مفاهيم القرآن الجزء ٢

مفاهيم القرآن9%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 627

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 627 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 228481 / تحميل: 6449
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

[٩٢١٦] ٢ - وفي بعض نسخه: « إذا أردت الخروج إلى الحج، ودعّت أهلك وأوصيت وقضيت ما عليك من الدين، وأحسنت الوصيّة لأنّك لا تدري كيف يكون، عسى أن لا ترجع من سفرك، ثم صلّ ركعتين وتقول: اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة الحزن، اللهم احفظني في سفري، واستخلف لي في أهلي وولدي، [ وردني ](١) في عافية إلى أهلي ورهطي ».

١١ -( باب تحريم العمل بعلم النجوم وتعلّمه، إلّا ما يهتدى به في برّ أو بحر)

[٩٢١٧] ١ - أحمد بن محمد السياري في التنزيل والتحريف: عن البرقي، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبان بن تغلب، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قرأ بنا علي (صلوات الله عليه) في النحر(١) : « وتجعلون(٢) شكركم انكم إذا مطرتم تكذبون » فلما انصرف قال: « إني قد عرفت أنه سيقول قائل منكم: لم قرأ هذا(٣) ؟ قرأتها إنّي(٤) سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يقرأ كذلك، أنّهم كانوا إذا مطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا، فأنزل الله: وتجعلون شكركم إذا مطرتم أنكم تكذّبون ».

__________________

٢ - وفي بعض نسخه وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١١

١ - التنزيل والتحريف ص ٥٩.

(١) في المصدر: الفجر.

(٢) وفيه: أتجعلون.

(٣) وفيه: هكذا.

(٤) وفيه: لأني.

١٢١

[٩٢١٨] ٢ - القطب الراوندي في الخرائج: روي أن في وقعة تبوك أصاب الناس عطش، فقالوا: يا رسول الله، لو دعوت الله لسقانا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « لو دعوت الله لسقيت » قالوا: يا رسول الله ادع لنا الله ليسقينا، فدعا فسالت الأودية فإذا قوم على شفير الوادي يقولون: مطرنا بنوء(١) الذراع وبنوء كذا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « ألا ترون؟ » فقال خالد: ألا اضرب أعناقهم؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « [ لا هم ](٢) يقولون هكذا، وهم يعلمون أن الله أنزله ».

[٩٢١٩] ٣ - أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج: عن هشام بن الحكم، قال: سأل الزنديق، أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال: ما تقول فيمن زعم أن هذا التدبير الذي يظهر في هذا العالم تدبير النجوم السبعة؟ قالعليه‌السلام : « يحتاجون إلى دليل، إن هذا العالم الأكبر والعالم الأصغر، من تدبير النجوم التي تسبح في الفلك، وتدور حيث دارت متعبة لا تفتر وسائرة لا تقف، ثم قال: وأنّ كلّ(١) نجم منها موكل مدبر، فهي بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين، فلو كانت قديمة أزليّة لم تتغير من حال إلى حال » قال: فما تقول في علم النجوم؟ قال: « هو علم قلت منافعه وكثرت مضرّاته، لأنه لا يدفع

__________________

٢ - الخرائج ص ٢١.

(١) النوء: النجم إذا مال للمغيب وكانت العرب تقول: مطرنا بنوء كذا: أي مطرنا بطلوع نجم وسقوط آخر والذراع: نجم من نجوم كوكبة الجوزاء.

(لسان العرب ج ١ ص ١٧٥. مجمع البحرين ج ١ ص ٤٢٢).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - الاحتجاج ص ٣٤٧.

(١) في المصدر: لكل.

١٢٢

به المقدور، ولا يتقى به المحذور، إن أخبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء، وإن أخبر هو بخبر لم يستطع تعجيله، وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه، والمنجم يضادّ الله في علمه بزعمه أنه يردّ قضاء الله عن خلقه » الخبر.

[٩٢٢٠] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أبي بصير قال: رأيت رجلا يسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن النجوم، فلما خرج من عنده قلت له: هذا علم له أصل؟ قال: « نعم » قلت: حدثني عنه، قال: « أحدثك عنه بالسعد(١) ولا أحدّثك بالنحس، إن الله جلّ اسمه فرض صلاة الفجر لأول ساعة فهو فرض وهي سعد، وفرض(٢) الظهر لسبع ساعات وهو فرض وهي سعد، وجعل العصر لتسع ساعات وهو فرض وهي سعد، والمغرب لأوّل ساعة من الليل وهو فرض وهي سعد، والعتمة لثلاث ساعات وهو فرض وهي سعد ».

[٩٢٢١] ٥ - السيد علي بن طاووس في كتاب الاستخارة: قال: ذكر الشيخ الفاضل محمد بن علي بن محمد في كتاب له في العمل(١) ، ما هذا لفظه: دعاء الاستخارة عن الصادقعليه‌السلام ، تقوله بعد فراغك من صلاة الاستخارة تقول:

« اللهم إنك خلقت أقواما يلجؤون إلى مطالع النجوم، لأوقات حركاتهم وسكونهم وتصرفهم وعقدهم، وخلقتني أبرأ إليك من اللجأ

__________________

٤ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ٢٦٥.

(١) في المصدر: بالصعب.

(٢) وفيه: وجعل.

٥ - فتح الأبواب ص ٢٩ وعنه في البحار ج ٩١ ص ٢٧٠ ح ٢٣.

(١) كذا.

١٢٣

إليها، ومن طلب الاختيارات بها، وأتيقن أنّك لم تطلع أحدا على غيبك في مواقعها، ولم تسهل له السبيل إلى تحصيل أفاعيلها، وأنّك قادر على نقلها في مداراتها في مسيرها عن السعود العامة والخاصة إلى النحوس، ومن النحوس الشاملة والمفردة إلى السعود، لأنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب، ولأنّها خلق من خلقك وصنعة من صنيعك، وما أسعدت من اعتمد على مخلوق مثله، واستمد(٢) الاختيار لنفسه، وهم أولئك ولا أشقيت من اعتمد على الخالق الذي أنت هو »، إلى آخر الدعاء وقد مرّ(٣) في كتاب الصلاة.

١٢ -( باب استحباب افتتاح السفر بالصدقة، وجواز السفر بعدها في الأوقات المكروهة، واستحباب كونها عند وضع الرجل في الركاب)

[٩٢٢٢] ١ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « تصدّق واخرج أيّ يوم شئت ».

[٩٢٢٣] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « أتى إلى أبي رجل من أصحابه أراد سفرا ليودعه، فقال [ له: إن ](١) أبي علي بن الحسينعليهما‌السلام ، كان إذا أراد الخروج

__________________

(٢) وفي نسخة: استبد - منه قدس سره -.

(٣) تقدم برقم ٧ من الباب ١ من أبواب صلاة الاستخارة.

الباب ١٢

١ - الهداية ص ٤٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٦٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢٤

إلى بعض أمواله، اشترى سلامته من الله بما تيسّر، ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب، فإذا (سلّمه الله)(٢) وانصرف شكر الله تعالى، وتصدّق(٣) بما تيسر، فودّعه الرجل ومضى، ولم يفعل من ذلك شيئا فعطب في الطريق، فبلغ ذلك أبا جعفرعليه‌السلام فقال: كان(٤) الرجل وعظ لو اتعظ ».

[٩٢٢٤] ٣ - زيد الزراد في أصله قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « إذا خرج أحدكم من منزله فليتصدق بصدقة، وليقل: اللهم أظلّني تحت كنفك، وهب لي السلامة في وجهي هذا، ابتغاء السلامة والعافية والمغفرة، واصرف [ عنّي ](١) أنواع البلاء، اللهم فاجعله لي أمانا في وجهي هذا، وحجابا وسترا ومانعا، وحاجزا من كلّ مكروه ومحذور وجميع أنواع البلاء، إنّك وهّاب جواد ماجد كريم، فإنّك إذا فعلت ذلك وقلته، لم تزل في ظل صدقتك، ما نزل بلاء من السماء إلّا ودفعه عنك، ولا استقبلك بلاء في وجهك إلّا وصدّه عنك، ولا أرادك من هوام الأرض شئ من تحتك ولا عن يمينك ولا عن يسارك، إلّا وقمعته الصدقة ».

__________________

(٢) وفيه: سلّم.

(٣) وفيه زيادة: أيضاً.

(٤) وفيه: قد كان.

٣ - كتاب زيد الزرّاد ص ١٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢٥

١٣ -( باب استحباب حمل العصا من لوز مرّ في السفر، وما يستحب قراءته حينئذٍ)

[٩٢٢٥] ١ - السيد علي بن طاووس في كتاب أمان الأخطار: قال: روي عن الأئمةعليهم‌السلام أنهم قالوا: « إذا أراد أحدكم ان يسافر فليصحب معه في سفره عصا من شجر اللوز المرّ، وليكتب هذه الأحرف في رقّ، ويحفر العصا ويجعل الرق فيها، وهي: سلمخس وهبه لهوه(١) با. ابنه. باويه صاف(٢) . صسابه هي ».

١٤ -( باب استحباب حمل العصا في السفر والحضر، والصغر والكبر)

[٩٢٢٦] ١ - جامع الأخبار: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « من مشى مع العصا في السفر والحضر للتواضع، يكتب له بكل خطوة الف حسنة، ومحا عنه الف سيئة، ورفع له الف درجة ».

١٥ -( باب استحباب صلاة ركعتين أو أربع ركعات، عند إرادة السفر، وجمع العيال، والدعاء بالمأثور)

[٩٢٢٧] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن

__________________

الباب ١٣

١ - أمان الأخطار ص ٣٣ باختلاف يسير في رسم الحروف التي في ذيل الحديث.

(١) في نسخة: يهون (منه قدّه).

(٢) وفي نسخة: صاون (منه قدّه).

الباب ١٤

١ - جامع الأخبار ص ١٤١.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٥.

١٢٦

آبائهعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « ما استخلف رجل على أهله خليفة إذا أراد سفرا، أفضل من ركعتين يصليهما عند خروجه(١) ، ثم يقول: اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي، وديني [ ودنياي ](٢) وآخرتي، وأمانتي وخاتمة عملي، ولا يفعل ذلك مؤمن إلّا أعطاه الله ما سأل ».

[٩٢٢٨] ٢ - أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن: عن الحسن بن الحسين أو غيره، عن محمد بن سنان رفعه قال: كان أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أراد سفرا، قال: « اللهم خلّ سبيلنا، وأحسن سيرنا - أو قال مسيرنا - وأعظم عافيتنا ».

[٩٢٢٩] ٣ - الشيخ إبراهيم الكفعمي في جنّته: بعد ذكر الدعاء المروي في الكافي(١) والمحاسن(٢) ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: ثم قل مولاي(٣) انقطع الرجاء إلّا منك: وخابت الآمال إلّا فيك، أسألك إلهي بحق من حقّه واجب عليك، ممّن جعلت له الحقّ عندك، أن تصلي على محمّد وآل محمد، وأن تقضي حاجتي، ثم ادع بدعاء السفر، فتقول: محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أمامي، وعلي ورائي، وفاطمة فوق رأسي، (والحسن عن يميني، والحسين عن

__________________

(١) في نسخة: الخروج (منه قدس سره).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - المحاسن ص ٣٥٠.

٣ - الجنة الواقية ص ١٨٦.

(١) الكافي ج ٣ ص ٢٨٣ ح ٢

(٢) المحاسن ص ٣٥٠ ح ٣٠.

(٣) في المصدر: يا مولاي.

١٢٧

يساري)(٤) ، وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجّةعليهم‌السلام ، حولي، إلهي ما خلقت خلقا خيرا منهم، فاجعل صلواتي بهم مقبوله، ودعواتي بهم مستجابة، وحوائجي بهم مقضيّة، وذنوبي بهم مغفورة: وآفاتي بهم مدفوعة، وأعدائي بهم مقهورة، وأرزاقي بهم مبسوطة، اللهم صلّ على محمد وآل محمد، تقول ذلك ثلاثا ثم تدعو بكلمات الفرج ».

قال في الحاشية(٥) : هذا دعاء السفر جليل القدر عظيم الشأن، يؤمن(٦) به المسافر، ذكره الشيخ، الأجل الحسين بن محمد بن علي المكيال طاب ثراه، في كتابه عمدة(٧) في الدعوات.

[٩٢٣٠] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا أردت سفرا فاجمع أهلك، وصلّ ركعتين وقل: اللهم إني أستودعك ديني، ونفسي، وأهلي، وولدي، وعيالي ».

[٩٢٣١] ٥ - الصدوق في المقنع: فإذا أردت الخروج إلى الحج فاجمع أهلك، وصلّ ركعتين، ومجّد الله كثيرا، وصلّ على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وقل: اللهم إني أستودعك اليوم ديني، ونفسي، ومالي، وأهلي وولدي وجيراني، وأهل حزانتي(١) الشاهد منّا والغائب،

__________________

(٤) وفيه: والحسن والحسين عن يساري.

(٥) حاشية جنة الواقية ص ١٨٧.

(٦) في المصدر: يؤمن الله.

(٧) وفيه: عدّة.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦ باختلاف يسير، وعنه في البحار ج ٧٦ ص ٢٣٥ ح ١٧.

٥ - المقنع ص ٦٧.

(١) الحُزانة: بالضم والتخفيف، عيال الرجل الذي يَتَحزّن لهم (مجمع البحرين ج ٦ ص ٢٣٢).

١٢٨

وجميع ما أنعمت به عليّ، اللهم اجعلنا في كنفك ومنعك، وعزّك وعياذك، عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، وامتنع عائذك، ولا إله غيرك، توكّلت على الحيّ الذي لا يموت، والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وليّ من الذل، وكبره تكبير، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسحبان الله بكرة وأصيلا.

١٦ -( باب استحباب قيام المسافر على باب داره، وقراءة الفاتحة أمامه، وعن يمينه، وعن شماله، وآية الكرسي كذلك، والمعوذتين والاخلاص كذلك، والدعاء بالمأثور)

[٩٢٣٢] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام « وإذا أردت الخروج من منزلك فقل: بسم الله: ولا حول ولا قوّة إلّا بالله، توكلت على الله، فإنّك إذا قلت هكذا، نادى ملك في قولك بسم الله: هديت أيّها العبد، وفي قولك لا حول ولا قوة إلّا بالله: وقيت، وفي قولك توكّلت على الله: كفيت، فيقول الشيطان حينئذ: كيف لي بعبد هدي ووقي وكفي؟ واقرأ( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ) مرّة عن يمينك، ومرّة عن يسارك، ومرّة عن خلفك، ومرّة [ من ](١) بين يديك، ومرّة من فوقك، ومرّة من تحتك، فإنّك تكون في يومك كلّه في أمان الله ».

[٩٢٣٣] ٢ - السيد علي بن طاووس في كتاب أمان الأخطار: قال: وروي أنه إذا وقف على باب داره، سبح تسبيح الزهراءعليها‌السلام وقرأ

__________________

الباب ١٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - أمان من الأخطار ص ٩٤.

١٢٩

الحمد وآية الكرسي كما قدمناه(١) ، وقال: اللهم إليك وجهت وجهي، وعليك خلفت أهلي ومالي(٢) وما خوّلتني، [ و ](٣) قد وثقت بك فلا تخيبني، يا من لا يخيّب من أراده، ولا يضيع من حفظه، اللهم صلّ على محمد وآل محمد(٤) ، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي يا أرحم الراحمين، اللهم بلغني ما توجّهت له، وسبّب لي المراد، وسخّر لي عبادك وبلادك، وارزقني زيارة نبيّك، ووليك أميرالمؤمنين، والأئمة من ولده، وجميع أهل بيته عليه وعليهم السلام، ومدّني بالمعونة في جميع أحوالي، ولا تكلني إلى نفسي ولا إلى غيري، فأكلّ واعطب، وزوّدني التقوى، واغفر لي في الآخرة والأولى، اللهم اجعلني أوجه من توجّه إليك.

وتقول أيضا: بسم الله وبالله، وتوكّلت على الله، واستغثت بالله، والجأت ظهري إلى الله، وفوّضت أمري إلى الله، ربّ آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيّك الذي أرسلت، لأنه لا يأتي بالخير إلهي إلّا أنت، [ ولا يصرف السوء إلّا أنت ](٥) عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، وتقدّست أسماؤك، وعظمت آلاؤك، ولا إله غيرك.

فقد روي أن من خرج من منزله مصبحا، ودعا بهذا الدعاء، لم يطرقه بلاء حتى يمسي ويؤوب إلى منزله، وكذلك من خرج في السماء ودعا به، لم يطرقه بلاء حتى يصبح ويؤوب إلى منزله.

__________________

(١) في هامش المخطوط: « أي كلّ واحد منهما أمامه وعن يمينه وعن شماله » منه قدّه.

(٢) في نسخة: ومالي وولدي، منه قدّه.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في نسخة: وآله، منه قدّه.

(٥) أثبتناه من المصدر.

١٣٠

[٩٢٣٤] ٣ - الشيخ الطبرسي في كتاب كنوز النجاح: بالسند المتقدم في آخر أبواب وجوب الحج وشرائطه، عن الجواد، عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليهم أجمعين)، ممّا علمه من أدعية الوسائل إلى المسائل، المناجاة بالسفر:

« اللهم إني أريد سفرا فخر لي فيه، وأوضح لي سبيل الرأي وفهمنيه، وافتح عزمي بالاستقامة، واشملني في سفري بالسلامة، وافدني به جزيل الحظّ والكرامة، واكلأني فيه بحرز الحفظ والحراسة، وجنبني اللهم وعثاء الأسفار، وسهل لي حزونة الأوعار، واطولي طول انبساط المراحل، وقرّب منّي بُعْدَ نأي المناهل، وباعد في المسير بين خطى الرواحل، حتى تقرب نياط البعيد، وتسهل وعور الشديد، ولقنّي في سفري اللهم نجح طائر الواقية، وهنّئني غنم العافية، وخفير الاستقلال، ودليل مجاوزة الأهوال، وباعث وفور الكفاية، وسانح خفير الولاية واجعله اللهم ربّ سببا عظيم السلم، حاصل الغنم، واجعل اللهم ربّ الليل سترا لي من الآفات، والنهار مانعا من الهلكات، واقطع عني قطع لصوصه بقدرتك، واحرسني من وحوشه بقوتك، حتى تكون السلامة فيه مصاحبتي، والعافية مقارنتي، واليمن سائقي، واليسر معانقي، والعسر مفارقي، والنجح بين مفارقي، والقدر موافقي، والأمن مرافقي، إنّك ذو المن والطول، والقوّة والحول، وأنت على كلّ شئ قدير ».

[٩٢٣٥] ٤ - البحار: عن خط السيد نظام الدين احمد الشيرازي، بأسانيده إلى أبي علي بن الشيخ الطوسي، عن أبيه، عن أبي عبد الله

__________________

٣ - كنوز النجاح ورواه الكفعمي في البلد الأمين ص ٥١٧.

٤ - البحار ٩٥ ص ٣١٥، وسنده في ٣٢٥.

١٣١

الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي محمد بن همام، عن الحسين بن زكريا، عن صهيب بن عباد بن صهيب، عن أبيه عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ - في حديث طويل - أنه قال: « قال الله تعالى في ليلة أسري بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : يا محمد، ومن أراد الخروج من أهله لحاجة في سفر، فأحبّ أن اؤديه سالما مع قضائي له الحاجة، فليقل حين يخرج [ من بيته ](١) بسم الله مخرجي، وبإذنه خرجت، وقد علم قبل أن أخرج خروجي، وقد أحصى علمه ما في مخرجي ومرجعي، توكلت على الإله(٢) الأكبر توكل مفوض إليه امره، مستعين به على شؤونه، مستزيد من فضله، مبرئ نفسه من كلّ حول ومن كلّ قوّة إلّا به، خروج ضرير خرج بضرّه إلى من يكشفه عنه، وخروج فقير خرج بفقره إلى من يسده، وخروج عائل خرج بعيلته إلى من يغنيها، وخروج من ربّه أكبر ثقته، وأعظم رجائه، وأفضل أمنيته، الله ثقتي في جميع أموري كلّها، به فيها جميعا استعين، ولا شئ إلّا ما شاء الله في علمه، اسأل الله خير المخرج والمدخل، لا إله إلّا هو إليه المصير.

فإنه إذا قال ذلك، وجهت له في مدخله ومخرجه السرور، وأديته سالما » الخبر.

وهذا من جملة أدعية السرّ، ولها أسانيد متعددة في كتب الأصحاب.

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في نسخة: الله (منه قدّه).

١٣٢

[٩٢٣٦] ٥ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « وإذا خرج أحدكم في سفر، فليقل: اللهم أنت الصاحب في السفر، والحامل على الظهر، والخليفة في الأهل والمال والولد ».

[٩٢٣٧] ٦ - السيد هبة الله الراوندي في مجموع الرائق: دعاء السفر:

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إني أسألك بحق وليك علي بن الحسين، إلّا كفيتني مؤونة كلّ شيطان مريد، وسلطان عنيد، يتقوى عليّ ببطشه، وينتصر عليّ بجنده، إنّك جواد كريم.

اللهم إني أسئلك بحق وليك علي بن موسى الرضا، إلّا ما سلّمتني به في جميع أسفاري، في البراري، والبحار، والجبال، والقفار، والأودية، والغياض(١) ، من جميع ما أخافه وأحذره، إنّك رؤوف رحيم.

اللهم إني أسألك بحق وليك محمد بن علي الجواد، إلّا جدت علي من فضلك، وتفضلت عليّ من وسعك، ووسعت عليّ من رزقك، وأغنيتني عمّن سواك، وجعلت حاجتي إليك، وقضاءها عليك، فإنك لما تشاء قدير.

اللهم إني أسألك بحق وليّك وحجتك صاحب الزمان، إلّا أعنتني به على جميع أموري، وكفيتني به كلّ عدوّ، وهمّ، وغمّ، ودين،

__________________

٥ - تحف العقول ص ٨١.

٦ - مجموع الرائق ص ٥.

(١) الغياض: جمع غيضة، وهو ماء يجتمع فينبت فيه الشجر (لسان العرب ج ٧ ص ٢٠٢).

١٣٣

وضيق، ومخوف، ومحذور، ولولدي، ولجميع أهلي، وإخواني، ومن يعنيني امره، وخاصّتي، آمين ربّ العالمين.

ثم يقف على عتبة منزله ويدعو بهذا الدعاء، ويتوجّه من فوره: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله مخرجي ؤ، وبإذنه خرجت، وقد علم قبل أن اخرج خروجي، وأحصى بعلمه ما في مخرجي ورجعتي من عملي، وتوكّلت على الإله الأكبر عليه توكّلي، مفوّضا إليه أموري وشؤوني، مستزيدا من فضله، مبرئا نفسي من كلّ حول وقوة إلّا به، خرجت خروج ضرير خرج بضره إلى من يكشفه، خروج فقير خرج بفقره إلى من يسده، خروج عائل خرج بعيلته إلى من يغنيها، خروج من ربّه أكبر ثقته في جميع أُموره كلّها، وأعظم رجائه وأفضل أمنيته، في جميع ذلك استعين، لا شئ إلّا ما شاء الله في علمه، أسأل الله خير المدخل والمخرج، لا إله إلّا هو.

١٧ -( باب استحباب التسمية عند الركوب، والدعاء بالمأثور، وتذكر نعمة الله بالدواب، والامساك بالركاب)

[٩٢٣٨] ١ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمرو بن شمر، وعمر بن سعد، ومحمد بن عبيد(١) الله، قال عمر: حدثني رجل من الأنصار، عن الحارث به كعب الوالبي، عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود(٢) قال: لما أراد عليعليه‌السلام الشخوص عن النخيلة،

__________________

الباب ١٧

١ - وقعة صفين ص ١٣١.

(١) في المصدر: عبد.

(٢) وفيه: عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود. والظاهر أنّ الصواب هو: عبد الرحمن بن عبيد بن الكنود « راجع معجم رجال الحديث ج ٩ ص ٣٣٥ ح٦٣٩٢).

١٣٤

قام في الناس - إلى أن قال - فلما أراد أن يركب وضع رجله في الركاب وقال: « بسم الله » فلما جلس على ظهرها قال:( سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ) (٣) .

ثم قال: « اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، والحيرة بعد اليقين، وسوء المنظر في الأهل، والمال(٤) اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل » الخبر.

[٩٢٣٩] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا وضعت رجلك في الركاب فقل: بسم الله وبالله وفي سبيل الله، وعلى ملّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فإذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك(١) ، فقل: الحمد لله (الذي هدانا إلى الاسلام، ومنّ علينا بالايمان، وعلمنا القرآن، ومنّ علينا بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، سبحان)(٢) الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين(٣) والحمد لله ربّ العالمين ».

وفي بعض نسخه في موضع آخر(٤) : « ثم اركب راحلتك وقل: بسم الله وبالله سبحان من سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين الحمد لله الذي سخر لنا هذا، وذلّل لنا، وصلى الله على محمد وعلى آله وسلّم ».

__________________

(٣) الزخرف ٤٣: ١٣ و ١٤.

(٤) في المصدر زيادة: الولد.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: عملك.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) وفيه زيادة: وانا إلى ربّنا لمنقلبون.

(٤) عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤.

١٣٥

[٩٢٤٠] ٣ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه أراد سفرا فلما استوى على دابته قال: « الحمد لله الذي(١) سخر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وأنّا إلى ربّنا لمنقلبون، ثم قرأ فاتحة الكتاب ثلاث مرات، ثم قال: الله أكبر، ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك(٢) إني ظلمت نفسي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت » ثم ضحك، فقيل له: يا أميرالمؤمنين من أيّ شئ ضحكت؟ قل: « رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال مثل ما قلت، ثم ضحك، فقلت: يا رسول الله من أي شئ تضحك؟ قال: أن الله عزّوجلّ يعجب بعبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيره ».

[٩٢٤١] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه كان إذا استوى على راحلته خارجا إلى سفر، كبّر ثلاثا، ثم قال: « سبحان الذي سخر لنا هذا وكنا له مقرنين، وأنّا إلى ربّنا لمنقلبون، اللهم إنّا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطوعنّا بعده، اللهم أنت الصحاب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال » فإذا رجع قال: « آئبون تائبون عابدون، لربنا حامدون ».

[٩٢٤٢] ٥ - مجموعة الشهيد الأول: أخبرنا جماعة من أشياخنا، عن الشيخ

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٦.

(١) في المصدر: سبحان الذي.

(٢) في المصدر زيادة: اللهم.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٥.

٥ - مجموعة الشهيد ص ١٤٦.

١٣٦

الامام صفي الدين أبي الفضائل عبد المؤمن بن عبد الحقّ الخطيب البغدادي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن عبد الله المعروف بابن قاضي اليمن، إجازة عن عتيق بن سلامة السلماني عن، الحافظ محمد بن أبي القاسم (بن)(١) علي بن هبة الله بن عساكر.

وحدثني السيد النسّابة العلامة الفقيه المؤرّخ تاج الدين أبو عبد الله محمد بن معيّة الحسيني، من لفظه قال: أخبرني جلال الدين محمد بن محمد الكوفي الواعظ، إجازةً: قال أخبرنا تاج الدين علي بن النجيب المعروف بابن الساعي المؤرخ، أنبأنا الحافظ ابن عساكر، أنبأنا الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قراءةً عليه بالكوفة بمسجد أبي إسحاق السبيعي، في ذي القعدة سنة احدى وخمسمائة، أنبأنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن محمد بن علان المعروف بابن الخازن المعدل، أنبأنا القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي، أنبأنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن محمد بن رباح الأشجعي أنبأنا علي بن المنذر يعني الطريقي، أنبأنا محمد بن فضل عن يحيى بن عبد الله الأجلح الكندي الكوفي، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي، عن أبي زهير الحارث بن عبد الله، الأعور الهمداني الكوفي، عن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه)، أنه خرج من باب القصر فوضع رجله في الغرز(٢) ، فقال:

__________________

(١) الظاهر أن « ابن » زائدة، حيث أن بن عساكر: هو أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله « الكنى والألقاب ج ١ ص ٣٤٤ ».

(٢) الغرز: ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب (مجمع البحرين ج ٤ ص ٢٨).

١٣٧

« بسم الله » فلما استوى على الدابة قال: « الحمد لله الذي أكرمنا، وحملنا في البر والبحر، ورزقنا من الطيبات، وفضّلنا على كثير ممّن خلق، تفضيلا، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون، ربّ اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت » ثم قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: إن الله ليعجب بعبده إذا قال: ربّ اغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت ».

١٨ -( باب استحباب ذكر الله وتسبيحه وتهليله في المسير، والتسبيح عند الهبوط، والتكبير عند الصعود، والتهليل والتكبير عند كلّ شرف)

[٩٢٤٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وعليك بكثرة الاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير، والصلاة على محمد وآله ».

[٩٢٤٤] ٢ - علي بن طاووس في أمان الأخطار: وروي في لفظ التكبير، إذا علوت تلعة أو أكمة أو قنطرة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلّا الله والله أكبر، والحمد لله ربّ العالمين، اللهم لك الشرف على كلّ شرف.

ثم تقول: خرجت بحول الله وقوّته، بغير حول مني ولا قوّة، لكن بحول الله وقوّته، برأت إليك يا ربّ من الحول والقوّة، اللهم إني أسألك بركة سفري هذا وبركة أهله، اللهم إني أسألك من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا، تسوقه إليّ وأنا خافض في عافية بقدرتك

__________________

الباب ١٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٢ - أمان الأخطار ص ١٠١.

١٣٨

وقوّتك، اللهم سرت في سفري هذا، بلا ثقة منّي لغيرك ولا رجاء لسواك، فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك، ووفقني لطاعتك وعبادتك، حتى ترضى وبعد الرضى.

[٩٢٤٥] ٣ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، إذا هبط سبّح، وإذا صعد كبّر ».

١٩ -( باب استحباب الدعاء بالمأثور في المسير)

[٩٢٤٦] ١ - دعائم الاسلام: عن علي (صلوات الله عليه): أنه كان إذا برز للسفر فقال: « اشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمد (رسول الله)(١) عبده ورسوله، الحمد لله الذي هدانا للاسلام، وجعلنا من خير أمّة أخرجت للناس، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل [ والمال والولد، الهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ](٢) والمستعان في الأمر، اطوِ لنا البعد(٣) ، وسهّل لنا الحزونة، واكفنا المهم إنّك على كلّ شئ قدير ».

__________________

٣ - بعض نسخ الفقه الرضوي « ضمن نوادر أحمد بن محمد بن عيسى » ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٨ ح ٢٤.

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٧.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: البعيد.

١٣٩

٢٠ -( باب استحباب الاستعاذة والاحتجاب، بالذكر والدعاء وتلاوة آية الكرسي، في المخاوف)

[٩٢٤٧] ١ - السيد فضل الله الراوندي في أدعية السر: بسنده المتقدم في أبواب الأذان وغيرها، والشيخ إبراهيم الكفعمي في البلد الأمين وغيره، بأسانيدهم عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أن الله تبارك وتعالى قال له في ليلة المعراج: يا محمد ومن خاف شيئا ممّا في الأرض من سبع أو هامّة، فليقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه: يا ذارئ ما في الأرض كلّها بعلمه، بعلمك يكون ما يكون ممّا ذرأت، لك السلطان على ما ذرأت، ولك السلطان القاهر على كلّ شئ دونك، يا عزيز يا منيع، إنّي أعوذ بك بقدرتك على كلّ شئ، من كلّ شئ يضرّ، من سبع أو هامّة أو عارض من سائر الدواب، يا خالقها بفطرته، صلّ على محمد وآل محمد، وادرأها عنّي، واحجزها ولا تسلّطها عليّ، وعافني من شرّها وبأسها، يا الله ذا العلم العظيم، حطني واحفظني بحفظك، واجنبني بسترك الوافي من مخاوفي، يا كريم وأجرني يا رحيم، فإنّه إذا قال ذلك، لم تضرّه دوابّ الأرض، التي ترى، والتي لا ترى.

يا محمد ومن خاف شيئا دوني من كيد الأعداء واللصوص، فليقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه: يا آخذا بنواصي خلقه والسافع(١) بها إلى قدره، والمنفذ فيها حكمه، وخالقها وجاعل قضائه

__________________

الباب ٢٠

١ - عنه في البحار ج ٩٥ ص ٣١١ باختلاف يسير « نقله عن البلد الأمين وفي ذيله ذكر عدة أسانيد منها السند المذكور أعلاه »، والبلد الأمين ص ٥٠٧، والمصباح ص ١٩١.

(١) في نسخة: السائق (منه قدّه).

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

الحريّة ( وسلبها ) وذلك لإمكان قيام الآخرين بمثل ما صنع )(١) .

وعرّفها آخرون بأنّ الحريّة تعني أن لا يكون أمام الإنسان أي مانع من التفكّر والعمل الحسن، وعرّفها آخرون باُمور وتعاريف اُخرى، ولكنّنا نرى أنّ التعريف الجامع هو: أنّ الحريّة تعني أن يكون الجو الاجتماعيّ بنحو يستطيع فيه كلّ فرد من أفراد المجتمع من إخراج مواهبه وقابليّاته إلى منصّة الظهور دون أن يمنعه مانع، أو يحجزه حاجز يقف دون ظهور المواهب، ويمنع من نمو الاستعدادات.

وقد جاء الأنبياء والمرسلون لمثل هذه المهمة الكبرى، فهم جاؤوا ليرفعوا جميع الموانع والحواجز من بين أيدي البشريّة، ويخلقوا بيئة حرّة لا مكان فيها للسدود والقيود حتّى يستطيع كلّ فرد أن يصل إلى كماله المنشود، وينمّي مواهبه وقابليّاته دون مانع.

أقسام الحريّات ومجالاتها

تنقسم الحريّة إلى أقسام كثيرة نشير إلى أهمّها وهي :

١. الحريّة الشخصيّة.

٢. الحريّة الفكريّة والعقيديّة.

٣. الحريّة السياسيّة.

٤. الحريّة المدنيّة.

وإليك تفصيل الكلام في هذه الحريّات.

* * *

١. الحريّة الشخصيّة

وتعني أنّه لا سيادة لأحد على أحد بالأصل والفطرة، فكلّ إنسان حرّ بالذات

__________________

(١) روح الشرائع ١: ٢٢٦، طبعة دار المعارف بمصر ترجمة عادل زعيتر ( عام ١٩٥٣ م ).

٤٠١

وليس بمملوك لأحد أو مستعبد لآخر.

والحريّة بهذا المعنى حقّ طبيعيّ لكلّ إنسان، لا أنّه أمر خاضع للوضع والجعل ليمكن إعطاؤه أو منعه، خلاف ما اعتقده بعض الفلاسفة الذين مضوا حيث كانوا يعتقدون بأنّ الله خلق الناس صنفين عبيداً وأحراراً. وأنّ السود هُم العبيد الذين زودهُم الله بقوة أكبر لخدمة الأحرار وأنّهم محرومون من كلّ ما يتمتّع به الأحرار من امتيازات وحقوق.

وقد اعترف الإسلام بهذه الحريّة لكلّ إنسان ونادى بها، ودعا إلى احترامها وحمايتها قال الإمام عليّعليه‌السلام : « لا تكُن عبد غيرك وقد جعلك الله حُرّاً »(١) .

وألغى كلّ الفوارق المزعومة بين الناس وردّ الجميع إلى أصل واحد حيث قال الإمام عليّعليه‌السلام : « أيُّها النّاسُ أنّ آدم لم يلد سيّداً ولا أمةً وإنّ النّاس كُلُّهُم أحرار »(٢) .

وهذا هو أصل نادت به جميع الرسالات الإلهيّة من قبل، فها هو القرآن الكريم يحدّثنا كيف اعترض موسىعليه‌السلام على فرعون استعباده لبني إسرائيل لـمّا منّ فرعون على موسى بتربيته له، وعنايته به مذ كان صغيراً وقال:( أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا ) ( الشعراء: ١٨ ) فقال موسى:( وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) ( الشعراء: ٢٢ ).

وهذا يعني أنّ النعم مهما كانت كبيرة وعظيمة لا تساوي شيئا إذا سلب الإنسان حريّته.

ولأجل ذلك يوبّخ الله سبحانه أهل الكتاب على خضوعهم لأحبارهم ورهبانهم واتّخاذهم أربابا وأسياداً من دون الله إذ يقول:( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَٰهَ إلّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ( التوبة: ٣١ ).

__________________

(١) روضة الكافي: ٩.

(٢) مرّ مصدر هذا الحديث.

٤٠٢

لأنّ ذلك يعني تخلّي أهل الكتاب عن حرّيتهم الطبيعيّة، وإعطاء مصيرهم في التحليل والتحريم والتشريع والتقنين إلى بشر أمثالهم وهو أمر مرفوض في منطق الدين، الذي يرى بأنّ الله خلق الناس أحراراً، وأراد لهم أن يعيشوا كذلك ولا تكون لأحد على أحد سلطة التشريع إلّا لله سبحانه.

وقد دعا الإسلام أهل الكتاب إلى نبذ هذه الأرباب والأسياد البشريّة وتحرير الإنسان من كلّ قيد ظالم فقال:( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إلّا نَعْبُدَ إلّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ ) ( العمران: ٦٤ ).

ولقد دفع الإسلام اتباعه إلى الدفاع عن حريّتهم، وزرع فيهم روح العزّة والإباء والاعتلاء إذ قال:( وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ المُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ) ( المنافقون: ٨ ).

وقال سبحانه:( وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ( العمران: ١٣٩ ).

ورفض أن يذلّ المؤمنون أنفسهم ويتخلّوا عن حريّتهم وعزّتهم فقال عليّعليه‌السلام : « إنّ الله تبارك وتعالى فوّض إلى المُؤمن كُلّ شيء إلّا إذلال نفسه »(١) .

وقال الإمام الحسين بن عليّعليه‌السلام في الرد على من أرادوا له الخضوع ليزيد: « لا اعطينّكُم بيدي إعطاء الذّليل ولا اقرُّ لكُم إقرار العبيد »(٢) .

بل وليس الإيمان بالله ورفض الشركاء والأنداد الذي دعا إليه الدين إلّا الخروج من عبوديّة العباد إلى جوّ الحريّة الكريمة اللائقة بالإنسان المتوفّرة في العبوديّة لله وحده.

فجملة لا إله إلّا الله من أعظم الشعارات التي نادى بها الإسلام لتحرير الإنسان وإخراجه من أيّة عبوديّة وخضوع لأحد إلّا لله سبحانه.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦: ٤٢٤.

(٢) بلاغة الحسين: ٤٣.

٤٠٣

نعم ربّما يتسبّب الإنسان نفسه في عبوديّته إذا تخاذل وخنع، وتهاون في حفظ شخصيّته، وترك الآخرين يستعبدونه ويسلبون حريّته، ويستعلون عليه ويسترقّونه ولم يدافع حقّ الدفاع عن حريّته وكرامته، قال الإمام عليّعليه‌السلام : « الناسُ كُلُّهم أحرار إلّا من أقرّ على نفسه بالعُبُوديّة »(١) .

ولكنّ الإسلام حارب كلّ ألوان الخضوع والتبعيّة لغير الله ووصف هدفه بأنّه جاء ليضع عن الناس كلّ الأغلال قال سبحانه:( وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ) ( الأعراف: ١٥٧ ).

كما حارب الإسلام بشدّة كلّ ألوان الرقّ الذي كان متعارفاً زمن الجاهليّة ولا زال العالم الحديث يعاني منه قليلاً(٢) .

ومن حقّ الحريّة الشخصيّة هذه أن يصبح كلّ إنسان آمناً على حريّته فلا يحبس ولا يعتقل إلّا بقانون صحيح(٣) .

٢. الحريّة الفكريّة والعقيديّة :

وهي من أهمّ أقسام الحريّة ( بعد الحريّة الشخصيّة ) وتعني: بأن يكون لكلّ إنسان الحقّ في اختيار ما يراه من عقيدة، واعتناق ما يريده من فكرة دون أن يجوز لأحد إجباره على غيره، وإلى هذا أشار القرآن الكريم إذ قال:( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) ( البقرة: ٢٥٦ ).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣: ٢٤٣.

(٢) لقد ذكرنا لك فلسفة الرقّ الذي يعترف به الإسلام أثناء الحرب في الفصل الرابع الصفحة: ٢٥٧ من هذا الكتاب.

(٣) ليس للسجون في النظام الإسلاميّ مجال واسع كما هو الحال في الأنظمة الوضعية، نعم هناك بعض الموارد يضطرّ فيها الحاكم إلى حبس الأفراد وهي نادرة مذكورة في الفقه، وسنذكر إجمال القول فيها في آخر هذا الفصل.

٤٠٤

وقد وصف الله سبحانه مهمّة نبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّها مهمّة التذكير والإرشاد لا القهر والإجبار فقال:( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ *لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ) ( الغاشية: ٢١ ـ ٢٢ ).

وستعرف ـ في الفصول القادمة ـ مدى تسامح الإسلام مع أصحاب الشرائع الاُخرى وما قرّره للأقلّيات الدينيّة من حريّات وحقوق.

فلأجل هذه الحريّة لا يجوز أن يجبر كافر ( كتابيّ أو غير كتابيّ ) على إعتناق الإسلام، أو يمنع الوثني إذا أراد أن يعتنق إحدى الشرائع الكتابيّة الاُخرى أو أراد أن ينتقل من وثنيّة إلى وثنيّة اُخرى، أو يتحوّل يهوديّ إلى النصرانيّة أو نصرانيّ إلى اليهوديّة.

نعم لا يحقّ للمسلم أن يبدّل دينه إلى غير الإسلام لأنّ في ذلك إهانة للدين وجرحاً للعقيدة الإسلاميّة وإضعافاً لموقع المسلمين ولذلك يقتل المرتدّ إذا كان معانداً، إلّا إذا كان شاكّاً إشتبه عليه الأمر فوجب رفع شبهته وتبديد شكّه، فإن عاند ـ بعد ذلك ـ قتل، وتقبل توبة المرتدّ الفطريّ إذا كان إرتداده عن شبهة حصلت له، واعترضت سبيل اعتقاده.

بيد أنّ الارتداد الجماهيريّ لا يكون سبباً لتطبيق حكم الارتداد، وهو لا يكون غالباً عن تغيير طبيعيّ وجذريّ في الاعتقاد، إذ يكون عادة بسبب الجوّ الفكريّ أو الدعاية الكبرى التي ينحرف بسببها الكثيرون ولا يؤمن معها على انحراف عقيدة وتبديل دين.

على أنّ الإسلام لا يترك الناس دون توجيه وارشاد وتبيين الرشد من الغيّ، ومن هذا الباب، نفيه لكلّ العوامل والأمور التي تمنع من التفكّر الصحيح.

فقد عمل الإسلام على إزالة كلّ الموانع أمام الرشد الفكريّ السليم التي توجب انحراف العقيدة وتقييد الفكر البشريّ عن النمو والانطلاق وهذه الموانع هي :

١. الإبقاء في الجهل والعمى.

٢. التفتيش عن العقائد.

٤٠٥

٣. نشر الخرافات وتعميمها.

٤. إلهاب الغرائز الجنسية والأهواء الفاسدة.

أمّا ابقاء الناس في الجهل والعمى ( وهو الذي يسعى إليه المستعمرون فيمنعون من بثّ الثقافة والعلم بين الشعوب المغلوبة حتّى يبقى النّاس في تأخّر وانحطاط. فها هي الجزائر أيام الاحتلال الفرنسيّ لم يتجاوز المتعلّمون فيها ( ١٠٠٠ شخص )، فقد قابله الإسلام باشاعة الثقافة وتعميم العلم ودعوة الناس إلى اكتساب المعرفة، كما سنعرف ذلك مفصّلاً في الفصول القادمة.

وأمّا التفتيش عن العقائد وملاحقة كلّ من يخالف اعتقاده عقيدة الجماعة فهو أمر طالما عانت منه البشريّة في ظل بعض الشرائع المحرّفة، فقد مارست الكنيسة هذا الأمر اتّجاه كلّ المتدينين بغير دينها، وأقامت محاكم التفتيش هنا وهناك وأحرقت وقتلت جماعات كبيرة من الناس لهذا السبب حتّى أنّ ويل دورانت ذكر في تاريخه: أنّ عدد من قتل حرقاً بين عام ١٤٨٠ و ١٤٨٨ بلغ ٨٨٠٠ شخصاً ومن حكم عليه بالأحكام الشاقّة بلغ ٩٦٤٩٤(١) .

وقدرفض الإسلام هذه الرقابة وهذا التفتيش حيث دعا إلى التفكّر الصحيح للوصول إلى الحقيقة ولهذا عدّه من أفضل العبادات.

قال سبحانه:( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) ( الزمر: ٩ ).

وقال سبحانه:( فَبَشِّرْ عِبَادِ *الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) ( الزمر: ١٧ ـ ١٨ ).

وقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث مشهور: « تفكُّرُ ساعة أفضلُ من عبادة سنة ».

كما وأكّد على دور العقل والتعقّل ومن ذلك ما قاله عليّعليه‌السلام : « أفضل العبادة إدمانُ التفكُّر » وقال: « ونبّه بالتّفكُّر قلبك »(٢) .

__________________

(١) قصة الحضارة: ويل دورانت الجزء ١٨.

(٢) راجع الكافي ١ كتاب العقل والجهل: ٥٤ ـ ٥٥ و ٢٢٤، وسفينة البحار ٢: ٣٨٢.

٤٠٦

وكمثل بسيط نذكر لك قصّة صفوان بن اُميّة الذي كان يعادي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فخرج هارباً، فأمّنه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأعطاه عمامته التي دخل فيها مكّة كوثيقة للأمان فلمّا اطمأن ورجع حتّى وقف على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ هذا يقول: إنّك قد أمنّتني، قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « صدق » قال: فاجعلني فيه بالخيار شهرين.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنت بالخيار فيه أربعة أشهُر »(١) .

وهكذا نجد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يخيّر هذا المشرك ويمهله أربعة أشهر ليفكّر ويختار الإسلام عن قناعة وقبول.

ولعلّ أوضح دليل في هذا المجال هو قوله سبحانه:( وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ ) ( التوبة: ٦ ).

وهنا لا بدّ أن نسجّل أنّ هذه الآيات والمواقف الصريحة في حريّة الاعتقاد تكذّب الاتّهام القائل بأنّ الإسلام انتشر بالسيف، فالإسلام انتشر بالتبليغ الحسن، والدعوة الخالصة ورغبة الشعوب فيه.

وهذه هي حقيقة يعترف بها الأجانب قبل الأصدقاء، فهذا هو غوستاف لوبون في كتاب حضارة العرب يقول :

( انّ القوّة لم تكن عاملاً في انتشار القرآن فقد ترك العرب المغلوبين على أمرهم أحراراً في أديانهم ولم ينشر الإسلام بالسيف بل انتشر بالدعوة وحدها، وبالدعوة وحدها اعتنقت الشعوب التي قهرت العرب مؤخّراً كالترك والمغول، وأدرك الخلفاء السابقون أنّ النظم والأديان ليست ممّا يفرض قسراً فعاملوا أهل كلّ قطر استولوا عليه بلطف عظيم، فالحقّ أنّ الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب ( المسلمين ) ولا ديناً سمحاً مثل دينهم )(٢) .

__________________

(١) سيرة ابن هشام ٢: ٤١٧ ـ ٤١٨.

(٢) روح الشرائع ٢: ١٧٨ ـ ١٧٩ نقله عادل زعيتر في هامشه عليه.

٤٠٧

ولتوفّر مثل هذه الحريّة الفكريّة والعقيديّة في ظلّ الإسلام، نرى أنّ الملاحدة والزنادقة الذين كانوا يحملون عقائد مضادة للإسلام كانوا يعيشون في الأوساط الإسلاميّة في القرون الاُولى أحراراً ودون أن يمسّهم أحد بسوء بل وطالما كانوا يناقشون أئمة المسلمين كما نلاحظ ذلك من مناظراتهم واحتجاجاتهم مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام عليعليه‌السلام والباقر والصادقعليهما‌السلام (١) .

أمّا منع كتب الضلال وتحريم اقتنائها وتداولها الذي نجده في الفقه الإسلامي ؛ فهو خاصّ بمن يتضرّر فكريّاً بهذه الكتب، فإنّ كتب الضلال بمنزلة الدواء الضارّ فكما لا يصحّ السماح لكلّ أحد حتّى الأطفال باقتناء الدواء الضارّ ؛ كذلك لا يجوز لغير العالم الراسخ في عقيدته تناول هذه الكتب تجنيباً للمجتمع من أخطارها وأضرارها.

وأمّا الخرافات المانعة من التفكّر الصحيح ؛ فقد حاربها الإسلام محاربة لا هوادة فيها، فمن جانب دعا إلى التأمّل والتدبّر والتفكّر الصحيح ومنع من التقليد الأعمى، ومن جانب آخر منع بشدّة من الاعتقاد بالخرافات واعتناقها وكافحها مكافحة قويّة، فهو ينكر على الوثنيّين عبادتهم للأصنام التي لا تضرّ ولا تنفع فيقول سبحانه:( أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ ) ( الصافات: ٩٥ ).

كما نرى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يوصي معاذاً حينما يبعثه إلى اليمن قائلاً: « وأمت أمر الجاهليّة »(٢) .

ويقولصلى‌الله‌عليه‌وآله في صراحة كاملة: « كُلّ مأثرة في الجاهليّة تحت قدميّ »(٣) .

ولما قبض ابراهيم ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جرت في موته ثلاث سنن، أمّا واحدة فإنّه لـمّا قبض انكسفت الشمس فقال الناس: إنّما انكسفت الشمس لموت ابن رسول الله، فصعد رسول الله المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: « أيُّها الناسُ إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مُطيعان لهُ لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا

__________________

(١) راجع لمعرفة هذه الاحتجاجات والمناظرات كتاب الاحتجاج وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام .

(٢ و ٣) تحف العقول: ٢٩، وسيرة ابن هشام ٣: ٤١٢.

٤٠٨

انكسفا أو أحدُهُما صلُّوا ».

ثمّ نزل من المنبر فصلّى بالناس الكسوف فلما سلّم قال: « قُم يا عليّ جهّز ابني »(١) .

وأمّا مسألة الغرائز الجنسيّة ، التي تعمد السلطات غير الشرعيّة في الأنظمة الوضعيّة إلى إلهابها وتفجيرها لصرف الناس عن التفكير الجدّي في حياتهم من أجل استعبادهم فقد اتّخذ الإسلام من هذه الغرائز موقفاً معقولاً ومنطقيّاً

فإنّ الغرائز الجنسيّة وما شابهها حيث تعتبر من الاُمور الضروريّة لحياة الإنسان وبقائه لم يمكن إلغاءها وحذفها بالمرّة بل وجب تعديلها ووضعها في الموضع الصحيح والاستفادة منها بالقدر اللازم(٢) .

إنّ الغرائز حسب منطق الإسلام حاجة ضروريّة لبقاء النوع الإنسانيّ فلم ينكرها كما فعلت الكنيسة التي دعت إلى الرهبنة وتجاهل العواطف والغرائز ولكنّ التمادي فيها والإفساح لها أكثر من الحاجة ؛ يفسد العقل والفكر ويهدم الحياة والاستقرار ويعود الإنسان كالأنعام بل أضلّ، ولذلك عدّ لها الإسلام ووضع لها برامج صحيحة، وحدود معقولة.

بينما عارض الأهواء الفاسدة والمشتهيات الرخيصة المضلّة، واعتبر ذلك من قبيل عبادة الهوى فقال:( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ) ( الجاثية: ٢٣ ).

وقال عليعليه‌السلام : « إنّ أخوف ما أخافُ عليكُم اتّباعُ الهوى وطُولُ الأمل »(٣) .

وقالعليه‌السلام في شجب اتّباع الشهوات الكاذبة: « عبدُ الشّهوة أشدُّ من عبد الرّقّ »(٤) .

__________________

(١) بحار الأنوار ٢٢: ١٥٥.

(٢) راجع أحكام الزواج والأطعمة والأشربة من كتب الفقه الإسلاميّ وكتب الأخلاق والآداب ككتاب مكارم الأخلاق للطبرسيّ.

(٣) نهج البلاغة: الخطبة ٤١.

(٤) غرر الحكم: ٤٩٨.

٤٠٩

٣. الحريّة السياسيّة

وهي تعني أنّ لكلّ فرد أن يشغل المناصب الإداريّة ويساهم في الاُمور السياسيّة ولا يمنعه عن ذلك مانع وهذا حقّ طبيعيّ لكلّ إنسان فليس لفرد أو جماعة خاصّة أن يستأثر بإدارة البلاد دون اشراك الآخرين في ذلك حسب منطق الإسلام. بينما كان النظام في الشعوب والملل السابقة نظاماً طبقيّاً يقسّم الناس إلى طبقات مختلفة متفاوتة من حيث الحقوق والامتيازات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، فكان الحكم والإدارة والسياسة من حقّ الطبقة الخاصّة وكان على بقيّة أفراد الشعب أن يكدحوا ويعملوا ولا يتدخّلوا في الاُمور السياسيّة فلا دور للكفاءات ولا مجال للإسهام السياسيّ مطلقاً.

وقد كان هذا الوضع سائداً قبل الإسلام في اليونان وإيران والهند وغيرها.

وربّما كان بعض الشعوب والاُمم كاليهود تقيّم استحقاق المناصب على أساس الغنى والثروة فكانوا يعطون حقّ الملك والسلطنة لمن كان غنيّاً صاحب ثروة ولهذا لما نصب الله تعالى طالوت ملكاً على بني إسرائيل اعترضوا بأنّه فقير متجاهلين المؤهّلات والصفات القياديّة الاُخرى(١) ، إذ قالوا:( أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ المَالِ ) فقال الله تعالى:( إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالجِسْمِ ) ( البقرة: ٢٤٦ )، مشيراً إلى أنّ طالوت يتمتع بالكفاءات القياديّة وهو المهم في أمر القيادة والولاية والسياسة والإدارة.

وإلى هذا الملاك ( ملاك الكفاءة السياسيّة ) يشير النبيّ يوسفعليه‌السلام لـمّا يطالب عزيز مصر بأن يسلّمه خزائن البلاد وأمر الاقتصاد فيقول:( اجْعَلنِي عَلَى خَزَائِنِ الأرْضِ إنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) ( يوسف: ٥٥ ).

إنّ الإسلام يعتبر الكفاءة واللياقة هو الملاك الأساسيّ للسياسة والإدارة وليس التقسيمات الطبقيّة أو الاعتبارات الماديّة، وإلى هذا أشار الرسول الأعظم في قوله: « من

__________________

(١) بحار الأنوار ١٣: ٤٣٥، وتاريخ الطبريّ ٢: ٥٤٧.

٤١٠

استعمل عاملاً من المسلمين وهو يعلمُ أنّ فيهم من هُو أولى بذلك منهُ وأعلمُ بكتاب الله وسُنّة نبيّه فقد خان الله ورسُولهُ والمسلمين »(١) .

وقال الإمام عليّعليه‌السلام : « ولا تقبلنّ في استعمال عُمّالك وأُمرائك إلّا شفاعة الكفاءة والأمانة »(٢) .

وقد مرّت عليك قصّة عدم استخلاف الإمام عليّعليه‌السلام لطلحة والزبير لعدم كفاءتهما(٣) .

وقد أكّد الإسلام على مسألة الكفاءة في تقلّد المناصب الإداريّة تأكيداً شديداً حتّى نُقل عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله: « من ولي من اُمور المـُسلمين شيئاً فأمّر عليهم أحداً مُحاباةً فعليه لعنةُ الله لا يقبلُ الله منهُ صرفاً ولا عدلاً حتّى يُدخلهُ في جهنّم »(٤) .

ولذلك نجد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يستعمل عتاب بن أسيد ( وهو شاب ) على مكّة يوم فتحها، وفي القوم كبار وشيوخ ليس لشيء إلّا لكفاءته، كما استعمله بعد عوده من حصن الطائف وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله له: « يا عتابُ تدري على من استعملتُك ؟ على أهل الله عزّ وجلّ ولو أعلمُ لهُم خيراً منك استعملتُهُ عليهم »(٥) .

ولـمـّا اعترض البعض على استعمال عتاب لصغره كتب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أهل مكّة يقول: « ولا يحتجُّ مُحتجّ منكُم في مُخالفته بصغر سنّه فليس الأكبرُ هُو الأفضلُ بل الأفضلُ هُو الأكبرُ »(٦) .

هذا وتشمل الحريّة السياسيّة اُموراً كثيرة في المجال السياسي ؛ مثل حقّ النقد في

__________________

(١) نظام الحكم والإدارة في الإسلام عن سنن البيهقيّ: ٣٠٢.

(٢) نظام الحكم والإدارة في الإسلام: ٣٠١ ـ ٣٠٢.

(٣) راجع الصفحة ٢٦٣ من كتابنا هذا.

(٤) حقوق الإنسان: ٧٢.

(٥) اُسد الغابة ٣: ٣٥٨.

(٦) ناسخ التواريخ حالات النبيّ: ٣٨٧.

٤١١

إطار الشرعيّة والصالح العامّ والهدف الصحيح لأنّ في النقد الصحيح ما يساعد على رفع النقائص وتكامل المجتمع وتربيته تربية سليمة، ولأنّ عدم السماح بالنقد يؤدّي إلى تراكم العيوب والظلامات وينتهي إلى الانفجار، ويمهّد للثورة والطغيان، كما ويمهّد السبيل إلى ظهور الديكتاتوريّة والاستبداد فالمثل يقول: الطغاة يتكوّنون صغاراً ( أي شيئاً فشيئاً ) إذا لم يؤخذ على أيديهم ولم يعترض عليهم ولم ينتقد أحد أعمالهم، ولم يحاسبهم على تصرّفاتهم.

ومن هنا تكون المعارضة والسماح لها بالمناقشة والنقد بالوسائل المشروعة من صالح الدولة والاُمّة وهو أمر كان يتمّ في عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والخلفاء حيث كان هناك من يعترض وكان القادة الإسلاميّون يجيبون على ذلك بصدر رحب، وديمقراطيّة عديمة النظير.

وإقرار مبدأ الشورى ليس إلّا من هذا الباب.

نعم في أثناء الحرب مع الأعداء يجوز للدولة أن تحدّ من نشاط المنتقدين تجنّباً من تسميم الأفكار وإضعاف المعنويّات وبلبلة النفوس، ومع ذلك لا يمكن إلغاء دورهم بالمرّة لأنّ في وجودهم مبعث اليقظة والتنبّه إلى مواقع العيب ومواطن الخطأ.

نعم يعارض الإسلام بشدّة أعمال التخريب والتجسّس والتلصّص وكلّ ما يخلّ بالأمن والاستقرار ويؤدّي إلى اضطراب الأحوال كبثّ الشائعات الكاذبة وترويج الاتّهامات والشكوك الباطلة(١) .

كما ويدخل في هذا الباب حقّ التصويت والانتخاب الذي ذكرناه في الفصول السابقة، ولا يختلف في ذلك الرجال والنساء.

ويندرج في هذا الباب كذلك ؛ حريّة التعبير ؛ فإنّ النظام الإسلاميّ بخلاف كلّ

__________________

(١) وردت في ذلك آيات وأحاديث نتركها لضيق المجال منها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّما رجل اطّلع على قوم في دارهم لينظر إلى عوراتهم ففقأوا عينه أو جرحوه فلا دية عليهم » ( وسائل الشيعة ١٩: ٥٠ ) وقوله تعالى:( وَلا تَجَسَّسُوا ) وما شابه ممّا سيأتي في بحث الاستخبارات.

٤١٢

الأنظمة الوضعيّة السائدة التي تلجم الأفواه وتسكت الأقلام وتفرض نوعا من الحدود والسدود ؛ يفسح للجميع المجال للتعبير عن آرائهم وآلامهم وآمالهم ما دامت في مصلحة الاُمّة، وضمن إطار القوانين والأخلاق الإسلاميّة، لأنّ في ذلك تقدّم البلاد وازدهار الحياة، ولأجل هذا قال الإمام الصادقعليه‌السلام : « خيرُ إخواني من أهدى إليّ عُيوُبي »(١) .

وقال الإمام عليّعليه‌السلام : « من استقبل وُجُوه الآراء عرف مواقع الخطأ »(٢) .

ولأجل هذا يمنع الإسلام من كلّ ألوان التعتيم الإعلاميّ، واتّخاذ القرارات وراء الكواليس، وإخفاء الحقائق عن الشعب، وفرض الرقابة على الأفكار والآراء وإلهاء الناس بالملاهي الجنسيّة بهدف صرفهم عن القضايا المصيريّة، أو بثّ الخرافات بينهم أو سدّ باب الاعتراض أو السؤال والاستفسار.

فنحن نرى كيف كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يسمح بالاعتراض والاستفسار ويقابل ذلك بالإجابة المقنعة وبيان الحقيقة دون غضب أو استياء.

فعن عبد الرحمن بن عوف أنّه قال ـ لـمّا وجد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يبكي في موت ولده إبراهيم، قلت: أو لم تكن نهيت عن البكاء ؟ فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا ولكن نهيتُ عن صوتين أحمقين وآخرين: صوت عند مُصيبة ورنّةُ شيطان وصوت عند نغمة لهو، وهذه رحمة ومن لا يرحمُ لا يُرحم »(٣) .

وقد مرّ عليك كيف أنّ الإمام عليّعليه‌السلام كان يكتب في عهوده إلى ولاته بأن لا يحتجبوا عن الناس وأن يستمعوا إلى آرائهم وشكاواهم، ويأخذوا بما يجدونه خيراً لهم وللاُمّة تجنّباً من ظهور النقمة الشعبيّة فالطغيان.

* * *

__________________

(١) تحف العقول: ٣٦٦.

(٢) صوت العدالة الإنسانيّة ٢: ٤٥٨.

(٣) السيرة الحلبيّة ٣: ٣٤٨.

٤١٣

٤. الحريّة المدنيّة

وهي تشمل حريّة كلّ إنسان في اختيار المسكن والبلد، والعمل، وطريقة حياته الخاصّة والكسب وكيفية تحصيل المال وتملّكه وحريّة الحيازة والاستفادة من المواهب الطبيعيّة ما دام في الإطار الشرعيّ.

فأمّا حريّة المسكن فقد فسح الإسلام المجال لأيّ مسلم أن يعيش في أيّة نقطة يقدر فيها على السكنى وتطيب له الإقامة فيها فعن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « البلادُ بلادُ الله والعبادُ عبادُ الله فحيث ما أصبت خيراً فأقم »(١) .

وعن اُولئك الذين بقوا في بلد عانوا فيه الظلم والحيف يقول الله تعالى:( أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ) ( النساء: ٩٧ ).

وأمّا حريّة العمل فإنّ الإسلام لا يرى جبر أحد على العمل أو إكراهه على شغل خاصّ

وإليك ما جاء في نهج البلاغة في هذا الصدد فقد كتب الإمام عليعليه‌السلام إلى أحد عمّاله يقول: « أمّا بعد فإنّ قوماً من أهل عملك أتوني فذكروا أنّ لهم نهراً قد عفى ودرس وأنّهم إن حفروه واستخرجوه عمرت بلادهم وقووا على كلّ خراجهم وزاد فيء المسلمين قبلهم وسألوني الكتاب إليك لتأخذهم بعمله وتجمعهم لحفره والإنفاق عليه ولست أرى أن أجبر أحداً على عمل يكرهه فادعهم إليك فإن كان الأمر في النّهر على ما وصفوا فمن أحبّ أن يعمل فمره بالعمل والنّهر لمن عمل دون من كرهه وأن يعمروا ويقووا أحبُّ إليّ من أن يضعفوا »(٢) .

نعم يصحّ الإجبار على العمل حينما يمتنع الإنسان عن إرزاق عائلته والإنفاق عليهم.

__________________

(١) نهج الفصاحة: ٢٢٣.

(٢) صوت العدالة الإنسانيّة ١: ١٣٢.

٤١٤

ثمّ إنّ الإنسان حرّ في العمل والاشتغال إلّا أن يتعهّد لأحد بنفسه اختياراً فحينئذ لا يكون مخيّراً في الوفاء بالتزامه بل يجب عليه أن يقوم بما تعهّد به.

ثمّ إنّ الكسب مباح بكلّ ألوانه إلّا أن يكون خلاف القوانين الشرعيّة لإضرارها على الفرد والمجتمع كالاكتساب بالأشياء المحرّمة الممنوعة مثل الخمر وما شابهها.

وأمّا حريّة التملّك والانتفاع بمواهب الطبيعة وحيازتها ـ على الوجه الشرعيّ ـ فهي ليست خاصّة بجماعة من الرأسماليّين الكبار وأصحاب الامتيازات والثروات كما هو الحال في النظام الرأسماليّ الغربيّ الظالم، وليست خاصّة بالحزب وأعضائه وأقطابه كما في النظام الشرقيّ، بل هي عامّة للجميع على قدم المساواة وهذا بحث يتعلق بالاقتصاد الذي سنبحثه في فصل خاصّ.

وصفوة القول: أنّ جميع هذه الحريات المذكورة وتلك التي لم نذكرها ثابتة لكلّ إنسان في النظام الإسلاميّ، وقد كفلها الإسلام بقوانينه وما اتّّخذه من مواقف ومقرّرات حاسمة وصارمة وقويّة بحيث لا مجال فيها للعدوان على حريّة أحد.

نقاط حول السجن

يبقى أن نذكّر القارئ ـ في مورد الحبس والسجن ـ بنقاط :

١. إنّ في الإسلام حدّاً وتعزيراً فالمراد من الأوّل العقوبة التي لها تقدير، كما أنّ المراد من الثاني العقوبة التي ليس لها تقدير، والأصل في الإسلام هو الحدّ، وأمّا التعزير فإنّه عقوبة ثانويّة لمرتكبي الجرائم إذا لم يكن هناك حدّ معيّن، والحبس إنّما يعاقب به إذا لم يكن هناك حدّ شرعيّ معيّن، فإذن هي عقوبة ثانويّة ومن باب التعزير بخلاف ما في الأنظمة الوضعيّة التي تعتمد على الحبس كعقوبة أصليّة تلجأ إليها في كلّ قضيّة.

٢. الحبس الشرعيّ ليس هو السجن في مكان ضيّق وإنّما هو تعويق الشخص ومنعه عن التصرّف بنفسه ( راجع الأحكام السلطانيّة للماوردي ) ولذلك يجب أن يكون بعيداً عن التعذيب والأذى، قال الإمام عليّعليه‌السلام في ابن ملجم بعد جنايته عليه :

٤١٥

« احبسوا هذا الأسير وأطعموه وأحسنوا اساره »(١) .

٣. إنّ التعزير بالحبس في الشريعة الإسلاميّة ورد في موارد قليلة لا تتجاوز ١٣ مورداً، لاحظ وسائل الشيعة ١٨: ٣٢ و ٣٥ و ٢٢١ و ٢٤٤ و ٣٨٦ و ٤٩٢ و ٥٣٦ و ٥٤٩ و ٥٧٨ وج ١٩: ٣٤ و ١٢١.

__________________

(١) الوسائل ١٩: ٩٦.

٤١٦

الفصل السابع

حول أهمّ برامج

الحكومة الإسلاميّة ووظائفها

بعد أن اتّضح لك أيّها القارئ لون الحكومة الإسلاميّة وصيغتها وطرف من خصائصها ينطرح هذا السؤال :

ما هي برامج الحكومة الإسلاميّة وما هي وظائفها وما هي سياستها في حقول التربية والتعليم والاجتماع والعلاقات الدوليّة، والاقتصاد وغيرها ممّا يتحتّم على كلّ حكومة أن يكون لها سياسة ومنهج فيه ؟

من أجل بيان هذا الجانب في بحوث الحكومة الإسلاميّة عقدنا هذا الفصل ففيه سنذكر أهمّ وظائف هذه الحكومة وبرامجها.

وفي الأخير نذكّر القارئ بأنّ ما نبيّنه في هذه المجالات لا يتعدّى بيان الجواهر وأمّا الأشكال والترتيبات الّتي تتمّ بها هذه الوظائف فمتروكة للظروف ومقتضياتها كما أسلفناه غير مرّة.

٤١٧

برامج الحكومة الإسلاميّة ووظائفها

١

الحكومة الإسلاميّة

ومسؤوليّة التربية والتعليم

مسؤوليّة التربية :

لا شكّ في أنّ التزكية والتربية كانت الهدف الأسمى لأنبياء الله ورسله أجمعين فها هو خليل الرحمن النبيّ إبراهيمعليه‌السلام يطلب من الله سبحانه ـ وهو يرفع قواعد الكعبة الشريفة ـ أن يبعث في اُمّته من يزكّيهم ويربّيهم إذ قال:( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) ( البقرة: ١٢٩ ).

وإنّما اتّخذت التربية والتزكية هذه المكانة في رسالات السماء ومهام الأنبياء لأنّ الإنسان لا يمكنه أن يبلغ أي مبلغ من النضوج العلميّ، أو التقدمّ الاجتماعيّ من دون أن تتوفّر له التربية الواعية التي تتكفّل بناء شخصيّته.

ولقد تركّزت مساعي الأنبياء على تحقيق هذه المهمّة العظيمة، وبذلوا في سبيله

٤١٨

أعظم الجهود، ويدلّ على ذلك ما روي من أنّ الله سبحانه خصّ الأنبياء بمكارم الأخلاق(١) .

ومن المعلوم أنّ هذا التخصيص يهدف ـ مضافاً إلى تكميلهم بهذه المكارم ـ جعلهم اُسوة لاُممهم.

ونخصّ من اُولئك الأنبياء العظام بالذكر نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد وصفه الله سبحانه بأنّه بُعث للتزكية فقال:( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) ( البقرة: ١٥١ ).

وقال:( لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) ( آل عمران: ١٦٤ ).

وقال:( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) ( الجمعة: ٢ )(٢) .

وقد أعلن النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث مشهور عن هذه المهمّة الكبرى التي حمّل بها، واعتبرها أساس رسالته، وغاية بعثته إذ قال: « إنّما بُعثتُ لاُتمّم مكارم الأخلاق »(٣) .

وقال أيضاً: « عليكُم بمكارم الأخلاق فإنّ الله بعثني بها »(٤) .

وقال عليّعليه‌السلام : « سمعتُ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: بُعثتُ بمكارم الأخلاق ومحاسنها »(٥) .

__________________

(١) سفينة البحار ١: ٤١٠.

(٢) قدّم التعليم في بعض الآيات على التزكية واخّر في البعض الآخر، لأجل أنّ التعليم بالمعنى الوسيع مقدّم من حيث الحصول والوجود على التزكية التي هي بمعنى التربية الكاملة ولكن حيث أنّ الهدف الأعلى هو التزكية قدّمت التزكية على التعليم في غيرها.

(٣) سفينة البحار ١: ٤١٠، مستدرك الوسائل ٢: ٢٨٢.

(٤) كتاب سنن النبيّ للعلاّمة الطباطبائيّ: ٢٣ نقلاً عن أمالي الشيخ.

(٥) مجمع البيان ١٠: ٣٣٣.

٤١٩

وعن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال: « إنّ الله تعالى خصّ رسوله بمكارم الأخلاق »(١) .

ووصفه الإمام عليّعليه‌السلام بذلك إذ قال: « طبيب دوّار بطبّه، قد أحكم مراهمه، وأحمى مواسمه يضع من ذلك حيث الحاجة إليه من قلوب عمي، وآذان صمّ وألسنة بكم متّبع بدوائه مواضع الغفلة ومواطن الحيرة »(٢) .

وهذا يفيد أنّ للإسلام برنامجاً كاملاً لتحقيق هذا المقصد الأعلى والمطلب الأسمى.

الإسلام ومسألة التزكية

يعتقد النظام الإسلاميّ بأنّ الإنسان مفطور على السجايا الأخلاقيّة النبيلة، وأنّ اُصول التربية موجودة في فطرته بخلق الله سبحانه، وإنّما يكون دور المربّين والاُساتذة هو استخراج هذه السجايا المكنونة في النفس الإنسانيّة وإثارتها وتنميتها، وهذا أمر أكّدته آيات كثيرة في الكتاب العزيز، وإليك ـ فيما يأتي ـ نماذج من هذه الآيات يقول الله سبحانه:( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا *فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) ( الشمس: ٧ ـ ٨ ).

( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) ( البلد: ١٠ ).

إلى غير ذلك من الآيات التي تشير ـ بوضوح ـ إلى هذه الحقيقة، وتؤكّد بأنّ أصول التربية مزروعة في داخل النفس البشريّة زرعاً ومغروسة غرساً.

وعلى ذلك، فإنّ دور المربّي، والمعلّم الأخلاقيّ ـ في هذا المجال ـ لا يتعدّى دور الاكتشاف والإنماء والرعاية، فمثله مثل البستانيّ الذي لا يقوم إلّا بتهيئة الظروف المساعدة للنبات والزرع من الرعاية والسقي والعناية بالبذرة لتنبت وتكبر وتنمو، فإنّ المربّي والمعلّم يهيّء الأجواء المساعدة لنمو تلك السجايا والبذور الأخلاقيّة الموجودة في

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه: ٤٥٨، ومعاني الأخبار: ١٩١.

(٢) نهج البلاغة: الخطبة ١٠٤.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627