مفاهيم القرآن الجزء ٢

مفاهيم القرآن9%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 627

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 627 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 228014 / تحميل: 6441
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

3 - وممّا نظمه في الوعظ هذه الأبيات:

كلنا يأمل مدّاً في الأجل

والمنايا هنّ آفات الأمل

لا تغرّنك أباطيل المنى

والزم القصد ودع عنك العلل

إنّما الدنيا كظلٍّ زائلٍ

حلّ فيه راكبٌ ثمّ ارتحل(1)

4 - قيل له: كيف أصبحت؟ فقالعليه‌السلام : (أصبحت بأجل منقوص، وعمل محفوظ، والموت في رقابنا، والنار من ورائنا، ولا ندري ما يفعل بنا!)(2).

5 - قال ياسر الخادم: سمعت عليّاً الرضا بن موسىعليه‌السلام يقول: (أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواضع: يوم ولد إلى الدنيا ويخرج المولود من بطن أُمّه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها، ويوم يبعث فيرى أحكاماً لم يرها في دار الدنيا. وقد سلّم الله تعالى على يحيى في هذه الثلاثة المواطن وآمن روعته فقال:( وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً ) . وقد سلّم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال:( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ) (3).

6 - شكا إليه رجل أخاه فأنشأعليه‌السلام يقول:

أعذر أخاك على ذنوبه

واستر وغطّ على عيوبه

واصبر على بهت السفيه

وللزمان على خطوبه

ودع الجواب تفضّلاً

وكل الظلوم إلى حبيبه(4)

7 - وأنشد النوفلي للإمامعليه‌السلام هذه الأبيات:

رأيت الشيب مكروهاً وفيه

وقار لا تليق به الذنوبُ

إذا ركب الذنوب أخو مشيبٍ

فما أحد يقول: متى يتوبُ

سأصحبه بتقوى الله حتى

يفرّق بيننا الأجل القريبُ(5)

____________________

(1) عيون التواريخ 3 / 227 مصور في مكتبة الإمام أمير المؤمنين تسلسل 2769، البداية والنهاية10 / 250.

(2) تحف العقول (ص 446).

(3) نور الأبصار (ص 140).

(4) أعيان الشيعة 4 / ق 2 / 198.

(5) عيون التواريخ 3 / 227.

٨١

كلماته القصار:

وأثرت عن الإمام الرضا كوكبة من الكلمات القصار حفلت بروائع الحكم والآداب، كان منها ما يلي:

1 - قالعليه‌السلام : (إنّ للقلوب إقبالاً وإدباراً ونشاطاً وفتوراً، فإذا أقبلت بصرت وفهمت وإذا أدبرت كلّت وملّت؛ فخذوها عند إقبالها ونشاطها، واتركوها عند إدبارها وفتورها)(1) .

2 - قالعليه‌السلام : (اصحب السلطان بالحذر، والصديق بالتواضع، والعدو بالتحرّز، والعامّة بالبِشر)(2) .

3 - قالعليه‌السلام : (الأجل آفة الأمل، والبر غنيمة الحازم، والتفريط مصيبة ذي القدرة، والبخل يمزّق العرض، والحب داعي المكاره وتحقيق أمل الآمل، وتصديق مخيلة الراجي، والاستكثار من الأصدقاء في الحياة والباكين بعد الوفاة)(3).

4 - قالعليه‌السلام : (إنّما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن متعظ فأمّا صاحب سوط وسيف فلا)(4) .

5 - قالعليه‌السلام : (مَن تعرّض لسطانٍ جائرٍ فأصابته منه بليّة لم يؤجر عليها ولم يرزق الصبر فيها)(5) .

6 - قالعليه‌السلام للمأمون: (ما التقت فئتان قط إلاّ نصر الله أعظمهما عفواً)(6) .

7 - قالعليه‌السلام : (إنّ مشي الرجال مع الرجل فتنة للمتبوع ومذلّة للتابع)(7).

8 - قالعليه‌السلام : (صاحب النعمة يجب أن يوسّع على عياله) (8) .

____________________

(1) أعيان الشيعة.

(2) أعيان الشيعة.

(3) أعيان الشيعة.

(4) تأريخ اليعقوبي 3 / 181.

(5) تاريخ اليعقوبي 3 / 181.

(6) تاريخ اليعقوبي 3 / 181.

(7) تأريخ اليعقوبي 3 / 181.

(8) بحار الأنوار 78 / 335.

٨٢

9 - قالعليه‌السلام : (التودّد إلى الناس نصف العقل)(1) .

10 - قالعليه‌السلام : (الأخ الأكبر بمنزلة الأب)(2) .

11 - قالعليه‌السلام : (من أخلاق الأنبياء التنظّف)(3) .

12 - قالعليه‌السلام : (لم يخنك الأمين ولكن ائتمنت الخائن)(4).

13 - قالعليه‌السلام : (ما من شيء من الفضول إلاّ ويحتاج إلى فضول من الكلام)(5) .

14 - قالعليه‌السلام : (إنّ الله يبغض القيل والقال وإضاعة المال وكثرة السؤال)(6).

15 - سُئل الإمامعليه‌السلام عن السفلة؟ فقال: (مَن كان له شيء يلهيه عن الله)(7) .

16 - قالعليه‌السلام : (من السنّة إطعام الطعام عند التزويج)(8).

17 - قالعليه‌السلام : (السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه)(9) .

18 - قالعليه‌السلام : (إنّا أهل بيت نرى وعدنا علينا ديناً كما صنع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )(10) .

19 - قالعليه‌السلام : (يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء، تسعة منها في اعتزال الناس وواحد في الصمت)(11) .

20 - قالعليه‌السلام : (عونك للضعيف أفضل من الصدقة)(12) .

21 - قالعليه‌السلام لأبي هاشم داود بن القاسم الجعفري: (يا داود إنّ لنا عليكم حقّاً برسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وإنّ لكم علينا حقّاً فمَن عرف حقّنا وجب حقّه، ومَن لم يعرف حقّنا فلا حقّ له)(13) .

22 - قالعليه‌السلام : (ليس لبخيل راحة، ولا لحسود لذّة، ولا للملوك وفاء، ولا لكذوب مروة)(14) .

23 - قالعليه‌السلام : (إذا ذكرت الرجل وهو حاضر فكنّه، وإذا كان غائباً فسمّه)(15) .

____________________

(1) بحار الأنوار 78 / 335.                           (2) بحار الأنوار 78 / 335.

(3) بحار الأنوار 78 / 335.                           (4) بحار الأنوار 78 / 335.

(5) بحار الأنوار 78 / 335.                           (6) بحار الأنوار 78 / 335.

(7) تحف العقول (ص 446 - 450).                (8) تحف العقول (ص 446 - 450).

(9) تحف العقول (ص 446 - 450).                (10) تحف العقول (ص 446 - 450).

(11) تحف العقول (ص 446 - 450).              (12) تحف العقول (ص 446 - 450).

(13) تحف العقول (ص 446 - 450).              (14) تحف العقول (ص 446 - 450).

(15) تحف العقول (ص 446 - 450).

٨٣

24 - قالعليه‌السلام : (المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأُمّه، ملعون ملعون مَن اتهم أخاه، ملعون ملعون مَن غشّ أخاه، ملعون ملعون مَن لم ينصح أخاه، ملعون ملعون مَن احتجب عن أخيه، ملعون ملعون مَن اغتاب أخاه)(1) .

25 - قالعليه‌السلام : (مَن استفاد أخاً في الله استفاد بيتاً في الجنّة)(2) .

26 - قالعليه‌السلام : (المؤمن الذي إذا أحسن استبشر، وإذا أساء استغفر، والمسلم الذي يسلم المسلمون من لسانه ويده، وليس منّا مَن لم يأمن جاره بوائقه)(3) .

27 - قال له رجل: سل لي ربّك التقية الحسنة والمعرفة بحقوق الإخوان والعمل بما أعرف من ذلك؛ فقال الرضاعليه‌السلام : (قد أعطاك الله ذلك، لقد سألت أفضل شعار الصالحين ودثارهم ((4) .

28 - قالعليه‌السلام : (لا تبذل لإخوانك من نفسك ما ضرّه عليك أكثر من نفعه لهم)(5) .

29 - قالعليه‌السلام : (مَن فرّج عن مؤمن فرّج الله عنه يوم القيامة)(6) .

30 - قالعليه‌السلام : (لا يجتمع المال إلاّ بخصال خمس: ببخلٍ شديد، وأملٍ طويل، وحرصٍ غالب، وقطيعةٍ لرحم، وإيثار الدنيا على الآخرة)(7) .

31 - قالعليه‌السلام : (إنّ الإنسان إذا ادخر طعام سنته خفّ ظهره واستراح)(8) .

____________________

(1) وسائل الشيعة 8 / 563.

(2) وسائل الشيعة 8 / 565.

(3) وسائل الشيعة 8 / 488.

(4) وسائل الشيعة 11 / 474.

(5) وسائل الشيعة 11 / 544.

(6) وسائل الشيعة 12 / 587.

(7) وسائل الشيعة 12 / 19.

(8) وسائل الشيعة 2 / 320.

٨٤

32 - قالعليه‌السلام : (مَن كثرت محاسنة مدح بها واستغنى عن التمدّح بذكرها).

33 - قالعليه‌السلام : (مَن طلب الأمر من وجهه لم يزل وإن زال لم تخذله الحيلة).

34 - قالعليه‌السلام : (كفاك ممّن يريد نصحك بالنميمة ما يجد في نفسه من سوء الحساب في العاقبة).

35 - قالعليه‌السلام : (المسكنة مفتاح البؤس).

36 - قالعليه‌السلام : (مَن لم يتابع رأيك في صلاحه فلا تصغ إلى رأيه).

37 - قالعليه‌السلام للحسن بن سهل في تعزيته: (التهنئة بآجل الثواب أولى من التعزية على عاجل المصيبة).

38 - قالعليه‌السلام : (إنّ البراءة من أبي موسى الأشعري من محض الإسلام، وإنّه من كلاب أهل النار).

39 - قالعليه‌السلام : (الغوغاء قتلة الأنبياء).

40 - قالعليه‌السلام : (الصغائر من الذنوب طرق إلى الكبائر).

41 - قالعليه‌السلام : (مَن لم يخف الله في القليل لم يخفه في الكثير).

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض ما أثر عنه من روائع الحكم والآداب.

٨٥

أصحابه ورواة حديثه

وكان الإمام الرضاعليه‌السلام - في عصره - عملاق الفكر الإسلامي وأعلم إنسان على وجه الأرض - كما يقول المأمون - وقد أمدّ العالم الإسلامي بجميع مقوّمات الارتقاء والنهوض، وقد اتخذ الجامع النبوي - زاده الله شرفاً - معهداً لدروسه ومحاضراته، وقد احتفّ به العلماء والرواة وطلبة الفقه وهو ابن نيف وعشرين عاماً(1) وهم يسجّلون فتواه وما يدلي به من روائع الحكم وفنون الآداب.

ووجد العلماء في أحاديثه امتدادا ذاتيا لأحاديث جدّه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الملهم الأول لقضايا الفكر والعلم في الأرض، وامتداداً مشرقاً لآبائه الأئمّة الطاهرين روّاد النهضة العلمية والحضارية في دنيا الإسلام، ويقول الرواة: إنّه ليس في الأرض سبعة أشراف كتب عنهم الحديث عند الخاص والعام إلاّ علي بن موسىعليه‌السلام (2) .

____________________

(1) تهذيب التهذيب.

(2) البحار 12 / 29.

٨٦

وبلغ من اهتمام العلماء بأحاديثه أنّه حينما اجتاز في نيسابور ازدحموا عليه، وقد بلغ عددهم ما ينيف على عشرين ألفاً، وهم يحملون المحابر، وطلبوا منه أن يتحفهم بحديث عن جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فروى لهم الحديث - الذي سُمّي بالحديث الذهبي - كما سنذكره، ونظراً لأهميته فقد كتبه بعض أمراء السامانية بالذهب وأوصى أن يدفن معه(1) .

وقد حظي بالرواية عنه بعض تلامذة جدّه الإمام الصادقعليه‌السلام ، وبعض تلامذة أبيه الإمام موسىعليه‌السلام (2) ، كما روى عنه جمهرة من العلماء المعاصرين له، ونعرض إلى تراجم أصحابه ورواة حديثه؛ لأن ذلك - فيما نحسب - من متمّمات البحث عن شخصيته؛ لأنّه يكشف عن جانب مهم عن حياته العلمية.

(أ)

إبراهيم بن العبّاس:

ابن محمد الصولي الشاعر الملهم الكبير يكنّى أبا إسحاق، من ألمع شعراء عصره ومن أكثرهم ولاءً ومحبّةً لائمّة أهل البيتعليهم‌السلام اتصل بالإمام الرضاعليه‌السلام اتصالاً وثيقاً، وكان إبراهيم يكنّ في نفسه أعمق الود وخالصه للإمامعليه‌السلام ، ونعرض إلى بعض الجوانب من حياته.

وفادته على الإمام:

وفد إبراهيم مع شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي على الإمام الرضاعليه‌السلام حينما بايع له المأمون بولاية العهد، وقد أنشده دعبل قصيدته الخالدة التي تُعدّ من محاسن الشعر العربي، وسنذكرها في ترجمته، وانبرى من بعده إبراهيم فأنشده قصيدته التي لم يعرف منها غير هذا البيت:

أزالت عزاء القلب بعد التجلّدِ

مصارع أولاد النبي محمّدِ

ويحكي هذا البيت توجّع الصولي وأساه على ما حلّ بأهل بيت النبوّة من عظيم المحن والخطوب التي صبّها عليهم أعداء الإسلام، وفيما أحسب أنّ القصيدة كلها بهذه الجودة والمتانة والتفجّع على مصائب أهل البيت، ولـمّا فرغ من إنشادها وهب الإمام لهما عشرين ألف درهم من الدراهم التي عليها اسمه الشريف، أمّا دعبل

____________________

(1) أخبار الدول (ص 115).

(2) رجال البرقي (ص 53).

٨٧

فصار بجائزته إلى قم المقدّسة فاشترى أهلها كل درهم بعشرة فباع حصّته بمائة ألف درهم، وأمّا إبراهيم بن العباس فلم يزل عنده بعضها حتى مات(1) .

ومن شعره في مدح الإمام الرضاعليه‌السلام هذه الأبيات:

كفى بفعال امرئٍ عالمٍ

على أهله عادلاً شاهدا(2)

أرى لهم طارفاً مونقاً

ولا يشبه الطارف التالدا(3)

يمن عليكم بأموالكم

وتعطون من مائة واحدا(4)

فلا حمد الله مستنصراً

يكون لأعدائكم حامدا

فضلت قسيمك في قعددٍ

كما فضل الوالد الوالدا(5)

وحكت هذه الأبيات عميق إيمانه بأهل البيت، وولائه لهم، وقد كنّى عنهم خوفاً من السلطة العاتية التي كانت تأخذ بالظن والتهمة لكل مَن والى عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

نماذج من شعره:

ويعتبر شعر الصولي من روائع الشعر العربي، ومن مختار شعره قوله:

دنت بأُناس عن ثناء زيادة

وشطّ بليلى عن دنو مزارها

وإنّ مقيمات بمنعرج اللوى

لأقرب من ليلى وهاتيك دارها(6)

وله:

ولربّ نازلةٍ يضيق بها الفتى

ذرعاً وعند الله منها مخرجُ

ضاقت فلمّا استحكمت حلقاتها

فُرجت وكنت أظنّها لا تُفرجُ(7)

____________________

(1) أمالي المرتضى 1 / 485، وجاء في أعيان الشيعة 6 / 16 أنّ الأبيات التي قالها إبراهيم كتبت على ظهر دفتر، وعليها توقيع (متوق خائف)، وإنّه كان يكنّي عن الإمام في مدحه له.

(2) يقول السيد الأمين: في شرحه لهذا البيت: كفى بفعال آل أبي طالب شاهداً على طيب أصلهم.

(3) علّق السيد الأمين على هذا البيت بقوله: الطارف: الحديث، والتالد القديم، كنّى به عن بني العباس بأنّ لهم طارفاً مونقاً بتولّيهم الخلافة، ولكنّه لا يشبه أصلهم بطيب أفعاله.

(4) لم يصرّح إبراهيم باسم المخاطبين، فقد عنى آل أبي طالب وعلى رأسهم الإمام الرضاعليه‌السلام ، وقد منّ عليهم المأمون بما أعطاهم من بعض الهبات التي هي من أموالهم.

(5) المخاطب بقوله: فضلت هو الإمام العظيم الرضاعليه‌السلام والمراد بقسيمه هو المأمون.

(6) وفيات الأعيان 1 / 25.

(7) وفيات الأعيان 1 / 29.

٨٨

وله أيضاً:

كنت السواد لمقلتي

فبكى عليك الناظرُ

مَن شاء بعدك فليمت

فعليك كنت أحاذرُ(1)

حرقه لديوان شعره:

كان إبراهيم صديقاً لإسحاق بن إبراهيم، فأنسخه شعره في الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، ودفع إليه شيئاً من شعره بخطّه، وكانت النسخة عنده حتى ولي الطاغية المتوكل، وولّى إبراهيم ديوان الضياع، وقد حصل تباعد وكراهية بين إبراهيم وإسحاق فعزله إبراهيم عن ضياع كانت بيده وطالبه بمال وألحّ عليه، وأساء مطالبته، فدعا إسحاق بعض مَن يثق به من أخوانه، وقال له: امض إلى إبراهيم بن العباس فاعلمه أنّ شعره في علي بن موسى بخطّه عندي، وبغير خطّه، والله لئن استمرّ على ظلمي، ولم يزل عنّي المطالبة لأوصلن الشعر إلى المتوكل، قال:

فصار الرجل إلى إبراهيم بن العباس فأخبره بذلك، فاضطرب اضطراباً شديداً وجعل الأمر في ذلك إلى الواسطة، فاسقط عنه جميع ما كان طالبه به، وأخذ الشعر منه، وأحلفه أنّه لم يبق عنده منه شيء، فلمّا حصل عنده عمد إلى إحراقه بحضرته(2) .

نموذج من كتابته:

وكان إبراهيم كاتباً بليغاً، ومن بديع ما كتبه عن بعض ملوك العباسيين إلى بعض البغاة الخارجين يتهدّدهم، ويتوعّدهم:

(أمّا بعد: فإنّ لأمير المؤمنين أناة، فإن لم تغن عقب بعدها وعيداً، فإن لم يغن أغنت عزائمه والسلام).

وعلّق ابن خلكان على هذه الرسالة بقوله: وهذا الكلام مع وجازته في غاية الإبداع(3) .

وفاته:

توفّي إبراهيم في منتصف شعبان سنة (243 ه‍) بـ (سُرّ مَن رأى)(4) .

____________________

(1) وفيات الأعيان 1 / 29.

(2) أمالي المرتضى 1 / 485.

(3) وفيات الأعيان 1 / 29.

(4) وفيات الأعيان 1 / 29.

٨٩

2 - إبراهيم بن أبي البلاد:

واسم أبي البلاد يحيى بن سليم الغطفاني، يكنّى أبا إسماعيل، عدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام ، قال: (كان ثقة فقيهاً قارئاً، وعمّر دهراً طويلاً حتى كاتبه علي بن موسى الرضا برسالة، وروى عنه ابناه يحيى ومحمد، ومحمد بن سهل بن اليسع، وآخرون)(1) .

قال النجاشي: (كان إبراهيم ثقة، قارئاً، أدبياً، وكان أبوه ضريراً راوية للشعر، وله يقول الفرزدق: (يا لهف نفسي على عينيك من رجل ).

وروى إبراهيم عن أبي عبد الله، وأبي الحسن موسى، والرضاعليهم‌السلام .

بعث إليه الإمام الرضا رسالة، وأثنى عليه. له كتاب يرويه عنه جماعة(2) .

3 - إبراهيم بن أبي محمود الخراساني:

وثّقه النجاشي، وقال: (إنّه روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام له كتاب يرويه أحمد بن محمد بن عيسى)(3) .

قال الكشي: (قال نصر بن الصباح: إبراهيم بن أبي محمود كان مكفوفاً، روى عنه أحمد بن عيسى مسائل موسىعليه‌السلام تقدّر بخمس وعشرين ورقة، عاش بعد الرضا).

روى حمدويه قال: حدثنا الحسن بن موسى الخشّاب، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي محمود قال: دخلت على أبى جعفر، ومعي كتب إليه من أبيه فجعل يقرأها، ويضع كتاباً كبيراً على عينيه، ويقول: خط أبي والله، ويبكي حتى سالت دموعه على خدّيه، فقلت له: جعلت فداك قد كان أبوك ربّما قال لي في المجلس الواحد مرات أسكنك الله الجنة، فقال: وأنا أقول لك: أدخلك الله الجنة، فقلت: جعلت فداك تضمن لي على ربّك أن تدخلني الجنة، قال: نعم، قال: فأخذت رجله فقبّلتها(4) .

____________________

(1) لسان الميزان 1 / 41.

(2) النجاشي.

(3) النجاشي.

(4) النجاشي.

٩٠

4 - إبراهيم بن إسحاق:

النهاوندي، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه صالح بن

محمد الهمداني(1) .

5 - إبراهيم بن إسماعيل:

ابن داود، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه موسى بن جعفر

المدائني(2).

6 - إبراهيم بن بشر:

قال النجاشي: (له مسائل إلى الإمام الرضاعليه‌السلام ، روى عنه

محمد بن عبد الحميد(3) .

7 - إبراهيم بن سلامة النيشابوري:

عدّه الشيخ من أصحاب الرضاعليه‌السلام وأضاف أنه

وكيل(4) قال السيد الخوئي: (اختلف في حال الرجل فمنهم من أعتبره حجة، ومنهم

من لم يعتبره، واستدل من قال باعتباره بمقدمتين: الأولى انه كان وكيلا عن الإمام الرضا

عليه‌السلام . الثانية: انهم سلام الله عليهم لا يوكلون الفاسق) وناقش

السيد في كلا المقدمتين(5) .

8 - إبراهيم بن شعيب:

الواقفي قال: كنت جالسا في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإلى

جانبي رجل من أهل المدينة، وحادثته مليا، وسألني من أين أنت؟ فأخبرته أنى رجل

من أهل العراق، قلت له: فمن أنت؟ قال: مولى لأبي الحسن الرضا

عليه‌السلام ، فقلت له: لي إليك حاجة، قال: وما هي؟ قلت: توصل لي إليه

رقعة، قال: نعم إذا شيءت فخرجت، وأخذت قرطاسا، وكتبت فيه: (بسم الله الرحمن

الرحيم إن من كان قبلك من آبائك كان يخبرنا بأشياء فيها دلالات وبراهين، وقد

____________________

(1) التهذيب الجزء السادس باب فضل زيارة أبى الحسن علي بن موسىعليه‌السلام .

(2) التهذيب الجزء الرابع: باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر.

(3) النجاشي.

(4) رجال الطوسي.

(5) معجم رجال الحديث 1 / 91.

٩١

أحببت أن تخبرني باسمي واسم أبى وولدي).

قال: ثم ختمت الكتاب، ودفعته إليه، فلما كان من الغد أتاني بكتاب مختوم

ففضضته وقرأته، فإذا في أسفل الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم يا أبا إبراهيم إن من

آبائك شعيبا وصالحا، وإن من أبنائك محمدا وعليا وفلانا وفلانة)(1) .

9 - إبراهيم بن شعيب:

العقرقوفي(2) ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام قال الشيخ المامقاني: (هو عندنا مجهول الحال، والعلم عند الله)(4) .

10 - إبراهيم بن صالح:

عدّه الشيخ في رجاله من غير تلقيب ولا توصيف من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (5) قال النجاشي: (إبراهيم بن صالح الأنماطي(6) الأسدي ثقة روى عن أبي الحسنعليه‌السلام ووقف، له كتاب يرويه عدّة)(7) .

11 - إبراهيم بن عبد الحميد:

قال الشيخ: إنّه من أصحاب الإمام أبي عبد اللهعليه‌السلام أدرك الإمام الرضاعليه‌السلام ، ولم يسمع منه على قول سعد بن عبد الله، واقفي، له كتاب(8)

وقال: في (الفهرست): (إبراهيم بن عبد الحميد ثقة له أصل أخبرنا به أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد)(9) .

وتوثيق الشيخ له في (الفهرست) يدل على أنّه ليس واقفياً، ويمكن أن يكون أنّه

____________________

(1) الكشي.

(2) العقرقوفي: نسبة إلى عقرقوف، قيل: هي قرية من نواحي الدجيل، وقيل من نواحي نهر عيسى بينها وبين بغداد أربعة فراسخ إلى جانبها تل عظيم عال يرى من مسافة خمسة فراسخ، جاء ذلك في مراصد الاطلاع.

(3) رجال الطوسي. * هكذا ورد هذا الهامش في الكتاب المطبوع من غير رقم له في المتن. [ الشبكة ].

(4) تنقيح المقال.

(5) رجال الطوسي.

(6) الأنماطي: نسبة إلى أنماط جمع نمط وهو ثوب من الصوف يطرح على الهودج له خمل رقيق.

(7) النجاشي.

(8) رجال الطوسي.

(9) فهرست الطوسي.

٩٢

رجع عن الوقف، ودان بدين الحق.

12 - إبراهيم بن علي:

ابن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وأُمّ علي سيّدة النساء بطلة كربلاء السيدة زينبعليها‌السلام ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (1) .

13 - إبراهيم بن محمد:

الأشعري، القمّي، قال النجاشي: إنّه ثقة، روى عن الإمام موسى، والإمام الرضاعليهما‌السلام ، وأخوه الفضل، وكتابهما شركة رواه الحسن بن أبي علي بن فضال عنهما(2) ، وثّقة ابن داود في رجاله، والفاضل المجلسي وغيرهم(3) .

14 - إبراهيم بن محمد:

الخزاز، روى عن الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه الحسن بن سعيد(4) .

15 - إبراهيم بن محمد:

مولى خراساني، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (5) .

16 - إبراهيم بن محمد:

الهمداني، كان وكيلاً للإمام الرضاعليه‌السلام (6) ، وعدّه الشيخ من

أصحاب الإمام الرضا والإمام الجواد، والإمام الهاديعليهم‌السلام (7) ، قال الكشي: إنّه حجّ أربعين حجّة(8) .

17 - إبراهيم بن موسى:

روى عن الإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه محمد بن حمزة(9) .

____________________

(1) رجال الطوسي.

(2) النجاشي.

(3) تنقيح المقال.

(4) معجم رجال الحديث 1 / 152.

(5) رجال الطوسي.

(6) النجاشي.

(7) رجال البرقي.

(8) الكشي.

(9) معجم رجال الحديث 1 / 162.

٩٣

18 - إبراهيم بن هاشم:

أبو إسحاق القمّي، أصله من (الكوفة)، وانتقل إلى (قم المقدّسة)، عدّه الشيخ النجاشي من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وقال: إنّ أصحابنا

يقولون: إنّه أوّل مَن نشر حديث الكوفيين ب‍ (قم)، له كتب منها: كتاب النوادر، وكتاب قضايا الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام (1).

19 - إبراهيم بن هاشم:

العباسي(2) ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (3) وظاهره أنّه إمامي مجهول الحال(4) ، قال السيد الخوئي: والصحيح هاشم بن إبراهيم لا إبراهيم بن هاشم كما في النجاشي(5) .

20 - أحمد بن أبي نصر:

روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه أحمد بن محمد(6) .

21 - أحمد بن أشيم:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (7) روى عن يونس وروى عنه أحمد بن محمد(8) .

22 - أحمد بن عامر:

ابن سليمان بن صالح بن وهب الذي استشهد مع ريحانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حدث ابنه عبد الله قال: ولد أبي سنة (157 ه‍) ولقي الإمام الرضاعليه‌السلام سنة (174 ه‍) ومات الرضا بطوس سنة (202 ه‍) يوم الثلاثاء لثمان عشر خلون من جمادى الأُولى وشاهدت أبا الحسن، وأبا محمدعليهما‌السلام ، وكان أبي مؤذِّناً لهما، هكذا جاء في النجاشي.

____________________

(1) النجاشي.

(2) رجال الطوسي.

(3) رجال الطوسي.

(4) تنقيح المقال 1 / 39.

(5) معجم رجال الحديث 1 / 152.

(6) التهذيب الجزء السادس باب المهور والأجور.

(7) رجال الطوسي.

(8) التهذيب الجزء الأول باب تلقين المحتضر.

٩٤

23 - أحمد بن عمر:

الحلال، كان يبيع الحل - يعنى الشيرج - روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وله عنه مسائل(1) .

24 - أحمد بن الفيض:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام (2) ، وهو إمامي مجهول الحال.

25 - أحمد بن محمد:

ابن أبي نصر البزنطي، كوفي، ثقة الإمام الرضاعليه‌السلام ، وكان عظيم المنزلة عنده، وروى عنه كتاباً، وله من الكتب كتاب الجامع، وله كتاب (النوادر)، قال الشيخ في كتابه (الغيبة): (كان واقفاً ثم رجع لما ظهر من المعجزات على يد الإمام الرضاعليه‌السلام الدالة على صحّة إمامته، فالتزم الحجّة وقال بإمامته، وإمامة مَن بعده من ولده.

قال أحمد: كنت عند الإمام الرضاعليه‌السلام فأمسيت عنده، قال: فقلت أنصرف؟ فقال لي: لا تنصرف فقد أمسيت، قال: فأقمت عنده فقالعليه‌السلام : لجاريته هاتي مضربتي ووسادتي فافرشي لأحمد في ذلك البيت، قال: فلمّا صرت في البيت دخلني شيء، فجعل يخطر ببالي من مثلي في بيت ولي الله(3) ، وعلى مهاده، فناداني يا أحمد إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام عاد صعصعة بن صوحان فقال: يا صعصعة لا تجعل عيادتي إيّاك فخراً على قومك، وتواضع لله يرفعك.

وهو ممّن أجمع على الإقرار له بالفضل وتصحيح ما يصح عنه.

توفّي سنة (221 ه‍)(4) .

26 - أحمد بن محمد:

ابن حنبل بن هلال الشيباني، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبي الحسن الرضا

____________________

(1) النجاشي.

(2) رجال الطوسي.

(3) وفى رواية (فقلت: الحمد لله حجّة الله ووارث علم النبيين أنس بي الخ).

(4) معجم رجال الحديث (237 - 239).

٩٥

عليه‌السلام (1) قال ابن حجر: أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني المروزي، نزيل بغداد، أبو عبد الله أحد الأئمة، ثقة، حافظ، فقيه، حجّة، وهو رأس الطبقة العاشرة، مات سنة (241 ه‍) وله سبع وسبعون سنة(2) .

27 - أحمد بن محمد:

ابن عيسى الأشعري، القمّي، شيخ القميين ووجيههم، وكان الرئيس الذي يلقى السلطان، ولقي أبا جعفر الثاني، وأبا الحسن العسكريعليهما‌السلام .

له كتب فمنها: (كتاب التوحيد)، وكتاب (فضل النبي (ص)، وكتاب (المتعة)، وكتاب (النوادر)، وكان غير مبوّب فبوّبه داود بن كورة، وكتاب (الناسخ والمنسوخ)، وكتاب (الأطعمة)، وكتاب (المسوخ)، وكتاب (فضائل العرب)، قال ابن نوح: ورأيت له عند الدبيلي كتاباً في (الحج).

28 - أحمد بن يوسف:

مولى بنى تيم الله، كوفي، كان منزله بالبصرة، وتوفّي ببغداد، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وأضاف أنّه ثقة(3) .

29 - إدريس بن زيد:

من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ذكره الصدوق في مشيخة الفقيه مع علي بن إدريس أولاً مع توصيفهما بصاحبي الرضاعليه‌السلام ، ووصفه بالقمّي عند ذكر طريقه إليه ثانياً(4) .

30 - إدريس بن عبد الله:

ابن سعد الأشعري، ثقة له كتاب، يروى عن الإمام الرضاعليه‌السلام (5) .

____________________

(1) رجال الطوسي.

(2) تقريب التهذيب، وترجمة في تهذيب التهذيب.

(3) الكشي.

(4) رجال الطوسي.

(5) معجم رجال الحديث 3 / 9.

(6) النجاشي.* هكذا ورد هذا الهامش في الكتاب المطبوع من غير رقم له في المتن. [ الشبكة ].

٩٦

31 - إدريس بن عيسى:

الأشعري، القمّي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام ثقة، وروى عنه حديثاً واحداً(1) .

32 - إدريس بن يقطين:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام (2) .

33 - إسحاق بن آدم:

الأشعري، القمّي، روى عن الإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام كتاب يرويه جماعة(3).

34 - إسحاق بن إبراهيم:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضا والإمام الجوادعليهما‌السلام (4) قال الكشي: إنّه وصل إلى خدمة الإمام الرضاعليه‌السلام بواسطة الحسن بن سعيد الأهوازي(5) .

35 - إسحاق بن إبراهيم:

الحنظلي يعرف بابن راهويه، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (6) .

36 - إسحاق بن محمد:

الحضيني، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (7) .

37 - إسحاق بن الإمام موسى:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، روى عن أخيه وعن عمّه عن الإمام أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وروى عنه محمد بن مسلم(8) .

____________________

(1) النجاشي.

(2) رجال الطوسي.

(3) النجاشي.

(4) رجال البرقي.

(5) الكشي.

(6) رجال الطوسي.

(7) رجال الطوسي.

(8) رجال الطوسي.

٩٧

38 - إسماعيل بن سعد:

الأحوص، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه محمد بن خالد(1) .

39 - إسماعيل بن عباد:

القصري - من قصر بن هبيرة - عدّه البرقي من أصحاب الإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام (2) .

40 - إسماعيل بن عيسى:

روى عن الإمام أبى الحسن، والإمام الرضاعليهما‌السلام ، وروى عنه ابنه سعد(3) .

41 - إسماعيل بن قتيبة:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وأضاف أنّه مجهول(4) .

42 - إسماعيل بن مهران:

ابن أبي نصر السكوني، مولى، كوفي، يكنّى أبا يعقوب، ثقة، معتمد عليه، من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، ألّف مجموعة من الكتب كان منها:

1 - الملاحم.

2 - ثواب القرآن.

3 - الإهليلجة.

4 - صفة المؤمن والفاجر.

5 - خطب الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام .

6 - نوادر.

7 - النوادر(5) .

____________________

(1) معجم رجال الحديث 3 / 133.

(2) البرقي.

(3) معجم رجال الحديث 3 / 158.

(4) رجال الطوسي.

(5) الكشي.

٩٨

وقد طعن في حديثه ابن الغضائري، وقال: ليس حديثه بالنقي فيضطرب تارة، ويصلح أخرى، ويروى عن الضعفاء كثيراً ويجوز أن يخرج شاهداً، وبنى سيدنا الخوئي على وثاقته لشهادة جعفر بن محمد بن قولويه، وعلي بن إبراهيم، والشيخ والنجاشي والعياشي بوثاقته، وليس فيما ذكره ابن الغضائري دلالة على عدم وثاقته بل إنّ نفي النقاوة من حديثه من جهة أنّه يروى عن الضعفاء(1) .

43 - إسماعيل بن همام:

ابن عبد الرحمان البصري مولى كندة، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ثقة هو وأبوه وجدّه، له كتاب يرويه عنه جماعة(2) .

44 - أصرم بن مطر:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (3) .

45 - أفلح بن يزيد:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (4) .

46 - أفلح بن يزيد: عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وكذلك عدّه الشيخ وأضاف إنّه مجهول(5) .

47 - الياس بن عمرو:

الصيرفي الخزاز، خيّر، من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، ولـمّا حضرته الوفاة قال لـمَن حوله: اشهدوا عليّ وليست ساعة الكذب هذه الساعة سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: (والله لا يموت عبد يحب الله ورسوله ويتولّى الأئمّة فتمسّه النار)(6) .

48 - أيوب بن نوح:

كوفي، مولى النخع، ثقة، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضا

____________________

(1) معجم رجال الحديث 3 / 188 - 189.

(2) النجاشي.

(3) رجال الطوسي.

(4) رجال الطوسي.

(5) رجال الطوسي.

(6) الكشي.

٩٩

عليه‌السلام (1) وكان وكيلاً، وتوفّى ولم يخلف إلاّ مائة وخمسين ديناراً، وكان الناس يظنون أنّ عنده مالاً كثيراً؛ لأنّه كان وكيلاً للأئمّةعليهم‌السلام (2) .

(ب)

49 - البائس:

مولى حمزة بن السبع الأشعري، ثقة، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (3) .

50 - بكر بن صالح:

الرازي عده الشيخ البرقي من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (4) قال الشيخ: له كتاب في درجات الإيمان ووجوه الكفر والاستغفار والجهاد(5).

قال ابن الغضائري: ضعيف جداً، كثير التفرّد بالغرائب(6).

(ت)

51 - ثلج بن أبي ثلج:

اليعقوبي، من ولد داود بن علي اليعقوبي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (7) .

(ج)

52 - جعفر بن بشير:

البجلي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (8) ، من زهّاد الشيعة وعبّادهم ونسّاكهم، وله مسجد بالكوفة باقٍ في (بجيلة)، يقول النجاشي وأنا وكثير من أصحابنا إذا وردنا الكوفة نصلّي فيه مع المساجد التي يرغب في الصلاة فيها.

توفّي جعفر رحمه الله بـ‍ (الأبواء) سنة (208 ه‍) وكان يلقّب قفة العلم، وله

____________________

(1) رجال الطوسي.

(2) الكشي.

(3) رجال الطوسي.

(4) رجال البرقي.

(5) معجم رجال الحديث.

(6) معجم رجال الحديث.

(7) رجال الطوسي.

(8) رجال الطوسي.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

الحريّة ( وسلبها ) وذلك لإمكان قيام الآخرين بمثل ما صنع )(١) .

وعرّفها آخرون بأنّ الحريّة تعني أن لا يكون أمام الإنسان أي مانع من التفكّر والعمل الحسن، وعرّفها آخرون باُمور وتعاريف اُخرى، ولكنّنا نرى أنّ التعريف الجامع هو: أنّ الحريّة تعني أن يكون الجو الاجتماعيّ بنحو يستطيع فيه كلّ فرد من أفراد المجتمع من إخراج مواهبه وقابليّاته إلى منصّة الظهور دون أن يمنعه مانع، أو يحجزه حاجز يقف دون ظهور المواهب، ويمنع من نمو الاستعدادات.

وقد جاء الأنبياء والمرسلون لمثل هذه المهمة الكبرى، فهم جاؤوا ليرفعوا جميع الموانع والحواجز من بين أيدي البشريّة، ويخلقوا بيئة حرّة لا مكان فيها للسدود والقيود حتّى يستطيع كلّ فرد أن يصل إلى كماله المنشود، وينمّي مواهبه وقابليّاته دون مانع.

أقسام الحريّات ومجالاتها

تنقسم الحريّة إلى أقسام كثيرة نشير إلى أهمّها وهي :

١. الحريّة الشخصيّة.

٢. الحريّة الفكريّة والعقيديّة.

٣. الحريّة السياسيّة.

٤. الحريّة المدنيّة.

وإليك تفصيل الكلام في هذه الحريّات.

* * *

١. الحريّة الشخصيّة

وتعني أنّه لا سيادة لأحد على أحد بالأصل والفطرة، فكلّ إنسان حرّ بالذات

__________________

(١) روح الشرائع ١: ٢٢٦، طبعة دار المعارف بمصر ترجمة عادل زعيتر ( عام ١٩٥٣ م ).

٤٠١

وليس بمملوك لأحد أو مستعبد لآخر.

والحريّة بهذا المعنى حقّ طبيعيّ لكلّ إنسان، لا أنّه أمر خاضع للوضع والجعل ليمكن إعطاؤه أو منعه، خلاف ما اعتقده بعض الفلاسفة الذين مضوا حيث كانوا يعتقدون بأنّ الله خلق الناس صنفين عبيداً وأحراراً. وأنّ السود هُم العبيد الذين زودهُم الله بقوة أكبر لخدمة الأحرار وأنّهم محرومون من كلّ ما يتمتّع به الأحرار من امتيازات وحقوق.

وقد اعترف الإسلام بهذه الحريّة لكلّ إنسان ونادى بها، ودعا إلى احترامها وحمايتها قال الإمام عليّعليه‌السلام : « لا تكُن عبد غيرك وقد جعلك الله حُرّاً »(١) .

وألغى كلّ الفوارق المزعومة بين الناس وردّ الجميع إلى أصل واحد حيث قال الإمام عليّعليه‌السلام : « أيُّها النّاسُ أنّ آدم لم يلد سيّداً ولا أمةً وإنّ النّاس كُلُّهُم أحرار »(٢) .

وهذا هو أصل نادت به جميع الرسالات الإلهيّة من قبل، فها هو القرآن الكريم يحدّثنا كيف اعترض موسىعليه‌السلام على فرعون استعباده لبني إسرائيل لـمّا منّ فرعون على موسى بتربيته له، وعنايته به مذ كان صغيراً وقال:( أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا ) ( الشعراء: ١٨ ) فقال موسى:( وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) ( الشعراء: ٢٢ ).

وهذا يعني أنّ النعم مهما كانت كبيرة وعظيمة لا تساوي شيئا إذا سلب الإنسان حريّته.

ولأجل ذلك يوبّخ الله سبحانه أهل الكتاب على خضوعهم لأحبارهم ورهبانهم واتّخاذهم أربابا وأسياداً من دون الله إذ يقول:( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَٰهَ إلّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ( التوبة: ٣١ ).

__________________

(١) روضة الكافي: ٩.

(٢) مرّ مصدر هذا الحديث.

٤٠٢

لأنّ ذلك يعني تخلّي أهل الكتاب عن حرّيتهم الطبيعيّة، وإعطاء مصيرهم في التحليل والتحريم والتشريع والتقنين إلى بشر أمثالهم وهو أمر مرفوض في منطق الدين، الذي يرى بأنّ الله خلق الناس أحراراً، وأراد لهم أن يعيشوا كذلك ولا تكون لأحد على أحد سلطة التشريع إلّا لله سبحانه.

وقد دعا الإسلام أهل الكتاب إلى نبذ هذه الأرباب والأسياد البشريّة وتحرير الإنسان من كلّ قيد ظالم فقال:( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إلّا نَعْبُدَ إلّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ ) ( العمران: ٦٤ ).

ولقد دفع الإسلام اتباعه إلى الدفاع عن حريّتهم، وزرع فيهم روح العزّة والإباء والاعتلاء إذ قال:( وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ المُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ) ( المنافقون: ٨ ).

وقال سبحانه:( وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ( العمران: ١٣٩ ).

ورفض أن يذلّ المؤمنون أنفسهم ويتخلّوا عن حريّتهم وعزّتهم فقال عليّعليه‌السلام : « إنّ الله تبارك وتعالى فوّض إلى المُؤمن كُلّ شيء إلّا إذلال نفسه »(١) .

وقال الإمام الحسين بن عليّعليه‌السلام في الرد على من أرادوا له الخضوع ليزيد: « لا اعطينّكُم بيدي إعطاء الذّليل ولا اقرُّ لكُم إقرار العبيد »(٢) .

بل وليس الإيمان بالله ورفض الشركاء والأنداد الذي دعا إليه الدين إلّا الخروج من عبوديّة العباد إلى جوّ الحريّة الكريمة اللائقة بالإنسان المتوفّرة في العبوديّة لله وحده.

فجملة لا إله إلّا الله من أعظم الشعارات التي نادى بها الإسلام لتحرير الإنسان وإخراجه من أيّة عبوديّة وخضوع لأحد إلّا لله سبحانه.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦: ٤٢٤.

(٢) بلاغة الحسين: ٤٣.

٤٠٣

نعم ربّما يتسبّب الإنسان نفسه في عبوديّته إذا تخاذل وخنع، وتهاون في حفظ شخصيّته، وترك الآخرين يستعبدونه ويسلبون حريّته، ويستعلون عليه ويسترقّونه ولم يدافع حقّ الدفاع عن حريّته وكرامته، قال الإمام عليّعليه‌السلام : « الناسُ كُلُّهم أحرار إلّا من أقرّ على نفسه بالعُبُوديّة »(١) .

ولكنّ الإسلام حارب كلّ ألوان الخضوع والتبعيّة لغير الله ووصف هدفه بأنّه جاء ليضع عن الناس كلّ الأغلال قال سبحانه:( وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ) ( الأعراف: ١٥٧ ).

كما حارب الإسلام بشدّة كلّ ألوان الرقّ الذي كان متعارفاً زمن الجاهليّة ولا زال العالم الحديث يعاني منه قليلاً(٢) .

ومن حقّ الحريّة الشخصيّة هذه أن يصبح كلّ إنسان آمناً على حريّته فلا يحبس ولا يعتقل إلّا بقانون صحيح(٣) .

٢. الحريّة الفكريّة والعقيديّة :

وهي من أهمّ أقسام الحريّة ( بعد الحريّة الشخصيّة ) وتعني: بأن يكون لكلّ إنسان الحقّ في اختيار ما يراه من عقيدة، واعتناق ما يريده من فكرة دون أن يجوز لأحد إجباره على غيره، وإلى هذا أشار القرآن الكريم إذ قال:( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) ( البقرة: ٢٥٦ ).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣: ٢٤٣.

(٢) لقد ذكرنا لك فلسفة الرقّ الذي يعترف به الإسلام أثناء الحرب في الفصل الرابع الصفحة: ٢٥٧ من هذا الكتاب.

(٣) ليس للسجون في النظام الإسلاميّ مجال واسع كما هو الحال في الأنظمة الوضعية، نعم هناك بعض الموارد يضطرّ فيها الحاكم إلى حبس الأفراد وهي نادرة مذكورة في الفقه، وسنذكر إجمال القول فيها في آخر هذا الفصل.

٤٠٤

وقد وصف الله سبحانه مهمّة نبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّها مهمّة التذكير والإرشاد لا القهر والإجبار فقال:( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ *لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ) ( الغاشية: ٢١ ـ ٢٢ ).

وستعرف ـ في الفصول القادمة ـ مدى تسامح الإسلام مع أصحاب الشرائع الاُخرى وما قرّره للأقلّيات الدينيّة من حريّات وحقوق.

فلأجل هذه الحريّة لا يجوز أن يجبر كافر ( كتابيّ أو غير كتابيّ ) على إعتناق الإسلام، أو يمنع الوثني إذا أراد أن يعتنق إحدى الشرائع الكتابيّة الاُخرى أو أراد أن ينتقل من وثنيّة إلى وثنيّة اُخرى، أو يتحوّل يهوديّ إلى النصرانيّة أو نصرانيّ إلى اليهوديّة.

نعم لا يحقّ للمسلم أن يبدّل دينه إلى غير الإسلام لأنّ في ذلك إهانة للدين وجرحاً للعقيدة الإسلاميّة وإضعافاً لموقع المسلمين ولذلك يقتل المرتدّ إذا كان معانداً، إلّا إذا كان شاكّاً إشتبه عليه الأمر فوجب رفع شبهته وتبديد شكّه، فإن عاند ـ بعد ذلك ـ قتل، وتقبل توبة المرتدّ الفطريّ إذا كان إرتداده عن شبهة حصلت له، واعترضت سبيل اعتقاده.

بيد أنّ الارتداد الجماهيريّ لا يكون سبباً لتطبيق حكم الارتداد، وهو لا يكون غالباً عن تغيير طبيعيّ وجذريّ في الاعتقاد، إذ يكون عادة بسبب الجوّ الفكريّ أو الدعاية الكبرى التي ينحرف بسببها الكثيرون ولا يؤمن معها على انحراف عقيدة وتبديل دين.

على أنّ الإسلام لا يترك الناس دون توجيه وارشاد وتبيين الرشد من الغيّ، ومن هذا الباب، نفيه لكلّ العوامل والأمور التي تمنع من التفكّر الصحيح.

فقد عمل الإسلام على إزالة كلّ الموانع أمام الرشد الفكريّ السليم التي توجب انحراف العقيدة وتقييد الفكر البشريّ عن النمو والانطلاق وهذه الموانع هي :

١. الإبقاء في الجهل والعمى.

٢. التفتيش عن العقائد.

٤٠٥

٣. نشر الخرافات وتعميمها.

٤. إلهاب الغرائز الجنسية والأهواء الفاسدة.

أمّا ابقاء الناس في الجهل والعمى ( وهو الذي يسعى إليه المستعمرون فيمنعون من بثّ الثقافة والعلم بين الشعوب المغلوبة حتّى يبقى النّاس في تأخّر وانحطاط. فها هي الجزائر أيام الاحتلال الفرنسيّ لم يتجاوز المتعلّمون فيها ( ١٠٠٠ شخص )، فقد قابله الإسلام باشاعة الثقافة وتعميم العلم ودعوة الناس إلى اكتساب المعرفة، كما سنعرف ذلك مفصّلاً في الفصول القادمة.

وأمّا التفتيش عن العقائد وملاحقة كلّ من يخالف اعتقاده عقيدة الجماعة فهو أمر طالما عانت منه البشريّة في ظل بعض الشرائع المحرّفة، فقد مارست الكنيسة هذا الأمر اتّجاه كلّ المتدينين بغير دينها، وأقامت محاكم التفتيش هنا وهناك وأحرقت وقتلت جماعات كبيرة من الناس لهذا السبب حتّى أنّ ويل دورانت ذكر في تاريخه: أنّ عدد من قتل حرقاً بين عام ١٤٨٠ و ١٤٨٨ بلغ ٨٨٠٠ شخصاً ومن حكم عليه بالأحكام الشاقّة بلغ ٩٦٤٩٤(١) .

وقدرفض الإسلام هذه الرقابة وهذا التفتيش حيث دعا إلى التفكّر الصحيح للوصول إلى الحقيقة ولهذا عدّه من أفضل العبادات.

قال سبحانه:( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) ( الزمر: ٩ ).

وقال سبحانه:( فَبَشِّرْ عِبَادِ *الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) ( الزمر: ١٧ ـ ١٨ ).

وقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث مشهور: « تفكُّرُ ساعة أفضلُ من عبادة سنة ».

كما وأكّد على دور العقل والتعقّل ومن ذلك ما قاله عليّعليه‌السلام : « أفضل العبادة إدمانُ التفكُّر » وقال: « ونبّه بالتّفكُّر قلبك »(٢) .

__________________

(١) قصة الحضارة: ويل دورانت الجزء ١٨.

(٢) راجع الكافي ١ كتاب العقل والجهل: ٥٤ ـ ٥٥ و ٢٢٤، وسفينة البحار ٢: ٣٨٢.

٤٠٦

وكمثل بسيط نذكر لك قصّة صفوان بن اُميّة الذي كان يعادي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فخرج هارباً، فأمّنه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأعطاه عمامته التي دخل فيها مكّة كوثيقة للأمان فلمّا اطمأن ورجع حتّى وقف على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ هذا يقول: إنّك قد أمنّتني، قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « صدق » قال: فاجعلني فيه بالخيار شهرين.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنت بالخيار فيه أربعة أشهُر »(١) .

وهكذا نجد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يخيّر هذا المشرك ويمهله أربعة أشهر ليفكّر ويختار الإسلام عن قناعة وقبول.

ولعلّ أوضح دليل في هذا المجال هو قوله سبحانه:( وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ ) ( التوبة: ٦ ).

وهنا لا بدّ أن نسجّل أنّ هذه الآيات والمواقف الصريحة في حريّة الاعتقاد تكذّب الاتّهام القائل بأنّ الإسلام انتشر بالسيف، فالإسلام انتشر بالتبليغ الحسن، والدعوة الخالصة ورغبة الشعوب فيه.

وهذه هي حقيقة يعترف بها الأجانب قبل الأصدقاء، فهذا هو غوستاف لوبون في كتاب حضارة العرب يقول :

( انّ القوّة لم تكن عاملاً في انتشار القرآن فقد ترك العرب المغلوبين على أمرهم أحراراً في أديانهم ولم ينشر الإسلام بالسيف بل انتشر بالدعوة وحدها، وبالدعوة وحدها اعتنقت الشعوب التي قهرت العرب مؤخّراً كالترك والمغول، وأدرك الخلفاء السابقون أنّ النظم والأديان ليست ممّا يفرض قسراً فعاملوا أهل كلّ قطر استولوا عليه بلطف عظيم، فالحقّ أنّ الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب ( المسلمين ) ولا ديناً سمحاً مثل دينهم )(٢) .

__________________

(١) سيرة ابن هشام ٢: ٤١٧ ـ ٤١٨.

(٢) روح الشرائع ٢: ١٧٨ ـ ١٧٩ نقله عادل زعيتر في هامشه عليه.

٤٠٧

ولتوفّر مثل هذه الحريّة الفكريّة والعقيديّة في ظلّ الإسلام، نرى أنّ الملاحدة والزنادقة الذين كانوا يحملون عقائد مضادة للإسلام كانوا يعيشون في الأوساط الإسلاميّة في القرون الاُولى أحراراً ودون أن يمسّهم أحد بسوء بل وطالما كانوا يناقشون أئمة المسلمين كما نلاحظ ذلك من مناظراتهم واحتجاجاتهم مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام عليعليه‌السلام والباقر والصادقعليهما‌السلام (١) .

أمّا منع كتب الضلال وتحريم اقتنائها وتداولها الذي نجده في الفقه الإسلامي ؛ فهو خاصّ بمن يتضرّر فكريّاً بهذه الكتب، فإنّ كتب الضلال بمنزلة الدواء الضارّ فكما لا يصحّ السماح لكلّ أحد حتّى الأطفال باقتناء الدواء الضارّ ؛ كذلك لا يجوز لغير العالم الراسخ في عقيدته تناول هذه الكتب تجنيباً للمجتمع من أخطارها وأضرارها.

وأمّا الخرافات المانعة من التفكّر الصحيح ؛ فقد حاربها الإسلام محاربة لا هوادة فيها، فمن جانب دعا إلى التأمّل والتدبّر والتفكّر الصحيح ومنع من التقليد الأعمى، ومن جانب آخر منع بشدّة من الاعتقاد بالخرافات واعتناقها وكافحها مكافحة قويّة، فهو ينكر على الوثنيّين عبادتهم للأصنام التي لا تضرّ ولا تنفع فيقول سبحانه:( أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ ) ( الصافات: ٩٥ ).

كما نرى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يوصي معاذاً حينما يبعثه إلى اليمن قائلاً: « وأمت أمر الجاهليّة »(٢) .

ويقولصلى‌الله‌عليه‌وآله في صراحة كاملة: « كُلّ مأثرة في الجاهليّة تحت قدميّ »(٣) .

ولما قبض ابراهيم ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جرت في موته ثلاث سنن، أمّا واحدة فإنّه لـمّا قبض انكسفت الشمس فقال الناس: إنّما انكسفت الشمس لموت ابن رسول الله، فصعد رسول الله المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: « أيُّها الناسُ إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مُطيعان لهُ لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا

__________________

(١) راجع لمعرفة هذه الاحتجاجات والمناظرات كتاب الاحتجاج وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام .

(٢ و ٣) تحف العقول: ٢٩، وسيرة ابن هشام ٣: ٤١٢.

٤٠٨

انكسفا أو أحدُهُما صلُّوا ».

ثمّ نزل من المنبر فصلّى بالناس الكسوف فلما سلّم قال: « قُم يا عليّ جهّز ابني »(١) .

وأمّا مسألة الغرائز الجنسيّة ، التي تعمد السلطات غير الشرعيّة في الأنظمة الوضعيّة إلى إلهابها وتفجيرها لصرف الناس عن التفكير الجدّي في حياتهم من أجل استعبادهم فقد اتّخذ الإسلام من هذه الغرائز موقفاً معقولاً ومنطقيّاً

فإنّ الغرائز الجنسيّة وما شابهها حيث تعتبر من الاُمور الضروريّة لحياة الإنسان وبقائه لم يمكن إلغاءها وحذفها بالمرّة بل وجب تعديلها ووضعها في الموضع الصحيح والاستفادة منها بالقدر اللازم(٢) .

إنّ الغرائز حسب منطق الإسلام حاجة ضروريّة لبقاء النوع الإنسانيّ فلم ينكرها كما فعلت الكنيسة التي دعت إلى الرهبنة وتجاهل العواطف والغرائز ولكنّ التمادي فيها والإفساح لها أكثر من الحاجة ؛ يفسد العقل والفكر ويهدم الحياة والاستقرار ويعود الإنسان كالأنعام بل أضلّ، ولذلك عدّ لها الإسلام ووضع لها برامج صحيحة، وحدود معقولة.

بينما عارض الأهواء الفاسدة والمشتهيات الرخيصة المضلّة، واعتبر ذلك من قبيل عبادة الهوى فقال:( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ) ( الجاثية: ٢٣ ).

وقال عليعليه‌السلام : « إنّ أخوف ما أخافُ عليكُم اتّباعُ الهوى وطُولُ الأمل »(٣) .

وقالعليه‌السلام في شجب اتّباع الشهوات الكاذبة: « عبدُ الشّهوة أشدُّ من عبد الرّقّ »(٤) .

__________________

(١) بحار الأنوار ٢٢: ١٥٥.

(٢) راجع أحكام الزواج والأطعمة والأشربة من كتب الفقه الإسلاميّ وكتب الأخلاق والآداب ككتاب مكارم الأخلاق للطبرسيّ.

(٣) نهج البلاغة: الخطبة ٤١.

(٤) غرر الحكم: ٤٩٨.

٤٠٩

٣. الحريّة السياسيّة

وهي تعني أنّ لكلّ فرد أن يشغل المناصب الإداريّة ويساهم في الاُمور السياسيّة ولا يمنعه عن ذلك مانع وهذا حقّ طبيعيّ لكلّ إنسان فليس لفرد أو جماعة خاصّة أن يستأثر بإدارة البلاد دون اشراك الآخرين في ذلك حسب منطق الإسلام. بينما كان النظام في الشعوب والملل السابقة نظاماً طبقيّاً يقسّم الناس إلى طبقات مختلفة متفاوتة من حيث الحقوق والامتيازات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، فكان الحكم والإدارة والسياسة من حقّ الطبقة الخاصّة وكان على بقيّة أفراد الشعب أن يكدحوا ويعملوا ولا يتدخّلوا في الاُمور السياسيّة فلا دور للكفاءات ولا مجال للإسهام السياسيّ مطلقاً.

وقد كان هذا الوضع سائداً قبل الإسلام في اليونان وإيران والهند وغيرها.

وربّما كان بعض الشعوب والاُمم كاليهود تقيّم استحقاق المناصب على أساس الغنى والثروة فكانوا يعطون حقّ الملك والسلطنة لمن كان غنيّاً صاحب ثروة ولهذا لما نصب الله تعالى طالوت ملكاً على بني إسرائيل اعترضوا بأنّه فقير متجاهلين المؤهّلات والصفات القياديّة الاُخرى(١) ، إذ قالوا:( أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ المَالِ ) فقال الله تعالى:( إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالجِسْمِ ) ( البقرة: ٢٤٦ )، مشيراً إلى أنّ طالوت يتمتع بالكفاءات القياديّة وهو المهم في أمر القيادة والولاية والسياسة والإدارة.

وإلى هذا الملاك ( ملاك الكفاءة السياسيّة ) يشير النبيّ يوسفعليه‌السلام لـمّا يطالب عزيز مصر بأن يسلّمه خزائن البلاد وأمر الاقتصاد فيقول:( اجْعَلنِي عَلَى خَزَائِنِ الأرْضِ إنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) ( يوسف: ٥٥ ).

إنّ الإسلام يعتبر الكفاءة واللياقة هو الملاك الأساسيّ للسياسة والإدارة وليس التقسيمات الطبقيّة أو الاعتبارات الماديّة، وإلى هذا أشار الرسول الأعظم في قوله: « من

__________________

(١) بحار الأنوار ١٣: ٤٣٥، وتاريخ الطبريّ ٢: ٥٤٧.

٤١٠

استعمل عاملاً من المسلمين وهو يعلمُ أنّ فيهم من هُو أولى بذلك منهُ وأعلمُ بكتاب الله وسُنّة نبيّه فقد خان الله ورسُولهُ والمسلمين »(١) .

وقال الإمام عليّعليه‌السلام : « ولا تقبلنّ في استعمال عُمّالك وأُمرائك إلّا شفاعة الكفاءة والأمانة »(٢) .

وقد مرّت عليك قصّة عدم استخلاف الإمام عليّعليه‌السلام لطلحة والزبير لعدم كفاءتهما(٣) .

وقد أكّد الإسلام على مسألة الكفاءة في تقلّد المناصب الإداريّة تأكيداً شديداً حتّى نُقل عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله: « من ولي من اُمور المـُسلمين شيئاً فأمّر عليهم أحداً مُحاباةً فعليه لعنةُ الله لا يقبلُ الله منهُ صرفاً ولا عدلاً حتّى يُدخلهُ في جهنّم »(٤) .

ولذلك نجد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يستعمل عتاب بن أسيد ( وهو شاب ) على مكّة يوم فتحها، وفي القوم كبار وشيوخ ليس لشيء إلّا لكفاءته، كما استعمله بعد عوده من حصن الطائف وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله له: « يا عتابُ تدري على من استعملتُك ؟ على أهل الله عزّ وجلّ ولو أعلمُ لهُم خيراً منك استعملتُهُ عليهم »(٥) .

ولـمـّا اعترض البعض على استعمال عتاب لصغره كتب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أهل مكّة يقول: « ولا يحتجُّ مُحتجّ منكُم في مُخالفته بصغر سنّه فليس الأكبرُ هُو الأفضلُ بل الأفضلُ هُو الأكبرُ »(٦) .

هذا وتشمل الحريّة السياسيّة اُموراً كثيرة في المجال السياسي ؛ مثل حقّ النقد في

__________________

(١) نظام الحكم والإدارة في الإسلام عن سنن البيهقيّ: ٣٠٢.

(٢) نظام الحكم والإدارة في الإسلام: ٣٠١ ـ ٣٠٢.

(٣) راجع الصفحة ٢٦٣ من كتابنا هذا.

(٤) حقوق الإنسان: ٧٢.

(٥) اُسد الغابة ٣: ٣٥٨.

(٦) ناسخ التواريخ حالات النبيّ: ٣٨٧.

٤١١

إطار الشرعيّة والصالح العامّ والهدف الصحيح لأنّ في النقد الصحيح ما يساعد على رفع النقائص وتكامل المجتمع وتربيته تربية سليمة، ولأنّ عدم السماح بالنقد يؤدّي إلى تراكم العيوب والظلامات وينتهي إلى الانفجار، ويمهّد للثورة والطغيان، كما ويمهّد السبيل إلى ظهور الديكتاتوريّة والاستبداد فالمثل يقول: الطغاة يتكوّنون صغاراً ( أي شيئاً فشيئاً ) إذا لم يؤخذ على أيديهم ولم يعترض عليهم ولم ينتقد أحد أعمالهم، ولم يحاسبهم على تصرّفاتهم.

ومن هنا تكون المعارضة والسماح لها بالمناقشة والنقد بالوسائل المشروعة من صالح الدولة والاُمّة وهو أمر كان يتمّ في عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والخلفاء حيث كان هناك من يعترض وكان القادة الإسلاميّون يجيبون على ذلك بصدر رحب، وديمقراطيّة عديمة النظير.

وإقرار مبدأ الشورى ليس إلّا من هذا الباب.

نعم في أثناء الحرب مع الأعداء يجوز للدولة أن تحدّ من نشاط المنتقدين تجنّباً من تسميم الأفكار وإضعاف المعنويّات وبلبلة النفوس، ومع ذلك لا يمكن إلغاء دورهم بالمرّة لأنّ في وجودهم مبعث اليقظة والتنبّه إلى مواقع العيب ومواطن الخطأ.

نعم يعارض الإسلام بشدّة أعمال التخريب والتجسّس والتلصّص وكلّ ما يخلّ بالأمن والاستقرار ويؤدّي إلى اضطراب الأحوال كبثّ الشائعات الكاذبة وترويج الاتّهامات والشكوك الباطلة(١) .

كما ويدخل في هذا الباب حقّ التصويت والانتخاب الذي ذكرناه في الفصول السابقة، ولا يختلف في ذلك الرجال والنساء.

ويندرج في هذا الباب كذلك ؛ حريّة التعبير ؛ فإنّ النظام الإسلاميّ بخلاف كلّ

__________________

(١) وردت في ذلك آيات وأحاديث نتركها لضيق المجال منها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّما رجل اطّلع على قوم في دارهم لينظر إلى عوراتهم ففقأوا عينه أو جرحوه فلا دية عليهم » ( وسائل الشيعة ١٩: ٥٠ ) وقوله تعالى:( وَلا تَجَسَّسُوا ) وما شابه ممّا سيأتي في بحث الاستخبارات.

٤١٢

الأنظمة الوضعيّة السائدة التي تلجم الأفواه وتسكت الأقلام وتفرض نوعا من الحدود والسدود ؛ يفسح للجميع المجال للتعبير عن آرائهم وآلامهم وآمالهم ما دامت في مصلحة الاُمّة، وضمن إطار القوانين والأخلاق الإسلاميّة، لأنّ في ذلك تقدّم البلاد وازدهار الحياة، ولأجل هذا قال الإمام الصادقعليه‌السلام : « خيرُ إخواني من أهدى إليّ عُيوُبي »(١) .

وقال الإمام عليّعليه‌السلام : « من استقبل وُجُوه الآراء عرف مواقع الخطأ »(٢) .

ولأجل هذا يمنع الإسلام من كلّ ألوان التعتيم الإعلاميّ، واتّخاذ القرارات وراء الكواليس، وإخفاء الحقائق عن الشعب، وفرض الرقابة على الأفكار والآراء وإلهاء الناس بالملاهي الجنسيّة بهدف صرفهم عن القضايا المصيريّة، أو بثّ الخرافات بينهم أو سدّ باب الاعتراض أو السؤال والاستفسار.

فنحن نرى كيف كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يسمح بالاعتراض والاستفسار ويقابل ذلك بالإجابة المقنعة وبيان الحقيقة دون غضب أو استياء.

فعن عبد الرحمن بن عوف أنّه قال ـ لـمّا وجد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يبكي في موت ولده إبراهيم، قلت: أو لم تكن نهيت عن البكاء ؟ فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا ولكن نهيتُ عن صوتين أحمقين وآخرين: صوت عند مُصيبة ورنّةُ شيطان وصوت عند نغمة لهو، وهذه رحمة ومن لا يرحمُ لا يُرحم »(٣) .

وقد مرّ عليك كيف أنّ الإمام عليّعليه‌السلام كان يكتب في عهوده إلى ولاته بأن لا يحتجبوا عن الناس وأن يستمعوا إلى آرائهم وشكاواهم، ويأخذوا بما يجدونه خيراً لهم وللاُمّة تجنّباً من ظهور النقمة الشعبيّة فالطغيان.

* * *

__________________

(١) تحف العقول: ٣٦٦.

(٢) صوت العدالة الإنسانيّة ٢: ٤٥٨.

(٣) السيرة الحلبيّة ٣: ٣٤٨.

٤١٣

٤. الحريّة المدنيّة

وهي تشمل حريّة كلّ إنسان في اختيار المسكن والبلد، والعمل، وطريقة حياته الخاصّة والكسب وكيفية تحصيل المال وتملّكه وحريّة الحيازة والاستفادة من المواهب الطبيعيّة ما دام في الإطار الشرعيّ.

فأمّا حريّة المسكن فقد فسح الإسلام المجال لأيّ مسلم أن يعيش في أيّة نقطة يقدر فيها على السكنى وتطيب له الإقامة فيها فعن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « البلادُ بلادُ الله والعبادُ عبادُ الله فحيث ما أصبت خيراً فأقم »(١) .

وعن اُولئك الذين بقوا في بلد عانوا فيه الظلم والحيف يقول الله تعالى:( أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ) ( النساء: ٩٧ ).

وأمّا حريّة العمل فإنّ الإسلام لا يرى جبر أحد على العمل أو إكراهه على شغل خاصّ

وإليك ما جاء في نهج البلاغة في هذا الصدد فقد كتب الإمام عليعليه‌السلام إلى أحد عمّاله يقول: « أمّا بعد فإنّ قوماً من أهل عملك أتوني فذكروا أنّ لهم نهراً قد عفى ودرس وأنّهم إن حفروه واستخرجوه عمرت بلادهم وقووا على كلّ خراجهم وزاد فيء المسلمين قبلهم وسألوني الكتاب إليك لتأخذهم بعمله وتجمعهم لحفره والإنفاق عليه ولست أرى أن أجبر أحداً على عمل يكرهه فادعهم إليك فإن كان الأمر في النّهر على ما وصفوا فمن أحبّ أن يعمل فمره بالعمل والنّهر لمن عمل دون من كرهه وأن يعمروا ويقووا أحبُّ إليّ من أن يضعفوا »(٢) .

نعم يصحّ الإجبار على العمل حينما يمتنع الإنسان عن إرزاق عائلته والإنفاق عليهم.

__________________

(١) نهج الفصاحة: ٢٢٣.

(٢) صوت العدالة الإنسانيّة ١: ١٣٢.

٤١٤

ثمّ إنّ الإنسان حرّ في العمل والاشتغال إلّا أن يتعهّد لأحد بنفسه اختياراً فحينئذ لا يكون مخيّراً في الوفاء بالتزامه بل يجب عليه أن يقوم بما تعهّد به.

ثمّ إنّ الكسب مباح بكلّ ألوانه إلّا أن يكون خلاف القوانين الشرعيّة لإضرارها على الفرد والمجتمع كالاكتساب بالأشياء المحرّمة الممنوعة مثل الخمر وما شابهها.

وأمّا حريّة التملّك والانتفاع بمواهب الطبيعة وحيازتها ـ على الوجه الشرعيّ ـ فهي ليست خاصّة بجماعة من الرأسماليّين الكبار وأصحاب الامتيازات والثروات كما هو الحال في النظام الرأسماليّ الغربيّ الظالم، وليست خاصّة بالحزب وأعضائه وأقطابه كما في النظام الشرقيّ، بل هي عامّة للجميع على قدم المساواة وهذا بحث يتعلق بالاقتصاد الذي سنبحثه في فصل خاصّ.

وصفوة القول: أنّ جميع هذه الحريات المذكورة وتلك التي لم نذكرها ثابتة لكلّ إنسان في النظام الإسلاميّ، وقد كفلها الإسلام بقوانينه وما اتّّخذه من مواقف ومقرّرات حاسمة وصارمة وقويّة بحيث لا مجال فيها للعدوان على حريّة أحد.

نقاط حول السجن

يبقى أن نذكّر القارئ ـ في مورد الحبس والسجن ـ بنقاط :

١. إنّ في الإسلام حدّاً وتعزيراً فالمراد من الأوّل العقوبة التي لها تقدير، كما أنّ المراد من الثاني العقوبة التي ليس لها تقدير، والأصل في الإسلام هو الحدّ، وأمّا التعزير فإنّه عقوبة ثانويّة لمرتكبي الجرائم إذا لم يكن هناك حدّ معيّن، والحبس إنّما يعاقب به إذا لم يكن هناك حدّ شرعيّ معيّن، فإذن هي عقوبة ثانويّة ومن باب التعزير بخلاف ما في الأنظمة الوضعيّة التي تعتمد على الحبس كعقوبة أصليّة تلجأ إليها في كلّ قضيّة.

٢. الحبس الشرعيّ ليس هو السجن في مكان ضيّق وإنّما هو تعويق الشخص ومنعه عن التصرّف بنفسه ( راجع الأحكام السلطانيّة للماوردي ) ولذلك يجب أن يكون بعيداً عن التعذيب والأذى، قال الإمام عليّعليه‌السلام في ابن ملجم بعد جنايته عليه :

٤١٥

« احبسوا هذا الأسير وأطعموه وأحسنوا اساره »(١) .

٣. إنّ التعزير بالحبس في الشريعة الإسلاميّة ورد في موارد قليلة لا تتجاوز ١٣ مورداً، لاحظ وسائل الشيعة ١٨: ٣٢ و ٣٥ و ٢٢١ و ٢٤٤ و ٣٨٦ و ٤٩٢ و ٥٣٦ و ٥٤٩ و ٥٧٨ وج ١٩: ٣٤ و ١٢١.

__________________

(١) الوسائل ١٩: ٩٦.

٤١٦

الفصل السابع

حول أهمّ برامج

الحكومة الإسلاميّة ووظائفها

بعد أن اتّضح لك أيّها القارئ لون الحكومة الإسلاميّة وصيغتها وطرف من خصائصها ينطرح هذا السؤال :

ما هي برامج الحكومة الإسلاميّة وما هي وظائفها وما هي سياستها في حقول التربية والتعليم والاجتماع والعلاقات الدوليّة، والاقتصاد وغيرها ممّا يتحتّم على كلّ حكومة أن يكون لها سياسة ومنهج فيه ؟

من أجل بيان هذا الجانب في بحوث الحكومة الإسلاميّة عقدنا هذا الفصل ففيه سنذكر أهمّ وظائف هذه الحكومة وبرامجها.

وفي الأخير نذكّر القارئ بأنّ ما نبيّنه في هذه المجالات لا يتعدّى بيان الجواهر وأمّا الأشكال والترتيبات الّتي تتمّ بها هذه الوظائف فمتروكة للظروف ومقتضياتها كما أسلفناه غير مرّة.

٤١٧

برامج الحكومة الإسلاميّة ووظائفها

١

الحكومة الإسلاميّة

ومسؤوليّة التربية والتعليم

مسؤوليّة التربية :

لا شكّ في أنّ التزكية والتربية كانت الهدف الأسمى لأنبياء الله ورسله أجمعين فها هو خليل الرحمن النبيّ إبراهيمعليه‌السلام يطلب من الله سبحانه ـ وهو يرفع قواعد الكعبة الشريفة ـ أن يبعث في اُمّته من يزكّيهم ويربّيهم إذ قال:( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) ( البقرة: ١٢٩ ).

وإنّما اتّخذت التربية والتزكية هذه المكانة في رسالات السماء ومهام الأنبياء لأنّ الإنسان لا يمكنه أن يبلغ أي مبلغ من النضوج العلميّ، أو التقدمّ الاجتماعيّ من دون أن تتوفّر له التربية الواعية التي تتكفّل بناء شخصيّته.

ولقد تركّزت مساعي الأنبياء على تحقيق هذه المهمّة العظيمة، وبذلوا في سبيله

٤١٨

أعظم الجهود، ويدلّ على ذلك ما روي من أنّ الله سبحانه خصّ الأنبياء بمكارم الأخلاق(١) .

ومن المعلوم أنّ هذا التخصيص يهدف ـ مضافاً إلى تكميلهم بهذه المكارم ـ جعلهم اُسوة لاُممهم.

ونخصّ من اُولئك الأنبياء العظام بالذكر نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد وصفه الله سبحانه بأنّه بُعث للتزكية فقال:( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) ( البقرة: ١٥١ ).

وقال:( لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) ( آل عمران: ١٦٤ ).

وقال:( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) ( الجمعة: ٢ )(٢) .

وقد أعلن النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث مشهور عن هذه المهمّة الكبرى التي حمّل بها، واعتبرها أساس رسالته، وغاية بعثته إذ قال: « إنّما بُعثتُ لاُتمّم مكارم الأخلاق »(٣) .

وقال أيضاً: « عليكُم بمكارم الأخلاق فإنّ الله بعثني بها »(٤) .

وقال عليّعليه‌السلام : « سمعتُ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: بُعثتُ بمكارم الأخلاق ومحاسنها »(٥) .

__________________

(١) سفينة البحار ١: ٤١٠.

(٢) قدّم التعليم في بعض الآيات على التزكية واخّر في البعض الآخر، لأجل أنّ التعليم بالمعنى الوسيع مقدّم من حيث الحصول والوجود على التزكية التي هي بمعنى التربية الكاملة ولكن حيث أنّ الهدف الأعلى هو التزكية قدّمت التزكية على التعليم في غيرها.

(٣) سفينة البحار ١: ٤١٠، مستدرك الوسائل ٢: ٢٨٢.

(٤) كتاب سنن النبيّ للعلاّمة الطباطبائيّ: ٢٣ نقلاً عن أمالي الشيخ.

(٥) مجمع البيان ١٠: ٣٣٣.

٤١٩

وعن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال: « إنّ الله تعالى خصّ رسوله بمكارم الأخلاق »(١) .

ووصفه الإمام عليّعليه‌السلام بذلك إذ قال: « طبيب دوّار بطبّه، قد أحكم مراهمه، وأحمى مواسمه يضع من ذلك حيث الحاجة إليه من قلوب عمي، وآذان صمّ وألسنة بكم متّبع بدوائه مواضع الغفلة ومواطن الحيرة »(٢) .

وهذا يفيد أنّ للإسلام برنامجاً كاملاً لتحقيق هذا المقصد الأعلى والمطلب الأسمى.

الإسلام ومسألة التزكية

يعتقد النظام الإسلاميّ بأنّ الإنسان مفطور على السجايا الأخلاقيّة النبيلة، وأنّ اُصول التربية موجودة في فطرته بخلق الله سبحانه، وإنّما يكون دور المربّين والاُساتذة هو استخراج هذه السجايا المكنونة في النفس الإنسانيّة وإثارتها وتنميتها، وهذا أمر أكّدته آيات كثيرة في الكتاب العزيز، وإليك ـ فيما يأتي ـ نماذج من هذه الآيات يقول الله سبحانه:( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا *فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) ( الشمس: ٧ ـ ٨ ).

( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) ( البلد: ١٠ ).

إلى غير ذلك من الآيات التي تشير ـ بوضوح ـ إلى هذه الحقيقة، وتؤكّد بأنّ أصول التربية مزروعة في داخل النفس البشريّة زرعاً ومغروسة غرساً.

وعلى ذلك، فإنّ دور المربّي، والمعلّم الأخلاقيّ ـ في هذا المجال ـ لا يتعدّى دور الاكتشاف والإنماء والرعاية، فمثله مثل البستانيّ الذي لا يقوم إلّا بتهيئة الظروف المساعدة للنبات والزرع من الرعاية والسقي والعناية بالبذرة لتنبت وتكبر وتنمو، فإنّ المربّي والمعلّم يهيّء الأجواء المساعدة لنمو تلك السجايا والبذور الأخلاقيّة الموجودة في

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه: ٤٥٨، ومعاني الأخبار: ١٩١.

(٢) نهج البلاغة: الخطبة ١٠٤.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627