مفاهيم القرآن الجزء ٢

مفاهيم القرآن9%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 627

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 627 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227969 / تحميل: 6436
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

الثاني: إنّ الملوكية التي اتّصف بها الأنبياء، كانت معطاة من الله سبحانه، لا أنّهم اكتسبوها بالقوّة والقهر كما هو شأن ملوك الأرض.

ولو كانت الملوكية مجردةً عن ذينك الأمرين، لأدّى إلى الفساد، والتفرعن كما يشهد به التأريخ.

وأقصى ما يمكن أن يقال حول توصيف الله سبحانه لبعض الأنبياء الصالحين بالملوكيّة: أنّ التأريخ وإن كان يشهد على أنّ الملوكيّة وإن كانت مقرونة بالاستكبار والتفرعن والفساد، غير أنّه لم يكن يتبادر من تلك الكلمة ـ في عصر نزول القرآن ـ ما يتبادر في العصور المتأخّرة عن نزوله وبالأخصّ في هذه الأعصار الأخيرة.

ولأجل ذالك وصف الله سبحانه طالوت بالملوكيّة( بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ) ومنّ على بني اسرائيل بأن جعل فيهم أنبياء وجعلهم ملوكاً، قال سبحانه:( اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا ) ( المائدة: ٢٠ ).

كما وصف آل ابراهيم بقوله:( فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ) ( النساء: ٥٤ ).

إلى أن عاد سبحانه ينقل عن داود بأنّه طلب من الله سبحانه أن يهب له ملكاً، قال تعالى:( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ) ( ص: ٣٥ ).

إنّ الملكيّة بكلّ أنواعها، مرفوضة في نظر الإسلام وخاصّة الوراثيّة منها، لما في ذلك من الفساد وضياع الحق والعدل كما أثبتته التجارب التأريخيّة في حياة البشريّة.

يقول المؤرّخ المعروف ابن خلدون في مقدّمته في الفصل الحادي والعشرين تحت عنوان ( فيما يعرض في الدول من حجر السلطان والاستبداد عليه ) :

( إذا استقر الملك في نصاب معيّن ومنبت واحد من القبيل القائمين بالدولة وانفردوا به، ودفعوا سائر القبيل عنه، وتداوله بنوهم واحداً بعد واحد، بحسب الترشيح، فربّما حدث التغلّب على المنصب من وزرائهم وحاشيتهم، وسببه في الأكثر ولاية صبيّ

٦١

صغير، أو مضعف من أهل المنبت يترشّح للولاية بعهد أبيه، أو بترشيح ذويه وخوله، ويؤنس منه العجز عن القيام بالملك، فيقوم به كافله من وزراء أبيه وحاشيته ومواليه أو قبيله، ويورّي بحفظ أمره عليه حتّى يؤنس منه الاستبداد ويجعل ذلك ذريعةً للملك، فيحجب الصبيّ عن الناس، ويعوده اليها ترف أحواله، ويسيمه في مراعيها متى أمكنه، وينسيه النظر في الاُمور السلطانيّة حتّى يستبدّ عليه، وهو بما عوّده يعتقد أنّ حظّ السلطان من الملك، إنّما هو الجلوس على السرير، وإعطاء الصّفقة، وخطاب التهويل، والقعود مع النساء خلف الحجاب، وأنّ الحلّ والربط والأمر والنهي ومباشرة الأحوال الملوكيّة، وتفقُّدها من النظر في الجيش والمال والثغور، إنّما هو للوزير، ويسلّم له في ذلك إلى أن تستحكم له صبغة الرئاسة والاستبداد، ويتحوّل الملك إليه ويؤثر به عشيرته وأبناءه من بعده كما وقع لبعض البلاد.

وقد يتفطّن ذلك المحجور المغلّب لشأنه، فيحاول على الخروج من ربقة الحجر والاستبداد، ويرجع الملك إلى نصابه، ويضرب على أيدي المتغلّبين عليه، إمّا بقتل أو برفع عن الرتبة فقط، إلّا أنّ ذلك في النادر وإنّما يحدث لأبناء الملوك ذلك، لأنّهم ينشأون منغمسين في نعيمه وقد نسوا عهد الرجولة )(١) .

وصفوة القول، أنّ النظام الملكيّ المطلق منه والدستوري والوراثيّ، أمر ملازم للاستعلاء والطغيان.

* * *

٢. الحكومة الأشرافيّة

إنّ المقصود من هذا النوع، هو أن يتسلّم فريق من أعيان المجتمع ووجوهه زمام الحكم والسلطة بحجّة تفوّقهم الروحيّ والفكريّ أو النسبيّ على الآخرين، وهذا هو ما يصطلح عليه الآن بالحكومة ( الارستقراطيّة ) أو حكومة طبقة ( الأعيان ).

ولا يخفى، أنّ مجرّد التفوّق الروحيّ أو الفكريّ أو النسبيّ ما لم يقترن بسائر

__________________

(١) مقدمة ابن خلدون: ١٨٥ ـ ١٨٦.

٦٢

الصلاحيّات والمؤهلات، لا يمكن أن يكون مسوّغاً للقيادة والحاكميّة، ولأجل ذلك لا تكون الأشرافية بهذا المعنى ملاكاً لها.

أضف إلى ذلك، أنّه ربّما تتصدّر شرذمة من الطغاة الحريصين على الحكم والسلطة مسند الحاكميّة بادعاء تفوّقهم الروحيّ أو الفكريّ أو النّسبيّ على الآخرين من دون أن يكون فيهم شيء من ذلك.

* * *

٣. حكومة الأغنياء (١)

وهي تتحقّق باستيلاء جماعة من ذوي الثراء الكبير على زمام الحكم لثرائهم، وهذا النمط هو ما يسمّى بحكومة الخاصّة أيضاً.

ويبرّر هذا الفريق حقّهم في الأخذ بزمام الحكم دون غيرهم، بقدرتهم الاقتصادية وتفوّقهم الإداريّ.

ولكن هذا النوع وما تقدمه من الحكومات، لا يلتقي ولا ينسجم مع النظام الإسلاميّ مالم يرتضيه الشعب، ولم يكن موافقاً للاسس والضوابط الإسلاميّة في مجال الحكم والحاكم، لأنّ هذه الحكومات تؤول ـ لا محالة ـ إلى الديكتاتورية والاستغلال، وإن كانت تغطّي نفسها ـ أحياناً ـ برداء الديمقراطيّة، وتدّعي خدمة الشعوب.

٤. النمطُ الديمقراطيّ

ويعني هذا النوع من الحكومة: « حكومة الشعب على الشعب »، وهو في ظاهره يختلف عن الأنواع السابقة بأنّه يستند إلى إرادة الشعب، ورأيه، ويتحقّق بأن يكون الحاكم أو الرئيس منتخباً من جانبهم، أو يكون موضع قبولهم على الأقلّ.

وهذا النمط، وهو الذي تدّعيه أكثر الحكومات الحاضرة وخاصّةً في الغرب بل ،

__________________

(١) وتسمّى حكومة الاستئثار.

٦٣

ويتبجّح به العالم الغربيّ ويفتخر به ويدّعي أنه السبيل الوحيد لضمان الحريات التي يتطلبها الإنسان، طيلة حياته، ويشتريها بأغلى ثمن ولكنّه ادعاء خال عن الحقيقة، مجرد عن الواقع.

فإنّ الديمقراطيّة الدارجة في الغرب ديمقراطيّة ظاهريّة، وحريّة صوريّة غير حقيقّية، فالناخبون هناك ينتخبون نوّابهم وحكاّمهم مجبورين ومضطّرين في الواقع وإن كانوا مختارين في الظاهر.

فهم ينتخبون تحت تأثير الوسائل الإعلاميّة الفعّالة، والمؤثرات الخفيّة والجليّة التي تدفع بالناخب الغربيّ إلى أن ينتخب ـ بصورة لا إرادية ـ ما تروّج له أجهزة الإعلام، أو تسوّله دعايات اصحاب الشركات والمعامل الكبرى، أو تدعو له الراقصات والمغنّيات والمغنون.

إنّ المرء يتصوّر ـ في بادئ الأمر ـ، أنّ الغرب يمارس ديمقراطيّةً حقيقيّةً، غير أنّ من يطالع الأوضاع وخلفياتها الخفيّة، يرى صورةً عن الديمقراطيّة لا روح فيها، وشكلاً من حرية الانتخاب لا واقع لها، فالإنسان في تلك الديار مسيّر بفعل العوامل الدعائية التي تملكها شرذمة من أصحاب الثروة والنفوذ والمصالح، فالإنسان الغربي يمارس ديمقراطيّةً كاذبةً، لأنّه لا يختار إلّا ـ تحت التأثير الإعلاميّ ـ من تريده تلك الشرذمة من أصحاب المصالح والنفوذ لا ما يريده هو في قرارة وجدانه، أو يحكم به عقله، وتقتضيه مصالحه.

وهل يستطيع أحد أن ينكر تأثير الأجهزة الإعلاميّة والدعائية في بذر فكرة خاصّة وإلقائها في أذهان الناس، وتوجيههم الوجهة التي تريد، ودفعهم إلى اختيار من تشاء ؟.

أم هل يمكن إنكار الدور المؤثر لوسائل الطّرب، وللفنّ، والحفلات الغنائيّة والموسيقيّة ؟ فكيف لا يؤثر في الأذهان، جعل صورة المرشّح للرئاسة أو للنيابة على صدور الفتيات الشبه عاريات والراقصات أمام الجماهير، أو ترديد اسم المرشّح في أناشيد

٦٤

المطربين والمطربات وفي أغاني المغنّين والمغنّيات ؟.

أم هل يمكن أن ينسى تأثير الوعود البرّاقة الكاذبة، أو شراء الأصوات بالأموال الطائلة أو التحالفات العشائريّة، وغير ذلك من الوسائل المتّبعة في الغرب وفي النظم الديمقراطية السائدة في عالمنا الحاضر ؟.

وليس من شكّ في أنّ انتخاب الإنسان المسيّر في اختياره، المدفوع تلقائياً إلى انتخاب مرشّح شرذمة معينة، لا قيمة له في ميزان العدل والحق، ولا يمكن أن يسمى انتخاباً حرّاً واختياراً صحيحاً، ولا يكون مثل هذا في الغرب إلّا لأنّهم لا يشترطون في الانتخاب شرطاً من الاُمور المعنويّة عدا كونه منتخباً لأكثريّة الشعب فحسب. ولكن الإسلام يشترط في الناخب والمنتخب شروطاً كثيرةً عدا كونه مقبولاً للشعب ومرضيّاً عندهم، ولا يأذن لأحد أن يتجاوز هذه الشروط أو يتغافلها، بلغ الأمر ما بلغ.

إنّ النمط الديمقراطيّ للحكم ـ على ما يراه الغرب ومن تبعهم في الشرق ـ لا يهتمُّ إلّا بكثرة الأصوات والتفوق في عدد الآراء لا غير.!!

يكتب ( فرانك كنت ) الكاتب السياسيّ في هذا الصدد قائلاً: ( انّ مسألة « ضرورة تحصيل أغلبيّة الأصوات » موضوع مهم جداً، وفي سبيل تحصيلها لا يمكن أن يسمح أبداً بأن تتدخّل فيها مواضيع تافهة مثل قضية الأخلاق، ومراعاة الحقّ، والباطل ).

ويكتب هذا الكاتب نفسه أيضاً: ( إنّ أهمّ نقد وجّهه النائب « آشورست » إلى أحد زملائه الذي كان يخوض حملةً انتخابيةً في انتخابات ( ١٩٢٠ م ) هو: أنّك لاتريد أن تتحايل على الناس، يعني أنّك لا تريد في سبيل الوصول إلى المركز النيابيّ أن تسحق وجدانك، إنّك يجب أن تتعلّم بأنّ على الرجل السياسيّ ـ في بعض الموارد ـ أن يتجاهل ضميره، ويتناسى وجدانه )(١) .

__________________

(١) اقتبس من مقال لجون اف كندي الرئيس الأسبق للولايات المتّحدة.

٦٥

ثمّ إنّ هذا النوع من نظام الحكم وإن لم يكن من مصاديق الاستعلاء المذموم في القرآن الكريم، غير أنّ مجرد كونه شعبياً لا يكفي في شرعيّته وصحته، بل لابدّ أن يكون ناشئاً من حاكميّة الله سبحانه، إمّا بالنصّ، أو موضع تأييده برعاية الضوابط والسنن التي نصّ عليها في الشريعة الإسلاميّة في مجال الحكم والحاكم. وبذلك تختلف صيغة الحكومة الإسلاميّة ـ التي سيأتي ذكرها ـ عن سائر الصيغ والأنماط الرائجة لنظام الحكم، وإن كانت بعض هذه الصيغ موضع قبول الشعوب ورضاها.

إنّ الحاكميّة ـ حسب منطق العقل والدين ـ مخصوصة بالله سبحانه ومحض حقّ له دون سواه، ولذلك، لابدّ أن تكون حاكميّة غيره ناشئةً منه، أو موضع تأييده سبحانه.

وبعد استجلاء هذه الحقيقة، ينطرح هذا السؤال: ما هي إذن صيغة الحكومة الإسلاميّة ؟.

٦٦

الفصل الثاني

١

صيغة الحكومة الإسلاميّة

كيف ؟

تلخيصٌ لما سبق :

لقد أثبتت الأبحاث السابقة اُموراً، هي :

١. أنّ العقل ـ فضلاً عن الآيات القرآنيّة، والأحاديث الشريفة ـ يقضي بلزوم وجود( دولة ) تدير دفّة البلاد، وتتولّى ادارة شؤون المجتمع، إذ بدون الدولة لن يكون أمر الاُمّة إلّا فوضى واختلاف.

٢. أنّ طبيعة القوانين الإسلاميّة في مختلف المجالات المدنية والاقتصاديّة والدفاعيّة تقتضي وجود مثل هذه الدولة، وإلاّ كان تشريعها لغواً وعبثاً.

٣. أنّ على المسلمين إذن، أن يقوموا بتشكيل مثل هذه الدولة لتطبيق الإسلام في جميع الأصعدة السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة.

٦٧

٤. أنّ الحكومة الإسلاميّة ليست على نمط النظام الملكيّ، أو حكومة الأشراف أو حكومة الخاصّة، أو النظام الديمقراطي الرائج في الغرب، أو المتّبع في بلدان العالم الثالث.

بعد أن ثبت كلّ ذلك في الأبحاث السابقة ينطرح السؤال التالي :

ما هي صيغة الحكومة الإسلاميّة إِذنْ ؟

إنّ البحث عن شكل وصيغة « الحكومة الإسلاميّة » رغم أنّه من أهمّ المباحث في هذا المجال، لكننا لا نجد دراسةً وافيةً شاملةً عنها.

إنّ علماء الشيعة لـمّا كانوا يمثّلون ـ طوال العصور ـ، جبهة الرّفض والمعارضة للحكومات الجائرة، فإنّهم كانوا بسبب ذلك يعانون من أشدّ أنواع الملاحقة والمضايقة، فلم تسمح لهم تلك الظروف العصيبة أن يتحدثوا عن صيغة الحكومة الإسلاميّة، أو يتفرّغوا للكتابة عنها، وتوضيح ملامحها، ورسم خطوطها، ويؤلّفوا فيها كما ألّفوا عن بقيّة المجالات الإسلاميّة.

نعم، لقد قام بعض علماء السّنّة بتأليف بعض الكتب في هذا المجال، ولكن هذه الكتب لم تشرح إلّا الوضع الذي كانت عليه الحكومات السائدة حينذاك في المجتمعات الإسلاميّة، من دون أن ترفع النّقاب عن وجه الحكومة الإسلاميّة الواقعيّة كما تحدّث عنها القرآن الكريم والسّنّة المطهّرة ودلّ عنها العقل السليم.

ولأجل ذلك، لا يرى القارئ في ( الأحكام السلطانيّة ) للماورديّ وما يماثله من الكتب والمصنّفات إلّا هذا الأمر وأما تصوير الحكومة الإسلاميّة كما ينبغي أن تكون فلا يكاد أن يجده كما ستعرف.

ويمكن أن نعزي غياب الصورة الحقيقيّة للحكومة الإسلاميّة إلى عدّة اُمور أخرى :

١. توالي الحكومات المنحرفة على دفّة الحكم في الاُمّة الإسلاميّة، الأمر الذي حال

٦٨

دون قيام الحكومة الإسلاميّة الواقعيّة، وكان ذلك من أسباب غياب النمط الواقعيّ لنظام الحكم الإسلاميّ، وعدم معرفتنا به.

أضف إلى ذلك، أنّ تأريخ المسلمين في العصور الماضية كان له صبغة الإسلام وصبغة القيادة الإسلاميّة، لا أنّه كانت تتوفّر فيه جميع عناصر الدولة الإسلاميّة وشرائط المجتمع الإسلاميّ ومواصفاته، ولأجل ذلك لم تكن تلك الحكومات المنصبغة بصبغة الإسلام ممثّلةً لواقع القيادة الإسلاميّة.

٢. بعدنا الزمني عن العهد النبويّ وتطوّر اللغة، ممّا جعلنا لا نفهم الكثير من مقاصد المصطلحات القرآنيّة التي تدلّ على ملامح الحكومة الإسلاميّة كما كان يفهم العربي المعاصر لذلك العهد.

وتتعيّن على الكتّاب المعاصرين، لاستجلاء الملامح الغائبة للحكومة الإسلاميّة، اُمور :

أوّلاً: العودة إلى المصادر الأساسيّة للإسلام، ونعني بها الكتاب والسّنّة المطهّرة والسيرة الشريفة التي سار عليها الأئمّة الواقعيّون.

ثانياً: أن لا يخلطوا بين ما وقع وجرى على الساحة الإسلاميّة في مجال الحكم، وبين ما هو مرسوم لنظام الحكم في أصل الشريعة المقدّسة.

ثالثاً: أن لا يخلطوا بين تأريخ المسلمين ونظام الدين، لأنّ ذلك التأريخ لا يكون ممثلاً واقعيّاً لكلّ تعاليم الدين، ولا مبرزاً لجميع حقائقه.

فإذا تجاوزنا جميع هذه الحواجز المانعة عن رؤية الحقيقة، استطعنا أن نقف على الصورة الحقيقيّة لنظام الحكم الإسلاميّ وأبعاده، وجميع خصوصياته وامتيازاته.

إنّا مع تقديرنا لكلّ ما قام به علماؤنا الأقدمون من خدمات عظيمة في تدوين الفكر الإسلاميّ وحمايته وصيانته وتعميقه وتوضيحه، نعذرهم في عدم توضيحهم لصورة الحكومة الإسلاميّة، نظراً للظروف الصعبة وغير العاديّة التي عاشوها وقاسوا منها الأمرّين كما ستعرف، ولكنّنا نعتبر القيام بهذا الأمر واجباً حتميّاً بالنسبة إلى كتّابنا

٦٩

ومفكّرينا المعاصرين، وخاصّةً أنّ الحاجة إلى ذلك ـ بعد قيام أوّل حكومة إسلاميّة من نوعها في بلد إسلاميّ هو إيران ـ قد أصبحت شديدةً وماسةً في الوقت الذي يتطلّع فيه الكثير من المسلمين إلى إقامة الحكومة الإسلاميّة الواقعيّة في بلادهم أيضاً.

إنّ غموض موضوع ( الحكومة الإسلاميّة ) جعل أكثر المسلمين في هذا العصر لا يعرفون عنها سوى، أنّها كبقية الحكومات القائمة في بعض البلاد الإسلاميّة التي تنتحل لنفسها صفة الإسلام واسمه، وهي أبعد ما تكون عن الإسلام جوهراً وشكلاً، أسلوباً وسياسة.

إنّ الحكومة الإسلاميّة تمتاز بخصوصيّات وخصائص عديدة تميّزها عن جميع الحكومات الحاضرة ـ والغابرة ـ التي تتقمّص رداء الإسلام كذباً وزوراً.

إنّ التتبّع في الكتاب والسّنّة يقضي، بأنّ الحكومة في الإسلام تقوم بأحد أمرين، لكلّ واحد ظرفه الخاصّ :

١. التنصيص الإلهيّ على الحاكم الأعلى باسمه وشخصه. وهذا فيما لو كان هناك نصّ أو نصوص على حاكميّة شخص معيّن على الاُمّة كما في النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله باتّفاق المسلمين، أو الأئمة المعصومين حسب ما يذهب إليه الشيعة.

ومن المعلوم، أنّه لو كان هناك نصّ لما جاز العدول عنه إلى الطريق الآخر الذي سنشير إليه.

٢. التنصيص الإلهيّ على صفات الحاكم الأعلى، وشروطه، ومواصفاته الكليّة فيما إذا لم يكن هناك تنصيص على الشخص، أو كان ولكن الظروف تحول دون الوصول إليه، والانتفاع بقيادته.

ومن المعلوم، أنّ الطريق الثاني يؤخذ به في ظرف عدم الطريق الأوّل.

وعلى كلّ تقدير، فالحاكميّة تنصيصيّة منه سبحانه مطلقاً، فهي إمّا بالتنصيص على الشخص المعيّن، أو التنصيص على المواصفات الكليّة، وإلى هذا القسم الثاني يرجع انتخاب الاُمّة حسب الشرائط والضوابط.

٧٠

التنصيص الإلهيّ على الحاكم الأعلى

باسمه وشخصه

إن الحاكميّة كما أسلفنا(١) ، حقّ مختصّ بالله سبحانه، ولا حاكمية لسواه إلّا بإذنه، وله الحقّ وحده في تعيين من يقود البشرية، ويسوس اُمورهم ويحكمهم

وهذا هو ما يؤكّده القرآن الكريم في كثير من آياته صراحة وتلويحاً، إذ يقول :

( إِنِ الحُكْمُ إلّا للهِ يَقُصُّ الحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) ( الأنعام: ٥٧ ).

( أَلا لَهُ الحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ ) ( الانعام ٦٢ ).

( إِنِ الحُكْمُ إلّا للهِ أَمَرَ إلّا تَعْبُدُوا إلّا إِيَّاهُ ) ( يوسف: ٤٠ ).

يقول العلاّمة الطباطبائيّ: ( إنّ نظرية التوحيد التي يبني عليها القرآن الشريف بنيان معارفه، لـمّا كانت تثبت حقيقة ( التأثير في الوجود ) لله سبحانه وحده لا شريك له، وإن كان الإنتساب مختلفاً باختلاف الأشياء، غير جار على وتيرة واحدة، كما ترى أنّه تعالى ينسب الخلق إلى نفسه، ثمّ ينسبه في موارد مختلفة إلى أشياء مختلفة بنسب مختلفة، وكذلك العلم والقدرة والحياة والمشيئة والرزق والحسن، إلى غير ذلك. وبالجملة، لـمّا كان التأثير له تعالى، كان(٢) الحكم الذي هو نوع من التأثير والجعل له تعالى، سواءً في

__________________

(١) راجع الجزء الأول من كتابنا: ٥٧٨.

(٢) جواب لـمّا الشرطيّة.

٧١

ذلك الحكم في الحقائق التكوينيّة أو في الشرائع الوضعيّة(١) الاعتباريّة، وقد أيّد كلامه تعالى هذا المعنى، كقوله:( إِنِ الحُكْمُ إلّا للهِ ) ( الأنعام: ٥٧ يوسف: ٦٧ ) وقوله تعالى:( أَلا لَهُ الحُكْمُ ) ( الأنعام: ٦٢ ) وقوله تعالى:( لَهُ الحَمْدُ فِي الأُولَىٰ وَالآخِرَةِ وَلَهُ الحُكْمُ ) ( القصص: ٧٠ ) وقوله تعالى:( وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ) ( الرعد: ٤١ ) ولو كان لغيره تعالى حكم لكان له أن يعقّب حكمه ويعارض مشيئته، وقوله تعالى:( فَالْحُكْمُ للهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ) ( غافر: ١٢ ) إلى غير ذلك.

ويدل على اختصاص خصوص الحكم التشريعي به تعالى، قوله:( إِنِ الحُكْمُ إلّا للهِ أَمَرَ إلّا تَعْبُدُوا إلّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) ( يوسف: ٤٠ ) فالحكم لله سبحانه لا يشاركه فيه غيره، على ظاهر ما يدلّ عليه ما مرّ من الآيات، غير أنّه تعالى ربّما ينسب الحكم مطلقاً وخاصةً التشريعيّة منه إلى غيره، كقوله تعالى:( يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ ) ( المائدة: ٩٥ ) وقوله لداوودعليه‌السلام :( إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالحَقِّ ) ( ص: ٢٦ ) وقوله للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ ) ( المائدة: ٤٩ ) وقوله( يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ ) ( المائدة: ٤٤ ) إلى غير ذلك من الآيات وضمّها إلى القبيل الأوّل يفيد، أنّ الحكم الحقّ لله سبحانه ب‍ ( الأصالة ) وأوّلاً، لا يستقلّ به أحد غيره، ويوجد لغيره بإذنه وثانياً. ولذلك عدّ تعالى نفسه أحكم الحاكمين وخيرهم، لما أنّه لازم الأصالة والاستقلال والأوّليّة، فقال:( أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الحَاكِمِينَ ) ( التين: ٨ ) وقال:( وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ ) ( الأعراف: ٨٧ )(٢) ».

وكتب حول قوله تعالى:( أَلا لَهُ الحُكْمُ ) ( الأنعام: ٦٢ ) أيضاً يقول: ( قوله

__________________

(١) المصطلح لدى الاُصولييّن في الوضعيّة هو الأحكام والقوانين المجعولة كالسببيّة والشرطيّة والرئيسيّة والمرؤوسيّة والحاكميّة والمحكوميّة ويقابله الأحكام التكليفيّة الخمسة المعروفة كالوجوب والحرمة والكراهة والاستحباب والإباحة.

غير أنّ الأستاذ قدس‌سره أراد منها هنا مطلق الأحكام التشريعيّة سواء أكانت بلسان الوجوب والحرمة، أم غيرها، ممّا تسمّى ـ اصطلاحاً بالأحكام الوضعيّة.

(٢) تفسير الميزان ٧: ١١٧ ـ ١١٨.

٧٢

تعالى:( أَلا لَهُ الحُكْمُ ) إلخ لـمّا بيّن تعالى اختصاصه بمفتاح الغيب وعلمه بالكتاب المبين الذي فيه كل شيء، وتدبيره لأمر خلقه من لدن وجدوا، إلى أن يرجعوا إليه، تبيّن أنّ الحكم إليه لا إلى غيره، وهو الذي ذكره فيما مرّ من قوله:( إِنِ الحُكْمُ إلّا للهِ ) أعلن نتيجة بيانه فقال:( أَلا لَهُ الحُكْمُ ) ليكون منبّهاً لهم ممّا غفلوا عنه )(١) . فإذا لم تكن الحاكميّة إلّا لله تعالى، كان إليه وحده أمر التنصيص والتعيين للحاكم الأعلى، أمّا على الاسم والشخص، كما إذا اقتضت المصالح أن يكون لون الحكومة على هذا النمط، أو على الصفات والشروط اللازمة فيه، كما إذا اقتضت المصلحة أن يكون لون الحكومة على هذا الطراز.

بيد انّ المسلمين قد اتفقوا على أنّ النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله كان حاكماً منصوباً من جانبه سبحانه على الاُمّة.

ومن المعلوم، أنّه لو كان هناك تنصيب للشخص لما كان للاُمّة رفض النصّ والتعيين والركون إلى الطريق الآخر يقول سبحانه:( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِينًا ) ( الأحزاب: ٣٦ ).

وقد نصّ الله تعالى على حاكمية النبيّ، وحاكميّة ولاة الأمر من بعده إذ قال في كتابه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ( النساء: ٥٩ ).

ومن الواضح أنّ وجوب إطاعة النبيّ واولي الأمر(٢) في كلّ ما يأمر وينهى دليل

__________________

(١) تفسير الميزان ٧: ١٣٦.

(٢) المشهور بين الإماميّة تبعاً للأخبار أنّ المراد من اولي الأمر، أشخاص معيّنون بأسمائهم وشخصيّاتهم، وقد نصّ النبيّ عليهم في متواتر الأحاديث والروايات، التي رواها أعلام الحديث من الفريقين، فهي قضيّة خارجيّة ـ حسب المصطلح المنطقيّ ـ مقصورة على أولئك الأشخاص، وليست قضيّةً كليّةً قانونيّةً مضروبةً على إطاعة كلّ من ولي الأمر من المؤمنين، حتّى تصير قضيّةً حقيقيّةً حسب اصطلاح المنطق. وإن كان ـ ربّما ـ يجب إطاعة ولي الأمر من المؤمنين، لكنّه بسبب دليل آخر لا لأجل هذه الآية، وهناك وجه آخر في مفاد الآية قرّر في محلّه.

٧٣

على حاكميّته وولايته المفوّضة إليه من جانب الله بتنصيصه سبحانه على ذلك.

كيف لا وقد صرح القرآن بولاية النبيّ، وحكومته على الأنفس فضلاً عن الأموال بقوله سبحانه:( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) ( الأحزاب: ٦ ).

فهذه الآية، تدلّ ـ بوضوح ـ على أنّه تعالى نصب النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله حاكماً، وأولاه سلطةً على نفوس المؤمنين وأموالهم، سلطةً شرعيةً في إطار الحقّ والعدل والصلاح.

خاصّةً أنّه ورد عن الإمام الباقرعليه‌السلام في تفسير هذه الآية أنّه قال: « إنّها نزلت في الإمرة يعني الإمارة »(١) .

هذا والأدلة على أنّ النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله كان حاكماً منصوباً من جانبه سبحانه، أكثر ممّا ذكرناه من الآيات، وبما أنّه لم يختلف فيه أحد من المسلمين نكتفي بما أوردناه.

إنّما البحث في صيغة الحكومة بعد النبيّ الأكرم، فهل هي كانت على غرار حكومة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّ الله سبحانه نصب أشخاصاً معيّنين للحكومة بلسان نبيّه، أو أنّ الحكومة بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله على غرار الطريق الثاني، أعني التنصيص على الصفات والشروط الكلية اللازمة للحاكم، وحثّ الاُمّة على تعيين الحاكم من عند أنفسهم حسب تلك الصفات والشروط وعلى ضوء تلكم المواصفات.

فهناك قولان، ذهبت إلى كلّ واحد طائفة من المسلمين.

ما هي صيغة الحكومة بعد النبيّ ؟

إنّ تحليل صيغة الحكومة بعد النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله من المسائل الهامّة التي فرقت المسلمين إلى طائفتين كبيرتين، تمثّل كلّ واحدة منهما شطراً كبيراً من الاُمّة الإسلاميّة.

ورفع النقاب عن وجه الحقيقة في هذا المجال، يحتاج إلى تجرد عن الأهواء والميول

__________________

(١) مجمع البحرين: ٤٥٧، الطبعة الجديدة.

٧٤

الطائفية، ولأجل ذلك نسأل الله سبحانه أن يوفّقنا لإراءة ما نلمسه بالدليل فنقول :

إنّ طائفةً كبيرةً من المسلمين ذهبت إلى أنّ صيغة الحكومة بعد الرسول، وإلى مدّة خاصّة من الزمن، كانت حكومةً تنصيصيةً إلهيّةً على غرار حكومة النبيّ الأكرم نفسه، فالله تعالى نصّ على أسماء من يجب أن يخلفوا النبيّ، على لسانه، وأوجب طاعتهم وحرّم مخالفتهم.

ويمكن استجلاء الحقيقة، وصدق هذا المدّعى، بالطرق الثلاث التالية :

١. محاسبة المصالح العامّة، وما كانت تقتضيه في تلك الفترة، فنرى، ماذا كانت تقتضي مصالح الاُمّة الإسلاميّة آنذاك، وأيّ لون من ألوان الحكومة كانت تتطلّب، هل كانت تقتضي الحكومة التنصيصيّة على الاسم والشخص ؟ أو التنصيص على الصفات والشروط ؟

وبتعبير آخر: هل كانت المصالح في تلك الفترة تقتضي التنصيص على أشخاص معيّنين ؟ أو ترك الأمر إلى انتخاب الاُمّة حسب الضوابط المقرّرة شرعاً ؟.

٢. لا شك أنّ وفاة الرسول الأكرم وغيابه عن الساحة كان من شأنه أن يحدث فراغاً بعده، فكان لابد من سد هذا الفراغ بمن يكون كالنبيّ علماً وسياسةً وخلقاً وقيادةً، فهل كان يمكن سدّ هذا الفراغ بانتخاب الاُمّة، أو لا يمكن إلّا بالتنصيص على فرد معيّن ؟.

٣. لـمّا كانت مسألة القيادة موضع اهتمام المسلمين في حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعده، فحينئذ لا بدّ أن يكون للنبيّ وأصحابه في ذلك المجال رأي ونظر، فماذا يستفاد من النصوص الواردة حول هذه المسألة ؟.

ولنبدأ بعون الله بذكر هذه الطرق على وجه التفصيل :

٧٥

الطريق الأوّل

المصالح العامّة في الصدر الأوّل

وشكل الحكومة

١. عدم بلوغ الذروة في أمر القيادة.

٢. الاُمّة الإسلاميّة وآلخطر الثلاثيّ.

٣. العشائريات تمنع من الاتفاق على قائد.

ماذا كانت تقتضيه المصالح ؟

ماذا كانت تقتضي مصالح الاُمّة الإسلاميّة آنذاك ؟ هل كانت تقتضي أن يترك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله اُمّته لتختار هي من تريد لقيادتها ؟ وهل كانت الظروف آنذاك تساعد على مثل هذا الأمر ؟ أو كان يجب النص على أشخاص معيّنين لذلك المقام الخطير ؟ وبعبارة واضحة: هل كانت المصلحة تقتضي تنصيب الإمام من جانب الله سبحانه بلسان نبيّه ؟ أو كانت المصلحة تقتضي أن يترك مسألة الخلافة بعده إلى رأي الاُمّة ؟

إنّ اُموراً كثيرةً تدلّ على أنّ مصالح الاُمّة كانت آنذاك تتطلّب تنصيب الإمام والقائد الذي يخلّف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وتعيينه بلسانه في حياته، بل كان في عدم التعيين والتنصيب، وترك الأمر إلى اختيار الاُمّة وانتخابها، من الاختلاف والتفرّق وعدم الاتّفاق

٧٦

ما يشكل أكبر الخطر على تلك الجماعة ويعرّضها للتقهقر.

وإليك بيان هذه الاُمور :

أ ـ عدم بلوغ الذروة في أمر القيادة

إنّ الاُمّة الإسلاميّة ـ كما يدلّنا عليه التأريخ ـ لم تبلغ في القدرة على تدبير اُمورها، وإدارة شؤونها، وقيادة سفينتها حدّ الاكتفاء الذاتيّ، الذي لا يحتاج معه إلى نصب قائد لها من جانب الله تعالى.

وقد كان عدم بلوغ الاُمّة هذا طبيعياً، لأنّه من غير الممكن إعداد أمّة كاملة الصفات، قادرة على إدارة نفسها، وبالغة في الرّشد القياديّ والإداريّ حدّاً يجعلها مستغنيةً عن نصب قائد محنّك رشيد لها.

إنّه من غير الممكن إعداد مثل هذه الاُمّة وتربيتها في فترة ثلاث وعشرين سنة مليئة بالأحداث والوقائع الجسيمة، ومشحونة بالحروب الطاحنة والهزات العنيفة.

وليس هذا مختصاً بالاُمّة الإسلاميّة، بل التجارب تدلّ على أنّه من غير الممكن تربية أمّة كانت متوغّلةً في العادات الوحشيّة والعلاقات الجاهليّة، والنهوض بها إلى حدّ تصير أمّة كاملةً تدفع عن نفسها تلك الرواسب والعادات والخصائص الجاهليّة المتخلّفة، وتتقدّم بنفسها إلى ذرى الكمال، بحيث تستغني عن نصب قائد محنّك ورئيس مدبر، بل هي تقدر على تشخيص مصالحها في تعيين القائد.

إنّ إعداد مثل هذه الجماعة ومثل هذه الاُمّة لا يمكن ـ في العادة ـ إلّا بعد انقضاء جيل أو جيلين، وبعد مرور زمن طويل يكفي لتغلغل التربية الإسلاميّة إلى أعماق تلك الاُمّة، بحيث تخلط مفاهيم الدين بدمها وعروقها، وتتمكّن منها العقيدة درجةً يحفظها من التذبذب، والتشرذم والتراجع إلى الوراء.

وهذا ممّا لم يتيسّر للمسلمين الذين تولّى النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله تربيتهم وصياغتهم، فإنّ الأحداث التي وقعت، أثبتت، أنّ الإسلام لم يتعمّق في نفوس أكثرية المسلمين

٧٧

وعقولهم، ولم تجتثّ الرواسب الجاهلية المتأصّلة فيهم، فقد كانت هذه الرواسب تلوح منهم بين حين وآخر، وتظهر مظاهر التذبذب والتردّد، كلمّا أحكمت الصعوبات والمحن بقبضتها عليهم !!!

ففي معركة ( احد ) مثلاً عندما ترك بعض الرماة مواقعهم على الجبل ( خلافاً لأمر الرسول الأكرم وتأكيداته على البقاء ) وبوغت المسلمون بهجوم الكفار عليهم وهم يجمعون الغنائم، واصيبوا بنكسة كبرى وروّج الأعداء المشركون شائعات عن مقتل النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هرب بعض المسلمين من ساحة المعركة، ولاذ بعضهم بالجبل، بل فكّر بعضهم بالتفاوض مع المشركين حتّى أتاهم أحد المقاتلين ووبّخهم على فرارهم وتخاذلهم وتردّدهم قائلاً: « إن كان محمّد قد مات فربّ محمّد حيّ، قوموا ودافعوا عن دينه »(١) .

ولم تكن هذه الواقعة وحيدة من نوعها، فقد ظهرت بادرة الارتداد من بعضهم في ( هوازن ) ما لا يقلّ عمّا ظهر في أحد.

فقد روى ابن هشام عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ، قال: لـمّا استقبلنا وادي حنين، انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف( أي متّسع ) حطوط( أي منحدر ) انّما ننحدر فيه انحداراً، وقال: وفي عماية الصبح، وكان القوم ( العدو ) قد سبقونا إلى الوادي، فكمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضايقه وقد أجمعوا وتهيّأوا وأعدّوا، فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلّا الكتائب قد شدّوا علينا شدّة رجل واحد وانشمر ( أي انهزم ) الناس راجعين لا يلوي أحد على أحد وانحاز رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات اليمين، ثمّ قال: « أين أيّها الناس هلمّوا إلّي، أنا رسول الله ».

فانطلق الناس ( أي هربوا ) إلّا أنّه قد بقي مع رسول الله نفر من المهاجرين والأنصار.

فلمّا انهزم الناس، ورأى من كان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من جفاة أهل مكّة الهزيمة ،

__________________

(١) سيرة ابن هشام ٢: ٨٣.

٧٨

تكلّم رجال منهم بما في أنفسهم من الضّغن، فقال أبو سفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وإنّ الأزلام لمعه في كنانته، وصرخ جبلة بن الحنبل: ( الا بطل السحر اليوم )(١) .

إلى غير ذلك من الأحداث والوقائع، التي كشفت عن تأصّل الرواسب الجاهليّة في نفوسهم، وعدم تغلغل الإيمان والعقيدة في قلوبهم. حتّى أنّنا نجد القرآن يشير إلى ذلك تعليقاً على ما حدث ووقع منهم في معركة ( أحد ) إذ يقول سبحانه:( وَمَا مُحَمَّدٌ إلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) ( آل عمران: ١٤٤ ).

ويقول في شأن من راح يبحث عن ملجأ له فراراً من الموت:( وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ ) ( العمران: ١٥٤ ).

وصفوة القول، أنّنا لا ننكر ـ في الوقت نفسه ـ وجود من بلغت عقيدته واستقامته حداً استوجب أن يتحدث الله عنه في كتابه بقوله:( إِنَّ اللهَ اشْتَرَىٰ مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ( التوبة: ١١١ ).

بيد أنّ الأكثرية منهم لم تكن قد بلغت ذلك المبلغ من رسوخ الإيمان وعمق العقيدة، ولم يكونوا قد تخلّصوا تماماً من رواسب الجاهلية.

ويدلّ على ما ذكر من عدم تغلغل الإيمان في نفوس أكثرية الصحابة والمعاصرين للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالإضافة إلى ما ورد من آيات، ما أخرجه أصحاب الصحاح والسنن، والمسانيد في هذا المجال من أخبار وأحاديث صحيحة.

__________________

(١) سيرة ابن هشام ٢: ٤٤٢ ـ ٤٤٤.

٧٩

فقد روى البخاري عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله: « ما بعث الله من نبيّ ولا استخلف من خليفة إلّا كانت له بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف وتحضّه عليه، وبطانة تأمره بالشّرّ وتحضّه عليه، فالمعصوم من عصمه الله »(١) .

وروى البخاري أيضاً في صحيحه(٢) في باب ( وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم ) من كتب التفاسير بسنده عن ابن عباس، قال :

خطب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: « ألا وإنّه يجاء برجال من امتي فيؤخذ بهم ذات الشّمال فأقول يا ربّ: أصحابي فيقول: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصّالح( وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ) فيقال: إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم ما فارقتهم »(٣) .

فهل كان يجوز لصاحب الدعوة ـ والحال هذه ـ أنّ يتجاهل أمر القيادة من بعده، ولا ينصب أحداً باسمه وشخصه، ويدع تلك الاُمّة الحديثة العهد بالإسلام، الناشئة في الدين، التي لم تترسّخ العقيدة الإسلاميّة في مشاعر الأكثريّة من أبنائها وأفرادها، ولم تكتسب من التربية الفكريّة، والإداريّة ما يجعلها قادرةً على إدارة نفسها بنفسها بحزم، ومتمكّنةً من تدبير شؤونها بدراية وحنكة ؟!

أم لابدّ من تعيين قائد ونصب زعيم مدير لها بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يكون له من المؤهلات

__________________

(١) صحيح البخاري ٤: باب ( بطانة الإمام وأهل مشورته ): ١٥٠.

(٢) صحيح البخاري ٣: ٨٥.

(٣) وقد ورد هذا الحديث بنصّه وطوله، أو باختلاف يسير في: كتاب التفسير في باب( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ) وفي باب ( كيف الحشر ) من صحيح البخاري نفسه، وفي صحيح مسلم في كتاب الجنّة ونعيمها، وفي صحيح الترمذيّ بطريقتين باب ( ما جاء في شأن الحشر ) وفي أبواب ( تفسير القرآن )، وفي صحيح النسائيّ ( ج ١ ) في ذكر أوّل من يكسى، وفي مستدرك الحاكم في كتاب التفسير في ( سورة الزخرف )، وفي مسند أحمد بن حنبل ( ج١: ص٢٣٥ وص ٢٥٣ ) وفي مسند الطيالسيّ ( ج ١ ) في أحاديث سعيد بن جبير عن ابن عبّاس.

وفي الدرّ المنثور للسيوطيّ في تفسير قوله تعالى: ( وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ) وقال أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذيّ.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

[١١٠٧٩] ٤ - الصدوق في المقنع: وإن أحببت أن تدخل الكعبة فاغتسل قبل أن تدخلها، ثم قل: اللهم إنّك قلت:( وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ) (١) فآمنّي من النار، ثم صلّ بين الإسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين، تقرأ في الركعة الأُولى حم السجدة، وفي الثانية عدد آيها من القرآن، ثم تقول: يا الله يا الله يا الله، يا عظيم يا عظيم يا عظيم، أرجوك للعظيم، أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم، فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلّا العظيم، لا إله إلّا أنت، ولا تدخلها بحذاء، ولا خفّ، ولا تبزق فيها، ولا تمتخط.

[١١٠٨٠] ٥ - الشيخ الطبرسي في إعلام الورى: نقلاً عن كتاب أبان بن عثمان، قال: حدثني بشير النبال، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لمّا كان فتح مكّة قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عند من المفتاح؟ قالوا: عند أم شيبة، فدعا شيبة فقال: اذهب إلى أمّك فقل لها ترسل بالمفتاح، فقالت: قل له: قتلت مقاتلنا وتريد أن تأخذ منا مكرمتنا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لترسلن به أو لأقتلنّك، فوضعته في يد الغلام، فأخذه ودعا عمر، فقال له: هذا تأويل(١) رؤياي من قبل، ثم قامصلى‌الله‌عليه‌وآله ففتحه، وستره فمن يومئذ يستر، ثم دعا الغلام فبسط رداءه فجعل فيه المفتاح وقال: ردّه إلى أمّك.

قال: ودخل صناديد قريش الكعبة وهم يظنّون أن السيف لا يرفع عنهم، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله البيت، وأخذ بعضادتي

__________________

٤ - المقنع ص ٩٣.

(١) آل عمران ٣: ٩٧.

٥ - إعلام الورى ص ١١١.

(١) ليس في المصدر.

٣٦١

الباب، ثم قال: لا إله إلّا الله أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم(٢) الأحزاب وحده - إلى أن قالعليه‌السلام - ودخل البيت لم يدخله في حجّ ولا عمرة » الخبر.

٢٦ -( باب استحباب دخول النساء الكعبة، وعدم تأكد الاستحباب لهن)

[١١٠٨١] ١ - الصدوق في الخصال: عن أحمد بن الحسن القطان، عن الحسن بن علي العسكري، عن أبي عبد الله محمّد بن زكريا البصري، عن جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الباقرعليهما‌السلام يقول: « ليس على النساء أذان - إلى أن قال - ولا دخول الكعبة » الخبر.

[١١٠٨٢] ٢ - الصدوق في المقنع: ووضع عن النساء أربعاً - إلى أن قال - ودخول الكعبة.

٢٧ -( باب استحباب دفن الميت في الحرم، وإن مات في غيره، واختياره على الدفن بعرفات)

[١١٠٨٣] ١ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله ولا حساب عليه ».

__________________

(٢) في المصدر: وغلب.

الباب ٢٦

١ - الخصال ص ٥٨٥ ح ١٢.

٢ - المقنع ص ٧١.

الباب ٢٧

١ - لبّ اللباب: مخطوط.

٣٦٢

[١١٠٨٤] ٢ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ومن مات بمكّة فكأنّما مات في السماء الدنيا ».

[١١٠٨٥] ٣ - أحمد بن محمّد بن فهد في عدة الداعي: نقلاً عن كتاب المنبئ عن زهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، باسناده عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال لأبي ذر في حديث: « ومن مات في حرم الله، آمنه الله من الفزع الأكبر، وأدخله الجنّة » الخبر.

٢٨ -( باب استحباب الإكثار من ذكر الله، وقراءة القرآن، والعبادة وخصوصاً الصلاة بمكّة)

[١١٠٨٦] ١ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « وانظر أين أنت فإنّما أنت في حرم الله، وساحة بلاد الله، وهي دار العبادة، فوطّن نفسك على العبادة، فإن الصلاة والصيام والصدقة وأفعال البرّ مضاعفة، والإثم والمعصية أشدّ عذاباً مضاعفة في غيرها، فمن همّ لمعصية ولم يعملها كتب عليه سيئة لقوله تعالى:( وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) (١) وليس ذلك في بلد غيره، وإنّما أراد أصحاب الفيلة هدم الكعبة، فعاقبهم الله بإرادتهم قبل فعلهم، فوطّن نفسك على الورع، وأحرز لسانك، فلا تنطق إلّا بما لك(٢) وأكثر من التسبيح والتهليل، والصلاة على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمر بالمعروف، وانه عن المنكر، وافعل الخير، وعليك بصلاة الليل، وطول القنوت،

__________________

٢ - لبّ اللباب: مخطوط.

٣ - عدة الداعي: النسخة المطبوعة منه خالية من هذا الحديث.

الباب ٢٨

١ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٦ ح ١٨ و ١٩.

(١) الحج ٢٢: ٢٥.

(٢) في المصدر زيادة: لا عليك.

٣٦٣

وكثرة الطواف - إلى أن قال - فإن قدرت أن لا تخرج من مكّة حتى تختم القرآن فافعل ».

[١١٠٨٧] ٢ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، وبإسناده عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن عطيّة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « صلى بمكّة تسعمائة نبيّ ».

[١١٠٨٨] ٣ - وفي دعواته: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من مرض يوماً بمكّة كتب الله له من العمل الصالح الذي كان يعمله عبادة ستين سنة، ومن صبر على حرّ مكّة ساعة تباعدت عنه النار مسيرة مائة عام، وتقرّبت منه الجنّة مسيرة مائة عام ».

[١١٠٨٩] ٤ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن يونس، عن أبي عبد الله، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يحيى بن أبي عمر، عن عبد الرحيم بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أدرك شهر رمضان بمكّة من أوّله إلى آخره صيامه وقيامه، كتب الله له مائة ألف شهر رمضان في غير مكّة، وكان له بكلّ يوم مغفرة وشفاعة، وبكلّ ليلة مغفرة(١) ، وبكلّ يوم حملان فرس في سبيل الله تعالى، وبكل يوم دعوة مستجابة، وكتب له بكلّ يوم عتق رقبة(٢) ، وكل يوم حسنة، وكل ليلة حسنة، وكل يوم درجة، وكل

__________________

٢ - قصص الأنبياء، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٨٣ ح ٣٨.

٣ - دعوات الراوندي ص ٧٦، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٨٣ ح ٣٨.

٤ - نوادر الراوندي: النسخة المطبوعة منه خالية من هذا الحديث، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٦.

(١) في المصدر زيادة: وشفاعة.

(٢) وفيه زيادة: وكل ليلة عتق رقبة.

٣٦٤

ليلة درجة ».

[١١٠٩٠] ٥ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره مرسلاً: أن كلّ نبيّ أهلك قومه أتى مكّة، وعبد الله تعالى فيها إلى أن يقدم على الله تعالى.

٢٩ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب مقدمات الطواف وما يتبعها)

[١١٠٩١] ١ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « وقل عند دخول مكّة: اللهم هذا حرمك وأمنك، فحرّم لحمي ودمي على النار، وآمني يوم القيامة، اللهم اجرني من عذابك ومن سخطك، وإن قدرت أن تغيّر ثوبيك اللذين أحرمت فيهما جعلتهما جديدين فافعل فإنه أفضل، وإن لم يتيسر فلا بأس، وتدخل ممّا ترضيت، ولا ترفع يدك.

وقد روي رفع اليدين ولم يثبت ذلك، وأنكر جابر، وقل: بسم الله، وابدأ برجلك اليمنى قبل اليسرى، وقل: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، وأبواب فضلك، وجوائز مغفرتك، وأعذني(١) من الشيطان الرجيم، واستعملني بطاعتك ورضاك(٢) ».

[١١٠٩٢] ٢٠ - علي بن عيسى الإربلي في كشف الغمة: عن الحافظ أبي نعيم بإسناده عن نصر بن كثير قال: دخلت أنا وسفيان الثوري على جعفر بن

__________________

٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي:

الباب ٢٩

١ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤١.

(١) في البحار: وأعذنا.

(٢) وفيه: ومرضاتك.

٢ - كشف الغمة ج ٢ ص ١٨٥.

٣٦٥

محمّدعليهما‌السلام ، فقلت: إنّي أريد البيت الحرام فعلّمني ما أدعو به، فقال: « إذا بلغت الحرم فضع يدك على الحائط، وقل: يا سابق الفوت، يا سامع الصوت، يا كاسي العظام لحماً بعد الموت، ثم ادع بما شئت ».

[١١٠٩٣] ٣ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: وروي أن إسماعيل شكا حرّ مكّة، فأوحى الله إليه: إنّي أفتح لك باباً من أبواب الجنّة في الحجر، يجري لك الروح(١) إلى يوم القيامة.

[١١٠٩٤] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في مكّة: « لا يختلى خلاها(١) [ ولا ينفر صيدها ](٢) ولا يعضد شجرها » فقال العباس(٣) : إلّا الإذخر فإنه لبيوتنا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إلّا الإذخر ».

[١١٠٩٥] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « كلّ ظلم في مكّة إلحاد حتى شتم الخادم، وأن الطاعم فيها كالصائم في غيرها ».

[١١٠٩٦] ٦ - مجموعة الشهيد نقلاً من المجلس السبعين من الجليس:

__________________

٣ - لبّ اللباب: مخطوط.

(١) الرُّوح أو الرَّوح هو نسيم الريح.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٤ ح ٥٦.

(١) الخلى - بالقصر: الرطب من النبات، الواحدة خلاة مثل حصى وحصاة (مجمع البحرين ج ١ ح ١٣١).

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر زيادة: يا رسول الله.

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٣٠ ح ١٢٤.

٦ - مجموعة الشهيد ص ١٥٣ باختلاف يسير، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ١٩٨ =

٣٦٦

بإسناده إلى نضر بن كثير قال: دخلت على جعفر بن محمّدعليهما‌السلام أنا وسفيان الثوري منذ ستين سنة، أو سبعين سنة، فقلت له: إنّي أُريد البيت الحرام فعلمني شيئاً أدعو به، فقال: « إذا بلغت البيت الحرام فضع يدك على حائط البيت، ثم قل: يا سابق الفوت، يا سامع الصوت، يا كاسي العظام لحماً بعد الموت. ثم ادع بعده بما شئت » فقال له سفيان شيئاً لم أفهمه، فقال: « يا سفيان - أو يا أبا عبد الله - إذا جاءك ما تحب فأكثر من الحمد لله، وإذا جاءك ما تكره فأكثر من لا حول ولا قوّة إلّا بالله، وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار ».

وقيل: أن أبا جعفر الطبري سمع هذا الدعاء عن جعفرعليه‌السلام ، وكان محتضراً فاستدعى محبرة وصحيفة فكتب، فقيل له: في هذه الحال! فقال: ينبغي للإنسان أن لا يدع اقتباس العلم حتى يموت، فمات بعده بساعة.

[١١٠٩٧] ٧ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: وفي الخبر لمّا فرغ إبراهيمعليه‌السلام من بناء البيت، أتاه جبرئيلعليه‌السلام وعلمه مناسك الحج ومعالمه وأركانه، وعلّمه حدود الحرم، وكل موضع كان ملك واقفاً فيه في عهد آدمعليه‌السلام أمره أن يجعل فيه علامة، ونصب فيه حجراً، واستحكمه بتراب حطّه حوله، وكان إبراهيمعليه‌السلام أول من وجد حدود الحرم، وكان كذلك إلى أيام قصيّ فجددها إلى أن كانت في بعض غزوات قريش فألقى بعض تلك العلامات، فحزن لذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

__________________

= ح ١٤ إلى قوله: فأكثر من الاستغفار.

٧ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٠٢.

٣٦٧

فجاءه جبرئيل وقال: أبشر فإنّهم يضعون الأعلام في محالها، ثم جاء ونادى في قبائل قريش، وقال: أما تستحيون انّ الله تعالى أكرمكم بهذا البيت وهذا الحرم وقد ضيّعتم حدوده، والآن يذلّونكم ويختطفونكم، فقالوا: صدقت، فجاؤوا فوضعوا كلّ علامة قلعت في موضعها.

فجاء جبرئيل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: كلّ علم قلع وضعوه في محلّه، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن شاء الله أصابوا محلّه » فقال جبرئيل: ما وضعوا حجراً في محلّه إلّا كان معه ملك لئلا يخطئوا، وكان كذلك إلى عام الفتح فجدّدها تميم بن أسد الخزاعي، ثم كان في عهد عمر فبعث أربعة من قريش فجددوها، وجدّدها عثمان في أيام إمارته، وقال: وجاء الأخبار أن حدّه من طرف المدينة من التنعيم ثلاثة أميال، ومن طرف اليمن سبعة أميال، ومن طرف العراق سبعة أميال، ومن طريق معرة تسعة أميال.

٣٦٨

أبواب الطواف

١ -( باب وجوب طواف الحج والعمرة)

[١١٠٩٨] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن محمّد بن مروان، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: « إنّي لأطوف بالبيت مع أبي إذ أقبل رجل طوال جعشم(١) ، متعمّم بعمامة، فقال: السلام عليك يا ابن رسول الله، قال(٢) : فردّ عليه أبي، فقال: أشياء أردت أن أسألك عنها ما بقي أحد يعلمها إلّا رجل أو رجلان، قال: فلمّا قضى أبي الطواف دخل الحجر فصلى ركعتين، ثم قال: ها هنا يا جعفر، ثم أقبل على الرجل، فقال له أبي: كأنك غريب؟ فقال: أجل، فأخبرني عن هذا الطواف كيف كان ولم كان؟

قال: إنّ الله لمّا قال للملائكة:( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا ) (٣) إلى آخر الآية، كان ذلك من يعصي منهم فاحتجب عنهم سبع سنين، فلاذوا بالعرش يلوذون

__________________

أبواب الطواف

الباب ١

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩ ح ٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٠٤ ح ١٧.

(١) هو المنتفخ الجنبين الغليظهما (لسان العرب - جعشم - ج ١٢ ح ١٠٢).

(٢) في المخطوط: فقال، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ٣٠.

٣٦٩

يقولون: لبيك ذا المعارج لبيك، حتى تاب عليهم، فلمّا أصاب آدمعليه‌السلام الذنب طاف بالبيت حتى قبل الله منه، قال فقال: صدقت، قال: فعجب أبي من قوله صدقت » الخبر.

[١١٠٩٩] ٢ - وعن محمّد بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « كنت مع أبي في الحجر، فبينا هو قائم يصلّي إذ أتاه رجل فجلس إليه، فلمّا انصرف سلّم عليه ثم قال: إنّي أسألك عن ثلاثة أشياء لا يعلمها إلّا أنت، ورجل آخر، قال: ما هي؟ قال: أخبرني أيّ شئ كان سبب الطواف بهذا البيت؟

فقال: إنّ الله تبارك وتعالى لمّا أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم ردت الملائكة، فقالت:( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) (١) فغضب عليهم، ثم سألوه التوبة فأمرهم أن يطوفوا بالضراح، وهو البيت المعمور، فمكثوا به يطوفون به سبع سنين، يستغفرون الله ممّا قالوا، ثم تاب عليهم من بعد ذلك ورضي عنهم، فكان هذا أصل الطواف، ثم جعل الله البيت الحرام حذاء الضراح، توبة لمن أذنب من بني آدم وطهوراً لهم، فقال: صدقت! - إلى أن قال - ثم قام الرجل، فقلت: من هذا الرجل يا أبه؟ فقال: يا بني هذا الخضرعليه‌السلام ».

[١١١٠٠] ٣ - وعن علي بن الحسين(١) عليهما‌السلام في قوله تعالى:( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا

__________________

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٠ ح ٦، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٠٥ ح ١٨.

(١) البقرة ٢: ٣٠.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٠ ح ٧، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٠٥ ح ١٩.

(١) جاء في هامش المخطوط في نسخة: الحسن هو ابن فضال فيكون الخبر مقطوعاً.

٣٧٠

مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ) (٢) ردّوا على الله فقالوا: أتجعل فيها - الخ - وإنّما قالوا ذلك بخلق مضى يعني الجان بن الجن(٣) ، ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك، فمنّوا على الله بعبادتهم إيّاه، فأعرض عنهم، ثم علّم آدم الأسماء كلّها، ثم قال للملائكة:( أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ ) (٤) قالوا: لا علم لنا( قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ) (٥) فأنبأهم ثم قال لهم:( اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا ) (٦) وقالوا في سجودهم في أنفسهم: ما كنّا نظنّ أن يخلق الله خلقاً أكرم عليه منّا، نحن خزّان الله وجيرانه، وأقرب الخلق إليه، فلمّا رفعوا رؤوسهم قال: (ألم أقل لكم إنّي أعلم)(٧) ما تبدون من ردكم عليّ وما كنتم تكتمون ظننا أن لا يخلق الله خلقاً أكرم عليه منّا (وهم الذين أمروا بالسجود، فلاذوا بالعرش)(٨) ، وأنّها كانت عصابة من الملائكة وهم الذين كانوا حول العرش، لم يكن جميع الملائكة الذين قالوا ما ظنّنا أن يخلق خلقاً أكرم عليه منّا، وهم الذين أمروا بالسجود فلاذوا بالعرش، وقالوا بأيديهم - وأشار بإصبعه يديرها - فهم يلوذون حول العرش إلى يوم القيامة، فلمّا أصاب آدمعليه‌السلام الخطيئة جعل الله هذا البيت لمن أصاب من ولده خطيئة، أتاه فلاذ به من ولد آدم كما لاذ أولئك بالعرش، الخبر.

__________________

(٢) البقرة ٢: ٣٠.

(٣) في المخطوط: الجان، وما أثبتناه من المصدر.

(٤) البقرة ٢: ٣١.

(٥) البقرة ٢: ٣٣.

(٦) البقرة ٢: ٣٤.

(٧) في المصدر: الله يعلم.

(٨) في المصدر: فلمّا عرف الملائكة أنها وقعت في خطيئة لاذوا بالعرش.

٣٧١

[١١١٠١] ٤ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام : أنه نظر إلى ناس يطوفون وينصرفون، فقال: « والله لقد أمروا مع هذا بغيره، قيل وما أمروا يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: [ أمروا ](١) إذا فرغوا من طوافهم (أن يعرضوا)(٢) علينا أنفسهم ».

[١١١٠٢] ٥ - وعن أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الطواف من أركان(١) الحج، فمن ترك الطواف الواجب متعمداً فلا حجّ له ».

وعنه(٢) عليه‌السلام ، أنه سئل عمّن طاف طواف الفريضة فلم يدر؟، الخبر.

[١١١٠٣] ٦ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عزّوجلّ:( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) (١) ، قال: « التفث: الرمي والحلق، والنذور: من نذر أن يمشي، والطواف: هو طواف (الإفاضة، وهو طواف)(٢) الزيارة بعد الذبح والحلق [ يوم النحر ](٣) و [ هذا الطواف ](٤) هو طواف واجب ».

__________________

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٩٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: أتونا فعرضوا.

٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٠٩ ح ١٥.

(١) في المصدر: كبار.

(٢) المصدر السابق ج ١ ص ٤١٤.

٦ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٣٠، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣١٢ ح ٣٩.

(١) الحج ٢٢: ٢٩.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٣٧٢

[١١١٠٤] ٧ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ومن ترك الطواف متعمّداً فلا حجّ له ».

٢ -( باب وجوب طواف النساء على الرجل، والمرأة، والخصيّ، وغيرهم، إلّا في عمرة التمتع، ويحرم الاستمتاع على المحرم قبله)

[١١١٠٥] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فأدنى ما يتم به فرض الحج الاحرام - إلى أن قال - وطواف النساء ».

وقال في موضع(١) آخر: « ثم تطوف بالبيت أسبوعاً، وهو طواف النساء ».

وقالعليه‌السلام (٢) في موضع آخر: « ومتى لم يطف الرجل طواف النساء لم تحلّ له النساء حتى يطوف، وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تجامع حتى تطوف طواف النساء ».

[١١١٠٦] ٢ - الصدوق في المقنع: فإذا زار البيت فطاف، وسعى بين الصفا والمروة، فقد أحلّ من كلّ شئ أحرم منه(١) إلّا النساء، فإذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شئ أحرم منه.

__________________

٧ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٢ ح ٤٧.

الباب ٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٩٤ ح ١٧.

(١) نفس المصدر ص ٢٩.

(٢) نفس المصدر ص ٣٠.

٢ - المقنع ص ٩٠.

(١) ليس في المصدر.

٣٧٣

٣ -( باب وجوب ركعتي الطواف الواجب)

[١١١٠٧] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فأدنى ما يتم به فرض الحج الاحرام - إلى أن قال - والصلاة عند المقام ».

[١١١٠٨] ٢ - الصدوق في المقنع: ثم ائت مقام إبراهيم فصلّ ركعتين - إلى أن قال - فهاتان الركعتان هما الفريضة.

٤ -( باب استحباب التطوع بالطواف وتكراره، واختياره على العتق المندوب)

[١١١٠٩] ١ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق عن محمّد بن موسى المتوكل، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن الباقرعليه‌السلام قال: « إن آدمعليه‌السلام لمّا بنى الكعبة وطاف بها، قال(١) : اللهم إن لكلّ عامل أجراً، اللهم واني قد عملت، فقيل له: سل يا آدم؟ فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقيل له: قد غفرت(٢) لك يا آدم، فقال: ولذريتي من بعدي، فقيل له: يا آدم من باء منهم بذنبه ها هنا كما بؤت غفرت له ».

__________________

الباب ٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٢ - المقنع ص ٨١.

الباب ٤

١ - قصص الأنبياء ص ١٦.

(١) في المخطوط: فقال، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: غفر.

٣٧٤

[١١١١٠] ٢ - وفي كتاب لبّ اللباب: روي أنّ الله لمّا أمر آدمعليه‌السلام ببناء الكعبة فبناها، ثم قال: يا ربّ ان لكلّ أجير أجراً فأعطني أجر عملي، قال: يا آدم إذا طفت حوله أغفر لك برحمتي، قال: زدني، قال: وإذا طاف أولادك حولها أغفر لهم، قال: زدني، قال: من كان يأتيه بنيّة على أن يزوره ولم يبلغ إلى ذلك، أغفر له، قال: زدني، قال: كلّ أحد يستغفر له الطائفون اغفر له ببركة دعائهم.

[١١١١١] ٣ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: عن محمّد بن عبد الله عن محمّد بن جعفر الرزاز، عن خاله علي بن محمّد، عن عمرو بن عثمان الخزاز، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : زين الإيمان الإسلام كما أن زين الكعبة الطواف ».

[١١١١٢] ٤ - ابن فهد (ره) في عدّة الداعي: عن إبراهيم التيمي، قال: كنت أطوف بالبيت الحرام فاعتمد علي أبو عبد اللهعليه‌السلام ، فقال: « ألا أخبرك يا إبراهيم مالك في طوافك هذا؟ » قال قلت: بلى جعلت فداك، قال: « من جاء إلى ها البيت عارفاً به فطاف به أسبوعاً، وصلى ركعتين في مقام إبراهيمعليه‌السلام ، كتب الله له عشرة آلاف حسنة، ورفع له عشرة آلاف درجة » الخبر.

[١١١١٣] ٥ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب ابتلاء المؤمن: عن أبي

__________________

٢ - لبّ اللباب: مخطوط.

٣ - البحار ج ٩٩ ص ٢٠٦ ح ٢٠ بل عن جامع الأحاديث ص ١٣

٤ - عدة الداعي ص ١٧٨.

٥ - - المؤمن ص ٤٩ ح ١١٦

٣٧٥

عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من طاف بهذا البيت أُسبوعاً، كتب الله عزّوجلّ له ستة آلاف حسنة، ومحا عنه ستّة آلاف سيئة، ورفع له ستة آلاف درجة.

وفي رواية ابن عمّار: « وقضى له ستة آلاف حاجة »

[١١١١٤] ٦ - دعائم الإسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من طاف بهذا البيت أسبوعاً، وأحسن صلاة ركعتيه غفر له ».

[١١١١٥] ٧ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « استكثروا من الطواف، فإنه أقلّ شئ يوجد في صحائفكم يوم القيامة ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إنّ الله يباهي بالطائفين(١) ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « من طاف البيت خمس مرات، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه »(٢) .

[١١١١٦] ٨ - وفي درر اللآلي: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من طاف بهذا البيت سبعاً وصلّى ركعتين، كان كمن أعتق رقبة ».

[١١١١٧] ٩ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأروي(١) أنّ من طاف بالبيت

__________________

٦ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٩٣

٧ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٦٥ ح ٥٩

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٩٦ ح ٨

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ١٨٦ ح ٢٦١.

٨ - درر اللآلي: ج ١ ص ١٩.

٩ - - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٥

(١) في المصدر: وروي.

٣٧٦

سبعة أشواط، كتب الله له ستة آلاف حسنة، ومحا عنه ستة آلاف سيئة، ورفع له ستة آلاف درجة » الخبر.

[١١١١٨] ١٠ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « وعليك بصلاة الليل، وطول القنوت، وكثرة الطواف »

٥ -( باب استحباب إحصاء الأسابيع)

[١١١١٩] ١ - زيد النرسي في أصله: قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الرجل يحوّل خاتمه ليحفظ به طوافه؟ قال: « لا بأس، إنّما يريد به التحفظ »

[١١١٢٠] ٢ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ويستحب أن تحصي أسبوعك في كلّ يوم وليلة.

٦ -( باب أنه يستحب للحاج أن يطوف ثلاثمائة وستين أسبوعاً، فإن لم يقدر فثلاثمائة وستين شوطاً ويتم الأسبوع الأخير، فإن لم يقدر فما قدر)

[١١١٢١] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : » يستحب أن يطوف الرجل بمقامه بمكّة ثلاثمائة وستين أُسبوعاً بعدد أيام السنة، فإن لم يقدر عليه طاف ثلاثمائة وستين شوطاً ».

__________________

١٠ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٦

الباب ٥

١ - أصل زيد النرسي ص ٥٥.

٢ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦١ ح ٤٢.

الباب ٦

١ - - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

٣٧٧

[١١١٢٢] ٢ - وفي بعض نسخة: « ويستحب أن يطوف الرجل مقامه بمكّة بعدد السنة ثلاثمائة وستين أُسبوعاً عدد أيام السنة، فإن لم تستطع فثلاثمائة وستين شوطاً، فإن لم تستطع فأكثر من الطواف ما أقمت بمكّة ».

٧ -( باب أنّ من أقام بمكّة سنة استحب له اختيار الطواف المندوب على الصلاة المندوبة، ومن أقام سنتين تخيّر واستحب له المساواة، ومن أقام ثلاثاً استحب له اختيار الصلاة)

[١١١٢٣] ١ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ويروى عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: إنّ الطواف للغريب(١) أفضل من الصلاة، ولأهل مكّة الصلاة أفضل من الطواف »

[١١١٢٤] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « لمّا أوحى الله عزّوجلّ إلى إبراهيمعليه‌السلام ( أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) (١) ، أهبط [ الله عزّوجلّ ](٢) إلى الكعبة مائة وسبعين رحمة، فجعل منها ستين للطائفين، وخمسين للعاكفين، وأربعين للمصلين، وعشرين للناظرين ».

[١١١٢٥] ٣ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن عبد الله بن عباس، عن

__________________

٢ - بعض نسخ الرضوي: وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٦.

الباب ٧

١ - بعض نسخ الرضوي: وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٦.

(١) في البحار: للغرب.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٩٤.

(١) البقرة ٢: ١٢٥.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٩٨.

٣٧٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إنّ الله عزّوجلّ ينزل في كلّ يوم وليلة إلى الكعبة مائة وعشرين رحمة، ستين للطائفين، وأربعين للمصلين، وعشرين للناظرين ».

٨ -( باب استحباب الدعاء بالمأثور عند الحجر الأسود ووجوب ابتداء الطواف منه)

[١١١٢٦] ١ - بعض نسخ الرضوي: « وإذا انتهيت إلى الحجر الأسود فارفع يديك وقل: بسم الله وبالله(١) والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، واتباعاً لسنّة(٢) نبيّكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ووفاء بعهدك، آمنت بالله، وكفرت بالجبت والطاغوت، الله أكبر، لا إله إلّا الله والله أكبر، اللهم لك حججت، وإيّاك أجبت، وإليك وفدت، ولك قصدت، وبك صمدت، وزيارتك أردت، وأنا في فنائك، وفي حرمك، وضيفك، وعلى باب بيتك، نزلت ساحتك، وحللت بفنائك، اللهم أنت ربّي وربّ هذا البيت، اللهم إن هذا اليوم يوم تكره فيه الرفث، وتقضي فيه التفث، وتبرّ فيه القسم، وتعتق فيه النسم، قد جعلت هذا البيت عيداً لخلقك، وقرباناً لهم إليك، ومثابة للناس وأمناً، وجعلته (لهم قيّماً)(٣) بحجّة، ويطاف حوله، ويجاوره العاكف، ويأمن فيه الخائف.

اللهم وإنّي ممّن حجّه لك رغبة فيك، (و)(٤) التماساً لرضائك

__________________

الباب ٨

١ - بعض نسخ الرضوي: وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٢.

(١) ليس في البحار.

(٢) وفيه: لسنتك وسنة.

(٣) في البحار: فيها.

(٤) « الواو » استظهار من المصنف « قده ».

٣٧٩

ورضوانك، وشحّاً على خطيئتي منك، اللهم إنّي أسألك المعافاة في الشكر، والعتق من النار، إنّك أنت أرحم الراحمين.

ثم تدنو من الحجر فتستلمه وتقول: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسل ربّنا بالحق، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر، لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير(٥) وهو على كلّ شئ قدير، وصلى الله على محمّد وعلى آله وسلم ».

[١١١٢٧] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ثم تطوف بالبيت تبدأ بركن الحجر الأسود، وقل: أمانتي أدّيتها، وميثاقي تعاهدته، لتشهد لي بالموافاة، آمنت بالله عزّوجلّ، وكفرت بالجبت والطاغوت، واللات والعزى وهبل والأصنام، وعبادة الأوثان والشيطان، وكل ند يعبد من دون الله عزّوجلّ، سبحان عمّا يقولون علوّاً كبيراً ».

[١١١٢٨] ٣ - الصدوق في المقنع: فإذا دخلت المسجد فانظر إلى الكعبة وقل: الحمد لله الذي عظّمك وشرّفك وكرّمك، وجعلك مثابة للناس وأمناً مباركاً، وهدى للعالمين، ثم ارفع يديك وقل:

اللهم إنّي أسألك في مقامي هذا في أوّل مناسكي أن تقبل توبتي، وتجاوز عن خطيئتي، وتضع عنّي وزري، الحمد لله الذي بلّغني بيته الحرام، اللهم إنّي أشهد أن هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس

__________________

(٥) في البحار زيادة: كله.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

٣ - المقنع ص ٨٠.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627