مفاهيم القرآن الجزء ٢

مفاهيم القرآن9%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 627

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 627 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 228634 / تحميل: 6455
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

طلقها أنها في عدتها، وأقامت عند عثمان البينة بميراثها منه، فلم يدر ما يحكم به، وردهما إلى عليعليه‌السلام فقال: « تحلف أنها لم تحض بعد أن طلقها ثلاث حيض وترثه » فقال عثمان للهاشمية: هذا قضاء ابن عمك، قالت: قد رضيته فلتحلف وترث، فتحرجت الأنصارية من اليمين، وتركت الميراث.

[ ٢١١٤٦ ] ٢ - عوالي اللآلي: روى سماك بن حرب، عن عبيدة السلماني قال: كان عليعليه‌السلام على المنبر، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، رجل مات وترك بنتيه وأبويه وزوجة، فقال عليعليه‌السلام : « صار ثمن المرأة تسعا » وتسمى المسألة المنبرية، والجواب هنا على الاستفهام لأنه مقدر فيه.

[ ٢١١٤٧ ] ٣ - السيد المرتضى في الفصول: أخبرني الشيخ - أدام الله عزه - مرسلا قال: مر الفضال بن الحسن بن الفضال الكوفي بأبي حنيفة، وهو في جمع كثير يملي عليهم شيئا من فقهه وحديثه، فقال لصاحب كان معه: والله لا أبرح حتى(١) أخجل أبا حنيفة، قال صاحبه: إن أبا حنيفة ممن قد علمت حاله وظهرت حجته، قال: مه، هل رأيت حجة كافر علت على مؤمن!؟ ثم دنا منه فسلم عليه فرد ورد القوم السلام بأجمعهم، فقال يا أبا حنيفة - رحمك الله - إن لي أخا يقول: إن خير الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وأنا أقول: إن أبا بكر خير الناس، وبعد )(٢) عمر، فما تقول أنت رحمك الله؟ فأطرق مليا ثم رفع رأسه، فقال: وكفى بمكانهما من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كرما وفخرا، أما علمت أنهما ضجيعاه في قبره؟ فأي حجة أوضح لك من هذه؟

__________________

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٥٠ ح ١٨٢.

٣ - الفصول المختارة ص ٤٤.

(١) في المصدر: أو.

(٢) في المصدر: بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعده.

٢٠١

فقال له فضال: إني قد قلت ذلك لأخي، فقال: والله لئن كان الموضع لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دونها، فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما فيه حق، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد أساءا وما أحسنا [ إليه ](٣) إذ رجعا في هبتهما ونكثا عهدهما، فأطرق أبو حنيفة ساعة ثم قال له: لم يكن له ولا لهما خاصة، ولكنهما نظرا في حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن في ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما، فقال [ له ](٤) فضال: قد قلت له ذلك، فقال: أنت تعلم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مات عن تسع حشايا، ونظرنا فإذا لكل واحدة منهن تسع الثمن، ثم نظرنا في تسع الثمن فإذا هو شبر في شبر، فكيف يستحق الرجلان أكثر من ذلك؟ الحكاية.

__________________

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٢٠٢

أبواب ميراث ولاء العتق

١ -( باب أن المعتق لا يرث مع أحد من ذوي الأرحام ويرث مع فقدهم، فإن مات انتقل الولاء إلى ولده الذكور والإناث إن كان المعتق رجلا)

[ ٢١١٤٨ ] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه كان يورث ذوي الأرحام دون الموالي.

[ ٢١١٤٩ ] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « يرث المولى من أعتقه، إن لم يدع وارثا غيره ».

[ ٢١١٥٠ ] ٣ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « يرث الولاء الأقعد فالأقعد، فإن استوى القعدد فبنو الأب والأم دون بني الأب ».

[ ٢١١٥١ ] ٤ - أصل زيد النرسي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « لا يرث(١) النساء من الولاء إلا مما أعتقن ».

__________________

أبواب ميراث ولاء العتق

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٧٩ ح ١٣٥٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩١ ح ١٣٨٥.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣١٧ ح ١١٩٦.

٤ - أصل زيد النرسي ص ٥٥.

(١) في المصدر: يرثن.

٢٠٣

٢ -( باب أن الولاء لمن أعتق والميراث له مع عدم الأنساب - رجلا كان المعتق أو امرأة - وجملة من أحكام الولاء)

[ ٢١١٥٢ ] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: الولاء لمن أعتق ».

[ ٢١١٥٣ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث - أنه قال: « ما بال أقوام يبيع أحدهم رقيقه، ويشترط أن الولاء له!؟ ألا إن الولاء لمن أعتق ».

[ ٢١١٥٤ ] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « تحوز المرأة ميراث عتيقها ولقيطها وولدها ».

٣ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب ميراث ولاء العتق)

[ ٢١١٥٥ ] ١ - محمد بن علي بن شهرآشوب في المناقب: عن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، ومعتب ومصادف - موليا الصادقعليه‌السلام - في خبر: أنه لما دخل هشام بن الوليد المدينة، أتاه بنو العباس وشكوا من الصادقعليه‌السلام ، أنه أخذ تركات ماهر الخصي دوننا، فخطب أبو عبد اللهعليه‌السلام فكان مما قال: « إن الله تعالى لما

__________________

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣١٧ ح ١١٩٤.

٢ - الجعفريات ص ١١٠.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٢٥ ح ١١٦.

الباب ٣

١ - المناقب ج ١ ص ٢٦١، وعنه في البحار ج ١٠٤ ح ٣٦٢ ح ١٣.

٢٠٤

بعث رسوله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان أبونا أبو طالب المواسي له بنفسه والناصر له، وأبوكم العباس وأبو لهب يكذبانه ويؤلبان عليه شياطين الكفر، وأبوكم يبغي له الغوائل، ويقود إليه القبائل في بدر، وكان في أول رعيلها، وصاحب خيلها، ورجلها المطعم يومئذ، والناصب الحرب له، ثم قال، فكان أبوكم طليقنا وعتيقنا، وأسلم كارها تحت سيوفنا، لم يهاجر إلى الله ورسوله هجرة قط، فقطع الله ولايته منا بقوله:( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُ‌وا مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ ) (١) في كلام له ثم قال: هذا مولى لنا مات فحزنا تراثه، إذ كان مولانا، ولأنا ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمنا فاطمةعليها‌السلام أحرزت ميراثه ».

[ ٢١١٥٦ ] ٢ - عوالي اللآلي: روى سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عوسجة، عن ابن عباس: أن رجلا توفي على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يدع وارثا إلا مولى هو أعتقه، فأعطاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ميراثه(١) .

__________________

(١) الأنفال ٨: ٧٢.

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٦٦ ح ١١٠.

(١) جاء في هامش المخطوط ما نصه: « قال: إن صح الحديث فهو تفضل منهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لان ميراث من لا وارث له للامام، ولا ولاء للعتق عندنا لان ولاء العتق لا يدور » منه قده.

٢٠٥

٢٠٦

أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة

١ -( باب أن ضامن الجريرة يرث مع عدم الأنساب والمعتق، وأنه لا يضمن إلا من كان سائبة، ويشترط في الضامن والمضمون الحرية)

[ ٢١١٥٧ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا أعتق الرجل عبده سائبة، فللعبد أن يوالي من شاء، فإن رضي من والاه بولائه إياه، كان له تراثه، وعليه عقل خطئه ».

٢ -( باب أن من مات ولا وارث له من قرابة ولا زوج ولا معتق ولا ضامن جريرة، فميراثه للامام)

[ ٢١١٥٨ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه )، أنه قال: « ما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ينزل من منبره إلا قال: من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا أو ضياعا فعلي » قال أبو جعفرعليه‌السلام : « من مات ولم يدع وارثا فماله من الأنفال، يوضع في بيت المال، لان جنايته على بيت المال » وقال أبو جعفرعليه‌السلام ، في قول

__________________

أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣١٨ ح ١٢٠١.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩١ ح ١٣٨٦.

٢٠٧

الله عز وجل:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّـهِ وَالرَّ‌سُولِ ) (١) قال: « ومن مات وليس له قريب يرثه ولا موال، فماله من الأنفال ».

[ ٢١١٥٩ ] ٢ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « من مات ولا وارث له، فماله لإمام المسلمين ».

[ ٢١١٦٠ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : في ابن الملاعنة، قال: « فإن لم يكن له قرابة، فميراثه لإمام المسلمين ».

[ ٢١١٦١ ] ٤ - العياشي في تفسيره: وفي رواية ابن سنان ومحمد الحلبي، عنه - يعني أبا عبد اللهعليه‌السلام - قال: « من مات وليس له مولى، فماله من الأنفال ».

٣ -( باب حكم ما لو تعذر إيصال مال من لا وارث له إلى الامام، لغيبته، أو تقية، أو غير ذلك)

[ ٢١١٦٢ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه قضى في رجل أسل ثم قتل خطأ، وليس له وارث، فقال: « اقسموا الدية في عدة ممن أسلم ».

[ ٢١١٦٣ ] ٢ - وروينا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه رفع إليه تراث رجل هلك من(١) خزاعة ليس له وارث، فأمر أن يدفع إلى رجل من خزاعة.

__________________

(١) الأنفال ٨: ١.

٢ - الهداية ص ٨٧.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٤٨ ح ١٤.

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩٤ ح ١٣٩١.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩٤ ح ١٣٩٢.

(١) في المخطوط: في، وما أثبتناه من المصدر.

٢٠٨

[ ٢١١٦٤ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن علياعليه‌السلام ، قضى في رجل أسلم ثم قتل خطأ، ليس له موال، فقال: اقسموا الدية على نحوه من الناس ممن أسلم ».

[ ٢١١٦٥ ] ٤ - كتاب خلاد السدي البزاز الكوفي: رفعه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، في الرجل يموت ويترك مالا، وليس له أحد، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « اعط [ الميراث ](١) همشاريجه(٢) ».

٤ -( باب أن الزوجين يرثان مع ضامن الجريرة النصيب الأعلى، وحكم ميراثهما مع الامام)

[ ٢١١٦٦ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، أنه قال: « ان الله عز وجل أدخل الزوج والزوجة في الفريضة، فلا ينقصان من فريضتهما شيئا، ولا يزادان عليها(١) ، يأخذ الزوج أبدا النصف أو الربع، والمرأة الربع أو الثمن، لا ينقص الرجل عن الربع، ولا المرأة عن الثمن، كان معهما من كان، ولا يزادان شيئا بعد النصف والربع، إن لم يكن معهما أحد ».

__________________

٣ - الجعفريات ص ١٢١.

٤ - كتاب خلاد السدي البزاز الكوفي ص ١٠٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) همشاريجه: أبعد الأقرباء ( شرح مفصل الأسفراييني ج ٢٠ ص ١٨ ).

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٧٣.

(١) في المخطوط: عليهما، وما أثبتناه من المصدر.

٢٠٩

٥ -( باب أن المسلم إذا لم يكن له إلا وارث كافر، فميراثه للامام، وكذا ديته)

[ ٢١١٦٧ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « ومن ترك ورثة من أهل الكفر لم يرثوه، وهو كمن لم يدع وارثا ».

٦ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب ولاء ضمان الجريرة والامام)

[ ٢١١٦٨ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « لما بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اليمن، قال: يا علي، لا تقاتلن أحدا حتى تدعوه إلى الاسلام، والله لئن يهدين الله على يديك رجلا، خير لك مما طلعت عليه الشمس، ولك ولاه يا علي ».

__________________

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩٢ ح ١٣٨٦ عن أبي عبد الله.

الباب ٦

١ - الجعفريات ص ٧٧.

٢١٠

أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه

١ -( باب أن الأب لا يرثه، ولا من يتقرب به، بل ميراثه لامه ومن يتقرب بها من الأخوال والاخوة وغيرهم، ولأولاده ونحوهم)

[ ٢١١٦٩ ] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال - في حديث - في الملاعنة: « ومن قذف ولدها منه، فعليه الحد، ويرثه أخواله، ويرث أمه » الخبر.

[ ٢١١٧٠ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - في اللعان: « ويرث الابن الأب، ولا يرث الأب الابن، ويكون ميراثه لامه ولأخواله، و(١) لمن يتسبب بأسبابهم » الخبر.

[ ٢١١٧١ ] ٣ - وعن أمير المؤمنين وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما قال: « إذا تلاعنا المتلاعنان عند الامام - إلى أن قالا - وينقطع نسبه من الرجل الذي لاعن أمه، فلا يكون بينهما ميراث بحال من الأحوال، وترثه أمه ومن

__________________

أبواب ميراث ولد الملاعنة وما أشبهه

الباب ١

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٢ ح ١٠٦٣.

(١) في المصدر: أو.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٢ ح ١٠٦١.

٢١١

نسب(١) إليه بها ».

[ ٢١١٧٢ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : في الملاعنة قال: « وإن مات الابن لم يرثه الأب، وقالعليه‌السلام أيضا: وإذا ترك الرجل ابن الملاعنة، فلا ميراث لولده منه، وكان ميراثه لأقربائه، فإن لم يكن له قرابة فميراثه لإمام المسلمين ».

[ ٢١١٧٣ ] ٥ - الصدوق في المقنع: وإذا ترك ابن الملاعنة أمه وأخواله فميراثه كله لامه، فإن لم يكن له أم فميراثه لأخواله، وإن ترك ابنته وأخته لامه فميراثه لابنته، فإن ترك خاله وخالته فالمال بينهما، فإن ترك جده أبو أمه وجدته فالمال بينهما، فإن ترك أخاه وجده أبو أمه فالمال بينهما سواء، لأنهما يتقربان إليه بقرابة واحدة.

٢ -( باب أن الأب إذا أقر بالولد بعد اللعان، ورثه الولد، ولم يرثه الأب)

[ ٢١١٧٤ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في المتلاعنين: « وإن تلاعنا وكان قد نفى الولد - أو الحمل إن كانت حاملا - أن يكون منه، ثم ادعاه بعد اللعان، فإن الولد(١) يرثه، ولا يرث هو الولد(٢) ، بدعواه بعد أن لاعن عليه ونفاه ».

[ ٢١١٧٥ ] ٢ - الصدوق في المقنع: ( فإن أقر الرجل فيه )(١) بعد الملاعنة

__________________

(١) في نسخة: تسبب، ( منه قده ).

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

٥ - المقنع ص ١٧٧.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٢ ح ١٠٦٢.

(١) في المصدر: الابن.

(٢) في المصدر: الابن.

٢ - المقنع ص ١٢٠.

(١) في نسخة: فإذا ادعى الرجل به، ( منه قده ).

٢١٢

نسب إليه، فإن مات الأب ورثه الابن، وإن مات الابن لم يرثه الأب، وميراثه لامه، فإن ماتت أمه فميراثه لأخواله.

[ ٢١١٧٦ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إلا أن يكون أكذب نفسه بعد اللعان فيرثه الابن، وإن مات الابن لم يرثه الأب ».

٣ -( باب أن ولد الملاعنة يرث أخواله ويرثونه)

[ ٢١١٧٧ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في المتلاعنة(١) يقذفها زوجها وينتفي من ولدها، ويتلاعنان(٢) ويفارقها، ثم يقول بعد ذلك: الولد ولدي ويكذب نفسه، قال: « أما المرأة فلا ترجع إليه أبدا، وأما الولد فإنه يرد عليه إذا ادعاه، ( ولا يدع )(٣) ولده، ليس له ميراث، ويرث الابن الأب، ولا يرث الأب الابن، ويكون ميراثه لامه ولأخواله ».

[ ٢١١٧٨ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « وينسب الولد الذي تلاعنا عليه إلى أمه وأخواله، ويكون أمره وشأنه إليهم ».

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٩.

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٢ ح ١٠٦٣.

(١) الملاعنة التي.

(٢) في المصدر: ويلاعنها.

(٣) في المخطوط والحجرية: ولا ادعى، وفي احدى نسخ المصدر: ولا يدعيه، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٨٢ ح ١٠٦١.

٢١٣

٤ -( باب أن من أقر بولد لزمه وورثه، ولا يقبل انكاره بعد ذلك، وحكم إقرار الوارث بدين أو وارث آخر)

[ ٢١١٧٩ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام ، أنه قال: « إذا أقر الرجل بولده ثم نفاه، لم ينتف منه أبدا ».

[ ٢١١٨٠ ] ٢ - وبهذا الاسناد: عنهعليه‌السلام ، قال: « إذا أقر بولده ثم نفاه، جلد الحد، والزم الولد ».

[ ٢١١٨١ ] ٣ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا أقر بعض الورثة بوارث لا يعرف، جاز عليه في نصيبه، ولم يلحق نسبه، ولم يورث بشهادته، ويجعل كأنه وارث ثم ينظر ما نقص الذي أقر به بسببه، فيدفع ما صار له من الميراث مثل ذلك إليه ».

٥ -( باب أن ولد الزنى لا يرثه الزاني ولا الزانية ولا من تقرب بهما ولا يرثهم، بل ميراثه لولده ونحوهم، ومع عدمهم للامام، وإن من ادعى ابن جاريته ولم يعلم كذبه، قبل قوله ولزمه)

[ ٢١١٨٢ ] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من وقع على وليدة قوم حراما، ثم اشتراها فإن ولدها لا يرث منه

__________________

الباب ٤

١ - الجعفريات ص ١٢٥.

٢ - الجعفريات ص ١٢٥.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩٢ ح ١٣٨٧.

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٠.

٢١٤

شيئا، لان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر ».

[ ٢١١٨٣ ] ٢ - وعن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، جعل معقلة ولد الزنى على قوم أمه، وميراثه لها ولمن تسبب منهم بها ».

[ ٢١١٨٤ ] ٣ - الصدوق في المقنع: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قيل له: رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة فأولدها غلاما، ثم مات النصراني وترك مالا، من يرثه؟ قال: « يكون ميراثه لابنه من المسلمة » قيل له: كان الرجل مسلما وفجر بامرأة يهودية، فولدت منه غلاما ثم مات المسلم، لمن يكون ميراثه؟ قال: « ميراثه لابنه من اليهودية ».

قلت: ظاهر الخبرين كون ولد الزنى كولد الملاعنة، يرث أمه وترثه، ويعضدهما بعض الأخبار، وعليه جمع من القدماء وبعض المتأخرين، والمشهور المسبوق بالاخبار الكثيرة المعتبرة، هو انقطاع نسبه منهما، والمسألة لا تخلو من الاشكال، ولكن المشهور هو الأقوى، والله العالم.

٦ -( باب حكم الحميل، وأنه إذا أقر اثنان بنسب بينهما، قبل قولهما وثبت التوارث إذا احتمل الصدق، ولا يكلفان البينة)

[ ٢١١٨٥ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنه كان يورث الحميل، والحميل: ما ولد في بلد الشرك فعرف بعضهم بعضا في دار الاسلام، وتقاروا بالأنساب، ولم يزالوا على ذلك حتى ماتوا أو بعضهم، فإنهم يتوارثون على ذلك.

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٤ ح ١٣٦٤.

٣ - المقنع ج ١ ص ١٧٩.

الباب ٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٤ ح ١٣٦٧.

٢١٥

٢١٦

أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه

١ -( باب أنه يرث على الفرج الذي يبول منه، فإن بال منهما فعلى الذي يسبق منه البول، فإن استويا فعلى الذي ينبعث، فإن استويا فعلى الذي ينقطع أخيرا، وأنه يعتبر فيه الاحتلام والحيض والثدي)

[ ٢١١٨٦ ] ١ - إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات: عن الأصبغ بن نباتة - في خبر طويل - قال: سئل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن الخنثى، كيف يقسم لها الميراث؟ قال: « انه يبول، فإن خرج بوله من ذكره فسنته سنة الرجل، وإن خرج من غير ذلك فسنته سنة المرأة ».

[ ٢١١٨٧ ] ٢ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: حدثني محمد بن عبد الله، عن محمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن جده، عن عبد الرحمان بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « بينا أمير المؤمنينعليه‌السلام في الرحبة والناس عليه متراكمون، فمن بين مستفت ومن بين مستعد - وساق الحديث وفيه - أنه سألهعليه‌السلام شامي عن مسائل أجابه عنها الحسنعليه‌السلام - إلى أن قالعليه‌السلام -: وأما المؤنث الذي لا

__________________

أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه

الباب ١

١ - الغارات ج ١ ص ١٨٩.

٢ - الغايات ص ٩٤.

٢١٧

تدري اذكر هو أم أنثى، فإنه ينتظر به فإن كان ذكرا احتلم، وإن كانت أنثى حاضت وبدا ثديها، وإلا قيل له: بل، فإن أصاب بوله الحائط فهو ذكر، وإن انتكص بوله على رجليه كما ينتكص بول البعير فهو امرأة » الخبر.

ورواه الصدوق في الخصال: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، مثله(١) .

[ ٢١١٨٨ ] ٣ - دعائم الاسلام: وعنهمعليهم‌السلام ، أنهم قالوا: « الخنثى يرث ويورث على مباله، وكذلك يكون أحكامه، فإن بال من ذكره كان رجلا له ما للرجال وعليه ما عليهم، فإن خرج البول من الفرج كانت امرأة لها ما للنساء وعليها ما عليهن، فإن بال منهما معا نظر إلى الذي يسبق منه البول أولا، فحكم بحكمه، فإن سبق منهما معا فقد روينا » إلى آخر ما يأتي.

[ ٢١١٨٩ ] ٤ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه كان جالسا في الرحبة حتى وقف عليه خمسة رهط فسلموا عليه فرد عليهم ونكرهم، فقال: « أمن أهل الشام أنتم أم من أهل الجزيرة؟ » قالوا: من أهل الشام يا أمير المؤمنين، قال: « وما الذي جاء بكم؟ » فقالوا: أمر شجر بيننا، قال: « وما ذاك؟ قالوا: نحن اخوة مات والدنا وترك مالا كثيرا، وهذا منا، له فرج كفرج المرأة وذكر كذكر الرجل، فأعطيناه ميراث امرأة فأبى إلا ميراث رجل، قال: « فأين كنتم عن معاوية، ألا أتيتموه؟ » قالوا: أردنا قضاك يا أمير المؤمنين، قال: « ما كنت لأقضي بينكم حتى تخبروني » قالوا: أتيناه فلم يدر(١) ما يقضي بيننا، وقال: هذا مال كثير [ ولا أدري

__________________

(١) الخصال ص ٤٤٠.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٧ ح ١٣٧٧.

(٤) دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٩ ح ١٣٧٩.

(١) في المخطوط: يقدر، وما أثبتناه من المصدر.

٢١٨

كيف الحكم ](٢) ولكن امضوا إلى أمير المؤمنين فإنه سيجعل لكم منه مخرجا، وسوف يسألكم: هل أتيتموني؟ فقولوا: ما أتيناه، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « لعن الله قوما يرضون بقضائنا، ويطعنون علينا في ديننا، انطلقوا(٣) بصاحبكم فاسقوه، ثم انظروا إلى البول من أين يخرج، فإن خرج من الذكر فله ميراث الرجل، وإن خرج من الفرج فله ميراث امرأة » فبال من ذكره فورثه ميراث رجل منهم.

[ ٢١١٩٠ ] ٥ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال في الخنثى: « إذا بال منهما جميعا ورث بأيهما سبق ».

[ ٢١١٩١ ] ٦ - البحار، عن كتاب صفوة الاخبار: قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، في الخنثى، فقالعليه‌السلام : « يقال للخنثى الزق بطنك(١) بالحائط وبل، فإن أصاب بوله الحائط فهو ذكر، وإن انتكص كما ينتكص البعير فهو امرأة ».

[ ٢١١٩٢ ] ٧ - عوالي اللآلي: روي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، اتي بخنثى، فقال: « ورثوه من أول ما يبول منه، فإن خرج منهما فبالانقطاع ».

[ ٢١١٩٣ ] ٨ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الخنثى يورث على ما سبق منه البول من الفرجين، فإن بدر منهما، فممن انقطع أخيرا ».

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المخطوط: فانطلقوا، وما أثبتناه من المصدر.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٩ ح ١٣٨٠.

٦ - البحار ج ١٠٤ ص ٣٥٥ ح ٦.

(١) في المخطوط: ببطنك، وما أثبتناه من المصدر.

٧ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٥١٢ ح ٦٨.

٨ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٣٤١ ح ٢٨.

٢١٩

٢ -( باب حكم الخنثى المشكل، الذي لم يتبين أمره بالعلامات المذكورة)

[ ٢١١٩٤ ] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أن امرأة وقفت على شريح فقالت: أيها القاضي إني مخاصمة، قال: وأين خصمك؟ قالت: أنت خصمني، فأخل لي المجلس، فأخلاه وقال لها: تكلمي، قالت: إني امرأة لي إحليل ولي فرج، قال: قد كانت لأمير المؤمنينعليه‌السلام في مثلك قضية، ورث من حيث يجئ البول، قالت: إنه يجئ منهما جميعا، قال: وكذلك قضى أنه يحكم بحكم أيهما بدر منه البول، قالت: ليس منهما شئ يسبق صاحبه، يجيئان في وقت واحد وينقطعان في وقت واحد، قال شريح: إنك لتخبريني بعجب، قالت: وأخبرك بأعجب من هذا، تزوجني ابن عم لي واخدمني خادمة فوطئتها فأولدتها، وإنما جئتك لما ولد لي لتنظر في أمري، فإن كنت رجلا فرقت بيني وبين زوجي، فقام شريح من مجلس القضاء، فدخل على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقص عليه القصة.

فأمر بالمرأة فأدخلت فسألها فقالت مثل ما قال، فأحضر زوجها فقال له: « هذه امرأتك وابنة عمك » قال: نعم، قال: « أخدمتها خادمة؟ » قال: نعم، قال: « فوطئتها فأولدتها؟ » قال: نعم، قال: « فوطئتها أنت بعد ذلك؟ » قال: نعم، قال: « لانت أجسر من خاصي الأسد، جيئوني بدينار الحجام وبامرأتين » فجئ بهم فقال: « ادخلا بهذه المرأة إلى بيت، وعدا أضلاع جنبيها » ففعلتا ثم خرجتا إليه فقالتا: قد عددنا، قال: « ما أصبتما؟ » قالتا: أصبنا الجانب الأيمن اثني عشر ضلعا، والجانب الأيسر أحد عشر ضلعا، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « الله أكبر جيئوني

__________________

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨٧ ح ١٣٧٧.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

وما ورد من الآيات الناهية عن الحكم بغير ما أنزل الله ووصف الحاكم بغير ما أنزل الله بالكفر والفسق والظلم(١) ومن المعلوم لزوم مكافحة الكفر والفسق والظلم وهو غير خفيّ على من له أدنى إلمام بالكتاب والسنّة.

كما أنّها مدفوعة بما صح عن النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله من الروايات الناهية عن التعاون مع الظالم وإعانته ومساعدته، منها ما ورد عن كعب بن عجرة عن النبيّ أنّه قال: « اسمعُوا سيكُونُ بعدي اُمراءُ فمن دخل عليهم فصدّقهُم بكذبهم وأعانهُم على ظُلمهم فليس منّي ولستُ منهُ وليس بوارد عليّ [ الحوض ] »(٢) .

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « ألا ومن علّق سوطاً بين يدي سُلطان جعل الله ذلك السّوط يوم القيامة ثُعباناً من النّار طولُهُ سبعون ذراعاً يُسلّطهُ الله عليه في نار جهنّم وبئس المصير »(٣) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً أنّه قال: « إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين أعوانُ الظلمة ومن لاق لهُم دواة، أو ربط لهُم كيساً، أو مدّ لهُم مدّة قلم، فاحشُرُوهُم معهُم »(٤) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « من خفّ لسُلطان جائر في حاجة كان قرينهُ في النّار »(٥) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما اقترب عبد من سُلطان جائر إلّا تباعد من الله »(٦) .

وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام أنّه قال: « من أحبّ بقاء الظالمين فقد أحبّ أن يُعصي الله »(٧) .

__________________

(١) المائدة: ٤٤ و ٤٥ و ٤٧.

(٢) جامع الأصول ٤: ٧٥، نقلاً عن الترمذيّ والنسائيّ.

(٣) وسائل الشيعة ١٢: ١٣٠، الباب ٤٢ من أبواب ما يكتسب به حديث ١٠.

(٤) وسائل الشيعة ١٢: ١٣٠، الباب ٤٢ من أبواب ما يكتسب به، حديث ١١.

(٥) وسائل الشيعة ١٢: ١٣٠، الباب ٤٢ من أبواب ما يكتسب به، حديث ١٤.

(٦) وسائل الشيعة ١٢: ١٣٠ حديث ١٢.

(٧) وسائل الشيعة ١٢: ١٣٤، حديث ٥.

٣٢١

وعنهعليه‌السلام أنّه قال: « من سُوّد اسمهُ في ديوان الجبّارين حشرهُ الله يوم القيامة حيراناً »(١) .

وعنهعليه‌السلام أنّه قال: « من مشى إلى ظالم ليُعينهُ وهو يعلمُ أنّهُ ظالم فقد خرج عن الإسلام »(٢) .

وعن الإمام الصادق جعفر بن محمّدعليه‌السلام أنّه قال: « ما أحبُّ أنّي عقدت لهم عقدةً أو وكيت لهم وكاء وأنّ لي ما بين لابتيها لا ولا مدّة بقلم، إنّ أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتّى يفرغ الله من الحساب »(٣) .

وغيرها من عشرات الأحاديث والروايات الواردة من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته المعصومين ممّا وردت في كتب الحديث، الناهية عن السكوت على الحاكم الجائر، والحاثّة على زجره ودفعه، والإنكار عليه بكل الوسائل الممكنة المتاحة ممّا يدلّ على أنّ الأحاديث التي تحثّ على السكوت عن الحاكم الظالم، والانصياع لحكمه والتسليم لظلمه والرضا بجوره ممّا أوعزت السلطات الحاكمة به في تلك العصور المظلمة، فلفّق البعض هذه الروايات والأحاديث ونسبوها إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو منها براء لمعارضتها الصريحة لمبادئ الكتاب والسّنة.

ولو لم يكن في المقام إلّا قول الإمام عليّعليه‌السلام في خطبته: « وما أخذ الله على العُلماء أن لا يُقارُّوا على كظّة ظالم ولا سغب مظلوم الخ »(٤) .

لكفى في وهن تلك الروايات المفتعلة على لسان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وبما أنّ هذا البحث واضح لكلّ مسلم يحمل بين جنبيه الحريّة ويفكّر في العدل الإسلاميّ طوينا البحث عن بعض ما ورد في هذا المجال.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٢: ١٣٤ حديث ٦.

(٢) وسائل الشيعة ١٢: ١٣١ حديث ١٥.

(٣) وسائل الشيعة ١٢: ١٢٩ حديث ٦.

(٤) نهج البلاغة: الخطبة ٣.

٣٢٢

٣

السلطة القضائيّة

دور القضاء والسلطة القضائيّة :

يحتلّ القضاء، وفصل الخصومات بين الناس دوراً عظيماً، ومكانة حسّاسة في أي مجتمع بشريّ، لأنّ عليه وعلى كيفيّته تتوقّف سلامة المجتمع، واستتباب الأمن، واستقرار العدل، وصيانة الحقوق والحريّات، والحرمات وبالتالي يقوم التوازن الاجتماعيّ.

إنّ القضاء مرتبط بالعدالة، فإن صلح شاعت العدالة وانتعشت، وأمن الناس على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم، وصلح أمر الدولة، والناس جميعاً. وإن فسد القضاء اختفت العدالة وباختفائها تعم الفوضى وينتشر الفساد، ولا يأمن الناس على أنفسهم، فتضيع هيبة الدولة، ويتقلّص سلطانها، إنذاراً لها بالنزوال والاندحار.

إنّ القضاء يلعب دوراً كبيراً في تبديل الاختلاف إلى الوئام، وفي تحويل التنازع والتصارع إلى التوافق والتقارب الذي يحتاج إليه كلّ مجتمع إنسانيّ ينشد السعادة والطمأنينة والأمن.

٣٢٣

عوامل التنازع وأسبابه :

لم يزل المجتمع البشريّ ـ منذ تكوّنه وانضمام فرد إلى فرد آخر ـ تلازم حياته التشاجر والاختلاف والتنازع بين أفراده، وقد شهد بذلك التاريخ، وبرهنت عليه الوقائع المحسوسة، ثمّ إنّ هذا الاختلاف لا ينشأ ـ غالباً ـ إلّا من أمرين :

١. الحرص الشديد على جلب الأموال والمنافع والحقوق، الذي يلازم البعد عن المعنويّات والمثل الإنسانيّة، فإنّ حرص كلّ واحد من أفراد النوع الإنسانيّ على أن يجلب المنافع العاجلة العابرة لنفسه ينسيه الجوانب المعنويّة والمثل النبيلة وذلك بدوره يجرّ إلى التعدّي على مصالح الآخرين وحقوقهم ومنافعهم حيث لا إيمان يردع عن ذلك، ولا مكارم أخلاق تحدّ من تلك النزعة الجامحة.

٢. الاختلاف في تشخيص الحقّ، فربّما يتنازع فردان لا للحرص الشديد بل للاختلاف في تشخيص ( الحقّ ) فكلّ واحد منهما يعتقد ـ اعتقاداً جازماً ـ بأنّ الحقّ هو ما يراه دون غيره.

وربّما يبلغ الطرفان المختلفان المتنازعان ـ مع ذلك ـ أقصى درجات التقوى وحسن النية والفضيلة، ولكن جهلهما بالحقّ دفعهما إلى ذلك الاختلاف والتنازع، ولا ريب أنّ بقاء الاختلاف في المجتمع يشكّل خطراً كبيراً على أمنه واستقراره وسلامته ؛ إذ قد يؤدي إلى العدوان، وتأجّج نيران البغضاء والضغينة بين المتخاصمين المختلفين، وربما اُريقت ـ في هذا السبيل ـ دماء كثيرة. واُهدرت أموال طائلة، وضاعت أغراض شريفة ليس إلّا لاُمور حقيرة لا تستأهل كل تلك التبعات والعواقب. ومن أجل ذلك حثّ القرآن الكريم على سدّ باب الاختلاف وقطع دابره من الجذور وحثّ المسلمين على الإصلاح بين المتنازعين إذ قال:( وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ) ( الأنفال: ١ ).

وقال الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام نقلاً عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه كان يقول :

٣٢٤

« صلاحُ ذات البين أفضلُ من عامّة الصّلاة والصّيام »(١) .

بيد أنّ حلّ الاختلاف يتصوّر بوجوه هي :

إمّا بإخضاع القضيّة لسلاح القوّة، ومنطق الغلبة الذي عبّر عنه المثل السائر بقوله: ( الحقُ لمن غلب ) فيكون الغالب هو المحقّ ولكن هذا ممّا لا يقبله ذو وجدان سليم ولا يرضاه عقل ولا دين.

أو بإخضاع القضيّة لعامل الدعاية والتبليغ الكاذب، وإرغام الطرف الآخر على القبول بما يخالفه انخداعاً وتضليلاً، وهو كذلك أمر يرفضه الدين.

أو يترك الأمر لعامل الزمن ليتجلّى الحقّ بمرور الأيام وتوالي الشهور ومضي السنين والأعوام وهو أمر لا تحتمله الحياة الاجتماعيّة التي تتطلّب الحلول العاجلة لمشكلاتها والمعالجة السريعة لآلامها

أو يترك الأمر حتّى يتعب المتنازعان فيكفّا عن المطالبة، أو يخلّي أحدهما الآخر، ليبطل الحقّ، ويعود باطلاً، ويعود الباطل حقّاً. وهو أمر يرفضه الإسلام كذلك إذ يقول الإمام عليّعليه‌السلام : « الحقُّ القديم لا يبطله شيء ».

ولقد اتّخذ الإسلام طريقاً خامساً، وهو الذي ندبت إليه الشرائع السماويّة السابقة وتقتضيه سنّة الحياة وضرورات المجتمع ألا وهو حثّ المتنازعين على الرجوع إلى أهل الصلاح والتحاكم إليهم، والخضوع لقضائهم وحكمهم ليرتفع التنازع ويعود المتخاصمون اخوة متحابّين، ويتخلّص المجتمع من أخطار الاختلاف والتنازع. ولأجل مثل هذا الدور كانت السلطة القضائيّة الركن الثالث والأساسيّ من أركان الحكومات قديماً وحديثاً، وكان لها من الأهميّة والمكانة ما ليس لغيرها من أركان الحكومة.

ولأجل ذلك أيضاً كان للقضاء والسلطة القضائية مكانة مرموقة في النظام

__________________

(١) نهج البلاغة: ـ قسم الكتب ـ ٤٧.

٣٢٥

الإسلاميّ لم يسبق لها مثيل في العهود والأنظمة السابقة واللاحقة ؛ حيث سنّ له ولها اُصولاً وقواعد واُسساً وبرامج فريدة في نوعها، وعظيمة في محتوياتها.

فلقد وضع القرآن الكريما اُسس القضاء وشيّد الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله إركانه وبنيانه وبين خلفاؤه المعصومون تفاصيله، وجزئياته، وحدوده وأحكامه.

القضاء والحكومة لله خاصّة

ولمّا كان القضاء ملازماً للتصرّف في أموال الناس وأنفسهم وأعراضهم احتاج إلى ولاية حقيقيّة وحيث لم تكن الولاية الحقيقيّة إلّا لله تعالى خاصّة ؛ كان القضاء أحد الحقوق المختصة به سبحانه دون سواه، فلا ولاية لأحد على أحد في هذه الشؤون، ولهذا قال سبحانه:( إِنِ الحُكْمُ إلّا للهِ يَقُصُّ الحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) ( الأنعام: ٥٧ ).

وقال:( إِنِ الحُكْمُ إلّا للهِ ) ( يوسف: ٤٠ )(١) .

إلى غير ذلك من الآيات التي تحصر حقّ الحكومة ( الشاملة للقضاء وغيره ) بالله سبحانه وحده لانحصار الولاية الحقيقيّة فيه دون سواه.

وقد عهد الله سبحانه بممارسة هذا الحق إلى أنبيائه وأوصيائهم سواء أكانوا أوصياء بالاسم والشخص، أم بالرسم والوصف.

فالقضاة المنصوبون من ناحية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أو أوصيائهم قضاة منصوبون بالاسم والشخص وأمّا الذين يتعاهدون القضاء ـ زمن عدم التمكّن من الأوصياء والأئمّة ـ قضاة منصوبون بالرسم والوصف. كما نرى ذلك من رواية مقبولة لعمر بن حنظلة حيث قال الصادق الإمام جعفر بن محمّدعليه‌السلام له: « من تحاكم إليهم(٢) في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطّاغُوت، وما يحكُمُ لهُ فإنّما يأخُذُ سُحتاً وإن كان حقّاً ثابتاً لهُ ،

__________________

(١) ولم نذكر الآية المشابهة (٦٧) في تلك السورة لأنّها ناظرة إلى معنى تكوينيّ.

(٢) المراد قضاة الجور.

٣٢٦

لأنّهُ أخذهُ بحُكم الطّاغُوت وما أمر الله أن يُكفر به. قال الله تعالى:( يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ ) ( النساء: ٦٠ ) ».

ولـمـّا قال: فكيف يصنعان ؟ قالعليه‌السلام : « ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثناً ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخفّ بحكم الله، وعلينا ردّ، والرادّ علينا كالرّادّ على الله وهو على حدّ الشّرك بالله الحديث »(١) .

وما ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام نفسه برواية أبي خديجة سالم بن مكرم الجمّال أنّه قال: « إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم، فإنّي قد جعلته قاضياً فتحاكموا إليه »(٢) .

هذا وقد كان طبيعياً أن يحكم هؤلاء القضاة العدول ويقضوا ويفصلوا في الخصومات وفق منهج الله تعالى وتعاليمه وأحكامه في مجال القضاء، لا بما تهواه أنفسهم أو ما يشاؤه المتخاصمون المتحاكمون.

ولذلك أنزل الله الشرائع والكتب والرسالات على الأنبياء وأمرهم أن يحكموا بين الناس بما فيها من الحقّ والقسط فقال تعالى:( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) ( الحديد: ٢٥ ).

وقال سبحانه:( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا ) ( المائدة: ٤٤ ).

وقال تعالى ـ وهو يوصي داود نبيّه ـ أن يحكم بالحق:( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ (٣) بِالحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٨: باب ١١ من أبواب صفات القاضي / الحديث (١).

(٢) وسائل الشيعة ١٨: باب ١ من أبواب صفات القاضي / الحديث (٥) ويقرب منه ما نقل عنه في الباب ١١ / الحديث (٦).

(٣) المراد من الحكومة أعمّ من الولاية والقضاء.

٣٢٧

يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الحِسَابِ ) ( ص: ٢٦ ).

كما أمر الله تعالى المقتفين أثر المسيح أن يحكموا بما في الانجيل إذ قال:( وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ( المائدة: ٤٧ ).

وبيّن سبحانه أثر الحكم بما في التوراة والانجيل وثمرته بقوله:( وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ) ( المائدة: ٦٦ ).

وقد أمر الله سبحانه نبيّه الأكرم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بالقضاء بالقسط والعدل إذ قال:( وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ ) ( المائدة: ٤٢ ).

وقال سبحانه:( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) ( المائدة: ٤٨ ).

ولم يكتف سبحانه بذلك بل أمر الاُمّة الإسلاميّة ودعاها إلى أن تقضي بالحق والعدل والقسط إذ قال:( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ) ( النساء: ٥٨ ).

وأمرها بأن لا يحملها شنآن قوم على التخلّي عن العدل، والتقاعس عن إجرائه إذ قال:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ إلّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) ( المائدة: ٨ ).

بل وأمر المسلمين باتّخاذ جانب العدل ليس في مجالات القضاء وحدها بل في كلّ مجالات الحياة، حتّى في النطق والكلام إذ قال:( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ) ( الانعام: ١٥٢ ).

وصفوة الكلام أنّ الآيات التي مرّت عليك تثبت ـ بجلاء ودون إبهام ـ أنّ

٣٢٨

القضاء حقّ خاصّ بالله سبحانه، وقد عهد به إلى الأنبياء، وأوصيائهم، ومن أقاموه لذلك المنصب، وجعل كتبه ورسالاته مناهج لهم، ليحكموا بما فيها، ويقضوا بين المتنازعين والمتخاصمين على ضوء تعاليمها وأحكامها.

النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يمارس القضاء

ولقد عهد الله بالقضاء إلى النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فيما عهد إليه، كما عرفت ذلك من خلال الآيات التي مرّت عليك آنفاً، وقد تولّىصلى‌الله‌عليه‌وآله بنفسه حلّ الخصومات والحكم بين الناس على ضوء ما أُنزل إليه من القرآن وأحكامه، بل وعيّن ـ في زمنه ـ رجالاً صالحين للقضاء وفصل الخصومات، قال الإمام عليّعليه‌السلام : « بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اليمن قاضياً، فقُلتُ يا رسول الله: تُرسلُني وأنا حديثُ السّنّ ولا علم لي بالقضاء ؟

فقال: إنّ الله سيهدي قلبك ويُثبتُ لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان، فلاتقضي حتّى تسمع من الآخر كما سمعت من الأوّل فإنّه أحرى أن يتبيّن لك القضاء.

قال: فما زلت قاضياً. ( أو ) ما شككت في قضاء بعد »(١) .

كما قد بعثصلى‌الله‌عليه‌وآله معاذاً إلى اليمن وقال له: « كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ »، قال: أقضي بكتاب الله الى آخر الحديث(٢) .

وبذلك نعلم أنّ ما كتبه بعض المتأخّرين من أنّه لم يعرف القضاء في العهد النبويّ ولا في عهد الخلفاء، بل هو شيء جديد أسّسه الأمويون في الشام، أمّا قبل ذلك فإنّ العرب كانت في خلافاتها ترجع إلى طريقة التحكيم(٣) ، فهو إمّا جهل بتاريخ الإسلام، أو افتراء واضح البطلان يقف عليه كلّ من له أقلّ إلمام بالكتاب والسنّة، وما

__________________

(١) جامع الاُصول ١: ٥٤٩، أخرجه أبو داود والترمذيّ.

(٢) جامع الاُصول ١٠: ٥٥١

(٣) النظام السياسيّ: ١٢٩، نقلاً عن كتاب عبقريّة الإسلام في اُصول الحكم.

٣٢٩

ورد فيهما من الآيات والأحاديث في مختلف أبواب القضاء بحيث يصعب لنا نقل فهرستها، فضلاً عن ذكر نصوصها(١) .

ثمّ إنّ نظرة واحدة إلى القرآن الكريم تفنّد هذا الزعم الباطل فلاحظ الآيات ٤٠ إلى ٦٠ من سورة المائدة فهي في معرض ذكر الأحكام المتعلّقة بالقضاء والفصل في الخصومات وأحكام القصص والحدود.

كيف يحقّق القضاء أهدافه ؟

إنّ أهمّ أمر في القضاء والسلطة القضائيّة هو أن تحقّق هذه السلطة غرضها وهدفها الأساسيّ في إشاعة العدل وإقامة القسط في المجتمع، بحيث يحسّ كلّ فرد من أفراد المجتمع بالأمن على نفسه وماله وعرضه في ظلّ ما توفّره السلطة القضائيّة له من عدالة شاملة لا يشوبها ظلم ولا عدوان ولا يتخلّلها حيف ولا تجاوز.

إنّ وصول السلطة القضائيّة إلى هذا الهدف الأساسيّ يتحقّق بأربعة اُمور :

١. صلاحيّة القاضي وأهليّته للقضاء.

٢. استقلاله الماليّ والسياسيّ.

٣. رعايته لآداب القضاء.

٤. أن تكون لديه برامج حقوقيّة وجزائيّة عادلة للقضاء وفقها، وهي بأجمعها متوفّرة في النظام الإسلاميّ وإليك تفصيل ذلك :

١. صلاحيّة القاضي وأهليّته للقضاء

إنّ أهمّ عامل يمكّن السلطة القضائيّة من أداء دورها الخطير في المجتمع هو

__________________

(١) وقد جمع أحمد بن حنبل في مسنده قضايا النبيّ ٥: ٣٢٦، ونقل جملة منها الجزريّ في كتابه جامع الاُصول ١٠: ٥٦٥.

٣٣٠

صلاحيّة القاضي، وتوفّر الشروط المؤهّلة للقضاء فيه.

ولقد اشترط الإسلام في القاضي شروطاً وأوصافاً لم يسبق لها مثيل في تاريخ القضاء وهذه الصفات هي :

١. البلوغ.

٢. العقل.

٣. الإيمان.

٤. العدالة.

٥. طهارة المولد.

٦. العلم بالقانون.

٧. الذكورة.

٨. أن يكون ظابطاً سليم الذاكرة فلو غلب عليه النسيان لم يجز نصبه للقضاء(١) .

ولقد شدّد الإسلام على خطورة منصب القضاء، وجسامة مسؤوليّة القاضي ومقامه فقد ورد عن الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله : « القضاة ثلاثة: واحد في الجنّة واثنان في النّار

فأمّا الذّي في الجنّة فرجل عرف الحقّ وقضى به.

ورجل عرف الحقّ فجار في الحكم فهو في النّار.

ورجل قضى للنّاس على جهله فهو في النّار »(٢) .

ورفع إلى أبي عبد الله الإمام الصادقعليه‌السلام قوله: « القضاة أربعة، ثلاثة في النّار وواحد في الجنّة :

رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النّار.

__________________

(١) راجع شرائع الإسلام للمحقّق الحليّ كتاب القضاء في الصفات.

(٢) جامع الاُصول ١٠: ٥٤٥ نقلاً عن أبي داود.

٣٣١

ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النّار.

ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم فهو في النّار.

ورجل قضى بالحقّ وهو يعلم فهو في الجنّة »(١) .

وقال الإمام عليّعليه‌السلام عن من يتصدّى لمقام القضاء وليس له أهل: « ورجل قمش جهلاً، موضع في جهال الاُمّة، غار في أغباش الفتنة، عمّ بما في عقد الهدنة، قد سمّاه أشباه النّاس عالماً وليس به، بكر فاستكثر من جمع ما قلّ منه خير ممّا كثر جلس بين النّاس قاضياً ضامناً لتخليص ما التبس على غيره فإن نزلت به إحدى المبهمات هيّأ لها حشواً رثّاً من رأيه ثمّ قطع به فهو من لبس الشُّبهات في مثل نسج العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ »(٢) .

وقال الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام مشيراً إلى حراجة موقف القاضي، وصعوبة إجراء الحق والعدل الذي هو هدف القضاء الإساسيّ: « الحقُّ أوسع الأشياء في التّواصف وأضيقها في التناصف »(٣) .

إنّ القضاء ليس شيئاً بسيطاً عادياً بل هو أمر مهمّ حتّى في أبسط الأشياء فقد روي أنّ صبيّين تحاكما إلى الإمام الحسن بن عليّعليه‌السلام في خطّ كتباه وحكّماه في ذلك ليحكم أي الخطّين أجود فبصر به عليّعليه‌السلام فقال: « يا بنيّ انظر كيف تحكم فإنّ هذا حكم، والله سائلك عنه يوم القيامة »(٤) .

وقد وقع نظير هذه القضية للإمام عليّعليه‌السلام نفسه فقد روى الإمام أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ألقى صبيان الكتاب ألواحهم بين يديه ليخيّر بينهم فقال: « أما إنّها حكومة والجور فيها كالجور في الحكم، أبلغوا معلّمكم إن ضربكم فوق ثلاث ضربات في الأدب اقتصّ منه »(٥) .

__________________

(١ و ٥) وسائل الشيعة ١٨: ١١ و ٥٨٢.

(٢ و ٣) نهج البلاغة: الخطبة ١٧، ٢١٦.

(٤) مجمع البيان٣: ٦٤ في تفسير قوله:( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ ) .

٣٣٢

ولذلك قال النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لسانُ القاضي بين جمرتين من نار حتّى يقضي بين الناس فإمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار »(١) .

كما لذلك أيضاً اشترط الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام على القاضي شُريح أن لا ينفذ قضاء حتّى يعرضه عليه قال الإمام الصادقعليه‌السلام : « لـمّا ولّى أمير المؤمنينعليه‌السلام شريحاً القضاء اشترط عليه أن لا يُنفذ القضاء حتّى يعرضهُ عليه »(٢) .

ومن هنا أكد الإمام عليّعليه‌السلام على الأشتر واليه على مصر، في عهده المعروف، أن يختار من يريدهم لمنصب القضاء، اختياراً دقيقاً بقوله: « ثمّ اختر للحكم بين الناس أفضل رعيّتك في نفسك ممّن لا تضيق به الاُمور، ولا تمحكه الخصوم ولا يتمادى في الزّلّة ولا يحصر من الفيء إلى الحقّ إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشّبهات، وآخذهم بالحجج وأقلّهم تبرُّماً بمراجعة الخصم وأصبرهم على تكشّف الاُمور، وأصرمهم عند اتّضاح الحكم، ممّن لا يزدهيه إطراء، ولا يستميله إغراء، واُولئك قليل، ثمّ أكثر تعاهد قضائه »(٣) .

ولخطورة مقام القضاء لا يجوز إلّا للنبيّ أو وصيّه، كما قال الإمام عليّعليه‌السلام لشريح: « يا شريح قد جلست مجلساً لا يجلسه ( ما جلسه ) إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ، أو شقيّ »(٤) .

وورد عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام قوله: « اتّقوا الحُكومة ( أي القضاء ) إنّما هي للإمام العادل العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبيٍّ ( كنبيّ ) أو وصيّ(٥) نبيّ »(٦) .

* * *

٢. إستقلال القاضي الماليّ والسياسيّ

إنّ القاضي بما أنّه يتحمّل مسؤوليّة كبيرة وخطيرة لا مشابه لها بين أقرانها من

__________________

(١ و ٢ و ٤) وسائل الشيعة ١٨: ١١، ٦، ٧.

(٣) نهج البلاغة: قسم الكتب ٥٣.

(٥) المراد بالوصيّ هو الأعم من الوصيّ المنصوص عليه بالاسم فيشمل المنصوص عليه بالوصف، أي الذي جمع صفات القاضي المعتبرة في الإسلام.

(٦) وسائل الشيعة ١٨: ٧.

٣٣٣

المسؤوليّات والمناصب الاُخرى، يجب أن يكون مستقلاًّ في عمله غاية الاستقلال، لكي لا يخضع لما يميل به عن العمل بمسؤوليّته ويقتضي ذلك أن يكون مستقلاًّ في اقتصاده عن الآخرين كيلا يقع فريسة الأطماع، ولقد أدرك الإسلام هذه الناحية الحسّاسة فأمر الحكومة الإسلاميّة بالإغداق على القاضي إغداقاً يقطع طمعه عمّا في أيدي الآخرين، يقول الإمام عليّعليه‌السلام في عهده للأشتر النخعيّ في هذا الصدد: « وافسح لهُ ( أي للقاضي ) في البذل ما يزيل علّته، وتقلُّ معه حاجته إلى الناس »(١) .

ولكنّ هذا الاستقلال لا يكفي إذا لم ينضمّ إليه استقلال القاضي من أي تأثير خارجيّ سياسيّ عليه، ومن أيّة تدخّلات صادرة عن السلطات الاُخرى في عمله القضائي فإنّ القاضي يجب أن يُترك وشأنه حتّى يستجلّي الحقّ بنفسه دون مؤثرات خارجيّة ولا تدخلات في عمله ولذلك قال الإمام عليّعليه‌السلام في عهده للأشتر النخعيّ، في هذا الصدد: « واعطه من المنزلة لديك ملا يطمعُ فيه غيرهُ من خاصّتك ليأمن بذلك اغتيال الرجال لهُ عندك فانظر في ذلك نظراً بليغاً »(٢) .

والمقصود هو أن يكون للقاضي موضعاً غير متأثّر بأحد ليقضي بالحقّ، ويفصل في الخصومات، ويصدر الأحكام غير متهيّب ولا متأثّر وهذا هو ما يصطلح عليه السياسيّون اليوم باستقلال السلطة القضائيّة، وتفكيكها عن بقية السلطات.

ولقد نبّه إلى هذا فقهاؤنا العظام استلهاماً ممّا لديهم من تعاليم الشريعة المقدّسة في هذا المجال، قال المحقّق النائينيّ ( المتوفّى عام ١٣٥٥ ه‍ ) :

( إنّ ولاية الحاكم ترجع إلى قسمين: الأوّل الاُمور السياسيّة، التي ترجع إلى نظم البلاد وانتظام اُمور العباد، والثاني الإفتاء والقضاء، وكان هذان المنصبان في عصر النبيّ والأميرعليه‌السلام بل في عصر الخلفاء الثلاثة لطائفتين وفي كل بلد أو صقع كان الوالي غير القاضي فصنف كان منصوباً لخصوص القضاء والإفتاء وصنف كان منصوباً لإجراء الحدود ونظم البلاد والنظر في مصالح المسلمين، نعم اتّفق إعطاء كلتا الوظيفتين

__________________

(١) نهج البلاغة: قسم الكتب الرقم ٥٣.

(٢) نهج البلاغة: قسم الكتب الرقم ٥٣.

٣٣٤

لشخص واحد لأهليّته لهما إلّا أنّ الغالب اختلاف الوالي والقاضي )(١) .

ولقد أعطى الإمام عليّعليه‌السلام وهو إمام المسلمين على الإطلاق، والحاكم الأعلى للاُمّة الإسلاميّة مثلاً عمليّاً على هذا الاستقلال القضائيّ السياسيّ حيث مكّن القاضيّ ـ بفضل هذا السلوك الإسلاميّ ـ من محاكمة حاكم المسلمين وأحد رعاياه في محكمة واحدة وذلك في قضيّة اليهودي مع الإمام عليّعليه‌السلام :

فقد نقل المؤرّخون أنّهعليه‌السلام لـمّا وجد درعه عند يهودي من عامّة الناس فأقبل به إلى أحد القضاة وهو شريح ليخاصمه ويقاضيه، ولـمّا كان الرجلان أمام القاضي قال عليّ: « إنّها درعي ولم أبع ولم أهب ». فسأل القاضي الرجل اليهوديّ ما تقول ؟ فقال اليهوديّ: ما الدرع إلّا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب وهنا التفت القاضي شريح إلى عليّ يسأله: هل من بيّنة تشهد أنّ هذه الدرع لك ؟ فضحك عليّ وقال « مالي بيّنة » فقضى شريح بالدرع لليهوديّ، فأخذها ومشى وأمير المؤمنين ينظر إليه ! إلّا أنّ الرجل لم يخط خطوات قلائل حتّى عاد يقول :

إمّا أنا فأشهد أنّ هذا أحكام أنبياء، أمير المؤمنين يدينني إلى قاض يقضي عليه ثمّ قال: الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين وقد كنت كاذباً فيما ادّعيت(٢) .

* * *

٣. رعاية آداب القضاء وكيفيّته

إنّ الإسلام لم يكتف بالتشديد على أهميّة القضاء، واعتبار صفات معيّنة في القاضي، بل سنّ للعمل القضائيّ آداباً وسنناً أكّد على القاضي الأخذ بها في قضائه ليسلم من شوائب الظلم والحيف، ويكون أقرب إلى الإنصاف والحقّ والعدل، وقد لخّص فقهاؤنا هذه الآداب التي ذكرتها الأحاديث المتواترة، في كتبهم الفقهيّة نشير إليها.

__________________

(١) راجع منية الطالب ١: ٣٢٥.

(٢) بحار الأنوار ٤١: ٥٦، عليّ وحقوق الإنسان: ٨٧، ٨٨ لجورج جرداق مع اختلاف يسير.

٣٣٥

قال المحقّق في شرائع الإسلام كتاب القضاء :

في الآداب [ أي آداب القضاء ] وهي قسمان مستحبّة ومكروهة، فالمستحبّة :

١. أن يطلب من أهل ولايته من يسأله عمّا يحتاج إليه في اُمور بلده.

٢. أن يسكن عند وصوله في وسط البلد لترد الخصوم عليّه وروداً متساوياً.

٣. أن يجلس للقضاء في موضع بارز مثل رحبة أو فضاء ليسهل الوصول إليه.

٤. أن يحضر من أهل العلم من يشهد حكمه فإن أخطأ نهوه لأنّ المصيب عندنا واحد ويخاوضهم [ أي يطرح عليهم القضايا ويتبادل معهم الرأي ] فيما يستبهم من المسائل النظريّة لتقع الفتوى مقرّرة، ولو أخطأ فأتلف لم يضمن وكان على بيت المال.

٥. وإذا تعدّى أحد الغريمين سنن الشرع عرّفه خطأه بالرفق.

والآداب المكروهة :

١. أن يتخذ حاجباً وقت القضاء.

٢. أن يقضي وهو غضبان.

٣. وكذا يكره مع كلّ وصف يساوي الغضب في شغل النفس كالجوع والعطش والغمّ والفرح والوجع، ومدافعة الأخبثين، وغلبة النعاس

٤. أن يستعمل الانقباض [ والتقطيب في الوجه ] المانع من الإعلان عن الحجّة، وكذا يكره إظهار اللين الذي لا يؤمن معه من جرأة الخصوم.

ثمّ ذكر مسائل من شأنها حصول الدقة في العمل القضائيّ كقوله :

إذا أفتقر الحاكم إلى مترجم لم يقبل إلّا شاهدان عدلان ولا يقتنع بالواحد عملاً بالمتّفق عليه.

وإذا اتخذ القاضي كاتباً وجب أن يكون بالغاً عاقلاً مسلماً عدلاً بصيراً ليؤمن انخداعه، وإن كان فقيهاً كان حسناً.

٣٣٦

ويكره للحاكم أن يعنّت الشهود إذا كانوا من ذوي البصائر والأديان القويمة ؛ مثل أن يفرق بينهم لأنّ في ذلك غضّاً منهم، ويستحب ذلك في وضع الريبة.

ولا يجوز للحاكم أن يتعتع الشاهد وهو أن يداخله في التلفّظ بالشهادة أو يتعقّبه بل يكفّ عنه حتّى ينهي ما عنده.

ويكره أن يضيف القاضي أحد الخصمين دون صاحبه، لأنّ ذلك يكسب الخصم الضيف شيئاً من القوة.

ثمّ قال عن الرشوة: الرشوة حرام على آخذها، ويأثم الدافع إن توصّل بها إلى الحكم له بالباطل، ولو كان إلى حقّ لم يأثم ويجب على المرتشي إعادة الرشوة إلى صاحبها ولو تلفت قبل وصولها إليه ضمنها له.

ثمّ ذكر المحقّق الحليّ اُموراً في وظائف القاضي فقال: في وظائف القاضي وهي سبع :

الاُولى: التسوية بين الخصمين في السلام والجلوس والنظر والكلام والإنصات والعدل في الحكم.

الثانية: لا يجوز أن يلقّن أحد الخصمين ما فيه ضرر على خصمه.

الثالثة: يكره أن يواجه بالخطاب أحدهما لما يتضمّن من إيحاش الآخر.

الرابعة: إذا ترافع الخصمان وكان الحكم واضحاً لزمه القضاء، ويستحبّ ترغيبهما في الصلح، فإن أبيا حكم بينهما وإن أشكل أخّر الحكم حتّى يتّضح ولا حدّ للتأخير إلّا الوضوح.

الخامسة: إذا ورد الخصوم [ في المحكمة ] مترتّبين بدأ بالأوّل فالأوّل فإن وردوا جميعاً قيل يقرع بينهم.

السادسة: إذا قطع المدّعى عليه دعوى المدّعي بدعوى، لم تسمع حتّى يجيب عن الدعوى وينهي الحكومة ثمّ يستأنف هو.

٣٣٧

السابعة: إذا بدر أحد الخصمين بالدعوى فهو أولى.

وهناك اُمور ذكرها على صعيد عمل القاضي جديرة بالمطالعة نترك ذكرها رعاية للإختصار.

وما ذكره هذا المحقّق وغيره من الفقهاء في آداب القضاء ووظائف القاضي ؛ خلاصة نصوص صريحة وردت في هذه المجالات عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته وقد اكتفينا بنقل ما ذكره الفقهاء في كتبهم تاركين نقل النصوص رعاية للإيجاز لكنّنا تيمّناً نذكر بعض هذه الأحاديث :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من ابتُلي بالقضاء فلا يقضي وهو غضبان »(١) .

وقال أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام لشريح: « لا تُشاور [ أو لا تسار ] أحداً في مجلسك، وإن غضبت فقم ولا تقضينّ وأنت غضبان »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « من ابتلي بالقضاء فليواس بينهم في الإشارة وفي النّظر وفي المجلس »(٣) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأوّل حتّى تسمع من الآخر فإنّك إذا فعلت ذلك تبيّن لك القضاء »(٤) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال: « الرشا في الحكم هو الكفر بالله »(٥) .

إلى غير ذلك من الأحاديث المتواترة على هذا الصعيد.

* * *

٤. وجود البرامج الحقوقيّة والجزائيّة الصالحة

إنّ الأمر الرابع الذي يمكّن السلطة القضائيّة من أداء دورها الحسّاس والخطير في المجتمع هو وجود البرامج الحقوقيّة والجزائيّة الصالحة للقضاء لكي يقضي القاضي

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٨: ١٥٦ ومثله في جامع الاُصول ١٠: ٥٤٩.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) الوسائل ١٨: أبواب آداب القضاء.

٣٣٨

وفقها.

وقد وفّر الإسلام هذه البرامج والقوانين العادلة الصالحة للقاضي وذلك بالتعاليم التي زخر بها الكتاب والسنّة وسيرة الأئمّة الطاهرين، ودوّنها الفقهاء في كتبهم الفقهيّة المفصّلة بدقّة وعناية وتفصيل. فإنّ القاضي يجد في هذه المصادر والبرامج أدقّ الحقوق والحدود وأعدلها، ولو أخذ العالم في مجال القضاء بهذه البرامج والحقوق والحدود لعمّت العدالة كلّ أرجاء الأرض، ولساد السلام والأمن ولاختفى الظلم والجور والشر.

ولقد أكّد الإسلام على القضاة أن يقضوا على ضوء الكتاب والسنّة، وحرّم عليهم القضاء وفق أهوائهم وآرائهم الخاصّة.

هذا كلّه بالنسبة إلى البرامج الكليّة في صعيد العمل القضائيّ.

وأمّا تمييز الحق عن الباطل والمحق عن المبطل والمظلوم عن الظالم ومن له الحقّ ومن عليه، فقد اعتمد الإسلام في تشخيصه وتمييزه على أوثق السبل وأكثر الوسائل اطمئناناً، وهو الاستشهاد بالبيّنات والأيمان فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّما أقضي بينكُم بالبّينات والأيمان »(١) .

نعم إنّ الاعتماد على هذا الأصل في إثبات الحقّ لا يمنع عن الاعتماد على غيرهما ممّا يفيد للقاضي علماً عاديّاً، ولأجل ذلمك قال الفقهاء: ويجوز للقاضي العمل بعلمه.

قال صاحب شرائع الإسلام: « الإمامعليه‌السلام يقضي بعلمه مطلقاً، وغيره من القضاة يقضي بعلمه في حقوق الناس وفي حقوق الله سبحانه على قولين أصحّهما القضاء »(٢) .

الشهادة والشهود

ولقد اشترط الإسلام في الشهود شروطاً من شأنها أن تمنعهم من شهادة الزور

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٨: أبواب كيفيّة الحكم، الإيمان جمع اليمين أي الحلف والقسم.

(٢) شرائع الإسلام في آداب القضاء.

٣٣٩

والإدلاء بما هو باطل وهذه هي الشروط :

١. البلوغ.

٢. كمال العقل.

٣. الإيمان.

٤. العدالة.

٥. إرتفاع التهمة فلا تقبل شهادة من يجرّ بشهادته نفعاً لنفسه.

وإليك نبذة عن الأحاديث في أهميّة وخطورة الشهادة وشروط الشاهد، فقد روي حول أهميّة الشهادة وخطورتها وعظيم مسؤوليّتها أحاديث تفوق الحصر وكلّها تشدّد على أمر الشهادة بالإجماع، ومن ذلك ما عن الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ قال :

« من كتم شهادةً، أو شهد بها ليهدر بها دم امرئ مسلم أو ليزوي بها مال امرئ مسلم أتى يوم القيامة ولوجهه ظلمة مدّ البصر، وفي وجهه كدوح تعرفه الخلائق باسمه ونسبه.

ومن شهد شهادةً حقّ ليحيي بها حقّ امرئ مسلم أتى يوم القيامة ولوجهه نور مدّ البصر تعرفه الخلائق باسمه ونسبه »(١) .

ثمّ قال أبو جعفر الباقرعليه‌السلام : « ألا ترى أنّ الله عزّ وجلّ يقولُ:( وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ للهِ ) »(٢) .

وما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام : « شاهد الزور لا تزولُ قدماهُ حتّى تجبُ لهُ النّارُ »(٣) .

وما روي عن النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من شهد شهادة زُور على أحد من النّاس عُلّق بلسانه مع المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار، ومن حبس عن أخيه المسلم شيئاً من

__________________

(١ و ٢ و ٣) وسائل الشيعة ١٨: أبواب الشهادات.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627