تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب12%

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 493

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 493 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187946 / تحميل: 5872
الحجم الحجم الحجم
تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

٢١ - باب استحباب معاودة الدعاء وكثرة تكراره عند تأخّر الإِجابة، بل معها أيضا ً

[ ٨٧٢٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد ابن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّ أبا جعفر( عليه‌السلام ) كان يقول: إنّ المؤمن ليسأل الله عزّ وجلّ حاجة فيؤخّر عنه تعجيل إجابته حبّاً لصوته واستماع نحيبه، ثمّ قال: والله ما أخر الله عزّ وجلّ عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا خير لهم عمّا عجّل لهم منها، وأيّ شيء الدنيا، إن أبا جعفر( عليه‌السلام ) كان يقول: ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحواً من دعائه في الشدّة، ليس إذا أُعطي فتر، فلا تمل الدعاء فإنّه من الله عزّ وجلّ بمكان.

ورواه الحميري في( قربّ الإِسناد) عن أحمد بن محمّد بن عيسى، مثله (١) .

[ ٨٧٢٧ ] ٢ - وعنه، عن أحمد، عن علي بن الحكم، عن منصور الصيقل قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : ربّمّا دعا الرجل بالدعاء فاستجيب له ثمّ أُخّر ذلك إلى حين؟ قال: فقال: نعم، قلت: ولم ذاك، ليزداد من الدعاء؟ قال: نعم.

[ ٨٧٢٨ ] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبن عمير، عن إسحاق بن أبي هلال المدائني، عن حديد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام )

____________

الباب ٢١

وفيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٥٤ / ١، أورد صدره وذيله في الحديث ١ من الباب ١٩، وأورد قطعة من صدره في الحديث ١ من الباب ٣٢ من هذه الابواب.

(١) قربّ الإِسناد: ١٧١ وليس فيه( أحمد بن محمّد بن عيسى ).

٢ - الكافي ٢: ٣٥٥ / ٢.

٣ - الكافي ٢: ٣٥٥ / ٣.

٦١

قال: إنّ العبد ليدعو فيقول الله عزّ وجلّ للملكين: قد استجبت له ولكن احبسوه بحاجته فإنّي أُحبّ أن أسمع صوته، وإنّ العبد ليدعو، فيقول الله تبارك وتعالى: عجلوا له حاجته فاني أبغض صوته.

[ ٨٧٢٩ ] ٤ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير(١) ، عن عبدالله بن المغيرة عن غير واحد من أصحابنا قال: قال أبوعبدالله( عليه‌السلام ) : إن العبد الولي لله يدعو الله عزّ وجلّ في الأمر ينوبه فيقال للملك الموكّل به: اقض لعبدي حاجته ولا تعجلها فاني أشتهي أن أسمع صوته ونداءه وصوته، وإنّ العبد العدوّ لله عزّ وجلّ ليدعو الله عزّ وجلّ في الأمر ينوبه فيقال للملك الموكل به: اقض حاجته وعجّلها فإنّي أكره أن أسمع صوته ونداءه وصوته، قال: فيقول الناس: ما أُعطي هذا إلّا لكرامته، ولا منع هذا إلّا لهوانه.

[ ٨٧٣٠ ] ٥ - وعن الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إن المؤمن ليدعو الله عزّ وجلّ في حاجته فيقول الله عزّ وجلّ: أخّروا إجابته شوقاً إلى صوته ودعائه، فاذا كان يوم القيامة قال الله عزّ وجلّ: عبدي، دعوتني فأخّرت إجابتك وثوابك كذا وكذا، ودعوتني في كذا وكذا فأخرت إجابتك وثوابك كذا وكذا، قال: فيتمنى المؤمن أنه لم يستجيب له دعوة في الدنيا ممّا يرى من حسن الثواب.

[ ٨٧٣١ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين في( المجالس ): عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عمران، عن أبيه عمران بن إسماعيل، عن أبي علي الأنصاري، عن محمّد بن

____________________

٤ - الكافي ٢: ٣٥٥ / ٧.

(١) كذا في المصدر، وقد كتب المصنف في هامش الاصل( ابن ابي عمير) عن نسخة بدل( عبدالله بن المغيرة ).

٥ - الكافي ٢: ٣٥٦ / ٩.

٦ - أمالي الصدوق: ٢٤٥ / ١١.

٦٢

جعفر التميمي عن الصادق( عليه‌السلام ) - في حديث - أن رجلاً قال لابراهيم الخليل( عليه‌السلام ) إنّ لي دعوة منذ( ثلاث سنين) (١) ما أُجبت فيها بشيء، فقال له إبراهيم: إنّ الله إذا أحب عبداً احتبس دعوته ليناجيه ويسأله ويطلب إليه، وإذا أبغض عبداً عجّل دعوته( وألقى) (٢) في قلبه اليأس منها.

[ ٨٧٣٢ ] ٧ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي) عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إن العبد ليدعو الله وهو يحبه فيقول لجبرئيل: اقض لعبدي هذا حاجته وأخّرها، فإنّي أحبّ أن لا أزال أسمع صوته.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) .

٢٢ - باب استحباب الدعاء سرا وخفية، واختياره على الدعاء علانية

[ ٨٧٣٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي همام إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) قال: دعوة العبد سرّاً دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية.

ورواه الصدوق في( ثواب الأعمال ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن محمّد، مثله(٤) .

____________________

(١) في المصدر: ثلاثين سنة.

(٢) وفيه: أو القى.

٧ - عدّة الداعي: ٢٥.

(٣) تقدّم في الباب ٢ والحديث ٧ من الباب ٨ والباب ٢٠ من هذه الابواب، ويأتي ما يدلّ عليه في الباب ٤٤ من أبواب الجمعة.

الباب ٢٢

وفيه حديثان

١ - الكافي ٢: ٣٤٥ / ١.

(٤) ثواب الأعمال: ١٩٣.

٦٣

[ ٨٧٣٤ ] ٢ - قال الكليني: وفي رواية اخرى: دعوة تخفيها أفضل عند الله من سبعين دعوة تظهرها.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في مقدمة العبادات(١) .

٢٣ - باب استحباب الدعاء عند هبوب الرياح، وزوال الشمس، ونزول المطر، وقتل الشهيد، وقراءة القرآن، والاذان، وظهور الآيات، وعقيب الصلوات

[ ٨٧٣٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن زيد الشحّام قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : اطلبوا الدعاء في أربّع ساعات: عند هبوب الرياح، وزوال الافياء، ونزول القطر، وأول قطرة من دم القتيل المؤمن، فان أبواب السماء تفتح عند هذه الأشياء.

[ ٨٧٣٦ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) : اغتنموا الدعاء عند أربّع: عند قراءة القرآن، وعند الأذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفّين للشهادة.

[ ٨٧٣٧ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن عبدالله بن عطاء، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: كان أبي إذا كانت له

____________________

٢ - الكافي ٢: ٣٤٥ / ١.

(١) تقدّم في الباب ١٧ من أبواب مقدّمة العبادات.

الباب ٢٣

وفيه ١٠ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٤٦ / ١.

٢ - الكافي ٢: ٣٤٦ / ٣.

٣ - الكافي ٢: ٣٤٦ / ٤.

٦٤

إلى الله حاجة طلبها في هذه الساعة، يعني زوال الشمس.

[ ٨٧٣٨ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين في( ثواب الأعمال ): عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن علي بن أسباط، يرفعه إلى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: من قرأ مائة آية من القرآن، من أيّ القرآن شاء، ثمّ قال: يا الله، سبع مرّات، فلو دعا على الصخرة لقلعها، إن شاء الله.

[ ٨٧٣٩ ] ٥ - وفي( المجالس ): عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن الصادق عن آبائه، عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: اغتنموا الدعاء عند خمسة مواطن: عند قراءة القرآن، وعند الأذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفين للشهادة، وعند دعوة المظلوم، فانها ليس لها حجاب دون العرش.

وعن أبيه، عن سعد، عن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه عن ابن المغيرة، عن السكوني، مثله(١) .

[ ٨٧٤٠ ] ٦ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله، عن آبائه، عن علي( عليهم‌السلام ) ، فيما علّم أصحابه: تفتح أبواب السماء في خمسة مواقيت: عند نزول الغيث وعند الزحف، وعند الأذان، وعند قراءة القرآن، ومع زوال الشمس، وعند طلوع الفجر.

____________________

٤ - ثواب الأعمال: ١٣٠.

٥ - أمالي الصدوق: ٩٧ / ٧.

(١) أمالي الصدوق: ٢١٨ / ٣.

٦ - الخصال: ٣٠٢ / ٧٩.

٦٥

[ ٨٧٤١ ] ٧ - وعن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة، وساعات النهار اثنتا عشرة ساعة، وأفضل ساعات الليل والنهار أوقات الصلاة، ثمّ قال( عليه‌السلام ) : إنّه إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء، وهبّت الرياح، ونظر الله عزّ وجلّ إلى خلقه، وإنّي لأحبّ أن يصعد لي عند ذلك إلى السماء عمل صالح.

ثمّ قال: عليكم بالدعاء في أدبار الصلوات فإنّه مستجاب.

[ ٨٧٤٢ ] ٨ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي) عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء وأبواب الجنان، وقضيت الحوائج العظام، فقلت: من أي وقت؟ قال: مقدار ما يصلّي الرجل أربّع ركعات مترسّلاً.

[ ٨٧٤٣ ] ٩ - الحسن بن محمّد الطوسي في( المجالس) عن أبيه، عن أبي محمّد الفحّام، عن المنصوري، عن عمّ أبيه، عن علي بن محمّد الهادي، عن آبائه، عن الصادق( عليه‌السلام ) قال: ثلاثة أوقات لا يحجب فيها الدعاء عن الله تعالى: في أثر المكتوبة، وعند نزول القطر، وظهور آية معجزة لله في أرضه.

[ ٨٧٤٤ ] ١٠ - وبهذا الإِسناد قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من أدّى لله مكتوبة فله أثرها دعوة مستجابة.

____________________

٧ - الخصال: ٤٤٨ / ٦٥.

٨ - عدّة الداعي: ٤٦.

٩ - أمالي الطوسي ١: ٢٨٧.

١٠ - أمالي الطوسي ١: ٢٩٥، وأورده في الحديثين ٩ و ١٠ من الباب ١ من أبواب التعقيب.

٦٦

أقول وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود في التعقيب(١) ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٢٤ - باب استحباب الدعاء بعد تقديم الصدقة، وشم ّ الطيب، والرواح إلى المسجد

[ ٨٧٤٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان [ أبي ](٣) إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس، فاذا أراد ذلك قدم شيئاً فتصدّق به وشمّ شيئاً من طيب وراح إلى المسجد ودعا في حاجته بما شاء الله.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) .

٢٥ - باب استحباب الدعاء في السحر، وفي الوتر، وما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس

[ ٨٧٤٦ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( الخصال) بإسناده (٥) ، عن علي

____________________

(١) تقدّم في الباب ١ من أبواب التعقيب.

(٢) يأتي في الباب ٢٥ من هذه الابواب، وفي الحديثين ١٣ و ١٩ من الباب ٨، وفي الباب ٣٠ من أبواب صلاة الجمعة.

الباب ٢٤

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٢: ٣٤٧ / ٧.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) تقدّم في باب ٢٣ من أبواب المساجد.

الباب ٢٥

وفيه ٤ أحاديث

١ - الخصال: ٦١٥.

(٥) يأتي في الفائدة الاولى من الخاتمة برمز( ر ).

٦٧

( عليه‌السلام ) - في حديث الأربّعمائة - قال: من كان له إلى ربّه حاجة فليطلبها في ثلاث ساعات: ساعة في يوم الجمعة، وساعة تزول الشمس، وحين تهبّ الرياح، وتفتح أبواب السماء، وتنزل الرحمة، ويصوت الطير، وساعة في آخر الليل عند طلوع الفجر، فإنّ ملكين يناديان: هل من تائب يتاب عليه؟ هل من سائل يعطى؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ هل من طالب حاجة فتقضى له؟ فأجيبوا داعي الله واطلبوا الرزق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإنّه أسرع في طلب الرزق من الضربّ في الأرض، وهي الساعة التي يقسّم الله فيها الرزق بين عباده.

توكّلوا على الله عند ركعتي الفجر إذا صلّيتموها، ففيها تعطوا الرغائب.

[ ٨٧٤٧ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرّة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : خير وقت دعوتم الله فيه الأسحار، وتلا هذه الآية في قول يعقوب( عليه‌السلام ) :( سَوفَ أَستَغفِرُ لَكُم ربّي ) (١) قال: أخّرهم إلى السحر.

[ ٨٧٤٨ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد، عن الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن صندل(٢) ، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إن الله عزّ وجلّ يحبّ من عباده المؤمنين كلّ دعّاء، فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس، فإنّها ساعة يفتح فيها أبواب السماء، وتقسم فيها الأرزاق، وتقضى فيها الحوائج العظام.

____________________

٢ - الكافي ٢: ٣٤٦ / ٦.

(١) يوسف ١٢: ٩٨.

٣ - الكافي ٢: ٣٤٧ / ٩.

(٢) كذا في المصدر، لكن في ( ثواب الاعمال ) للصدوق ( مندل بن علي ) وقد كتبها المصنف ( مندل ) ثمّ صوبها على ما في المصدر.

٦٨

ورواه الصدوق في( العلل ): عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبي عبدالله الجاموراني، مثله(١) .

[ ٢٧٤٩ ] ٤ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي) عن النبي ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: إذا كان آخر الليل يقول الله سبحانه: هل من داع فأُجيبه؟ هل من سائل فأُعطيه سؤله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في التعقيب وفي القنوت(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٢٦ - باب استحباب الدعاء في السدس الأوّل من نصف الليل الثاني

[ ٨٧٥٠ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إنّ في الليل لساعة ما يوافقها عبد مسلم يصلّي ويدعو الله عزّ وجلّ فيها إلّا استجاب له في كلّ ليلة، قلت: أصلحك الله، وأيّ ساعة هي من الليل؟ قال: إذا مضى نصف الليل إلى الثلث الباقي.

____________________

(١) لم نعثر على هذا الحديث في( علل الشرائع) لكن الصدوق رواه في ثواب الاعمال: ١٩٣ ٤ - عدّة الداعي: ٤٠، أورده في الحديث ٥ من الباب ٣٠ من هذه الابواب.

(٢) تقدم في الباب ١٠ من أبواب القنوت وفي الحديث ٣ و ٤ من الباب ١، وفي الحديث ٣ من الباب ١٨ من أبواب التعقيب وعلى بعض المقصود في الحديث ٦ من الباب ٢٣ من هذه الابواب.

(٣) يأتي ما يدلّ على بعض المقصود في الباب ٢٦ و ٢٧ من هذه الابواب.

الباب ٢٦

وفيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٢: ١١٧ / ٤٤١.

٦٩

[ ٨٧٥١ ] ٢ - وفي رواية أُخرى: وهي السدس الأول من أول النصف الباقي.

ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، نحوه، وترك ذكر عمر بن يزيد، وذكر الحديث كالرواية الثانية(١) .

[ ٨٧٥٢ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن صفوان، عن أبي أيوب، عن عبده النيسابوري(٢) قال: قلت لإبي عبداللهى (عليه‌السلام ) : إنّ الناس يروون عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أنّه قال: إنّ في الليل لساعة لا يدعو فيها عبد مؤمن بدعوة إلّا استجيب له قال: نعم، قلت: متى هي؟ قال: ما بين نصف الليل إلى الثلث الباقي، قلت: ليلة من الليالي أو كل ليلة؟ فقال: كل ليلة.

ورواه الحسن بن محمّد الطوسي في( الأمالي) عن أبيه، عن المفيد، عن محمّد بن عمر الجعابي، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن يوسف بن إبراهيم، عن محمّد بن زياد، عن أبي أيّوب [ عن ] (٣) محمّد بن عبده، نحوه(٤) .

٢٧ - باب استحباب الدعاء والذكر والاستعاذة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها

[ ٨٧٥٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن غالب بن عبدالله، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في

____________________

٢ - لم نعثر على هذه الرواية في( التهذيب) لكن رواها في( الكافي) ذيل الحديث السابق، وفي( ٣: ٤٤٧ / ١٩ ).

(١) الكافي ٢: ٣٤٧ / ١٠.

٣ - التهذيب ٢: ١١٨ / ٤٤٤.

(٢) في المصدر: السابوري.

(٣) سقطت كلمة( عن) من خط المصنف، وفي المصدر: ابي ايوب الخزاز عن محمّد بن عبده.

(٤) أمالي الطوسي ١: ١٤٨، تقدم ما يدلّ على استحباب الدعاء في السحر في الباب ٢٥ من هذه الابواب، ويأتي ما يدلّ عليه في الباب ٣٠ من هذه الابواب.

الباب ٢٧

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٧٩ / ١.

٧٠

قول الله عزّ وجلّ:( وَظِلَالُهُم بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ ) (١) قال: هو الدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، وهي ساعة إجابة.

[ ٨٧٥٤ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عبدالله بن بكير، عن شهاب بن عبد ربّه قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إذا تغيّرت الشمس فاذكر الله عزّ وجلّ، وإن كنت مع قوم يشغلونك فقم وادع.

[ ٨٧٥٥ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إنّ إبليس - عليه لعائن الله - يبث جنود الليل من حين تغيب الشمس وتطلع، فأكثروا ذكر الله عزّ وجلّ في هاتين الساعتين، وتعوذّوا بالله من شرّ إبليس وجنوده، وعوّذوا صغاركم في تلك الساعتين فانّهما ساعتا غفلة.

ورواه الصدوق باسناده عن جابر، مثله(٢) .

[ ٨٧٥٦ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد، عن محمّد بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إن الدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها سنّة واجبة مع طلوع الشمس(٣) والمغربّ، الحديث.

[ ٨٧٥٧ ] ٥ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الإشعري،

____________________

(١) الرعد ١٣: ١٥.

٢ - الكافي ٢: ٣٨٠ / ٩.

٣ - الكافي ٢: ٣٧٩ / ٢، وتقدّم نحوه في الحديث ٥ من الباب ٣٦ من أبواب التعقيب.

(٢) الفقيه ١: ٣١٨ / ١٤٤٤.

٤ - الكافي ٢: ٣٨٧ / ٣١، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ٤٧ من هذه الابواب.

(٣) في المصدر: الفجر.

٥ - الكافي ٢: ٣٨٠ / ٨.

٧١

عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ما من يوم يأتي على ابن آدم إلّا قال له ذلك اليوم: يابن آدم، أنا يوم جديد، وأنا عليك شهيد، فقل فيّ خيراً واعمل فيّ خيراً أشهد لك يوم القيامة، فإنّك لن تراني بعدها أبداً، قال: وكان علي( عليه‌السلام ) إذا أمسى يقول: مرحباً بالليل الجديد، والكاتب الشهيد، اكتبا على اسم الله، ثمّ يذكر الله عزّ وجلّ.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٢٨ - باب استحباب الدعاء عند رقّة القلب وحصول الاخلاص والخوف من الله

[ ٨٧٥٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا رقّ أحدكم فليدع فإنّ القلب لا يرقّ حتى يخلص.

[ ٨٧٥٩ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عمرّة، عمّن ذكره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ الله عزّ وجلّ لا يستجيب دعاء بظهر قلب قاس.

[ ٨٧٦٠ ] ٣ - وعنهم، عن ابن خالد، عن علي بن حديد، رفعه إلى أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا اقشعرّ جلدك ودمعت عيناك فدونك دونك،

____________________

(١) تقدّم في الباب ٣٦ من أبواب التعقيب وفي الحديث ٣ من الباب ٥، وفي الحديث ٦ من الباب ٢٣، وفي الباب ٢٥ من هذه الابواب.

(٢) يأتي في الباب ٤٧ من هذه الابواب، وفي الباب ٤٩ من أبواب الذكر.

الباب ٢٨

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٤٦ / ٥.

٢ - الكافي ٢: ٣٤٤ / ٤، وأورده في الحديث ٤ من الباب ١٦ من هذه الابواب.

٣ - الكافي ٢: ٣٤٧ / ٨.

٧٢

فقد قصد قصدك.

وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرّاج، عن محمّد بن أبي حمزة، عن سعيد، مثله(١) .

[ ٨٧٦١ ] ٤ - وقد سبق حديث السكوني عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، أنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: وبالإِخلاص يكون الخلاص، فإذا اشتدّ الفزع فإلى الله المفزع.

[ ٨٧٦٢ ] ٥ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، في وصيّته لمحمّد بن الحنفية قال: وأخلص المسألة لربّك فإنّ بيده الخير والشر، والإِعطاء والمنع، والصلة والحرمان.

[ ٨٧٦٣ ] ٦ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن الحسين بن اسحاق، عن علي بن مهزيار، عن علي بن حديد رفعه إلى أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا اقشعرّ جلدك ودمعت عيناك ووجل قلبك فدونك دونك، فقد قصد قصدك.

ورواه الكليني كما مرّ(٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

____________________

(١) الكافي ٢: ٣٤٧ / ذيل الحديث ٨.

٤ - تقدم في الحديث ٤ من الباب ٨ من هذه الابواب.

٥ - الفقيه ٤: ٢٧٦ / ٨٣٠.

٦ - الخصال: ٨١ / ٦.

(٢) مرّ في الحديث ٣ من هذا الباب.

(٣) تقدّم في الحديث ٨ من الباب ١، وفي الحديث ٥ من الباب ٣ وفي الباب ١٦ من هذه الابواب.

(٤) يأتي في الباب ٢٩ والحديث ٢ من الباب ٣٠ من هذه الابواب.

٧٣

٢٩ - باب استحباب الدعاء مع حصول البكاء واستحباب البكاء أو التباكي عنده مع تعذّره، ولو بتذكّر من مات من الاقربّاء

[ ٨٧٦٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبدالله (عليه‌السلام ) : أكون أدعو فأشتهي البكاء ولا يجيئني، وربّما ذكرت بعض من مات من أهلي فأرق وأبكي، فهل يجوز ذلك؟ فقال: نعم، فتذكرهم فاذا رققت فابك وادع ربّك تبارك وتعالى.

[ ٨٧٦٥ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عنبسة العابد قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : إن لم( يكن بك بكاء) (١) فتباك.

[ ٨٧٦٦ ] ٣ - وعنه، عن أحمد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن سعد بن يسار قال: قلت لأبي عبدالله (عليه‌السلام ) : إني أتباكى في الدعاء وليس لي بكاء؟ قال: نعم، ولو مثل رأس الذباب.

[ ٨٧٦٧ ] ٤ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) لأبي بصير: إن خفت أمرا يكون أو حاجة تريدها فابدأ بالله فمجّده وأثن عليه كما هو أهله، وصل على النبى (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، وسل حاجتك، وتباكَ ولو مثل رأس الذباب،

____________________

الباب ٢٩

وفيه ١٣ حديثاً

١ - الكافي ٢: ٣٥٠ / ٧.

٢ - الكافي ٢: ٣٥٠ / ٨.

(١) في نسخة: تَكُ بَكّاءً( هامش المخطوط ).

٣ - الكافي ٢: ٣٥٠ / ٩.

٤ - الكافي ٢: ٣٥٠ / ١٠.

٧٤

إن أبي كان يقول: إنّ أقربّ ما يكون العبد من الربّ عزّ وجلّ وهو ساجد باكٍ.

[ ٨٧٦٨ ] ٥ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل البجلي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إن لم يجئك البكاء فتباك، وإن خرج منك مثل رأس الذباب فبخ(١) .

[ ٨٧٦٩ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين في( الخصال) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن منصور ابن يونس، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) قال: ما من خطوة أحب إلى الله من خطوتين: خطوة يسد بها المؤمن صفّاً في سبيل الله، وخطوة إلى ذي رحم قاطع، وما من جرعة أحب إلى الله من جرعتين: جرعة غيظ ردها مؤمن بحلم، وجرعة مصيبة ردها مؤمن بصبر، وما من قطرة أحبّ إلى الله من قطرتين: قطرة دم في سبيل الله، وقطرة دمعة في سواد الليل لا يريد بها عبد إلّا الله عزّ وجلّ.

ورواه الحسين بن سعيد في كتاب( الزهد ): عن فضّالة، عن الحسين بن عثمان، عن رجل، عن أبي حمزة، نحوه(٢) .

[ ٨٧٧٠ ] ٧ - وعن جعفر بن علي، عن جده الحسن بن علي، عن جدّه عبدالله بن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: كل عين باكية يوم القيامة إلّا ثلاث أعين: عين

____________________

٥ - الكافى ٢: ٣٥١ / ١١.

(١) بخ بخ: كلمة تقال عند الرضا والمدح مبنية على السكون.( مجمع البحرين - بخ - ٢: ٤٢٩ ).

٦ - الخصال: ٥٠ / ٦٠.

(٢) كتاب الزهد: ٧٦ / ٢٠٤.

٧ - الخصال: ٩٨ / ٤٦، اورده عن ثواب الاعمال في الحديث ٨ من الباب ١٥ من ابواب جهاد النفس، وعن الفقيه مرسلاً في الحديث ٣ من الباب ٥ من ابواب القواطع.

٧٥

بكت من خشية الله، وعين غضت عن محارم الله، وعين باتت ساهرة في سبيل الله.

[ ٨٧٧١ ] ٨ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي) قال: قال رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إذا أحبّ الله عبداً نصب في قلبه نائحة من الحزن، فإنّ الله يحب كل قلب حزين، وأنه لا يدخل النار من بكى من خشية الله حتى يعود اللبن إلى الضرع، واذا أبغض الله عبدا جعل في قلبه مزماراً من الضحك، وإنّ الضحك يميت القلب، والله لا يحبّ الفرحين.

[ ٨٧٧٢ ] ٩ - قال: وقال الله عزّ وجلّ لعيسى (عليه‌السلام ) : يا عيسى، هب لي من عينيك الدموع ومن قلبك الخشية، وقم على قبور الأموات فنادهم بالصوت الرفيع فلعلّك تأخذ موعظتك منهم، وقل: إنّي لاحق في اللاحقين.

يا عيسى: صبّ لي من عينيك الدموع، واخشع لي بقلبك.

[ ٨٧٧٣ ] ١٠ - قال: وقد روي أنّ بين الجنّة والنار عقبة لا يجوزها إلّا البكّاؤون من خشية الله.

[ ٨٧٧٤ ] ١١ - وعن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : قال الله عزّ وجلّ:(١) ما أدرك العابدون(٢) درك البكاء عندي شيئاً، وإنّي لأبني لهم في الرفيع الأعلى قصراً لا يشاركهم فيه غيرهم.

[ ٨٧٧٥ ] ١٢ - قال: وفيما أوحى الله إلى موسى( عليه‌السلام ) : وابك على

____________________

٨ - عدّة الداعى: ١٥٥، ورد الحديث هكذا: الى الضرع وإنه لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري المؤمن أبداً.

٩ - عدّة الداعي: ١٥٥.

١٠ - عدّة الداعي: ١٥٦.

١١ - عدّة الداعي: ١٥٦.

(١) في المصدر زيادة: وعزّتي وجلالي.

(٢) في المصدر زيادة: مما أدرك البكاؤون.

١٢ - عدّة الداعي: ١٥٦.

٧٦

نفسك ما دمت في الدنيا.

[ ٨٧٧٦ ] ١٣ - وفيما أوحى الله إلى عيسى( عليه‌السلام ) : ابك على نفسك بكاء من قد ودّع الأهل، وقلى الدنيا، وتركها لأهلها.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه هنا(٢) وفي جهاد النفس(٣) .

٣٠ - باب استحباب الدعاء في الليل خصوصاً ليلة الجمعة، وفي يوم الجمعة

[ ٨٧٧٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن كردوس، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: من قام من آخر الليل فذكر الله تناثرت عنه خطاياه، فإن قام من آخر الليل فتطهّر وصلّى ركعتين وحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لم يسأل الله شيئاً إلّا أعطاه، إمّا أن يعطيه الذي يسأله بعينه، وإمّا إن يدخر له ما هو خير له منه.

[ ٨٧٧٨ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين في( المجالس) عن أبيه، عن سعد،

____________________

١٣ - عدّة الداعي: ١٥٦، وأورد نحوه عن أمالي الصدوق في الحديث ٢ من الباب ١٥ من أبواب جهاد النفس.

(١) تقدم في الحديث ٥ من الباب ٣ والباب ٢٨ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي ما يدلّ عليه في الحديث ٢ من الباب ٣٠ من هذه الأبواب، وفي الباب ٥ من أبواب القواطع.

(٣) يأتي في الباب ١٥ من أبواب جهاد النفس.

الباب ٣٠

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٤٦٨ / ٥، تقدّم صدر الحديث في الحديث ١ من الباب ٩ من أبواب الوضوء، وأورد تمامه في الحديث ٤ من الباب ٢٨ من أبواب الصلوات المندوبة.

٢ - أمالي الصدوق: ٢٩٢ / ١.

٧٧

عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن الصادق( عليه‌السلام ) قال: كان فيما ناج الله به موسى بن عمران( عليه‌السلام ) أن قال له: يابن عمران، كذب من زعم أنّه يحبّني فإذا جنّه الليل نام عني، أليس كلّ محبّ يحبّ خلوة حبيبه؟ ها أنا يابن عمران مطّلع على أحبّائي، إذا جنّهم الليل حوّلت أبصارهم في قلوبهم، ومثّلت عقوبتي بين أعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة، ويكلّموني عن الحضور، يابن عمران، هب لي من قلبك الخشوع ومن بدنك الخضوع، ومن عينيك الدموع، وادعني في ظلم الليل فإنّك تجدني قريباً مجيباً.

[ ٨٧٧٩ ] ٣ - محمّد بن الحسين الرضي الموسوي في( نهج البلاغة) عن نوف البكالي - في حديث - أنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال له: يا نوف، إنّ داود( عليه‌السلام ) قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال: إنّها ساعة لا يدعو فيها عبد إلّا استجيب له إلّا أن يكون عشّاراً أو عريفاً، أو شرطياً، أو صاحب عرطبة - وهو الطنبور -، أو صاحب كوبة - وهو الطبل -.

وقد قيل أيضاً: إنّ العرطبة الطبل، والكوبة الطنبور.

[ ٨٧٨٠ ] ٤ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي) عن الباقر( عليه‌السلام ) قال: إنّ الله تعالى لينادي كلّ ليلة جمعة من فوق عرشه من أوّل الليل إلى آخره: إلّا عبد مؤمن يدعوني لدينه ودنياه قبل طلوع الفجر فاجيبه؟ إلّا عبد مؤمن يتوب إليّ قبل طلوع الفجر فأتوب عليه؟ إلّا عبد مؤمن قد قترت عليه

____________________

٣ - نهج البلاغة ٣: ١٧٣ / ١٠٤، وأورد نحوه في الحديث ١٢ من الباب ١٠٠ من أبواب ما يكتسب به العشار: بالعين المهملة والشين المشددة مأخوذ من التعشير وهو أخذ العشر من أموال الناس بأمر الظالم.

( مجمع البحرين - عشر - ٣: ٤٠٤ ).

العريف: وهو القيم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم- والعرافة عمله -( لسان العربّ - عرف - ٩: ٢٣٨ ).

٤ - عدّة الداعي: ٣٧ أورده عن الفقيه والمقنعة والتهذيب في الحديث ٣ من الباب ٤٤ من أبواب الجمعة.

٧٨

رزقه فيسألني الزيادة في رزقه قبل طلوع الفجر فأزيده وأُوسع عليه؟ إلّا عبد مؤمن سقيم يسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر فأُعافيه؟ إلّا عبد مؤمن محبوس مغموم يسألني أن اطلقه من سجنه واخلي سربّه؟ إلّا عبد مؤمن مظلوم يسألني أن آخذ له بظلامته قبل طلوع الفجر فأنتصر له فآخذ له بظلامته؟ قال: فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر.

[ ٨٧٨١ ] ٥ - قال: وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إذا كان آخر الليل يقول الله عزّ وجلّ: هل من داع فأُجيبه؟ وهل من سائل فاعطيه سؤله هل من مستغفر فاغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الجمعة(١) .

٣١ - باب استحباب تقديم تمجيد الله، والثناء عليه، والاقرار بالذنب، والاستغفار منه، قبل الدعاء، وعدم جواز الدعاء بما لا يحلّ وما لا يكون

[ ٨٧٨٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن الحارث بن المغيرة قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إياكم إذا أراد أحدكم أن يسأل من ربّه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة حتى يبدأ بالثناء على الله عزّ وجلّ، والمدح له، والصلاة على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، ثمّ يسأل الله حوائجه.

[ ٨٧٨٣ ] ٢ - وبالإِسناد عن صفوان، عن العيص بن القاسم قال: قال أبو

____________________

٥ - عدّة الداعي: ٤٠، وأورده في الحديث ٤ من الباب ٢٥ من هذه الابواب.

(١) يأتي في الحديث ٣ و ٤ و ١٢ من الباب ٤٠ وفي الباب ٤٤ من أبواب الجمعة، تقدّم ما يدلّ عليه في الباب ٢٥ و ٢٦ من هذه الأبواب.

الباب ٣١

فيه ١٠ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٥١ / ١.

٢ - الكافي ٢: ٣٥٢ / ٦.

٧٩

عبدالله (عليه‌السلام ) : إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على ربّه وليمدحه، فإنّ الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيّأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه، فاذا طلبتم الحاجة فمجّدوا الله العزيز الجبّار وامدحوه واثنوا عليه، تقول: يا أجود من أعطى، ويا خير من سئل، يا أرحم من استرحم، يا أحد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، يا من لم يتّخذ صاحبة ولا ولداً، يا من يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ويقضي ما أحبّ، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الأعلى، يا من ليس كمثله شيء يا سميع يا بصير، وأكثر من أسماء الله عزّ وجلّ، فإنّ أسماء الله عزّ وجلّ كثيرة، وصلّ على محمّد وآل محمّد، وقل: اللهمّ أوسع عليّ من رزقك الحلال ما أكفّ به وحهي، واؤدّي به عني(١) أمانتي، وأصل به رحمي ويكون عوناً لي في الحج والعمرّة، وقال: إنّ رجلاً دخل المسجد فصلّى ركعتين ثمّ سأل الله عزّ وجلّ فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : عجل العبد ربّه، وجاء آخر فصلّى ركعتين ثمّ أثنى على الله عزّ وجلّ وصلّى على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : سل تعط.

[ ٨٧٨٤ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إن في كتاب أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إن المدحة قبل المسألة، فاذا دعوت الله عزّ وجلّ فمجده، قلت: كيف امجده؟ قال: تقول: يا من هو أقربّ إلي من حبل الوريد، يا فعإلّا لما يريد، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الأعلى، يا من(٢) ليس كمثله شيء.

[ ٨٧٨٤ ] ٤ - وعنه، عن أحمد، عن علي بن الحكم، عن أبي كهمس قال:

____________________

(١) في المصدر: عن.

٣ - الكافي ٢: ٣٥١ / ٢.

(٢) في المصدر زيادة: هو.

٤ - الكافي ٢: ٣٥٢ / ٧.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

مبالغة عظيمة. لأنّ المحال والمعدوم، يقع عليهما اسم الشيء. فإذا نفي إطلاق اسم الشيء عليه، فقد بولغ في ترك الاعتداد به، إلى ما ليس بعده. وهذا كقولهم أقلّ من لا شيء.

( وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ ) :

قال ابن عبّاس(١) : لـمّا قدم وفد نجران من النّصارى على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أتتهم أحبار اليهود. فتنازعوا عند رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. فقال رافع بن حرملة: «ما أنتم على شيء.» وجحد نبوّة عيسى. وكفر بالإنجيل. فقال رجل من أهل نجران: «ليست اليهود على شيء.» وجحد نبوّة موسى. وكفر بالتّوراة. فأنزل الله هذه الآية.

( وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ ) :

الواو للحال. والكتاب للجنس، أي: قالوا ذلك، والحال أنّهم من أهل العلم والتّلاوة للكتب.

وحقّ من حمل التوراة، أو الإنجيل، أو غيرهما من كتب الله، أو آية، أن لا يكفر بالباقي. لأنّ كلّ واحد من الكتابين، مصدّق للثّاني، شاهد بصحته. وكذلك كتب الله جميعا، متواردة في تصديق بعضها بعضا.

( كَذلِكَ ) ، مثل ذلك الّذي سمعت به على ذلك المنهاج.

( قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ) ، كعبدة الأصنام والمعطّلة، قالوا لكلّ أهل دين: «ليسوا على شيء» وهذا توبيخ عظيم لهم، حيث نظموا أنفسهم مع علمهم، في سلك من لا يعلم.

و( مِثْلَ قَوْلِهِمْ ) ، يحتمل احتمالين: أحدهما أنّه مفعول مطلق لقال والآخر أنّه مفعوله، يعني: أنّ قولهم، مثل قولهم في الفساد، ومقولهم مثل مقولهم في الدّلالة على أنّ ما عدا دينهم، ليس بشيء.

فان قيل: لم وبّخهم؟ وقد صدقوا فإنّ كلا الدّينين بعد النّسخ ليس بشيء.

قلت: لم يصدقوا ذلك. وإنّما قصد كل فريق، إبطال دين الآخر، من أصله والكفر بنبيّه وكتابه، مع أن ما لم ينسخ منهما، حقّ واجب القبول والعمل به، مع الإيمان بالنّاسخ.

( فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ) : بين الفريقين ،

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ١٨٨.

١٢١

( يَوْمَ الْقِيامَةِ ) :

هي مصدر. إلّا أنّه صار كالعلم، على وقت، بعينه. وهو الوقت الّذي يبعث الله ـ عزّ وجلّ ـ فيه الخلق. فيقومون من قبورهم، إلى محشرهم. تقول: قام يقوم قياما وقيامة، مثل: عاذ يعوذ عياذا وعياذة.

( فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) (١١٣) بما يقسم لكلّ فريق، ما يليق به من العذاب.

وقيل(١) : بأن يكذّبهم، وأن يدخلهم النّار.

وقيل(٢) : بأن يريهم من يدخل الجنّة عيانا، ومن يدخل النّار عيانا.

( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ ) :

الآية عامّة لكلّ من خرّب مسجدا، أو سعى في تعطيل مكان مرشّح للصّلاة. وإن نزلت في الرّوم، لما غزوا بيت المقدس وخرّبوه وقتلوا أهله حتّى، كانت أيّام عمر، وأظهر المسلمين عليهم، وصاروا لا يدخلونها(٣) إلّا خائفين، على ما روى عن ابن عبّاس(٤) .

وقيل(٥) : خرّب بخت نصر بيت المقدس. وأعانه عليه(٦) النّصارى.

والمرويّ عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام(٧) : أنّها نزلت في قريش، حين منعوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ دخول مكّة والمسجد الحرام.

[وروى عن زيد بن عليّ، عن آبائه، عن عليّ ـ عليه السّلام(٨) : أنّه أراد جميع الأرض لقول النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله: جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا].(٩)

( أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) :

ثاني مفعولي «منع» لأنّك تقول: منعته كذا.

ويجوز أن يحذف حرف الجرّ، مع «أن.» ولك أن تنصبه مفعولا له(١٠) ، بمعنى: منعها كراهة أن يذكر.

( وَسَعى فِي خَرابِها ) بالهدم، أو التّعطيل.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٧٧.

(٢) مجمع البيان ١ / ١٨٨.

(٣) أ: لن يدخلونها.

(٤) مجمع البيان ١ / ١٨٩.

(٥) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٦) ر: على ذلك. وهو الظاهر.

(٧) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٨) نفس المصدر ١ / ١٩٠.

(٩) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(١٠) ليس في أ.

١٢٢

( أُولئِكَ ) ، أي: المانعون،( ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ ) ، أي :

ما كان ينبغي لهم أن يدخلوها، إلّا بخشية وخضوع، فضلا عن أن يجرءوا على تخريبها.

أو ما كان الحقّ أن يدخلوها، إلّا خائفين من المؤمنين، أن يبطشوهم، فضلا عن أن يمنعوهم منها.

أو ما كان لهم في علم الله تعالى، أو قضائه، فيكون وعدا للمؤمنين بالنّصرة واستخلاص المساجد منهم. وقد أنجز وعده.

( لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ ) :

قال قتادة(١) : المراد بالخزي، أن يعطوا الجزية عن يد، وهم صاغرون.

وقال الزّجّاج(٢) : المراد به السبّي والقتل، إن كانوا حربا، وإعطاء الجزية، إن كانوا ذمّة.

وقال أبو عليّ(٣) : المراد به، طردهم عن المساجد.

وقال السّديّ(٤) : المراد به خزيهم إذا قام المهديّ وفتح قسطنطنيّة. فحينئذ يقتلهم.

والكلّ محتمل. واللّفظ بإطلاقه يتناوله.

( وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ ) (١١٤) بظلمهم وكفرهم.

( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) :

«اللّام»، للملك. و «المشرق» و «المغرب»، اسمان لمطلع الشّمس ومغربها.

والمراد بهما ناحيتا(٥) الأرض، أي: له الأرض، كلّها. لا يختص به مكان دون مكان(٦) . فإن منعتم أن تصلّوا في المسجد الحرام والأقصى، فقد جعلت لكم الأرض مسجدا.

( فَأَيْنَما تُوَلُّوا ) : ففي أي مكان فعلتم التّولية، أي: تولية وجوهكم،( فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) ، أي: جهته الّتي أمر بها، أو فثمّ ذاته، أي: عالم مطّلع بما يفعل فيه.

__________________

(١) ر. مجمع البيان ١ / ١٩٠.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٣) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٤) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٥) أ: ناحيتي.

(٦) أ: آخر.

١٢٣

( إِنَّ اللهَ واسِعٌ ) بإحاطته بالأشياء، أو برحمته،( عَلِيمٌ ) (١١٥) بمصالحهم وأعمالهم في الأماكن، كلّها.

قيل(١) : إنّ اليهود أنكروا تحويل القبلة عن بيت المقدس. فنزلت الآية ردّا عليهم.

وقيل(٢) : كان للمسلمين التّوجّه حيث شاءوا، في صلاتهم. وفيه نزلت الآية. ثمّ نسخ بقوله(٣) ( فَوَلِّ وَجْهَكَ ) (إلى آخره).

وقيل(٤) : نزلت الآية في صلاة التّطوّع على الرّاحلة، تصلّيها حيثما توجّهت، إذا كنت في سفر. وأمّا الفرائض، فقوله:( وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) ، يعني: أنّ الفرائض لا تصلّيها إلّا إلى القبلة. وهو المرويّ عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام. قالوا: وصلّى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إيماء على راحلته أينما توجّهت به، حيث خرج إلى خيبر، وحين رجع من مكّة، وجعل الكعبة خلف ظهره.

وروى عن جابر(٥) ، قال: بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ سريّة كنت فيها. فأصبتنا ظلمة. فلم نعرف القبلة. فقال طائفة منّا: «قد عرفنا القبلة، هي هاهنا، قبل الشّمال.» فصلّوا. وخطّوا خطوطا. وقال بعضنا: «القبلة هاهنا. قبل الجنوب.» فخطّوا خطوطا. فلمّا أصبحوا وطلعت الشمس، أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة. فلمّا قفلنا(٦) من سفرنا، سألنا النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن ذلك. فسكت. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[في كتاب الخصال(٧) ، في سؤال بعض اليهود عليّا ـ عليه السّلام ـ عن الواحد إلى المائة: قال له اليهوديّ. فأين(٨) وجه ربّك؟

فقال عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام(٩) : يا بن عبّاس! ائتني بنار وحطب.

فأتيته بنار وحطب. فأضرمها. ثمّ قال: يا يهوديّ! أين يكون وجه هذه النّار؟

فقال: لا أقف لها على وجه.

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ١٩١.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٣) البقرة / ١٤٤ و/ ١٤٩ و/ ١٥٠.

(٤) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٥) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٦) النسخ: غفلنا.

(٧) الخصال / ٥٩٧.

(٨) المصدر: فأين يكون.

(٩) المصدر: فقال عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ لي.

١٢٤

قال: ربيّ(١) عزّ وجلّ على(٢) هذا المثل.

( وَلِلَّهِ ) (٣) ( الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ. فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) .

وفيه(٤) ، بإسناده إلى سلمان الفارسيّ، في حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة، مع مائة من النّصارى، بعد وفاة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وسؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها، ثمّ أرشد إلى أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ فسأله عنها، فأجابه. فكان فيما سأله، أن قال له: أخبرني عن وجه الرّبّ ـ تبارك وتعالى.

فدعا ـ عليه السّلام ـ بنار وحطب. فأضرمه. فلمّا اشتعلت قال عليّ ـ عليه السّلام: أين وجه هذه النّار؟

قال(٥) : هي وجه من جميع حدودها.

قال عليّ ـ عليه السّلام: هذه النّار مدبّرة مصنوعة، لا يعرف وجهها. وخالقها لا يشبهها.( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ. فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) . لا يخفى على ربّنا خافية.

وفي كتاب علل الشرائع(٦) : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله؟ قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبد الله بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال: سألته عن الرّجل يقرأ السّجدة وهو على ظهر دابّته.

قال: يسجد حيث توجّهت به. فإنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان يصلّي على ناقته، وهو مستقبل المدينة. يقول الله ـ عزّ وجلّ:( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) .

وفي من لا يحضره الفقيه(٧) : وسأله معاوية بن عمّار، عن الرّجل يقوم في الصّلاة، ثمّ ينظر بعد ما فرغ، فيرى أنّه قد انحرف عن القبلة، يمينا أو شمالا.

فقال له: قد مضت صلاته. وما بين المشرق والمغرب قبلة. ونزلت هذا الآية في قبلة المتحيّر:( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) .

وفي كتاب الاحتجاج، للطّبرسيّ ـ رحمه الله(٨) : قال أبو محمّد ـ عليه السّلام: قال

__________________

(١) المصدر: فإنّ ربّي.

(٢) المصدر: عن.

(٣) المصدر: له.

(٤) نفس المصدر / ١٨٢.

(٥) المصدر: قال النصراني.

(٦) علل الشرائع / ٣٥٨ ـ ٣٥٩، ح ١.

(٧) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٧٩. (٨) الاحتجاج ١ / ٤٥.

١٢٥

رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لقوم من اليهود: أو ليس قد ألزمكم في الشّتاء أن تحترزوا من البرد بالثّياب الغليظة، وألزمكم في الصّيف أن تحترزوا من الحرّ. فبدا له في الصّيف حين أمركم، بخلاف ما كان أمركم به في الشّتاء؟

فقالوا: لا فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: وكذلك الله تعبّدكم في وقت، لصلاح يعلمه بشيء، ثمّ بعّده في وقت آخر، لصلاح آخر، يعلمه بشيء آخر. فإذا أطعتم الله في الحالين، استحققتم ثوابه.

فأنزل الله تعالى:( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ. فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ. إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ ) ، يعني: إذا توجّهتم بأمره، فثمّ الوجه الّذي تقصدون منه الله وتأملون ثوابه.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه(١) : قال السّائل: من هؤلاء الحجج! قال: هم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ومن حلّ محلّه من أصفياء الله الّذين قال( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) الّذين قرنهم الله بنفسه وبرسوله وفرض على العباد من طاعتهم، مثل الّذي فرض عليهم منها لنفسه.

وفيه(٢) : قال ـ عليه السّلام ـ أيضا ـ في الحجج: وهم وجه الله الّذي قال:( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) .

وفي كتاب المناقب، لابن شهر آشوب(٣) : أبو المضاء، عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قوله تعالى:( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) قال: عليّ ـ عليه السّلام].(٤)

( وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً ) :

نزلت لـمّا قالت اليهود: «عزير بن الله»، والنّصارى: «المسيح بن الله»، ومشركوا العرب: «الملائكة بنات الله.» وعطفه على «قالت اليهود»، أو «منع»، أو مفهوم قوله «ومن أظلم» وقرأ ابن عامر بغير واو، والباقون بالواو(٥) .

__________________

(١) نفس المصدر ١ / ٣٧٥.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٣) المناقب ٣ / ٢٧٢.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) مجمع البيان ١ / ١٩٢.

١٢٦

[وفي كتاب علل الشرائع(١) ، بإسناده إلى سفيان بن عيينة، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: لم يخلق الله شجرة إلّا ولها ثمرة تؤكل. فلمّا قال النّاس: «اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً »، ذهب نصف ثمرها. فلمّا اتخذوا مع الله إلها، شاك الشّجر].(٢)

( سُبْحانَهُ ) :

روى عن طلحة بن عبيد الله(٣) ، أنّه سأل النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن معنى قوله «سبحانه» فقال: «تنزيها له عن كلّ سوء».

( بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) :

ردّ لما قالوا، أو استدلال على فساده بأنّه خالق ما في السّموات وما في الأرض الّذي من جملته الملائكة وعزير والمسيح.

( كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ ) (١١٦)، مطيعون. لا يمتنعون عن مشيئته. وكلّ من كان بهذه الصّفة، لم يجانس مكوّنه الواجب لذاته. ومن حقّ الولد أن يجانس والده. فلا يكون له ولد.

وإنّما جاء بما الّذي لغير أولي العلم، تحقيرا لشأنهم.

وتنوين «كلّ»، عوض عن المضاف إليه، أي: كلّ ما فيهما، أو كلّ من جعلوه ولدا له.

وفي الآية، دلالة على أنّ من ملك ولده أو والده، انعتق عليه. لأنّه تعالى نفى الولد، بإثبات الملك. وذلك يقتضي تنافيهما. وهو المرويّ عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام.(٤)

( بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) :

يقال: بدع الشيء، فهو بديع، كقولك: برع الشيء، فهو بريع. و( بَدِيعُ السَّماواتِ ) من إضافة الصّفة المشبّهة، إلى فاعلها، أي: بديع سماواته وأرضه.

وقيل(٥) : البديع بمعنى المبدع، كما أنّ السّميع، في قول الشّاعر :

«أمن ريحانة

الدّاعي السّميع»

، بمعنى المسمع.

وهو دليل آخر على نفي الولد.

__________________

(١) علل الشرائع ٢ / ٥٧٣.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) مجمع البيان ١ / ١٩٢.

(٤) ر. وسائل الشيعة / ١٦، باب ٧ من أبواب العتق، ح ١ ـ ٩.

(٥) ر. أنوار التنزيل ١ / ٧٨.

١٢٧

وتقريره: أنّ الوالد، عنصر الولد المنفعلة بانفصال مادّته عنه. والله سبحانه، مبدع الأشياء كلّها. فاعله على الإطلاق. منزّه عن الانفعال. فلا يكون والدا. وهذا التّقرير يصحّ على التّقديرين. لأنّ كونه تعالى مبدعا، يلزمه كون مخلوقه بديعا وبالعكس.

والإبداع اختراع الشيء، لا عن شيء، دفعة. وهو أليق بهذا الموضع من الصّنع الّذي هو تركيب الصّورة بالعنصر والتّكوين الّذي يكون بتغيّر وفي زمان غالبا.

وقرئ بديع، مجرورا على البدل، من الضّمير في «له»، ومنصوبا، على المدح.

[وفي أصول الكافي(١) : محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن سدير الصّيرفيّ. قال: سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) » فقال(٢) أبو جعفر ـ عليه السّلام: إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ ابتدع الأشياء كلّها بعلمه، على غير مثال كان قبله. فابتدع السّماوات والأرض(٣) ، ولم يكن قبلهنّ سماوات ولا أرضون. أما تسمع لقوله تعالى(٤) ( وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ ) ؟

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة](٥) ( وَإِذا قَضى أَمْراً ) : إذا أراد إحداث أمر،( فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (١١٧) :

من كان التّامّة، أي، أحدث، فيحدث. وليس المراد به حقيقة أمر وامتثال. بل حصول ما تعلّقت به إرادته، بلا مهلة بطاعة المأمور المطيع، بلا توقّف.

وفيه تقرير لمعنى الإبداع. وإيماء إلى دليل آخر. وهو أنّ اتخاذ الولد ممّا يكون بأطوار. وفعله تعالى مستغن عن ذلك.

قيل(٦) : كان سبب ضلالتهم، أنّ أرباب الشّرائع المتقدّمة، كانوا يطلقون الأب على الله تعالى، باعتبار أنّه السّبب الأوّل، حين(٧) قالوا: «إنّ الأب، هو الرّبّ الأصغر.

والله سبحانه وتعالى هو الأب الأكبر.» ظنّت الجهلة منهم، أنّ المراد به معنى الولادة.

__________________

(١) الكافي ١ / ٢٥٦، صدر ح ٢.

(٢) المصدر: قال.

(٣) المصدر: الأرضين.

(٤) هود / ٧

(٥) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٦) أنوار التنزيل ١ / ٧٩.

(٧) المصدر: حتى.

١٢٨

فاعتقدوا ذلك تقليدا. ولذلك كفر قائله. ومنع منه مطلقا جسما، لمادّة الفاسد.

[وفي كتاب نهج البلاغة(١) : يقول لما(٢) أراد كونه، قال(٣) : «كُنْ فَيَكُونُ » لا بصوت يفزع(٤) ولا نداء يسمع. وإنّما كلامه سبحانه، فعل منه، إنشاء(٥) . ومثله لم يكن من قبل ذلك كائنا. ولو كان قديما، لكان إلها ثانيا.

وفيه(٦) : يقول ولا يلفظ(٧) . ويريد ولا يضمر.

وفي كتاب الاحتجاج(٨) ، للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ عن يعقوب بن جعفر، عن أبي إبراهيم ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: ولا أجده يلفظ بشقّ فم(٩) . ولكن كما قال الله ـ عزّ وجلّ ـ( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) . بمشيئة، من غير تردّد في نفس.

وفي كتاب الإهليلجة(١٠) : قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ في كلام طويل: فالإرادة للفعل، إحداثه،( فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) بلا تعب وكيف.

وفي عيون الأخبار(١١) ، بإسناده إلى صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. يقول فيه. فإرادة الله، هي الفعل. لا غير ذلك.( يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همّة ولا تفكّر ولا كيف. لذلك(١٢) ، كما أنّه بلا كيف.

وفيه(١٣) حديث طويل، عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ أيضا ـ يقول فيه: و «كن» منه صنع. وما يكون به المصنوع].(١٤)

( وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) ، أي: جهلة المشركين، أو المتجاهلون من أهل الكتاب.

( لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ ) كما يكلّم الملائكة، أو يوحي إلينا بأنّك رسوله. وهذا استكبار منهم.

__________________

(١) نهج البلاغة / ٢٧٤، ضمن خطبه ١٨٦.

(٢) المصدر: لمن.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) المصدر: يقرع.

(٥) المصدر: أنشاه.

(٦) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٧) المصدر: يقول ولا يلفظ. ويحفظ ولا يتحفّظ.

(٨) الاحتجاج ٢ / ١٥٦.

(٩) ر: ولا احمده بلفظ. لشق فم. المصدر: ولا اخذه بلفظ شق فم.

(١٠) بحار الأنوار ٣ / ١٩٦.

(١١) عيون الأخبار ١ / ١١٩، ذيل ح ١١.(١٢) المصدر: كذلك.

(١٣) نفس المصدر ١ / ١٧٣ ـ ١٧٤. (١٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

١٢٩

( أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ ) وحجّة على صدقك. وهذا جحود لأن ما أتاهم آيات استهانة.

( كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) من الأمم الماضية،( مِثْلَ قَوْلِهِمْ ) :

فقالوا: «أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً » وغير ذلك.

( تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ) ، أي: قلوب هؤلاء ومن قبلهم، في العمى والعناد.

وقرئ بتشديد الشّين.

( قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) (١١٨): اي: يطلبون اليقين، أو يوقنون. الحقائق لا يعتريهم شبهة ولا عناد.

( إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِ ) ، مؤيّدا به،( بَشِيراً وَنَذِيراً ) : فلا عليك إن كابروا.

( وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ ) (١١٩)، أنّهم لم يؤمنوا بعد أن بلّغت.

وقرأ نافع ويعقوب «ولا تسأل»، على لفظ النّهي، مبيّنا للفاعل. وهو المرويّ عن أبي جعفر الباقر ـ عليه السّلام(١)

وفيه، حينئذ، إشارة إلى تعظيم عقوبة الكفّار. كأنّها لا يقدر أن يخبر عنها، أو السّامع لا يصبر على استماع خبرها فنهاه عن السّؤال.

و «الجحيم»: المتأجّج من النّار. من جحمت النّار يجحم جحما، إذا اضطرمت.

( وَلَنْ تَرْضى ) ، وإن بالغت في إرضائهم،( عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى، حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) : كأنّهم قالوا: «لن نرضى عنك حتّى تتّبع ملّتنا»، إقناطا منهم لرسول الله، عن دخولهم في الإسلام. فحكى الله ـ عزّ وجلّ ـ كلامهم. ولذلك قال تعالى:( قُلْ ) تعليما للجواب،( إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى ) . لا ما تدعون إليه.

( وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ ) ، أي: أقوالهم الّتي هي أهواء وبدع،( بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ) : من الوحي، أو الدّين المعلوم صحّته بالبراهين الصّحيحة ،

__________________

(١) ر. مجمع البيان ١ / ١٩٦.

١٣٠

( ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ) (١٢٠) يدفع عنك عقابه.

وفي هذه الآية، دلالة على ان من علم الله تعالى منه، أنّه لا يعصي يصحّ وعيده.

لأنّه علم أنّ نبيّه ـ عليه السّلام ـ لا يتّبع أهواءهم. والمقصود منه التّنبيه على أنّ حال أمّته فيه، اغلظ من حاله. لأن منزلتهم، دون منزلته.

وقيل(١) : الخطاب للنّبيّ والمراد أمّته.

( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ ) :

قيل(٢) : يريد مؤمني أهل الكتاب، أو مطلقهم.

[وفي أصول الكافي(٣) : محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد بن محمّد(٤) ، عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد. قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ، أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ) .

قال: هم الأئمّة ـ عليهم السّلام. وفي شرح الآيات الباهرة(٥) : روى محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن محبوب، عن أبي ولّاد. قال :سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ) قال: هم الأئمّة ـ صلوات الله عليهم. والكتاب، القرآن المجيد. وإن لم يكونوا هم، وإلّا فمن سواهم؟](٦)

( يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ ) ، بمراعاة اللّفظ عن التّحريف، والتدبّر في معناه، والعمل بمقتضاه.

وروى عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ(٧) أنّ حقّ تلاوته هو الوقوف عند ذكر الجنّة والنّار. يسأل في الأولى ويستعيذ من الأخرى.

والجملة خبر للموصول، على التّقدير الأوّل(٨) ، وحال مقدّرة على التّقدير الثّاني [لأهل الكتاب والتّقدير الثّالث].(٩)

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ١٩٨.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٨٠.

(٣) الكافي ١ / ٢١٥، ح ٤.

(٤) المصدر: أحمد بن محمد.

(٥) شرح الآيات الباهرة، مخطوط / ٢٣.

(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٧) مجمع البيان ١ / ١٩٨.

(٨) أ: الاوّل لأهل الكتاب.

(٩) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

١٣١

( أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ) : بكتابهم، دون المحرّفين.

( وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ ) : بالكتاب. وهم أكثر اليهود. وقيل(١) : هم جميع الكفّار.

( فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ) (١٢١)، حيث اشتروا الضّلالة بالهدى.

( يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ ) (١٢٢)( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ) (١٢٣) :

مضى تفسيرها.

وقيل في سبب تكريرها ثلثة أقوال(٢) :

الأوّل: أنّ نعم الله سبحانه لـمّا كانت أصول كلّ نعمة، كرّر التّذكير بها، مبالغة في استدعائهم، إلى ما لزمهم(٣) من شكرها، ليقبلوا إلى طاعة ربّهم المظاهر عليهم.

والثّاني: أنّه لـمّا باعد بين الكلامين، حسن التّنبيه والتّذكير، إبلاغا في الحجّة، وتأكيدا للتّذكرة.

والثّالث: أنّه لـمّا ذكر التوراة وفيها الدّلالة على شأن عيسى ـ عليه السّلام ـ ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ في النّبوّة، والبشارة بهما، ذكّرهم نعمته عليهم بذلك وما فضّلهم به، كما عدّد النّعم في سورة الرّحمن وكرّر قوله( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) .

فكلّ تقريع جاء بعد تقريع، فإنّما هو موصول بتذكير نعمة غير الأولى.

( وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ ) : كلّفه بأوامر ونواه.

و «الابتلاء» في الأصل، التّكليف بالأمر الشّاقّ، من البلاء، لكنّه لـمّا استلزم الاختيار بالنّسبة إلى من يجهل العواقب، ظنّ ترادفهما.

والضّمير لإبراهيم. وحسن لتقدّمه لفظا. وإنّ تأخّر رتبة. لأنّ الشّرط أحد التقدمين(٤) .

و «الكلمات» قد يطلق على المعاني. فلذلك فسّرت بالخصال الثلاثين المحمودة المذكورة عشرة منها في قوله(٥) ( التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ ) وعشرة في قوله(٦) :( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ ) (إلى

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ١٩٨.

(٢) مجمع البيان ١ / ١٩٨ ـ ١٩٩.

(٣) أ: لزم.

(٤) ر: التقديرين.

(٥) التّوبة / ١١٢.

(٦) المؤمنون / ١٠ ـ ١.

١٣٢

آخر الآيتين) وعشرة في قوله(١) :( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ) (إلى قوله)( أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ ) وروى عشرة في سورة( سَأَلَ سائِلٌ ) (إلى قوله)( وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ ) . فجعلت أربعين.

وبالعشر الّتي هي من سنّته: خمسة منها في الرّأس، وخمسة منها في البدن.

فأمّا الّتي في الرّأس: فأخذ الشّارب، وإعفاء اللّحى، وطمّ الشعر، والسّواك، والخلال.

وأمّا الّتي في البدن: فحلق الشّعر من البدن، والختان، وتقليم الأظفار، والغسل من الجنابة، والطهور بالماء.

فهذه الحنفيّة الظّاهرة الّتي جاء بها إبراهيم ـ عليه السّلام. فلم تنسخ، ولا تنسخ، إلى يوم القيامة. وبمناسك الحجّ، وبالكوكب، والقمرين، وذبح الولد، والنّار، والهجرة، وبالآيات الّتي بعدها. وهي قوله( إِنِّي جاعِلُكَ ) (إلى آخره)(٢) .

وكان سعيد بن المسيّب يقول(٣) : كان إبراهيم أوّل النّاس أضاف(٤) الضّيف، وأوّل النّاس قصّ شاربه واستحدّ، وأوّل(٥) النّاس رأى الشّيب(٦) .

فلمّا رآه قال: يا ربّ! ما هذا؟

قال: هذا الوقار.

قال: يا ربّ! فزدني وقارا.

وهذا أيضا

رواه السّكونيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ولم يذكر أوّل من قصّ شاربه، واستحدّ. وزاد فيه: وأوّل من قاتل في سبيل الله، إبراهيم. وأوّل من أخرج الخمس، إبراهيم. وأوّل من اتّخذ النّعلين، إبراهيم. وأوّل من اتّخذ الرّايات، إبراهيم.

وقرئ إبراهيم ربّه على أنّه دعا ربّه بكلمات، مثل:( أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ) ،( اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً ) ، ليرى هل يجيبه؟

وروى الشّيخ أبو جعفر بن بابويه ـ رحمه الله ـ في كتاب النّبوّة(٧) ، بإسناده ،

__________________

(١) الأحزاب / ٣٥.

(٢) ر. تفسير القمي ١ / ٥٩+ مجمع ١ / ٢٠٠.

(٣) مجمع البيان ١ / ٢٠٠.

(٤) أ: أصناف.

(٥) ليس في أ.

(٦) أ: الشهب.

(٧) مجمع البيان ١ / ٢٠٠.

١٣٣

مرفوعا إلى المفضّل بن عمر، عن الصّادق ـ عليه السّلام. قال: سألته عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ ) ما هذه الكلمات؟ قال: هي الكلمات الّتي تلقاها آدم ـ عليه السّلام ـ من ربّه.

فتاب عليه. وهو أنّه قال: «يا ربّ! أسألك بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين، إلّا تبت عليّ.» فتاب الله عليه. إنّه هو التّوّاب الرّحيم.

فقلت: يا بن رسول الله! فما يعني بقوله «فأتمّهنّ»؟

فقال: أتمّهنّ إلى القائم، اثنى عشر إماما، تسعة من ولد الحسين عليهم السّلام.

قال المفضّل: فقلت له: يا بن رسول الله! فأخبرني عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) ؟

قال: يعني بذلك الإمامة. جعلها الله في عقب الحسين ـ عليه السّلام ـ إلى يوم القيامة.

فقلت له: يا بن رسول الله! فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين، دون ولد الحسن، وهما جميعا ولدا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وسبطاه وسيّدا شباب أهل الجنّة؟

فقال: إنّ موسى وهارون نبيّان مرسلان أخوان، فجعل الله النّبوّة في صلب هارون، دون صلب موسى. ولم يكن لأحد أن يقول: «لم فعل الله ذلك؟» وإنّ الإمامة خلافة الله ـ عزّ وجلّ. ليس لأحد أن يقول: «لم جعلها الله في صلب الحسين دون صلب الحسن؟» لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ هو الحكيم في أفعاله.( لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ ) »(١)

( فَأَتَمَّهُنَ ) : فأدّاهنّ كملا وقام بهنّ حقّ القيام.

وفي القراءة(٢) الأخيرة الضّمير المستتر لربّه، أي: أعطاه جميع ما سأل.

[وفي تفسير العيّاشيّ(٣) ، رواه بأسانيد عن صفوان الجمّال، قال: كنّا بمكّة فجرى الحديث في قول الله( وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ) .

قال: أتمّهنّ بمحمّد وعليّ والأئمّة من ولد عليّ ـ صلّى الله عليهم ـ في قول الله

__________________

(١) الأنبياء / ٢٣.

(٢) أ: وفي القراءة لم جعلها الله في صلب الحسين دون صلب الحسن. (!)

(٣) تفسير العيّاشي ١ / ٥٧، ح ٨٨.

١٣٤

«ذرّية بعضها من بعض. والله سميع عليم»](١) ( قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) : جملة مستأنفة، إن أضمر ناصب «إذ».

والتّقدير: فما ذا قال له ربّه حين أتمّهنّ. فأجيب بأنّه قال: إنّي (إلى آخره.) أو بيان للابتلاء. فيكون الكلمات، ما ذكره من الإمامة وتطهير البيت وغير ذلك. وإن كان ناصبه «قال»، فالمجموع جملة معطوفة على ما قبلها.

و «جاعل» من جعل المتعدّي إلى مفعولين.

و «الإمام»، اسم لمن يؤتمّ به في أقواله وأفعاله ويقوم بتدبير الإمامة وسياستها والقيام بأمورها وتأديب جنايتها وتوليد ولايتها وإقامة الحدود على مستحقّها ومحاربة من يكيدها ويعاديها. وقد يطلق على المقتدى به في أقواله وأفعاله.

( قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) :

عطف على الكاف، عطف تلقين، أي: وبعض ذرّيّتي، كما تقول: «وزيدا»، في جواب: «سأكرمك.» والذّرّيّة: نسل الرّجل. فعليّة أو فعلولة، من الذّرّ، بمعنى التّفريق والأصل ذرّيّة، على الأوّل. وعلى الثّاني، ذرورة. قلبت راؤها الثّالثة ياء، كما في تقضيّت. ثمّ أبدلت الواو والضّمّة. أو فعليّة أو فعولة من الذّرء، بمعنى الخلق. فخفّفت الهمزة.

وقرئ ذرّيّتي (بالكسر) وهي لغة. وبعض العرب، بفتح الذّال.

( قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (١٢٤) :

والعهد والإمامة، كما روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام

(٢) ـ، أي: لا يكون الظّالم إماما للنّاس. واستدلّ أصحابنا بهذه الآية، على أنّ الإمام لا يكون إلّا معصوما عن القبائح. لأنّ الله سبحانه نفى أن ينال عهده الّذي هو الإمامة، ظالم. ومن ليس بمعصوم، فقد يكون ظالما. إمّا لنفسه، أو لغيره.

لا يقال: إنّما نفى أن يناله ظالم في حال ظلمه، فإذا تاب لا يسمّى ظالما، فيصحّ أن يناله، لأنّا نقول: إنّ الظّالم وإن تاب فلا يخرج من أن تكون الآية قد تناولته في حال كونه ظالما. وقد حكم عليه بأنّه لا ينالها. والآية مطلقة غير مقيّدة بوقت دون وقت. فيجب أن تكون محمولة على الأوقات، كلّها. فلا ينالها الظّالم، وإن تاب فيما بعد.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) مجمع البيان ١ / ٢٠٢.

١٣٥

[وفي عيون الأخبار(١) ، بإسناده إلى الرّضا ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. يقول فيه ـ عليه السّلام: إنّ الإمامة خصّ الله ـ عزّ وجلّ ـ بها إبراهيم الخليل ـ صلوات الله عليه وآله ـ بعد النّبوّة والخلّة، مرتبة ثالثة، وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها(٢) وذكره. فقال ـ عزّ وجلّ:( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) .

فقال الخليل ـ عليه السّلام ـ مسرورا(٣) بها:( وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) ؟» قال الله ـ عزّ وجلّ:( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) .

فأبطلت هذه الآية، إمامة كلّ ظالم، إلى يوم القيامة. وصارت في الصّفوة.

وفي أصول الكافي(٤) : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي يحيى الواسطيّ، عن هشام بن سالم، ودرست بن أبي منصور عنه. قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: وقد كان إبراهيم ـ عليه السّلام ـ نبيّا، وليس بإمام، حتّى قال الله:( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً. قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) ؟» فقال الله:( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ، من عبد صنما أو وثنا، لا يكون إماما.

محمّد ابن الحسن(٥) ، عمّن ذكره، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سنان، عن زيد الشّحّام. قال: سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول: إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ اتّخذ إبراهيم عبدا، قبل أن يتّخذه نبيّا، وإنّ الله اتّخذه نبيّا، قبل أن يتّخذه رسولا. وإنّ الله اتّخذه رسولا، قبل أن يتّخذه خليلا. وإنّ الله اتّخذه خليلا، قبل أن يجعله إماما. فلمّا جمع له الأشياء، قال:( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) .

قال: فمن عظمها في عين إبراهيم قال( وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) ؟( قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) .» قال: لا يكون السّفيه، إمام التّقي.

عليّ بن محمّد(٦) ، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسين، عن إسحاق بن عبد العزيز أبي السّفاتج، عن جابر، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام. قال: سمعته يقول: إنّ الله اتّخذ إبراهيم عبدا، قبل أن يتّخذه نبيّا. واتّخذه نبيّا، قبل أن يتّخذه رسولا. واتّخذه

__________________

(١) عيون الأخبار ١ / ٢١٧.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) المصدر: سرورا.

(٤) الكافي ١ / ١٧٥.

(٥) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٢.

(٦) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٤.

١٣٦

رسولا، قبل أن يتّخذه خليلا. واتّخذه خليلا، قبل أن يتّخذه إماما. فلمّا جمع له هذه الأشياء وقبض يده، «قال» له: يا إبراهيم!( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) .» فمن عظمها في عين إبراهيم «قال»: يا ربّ!( وَمِنْ ذُرِّيَّتِي؟ قالَ: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )

وفي كتاب الاحتجاج(١) ، للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. يقول فيه: قد حظر على من ماسّه الكفر تقلّد ما فوّضه إلى أنبيائه وأوليائه، بقوله لإبراهيم( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ، أي: المشركين. لأنّه سمّى الشّرك ظلما بقوله(٢) :

( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) .» فلمّا علم إبراهيم أنّ عهد الله تبارك اسمه بالإمامة، لا ينال عبدة الأصنام، قال(٣) :( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ )

وفي مجمع البيان(٤) :( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) قال مجاهد: العهد الإمامة. وهو المرويّ عن الباقر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام.

وفي تفسير العيّاشيّ(٥) ، رواه بأسانيد عن صفوان الجّمال. قال: كنّا بمكّة، فجرى الحديث في قول الله [( وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ ) .» قال: أتمهنّ بمحمّد وعليّ والأئمة من ولد عليّ ـ صلّى الله عليهم ـ في قول الله( ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) .»](٦) .

ثمّ قال:( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) .

قال:( وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) ؟

( قالَ: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) .» قال: يا ربّ! ويكون من ذرّيّتي ظالم؟

قال: نعم! فلان وفلان وفلان ومن اتّبعهم.

قال: يا ربّ! فعجّل لمحمّد وعليّ ما وعدتني فيهما. وعجّل نصرك لهما.

[وإليه أشار](٧) بقوله(٨) :( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ، إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ. وَلَقَدِ

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ١ / ١٢١، ح ٣٤٤، نقلا عن الاحتجاج.

(٢) لقمان / ١٣.

(٣) إبراهيم / ٣٥.

(٤) مجمع البيان ١ / ٢٠٢.

(٥) تفسير العياشي ١ / ٥٧ ـ ٥٨.

(٦) يوجد في المصدر.

(٧) يوجد في المصدر.

(٨) البقرة / ١٣٠.

١٣٧

اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) .» فالمّلة، (الإمام)(١) . فلمّا أسكن ذرّيّته بمكّة قال(٢) :( رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ) إلى (قوله)( مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ ) (٣) .» فاستثنى «من آمن» خوفا بقوله(٤) «لا»، كما قال له في الدّعوة الأولى:( وَمِنْ ذُرِّيَّتِي؟ قالَ: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )

وفيه(٥) : عن حريز، عمّن ذكره، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ، أى: لا يكون إماما ظالما.

وفيه(٦) : عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) قال: فقال لو علم الله أنّ اسما أفضل (منه)، لسمّانا به.

وفي شرح الآيات الباهرة(٧) : وجاء في التّأويل ما رواه الفقيه ابن المغازليّ، بإسناده عن رجاله، عن عبد الله بن مسعود. قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: أنا دعوة أبي إبراهيم.

قال: قلت كيف صرت دعوة أبيك إبراهيم؟

قال: إنّ الله أوحى إلى إبراهيم( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) .» فاستخفّ به الفرح.

فقال: يا ربّ!( وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) أئمّة مثلي؟

فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إليه: يا إبراهيم! إنّي لا أعطيك عهدا لا أفي لك به.

قال: يا ربّ! وما العهد الّذي لا تفي به؟

قال: لا أعطيك لظالم من ذرّيّتك عهدا.

فقال إبراهيم عندها:( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ. رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ ) .» ثمّ قال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله: فانتهت الدّعوة إليّ وإلى عليّ. لم يسجد أحدنا لصنم. فاتّخذني نبيّا. واتّخذ عليّا، وصيّا. وفي معنى هذه الدّعوة قوله تعالى، حكاية

__________________

(١) المصدر: الامامة. وهو الظاهر.

(٢) إبراهيم / ٣٧.

(٣) البقرة / ١٢٦.

(٤) المصدر: أن يقول به. وهو الظاهر.

(٥) نفس المصدر ١ / ٥٨، ح ٨٩.

(٦) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٩٠.

(٧) تأويل الآيات الباهرة، مخطوط / ٢٦.

١٣٨

عن قول إبراهيم ـ عليه السّلام ـ( رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) .»](١)

( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ ) ، أي: الكعبة، غلب عليها، كالنّجم على الثّريّا.

( مَثابَةً لِلنَّاسِ ) ، أي: مرجعا يثوب إليه أعيان الزّوّار وأمثالهم. أو موضع ثواب يثابون بحجته واعتماره. أو موضع لا ينصرف منه أحد إلّا وينبغي أن يكون على قصد الرّجوع إليه. وقد ورد في الخبر أنّ من رجع من مكّة وهو ينوى الحجّ، من قابل زيد في عمره. ومن خرج من مكّة وهو لا ينوي العود إليها، فقد قرب أجله(٢) .

( وَأَمْناً ) ، أي: موضع أمن. والحمل للمبالغة. وذلك لأنّه لا يتعرّض لأهله. أو يأمن حاجّه من عذاب الآخرة. لأنّ الحجّ يجبّ ما قبله. أو لا يؤاخذ الجاني الملتجئ إليه.

والحمل على العموم أولى.

[وفي تهذيب الأحكام(٣) : محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، وابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال: فإذا دخلت المسجد، فارفع يديك، واستقبل البيت، وقل أللّهمّ (إلى قوله) أللّهمّ إنّي أشهدك أنّ هذا بيتك الحرام الّذي جعلته مثابة للنّاس وأمنا مباركا وهدى للعالمين].(٤)

( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ) : على إرادة القول، أو عطف على المقدّر العامل في «إذا» واعتراض معطوف على مضمر تقديره «توبوا اليه واتخذوا» و «مقام إبراهيم»: الحجر الّذي فيها اثر قدميه.

والمراد باتّخاذه مصلّى، الصّلاة فيه، بعد الصّلاة، كما روى عن الصّادق ـ عليه السّلام(٥) ـ أنّه سئل عن الرّجل يطوف بالبيت طواف الفريضة ونسي أن يصلّي ركعتين عند مقام إبراهيم.

فقال: يصلّيهما. ولو بعد أيّام. إنّ الله تعالى قال: واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلّى.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) ر. من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٤١، ح ٦١٤+ مجمع البيان ١ / ٢٠٣.

(٣) تهذيب الأحكام ٥ / ١٠٠، ضمن ح ٣٢٧.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) مجمع البيان ١ / ٢٠٣+ وسائل الشيعة ٩ / ٤٨٥، ح ١٩.

١٣٩

وروى عن أبي جعفر الباقر ـ عليه السّلام(١) ـ أنّه قال: نزلت ثلاثة أحجار من الجنّة: مقام إبراهيم، وحجر بني إسرائيل، والحجر الأسود، استودعه الله إبراهيم ـ عليه السّلام ـ حجرا أبيض. وكان أشدّ بياضا من القراطيس. فاسودّ من خطايا بني آدم.

[وفي كتاب التّوحيد(٢) ، بإسناده إلى عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفيّ.

قال: قال محمّد بن عليّ الباقر ـ عليه السّلام: يا جابر! ما أعظم فرية أهل الشّام، على الله ـ عزّ وجلّ؟ يزعمون أنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ حيث صعد إلى السّماء، وضع قدمه على صخرة بيت المقدس. ولقد وضع عبد من عباد الله، قدمه على صخرة(٣) . فأمرنا الله تعالى أن نتّخذه مصلّى.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وفي الكافي(٤) : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضل، عن أبي الصّباح الكنانيّ. قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن رجل نسي أن يصلّي الرّكعتين عند مقام إبراهيم ـ صلّى الله عليه ـ في طواف الحجّ والعمرة.

فقال: إن كان بالبلد، صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم. فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ) .» وإن كان قد ارتحل، فلا آمره أن يرجع.

وفي تهذيب الأحكام(٥) : روى موسى بن القاسم، عن محمّد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله الأبزاريّ. قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن رجل نسي فصلّى ركعتي طّواف الفريضة في الحجر.

قال: يعيدهما خلف المقام. لأنّ الله تعالى يقول:( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ) ، يعني بذلك: ركعتي طواف الفريضة.

موسى بن القسم(٦) ، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي بصير.

__________________

(١) تفسير العيّاشي ١ / ٥٩، ح ٩٣+ مجمع البيان ١ / ٢٠٣.

(٢) التوحيد / ١٧٩، صدر ح ١٣.

(٣) المصدر: حجرة.

(٤) الكافي ٤ / ٤٢٥، ح ١.

(٥) تهذيب الأحكام ٥ / ١٣٨، ح ٤٥٤.

(٦) نفس المصدر ٥ / ١٤٠، ح ٤٦١، وفيه: موسى بن القاسم.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493