مفاهيم القرآن الجزء ٢

مفاهيم القرآن9%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 627

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 627 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 228695 / تحميل: 6461
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

وأقول :

لا تنفعهم الاصطلاحات الصرفة ، وأنّ الخلق غير الفعل ـ كما سبق(١) ـ.

ولو سلّم ، فالمصنّف يلزمهم بأنّه إذا كان الله تعالى خالقا للقبائح كالظلم والعبث ، فقد جاز أن تكون مخلوقاته كلّها منها ، فلا يكون في الكون إلّا ما هو من جنس العبث والظلم واللواط والزنا والقيادة والفساد في الأرض ونحوها ، فإذا جاز ذلك عندهم ، فقد جوّزوا أن يكون الله سبحانه عابثا ظالما ، إذ لا شكّ لكلّ عاقل أنّ من تكون مخلوقاته هكذا لا غير ، يكون عابثا ظالما ؛ تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

وقوله : « لا قبيح بالنسبة إليه » ؛ قد عرفت أنّه باللغو أشبه(٢) .

وأمّا ما زعمه من أنّ خالق الصفة غير المتّصف بها

ففيه : إنّه عليه لا يصحّ وصف الله تعالى بالصفات الفعلية ، فلا يقال له : هاد ورحمن ورازق ؛ لأنّ الهداية والرحمة والرزق مخلوقة له ، ولا محيي ولا مميت ولا معزّ ولا مذلّ إلى غير ذلك.

فالحقّ أنّ الصفات منها ما يكون التلبّس بمبدئها باعتبار إيجاده ، كالظالم والعابث والأبيض والهادي والمحيي والضارب ، ونحوها.

ومنها : ما يكون التلبّس به باعتبار قيامه وحلوله بالموصوف ،

__________________

(١) تقدّم في الصفحة ٩ من هذا الجزء.

(٢) انظر ردّ الفضل في الصفحة ٧ وردّ الشيخ المظفّر1 عليه في الصفحة ٩ من هذا الجزء ، وانظر كذلك ردّ الشيخ المظفّر في ج ٢ / ٢٦١ وما بعدها.

٢٢١

كالحيّ والميّت والأبيض والأسود ، ونحوها.

ومنها : غير ذلك كما سبق بيانه(١) .

فحينئذ لا وجه لنقض الخصم بالأسود في محلّ الكلام ، من نحو الظالم والعابث واللاعب ، كما لا ريب في صدق هذه المشتقّات على من أوجد مبادئها ، وهي الظلم والعبث واللعب ، لا سيّما إذا اختصّت مصنوعاته بهذه المبادئ.

وأمّا ما أورده من النقض بخلق الخنزير ونحوه ، بدعوى أنّها قبائح ، فقد مرّ أنّها لم تخلق إلّا لحكم ومصالح فيها ، فلا توصف بالقبح واقعا وإن وصفت به تسامحا وببعض الجهات(٢)

على أنّ القبح المتنازع فيه هو القبح في الأفعال ، وهو المعنى الثالث الذي ذكره(٣) ، والقبح في الأعيان لا يكون إلّا بالمعنى الثاني ، وهو معنى الملاءمة والمنافرة الذي ليس هو محلّا للنزاع باعترافهم.

* * *

__________________

(١) انظر ج ٢ / ٢٣٣.

(٢) انظر الصفحة ٢٦ من هذا الجزء.

(٣) راجع ردّ الفضل في ج ٢ / ٣٢٧.

٢٢٢

قال المصنّف ـ عطّر الله ضريحه ـ(١) :

ومنها : إنّه يلزم إلحاق الله تعالى بالسفهاء والجهّال ، تعالى الله عن ذلك ؛ لأنّ من جملة أفعال العباد الشرك بالله تعالى ، ووصفه بالأضداد والأنداد والأولاد ، وشتمه وسبّه.

فلو كان الله تعالى فاعلا لأفعال العباد ، لكان فاعلا للأفعال كلّها ولكلّ هذه الأمور ، وذلك يبطل حكمته ؛ لأنّ الحكيم لا يشتم نفسه ، وفي نفي الحكمة إلحاقه بالسفهاء ، نعوذ بالله من هذه المقالات الرديّة.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٦.

٢٢٣

وقال الفضل(١) :

ونحن نقول : نعوذ بالله من هذه المقالة المزخرفة الباطلة ، وهذا شيء نشأ له لعدم الفرق بين الخالق والفاعل ، فإنّ الله يخلق الأشياء ، فالسبّ والشتم له ـ وإن كانا مخلوقين لله تعالى ـ فبما فعل العبد ، والمذمّة للفعل لا للخلق ، فلا يلزم كونه شاتما لنفسه.

وخلق هذه الأفعال ليس سفها حتّى يلزم إلحاقه تعالى بالسفهاء ، نعوذ بالله من هذا ؛ لأنّ الله تعالى قدّر في الأزل شقاوة الشاتم له ، والسابّ له ، وأراد إدخاله النار ، فيخلق فيه هذه الأفعال ، لتحصل الغاية التي هي دخول الشاتم النار ، فأيّ سفه في هذا؟!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٢.

٢٢٤

وأقول :

لو سلّم أنّ الخالق غير الفاعل فلا يرتفع السفه ؛ لأنّه إنّما ينشأ من إيجاد الشخص سبّ نفسه وما ينقصه ، سواء سمّي خلقا أم فعلا ، فإنّ مجرّد الاصطلاح لا يدفع المحذور.

ولكنّ هذا ليس بأعظم من قوله بإرادة الله سبحانه إدخال عبده النار ، فيتسبّب إليه بجعله محلّا لسبّه وسائر القبائح ، مع عجزه عن الدفع لتحصل الغاية ، وهي تعذيب عبده الضعيف الأسير بأشدّ العذاب!

والحال أنّه لا حاجة إلى هذا التسبّب المستهجن ؛ لأنّه يصحّ عندهم أن يعذّب عبده ابتداء وبلا سبب ، فما أعجب أقوال هؤلاء وما أقبحها وما أجرأهم على الله العظيم!

* * *

٢٢٥

قال المصنّف ـ قدّس الله روحه ـ(١) :

ومنها : إنّه يلزم مخالفة الضرورة ؛ لأنّه لو جاز أن يخلق الزنا واللواط ، لجاز أن يبعث رسولا هذا دينه.

ولو جاز ذلك لجوّزنا أن يكون في ما سلف من الأنبياء من لم يبعث إلّا للدعوة إلى السرقة ، والزنا ، واللواط ، وكلّ القبائح ، ومدح الشيطان وعبادته ، والاستخفاف بالله تعالى ، والشتم له ، وسبّ رسوله ، وعقوق الوالدين ، وذمّ المحسن ، ومدح المسيء.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٦.

٢٢٦

وقال الفضل(١) :

لو أراد من نفي جواز بعثه الرسول بهذه الأشياء الوجوب على الله تعالى ، فنحن نمنعه ؛ لأنّه لا يجب على الله شيء.

وإن أراد بنفي هذا الجواز الامتناع عقلا ، فهو لا يمتنع عقلا.

وإن أراد الوقوع ، فنحن نمنع هذا ؛ لأنّ العلم العادي يفيدنا عدم وقوع هذا ، فهو محال عادة ، والتجويز العقلي لا يوجب وقوع هذه الأشياء كما عرفته مرارا(٢) .

ثمّ إنّه صدّر كلامه بلزوم مخالفة الضرورة ، وأيّ مخالفة للضرورة في هذا المبحث؟!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٤.

(٢) انظر الصفحات ٧ و ٦٥ و ٩٩ من هذا الجزء.

٢٢٧

وأقول :

يمكن اختيار الشقّ الأوّل ؛ لأنّ الله سبحانه أوجب على نفسه الهدى وقصد السبيل حيث قال :( إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى ) (١) ( وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) (٢) .

ولا ريب أنّ إرسال الرسول بتلك الفواحش والقبائح وقطع السبيل ، مناف للهدى وقصد السبيل.

ويمكن اختيار الشقّ الثاني ؛ لحكم العقل(٣) بامتناع أن يبعث الله تعالى رسولا بهذا الدين ؛ لأنّه من أظهر منافيات الحكمة وأعظم النقص بالملك العدل ، فهو ممتنع عقلا بالغير ، بل مثله نقص في حقّ أقلّ العقلاء.

ويمكن اختيار الشقّ الثالث ، أعني الوقوع احتمالا ؛ لأنّه إذا جاز أن يخلق الله سبحانه تلك القبائح ، احتملنا أن يكون قد بعث بها رسولا.

ودعوى العلم العادي بالعدم ممنوعة ، إذ لم يطّلع أحدنا على جميع الأنبياء وشرائعهم ، ولم نعرف منهم إلّا النادر ، فلعلّ هناك نبيّ أو أنبياء هذه شريعتهم لم يتّبعهم أحد ، أو اندرست أممهم.

ولا عجب من الخصم إذ أنكر على دعوى الضرورة ، فإنّ أمرهم مبنيّ على إنكار الضروريات!

__________________

(١) سورة الليل ٩٢ : ١٢.

(٢) سورة النحل ١٦ : ٩.

(٣) كذا في المخطوط ، وفي المطبوعتين : الكلّ.

٢٢٨

قال المصنّف ـ شرّف الله منزلته ـ(١) :

ومنها : إنّه يلزم أن يكون الله سبحانه أشدّ ضررا من الشيطان ؛ لأنّ الله لو خلق الكفر في العبد ثمّ يعذّبه عليه لكان أضرّ من الشيطان ؛ لأنّ الشيطان لا يمكن أن يلجئه إلى القبائح ، بل يدعوهم إليها كما قال الله تعالى :( وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ) (٢) .

ولأنّ دعاء الشيطان هو أيضا من فعل الله تعالى ، وأمّا الله سبحانه فإنّه يضطرّهم إلى القبائح!

ولو كان كذلك لحسن من الكافر أن يمدح الشيطان وأن يذمّ الله ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٦.

(٢) سورة إبراهيم ١٤ : ٢٢.

٢٢٩

وقال الفضل(١) :

نعوذ بالله من التفوّه بهذه المقالة ، والاستجراء على تصوير أمثال هذه الترّهات ، فإنّ الله تعالى يخلق كلّ شيء ، والتعذيب مرتّب على المباشرة والكسب ، وخلق الكفر ليس بقبيح ؛ لأنّ غايته دخول الشقي النار ، كما يقتضيه نظام عالم الوجود.

والتصرّف في العبد بما شاء ليس بظلم ؛ لأنّه تصرّف في ملكه ، وقد عرفت أنّ تصرّف المالك في الملك بما شاء ليس بظلم(٢) ، والله تعالى وإن خلق الكفر في العبد ، ولكنّ العبد هو يباشره ويكسبه.

والله تعالى بعث الأنبياء ، وخلق أيضا قوّة النظر ، وبثّ دلائل الوحدانية في الآفاق والأنفس.

فهذه كلّها ألطاف من الله تعالى ، والشيطان يضرّ بالإغواء والوسوسة ، فأين نسبة اللطيف الهادي ـ وهو الله تعالى ـ بالشيطان الضارّ المضلّ؟! ومن أين لزم هذا؟!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٥.

(٢) تقدّم في الصفحة ٩٣.

٢٣٠

وأقول :

قد خرج بكلامه عن المقصود ، وتشبّث بالتمويهات الصرفة ، فإن كانت غايته من كلامه جعل أثر للعبد والشيطان في الفعل أو الكسب ، فقد خرج عن مذهبه ، وإلّا لم يكن له مناص عن إلزام المصنّف لهم.

وقد عرفت تفصيل ما في هذه الكلمات الفارغة عن التحصيل(١) .

وأمّا الاجتراء على الله سبحانه فهو ممّن قال بما يستلزم هذا الكفر ، لا ممّن صوّره للردع عنه.

وما باله إذا كان يتعوّذ من التفوّه بهذه الكلمات يعتقد بحقيقتها ، ويعلم أنّ جوابه عنها يشتمل على الإقرار بها ، لكن بشيء من التمويه!

* * *

__________________

(١) راجع الصفحة ٩٥ من هذا الجزء وج ٢ / ٣٣٦.

٢٣١

قال المصنّفـ ضاعف الله ثوابه ـ (١) :

ومنها : إنّه يلزم مخالفة العقل والنقل ؛ لأنّ العبد لو لم يكن موجدا لأفعاله لم يستحقّ ثوابا ولا عقابا ، بل يكون الله تعالى مبتدئا بالثواب والعقاب من غير استحقاق منهم.

ولو جاز ذلك لجاز منه تعذيب الأنبياءعليهم‌السلام ، وإثابة الفراعنة والأبالسة ، فيكون الله تعالى أسفه السفهاء ، وقد نزّه الله تعالى نفسه عن ذلك فقال :( أَ فَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٢) ( أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) (٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٧.

(٢) سورة القلم ٦٨ : ٣٥ و ٣٦.

(٣) سورة ص ٣٨ : ٢٨.

٢٣٢

وقال الفضل(١) :

جوابه : إنّ استحقاق العبد للثواب والعقاب بواسطة المباشرة والكسب ، وهو يستحقّ الثواب والعقاب بالمباشرة ، لا أنّه يجب على الله إثابته.

فالله متعال عن أن يكون إثابة المطيع وتعذيب العاصي واجبا عليه ، بل جرى عادة الله تعالى بإعطاء الثواب عقيب العمل الصالح ، والتعذيب عقيب الكفر والعصيان.

وجواز تعذيب الأنبياء وإثابة الفراعنة والأبالسة المراد به نفي الوجوب على الله تعالى ، وهو لا يستلزم الوقوع ، بل وقوعه محال عادة ـ كما ذكرناه مرارا(٢) ـ فلا يلزم المحذور.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٦.

(٢) راجع الصفحة ٢١٤ من هذا الجزء وج ٢ / ٣٥٧ و ٤٢٨.

٢٣٣

وأقول :

الكسب والمباشرة أثر صادر عن الله تعالى وحده بزعمهم ، كأصل الفعل ، لأنّه خالق كلّ شيء ، فكيف يستحقّ العبد الثواب والعقاب على الكسب؟!

وكيف يتّجه تخصيص الاستحقاق عليه دون أصل الفعل ، وكلاهما من الله وحده ، والعبد محلّ بالاضطرار؟!

ثمّ إنّه إذا كان العبد مستحقّا للثواب بواسطة الكسب ، كان حكمه بعدم وجوب إثابته مناقضا له ، إذ كيف يكون حقّا له على الله تعالى ولا يجب عليه أداؤه له ، وهو العدل؟!

نعم ، لمّا كان العقاب حقّا لله تعالى ، كان له العفو عنه ، كما سبق(١) ويأتي إن شاء الله تعالى.

وأمّا دعوى العادة ، فباطلة ؛ لأنّ الثواب والعقاب غيب ومتأخّران ، فما وجه العادة والعلم بها؟! إلّا أن يدّعي العلم العادي بأخبار الله تعالى في كتابه المجيد ، وهو مع توقّفه على ثبوت صدق كلامه تعالى على مذهبهم غير تامّ ؛ لأنّه تعالى أيضا أخبر بأنّه يمحو ما يشاء ويثبت(٢) .

وأمّا قوله : « وهو لا يستلزم الوقوع » فمسلّم ؛ لكن لا يستلزم أيضا عدم الوقوع ، ويكفينا الاحتمال ، إذ لا يجوز على غير السفيه تعذيب

__________________

(١) تقدّم في ج ٢ / ٣٩٨.

(٢) في قوله تعالى :( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) سورة الرعد ١٣ : ٣٩.

٢٣٤

الأنبياء وإثابة الفراعنة والأبالسة ؛ تعالى الله عن ذلك.

وقد أنكر عليه سبحانه هذا الحكم فقال :( ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (١) .

* * *

__________________

(١) سورة الصافّات ٣٧ : ١٥٤ ، سورة القلم ٦٨ : ٣٦.

٢٣٥

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

ومنها : يلزم مخالفة الكتاب العزيز من انتفاء النعمة عن الكافر ؛ لأنّه تعالى إذا خلق الكفر في الكافر لزم أن يكون قد خلقه للعذاب في نار جهنّم.

ولو كان كذلك لم يكن له عليه نعمة أصلا ، فإنّ نعمة الدنيا مع عقاب الآخرة لا تعدّ نعمة ، كمن جعل لغيره سمّا في حلواء وأطعمه ، فإنّه لا تعدّ اللذّة الحاصلة من تناوله نعمة.

والقرآن قد دلّ على أنّه تعالى منعم على الكفّار ، قال الله تعالى :

( أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً ) (٢) ( وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ ) (٣) .

وأيضا : قد علم بالضرورة من دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه ما من عبد إلّا ولله عليه نعمة ، كافرا كان أو مسلما.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٧.

(٢) سورة إبراهيم ١٤ : ٢٨.

(٣) سورة القصص ٢٨ : ٧٧.

٢٣٦

وقال الفضل(١) :

هذا أيضا من غرائب الاستدلالات ، فإنّ نعمة الله تعالى على الكافر محسوسة ، والهداية أعظم النعم.

وإرسال الرسل وبثّ الدلائل العقليّة كلّها نعم عظام ، والكافر استحقّ دخول النار بالمباشرة والكسب ، والخلق من الله تعالى ليس بقبيح.

ثمّ ما ذكره من لزوم عدم كون الكافر منعما عليه ، يلزمه أيضا بإدخاله النار ، فإنّ الله تعالى يدخل الكافر النار ألبتّة ، فيلزم أن لا يكون عليه نعمة.

فإن قال : إدخاله لكونه آثر الكفر ورجّحه واختاره.

قلنا : في مذهبنا أيضا كذلك ، وإدخاله لكونه باشر الكفر ، وكسبه ، وعمل به.

ولو كان الواجب على الله تعالى أن ينعم على الكافر ـ وهو المفهوم من ضرورة الدين ـ لكان الواجب عليه أن لا يدخل النار ، بأيّ وصف كان الكافر ؛ لأنّه يلزم أن لا يكون منعما عليه ، وهو خلاف ضرورة الدين.

وأمثال هذه الاستدلالات ترّهات ومزخرفات.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٨.

٢٣٧

وأقول :

لا ينكر أنّ الهداية والرسل والدلائل نعم عظام على العباد ، لكن إذا خلق الله سبحانه الكفر في الكافر وأعجزه عن اتّباع الرسل والدلائل لم تكن في حقّه نعمة بالضرورة ، وإنّما تكون نعمة عليه إذا مكّنه من اتّباعها ، وأهّله لتحصيل الثواب بعمله الميسور له ، وإن فوّت على نفسه بكفره الاختياري نعمة الثواب.

وهذا هو الجواب عن نقض الخصم على المصنّفرحمه‌الله بأنّه إذا أدخل الله الكافر النار لم تكن له نعمة عليه ، لا ما ذكره بقوله : « فإن قال : إدخاله لكونه آثر الكفر ورجّحه واختاره » فإنّ هذا إنّما يكون مصحّحا لعقابه ، لا لإثبات كونه منعما عليه كما هو محلّ الكلام ، وقد بيّنّا ثبوته على مذهبنا فيكون هو الجواب.

ولعلّ الخصم إنّما أجاب بهذا ليتمكّن بزعمه من الجواب بمثله! ويقول : « قلنا : في مذهبنا أيضا كذلك ، وإدخاله لكونه باشر الكفر » إلى آخره.

وفيه : مع ما ظهر لك من أنّ مثل هذا لا يصلح أن يكون جوابا عن إشكال عدم النعمة على الكافر ، ليس صحيحا في نفسه ؛ لما سبق مرارا من أنّ الكسب ليس ممّا للعبد فيه أثر ـ على قولهم(١) ـ فلا يكون مصحّحا للعقاب.

__________________

(١) انظر قول الفضل في ص ٩٣ ، وردّ الشيخ المظفّر عليه في ص ٩٥ من هذا الجزء.

٢٣٨

وأمّا قوله : « ولو كان الواجب على الله تعالى أن ينعم على الكافر لكان الواجب عليه أن لا يدخل النار ».

ففيه : إنّ المصنّف إنّما قال : « قد علم بالضرورة من دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه ما من عبد إلّا ولله تعالى عليه نعمة ، كافرا أو مسلما » وهذا لا يدلّ على أصل وجوب الإنعام على الكافر ، فضلا عن أن يجب على الله تعالى أن يجعل الكافر محلّا لكلّ نعمة ، وأن لا يدخله النار.

* * *

٢٣٩

قال المصنّف ـ طيّب الله ثراه ـ(١) :

ومنها : صحّة وصف الله تعالى بأنّه ظالم وجائر ؛ لأنّه لا معنى للظالم إلّا فاعل الظلم ، ولا الجائر إلّا فاعل الجور ، ولا المفسد إلّا فاعل الفساد ؛ ولهذا لا يصحّ إثبات أحدها إلّا حال نفي الآخر(٢) .

ولأنّه لمّا فعل العدل سمّي عادلا ، فكذا لو فعل الظلم سمّي ظالما.

ويلزم أن لا يسمّى العبد ظالما ولا سفيها ؛ لأنّه لم يصدر عنه شيء من هذه.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٧.

(٢) أي إنّ ثبوت الصفة يستلزم نفي ضدّها ، فكونه عادلا يستلزم أن لا يكون ظالما.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

مواجهة، وإليك فيما يلي بعض هذه النصوص :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا سباق إلّا في خفّ أو حافر أو نصل ( يعني النصال والرمي ) »(١) .

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قول الله عزّ وجلّ:( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ ) ( الأنفال: ٦٠ )، قال: « الرّمي »(٢) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « علّموا أبناءكم الرّمي والسّباحة »(٣) .

وقال أيضا: « اركبوا وارموا وأن ترموا أحبّ إليّ من أن تركبوا

كلّ لهو المؤمن باطل إلّا في ثلاث في تأديبه للفرس، ورميه عن القوس فإنّهنّ حقّ. إلّا أنّ الله عزّ وجلّ ليدخل بالسّهم الواحد الثلاثة الجنّة: عامل الخشبة والمقوّي به في سبيل الله والرّامي به في سبيل الله »(٤) .

وقال الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام : « الرّمي سهم من سهام الإسلام »(٥) .

وهذا يعني أنّ على كافة المسلمين أن يتلقّوا التدريب العسكريّ ويتعرّفوا على فنون الرماية والقتال. ليكونوا على استعداد كامل ودائم لأيّة مواجهة مع الأعداء.

ولقد دفعت الروح القتاليّة والبسالة والتشجيع على التدريب العسكريّ التي بثّها الإسلام في المسلمين إلى أن يتطوّعون بكامل رغبتهم للخدمة العسكريّة ويبادروا إلى الانضواء في الجيش الإسلاميّ كلّما استدعت الحاجة، واقتضت الظروف.

على أنّ السبب الرئيسيّ في ذلك هو أنّ الإسلام أفاض على الخدمة العسكريّة قدسية يخلو منها جميع الأنظمة البشريّة فقد اعتبر الإسلام الإنضواء في الجيش

__________________

(١ و ٢) وسائل الشيعة ١٣: ٣٤٥ ـ ٣٥١ كتاب السبق والرماية ـ باب استحباب الرمي والمراماة.

(٣) مستدرك الوسائل ٢: ٥١٧.

(٤ و ٥) وسائل الشيعة ١١: ١٠٧ باب استعمال تعلّم الرمي بالسهم.

٥٦١

الإسلاميّ والخدمة العسكريّة والقتال في صفوف هذا الجيش ( جهاداً في سبيل الله ).

وينطوي هذا اللفظ على بعد معنويّ رفيع جدّاً حيث يعني الجهد والسعي لحفظ البلاد وإنقاذ المستضعفين وإعلاء كلمة الله وذلك يكفي لأن تجتذب نحوها القلوب والضمائر. ذلك لأنّ هذا الوصف في الخدمة العسكريّة وهذا الهدف المقدّس يخرج العمل العسكريّ من كونه خدمة للطغاة، وسعياً من أجل إرضاء رغباتهم كما هو الحال في الجيوش الحاضرة، التي لم تنشأ في الأغلب إلّا لحماية الطواغيت ولا تحارب إلّا لإرضاء شهواتهم ورغباتهم وتحقيق مطامعهم.

من هنا يكفي للحكومة الإسلاميّة أن تعلن عن حاجتها إلى الجنود والمقاتلين لتنهال عليها طلبات الإلتحاق إلى صفوف الجيش من كلّ جانب بهدف أن ينالوا شرف الجهاد تحت لواء الإسلام، وهم يسمعون كلام الله إذ يقول:( وَفَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ) ( النساء: ٩٥ ).

على أنّ هذا الأمر لا يمنع من أن تتّخذ الحكومة الإسلاميّة جيشاً منظّماً مجهّزاً بأحدث الأسلحة والتكتيات عملاً بقوله سبحانه:( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لا تُظْلَمُونَ ) ( الأنفال: ٦٠ ).

بل وللحكومة الإسلاميّة أن تفرض نظام التجنيد الإجباريّ على بعض الناس ضمن شروط خاصّة إذ لا يمكن في مثل هذا العصر الذي تتّخذ فيه الدول الجيوش القويّة المدرّبة والمنظّمة، أن لا تتّخذ الحكومة الإسلاميّة جيشاً مماثلاً في القوّة والتدريب والنظام والعدّة، تنيط إليه مسؤولية الدفاع عن الوطن الإسلاميّ والمرابطة على ثغوره والسهر على أمنه الخارجيّ ودرء الأخطار عنه وإن كانت هذه المسؤوليّة قد تعمّ كلّ أفراد الاُمّة دون إستثناء إذا اقتضى الأمر، وتطلب أن يتطوّع الجميع لحمل السلاح، والدفاع عن حوزة الإسلام والمسلمين.

وخلاصة القول ؛ أنّ النظام والعمل العسكريّ في الإسلام لا يهدف فتح البلاد

٥٦٢

وغزو الشعوب واستعمارها، واستغلالها، بل يتركّز في أحد أمرين :

١. الدفاع عن حدود البلاد الإسلاميّة وحماية الاُمّة من غزو الغزاة، وعدوان الأعداء.

٢. تحرير المستضعفين وإنقاذهم من ظلم اُمرائهم وملوكهم ليختاروا ما يشاؤون من دين، ويتّخذوا بإرادتهم ما يريدون. وهذا ما أعلن عنه المسلمين يوم أرادوا فتح إيران وانقاذ أهلها من ظلم ملوكهم، وحيفهم.

فقد قال مندوب المسلمين لـمّا سأله الأمير الإيراني رستم عن سبب تحرّكهم العسكريّ نحو إيران، وسأله عن الدين الذي يحملونه ويبشّرون به :

« هو دين الحقّ وعموده الذي لا يصلح إلّا به فشهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله، والناس بنو آدم وحوا، اخوة لأب واُمّ »(١) .

تعاليم إنسانيّة في الحرب

ولذلك نجد للإسلام تعليمات إنسانيّة عظيمة للجنود والمقاتلين تكشف عن أهداف الحروب الإسلاميّة وغاياتها السامية، فها هو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كلّما أراد أن يبعث جيشاً إلى موضع من المواضع وصّاه بوصايا تفوح منها رائحة الرحمة والإنسانيّة، فعن الإمام الصادق جعفر بن محمّدعليه‌السلام قال: « كان رسُولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أراد أن يبعث سريّةً دعاهُم فأجلسهُم بين يديه ثُمّ يقُولُ :

سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله لا تغلوا ولا تمثّلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا صبيّاً، ولا امرأةً ولا تقطعوا شجراً إلّا أن تضطروا إليها

__________________

(١) الكامل لابن الأثير ١: ٣١٩ وفي رواية اُخرى قال :

الله جاء بنا وهو بعثنا لنخرج من يشاء من عباده من ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام. راجع الكامل ١: ٣٢٠.

٥٦٣

وأيّما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتّى يسمع كلام الله فإن تبعكم فأخوكم في الدّين، وإن أبى فأبلغوه مأمنه واستعينوا بالله »(١) .

وقالعليه‌السلام أيضاً: « إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا بعث أميراً له على سريّة أمره بتقوى الله عزّ وجلّ في خاصّة نفسه ثمّ في أصحابه عامّةً ثمّ يقول :

اغز باسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثّلوا ولا تقتلوا وليداً. ولا متبتّلاً في شاهق، ولا تحرقوا النّخل، ولا تغرقوه بالماء، ولا تقطعوا شجرة مثمرةً ولا تحرقوا زرعاً لأنّكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه، ولا تعقروا من البهائم يؤكل لحمه إلّا ما لا بدّ لكم من أكله، وإذا لقيتم عدوّاً للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث فإن هم أجابوكم فاقبلوا منهم وكفّوا عنهم :

ادعوهم إلى الإسلام فإن دخلوا فيه فاقبلوا منهم وكفّوا عنهم، وإن أبوا أن يهاجروا واختاروا ديارهم وأبوا أن يدخلوا في ديار الهجرة، كانوا بمنزلة أعراب المؤمنين يجري عليهم ما يجري على أعراب المؤمنين ولا يجري لهم في الفيء ولا في القسمة شيئاً إلّا أن يهاجروا [ يجاهدوا ] في سبيل الله. فإن أبوا هاتين فادعوهم إلى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون فإن أعطوا الجزية فاقبل وكفّ عنهم وإن أبوا فاستعن بالله عزّ وجلّ عليهم وجاهدهم في الله حقّ جهاده الخ »(٢) .

وكان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام إذا بعث سرية ولّي أمرها رجلاً ثمّ قال له: « أُوصيك بتقوى الله الّذي لا بدّ لك من لقائه ولا منتهى لك دونه وهو يملك الدّنيا والآخرة وعليك بالّذي بعثت له، وعليك بالّذي يقرّبك إلى الله عزّ وجلّ فإنّ فيما عند الله خلفاً من الدّنيا »(٣) .

إلى غير ذلك من التعليمات والوصايا التي تكشف عن أهداف النظام العسكريّ

__________________

(١) وسائل الشيعة ١١: ٤٢ ـ ٤٣.

(٢) وسائل الشيعة ١١: ٤٥ ـ ٤٦، وتاريخ اليعقوبيّ ٢: ٥٩.

(٣) الخراج: ١٦.

٥٦٤

في الإسلام.

ولعل من أبرز ما يكشف لنا عن هدف الإسلام من الجهاد والقتال والنشاط العسكريّ هو قوله تعالى:( وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ) ( النساء: ٧٥ ).

ولقد اهتمّ الإسلام بالجنود غاية الاهتمام، وأعطاهم غاية العناية لمالهم من الدور الحسّاس والخطير في الدولة الإسلاميّة.

فها هو الإمام عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام يوصي الأشتر النخعيّ واليه على مصر بالجنود ويقول في حقّهم ما لم يعرف التاريخ له مثيلاً: « فالجنود بإذن الله حصون الرّعيّة وزين الولاة، وعزّ الدّين وسبل الأمن وليس تقوم الرّعيّة إلّا بهم ثمّ لا قوام للجنود إلّا بما يخرج الله لهم من الخراج الذي يقوون به على جهاد عدوّهم ويعتمدون عليه فيما يصلحهم ويكون من وراء حاجتهم

وليكن أثر رؤوس جندك عندك من واساهم في معونته، وأفضل عليهم من جدته بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف أهليهم حتّى يكون همّهم همّاً واحداً في جهاد العدوّ فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك وإنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل في البلاد وظهور موّدة الرّعية »(١) .

كما أعطى الإمام عليّ تعليماته في النشاط العسكريّ فقال: « فقدّموا الدّارع، وأخّروا الحاسر وعضّوا على الأضراس فإنّه أنبى للسيوف عن الهام، والتووا في أطراف الرّماح فإنّه امور للأسنّة وغضّوا للأبصار فإنّه أربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل، ورايتكم فلا تميلوها ولا تخلّوها ولا تجعلوها إلّا بأيدي شجعانكم الخ »(٢) .

__________________

(١) نهج البلاغة: قسم الرسائل: رقم ٥٣.

(٢) نهج البلاغة: قسم الخطب: رقم ١٢ طبعة عبده.

٥٦٥

وقال: « تزول الجبال ولا تزل عض على ناجذك أعر الله جمجمتك، تدفي الأرض قدمك أرم ببصرك أقصى القوم وغضّ بصرك وأعلم أنّ النّصر من عند الله سبحانه »(١) .

وقال: « فإذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم فليكن معسكركم في قبل الأشراف أو سفاح الجبال، أو أثناء الأنهار، كيما يكون لكم رداءاً ودونكم مردّاً، ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين وأجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال ومناكب الهضاب، لئلاّ يأتيكم العدوّ من مكان مخافةً أو أمن. واعلموا أنّ مقدّمة القوم عيونهم وعيون المقدّمة طلائعهم، وإيّاكم والتفرّق، فإذا نزلتم فانزلوا جميعاً وإذا ارتحلتم فارتحلوا جميعاً، وإذا غشيكم الليل فاجعلوا الرّماح كفّةً، ولا تذوقوا النّوم إلّا غراراً أو مضمضةً »(٢) .

إنّ مثل هذا النظام ومثل هذه التعاليم حول العسكر يقتضي وجود جهاز خاصّ مستقلّ يقوم بشؤون الجند، ويتكفّل إدارة اُمورهم، وخاصّة أنّ الحاجة تزداد يوما بعد يوم إلى الجيوش المنظّمة القويّة، وتزداد متطلّبات الجنود.

إنّ القيام بشؤون الجند من وظائف السلطة التنفيذيّة فوزارة الدفاع من هذه السلطة هي التي يجب أن تتولّى هذه الناحية الخطيرة، وتنظّم الجيش الإسلاميّ بأحسن تنظيم.

وقالعليه‌السلام لأحد قادة جيشه حينما أنفذه إلى الشام: « اتّق الله الذي لا بدّ لك من لقائه ولا منتهى لك دونه، ولا تقاتلنّ إلّا من قاتلك وسر البردين [ الغداة والعشي ] وغور بالنّاس، ورفّه في السير، ولا تسر أوّل الليل فإنّ الله جعله سكناً، وقدّره مقاماً لا ظعناً، فأرح فيه بدنك وروّح ظهرك، فإذا وقفت حين ينبطح السحر، أو حين ينفجر الفجر فسر على بركة الله، فإذا لقيت العدوّ فقف من أصحابك وسطاً ولا تدن من القوم دنوّ من يريد أن ينشب الحرب، ولا تباعد عنهم تباعد من يهاب البأس حتّى يأتيك أمري، ولا يحملنّكم شن آنهم على قتالهم قبل دعائهم والاعذار إليهم »(٣) .

__________________

(١) نهج البلاغة: قسم الخطب: رقم ١٠.

(٢ و ٣) نهج البلاغة: قسم الكتب: رقم ١١، ١٢.

٥٦٦

وقالعليه‌السلام لأصحابه عند الحرب: « لا تشتدنّ عليكُم فرة بعدها كرّة ولا جولة بعدها حملة واعطُوا السّيُوف حُقُوقها، ووطّئُوا للجُنُوب مصارعها، واذمُرُوا أنفُسكُم على الطّعن الدّعسيّ والضرب الطّلحفي، واميتُوا الأصوات فإنّهُ أطردُ للفشل. فوالّذي فلق الحبّة، وبرأ النّسمة ؛ ما أسلمُوا ولكن استسلمُوا، وأسرّوا الكُفر، فلمّا وجدُوا أعواناً عليه أظهرُوهُ »(١) .

وقالعليه‌السلام في تعليم الحرب والمقاتلة: « معاشر المُسلمين: استشعرُوا الخشية وتجلببُوا السّكينة وعضّوا على النّواجذ فإنّهُ أنبى للسيوف عن الهام، وأكملُوا اللاّمة، وقلقلُوا السيوف في اغمادها قبل سلّها، والحظُوُا الخزر، واطعنُوا الشّزر، ونافحُوا بالضّبا، وصلُوا السّيُوف بالخُطا، واعلمُوا أنّكُم بعين الله، ومع ابن عمّ رسُول الله، فعاودُوا الكرّ، واستحيُوا من الفرّ، فإنهُ عار في الأعقاب، ونار يوم الحساب. وطيبُوا عن أنفُسكُم نفساً، وامشُوا إلى الموت مشياً سُجُحاً، وعليكُم بهذا السّواد الأعظم، والرّواق المُطنّب فاضربُوا ثبجهُ فإنّ الشيطان كامن في كسره، وقد قدّم للوثبة يداً وأخّر للنّكُوص رجلاً، فصمداً صمداً حتّى ينجلي لكُم عمُودُ الحقّ وانتُم الأعلون والله معكُم ولن يتركُم أعمالكُم »(٢) .

وجملة القول ؛ إنّ الإسلام أشار إلى أهم الخطوط والاُسس التي يجب أن تقوم عليها بناء العسكريّة الإسلاميّة تاركاً الخصوصيّات والتفاصيل لمقتضيات الزمن.

__________________

(١) نهج البلاغة قسم الكتب رقم ١٦.

(٢) نهج البلاغة قسم الخطب رقم ٦٣.

٥٦٧
٥٦٨

الفصل الثامن

المنابع الماليّة

للحكومة الإسلاميّة

لابدّ للبرامج من منابع ماليّة

لقد أوضحت البحوث السابقة صيغة الحكومة الإسلاميّة وأركانها ووظائفها وأهدافها وهنا ينطرح هذا السؤال :

كيف تستطيع الحكومة الإسلاميّة تطبيق هذه البرامج والقيام بهذه الوظائف الكبرى وكيف تضمن النفقات اللازمة لذلك ؟

وبتعبير آخر: ما هي المنابع الماليّة التي تعتمد عليها الحكومة الإسلاميّة وهل تكتفي بالضرائب المقرّرة المعروفة بالخمس والزكاة في تكوين ميزانيّتها أو أنّ هناك منابع وموارد ماليّة اُخرى تستعين بها هذه الحكومة في سدّ نفقاتها.

فربّما يقال: إنّ الإسلام الذي أغلق في وجه حكومته كلّ السبل غير المشروعة التي تعتمد عليها الحكومات الحاضرة كالضرائب المأخوذة على تجارة الخمور والبغاء والقمار، وما شابهها فتخسر بذلك واردات كبرى، كيف يمكنها أن تسدّ نفقاتها الهائلة

٥٦٩

من فريضتي الخمس والزكاة، المحدودتين ؟

غير أنّنا نلفت القارئ الكريم إلى أنّ الحكومة الإسلاميّة لا تقتصر على ( الخمس والزكاة ) الماليتين، فهما يشكّلان جانباً واحداً من عائداتها بل هناك منابع اُخرى نشير إليها باختصار :

١. الأنفال

وهي كلّ أرض ملكت بغير قتال، وكلّ موات، ورؤوس الجبال وبطون الأودية، والآجام والغابات والمعادن(١) ، وميراث من لا وارث له، وما يغنمه المقاتلون بغير إذن الإمام، وكافّة المياه العامّة والأحراش الطبيعيّة، والمراتع التي ليست حريماً لأحد وقطائع الملوك وصفاياهم غير المغصوبة.

فذلك كلّه يكون أمره بيد الحكومة الإسلاميّة باعتبارها الممثّلة الشرعيّة للاُمّة الإسلاميّة التي تعود إليها ملكيّة هذه الأشياء، فتتصرّف فيها الحكومة الإسلاميّة وتصرف عائداتها في مصالح المسلمين وشؤونهم، والأصل في ذلك قوله سبحانه:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ) ( الأنفال: ١ ).

وما لله وللرسول في هذه الآية يصرف في مصالح المسلمين.

ويدلّ على ذلك أيضاً قوله سبحانه:( وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ

__________________

(١) لقد اختلف فقهاء الشيعة الإماميّة في عدّ المعادن من الأنفال فمنهم ـ كالمفيد وسلار ـ من عدّها من الأنفال، تبعاً لما ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تعربف الأنفال حيث قال: « هي التي خربت والمعادن منها » وفي خبر آخر سئل عن الأنفال فقال: « المعادنُ والآجامُ » ومنهم من لم يعدّها من الأنفال ـ كالمحقّق وغيره ـ لاحظ جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ٣٨: ١٠١ ـ ١١٣.

وذهب الإمام الخمينيّ إلى أنّ المعادن من الأنفال إذا لم تكن لمالك خاصّ تبعا للأرض أو بالإحياء ( تحرير الوسيلة ١: ٣٦٩ )، هذا وللمعادن المكشوفة الموجودة في الأراضي المملوكة أحكام خاصّة فليرجع إلى الكتب الفقهيّة ( لاحظ تحرير الوسيلة ٢: ٢٢٠ ).

٥٧٠

عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( الحشر: ٦ ).

ويدلّ عليه أيضاً ما ورد عن الإمام الصادق جعفر بن محمّدعليه‌السلام إذ قال: « الأنفالُ ما لم يُوجفُ عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحُوا، أو قوم أعطُوا بأيديهم، وكُلّ أرض خربة وبُطونُ الأودية فهو لرسُول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو للإمام من بعده يضعُهُ حيثُ يشاءُ »(١) .

وما ورد عن الإمام الكاظم موسى بن جعفرعليه‌السلام أنّه قال: « ولهُ [ أي للإمام ] بعد الخُمس الأنفالُ والأنفالُ كُلّ أرض خربة باد أهلُها وكُلّ أرض لم يُوجف عليها بخيل ولا ركاب ولكن صالحُوا صُلحاً وأعطُوا بأيديهم على غير قتال، ولهُ رُؤُوس الجبال وبُطونُ الأودية والآجام وكُلّ أرض ميتة لاربّ لها، ولهُ صوافي الملوك ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب لأنّ الغصب كُلّهُ مردود [ أي على صاحبه الحقيقي ] وهُو وارثُ من لا وارث لهُ » ثمّ قال: « والأنفالُ إلى الوالي »(٢) .

إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الواردة في هذا الشأن.

وتشكّل هذه المصادر الطبيعيّة أضخم ثروة ماليّة خاصّة في مناطق العالم الإسلاميّ، فيكفي أن نعرف أنّ إيران وحدها تملك (١٩) مليون هكتار من الغابات الغنيّة بالأخشاب التي قدّرت ب‍ (٣٠٠) مليون متر مكعّب من الخشب القابل للانتفاع، هذا مضافاً إلى ما تعطيه أشجار الغابات من الثمار والمواد التصنيعيّة والكيمياويّة التي تشكّل بنفسها أعظم ثروة طبيعيّة وأضخم مورد ماليّ(٣) .

بل يكفي أن نعلم أنّ العالم الإسلاميّ ينتج ( ٦٦ % ) من مجموع ما ينتجه العالم من الزيت الخام [ النفط ] وحده، كما أنّ لدينا احتياطيّ ضخم من المعادن كما تنتج ( ٧٠ % ) ممّا ينتجه العالم من المطّاط الطبيعيّ و ( ٤٠ % ) ممّا ينتجه العالم من الجوت الطبيعيّ ،

__________________

(١ و ٢) وسائل الشيعة ٦: ٣٦٤، ٣٦٥ ـ ٣٦٦.

(٣) راجع كتاب الأنفال أو الثروات العامّة.

٥٧١

و ( ٥٦ % ) من زيت النخيل، ويوجد احتياطيّ عظيم من الحديد والنحاس وحتّى اليورانيوم الذي أصبح ثميناً للغاية في هذه الأيام نظراً لإستعماله في انتاج الطاقة النووية فإنّه موجود أيضاً في أقطار إسلاميّة عديدة من أفريقيا(١) .

٢. الزكاة

وهي ضريبة تجب في تسعة أشياء: الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم، والنقدين وهما الذهب والفضة، والغلاّت وهي الحنطة والشعير والتمر والزبيب(٢) والأدلّة عليها من الكتاب والسنّة ما لا يحصى.

٣. الخمس

ويجب في سبعة أشياء :

الأوّل: الغنائم المأخوذة من أهل الحرب قهراً بالمقاتلة.

الثاني: المعادن من الفضّة والرصاص والصفر والحديد والياقوت والزبرجد والفيروزج والعقيق والزيبق والكبريت والنفط والقير والسبخ والزاج والزرنيخ والكحل والملح بل والجصّ والنورة وغيرها.

على أنّ المعادن الأرضيّة بما أنّها من الأنفال كما أشرنا إليه متعلّقة كلّها بالحكومة الإسلاميّة أساساً، ولكن لا يحقّ للحكومة أن تحتكرها أو تهبها لأحد مجانا، ولا أن تستخرجها بلا ميزان، وتضع عائداتها في البنوك والمصارف لحساب شخص أو أشخاص معيّنين.

أنّ هذه المعادن تعتبر من الأنفال التي يقول الله سبحانه عنها:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ

__________________

(١) الحل الإسلاميّ ضرورة وفريضة ١: ٣٠ وأيضاً راجع كتاب اقتصاديّات العالم الإسلاميّ.

(٢) العروة الوثقى كتاب الزكاة: ٣٩٠ هذا وللوقوف على آراء سائر المذاهب حول ما تجب فيه الزكاة لاحظ الفقه على المذاهب الأربعة.

٥٧٢

الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ ) أي تعود ملكيتها إلى الدولة باعتبارها ممثّلة شرعيّة عن الاُمّة وخليفة عن الله والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ولكنّها مختارة في أن تقوم هي بنفسها باستخراجها وصرف عائداتها لصالح الاُمّة، أو أن تسلّمها إلى شركة أو شخص معيّن للاستخراج، وذلك حسب الشرائط التي تقوم بها المصلحة.

ثمّ إذا سلّمت الحكومة هذه المعادن إلى شركة، أو فرد خاصّ، تبعاً للمصلحة، فإنّ الشركة المستخرجة أو الفرد المستخرج يملك ما يستخرجه بشرط أن يدفع ( خمسه ) إلى الحكومة الإسلاميّة، مضافاً إلى ما يدفعه إلى الدولة في مقابل تسليم هذه المعادن إلى تلك الشركة أو ذلك الفرد الخاصّ من قبل الحكومة الإسلاميّة، نعم إنّ المصالح الفعليّة للاُمّة الإسلاميّة لا تسمح للحكومة الإسلاميّة أن تسلّم معادن البترول والذهب والفضة واليورانيوم، والألماس وما شابهها إلى فرد أو شركة خاصّة، بل عليها هي أن تقوم باستخراج هذه المعادن وتصنيعها. وصرف مواردها في المصالح العامّة للاُمّة الإسلاميّة.

يبقى أن نعرف أنّ الانتفاع من هذه المعادن واستخراجها قد يقتضي أحياناً استخدام المستشارين والمتخصّصين الأجانب فهل يجوز للحكومة الإسلاميّة استخدامهم لذلك أو لا ؟

الحقّ أنّ هؤلاء المستشارين الأجانب لـمّا كانوا في الأغلب يلعبون دوراً تجسّسيّاً، أو يسيئون إلى كرامة المسلمين أو يمهّدون لسيادة الاستعمار البغيض على بلاد المسلمين فعلى الحكومة الإسلاميّة أن تستعين بهم بقدر الضرورة مع التحفّظ والتحوّط الكامل منهم، في حين تدفع مجموعة من خيرة أبنائها لتحصيل العلوم المرتبطة بهذه المجالات والتخصّص في هذه الشؤون تخلّصاً من هذه المشكلة التي دلّت التجارب الكثيرة على أنّها السبب الرئيس في كثير من مشاكل المسلمين.

الثالث: الكنز، وهو المال المذخور في الأرض أو الجبل أو الجدار.

الرابع: الغوص، أي ما اُخرج به من الجواهر من البحر مثل اللؤلؤ والمرجان.

الخامس: المال الحلال المخلوط بالحرام على وجه لا يتميّز مع الجهل.

٥٧٣

السادس: الأرض التي اشتراها الذمّي من المسلم سواء أكانت أرضاً زراعيّة أم سكنيّة.

السابع: ما يفضل من مؤونة سنة المكتسب ومؤونة عياله من أرباح التجارات والصناعات والمكاسب، ويدخل في هذا القسم ما يتعلّق بأرباح مصانع انتاج السكر، والصوف والخيوط والقطن والأدوية والسيارات والمدافئ والخزف والسجاجيد وقطع الخشب، والأغذية، والورق، وغيرها والأصل في ذلك قوله سبحانه:( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) ( الأنفال: ٤١ ).

ولكي نثبت للقارئ الكريم أنّ المال الوارد عن طريق الخمس لا يكون شيئاً يسيراً بل يشكّل مورداً ماليّاً كبيراً للدولة الإسلاميّة لا بدّ أن نثبت للقارئ أنّ فريضة الخمس التي سنّها الإسلام تعمّ غنائم الحرب، وغيرها ممّا ذكرناها ممّا يشكّل مجموعها قدراً كبيراً ووارداً هائلاً، ولذلك فنحن مضطرّون لإجراء تحقيق حول عموميّة الخمس للغنائم وغيرها.

تحقيق ضروريّ حول الخمس

إنّنا لا ننكر أنّ لفظة الغنيمة صارت في مصطلح الفقهاء في القرون الأخيرة، منحصرة فيما يؤخذ من الكفّار والمشركين بالقتال والحرب، إلّا أنّ مراجعة واحدة لوضع هذه اللفظة في اللغة، واستعمالها في الكتاب والسنّة تكشف لنا أنّ هذه اللفظة كانت تطلق في مطلق ما يفوز به الإنسان من منافع وأموال ولو بدون الحرب، وأنّ ما حصل لها من الحصر في غنائم الحرب، كان بعد العصر الأوّل للرسالة الإسلاميّة، وعلى ذلك يكون الخمس متعلّقاً بكلّ ما يكتسبه الإنسان لا بمغانم الحرب فقط وإليك تحقيق المطلب فيما يلي :

الغنيمة في اللغة

إنّ ما يظهر من أئمّة اللغة هو أنّ الغنيمة بمادّتها الأوّلية تستعمل في مطلق ما

٥٧٤

يحصل عليه الإنسان بيسر وسهولة، ولو كان بغير حرب وقتال ومدافعة وإليك بعض ما نصّت به أئمّة اللغة وأقطابها.

قال الجوهريّ في صحاحه: ( والمغنم والغنيمة بمعنى [ أي بمعنى واحد ] يقال: غنم القوم غُنماً ـ بالضمّ ـ وغنمته تغنيماً إذا نفلته. واغتنمه وتغنّمه عدّه غنيمة )(١) .

وقال ابن فارس في مقاييسه: ( غنم أصل صحيح واحد يدلّ على إفادة شيء لم يملك من قبل ثمّ يختص بما اُخذ من مال المشركين )(٢) .

وقال الراغب في مفرداته: ( والغنم، إصابته والظفر به ثمّ استعمل في كلّ مظفور به من جهة العدى وغيرهم )(٣) .

ويشير ابن الأثير إلى المعنى الأصليّ لهذه اللفظة في تفسير بعض الأحاديث ويقول: ( فلان يتغنم الأمر أي يحرص عليه كما يحرص على الغنيمة، ومنه الحديث: « الصّومُ في الشّتاء غنيمة باردة » سمّاها غنيمة لما فيها من الأجر والثواب ومنه: « الرّهن لمن رهنهُ لهُ غنمهُ وعليه غرمُه » وغنمه: زيادته ونماؤه وفاضل قيمته )(٤) .

وقال في لسان العرب مثل ما قاله ابن الأثير(٥) .

وقال الفيروزآبادي في قاموسه: ( والغُنم ـ بالضم ـ الفوز بالشيء لا مشقّة وأغنمه كذا تغنيماً نفله إيّاه، واغتنمه وتغنّمه عدّه غنيمة )(٦) .

وقال الأزهريّ في تهذيبه: ( قال الليث: الغنم الفوز بالشيء فاز به، والاغتنام انتهاز الغنم )(٧) .

وممّا قاله أئمّة اللغة في الغنيمة نعرف أنّ العرب كانت تستعمل هذه اللفظة في كلّ ما يفوز به الإنسان حتّى ولو لم يكن من طريق الحرب والقتال.

__________________

(١) صحاح اللغة: مادة ( غنم ).

(٢) مقاييس اللغة: مادة ( غنم ).

(٣) مفردات الراغب: مادة ( غنم ).

(٤) غريب مفردات الحديث: مادة ( غنم ).

(٥) لسان العرب: مادة ( غنم ).

(٦) قاموس اللغة: مادة ( غنم ).

(٧) تهذيب اللغة: مادة ( غنم ).

٥٧٥

وقد وردت هذه اللفظة بنفس المعنى في الكتاب والسنّة وأفادت مطلق ما يفوز به الإنسان وإليك الشواهد منهما فيما يلي :

الغنيمة في الكتاب والسنّة

لقد استعمل القرآن لفظة المغنم فيما يفوز به الإنسان وإن لم يكن عن طريق القتال بل كان عن طريق العمل العادي الدنيويّ أو الاُخرويّ إذ يقول سبحانه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ) ( النساء: ٩٤ ).

والمراد بالمغنائم الكثيرة هو أجر الآخرة بدليل مقابلته لعرض الحياة الدنيا فيعلم أنّ لفظ المغنم لا يختصّ بالاُمور والأشياء التي يحصل عليها الإنسان في هذه الدنيا، وفي ساحات الحروب فقط بل هي عامّة شاملة لكلّ مكسب وفائدة.

ثمّ إنّه قد وردت هذه اللفظة في الأحاديث واُريد منها مطلق الفائدة الحاصلة للمرء ففي باب « ما يقال عند إخراج الزكاة » من سنن ابن ماجة جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أللّهم اجعلها مغنماً ولا تجعلها مغرماً »(١) .

وفي مسند أحمد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « غنيمةُ مجالس الذّكر الجنّة »(٢) .

وفي وصف شهر رمضان عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « هُو غنم للمُؤمن »(٣) .

كما جاء في دعاء مشهور: « والغنيمةُ من كُلّ برّ ».

هذا مضافا إلى أنّ الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله طلب في مكاتيبه ورسائله من جماعات مسلمة نائية عن المدينة، غير مشتركة في القتال تحت راية النبيّ، أن يدفعوا الخمس، وإليك طائفة من هذه الرسائل :

__________________

(١) سنن ابن ماجه: كتاب الزكاة الحديث ١٧٩٧.

(٢) مسند أحمد ٢: ٣٣٠ و ٣٧٤ و ٥٢٤.

(٣) مسند أحمد ٢: ١٧٧.

٥٧٦

الخمس في رسائل النبيّ وعهوده

١. لـمّا قال وفد عبد القيس لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ بيننا وبينك المشركين من مضر، وإنّا لا نصل إليك إلّا في أشهر حرم فمرنا بحمل الأمر إن عملنا به دخلنا الجنة، وندعو إليه من ورائنا » فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « آمرُكُم بأربع وأنهاكُم عن أربع، آمُرُكُم بالإيمان بالله، وهل تدرُون ما الإيمانُ: شهادةُ أن لا إله إلّا الله، وإقامُ الصّلاة، وإيتاءُ الزّكاة وتُعطُوا الخُمس من المغنم »(١) .

ومن المعلوم أنّ النبيّ لم يطلب من بني عبد القيس أن يدفعوا غنائم الحرب كيف وهم لا يستطيعون الخروج من حيّهم في غير الأشهر الحرم خوفاً من المشركين فيكون قد قصد المغنم بمعناه الحقيقيّ في لغة العرب وهو ما يفوزون به بلا مشقّة فعليهم أن يعطوا خمس ما يربحون.

٢. كتب لعمر بن حزم حين بعثه إلى اليمن :

« بسم الله الرّحمن الرّحيم هذا عهد من النبيّ رسول الله لعمرُو بن حزم حين بعثهُ إلى اليمن، أمرهُ بتقوى الله في أمره كُلّّه وأن يأخُذ من المغانم خُمس الله وما كُتب على المؤمنين من الصّدقة من العقار عُشرُ ما سقى البعلُ وسقت السّماءُ »(٢) .

٣. كتب إلى شرحبيل بن كلال ونعيم بن كلال وحارث بن كلال رؤساء قبيلة ذي رعين ومعافر وهمدان: « أمّا بعدُ فقد رجع رسُولُكُم وأعطيتُم من المغانم خُمس الله »(٣) .

٤. كتب لسعد هذيم من قضاعة وإلى جذام كتاباً واحداً يعلمهم فرائض

__________________

(١) صحيح البخاريّ ٤: ٢٠٥، باب والله خلقكم وما تعملون، و ١: ١٣ و ١٩، ٣: ٥٣ وصحيح مسلم ١: ٣٥ و ٣٦ باب الأمر بالإيمان، وسنن النسائيّ ٣: ٣٣٣، ومسند أحمد ٣: ٣١٨، الأموال: ١٢ وغيرها.

(٢) فتوح البلدان ١: ٨١، وسيرة ابن هشام ٤: ٢٦٥.

(٣) تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك ١: ١٥٧.

٥٧٧

الصدقة ويأمرهم أن يدفعوا الصدقة والخمس إلى رسوليه(١) .

إنّ النبيّ حينما طلب دفع الخمس على أيدي رسوليه لم يطلب خمس غنائم الحرب التي خاضوها مع الكفّار وإنّما قصد ما استحق عليهما من الصدقة وخمس الأرباح :

٥. كتب للفجيع ومن تبعه: « من مُحمّد النبيّ للفجيع ومن تبعهُ وأسلم وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة وأطاع الله وأعطى من المغانم خُمس الله »(٢) .

٦. كتب لجنادة الأزديّ وقومه ومن تبعه: « ما أقامُوا الصّلاة وآتُوا الزّكاة وأطاعُوا الله ورسُولهُ وأعطُوا من المغانم خُمس الله »(٣) .

٧. كتب لجهينة بن زيد فيما كتب :« وتشربُوا ماءها على أن تُؤدّوا الخُمس »(٤) .

٨. كتب لملوك حمير فيما كتب: « وآتيتُمُ الزكاة من المغانم خُمس الله وسهم النبيّ وصفيّه وما كتب الله على المُؤمنين من الصّدقة »(٥) .

٩. كتب لبني ثعلبة بن عامر: « من أسلم منهُم وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة وخُمس المغنم وسهم النّبيّ والصفّى »(٦) .

١٠. كتب إلى بعض أفخاذ جهينة: « من أسلم منهُم وأعطى من الغنائم الخُمس »(٧) .

ويتبيّن ـ بجلاء ـ من هذه الرسائل أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن يطلب منهم أن يدفعوا خمس غنائم الحرب التي اشتركوا فيها بل كان يطلب ما استحقّ في أموالهم من خمس وصدقة.

__________________

(١ و ٢ و ٣) طبقات ابن سعد ١: ٢٦٩ ـ ٢٧٠.

(٤) الوثائق السياسيّة: ١٤٢.

(٥) فتوح البلدان ١: ٨٥، وسيرة ابن هشام ٤: ٢٥٨.

(٦) الإصابة ٢: ١٨٩، واسد الغابة ٣: ٣٤.

(٧) سنن أبي داود ٢: ٥٥ الباب (٢٠) وسنن النسائيّ ٢: ١٧٩.

٥٧٨

ثمّ إنّه كان يطلب منهم الخمس دون أن يشترط ـ في ذلك ـ خوض حرب واكتساب الغنائم.

هذا مضافاً إلى أنّ الحاكم الإسلاميّ أو نائبه هما اللذان يليان بعد الفتح قبض جميع غنائم الحرب، وتقسيمها بالنحو الذي يحب بعد أن يستخرج منها الخمس، ولا يملك أحد من الغزاة عدا سلب القتيل شيئاً ممّا سلب وإلاّ كان سارقاً مغلاًّ.

فإذا كان إعلان الحرب وإخراج خمس الغنائم على عهد النبيّ من شؤون النبيّ في هذه الاُمّة فماذا يعني طلبه الخمس من الناس وتأكيده في كتاب بعد كتاب وفي عهد بعد عهد. فيتبيّن أنّ ما كان يطلبه لم يكن مرتبطاً بغنائم الحرب.

هذا مضافا إلى أنّه لا يمكن أن يقال: إنّ المراد بالغنيمة في هذه الرسائل هو ما كان يحصل الناس عليه في الجاهليّة عن طريق النهب كيف وقد نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن النهب والنهبة بشدّة ففي كتاب الفتن باب النهي عن النهبة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من انتهب نُهبةً فليس منّا »(١) .

وقال: « إنّ النُهبة لا تحلّ »(٢) .

وفي صحيح البخاري ومسند أحمد عن عبادة بن الصامت: بايعنا النبيّ أن لا ننتهب(٣) .

وفي سنن أبي داود باب النهي عن النهبى عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأصاب الناس حاجة شديدة وجهدوا وأصابوا غنماً فانتهبوها فإنّ قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله يمشي متّكئاً على قوسه فأكفأ قدورنا بقوسه ثمّ جعل يرمل اللحم بالتراب ثمّ قال: « إنّ النُهبة ليست بأحلّ من الميتة »(٤) .

وعن عبد الله بن زيد: ( نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن النهبى والمثلة )(٥) .

__________________

(١ و ٢) سنن ابن ماجه: ١٢٩٨ ـ ١٢٩٩.

(٣) صحيح البخاريّ ٢: ٤٨ باب النهبى بغير إذن صاحبه.

(٤) سنن أبي داود ٢: ١٢.

(٥) رواه البخاريّ في الصيد راجع التاج ٤: ٣٣٤.

٥٧٩

إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في كتاب الجهاد.

وقد كانت النهيبة والنهبى عند العرب تساوق الغنيمة والمغنم ـ في مصطلح يومنا هذا ـ الذي يستعمل في أخذ مال العدو.

فإذا لم يكن النهب مسموحاً به في الدين، وإذا لم تكن الحروب التي يقوم بها أحد بغير اذن النبيّ جائزة لم تكن الغنيمة تعني دائماً ما يؤخذ في القتال بل كان معنى الغنيمة الواردة في كتب النبيّ هو ما يفوز به الناس من غير طريق القتال بل من طريق الكسب وما شابهه. ولا محيص حينئذ من أن يقال: إنّ المراد بالخمس الذي كان يطلبه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هو خمس أرباح الكسب والفوائد الحاصلة للإنسان من غير طريق القتال، أو النهب الممنوع في الدين.

وعلى الجملة: إنّ الغنائم المطلوب في هذه الرسائل النبويّة اداء خمسها إمّا أن يراد ما يستولي عليه أحد من طريق النهب والإغارة، أو ما يستولي عليه من طريق محاربة بصورة الجهاد أو ما يستولي عليه من طريق الكسب والكدّ.

والأوّل ممنوع بنصّ الأحاديث السابقة فلا معنى أن يطلب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خمس النهيبة.

وفي الثاني يكون أمر الغنائم بيد النبيّ مباشرة فهو الذي يأخذ كلّ الغنائم ويضرب لكلّ من الفارس والراجل ما له من الأسهم بعد أن يستخرج الخمس بنفسه من تلك الغنائم، فلا معنى لأن يطلب النبيّ الخمس من الغزاة. فيكون الثالث هو المتعيّن.

وقد ورد فرض الخمس في غير غنائم الحرب في أحاديث منقولة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ففي سنن البيهقي عن أبي هريرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ قال: « في الرّكاز الخُمسُ ».

قيل: وما الركاز يا رسول الله ؟

فقال: « الذهبُ والفضّةُ الذي خلقهُ الله في الأرض يوم خُلقت »(١) .

__________________

(١) سنن البيهقيّ ٤: ١٥٢ و ١٥٥.

٥٨٠

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627