تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب12%

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 493

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 493 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187810 / تحميل: 5861
الحجم الحجم الحجم
تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ينبع(١) من كلّ وجه ثلاث أعين. تسيل كلّ عين في جدول إلى سبط. وكانوا ستّمائة ألف وسعة العسكر اثنا عشر ميلا.

أو حجرا أهبطه آدم من الجنّة. فتوارثوه حتّى وقع إلى شعيب. فدفعه إليه مع العصا.

أو الحجر الّذي وضع عليه ثوبه حين اغتسل إذ رموه بالأدرة. ففرّ(٢) به. فقال له جبرئيل: يقول الله تعالى: ارفع هذا(٣) الحجر. فإن لي فيه قدرة ولك معجزة. فحمله في مخلاته.

وقيل: كانت حجرة فيها اثنتا عشرة حفرة وكان الحجرة من الكران وهي حجارة رخوة كأنّها مدرة. وكان يخرج من كل حفرة عين ماء عذب فرات، فيأخذونه. فإذا فرغوا وأراد موسى حمله، ضربه بعصاه، فيذهب الماء.

أو للجنس، أي: اضرب الشيء الّذي يقال له الحجر.

قال الحسن: وهذا أظهر في الحجّة. وأبين في القدرة.

روى أنّهم قالوا: كيف بنا لو أفضينا إلى أرض ليست فيها حجارة. فحمل حجرا في مخلاته. فحيثما نزلوا، ألقاه. وكان يضربه بعصاه، فينفجر. ويضربه بها، فييبس.

فقالوا: إن فقد موسى عصاه متنا عطشا.

فأوحى الله إليه: لا تقرع الحجارة. وكلّمها تعطك. لعلّهم يعتبرون.

وروي أنّه كان ذراعا في ذراع.

وروى أنّه كان على شكل رأس الإنسان. والعصا كانت عشرة أذرع على طول موسى، من آس الجنّة. وله شعبتان تتّقدان في الظّلمة(٤) .

[وفي مجمع البيان:(٥) وعن أبي جعفر الباقر ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: ثلاثة أحجار من الجنّة: مقام إبراهيم وحجر بني إسرائيل والحجر الأسود].(٦)

( فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً ) :

__________________

(١) أ: يتبع.

(٢) أ: ففسر.

(٣) أ: إليّ هذا.

(٤) توجد الفقرات الماضية في الكشاف ١ / ١٤٤، مجمع البيان ١ / ١٢٠ ـ ١٢١ وأنوار التنزيل ١ / ٥٨.

(٥) مجمع البيان ١ / ٢٠٣.

(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

٢١

«الانفجار»: الانشقاق. والانبجاس أضيق منه. فيكون أوّلا انبجاس، ثمّ يصير انفجارا. أو الانبجاس عند الحاجة إليه. والانفجار عند الاحتياج إليه. أو الانبجاس عند الحمل. والانفجار عند الوضع. فلا منافاة بينه وبين ما ذكر في سورة الأعراف(١) : «فانبجست».

والجملة جواب شرط محذوف. تقديره: فإن ضربت، فقد انفجرت. أو معطوفة على محذوفة. تقديره: فضرب، فانفجرت، كما مرّ في قوله( فَتابَ عَلَيْكُمْ ) وقرئ عشرة (بكسر الشّين وفتحها). وهما لغتان.

( قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ ) : كلّ سبط،( مَشْرَبَهُمْ ) : عينهم الّتي يشربون منها.

( كُلُوا وَاشْرَبُوا ) ، على تقدير القول، أي: وقلنا لهم.

( مِنْ رِزْقِ اللهِ ) : يريد به ما رزقهم الله، من المنّ والسّلوى وماء العيون. وقيل: الماء وحده. لأنّه شرب. ويؤكل ما ينبت به(٢) .

[وفي كتاب الاحتجاج، للطّبرسيّ (ره):(٣) روى موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ ـ عليهما السّلام. قال: إنّ يهوديّا من يهود الشّام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في أثناء كلام طويل: فإنّ موسى ـ عليه السّلام ـ قد أعطي الحجر: فانبجست منه أثنتا عشرة عينا.

قال له عليّ ـ عليه السّلام ـ: لقد كان كذلك. ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ لـمّا نزل الحديبية وحاصره أهل مكّة، قد أعطي ما هو أفضل من ذلك. وذلك أنّ أصحابه شكوا إليه الظّمأ وأصابهم ذلك حتّى التفّت خواصر الخيل. فذكروا ذلك له ـ عليه السّلام.

فدعا بركوة يمانيّة. ثمّ نصب يده المباركة فيها. فتفجّرت من بين أصابعه عيون الماء. فصدرنا وصدرت الخيل رواء. وملأنا كلّ مزادة وسقاء. ولقد كنّا معه بالحديبية. وإذا ثمّ قليب جافّة. فأخرج ـ صلّى الله عليه وآله ـ سهما من كنانته. فناوله البراء بن عازب. فقال له: اذهب بهذا السّهم إلى تلك القليب الجافّة. فاغرسه فيها. ففعل ذلك. فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، من تحت السّهم. ولقد كان يوم الميضاة عبرة وعلامة للمنكرين لنبوّته ،

__________________

(١) الأعراف / ١٦٠

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٩.

(٣) الاحتجاج ١ / ٣٢٥.

٢٢

كحجر موسى، حيث دعا بالميضاة. فنصب يده فيها. ففاضت بالماء. وارتفع حتّى توضّأ منه ثمانية آلاف رجل. وشربوا حاجتهم. وسقوا دوابّهم. وحملوا ما أرادوا.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة(١) ، بإسناده إلى أبي الجارود، زياد بن المنذر. قال: قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ إذا خرج القائم من مكّة، ينادي مناديه: ألا لا يحمل أحد(٢) طعاما ولا شرابا وحمل معه حجر موسى بن عمران. وهو وقر بعير. فلا ينزل(٣) منزلا إلا انفجرت منه عيون. فمن كان جائعا، شبع، ومن كان ظمآنا، روي، ورويت دوابّهم، حتّى ينزلوا النّجف، من ظهر الكوفة.

وفي الخرائج والجرائح(٤) ، عن أبي سعيد الخراسانيّ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه ـ عليهما السّلام ـ مثله. وزاد في آخره: فإذا نزلوا ظاهره انبعث منه الماء واللّبن، دائما. فمن كان جائعا، شبع. ومن كان ظمآنا، روي.

وفي أصول الكافي(٥) ، عن أبي سعيد الخراسانيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ وذكر مثل ما في كمال الدّين وتمام النّعمة، إلّا قوله ورويت دوابّهم (الخ)](٦)

( وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) (٦٠): لا تعتدوا حال إفسادكم.

وإنّما قيّده وإن كان العثيّ لا يكون إلّا فسادا. لأنّه يجوز أن يكون فعل ظاهره الفساد، وباطنه المصلحة، كقتل الخضر الغلام وخرقه السّفينة. فبيّن أنّ فعلهم، هو الفساد، ظاهرا وباطنا. ويقرب منه العبث. غير أنّه يغلب فيما يدرك حسّا.(٧) وجعل بعضهم الحال، مؤكّدة.

فإن قيل كيف يجتمع ذلك الماء الكثير في ذلك الحجر الصّغير؟

أجيب بأنّ ذلك من آيات الله الباهرة والأعاجيب الظّاهرة الدّالّة على أنّه من فعل الله. فإنّه لـمّا أمكن أن يكون من الأحجار ما يحلق الشّعر وينفر الخلّ ويجذب الحديد ،

__________________

(١) كمال الدين وتمام النعمة / ٦٧٠ ـ ٦٧١، ح ١٧.

(٢) المصدر: أحدكم.

(٣) كذا في المصدر. وفي الأصل ور: ولا ينزل.

(٤) تفسير نور الثقلين ١ / ٨٤، نقلا عن الخرائج والجرائح، مع اختلاف بسيط.

(٥) الكافي ١ / ٢٣١، ح ٣.

(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٧) أ: حيّا.

٢٣

لم يمتنع أن يخلق في حجر، أو أحدث في كلّ حجر، قوّة بجذب الماء، من تحت الأرض، أو يجذب الهواء من الجوانب ويصير الماء بقوة التّبريد ونحو ذلك.

ولي هناك فائدة يجب أن ينبه عليها. فأقول: الممتنع إمّا ممتنع بأيّ اعتبار أخذ، أو باعتبار طبيعته، وحقيقته، مع قطع النّظر عن غيره، أو باعتبار العادات والرّسوم. فالأوّل، كشريك البارئ. والثّاني، ككون الكبير في الصّغير. والثّالث، ككون الحنطة خلّا.

والممتنع بالقياس إليه تعالى، هو الأوّل دون الثّانيين. فتأمّل! فإنّه يحتاج إلى لطف تأمّل.

[وفي شرح الآيات الباهرة:(١) قال الإمام ـ عليه السّلام: واذكروا، يا بني إسرائيل!( إِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ ) ، طلب لهم السّقيا، لـمّا لحقهم العطش في التّيه، وضجّوا بالنّداء إلى موسى، وقالوا هلكنا بالعطش، فقال موسى: «إلهي بحقّ محمّد سيّد الأنبياء وبحقّ عليّ سيّد الأوصياء وبحقّ فاطمة سيّدة النّساء وبحقّ الحسن سيّد الأولياء وبحقّ الحسين سيّد الشّهداء وبحقّ عترتهم وخلفائهم الأزكياء لـمّا سقيت عبادك هؤلاء الماء. اعتبار فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى:( اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ ) .

فضربه بها.( فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً، قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ ) ، أي: كلّ قبيلة، من بني أب، من أولاد يعقوب( مَشْرَبَهُمْ ) فلا يزاحم الآخرين في مشربهم.

[قال الله تعالى :](٢) ( كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ ) الّذى اتاكموه!( وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) ، أي: ولا تعثوا(٣) وأنتم مفسدون عاصون.

ثمّ قال ـ عليه السّلام: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: من أقام على موالاتنا أهل البيت، سقاه الله من محبّته، كأسا لا يبغون به بدلا ولا يريدون سواه كافيا ولا كالئا ولا ناصرا. ومن وطّن نفسه على احتمال المكاره في موالاتنا، جعله الله يوم القيامة في عرصاتها بحيث يقصر كلّ من تضمّنته تلك العرصات أبصارهم عمّا يشاهدون من درجاته(٤) وإن كلّ واحد منهم ليحيط بما له من درجاته كإحاطته في الدّنيا يتلقاه(٥) بين يديه.

ثمّ يقول له: وطّنت نفسك على احتمال المكاره في موالاة محمّد وآله الطّيّبين، قد جعل الله إليك ومكّنك في تخليص كلّ من يجب تخليصه من أهل الشّدائد في هذه العرصات. فيمدّ

__________________

(١) شرح الآيات الباهرة / ٢١.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) المصدر: تسعوا.

(٤) كذا في المصدر. وفي الأصل ور: درجاتهم.

(٥) المصدر: تتلقّاه.

٢٤

بصره فيحيط به. ثمّ ينتقد(١) من أحسن إليه أو برّه في الدّنيا، بقول أو فعل أو ردّ غيبة أو حسن محضر أو إرفاق(٢) ، فينتقده(٣) من بينهم، كما ينتقد الدّرهم الصّحيح من المكسور. يقال له: اجعل هؤلاء في الجنّة، حيث شئت. فينزلهم جنان ربّنا.

ثمّ يقال له: وقد جعلنا لك ومكّنّاك في إلقاء من تريد في نار جهنم. فيراهم.

فيحيط بهم. فينتقده(٤) من بينهم، كما ينتقد الدّينار من القراضة. ثمّ يصيّره في النّار. [ثمّ يقال له: صيّرهم من النّار، حيث تشاء. فيصيّرهم إلى حيث يشاء من مضايق النّار].(٥) فقال الله تعالى لبني إسرائيل الموجودين في عصر محمّد ـ صلّى الله عليه وآله: إذا كان أسلافكم إنّما دعوا إلى موالاة محمّد وآله الطّيّبين، فأنتم يا من شاهدتموه، فقد وصلتم إلى الغرض والمطلب الأفضل، إلى مولاة محمّد وآله. ألا فتقرّبوا إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ بالتّقرّب إلينا. ولا تتقرّبوا من سخطه، تباعدوا(٦) من رحمته بالازورار(٧) عنّا](٨) ( وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ ) : يريد به ما رزقوا في التّيه، من المنّ والسّلوى وبوحدته أنّه لا يتبدّل، كقولهم: طعام مائدة الأمير واحد. يريدون أنّه لا يتغيّر ألوانه. ولذلك أجموا، أو ضرب واحد. لأنّهما معا طعام أهل التّلذّذ. وهم كانوا فلاحة. فنزعوا إلى عكرهم. واشتهوا إلى ما ألفوه.(٩) وقيل(١٠) : إنّه كان ينزل عليهم [المنّ وحده. فملّوه. فقالوا ذلك. فأنزل عليهم](١١) السّلوى، من بعد ذلك.

( فَادْعُ لَنا رَبَّكَ ) : سله، لأجلنا، بدعائك إيّاه.

( يُخْرِجْ لَنا ) : يظهر لنا.

وجزمه، بأنّه جواب الأمر المذكور.

( مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ) : من إسناد الفعل إلى القابل. و «من» للتّبعيض. والعائد

__________________

(١) المصدر: فينقذ.

(٢) المصدر: إنفاق.

(٣) المصدر: فينقده.

(٤) المصدر: فينقده.

(٥) ليس في المصدر.

(٦) المصدر: وتتباعدوا.

(٧) الأصل ور: بالازوراء.

(٨) ما بين القوسين ليس في أ.

(٩) أ: القوه.

(١٠) مجمع البيان ١ / ١٢٤.

(١١) ليس في أ.

٢٥

إلى الموصول، محذوف.

( مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها ) :

بيان وقع موقع الحال. وقيل: بدل بإعادة الجار. والبقل ممّا أنبتته الأرض من الخضر. والمراد به أطائبه الّتي تؤكل. والفوم، الحنطة. ويقال للخبز. ومنه فوموا لنا، أي :

اخبزوا. وقيل: الثّوم. ويدلّ عليه قراءة ابن مسعود: وثومها. وقرئ قثّائها. (بالضّمّ) وهو لغة فيه(١) .

واختلف في أنّ سؤالهم هذا، هل كان معصية؟

فقيل: لا لأنّ الأوّل كان مباحا. فسألوا مباحا آخر.

وقيل: بل كان معصية. لأنّهم لم يرضوا بما اختاره الله لهم. وبذلك ذمّهم على ذلك. وهو أوجه.(٢) ( قالَ ) ، أي: الله أو موسى.

( أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى ) : أقرب منزلة.

وأصل الدّنوّ، القرب في المكان. فاستعير للحسنة، كالعبد في الشّرف والرّفعة.

فقيل: بعيد المحل، بعيد الهمّة.

وقرئ أدناء، من الدّناءة.

وحكى الأزهريّ،(٣) عن أبي زيد: الدنيّ (بغير همزة الخسيس).

( بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ) :

يريد به المنّ والسّلوى. فإنّه خير في اللّذة والنّفع وعدم الحاجة إلى السّعي.

( اهْبِطُوا ) :

وقرئ بالضّمّ، أي: انحدروا من التّيه. يقال: هبط الوادي، إذا نزل به. وهبط منه، إذا خرج منه.

( مِصْراً ) :

أراد به مصرا من الأمصار. وهو البلد العظيم. وأصله القطع، لانقطاعه بالعمارة عمّا سواه. وقيل(٤) : أصله الحدّ بين الشّيئين.

__________________

(١) يوجد الفقرات الماضية، في أنوار التنزيل ١ / ٥٩.

(٢) ر. مجمع البيان ١ / ١٢٤.

(٣) ر. مجمع البيان ١ / ١٢٢.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٥٩.

٢٦

قال الشّاعر(١) :

وجاعل الشّمس مصرا لا خفاء به

بين النّهار وبين اللّيل قد فصلا

أو العلم. وصرفه لسكون وسطه، أو على تأويل البلد. ويؤيّده أنّه غير منوّن في مصحف ابن مسعود. وقيل: أصله مصرائيم.(٢) فعرب.(٣) فصرفه للتّصرّف في العجميّة، بالتّعريب(٤) .

( فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ) :

جعلت الذّلّة والمسكنة محيطتين بهم مشتملتين(٥) عليهم. فهم كما يكون في القبّة من ضربت عليه أو الصقتا(٦) بهم، حتّى لزمتاهم ضربة لازب، كما تضرب الطّين على الحائط، فيلزمه مجازاة فهم على كفران النّعمة، فاليهود أذلّاء أهل مسكنة: إمّا على الحقيقة، وإمّا لتصاغرهم وتفاقرهم مخافة أن تضاعف عليهم الجزية.

والمراد بالذّلّة، الهوان بأخذ الجزية، وبالمسكنة، كونهم بزيّ الفقراء. فترى المثريّ منهم يتمسكن مخافة أن تضاعف عليهم الجزية. أو المراد بالذّلّة، ما يشمل المعنيين، وبالمسكنة فقر القلب. لأنّه لا يوجد يهوديّ غنيّ النّفس. وقال النّبيّ(٧) ـ صلّى الله عليه وآله: الغنى، غنى النّفس.

( وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ) :

رجعوا به من باء إذا رجع. أو صاروا أحقّاء بغضبه، من باء فلان بفلان، إذ كان حقيقا بأن يقتل به.

وأصل البوء، المساواة.

( ذلِكَ ) : إشارة إلى ما سبق، من ضرب الذّلّة والمسكنة والبوء بالغضب، كائن لهم.

( بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِ ) بسبب كفرهم بالمعجزات، أو بالكتب المنزلة وآية الرّجم والّتي فيها نعت محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ من الكتب وقتلهم الأنبياء، كزكريّا ويحيى وغيرهما ـ عليهم السّلام ـ بغير حقّ عندهم، إذ

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ١٢٢. والشاعر، عدي بن زيد، على ما ذكر في المصدر.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ: مصرائم.

(٣) ر. أنوار التنزيل ١ / ٥٩.

(٤) أ: بالتعريف.

(٥) أ: مشتملة.

(٦) أ: التصقتا.

(٧) مجمع البيان ١ / ١٢٤.

٢٧

لم يروا منهم ما يعتقدون به جواز قتلهم. وإنّما حملهم على ذلك اتّباع الهوى. وهذا أشنع من أن يقتلوه بشيء يعتقدونه(١) جرما حقّا باعتقادهم الفاسد.

( ذلِكَ ) ، أي: الكفر بالآيات وقتل الأنبياء، صدر عنهم.

( بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ ) (٦١) بسبب عصيانهم وتماديهم فيه.

فإنّ التّمادي في ضعاف الذنوب، يؤدّي إلى شدادها، كما أنّ المواظبة على صغار الطّاعات، يؤدّي إلى تحرّي كبارها.

قال صاحب الكشّاف(٢) : كرّر الإشارة، للدّلالة على أنّ ما لحقهم، كما هو بسبب الكفر والقتل، فهو بسبب ارتكابهم المعاصي واعتدائهم حدود الله.

وفيه نظر(٣) . لأنّه لو كان التّكرير لذلك، لكفى فيه أن يقول وبما عصوا. وقال: وعلى تقدير أن يكون ذلك إشارة إلى الكفر والقتل، يجوز أن تكون «الباء» بمعنى مع، أي: ذلك الكفر والقتل، مع ما عصوا. والأحسن ما قرّرناه، لرعاية اتّساق الكلام.

وإنّما جوّزت الإشارة بالمفرد إلى شيئين، على تأويل ما ذكر، أو ما تقدّم، للاختصار. ونظيره في الضّمير قول رؤبة :

فيه خطوط من سواد وبلق

كأنّه في الجلد توليع البهق

فإن قيل كيف يجوز التّخلية بين الكفّار وقتل الأنبياء؟ أجيب بأنّه إنّما جاز ذلك، لينال أنبياء الله سبحانه من رفع المنازل والدّرجات، ما لا ينالونه بغير القتل. قال الشّيخ الطّبرسيّ(٤) : وليس ذلك بخذلان لهم، كما أنّ التّخلية بين المؤمنين والأولياء والمطيعين وبين قاتليهم، ليست بخذلان لهم. (هذا كلامه.) والأجود التّفصيل، بأنّه ليس بخذلان، بمعنى إنزال العذاب وسوء عاقبة الدّار وغير ذلك مما ينبئ عن خذلان الآخرة وحرمان المثوبة. والمرويّ عن الحسن أنّ من(٥) قتل من الأنبياء، قد قتل بغير قتال. وأنّ الله لم يأمر نبيّا بالقتال، فقتل فيه.

والمذكور في مجمع البيان(٦) . «أنّ الصّحيح، أنّ النّبيّ إن كان لم يؤدّ الشّرع الّذي أمر بتأديته، لم يجز أن يمكّن الله سبحانه من قتله. لأنّه لو مكّن من ذلك، لأدّى إلى أن يكون

__________________

(١) أ: يعتقدوه.

(٢) الكشاف ١ / ١٤٦.

(٣) أ: نظرا.

(٤) مجمع البيان ١ / ١٢٥.

(٥) كذا في أ. وفي الأصل ور: ما

(٦) مجمع البيان ١ / ١٢٥.

٢٨

المكلّفون غير مزاحي العلّة في التّكليف وفيما لهم من الألطاف والمصالح. فأمّا إذا أدّى الشّرع، فحينئذ يجوز أن يخلّي الله بينه وبين قاتليه. ولم يجب عليه المنع من قتله» والملازمة(١) الّتي ادّعاها، منع بأنّه يجوز أن يكون إزاحة العلل بإرسال النّبيّ وإظهار المعجزة على يده وقتله بسوء صنيعهم بعد ثبوت نبوّته وإعجازه ناشئ من تهاونهم في نصره وتآزرهم على دفعه. فهم مفوّتون تبليغه بسوء فعلهم. فهم غير معذورين بعدم تبليغه.

[وفي أصول الكافي(٢) : يونس، عن ابن سنان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وتلا هذه الآية( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ. ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ ) قال: والله ما قتلوهم بأيديهم.

ولا ضربوهم بأسيافهم. ولكنّهم سمعوا أحاديثهم، فأذاعوها. فأخذوا عليها. فقتلوا. فصار قتلا واعتداء ومعصية].(٣)

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ) بألسنتهم. يريد به المتديّنين بدين محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ المخلصين منهم والمنافقين.

وقال صاحب الكشّاف(٤) : «يريد المنافقين»، لانخراطهم في سلك الكفرة.

والأوّل أولى، لعموم الفائدة.

( وَالَّذِينَ هادُوا ) :

تهوّدوا. يقال: هاد وتهوّد، إذا دخل في اليهوديّة. و «يهود» إمّا عربيّ من هاد، إذا تاب سمّوا بذلك، لـمّا تابوا من عبادة العجل، أو من هاد إذا مال، لأنّهم مالوا عن الإسلام وعن دين موسى، أو من هاد إذا تحرّك، لأنّهم كانوا يتحرّكون عند قراءة التوراة، وإمّا معرّب يهوذا. وكأنّهم سمّوا باسم أكبر أولاد يعقوب ـ عليه السّلام.

واليهود اسم جمع، واحده يهوديّ، كالزّنجيّ والزّنج والرّوميّ والرّوم.

( وَالنَّصارى ) :

قال سيبويه(٥) : جمع نصران كالنّدامى.

وقيل(٦) : جمع نصريّ، مثل مهريّ ومهارى.

__________________

(١) أ: وعلى الملازمة.

(٢) الكافي ١ / ٣٧١، ح ٦.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٤) الكشاف ١ / ١٤٦.

(٥) مجمع البيان ١ / ١٢٦، بتصرف في النقل.

(٦) تفسير البحر المحيط ١ / ٢٣٩.

٢٩

و «الياء» في نصرانيّ للمبالغة، كما في أحمريّ. سمّوا بذلك لأنّهم(١) نصروا المسيح، أو لأنّهم(٢) كانوا معه في قرية يقال لها نصران أو ناصرة.

وعلى تقدير أن يكون اسم القرية نصران، يحتمل أن يكون الياء للنّسبة.

[وفي عيون الأخبار(٣) ، بإسناده إلى الرّضا ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفي آخره قال: فقلت له: فلم سمّي النّصارى، نصارى؟

قال: لأنّهم من قرية اسمها النّاصرة(٤) ، من بلاد الشّام. نزلتها مريم وعيسى ـ عليهما السّلام ـ بعد رجوعهما من(٥) مصر.

وفي كتاب ثواب(٦) الأعمال(٧) ، بإسناده إلى حنان بن سدير. قال: حدّثني رجل من أصحاب أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال: سمعته يقول: إنّ أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة، لسبعة نفر: أوّلهم ابن آدم الّذي قتل أخاه ـ إلى قوله ـ ورجلان(٨) من بني إسرائيل. هوّدا قومهما. ونصّراهما.

وبإسناده إلى إسحاق بن عمّار الصّيرفيّ(٩) ، عن أبي الحسن الماضي ـ عليه السّلام ـ حديث طويل يقول فيه ـ عليه السّلام ـ بعد أن قال «إنّ في النّار لواديا يقال له سقر. وإنّ في ذلك الوادي لجبلا. وإنّ في ذلك الجبل، لشعبا. وإنّ في ذلك الشّعب، لقليبا. وإنّ في ذلك القليب، لحيّة. وذكر شدّة ما في الوادي وما بعده من العذاب. وإنّ في جوف تلك الحيّة سبع(١٠) صناديق. فيها خمسة من الأمم السّالفة. واثنان من هذه الأمّة»، قلت، جعلت فداك! ومن الخمسة؟ ومن الاثنان؟

قال: أمّا الخمسة: فقابيل الّذي قتل هابيل ـ إلى قوله ـ ويهودا(١١) الّذي هوّد اليهود.

وبولس الّذي نصّر النّصارى].(١٢)

( وَالصَّابِئِينَ ) :

__________________

(١ و ٢) ليس في أ.

(٣) عيون الأخبار ٢ / ٧٩، ذيل ح ١٠.

(٤) المصدر: ناصرة.

(٥) كذا في المصدر. وفي الأصل ور: عن.

(٦) الأصل ور: عقايد. وهو خطأ.

(٧) ثواب الأعمال / ٢٥٥، ضمن ح ١.

(٨) المصدر: اثنان.

(٩) نفس المصدر / ٢٥٥ ـ ٢٥٦.

(١٠) المصدر: لسبع.

(١١) كذا في المصدر وفي الأصل ور: يهود.

(١٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

٣٠

قيل: قوم بين النّصارى والمجوس. لا دين لهم.

وقيل(١) : أصل دينهم، دين نوح.

وقيل(٢) : هم عبدة الملائكة.

وقيل(٣) : عبدة الكواكب من صبأ، إذا خرج. وقرأ نافع، بالياء ـ وحدها. إمّا لأنّه خفّف الهمزة. أو لأنّه من صبا، إذا مال. لأنّهم مالوا من سائر الأديان، إلى دينهم، أو من الحقّ إلى الباطل.(٤) قال الشّيخ الطّبرسيّ(٥) : والفقهاء، بأجمعهم، يجيزون أخذ الجزية [منهم].(٦) وعندنا لا يجوز ذلك. [لأنّهم ليسوا بأهل كتاب](٧)

[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٨) : قوله( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ ) قال: الصّابئون قوم لا مجوس ولا يهود ولا نصارى ولا مسلمين. وهم يعبدون الكواكب والنّجوم].(٩)

( مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً ) :

من كان منهم في دينه قبل أن ينسخ، مصدّقا بقلبه بالمبدأ والمعاد، عاملا بمقتضى شرعه. ومن تجدّد منه الإيمان وأخلصه.

( فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) الّذي وعدهم، على إيمانهم وعملهم.

( وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (٦٢) حين يخاف الكفّار من العقاب ويحزن المقصرون على تضييع العمر وتفويت الثّواب.

و «من»، مبتدأ، خبره «فلهم أجرهم.» والجملة خبر «إنّ»، أو بدل من اسم «إنّ» وخبرها «فلهم أجرهم.» و «الفاء» لتضمّن المسند إليه، معنى الشّرط. وقد منع سيبويه دخولها في خبر «إنّ»، من حيث أنّها لا تدخل الشّرطيّة. وردّ بقوله تعالى(١٠) :( إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ) .

( وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ ) :

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) أنوار التنزيل / ٦٠.

(٥) مجمع البيان ١ / ١٢٦.

(٦) يوجد في أور.

(٧) يوجد في أ، فقط.

(٨) تفسير القمي ١ / ٤٨.

(٩) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(١٠) الجمعة / ٨.

٣١

مفعال من الوثيقة. وهو ما يوثق به من يمين أو عهد أو غير ذلك. يريد به العهد، باتّباع موسى والعمل بالتّوراة.

( وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ) : حتّى قبلتم الميثاق.

و «الطّور» في اللّغة، الجبل.

قال العجّاج(١) :

داني جناحيه من الطّور فمرّ

تقضّي البازي إذا البازي كسر

وقيل(٢) : إنّه اسم جبل بعينه. ناجى الله عليه موسى ـ عليه السّلام.

روي(٣) أنّ موسى ـ عليه السّلام ـ لـمّا جاءهم بالتّوراة، فرأوا ما فيها من التّكاليف الشّاقّة، كبرت عليهم وأبوا قبولها. فأمر جبرئيل ـ عليه السّلام ـ بقلع(٤) الطّور. فظلّله فوقهم، حتّى قبلوا.

[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٥) : قال الصّادق ـ عليه السّلام: لـمّا أنزل الله التّورية على بني إسرائيل لم يقبلوه فرفع الله عليهم جبل طور سيناء فقال لهم موسى ـ عليه السّلام ـ إن لم تقبلوه وقع عليكم الجبل. فقبلوه. وطأطئوا رؤوسهم](٦)

( خُذُوا ) على إرادة القول،( ما آتَيْناكُمْ ) من الكتاب،( بِقُوَّةٍ ) : بجدّ وعزيمة.

روى العيّاشيّ(٧) ، أنّه سئل عن(٨) الصّادق ـ عليه السّلام ـ عن قول الله تعالى( خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ ) ، أبقوّة بالأبدان؟ أم بقوّة بالقلوب؟

فقال: بهما، جميعا.

( وَاذْكُرُوا ما فِيهِ ) :

قيل(٩) : معناه ادرسوه ولا تنسوه. أو تفكّروا فيه، فإنّه ذكر بالقلب(١٠) . أو اعملوا به.

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ١٢٧.

(٢) نفس المصدر ونفس الموضع.

(٣) تفسير القمي ١ / ٤٩ الكشاف ١ / ١٤٧، مجمع البيان ١ / ١٢٨، أنوار التنزيل ١ / ٦١.

(٤) أ: بقطع.

(٥) تفسير القمي ١ / ٤٨.

(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٧) تفسير العياشي ١ / ٤٥، ح ٥٢.

(٨) كذا في المصدر وفي النسخ. ولعلها زائدة.

(٩) أنوار التنزيل ١ / ٦١.

(١٠) كذا في المصدر وفي النسخ. والظاهر: للقلب.

٣٢

والمرويّ عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ(١) أنّ معناه: اذكروا ما في تركه من العقوبة.

( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (٦٣) :

متعلّق «بخذوا»، أي: لكي تتّقوا، أو «باذكروا»، أي: رجاء منكم أن تكونوا متّقين، أو «بقلنا المقدّر»، أي: قلنا خذوا. واذكروا إرادة أن تتّقوا.

[وفي شرح الآيات الباهرة(٢) : قال الإمام ـ عليه السّلام: قال الله ـ عزّ وجلّ ـ لهم: واذكروا( إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ ) وعهودكم، أن تعملوا بما في التّوراة وما في الفرقان الّذى أعطيته موسى مع الكتاب المخصوص بذكر محمّد وعليّ والطّيّبين من آلهما، أنّهم أفضل الخلق والقوّامون بالحقّ، وأخذنا ميثاقكم لهم أن تقرّوا به وأن تؤدّوه إلى أخلافكم وتأمروهم أن يؤدوه إلى أخلافهم، ليؤمننّ بمحمّد نبيّ الله ويسلمون له ما يأمرهم به في عليّ وليّ الله عن الله وما يخبرهم به من أحوال خلفائه بعده القوّامون بحقّ الله، فأبيتم قبول ذلك واستكبرتموه، «فرفعنا فوقكم الطور» الجبل. أمرنا جبرئيل أن يقطع منه قطعة، على قدر معسكر أسلافكم. فجاء بها، فرفعها(٣) فوق رؤوسهم.

فقال موسى ـ عليه السّلام ـ لهم: إمّا أن تأخذوا بما أمرتم به فيه وإلا ألقى عليكم هذا الجبل؟

فالجئوا إلى قبوله كارهين، إلّا من عصمه الله من العباد. فإنّه قبله طائعا مختارا.

ثمّ لـمّا قبلوه سجدوا لله عفروا. وكثير منهم عفّر خدّيه لا إرادة الخضوع لله ولكن نظرا إلى الجبل، هل يقع أم لا؟ وآخرون سجدوا طائعين مختارين.

ثمّ قال ـ عليه السّلام: فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: احمدوا الله معاشر شيعتنا على توفيقه إيّاكم. فإنّكم تعفّرون في سجودكم، لا كما عفّره كفرة بني إسرائيل، ولكن كما عفّره خيارهم. وقال ـ عزّ وجلّ:( خُذُوا ما آتَيْناكُمْ ) ، أي: ما آتيناكم (من) هذه الأوامر والنّواهي، من هذا الأمر الجليل، من ذكر محمّد وعليّ وآلهما الطّيّبين( بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ ) (٤) ممّا آتيناكم. واذكروا جزيل ثوابنا على قيامكم به وشديد عقابنا على

__________________

(١) تفسير العياشي ١ / ٤٥، ح ٥٣، مجمع البيان ١ / ١٢٨.

(٢) شرح الآيات الباهرة / ٢٢.

(٣) المصدر: فرفعنا.

(٤) كذا في المصدر وفي هامش الأصل. وفي الأصل ور: فيما.

٣٣

إبائكم،( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) المخالفة الموجبة للعقاب(١) ، فتستحقّوا بذلك جزيل الثّواب](٢) ( ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ ) : أعرضتم عن الوفاء بالميثاق، بعد أخذه.

( فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ ) بالتّوبة، بعد نكثكم الميثاق الّذي وواثقتموه،( وَرَحْمَتُهُ ) بمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ يدعوكم إلى الحقّ ويهديكم إليه،( لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ ) (٦٤) المغبونين بالانهماك في المعاصي، أو بالخبط والضّلال في فترة من الرّسل، أو بهما و «ولو» في الأصل، لامتناع الشيء، لامتناع غيره.

فإذا أدخل على لا أفاد إثباتا وهو امتناع الشيء لثبوت غيره. والاسم الواقع بعده عند سيبويه، مبتدأ، خبره واجب الحذف، لدلالة الكلام عليه وسدّ الجواب مسدّه، وعند الكوفيّين، فاعل فعل محذوف.

( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ) لـمّا اصطادوا السّموك فيه.

و «السّبت» مصدر. سبتت اليهود، إذا عظّمت يوم السّبت. وأصله: القطع. أمروا بأن يجرّدوه للعبادة فاعتدى ناس منهم في زمن داود. واشتغلوا بالصّيد.

( فَقُلْنا لَهُمْ: كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ) (٦٥): مبعدين عن كلّ خير.

والخساء، هو الصّغار والطّرد.

وقرئ قردة. (بفتح القاف وكسر الرّاء) وخاسين (بغير همزة).

[وفي أصول الكافي:(٣) عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرّزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمّد بن سالم، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ حديث طويل، يقول فيه ـ عليه السّلام: وكان من السّبيل والسّنّة الّتي أمر الله ـ عزّ وجلّ ـ بها موسى ـ عليه السّلام ـ أن جعل عليهم السّبت فكان من أعظم السّبت. ولم يستحلّ أن يفعل فيه(٤) . ذلك من خشية الله. أدخله [الله](٥) الجنّة. ومن استخفّ بحقّه واستحلّ ما حرّم الله عليه، من العمل الّذي نهاه الله عنه فيه، أدخله الله ـ عزّ وجلّ ـ النّار. وذلك حيث استحلّوا الحيتان، واحتبسوها، وأكلوها يوم السّبت، غضب الله عليهم، من غير أن يكونوا أشركوا بالرّحمن، ولا شكّوا في شيء ممّا جاء به موسى

__________________

(١) المصدر: العقاب.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) الكافي ٢ / ٢٨ ـ ٢٩، مقطع من ح ١.

(٤) ليس في المصدر.

(٥) يوجد في المصدر.

٣٤

ـ عليه السّلام. قال الله ـ عزّ وجلّ:( لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ. فَقُلْنا لَهُمْ: كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ) .

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : وقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله: سيكون قوم يعيشون على لهو وشرب الخمر والغناء. فبينما هم كذلك، إذ مسخوا من ليلتهم وأصبحوا قردة وخنازير. وهو قوله: واحذروا أن تعتدوا، كما اعتدى أصحاب السّبت، فقد كان أملى لهم، حتّى أشروا. وقالوا: إنّ السّبت لنا حلال. وإنّما كان حرّم على أوّلينا. وكانوا يعاقبون على استحلالهم السّبت. فأمّا نحن فليس علينا حرام. وما زلنا بخير منذ استحللناه.

وقد كثرت أموالنا. وصحّت أجسامنا. ثمّ أخذهم الله ليلا وهم غافلون. فهو قوله :واحذروا أن يحلّ بكم مثل ما حلّ بمن تعدّى وعصى.

وفي كتاب الخصال(٢) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن أبيه، عن جدّه ـ عليهم السّلام. قال: المسوخ من بني آدم، ثلاثة عشر صنفا ـ إلى أن قال ـ فأمّا القردة، فكانوا قوما [من بني إسرائيل كانوا](٣) ينزلون على شاطى البحر اعتدوا في السّبت. فصادوا الحيتان. فمسخهم الله قردة.

وفيه(٤) أيضا ـ عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالب ـ عليهم السّلام. قال: سألت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عن المسوخ.

فقال: هم ثلاثة عشر: الفيل ـ إلى أن قال ـ وأمّا القردة، فقوم اعتدوا في السّبت.

وفيه(٥) ـ أيضا ـ عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل في بيان الأيّام.

وفي آخره قال بعض مواليه: قلت: فالسّبت؟

قال: سبتت الملائكة لربّها(٦) يوم السّبت فوحّدته(٧) لم يزل واحدا أحدا(٨) .

وفي عيون الأخبار(٩) ، عن محمّد بن سنان، عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ حديث

__________________

(١) تفسير القمي.

(٢) الخصال / ٤٩٣، مقطع من ح ١.

(٣) يوجد في المصدر.

(٤) نفس المصدر / ٤٩٤، مقطع من ح ٢.

(٥) نفس المصدر / ٣٨٤، ذيل ح ٦١.

(٦) كذا في المصدر. وفي الأصل ور: بربّها.

(٧) المصدر: فوجدته.

(٨) ليس في المصدر.

(٩) عيون الأخبار ٢ / ٩٤.

٣٥

طويل، يقول فيه: وكذلك حرّم القرد. لأنّه مسخ مثل الخنزير وجعل عظة وعبرة للخلق، دليلا على ما مسخ على خلقته وصورته. وجعل فيه شبه(١) من الإنسان، ليدلّ على أنّه من الخلق المغضوب عليه.(٢)

وفي كتاب علل الشّرائع(٣) ، بإسناده إلى عليّ بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام. قال: إنّ اليهود أمروا بالإمساك يوم الجمعة. فتركوا يوم الجمعة. وأمسكوا يوم السّبت. فحرّم عليهم الصّيد يوم السّبت.

وبإسناده(٤) إلى عبد الله بن يزيد بن سلام، أنّه قال لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقد سأله عن الأيّام الأسبوع: فالسّبت؟

قال: يوم مسبوت. وذلك قوله ـ عزّ وجلّ ـ في القرآن:(٥) ( الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) فمن الأحد إلى [يوم](٦) الجمعة، ستّة أيّام. والسّبت معطّل.

قال: صدقت يا محمّد.(٧) والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة](٨)

( فَجَعَلْناها ) ، أي: المسخة والعقوبة.

وعن الباقر ـ عليه السّلام(٩) : فجعلنا الأمّة.

[وفي مجمع البيان(١٠) : «فجعلناها»: الضّمير يعود إلى الأمّة الّتي مسخت. وهم أهل أيلة، قرية على شاطئ البحر. وهو المرويّ عن أبي جعفر ـ عليه السّلام].(١١)

( نَكالاً ) : عبرة، تنكل المعتبر بها، أي: تمنعه. ومنه النّكل، للقيد.

( لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها ) :

لما قبلها من الأمم وما بعدها، إذ ذكرت حالهم، في زبر الأوّلين، واشتهرت قصّتهم في الآخرين، أو لمعاصريهم ومن بعدهم، أو لما يحضرها من القرى وما تباعد عنها، أو لأهل

__________________

(١) المصدر: شبها.

(٢) المصدر: عليهم.

(٣) علل الشرائع / ٦٩، ح ١.

(٤) نفس المصدر / ٤٧١.

(٥) ق / ٣٨.

(٦) يوجد في المصدر.

(٧) المصدر: يا رسول الله.

(٨) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٩) مجمع البيان ١ / ١٣٠.

(١٠) نفس المصدر ونفس الموضع.

(١١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

٣٦

ملك القرية وما حواليها، أو لأجل ما تقدّم عليها من ذنوبهم وما تأخّر منها.

( وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ) (٦٦) من قومهم، أو لكلّ من سمعها.

( وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) : سمّيت بقرة، لبقرها الأرض. والهاء ليست للتّأنيث. وإنّما هي لتدلّ على الوحدة، كالبطّة والدّجاجة والإوزّة والحمامة.

وأوّل هذه القصّة، قوله تعالى(١) :( وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ ) . وإنّما فكّت عنه وقدّمت عليه، لاستقلاله بنوع آخر من مساوئهم. وهو الاستهزاء بالأمر والاستقصاء في السّؤال وترك المسارعة في الامتثال.

وقصّته على

ما رواه العيّاشيّ،(٢) مرفوعا إلى الرّضا ـ عليه السّلام: أنّ رجلا من بني إسرائيل قتل قرابة له. ثمّ أخذه فطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل.

ثمّ جاء يطلب بدمه. فقال(٣) لموسى ـ عليه السّلام: إنّ سبط آل فلان قتل.(٤) فأخبرنا من قتله.

قال: آتوني ببقرة.

والمرويّ عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ(٥) في سبب قتله: أنّه قتله ليتزوّج بنته. وقد خطبها. فلم ينعم له. وقد خطبها غيره من خيار بني إسرائيل. فأنعم له فحسده ابن عمّه الّذي لم ينعم له. فعقد له قتله. ثمّ حمله إلى موسى ـ إلى آخر الحديث.

والمذكور في الكشّاف(٦) وغيره(٧) ، أنّه كان فيهم شيخ موسر. فقتل ابنه بنو أخيه، طمعا في ميراثه. وطرحوه على باب المدينة. ثمّ جاؤوا بدمه. فأمرهم أن يذبحوا بقرة ويضربوه ببعضها، ليحيى فيخبّرهم بقاتله.

( قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً ) : مكان هزء، أو أهله، أو مهزوء بنا، أو الهزء نفسه لفرط الاستهزاء، استبعادا لما قاله، أو استخفافا به.

وقرئ هزء (بضمّتين وبسكون الزاء، بالهمزة في الصّورتين وبضمّتين والواو.)

__________________

(١) البقرة / ٧٢.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٤٦، ح ٥٧.

(٣) المصدر: فقالوا.

(٤) المصدر: قتل فلانا.

(٥) تفسير القمي ١ / ٤٩.

(٦) الكشاف ١ / ١٤٨.

(٧) مجمع البيان ١ / ١٣٤.

٣٧

( قالَ: أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ ) . (٦٧) :

لأنّ الهزء في مقام الإرشاد، جهل وسفه.

والعياذ واللّياذ، من واد واحد.

( قالُوا: ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ ) :

لمّا رأوا ما أمروا به على حال لم يوجد بها شيء من جنسه، أجروه مجرى ما لم يعرفوا حقيقته، فسألوا عنها بما المطلوبة بها الحقيقة. وإلّا، فالمقصود، بيان الحال والصّفة.

( قالَ: إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ ) : لا مسنّة ولا فتيّة.

يقال فرضت البقرة فروضا، من الفرض وهو القطع، كأنّها فرضت سنّها.

وتركيب البكر للأوّليّة. ومنه البكرة والباكورة.

( عَوانٌ ) : نصف.

قال الطّرمّاح :

طوال مثل أعناق الهوادي

نواعم بين أبكار وعون

( بَيْنَ ذلِكَ ) ، أي: ما ذكر من الفارض والبكر. ولذلك أضيف إليه البين. فإنّه لا يضاف إلّا إلى متعدّد.

وفي رواية العيّاشيّ،(١) مرفوعا إلى الرّضا ـ عليه السّلام: أنّهم لو ذبحوا أي بقرة أرادوا، لأجزأتهم. ولكن شدّدوا على أنفسهم، فشدّد الله عليهم.

والحديث طويل، أخذت منه موضع الحاجة. فلا يلزمه تأخير البيان، عن وقت الحاجة.

قيل(٢) : ويلزمه النّسخ، قبل الفعل. فإنّ التّخصيص، أو التّقييد، إبطال للتّخيير الثّابت بالنّصّ. وفيه نظر. لأنّ كون التّخيير فيه، حكما شرعيّا ممنوع، إذ الأمر بالمطلق لا يدلّ إلّا على إيجاب ماهيّته من حيث هي بلا شرط. لكن لـمّا لم تتحقّق الماهيّة من حيث هي، إلا في ضمن فرد معيّن، جاء التّخيير، عقلا من غير دلالة النّصّ عليه.

( فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ ) (٦٨) أي: ما تؤمرونه، يعني: ما تؤمرون به. فحذف الجار.

وأوصل الفعل. ثمّ حذف العائد المنصوب من قوله :

أمرتك الخير فافعل ما أمرت به

فقد تركتك ذا مال وذا نسب

__________________

(١) تفسير العياشي ١ / ٤٦، ح ٥٧.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ٦٢.

٣٨

أو أمركم بمعنى: مأموركم.

( قالُوا: ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها؟ قالَ: إِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها ) :

الفقوع، أشدّ ما يكون من الصّفرة وأنصعه. يقال في التّأكيد: أصفر فاقع ووارس، كما يقال: أسود حالك وحانك.(١) وفي إسناده إلى اللّون وهو صفة صفراء لملابسته بها، فضل تأكيد. كأنّه قيل: صفراء شديدة الصّفرة صفرتها. فانتزع من الصّفرة، صفرة وأسند الفقوع إليها. فهو من قبيل جدّ جدّه وجنونك مجنون.

وعن الحسن(٢) : سوداء شديدة السّواد. وبه فسّر قوله تعالى(٣) :( جِمالَتٌ صُفْرٌ ) .

وقال الأعشى(٤) :

تلك خيلي منه وتلك ركابي

هنّ صفر أولادها كالزّبيب

ولعلّه عبّر بالصّفرة عن السّواد، لأنّها من مقدّماته، أو لأنّ سواد الإبل يعلوه صفرة.

وفيه أنّ الصّفرة بهذا المعنى، لا يؤكّد بالفقوع. وأنّ الإبل وإن وصفت به، فلا يوصف به البقر.

( تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ) (٦٩)، أي: يوقعهم في السّرور (بالفتح) وهو لذّة في القلب، عند حصول نفع، أو توقعه من السّرّ (بالضّمّ) كأنّه يحصل لهم من رؤيتها نفع، أو توقعه.

وروي عن الصّادق ـ عليه السّلام(٥) ـ أنّه قال: من لبس نعلا صفراء، لم يزل مسرورا حتّى يبليهما، كما قال الله تعالى( صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ )

وعن أمير المؤمنين(٦) ـ عليه السّلام: أنّ من لبس نعلا صفراء، قلّ همّه لقوله تعالى( تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ) .

( قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ ) ؟ :

كرّر السّؤال الأول، لزيادة الاستكشاف. وقوله:( إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا ) : اعتذار عنه، أي: إنّ البقر الموصوف بالتّعوين وفقوع الصّفرة، كثير. فاشتبه علينا.

__________________

(١) أ: حافك. ر: حائك. (٢) أنوار التنزيل ١ / ٦٢.

(٣) المرسلات / ٣٣. (٤) أنوار التنزيل ١ / ٦٢.

(٥) الكافي ٦ / ٤٦٦، ح ٥ ـ ٦ مجمع البيان ١ / ١٣٥.

(٦) الكشاف ١ / ١٥٠.

٣٩

وقرئ الباقر. وهو اسم لجماعة البقرة، والأباقر والبواقر(١) .

و «يتشابه» (بالياء والتّاء)، و «يشابه» (بالياء والتّاء) وتشديد الشّين، بإدغام تاء التّفاعل فيها.

و «تشابهت» (مخفّفا ومشدّدا) إمّا بزيادة الألف في باب التّفعيل، أو بإلحاق التّاء السّاكنة بالمضارع، إلحاقا له بالماضي.

و «تشبه» بحذف إحدى التّائين، من مضارع تفعل. و «يشبه» بالتّذكير، ومتشابه ومتشابهة ومشتبه ومتشبّه ومشتبهة.

( وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ ) (٧٠) إلى المراد ذبحها، أو إلى القاتل.

روي عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ(٢) أنّه قال: وأيم الله! لو لم يستثنوا، ما بيّنت لهم آخر الأبد.

واحتجّ به الأشاعرة، على أنّ الحوادث، بإرادة الله تعالى. وأن الأمر قد ينفكّ عن الإرادة. وإلّا لم يكن للشّرط بعد الامر معنى! والكراميّة والمعتزلة على حدوث الإرادة.(٣) ويردّ عليهم: أنّ هذا إنّما يمكن الاستدلال به، إذا كان من كلامه تعالى، لا على سبيل الحكاية. وليس كذلك. فإنّه حكاية لما يقولونه. ويحتمل أن لا يكون حقّا في نفس الأمر. وإذا قام ذلك الاحتمال، لم يمكن الاستدلال. ولو سلم، فيردّ على الأشاعرة، وجوه من النّظر :

الأوّل: أنّ الآية يحتمل أن يكون المراد بها أنّه إن شاء الله هدايتنا. لكنّا مهتدين على سبيل الجزم. ولو لم يشأ، يحتمل الاهتداء وعدمه.

[الثّاني: أنّه إنّما يتمّ لو كان الإرادة والمشيئة بمعنى واحد. وهو ممنوع. فلو دلّت الآية على أنّ الحوادث بمشيّة الله، فلم تدلّ على أنّها بإرادته].(٤) الثّالث:(٥) أنّ قولهم: دلّت الآية على أنّ الأمر قد ينفك عن الإرادة، ممنوع.

والملازمة الّتي ادّعوها في بيانه، ممنوعة. لأنّ معنى الشّرط بعد الأمر، أنّه تعالى لو شاء هدايتهم، لهداهم، أي: لو لم يشأ، لم يهدهم. وذلك لا ينافي أنّه شاء أمرهم، فأمرهم.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٦٢.

(٢) الكشاف ١ / ١٥١.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٦٣.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) أ: الثاني.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

عن موسى بن بكر قال: كنّا عند أبي الحسن( عليه‌السلام ) وإذا دنانير مصبوبة بين يديه، فنظر إلى دينار فأخذه بيده ثمّ قطعه بنصفين، ثمّ قال لي: ألقه في البالوعة حتّى لا يباع شيء فيه غش.

ورواه الصدوق بإسناده عن موسى بن بكر مثله(١) .

[ ٢٢٥٢٤ ] ٦ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن صفوان، عن خلف بن حمّاد، عن الحسين بن زيد الهاشمي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: جاءت زينب العطارة الحولاء إلى نساء النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) وبناته، وكانت تبيع منهنّ العطر، فجاء النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) وهي عندهنّ، فقال: إذا أتيتنا طابت بيوتنا، فقالت: بيوتك بريحك أطيب يا رسول الله، قال: إذا بعتِ فاحسني ولا تغشي فإنّه أتقى وأبقى للمال الحديث.

ورواه الصدوق مرسلاً واقتصر على آخره(٢) .

[ ٢٢٥٢٥ ] ٧ - وعن أبي عليّ الاشعري، عن الحسن بن عليّ بن عبدالله، عن عبيس بن هشام، عن رجل من أصحابه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: دخل عليه رجل يبيع الدقيق، فقال: إيّاك والغش فإنه من غَش غُش في ماله، فإنّ لم يكن له مال غُشّ في أهله.

ورواه الشيخ بإسناده عن عبيس بن هشام(٣) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) (٤) .

____________________

(١) لم نعثر عليه في الفقيه المطبوع، التهذيب ٧: ١٢ / ٥٠.

٦ - الكافي ٨: ١٥٣ / ١٤٣، وأورده في الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب آداب التجارة.

(٢) الفقيه ٣: ١٧٣ / ٧٧٥.

٧ - الكافي ٥: ١٦٠ / ٤.

(٣) في نسخة من التهذيب: عيسى بن هشام ( هامش المخطوط ).

(٤) التهذيب ٧: ١٢ / ٥.

٢٨١

[ ٢٢٥٢٦ ] ٨ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه(١) ، عن ابن محبوب، عن أبي جميلة، عن سعد الاسكاف، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: مر النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في سوق المدينة بطعام، فقال لصاحبه: ما أرى طعامك إلّا طيباً، وسأله عن سعره.

فأوحى الله عزّوجلّ إليه إنّ يدس(٢) يده في الطعام ففعل فأخرج طعاماً رديئاً، فقال لصاحبه: ما أراك إلّا وقد جمعت خيانة وغشاً للمسلمين.

محمّد بن الحسن بإسناده عن إبن محبوب مثله(٣) .

[ ٢٢٥٢٧ ] ٩ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّا نعمل القلانس فنجعل فيها القطن العتيق فنبيعها ولا نبين لهم ما فيها، قال: أحبّ لك إنّ تبين لهم ما فيها.

محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن الحسين بن المختار القلانسي مثله(٤) .

[ ٢٢٥٢٨ ] ١٠ - وبإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أنه قال: ومن غشّ مسلماً في شراء أو بيع فليس منا، ويحشر يوم القيامة مع اليهود لأنهّم أغش الخلق.

____________________

٨ - الكافي ٥: ١٦١ / ٧.

(١) في المصدر زيادة: عن ابن أبي عمير.

(٢) في التهذيب: يدير ( هامش المخطوط ).

(٣) التهذيب ٧: ١٣ / ٥٥.

٩ - التهذيب ٦: ٣٧٦ / ١٠٩٨.

(٤) الفقيه ٣: ١٠٥ / ٤٣٨.

١٠ - الفقيه ٤: ٨ / ١.

٢٨٢

قال: وقال( عليه‌السلام ) : ليس منا من غش مسلماً.

وقال: ومن بات وفي قلبه غش لاخيه المسلم بات في سخط الله وأصبح كذلك حتّى يتوب.

ورواه أيضاً مرسلاً(١)

[ ٢٢٥٢٩ ] ١١ - وفي( عقاب الأعمال) بسند تقدم في عيادة المريض (٢) عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال - في حديث: - ومن غش مسلماً في بيع أو في شراء فليس منا ويحشر مع اليهود يوم القيامة، لأنّه من غشّ الناس فليس بمسلم.

ومن لطم خد مسلم لطمة بدّد الله عظامه يوم القيامة، ثمّ سلط الله عليه النار وحشر مغلولاً حتّى يدخل النار.

ومن بات وفي قلبه غشّ لاخيه المسلم بات في سخط الله، وأصبح كذلك وهو في سخط الله حتّى يتوب ويراجع(٣) ، وإنّ مات كذلك مات على غير دين الإِسلام.

ثمّ قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إلّا ومن غشنا فليس منا - قالها ثلاث مرات - ومن غش أخاه المسلم نزع الله بركة رزقه وأفسد عليه معيشته، ووكلّه إلى نفسه.

ومن سمع فاحشة فأفشاها فهو كمن أتاها ومن سمع خيراً فافشاه فهو كمن عمله.

[ ٢٢٥٣٠ ] ١٢ - وفي( عيون الأخبار) بأسانيد تقدّمت في اسباغ

____________________

(١) الفقيه ٣: ١٧٣ / ٧٧٦ و ٧٧٧.

١١ - عقاب الأعمال: ٣٣٤.

(٢) تقدم في الحديث ٩ من الباب ١٠ من أبواب الاحتضار.

(٣) في نسخة: أو يرجع ( هامش المخطوط ).

١٢ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٩ / ٢٦.

٢٨٣

الوضوء(١) ، عن الرضا عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ليس منّا من غشّ مسلماً، أو ضره أو ماكره.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في العيوب(٢) .

٨٧ - باب تحريم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال

[ ٢٢٥٣١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي عليّ الاشعري، عن محمّد بن سالم، وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن أحمد بن النضر، وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أبي القاسم، عن الحسين بن أبي قنادة جميعاً، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - في حديث - لعن الله المحلل والمحلّل له، ومن تولّى غير مواليه، ومن ادعى نسبا لا يعرف، والمتشبّهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، ومن أحدث حدثاً في الاسلام، أو آوى محدثاً، ومن قتل غير قاتله، أو ضرب غير ضاربه.

[ ٢٢٥٣٢ ] ٢ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( العلل) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبي الجوزاء عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن عليّ( عليه‌السلام ) أنّه رأى رجلاً به تأنيث في مسجد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، فقال له: اخرج من مسجد رسول الله

____________________

(١) تقدم في الحديث ٤ من الباب ٥٤ من أبواب الوضوء.

(٢) يأتي في الحديث ٢ من الباب ٧، وفي الباب من أبواب العيوب، وفي الحديث ٣ من الباب ٢، وفي الباب ٥٨ من أبواب آداب التجارة وتقدّم ما يدلّ عليه في الحديث ١ من الباب ١٣٧ من أبواب العشرة.

الباب ٨٧

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٨: ٦٩ / ٢٧.

٢ - علل الشرائع: ٦٠٢ / ٦٣، وأورده في الحديث ٩ من الباب ١٨ من أبواب النكاح المحرم.

٢٨٤

( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) من لعنه رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ثمّ قال عليّ( عليه‌السلام ) : سمعت رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يقول: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال.

[ ٢٢٥٣٣ ] ٣ - قال: وفي حديث آخر: أخرجوهم من بيوتكم فإنّهم أقذر شيء.

[ ٢٢٥٣٤ ] ٤ - وبهذا الإسناد عن عليّ( عليه‌السلام ) قال: كنت مع رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) جالساً في المسجد حتّى أتاه رجل به تأنيث فسلم عليه، فرد( عليه‌السلام ) ثمّ أكب رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) إلى الارض يسترجع ثمّ قال: مثل هؤلاء في أُمتّي أنّه لم يكن مثل هؤلاء في أُمّة إلّا عذبت قبل الساعة.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

٨٨ - باب استحباب الاهداء إلى المسلم ولو نبقاً (*) ، وقبول هديته

[ ٢٢٥٣٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال

____________________

٣ - علل الشرائع: ٦٠٢ / ٦٤، وأورده في الحديث ١٠ من الباب ١٨ من أبواب النكاح المحرم.

٤ - علل الشرائع: ٦٠٢ / ٦٥، وأورده في الحديث ١١ من الباب ١٨ من أبواب النكاح المحرم.

(١) يأتي في الأحاديث ٥، ٦، ٧ من الباب ٢٤ من أبواب النكاح المحرم، وفي الحديث ٥ من الباب ٣ من أبواب حد اللواط.

وتقدم ما يدل عليه في الحديثين ١٣، ٢٢ من الباب ٤٩ من أبواب جهاد النفس، وفي الحديث ٦ من الباب ٤١ من أبواب الأمر والنهي، وفي الباب ١٣ من أبواب أحكام الملابس.

الباب ٨٨

فيه ١٨ حديثاً

* - النبق: ثمر السدر ( الصحاح - نبق - ٤: ١٥٥٧ ).

١ - الكافي ٥: ١٤١ / ١.

٢٨٥

رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : الهدية على ثلاثة وجوه: هدية مكافأة، وهدية مصانعة، وهدية لله عزّوجلّ.

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

ورواه في( الخصال) عن محمّد بن عليّ ماجيلويه، عن عمه محمّد ابن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن منصور بن العباس، عن عليّ بن أسباط، عن أحمد بن عبد الجبار، عن جده، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) (٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٣) .

[ ٢٢٥٣٦ ] ٢ - وبهذا الإِسناد قال: من تكرمة الرجل لاخيه المسلم إنّ يقبل تحفته، ويتحفه بما عنده، ولا يتكلّف له شيئاً.

[ ٢٢٥٣٧ ] ٣ - وبهذا الإسناد قال: لو اُهدي إليّ كراع لقبلته.

[ ٢٢٥٣٨ ] ٤ - وبهذا الإسناد قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : لإنّ أهدي لاخي المسلم هدية تنفعه أحب إليّ من إنّ أتصدق بمثلها.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليّ بن إبراهيم مثله(٤) .

[ ٢٢٥٣٩ ] ٥ - وبالإسناد قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) :

____________________

(١) الفقيه ٣: ١٩١ / ٨٦٨.

(٢) الخصال: ٨٩ / ٢٦.

(٣) التهذيب ٦: ٣٧٨ / ١١٠٧.

٢ - الكافي ٥: ١٤٣ / ٨، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٢٠ من أبواب آداب المائدة.

٣ - الكافي ٥: ١٤٣ / ٩.

٤ - الكافي ٥: ١٤٤ / ١٢.

(٤) التهذيب ٦: ٣٨٠ / ١١١٥.

٥ - الكافي ٥: ١٤٤ / ١٤.

٢٨٦

تهادوا تحابوا، فإنها تذهب بالضغائن.

[ ٢٢٥٤٠ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، ويقول: تهادوا فإنّ الهدية تسل السخائم، وتجلي ضغائن العداوة والاحقاد.

[ ٢٢٥٤١ ] ٧ - وعن الحسين بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن عبد الرحمن بن محمّد، عن محمّد بن إبراهيم الكوفي عن الحسين بن زيد(١) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : تهادوا بالنبق تحيى المودة والموالاة.

[ ٢٢٥٤٢ ] ٨ - وعن على بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن مصعب بن عبدالله النوفلي، عمّن رفعه قال: قدم أعرابي بابل له على عهد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - إلى إنّ قال: - فقال: استهدني يا رسول الله، قال: لا، قال: بلى يا رسول الله فلم يزل يكلمه حتّى قال: اهدِ لنا ناقة ولا تجعلها ولهاء(٢) .

[ ٢٢٥٤٣ ] ٩ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) : الهدية في التوراة عاقر عينا(٣) .

____________________

٦ - الكافي ٥: ١٤٣ / ٧.

٧ - الكافي ٥: ١٤٤ / ١٣.

(١) في نسخة: الحسين بن يزيد ( هامش المخطوط ).

٨ - الكافي ٥: ٣١٧ / ٥٤.

(٢) الوله: ذهاب العقل والتحيّر من شدة الوجه ( الصحاح - وله - ٦: ٢٢٥٦ ).

٩ - الفقيه ٣: ١٩٠ / ٨٥٧.

(٣) في المصدر: عيثا.

٢٨٧

[ ٢٢٥٤٤ ] ١٠ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : تهادوا تحابوا.

[ ٢٢٥٤٥ ] ١١ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : الهدية تسل السخا(١) .

[ ٢٢٥٤٦ ] ١٢ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : نعم الشيء الهدية أمام الحاجة.

[ ٢٢٥٤٧ ] ١٣ - قال: وقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لو دعيت إلى كراع لاجبت، ولو أُهدي إلي كراع لقبلت.

[ ٢٢٥٤٨ ] ١٤ – قال: واُتي عليّ( عليه‌السلام ) بهدية النيروز، فقال( عليه‌السلام ) : ما هذا؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين اليوم النيروز، فقال( عليه‌السلام ) : اصنعوا لنا كلّ يوم نيروزاً.

[ ٢٢٥٤٩ ] ١٥ - قال: وروى أنّه( عليه‌السلام ) قال: نوروزنا كل يوم.

[ ٢٢٥٥٠ ] ١٦ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : عد من لا يعودك، واهد إلى من لا يهدي إليك.

[ ٢٢٥٥١ ] ١٧ - وبإسناده عن حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في وصية النبي( صلّى الله

____________________

١٠ - الفقيه ٣: ١٩٠ / ٨٥٨.

١١ - الفقيه ٣: ١٩٠ / ٨٥٩.

(١) في نسخة: السخائم ( هامش المخطوط ).

١٢ - الفقيه ٣: ١٩٠ / ٨٦٠.

١٣ - الفقيه ٣: ١٩١ / ٨٦١.

١٤ - الفقيه ٣: ١٩١ / ٨٦٤.

١٥ - الفقيه ٣: ١٩١ / ٨٦٥.

١٦ - الفقيه ٣: ١٩١ / ٨٦٧.

١٧ - الفقيه ٤: ٢٦٣ / ٨٢٤.

٢٨٨

عليه وآله) لعليّ( عليه‌السلام ) قال: يا علي لو اُهدي إليّ كراع لقبلت، ولو دعيت إلى ذراع(١) لاجبت.

[ ٢٢٥٥٢ ] ١٨ - وفي( الخصال) عن أحمد بن محمّد بن يحيى، عن أبيه، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سعيد، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: نعم الشيء الهدية أمام الحاجة، وقال: تهادوا تحابوا، فإن الهدية تذهب بالضغائن.

وقد تقدم في مواقيت الصلاة بعدّة طرق عنهم( عليهم‌السلام ) إنّما النافلة بمنزلة الهدية، متى ما اُتي بها قبلت، فقدّم منها ما شئت وأخر منها ما شئت(٢) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) .

٨٩ - باب استحباب تعجيل رد ظروف الهدايا، وكراهة رد هدية الطيب والحلواء

[ ٢٢٥٥٣ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: قال( عليه‌السلام ) : عجّلوا ردّ ظروف الهدايا فإنه أسرع لتواترها.

[ ٢٢٥٥٤ ] ٢ - قال: وكان( عليه‌السلام ) : لا يرد الطيب والحلواء.

____________________

(١) في المصدر: كراع.

١٨ - الخصال: ٢٧ / ٩٧.

(٢) تقدم في الأحاديث ٣، ٧، ٨ من الباب ٣٧ من أبواب المواقيت.

(٣) يأتي في الباب ٨٩ وفي الحديثين ١، ٢ من الباب ٩٠، وفي الحديثين ٣، ٤ من الباب ٩٤ من أبواب الأطعمة المباحة.

وتقدم ما يدل عليه في الحديث ٢٤ من الباب ١٢٢ من أبواب العشرة.

الباب ٨٩

فيه حديثان

١ - الفقية ٣: ١٩١ / ٨٦٢.

٢ - الفقيه ٣: ١٩١ / ٨٦٣.

٢٨٩

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الطهارة(١) .

٩٠ - باب جواز قبول هدية الكافر والمنافق وعدم تحريمها، وجواز أخذ أرباب القرى ما يهديه المجوس إلى بيوت النيران

[ ٢٢٥٥٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وأحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل تكون له الضيعة الكبيرة فإذا كان يوم المهرجان أو النوروز(٢) أهدوا إليه الشيء ليس هو عليهم يتقربون بذلك إليه، فقال: أليس هم مصلين؟ قلت: بلى، قال: فليقبل هديتهم وليكافهم فإنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: لو أُهدي إليّ كراع لقبلته، وكان ذلك من الدين، ولو إنّ كافرا أو منافقا أهدى إلّي وسقاً ما قبلت، وكان ذلك من الدين أبى الله عزّوجلّ لي زبد المشركين والمنافقين وطعامهم.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب(٣) ، وكذا الصدوق إلى قوله: وليكافهم(٤) .

[ ٢٢٥٥٦ ] ٢ - وبالإسناد عن ابن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: لما

____________________

(١) تقدم في الباب ٩٤ من أبواب آداب الحمام، وفي الباب ٦٩ من أبواب العشرة.

الباب ٩٠

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٤١ / ٢.

(٢) في نسخة: النيروز ( هامش المخطوط ).

(٣) التهذيب ٦: ٣٧٨ / ١١٠٨.

(٤) التهذيب ٣: ١٩١ / ٨٦٩.

٢ - الكافي ٥: ١٤٢ / ٣.

٢٩٠

ظهر رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أتاه عياض بهدية فأبى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) إنّ يقبلها، وقال: يا عياض، لو أسلمت لقبلت هديتك، إنّ الله عزّوجلّ أبى لي زبد المشركين، ثمّ إنّ عياضاً بعد ذلك أسلم وحسن إسلامه فأهدى إلى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) هديّة فقبلها منه.

[ ٢٢٥٥٧ ] ٣ - وعنهم، عن سهل، عن أحمد بن محمّد، عن عبدالله بن المغيرة، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: قال له محمّد بن عبدالله القمي: إنّ لنا ضياعا فيها بيوت النيران يهدي لها المجوس البقر والغنم والدراهم فهل(١) لارباب القرى إنّ يأخذوا ذلك ولبيوت نيرانهم قوام يقومون عليها؟ قال: ليأخذه صاحب القرى ليس به بأس.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٢) .

[ ٢٢٥٥٨ ] ٤ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن محمّد بن إسماعيل ابن بزيع، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: سألته عن مسألة كتب بها إليّ محمّد بن عبدالله القمي فقال: لنا ضياع وذكر نحوه، إلّا أنّه قال: ليأخذ أصحاب القرى من ذلك فلا بأس.

[ ٢٢٥٥٩ ] ٥ - وبإسناده عن ثوير بن أبي فاخته، عن أبيه، عن عليّ( عليه‌السلام ) قال: أهدى كسرى للنبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقبل منه، وأهدى قيصر للنبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقبل منه، وأهدت له الملوك فقبل منهم.

[ ٢٢٥٦٠ ] ٦ - محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب( الرجال) عن محمّد بن مسعود، عن سليمان بن حفص، عن حمّاد بن عبدالله

____________________

٣ - الكافي ٥: ١٤٢ / ٥.

(١) في الفقيه زيادة: يحل ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٦: ٣٧٨ / ١١٠٩.

٤ - الفقيه ٣: ١٩٢ / ٨٧٣.

٥ - الفقيه ٣: ١٩١ / ٨٦٦.

٦ - رجال الكشي ٢: ٨٦٨ / ١١٣٣.

٢٩١

القندي، عن إبراهيم بن مهزيار قال: كتب إليه خيران(١) ، قد وجهت إليك ثمانية دراهم كانت أُهديت إليّ من طرسوس، دراهم فيهم(٢) ، وكرهت أنّ أردّها على صاحبها أو احدث فيها حدثا دون أمرك، فهل تأمرني في قبول مثلها أم لا، لأعرفه إنّ شاء الله وأنتهي إلى أمرك؟ فكتب وقرأته: اقبل منهم إذا أهدي اليك دراهم أو غيرها، فإنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لم يردّ هدية على يهودي ولا نصراني.

وعن حمدويه وإبراهيم - ابني نصير - عن محمّد بن عيسى، عن خيرإنّ الخادم قال: وجهت إلى سيدي ثمانية دراهم وذكر مثله(٣) .

٩١ - باب جواز قبول الهديّة التي يراد بها العوض، وأنه يستحب التعويض عنها ولا يجب، فإنّ مات قبله جاز لصاحبها الرجوع فيها

[ ٢٢٥٦١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي جرير القمي، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) في الرجل يهدي الهدية إلى قرابته يريد الثواب وهو سلطان، فقال: ما كان لله ولصلة الرحم فهو جائز، وله إنّ يقبضها إذا كان للثواب.

ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد مثله(٤) .

____________________

(١) خيران الخادم ثقة مولى الرضا (عليه‌السلام ) ، من أصحاب أبي جعفر وأبي الحسن الثالث (عليهما‌السلام ) والمكتوب إليه يحتمل الثلاثة ( منه. قده )

(٢) كذا في الأصل، وفي المصدر: منهم، ويحتمل كون الكلمة في الأصل: فيئهم.

(٣) رجال الكشي ٢: ٨٦٨ / ١١٣٤.

الباب ٩١

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٤٢ / ٤.

(٤) التهذيب ٦: ٣٧٩ / ١١١١.

٢٩٢

[ ٢٢٥٦٢ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عمّن حدّثه، عن يحيى بن المبارك، عن عبدالله بن جبلة، عن إسحاق بن عمار قال: قلت له: الرجل الفقير يهدي إليّ الهدية يتعرض لما عندي فآخذها ولا أعطيه شيئاً، أيحلّ لي؟ قال: نعم هي لك حلال، ولكن لا تدع إنّ تعطيه.

ورواه الصدوق بإسناده عن إسحاق بن عمار مثله(١) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٢) .

[ ٢٢٥٦٣ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن آدم بن اسحاق، عن رجل، عن عيسى بن أعين قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل أهدى إلى رجل هدية، وهو يرجو ثوابها فلم يثبه صاحبه حتّى هلك، وأصاب الرجل هديّته بعينها، أله إنّ يرتجعها إنّ قدر على ذلك؟ قال: لا بأس إنّ يأخذه.

ورواه الصدوق بإسناده عن عيسى بن أعين(٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(٤) .

٩٢ - باب أن من أُهدي اليه طعام أو فاكهة وعنده قوم استحب له مشاركتهم في ذلك وإطعامهم

[ ٢٢٥٦٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن أحمد بن

____________________

٢ - الكافي ٥: ١٤٣ / ٦.

(١) الفقيه ٣: ١٩٢ / ٨٧٢.

(٢) التهذيب ٦: ٣٧٩ / ١١١٢.

٣ - التهذيب ٦: ٣٨٠ / ١١١٦.

(٣) الفقيه ٣: ١٩٢ / ٨٧١.

(٤) تقدم في الباب ٨٨ من هذه الأبواب

الباب ٩٢

فيه حديثان

١ - الكافي ٥: ١٤٣ / ١٠، التهذيب ٦: ٣٧٩ / ١١١٣.

٢٩٣

محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبان، عن إبراهيم بن عمر، عن محمّد بن مسلم قال: قال: جلساء الرجل شركاؤه في الهدية.

[ ٢٢٥٦٥ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى رفعه قال: إذا أُهدي إلى الرجل هدية طعام، وعنده قوم فهم شركاؤه فيها(١) الفاكهة وغيرها.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(٢) ، وكذا الّذي قبله.

ورواه الصدوق مرسلاً نحوه(٣) .

٩٣ - باب أنّه لا يجوز أن يصالح السلطان بشيء عمّا يأخذه من الجزية ويأخذ منهم أكثر من ذلك

[ ٢٢٥٦٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم الكرخي قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل له قرية عظيمة وله فيها علوج يأخذ منهم السلطان خمسين درهماً، وبعضهم ثلاثين وأقل وأكثر، ما تقول إنّ صالح عنهم السلطان؟ - أعني صاحب القرية - بشيء ويأخذ هو منهم أكثر مما يعطي السلطان؟ قال: قال: هذا حرام.

وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب مثله(٤) .

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن

____________________

٢ - الكافي ٥: ١٤٤ / ١١.

(١) في نسخة: الهدية ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٦: ٣٧٩ / ١١١٤.

(٣) الفقيه ٣: ١٩١ / ٨٧٠.

الباب ٩٣

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٦: ٣٧٩ / ١١١٠.

(٤) التهذيب ٧: ٢٠٠ / ٨٨٢.

٢٩٤

محمّد جميعاً، عن ابن محبوب مثله(١) .

[ ٢٢٥٦٧ ] ٢ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنه قال في القبالة: إنّ يأتي الرجل الارض الخربة فيتقبّلها من أهلها، ولا يدخل العلوج في شيء من القبالة فإنّ ذلك لا يحل الحديث.

[ ٢٢٥٦٨ ] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا بأس بقبالة الارض من أهلها عشرين سنة أو أقل من ذلك أو أكثر فيعمرها ويؤدي ما خرج عليها، ولا يدخل العلوج في شيء من القبالة لأنّه لا يحل.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليّ بن إبراهيم(٢) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في المزارعة(٣) .

٩٤ - باب تحريم عمل الصور المجسمة والتماثيل ذوات الارواح خاصة واللعب بها وجواز افتراشها

[ ٢٢٥٦٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن

____________________

(١) الكافي ٥: ٢٦٩ / ١.

٢ - التهذيب ٧: ٢٠١ / ٨٨٨، وأورده في الحديث ٣ من الباب ١٨، وذيله في الحديث ٨ من الباب ٨ من أبواب المزارعة.

٣ - الكافي ٥: ٢٦٩ / ٣.

(٢) التهذيب ٧: ١٩٩ / ٨٧٩.

(٣) يأتي في الحديث ٥ من الباب ١٨ من أبواب المزارعة.

الباب ٩٤

فيه ١٠ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٥٢٧ / ٧ وأورده في الحديث ٤، وبسند آخر في الحديث ٦ من الباب ٣ من أبواب أحكام المساكن.

٢٩٥

محمّد(١) ، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن أبي العباس، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قول الله عزّوجلّ:( يَعمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ ) (٢) فقال: والله ما هي تماثيل الرجال والنساء، ولكنّها الشجر وشبهه.

أحمد بن أبي عبدالله البرقي في( المحاسن) عن عليّ بن الحكم مثله (٣) .

[ ٢٢٥٧٠ ] ٢ - وعن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: لا بأس بتماثيل الشجر.

[ ٢٢٥٧١ ] ٣ - وعن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن تماثيل الشجر والشمس والقمر؟ فقال: لا بأس ما لم يكن شيئاً من الحيوان.

[ ٢٢٥٧٢ ] ٤ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن عبدالله بن جبلة، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنا نبسط عندنا الوسائد فيها التماثيل ونفترشها، فقال: لا بأس بما يبسط منها ويفترش ويوطأ إنما يكره منها ما نصب على الحائط والسرير.

[ ٢٢٥٧٣ ] ٥ - وعنه، عن جعفر بن إبراهيم بن عبد الحميد(٤) ، عن أبي

____________________

(١) في المصدر: أحمد وعبدالله ابني محمّد بن عيسى

(٢) سبأ ٣٤: ١٣.

(٣) المحاسن: ٦١٨ / ٥٣.

٢ - المحاسن: ٦١٩ / ٥٥.

٣ - المحاسن: ٦١٩ / ٥٤.

٤ - التهذيب ٦: ٣٨١ / ١١٢٢.

٥ - التهذيب ٦: ٣٨١ / ١١٢٣.

(٤) في المصدر: جعفر، عن إبراهيم بن الحميد.

٢٩٦

حمزة قال: دخلت على عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) وهو جالس على نمرقة(١) ، فقال: يا جارية هاتي النمرقة.

[ ٢٢٥٧٤ ] ٦ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - قال: نهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عن التصاوير، وقال: من صور صورة كلفه الله تعالى يوم القيامة إنّ ينفخ فيها وليس بنافخ، ونهى إنّ يحرق شيء من الحيوان بالنار، ونهى عن التختم بخاتم صفر أو حديد، ونهى إنّ ينقش شيء من الحيوان على الخاتم.

[ ٢٢٥٧٥ ] ٧ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن الحسن الميثمي، عن هشام ابن أحمر، وعبدالله بن مسكان جميعاً، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: ثلاثة يعذّبون يوم القيامة: من صوّر صورة من الحيوان يعذب حتّى ينفخ فيها وليس بنافخ فيها، والمكذب في منامه يعذب حتّى يعقد بين شعيرتين وليس بعاقد بينهما، والمستمع إلى حديث قوم وهم له كارهون يصب في اذنه الآنك وهو الأُسرب(٢) .

[ ٢٢٥٧٦ ] ٨ - وفي( عقاب الأعمال) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن يعقوب بن يزيد مثله: إلّا أنه قال: والمستمع من (٣) قوم.

[ ٢٢٥٧٧ ] ٩ - وفي( الخصال) عن الخليل بن أحمد، عن أبي جعفر

____________________

(١) نمرقة: مثلثة الوسادة الصغيرة أو الميثرة والطنفسة فوق الرجل. ( القاموس المحيط - نمرق - ٣: ٢٨٦ ).

٦ - الفقيه ٤: ٣، ٥ / ١.

٧ - الخصال: ١٠٨ / ٧٦.

(٢) الآنك والاُسرب: الرصاص ( مجمع البحرين - إنّك - ٥: ٢٥٦ و - سرب - ٢: ٨٢ ).

٨ - عقاب الأعمال: ٢٦٦ / ١.

(٣) في المصدر: بين.

٩ - الخصال: ١٠٩ / ٧٧.

٢٩٧

الدبيلي، عن أبي عبدالله، عن سفيان، عن أيوب السختياني، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من صور صورة عذب وكلف إنّ ينفخ فيها وليس بفاعل، ومن كذب في حلمه عذب وكلف أن يعقد بين شعيرتين وليس بفاعل، ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون يصب في اُذنيه الآنك يوم القيامة.

قال سفيان: الآنك: الرصاص.

[ ٢٢٥٧٨ ] ١٠ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن جده عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن التماثيل هل يصلح إنّ يلعب بها؟ قال: لا.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في المساكن(١) ، وفي لباس المصلّي(٢) ، وفي مكان المصلّي(٣) .

٩٥ - باب حكم مال الناصب وامرأته ودمه

[ ٢٢٥٧٩ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن عليّ ابن الحكم، عن فضّالة، عن سيف، عن أبي بكر، عن المعلّى بن خنيس قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : خذ مال الناصب حيثما وجدت،

____________________

١٠ - قرب الإسناد: ١٢٢.

(١) تقدم في البابين ٣، ٤ من أبواب أحكام المساكن.

(٢) تقدم في الحديث ١٠ من الباب ١١، وفي الحديث ٥ من الباب ١٢، وفي الباب ٤٥ من أبواب لباس المصلّي.

(٣) تقدم في البابين ٣٢، ٣٣ من أبواب مكان المصلّي، وفي الحديث ٣ من الباب ٢٨ من أبواب العشرة.

ويأتي ما يدلّ عليه في الحديث ١ من الباب ١ من أبواب الإجارة.

الباب ٩٥

فيه حديثان

١ - التهذيب ٦: ٣٨٧ / ١١٥٣، وأورده في الحديث ٧ من الباب ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

٢٩٨

وادفع الينا الخمس.

[ ٢٢٥٨٠ ] ٢ - وعنه، عن بعض اصحابنا، عن محمّد بن عبدالله، عن يحيى بن المبارك، عن عبدالله بن جبلة، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : مال الناصب وكل شيء يملكه حلال لك إلّا امرأته، فإنّ نكاح أهل الشرك جائز، وذلك إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: لا تسبوا أهل الشرك فإنّ لكل قوم نكاحاً، ولولا أنّا نخاف عليكم إنّ يقتل رجل منكم برجل منهم، ورجل منكم خير من ألف رجل منهم ومائة ألف منهم لامرناكم بالقتل لهم، ولكن ذلك إلى الإِمام.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود في الخمس(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه في الحدود(٢) ، والديات(٣) ، وغير ذلك.

٩٦ - باب جواز بيع المملوك المولود من الزنا وشرائه واسترقاقه، على كراهية، وعدم جواز بيع اللقيط في دار الإِسلام

[ ٢٢٥٨١ ] ١ - محمّد بن على بن الحسين بإسناده عن عبدالله بن سنان قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) ولد الزنا يباع ويشترى ويستخدم؟ قال: نعم، قلت: فيستنكح؟ قال: نعم، ولا تطلب ولدها.

____________________

٢ - التهذيب ٦: ٣٨٧ / ١١٥٤، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٢٦ من أبواب جهاد العدو.

(١) تقدم في الحديث ٦ من الباب ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس.

(٢) يأتي في الباب ٢٧ من أبواب القذف.

(٣) يأتي في الباب ٢٢ من أبواب الدّيات.

(٤) يأتي في الباب ٦٨ من أبواب قصاص النفس، وفي الباب ٣٣ من أبواب موجبات الضمان.

الباب ٩٦

فيه ١٠ أحاديث

١ - الفقيه ٣: ١٤٣ / ٦٢٩، وأودر ذيله في الحديث ١ من الباب ١٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

٢٩٩

[ ٢٢٥٨٢ ] ٢ - وبإسناده عن زرارة، عن أحدهما (عليهما‌السلام ) قال في لقيطة وجدت، قال: حرّة لا تباع ولا تشترى، وإنّ كان ولد مملوك لك من الزنا فأمسك أو بع إنّ أحببت هو مملوك لك.

[ ٢٢٥٨٣ ] ٣ - وبإسناده عن حمّاد، عن الحلبي قال: سُئل أبو عبدالله( عليه‌السلام ) عن ولد الزنا أيباع او يستخدم؟ قال: نعم إلّا جارية لقيطة فإنّها لا تشترى.

[ ٢٢٥٨٤ ] ٤ - وبإسناده عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قلت له: جارية لي زنت أبيع ولدها؟ قال: نعم، قلت: احج بثمنها(١) ؟ قال: نعم.

[ ٢٢٥٨٥ ] ٥ - محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما‌السلام ) في الرجل يشتري الجارية أو يتزوجها لغير رشدة ويتخذها لنفسه، قال: إنّ لم يخف العيب على ولده فلا بأس.

[ ٢٢٥٨٦ ] ٦ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن ابن سنان - يعني عبدالله -، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن ولد الزنا أيشترى ويستخدم ويباع؟ فقال: نعم.

[ ٢٢٥٨٧ ] ٧ - وعنه، عن فضّالة، عن أبان، عمّن أخبره، عن أبي

____________________

٢ - الفقيه ٣: ٨٦ / ٣٢٠.

٣ - الفقيه ٣: ٨٦ / ٣١٧.

٤ - الفقيه ٣: ٨٦ / ٣١٦.

(١) في المصدر: بثمنه.

٥ - الكافي ٥: ٣٥٣ / ٢، وأورده في الحديث ٤ من الباب ١٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

٦ - التهذيب ٧: ١٣٤ / ٥٨٩، والاستبصار ٣: ١٠٤ / ٣٦٦.

٧ - التهذيب ٧: ١٣٣ / ٥٨٨، والاستبصار ٣: ١٠٤ / ٣٦٥، وأورده عن الكافي في الحديث ٦ من الباب ٢٢ من أبواب اللقطة.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493