تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب8%

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 493

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 493 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187823 / تحميل: 5863
الحجم الحجم الحجم
تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: إذا طلّق الرّجل امرأته قبل أن يدخل بها، فلها نصف مهرها. وإن لم يكن سمّى لها مهرا، فمتاع بالمعروف( عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ) .

وليس لها عدّة(١) . تتزوّج من شاءت من ساعتها.

وفي رواية البزنطي(٢) : ان متعة المطلّقة، فريضة.

وروى(٣) : أنّ الغنيّ، يمتّع بدار أو خادم. والوسط، يمتّع بثوب. والفقير، بدرهم أو خاتم.

وروى(٤) : أنّ أدناه الخمار وشبهه.

وفي مجمع البيان(٥) :( عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ ) والمتعة خادم، أو كسوة، أو ورق. وهو المرويّ عن الباقر والصّادق ـ عليهما السّلام. ثمّ اختلف في ذلك فقيل: إنّما يجب المتعة للّتي لم يسمّ لها صداق خاصّة. وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام. وقيل: المتعة لكلّ مطلّقة سوى المطلّقة المفروض لها إذا طلّقت قبل الدّخول. فإنّما لها نصف الصّداق. ولا متعة لها. وهو رواه أصحابنا ـ أيضا.

وذلك محمول على الاستحباب.

وفي الكافي(٦) ، بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن عبد الكريم، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: لا تمتّع المختلعة.

عليّ بن إبراهيم(٧) ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: لا تمتع المختلعة(٨) .

( مَتاعاً ) ، أي: تمتيعا،( بِالْمَعْرُوفِ ) : بالوجه الّذي يستحسنه الشّرع، كما سبق في الأخبار،( حَقًّا ) : صفة لمتاعا، أو مصدر مؤكّد، أي: حقّ حقّا.

( عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) (٢٣٦): الّذين يحسنون إلى أنفسهم بالمسارعة إلى الامتثال وبالتّقوى(٩) والاجتناب عمّا يسخط الرّبّ، أو(١٠) إلى المطلقات بالتّمتيع.

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ: أن.

(٢) نفس المصدر ٣ / ٣٢٧، ح ١٥٨١.

(٣) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٥٨٢.

(٤) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٥٨٣.

(٥) مجمع البيان ١ / ٣٤٠.

(٦) الكافي ٦ / ١٤٤، ح ٢.

(٧) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣.

(٨) المصدر: المختلعة لا تمتّع.

(٩) ر: التقوى.

(١٠) ليس في ر.

٣٦١

وسمّاهم «محسنين» للمشارفة، ترغيبا وتحريصا.

وفي الكافي(١) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن النجرىّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في الرّجل يطلّق امرأته أيمتّعها؟

قال: نعم. أما يحبّ أن يكون من المحسنين؟ أما يحبّ أن يكون من المتّقين؟

( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ ) ، أي: فلهنّ نصف ما فرضتم لهن، أو فالواجب.

( إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ ) ، أي: المطلّقات. فلا يأخذن شيئا.

( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) :

في مجمع البيان(٢) : قيل: هو الوليّ. وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام. وقيل: الزّوج، ورواه أصحابنا.

غير أنّ الأوّل أظهر، وعليه المذهب. (انتهى)

[وفي تفسير العيّاشيّ(٣) :](٤) عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ:( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) قال: هو الأخ والأب والرّجل(٥) يوصى إليه والّذي يجوز أمره في مال(٦) يتيمة.

قلت: أرأيت إن قالت: «لا أجيز» ما يصنع؟

قال: ليس لها ذلك. أتجيز بيعه في مالها ولا تجيز هذا؟

وعن إسحاق بن عمّار(٧) قال: سألت جعفر بن محمّد ـ عليهما السّلام ـ عن قول الله:( إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ ) قال: المراة تعفو عن نصف الصّداق.

قلت:( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) .

قال: أبوها، إذا عفا، جاز له. وأخوها إذا كان يقيم بها. وهو القائم عليها. فهو بمنزلة الأب. يجوز له، وإذا كان الأخ لا(٨) يهتمّ ولا يقيم(٩) عليها، لم يجز عليها أمره.

وعن رفاعة(١٠) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال:( الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) وهو

__________________

(١) نفس المصدر ٦ / ١٠٤ ـ ١٠٥، ح ١.

(٢) مجمع البيان ١ / ٣٤١ ـ ٣٤٢.

(٣) تفسير العياشي ١ / ١٢٥، ح ٤٠٨.

(٤) ليس في أ.

(٥) ليس في ر.

(٦) المصدر: ماله.

(٧) نفس المصدر ١ / ١٢٦، ح ٤١٠.

(٨) المصدر: لا يهتمّ بها.

(٩) المصدر: لا يقوم. (١٠) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٤٠٩.

٣٦٢

الوليّ الّذي أنكح. يأخذ بعضا ويدع بعضا. وليس له أن يدع كلّه.

وفي تهذيب الأحكام(١) : روى ابن أبي عمير(٢) ، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: ومتى طلّقها قبل الدّخول بها، فلأبيها أن يعفو عن بعض الصّداق، ويأخذ بعضا. وليس له أن يدع كلّه. وذلك قول الله ـ عزّ وجلّ:( إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) ، يعني: الأب والّذي توكّله المراة وتوليه أمرها، من أخ أو قرابة وغيرهما.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وفي الكافي(٣) : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، جميعا، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) قال: هو الأب، أو الأخ، أو الرّجل الّذي يوصى إليه. والّذي يجوز أمره في مال المرأة. فيبتاع لها. فيتّجر(٤) . فإذا عفا، فقد جاز.

وممّا يدلّ على أنّ المراد من( الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) الزّوج ما رواه في من لا يحضره الفقيه(٥) ، عن الحسن بن محبوب، عن حمّاد النّاب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: سألته عن رجل تزوّج امرأة على بستان له معروف. وله غلّة كثيرة. ثمّ مكث سنين لم يدخل بها. ثمّ طلقها.

قال: ينظر إلى ما صار إليه من غلّة البستان من يوم تزوجها. فيعطيها نصفه. ويعطيها نصف البستان، إلّا أن يعفو، فيقبل(٦) ، و (يصلحا(٧) ) [ن] على شيء يرضى(٨) به منه. فهو(٩) أقرب للتّقوى.

ويمكن حمل عبارة الآية، على إرادة كلا المعنيين. فإنّ الزّوج والوليّ كليهما بيدهما عقدة النّكاح، للجمع بين الأخبار.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٦ / ٢١٥ ـ ٢١٦، ذيل ح ٥٠٧.

(٢) المصدر: محمد بن أبي عمير.

(٣) الكافي ٦ / ١٠٦، ح ٢. وفيه: صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، وعليّ، عن أبيه وعدة من أصحابنا

(٤) المصدر: فتجيز. (ظ)

(٥) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٧٢، ح ١٢٩٢.

(٦) المصدر: تعفو فتقبل. (ظ)

(٧) كذا في المصدر وفي النسخ.

(٨) المصدر: ترضى. (ظ)

(٩) المصدر: فانّه. (ظ)

٣٦٣

فالمراد بعفو الزّوج، العفو عن استرداد النّصف، وبعفو الوليّ، العفو عن بعض ما تستحقّه المرأة من النّصف.

( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ) ، أي: عفوكم عن الاسترداد، أقرب إلى التقوى.

وفي الكافي(١) : محمّد [بن يحيى](٢) ، عن أحمد بن محمّد، عن (القسم) بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن نجيّة العطّار قال: سافرت مع أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ إلى مكّة فأمر غلامه بشيء. فخالفه إلى غيره.

فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام: والله لأضربنّك، يا غلام! قال: فلم أره ضربه؟

فقلت: جعلت فداك! إنّك حلفت لتضربنّ غلامك. فلم أرك ضربته.

قال: أليس الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ) .

( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) ، أي: لا تتركوا أن يتفضّل بعضكم على بعض.

( إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (٢٣٧): لا يضيع تفضّلكم(٣) .

وفي: الكافي(٤) عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن معاوية بن وهب، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ قال: يأتي على النّاس زمان عضوض، يعضّ كلّ امرئ على ما في يديه. وينسى الفضل. وقد قال الله ـ عزّ وجلّ:( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) . ينبري في ذلك الزّمان قوم يعاملون المضطرّين. هم شرار الخلق.

وفي نهج البلاغة(٥) . قال ـ عليه السّلام: يأتي على النّاس زمان عضوض. يعضّ المؤمن(٦) فيه على ما في يديه. ولم يؤمر بذلك، قال الله سبحانه:( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) .

تنهدّ فيه الأشرار. وتستذلّ الأخيار. ويباع المضطرّون. وقد نهى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن بيع المضطرين.

وفي عيون الأخبار(٧) ، في باب ما جاء عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ من الأخبار

__________________

(١) الكافي ٧ / ٤٦٠، ح ٤.

(٢) يوجد في المصدر وأ.

(٣) أ: لفضلكم.

(٤) نفس المصدر ٥ / ٣١٠، ح ٢٨.

(٥) نهج البلاغة / ٥٥٧، حكمة ٤٦٨.

(٦) المصدر: الموسر.

(٧) عيون أخبار الرضا ٢ / ٤٥، ح ١٦٨.

٣٦٤

المجموعة، وبإسناده عن الحسين بن عليّ ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: خطبنا أمير المؤمنين ـ عليه السّلام. فقال: سيأتي على النّاس زمان عضوض. يعضّ المؤمن على ما في يده. ولم يؤمر(١) بذلك. قال تعالى:( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ. [إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) .

وفي تفسير العيّاشيّ(٢) : عن بعض بني عطيّة، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في مال اليتيم، يعمل به الرّجل(٣) .

قال: يقبله من الرّبح شيئا. إنّ الله يقول:( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) ].(٤)

( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ ) بالأداء لوقتها والمداومة عليها. ولعلّ الأمر بها في تضاعيف أحكام الأولاد والأزواج، لئلّا يلهيهم الاشتغال بها عنها.

وفي الكافي(٥) : عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرّحمن، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبان بن تغلب قال: كنت صلّيت خلف أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ بالمزدلفة. فلمّا انصرف التفت إليّ. فقال: يا أبان! الصّلوات الخمس المفروضات. من أقام حدودهنّ وحافظ على مواقيتهنّ، لقى الله يوم القيامة وله عنده عهده(٦) ، يدخله به الجنّة. ومن لم يقم حدودهنّ ولم يحافظ على مواقيتهنّ، لقى الله ولا عهد له. إن شاء عذّبه. وإن شاء غفر له.

عليّ بن محمّد(٧) ، عن سهل بن زياد، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: لا يزال الشّيطان ذعرا من المؤمن، ما حافظ على الصّلوات الخمس. فإذا ضيّعهنّ، تجرأ عليه. فأدخله في العظائم.

جماعة(٨) ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حسين بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول: إنّ الصّلوة إذا ارتفعت في وقتها(٩) ، رجعت إلى صاحبها، وهي بيضاء مشرقة، تقول: «حفظتني.

حفظك الله.» وإذا ارتفعت في غير وقتها، بغير حدودها، رجعت إلى صاحبها، وهي سوداء

__________________

(١) كذا في النسخ. وفي المصدر: لم يؤمن.

(٢) تفسير العيّاشي ١ / ١٢٦، ح ٤١٣.

(٣) ر: الرجال.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) الكافي ٣ / ٢٦٧، ح ١.

(٦) المصدر: عهد. (ظ)

(٧) نفس المصدر ٣ / ٢٦٩، ح ٨.

(٨) نفس المصدر ٣ / ٢٦٨، ح ٤. (٩) المصدر: في أوّل وقتها.

٣٦٥

مظلمة. تقول: «ضيّعتني ضيّعك الله.»

( وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) ، أي: الوسطى بينها. وهي صلاة الظّهر، كما في بعض الأخبار، أو العصر، كما في بعض آخر. ويمكن الحمل على الكلّ، جمعا بين الأخبار.

وقرئ بالنّصب، على الاختصاص.

في الكافي(١) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل، يقول فيه ـ عليه السّلام: وقال تعالى:( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) . وهي صلاة الظهر. وهي أوّل صلاة صلّاها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. وهي وسط النّهار. ووسط صلاتين بالنهار، صلاة الغداة وصلاة العصر.

وفي بعض القراءة: حافظوا على الصلوات والصّلوة الوسطى صلاة العصر. وقوموا لله قانتين.

قال: ونزلت هذه الآية يوم الجمعة، ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في سفر، فقنئت(٢) فيها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله. وتركها على حالها في السّفر والحضر. وأضاف للمقيم ركعتين. وإنّما وضعت الرّكعتان اللّتان أضافهما النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ يوم.

الجمعة للمقيم، لمكان الخطبتين مع الإمام. فمن صلّى الجمعة(٣) في غير جماعة، فليصلّها أربع ركعات، كصلاة الظّهر في سائر الأيّام.

وفي تهذيب الأحكام(٤) : أحمد بن محمّد بن عيسى، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ مثله.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٥) : حدّثني أبي، عن النّضر بن سويد، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قرأ: حافظوا على الصّلوات والصّلوة الوسطى صلاة العصر.

وقوموا لله قانتين.

وقوله:( قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) قال: إقبال الرّجل على صلاته. ومحافظته حتّى لا يلهيه ولا يشغله عنها شيء.

__________________

(١) نفس المصدر ٣ / ٢٧١ ـ ٢٧٢، ضمن ح ١.

(٢) المصدر: في سفره فقنت.

(٣) المصدر: يوم الجمعة.

(٤) تهذيب الأحكام ٢ / ٢٤١، ح ٩٥٤.

(٥) تفسير القمي ١ / ٧٩.

٣٦٦

وفي تفسير العيّاشيّ: عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: قلت له: الصلاة الوسطى.

فقال: حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى. [وصلاة العصر وقوموا لله قانتين.

والوسطى هي الظّهر. وكذلك كان يقرؤها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله.

عن زرارة ومحمّد بن مسلم(١) ، أنّهما سألا أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله:( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) .

قال: صلاة الظّهر].(٢)

عن محمّد بن مسلم(٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: الصّلاة الوسطى، هي الوسطى من صلاة النّهار. وهي الظّهر، وإنّما يحافظ أصحابنا على الزّوال، من أجلها.

وفي كتاب علل الشّرائع(٤) ، بإسناده إلى الحسن بن عبد الله، عن آبائه، عن جدّه الحسن بن عليّ بن أبي طالب ـ عليهما السّلام ـ عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ في حديث طويل يقول فيه ـ صلّى الله عليه وآله: وقد سأله بعض اليهود عن مسائل: وأما صلاة العصر فهي السّاعة الّتي أكل آدم فيها من الشّجرة. فأخرجه الله من الجنّة. فأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ ذرّيّته بهذه الصّلاة، إلى يوم القيامة. واختارها لأمتي. فهي من أحب الصّلوات(٥) إلى الله ـ عزّ وجلّ. وأوصاني أن أحفظها من بين الصّلوات(٦) .

وبإسناده(٧) إلى عبيد الله بن عليّ الحلبيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام: أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال: الموتور أهله وماله من ضيّع صلاة العصر.

قلت: ما الموتور أهله وماله؟

قال: لا يكون له في الجنّة أهل ولا مال. يضيّعها. فيدعها(٨) متعمّدا، حتّى تصفرّ الشّمس وتغيب.

[( وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) (٢٣٨)، أي: في الصّلاة قانتين، أي: ذاكرين داعين في القيام.

وروى سماعة(٩) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام: أنّ القنوت هو الدّعاء.

__________________

(١) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٤١٧.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) تفسير العياشي ١ / ١٢٨، ح ٤١٩.

(٤) علل الشرائع ٢ / ٣٣٧، ح ١.

(٥ و ٦) ر: الصلاة.

(٧) نفس المصدر ٢ / ٣٥٦، ح ٤.

(٨) ليس في المصدر. (٩) تفسير العياشي ١ / ١٢٨، ح ٤٢٠.

٣٦٧

وفي تفسير العيّاشيّ(١) :](٢) ، عن عبد الرّحمن بن كثير عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله:( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) .

قال: الصّلوات رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السّلام. والوسطى أمير المؤمنين ـ عليه السّلام.( وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) طائعين للأئمة. وقد سبق، أيضا، أنّ المراد به طائعين الأئمة.

( فَإِنْ خِفْتُمْ ) من عدوّ أو غيره،( فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً ) : فصلّوا رجالا أو ركبانا.

«رجال»: جمع راجل، كقيام وقائم.

و «ركبان»: جمع راكبا، كشابّ وشبّان.

وفي الكافي(٣) : أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن عبد الرّحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ:( فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً ) كيف يصلّي(٤) ؟ وما يقول إذا خاف من سبع أو لصّ، كيف يصلّي؟

قال: يكبّر. ويؤمئ إيماء برأسه.

وفي تفسير العيّاشيّ(٥) : عن زرارة عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: قلت له: [أخبرني عن](٦) صلاة المواقفة.

فقال: إذا لم يكن(٧) الضّعف من عدوّك، صلّيت إيماء، راجلا كنت، أو راكبا.

فإنّ الله يقول:( فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً ) . تقول في الرّكوع: «لك ركعت وأنت ربّي.» وفي السّجود: «لك سجدت وأنت ربّي» أينما توجّهت بك دابّتك، غير أنّك تتوجّه(٨) حين تكبّر أوّل تكبيرة.

[وعن أبان(٩) ،](١٠) عن منصور(١١) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: فات أمير المؤمنين

__________________

(١) نفس المصدر والموضع، ح ٤٢١.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) الكافي ٣ / ٤٥٧، ح ٦.

(٤) أ: أصلّى. ر: نصلّى.

(٥) تفسير العياشي ١ / ١٢٨، ح ٤٢٢.

(٦) يوجد في المصدر.

(٧) المصدر: لم نكن.

(٨) المصدر: توجّه.

(٩) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٤٢٣.

(١٠) ليس في أ.

(١١) في المصدر: «أبان بن منصور» بدل أبان عن منصور.

٣٦٨

ـ عليه السّلام ـ والنّاس يوم صفّين(١) صلاة الظّهر(٢) والعصر والمغرب والعشاء. فأمرهم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أن يسبّحوا ويكبّروا ويهلّلوا.

قال: وقال الله:( فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً ) . فأمرهم عليّ ـ عليه السّلام ـ فصنعوا ذلك ركبانا ورجالا.

وفي مجمع البيان(٣) : ويروى أنّ عليّا ـ عليه السّلام ـ صلّى ليلة الهرير خمس صلوات بالإيماء. وقيل: بالتّكبير. وأنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ صلّى يوم الأحزاب بايماء(٤) .

وفي من لا يحضره الفقيه:(٥) روى عبد الرّحمن بن أبي عبد الله، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ في صلاة الزّحف قال: تكبير وتهليل(٦) .

يقول الله ـ عزّ وجلّ:( فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً ) .

وروى(٧) عن أبي بصير أنّه قال: سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول: إن كنت في أرض مخوفة، فخشيت لصّا أو سبعا (في الفريضة، فصلّ(٨) ) وأنت على دابّتك.

وفي رواية زرارة(٩) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: الّذي يخاف اللّصوص، يصلّي إيماء على دابته.

( فَإِذا أَمِنْتُمْ ) من الخوف،( فَاذْكُرُوا اللهَ ) : صلّوا صلاة الأمن، أو اشكروه على الأمن.

( كَما عَلَّمَكُمْ ) ذكرا مثل ما علّمكم.

و «ما» مصدريّة، أو موصولة، أو موصوفة.

( ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) (٢٣٩): مفعول علّمكم.

( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ ) :

التّقدير على قراءة النّصب: «ليوصوا وصيّة»، أو «كتب الله عليهم وصيّة»، أو

__________________

(١) المصدر: يوما بصفين. (ظ)

(٢) المصدر: يعنى صلاة الظهر.

(٣) مجمع البيان ١ / ٣٤٤.

(٤) المصدر: إيماء. (ظ)

(٥) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٩٥، ح ١٣٤٤.

(٦) المصدر: تكبّر وتهلّل.

(٧) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٣٤٥.

(٨) المصدر ور: فصلّ الفريضة. (ظ)

(٩) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ١٣٤٦.

٣٦٩

«ألزموا وصيّة»، وعلى قراءة الرّفع: «وصيّة الّذين»، أو «حكمهم»، أو «هم أهل وصيّة»، أو «كتب عليهم وصيّة»، أو «عليهم وصيّة.» وقرئ «متاع» بدلها( مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ ) ، نصب بليوصوا، إن أضمرت، وإلّا فبالوصيّة، أو بمتاع على قراءة من قرأ. لأنّه بمعنى التّمتيع.

( غَيْرَ إِخْراجٍ ) : بدل منه، أو مصدر مؤكّد، كقولك: «هذا القول غير ما تقول»، أو حال من «أزواجهم»، أي: غير مخرجات.

والمعنى: أنّه يجب على الّذين يتوفّون أن يوصّوا قبل أن يحتضروا لأزواجهم بأن يمتّعن بعدهم حولا بالسّكنى.

وكان ذلك أوّل الإسلام. فنسخت المدّة بقوله:( أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) . لأنّه متأخّر عنه في النّزول.

وفي تفسير العيّاشيّ(١) : عن أبي بصير، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: سألته عن قوله:( مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ ) .

قال: منسوخة. نسختها آية( يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) ، أو نسختها آيات الميراث.

عن ابن أبي عمير(٢) ، عن معاوية بن عمّار قال: سألته عن قول الله:( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ ) قال: منسوخة ـ وذكر كما سبق، سواء.

( فَإِنْ خَرَجْنَ ) عن منزل الأزواج،( فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ ) ممّا لم ينكره الشّرع غير الخروج. وأمّا فيه، فعليكم الجناح في ترك كفّهنّ.

( وَاللهُ عَزِيزٌ ) : غالب على الانتقام ممّن خالفه.( حَكِيمٌ ) (٢٤٠): بمصالحهم.

( وَلِلْمُطَلَّقاتِ ) ، سواء المفوّضة وغيرها، سوى المختلعة، كما مرّ إلّا أنّ للمفوّضة على سبيل الوجوب ولغيرها على الاستحباب.

( مَتاعٌ ) : متعة،( بِالْمَعْرُوفِ ) : بما يعرفه الشّرع ،

__________________

(١) تفسير العياشي ١ / ١٢٩، ح ٤٢٧.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٤٢٦.

٣٧٠

( حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) (٢٤١): الكاملين الّذين يتّقون في ترك الواجبات والمندوبات. وقال قوم: المراد بالمتاع، نفقة العدّة.

وفي الكافي(١) : أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ، عن عبد الكريم، عن الحلبيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) قال: متاعها بعد ما تنقضي عدّتها( عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ) . وكيف يمتّعها(٢) وهي في عدّتها ترجوه ويرجوها؟ ويحدث الله ـ عزّ وجلّ ـ بينهما ما يشاء.

وقال: إذا كان الرّجل موسعا، عليه متّع امرأته بالعبد والأمة. والمقتر يمتّع بالحنطة(٣) والزّبيب والثّوب والدّراهم. وإنّ الحسن بن عليّ ـ عليه السّلام ـ متّع امرأة له بأمة. ولم يطلّق امرأة إلّا متّعها.

حميد بن زياد(٤) ، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبد الله بن سنان، وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى(٥) ، عن سماعة، جميعا، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) قال: متاعا(٦) بعد ما تنقضي عدّتها( عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ) .

قال: فكيف يمتّعها في عدّتها؟ وهي ترجوه. ويرجوها. ويحدث الله ما يشاء. أما إنّ الرّجل الموسر يمتّع المرأة بالعبد والأمة. ويمتّع الفقير بالحنطة(٧) والزّبيب والثّوب والدّراهم، وإنّ الحسن بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ متّع امرأة طلقها بأمة. ولم يكن يطلّق امرأة إلّا متّعها.

حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ مثله، إلّا أنّه قال: وكان الحسن بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ يمتّع نساءه، بالأمة.

عدّة من أصحابنا(٨) ، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام: أخبرني عن قول الله ـ عزّ وجلّ :

__________________

(١) الكافي ٦ / ١٠٥، ح ٣.

(٢) المصدر: لا يمتّعها.

(٣) المصدر: بالحنطة والشعير.

(٤) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٤.

(٥) هكذا في النسخ. وفي المصدر: عثمان بن عيسى.

(٦) المصدر: متاعها.

(٧) المصدر: بالحنطة والتمر.

(٨) نفس المصدر ٦ / ١٠٥ ـ ١٠٦، ح ٥.

٣٧١

( وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) ، ما أدنى ذلك، المتاع إذا كان معسرا لا يجد؟

قال: خمار وشبهه.

( كَذلِكَ ) : إشارة إلى ما سبق من أحكام الطّلاق والعدد.

( يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ ) :

وعد بأنّه سيبيّن لعباده ما يحتاجون إليه في المعاش والمعاد.

( لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (٢٤٢)، أي: تستعملون العقل في فهمها.

( أَلَمْ تَرَ ) :

تعجيب وتقرير لمن سمع بقصتهم من أهل الكتاب وأرباب التّواريخ. وقد يخاطب به من لم ير ولم يسمع، فإنّه صار مثلا في التّعجيب.

( إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ ) :

قيل(١) : يريد أهل داوردان قرية قبل واسط.

وسيجيء في الحديث: أنّ هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشّام.

( وَهُمْ أُلُوفٌ ) ، أي: ألوف كثيرة. أعني سبعين ألف بيت.

وقيل(٢) : متآلفون جمع ألف وألف، كقاعد وقعود.

والأوّل هو الصّحيح.

و «الواو»، للحال.

( حَذَرَ الْمَوْتِ ) : مفعول له.

( فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ) :

قال لهم: موتوا. فماتوا، كقوله: كن فيكون.

والمعنى: أنّهم ماتوا ميتة رجل واحد من غير علّة بمشيئة الله وأمره.

( ثُمَّ أَحْياهُمْ ) حين مرّ عليهم حزقيل.

( إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ) حيث أحياهم للاعتبار والفوز بالسّعادات.

( وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ) (٢٤٣)، اي: لا يشكرونه كما ينبغي، أو لا يعتبرون.

وفي عيون الأخبار(٣) ، في باب مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع أهل الأديان

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ٣٤٧.

(٢) نفس المصدر ١ / ٣٤٦.

(٣) عيون أخبار الرضا / ١٣١، ح ١.

٣٧٢

والمقالات في التّوحيد، في كلام للرّضا ـ عليه السّلام ـ مع النّصارى. قال ـ عليه السّلام: فمتى اتّخذتم عيسى ربّا، لجاز لكم أن تتّخذوا اليسع وحزقيل. لأنّهما قد صنعا مثل ما صنع عيسى بن مريم ـ عليهما السّلام ـ من إحياء الموتى وغيره. إنّ قوما من بني إسرائيل أخرجوا(١) من بلادهم من الطّاعون وهم ألوف حذر الموت. فأماتهم الله في ساعة واحدة. فعمد أهل تلك القرية. فحظروا عليهم حظيرة. ولم يزالوا فيها حتّى نخرت عظامهم. وصاروا رميما.

فمرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل. فتعجّب منهم ومن كثرة العظام البالية.

فأوحى الله إليه: أتحبّ أن أحييهم لك فتنذرهم؟

قال: نعم. يا ربّ! فأوحى الله إليه أن نادهم.

فقال: أيّتها العظام البالية! قومي بإذن الله تعالى.

فقاموا أحياء أجمعون. ينفضون(٢) التّراب عن رؤوسهم.

وفي هذا المجلس، يقول الرّضا ـ عليه السّلام: ولقد صنع حزقيل النّبي ـ عليه السّلام ـ مثل ما صنع عيسى بن مريم: فأحيى خمسة وثلاثين ألف رجل بعد موتهم، بستّين سنة. ثمّ التفت إلى رأس الجالوت. فقال له: يا رأس الجالوت! أتجد هؤلاء في شباب بني إسرائيل في التوراة اختارهم بخت نصر من بني إسرائيل(٣) حين غزا بيت المقدس؟

ثمّ انصرف بهم إلى بابل. فأرسله الله ـ عزّ وجلّ ـ إليهم. فأحياهم. هذا في التوراة.

لا يدفعه إلّا كافر منكم.

وفي روضة الكافي(٤) : عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد وغيره، عن بعضهم، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وبعضهم عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ:( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ ) فقال: إنّ هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشّام.

وكانوا سبعين ألف بيت. وكان الطّاعون يقع فيهم في كلّ أوان. فكانوا إذا أحسّوا به خرج من المدينة الأغنياء لقوّتهم وبقي فيها الفقراء لضعفهم. فكان الموت يكثر في الّذين أقاموا ويقلّ في الّذين خرجوا.

__________________

(١) ر: خرجوا. (ظ)

(٢) أ: ينقضون.

(٣) المصدر: صبي بني إسرائيل.

(٤) الكافي ٨ / ١٩٨، ح ٢٣٧.

٣٧٣

فيقول الّذين خرجوا: لو كنّا أقمنا لكثر فينا الموت.

ويقول الّذين أقاموا: لو كنّا خرجنا لقلّ فينا الموت.

قال: فاجتمع رأيهم جميعا أنّه إذا وقع الطّاعون فيهم وأحسّوا به، خرجوا كلّهم من المدينة. فلمّا أحسّوا بالطّاعون خرجوا جميعا. وتنحّوا عن الطّاعون حذر الموت. فساروا في البلاد ما شاء الله. ثمّ أنّهم مرّوا بمدينة خربة قد خلا أهلها عنها وأفناهم الطّاعون. فنزلوا بها.

فلمّا حطّوا رحالهم فاطمأنّوا [بها](١) قال لهم الله ـ عزّ وجلّ: موتوا جميعا.

فماتوا من ساعتهم. وصاروا رميما يلوح إذ ماتوا على طريق المارّة. فكنستهم المارّة.

فنحّوهم وجمعوهم في موضع. فمرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل، يقال له حزقيل.

فلمّا رأى تلك العظام، بكى واستعبر. وقال: يا ربّ! لو شئت لأحييتهم السّاعة، كما أمتّهم. فعمروا بلادك وولدوا عبادك وعبدوك مع من يعبدك من خلقك.

فأوحى الله تعالى إليه: أفتحبّ ذلك؟

قال: نعم، يا ربّ! فأحياهم الله.

قال: فأوحى الله أن: قل كذا وكذا.» فقال الّذي أمر الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يقوله.

فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: وهو الاسم الأعظم، فلمّا قال حزقيل ذلك الكلام، نظر إلى العظام: يطير بعضها إلى بعض. فعادوا أحياء. ينظر بعضهم إلى بعض.

يسبّحون الله عزّ ذكره. ويكبّرونه. ويهلّلونه. فقال حزقيل عند ذلك: أشهد أنّ الله على كلّ شيء قدير.

قال عمر بن يزيد: فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: فيهم نزلت هذه الآية(٢) .

وفي مجمع البيان(٣) وسأل زرارة بن أعين(٤) أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن هؤلاء القوم الّذين قال لهم الله موتوا ثمّ أحياهم. فقال: أحياهم حتّى نظر النّاس إليهم، ثمّ أماتهم، أم ردّهم إلى الدّنيا حتّى سكنوا الدّور وأكلوا الطّعام؟

قال: لا. بل ردّهم الله حتّى سكنوا الدّور وأكلوا الطّعام ونكحوا النّساء ومكثوا

__________________

(١) يوجد في المصدر.

(٢) المصدر: فأحيهم. بدل «فأحياهم الله.»

(٣) مجمع البيان ١ / ٣٤٣.

(٤) المصدر: حمران. وأيضا في هامش الأصل (خ ل.)

٣٧٤

بذلك ما شاء الله ثمّ ماتوا بآجالهم.

وفي غوالي اللّئالئ(١) ، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ حديث طويل، يذكر فيه نيروز الفرس. وفيه: ثمّ أنّ نبيّا من أنبياء بني إسرائيل، سأل ربّه أن يحيي القوم الّذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت. فأماتهم الله. فأوحى إليه أن صبّ الماء في مضاجعهم. فصبّ عليهم الماء في هذا اليوم. فعاشوا. وهم ثلاثون ألفا. فصار صبّ الماء في اليوم النّيروز سنّة ماضية. لا يعرف سببها إلّا الرّاسخون في العلم.

( وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ) :

لمّا بيّن أنّ الفرار من الموت غير منج، أمرهم بالقتال، إذ لو جاء أجلهم ففي سبيل الله، وإلّا فبالنّصر(٢) والثّواب.

( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ ) لما يقول المتخلّف والسّابق،( عَلِيمٌ ) (٢٤٤) بما يضمرانه ومجاز عليهما.

( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ ) :

«من»، استفهاميّة مرفوعة المحلّ بالابتداء. و «ذا»، خبره و «الّذي» صفة «ذا»، أو بدله. و «إقراض الله» مثل لتقديم العمل الّذي يطلب به ثوابه.

( قَرْضاً حَسَناً ) : مقرونا بالإخلاص وطيب النّفس، أو مقرضا حلالا طيّبا.

وقيل(٣) : القرض الحسن، المجاهدة والإنفاق في سبيل الله. [وفي الخبر أنّه صلة الإمام(٤)

،](٥)

وفي من لا يحضره الفقيه(٦) : سئل الصّادق ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ:( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ) قال: نزلت في صلة الإمام ـ عليه السّلام.

( فَيُضاعِفَهُ لَهُ ) : فيضاعف جزاءه له أخرجه على صورة المغالبة للمبالغة.

وقرأ عاصم بالنّصب، على جواب الاستفهام، حملا على المعنى. فإنّ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ ) في معنى «أيقرض الله أحد.» وقرأ ابن كثير يضعفه (بالرّفع.) وابن عامر ويعقوب، بالنّصب.

__________________

(١) غوالي اللئالى ٣ / ٤١، ح ١١٦.

(٢) هكذا في النسخ. والظاهر: النصر.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ١٢٨.

(٤) ر تفسير العياشي ١ / ١٣١.

(٥) يوجد في أ، فقط.

(٦) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٤٢، ح ١٨٩.

٣٧٥

( أَضْعافاً كَثِيرَةً ) :

أضعاف، جمع ضعف. ونصبه على الحال من الضّمير المنصوب، أو المفعول الثّاني لتضمّن المضاعفة معنى التّصيير، أو المصدر على أنّ الضّعف اسم المصدر وجمع للتّنويع.

والكثرة من الله. لا يقدّرها إلّا الله.

في كتاب معاني الأخبار(١) حدّثنا [محمد بن](٢) موسى بن المتوكّل قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن أيّوب الخزّاز قال: سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول: لـمّا نزلت(٣) هذه [الآية](٤) على النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله:(٥) ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ) . قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: أللّهمّ زدني.

فأنزل الله ـ عزّ وجل(٦) .( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) .

فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: أللّهمّ زدني.

فأنزل الله ـ عزّ وجلّ:( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ) . فعلم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّ الكثير من الله لا يحصى وليس له منتهى.

وفي أصول الكافي(٧) : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن عيسى بن سليمان النّخّاس، عن المفضّل بن عمر، عن الخيبريّ ويونس بن ظبيان قالا: سمعنا أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول: ما من شيء أحبّ إلى الله من إخراج الدّراهم إلى الإمام. وأنّ الله ليجعل له الدّرهم في الجنّة مثل جبل أحد. ثمّ قال: إنّ الله يقول في كتابه:( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ) . قال: هو والله في صلة الإمام، خاصّة.

عدّة من أصحابنا(٨) ، عن سهل بن زياد، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعا، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ

__________________

(١) معاني الأخبار / ٣٩٧ ـ ٣٩٨، ح ٥٤.

(٢) يوجد في المصدر.

(٣) المصدر: إنّما أنزلت.

(٤) يوجد في المصدر.

(٥) النمل / ٨٩.

(٦) الأنعام / ١٦٠.

(٧) الكافي ١ / ٥٣٧، ح ٢.

(٨) نفس المصدر ٢ / ٢٦، ح ٥.

٣٧٦

قال: قلت: فهل للمؤمن فضل على المسلم في شيء من الفضائل والأحكام والحدود وغير ذلك؟

فقال: لا. هما يجريان في ذلك مجرى واحد. ولكنّ للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما وما يتقرّبان به إلى الله ـ عزّ وجلّ.

قلت: أليس الله ـ عزّ وجلّ ـ يقول:( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) ؟

وزعمت أنّهم مجتمعون على الصّلاة والزكاة والصوم والحجّ مع المؤمن.

قال: أليس قد قال الله ـ عزّ وجلّ:( فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ) ؟ فالمؤمنون هم الّذين يضاعف الله ـ عزّ وجلّ ـ لهم حسناتهم، لكلّ حسنة سبعون ضعفا. فهذا فضل المؤمن. ويزيده الله في حسناته على قدر صحّة إيمانه، أضعافا كثيرة. ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

والمسلم والمؤمن(١) ، كلاهما من أهل الولاية. لكنّ المؤمن أعلى مرتبة. وهو من دخل الإيمان في قلبه بالبرهان. واعتقاده أكمل. وإخلاصه أوفر.

وفي كتاب ثواب الأعمال(٢) : أبي ـ رضي الله عنه ـ قال: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن عمران(٣) بن موسى، عن يعقوب بن يزيد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت للصّادق ـ عليه السّلام: ما معنى قول الله ـ تبارك وتعالى:( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ) ؟

قال: صلة الإمام.

أبي ـ رحمه الله ـ قال(٤) : حدّثنا محمّد بن أحمد، عن عليّ بن الفضل، عن أبي طالب عبد الله بن الصّلت، عن يونس بن عبد الرّحمن، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ مثله.

( وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ ) ، أي: يقتر على بعض ويوسع على بعض، حسب ما اقتضته حكمته.

وقرئ «يبسط»، بالصّاد.

__________________

(١) ر: والمسلم والمؤمن والكافر. (!؟)

(٢) ثواب الأعمال / ١٢٤، ح ١.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ: حمران.

(٤) نفس المصدر / ١٢٥، ذيل ح ١.

٣٧٧

( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (٢٤٥) فيجازيكم على ما قدّمتم.

في كتاب التّوحيد(١) ، بإسناده إلى سليمان بن مهران، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل، يقول ـ عليه السّلام: والقبض من الله تعالى، في موضع آخر المنع. والبسط منه، الإعطاء والتّوسّع(٢) ، كما قال ـ عزّ وجلّ:( وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) ، يعني: يعطي. ويوسّع. ويمنع. ويقبض(٣) .

( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ ) : «الملأ»: جماعة يجتمعون للتّشاور، لا واحد له، كالقوم.

و «من»، للتّبعيض.

( مِنْ بَعْدِ مُوسى ) ، أي: من بعد وفاته.

و «من»، للابتداء.

( إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ) :

قيل(٤) : هو يوشع. وقيل(٥) : شمعون.

وفي مجمع البيان(٦) : اختلف فيه فقيل: إشمويل. وهو بالعربيّة: إسماعيل. (عن أكثر المفسّرين. وهو المرويّ عن أبي جعفر ـ عليه السّلام.)

( ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) : أقم لنا أميرا لننهض معه للقتال.

و «نقاتل» مجزوم على الجواب.

وقرئ بالرّفع، على أنّه حال، أي: مقدّرين القتال. ويقاتل (بالياء) مجزوما على الجواب، ومرفوعا على الوصف لملكا.

( قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا ) :

وقرأ نافع: عسيتم. (بالكسر) و «ألّا تقاتلوا» خبر «عسى.» فصل بينه وبين خبره بالشّرط.

وإدخال «هل» على الفعل المتوقّع، للتّقرير والتّثبيت.

( قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا ) ، أي: أيّ

__________________

(١) التوحيد / ١٦١، ح ٢.

(٢) المصدر: التوسيع.

(٣) المصدر: يضيق. (ظ)

(٤ و ٥) أنوار التنزيل ١ / ١٢٩.

(٦) مجمع البيان ١ / ٣٥٠.

٣٧٨

غرض لنا في التّخلف عن القتال وقد عرض ما يوجبه من الإخراج عن الأوطان والإفراد عن الأولاد؟ وذلك أنّ جالوت ومن معه من العمالقة، كانوا يسكنون ساحل بحر الرّوم، بين مصر وفلسطين. فظهروا على بني إسرائيل. فأخذوا ديارهم. وسبوا أولادهم.

قيل(١) : وأسروا من أبناء الملوك، أربعمائة وأربعين.

( فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ) :

في كتاب معاني الأخبار(٢) : أبي ـ رحمه الله ـ قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النّعمان، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ:( فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ) قال: كان القليل ستّين ألفا.

( وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) (٢٤٦): وعيد لهم بترك الجهاد.

( وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً ) :

«طالوت» علم عبريّ، كداود. وجعله فعلوتا من الطّول، يدفعه منع صرفه.

نقل(٣) أنّ نبيّهم ـ عليه السّلام ـ لـمّا دعى الله أن يملّكهم، أتى بعصى يقاس بها من يملك عليهم. فلم يساوها إلّا طالوت.

( قالُوا: أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا ) . [وكانت النّبوّة في ولد لاوي ابن يعقوب والملك في ولد يوسف. وكان طالوت] من ولد بنيامين(٤) ، أخي يوسف لأمّه لم يكن من بيت النبوّة ولا من بيت المملكة.

( وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ ) : وراثة.

( وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ ) لأنّ طالوت كان فقيرا. فنحن أحقّ بالملك منه.

( قالَ ) : النّبيّ ـ عليه السّلام:( إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) (٢٤٧) :

الأوّل أنّ المعتبر اصطفاء الله. وقد اصطفاه عليكم، الثّاني ـ أنّ الشّرط فيه وفور العلم، ليتمكّن من السّياسة وجسامة البدن، ليكون

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ١٢٩.

(٢) معاني الأخبار ١٥١، ح ١.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ١٢٩.

(٤) النسخ: ابن يامين.

٣٧٩

له خطر في القلوب وقوّة على مقاومة العدوّ. وقد زاده الله فيهما.

الثّالث ـ أنّ الله مالك الملك، يؤتي ملكه من يشاء.

الرّابع ـ أنّه واسع الفضل. فيغني الفقير عليم بمن يليق بالملك.

وفي كتاب الاحتجاج(١) ، للطّبرسيّ ـ ره ـ من كلام لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام: اسمعوا ما أتلو عليكم من كتابه المنزل على نبيّه المرسل، لتتّعظوا. فإنّه، والله! [أبلغ](٢) عظة لكم. فانتفعوا بمواعظ الله. وانزجروا عن معاصي الله. فقد وعظكم الله بغيركم، فقال لنبيّه ـ عليه السّلام:( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ ) ـ إلى قوله ـ( وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) . أيّها النّاس! إنّ لكم في هذه الآيات عبرة، لتعلموا أنّ الله جعل الخلافة والأمر من بعد الأنبياء في أعقابهم. وأنّه فضّل طالوت، وقدّمه على الجماعة باصطفائه إيّاه وزيادة بسطة في العلم والجسم. فهل تجدون [أنّ](٣) الله اصطفى بني أميّة على بني هاشم وزاد معاوية عليّ بسطة في العلم والجسم؟

وفي أمالي شيخ الطّائفة(٤) ـ قدس سره ـ بإسناده إلى عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ قال: قلت أربع أنزل الله تعالى تصديقي بها في كتابه ـ إلى قوله عليه السّلام ـ وقلت: قدرا. وقال: قيمة كلّ امرئ ما يحسن. فأنزل الله تعالى في قصّة طالوت:( إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ) .

وفي عيون الأخبار(٥) ، في باب ما جاء عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ في وصف الإمامة والإمام: أنّ الأنبياء والأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ يوفّقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم. فيكون علمهم فوق كلّ علم أهل زمانهم، في قوله عزّ وجلّ(٦) :( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٧) ، وقوله ـ عزّ وجلّ(٨) ـ في طالوت:( إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) .

__________________

(١) الاحتجاج ١ / ٢٥٣.

(٢) يوجد في المصدر.

(٣) يوجد في المصدر.

(٤) أمالي الشيخ ٢ / ١٠٨.

(٥) عيون أخبار الرّضا ١ / ١٧٤، ح ١.

(٦) يونس / ٣٥.

(٧) يوجد في المصدر بعد ذكر هذه الآية: وقوله ـ عزّ وجلّ:( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) .(البقرة / ٢٦٩)

(٨) البقرة / ٢٤٧.

٣٨٠

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : حدّثني أبي، عن النّضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام: أنّ بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي(٢) وغيّروا دين الله وعتوا عن أمر ربّهم. وكان فيهم نبيّ يأمرهم وينهاهم. فلم يطيعوه. وروى أنّه إرميا النّبيّ فسلّط الله عليهم جالوت. وهو من القبط.

فاذلّهم. وقتل رجالهم. وأخرجهم من ديارهم وأموالهم. واستعبد نساءهم. ففزعوا إلى نبيّهم. وقالوا: سل أن الله(٣) يبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله.

وكانت النّبوّة في بني إسرائيل في بيت، والملك والسّلطان في بيت آخر. لم يجمع الله لهم (النّبوّة والملك) في بيت واحد. فمن ذلك قالوا:( ابْعَثْ لَنا [مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) . فقال لهم نبيّهم:( هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا. قالُوا: وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا ) .

وكان كما قال الله ـ تبارك وتعالى:( فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) ].(٤) فقال( لَهُمْ نَبِيُّهُمْ: إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً ) . فغضبوا من ذلك.

و( قالُوا: أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا. وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ. وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ ) .

وكانت النّبوّة في ولد لاوي والملك في ولد يوسف. وكان طالوت من ولد بنيامين(٥) أخي(٦) يوسف لأمّه. لم يكن من بيت النّبوّة ولا من بيت المملكة.

فقال لهم نبيّهم:( إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) . وكان أعظمهم جسما. وكان شجاعا قويّا. وكان أعلمهم. إلّا أنّه كان فقيرا. فعابوه بالفقر. فقالوا:( لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ ) .

فقال لهم نبيّهم:( إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ ) . وكان التّابوت الذي أنزل(٧) على موسى ،

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ٨١ ـ ٨٢.

(٢) المصدر: المعاصي.

(٣) المصدر: سل الله. (ظ)

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.

(٥) النسخ والمصدر: ابن يامين.

(٦) النسخ: أخو.

(٧) المصدر: أنزل الله.

٣٨١

فوضعته فيه أمّه، فألقته(١) في اليمّ. فكان في بني إسرائيل [معظّما].(٢) يتبرّكون به. فلمّا حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه(٣) وما كان عنده من آيات النّبوّة. وأودعه يوشع، وصيّه. فلم يزل التّابوت بينهم استخفّوا(٤) . وكان الصّبيان يلعبون به في الطّرقات. فلم يزل بنو إسرائيل في عزّ وشرف ما دام التّابوت عندهم. فلمّا عملوا بالمعاصي واستخفّوا بالتّابوت، رفعه الله عنهم.

فلمّا سألوا النّبيّ بعث الله طالوت إليهم ملكا يقاتل(٥) معهم، ردّ الله عليهم التّابوت، كما قال الله:( إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ. فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ ) قال: البقيّة ذرّيّة الأنبياء قوله فيه سكينة من ربّكم. فإنّ التّابوت كان يوضع بين يدي العدوّ وبين المسلمين، فيخرج منه ريح طيّبة، لها وجه كوجه الإنسان.

وما في هذا الخبر من أنّ ذلك النّبيّ إرميا، ينافي ما نقل

في مجمع البيان(٦) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ أنّه اسمويل. ويمكن الجمع بأنّهما واحد. والاختلاف من النّقلة، أو من اختلاف التّسمية، بأن عبّر عنه باسمين عند أهل زمانه. وقوله في آخر الخبر «البقيّة ذرّيّة الأنبياء» معناه أنّ البقيّة ممّا تركه ذرّيّة الأنبياء

، كما يشرح في خبر آخر سيجيء.

( وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ ) :

الصّندوق، فعلوت من التّوب. فإنّه لا يزال يرجع إليه ما يخرج منه، وفي تفسير العيّاشيّ(٧) : عن العبّاس بن هلال، قال: سأل عليّ بن أسباط أبا الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ فقال: أي شيء التّابوت الّذي كان في بني إسرائيل؟

قال: كان فيه ألواح موسى التي تكسّرت والطست الّتي تغسل فيها قلوب الأنبياء.

وفي كتاب معاني الأخبار(٨) : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرّحمن، عن أبي الحسن ـ عليه السّلام قال: سألته(٩) ما كان تابوت موسى؟ وكم كان سعته؟

__________________

(١) المصدر: وألقته. (ظ)

(٢) يوجد في المصدر.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) المصدر: حتّى استخفّوا به.

(٥) المصدر: بعث الله طالوت عليهم يقاتل.

(٦) مجمع البيان ١ / ٣٥٠.

(٧) تفسير العياشي ١ / ١٣٣، ح ٤٤٢.

(٨) معاني الأخبار / ٢٨٤ ـ ٢٨٥، ح ٢. (٩) المصدر: قال: سألته فقلت: جعلت فداك.

٣٨٢

قال: ثلاثة(١) أذرع في ذراعين.

قلت: ما كان فيه؟

قال: عصى موسى والسّكينة.

قلت: وما السّكينة؟

قال: روح الله يتكلم. كانوا إذا اختلفوا في شيء كلّمهم وأخبرهم ببيان ما يريدون.

ولا ينافيه ما يأتي في الخبر(٢) من أنّه ريح كذا، لاحتمال أن يكون الرّيح والرّوح واحدا.

وفي أصول الكافي(٣) : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن سعيد السّمّان قال: سمعت عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه يقول: إنّما مثل السّلاح فينا، مثل التّابوت في بني إسرائيل. كانت بنو إسرائيل أيّ أهل بيت وجد التّابوت على بابهم أوتوا النّبوّة. فمن صار إليه السّلاح منّا أوتي الإمامة.

وبهذا المعنى من الأخبار، كثيرة(٤) .

( فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ) :

قيل(٥) : أي في إيتاء التّابوت، أو في التّابوت ما تسكنون إليه. وهو التّوراة. وكان موسى إذا قاتل، قدّمه، فتسكن نفوس بني إسرائيل ولا يفرّون.

وقيل(٦) : صورة كانت فيه من زبرجد أو ياقوت. لها رأس وذنب كرأس الهرّة.

وذنبها وجناحان فتئن. فيزفّ التّابوت نحو العدوّ. وهم يتبعونه. فإذا استقرّ ثبتوا وسكنوا ونزل النّصر.

قال في مجمع البيان(٧) : روى ذلك في أخبارنا.

وقيل(٨) : صور الأنبياء من آدم إلى محمّد ـ صلّى الله عليه وآله.

وقيل(٩) : «التّابوت»: القلب. والسّكينة ما فيه من العلم والإخلاص. وإتيانه

__________________

(١) المصدر: ثلاث.

(٢) ر. تفسير القمي ١ / ٨٢. وسيأتى ـ إن شاء الله.

(٣) الكافي ١ / ٢٣٨، ح ١.

(٤) ر. نفس المصدر والموضع.

(٥ و ٦) أنوار التنزيل ١ / ١٣٠.

(٧) مجمع البيان ١ / ٣٥٣.

(٨ و ٩) أنوار التنزيل ١ / ١٣٠.

٣٨٣

تصيير قلبه مقرّ العلم والوقار، بعد أن لم يكن.

والصّحيح ما ذكر في الخبر السّالف، من أنّه ريح طيّبة تخرج من التّابوت له وجه كوجه الإنسان.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : حدّثني أبي، عن الحسن بن خالد، عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: السّكينة ريح من الجنّة. لها وجه كوجه الإنسان.

( وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ ) ، أي: ذرّيّة الأنبياء. وهما موسى وهارون والآل لتفخيم مفخّم، أو أنبياء بني إسرائيل لأنّهم أبناء عمّهما.

في تفسير العيّاشي(٢) : عن حريز، عن رجل، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله:( يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ ) ، فقال: رضاض الألواح. فيها العلم والحكمة. العلم جاء من السّماء. فكتب في الألواح. وجعل في التّابوت.

( تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ ) :

قيل(٣) : رفعه الله بعد موسى، فنزلت به الملائكة وهم ينظرون.

وقيل(٤) : كان مع أنبيائهم، يستفتحون به حتّى أفسدوا. فغلبهم الكفّار عليه. وكان في أرض جالوت إلى أن ملّك الله طالوت. فأصابهم ببلاء حتّى هلكت خمس مدائن.

فتشاءموا بالتّابوت. فوضعوه على ثورين. فساقهما الملائكة إلى طالوت.

وفي كتاب المناقب(٥) ، لابن شهر آشوب: وفي حديث جابر بن يزيد الجعفيّ: أنّه لـمّا شكت الشّيعة إلى زين العابدين ـ عليه السّلام ـ ممّا يلقونه من بني أميّة. دعا الباقر ـ عليه السّلام. وأمر أن يأخذ الخيط الّذي نزل به جبرئيل إلى النّبيّ ـ عليه السّلام.

ويحركه تحريكا خفيفا(٦) .

قال: فمضى إلى المسجد، فصلّى فيه ركعتين. ثمّ وضع خدّه على الثّرى(٧) . وتكلّم بكلمات. ثمّ رفع رأسه. فأخرج من كمّه خيطا رقيقا(٨) يفوح منه رائحة المسك. وأعطاني

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ٨٢.

(٢) تفسير العياشي ١ / ١٣٣، ح ٤٤٠.

(٣ و ٤) الكشاف ١ / ٢٩٣+ أنوار التنزيل ١ / ١٣٠.

(٥) المناقب ٤ / ١٨٣.

(٦) ليس في المصدر.

(٧) المصدر: التراب.

(٨) المصدر: دقيقا.

٣٨٤

طرفا منه. فمشيت رويدا.

فقال: قف، يا جابر! فحرّك الخيط تحريكا ليّنا خفيفا.

ثمّ قال: اخرج! فانظر ما حال النّاس؟

فخرجت من المسجد. فإذا صياح وصراخ وولولة من كلّ ناحية. وإذا زلزلة شديدة وهدّة ورجفة قد أخربت عامّة دور المدينة وهلك تحتها أكثر من ثلاثين ألف إنسان ـ إلى قوله ـ سألته عن الخيط.

قال: هذا من البقيّة.

قلت: وما البقيّة؟ يا ابن رسول الله! قال: يا جابر «بقيّة ممّا ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة» ويضعه جبرئيل الدنيا(١) .

( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (٢٤٨) :

يحتمل أن يكون من تمام كلام النّبيّ، وأن يكون ابتداء خطاب من الله تعالى.

( فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ ) : [انفصل بهم عن بلده لقتال العمالقة. وأصله فصل نفسه عنه. ولكن لـمّا كثر حذف مفعوله صار كاللازم.

قيل(٢) : إنّه قال لهم: «لا يخرج معي إلّا الشّابّ النّشيط الفارغ.» فاجتمع إليه ممّن اختاره ثمانون ألفا.

والأظهر أنّه اجتمع إليه ستّون ألفا وثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا. لما سيأتي من أنّ من شرب ستّون ألفا، ومن لم يشرب ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا. وكان الوقت قيظا.

فسلكوا مفازة. وسألوا أن يجري الله لهم نهرا.

( قالَ ) ، أي: نبيّهم.

( إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ ) : يعاملكم معاملة المختبر بما اقترحتموه.

( فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي ) : فليس من أشياعي، أو بمتّحد معي.

( وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي ) ، أي: من لم يذقه من طعم الشيء إذا أذاقه(٣) ، مأكولا أو مشروبا.

__________________

(١) هكذا في المصدر والنسخ. والظاهر: لدينا.

(٢) الكشاف ١ / ٢٩٤+ أنوار التنزيل ١ / ١٣٠.

(٣) كذا في النسخ. ولعله: ذاقه.

٣٨٥

( إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ) :

استثناء من قوله «فشرب.» وقدّم عليه الجملة الثّانية، للعناية بها.

والمعنى: الرّخصة في القليل، دون الكثير.

وقرئ بفتح الغين.

( فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ) ، أي: فكرعوا فيه إذا الأصل في الشّرب منه أن لا يكون بوسط، أو أفرطوا في الشّرب إلّا قليلا منهم.

وقرئ بالرّفع، حملا على المعنى، أي: لم يطيعوه.

وروى أنّ الّذين شربوا منه كانوا ستّين ألفا(١) .

وروى عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام(٢) ـ أنّه قال: القليل الّذي لم يشربوا ولم يغترفوا، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا.

( فَلَمَّا جاوَزَهُ ) ، أي: طالوت النّهر إلى جنود جالوت،( هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ) ، أي: القليل الّذين لم يخالفوه،( قالُوا ) ، أي: الّذين شربوا منه،( لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ ) لكثرتهم وقوّتهم. هذا اعتذار منهم في التّخلّف وتحذير للقليل.

( قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ ) ، أي: الخلّص منهم الّذين تيقّنوا لقاء الله وثوابه بالموت. وسمّاه ظنّا لشبه اليقين بالموت بالظّنّ والشّكّ، كما ورد في الخبر: أنّه ما من يقين لا شكّ فيه أشبه بشكّ لا يقين فيه من الموت.

وهم القليل الّذين لم يشربوا.

( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ ) : بتيسيره وتوفيقه.

و «كم»، يحتمل الخبر والاستفهام.

و «من»، مبنيّة، أو مزيدة.

و «الفئة»: الفرقة من النّاس، من فأوت رأسه، أي: شققته، أو من فاء إذا رجع فوزنها فعة، أو فلة. ولا ينافي إطلاق الفئة هنا على أقلّ من عشرة آلاف، ما رواه العيّاشيّ(٣)

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ٨٣.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٣) تفسير العياشي ١ / ١٣٤، ح ٤٤٤.

٣٨٦

«عن حمّاد بن عثمان قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: لا يخرج القائم ـ عليه السّلام ـ في أقلّ من الفئة. ولا تكون الفئة أقلّ من عشرة آلاف.» من وجهين :

الأوّل: أنّ الإطلاق على الأقلّ هنا للفئة الموصوفة بالقلّة، لا الفئة المطلق. وفي الخبر، مطلقة.

والثّاني: أنّ المراد بالفئة في الخبر المعهودة المذكورة سابقا، بأنّها يكون مع القائم ـ عليه السّلام ـ لا مطلق الفئة.

( وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) (٢٤٩): بالنّصر والإثابة.

( وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ ) ، أي: ظهروا لهم، ودنوا منهم،( قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ) (٢٥٠): سألوا ـ أوّلا ـ إفراغ الصّبر في قلوبهم. وهو الّذي ملاك الأمر. وثانيا: ثبات القدم في مداحض الحرب المسبّب عنه.

وثالثا: النّصر على العدوّ المترتّب عليهما.

( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ ) : فكسروهم بنصره، أو مصاحبين لنصره إيّاهم إجابة لدعائهم.

روى في تفسير عليّ بن إبراهيم(١) ، عن الرّضا ـ عليه السّلام: لـمّا تأذّى بنو إسرائيل من جالوت، أوحى الله إلى نبيّهم: أنّ جالوت يقتله من يستوي عليه درع موسى ـ عليه السّلام. وهو رجل من ولد لاوي بن يعقوب ـ عليه السّلام ـ اسمه داود بن أسى.

وكان أسى راعيا. وكان له عشر بنين، أصغرهم داود. فلمّا بعث طالوت إلى بني إسرائيل وجمعهم لحرب جالوت، بعث إلى أسى أن احضر ولدك فلمّا حضروا دعا واحدا واحدا من ولده فألبسه درع موسى ـ عليه السّلام ـ فمنهم من طالت عليه ومنهم من قصرت عنه.

فقال لأسى: هل خلّفت من ولدك أحدا؟

قال: نعم. أصغرهم. تركته في الغنم راعيا(٢) .

فبعث إليه [ابنه].(٣) فجاء به فلمّا دعي أقبل ومعه مقلاع. فناداه(٤) ثلاث صخرات في طريقه. فقالت(٥) : «خذنا.» فأخذها في مخلاته. وكان شديد البطش، قويّا في

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ٨٢.

(٢) المصدر: يرعاها.

(٣) يوجد في المصدر.

(٤) المصدر: قال: فنادته. (ظ)

(٥) المصدر: فقالت: يا داود.

٣٨٧

بدنه، شجاعا، فلمّا جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى. فاستوت عليه. ففصل طالوت بالجنود حتّى برزوا لجالوت وجنوده. فجاء داود(١) ووقف بحذاء جالوت. وكان جالوت على الفيل وعلى رأسه التّاج وفي جبهته ياقوتة يلمع نورها(٢) وجنوده من بين يديه. فأخذ داود من تلك الأحجار حجرا. فرمى به ميمنة جالوت فمر في الهواء. ووقع عليهم. فانهزموا. وأخذ حجرا آخر. فرمى به في ميسرة جالوت. فوقع عليهم. فانهزموا. ورمى جالوت بحجر. فصكّ الياقوتة في جبهته. ووصلت إلى دماغه. ووقع إلى الأرض ميّتا. وهو(٣) قوله:( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ ) .

( وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ ) بالوجه الّذى روي.

( وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ ) ، أي ملك: بني إسرائيل.

قيل(٤) : ولم يجتمعوا قبل داود على ملك.

( وَالْحِكْمَةَ ) : النّبوّة. وأنزل عليه الزّبور.

( وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ ) : وعلمه صنعة الحديد وليّنه له.

في كتاب الخصال(٥) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: إنّ الله تبارك وتعالى لم يبعث أنبياء ملوكا(٦) إلّا أربعة بعد نوح: ذا القرنين(٧) واسمه عياش، وداود وسليمان ويوسف ـ عليهم السّلام. فأمّا عياش فملك ما بين المشرق والمغرب. وأمّا داود فملك ما بين الشّامات إلى بلاد إصطخر. وكذلك كان ملك سليمان. وأمّا يوسف فملك مصر وبراريها(٨) ولم يتجاوزها إلى غيرها.

وعن أبي الحسن الأوّل ـ عليه السّلام(٩) ـ قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ اختار من كلّ شيء أربعة. اختار من الأنبياء للسّيف، إبراهيم وداود وموسى وأنا.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة(١٠) ، بإسناده إلى جعفر بن محمّد، عن أبيه ،

__________________

(١) المصدر: حتّى.

(٢) المصدر: نوره.

(٣) المصدر: فهو.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ١٣١.

(٥) الخصال ١ / ٢٤٨.

(٦) المصدر: الأنبياء ملوكا في الأرض.

(٧) المصدر: ذو القرنين.

(٨) كذا في المصدر وفي النسخ. ولعله: بواديها.

(٩) نفس المصدر ١ / ٢٢٥، ح ٥٨.

(١٠) كمال الدين وتمام النعمة ٢ / ٥٢٤، ح ٣.

٣٨٨

عن جدّه، عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال: عاش داود ـ عليه السّلام ـ مائة سنة. منها أربعين سنة في ملكه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : قال: وكان بين موسى وبين داود، خمسمائة سنة، وبين داود وعيسى ألف سنة وخمسمائة سنة.

( وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ ) :

وقرأ نافع هنا وفي الحجّ دفاع الله.

( النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ ) (٢٥١): قيل(٢) : أي: لولا أنّه تعالى يدفع بعض النّاس ببعض وينصر المسلمين على الكفّار، لغلبوا وأفسدوا في الأرض، أو فسدت الأرض بشؤمتهم.

وفي أصول الكافي(٣) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليّ بن سعيد(٤) ، عن عبد الله بن القسم، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: انّ الله ليدفع بمن يصلّي من شيعتنا عمّن لا يصلّي من شيعتنا. ولو اجتمعوا(٥) على ترك الصلاة لهلكوا. وإنّ الله ليدفع بمن يزكّي من شيعتنا عمّن لا يزكّي. ولو اجتمعوا(٦) على ترك الزّكاة لهلكوا. وانّ الله ليدفع بمن يحجّ من شيعتنا عمّن لا يحجّ. ولو اجتمعوا(٧) على ترك الحجّ لهلكوا. وهو قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ ) . فو الله ما نزلت إلّا فيكم. ولا عنى بها غيركم.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٨) : حدّثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: إنّ الله ليدفع ـ وذكر مثله إلّا قوله: فو الله ما أنزلت (الخ.)

وفي مجمع البيان(٩) :( وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ ) (الآية) فيه ثلاثة أقوال. الثّاني: أنّ معناه يدفع الله بالبرّ عن الفاجر الهلاك ـ عن عليّ ـ عليه السّلام. وقريب منه ما روى

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٦٥.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ١٣١.

(٣) الكافي ٢ / ٤٥١، ح ١.

(٤) «على بن سعيد» ليس في ر. وفي المصدر: عليّ بن معبد.

(٥ و ٦ و ٧) المصدر: أجمعوا. (ظ)

(٨) تفسير القمي ١ / ٨٣.

(٩) مجمع البيان ١ / ٣٥٧.

٣٨٩

عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله أنّه قال: لولا عباد ركّع وصبيان رضّع وبهائم رتّع، لصبّ عليهم العذاب صبّا.

وروى جابر بن عبد الله(١) ، قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: إنّ الله يصلح بصلاح الرّجل السلم ولده وولد ولده وأهل دويرته. ودويرات حوله لا يزالون في حفظ الله ما دام فيهم.

( تِلْكَ ) إشارة إلى ما قصّ من القصص السّالفة.

( آياتُ اللهِ ) : دلائله على قدرته وإرسالك رسولا.

( نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِ ) : بالوجه المطابق الّذي لا يشكّ فيه أهل الكتاب وأرباب التّواريخ.

( وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) (٢٥٢) لما أخبرت بها من غير تعرّف واستماع.

( تِلْكَ الرُّسُلُ ) ، أي: الجماعة المذكورة قصصهم، أو المعلومة لك أيّها النّبيّ، أو جماعة الرّسل.

و «اللّام»، للاستغراق.

( فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ) بأن خصّصناه بما ليس لغيره.

( مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ ) :

قيل(٢) : هو موسى.

وقيل(٣) : موسى ليلة الخيرة في الطّور، ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ليلة المعراج.

وقرئ: كلّم الله وكالم الله. (بنصب لفظ الجلالة.)( وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ ) ، يعني: محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله.

( دَرَجاتٍ ) [بأن فضّله على غيره. قيل(٤) : وهو محمّد ـ صلّى الله عليه وآله. فإنّه فضّل](٥) بأن فضّله على غيره من وجوه متعدّدة: فإنّه خصّ بالدّعوة العامّة والحجج المتكاثرة والمعجزات المستمرّة والفضائل العمليّة والعمليّة الفائتة للحصر.

وفي عيون الأخبار(٦) ، بإسناده إلى عليّ بن موسى، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب ـ عليهم السّلام ـ قال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: ما خلق الله خلقا

__________________

(١) نفس المصدر نفس الموضع.

(٢ و ٣ و ٤) أنوار التنزيل ١ / ١٣٢.

(٥) يوجد في أ، فقط.

(٦) عيون أخبار الرضا ١ / ٢٠٤.

٣٩٠

أفضل منّي. ولا أكرم عليه منّي.

قال عليّ ـ عليه السّلام: فقلت: يا رسول الله! أفأنت أفضل أم جبرئيل؟

فقال ـ عليه السّلام: إنّ الله(١) تعالى فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين.

وفضّلني على جميع النّبيّين والمرسلين. والفضل بعدي لك يا عليّ وللائمّة من بعدك. وإنّ الملائكة لخدّامنا وخدّام محبّينا.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وقيل(٢) : إبراهيم خصّصه بالخلّة الّتي هي أعلى المراتب.

وقيل(٣) : إدريس لقوله تعالى(٤) :( وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا ) وقيل(٥) : أولو العزم من الرّسل.

والإبهام في جميع تلك الاحتمالات، للتّفخيم. ويحتمل الحمل على الكلّ. والإبهام لعدم التّعيين. يدلّ عليه ما رواه العيّاشيّ في تفسيره(٦) ، عن أبي عمرو الزّبيريّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال: بالزّيادة بالإيمان يفضّل(٧) المؤمنون بالدّرجات عند الله.

قلت: وإنّ للإيمان درجات ومنازل يتفاضل بها المؤمنون عند الله؟

فقال: نعم.

قلت: صف لي ذلك ـ رحمك الله ـ حتّى أفهمه.

فقال: ما فضّل الله أولياءه(٨) بعضهم على بعض. فقال:( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ. مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ. وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ ) . (إلى آخر الآية.) وقال(٩) :( وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ ) . وقال(١٠) :( انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ ) . وقال(١١) :( هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ ) . فهذا ذكر الله درجات الإيمان ومنازله عند الله.

[وفي أصول الكافي(١٢) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم

__________________

(١) المصدر: يا عليّ إنّ الله.

(٢ و ٣) أنوار التنزيل ١ / ١٣٢.

(٤) مريم / ٥٧.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ١٣٢.

(٦) تفسير العياشي ١ / ١٣٥، ح ٤٤٧.

(٧) المصدر: تتفاضل.

(٨) المصدر: به أولياءه.

(٩) البقرة / ٢٥٣. (١٠) الإسراء / ٢١. (١١) آل عمران / ١٦٣.

(١٢) الكافي ٢ / ٤١، ح ١.

٣٩١

بن يزيد قال: حدّثنا أبو عمرو الزّبيريّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وذكر حديثا طويلا. وفيه يقول ـ عليه السّلام: ثمّ ذكر ما فضّل الله ـ عزّ وجلّ ـ به أولياءه بعضهم على بعض. فقال ـ عزّ وجلّ:( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ. مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ. وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ ) فوق بعض درجات. (إلى آخر الآية.)](١)

( وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ ) : المعجزات. أفرده لإفراط اليهود والنّصارى في تحقيره وتعظيمه. وجعل معجزاته مخصوصة بالذّكر. لأنّها آيات واضحة، أو معجزات عظيمة. لم يستجمعها غيره.

( وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) :

في أصول الكافي(٢) : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه رفعه، عن محمّد بن داود الغنويّ، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل. يقول فيه ـ عليه السّلام: فأمّا ما ذكر من أمر السّابقين، فإنّهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين. جعل الله فيهم خمسة أرواح: روح القدس وروح الإيمان وروح القوّة وروح الشّهوة وروح البدن. فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين وغير مرسلين. وبها علّموا الأشياء. وبروح الإيمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا. وبروح القوّة جاهدوا(٣) عدوّهم وعالجوا معاشهم. وبروح الشّهوة أصابوا لذيذ الطّعام ونكحوا الحلال(٤) من شباب النّساء.

وبروح البدن دبّوا ودرجوا. فهؤلاء مغفور مصفوح عن ذنوبهم.

ثمّ قال: قال الله ـ عزّ وجلّ:( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ. وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ. وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) .

ثمّ قال في جماعتهم(٥) :( وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) . يقول: أكرمهم ففضّلهم على من سواهم.

فهؤلاء مغفور لهم. مصفوح عن ذنوبهم.

( وَلَوْ شاءَ اللهُ ) إلزام النّاس على طريقة واحدة، مشيئة حتم،( مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ) : من بعد الرّسل،( مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ ) : المعجزات.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) الكافي ٢ / ٢٨١ ـ ٢٨٢، ح ١٦.

(٣) أ: جاهدوهم.

(٤) أ: النكاح.

(٥) المجادلة / ٢٢.

٣٩٢

( وَلكِنِ اخْتَلَفُوا ) . لأنّه لم يجبرهم على الاهتداء للابتلاء.

( فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ ) بتوفيقه.

( وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ ) لإعراضه عنه بخذلانه.

( وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا ) : التّكرار للتّوكيد.

( وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ) (٢٥٣): فيوفّق من يشاء فضلا ويخذل من يشاء عدلا.

وفي هذه الآية دلالة على أنّ المختلفين بعد الرّسل، بين مؤمن وكافر، لا ثالث لهما.

وفي كتاب الاحتجاج(١) ، للطّبرسي ـ رحمه الله: وعن الأصبع بن نباتة قال: كنت واقفا مع أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ يوم الجمل. فجاء رجل حتّى توقّف بين يديه. فقال: يا أمير المؤمنين! كبّر القوم وكبّرنا. وهلّل القوم وهلّلنا. وصلّى القوم وصلّينا. فعلام(٢) نقاتلهم؟

فقال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام: على ما أنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ في كتابه.

فقال: يا امير المؤمنين! ليس كلّ ما أنزل الله في كتابه أعلمه فعلّمنيه؟

فقال عليّ ـ عليه السّلام: لـمّا(٣) أنزل الله في سورة البقرة.

فقال: يا أمير المؤمنين! ليس كلّ ما أنزل الله في سورة البقرة أعلمه فعلّمنيه؟

فقال عليّ ـ عليه السّلام: هذه الآية:( تِلْكَ الرُّسُلُ ) . ـ وقرأ الى( يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ) ـ فنحن الّذين آمنا. وهم الّذين كفروا.

فقال الرّجل: كفر القوم وربّ الكعبة! ثمّ حمل، فقاتل حتّى قتل ـ رحمه الله.

وفي أمالي شيخ الطّائفة(٤) ، شبهه مع تغيير غير مغيّر للمعنى.

وفي آخره بعد قوله: ومنهم من كفر. فلمّا وقع الاختلاف كنّا نحن أولى بالله ـ عزّ وجلّ ـ وبالنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وبالكتاب وبالحقّ. فنحن الّذين آمنوا. وهم الّذين كفروا. وشاء الله قتالهم بمشيئته وإرادته.

وفي روضة الكافي(٥) : ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام: انّ العامّة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع النّاس كانت

__________________

(١) الاحتجاج ١ / ٢٤٨.

(٢) المصدر: فعلى ما.

(٣) المصدر: ما.

(٤) أمالي الشيخ ١ / ٢٠٠.

(٥) الكافي ٨ / ٢٧٠، ح ٣٩٨.

٣٩٣

رضا لله ـ عزّ ذكره. وما كان الله ليفتن أمّة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ من بعده.

فقال أبو جعفر ـ عليه السّلام: او ما يقرءون كتاب الله؟ أو ليس الله يقول(١) :( وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ. أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ. وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) ؟

قال: قلت: إنّهم يفسّرون على وجه آخر.

قال: أو ليس من أخبر الله ـ عزّ وجلّ ـ عن الّذين من قبلهم من الأمم، أنّهم قد اختلفوا من بعد ما جاءتهم البيّنات، [حيث قال:( وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ. وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ. وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ، مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ ]. ) (٢) ( وَلكِنِ اخْتَلَفُوا. فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ. وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ. وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا. وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ) ؟ في هذا يستدلّ به على أنّ أصحاب محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد اختلفوا من بعده. فمنهم من آمن. ومنهم من كفر.

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ ) : ما أوجب عليكم إنفاقه،( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ ) : وهو يوم القيامة الّذي لا بيع فيه، فيحصل ما ينفق بالبيع، أو يفتدى النّفس ويخلص من العذاب، بإعطاء شيء وشرائها، ولا خلّة حتّى يستغنى بالأخلّاء، ولا شفاعة إلا لمن رضى له قولا حتّى يتّكل على الشّفعاء.

( وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (٢٥٤): يريد التّاركون للزكاة الّذين ظلموا أنفسهم، أو(٣) وضعوا المال في غير موضعه وصرفوه على غير وجهه. فوضع الكافرون موضعه تغليظا وتهديدا، كقوله: «( وَمَنْ كَفَرَ ) ، مكان من لم يحجّ، وإيذانا بأن ترك الزّكاة من صفات الكفّار لقوله:( وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ ) .

وفي من لا يحضره الفقيه(٤) : وفي رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم. وهو قوله ـ عزّ وجلّ(٥) .( حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ ) .

واعلم! أنّ الأخبار في فضل آية الكرسيّ كثيرة. فمنها ما مرّ في صدر الكتاب. ومنها

__________________

(١) آل عمران / ١٤٤.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) ر: و. (ظ)

(٤) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٧، ح ٢١.

(٥) المؤمنون / ٩٩.

٣٩٤

ما رواه في الخرايج والجرائح(١) ، عن عبد الله بن يحيى الكاهليّ قال: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام: إذا لقيت السّبع ما ذا تقول؟

قلت: لا أدري.

قال: إذا لقيته فاقرأ في وجهه آية الكرسيّ وقل: «عزمت عليك بعزيمة الله وعزيمة رسوله وعزيمة سليمان بن داود وعزيمة عليّ أمير المؤمنين والأئمّة من بعده.» فإنّه ينصرف عنك.

قال عبد الله: فقدمت الكوفة. فخرجت مع ابن عمّ لي إلى قرية. فإذا سبع قد اعترض لنا في الطّريق. فقرأت في وجهه آية الكرسيّ وقلت: عزمت عليك بعزيمة الله (إلى آخرها) إلّا تنحّيت عن طريقنا. ولم تؤذنا. فإنّا لا نؤذيك.

ومنها ما رواه في الكافي(٢) ، عن عليّ بن إبراهيم [عن محمّد بن عيسى](٣) وعدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله وسهل بن زياد، جميعا، عن محمّد بن عيسى، عن أبي محمّد الأنصاريّ، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: شكا إليه رجل عبث أهل الأرض بأهل بيته وبعياله. فقال: كم سقف بيتك؟

قال(٤) : عشرة أذرع.

فقال اذرع ثمانية أذرع ثمّ اكتب آية الكرسيّ فيما بين الثمانية إلى العشرة كما تدور. فإنّ كلّ بيت سمكه أكثر من ثمانية أذرع، فهو محتضر تحضره الجنّ، يكون فيه مسكنه(٥)

وعن عليّ بن إبراهيم،(٦) عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، وأحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، جميعا، عن يونس، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال في سمك البيت: إذا رفع ثمانية أذرع، كان مسكونا. فإذا زاد على ثمان فليكتب على رأس (الثّمانية)(٧) آية الكرسيّ.

وبإسناده(٨) إلى محمّد بن إسماعيل، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: إذا كان

__________________

(١) بحار الأنوار ٤٧ / ٩٥، ح ١٠٨، نقلا عن الخرايج والجرائح.

(٢) الكافي ٦ / ٥٢٩، ح ٣.

(٣) ليس في أو في المصدر.

(٤) المصدر: فقال. (ظ)

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ: تكون فيه تسكنه.

(٦) نفس المصدر نفس الموضع، ح ٤.

(٧) المصدر: الثمان.

(٨) نفس المصدر ٦ / ٦٢٩، ح ٧.

٣٩٥

البيت فوق ثمانية أذرع، فاكتب في أعلاه آية الكرسيّ.

ومنها ما رواه في من لا يحضره الفقيه(١) ، في وصيّة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعليّ ـ عليه السّلام: يا عليّ! ومن كان في بطنه ماء أصفر فليكتب على بطنه آية الكرسيّ ويشربه. فإنّه يبرأ بإذن الله ـ عزّ وجلّ.

ومنها ما رواه في كتاب الخصال(٢) ، عن عتبة بن عمير الليثي، عن أبي ذرّ ـ ره ـ قال: دخلت على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وهو في المسجد جالس وحده (إلى أن قال) قلت له: فأي آية أنزلها الله عليك أعظم؟

قال: آية الكرسيّ. ثمّ قال: يا أبا ذرّ! ما السّموات السّبع في الكرسيّ إلّا كحلقة ملقاة في أرض فلاة.

وفيه(٣) ، فيما علّم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أصحابه: وإذا اشتكى أحدكم عينه فليقرأ آية الكرسيّ. وليضمر في نفسه أنّها تبرء. فإنّه يعافى ـ إن شاء الله تعالى.

ومنها ما رواه في أصول الكافي(٤) ، عن محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر، عن السّيّاريّ، عن محمّد بن بكر، عن أبي الجارود، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أنّه قام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين! إنّ في بطني ماء أصفر. فهل من شفاء؟

فقال: نعم بلا درهم ولا دينار. ولكن اكتب على بطنك آية الكرسيّ.

وتغسلها. وتشربها. وتجعلها ذخيرة في بطنك. فتبرأ بإذن الله ـ عزّ وجلّ.

ففعل الرّجل. فبرئ بإذن الله ـ عزّ وجلّ.

ومنها ما رواه في كتاب ثواب الأعمال(٥) ، بإسناده عن رجل سمع أبا الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ يقول: من قرأ آية الكرسيّ عند منامه، لم يخف الفالج ـ إن شاء الله. ومن قرأها بعد كلّ صلاة لم يضرّه ذو حمّة.

ومنها ما رواه في عيون الأخبار(٦) ، في باب ما جاء عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ من الأخبار المجموعة، بإسناده عن عليّ ـ عليه السّلام. قال: قال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله :

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٢٦٩.

(٢) الخصال ٢ / ٥٢٤، ح ١٣.

(٣) نفس المصدر ٢ / ٦١٦، ح ١٠.

(٤) الكافي ٢ / ٦٢٥، ح ٢١.

(٥) ثواب الأعمال / ١٣١، ح ١.

(٦) عيون أخبار الرضا ٢ / ٦٥، ح ٢٨٩.

٣٩٦

من قرأ آية الكرسيّ مائة مرّة، كان كمن عبد الله طول حياته.

[وفي مجمع البيان(١) : روى جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال: لـمّا أراد الله ـ عزّ وجلّ ـ أن ينزل «فاتحة الكتاب» و «آية الكرسيّ» و «شهد الله» و( قُلِ ألْلَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ ) (إلى قوله)( بِغَيْرِ حِسابٍ ) ، تعلّقن بالعرش. وليس بينهنّ وبين الله حجاب. وقلن: يا ربّ! تهبطنا دار الذّنوب(٢) وإلى من يعصينّك. ونحن معلّقات بالطّهور وبالقدس.

فقال: وعزّتي وجلالي! ما من عبد قرأ كنّ في دبر كلّ صلاة(٣) إلّا أسكنته حضيرة القدس، على ما كان فيه، وإلّا نظرت إليه بعيني المكنونة في كلّ يوم سبعين نظرة، وإلّا قضيت له في كلّ يوم سبعين حاجة أدناه المغفرة، وإلّا أعذته من كلّ عدوّ ونصرته عليه ولا يمنعه دخول الجنّة إلّا أن يموت. وقد مرّ في أوّل الفاتحة](٤)

( اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ) : مبتدا وخبر. وللنّحاة خلاف في أنّه هل يضمر للأخير مثل في الوجود، أو يصحّ، أو يوجد؟ وإلّا صحّ أنّ إلّا هو خبره.

والمعنى: أنّ الله انتفى مستحقّ للعبادة غيره بحسب الإمكان والوجود، يعني: لا يمكن ولا يوجد مستحقّ للعبادة غيره.

( الْحَيُ ) :

قيل(٥) : الحيّ الّذي له صفة يقتضي الحسّ والحركة الإراديّة ويقتضي صحّة العلم والقدرة. والمراد به في صفة الله تعالى أنّه غير مرتبط الوجود بغيره، بطريق المعلوليّة، مع كونه قديرا عالما.

وفي كتاب التّوحيد(٦) ، بإسناده إلى أبي بصير، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل يذكر فيه صفة الرّبّ ـ عزّ وجلّ ـ وفيه يقول: لم يزل حيّا بلا حياة. [كان حيّا بلا حياة حادثة.

وبإسناده(٧) إلى عبد الأعلى، عن العبد الصّالح، يعني: موسى بن جعفر

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ٤٢٦.

(٢) المصدر: إلى دار الذنوب.

(٣) كلّ صلاة مكتوبة.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) ر. تفسير صدر المتألهين ٤ / ٧٩ ـ ٨٠.

(٦) التوحيد / ١٧٣، ح ٢.

(٧) نفس المصدر / ١٣٨، ح ١٣.

٣٩٧

ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه: كان حيّا بلا كيف ولا أين. حيّا بلا حياة حادثة.

بل حيّ لنفسه.

وبإسناده(١) إلى جابر الجعفيّ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: سمعته يقول: إنّه نور لا ظلمة فيه، وعلم لا جهل فيه، وحياة لا موت فيه].(٢)

( الْقَيُّومُ ) : الدّائم القيام بتدبير الخلق وحفظه. فيعول من قام الأمر، إذا حفظه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٣) . حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن العبّاس، عن جعفر بن محمّد، عن الحسين بن أسد، عن يعقوب بن جعفر قال سمعت موسى بن جعفر ـ عليهم السّلام ـ يقول: إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أنزل على عبده محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم. ويسمّى بهذه الأسماء الرّحمن الرّحيم العزيز الجبّار العليّ العظيم. فتاهت هنا لك عقولهم. واستخفّت أحلامهم. فضربوا له الأمثال. وجعلوا له أندادا. وشبّهوه بالأمثال. ومثّلوه أشباها. وجعلوه يزول ويحول. فتاهوا في بحر عميق لا يدرون ما غوره، ولا يدركون بكيفيّته بعده.

( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) :

«السّنة»: فتور يتقدّم النّوم.

و «النّوم»: حال يعرض للحيوان من استرخاء أعصاب الدّماغ، من رطوبات الأبخرة المتصاعدة، بحيث تقف الحواسّ الظّاهرة عن الإحساس، رأسا. وهنا إشكال مشهور. وهو تقديم السّنة عليه. وقياس المبالغة عكسه. وأجيب بأنّه قدّمه على ترتيب الوجود، وبأنّه على القياس. وهو التّرقّي من الأدنى إلى الأعلى. [لأنّ عدم الأخذ من النّوم، أعلى لقوّته من عدم أخذ السّنة الضعيفة. ففي ترتيبهما التّرقّي من الأدنى إلى الأعلى.

وفي أصول الكافي(٤) : أبو عبد الله الأشعريّ، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان قال: جلس أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ متورّكا رجله اليمنى على فخذه اليسرى. فقال له رجل: جعلت فداك! هذه جلسة مكروهة.

فقال: لا. إنّما هو شيء قالته اليهود: لـمّا أن فرغ الله ـ عزّ وجلّ ـ من خلق السّماوات والأرض واستوى على العرش، جلس هذه الجلسة، ليستريح. فأنزل الله عزّ

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) تفسير القمي ٢ / ٣٦١.

(٤) الكافي ٢ / ٦٦١، ح ٥.

٣٩٨

وجلّ:( اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) .

وبقي أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ متورّكا كما هو].(١)

والجملة تأكيد لما قبله. ولذلك ترك العاطف. فإنّ عدم أخذ السّنة والنّوم يؤكّد كونه قيّوما. وكذا في قوله:( لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) . لأنّه تقرير لقيّوميّته واحتجاج على تفرّده في الإلهيّة. وما فيهما أعمّ من أن يكون داخلا في حقيقتهما، أو خارجا عنهما، متمكّنا فيهما.

( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) : «من»، استفهاميّة. مبتدأ. و «ذا» موصول خبره. والموصول صفته. والاستفهام على سبيل الإنكار. وهو بيان لكبرياء شأنه، أي: لا أحد يساويه، أو يداينه. يستقلّ بدفع ما يريد شفاعة فضلا عن أن يقاومه(٢) عنادا.

ومن يشفع، يشفع بإذنه. وله مكانه عنده.

وفي محاسن البرقيّ(٣) ، بإسناده، قال: قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام: قوله( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ ) . [أي من هم؟](٤) قال: نحن أولئك الشّافعون.

[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٥) : وأمّا آية الكرسيّ، فإنّه حدّثني أبي، عن الحسن بن خالد أنّه قرأ أبو الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ الم( اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) ، أي: نعاس له ما في السّموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثّرى. عالم الغيب والشّهادة. هو الرّحمن الرّحيم.( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) .

وفي روضة الكافي(٦) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه(٧) ، عن أحمد بن محمّد بن خالد(٨) ، عن محمّد بن سنان، عن أبي جرير القميّ، وهو محمّد بن عبيد الله، وفي نسخة: عبد الله، عن أبي الحسن ـ عليه السّلام:( لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) وما بينهما وما تحت الثّرى.

عالم الغيب والشّهادة(٩) . هو الرّحمن الرّحيم.( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) .(١٠) ]

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) هكذا في أ. وفي الأصل ور: يعاوقه.

(٣) المحاسن / ١٤٠، ح ١٧٤.

(٤) يوجد في المصدر.

(٥) تفسير القمي ١ / ٨٤.(٦) الكافي ٨ / ٢٩، ح ٤٣٨.

(٧) ليس في المصدر. (٨) المصدر: أحمد بن محمد عن محمد بن خالد.

(٩) ليس في المصدر. (١٠) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

٣٩٩

( يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ ) : ما قبلهم وما بعدهم، أو بالعكس. لأنّك مستقبل المستقبل ومستدبر الماضي، أو أمور الدّنيا وأمور الآخرة، أو عكسه، أو ما يحسّونه وما يعقلونه، أو ما يدركونه وما لا يدركونه.

والضّمير لما في السّموات والأرض. لأنّ فيهم العقلاء، أو لما دلّ عليه.

«من ذا» من الملائكة والأنبياء والأئمّة.

( وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ ) : من معلوماته،( إِلَّا بِما شاءَ ) : أن يعلموا.

( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) :

«الكرسيّ» في الأصل، اسم لما يقعد عليه. ولا يفضل عن مقعد القاعد. وكأنّه منسوب إلى الكرس. وهو الملبد. مجاز عن علمه تعالى.

في كتاب التّوحيد(١) ، قال: حدّثنا أبي ـ رحمه الله ـ قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن القسم بن محمّد، عن سليمان بن داود(٢) ، عن حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) .

قال: علمه.

حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رحمه الله(٣) ـ قال: حدّثنا محمّد بن الحسن(٤) قال: حدّثنا يعقوب بن يزيد، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي، عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ:( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) ، فقال: يا فضيل! السّموات والأرض وكلّ شيء في الكرسيّ.

وفي الكافي(٥) ، مثله، سواء.

وكذا «العرش» مجاز عن علم له تعالى أعلى من الأوّل، كما رواه في كتاب التّوحيد(٦) ، بإسناده إلى حنان بن سدير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل يقول فيه: ثمّ العرش في الوصل منفرد(٧) من الكرسيّ. لأنّهما بابان من أكبر أبواب الغيوب.

__________________

(١) التوحيد / ٣٢٧، ح ١.

(٢) المصدر: سليمان بن داود المنقريّ.

(٣) نفس المصدر ونفس الموضع، ح ٣.

(٤) المصدر: محمد بن الحسن الصفّار.

(٥) الكافي ١ / ١٣٢، ح ٥ ـ ٣.

(٦) التوحيد / ٣٢١، ح ١.

(٧) المصدر: متفرّد.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493