مفاهيم القرآن الجزء ٢

مفاهيم القرآن9%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 627

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 627 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 228027 / تحميل: 6441
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

[٩٠٧٦] ٨ - الشيخ المفيد في أماليه: عن ابن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، قال: قال حماد بن عيسى: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام جعلت فداك، أُدع الله أن يرزقني ولدا، ولا يحرمني الحج ما دمت حيّا، قال: فدعا لي، فرزقني الله ابني هذا، وربّما حضرت أيّام الحج ولا أعرف للنفقة فيه وجها، فيأتي الله بها من حيث لا أحتسب.

[٩٠٧٧] ٩ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « ومن مات في حجة أو عمرة، لم يعرض ولم يحاسب ».

[٩٠٧٨] ١٠ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « الحج المبرور ليس له جزاء [ إلّا الجنّة ](١) » قيل: يا رسول الله، ما برّ الحج؟: « قال طيب الكلام، وإطعام الطعام ».

[٩٠٧٩] ١١ - وعن ابن عمر قال: كانت بالمأزمين(١) من منى دوحة، سرّ تحتها سبعون نبيّا، أي قطعت سرّتهم.

__________________

٨ - أمالي المفيد ص ١٢.

٩ - لبّ اللباب: مخطوط.

١٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٢٧ ح ١١٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

١١ - عوالي اللآلي.

(١) المأزم: المضيق في الجبال حين يلتقي بعها ببعض، ومنه سمّي الموضع بين المشعر وعرفة مأزمين (لسان العرب ج ١٢ ص ١٧).

٦١

أبواب النيابة في الحج

١ -( باب استحباب الحج مباشرة على وجه النيابة، واستحباب اختياره على الاستنابة فيه)

[٩٠٨٠] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام : أنه أحج رجلا عن بعض ولده، فشرط عليه جميع ما يصنعه، ثم قال، « إنّك إن قضيت ما شرطناه عليك كان لمن حججت عنه حجّة، ولك بما وفيت من الشرط عليك وأتعبت بدنك أجرا ».

[٩٠٨١] ٢ - بعض نسخ الفقه الرضوي: في سياق مناسك الحج، قالعليه‌السلام : « قال أبي: امرأة ماتت ولم تحج، حجّ عنها فإن ذلك لها ولك ».

__________________

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

٢ - بعض نسخ الفقه الرضوي: ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٨ ح ٢٨.

٦٢

٢ -( باب أن من أوصى بحجة الاسلام بعد استقرارها، وجب أن تقضى عنه من بلده، فإن لم تبلغ التركة فمن حيث بلغ ولو من الميقات، وكذا من أوصى بمال معين فقصر عن الكفاية وكان الحج ندبا، ومن مات في الطريق حجّ عنه من حيث مات)

[٩٠٨٢] ١ - زيد النرسي في أصله: عن علي بن مزيد صاحب السابري، قال: أوصى إلي رجل بتركته، وأمرني أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فإذا شئ يسير لا يكون للحج، سألت أبا حنيفة وغيره فقالوا: تصدق بها، فلما حججت لقيت عبد الله بن الحسن في الطوف فقلت له ذلك فقال لي هذا جعفر بن محمدعليهما‌السلام في الحجر فاسأله، قال: فدخلت الحجر فإذا أبو عبد اللهعليه‌السلام تحت الميزاب، مقبل بوجهه على البيت يدعو، ثم التفت فرآني فقال: « ما حاجتك؟ » فقلت: جعل فداك إنّي رجل من أهل الكوفة من مواليكم فقال: « دع ذا عنك، حاجتك » قال: قلت: رجل مات وأوصى بتركته إليّ، وأمرني أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فوجدته يسيرا لا يكون للحج، فسألت من قبلنا فقالوا لي: تصدق به، فقالعليه‌السلام لي: « ما صنعت؟ » فقلت: تصدقت به، قال: « ضمنت إلّا أن لا يكون يبلغ أن يحج به من مكّة، فإن كان يبلغ أن يحجّ به من مكّة فأنت ضامن، وإن لم يكن يبلغ ذلك فليس عليك ضمان ».

__________________

الباب ٢

١ - أصل زيد النرسي ص ٤٨.

٦٣

٣ -( باب أنه يشترط في النائب أن لا يكون عليه حجّ واجب، وحكم حجّ نائبا مع وجوب الحج عليه)

[٩٠٨٣] ١ - عوالي اللآلي: عن ابن عباس: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، رأى رجلا يقول: لبيّك عن شبرمة، فقال: « ويحك وما شبرمه؟ » فقال: أخ لي أو صديق، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « حجّ عن نفسك، ثم حجّ عن شبرمه ».

٤ -( باب جواز استنابة الصرورة مع عدم وجوب الحج عليه)

[٩٠٨٤] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « ولا بأس أن يخرج لذلك من لم يحجّ عن نفسه، وإن كان قد حجّ فهو أفضل ».

٥ -( باب جواز استنابة الرجل عن المرأة، والمرأة عن الرجل، واستحباب اختيار الإنسان الحج من ماله على النيابة)

[٩٠٨٥] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « أن امرأة من خثعم سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ،

__________________

الباب ٣

١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢١٥ ح ٧٧.

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٦.

٦٤

أتحج عن أبيها لأنه شيخ كبير؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : نعم فافعلي » الخبر.

[٩٠٨٦] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ولا تحج المرأة عن الرجل إلّا أن يكون(١) لا يوجد غيرها، أو تكون أفضل من وجد من الرجال وأقومهم بالمناسك ».

٦ -( باب أن من أُعطي مالاً يحج به ففضل منه لم يجب رده، ويجوز له الإنفاق منه في غير الحج إذا ضمن الحجّ)

[٩٠٨٧] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث له: « ويخرج عنه رجل يحج عنه ويعطي أُجرته، وما فضل من النفقة فهو للذي أخرج ».

[٩٠٨٨] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ كيف: بكم إذا كان الحج فيكم متجرا؟ قيل: يا رسول الله، وكيف ذلك؟ قال: قوم يأتون من بعدكم يحجون عن الأحياء والأموات، فيستفضلون الفضلة فيأكلونها ».

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

(١) في المصدر: تكون.

الباب ٦

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

٢ - الجعفريات ص ٦٦.

٦٥

٧ -( باب أن النائب إذا مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأت عن المنوب عنه وإذا أفسد الحج أجزأ عن الميت ولزم النائب الإعادة من ماله، وحكم ما لو مات قبل الإحرام ودخول الحرم)

[٩٠٨٩] ١ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : في رجل حجّ عن رجل، فاجترح في حجّه شيئا يلزمه فيه الحج من قابل أو كفّارة، قال: « هي للأول تامّة، وعلى هذا ما اجترح ».

[٩٠٩٠] ٢ - وعمّن ذكره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : في رجل أعطى لرجل ما لا يحج به فحدث بالرجل حدث، قال: « إن كان خرج فأصابه في بعض الطريق فقد أجزأت عن الأول، وإلّا فلا تجزئ ».

قلت: أخرج الخبرين الكليني، والشيخ في الكافي(١) والتهذيب(٢) ، بسندهما إلى الحسين، وحمل في الأخير الخبر على كون الموت بعد دخول الحرم، ولا شاهد له.

٨ -( باب استحباب تسمية النائب المنوب عنه في المواطن، والدعاء له، وعدم وجوب ذلك)

[٩٠٩١] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمد(١)

__________________

الباب ٧

١، ٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١١١.

(١) الكافي ج ٤ ص ٥٤٤ ح ٢٣ وص ٣٠٦ ح ٥.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٤٦١ ح ١٦٠٦ وص ٤١٨ ح ١٤٥١.

الباب ٨

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

(١) في المصدر: محمد بن علي.

٦٦

عليهما‌السلام ، أنه قال: « من حجّ عن غيره فليقل عند احرامه: اللهم إني أحج عن فلان فتقبل منه، وأجرني على قضائي عنه ».

[٩٠٩٢] ٢ - بعض نسخ الفقه الرضوي: قال: « وإن أردت الحج عن غيرك فقل: اللهم إني أُريد الحج عن فلان بن فلان - فسمّه(١) - فيسره لي، وتقبّله من فلان ».

٩ -( باب جواز طواف النائب عن نفسه، وعن غيره، بعد الفراغ من الحج الذي استنيب فيه)

[٩٠٩٣] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « من حجّ عن غيره بأجر، فله إذا قضى الحج أن يتطوّع لنفسه بما شاء من عمرة أطواف ».

١٠ -( باب حكم من أُعطي مالا ليحجّ عن انسان، فحج عن نفسه)

[٩٠٩٤] ١ - كتاب حسين بن عثمان: عمن ذكره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : في رجل أعطى رجلا دراهم ليحج بها عنه، فحجّ بها عن نفسه، قال: « هي للأول ».

__________________

٢ - بعض نسخ الفقه الرضوي، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٨.

(١) في المصدر: تسميه.

الباب ٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

الباب ١٠

١ - كتاب حسين بن عثمان ص ١١١.

٦٧

١١ -( باب استحباب التطوع بالحج العمرة والعتق، عن المؤمنين وخصوصاً الأقارب أحياء، وأمواتاً، وعن المعصومينعليهم‌السلام أحياء وأمواتاً)

[٩٠٩٥] ١ - كتاب درست بن أبي منصور: عن أبي المغرا، عن إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ، جعلت فداك، أيحج الرجل ويجعله لبعض أهله وهو ببلد آخر، هل يجوز ذلك له؟ قال: فقال: « نعم » قال: قلت: فينقص من أجره؟ قال: فقال: « له أجر ولصاحبه مثله، وله أجر سوى ذلك بما وصل ».

[٩٠٩٦] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : ثلاثة شبّه علي أجورهم، فلا أدري أيّهم أعظم أجرا: الأضحية، والمنحة، والرجل يحج عن الرجل لم يحج قبل ذلك ».

[ ٠٩٧ ٩ ] ٣ - الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: عن علي بن عبيد الله الحسيني، قال: ركبنا مع سيّدنا أبي الحسنعليه‌السلام إلى دار المتوكل في يوم السلام، فسلم سيدنا أبو الحسنعليه‌السلام وأراد أن ينهض، فقال له المتوكل: إجلس يا أبا الحسن إنّي أُريد أن أسألك، فقالعليه‌السلام : « سل » فقال له: ما في الآخرة غير الجنة والنار يحلّون به الناس؟ فقال أبو الحسنعليه‌السلام له: « ما

__________________

الباب ١١

١ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٩.

٢ - الجعفريات ص ٦٥.

٣ - الهداية ص ٦٥.

٦٨

يعلمه إلّا الله » فقال له؛ فعن علم الله أسألك، فقالعليه‌السلام له: « فعن(١) علم الله أُخبرك » قال: يا أبا الحسن ما رواه الناس أن أبا طالب يوقف إذا حوسب الخلائق بين الجنة والنار، وفي رجله نعلان من نار يغلي منهما دماغه، لا يدخل الجنة لكفره، ولا يدخل النار لكفالته رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ وصدّه قريشا عنه، وأيسر على يديه حتى ظهر أمره، قال له أبو الحسنعليه‌السلام : « ويحك، لو وضع إيمان أبي طالبعليه‌السلام في كفة، وإيمان الخلائق في الكفة الأُخرى، لرجّح إيمان أبي طالبعليه‌السلام على إيمانهم - إلى أن قالعليه‌السلام - فكان والله أميرالمؤمنينعليه‌السلام يحجّ عن أبيه وأُمّه، وعن أب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ حتى مضى، ووصى الحسن والحسينعليهما‌السلام بمثل ذلك وكل إمام منّا يفعل ذلك، إلى أن يظهر الله أمره » الخبر.

[٩٠٩٨] القطب الراوندي في الخرائج: قال: إن أبا محمد الدعلجي(١) كان له ولدان، وكان من خيار أصحابنا، وكان قد سمع الأحاديث، وكان أحد ولديه على الطريقة المستقيمة وهو أبو الحسن، وكان يغسل الأموات وولد آخر يسلك مسالك الأحداث في فعل الحرام، وكان قد دفع إلى أبي محمد حجة يحجّ بها عن صاحب الزمانعليه‌السلام ، وكان ذلك عادة الشيعة(٢) ، فدفع إلى ولده المذكور

__________________

(١) في المصدر: ومن.

٤ - الخرائج والجرائح ص ١٢٧.

(١) في المصدر: الدعجلي والصحيح ما في المتن « راجع مجمع الرجال ج ٧ ص ٩١، ومعجم رجال الحديث ج ١٠ ص ٣٠٨ ».

(٢) وفيه زيادة: وقتئذٍ.

٦٩

بالفساد شيئا منها وخرج إلى الحاج، فلما عاد حكى أنه كان واقفا بالموقف، فرأى إلى جنبه شابا حسن الوجه أسمر اللّون(٣) ، مقبلا على شانه في الابتهال والدعاء والتضرّع وحسن العمل، فلمّا قرب نفر الناس التفت إليّ وقال: « يا شيخ أما تستحي؟ » فقلت: من أي شئ يا سيدي فقال: « يدفع إليك حجة عمّن تعلم، فتدفع إلى فاسق يشرب الخمر، فيوشك أن تذهب عينك » وأومأ إلى عيني، وأنا من ذلك اليوم إلى الآن على وجل ومخافة، وسمع أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ذلك، قال: فما مضى عليه أربعون يوما بعد مورده، حتى خرج في عينه التي أومأ إليها قرحة فذهبت(٤) .

[٩٠٩٩] ٥ - الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة: عن أبي محمد علي بن محمد العلوي الموسوي، عن عبد الله بن جبلة، عن سلمة بن جناح، عن حازم بن حبيب، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّ أبوي هلكا، وقد أنعم الله عليّ ورزق، أفأتصدق عنهما وأحج؟ فقال: « نعم » الخبر.

[٩١٠٠] ٦ - الشيخ الكشي في رجاله: قال: وجدت بخط أبي عبد الله الشاذاني في كتابه: سمعت فضل بن هاشم الهروي يقول: ذكر لي كثره ما يحج المحمودي، فسألته عن مبلغ حجّاته فلم يخبرني بمبلغها، وقال: رزقت خيرا كثيرا والحمد لله، فقلت له: فتحج عن نفسك أو

__________________

(٣) وفيه زيادة: بذؤابتين.

(٤) جاء في هامش المخطوط ما نصّه: « هذا الخبر نقله في الأصل في بعض الأبواب الآتية - الوسائل ج ٨ ص ١٤٧ ح ١٤٦٤٢ - مختصرا ولبعض الفوائد أعدنا ذكره » منه (قدّه).

٥ - كتاب الغيبة ص ٣٦.

٦ - رجال الكشي ج ٢ ص ٧٩٨ ح ٩٨٧.

٧٠

عن غيرك؟ فقال: عن غيري بعد حجة الاسلام، وأحج عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وأجعل ما أجازني الله عليه لأوليائه(١) ، وأهب ممّا أثاب على ذلك للمؤمنين والمؤمنات، قلت: فما تقول في حجّك؟ فقال: أقول: اللهم إنّي أهللت لرسولك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وجعلت جزائي منك ومنه لأوليائك الطاهرين، ووهبت ثوابي عنهم لعبادك الصالحين(٢) ، بكتابك وسنّة نبيّكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ إلى آخر الدعاء.

١٢ -( باب جواز التشريك بين اثنين بل جماعة كثيرة، في الحجة المندوبة)

[٩١٠١] ١ - بعض نسخ الفقه الرضويعليه‌السلام : قال: « وإذا أحب الرجل أن يجعل والده ووالدته في حجّته إذا حجّ فعل، لأن الله تعالى يأجرهم ويأجره من غير أن ينقص من أجره شيئا، لأنه قد يدخل على الميت في قبره الصوم والصلاة والصدقة والحج والعتق ».

١٣ -( باب استحباب التطوع بطواف وركعتين وزيارة عن جميع المؤمنين، ثم يجوز أن يخبر كلّ أحد أنه قد طاف وصلى وزار عنه)

[٩١٠٢] ١ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا أردت أن تطوف

__________________

(١) في المصدر: لأولياء الله.

(٢) وفيه: المؤمنين المؤمنات.

الباب ١٢

١ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٥ وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٢ ح ٤٧.

الباب ١٣

١ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٤ وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٥.

٧١

عن أحد من إخوانك، أتيت الحجر الأسود فقلت: بسم الله، اللهم تقبّل من فلان ».

١٤ -( باب جواز إعطاء غير المستطيع، من الزكاة ما يحج به)

[٩١٠٣] ١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث له: « إن الله عزّوجلّ نظر في أموال الأغنياء ونظر في الفقراء، فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفي به الفقراء، ولو لم يكفهم لزادهم، بلى فليعطه ما يأكل ويشرب ويكتسي، ويتزوج ويصدّق ويحج ».

١٥ -( باب أنه يستحب للحي أن يستنيب في الحج المندوب، وإن قدر عليه، وجواز تعدد النائب في عام واحد)

[٩١٠٤] ١ - الشيخ أبو عمرو الكشي في رجاله: عن علي بن محمد، قال: حدثنا محمد بن عيسى، قال: زعم الحسن بن علي، أنه أحصى لعلي بن يقطين [ بعض ](١) السنين ثلاثمائة ملب، أو مائة وخمسين ملبيا، وإن لم يكن يفوته من يحج عنه، وكان يعطي بعضهم عشرين ألفا، وبعضهم عشرة آلاف في كلّ سنة للحج، مثل: الكاهلي، وعبد الرحمن بن الحجاج، وغيرهما، ويعطي أدناهم ألف درهم، وسمعت

__________________

الباب ١٤

١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٢.

الباب ١٥

١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٧٣٣ ح ٨٢٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

٧٢

من يحكي في أدناهم خمسمائة درهم. الخبر.

[٩١٠٥] ٢ - وعن جعفر بن معروف، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن سليمان بن الحسين - كاتب علي بن يقطين - قال: أحصيت لعلي بن يقطين من وافى عنه في عام واحد مائة وخمسين رجلا، أقلّ من أعطاه منهم سبعمائة درهم، وأكثر من أعطاه عشرة آلاف درهم.

__________________

٢ - رجال الكشي ج ٢ ص ٧٣٧ ح ٨٢٤.

٧٣

أبواب أقسام الحج

١ -( باب أن الحج ثلاثة أقسام: تمتع، وقران، وإفراد، لا يصح الحج إلّا على أحدها)

[٩١٠٦] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « والحاج على ثلاثة أوجه: قارن، ومفرد للحج، ومتمتع بالعمرة إلى الحج ».

[٩١٠٧] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الحج على ثلاثة أوجه: فحج مفرد وعمرة مفردة أيّهما شاء قدّم، وحج وعمرة مقرونتان لا فصل بينهما، وذلك لمن ساق الهدي يدخل مكّة فيعتمر، ويبقى على إحرامه حتى يخرج إلى الحج من مكّة فيحج، وعمرة يتمتع بها إلى الحج، وذلك أفضل الوجوه » الخبر.

٢ -( باب كيفية أنواع الحج، وجملة من أحكامها)

[٩١٠٨] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ،

__________________

الباب ١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٠.

الباب ٢

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٨٩ ح ٢٢٩.

٧٤

حين حجّ حجة الوداع، خرج في أربع بقين من ذي القعدة، حتى أتى الشجرة فصلى، ثم قاد راحلته حتى أتى البيداء فأحرم منها وأهلّ بالحج وساق مائة بدنة، وأحرم الناس كلّهم بالحج لا يريدون عمرة ولا يدرون ما المتعة، حتى إذا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ مكة، طاف بالبيت وطاف الناس معه، ثم صلى عند مقام إبراهيمعليه‌السلام فاستلم الحجر، ثم قال: أبدأ بما بدأ الله به، ثم أتى الصفا فبدأ بها، ثم طاف بين الصفا والمروة فلمّا قضى طوافه ختم بالمروة، قام يخطب أصحابه، وأمرهم أن يحلّوا ويجعلوها عمرة، وهو شئ أمر الله به، فأحلّ الناس، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت ما أمرتكم، ولم يكن يستطيع أن يحل من أجل الهدي الذي معه، لأن الله يقول:( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (١) فقال سراقة بن جعشم الكناني: يا رسول الله علمتنا ديننا كأنما خلقنا اليوم، أرأيت لهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أو لكل عام؟ فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ):لا بل (لأبد الأبد)(٢) ».

[٩١٠٩] ٢ - أبو عمرو الكشي في رجاله: عن حمدويه بن نصير، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، قال: حدثني يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن زرارة ومحمد بن قولويه، عن الحسين بن الحسن، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني هارون، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن عبد الله بن زرارة وابنيه الحسن والحسين، عن عبد الله بن زرارة، قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : « اقرأ

__________________

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

(٢) في المصدر للأبد.

٢ - رجال الكشي ج ١ ص ٣٤٩ ح ٢٢١.

٧٥

منّي على والدك السلام، وقل له - إلى أن قالعليه‌السلام - وعليك بصلاة الست والأربعين، وعليك بالحج أن تهل بالإفراد وتنوي الفسخ، إذا قدمت مكة وطفت وسعيت فسخت ما أهللت به، وقلبت الحج عمرة، أحللت إلى يوم التروية، ثم إستأنف الاهلال بالحج مفرداً إلى منى، وتشهد المنافع بعرفات والمزدلفة، فكذلك حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وهكذا أمر أصحابه ان يفعلوا، أن يفسخوا ما أهلوا به ويقلبوا الحج عمرة، وإنّما أقام رسول الله (صلى اله عليه وآله) على إحرامه للسوق الذي ساق معه، فإن السائق قارن، والقارن لا يحل حتى يبلغ هديه محلّه، ومحلّه المنحر بمنى فإذا بلغ أحلّ، فهذا الذي أمرناك به حجّ المتمتع، فألزم ذلك ولا يضيق صدرك، والذي أتاك به أبو بصير من صلاة إحدى وخمسين، والاهلال بالتمتع بالعمرة إلى الحج، وما أمرنا به من أن يهلّ بالتمتع فلذلك عندنا معان وتصاريف لذلك ما يسعنا ويسعكم، ولا يخالف شئ منه الحق ولا يضادّه [ والحمد لله رب العالمين ](١) ».

[٩١١٠] ٣ - بعض نسخ الفقه الرضوي: قالعليه‌السلام : « فإذا أردت الحج بالاقران وجب عليك أن تسوق معك من حيث أحرمت الهدي، بدنة أو بقرة تقلّدها وتشعرها من حيث تحرم، فإن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أحرم من ذي الحليفة، فأتي ببدنته وأشعر صفحة سنامها الأيمن، وسالت الدم عنها ثم قلّدها بنعلين، وكذلك في البقر في موضع سنامها، فإذا كان يوم التروية جلل بدنه(١) وراح به إلى منى وعرفات.

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - بعض نسخ الفقه الرضوي، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٤.

(١) في البحار: بدنته.

٧٦

وقد روي: من لم توقف(٢) له بدنة بعرفة ليس هدي(٣) إنما هي ضحيّة، فجلله بأي ثوب شئت، وإذا ذبحت تنزع عنه الجلّة والنعلين، وتصدّق بذلك أو شاة بدله، ومن العلماء من رخّص في القران بلا سوق، وأمّا نحن اختيارنا السوق، فإن عجزت عن سوق الهدي تعتمر عنه، لما كان من قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما سقت الهدي وتحللت مع الناس خير من العمرة، وفي بعض الحديث: لجعلتها عمرة، فهذا أخذ الأمر من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ سنة المتمتع، ولم يعش إلى القابل، وسئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : أي الحج أفضل؟ قال: العجّ والثجّ، قال: سئل عن تفسير ذلك، قال: العج: رفع الصوت، والثج: النحر، إذا دخلت وأنت متمتع فاقطع التلبية إذا استلمت الحجر، وقال بعض العلماء: إذا بدا لك بيوت مكّة فاقطع التلبية، ثم تطوف بالبيت، وتسعى بين الصفا والمروة سبعا، ثم تقص من شعرك والحلق أفضل، وابدأ بشقّك الأيمن ثم بالأيسر وادفن شعرك، فإذا فعلت ذلك فقد قضيت عمرتك، وحلّ لك كلّ شئ من لبس القميص والخف ومسّ الطيب ووطئ النساء إلى يوم التروية، ومن العلماء من يرى على المقارن طوافين وسعيين، ويأمره بالرجوع إلى البيت بعد فراغه من السعي، فيأمر بالطواف بالبيت سبع أُخر يرمل فيه، ويسعى بين الصفا والمروة سبعا أُخر كفعله في المرة الأُولى، يجعل الطواف والسعي الأوّل لعمرته، والطواف والسعي الثاني لحجته، إذا كان دخل بحجة وعمرة مقرن، ونحن نرى للإقران وللمتمتع وللمفرد كلّهم الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة مجز، لقول رسول

__________________

(٢) وفيه: توف.

(٣) الظاهر: بهدي (منه قده).

٧٧

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ لعائشة وكانت قارنا: يجزؤك طوافك لحجّك وعمرتك، وإذا كنت متمتعا أقمت بمكّة إلى يوم التروية، فإذا كان يوم التروية وأنت متمتّع وأردت الخروج إلى منى فخذ من شاربك ومن أظفارك، وأغتسل والبس إحرامك، إن شئت أحرمت من بيتك أو من الحجر أو من داخل الكعبة أو من المسجد أو من الأبطح، أجزاك من أي موضع شئت، وطف بالبيت سبعا لوداعك البيت عند خروجك إلى منى لا رمل عليك فيها، وصلّ ركعتين أو ما شئت أو أربعا قبل أن تخرج، ولا سعي عليك بين الصفا والمروة قارنا كنت أو مفردا أو متمتعا، ثم تلبي: لبيّك بحجة تمامها وبلاغها عليك، وإن أخّرت الطواف لحجك إلى رجوعك من منى فحسن، ثم توجه إلى منى فاتها ملبيّا، وانزل بمنى الجانب الأيمن منها ان تيسّر ذلك، وإلّا فحيث نزلت أجزأك، وبت بها ثم تغدو إلى عرفات إن شئت فلبّ وإن شئت فكبّر، وإذا انتهيت إلى عرفات فانزل بطن عرفة من وراء الأحواض إن استطعت، أو حيث نزلت أجزأك فإن وراء عرفات كلّها موقف إلى بطن عرفة فإذا زالت الشمس فاغتسل أو تتوضأ والغسل أفضل، ثم أئت مصلّى الإمام فصلّ معه الظهر والعصر بأذان وإقامتين، وإن لم تدرك الصلاة مع الامام فصلّ في رحلك، واجمع بين الظهر والعصر، ثم ائت الموقف فقف عند الصخرات وأنت مستقبل القبلة قريب من الامام وإلّا حيث شئت، فإذا سقطت القرصة فامض إلى المزدلفة وعليك السكينة والوقار، وأكثر الاستغفار والتلبية، فإذا انتهيت إلى الكثيب الأحمر عن يمنة الطريق، فقل: اللهم ارحم موقفي وزد في علمي ولا تصلّ المغرب حتى تأتي الجمع فانزل بطن واد عن يمين(٤) الطريق، ولا تجاوز الجبل ولا الحياض تكون قريبا من المشعر، وصلّ

__________________

(٤) في البحار: يمنى.

٧٨

بها المغرب والعتمة تجمع بينهما بأذان وإقامتين مع الإمام إن أدركت أو وحدك، ولا تبرح حتى تصلي بها الصبح، ولا تدفع حتى يدفع الامام، وذلك قبل طلوع الشمس حين يسفر الصبح ويتبيّن ضوء النهار، فإنّ الجاهلية كانوا لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثبير، فخالفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ فدفع قبل طلوع الشمس، ثم امش على هنيأتك حتى تأتي وادي محسر، وهو [ حد ](٥) ما بين المزدلفة ومنى وهو إلى منى أقرب، فاسع فيها إلى منى تجاوزها فإذا أتيت منى اغتسل أو توضأ، فإذا طلعت الشمس فأت الجمرة العظمى وهي جمرة العقبة فارم بسبع حصيات واقطع التلبية، ثم أهرق الدم ممّا معك، الجذع من الضان وهو ابن سبعة أشهر فصاعدا، والثنيّ من المعز وهو لاثني عشر شهرا فصاعدا، ومن الإبل ما كمل خمس سنين ودخل في الست، والثنيّ من البقر إذا استكمل ثلاث سنين وأول يوم من السنة الرابعة، ثم تحلق فقد (أحل كلّ شئ لك)(٦) إلّا الطيب والنساء، وكان بعض العلماء يرى الطيب، لأنه تطيب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قبل أن يطوف بالبيت، ومن العلماء من كره، فإذا فرغت من الذبح فأت رحلك وصل ركعتين وادع الله وسل حاجتك، وليس عليك يوم النحر غير صلواتك المكتوبة، فإذا حلقت فزر البيت من يومك أو ليلتك وإن أخرت [ أجزأك ](٧) إلى وقت النفر، ما لم تمس الطيب والنساء، فإذا أتيت مكة طف بالبيت سبعة أشواط، فإنّ ذلك هو الطواف الواجب الذي قال الله تعالى:

__________________

(٥) أثبتناه من البحار.

(٦) في البحار: حل لك كلّ شئ.

(٧) أثبتناه من البحار.

٧٩

( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) (٨) وصلّ ركعتين خلف المقام، وإن كنت قارنا أو مفردا فقد حل لك كلّ شئ، وليس عليك سعي الصفا والمروة، وإن كنت متمتعا فإن طوافك السبع للزيارة مجز لحجك ولزيارتك(٩) ، وعليك السعي بين الصفا والمروة في قول بعض العلماء، وبعض العلماء قالوا مجز للمتمتع سبعة بالصفا والمروة لعمرته في أوّل مقدمه، والطواف السبع مجز عن الزيارة والحجة، وإنّما عندهم على المتمتع طواف الزيارة فقط بلا سعي، ثم ارجع إلى منى ولا تبت بمكة أيام التشريق، فإذا كان اليوم الثاني مكثت حتى تطلع الشمس ثم تغتسل أو تتوضأ، وحملت معك واحدة وعشرين حصاة قبل أن تصلّي الظهرين(١٠) ترميها، وابدأ بالجمرة الأُولى وهي التي أقربهن إلى مسجد منى فارمها، واقصد للرأس فارمها بسبع حصيات تكبر مع كلّ حصاة، فإذا رميت فقف واجعل الجمرة عن يسار الطريق وأنت مستقبل القبلة، فاحمد الله واثن عليه، وصلّ على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وكبّر سبع تكبيرات، وقف عندها مقدار ما يقرأ الانسان مائة آية أو مائة وخمسين آية من القرآن، ثم ائت الجمرة الوسطى فارمها بسبع حصيات فافعل كما فعلت فيها، ثم تقدم امامها وقف على يسارها مستقبل القبلة مثل وقوفك في الأُخرى، ثم ائت جمرة العقبة فارمها بسبع حصيات ولا تقف عندها، ثم انصرف وصلّ الظهر، وتفعل في(١١) الغد مثل ما فعلته في اليوم الأول، فان أحببت التعجيل جاز لك، وإن أحببت التأخير تأخّرت، ولا ترم إلّا وقت الزوال قبل الظهر في كلّ يوم ».

__________________

(٨) الحج ٢٢: ٢٩.

(٩) في البحار: وللزيارة.

(١٠) وفيه الظهر.

(١١) وفيه: من الغد.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

مواجهة، وإليك فيما يلي بعض هذه النصوص :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا سباق إلّا في خفّ أو حافر أو نصل ( يعني النصال والرمي ) »(١) .

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قول الله عزّ وجلّ:( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ ) ( الأنفال: ٦٠ )، قال: « الرّمي »(٢) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « علّموا أبناءكم الرّمي والسّباحة »(٣) .

وقال أيضا: « اركبوا وارموا وأن ترموا أحبّ إليّ من أن تركبوا

كلّ لهو المؤمن باطل إلّا في ثلاث في تأديبه للفرس، ورميه عن القوس فإنّهنّ حقّ. إلّا أنّ الله عزّ وجلّ ليدخل بالسّهم الواحد الثلاثة الجنّة: عامل الخشبة والمقوّي به في سبيل الله والرّامي به في سبيل الله »(٤) .

وقال الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام : « الرّمي سهم من سهام الإسلام »(٥) .

وهذا يعني أنّ على كافة المسلمين أن يتلقّوا التدريب العسكريّ ويتعرّفوا على فنون الرماية والقتال. ليكونوا على استعداد كامل ودائم لأيّة مواجهة مع الأعداء.

ولقد دفعت الروح القتاليّة والبسالة والتشجيع على التدريب العسكريّ التي بثّها الإسلام في المسلمين إلى أن يتطوّعون بكامل رغبتهم للخدمة العسكريّة ويبادروا إلى الانضواء في الجيش الإسلاميّ كلّما استدعت الحاجة، واقتضت الظروف.

على أنّ السبب الرئيسيّ في ذلك هو أنّ الإسلام أفاض على الخدمة العسكريّة قدسية يخلو منها جميع الأنظمة البشريّة فقد اعتبر الإسلام الإنضواء في الجيش

__________________

(١ و ٢) وسائل الشيعة ١٣: ٣٤٥ ـ ٣٥١ كتاب السبق والرماية ـ باب استحباب الرمي والمراماة.

(٣) مستدرك الوسائل ٢: ٥١٧.

(٤ و ٥) وسائل الشيعة ١١: ١٠٧ باب استعمال تعلّم الرمي بالسهم.

٥٦١

الإسلاميّ والخدمة العسكريّة والقتال في صفوف هذا الجيش ( جهاداً في سبيل الله ).

وينطوي هذا اللفظ على بعد معنويّ رفيع جدّاً حيث يعني الجهد والسعي لحفظ البلاد وإنقاذ المستضعفين وإعلاء كلمة الله وذلك يكفي لأن تجتذب نحوها القلوب والضمائر. ذلك لأنّ هذا الوصف في الخدمة العسكريّة وهذا الهدف المقدّس يخرج العمل العسكريّ من كونه خدمة للطغاة، وسعياً من أجل إرضاء رغباتهم كما هو الحال في الجيوش الحاضرة، التي لم تنشأ في الأغلب إلّا لحماية الطواغيت ولا تحارب إلّا لإرضاء شهواتهم ورغباتهم وتحقيق مطامعهم.

من هنا يكفي للحكومة الإسلاميّة أن تعلن عن حاجتها إلى الجنود والمقاتلين لتنهال عليها طلبات الإلتحاق إلى صفوف الجيش من كلّ جانب بهدف أن ينالوا شرف الجهاد تحت لواء الإسلام، وهم يسمعون كلام الله إذ يقول:( وَفَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ) ( النساء: ٩٥ ).

على أنّ هذا الأمر لا يمنع من أن تتّخذ الحكومة الإسلاميّة جيشاً منظّماً مجهّزاً بأحدث الأسلحة والتكتيات عملاً بقوله سبحانه:( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لا تُظْلَمُونَ ) ( الأنفال: ٦٠ ).

بل وللحكومة الإسلاميّة أن تفرض نظام التجنيد الإجباريّ على بعض الناس ضمن شروط خاصّة إذ لا يمكن في مثل هذا العصر الذي تتّخذ فيه الدول الجيوش القويّة المدرّبة والمنظّمة، أن لا تتّخذ الحكومة الإسلاميّة جيشاً مماثلاً في القوّة والتدريب والنظام والعدّة، تنيط إليه مسؤولية الدفاع عن الوطن الإسلاميّ والمرابطة على ثغوره والسهر على أمنه الخارجيّ ودرء الأخطار عنه وإن كانت هذه المسؤوليّة قد تعمّ كلّ أفراد الاُمّة دون إستثناء إذا اقتضى الأمر، وتطلب أن يتطوّع الجميع لحمل السلاح، والدفاع عن حوزة الإسلام والمسلمين.

وخلاصة القول ؛ أنّ النظام والعمل العسكريّ في الإسلام لا يهدف فتح البلاد

٥٦٢

وغزو الشعوب واستعمارها، واستغلالها، بل يتركّز في أحد أمرين :

١. الدفاع عن حدود البلاد الإسلاميّة وحماية الاُمّة من غزو الغزاة، وعدوان الأعداء.

٢. تحرير المستضعفين وإنقاذهم من ظلم اُمرائهم وملوكهم ليختاروا ما يشاؤون من دين، ويتّخذوا بإرادتهم ما يريدون. وهذا ما أعلن عنه المسلمين يوم أرادوا فتح إيران وانقاذ أهلها من ظلم ملوكهم، وحيفهم.

فقد قال مندوب المسلمين لـمّا سأله الأمير الإيراني رستم عن سبب تحرّكهم العسكريّ نحو إيران، وسأله عن الدين الذي يحملونه ويبشّرون به :

« هو دين الحقّ وعموده الذي لا يصلح إلّا به فشهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله، والناس بنو آدم وحوا، اخوة لأب واُمّ »(١) .

تعاليم إنسانيّة في الحرب

ولذلك نجد للإسلام تعليمات إنسانيّة عظيمة للجنود والمقاتلين تكشف عن أهداف الحروب الإسلاميّة وغاياتها السامية، فها هو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كلّما أراد أن يبعث جيشاً إلى موضع من المواضع وصّاه بوصايا تفوح منها رائحة الرحمة والإنسانيّة، فعن الإمام الصادق جعفر بن محمّدعليه‌السلام قال: « كان رسُولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أراد أن يبعث سريّةً دعاهُم فأجلسهُم بين يديه ثُمّ يقُولُ :

سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله لا تغلوا ولا تمثّلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا صبيّاً، ولا امرأةً ولا تقطعوا شجراً إلّا أن تضطروا إليها

__________________

(١) الكامل لابن الأثير ١: ٣١٩ وفي رواية اُخرى قال :

الله جاء بنا وهو بعثنا لنخرج من يشاء من عباده من ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام. راجع الكامل ١: ٣٢٠.

٥٦٣

وأيّما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتّى يسمع كلام الله فإن تبعكم فأخوكم في الدّين، وإن أبى فأبلغوه مأمنه واستعينوا بالله »(١) .

وقالعليه‌السلام أيضاً: « إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا بعث أميراً له على سريّة أمره بتقوى الله عزّ وجلّ في خاصّة نفسه ثمّ في أصحابه عامّةً ثمّ يقول :

اغز باسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثّلوا ولا تقتلوا وليداً. ولا متبتّلاً في شاهق، ولا تحرقوا النّخل، ولا تغرقوه بالماء، ولا تقطعوا شجرة مثمرةً ولا تحرقوا زرعاً لأنّكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه، ولا تعقروا من البهائم يؤكل لحمه إلّا ما لا بدّ لكم من أكله، وإذا لقيتم عدوّاً للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث فإن هم أجابوكم فاقبلوا منهم وكفّوا عنهم :

ادعوهم إلى الإسلام فإن دخلوا فيه فاقبلوا منهم وكفّوا عنهم، وإن أبوا أن يهاجروا واختاروا ديارهم وأبوا أن يدخلوا في ديار الهجرة، كانوا بمنزلة أعراب المؤمنين يجري عليهم ما يجري على أعراب المؤمنين ولا يجري لهم في الفيء ولا في القسمة شيئاً إلّا أن يهاجروا [ يجاهدوا ] في سبيل الله. فإن أبوا هاتين فادعوهم إلى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون فإن أعطوا الجزية فاقبل وكفّ عنهم وإن أبوا فاستعن بالله عزّ وجلّ عليهم وجاهدهم في الله حقّ جهاده الخ »(٢) .

وكان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام إذا بعث سرية ولّي أمرها رجلاً ثمّ قال له: « أُوصيك بتقوى الله الّذي لا بدّ لك من لقائه ولا منتهى لك دونه وهو يملك الدّنيا والآخرة وعليك بالّذي بعثت له، وعليك بالّذي يقرّبك إلى الله عزّ وجلّ فإنّ فيما عند الله خلفاً من الدّنيا »(٣) .

إلى غير ذلك من التعليمات والوصايا التي تكشف عن أهداف النظام العسكريّ

__________________

(١) وسائل الشيعة ١١: ٤٢ ـ ٤٣.

(٢) وسائل الشيعة ١١: ٤٥ ـ ٤٦، وتاريخ اليعقوبيّ ٢: ٥٩.

(٣) الخراج: ١٦.

٥٦٤

في الإسلام.

ولعل من أبرز ما يكشف لنا عن هدف الإسلام من الجهاد والقتال والنشاط العسكريّ هو قوله تعالى:( وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ) ( النساء: ٧٥ ).

ولقد اهتمّ الإسلام بالجنود غاية الاهتمام، وأعطاهم غاية العناية لمالهم من الدور الحسّاس والخطير في الدولة الإسلاميّة.

فها هو الإمام عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام يوصي الأشتر النخعيّ واليه على مصر بالجنود ويقول في حقّهم ما لم يعرف التاريخ له مثيلاً: « فالجنود بإذن الله حصون الرّعيّة وزين الولاة، وعزّ الدّين وسبل الأمن وليس تقوم الرّعيّة إلّا بهم ثمّ لا قوام للجنود إلّا بما يخرج الله لهم من الخراج الذي يقوون به على جهاد عدوّهم ويعتمدون عليه فيما يصلحهم ويكون من وراء حاجتهم

وليكن أثر رؤوس جندك عندك من واساهم في معونته، وأفضل عليهم من جدته بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف أهليهم حتّى يكون همّهم همّاً واحداً في جهاد العدوّ فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك وإنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل في البلاد وظهور موّدة الرّعية »(١) .

كما أعطى الإمام عليّ تعليماته في النشاط العسكريّ فقال: « فقدّموا الدّارع، وأخّروا الحاسر وعضّوا على الأضراس فإنّه أنبى للسيوف عن الهام، والتووا في أطراف الرّماح فإنّه امور للأسنّة وغضّوا للأبصار فإنّه أربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل، ورايتكم فلا تميلوها ولا تخلّوها ولا تجعلوها إلّا بأيدي شجعانكم الخ »(٢) .

__________________

(١) نهج البلاغة: قسم الرسائل: رقم ٥٣.

(٢) نهج البلاغة: قسم الخطب: رقم ١٢ طبعة عبده.

٥٦٥

وقال: « تزول الجبال ولا تزل عض على ناجذك أعر الله جمجمتك، تدفي الأرض قدمك أرم ببصرك أقصى القوم وغضّ بصرك وأعلم أنّ النّصر من عند الله سبحانه »(١) .

وقال: « فإذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم فليكن معسكركم في قبل الأشراف أو سفاح الجبال، أو أثناء الأنهار، كيما يكون لكم رداءاً ودونكم مردّاً، ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين وأجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال ومناكب الهضاب، لئلاّ يأتيكم العدوّ من مكان مخافةً أو أمن. واعلموا أنّ مقدّمة القوم عيونهم وعيون المقدّمة طلائعهم، وإيّاكم والتفرّق، فإذا نزلتم فانزلوا جميعاً وإذا ارتحلتم فارتحلوا جميعاً، وإذا غشيكم الليل فاجعلوا الرّماح كفّةً، ولا تذوقوا النّوم إلّا غراراً أو مضمضةً »(٢) .

إنّ مثل هذا النظام ومثل هذه التعاليم حول العسكر يقتضي وجود جهاز خاصّ مستقلّ يقوم بشؤون الجند، ويتكفّل إدارة اُمورهم، وخاصّة أنّ الحاجة تزداد يوما بعد يوم إلى الجيوش المنظّمة القويّة، وتزداد متطلّبات الجنود.

إنّ القيام بشؤون الجند من وظائف السلطة التنفيذيّة فوزارة الدفاع من هذه السلطة هي التي يجب أن تتولّى هذه الناحية الخطيرة، وتنظّم الجيش الإسلاميّ بأحسن تنظيم.

وقالعليه‌السلام لأحد قادة جيشه حينما أنفذه إلى الشام: « اتّق الله الذي لا بدّ لك من لقائه ولا منتهى لك دونه، ولا تقاتلنّ إلّا من قاتلك وسر البردين [ الغداة والعشي ] وغور بالنّاس، ورفّه في السير، ولا تسر أوّل الليل فإنّ الله جعله سكناً، وقدّره مقاماً لا ظعناً، فأرح فيه بدنك وروّح ظهرك، فإذا وقفت حين ينبطح السحر، أو حين ينفجر الفجر فسر على بركة الله، فإذا لقيت العدوّ فقف من أصحابك وسطاً ولا تدن من القوم دنوّ من يريد أن ينشب الحرب، ولا تباعد عنهم تباعد من يهاب البأس حتّى يأتيك أمري، ولا يحملنّكم شن آنهم على قتالهم قبل دعائهم والاعذار إليهم »(٣) .

__________________

(١) نهج البلاغة: قسم الخطب: رقم ١٠.

(٢ و ٣) نهج البلاغة: قسم الكتب: رقم ١١، ١٢.

٥٦٦

وقالعليه‌السلام لأصحابه عند الحرب: « لا تشتدنّ عليكُم فرة بعدها كرّة ولا جولة بعدها حملة واعطُوا السّيُوف حُقُوقها، ووطّئُوا للجُنُوب مصارعها، واذمُرُوا أنفُسكُم على الطّعن الدّعسيّ والضرب الطّلحفي، واميتُوا الأصوات فإنّهُ أطردُ للفشل. فوالّذي فلق الحبّة، وبرأ النّسمة ؛ ما أسلمُوا ولكن استسلمُوا، وأسرّوا الكُفر، فلمّا وجدُوا أعواناً عليه أظهرُوهُ »(١) .

وقالعليه‌السلام في تعليم الحرب والمقاتلة: « معاشر المُسلمين: استشعرُوا الخشية وتجلببُوا السّكينة وعضّوا على النّواجذ فإنّهُ أنبى للسيوف عن الهام، وأكملُوا اللاّمة، وقلقلُوا السيوف في اغمادها قبل سلّها، والحظُوُا الخزر، واطعنُوا الشّزر، ونافحُوا بالضّبا، وصلُوا السّيُوف بالخُطا، واعلمُوا أنّكُم بعين الله، ومع ابن عمّ رسُول الله، فعاودُوا الكرّ، واستحيُوا من الفرّ، فإنهُ عار في الأعقاب، ونار يوم الحساب. وطيبُوا عن أنفُسكُم نفساً، وامشُوا إلى الموت مشياً سُجُحاً، وعليكُم بهذا السّواد الأعظم، والرّواق المُطنّب فاضربُوا ثبجهُ فإنّ الشيطان كامن في كسره، وقد قدّم للوثبة يداً وأخّر للنّكُوص رجلاً، فصمداً صمداً حتّى ينجلي لكُم عمُودُ الحقّ وانتُم الأعلون والله معكُم ولن يتركُم أعمالكُم »(٢) .

وجملة القول ؛ إنّ الإسلام أشار إلى أهم الخطوط والاُسس التي يجب أن تقوم عليها بناء العسكريّة الإسلاميّة تاركاً الخصوصيّات والتفاصيل لمقتضيات الزمن.

__________________

(١) نهج البلاغة قسم الكتب رقم ١٦.

(٢) نهج البلاغة قسم الخطب رقم ٦٣.

٥٦٧
٥٦٨

الفصل الثامن

المنابع الماليّة

للحكومة الإسلاميّة

لابدّ للبرامج من منابع ماليّة

لقد أوضحت البحوث السابقة صيغة الحكومة الإسلاميّة وأركانها ووظائفها وأهدافها وهنا ينطرح هذا السؤال :

كيف تستطيع الحكومة الإسلاميّة تطبيق هذه البرامج والقيام بهذه الوظائف الكبرى وكيف تضمن النفقات اللازمة لذلك ؟

وبتعبير آخر: ما هي المنابع الماليّة التي تعتمد عليها الحكومة الإسلاميّة وهل تكتفي بالضرائب المقرّرة المعروفة بالخمس والزكاة في تكوين ميزانيّتها أو أنّ هناك منابع وموارد ماليّة اُخرى تستعين بها هذه الحكومة في سدّ نفقاتها.

فربّما يقال: إنّ الإسلام الذي أغلق في وجه حكومته كلّ السبل غير المشروعة التي تعتمد عليها الحكومات الحاضرة كالضرائب المأخوذة على تجارة الخمور والبغاء والقمار، وما شابهها فتخسر بذلك واردات كبرى، كيف يمكنها أن تسدّ نفقاتها الهائلة

٥٦٩

من فريضتي الخمس والزكاة، المحدودتين ؟

غير أنّنا نلفت القارئ الكريم إلى أنّ الحكومة الإسلاميّة لا تقتصر على ( الخمس والزكاة ) الماليتين، فهما يشكّلان جانباً واحداً من عائداتها بل هناك منابع اُخرى نشير إليها باختصار :

١. الأنفال

وهي كلّ أرض ملكت بغير قتال، وكلّ موات، ورؤوس الجبال وبطون الأودية، والآجام والغابات والمعادن(١) ، وميراث من لا وارث له، وما يغنمه المقاتلون بغير إذن الإمام، وكافّة المياه العامّة والأحراش الطبيعيّة، والمراتع التي ليست حريماً لأحد وقطائع الملوك وصفاياهم غير المغصوبة.

فذلك كلّه يكون أمره بيد الحكومة الإسلاميّة باعتبارها الممثّلة الشرعيّة للاُمّة الإسلاميّة التي تعود إليها ملكيّة هذه الأشياء، فتتصرّف فيها الحكومة الإسلاميّة وتصرف عائداتها في مصالح المسلمين وشؤونهم، والأصل في ذلك قوله سبحانه:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ) ( الأنفال: ١ ).

وما لله وللرسول في هذه الآية يصرف في مصالح المسلمين.

ويدلّ على ذلك أيضاً قوله سبحانه:( وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ

__________________

(١) لقد اختلف فقهاء الشيعة الإماميّة في عدّ المعادن من الأنفال فمنهم ـ كالمفيد وسلار ـ من عدّها من الأنفال، تبعاً لما ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تعربف الأنفال حيث قال: « هي التي خربت والمعادن منها » وفي خبر آخر سئل عن الأنفال فقال: « المعادنُ والآجامُ » ومنهم من لم يعدّها من الأنفال ـ كالمحقّق وغيره ـ لاحظ جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ٣٨: ١٠١ ـ ١١٣.

وذهب الإمام الخمينيّ إلى أنّ المعادن من الأنفال إذا لم تكن لمالك خاصّ تبعا للأرض أو بالإحياء ( تحرير الوسيلة ١: ٣٦٩ )، هذا وللمعادن المكشوفة الموجودة في الأراضي المملوكة أحكام خاصّة فليرجع إلى الكتب الفقهيّة ( لاحظ تحرير الوسيلة ٢: ٢٢٠ ).

٥٧٠

عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( الحشر: ٦ ).

ويدلّ عليه أيضاً ما ورد عن الإمام الصادق جعفر بن محمّدعليه‌السلام إذ قال: « الأنفالُ ما لم يُوجفُ عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحُوا، أو قوم أعطُوا بأيديهم، وكُلّ أرض خربة وبُطونُ الأودية فهو لرسُول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو للإمام من بعده يضعُهُ حيثُ يشاءُ »(١) .

وما ورد عن الإمام الكاظم موسى بن جعفرعليه‌السلام أنّه قال: « ولهُ [ أي للإمام ] بعد الخُمس الأنفالُ والأنفالُ كُلّ أرض خربة باد أهلُها وكُلّ أرض لم يُوجف عليها بخيل ولا ركاب ولكن صالحُوا صُلحاً وأعطُوا بأيديهم على غير قتال، ولهُ رُؤُوس الجبال وبُطونُ الأودية والآجام وكُلّ أرض ميتة لاربّ لها، ولهُ صوافي الملوك ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب لأنّ الغصب كُلّهُ مردود [ أي على صاحبه الحقيقي ] وهُو وارثُ من لا وارث لهُ » ثمّ قال: « والأنفالُ إلى الوالي »(٢) .

إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الواردة في هذا الشأن.

وتشكّل هذه المصادر الطبيعيّة أضخم ثروة ماليّة خاصّة في مناطق العالم الإسلاميّ، فيكفي أن نعرف أنّ إيران وحدها تملك (١٩) مليون هكتار من الغابات الغنيّة بالأخشاب التي قدّرت ب‍ (٣٠٠) مليون متر مكعّب من الخشب القابل للانتفاع، هذا مضافاً إلى ما تعطيه أشجار الغابات من الثمار والمواد التصنيعيّة والكيمياويّة التي تشكّل بنفسها أعظم ثروة طبيعيّة وأضخم مورد ماليّ(٣) .

بل يكفي أن نعلم أنّ العالم الإسلاميّ ينتج ( ٦٦ % ) من مجموع ما ينتجه العالم من الزيت الخام [ النفط ] وحده، كما أنّ لدينا احتياطيّ ضخم من المعادن كما تنتج ( ٧٠ % ) ممّا ينتجه العالم من المطّاط الطبيعيّ و ( ٤٠ % ) ممّا ينتجه العالم من الجوت الطبيعيّ ،

__________________

(١ و ٢) وسائل الشيعة ٦: ٣٦٤، ٣٦٥ ـ ٣٦٦.

(٣) راجع كتاب الأنفال أو الثروات العامّة.

٥٧١

و ( ٥٦ % ) من زيت النخيل، ويوجد احتياطيّ عظيم من الحديد والنحاس وحتّى اليورانيوم الذي أصبح ثميناً للغاية في هذه الأيام نظراً لإستعماله في انتاج الطاقة النووية فإنّه موجود أيضاً في أقطار إسلاميّة عديدة من أفريقيا(١) .

٢. الزكاة

وهي ضريبة تجب في تسعة أشياء: الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم، والنقدين وهما الذهب والفضة، والغلاّت وهي الحنطة والشعير والتمر والزبيب(٢) والأدلّة عليها من الكتاب والسنّة ما لا يحصى.

٣. الخمس

ويجب في سبعة أشياء :

الأوّل: الغنائم المأخوذة من أهل الحرب قهراً بالمقاتلة.

الثاني: المعادن من الفضّة والرصاص والصفر والحديد والياقوت والزبرجد والفيروزج والعقيق والزيبق والكبريت والنفط والقير والسبخ والزاج والزرنيخ والكحل والملح بل والجصّ والنورة وغيرها.

على أنّ المعادن الأرضيّة بما أنّها من الأنفال كما أشرنا إليه متعلّقة كلّها بالحكومة الإسلاميّة أساساً، ولكن لا يحقّ للحكومة أن تحتكرها أو تهبها لأحد مجانا، ولا أن تستخرجها بلا ميزان، وتضع عائداتها في البنوك والمصارف لحساب شخص أو أشخاص معيّنين.

أنّ هذه المعادن تعتبر من الأنفال التي يقول الله سبحانه عنها:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ

__________________

(١) الحل الإسلاميّ ضرورة وفريضة ١: ٣٠ وأيضاً راجع كتاب اقتصاديّات العالم الإسلاميّ.

(٢) العروة الوثقى كتاب الزكاة: ٣٩٠ هذا وللوقوف على آراء سائر المذاهب حول ما تجب فيه الزكاة لاحظ الفقه على المذاهب الأربعة.

٥٧٢

الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ ) أي تعود ملكيتها إلى الدولة باعتبارها ممثّلة شرعيّة عن الاُمّة وخليفة عن الله والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ولكنّها مختارة في أن تقوم هي بنفسها باستخراجها وصرف عائداتها لصالح الاُمّة، أو أن تسلّمها إلى شركة أو شخص معيّن للاستخراج، وذلك حسب الشرائط التي تقوم بها المصلحة.

ثمّ إذا سلّمت الحكومة هذه المعادن إلى شركة، أو فرد خاصّ، تبعاً للمصلحة، فإنّ الشركة المستخرجة أو الفرد المستخرج يملك ما يستخرجه بشرط أن يدفع ( خمسه ) إلى الحكومة الإسلاميّة، مضافاً إلى ما يدفعه إلى الدولة في مقابل تسليم هذه المعادن إلى تلك الشركة أو ذلك الفرد الخاصّ من قبل الحكومة الإسلاميّة، نعم إنّ المصالح الفعليّة للاُمّة الإسلاميّة لا تسمح للحكومة الإسلاميّة أن تسلّم معادن البترول والذهب والفضة واليورانيوم، والألماس وما شابهها إلى فرد أو شركة خاصّة، بل عليها هي أن تقوم باستخراج هذه المعادن وتصنيعها. وصرف مواردها في المصالح العامّة للاُمّة الإسلاميّة.

يبقى أن نعرف أنّ الانتفاع من هذه المعادن واستخراجها قد يقتضي أحياناً استخدام المستشارين والمتخصّصين الأجانب فهل يجوز للحكومة الإسلاميّة استخدامهم لذلك أو لا ؟

الحقّ أنّ هؤلاء المستشارين الأجانب لـمّا كانوا في الأغلب يلعبون دوراً تجسّسيّاً، أو يسيئون إلى كرامة المسلمين أو يمهّدون لسيادة الاستعمار البغيض على بلاد المسلمين فعلى الحكومة الإسلاميّة أن تستعين بهم بقدر الضرورة مع التحفّظ والتحوّط الكامل منهم، في حين تدفع مجموعة من خيرة أبنائها لتحصيل العلوم المرتبطة بهذه المجالات والتخصّص في هذه الشؤون تخلّصاً من هذه المشكلة التي دلّت التجارب الكثيرة على أنّها السبب الرئيس في كثير من مشاكل المسلمين.

الثالث: الكنز، وهو المال المذخور في الأرض أو الجبل أو الجدار.

الرابع: الغوص، أي ما اُخرج به من الجواهر من البحر مثل اللؤلؤ والمرجان.

الخامس: المال الحلال المخلوط بالحرام على وجه لا يتميّز مع الجهل.

٥٧٣

السادس: الأرض التي اشتراها الذمّي من المسلم سواء أكانت أرضاً زراعيّة أم سكنيّة.

السابع: ما يفضل من مؤونة سنة المكتسب ومؤونة عياله من أرباح التجارات والصناعات والمكاسب، ويدخل في هذا القسم ما يتعلّق بأرباح مصانع انتاج السكر، والصوف والخيوط والقطن والأدوية والسيارات والمدافئ والخزف والسجاجيد وقطع الخشب، والأغذية، والورق، وغيرها والأصل في ذلك قوله سبحانه:( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) ( الأنفال: ٤١ ).

ولكي نثبت للقارئ الكريم أنّ المال الوارد عن طريق الخمس لا يكون شيئاً يسيراً بل يشكّل مورداً ماليّاً كبيراً للدولة الإسلاميّة لا بدّ أن نثبت للقارئ أنّ فريضة الخمس التي سنّها الإسلام تعمّ غنائم الحرب، وغيرها ممّا ذكرناها ممّا يشكّل مجموعها قدراً كبيراً ووارداً هائلاً، ولذلك فنحن مضطرّون لإجراء تحقيق حول عموميّة الخمس للغنائم وغيرها.

تحقيق ضروريّ حول الخمس

إنّنا لا ننكر أنّ لفظة الغنيمة صارت في مصطلح الفقهاء في القرون الأخيرة، منحصرة فيما يؤخذ من الكفّار والمشركين بالقتال والحرب، إلّا أنّ مراجعة واحدة لوضع هذه اللفظة في اللغة، واستعمالها في الكتاب والسنّة تكشف لنا أنّ هذه اللفظة كانت تطلق في مطلق ما يفوز به الإنسان من منافع وأموال ولو بدون الحرب، وأنّ ما حصل لها من الحصر في غنائم الحرب، كان بعد العصر الأوّل للرسالة الإسلاميّة، وعلى ذلك يكون الخمس متعلّقاً بكلّ ما يكتسبه الإنسان لا بمغانم الحرب فقط وإليك تحقيق المطلب فيما يلي :

الغنيمة في اللغة

إنّ ما يظهر من أئمّة اللغة هو أنّ الغنيمة بمادّتها الأوّلية تستعمل في مطلق ما

٥٧٤

يحصل عليه الإنسان بيسر وسهولة، ولو كان بغير حرب وقتال ومدافعة وإليك بعض ما نصّت به أئمّة اللغة وأقطابها.

قال الجوهريّ في صحاحه: ( والمغنم والغنيمة بمعنى [ أي بمعنى واحد ] يقال: غنم القوم غُنماً ـ بالضمّ ـ وغنمته تغنيماً إذا نفلته. واغتنمه وتغنّمه عدّه غنيمة )(١) .

وقال ابن فارس في مقاييسه: ( غنم أصل صحيح واحد يدلّ على إفادة شيء لم يملك من قبل ثمّ يختص بما اُخذ من مال المشركين )(٢) .

وقال الراغب في مفرداته: ( والغنم، إصابته والظفر به ثمّ استعمل في كلّ مظفور به من جهة العدى وغيرهم )(٣) .

ويشير ابن الأثير إلى المعنى الأصليّ لهذه اللفظة في تفسير بعض الأحاديث ويقول: ( فلان يتغنم الأمر أي يحرص عليه كما يحرص على الغنيمة، ومنه الحديث: « الصّومُ في الشّتاء غنيمة باردة » سمّاها غنيمة لما فيها من الأجر والثواب ومنه: « الرّهن لمن رهنهُ لهُ غنمهُ وعليه غرمُه » وغنمه: زيادته ونماؤه وفاضل قيمته )(٤) .

وقال في لسان العرب مثل ما قاله ابن الأثير(٥) .

وقال الفيروزآبادي في قاموسه: ( والغُنم ـ بالضم ـ الفوز بالشيء لا مشقّة وأغنمه كذا تغنيماً نفله إيّاه، واغتنمه وتغنّمه عدّه غنيمة )(٦) .

وقال الأزهريّ في تهذيبه: ( قال الليث: الغنم الفوز بالشيء فاز به، والاغتنام انتهاز الغنم )(٧) .

وممّا قاله أئمّة اللغة في الغنيمة نعرف أنّ العرب كانت تستعمل هذه اللفظة في كلّ ما يفوز به الإنسان حتّى ولو لم يكن من طريق الحرب والقتال.

__________________

(١) صحاح اللغة: مادة ( غنم ).

(٢) مقاييس اللغة: مادة ( غنم ).

(٣) مفردات الراغب: مادة ( غنم ).

(٤) غريب مفردات الحديث: مادة ( غنم ).

(٥) لسان العرب: مادة ( غنم ).

(٦) قاموس اللغة: مادة ( غنم ).

(٧) تهذيب اللغة: مادة ( غنم ).

٥٧٥

وقد وردت هذه اللفظة بنفس المعنى في الكتاب والسنّة وأفادت مطلق ما يفوز به الإنسان وإليك الشواهد منهما فيما يلي :

الغنيمة في الكتاب والسنّة

لقد استعمل القرآن لفظة المغنم فيما يفوز به الإنسان وإن لم يكن عن طريق القتال بل كان عن طريق العمل العادي الدنيويّ أو الاُخرويّ إذ يقول سبحانه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ) ( النساء: ٩٤ ).

والمراد بالمغنائم الكثيرة هو أجر الآخرة بدليل مقابلته لعرض الحياة الدنيا فيعلم أنّ لفظ المغنم لا يختصّ بالاُمور والأشياء التي يحصل عليها الإنسان في هذه الدنيا، وفي ساحات الحروب فقط بل هي عامّة شاملة لكلّ مكسب وفائدة.

ثمّ إنّه قد وردت هذه اللفظة في الأحاديث واُريد منها مطلق الفائدة الحاصلة للمرء ففي باب « ما يقال عند إخراج الزكاة » من سنن ابن ماجة جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أللّهم اجعلها مغنماً ولا تجعلها مغرماً »(١) .

وفي مسند أحمد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « غنيمةُ مجالس الذّكر الجنّة »(٢) .

وفي وصف شهر رمضان عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « هُو غنم للمُؤمن »(٣) .

كما جاء في دعاء مشهور: « والغنيمةُ من كُلّ برّ ».

هذا مضافا إلى أنّ الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله طلب في مكاتيبه ورسائله من جماعات مسلمة نائية عن المدينة، غير مشتركة في القتال تحت راية النبيّ، أن يدفعوا الخمس، وإليك طائفة من هذه الرسائل :

__________________

(١) سنن ابن ماجه: كتاب الزكاة الحديث ١٧٩٧.

(٢) مسند أحمد ٢: ٣٣٠ و ٣٧٤ و ٥٢٤.

(٣) مسند أحمد ٢: ١٧٧.

٥٧٦

الخمس في رسائل النبيّ وعهوده

١. لـمّا قال وفد عبد القيس لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ بيننا وبينك المشركين من مضر، وإنّا لا نصل إليك إلّا في أشهر حرم فمرنا بحمل الأمر إن عملنا به دخلنا الجنة، وندعو إليه من ورائنا » فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « آمرُكُم بأربع وأنهاكُم عن أربع، آمُرُكُم بالإيمان بالله، وهل تدرُون ما الإيمانُ: شهادةُ أن لا إله إلّا الله، وإقامُ الصّلاة، وإيتاءُ الزّكاة وتُعطُوا الخُمس من المغنم »(١) .

ومن المعلوم أنّ النبيّ لم يطلب من بني عبد القيس أن يدفعوا غنائم الحرب كيف وهم لا يستطيعون الخروج من حيّهم في غير الأشهر الحرم خوفاً من المشركين فيكون قد قصد المغنم بمعناه الحقيقيّ في لغة العرب وهو ما يفوزون به بلا مشقّة فعليهم أن يعطوا خمس ما يربحون.

٢. كتب لعمر بن حزم حين بعثه إلى اليمن :

« بسم الله الرّحمن الرّحيم هذا عهد من النبيّ رسول الله لعمرُو بن حزم حين بعثهُ إلى اليمن، أمرهُ بتقوى الله في أمره كُلّّه وأن يأخُذ من المغانم خُمس الله وما كُتب على المؤمنين من الصّدقة من العقار عُشرُ ما سقى البعلُ وسقت السّماءُ »(٢) .

٣. كتب إلى شرحبيل بن كلال ونعيم بن كلال وحارث بن كلال رؤساء قبيلة ذي رعين ومعافر وهمدان: « أمّا بعدُ فقد رجع رسُولُكُم وأعطيتُم من المغانم خُمس الله »(٣) .

٤. كتب لسعد هذيم من قضاعة وإلى جذام كتاباً واحداً يعلمهم فرائض

__________________

(١) صحيح البخاريّ ٤: ٢٠٥، باب والله خلقكم وما تعملون، و ١: ١٣ و ١٩، ٣: ٥٣ وصحيح مسلم ١: ٣٥ و ٣٦ باب الأمر بالإيمان، وسنن النسائيّ ٣: ٣٣٣، ومسند أحمد ٣: ٣١٨، الأموال: ١٢ وغيرها.

(٢) فتوح البلدان ١: ٨١، وسيرة ابن هشام ٤: ٢٦٥.

(٣) تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك ١: ١٥٧.

٥٧٧

الصدقة ويأمرهم أن يدفعوا الصدقة والخمس إلى رسوليه(١) .

إنّ النبيّ حينما طلب دفع الخمس على أيدي رسوليه لم يطلب خمس غنائم الحرب التي خاضوها مع الكفّار وإنّما قصد ما استحق عليهما من الصدقة وخمس الأرباح :

٥. كتب للفجيع ومن تبعه: « من مُحمّد النبيّ للفجيع ومن تبعهُ وأسلم وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة وأطاع الله وأعطى من المغانم خُمس الله »(٢) .

٦. كتب لجنادة الأزديّ وقومه ومن تبعه: « ما أقامُوا الصّلاة وآتُوا الزّكاة وأطاعُوا الله ورسُولهُ وأعطُوا من المغانم خُمس الله »(٣) .

٧. كتب لجهينة بن زيد فيما كتب :« وتشربُوا ماءها على أن تُؤدّوا الخُمس »(٤) .

٨. كتب لملوك حمير فيما كتب: « وآتيتُمُ الزكاة من المغانم خُمس الله وسهم النبيّ وصفيّه وما كتب الله على المُؤمنين من الصّدقة »(٥) .

٩. كتب لبني ثعلبة بن عامر: « من أسلم منهُم وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة وخُمس المغنم وسهم النّبيّ والصفّى »(٦) .

١٠. كتب إلى بعض أفخاذ جهينة: « من أسلم منهُم وأعطى من الغنائم الخُمس »(٧) .

ويتبيّن ـ بجلاء ـ من هذه الرسائل أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن يطلب منهم أن يدفعوا خمس غنائم الحرب التي اشتركوا فيها بل كان يطلب ما استحقّ في أموالهم من خمس وصدقة.

__________________

(١ و ٢ و ٣) طبقات ابن سعد ١: ٢٦٩ ـ ٢٧٠.

(٤) الوثائق السياسيّة: ١٤٢.

(٥) فتوح البلدان ١: ٨٥، وسيرة ابن هشام ٤: ٢٥٨.

(٦) الإصابة ٢: ١٨٩، واسد الغابة ٣: ٣٤.

(٧) سنن أبي داود ٢: ٥٥ الباب (٢٠) وسنن النسائيّ ٢: ١٧٩.

٥٧٨

ثمّ إنّه كان يطلب منهم الخمس دون أن يشترط ـ في ذلك ـ خوض حرب واكتساب الغنائم.

هذا مضافاً إلى أنّ الحاكم الإسلاميّ أو نائبه هما اللذان يليان بعد الفتح قبض جميع غنائم الحرب، وتقسيمها بالنحو الذي يحب بعد أن يستخرج منها الخمس، ولا يملك أحد من الغزاة عدا سلب القتيل شيئاً ممّا سلب وإلاّ كان سارقاً مغلاًّ.

فإذا كان إعلان الحرب وإخراج خمس الغنائم على عهد النبيّ من شؤون النبيّ في هذه الاُمّة فماذا يعني طلبه الخمس من الناس وتأكيده في كتاب بعد كتاب وفي عهد بعد عهد. فيتبيّن أنّ ما كان يطلبه لم يكن مرتبطاً بغنائم الحرب.

هذا مضافا إلى أنّه لا يمكن أن يقال: إنّ المراد بالغنيمة في هذه الرسائل هو ما كان يحصل الناس عليه في الجاهليّة عن طريق النهب كيف وقد نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن النهب والنهبة بشدّة ففي كتاب الفتن باب النهي عن النهبة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من انتهب نُهبةً فليس منّا »(١) .

وقال: « إنّ النُهبة لا تحلّ »(٢) .

وفي صحيح البخاري ومسند أحمد عن عبادة بن الصامت: بايعنا النبيّ أن لا ننتهب(٣) .

وفي سنن أبي داود باب النهي عن النهبى عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأصاب الناس حاجة شديدة وجهدوا وأصابوا غنماً فانتهبوها فإنّ قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله يمشي متّكئاً على قوسه فأكفأ قدورنا بقوسه ثمّ جعل يرمل اللحم بالتراب ثمّ قال: « إنّ النُهبة ليست بأحلّ من الميتة »(٤) .

وعن عبد الله بن زيد: ( نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن النهبى والمثلة )(٥) .

__________________

(١ و ٢) سنن ابن ماجه: ١٢٩٨ ـ ١٢٩٩.

(٣) صحيح البخاريّ ٢: ٤٨ باب النهبى بغير إذن صاحبه.

(٤) سنن أبي داود ٢: ١٢.

(٥) رواه البخاريّ في الصيد راجع التاج ٤: ٣٣٤.

٥٧٩

إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في كتاب الجهاد.

وقد كانت النهيبة والنهبى عند العرب تساوق الغنيمة والمغنم ـ في مصطلح يومنا هذا ـ الذي يستعمل في أخذ مال العدو.

فإذا لم يكن النهب مسموحاً به في الدين، وإذا لم تكن الحروب التي يقوم بها أحد بغير اذن النبيّ جائزة لم تكن الغنيمة تعني دائماً ما يؤخذ في القتال بل كان معنى الغنيمة الواردة في كتب النبيّ هو ما يفوز به الناس من غير طريق القتال بل من طريق الكسب وما شابهه. ولا محيص حينئذ من أن يقال: إنّ المراد بالخمس الذي كان يطلبه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هو خمس أرباح الكسب والفوائد الحاصلة للإنسان من غير طريق القتال، أو النهب الممنوع في الدين.

وعلى الجملة: إنّ الغنائم المطلوب في هذه الرسائل النبويّة اداء خمسها إمّا أن يراد ما يستولي عليه أحد من طريق النهب والإغارة، أو ما يستولي عليه من طريق محاربة بصورة الجهاد أو ما يستولي عليه من طريق الكسب والكدّ.

والأوّل ممنوع بنصّ الأحاديث السابقة فلا معنى أن يطلب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خمس النهيبة.

وفي الثاني يكون أمر الغنائم بيد النبيّ مباشرة فهو الذي يأخذ كلّ الغنائم ويضرب لكلّ من الفارس والراجل ما له من الأسهم بعد أن يستخرج الخمس بنفسه من تلك الغنائم، فلا معنى لأن يطلب النبيّ الخمس من الغزاة. فيكون الثالث هو المتعيّن.

وقد ورد فرض الخمس في غير غنائم الحرب في أحاديث منقولة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ففي سنن البيهقي عن أبي هريرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ قال: « في الرّكاز الخُمسُ ».

قيل: وما الركاز يا رسول الله ؟

فقال: « الذهبُ والفضّةُ الذي خلقهُ الله في الأرض يوم خُلقت »(١) .

__________________

(١) سنن البيهقيّ ٤: ١٥٢ و ١٥٥.

٥٨٠

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627