، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين، ولتكفأن كما تكفأ السفن في أمواج البحر، ولا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الإيمان وأيده( بِرُوحٍ مِنْهُ ) .

__________________

وأخرجه في البحار: ٤٨ / ١٦ ح ٩ عن اعلام الورى: ص ٢٩٧ والكافي: ١ / ٣٠٩ ح ٧ وفي البحار: ٤٨ / ١٦ ح ١١ عن إرشاد المفيد: ص ٣٢٥.

(٢) رواه في الإكمال: ٢ / ٣٥٠ ح ٤٤ عن أبيه وعنه في البحار: ٥٢ / ١٤٩ ح ٧٥.

(٣) آية ٣٠ سورة الملك: ٦٧.

(٤) رواه الصدوق في الإكمال: ٢ / ٣٦٠ ح ٣ عن أبيه وعنه في البحار: ٥١ / ١٥١ ح ٥، وأخرجه في البحار: ٢٤ / ١٠٠ ح ٢ عن غيبة الطوسي: ص ١٠١ بإسناده: عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع).

١٢٥

ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدرى أي من أي.

قال: فبكيت،

فقال لي: ما يبكيك، يا أبا عبد الله؟

فقلت: وكيف لا أبكي، وأنت تقول: اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدرى أي من أي، فكيف نصنع؟

قال: فنظر إلى شمس داخلة في الصفة، فقال: يا أبا عبد الله ترى هذه الشمس؟ قلت: نعم.

قال: والله لأمرنا أبين من هذه الشمس(٥) .

١٢٦ - محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي، عن إسحاق بن محمد الصيرفي، عن يحيى بن المثنى العطار، عن عبد الله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، قال:

سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: يفقد الناس إمامهم فيشهد الموسم فيراهم ولا يرونه(٦) .

١٢٧ - عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن صالح بن محمد، عن هانئ التمار، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :

إن لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد،

ثم قال - هكذا بيده - ثم قال: إن لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتق الله

__________________

(٥) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٣٤٧ ح ٣٥ عن أبيه وعنه في البحار: ٥٢ / ٢٨١ ح ٩، وعن غيبة الطوسي: ص ٢٠٥ وغيبة النعماني: ١٥١ و ١٥١ والكافي: ١ / ٣٣٤ ح ٣، وذكره في بشارة الاسلام: ص ١٥١.

(٦) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٣٤٦ ح ٣٣ وص ٤٤٠ ح ٧ وص ٣٥١ ح ٤٩ وعنهم في البحار: ٥٢ / ١٥١ ح ٢ وعن غيبة الطوسي: ص ١٠٢ وغيبة النعماني: ص ١٧٥ والكافي: ١ / ٣٣٧ ح ٦، وعن الاكمال في الوسائل: ٨ / ٩٦ ح ٩ ( مثله ).

وأخرجه في الوسائل: ٨ / ٩٦ ح ٨ والبحار: ٥٢ / ١٥٢ ح ٨ عن الاكمال: ٢ / ٤٤٠ ح ٨ ( نحوه ) بسند آخر.

في البحار وغيبة الطوسي والنعماني والكافي: يمان التمار.

١٢٦

عبد، وليتمسك بدينه(٧) .

١٢٨ - سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى ويعقوب بن يزيد جميعا،

عن الحسن بن علي بن فضال، عن جعفر بن محمد بن منصور، عن رجل - واسمه عمر بن عبد العزيز - عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال:

قال: إذا أصبحت وأمسيت، لا ترى إماما تأتم به، فأحبب من كنت تحب، وأبغض من كنت تبغض حتى يظهره الله عز وجل(٨) .

١٢٩ - حمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن محبوب، عن حماد بن عيسى، عن إسحاق بن جرير، عن عبد الله بن سنان، قال: دخلت أنا وأبي على أبي عبد اللهعليه‌السلام ،

فقال: فكيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام هدى؟ ولا علما يرى؟ ولا ينجو منها إلا من دعا دعاء الغريق؟

فقال له أبي: إذا وقع هذا ليلا(٩) فكيف نصنع؟

فقال: أما أنت فلا تدركه، فإذا كان ذلك، فتمسكوا بما في أيديكم، حتى يتضح لكم الأمر(١٠) .

__________________

(٧) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٣٤٦ ح ٣٤ عن أبيه وعنه في البحار: ٥٢ / ١١١ ح ٢١ وعن غيبة الطوسي: ص ٢٧٥،

وأخرجه في البحار: ٥٢ / ١٣٥ ح ٣٩ عن غيبة النعماني: ١٦٩ باختلاف يسير و ١٦٩ س ١٠ عن الكافي: ١ / ٣٣٥ ح ١.

(٨) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٣٤٨ ح ٣٧ عن أبيه وعنه في البحار: ٥٢ / ١٤٨ ح ٧١.

(٩) في البحار: البلاء.

(١٠) رواه في الاكمال: ٢ / ٣٤٨ ح ٤٠ عن أبيه وفي البحار: ٥٢ / ١٣٣ عن غيبة النعماني: ص ١٥٩ بسند آخر: عن عبد الله بن سنان.

١٢٧

٣٥ - باب في آيات ظهوره

١٣٠ - سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب،

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل:( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ) (١) .

فقالعليه‌السلام : الآيات هم الأئمة، والآية المنتظرة هو القائمعليه‌السلام ، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف، وإن آمنت بمن تقدم من آبائهعليهم‌السلام (٢) .

١٣١ - عبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن محمد بن حكيم، عن ميمون البان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال:

خمس قبل قيام القائم: ( خروج )(٣) اليماني، والسفياني، والمنادي ينادي من السماء، وخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكية(٤) .

__________________

(١) آية ١٥٨ سورة الأنعام ٦.

(٢) رواه الصدوق في الاكمال: ١ / ١٨ وص ٣٠، و ٢ / ٣٣٦ ح ٨ عن ابيه وعنهم في البحار: ٥١ / ٥٠ ح ٢٥، وفي البحار: ٦٧ / ٣٣ عن الاكمال ( مختصرا ).

(٣) زيادة من الخصال.

(٤) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٦٤٩ ح ١ عن أبيه وعنه في البحار: ٥٢ / ٢٠٣ ح ٢٩ ورواه في الخصال: ١ / ٣٠٣ ح ٨٢ واعلام الورى: ص ٤٥٥ وفي غيبة النعماني: ص ٢٥٢ بسند آخر: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، باختلاف يسير في المتن.

١٢٨

١٣٢ - عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، والعلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال:

سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام : يقول: إن قدام القائم علامات تكون من الله عز وجل للمؤمنين.

قلت: وما هي؟ جعلني الله فداك.

قال: ذلك قول الله عز وجل:( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ ) يعني المؤمنين قبل خروج القائمعليه‌السلام ( بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) (٥) .

قال: يبلوهم(٦) بشيء من الخوف، من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم والجوع بغلاء أسعارهم.

( وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ ) » قال: كساد التجارات وقلة الفضل.

ونقص من الأنفس، قال: موت ذريع.

ونقص من الثمرات، قال: قلة ريع ما يزرع.

( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) » عند ذلك بتعجيل خروج القائمعليه‌السلام .

ثم قال لي: يا محمد، هذا تأويله، إن الله تعالى يقول: «( وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (٧) و(٨) .

١٣٣ - سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن هشام بن سالم، عن زرارة:

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ينادي مناد باسم القائمعليه‌السلام ،

قلت: خاص أو عام؟ قال: عام، كل قوم بلسانهم.

__________________

(٥) آية ١٥٥ سورة البقرة ٢.

(٦) في البحار: نبلوهم.

(٧) آية ٧ سورة آل عمران ٣.

(٨) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٦٤٩ ح ٣ عن أبيه وعنه في البحار: ٥٢ / ٢٠٢ ح ٢٨ وعن غيبة النعماني: ص ٢٥٠ ورواه في إعلام الورى: ٤٥٦ وبشارة الاسلام: ص ١١٨ ودلائل الامامة: ص ٢٥٩ وإرشاد المفيد: ص ٤٠٨ وكشف الغمة: ٢ / ٤٦٢.

١٢٩

قلت: فمن يخالف القائمعليه‌السلام وقد نودي باسمه؟

قال: لا يدعهم إبليس حتى ينادي في آخر الليل(٩) ويشكك الناس(١٠) .

١٣٤ - حدثنا محمد بن أبي القاسم ماجيلويه، عن محمد بن علي الكوفي، قال: حدثنا الحسين بن سفيان، عن قتيبة بن محمد، عن عبد الله بن أبي منصور البجلي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن اسم السفياني؟

فقال: وما تصنع باسمه؟ إذا ملك كور(١١) الشام الخمس؛ دمشق، وحمص، وفلسطين، والأردن، وقنسرين، فتوقعوا عند ذلك الفرج.

قلت: يملك تسعة أشهر؟

قال: لا، ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوما(١٢) .

١٣٥ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن الفضيل(١٣) ، عن أبيه، عن منصور، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا منصور، إن هذا الأمر لا يأتيكم إلا بعد [ إ ] يأس، لا والله، لا يأتيكم حتى تميزوا، لا والله لا يأتيكم حتى تمحصوا، ولا والله لا يأتيكم حتى يشقى من شقي، ويسعد من سعد(١٤) .

١٣٦ - سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن الحسين بن المختار القلانسي، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال:

كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ولا علم؟ يتبرأ بعضكم من بعض؟ فعند ذلك تميزون وتمحصون وتغربلون، وعند ذلك اختلاف السيفين، وإمارة أول من النهار،

__________________

(٩) في البحار: الظاهر: في آخر الليل، ولعله من النساخ ولم يكن في بعض النسخ: في آخر الليل، أصلا فالزيادة من النساخ.

(١٠) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٦٥٠ ح ٨ عن أبيه وعنه في البحار: ٥٢ / ٢٠٥ ح ٣٥ وفي بشارة الاسلام: ص ١٢٨.

(١١) في البحار: كنوز.

(١٢) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٦٥١ ح ١١ عن أبيه وعنه في البحار: ٥٢ / ٢٠٦ ح ٣٨ وفي إعلام الورى: ص ٤٥٧ وبشارة الاسلام: ص ١٢٣.

(١٣) في البحار: الفضل.

(١٤) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٣٤٦ ح ٣٢ عن أبيه وعنه في البحار: ٥٢ / ١١١ ح ٢٠.

١٣٠

وقتل وخلع(١٥) من آخر النهار(١٦) .

١٣٧ - سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي غانم القزويني، قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن فارس، قال: كنت أنا [ ونوح ] وأيوب بن نوح في طريق مكة فنزلنا على وادي زبالة، فجلسنا نتحدث فجرى ذكر ما نحن فيه، وبعد الأمر علينا،

فقال أيوب بن نوح:(١٧) كتبت في هذه السنة أذكر شيئا من هذا،

فكتب إلي: إذا رفع علمكم من بين أظهركم، فتوقعوا الفرج من تحت أقدامكم(١٨) .

١٣٨ - سعد بن عبد الله، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن محمد بن جمهور، عن أحمد بن أبي هراسة، عن أبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد:

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: كأني بأصحاب القائمعليه‌السلام وقد أحاطوا بما بين الخافقين، فليس من شيء إلا وهو مطيع لهم حتى سباع الأرض وسباع الطير، يطلب رضاهم في كل شيء، حتى تفخر الأرض على الأرض وتقول: مر بي اليوم رجل من أصحاب القائمعليه‌السلام (١٩) .

١٣٩ - سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن محمد بن

__________________

(١٥) في البحار: قطع.

(١٦) رواه في الإكمال: ٢ / ٣٤٧ ح ٣٦ عن أبيه وعنه في البحار: ٥٢ / ١١٢ ح ٢٢ ونقله في بشارة الإسلام: ص ١٥٠.

(١٧) النجاشي ( ص ٨٠ ): أيوب بن نوح بن دراج النخعي أبو الحسين، كان وكيلا لأبي الحسن وأبي محمدعليهم‌السلام ، عظيم المنزلة عندهما، مأمونا وكان شديد الورع، كثير العبادة، ثقة في رواياته.

أقول: هذا مع علو شأنه ووكالته لهما يظهر أنه كتب إلى أحدهم، ولا دليل على وضعه الصدوق تحت عنوان « باب ما روي عن أبي الحسن علي بن محمد الهادي على النص على القائم (ع) وغيبته ».

(١٨) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٣٨١ ح ٤ عن أبيه وعنه في البحار: ٥١ / ١٥٩ ح ٤.

(١٩) رواه الصدوق في الإكمال: ٢ / ٦٧٣ ح ٥٦ عن أبيه وعنه في البحار: ٥٢ / ٣٢٧ ح ٤٣ ونقله في بشارة الاسلام: ص ٢٤١.

١٣١

مسلم قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :

في قول الله عز وجل:( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (٢٠)

فقال: كل إمام هاد لكل قوم في زمانهم(٢١) .

١٤٠ - سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية العجلي قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : ما معنى( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (٢٢)

فقال: المنذر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعلي الهادي، وفي كل وقت وزمان إمام منا يهديهم إلى ما جاء به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢٣) .

١٤١ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن عبيد بن كرب، قال:

سمعت عليا يقول: إن لنا أهل البيت راية، من تقدمها مرق، ومن تأخر عنها محق، ومن تبعها لحق(٢٤) .

١٤٢ - سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول:

إن لله عز وجل خلقا خلقهم من نوره ورحمته، فهم عين الله الناظرة، وأذنه السامعة، ولسانه الناطق في خلقه بإذنه وأمناؤه على ما أنزل من عذر أو نذر أو حجة.

فبهم يمحو الله السيئات، وبهم يدفع الضيم، وبهم ينزل الرحمة، وبهم يحيي ميتا، ويميت حيا، وبهم يبتلي خلقه، وبهم يقضي في خلقه قضية.

قلت: جعلت فداك، من هؤلاء؟ قال: الأوصياء(٢٥) .

__________________

(٢٠) آية (٧) سورة الرعد ١٣.

(٢١) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٦٦٧ ح ٩ عن أبيه وعنه في البحار ١٨ ص ١٩٠ ح ٢٦ وج ٢٣ / ٥ ح ٨

(٢٢) آية (٧) سورة الرعد ١٣.

(٢٣) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٦٦٧ ح ١٠ عن أبيه وعنه في البحار: ٢٣ / ٥ ح ٩ وص ٣ ح ٣ عن البصائر: ص ٢٩ ( نحوه ).

وفي البحار: ١٦ / ٣٥٨ ح ٥٠ عن الكافي: ١ / ١٩١ ح ٢ ( نحوه ).

(٢٤) رواه الصدوق في الاكمال: ٢ / ٦٥٤ ح ٢٣ عن أبيه.

(٢٥) رواه في التوحيد: ص ١٦٧ ح ١ ومعاني الأخبار: ١٦ ح ١٠ وعنهما في البحار: ٢٦ / ٢٤٠ ح ٢.

١٣٢

١٤٣ - سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن أسباط، عن البطائني، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام ، أنه قال:

يا أبا بصير، نحن شجرة العلم، ونحن أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي دارنا مهبط جبرئيل، ونحن خزان علم الله، ونحن معادن وحي الله، من تبعنا نجا، ومن تخلف عنا هلك، حقا على الله عز وجل(٢٥) .

١٤٤ - محمد بن معقل القرميسيني، عن محمد بن زيد الجزري، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام :

قال: قلت: لم سميت فاطمة الزهراء، زهراء؟

فقال: لأن الله عز وجل خلقها من نور عظمته، فلما أشرقت أضاءت السموات والأرض بنورها، وغشيت أبصار الملائكة، وخرت الملائكة لله ساجدين، وقالوا: إلهنا وسيدنا، ما هذا النور؟

فأوحى الله إليهم: هذا نور من نوري، وأسكنته في سمائي، خلقته من عظمتي أخرجه من صلب نبي من أنبيائي، أفضله على جميع الأنبياء وأخرج من ذلك النور أئمة يقومون بأمري، يهدون إلى حقي، وأجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وحيي(٢٦) .

١٤٥ - الحميري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير،

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قول الله عز وجل:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٢٧) .

__________________

(٢٥) رواه في الأمالي: ص ٢٥٢ وعنه في البحار: ٢٦ / ٢٤٠ ح ١ ورواه في بشارة المصطفى: ٦٥.

(٢٦) رواه الصدوق في العلل: ١ / ١٧٩ ح ١ عن أبيه ونقله في البحار: ٤٣ / ١٢ ح ٥ وعن مصباح الأنوار، وفيه: عن أبي جعفر (ع) مثله.

(٢٧) آية (٥٩) سورة النساء ٤.

١٣٣

قال: الأئمة من ولد علي وفاطمةعليهما‌السلام ، إلى أن تقوم الساعة(٢٨) .

١٤٦ - سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال:

إن الله تبارك وتعالى أرسل محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الجن والإنس وجعل من بعده الاثني عشر وصيا منهم من مضى ومنهم من بقي، وكل وصي جرت فيه سنة من الأوصياء الذين بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على سنة أوصياء عيسىعليه‌السلام ، وكانوا اثني عشر.

وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام على سنة المسيح(٢٩) ،

١٤٧ - سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري، قالا: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن هلال - في حال استقامته - عن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، قال:

قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : يمضي الإمام وليس له عقب؟

قال: لا يكون ذلك،

قلت: فيكون ماذا؟

قال: لا يكون ذلك إلا أن يغضب الله عز وجل على خلقه، فيعاجلهم(٣٠) .

١٤٨ - الحميري، عن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي يحيى المديني،

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: جاء يهودي إلى عمر، يسأله عن مسائل فأرشده إلى عليعليه‌السلام ليسأله، فقال له عليعليه‌السلام : سل.

__________________

(٢٨) رواه الصدوق في الاكمال: ١ / ٢٢٢ ح ٨ عن أبيه وعنه في البحار: ٢٣ / ٢٢٨ ح ١٣ ودلائل الامامة: ص ٢٣١.

(٢٩) رواه الصدوق في الاكمال: ١ / ٣٢٦ ح ٤ عن أبيه وعنه في البحار: ٣٦ / ٣٩٢ ح ٤ وعن العيون:ص ٤٥١ ح ٢١ والخصال: ٢ / ٤٧٨ ح ٤٣ وغيبة الطوسي: ص ٩٢ ورواه في الكافي: ١ / ٥٣٢ ح ١٠ والارشاد: ص ٣٩٢ واعلام الورى: ص ٣٨٦.

(٣٠) رواه الصدوق في الاكمال: ١ / ٢٠٤ ح ١٣ عن أبيه وعنه في البحار: ٢٣ / ٣٦ ح ٦٣، وفي دلائل الامامة: ص ٢٣٠.

١٣٤

قال: أخبرني، كم بعد نبيكم من إمام عادل؟ وفي أي جنة هو؟ ومن يسكن معه في جنته؟

فقال له عليعليه‌السلام : يا هاروني! لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعده اثنا عشر إماما عدلا، لا يضرهم خذلان من خذلهم، ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم، أثبت في دين الله من الجبال الرواسي.

ومنزل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جنة عدن، والذين يسكنون معه هؤلاء الاثنا عشر.

فأسلم الرجل وقال: أنت أولى بهذا المجلس من هذا، أنت الذي تفوق ولا تفاق، وتعلو ولا تعلى(٣١) .

١٤٩ - سعد، عن النهدي، عن محمد بن خالد البرقي، عن خلف بن حماد عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :

الحجة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق(٣٢) .

١٥٠ - علي بن محمد بن قتيبة، قال: حدثنا الفضل بن شاذان، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، عن الحسن بن عبيد الله، عن أبي الضحى، عن زيد بن أرقم،

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: إني تارك فيكم كتاب الله، وأهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض(٣٣) .

١٥١ - سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن داود

__________________

(٣١) رواه الصدوق في الاكمال: ١ / ٣٠٠ ح ٧ عن أبيه وعنه في البحار: ٣٦ / ٣٨٠ ح ٧.

(٣٢) رواه في الاكمال: ١ ص ٢٢١ ح ٥ وعنه في البحار: ٢٣ ص ٣٨ ح ٦٦ وعن الإكمال ٢٣٢ ح ٣٦ عن أبيه، عن الحميري عن الحسن بن علي الزيتوني، عن ابن هلال عن خلف بن حماد، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ( مثله ) ورواه في الاختصاص: ص ١٩ مرسلا، عن أبان، وليس فيه: وبعد الخلق، والكافي: ١ / ١٧٧ ح ٤، والبصائر: ٤٨٧ ح ١.

(٣٣) رواه الصدوق في الاكمال: ١ / ٢٤٠ ح ٦٢ عن أبيه وعنه في البحار: ٢٣ / ١٣٦ ح ٧٧، والاكمال: ١ / ٢٣٤ ح ٤٤ عن أبيه وعنه في البحار ٢٣ / ١٣٣ ح ٦٩ وفي البحار: ٢٣ / ١١٨ ح ٣٦ عن جامع الأصول لابن الأثير: عن زيد بن أرقم نحوه مفصلا ويرد في طرق أخرى عن النبي (ص) هذا الحديث، فراجع.

١٣٥

بن فرقد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من ادعى الإمامة وليس بإمام فقد افترى على الله وعلى رسوله وعلينا.(٣٤)

١٥٢ - سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن سنان، عن يحيى أخي أديم عن الوليد بن صبيح قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إن هذا الأمر لا يدعيه غير صاحبه، إلا بتر الله عمره.(٣٥)

__________________

(٣٤) رواه في ثواب الأعمال: ص ٢٥٥ ح ٣ وعنه في البحار: ٢٥ / ١١٢ ح ٨.

(٣٥) رواه الصدوق في ثواب الأعمال: ص ٢٥٥ ح ٤ وعنه في البحار: ٢٥ / ١١٢ ح ٩ ورواه في الكافي: ١ / ٣٧٣ ح ٥ بسنده عن ابن سنان ( مثله ).

١٣٦

٣٦ - باب علامات الامام ودلائل معرفته

١٥٣ - محمد العطار، عن ابن أبي الخطاب، عن البزنطي قال: سئل أبو الحسنعليه‌السلام : الإمام بأي شيء يعرف بعد الإمام؟

قال: إن للإمام علامات؛

أن يكون أكبر ولد أبيه بعده، ويكون فيه الفضل،

وإذا قدم الراكب المدينة، قال: إلى من أوصى؟ قالوا: إلى فلان،

والسلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل، يدور مع السلاح حيث كان(٣٦) .

١٥٤ - أحمد بن إدريس، عن ابن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال:

قلت له: جعلت فداك، إذا مضى عالمكم أهل البيت، فبأي شيء يعرفون من يجيء بعده؟

قال: بالهدى، والإطراق، وإقرار آل محمد له بالفضل، ولا يسأل عن شيء مما بين صدفيها، إلا أجاب فيه(٣٧) .

١٥٥ - سعد، عن ابن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن حمران عن الفضل بن السكن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال:

__________________

(٣٦) رواه الصدوق في الخصال: ١ / ١١٦ ح ٩٨ عن أبيه وعنه في البحار: ٢٥ / ١٣٧ ح ٧ وعن الكافي: ١ / ٢٨٤ ح ١ بسند آخر ( مثله ). وأورده في مختصر البصائر: ص ٨.

(٣٧) رواه الصدوق في الخصال: ١ / ٢٠٠ ح ١٣ عن أبيه وعنه في البحار: ٢٥ / ١٣٩ ح ١٠ والبصائر: ص ٤٨٩ ح ١ بإسناده عن أبي الجارود.

١٣٧

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : اعرفوا الله بالله، والرسول بالرسالة وأولي الأمر بالمعروف والعدل والإحسان(٣٨) .

١٥٦ - محمد العطار، عن الأشعري، عن عبد الصمد بن محمد، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن أبيه، قال:

إن الإمامة لا تصلح إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن المحارم، وحلم يملك به غضبه، وحسن الخلافة على من ولي عليه حتى يكون له كالوالد الرحيم(٣٩) .

١٥٧ - محمد العطار، عن الأشعري، عن محمد بن الوليد، عن حماد بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة النضري، قال:

قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : بما يعرف صاحب هذا الأمر؟

قال: بالسكينة والوقار، والعلم، والوصية(٤٠) .

١٥٨ - محمد العطار، عن الأشعري، عن الخشاب، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن الغنوي، عن عبد الأعلى، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :

ما الحجة على المدعي لهذا الأمر بغير حق؟

قال: ثلاثة من الحجة لم يجتمعن في رجل إلا كان صاحب هذا الأمر.

أن يكون أولى الناس بمن قبله.

ويكون عنده سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ويكون صاحب الوصية الظاهرة، الذي إذا قدمت المدينة سألت العامة والصبيان: إلى من أوصى فلان؟ فيقولون: إلى فلان(٤١) .

__________________

(٣٨) رواه في التوحيد: ٢٨٥ ح ٣ وعنه في البحار: ٢٥ / ١٤١ ح ١٤، ورواه في الكافي: ١ / ٨٥ ح ١ عن علي ابن محمد عمن ذكره عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن حمران.

(٣٩) رواه في الخصال: ١ / ١١٦ ح ٩٧ عن أبيه وعنه في البحار: ٢٥ / ١٣٧ ح ٦.

(٤٠) رواه في الخصال: ١ / ٢٠٠ ح ١٢ عن أبيه وعنه في البحار: ٢٥ / ١٣٨ ح ٩ وعن البصائر: ص ٤٨٩ ح ٢.

(٤١) رواه في الخصال: ١ / ١١٧ ح ٩٩ عن أبيه وعنه في البحار: ٢٥ / ١٣٨ ح ٨، وعن الكافي: ١ / ٢٨٤ ح ٢ بسنده عن يزيد شعر.

١٣٨

٣٧ - باب أن لديهم الكتب التي انزلت على الأنبياء

١٥٩ - أحمد بن إدريس، ومحمد العطار معا: عن الأشعري، عن ابن هاشم، عن محمد بن حماد، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس، عن هشام بن الحكم - في خبر طويل - قال:

جاء ( بريهة ) جاثليق النصارى، فقال لأبي الحسنعليه‌السلام :

جعلت فداك، أنى لكم التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء؟

قال: هي عندنا وراثة من عندهم، نقرؤها كما قرؤوها، ونقولها كما قالوها، إن الله لا يجعل حجة في أرضه يسأل عن شيء؟ فيقول: لا أدري، الخبر(١) .

١٦٠ - سعد، عن علي بن محمد، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله بن محمد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن حسين بن علوان،

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: إن الله فضل أولي العزم من الرسل بالعلم على الأنبياء.

وورثنا علمهم، وفضلنا عليهم في فضلهم،

وعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما لا يعلمون، وعلمنا علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فروينا لشيعتنا.

فمن قبل منهم فهو أفضلهم، وأينما نكون فشيعتنا معنا(٢) .

__________________

(١) رواه الصدوق في التوحيد: ص ٢٧٥ عن ابيه وعنه في البحار: ٢٦ / ١٨١ ح ٧ وفي ج ١٠ / ٢٣٤ بتمامه.

(٢) الخرائج والجرائح المخطوط: ٤١٤ باسناده عن ابن بابويه عن أبيه ونقله في البحار: ٢٦ / ١٩٩ ح ١، وفي البصائر: ص ٢٢٧ ح ٢ ص ٢٢٩ ح ٥ ( نحوه ).

١٣٩

٣٨ - باب أنهم القرى الظاهرة

١٦١ - عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثني محمد بن صالح الهمداني، قال:

كتبت إلى صاحب الزمانعليه‌السلام : إن أهل بيتي يؤذونني ويقرعونني بالحديث الذي روي عن آبائكعليهم‌السلام أنهم قالوا: « قوامنا وخدامنا شرار خلق الله ».

فكتبعليه‌السلام : ويحكم أما تقرؤون ما قال عز وجل:( وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً ) (١) .

ونحن - والله - القرى التي بارك الله فيها، وأنتم القرى الظاهرة،

قال عبد الله بن جعفر: وحدثنا بهذا الحديث علي بن محمد الكليني عن محمد بن صالح، عن صاحب الزمانعليه‌السلام (٢) .

١٦٢ - سعد بن عبد الله، عن إسحاق بن يعقوب، قال: سمعت الشيخ العمريرضي‌الله‌عنه يقول: صحبت رجلا من أهل السواد ومعه مال للغريمعليه‌السلام ، فأنفذه، فرد عليه، وقيل له:

((أخرج حق ولد عمك منه، وهو أربعمائة درهم)).

__________________

(١) آية (١٨) سورة سبأ ٣٤.

(٢) رواه الصدوق في الإكمال: ٢ / ٤٨٣ ح ٢ عن أبيه وعنه في البحار: ٥٣ / ١٨٤ ح ١٥ وعنه في ٥١ / ٣٤٣ ح ١ وعن غيبة الطوسي: ص ٢٠٩، وفي الوسائل: ١٨ / ١١٠ ح ٤٦ عن الاكمال وغيبة الطوسي، ورواه في إعلام الورى: ص ٤٥٣.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

إلى غيره فإنّهم سوف يرون آثار الله فيها ، والنظر إلى الأثر هو نظر إلى المؤثر ، وبعبارة أخرى أنّهم يرونه في كلّ مكان. ويرون تجلي قدرته وجلاله وجماله في كل شيء ، ولذا فإنّ نظرهم إلى نعم الجنان لا يجرهم إلى الغفلة عن النظر إلى ذات الله.

ولهذا السبب ورد في بعض الرّوايات في تفسير هذه الآية : (إنهم ينظرون الى رحمة الله ونعمته وثوابه)(١) لأن النظر إلى ذلك هو بمثابة النظر إلى ذاته المقدّسة.

قال بعض الغافلين : إن هذه الآية تشير إلى شأنه في يوم القيامة ، ويقولون : إنّ الله سوف يرى بالعين الظاهرة في يوم القيامة. والحال إنّ مشاهدته بالعين الظاهرة تستلزم جسمانيته. والوجود في المكان ، والكيفية والحالة الخاصّة وجود جسماني ، ونعلم أنّ ذاته المقدّسة منزّهة عن مثل هذا الإعتقاد الملوث ، كما اعتمد القرآن هذا المعنى في آياته مرات عديدة ، منها ما في الآية (١٠٣) من سورة الأنعام :( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ ) وهذه الآية مطلقة لا تختص في الدنيا.

على كل حال فإنّ عدم النظر الحسي إلى الله تعالى أمر واضح لا يحتاج البحث فيه أكثر من هذا ، ويقرّ بذلك من له أدنى اطلاع على القرآن والمفاهيم الاسلامية.

وقال البعض في معنى الناظرة أقوالا أخرى مثلا : ناظرة من مادة الانتظار ، أي أنّ المؤمنين لا ينتظرون شيئا إلّا من الله تعالى ، وحتى أنّهم لا يعتمدون على أعمالهم الصالحة وأنّهم ينتظرون رحمة الله ونعمته بشكل دائم.

وإذا قيل إنّ هذا الانتظار سيكون مصحوبا مع نوع من الانزعاج ، والحال أنّ المؤمن لا شيء يزعجه في الجنان؟ فيقال : إنّ ذلك الانتظار المصحوب

__________________

(١) تفسير روح الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤٣٦٤ و٤٦٥.

٢٢١

بالانزعاج هو ما لا يطمأن عقباه ، أما إذا ما وجد الاطمئنان. فسيكون مثل هذا الانتظار مصحوبا بالهدوء(١) .

والجمع بين معنى (النظر) و (الانتظار) غير بعيد ، لجواز استعمال اللفظ الواحد في المعاني المتعددة. وإذا كان المراد هو أحد المعنيين ، فإن الأرجح هو المعنى الأوّل.

وننهي هذا الكلام بحديث مسند إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ قال : «إذا دخل أهل الجنّة الجنّة يقول الله تعالى تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنّة وتنجينا من النّار»؟

قال : «فيكشف الله تعالى الحجاب فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النظر الى ربّهم»!(٢)

والظريف هو ما ورد في حديث عن أنس بن مالك ، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ينظرون إلى ربّهم بلا كيفية ولا حد محدود ولا صفة معلومة»(٣) ، وهذا الحديث تأكيد على المشاهدة الباطنية لا العينية.

وفي النقطة المقابلة لهذه الجماعة المؤمنة ، هناك جماعة تكون وجوههم مقطبة.( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ ) .

«باسرة» : من مادة (بسر) على وزن (نصر) ، وهو الشيء غير الناضج والعمل الذي لم يأت حينه ، ولذا يقال لفاكهة النخل غير الناضجة (بسر) على وزن (عسر) ويطلق على عبوس الوجه. وهذا الوصف هو ردّ فعل الإنسان قبل وصول العذاب والأذى إليه.

__________________

(١) يعتقد البعض أنّ (النظر) الذي يعني الانتظار لا يتعدى بـ (إلى) بل يتعدى بدون حرف الجر ، ولكن هنا شواهد من أشعار العرب تشير إلى أن (النظر) الذي يعني الانتظار يتعدى كذلك بـ (إلى) (راجع مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٩٨ ؛ وتفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٦٩٠٠).

(٢) روح المعاني ، ج ٢٩ ، ص ١٤٥.

(٣) تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ٢٠٤.

٢٢٢

فعند ما ينظر الكافرون إلى علامات العذاب وصحائف أعمالهم الخالية من الحسنات والمملوءة بالسيئات ، يصيبهم الندم والحسرة والحزن ويعبسون وجوههم لذلك.

( تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ ) .

يرى الكثير من المفسّرين بأنّ (الظن) هنا بمعنى العلم. أي أنّهم يوقنون بمثل هذا العذاب ، والحال أنّ بعضهم يرى أنّ (ظن) هنا بمعناها المعروف أي الاحتمال القوي ، ومن الطبيعي أنّهم يوقنون إجمالا بأنّهم سوف يعذبون ، ولكن ليس بمثل هذا العذاب الشديد(١) .

«فاقرة» : من مادة (فقرة) على وزن (ضربة) وجمعها (فقار) وتعني حلقات الظهر ، ويقال للحادثة الثقيلة التي تكسر حلقات الظهر «فاقرة» ، «والفقير» قيل له ذلك لهذا الوجه ، أي أنّه مكسور الظهر(٢) .

على كل حال فإنّ هذا التعبير كناية للعقوبات الثقيلة والتي تنتظر هذه الجماعة في جهنّم ، إنّهم ينتظرون عذابا قاصما ، والحال إنّ الجماعة السابقة منتظرون لرحمة الله تعالى ومستعدون للقاء المحبوب. هؤلاء لهم أسوأ العذاب.

وأولئك لهم أسمى النعم الجسمانية والمواهب واللذات الروحانية.

* * *

__________________

(١) من جملة الشواهد التي جاءوا بها لهذا الموضوع هو أنّ الظن إذا كان بمعنى العلم فيجب أن يكون (أن) بعد (تظن) مخففة من الثقيلة والحال هو (أن) مصدر بقرينة إعمالها النصب.

(٢) «فاقرة» : صفة الموصوف محذوف وتقديره (داهية فاقرة) و (تظن) فعل و (وجوه) فاعله ، وفي التقدير (أرباب الوجوه) أو (ذوات الوجوه).

٢٢٣

الآيات

( كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (٢٨) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠) )

التّفسير

إتماما للأبحاث المرتبطة بالعالم الآخر ومصير المؤمنين والكفّار يأتي الحديث في هذه الآيات عن لحظة الموت المؤلمة والتي تعتبر بابا إلى العالم الآخر فيقول تعالى :( كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ ) (١) أي كلّا إنّه لا يؤمن حتى تصل روحه التراقي.

هو ذلك اليوم الذي تنفتح فيه عينه البرزخية ، وتزال عنها الحجب ، ويرى فيها علامات العذاب والجزاء ، ويوقف على أعماله ، ففي تلك اللحظة يقرّ بالإيمان ولكن إيمانه لا ينفعه ولا يفيد حاله أبدا.

«تراقي» : جمع «ترقوة» ، وهي العظام المكتنفة للنحر عن يمين وشمال ،

__________________

(١) «إذا» : أداة شرطية وجزاؤه محذوف ، والتقدير (إذا بلغت التراقي انكشف له حقيقة الأمر ، ووجد ما عمله) ، والفاعل في (بلغت) هو (النفس) وهو محذوف ويعرف بقرينة الكلام.

٢٢٤

وبلوغ الروح إلى التراقي كناية عن اللحظات الأخيرة من عمر الإنسان ، وذلك عند ما تخرج الروح من البدن ، تتوقف الأعضاء البعيدة عن القلب (كاليدين والرجلين) قبل غيرها ، كأن الروح تطوي نفسها في البدن تدريجيا حتى تصل إلى الحلقوم.

وفي هذه الفترة يسعى أهله وأصدقائه مستعجلين قلقين لانقاذه ، يقول تعالى :( وَقِيلَ مَنْ راقٍ ) أي هل هناك من منقذ يأتي لإنقاذ هذا المريض؟

ويقولون هذا الحديث عن وجه العجز واليأس ، والحال أنّهم يعلمون أنّه قد فات الآوان ولا ينفع معه طبيب.

«راق» : من مادة (رقي) على وزن (نهي) و (رقيه) على وزن (خفيفه) وهو الصعود ، ولفظة (رقيه) تطلق على الأوراد والأوعية التي تبعث على نجاة المريض ، وقيل للطبيب الذي ينجي المريض ويخلصه مما هو فيه «راقي» ، فيكون مفهوم الآية : ينادي أهل المريض ، وأحيانا المريض نفسه من شدّة الضجر : ألا هل من داع يدعو بدعاء لينجي هذا المريض؟

وقال البعض : إنّ المعنى قول الملائكة بعضها لبعض : من يرقي بروحه من الملائكة ، أملائكة الرحمة ، أم ملائكة العذاب؟

وأضاف البعض إنّ ملائكة الله تكره قبض روح غير المؤمن ، ولذا يقول ملك الموت : من يرقي بروحه ، والمعنى الأوّل أوجه وأنسب.

وفي الآية التالية إشارة إلى اليأس الكامل للمحتضر فيقول تعالى :( وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ ) أي في هذه الحالة يصاب باليأس من الحياة واليقين بالفراق ، ثمّ :( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) وهذا الالتفاف إمّا لشدّة الأذى لخروج الروح ، أو لتوقف عمل اليدين والرجلين وتعطيل الروح منها.

وذكرت تفاسير أخرى لهذه الآية ، منها ما نقرأ في حديث عن الإمام

٢٢٥

الباقرعليه‌السلام قال : (التفت الدنيا بالآخرة)(١) ومثله عن علي بن إبراهيم(٢) .

ونقل عن ابن عباس كذلك من المراد من الآية : التفاف أمر الآخرة بأمر الدنيا.

وقال البعض : هو التفاف شدائد الموت بشدائد القيامة.

والظاهر رجوع جميع هذه المعاني إلى ما أوردناه في قول الباقرعليه‌السلام ، واتخذ هذا التفسير لكون أحد معاني «الساق» في لغة العرب هو الحادثة الشديدة والمصيبة والباء العظيم.

وقال آخرون هو التفاف الساق في الكفن. ويمكن جمع هذه التفاسير في معنى الآية إذ لا منافاة بينها.

ثمّ يقول تعالى في آخر آية من آيات البحث :( إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ ) .

أجل إلى الله تعالى المرجع حيث يحضر الخلائق عند محكمة العدل الإلهية ، وهكذا ينتهي المطاف إليه ، وهذه الآية أيضا تأكيد على مسألة المعاد والبعث الشامل للعباد ، ويمكن أن تكون إشارة إلى الحركة التكاملية للخلائق وهي متجهة نحو الذات المقدّسة واللامتناهية.

* * *

ملاحظة

لحظة الموت المؤلمة :

كما نعلم أنّ القرآن كثيرا ما أكّد على مسألة الموت خصوصا عن الاحتضار ، وينذر الجميع أنّهم سيواجهون مثل هذه اللحظة ، وقد عبّر عنها أحيانا (بسكرة

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤٦٥.

(٢) المصدر السابق.

٢٢٦

الموت)(١) وأحيانا أخرى (بغمرات الموت)(٢) وكذلك ببلوغ الحلقوم(٣) ويعبر عنه أيضا ببلوغ الروح إلى التراقي ، أي العظام المكتنفة للنحر كما في الآيات مورد البحث ، ويستفاد من مجموع ذلك أنّ تلك اللحظة على خلاف ما يقوله الماديون ، لحظة صعبة ومؤلمة ، ولم لا يكون كذلك والحال أنّها لحظة انتقال من هذا العالم إلى عالم آخر ، أي إنّ الإنسان كما ينتقل من عالم الجنين إلى عالم الدنيا مصحوبا بألم شديد ، فكذلك الانتقال إلى العالم الآخر بهذا الشكل.

والمستفاد من الرّوايات أنّ هذه اللحظة سهلة على المؤمنين ، وصعبة ومؤلمة على فاقدي الإيمان ، وذلك لشوق المؤمنين للقاء الله ورحمته ونعمه السرمدية بحيث لا يشعرون بآلام لحظة الانتقال. وأمّا المجموعة الثانية فإنّ الآلام تتضاعف عليهم لحظة الانتقال لخوفهم من العقوبات من جهة ، ولمصيبة فراق الدنيا التي يحبونها من جهة أخرى.

نقل في حديث للإمام علي بن الحسينعليه‌السلام عند ما سئل عن الموت ، فقال : «للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة ، وفك قيود وأغلال ثقيلة ، والاستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائح ، وأوطئ المراكب ، وآنس المنازل ، وللكافر كخلع ثياب فاخرة ، والنقل عن منازل أنيسة ، والاستبدال بأوسخ الثياب وأخشنها ، وأوحش المنازل وأعظم العذاب»(٤) .

وفي حديث آخر عن الإمام الصادقعليه‌السلام عند ما طلب شخص منه أن يوصف له الموت فقال الإمامعليه‌السلام : «للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعس لطيبه وينقطع التعب والألم كلّه عنه ، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب أو أشدّ»!(٥) .

__________________

(١)( وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ ) سورة ق آية ١٩.

(٢) الأنعام ، الآية ٩٣.

(٣)( فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ) سورة الوقعة آية ٨٣.

(٤) بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ١٥٥.

(٥) بحار الأنوار ج ٦ ص ، ١٥٢.

٢٢٧

على كل حال فإنّ الموت باب يؤدي إلى عالم البقاء ، كما في حديث عن الإمام أمير المؤمنين إذ قال : «لكل دار باب وباب دار الآخرة الموت»(١) .

أجل ، إنّ ذكر الموت له الأثر البالغ والعميق في كسر الشهوات وإنهاء الآمال الطويلة والبعيدة ومحو آثار الغفلة عن مرآة القلب ، لذا ورد في حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «ذكر الموت يميت الشهوات في النفس ويقلع منابت الغفلة ، ويقّوي القلب بمواعد الله ويرقّ الطبع ، ويكسر أعلام الهوى ، ويطفئ نار الحرص ، ويحقّر الدنيا ، وهو معنى ما قال النّبي : «فكر ساعة خير من عبادة سنة»(٢) .

وبالطبع المراد من ذلك هو بيان أحد المصاديق الواضحة للتفكر ولا ينحصر موضوع التفكر بذلك.

وأوردنا في ما مضى بحثا آخرا لهذا الموضوع في ذيل الآية (١٩) من سورة (ق).

* * *

__________________

(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ، ج ٢ ، ص ٣٤٥.

(٢) بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ١٣٣.

٢٢٨

الآيات

( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (٣١) وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢) ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣) أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٥) أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (٣٦) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى (٣٧) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣٩) أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (٤٠) )

التّفسير

خلق الإنسان من نطقة قذرة :

استمرارا للبحوث المتعلقة (بالموت) الذي يعتبر الخطوة الأولى في السفر إلى الآخرة يتحدث القرآن في هذه الآيات عن خواء أيدي الكفّار من الزاد لهذا السفر.

فيقول أوّلا :( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى ) (١) أي إنّ هذا الإنسان المفكر للمعاد لم

__________________

(١) الضمير في (صدق وصلى) يعود إلى الإنسان المنكر للمعاد ، وهو ما يستفاد منه في سياق الكلام ، وقد أشير إلى ذلك في صدر السورة.

٢٢٩

يؤمن إطلاقا ولم يصدّق بآيات الله ولم يصلّ له.

وقال تعالى :( وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) .

المراد من جملة( فَلا صَدَّقَ ) عدم التصديق بالقيامة والحساب والجزاء والآيات الإلهية والتوحيد ونبوة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال البعض : إنّها إشارة إلى ترك الكافرين للإنفاق والصدقة بقرينة ذكرها مع الصلاة ، ولكن الآية الثانية تشهد جيدا على أن النقطة المقابلة لهذا التصديق هو التكذيب ، ولذا يكون التفسير الأوّل هو الأصح.

ويضيف تعالى في الآية الأخرى :( ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ) .

إنّه يظنّ بعدم اهتمامه للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتكذيبه إيّاه وللآيات الإلهية قد حقق نصرا باهرا ، إنّه كان ثملا من خمرة الغرور ، واتجه إلى أهله لينقل لهم كالعادة ما كان قد حدث وليفتخر بما صدر منه ، وكان سيره وحركته تشيران إلى الكبر والغرور.

«يتمطى» : من مادة (مطا) وأصله الظهر ، و (تمطى) مدّ الظهر عن غرور ولا مبالاة. أو عن كسل ، والمراد هنا هو المعنى الأوّل.

وقيل هو من مادة (مط) على وزن (خط) أي مدّ الإنسان رجله أو بقية أعضاء البدن عند ما يريد إظهار اللامبالاة أو الكسل ، ولكن اشتقاقه من (مطا) أنسب مع ظاهر اللفظ(١) .

على كل حال فإنّ ذلك يشابه ما ورد في الآية (٣١) من سورة المطففين :( وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ) .

ثمّ يخاطب القرآن أفرادا كهؤلاء ويهددهم فيقول تعالى :

( أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ، ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ) .

__________________

(١) لأنه إذا اعتبر من مادة (مطا) فإن ظاهر اللفظ لم يظهر عليه تغيير ، والحال إذا كان من مادة (مط) فيكون أصل جملة (يتمطى) هو (يتمطط) حيث بدلت الطاء الآخر بالياء.

٢٣٠

هناك تفاسير أخرى متعددة ذكرت لهذه الآية منها :

إنّها تهديد بمعنى لك العذاب ثم لك العذاب.

وقيل : ما أنت عليه من الحال أولى وأرجح لك فأولى.

وقيل : الذم أولى لك وأحسن ثم أحسن.

وقيل : الويل لك ثمّ الويل لك.

وقيل : يراد به بعدا لك من خيرات الدنيا وبعدا لك من خيرات الآخرة.

وقيل : وليك وصاحبك شرّ وعذاب ثمّ وليك شرّ وعذاب.

وقيل : أولى لك ما تشاهده يوم بدر فأولى لك في القبر ثمّ أولى لك يوم القيامة(١) .

ولا يخفى أنّ غالبية هذه المعاني تعود إلى معنى كلي وجامع ، وتأخذ طابع التهديد بالعذاب ، والذمّ والشرّ والعقاب أعم من عذاب الدنيا والبرزخ والقيامة.

وورد في الرّوايات أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ بيد أبي جهل ثم قال له :( أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى )

فقال أبو جهل : بأي شيء تهددني لا تستطيع أنت ولا ربّك أن تفعلا بي شيئا ، وإنّي لأعزّ أهل هذا الوادي ، فأنزل الله سبحانه كما قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثم ينتهي القرآن في هذا البحث إلى استدلالين لطيفين حول المعاد وأحدهما عن طريق (الحكمة الإلهية وهدف الخلقة) ، والآخر عن طريق بيان قدرة الله في تحول وتكامل نطفة الإنسان في المراحل المختلفة لعالم الجنين ، فيقول تعالى عن المرحلة الألى :( أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً ) .

«سدى» : على وزن (هدى) وهو المهمل الذي لا هدف له ، وجاء قول العرب

__________________

(١) المطابق لبعض التفاسير أن (أولى) هنا هو (أفعل تفضيل) وطبقا للتفاسير الأخرى فإن (أولى) فعل ماض من باب أفعال من مادة (ولى) فيكون المعنى (قاربك الله العذاب) وقيل (أولى) من (أسماء الأفعال) وتعني (قارب) والأولى هو الأوجه.

٢٣١

(إبل سدى) في الإبل السائبة التي تترك بلا راع.

والمراد من (الإنسان) في هذه الآية هو المنكر للمعاد والبعث ، فيكون معنى الآية : كيف يخلق الله هذا العالم العظيم للإنسان ولا يكون له هدف ما؟ كيف يمكن ذلك والحال أنّ كل عضو من أعضاء الإنسان خلق لهدف خاص ، فالعين للنظر ، والأذن للسمع ، والقلب لإيصال الغذاء والأوكسجين والماء إلى جميع الخلايا ، حتى أنّ لخطوط أطراف أصابع الإنسان حكمة ، ولكن يحسب أن لا هدف في خلق كلّ ذلك ، وهو مهمل لا تخطيط فيه وليس له من أمر ونهي ومهام ومسئولية ، فلو صنع شخص ما صنعة صغيرة لا فائدة فيها فإنّ الناس سوف يشكلون عليه ذلك ويحذفون اسمه من زمرة العقلاء. فكيف يمكن لله الحكيم المطلق أن يخلق خلقا لا هدف له؟!

وإذا قيل أنّ الهدف من هذه الحياة هو قضاء أيّام الدنيا ، هذا الأكل والنوم المكرر الممزوج بآلاف الأنواع من الآلام والعذاب ، فإنّ هذا لا يمكن أن يكون مبررا لذلك الخلق الكبير. ولذا فإنّنا نستنتج من أن الإنسان قد خلق لهدف أكبر ، أي الحياة الخالدة في جوار رحمة الله والتكامل المستمر والدائم(١) .

ثم انتهى إلى تبيان الدليل الثّاني ، فيضيف تعالى :( أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ) وبعد هذه المرحلة واستقرار المني في الرحم يتحول الى قطعة متخثرة من الدم ، وهي العلقة ، ثمّ أنّ الله تعالى يخلقها بشكل جديد ومتناسب وموزون( ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ) .

ولم يتوقف على ذلك :( فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ) .

أليس من يخلق النطفة الصغيرة القذرة في ظلمة رحم الأم ويجعله خلقا جديدا كلّ يوم ، ويلبسه من الحياة لباسا جديدا ويهبه شكلا مستحدثا ليكون بعد

__________________

(١) كان لنا بحث آخر في هذا الإطار في ذيل الآية (١١٥) من سورة المؤمنين.

٢٣٢

ذلك إنسانا كاملا ذكرا أو أنثى ثم يولد من امّه ، بقادر على إعادته :( أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ) ؟!

وهذا البيان في الواقع هو لمن ينكر المعاد الجسماني ويعده محالا ، وينفي العودة إلى الحياة بعد الموت والدفن ، ولإثبات ذلك أخذ القرآن بيد الإنسان ليرجعه إلى التفكر ببداية خلقه ، والمراحل العجيبة للجنين ليريه تطورات هذه المراحل ، وليعلم أنّ الله قادر على كلّ شيء ، وبعبارة أخرى إن أفضل دليل لحدوث الشيء هو وقوعه.

* * *

ملاحظتان

١ ـ أطوار الجنين أو البعثات المكررة!

«النطفة» : أصلها الماء القليل أو الماء الصافي ، وقيل ذلك للقطرات المائية المسببة لوجود الإنسان أو الحيوان عن طريق اللقاح.

وفي الحقيقة أنّ تحول النطفة في المرحلة الجنينية من عجائب عالم الوجود وهو موضوع «علم الأجنة» وقد كشف عن كثير من أسراره في القرون الأخيرة.

القرآن الكريم أكّد منذ ذلك اليوم الذي لم تكشف فيه هذه الأمور بعد ـ على ذلك مرارا باعتباره أحد علائم القدرة الإلهية ، وهذا هو بحدّ ذاته من علائم عظمة هذا الكتاب السماوي العظيم وإعجازه.

ومع أنّ هذه الآيات ذكرت بعض مراحل الجنين ، فإنّ هناك آيات قرآنية أخرى بيّنت مراحل أكثر ممّا ذكر هنا ، كصدر آيات سورة الحج وأوائل سورة المؤمنين ، وذكرنا شرحا مفصّلا في ذيل هذه الآيات في هذا المجال.

والآية تتضمّن كلمة (ذلك) وهو اسم إشارة للبعيد ، فيما يخص الله تعالى ،

٢٣٣

وهو كناية لعظمة مقامه تعالى ، وإشارة إلى أنّ ذاته المقدّسة لا يتمكن البشر من إدراكها ومعرفتها.

وجاء في رواية لما نزلت هذه الآية :( أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ) أنّ رسول الله قال : «سبحانك اللهم ، وبلى».

ونقل هذا المعنى أيضا عن الإمامين أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادقعليهما‌السلام (١) .

٢ ـ نظام الأجناس البشرية

لا يزال العلم قاصرا في معرفة العوامل الاصلية التي تؤثر في تبديل جنس المذكر أو المؤنث رغم البحوث الكثيرة التي أجريت في هذا الصدد ، صحيح أنّ بعض المواد الغذائية أو الأدوية يمكن أن تؤثر في هذه المسألة ، ولكن من اليقين أن أيّا منها لا يكون معيّنا لها ، وبعبارة أخرى أن هذا هو أمر علمه عند الله تعالى.

ويرى من جهة أخرى التعادل النسبي المستمر بين هذين الجنسين في كلّ المجتمعات ، وإن كان عدد النساء أكثر في أغلب المجتمعات ، وازدياد عدد الرجال في مجتمعات أخرى ، ولكن الحصيلة تشير إلى وجود التعادل النسبي بين الجنسين ، فلو فرضنا أن اختل يوما هذا التعادل ، وتضاعف عدد النساء مثلا إلى عشرة أضعاف ، أو أن عدد الرجال تضاعف عشرة أضعاف النساء. عندئذ كيف سيختل نظام المجتمع الإنساني؟ وماذا سيتخلف فيه من المفاسد العجيبة بحيث تقابل المرأة عشرة رجال ، أو يقابل الرجل عشر نساء ، وما يقام من غوغاء!؟

الآية السالفة تقول :( فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ) وهي إشارة لطيفة لموضوعين : فمن جهة تشير الى تنوع البشر ، وتقسيمهم إلى هذين الجنسين في

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٠٢.

٢٣٤

مرحلة الجنين ، ومن جهة أخرى تشير إلى هذا التعادل النسبي(١) .

اللهم! نحن نشهد أنّك قادر على احياء جميع الموتى في لحظة واحدة ، ولا شيء يقف أمام قدرتك اللامتناهية

ربّنا! إنّنا في ذلك اليوم الذي تصل فيه أرواحنا إلى التراقي ليس لنا أمل أو رجاء سوى رحمتك ولطفك

إلهنا! ارزقنا معرفة الهدف من خلقك

آمين يا ربّ العالمين

نهاية سورة القيامة

* * *

__________________

(١) إنّ المشهور هو زيادة عدد النساء على الرجال في كلّ المجتمعات ، وهذا هو أحد الدلائل على تعدد الزوجات ، وهو أمرّ مقبول ، وهذا ممّا لا ينافي التعادل النسبي ، فمثلا يكون عدد مجتمع ما ٥٠ مليون نسمة ، فمن الممكن أن يكون عدد النساء ٢٦ مليونا ، والرجال ٢٤ مليونا ، أي أن التفاوت بينهما بحدود العشر أو أقل من ذلك ، أمّا أن يكون عدد النساء أضعاف عدد الرجال فهذا ما لم يلاحظ في أي مجتمع.

٢٣٥
٢٣٦

سورة

الإنسان

(الدهر)

مدنيّة

وعدد آياتها واحد وثلاثون آية

٢٣٧
٢٣٨

«سورة الإنسان»

محتوى السورة :

هذه السورة رغم قصرها ، فانّ لها محتويات عميقة ومتنوعة وجامعة ، ويمكن بنظرة واحدة تقسيمها إلى خمسة أقسام :

القسم الأوّل : يتحدث عن إيجاد الإنسان وخلقه من نطفة أمشاج (مختلطة) ، وكذلك عن هدايته وحرية إرادته.

القسم الثّاني : يدور الحديث فيه عن جزاء الأبرار والصالحين ، وسبب النزول الخاص بأهل البيتعليهم‌السلام .

القسم الثّالث : تكرار الحديث عن دلائل استحقاق الصالحين لذلك الثواب في عبارات قصيرة ومؤثرة.

القسم الرّابع : يشير إلى أهمية القرآن وسبيل إجراء أحكامه ومنهج تربية النفس الشاق.

القسم الخامس : جاء الحديث فيه عن حاكمية المشيئة الإلهية (مع حاكمية الإنسان).

ولهذه السورة أسماء عديدة ، أشهرها (الإنسان) (الدهر) و (هل أتى) وهذه الكلمات وردت في أوائل السورة ، وإن كانت الرّوايات الواردة في فضيلتها والتي سوف يأتي ذكرها ، قد ذكرت اسم (هل أتى) لهذه السورة.

* * *

٢٣٩

هل أنّ هذه السورة مدنية؟

هناك أقوال في أوساط المفسّرين حول مدنية هذه السورة أو مكيّتها ، فالمفسّرون ومنهم علماء الشيعة أجمعوا على أنّ السورة بتمامها أو على الأقل ما جاء في صدرها والتي تتحدث عن الأبرار والأعمال الصالحة هي مدنية ، وسيأتي فيما بعد شرح القصة التي كانت سببا لنزول السورة ، والقصة تحكي عمّا نذره أمير المؤمنين والزهراء الحسنانعليهم‌السلام وخادمتهم وفضة.

والمشهور بين علماء أهل السنة أنّها مدنية كما قال القرطبي في تفسيره : (وقال الجمهور مدنية)(١) ، ونذكر هنا أسماء العلماء الذين قالوا بمدنية السورة أو بعضها :

١ ـ الحاكم أبو القاسم الحسكاني : فقد نقل عن ابن عباس عددا من السور المكية والمدنية ، ورتّبها كما نزلت ، فكانت هذه السورة عنده في قائمة السور المدنية والتي نزلت بعد سورة الرحمن وقبل سورة الطلاق(٢) ، وأورد صاحب كتاب الإيضاح الأستاذ أحمد زاهر نفس المعنى وذلك عن ابن عباس(٣) .

٢ ـ نقل في (تاريخ القرآن) لأبي عبد الله الزنجاني عن كتاب (نظم الدرر وتناسق الآيات والسور) عن كبار علماء أهل السنة أنّ سورة الإنسان اعتبرت من السور المدنية(٤) .

٣ ـ ونقل كذلك في كتاب (فهرست ابن النديم) عن ابن عباس أن سورة هل أتى هي السورة المدنية الحادية عشرة(٥) .

٤ ـ نقل في (الإتقان) للسيوطي عن البيهقي في (دلائل النبوة) عن عكرمة أنّه

__________________

(١) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٦٩٠٩.

(٢) تفسير مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٠٥.

(٣) المصدر السابق.

(٤) تاريخ القرآن ، ص ٥٥.

(٥) المصدر السابق.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511