مفاهيم القرآن الجزء ٣

مفاهيم القرآن10%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 543

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 543 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202021 / تحميل: 6193
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

ورويناه بإسنادنا إلى محمد بن يحيى الخثعمي، من غير كتاب معاوية بن حكيم.

[١٤٨٩٢] ٤ - وروينا باسنادنا إلى معاوية بن حكيم في كتاب أصله، حديثا آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « في السماء أربعة نجوم، ما يعلمها الا أهل بيت من العرب، وأهل بيت من الهند يعرفون منها نجما واحدا، فبذلك قام حسابهم ».

[١٤٨٩٣] ٥ - قال: روينا بأسانيد عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، ونقلته من خطه، من الجزء الثاني من كتاب الدلائل تأليف عبد الله بن جعفر الحميري، بإسناده عن بياع السابري قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ان لي في النظرة في النجوم لذة، وهي معيبة عند الناس، فإن كان فيها اثم تركت ذلك، وإن لم يكن فيها اثم فان لي فيها اللذة، قال: فقال: « تعد الطوالع » فقلت: نعم، فعددتها له، فقال: « كم تسقي الشمس القمر من نورها؟ قلت: هذا شئ لم اسمعه قط؟ قال: » وكم تسقي الزهرة(١) من نورها؟ قلت: ولا هذا، قال: « فكم تسقى الشمس من اللوح المحفوظ ( من نوره )(٢) ؟ » قلت: وهذا شئ لم أسمعه قط، قال: فقال: « هذا شئ إذا علمه الرجل، عرف أوسط قصبة في الأجمة - ثم قال - ليس يعلم النجوم إلا أهل بيت من قريش، وأهل بيت من الهند ».

[١٤٨٩٤] ٦ - وفيه: وجدت في كتاب عتيق اسمه كتاب التجمل: قال أبو أحمد: عن حفص بن البختري قال: ذكرت النجوم عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقال: « ما يعلمها الا أهل بيت بالهند، وأهل بيت من العرب ».

__________________

٤ - فرج المهموم ص ٩١.

(١) في المصدر: « فلذلك ».

٥ - المصدر السابق ص ٩٧.

(١) في المصدر زيادة: الشمس.

(٢) في المصدر: نورا.

٦ - فرج المهموم ص ٩٩.

١٠١

[١٤٨٩٥] ٧ - وفي الكتاب المذكور أيضا: عن محمد وهارون ابني سهل، وكتبا إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام : ان أبانا وجدنا كان ينظر في النجوم، فهل يحل النظر فيها؟ قال: « نعم ».

[١٤٨٩٦] ٨ - وفيه: انهما كتبا إليهعليه‌السلام : نحن ولد بني(١) نوبخت المنجم [ وقد كتبنا إليك هل يحل النظر في علم النجوم فكتبت نعم، والمنجمون ] يختلفون في صفة الفلك - إلى أن قال - فكتبعليه‌السلام : « نعم، ما لم يخرج من التوحيد ».

[١٤٨٩٧] ٩ - ومن الكتاب المذكور: أبو محمد، عن الحسن بن عمر، عن أبيه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ ) (١) قال: « كان القمر منحوسا بزحل ».

[١٤٨٩٨] ١٠ - ومن كتاب نزهة الكرام وبستان العوام، تأليف محمد بن الحسين بن الحسن الرازي، في أواخر المجلد الثاني منه: روي أن هارون الرشيد بعث إلى موسى بن جعفرعليهما‌السلام فأحضره، فلما حضر عنده قال [ له ](١) : ان الناس ينسبونكم - يا بني فاطمة - إلى علم النجوم، وان معرفتكم بها معرفة جيدة، وفقهاء العامة يقولون: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إذا ذكروا(٢) أصحابي فاسكتوا، وإذا ذكروا(٣) القدر فاسكتوا، وإذا ذكر النجوم فاسكتوا » وأمير المؤمنينعليه‌السلام ، كان اعلم الخلائق بعلم النجوم، وأولاده

__________________

٧ - فرج المهموم ص ١٠٠.

٨ - المصدر السابق ص ١٠٠.

(١) ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٩ - فرج المهموم ص ١٠٠، وعنه في البحار ج ٥٨ ص ٢٥١ ح ٣٧.

(١) القمر ٥٤ الآية ١٩.

١٠ - فرج المهموم ص ١٠٧ - ١٠٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « ذكر ».

(٣) في المصدر: « ذكر ».

١٠٢

وذريته الذين(٤) تقول الشيعة بإمامتهم كانوا عارفين بها، فقال له الكاظمعليه‌السلام : « هذا حديث ضعيف، واسناده مطعون فيه، والله تبارك وتعالى قد مدح النجوم ولولا أن النجوم صحيحة، ما مدحها الله عز وجل، والأنبياءعليهم‌السلام كانوا عالمين بها، وقد قال الله تبارك وتعالى في حق إبراهيم خليل الرحمن ( صلوات الله عليه ):( وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (٥) وقال في موضع آخر:( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) (٦) فلو لم يكن عالما بعلم النجوم ما نظر فيها، وما قال:( إِنِّي سَقِيمٌ ) وإدريسعليه‌السلام كان أعلم أهل زمانه بالنجوم، والله تبارك وتعالى قد أقسم بها فقال:( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) (٧) وقال في موضع آخر:( وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا - إلى قوله -فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ) (٨) ويعني بذلك اثني عشر برجا وسبع سيارات، والذي يظهر بالليل والنهار بأمر الله عز وجل، وبعد علم القرآن ما يكون(٩) أشرف من علم النجوم، وهو علم الأنبياء والأوصياء وورثة الأنبياء، الذين قال الله عز وجل:( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) (١٠) ونحن نعرف هذا العلم وما نذكره(١١) ».

فقال له هارون: بالله عليك يا موسى، لا تظهروه عند الجهال وعوام الناس، حتى لا يشنعوا(١٢) عليك، ونفس العوام به، وغط هذا العلم، وارجع إلى حرم جدك، ثم قال له هارون: وقد بقيت مسألة أخرى، بالله عليك أخبرني

__________________

(٤) في المصدر: « التي ».

(٥) الانعام ٦ الآية ٧٥.

(٦) الصافات ٣٧ الآية ٨٨ و ٨٩.

(٧) الواقعة ٥٦ الآية ٧٥ و ٧٦.

(٨) النازعات ٧٩ الآية ١ - ٥.

(٩) في المصدر: « لا يكون ».

(١٠) النحل ١٦ الآية ١٦.

(١١) في المصدر: « ننكره ».

(١٢) في المصدر: « لا يشيعوه عنكم ».

١٠٣

بها، فقال له: « سل » فقال له: بحق القبر والمنبر، وبحق قرابتك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أخبرني أنت تموت قبلي، أم أنا أموت قبلك، لأنك تعرف هذا من علم النجوم؟ فقال له موسىعليه‌السلام : « آمني حتى أخبرك » فقال: لك الأمان، فقال: « أنا أموت قبلك، وما كذبت ولا أكذب، ووفاتي قريب ».

[١٤٨٩٩] ١١ - وفيه وجدت في كتاب عتيق، باسناد متصل إلى الوليد بن جميع قال: إن رجلا سأله عن حساب النجوم، فجعل الرجل يتحرج ان يخبره، فقال له عكرمة، سمعت ابن عباس يقول: علم عجز الناس عنه، وددت اني علمته.

[١٤٩٠٠] ١٢ - الصدوق في الخصال: عن إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عمارة، عن سالم بن سالم وأبي عروبة معا، عن أبي الخطاب، عن هارون بن مسلم، عن القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن الحسين ابن عليعليهم‌السلام ، قال: « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن خصال - إلى أن قال - وعن النظر في النجوم ».

[١٤٩٠١] ١٣ - أبو الفتح الكراجكي في معدن الجواهر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « العلوم أربعة: الفقه للأديان، والطب للأبدان، والنحو للسان، والنجوم للأزمان(١) ».

[١٤٩٠١] ١٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من اقتبس علما من النجوم، اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد ».

__________________

١١ - فرج المهموم ص ١١٠.

١٢ - الخصال ص ٤١٧ ح ١٠.

١٣ - معدن الجواهر ص ٤٠.

(١) في المصدر: « لمعرفة الأزمان ».

١٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨١ ح ٢٤٢.

١٠٤

قلت يحمل ما دل على النهي عن النظر بل تكفير المنجم، على من اعتقد قدم الأفلاك والكواكب، أو ان اختلاف حركاتها وأوضاعها علل تامة لصدور الحوادث، أو ان لها حياة ونفوسا تصدر عنهما الحوادث بالإرادة، والاختيار، وغير ذلك من العقائد الفاسدة، المباينة لأصول الملل وأساس الشرائع، وما دل على الجواز، على أنها امارات وعلامات على حدوث الحوادث منه تعالى، أو ما يقرب من ذلك، مما ليس فيه ما ينافي الشرع، ويرتفع شرها بالبر والدعاء والصدقة، والله العالم.

٢٢ -( باب تحريم تعلم السحر، واجره، واستعماله في العقد، وحكم الحل)

[١٤٩٠٣] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « لما هلك سليمان، وضع إبليس السحر، ثم كتبه في كتاب وطواه وكتب على ظهره: هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داودعليهما‌السلام من ذخائر كنوز العلم، من أراد كذا وكذا فليقل كذا وكذا، ثم دفنه تحت السرير، ثم استثاره لهم، فقال الكافرون: ما كان يغلبنا سليمان الا بهذا، وقال المؤمنون: هو عبد الله ونبيه، فقال الله في كتابه:( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ) (١) اي: السحر ».

ورواه علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن أبي بصير، عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٤٩٠٤] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال:

__________________

الباب ٢٢

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٥٢ ح ٧٤.

(١) البقرة ٢ الآية ١٠٢.

(٢) تفسير القمي ج ١ ص ٥٥.

٢ - الجعفريات ص ١٠٠.

١٠٥

حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « أقبلت امرأة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت: يا رسول الله، ان لي زوجا به علي غلظة، واني صنعت شيئا لأعطفه علي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أف لك كفرت دينك، لعنتك الملائكة الأخيار، لعنتك ملائكة السماء، لعنتك ملائكة الأرض، فصامت نهارها وقامت ليلها، ولبست المسوخ ثم حلقت رأسها، فبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ان حلق الرأس لا يقبل منها ».

وروي في الفقيه(١) : مثله، وفيه: « كدرت البحار، وكدرت الطين، ولعنتك الملائكة ». إلى آخره.

[١٤٩٠٥] ٣ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر الساحر(١) ». الخبر.

[١٤٩٠٦] ٤ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ساحر المسلمين يقتل، وساحر الكفار لا يقتل، فقيل: يا رسول الله، ولم لا يقتل ساحر الكفار؟ قال: لان الشرك أعظم من السحر، لان الشرك والسحر طيران مقرونان ».

[١٤٩٠٧] ٥ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه نهى عن التمائم والتول، فالتمائم: ما يعلق من الكتب والخرز وغير ذلك، والتول ما تتحبب به النساء إلى أزواجهن، كالكهانة وأشباهها، ونهىصلى‌الله‌عليه‌وآله عن السحر.

__________________

(١) الفقيه ج ٣ ص ٢٨٢ ح ١٣٤٥.

٣ - الجعفريات ص ١٨٠

(١) في المصدر: الكاهن.

٤ - المصدر السابق ص ١٢٨.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٧.

١٠٦

[١٤٩٠٨] ٦ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ساحر المسلمين يقتل، وساحر الكفار لا يقتل، قيل: يا رسول الله، ولم ذاك؟ قال: لان الشرك والسحر مقرونان، والذي فيه من الشرك أعظم من السحر.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ولذلك لم يقتل [ رسول الله ](١) ابن أعصم(٢) اليهودي الذي سحره.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : فإذا شهد رجلان عدلان على رجل من المسلمين انه سحر قتل(٣) ، والسحر كفر، وقد ذكر الله عز وجل ذلك فقال:( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ - إلى قوله -فَلَا تَكْفُرْ ) (٤) فأخبر جل ذكره، ان السحر كفر، فمن سحر فقد كفر، فقتل(٥) ساحر المسلمين لأنه كفر، وساحر المشركين لا يقتل لأنه كافر بعد بما(٦) جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » .

[١٤٩٠٩] ٧ - روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي ( صلوات الله عليهم )، أنه قال: « سحر لبيد بن أعصم(١) وأم عبد الله اليهودية، رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في عقد خيوط من احمر واصفر، فعقدا فيه احدى عشرة

__________________

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٢ ح ١٧٢٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: عاصم.

(٣) في المصدر زيادة: لأنه كفر.

(٤) البقرة ٢ الآية ١٠٢.

(٥) في المصدر: فيقتل.

(٦) في المصدر: كما.

٧ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٣٨ ح ٤٨٧.

(١) في الحجرية: عاصم، وما أثبتناه من المصدر.

١٠٧

عقدة، ثم جعلاه في جف(٢) طلع، ثم أدخلاه في بئر فجعلاه في مراقي(٣) البئر بالمدينة، فأقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يسمع ولا يبصر ولا يتفهم ولا يتكلم ولا يأكل ولا يشرب، فنزل جبرئيل بمعوذات، ثم قال: يا محمد ما شأنك؟ قال: لا أدري، انا بالحال التي تراني، قال: إن لبيد بن أعصم(٥) وأم عبد الله اليهودية سحراك، وأخبره بالسحر حيث هو، ثم قرأ عليه( بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) (٦) فانحلت عقدة، ثم قرأ أخرى(٧) حتى قرأ احدى عشرة مرة، فانحلت الإحدى عشرة عقدة، وجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأخبره جبرئيل الخبر، فقال: انطلق وائتني بالسحر، فجاء به ثم دعا بلبيد وأم عبد الله، فقال: ما دعاكما إلى ما صنعتماه؟ ثم قال للبيد: لا أخرجك الله من الدنيا سالما، وكان موسرا كثير المال، فمر به غلام في اذنه قرط، فجذبه فخرم اذن الصبي، فاخذ فقطعت يده فكوي منها فمات» .

ورواه مع اختلاف وزيادة فرات بن إبراهيم في تفسيره(٨) : عن عبد الرحمن ابن محمد العلوي، ومحمد بن عمر الخزاز، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن عيسى بن محمد، عن جده، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

[١٤٩١٠] ٨ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن محمد بن جعفر البرسي، عن محمد بن يحيى الأرمني، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن

__________________

(٢) الجف: وعاء الطلع وهو الغشاء الذي يكون فوق طلع النخل ( النهاية ج ١ ص ٢٧٨ ).

(٣) المراقي: جمع مرقاة، وهي الدرجة ومراقي البئر حفر صغار تكون على يمين البئر ويساره يستعان بها في الصعود والنزول ( انظر لسان العرب ج ١٤ ص ٣٣٢ ).

(٤) في المصدر زيادة: عليه.

(٥) في الحجرية: عاصم، وما أثبتناه من المصدر.

(٦) في المصدر زيادة: فقال رسول الله ذلك.

(٧) في المصدر زيادة: فانحلت عقدة أخرى.

(٨) تفسير فرات ص ٢٣٣.

٨ - طب الأئمة ص ١١٣.

١٠٨

عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ان جبرئيل أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: يا محمد، قال: لبيك، قال: إن فلانا اليهودي سحرك، وجعل السحر في بئر بني فلان » وذكر القصة.

[١٤٩١١] ٩ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، انه سئل عن المعوذتين انهما من القرآن، فقال الصادقعليه‌السلام : « هما من القرآن - إلى أن قال - وهل تدري ما معنى المعوذتين، وفي اي شئ نزلت(١) ؟ ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سحره لبيد بن أعصم(٢) اليهودي» فقال أبو بصير لأبي عبد اللهعليه‌السلام : وما ( كان ذا؟ وما )(٣) عسى ان يبلغ من سحره؟ قال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : « بلى، كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يرى أنه يجامع ولا(٤) يجامع وكان يريد الباب ولا يبصره يلمسه بيده، والسحر حق، وما سلط الحسر الا على العين والفرج» . الخبر.

[١٤٩١٢] ١٠ - وعن سهل بن محمد بن سهل، عن عبد ربه بن محمد بن إبراهيم، عن ابن أورمة، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن النشرة للمسحور، فقال: « ما كان أبيعليه‌السلام يرى به بأسا ».

[١٤٩١٣] ١١ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ان الله يرحم عصاة أمتي في الليلة المباركة، بعدد شعور أغنام بني كلب وربيعة ومضر، فيغفر لهم الا ثمانية نفر: المشرك، والكاهن، والساحر،

__________________

٩ - طب الأئمة ص ١١٤.

(١) في المصدر: نزلتا.

(٢) في الحجرية « عاصم » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: كاد، أو.

(٤) في المصدر: وليس.

١٠ - المصدر السابق ص ١١٤.

١١ - لب اللباب: مخطوط.

١٠٩

والعاق، وآكل الربا، ومدمن الخمر، والزاني، والماجن» .

[١٤٩١٤] ١٢ - وروي: انه يخرج عنق من النار فيقول: أين من كذب على الله؟ وأين من ضاد الله؟ وأين من استخف بالله؟ فيقولون: ومن هذه الأصناف الثلاثة؟ فيقول: من سحر فقد كذب على الله، ومن صور التصاوير فقد ضاد الله، ومن تراءى في عمله فقد استخف بالله.

٢٣ -( باب تحريم اتيان العراف وتصديقه، وتحريم الكهانة والقيامة)

[١٤٩١٥] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر الكاهن - إلى أن قال - واجر القافي(١) ». الخبر.

[١٤٩١٦] ٢ - وبهذا الاسناد، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بد من العريف والعريف في النار، ولا بد من الامرة برة كانت أو فاجرة ».

[١٤٩١٧] ٣ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه )، أنه قال: « من جاء عرافا فسأله وصدقه بما قال، فقد كفر بما انزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان يقول: [ إن ](١) كثيرا من الرقي وتعليق التمائم شعبة [ من الاشراك ](٢) ».

[١٤٩١٨] ٤ - وعن جعفر بن محمد، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « كنا

__________________

١٢ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٢٣

١ - الجعفريات ص ١٨٠.

(١) القائف: الذي يعرف آثار الاقدام، وكان ذا منزلة في الجاهلية. ( لسان العرب ( قوف ) ج ٩ ص ٢٩٣ ).

٢ - المصدر السابق ص ٢٤٥.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٣ ح ١٧٣٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٤ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٨.

١١٠

مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات ليلة، إذ رمي بنجم(١) فاستنار، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للقوم: ما كنتم تقولون في الجاهلية إذا رأيتم مثل هذا؟ قالوا(٢) : كنا نقول: مات عظيم وولد عظيم، قال: فإنه لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياة أحد، ولكن ربنا إذا قضى أمرا سبح حملة العرش وقالوا: قضى ربنا بكذا، فتسمع ذلك أهل السماء التي تليهم، فيقولون ذلك، حتى يبلغ ذلك إلى السماء الدنيا، فيسرق(٣) الشياطين السمع، فربما اعتقلوا شيئا فأتوا به الكهنة، فيزيدون وينقصون فتخطئ الكهنة وتصيب، ثم إن الله عز وجل منع السماء بهذه النجوم فانقطعت الكهانة فلا كهانة، وتلا جعفر بن محمدعليهما‌السلام ( إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ ) (٤) وقوله عز وجل:( أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا ) (٥) » .

[١٤٩١٩] ٥ - كتاب درست بن أبي منصور: عن ابن مسكان وحديد، رفعاه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: « ان الله أوحى إلى نبي في نبوته: أخبر قومك انهم قد استخفوا بطاعتي وانتهكوا معصيتي - ان قال - وخبر قومك انه ليس مني من تكهن أو تكهن له، أو سحر أو تسحر له » الخبر.

[١٤٩٢٠] ٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - انه عد من السحت اجر الكاهن الخبر.

[١٤٩٢١] ٧ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب المانعات: عن عطية، عن أبي سعيد

__________________

(١) في المصدر: نجم.

(٢) كان في الأصل: ( قال ) وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: فتسترق.

(٤) الحجر ١٥ الآية ١٨.

(٥) الجن ٧٢ الآية ٩.

٥ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٧.

٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ص ٧٦.

٧ - المانعات ص ٢.

١١١

قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يدخل الجنة عاق، ولا منان، ولا ديوث، ولا كاهن ومن مشى إلى كاهن فصدقه بما يقول، فقد برئ مما انزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله » الخبر.

[١٤٩٢٢] ٨ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من صدق كاهنا، فقد كفر بما انزل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٤٩٢٣] ٩ - نهج البلاغة: عن نوف البكالي قال: رأيت أمير المؤمنينعليه‌السلام ذات ليلة، وقد خرج من فراشه فنظر إلى(١) النجوم، فقال: « يا نوف، ان داود قام في مثل هذه الساعة من الليل، فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها ( عبد الا استجيب له )(٢) ، إلا أن يكون عشارا، أو عريفا، أو شرطيا »، الخبر.

[١٤٩٢٤] ١٠ - الصدوق في الخصال: عن الحسين، عن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن الحسين بن أبي الخطاب، عن المغيرة بن محمد، عن بكير بن خنيس، عن أبي عبد الله الشامي، عن نوف البكالي قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « يا نوف، اقبل وصيتي: لا تكونن نقيبا، ولا عريفا، ولا عشارا، ولا بريدا ».

[١٤٩٢٥] ١١ - أبو عمرو الكشي في رجاله: عن حمدويه وإبراهيم، عن أيوب بن نوح، عن [ حنان، عن ](١) عقبة بن بشير الأسدي، قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام فقلت له: إني في الحسب الضخم من قومي، وإن قومي كان لهم عريف فهلك، فأرادوا أن يعرفوني عليهم، فما ترى

__________________

٨ - لب اللباب: مخطوط.

٩ - نهج البلاغة ج ٣ ص ١٧٣ رقم ١٠٤.

(١) في المصدر: في.

(٢) كان في الحجرية: عبد ربه الا استحباب، وما أثبتناه من المصدر.

١٠ - بل أمالي الصدوق ص ١٧٤ ح ٩، وعنه في البحار ج ٧٧ ص ٣٨٢ ح ٩.

١١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٥٩ ح ٣٥٨.

(١) أثبتناه من المصدر وهو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ٦ ص ٢٩٩ و ج ١١ ص ١٥١ ).

١١٢

لي؟(٢) فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « تمن علينا بحسبك! أن الله رفع بالايمان من كان الناس يسمونه(٣) وضيعا إذا كان مؤمنا، ووضع بالكفر من كان يسمونه شريفا إذا كان كافرا، وليس لاحد على أحد تفضل(٤) إلا بتقوى الله، وأما قولك: إن قومي كان لهم عريف فهلك فأرادوا أن يعرفوني عليهم، فإن كنت تكره الجنة وتبغضها فتعرف على قومك، ويأخذ سلطان جائر بامرئ مسلم يسفك دمه، فتشركهم في دمه، وعسى أن لا تنال من دنياهم شيئا ».

٢٤ -( باب حكم الرقي)

[١٤٩٢٦] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا رقى إلا في ثلاث: في حية(١) ، أو في عين، أو دم لا يرقى ».

[١٤٩٢٧] ٢ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام : « ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن أربع نفخات: في موضع السجود، وفي الرقي، وفي الطعام، والشراب ».

[١٤٩٢٨] ٣ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه نهى عن الرقي بغير كتاب الله عز وجل، وما [ لا ](١) يعرف ( من ذكره(٢) وقال: « هذه

__________________

(٢) في المصدر زيادة: قال.

(٣) في المصدر: سموه.

(٤) في المصدر: فضل.

الباب ٢٤

١ - الجعفريات ص ١٦٧.

(١) في المصدر: جبة.

٢ - المصدر السابق ص ٣٨.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤١ ح ٤٩٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: بذكره.

١١٣

الرقي مما اخذه سليمان بن داودعليهما‌السلام ، [ على الانس و ](٣) الجن والهوام» .

[١٤٩٢٩] ٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا رقى إلا في ثلاث: في حمة أو عين، أو دم لا يرقى »، والحمة: السم.

[١٤٩٣٠] ٥ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا أردت ترقي الجرح - يعني من الألم والدم وما يخاف منه - عليه فضع يدك على الجرح وقل: بسم الله أرقيك، بسم الله الأكبر، من الحديدة والحجر(١) ، والناب الأسمر، والعرق فلا ينعر(٢) والعين فلا تسهر، تردده ثلاث مرات ».

[١٤٩٣١] ٦ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه سئل عن رجل رقى ملذوعا بسورة من القرآن فشفي، فأعطاه على ذلك(١) ، فرخص له(٢) .

[١٤٩٣٢] ٧ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن خارجة بن الصلت البرجمي قال: رجعت مع عمي من عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمررنا بقبيلة من قبائل العرب فقالوا: ظننا انكم تقدمون من عند هذا الذي يدعي النبوة، وعندنا رجل قد جن قد أوثقناه، فهل عندكم شئ فيه راحته؟ فقال عمي: نعم، فذهبوا بنا إلى عند المجنون، فقرأ عمي فاتحة الكتاب، وكان يجمع بصاقه في فمه

__________________

(٣) في الحجرية: « عن » بدل « على » وما أثبتناه من المصدر.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤١ ح ٤٩٤.

٥ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٦.

(١) في المصدر زيادة: الملبود.

(٢) كان في الحجرية: يفتر، وما أثبتناه من المصدر، ونعر الجرح: سال دمه ولم ينقطع « لسان العرب ج ٥ ص ٢٢١ ».

٦ - المصدر السابق ج ٢ ص ٧٤ ح ٢٠٨.

(١) في المصدر: الرقية أجرا.

(٢) في المصدر زيادة: في ذلك.

٧ - تفسير أبى الفتوح الرازي ج ١ ص ١٣.

١١٤

وكلما قرأه مرات ألقى بصاقه في فمه، فعل ذلك به ثلاثة أيام، فبرأ بإذن الله تعالى، فأعطوني شيئا، فقلنا: لا نأكله حتى نسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انه حلال، فلما سألناه، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من اكل برقية باطل، فهذا برقية حق ».

قلت: رواه مختصرا ابن الأثير في أسد الغابة فقال: روى يعلى بن عبيد، عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي قال: حدثني خارجة بن الصلت: ان عمه أدرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأسلم ثم رجع، فمر باعرابي مجنون موثق في الحديد، فقال بعضهم: من عنده شئ يداويه به؟ فان صاحبكم جاء بالخير، فقلت: نعم، فرقيته بأم الكتاب كل يوم مرتين، فبرأ فأعطاني مائة شاة، فلم آخذها حتى اتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته فقال: « أقلت شيئا غير هذا؟ » قلت: لا، قال: « كلها بسم الله، فلعمري من اكل برقية باطل، فقد أكلت برقية حق ».

٢٥ -( باب حكم القصاص)

[١٤٩٣٣] ١ - العياشي في تفسيره: عن ربعي، عمن ذكره، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قول الله تعالى:( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا ) (١) قال: « الكلام في الله والجدال في القرآن( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) (٢) قال: منه القصاص ».

[١٤٩٣٤] ٢ - الصدوق في العيون: عن عبد الواحد(١) بن محمد بن عبدوس، عن

__________________

(١) أسد الغابة ج ٢ ص ٧٤.

الباب ٢٥

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٦٢ ح ٣١.

(١) الانعام ٦ الآية ٦٨.

(٢) الانعام ٦ الآية ٦٨.

٢ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٣٠٧ ح ٦٩.

(١) في الطبعة الحجرية: « عبد الله » وما أثبتناه من المصدر، راجع « معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٣٦ - ٣٧ ».

١١٥

علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام - في حديث - قال: قلت: يا بن رسول الله، فقد روي لنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: « من تعلم علما ليماري به السفهاء، أو يباهي به العلماء، أو ليقبل به وجوه الناس إليه، فهو في النار» فقالعليه‌السلام : « صدق جديعليه‌السلام ، أفتدري من السفهاء» ؟ فقلت: لا، يا بن رسول الله، فقال: « [ هم ](٢) قصاص مخالفينا» . الخبر.

٢٦ -( باب كراهة الأجرة على تعليم القرآن مع الشرط، دون تعليم غيره، ودون الهدية، وما يكون من غير شرط، واستحباب التسوية بين الصبيان)

[١٤٩٣٥] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أن أجرة المعلم حرام إذا شارط في تعليم القرآن، أو معلم لا يعلمه الا قرآنا فقط، فحرام اجرته ان شارط أم لم يشارط(١) ».

[١٤٩٣٦] ٢ - وروي عن(١) ابن عباس في قوله: ( أكالون للسحت )(٢) قال: أجرة المعلمين الذين يشارطون في تعليم القرآن.

[١٤٩٣٧] ٣ - وروي ان عبد الله بن مسعود جاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

(١) في المصدر: « يشرط ».

٢ - المصدر السابق ص ٣٤.

(١) في المصدر « ان ».

(٢) المائدة ٥ الآية ٤٢.

٣ - المصدر السابق ص ٣٤.

١١٦

يا رسول الله، أعطاني فلان الاعرابي ناقة بولدها، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لم(١) يا بن مسعود؟ » فقال: اني كنت علمت له أربع سور من كتاب الله، فقال: « رد عليه - يا بن مسعود - فان الاجر(٢) على القرآن حرام ».

[١٤٩٣٨] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: قيل إن عبد الرحمن السلمي علم ولد الحسينعليه‌السلام ( الحمد ) فلما قرأها على أبيه أعطاه ألف دينار، وألف حلة، وحشا فاه درا، فقيل له في ذلك، فقال: « وأين يقع هذا من عطائه! يعني تعليمه ».

[١٤٩٣٩] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر القارئ الذي لا يقرأ القرآن الا بأجر، ولا بأس ان يجرى له من بيت المال ».

[١٤٩٤٠] ٦ - عوالي اللآلي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ان أحق ما أخذتم عليه اجرا كتاب الله ».

٢٧ -( باب عدم جواز اخذ الأجرة على الأذان والصلاة بالناس والقضاء، وسائر الواجبات كتغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم)

[١٤٩٤١] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: « الأجرة ».

٤ - مناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ٦٦.

٥ - الجعفريات ص ١٨٠.

٦ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٧٦ ح ٢١٥.

الباب ٢٧

١ - الجعفريات ص ١٨٠.

١١٧

السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر القاضي، الا قاض يجرى عليه من بيت المال، وأجر المؤذن الا مؤذن يجرى عليه من بيت المال» .

٢٨ -( باب عدم جواز بيع المصحف، وجواز بيع الورق والجلد ونحوهما، واخذ الأجرة على كتابته)

[١٤٩٤٢] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بأس ببيع المصاحف وشرائها »، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ولا بأس ان يكتب بأجر، ولا يقع الشراء على كتاب الله، ولكن على الجلود والدفتين، يقول: أبيعك هذا بكذا ».

٢٩ -( باب تحريم كسب القمار حتى الكعاب والجوز والبيض، وإن كان الفاعل غير مكلف، وتحريم فعل القمار)

[١٤٩٤٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم - يرحمك الله - ان الله تبارك وتعالى نهى عن جميع القمار، وأمر العباد بالاجتناب منها، وسماها رجسا، فقال( رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) (١) مثل اللعب بالشطرنج والنرد وغيرهما من القمار، والنرد أشر من الشطرنج» ، الخبر.

[١٤٩٤٤] ٢ - الصدوق في المقنع: اتق اللعب بالنرد، فان الصادقعليه‌السلام نهى عن ذلك، ان مثل من يعلب بالنرد قماراً، مثل من يأكل لحم الخنزير، ومثل من

__________________

الباب ٢٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩ ح ٢٩.

الباب ٢٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٨.

(١) المائدة ٥ الآية ٩٠.

٢ - المقنع ص ١٥٤.

١١٨

يلعب بها من غير قمار، مثل الذي يضع يده في لحم الخنزير، أو في دمه واجتنب الملاهي كلّها واللعب بالخواتيم والأربعة عشر(١) ، فان الصادقينعليهم‌السلام نهوا عن ذلك.

[١٤٩٤٥] ٣ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن حمدويه، عن محمد بن عيسى قال: سمعته يقول: كتب إليه إبراهيم بن عنبسة - يعني إلى علي بن محمدعليهما‌السلام -: ان رأى سيدي ومولاي ان يخبرني عن قول الله:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) (١) الآية فما المنفعة جعلت فداك؟ فكتب: « كلما قومر به فهو الميسر »، الخبر.

[١٤٩٤٦] ٤ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إياكم وهاتين الكعبتين الموشومتين، فإنهما من ميسر العجم ».

٣٠ -( باب تحريم اخذ ما ينثر في الأعراس، الا من يعلم اذن أربابه بانتهابه)

[١٤٩٤٧] ١ - الصدوق في الأمالي: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن الصادق، عن آبائه قال: « قال أمير المؤمنينعليهم‌السلام : دخلت أم أيمن على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وفي ملحفها شئ، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما معك يا أم أيمن؟ فقالت: ان فلانة أملكوها(١) فنثروا

__________________

(١) في المصدر زيادة: وكل قمار.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٠٥ ح ٣١١.

(١) البقرة ٢ الآية ٢١٩.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٦٥.

الباب ٣٠

١ - أمالي الصدوق ص ٢٣٦ ح ٣.

(١) الاملاك: التزويج. ( لسان العرب - ملك - ج ١٠ ص ٤٩٤ ).

١١٩

عليها، فأخذت من نثارهم، ثم بكت أم أيمن، وقالت: يا رسول الله، فاطمةعليها‌السلام زوجتها ولم تنثر عليها شيئا» الخبر.

[١٤٩٤٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه نهى عن القمار، والنهبة، والنثار، يعني بالنثار: ما ينثر على قوم لم يدعوا إليه، ولم تطب نفس ناثره به لمن صار إليه، وكان يؤخذ اخطافاً(١) وانتهاباً، فهو شبيه بالنهبة.

٣١ -( باب جواز بيع جلد غير مأكول اللحم إذا كان مذكى، دون الميتة)

[١٤٩٤٩] ١ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي: عن جعفر بن محمد بن شريح، عن ذريح المحاربي: قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن جلود السباع التي يجلس عليها، فقال: « ادبغوها » فرخص في ذلك.

[١٤٩٥٠] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن جلود السباع ».

ورواه في الجعفريات: بسنده عنهعليه‌السلام (١) .

قلت: يمكن حمل الخبر الأول على المذكى، والثاني على الميتة، أو حمل الأول على مجرد جواز الانتفاع بها، بناء على جواز الانتفاع بالمنافع المحللة من الميتة، كالاستقاء من جلودها، واطعام كلب الصيد من لحومها، وحرمة المعاوضة عليها، والانتفاع من ثمنها.

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٦ ح ١٧٣٩.

(١) في المصدر: اختطافا.

الباب ٣١

١ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي ص ٨٩.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٦.

(١) الجعفريات ص ١٨٠.

١٢٠

والجمع الخواتيم، وتختمت: إذا ألبسته، وخاتمة الشيء: آخره.

ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم الأنبياء.

والختام، الطين الذي يختم به، وقوله تعالى:( خِتَامُهُ مِسْكٌ ) أي آخره، لأنّ آخر ما يجدونه رائحة المسك.

قال ابن منظور في لسان العرب: ختام القوم، أقصاهم، ختام القوم وخاتمهم آخرهم، محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم الأنبياء، والخاتم من أسماء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ففي التنزيل:( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) ، أي آخرهم، وقد قرأوا « خاتم » بالفتح، ومن أسمائه « العاقب » أيضاً ومعناه آخر الأنبياء.

قال أبو محمد الدميري في منظومته :

والخاتم الفاعل قل بالكسر

وما به يختم، فتحاً يجري(١)

وقال البيضاوي: وخاتم النبيين آخرهم الذي ختمهم، أو ختموا به على قراءة عاصم بالفتح.

وفي تفسير الجلالين: وفي قراءة بفتح التاء، كآلة الختم، أي به ختموا.

وقال الراغب في مفرداته: يطلق الختم على البلوغ إلى آخر الشيء، نحو ختمت القرآن، أي انتهيت إلى آخره، وخاتم النبيين، لانّه ختم النبوّة أي تممها بمجيئه.

إلى غير ذلك من الكلمات الواردة والنصوص الدالة على تظافر اللغة والتفسير على معنى واحد، ولباب هذه النصوص: أنّ لمادة هذه الكلمة معنى واحداً وهو الانتهاء والوصول إلى آخره، وأمّا الخاتم المشتق منها فعلى الكسر بمعنى الآخر، وعلى الفتح أمّا فعل كضارب، أو اسم بمعنى ما به يختم.

وأمّا اطلاقه على الحلية التي تزيّن بها الاصبع، فلأجل أنّ الدارج في عهد الرسالة طبع الكتاب بالخاتم، فكانت خواتيمهم طوابعهم، لا أنّه وضع لها ابتداء.

__________________

(١) التيسير في علوم التفسير: ص ٩٠.

١٢١

ويدل على ذلك ما رواه ابن سعد في طبقاته: انّ رسول الله أرسل الرسل إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، وكتب إليهم كتاباً، فقيل يا رسول الله أنّ الملوك لا يقرؤن كتاباً إلّا مختوماً، فاتخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ خاتماً من فضة ـ فصّه منه ـ نقشه ثلاثة أسطر: محمد رسول الله، وختم به الكتب(١) .

قال ابن خلدون في مقدمته عند البحث عن شارات الملوك: أمّا الخاتم فهو من الخطط السلطانيةوالوظائف الملوكية، والختم على الرسائل والصكوك معروف للملوك قبل الإسلام وبعده، وقد ثبت في الصحيحين، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أراد أن يكتب إلى قيصر، فقيل له: إنّ العجم لا يقبلون الكتاب، إلّا أن يكون مختوماً، فاتخذ خاتماً من فضة ونقش فيه: محمد رسول الله.

قال البخاري: جعل ثلاث كلمات في ثلاثة أسطر وختم به وقال: لا ينقش أحد مثله، قال: وتختم به أبو بكر وعمر وعثمان، ثم سقط من يد عثمان في بئر اريس

وفي كيفية نقش الخاتم والختم به وجوه :

وذلك أنّ الخاتم يطلق على الآلة التي تجعل في الاصبع ومنه تختم: إذا لبسه، ومنه ختمت الأمر: إذا بلغته، وختمت القرآن، ومنه خاتم النبيين، وخاتم الأمر، ويطلق على السد الذي يسد به الأواني والدنان، ويقال: ختام، وقد غلط من فسّر هذا بالنهاية والتمام، قال: آخر ما يجدونه في شرابهم ريح المسك، وليس المعنى عليه وإنّما هو من الختام الذي هو السداد، لأنّ الخمر يجعل لها في الدن سداد الطين أو القار، يحفظها ويطيب عرفها وذوقها فبولغ في وصف خمر الجنة بأنّ سدادها من المسك وهو أطيب عرفاً وذوقاً من القار والطين المعهودين في الدنيا

وأنّ الخاتم إذا نقشت به كلمات أو أشكال ثم غمس في دواة من الطين أو المداد، ووضع على صفح القرطاس بقى أكثر الكلمات في ذلك الصفح، وكذلك إذا طبع به على جسم ليّن كالشمع فإنّه يبقى نقش ذلك المكتوب مرتسماً فيه إلى أن قال :

__________________

(١) الطبقات الكبرى: ج ١ ص ٢٥٨.

١٢٢

ويكون هذا من معنى النهاية والتمام بمعنى صحة ذلك المكتوب ونفوذه كأنّ الكتاب إنّما يتم العمل به بهذه العلامات، وهو من دونها ملغى ليس بتمام، ومن هذا خاتم القاضي الذي يبعث به للخصوم أي علامته وخطه الذي ينفذ بهما أحكامه ومنه خاتم السلطان أو الخليفة، أي علامته إلى آخر ما أفاده.

كل ما ذكره ذلك الفيلسوف الخبير بأسرار التاريخ، شواهد على ما ذكرنا فراجع بقية كلامه(١) .

تشكيكان حول دلالة الآية على كون نبي الإسلام خاتماً :

البهائية حزب سياسي، لها طابع المذهب، قد اختلقها الميرزا حسين علي النوري المتوفّى عام ١٣٠٩ ه‍ ق في عكا، ويليهم في العقيدة والغاية « القاديانية » ومؤسسها « غلام أحمد القادياني » ينسب إلى إحدى قرى البنجاب ( قاديان )، كان في الرعيل الأوّل من فضلاء البنجاب وعلمائهم، لكنّه ادّعى عام ١٨٩٢ أنّه المجدد للقرن الرابع عشر الهجري، وفق الحديث النبوي: « سيأتي على رأس كل مائة سنة رجل يجدد لها دينها »، قال: أنا المبعوث لهذا القرن، فاتبعوني لعلّكم تفلحون، فأطاعته عدة من الخواص والعوام زرافات ووحداناً، ولما أحس بروح التبعية فيهم، ادّعى أنّه المهدي والمسيح الموعود، ثم ادّعى لنفسه النبوّة وأنّه نبي كمثل أنبياء بني إسرائيل الذين كانوا معه، وأنّه نبي الاُمّة الإسلامية بغير مصحف، وعند ذلك هجم الناس عليه ليقتلوه، لولا تدخل الحكومة الانكليزية، وبقي على ما ادّعى إلى أن اخترمته المنية عام ١٩٠٨ ولم يستخلف أحداً، فحدث بينهم خلاف عظيم، فمالت فئة من أتباعه إلى ابنه « بشير الدين أحمد » وتبعت فئة قليلة منهم « الأمير محمد علي » الذي شد أزر غلام أحمد من ابتداء الأمر، وقرروا أن يجعلوا لهم جميعة اُخرى، ويجتنبوا اتباع ابن غلام أحمد، وجعلوا مركزهم في « لاهور » عاصمة البنجاب، واشتهروا باسم الأحمدية اللاهورية، ومحمد علي هو مترجم

__________________

(١) مقدمة ابن خلدون: ج ١ ص ٢٢٠.

١٢٣

القرآن بالانكليزية.

وبين الطائفتين اختلاف في الاُصول والفروع، فالأحمدية منهم مؤمنة بأنّ النبي خاتم الأنبياء ولا يؤمنون بنبوّة غلام أحمد ولا يكفّرون المسلمين مهما كانت عقائدهم، وهو واتباعه يصلّون خلف كل مسلم، بشرط أن لا يكفّرهم، وأمّا القاديانية منهم، فهم يعتقدون أنّ غلام أحمد كان نبياً بلا كتاب سماوي، كأنبياء بني اسرائيل، ويؤوّلون آية:( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) تأويلاً يتوافق على زعم الطائفة المضلة ـ على ما سيأتي.

نعم تشترك الفئتان في الاعتقاد بحرمة الجهاد، لأنّ مسيحهما قد بعث وجاء لنشر السلام العام والمحبة، ولزوم الخضوع والطاعة لمن تسلّط، والكد والكدح في اكتساب الأموال والنقود، وأنّ الوحي مستمر إلى الأبد، إلى غير ذلك من المخازي لتضليل بسطاء الاُمّة عن الإسلام، وعند التحقيق يظهر أنّ الاستعمار خلق « البابية والقاديانية » لإيجاد التشكيك بين عوام الشيعة والسنّة، وكلا الاخوين « حية بطن واد »(١) .

ولما أرادت الفرقة الضالّة المضلّة البهائية أن تعرّف زعيمها وقائدها، رسولاً من الله إلى الناس، كسائر المرسلين، من موسى والمسيح ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله حاولت لتدعيم مدعاها أن تشكك في دلالة الآية على ما اتفق عليه المسلمون منذ نزولها إلى الآن، وقد جاءت في ذلك بتشكيكين لا يقصران عن شبه السوفسطائية في بداهة الاُمور ودونك بيانهما مع دحضهما بأوضح الوجوه :

التشكيك الأوّل :

خلاصة هذا الوجه ترجع إلى التصرف في معنى « الخاتم » كما أنّ التشكيك الثاني

__________________

(١) وقد تحدثت مجلة العرفان عن الأحمدية والقاديانية في عدة من أعدادها، فراجع المجلد الثامن عشر في مقال تحت عنوان: « الإسلام في الهند » والمجلد التاسع عشر ص ٩٤ والعشرين ص ٢٣٣ و ٣٥٢ و ٤٨٩ وفيها مقالات بأقلام جماعة من الباحثين تشرح لنا هوية هذه الفئة.

١٢٤

يرجع إلى التصرف في معنى « النبيين ».

بيانه أنّ قوله سبحانه:( وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) لا يدل على انتهاء النبوّة بوجودهصلى‌الله‌عليه‌وآله لاحتمال كون المراد من « الخاتم » الحلية التي تزين بها الاصبع وعندئذ يصير الهدف من اطلاق « الخاتم » عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله واستعارته له هو تشبيه نبي الإسلام بالخاتم في الزينة وأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بلغ من الكمال مبلغاً حتى صار زينة الأنبياء، فهو بين تلك العصابة كالخاتم في يد لابسه.

وهنا احتمال آخر تسقط معه أيضاً دلالة الآية على ما يرتأيه المسلمون من اختتام النبوّة بهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو جواز أن يكون المراد من خاتم النبيين أنّه مصدق للنبيين وما اُنزل إليهم من الصحف والكتب، كما قال سبحانه:( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) ( المائدة ـ ٤٨ ) وقد تقدمت تصاريح التاريخ على أنّ الدارج في عصر الرسالة هو طبع الكتاب وتصديق ما فيه بالخاتم، فيصير اطلاق الخاتم عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله واستعارته له، لأجل أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم النبيين ومصدقهم كالخاتم الذي هو مصدق لمضامين الكتب والصحف، فأين الدلالة على انسداد باب النبوّة(١) .

الجواب :

إنّ هذا التشكيك بمعزل عن التحقيق، بل لا يستحق أن يطلق عليه اسم التشكيك والشبهة، ولا يعرج عليه أي عربي أصيل، وأي عارف باللغة العربية، بل أي شخص له أدنى إلمام بها ولا يتردد في مخيلة أي ابن انثى، إذا كان ذا فكر سليم وذوق مستقيم، ولا يجود احتماله في كلمات القدامى والمتأخّرين.

إذ لم تعهد استعارة الخاتم في مصطلح العرف للشخص، لغاية الزينة والتصديق على وجه المجاز، أو استعماله فيهما على وجه الحقيقة منذ عصر الرسالة إلى يومنا هذا.

وقد عرفت المعنى الحقيقي لتلك الكلمة، ولم تكن الزينة أو التصديق أحد

__________________

(١) الخاتمية: ص ٢٣.

١٢٥

معانيه، وأمّا استعماله فيهما مجازاً، فيتوقف على حصول أمرين :

الأوّل: أن يكون الاستعمال متعارفاً ودارجاً بين أهل اللسان، أو يكون ممّا يستحسنه الطبع والذوق، وكلاهما منتفيان(١) .

الثاني: وجود قرينة مقالية أو حالية صارفة عن المعنى الحقيقي، وإلا فيحمل على المعنى الموضوع له، وهي أيضاً منتفية.

ولما كانت هذه الشبهة أشبه شيء بحديث خرافة، وشبه السوفسطائية لم يلتفت إليه أحد من مناوئي الإسلام، حتى مؤسس الفرقة الضالّة وزعيمها الأكبر، بل فسّر هو نفسه في بعض كتبه(٢) ( خَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) على خلاف ما ذكر في الشبهة، وقال: « والصلاة والسلام على سيد العالم، ومربي الاُمم، الذي به انتهت الرسالة والنبوّة وعلى آله وأصحابه دائماً سرمداً ».

وصرّح بذلك في « ايقانه »(٣) وفسره بالختم والانتهاء، نعم أتى بعد ذلك بتأويلات باردة يشمئز منها الطبع، وإنّما اوّل ما اوّل ليمهد الطريق لدعوى نبوّته وسفارته من الله سبحانه.

هلم معي نسأل مبدع الشبهة عن أنّه لماذا خص سبحانه « الخاتم » بالاستعارة، مع أنّ التاج والاكليل، أولى وأبلغ في بيان المقصود ( الزينة ) ؟

هلم نسأله عن أنّه لو صح ما أراد ( من أنّ المراد أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله مصدق النبيين ) ولن يصح، ولو صحت الأحلام، فلماذا عدل سبحانه عن أوضح التعابير وأفصحها، ولم يقل « مصدق النبيين » كما عبّر به في غير واحد من السور(٤) عندما أراد توصيف النبي بكونه

__________________

(١) ولأجل ذلك لا تجد في الآداب العربية ولا الفارسية ولا غيرها من اللغات استعارة الخاتم للزينة والتصديق.

(٢) اشراقات: ص ٢٩٢.

(٣) ايقان: ص ١٣٦.

(٤) سورة البقرة: ٤١ و ٩١ و ٩٧ ـ آل عمران: ٣ وغيرهما.

١٢٦

مصدقاً لمن تقدم عليه وأتى في المقام بتعبير غير مألوف ولا مأنوس.

نحن نسأله: انّ تصديق من مضى من النبيين، ليس صفة خاصة لهصلى‌الله‌عليه‌وآله فانّ المسيح كان أيضاً مصدقاً للماضين منهم، وما معهم من الكتب والصحف، كما حكى عنه سبحانه:( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) ( الصف ـ ٦ )، وعند ذاك فلماذا عرّفه سبحانه بوصف مشترك بين الأنبياء جميعاً.

ماذا يجينا المبدع إذا سألناه، وقلنا له: إنّ تشبيه الرسول الأعظم بالخاتم في التصديق وليد الأحلام الباطلة، وشتان بينهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين الخاتم، حتى في نفس وجه الشبه الذي اختلقه المبدع، فانّ الخاتم ليس هو نفسه مصدقاً، وإنّما هو آلة التصديق وما يصدق به، وإنّما المصدق انّما هو كاتب الصحيفة، وهذا بخلاف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّه هو المصدق نفسه.

لا أدري ماذا يجيب المشكك عن هذه الأسئلة ؟

نعم اختلقت هذا التشكيك بعض الأقلام المستأجرة، لتأييد أقاويل تلك الفئة وتسويل أباطيلهم، والكاتب أعرف ببطلانها، وقد عرفته الاُمّة، وعرفت نواياه، وما تخلّق به من روحيات ونفسيات.

التشكيك الثاني :

إنّ منصب النبوّة غير الرسالة، وما هو المختوم إنّما هو الأوّل دون الثاني فباب النبوّة وإن كان مختوماً بنص الآية، لكن باب الرسالة مفتوح على مصراعيه في وجه الاُمّة، ولم يوصد ولن يوصد أبداً.

واجلاء الحق في هذا المقام يتوقف على الوقوف على ما هو المقصود من النبي والرسول في الكتاب العزيز، وقد عقدنا لبيان الفرق بين النبي والرسول فصلاً خاصاً(١)

__________________

(١) سيوافيك هذا الفصل في الجزء الرابع من هذه الموسوعة.

١٢٧

وأوضحنا فيه حال هذا التشكيك وجعلناه في مدحرة البطلان وأقمنا الدليل على أنّ ختم النبوّة يلازم ختم الرسالة.

وخلاصة ما قلناه هناك: إنّ النبي حسب ما يظهر من آيات الذكر الحكيم وكلمات اعلام اللغة، هو الانسان الموحى إليه من الله باحدى الطرق المعروفة، وأمّا الرسول فهو الانسان(١) القائم بالسفارة من الله بابلاغ قول أو تنفيذ عمل وإن شئت قلت: النبوّة منصب معنوي يستدعي الاتصال بالغيب باحدى الطرق المألوفة، والرسالة سفارة للمرسل ( بالفتح ) من جانبه سبحانه لتنفيذ ما تحمله منه في الخارج أو ابلاغه إلى المرسل إليهم.

وبعبارة ثالثة: النبوّة تحمل الأنباء من الله والرسالة تنفيذ ما تحمله من الانباء بالتبشير والانذار والتبليغ وإلتنفيذ.

ولأجل ذلك يقترن لفظ الوحي بلفظ « النبيين » ويقول سبحانه:( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ) ( النساء ـ ١٦٣ ).

ولو اقترن لفظ الوحي بالرسول في آية اُخرى، فلمناسبة اُخرى اقتضت العدول فيه كما أنّه يقترن في القرآن إلزام الانسان بتبليغ كلام عنه سبحانه أو تنفيذ عمل في الخارج بلفظ « الرسول » ويقول سبحانه:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) ( المائدة ـ ٦٧ ).

وقال سبحانه:( قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا ) ( مريم ـ ١٩ ).

وعلى ذلك فالنبي أمّا صيغة لازم بمعنى صاحب النبأ ومتحمله، أو صيغة متعد بمعنى المخبر عنه سبحانه، والرسول هو الموظّف لتحقيق ما تحمله النبي من جانب الله سبحانه عن طريق الوحي.

فلو فرض أنّه أوصد باب النبوّة وختم نزول الوحي إلى أي انسان كما يصرح به

__________________

(١) المقصود هو الرسول المصطلح فلا ينافي اطلاقه على الملك والشخص العادي في القرآن الكريم.

١٢٨

لفظ « خاتم النبيين » فعند ذاك يختم باب الرسالة الالهية أيضاً بلا ريب، لأنّ الرسالة لا تهدف سوى تنفيذ ما يتحمله النبي من جانب الله عن طريق الوحي فإذا انقطع الوحي والاتصال بالمبدأ الاولى والاطلاع على ماعنده، لا يبقى موضوع للرسالة أبداً، فإذا كان محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله خاتماً للنبيين أي مختوماً به الوحي والاتصال فهو خاتم الرسل والمرسلين طبعاً، لأنّ رسالة الانسان من جانب الله سبحانه، عبارة عن بيان أو تنفيذ ما أخذه عن طريق الوحي، فلا تستقيم رسالة أي انسان من جانبه سبحانه إذا انقطع الوحي والاتصال به تعالى ولا يقدر أن يقول أي ابن اُنثى بالرسالة من ناحيته سبحانه إذا كانت النبوّة موصدة باعترافه.

هذا خلاصة ما قلناه هناك وسيوافيك تفصيله بدلائله وشواهده من الكتاب والسنّة وكلمات اعلام اللغة.

التنصيص الثاني(١) على الخاتمية :

هلم معي نقرأ النصوص الباقية الدالة على كون نبيّنا خاتم الرسل، وانّ رسالته خاتمة الرسالات حتى يتضح الحق بأجلى مظاهره، فمن النصوص قوله سبحانه :

__________________

(١) الهدف الأسمى من الاستدلال بهذه الآية وما تليها، هو نفي قسم خاص من أقسام النبوّة، أي النبوّة التشريعية الناسخة، فهذه الآية وأمثالها تكذّب كل من ادّعى لنفسه منصب النبوّة التشريعية، وادّعى أنّه نبي كموسى وعيسى ومحمد، وانّ له كتاباً وشريعة ناسخة لما قبلها من الكتب والشرائع، إذ لا يعقل أن يكون لمجتمع واحد كتابان مختلفا الأهداف والأغراض، أو نذيران متعددا الغايات.

فلا يصح أن يكون الفرقان والقرآن نذيراً لهم، وفي الوقت نفسه يكون كتاب آخر، يخالفه في المضمون نذيراً لهم أيضاً، وقس على ذلك سائر ما يرد عليك من الآيات.

نعم هذه الآية ونظائرها لا تفي بنفي النبوّة التبليغية المحضة، أو التشريعية غير الناسخة، بأن تكون النسبة بين الشريعتين نسبة الأقل إلى الأكثر، أو المجمل إلى المفصل، والدليل الوحيد في القرآن، على انسداد أبواب النبوّاة على اطلاقها، هي الآية المتقدمة، وما سيوافيك من الأحاديث المتواترة، الدالة على اغلاق باب النبوّة على وجه الاُمة بعامة أنواعها واقسامها فلاحظ.

١٢٩

( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) ( الفرقان ـ ١ ).

وصريح النص أنّ الغاية من تنزيل الفرقان على عبده ( رسولنا ) كون القرآن نذيراً للعالمين، أي الخلائق كلها من بدء نزوله إلى يوم يبعثون.

قال « الراغب » في مفرداته: العالم اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والأعراض وهو في الأصل اسم لما يعلم به، كالطابع والخاتم، لما يطبع به وما يختم به، وجعل بناءه على هذه الصفة، لكونه كالآلة والعالم آلة، في الدلالة لصانعه، وأمّا جمعه فلأن كل نوع من هذه قد يسمى عالماً، فيقال عالم الانسان وعالم الماء، وعالم النار، وأمّا جمعه على السلامة فلكون الناس من جملتهم والانسان إذا شارك غيره في اللفظ غلب عليه حكمه، وقيل إنّما جمع هذا الجمع لأنّه عنى به أصناف الخلائق من الملائكة والجن والناس دون غيرها وروي هذا عن ابن عباس وقال جعفر بن محمد عنى به الناس، وجعل كل واحد عالماً(١) .

وقال: العالم عالمان: الكبير وهو الفلك بما فيه والصغير لأنّه مخلوق على هيئة العالم(٢) .

قال الزمخشري: العالم اسم لذوي العلم من الملائكة والثقلين، وقيل كل ما علم به الخالق من الأجسام والأعراض، وجمع ليشمل كل جنس مما سمّي به، وأمّا جمعه بالواو والنون مع كونه اسماً غير صفة وإنّما يجمع بها صفات العقلاء، أو ما في حكمها من الأعلام، فلأجل معنى الوصفية فيه وهي الدلالة على معنى العلم(٣) .

__________________

(١) هذا هو الحق الذي لا مرية فيه، ويشهد له ما نقله سبحانه، عن قوم لوط في خطابهم له، عند نزول ضيوفه:( قَالَ إِنَّ هَٰؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ *وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ *قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ ) ( الحجر: ٦٨ ـ ٧٠ ) أي قالوا في جوابه: أوليس كنا قد نهيناك عن أن تستضيف أحداً من الناس، ولا معنى لأن ينهوه عن الأجرام السماوية، أو الجن والملائكة.

ونظيره قوله سبحانه ـ حكاية عن لوط في الرد على قومه ـ: ( أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ) ( الشعراء ـ ١٦٥ ) فالمراد من العالمين فيه هو الناس بلا ريب.

(٢) المفردات للراغب: ص ٣٤٩.

(٣) الكشاف: ج ١ ص ٦.

١٣٠

وعلى أي تقدير سواء أكان المراد من العالمين في الآيات الآخر جميع المخلوقات التي يحويها الفلك من الجواهر والأعراض، أم كان المراد الإنس والجن، فالمراد منه في الآية بقرينة كونه « نذيراً » خصوص الانسان أو مطلق من يعقل، فالآية صريحة في أنّ انذاره لا يختص بناس دون ناس، أو بزمان دون زمان، فهو على اطلاقه يعطي كونه نذيراً للاُمّة البشرية بلا قيد ولا حد.

ولقائل أن يعترض ويقول: ربّما يطلق « العالمون » ويراد منه الجم الغفير من الناس كما في قوله سبحانه في تفضيل بني اسرائيل:( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) ( البقرة ـ ٤٧ ) ويقال رأيت عالماً من الناس يراد به الكثرة وعند ذاك لا تكون الآية صريحة فيما نرتئيه.

والجواب: انّ المتبادر من العالمين في مصطلح العرف والقرآن هو المعنى العام وهو عبارة أمّا عن الخلائق عامة كما عليه قوله سبحانه:( قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ *قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ ) ( الشعراء ٢٣ ـ ٢٤ ).

وغيره من الآيات الكثيرة التي استعملت فيها كلمة « العالمين » في الخلق كلّه، أو نوع ما يعقل من الملائكة والإنس والجن وعليه قوله تعالى:( وَلَٰكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) ( البقرة ـ ٢٥١ ).

وقوله سبحانه:( وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ ) ( آل عمران ـ ١٠٨ )، أو خصوص الإنس وعليه قوله تعالى:( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ) ( آل عمران ـ ٩٦ ).

وقوله سبحانه:( أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ ) ( الشعراء ـ ١٦٥ ).

وقوله سبحانه:( أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ ) ( الأعراف ـ ٨٠، وقريب منها ما في العنكبوت ـ ٢٨ ).

وعلى ما ذكرنا فلا يسوغ أن يحمل هذ اللفظ على غير هذه المعاني، إلّا بقرينة صارفة عن ظاهره وهي غير موجودة في المقام.

١٣١

وأمّا قوله سبحانه:( وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) فليس ظاهراً فيما فسره صاحب الكشاف، من الجم الغفير، ولأجل ذلك فسّره حبر الاُمّة بأهل عالمي زمانهم كلهم، لا بالجم الغفير، كما فسّر به قوله سبحانه:( إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) ( آل عمران ـ ٤٢ ).

وعلى أي حال سواء أفسّرناه بالجم الغفير أم خصصناه بأهل عالمي زمانهم فإنّما هو لقرينة صارفة عن ظاهره، حيث دل القرآن على أنّ الاُمّة الإسلامية أفضل الاُمم، لقوله سبحانه:( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ ) ( آل عمران ـ ١١٠ ).

ونظير تلك الآية ما دل على اصطفاء مريم على نساء العالمين، كما قال سبحانه:( إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) ( آل عمران ـ ٤٢ ) فالمراد منه هو نساء عالمي أهل زمانها، لما اُثر عن النبي وآله من عدم فضلها على ابنته فاطمةعليها‌السلام .

أخرج ابن سعد، عن مسروق، عن عائشة في حديث: انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أسر إلى فاطمة عند مرضه وقال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الاُمّة، أو نساء العالمين(١) .

ورواه أبو نعيم الاصفهاني أيضاً بهذه العبارة(٢) .

وأخرج مسلم والترمذي والبخاري في صحاحهم عن عائشة، قالت: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لفاطمة في اُخريات أيامه: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الاُمّة(٣) .

روى الحديث بألفاظه المختلفة العلّامة المجلسي في بحاره، فراجع(٤) .

ولولا هذه المأثورات عمّن نزل عليه القرآن لكان الواجب الأخذ بظاهرها والحكم

__________________

(١) و (٢) الطبقات الكبرى: ج ٨ ص ٢٧، حلية الأولياء ج ٢ ص ٤٠.

(٣) التاج الجامع للاُصول: ج ٣ ص ٣١٤.

(٤) بحار الأنوار: ج ٤٣ ص ٣٦.

١٣٢

بتفضيلها ( مريم ) على نساء العالمين جميعاً.

على أنّه يمكن الأخذ باطلاق قوله سبحانه:( وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) والقول بتفضيلهم على الناس كلّهم بتقريب أنّ ملاك فضلهم على غيرهم، تخصيصهم بأشياء من بين الاُمم إذ انزل عليهم المنّ والسلوى، وبعث فيهم رسلاً، وأنزل عليهم الكتب ونجّاهم من فرعون وملائه إلى غير ذلك مما خص به تلك الاُمّة من بين الناس ولا يلزم منه تفضيل واحد منهم على غيرهم(١) .

وعلى أي تقدير فالمتبع هو ظاهر الآية ما لم يدل دليل على خلافه، وليست في المقام قرينة تصرف قوله سبحانه:( لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) عن ظاهره وصريحه.

النص الثالث من القرآن على الخاتمية :

ومن النصوص قوله سبحانه:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ *لاَّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) ( فصّلت ٤١ ـ ٤٢ ).

والمقصود من « الذكر » هو القرآن، لقوله سبحانه:( ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ ) ( آل عمران ـ ٥٨ ).

وقوله سبحانه:( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) ( النحل ـ ٤٤ ).

والضمير في « لا يأتيه » يرجع إلى « الذكر » ومفاد الآية أنّ الباطل لا يتطرّق إليه ولا يجد إليه سبيلاً من أي جهة من الجهات، فلا يأتيه البطل بأي صورة متصورة، ودونك صوره :

١. لا يأتيه الباطل: لا ينقص منه شيء ولا يزيد فيه شيء.

__________________

(١) مجمع البيان: ج ١ ص ١٠٢.

١٣٣

٢. لا يأتيه الباطل: لا يأتيه كتاب يبطله وينسخه بأن يجعله سدى، فهو حق ثابت لا يبدل ولا يغير ولا يترك.

٣. لا يأتيه الباطل: لا يتطرق في اخباره عمّا مضى ولا في اخباره عمّا يجيء، الباطل، فكلّها تطابق الواقع.

وعلى أي تقدير فمحصل الآية بحكم الاطلاق المستفاد من قوله سبحانه: « لا يأتيه » أنّ القرآن حق لا يدخله الباطل إلى يوم القيامة.

ويؤيد ذلك قوله سبحانه:( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ( الحجر ـ ٩ ) أي نحفظه عن تطرق أي بطلان إليه إلى يوم البعث، كما هو أيضاً مقتضى اطلاقه.

والحق المطلق الذي لا يدانيه الباطل أبداً، والمحفوظ عن تسلل البطلان إليه إلى يوم القيامة كما هو ظاهر الآيتين، يمتنع أن يكون حجّة محدودة، بل يكون متبعاً لا إلى غاية خاصة وأمد محدود، لأنّ خاصية الحق المطلق والمصون عن تطرق البطلان مطلقاً هو كونه حجة لا إلى حد خاص والله سبحانه عهد:( لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ ) ( الانفال ـ ٨ ).

فإذا كان القرآن حقاً مطلقاً مصوناً عن تسلل البطلان إليه، ومتبعاً للناس إلى يوم القيامة، يجب عند ذلك، دوام رسالته وثبات نبوّته وخاتمية شريعته.

وإن شئت قلت: إنّ الشريعة الجديدة إمّا أن تكون عين الشريعة الإسلامية الحقة المحقة التي لا يقارنها ولا يدانيها الباطل أو غيرها، فعلى الأوّل لا حاجة إلى الثانية، وعلى الثاني فامّا أن تكون الثانية حقّة كالاُولى، فيلزم كون المتناقضين حقاً، أو يكون الاُولى حقّة دون الاُخرى، فهذا هو المطلوب.

والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يزل يبيّن شريعته، بالكتاب الحق الذي لا يدانيه الباطل وبسنّته المحكمة التي لا تصدر عنه إلّا بإيحاء منه سبحانه، كما قال:( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَىٰ *إِنْ هُوَ إلّا وَحْيٌ يُوحَىٰ *عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ) ( النجم: ٣ ـ ٥ ) وعلى أي تقدير فالآية

١٣٤

صريحة في نفي أي تشريع بعد القرآن، وشريعة غير الإسلام فتدل بالملازمة على عدم النبوّة التشريعية بعد نبوّتهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

النص الرابع من القرآن على خاتمية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله :

ومن النصوص قوله تعالى:( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ) ( الأنعام ـ ١٩ ) وفسره أمين الإسلام الطبرسي بقوله: أي لا خوف به من بلغه القرآن إلى يوم القيامة، ولذا قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من بلغه أنّي أدعو إلى أن لا إله إلّا الله فقد بلغه، أي بلغته الحجة وقامت عليه، حتى قيل من بلغه القرآن، فكإنّما رأى محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمع منه وحيث ما يأتي القرآن، فهو داع ونذير(١) .

قوله سبحانه:( وَمَن بَلَغَ ) معطوف على الضمير المنصوب في قوله:( لأُنذِرَكُم ) لا على الفاعل المستتر.

وقد وافاك توضيح مفاد الآية والتوفيق بينها وبين قوله سبحانه:( وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ) عند البحث عن كون رسالة الرسول عالمية(٢) .

النص الخامس على الخاتمية :

ومن النصوص قوله تعالى:( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) ( سبأ ـ ٢٨ ).

المتبادر من الآية، كون( كَافَّةً ) حالاً من الناس قدمت على ذيها، وتقدير الآية: « وما أرسلناك إلّا للناس كافة بشيراً ونذيراً ».

ويحتمل كونها حالاً من الضمير المنصوب في « أرسلناك » ومفاد الآية: وما أرسلناك إلّا أن تكفّهم وتردعهم. ولكنّه ضعيف جداً، إذ لا حاجة عندئذ إلى لفظ

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٣ ص ٢٨٢.

(٢) راجع ص ٦٣ ـ ٧٠ من كتابنا هذا.

١٣٥

« كافة » بعد تذييل الجملة بقوله:( بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) إذ لا معنى للكف والردع إلّا تخويفهم عن عذابه وعقابه حتى يرتدعوا بالتأمل فيما أوعد الله في كتابه العزيز ولسان نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله على مقترفي الجرائم، وليس ذلك إلّا نفس الانذار الوارد في الآية :

أضف إليه أنّه لم يستعمل لفظ « كافّة » في القرآن إلّا بمعنى عامة كقوله سبحانه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) ( البقرة ـ ٢٠٨ ).

وقوله عز وجل:( وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ) ( التوبة ـ ٣٦ ).

وقوله سبحانه:( وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) ( التوبة ـ ١٢٢ ).

وكل ذلك يؤيد كون( كَافَّةً ) بمعنى عامة حالا من الناس، والآية مع كونها دليلاً على كون رسالته عالمية، دليل على كونه مبعوثاً إلى كافة الناس إلى يوم يبعثون(١) .

النص السادس على الخاتمية :

ثم إنّه سبحانه جعل نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم النبيين، وكتابه خاتم الكتب، وجعله مهيمناً على جميع الكتب النازلة من قبل.

قال سبحانه:( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ) ( المائدة ـ ٤٨ ).

والمهيمن هو الرقيب الشهيد وقد فسّر باُمور اُخرى يقرب بعضها من بعض فهو

__________________

(١) ويؤيد ذلك ما رواه ابن سعد في « طبقاته الكبرى » عن خالد بن معدان قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بعثت إلى الناس كافة، فإن لم يستجيبوا لي فإلى العرب، فإن لم يستجيبوا لي فإلى قريش، فإن لم يستجيبوا لي فإلى بني هاشم، فإن لم يستجيبوا لي فإليّ وحدي.

ونقل عن أبي هريرة، أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: اُرسلت إلى الناس كافة، وبي ختم النبييون ( الطبقات الكبرى ج ١ ص ١٩٢ ) وكل ذلك دليل على أنّ الصحابة لم يفهموا من الآية إلّا ما استظهرناه.

١٣٦

مراقب أمين يشهد على الكتب النازلة قبله بالصحة في مورد، والبا لتحريف في مورد آخر. ولو أراد أهل الكتب الوصول إلى الحق الواضح لرجعوا إلى ذلك الكتاب، لأنّهم لم يؤتوا علم كتابهم كلّه، بل:( أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ ) ( آل عمران ـ ٢٣ ) وأنّهم:( نَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) (١) ، وكانوا:( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ) (٢) .

وفسره العلّامة الطباطبائي بوجه آخر وقال :

هيمنة الشيء على الشيء كون الشيء ذا سلطة على الشيء في حفظه ومراقبته وأنواع التصرف فيه، وهذا حال القرآن الذي وصفه الله تعالى بأنّه تبيان كلّ شيء بالنسبة إلى ما بين يديه من الكتب السماوية، يحفظ منها الاُصول الثابتة غير المتغيرة، وينسخ منها ما ينبغي أن ينسخ من الفروع التي يمكن أن يتطرق إليه التغير والتبدل ممّا يناسب حال الانسان بحسب سلوكه صراط التكامل بمرور الزمان، قال تعالى:( إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) ( الإسراء ـ ٩ ).

وقال:( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) ( البقرة ـ ١٠٦ ).

فهذه الجملة أعني قوله:( وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) متممة لقوله:( مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ ) تتميم ايضاح، إذ لولاها لأمكن أن يتوهّم من تصديق القرآن للتوراة والانجيل أنّه يصدق ما فيهما من الشرائع والأحكام، تصديق إبقاء من غير تغيير وتبديل لكن توصيفه بالهيمنة يبيّن أنّ تصديقه لهما تصديق إنّهما شرائع حقّة من عند الله، وانّ لله أن يتصرف فيها ما يشاء بالنسخ والتكميل كما يشير إليه قوله سبحانه في ذيل الآية:( وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ) (٣) .

اشارات قرآنية إلى الخاتمية :

ثمّ إنّ في الكتاب الحكيم آيات تشير إلى خاتمية الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وخاتمية كتابه

__________________

(١) و (٢) لاحظ الآية ١٣ من المائدة.

(٣) الميزان: ج ٥ ص ٣٧٨ ـ ٣٧٩.

١٣٧

ويقف على تلك الإشارات كل من أمعن النظر في مضامينها ونذكر في المقام بعض الآيات :

١.( أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ *وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ( الأنعام ١١٤ ـ ١١٥ ).

ودلالة قوله سبحانه:( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ) على إيصاد باب الوحي وانقطاعه إلى يوم القيامة وتمامية الشرائع النازلة من الله سبحانه طوال قرون إلى سفرائه، واضحة بعد الوقوف على معنى الكلمة في القرآن.

إنّ « الكلمة » في القرآن قد استعملت في معان أو في مصاديق مختلفة بمعنى واحد جامع واسع، حتى استعملت في العين الخارجي.

قال سبحانه:( إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ) ( آل عمران ـ ٤٥ ) كما استعملت في القضاء والوعد القطعي قال سبحانه:( وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) ( هود ـ ١١٩ ) إلى غير ذلك.

لكن المراد منها في الآية هو الدعوة الإسلامية أو القرآن الكريم، وما فيه من شرائع وأحكام، والشاهد عليه الآية المتقدمة حيث قال سبحانه:( وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالحَقِّ ) فالمراد من قوله:( أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ ) هو القرآن النازل على العالمين، ثم يقول: بأنّ الذين آتيناهم الكتاب من قبل كاليهود والنصارى إذا تخلصوا عن الهوى، يعلمون أنّ القرآن وحي إلهي كالتوراة والأنجيل وأنّه منزل من الله سبحانه بالحق، فلا يصح لأي منصف أن يتردد في كونه نازلاً منه إلى هداية الناس.

ثمّ يقول في الآية التالية:( وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ) بظهور الدعوى المحمديّة، ونزول الكتاب المهيمن على جميع الكتب وصارت مستقرة في محلها بعد ما كانت تسير دهراً

١٣٨

طويلاً في مدارج التدرج بنبوّة بعد نبوّة وشريعة بعد شريعة(١) .

وهذه الكلمة الالهية أعني الدعوة الالهية المستوحاة في القرآن الكريم صدق لا يشوبه كذب وما فيه من الأحكام من الأمر والنهي، عدل لا يخالطه ظلم ولأجل تلك التمامية لا تتبدل كلماته وأحكامه من بعد(٢) .

وأمّا ما احتمله صاحب المنار من أنّ المراد من الكلمة ما وعد الله به نبيّه من نصره وخذلان مستهزئيه مستشهداً بقوله سبحانه:( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ *إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنصُورُونَ *وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) ( الصافات: ١٧١ ـ ١٧٣ ) وما في معناه من الآيات، فممّا لا يلائم سياق الآيات ولا يناسب قوله:( صِدْقًا وَعَدْلاً ) ولا قوله:( لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ) إلّا بالتكلّف الذي ارتكبه صاحب المنار(٣) .

* * *

هذا حال الخاتمية في الذكر الحكيم وقد عرفت أنّه ناطق بايصاد باب النبوّة والرسالة، وخاتميتهما، وقد وردت في المقام أحاديث متواترة عن النبي الخاتمصلى‌الله‌عليه‌وآله وآله الطاهرين فلأجل ايقاف القارئ على تلكم الكلم الرية عقدنا الفصل التالي :

__________________

(١) الميزان: ج ٧ ص ٣٢٨، مجمع البيان ج ٢ ص ٣٥٤.

(٢) وقد استعملت الكلمات في القرآن الكريم في الشرائع الالهية قال سبحانه واصفاً مريم:( وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ ) ( التحريم ـ ١٢ ).

(٣) المنار: ج ٨ ص ١٢.

١٣٩

الخاتمية

في الأحاديث الإسلامية

لقد حصحص الحق بما أوردناه من النصوص القرآنية وانكشف الشك عن محيا اليقين، فلم تبق لمجادل شبهة، في أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم النبيين والمرسلين ودينه خاتم الأديان وكتابه خاتم الكتب وقد وردت عن النبي والأئمّة من بعده نصوص في المقام تؤكد المطلب فلا بأس بالتعرض لها، وتوضيح بعضها، إذ لم نجدها مجتمعة في باب أو كتاب.

تنصيص الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله على الخاتمية

١. خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة إلى غزوة تبوك وخرج الناس معه فقال له عليعليه‌السلام : أخرج معك ؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا، فبكى علي، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه لا نبي بعدي، أو ليس بعدي نبي، أو لا ينبغي أن أذهب إلّا وأنت خليفتي »(١) .

وهذا الحديث صحيح متفق عليه بين الاُمّة، لم يشك أحد في صحة سنده ولا سنح في خاطر كاتب أن يناقش في ثبوته.

__________________

(١) سمّي حديث المنزلة، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نزّل فيه نفسه منزلة موسى، ونزّل عليّاً مكان هارون.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543