الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٢٠

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل0%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 600

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

مؤلف: آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
تصنيف:

الصفحات: 600
المشاهدات: 157630
تحميل: 4976


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 600 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 157630 / تحميل: 4976
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء 20

مؤلف:
العربية

«التسبيح» تنزيه الله من كل عيب ونقص.

و «الحمد» لوصف الله بالصفات الكمالية.

و «الاستغفار» إزاء تقصير العبد.

هذا الإنتصار الكبير أدى إلى تطهير الساحة من أفكار الشرك ، وإلى تجلي جمال الله وكماله أكثر من ذي قبل ، وإلى اهتداء من ضلّ الطريق إلى الله.

هذا الفتح العظيم أدى إلى أن لا يظن فرد بأن الله يترك أنصاره وحدهم (ولذلك جاء أمر التسبيح لتنزيهه من هذا النقص) وإلى أن يعلم المؤمنون بأن وعده الحق (موصوف بهذا الكمال) ، وإلى أن يعترف العباد بنقصهم أمام عظمة الله.

أضف إلى ما سبق ، أن الإنسان ـ عند النصر ـ قد تظهر عليه ردود فعل سلبية فيقع في الغرور والتعالي ، أو يتخذ موقف الانتقام وتصفية الحسابات الشخصية ، وهذه الأوامر الثلاثة تعلمه أن يكون في لحظات النصر الحساسة ذاكرا لصفات جلال الله وجماله وأن يرى كل شيء منه سبحانه ، ويتجه إلى الاستغفار كي يزول عنه غرور الغفلة ويبتعد عن الانتقام.

٥ ـ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل كل الأنبياء معصوم ، فلما ذا الاستغفار؟

الجواب أن هذا تعليم لكل الأمة لأنه :

أوّلا : خلال أيّام المواجهة بين الإسلام والشرك مرّت فترات عصيبة على المسلمين ، وتفاقمت في بعض المراحل مشاكل الدعوة ، وضاقت صدور بعضهم وساور بعضهم الآخر شكوك في وعد الله. كما قال سبحانه فيهم عند غزوة «الأحزاب» :( وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) (١) .

والآن إذ تحقق الإنتصار فقد اتضح خطل تلك الظنون ، ولا بدّ من «الاستغفار» ثانيا : الإنسان لا يستطيع أن يؤدي حقّ الشكر ، مهما حمد الله وأثنى عليه.

ولذلك لا بدّ له بعد الحمد والثناء أن يتجه إلى استغفاره سبحانه.

__________________

(١) الأحزاب ، الآية ١٠.

٥٢١

ثالثا : بعد الإنتصار تبدأ عادة وساوس الشيطان ، فتبرز ظاهرة الغرور تارة وظاهرة الانتقام تارة أخرى. ولا بدّ إذن من ذكر الله واستغفاره باستمرار حتى لا تظهر هذه الحالات ، ولتزول إن ظهرت.

رابعا : إعلام هذا النصر يعني انتهاء مهمّة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تقريبا كما ذكرنا في بداية السّورة ، وانتهاء عمره المبارك والتحاقه بالرفيق الأعلى. ولذا جاء في الرّوايات أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد نزول هذه السّورة كان يكثر من قول : «سبحانك اللهم وبحمدك ، اللهم اغفر لي إنّك أنت التواب الرحيم».

٦ ـ عبارة( إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً ) تبيّن علّة الاستغفار. أي استغفره وتب إليه لأنّه سبحانه تواب.

وقد تكون العبارة تستهدف تعليم المسلمين العفو ، فكما إن الله تواب كذلك أنتم ينبغي أن تقبلوا توبة المذنبين بعد الإنتصار ما أمكنكم ذلك. وأن لا تطردوهم ما داموا منصرفين عن المخالفة والتآمر. ولذلك اتخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في فتح مكّة ـ كما سنرى ـ موقف الرحمة والرأفة مقابل الأعداء الحقودين.

التسبيح والحمد والاستغفار دأب كل الأنبياء الكرام عند تحقق النصر. يوسفعليه‌السلام حين جلس على سرير الحكم في مصر وعاد إليه والداه واخوته بعد فراق طويل قال :( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) .(١)

وعند ما حضر عرش ملكة سبأ أمام سليمانعليه‌السلام قال :( هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ) (٢) .

* * *

__________________

(١) يوسف ـ الآية ١٠١.

(٢) النمل ، الآية ٤٠.

٥٢٢

بحث

عند فتح مكّة :

فتح مكّة ـ كما ذكرنا ـ فتح صفحة جديدة في تاريخ الإسلام ، ودحر الأعداء بعد عشرين عاما من المقاومة. وتطهرت أرض الجزيرة العربية من الشرك والأوثان ، والإسلام تأهب لدعوة بقية أصقاع العالم.

ملخص الواقعة على النحو التالي :

بعد صلح الحديبية ، عمد المشركون إلى نقض العهد ، وإلى خرق بنود وثيقة الصلح ، واعتدوا على المتحالفين مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فشكى المتحالفون ذلك إلى الرسول ، فقرر النّبي أن يهب لحمايتهم.

من جهة أخرى ، الظروف في مكّة ـ حيث مركز الوثنية والأصنام والشرك والنفاق ـ توفرت لتطهيرها. وهذه مهمّة كان لا بدّ من أدائها في وقت من الأوقات.

لذلك استعد النّبي للحركة بأمر الله سبحانه صوب مكّة.

فتح مكّة تمّ في ثلاث مراحل. المرحلة التمهيدية وفيها تمّ تعبئة القوى اللازمة واختيار الظروف الزمانية المساعدة ، وجمع المعلومات الكافية عن العدوّ ، والمرحلة الثّانية كانت فتح مكّة بأسلوب ماهر خال من التلفات. والمرحلة الأخيرة هي مرحلة عطاء الفتح وآثاره.

١ ـ هذه المرحلة اتصف بالدقّة المتناهية. ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيطر على الطريق بين مكّة والمدينة سيطرة تامّة حتى لا يسرب خبر هذا الاستعداد الإسلامي إلى مكّة ، ولكي يتمّ الفتح بشكل مباغت. وهذا أدى إلى فتح مكّة دون إراقة دماء تقريبا.

انقطاع اخبار المدينة عن مكّة كان متقنا ، حتى أن نفرا من ضعاف الإيمان اسمه «حاطب بن أبي بلتعة» كتب رسالة إلى قريش يخبرهم بأمر المسلمين في المدينة ، وبعثها بيد امرأة من قبيلة «مزينة» اسمها «كفود» ، أو «سارة». فعلم بها

٥٢٣

النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطريق إعجازي ، وبعث عليّاعليه‌السلام إلى المرأة ، فوجدها في منزل بين مكّة والمدينة. أخذ منها الرسالة وأعادها إلى المدينة ، وقد أوردنا قصّتها في تفسير الآية الأولى من سورة الممتحنة.

النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استخلف أحد المسلمين على المدينة ، وتوجه في العاشر من رمضان سنة ثمان للهجرة إلى مكّة ، ووصلها بعد عشرة أيّام.

في الطريق التقى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعمّه العباس وهو يهاجر من مكّة إلى المدينة.

فطلب منه النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يرسل متاعه إلى المدينة ويلتحق بالمسلمين ، وأخبره بأنّه آخر مهاجر.

٢ ـ وصل المسلمون إلى مشارف مكّة وعسكروا عند «مرّ الظهران» على بعد عدّة كيلومترات من مكّة. وفي الليل أشعلوا نيران كثيرة لإعداد الطعام (ولعلهم فعلوا ذلك لإثبات تواجدهم الواسع). رأى جمع من أهل مكّة هذا المنظر فتحيروا.

أخبار الزحف الإسلامي كانت لا تزال خافية على قريش في تلك الليلة خرج «أبو سفيان» ومعه عدد من سراة قريش للاستطلاع خارج مكّة. وفي نفس الليلة قال العباس عم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا سوء صباح قريش. والله لئن باغتها رسول الله في ديارها فدخل مكّة عنوة إنّه لهلاك قريش إلى آخر الدهر. فاستأذن رسول الله وخرج على بغلته لعله يرى أحدا متجها إلى مكّة فيخبرهم بمكان رسول الله فيأتونه فيستأمنونه.

وبينما العباس يطوف بأطراف مكّة إذ سمع صوت أبي سفيان ومعه القرشيون الذين خرجوا يتجسّسون. فقال : أبو سفيان : ما رأيت نيرانا أكثر من هذه! فقال له أحد مرافقيه : هذه نيران خزاعة. فقال أبو سفيان : خزاعة أذلّ من ذلك. نادى العباس أبا سفيان ، فسأله أبو سفيان على الفور : ما وراءك؟ قال العباس : هذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المسلمين أتاكم في عشرة آلاف.

قال أبو سفيان : ما تأمرني؟

٥٢٤

أجابه العباس : تركب معي فأستأمن لك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فو الله لئن ظفر بك ليضربنّ عنقك.

فخرجا يركضان نحو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكلما مرّا بنار من نيران المسلمين يقولون : عم رسول الله على بغلة رسول الله. (أي إن المارّ ليس بغريب). حتى مرّا بنار عمر بن الخطاب. فما أن أبصر به عمر حتى قال له : أبو سفيان! الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد!

دخل العباس وأبو سفيان على رسول الله وتبعهما عمر فدخل أيضا وقال للرسول : يا رسول الله هذا أبو سفيان عدوّ الله قد أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد فدعني اضرب عنقه.

فقال العباس : يا رسول الله إني قد أجرته.

وكثر الكلام بين العباس وعمر فقال رسول الله للعباس :

اذهب فقد أمنّاه حتى تغدو علّي به بالغداة.

فلما كان من الغد جاء العباس بأبي سفيان إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما رآه قال : ويحك يا أبا سفيان! «ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟».

قال : بلى ، بأبي أنت وأمي لو كان مع الله غيره لقد أغنى عنّي شيئا.

فقال النّبي : «ويحك ألم يأن لك أن تعلم أنّي رسول الله؟» فقال : بأبي أنت وأمي ، أما هذه ففي النفس منها شيء. فقال : له العباس : ويحك تشهّد شهادة الحق قبل أن تضرب عنقك! فتشهّد.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للعباس : «اذهب فاحبس أبا سفيان عند خطم الجبل بمضيق الوادي حتى تمرّ عليه جنود الله».

قال العباس : يا رسول الله إن أبا سفيان يحب الفخر فاجعل له شيئا يكون في قومه.

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو

٥٢٥

آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن».

خرج العباس وأجلس أبا سفيان عند خطم الجبل فمرّت عليه القبائل ، فيقول له العباس : هذه أسلم هذه جهينة حتى مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتيبته الخضراء مع المهاجرين والأنصار متسربلين بالحديد لا يرى منهم إلا حدق عيونهم. فقال : ومن هؤلاء؟ قال العباس : هذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المهاجرين والأنصار.

فقال أبو سفيان : لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما.

قال العباس : ويحك إنّها النبوة.

فقال : نعم إذن.

ثمّ قال له العباس : الحق بقومك سريعا فحذّرهم.

فخرج حتى أتى مكّة فصرخ في المسجد :

يا معشر قريش هذا محمّد قد جاءكم بما لا قبل لكم به. ثمّ قال : من دخل داري فهو آمن. ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن وقال : يا معشر قريش اسلموا تسلموا.

فأقبلت امرأته هند فأخذت بلحيته وقالت : يا آل غالب اقتلوا هذا

الشيخ الأحمق. فقال : أرسلي لحيتي واقسم لئن أنت لم تسلمي لتضربن عنقك ، ادخلي بيتك! فتركته.

ثمّ بلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع جيش المسلمين منطقة «ذي طوى» وهي مرتفع يشرف على بيوت مكّة. فتذكر الرسول ذلك اليوم الذي خرج فيه مضطرا متخفيا من مكّة. وها هو يعود إليها منتصرا ، فوضع رأسه تواضعا لله وسجد على رحل ناقته شكرا له سبحانه.

ثمّ ترجّل النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في «الحجون» إحدى محلات مكّة ، وفيها قبر خديجةعليها‌السلام ، واغتسل ، ثمّ ركب ثانية بجهاز الحرب ودخل المسجد الحرام وهو يتلو سورة الفتح. ثمّ كبر وكبر جند الإسلام معه ، فدوى صوت التكبير في أرجاء

٥٢٦

مكّة.

ثمّ نزل من ناقته ، واقترب من الكعبة ، وجعل يسقط الأصنام واحدا بعد الآخر وهو يقول :( جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً ) .

وكان عدد من الأصنام قد نصب فوق الكعبة ، ولم تصل إليها يد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمر عليّا أن يصعد على كتفه المباركة ويرمي بالأصنام فامتثل علي أمر الرسول.

ثمّ أخذ مفاتيح الكعبة ، وفتحها ومحا ما كان على جدرانها من صور الأنبياء.

٣ ـ بعد الإنتصار الرائع السريع أخذ رسول الله حلقة باب الكعبة ، وتوجّه إلى أهل مكّة وقال لهم : يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا : خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم. قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء.

وأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جيشه أن لا يتعرضوا لأحد ، وأن لا يريقوا دم أحد. وأمر فقط بقتل ستة أفراد ـ حسب الرّوايات ـ ممن كانوا خطرين ومتوغلين في عدائهم للإسلام. وحين بلغه أن سعد بن عبادة ـ وهو أحد حملة الوية الجيش الإسلامي ـ يصيح : اليوم يوم الملحمة ، اليوم تسبى الحرمة. أمر عليّاعليه‌السلام أن يأخذ منه الرّاية ويدخل بها مكّة دخولا رقيقا ويقول : اليوم يوم المرحمة!!

وبهذا الشكل فتحت مكّة دون إراقة دماء وكان لعفو الرسول ورحمته الأثر الكبير في القلوب ، فدخل النّاس في دين الله أفواجا. ودوّى خبر الفتح في أرجاء الجزيرة العربية وذاع صيت الإسلام ، وتعززت مكانة المسلمين(١) .

وجاء في كتب التاريخ أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند ما وصل الكعبة قال : لا إله إلا الله وحده وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ألا إن كل مال أو مأثرة أو دم تدعى فهو تحت قدمي هاتين! (وبذلك الغى كل مخلفات الجاهلية وطوى جميع ملفاتها).

__________________

(١) بتلخيص عن الكامل لابن الأثير ، ج ٢ ، وتفسير مجمع البيان ، تفسير سورة النصر.

٥٢٧

هذا المشروع الإسلامى الجبار اقترن بالعفو العام ، لينقل قبائل الجزيرة العربية من ماضيهم المظلم إلى نور الإسلام بعيدا عن كل ألوان الصراع والتخبط الجاهلي.

وهذا ساعد كثيرا على انتشار الإسلام وأصبح قدوة لحاضرنا ومستقبلنا.

اللهمّ! إنّك قادر أن تعيد للمسلمين عزّتهم وعظمتهم في ظلّ الاقتداء بسنّة رسولك المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ربّنا! اجعلنا في زمرة السائرين الحقيقيين على طريق نبيّ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

إلهنا! وفقنا لإقامة حكومة العدل الإسلاميّة ونشر رايتها في العالم ليدخل النّاس طواعية في دين الله أفواجا.

آمين يا ربّ العالمين

نهاية سورة النصر

* * *

٥٢٨
٥٢٩

سورة

تبّت

مكّيّة

وعدد آياتها خمس آيات

٥٣٠

«سورة تبت»

محتوى السّورة :

هذه السّورة مكّية ونزلت في أوائل الدعوة العلنية. وهي السّورة الوحيدة التي تحمل هجوما شديدا بالاسم على أحد أعداء الإسلام والنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آنذاك وهو أبو لهب. ومن السّورة يتضح أنّه كان يحمل عداء خاصا للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويمارس هو وزوجه كل أنواع الأذى بحقّه.

القرآن يصرّح بأنّهما أهل جهنّم ، وليس لهما طريق للنجاة ، وتحققت هذه النبوءة القرآنية ، وكلاهما مات على الكفر.

فضيلة السّورة :

ورد في فضيلة هذه السّورة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «من قرأها رجوت أن لا يجمع الله بينه وبين أبي لهب في دار واحدة»(١) .

بديهي أن هذه الفضيلة نصيب من بقراءتها يفصل مسيرته عن مسيرة أبي لهب ، لا من يقرأها بلسانه ويعمل عمل أبي لهب في أفعاله.

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٥٥٨.

٥٣١

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥) )

سبب النّزول

عن ابن عباس قال : عند ما نزلت( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) أمر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن ينذر عشيرته ويدعوهم إلى الإسلام (أي أن يعلن دعوته).

صعد النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على جبل الصفا ونادى : «يا صباحاه»! (وهو نداء يطلقه العرب حين يهاجمون بغتة كي يتأهبوا للمواجهة ، وإنّما اختاروا هذه الكلمة لأنّ الهجوم المباغت كان يحدث في أوّل الصبح غالبا).

عند ما سمع أهل مكّة هذا النداء قالوا : من المنادي؟ قيل : محمّد. فاقبلوا نحوه ، وبدأ ينادي قبائل العرب بأسمائها ، ثمّ قال لهم : أرأيتم لو أخبرتكم أن العدوّ مصبحكم أو ممسيكم ، أما كنتم تصدقوني.

قالوا : بلى. قال : فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد.

فقال أبو لهب : تبّا لك. لهذا دعوتنا جميعا؟! فأنزل الله هذه السّورة.

٥٣٢

وقيل : إن امرأة أبي لهب (واسمها أم جميل) علمت أن هذه السّورة نزلت فيها وفي زوجها. جاءت إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والنّبي لا يراها ، حملت حجرا وقالت : سمعت أن محمّدا هجاني ، قسما لو وجدته لألقمن فمه هذا الحجر. أنا شاعرة أيضا. ثمّ أنشدت اشعارا في ذم النّبي والإسلام(١) .

خطر أبي لهب وامرأته على الإسلام لم يكن منحصرا فيما ذكرناه. وإذ نرى القرآن يحمل عليهما بشدّة ويذمهما بصراحة ، فلأسباب أخرى ، سنشير إليها فيما بعد.

* * *

التّفسير

( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ )

هذه السّورة ـ كما ذكرنا في سبب نزولها ـ ترد على بذاءات أبي لهب عم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابن عبد المطلب. وكان من ألد أعداء الإسلام ، وحين صدح النّبي بدعوته وأعلنها على قريش وأنذرهم بالعذاب الإلهي قال : «تبا لك ألهذا دعوتنا جميعا»؟!

والقرآن يرد على هذا الإنسان البذي ويقول له :

( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ ) .

«التّب» و «التاب» يعني الخسران المستمر كما يقول الراغب في مفرداته أو هو الخسران المنتهي بالهلاك كما يقول الطبرسي في مجمع البيان.

وبعض اللغويين قال إنّه القطع والبتر. وهذا المعنى الأخير هو النتيجة الطبيعية للخسران المستمر المنتهي بالهلاك.

__________________

(١) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٧٣٢٤ (بتلخيص قليل) والرّواية بنفس المضمون ذكرها الطبرسي في مجمع البيان ، وابن الأثير في الكامل ، ج ٢ ، ص ٦٠ وفي الدر المنثور ، وأبي الفتوح الرازي والفخر الرازي ، وفي ظلال القرآن ، في تفسير هذه السّورة.

٥٣٣

الهلاك والخسران في الآية يمكن أن يكون دنيويا ، ويمكن أن يكون معنويا أخرويا ، أو كليهما.

وهنا يثار تساؤل بشأن سبب ذم هذا الشخص باسمه ـ وهو خلاف نهج القرآن ـ وبهذه الشدّة.

يتّضح ذلك لو عرفنا مواقف أبي لهب من الدعوة.

اسمه «عبد العزى» وكنيته «أبو لهب» وقيل إنّه كني بذلك لحمرة كانت في وجهه.

وامرأته «أم جميل» أخت أبي سفيان ، وكانت من أشدّ النّاس عداوة وأقذعهم لسانا تجاه النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعوته.

وفي الرّواية عن «طارق المحاربي» قال : بينا أنا بسوق ذي المجاز إذا أنا بشاب يقول : «يا أيّها النّاس قولوا لا إله إلّا الله تفلحوا». وإذا برجل خلفه يرميه قد أرمى ساقيه وعرقوبيه ويقول : يا أيّها النّاس إنّه كذاب فلا تصدقوه. فقلت : من هذا؟ فقالوا هو محمّد يزعم أنّه نبيّ. وهذا عمّه أبو لهب يزعم أنّه كذاب(١) .

وفي رواية عن «ربيعة بن عباد» قال : كنت مع أبي أنظر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتبع القبائل ، ووراءه رجل أحول ووضيء الوجه. يقف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على القبيلة فيقول : «يا بني فلان. إنّي رسول الله إليكم. آمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وأن تصدقوني وتمنعوني حتى أنفذ عن الله ما بعثني به». وإذا فرغ من مقالته قال : الآخر من خلفه : يا بني فلان. هذا يريد منكم أن تسلخوا اللات والعزى وحلفاءكم من الجن ، إلى ما جاء به من البدعة والضلالة ، فلا تسمعوا له ، ولا تتبعوه. فقلت لأبي : من هذا؟ قال : عمّه أبو لهب(٢) .

وفي رواية أخرى : وكان من عظيم خطر أبي لهب ضد الدعوة الإسلامية أنّه

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٥٥٩.

(٢) في ظلال القرآن ، ج ٨ ، ص ٦٩٧.

٥٣٤

كلما جاء وفد إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسألون عنه عمّه أبا لهب ـ اعتبارا بكبره وقرابته وأهميته ـ كان يقول لهم : إنّه ساحر ، فيرجعون ولا يلقونه ، فأتاه وفد فقالوا : لا ننصرف حتى نراه ، فقال : إنا لم نزل نعالجه من الجنون فتبا له وتعسا(١) .

من هذه الرّوايات نفهم بوضوح أن أبا لهب كان يتتبع النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غالبا كالظلّ.

وما كان يرى سبيلا لإيذائه إلّا سلكه. وكان يقذعه بأفظع الألفاظ. ومن هنا كان أشدّ أعداء الرسول والرسالة. ولذلك جاءت هذه السّورة لتردّ على أبي لهب وامرأته بصراحة وقوّة(٢) . إنّه الوحيد الذي لم يوقع على ميثاق حماية بني هاشم للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ووقف في صف الأعداء ، واشترك في عهودهم. من كلّ ما سبق نفهم الوضع لاستثنائي لهذه السّورة.

( ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ ) ، فليس با مكان أمواله أن تدرأ عنه العذاب الالهي( سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ ) .

من الآية الأولى نفهم أنّه كان ثريا ينفق أمواله في محاربة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأبو لهب ناره ذات لهب يصلاها يوم القيامة. وقيل : يصلاها في الدنيا قبل الآخرة. و «لهب» جاءت بصيغة النكرة لتدل على عظمة لهب تلك النّار.

لا أبا لهب ولا أي واحد من الكافرين والمنحرفين تغنيه أمواله ومكانته الاجتماعية من عذاب الله ، كما يقول سبحانه :( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) .(٣)

بل لم تغنه في الدنيا من سوء المصير. حيث جاء في الرّواية ، أنّ أبا لهب لم يشترك في بدر ، بل أرسل من ينوب عنه. وبعد اندحار المشركين وعودتهم إلى مكّة ، هرع أبو لهب ليسأل أبا سفيان عن الخبر. فأخبره أبو سفيان بالهزيمة وقال :

__________________

(١) تفسير الفرقان ، ج ٣٠ ، ص ٥٠٣.

(٢) المصدر السابق.

(٣) الشعراء ، الآيتان ٨٨ ـ ٨٩.

٥٣٥

«وايم الله ما لمت النّاس. لقينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض ...» قال أبو رافع (مولى العباس) وقد كان جالسا : تلك الملائكة. فرفع أبو لهب يده فضرب وجهه ضربة شديدة ، ثمّ حمله وضرب به الأرض ، ثمّ برك عليه يضربه وكان رجلا ضعيفا.

وما أن شهدت أم الفضل (زوجة العباس) ، وكانت جالسة أيضا ، ذلك حتى أخذت عمودا وضربت أبا لهب على رأسه وقالت : تستضعفه إن غاب عنه سيّده؟! فقام موليا ذليلا.

قال أبو رافع : فو الله ما عاش إلّا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة (مرض يشبه الطاعون) فمات. وقد تركه أبناه ليلتين أو ثلاثة ما يدفنانه حتى أنتن في بيته.

فلما عيّرهما النّاس بذلك أخذ وغسل بالماء قذفا عليه من بعيد ، ثمّ أخذوه فدفنوه بأعلى مكّة وقذفوا عليه الحجارة حتى واروه(١) .

( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ) (٢) ( ، فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) .

الآيتان تتحدثان عن «أم جميل» امرأة أبي لهب ، وأخت أبي سفيان ، وعمّة معاوية. وتصفانها بأنّها تحمل الحطب كثيرا ، وفي رقبتها حبل من ليف النخيل.

ولماذا وصفها القرآن بأنّها حمالة الحطب؟

قيل : لأنّها كانت تأخذ الحطب المملوء بالشوك وتضعه على طريق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتدمي قدماه.

وقيل : إنّه كناية عن النميمة.

وقيل : إنّه كناية عن شدّة البخل ، فهي مع كثرة ثروتها أبت أن تساعد الفقراء وكانت شبيهة بحمال الحطب الفقير.

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ١٩ ، ص ٢٢٧.

(٢) «امرأته» معطوف على ضمير مستتر في «سيصلى» و «حمالة» حال منصوب. وقيل إنّها منصوبة بالشتم ، كما ذهب إلى ذلك الزمخشري في الكشاف ، والتقدير : أذّم حمالة الحطب. والمعنى الأوّل أفضل.

٥٣٦

وقيل : إنّها في الآخرة تحمل أوزارا ثقيلة على ظهرها.

وبين هذه المعاني ، المعنى الأوّل أنسب ، وإن كان الجمع بينها غير مستبعد أيضا.

«الجيد» هو الرقبة ، وجمعه أجياد. وقال بعض اللغويين : الجيد والعنق والرقبة لها معنى واحد ، مع تفاوت هو إن الجيد أعلى الصدر ، والعنق القسم الخلفي من الرقبة ، والرقبة لجميعها ، وقد يسمّى الإنسان بها كقوله سبحانه :( فَكُّ رَقَبَةٍ ) أي فك الإنسان وإطلاق سراحه(١) .

«مسد» هو الحبل المفتول من الألياف. وقيل : حبل يوضع على رقبتها في جهنّم ، له خشونة الألياف وحرارة النّار وثقل الحديد.

وقيل : إنّ نساء الأشراف كن يرين شخصيتهنّ في وسائل الزينة وخاصّة القلادة الثمينة. والله سبحانه يلقي في عنقها يوم القيامة حبل من ليف للإهانة. أو إن التعبير أساسا للتحقير والإهانة.

وقيل : إنّ هذه العبارة تشير إلى أنّ أم جميل أقسمت أن تنفق ثمن قلادتها الثمينة على طريق معاداة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ولذلك تقرر لها هذا العذاب.

* * *

ملاحظات

١ ـ إعجاز آخر

علمنا أن هذه الآيات نزلت في مكّة والقرآن أخبر بتأكيد كامل أن أبا لهب وامرأته من أهل النّار ، أي سوف لا يؤمنان أبدا. وهكذا كان كثير من مشركي مكّة آمنوا عن إيمان أو عن استسلام. لكن هذين الزوجين لم يؤمنا لا حقيقة

__________________

(١) التحقيق في كلمات القرآن الكريم ، ج ٢ ، ص ١٥٨.

٥٣٧

ولا ظاهرا. وهذا من أنباء الغيب في القرآن. وفي القرآن الكريم مثل هذه الأخبار في آيات أخرى.

وتشكل بمجموعها فصلا من فصول إعجاز القرآن تحت عنوان «الأخبار الغيبية». وكان لنا بحوث عندها.

٢ ـ جواب عن سؤال

القرآن أخبر عن أبي لهب بأنّه سيصلى النّار ، أي أنّه سيموت كافرا ولن يؤمن أبدا. وبهذا لا يمكن لأبي لهب أن يؤمن لأن نبوءة القرآن ستكون عندئذ كاذبة.

وإلّا سيكون أبو لهب مجبرا على الكفر. وليس له اختيار؟!

مثل هذا السؤال يطرح عن علم الله سبحانه في مبحث الجبر والتفويض. وهو إنّ الله سبحانه يعلم من الأزل بكل شيء. بطاعة المطيعين ومعصية المذنبين أيضا.

ألا يكون العصاة بذلك مجبرين على الذنب؟ وإن لم يكونوا كذلك ألا يتبدل علم الله إلى جهل؟!

الفلاسفة الإسلاميون أجابوا عن هذا السؤال منذ القديم وقالوا إنّ الله سبحانه يعلم ما يفعله كل شخص بالاستفادة من حريته واختياره. ففي هذه الآيات مثلا يعلم الله منذ البداية أنّ أبا لهب وزوجته سيختاران بإرادتهما وعن رغبتهما طريق الكفر ، لا بالإجبار.

بعبارة أخرى ، عنصر الحرية والإختيار أيضا جزء ممّا هو معلوم عند الله تعالى. إنّه على علم بما يعمله العباد وهم مختارون متمتعون بالإرادة والحرية.

ومن المؤكّد أنّ مثل هذا العلم والإخبار عن المستقبل ، تأكيد على الإختيار ، لا على الإجبار. (تأمل بدقّة).

٥٣٨

٣ ـ ليس من أهلك

هذه السّورة المباركة تؤكّد مرّة أخرى أنّ القرابة لا قيمة لها إن لم تكن مقرونة برباط رسالي. وحملة الرسالة الإلهية كانوا لا يلينون أمام المنحرفين والجبابرة والطغاة مهما كانت درجة قربهم منهم.

مع أنّ أبا لهب كان من أقرب أقرباء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد عامله الإسلام مثل سائر المنحرفين والضالين حين فصل مسيرة العقائدي والعملي عن خط التوحيد ، ووجّه إليه أشدّ الردّ وأحدّ التوبيخ. وعلى العكس ثمّة أفراد بعيدون عن الرسول نسبا وقومية ولغة ، كانوا بسبب ارتباطهم الرسالي من القرب من الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى قال في أحدهم : «سلمان منّا أهل البيت»(١) .

صحيح أن آيات هذه السّورة توجّه التقريع لأبي لهب وزوجه ، ولكن كان ذلك لما اتصفا به من صفات. من هنا فإن كل فرد أو جماعة على هذه الصفات سيواجهون مصيرا مشابها أيضا.

اللهم! طهر قلوبنا من كل لجاج وعناد!

ربّنا! كلنا من مصيرنا وجلون ، فبفضلك ومنّك اجعل عواقب أمورنا خيرا.

إلهنا! نحن نعلم أنّ الأموال والقرابة لا تغني عنّا شيئا يوم الفزع الأكبر.

فاشملنا برحمتك ولطفك.

آمين يا ربّ العالمين

نهاية سورة تبّت

* * *

__________________

(١) أوضحنا هذه المسألة أكثر في تفسير الآية (٤٦) من سورة هود بمناسبة الحديث عن ابن نوحعليه‌السلام .

٥٣٩
٥٤٠