مفاهيم القرآن الجزء ٣

مفاهيم القرآن10%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 543

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 543 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202034 / تحميل: 6193
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

أبواب المزار وما يناسبه

١ -( باب استحباب ابتداء الحاج بالمدينة، ثم بمكة، وجواز العكس، واستحباب الجمع)

[١١٧٩٥] ١ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « ابدأوا بمكة، واختموا بنا(١) ».

٢ -( باب تأكد استحباب زيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأئمة ( صلوات الله عليهم )، خصوصا بعد الحج)

[١١٧٩٦] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ثم تزور قبر محمد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنه قال: ومن حج ولم يزرني فقد جفاني، وتزور قبر السادةعليهم‌السلام بالمدينة ».

[١١٧٩٧] ٢ - أحمد بن محمد السياري في كتاب التنزيل والتحريف: بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله عز وجل:( لْيَقْضُوا

__________________

أبواب المزار وما يناسبه

الباب ١

١ - الهداية ص ٦٧.

(١) في المصدر: بالمدينة.

الباب ٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٠.

٢ - التنزيل والتحريف ص ٣٨.

١٨١

تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ) (١) قال: « لقاء الإمامعليه‌السلام ، قال أبو جعفرعليه‌السلام ، ونظر الناس في الطواف قال: أمروا أن يطوفوا بهذا، ثم يأتونا فيعرفونا مودتهم، ثم يعرضوا علينا نصرهم ».

[١١٧٩٨] ٣ - الشيخ شرف الدين النجفي في تأويل الآيات الباهرة: عن تفسير محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن هوذة: بإسناده يرفعه إلى عبد الله بن سنان، عن ذريح المحاربي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : قوله تعالى:( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ) قال: هو لقاء(١) الإمامعليه‌السلام ».

[١١٧٩٩] ٤ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى: عن أبي علي الحسن ابن محمد، عن والده أبي جعفر الطوسي، عن محمد بن الحسن(١) المعروف بابن الصقال(٢) عن محمد بن أبي الصهبان، عن الحسن بن علي بن فضال، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث طويل: « إن الله قد وكل بفاطمةعليها‌السلام رعيلا من الملائكة، يحفظونها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن يسارها، وهم معها في حياتها وعند قبرها بعد موتها، يكثرون الصلاة على أبيها وبعلها وبينها، فمن زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي، ومن زار فاطمة؟عليها‌السلام فكأنما زارني، ومن

__________________

(١) الحج ٢٢: ٢٩.

٣ - تأويل الآيات الباهرة ص ٦١ ب.

(١) في المصدر: القائم.

٤ - بشارة المصطفى ص ١٣٧.

(١) في المصدر: الحسين.

(٢) في المصدر زيادة: عن محمد بن معقل العجلي القرمسي.

١٨٢

زار علي بن أبي طالبعليه‌السلام فكأنما زار فاطمةعليها‌السلام ، ومن زار ( الحسن و )(٣) الحسينعليهما‌السلام فكأنما زار علياعليه‌السلام ، ومن زار ذريتهما فكأنما زارهما ».

[١١٨٠٠] ٥ - الشيخ محمد بن المشهدي في المزار الكبير: عن شيخيه عبد الله ابن جعفر الدوريستي وشاذان بن جبرئيل القمي، باسنادهما إلى الصدوق محمد بن بابويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد البرقي، عن الحسن بن علي الوشاء قال: قلت للرضاعليه‌السلام : ما لمن زار قبر أحد من الأئمةعليهم‌السلام ؟ قال: « له مثل من أتى قبر أبي عبد اللهعليه‌السلام ». قال قلت: وما لمن زار قبر أبي عبد اللهعليه‌السلام ؟ قال: « الجنة والله ».

[١١٨٠١] ٦ - وبإسناده عن عبد الرحمن بن مسلم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: « من زارنا في مماتنا فكأنما زارنا في حياتنا، ومن جاهد عدونا فكأنما جاهد معنا، ومن تولى لمحبنا، فقد أحبنا، ومن سر مؤمنا فقد سرنا، ومن أعان فقيرنا كان مكافأته على جدنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١١٨٠٢] ٧ - البحار: وجدت في بعض مؤلفات متأخري أصحابنا قال في كتاب تحرير العبادة(١) : روي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال: « من نوى من بيته زيارة قبر إمام مفترض طاعته، وأخرج لنفقته درهما

__________________

(٣) أثبتناه من المصدر.

٥ - مزار المشهدي ص ٦، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ١٢٤ ح ٣٣.

٦ - مزار المشهدي ص ١٩، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ١٢٤ ح ٣٤.

٧ - البحار ج ١٠٠ ص ١٢٤.

(١) كذا في البحار.

١٨٣

واحدا كتب الله جل ذكره له سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة، وكتب اسمه في ديوان الصديقين والشهداء، أسرف في تلك النفقة أو لم يسرف ».

[١١٨٠٣] ٨ - السيد علي بن طاوس في مصباح الزائر: عن الصادقعليه‌السلام قال: « من زار إماما مفترض الطاعة بعد وفاته، وصلى عنده أربع ركعات، كتبت له حجة وعمرة ».

[١١٨٠٤] ٩ - وجد بخط الفاضل الخبير الا ميرزا عبد الله الأصفهاني قال: روى بعض أصحابنا في كتاب ( تذكرة الفقهاء والواعظين، وتبصرة العلماء والمتعظين ): عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما لمن زار أحدا منكم؟ قال: « كمن زار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

وقال الصادقعليه‌السلام : « من زار اماما مفترضا طاعته، وصلى أربع ركعات، كتب الله له حجة مبرورة وعمرة ».

وقالعليه‌السلام : « من زار واحدا منا، كان كمن زار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١١٨٠٥] ١٠ - الصدوق في الهداية: روي أن الحسين بن عليعليهما‌السلام قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا أبتاه ما جزاء من زارك؟ فقال: من زارني حيا أو ميتا، أو زار أباك أو زار أخاك، أو زارك كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة فأخلصه من ذنوبه ».

__________________

٨ - مصباح الزائر ص ١٤٩، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ١٣٠ ح ١٥.

٩ - ١٠ - الهداية ص ٦٧.

١٨٤

[١١٨٠٦] ١١ - جعفر بن قولويه في مزاره: عن أبيه وعلي بن الحسين وجماعة مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ( بن عيسى ) ومحمد بن الحسن عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما لمن زار ( قبر )(١) الحسينعليه‌السلام ؟ قال: « كان كمن زار الله في عرشه ». قال قلت: ما لمن زار أحدا منكم؟ قال: « كمن زار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٣ -( باب تأكد استحباب زيارة قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإجبار الوالي الناس عليها)

[١١٨٠٧] ١ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من زار قبري وجبت له شفاعتي، ومن زارني ميتا فكأنما زارني حيا ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « من زار قبري حلت له شفاعتي ».

[١١٨٠٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « من زار قبري بعد موتي، كان كمن هاجر إلي في حياتي ». الخبر.

__________________

١١ - كامل الزيارات ص ١٤٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٣

١ - لب الباب: مخطوط.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٦.

١٨٥

[١١٨٠٩] ٣ - بعض نسخ الرضوي: « روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: من زار قبري حلت له شفاعتي، ومن زارني ميتا فكأنما زارني حيا ».

[١١٨١٠] ٤ - الصدوق في الهداية: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « من حج بيت ربي ولم يزرني فقد جفاني ».

[١١٨١١] ٥ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن محمد بن الحسن بن علي، عن أبيه، ( عن علي بن مهزيار )(١) عن الحسن بن سعيد، عن صفوان، عن حريز والحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن فضيل، عنهماعليهما‌السلام قالا: « زيارة قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) و، زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، تعدل حجة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٤ -( باب استحباب زيارة قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولو من بعيد، والتسليم عليه والصلاة عليه)

[١١٨١٢] ١ - الشيخ المفيد في المقالات قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من سلم علي من عند قبري سمعته، ومن سلم علي من بعيد بلغته ».

__________________

٣ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤ ح ٤.

٤ - الهداية ص ٦٧.

٥ - كامل الزيارات ص ١٥٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) وفيه زيادة قبور الشهداء.

الباب ٤

١ - المقالات ص ٨٥.

١٨٦

[١١٨١٣] ٢ - الكراجكي في كنز الفوائد: عن القاضي أبي الحسن أسد بن إبراهيم السلمي الحراني، وأبي عبد الله الحسين بن محمد الصيرفي البغدادي، عن أبي بكر محمد بن محمد المعروف بالمفيد الجرجراني، عن علي بن عثمان المغربي المعروف بأبي الدنيا(١) الأشج المعمر، عن عليعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في خبر - قال: « وصلوا علي حيث كنتم فإن صلواتكم تبلغني، وتسليمكم يبلغني ».

[١١٨١٤] ٣ - السيد المرتضى في الفصول عن شيخه المفيد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من سلم علي من عند قبري سمعته ( ومن سلم علي من بعيد )(١) بلغته ».

[١١٨١٥] ٤ - كتاب محمد بن مثنى الحضرمي: عن جعفر بن محمد بن شريح، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « صلوا إلى جانب القبر، قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإن كانت صلاة المؤمن تبلغه أينما كان ».

[١١٨١٦] ٥ - الشيخ الطوسي في أماليه: عن أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن فضال، عن العباس بن عامر، عن

__________________

٢ - كنز الفوائد ص ٢٦٥.

(١) في المخطوط. بابن أبي الدنيا. وما أثبتناه من المصدر وهو الصواب راجع تنقيح المقال ج ٣ ص ١٦ وميزان الاعتدال ج ٣ ص ١٤٥.

٣ - الفصول المختارة ص ٩٥، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ١٨٣ ح ١٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - كتاب محمد بن مثنى الحضرمي ص ٨٣.

٥ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٩٠، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ١٨٢ ح ٢.

١٨٧

بشير(١) بن بكار، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « إن ملكا من الملائكة سأل الله أن يعطيه سمع العبادة فأعطاه الله، فذلك الملك قائم حتى تقوم الساعة، ليس أحد من المؤمنين يقول:صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلا قال الملك: وعليك ( السلام )(٢) ، ثم يقول الملك: يا رسول الله، إن فلانا يقرأك السلام، فيقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وعليه‌السلام ) ».

[١١٨١٧] ٦ - أبو علي ولده في أماليه: عن أبيه عن المفيد عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور، عن أبي بكر المفيد الجرجراني، عن أبي الدنيا المعمر المغربي، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: لا تتخذوا قبري مسجدا، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم وسلامكم يبلغني ».

[١١٨١٨] ٧ - دعائم الاسلام: في حديث عن عليعليه‌السلام ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « فمن لم يستطع زيارة قبري، فليبعث إلي بالسلام فإنه يبلغني ».

[١١٨١٩] ٨ - محمد بن الحسن الصفار في البصائر: عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « ما من نبي ولا وصي يبقى في الأرض أكثر من

__________________

(١) في المصدر: بشر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٦ - أمالي الطوسي: النسخة المطبوعة خالية منه، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ١٩٠ ح ١٤.

٧ - دعائم السلام ج ١ ص ٢٩٦.

٨ - بصائر الدرجات ص ٤٦٥ ح ٩.

١٨٨

ثلاثة أيام حتى يرفع بروحه وعظمه ولحمه إلى السماء، وإنما يؤتى مواضع ويبلغونهم من بعيد السلام، ويسمعونهم على آثارهم من قريب.

[١١٨٢٠] ٩ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: قال رسول ( اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ): من زار قبري بعد موتي، كان كمن هاجر إلي في حياتي، فإن لم تستطيعوا فابعثوا إلى السلام فإنه يبلغني ».

[١١٨٢١] ١٠ - وبهذا الاسناد: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « أربع جعلن شفعاء الجنة - إلى أن قال - وملك عند رأسي في القبر وإذا قال العبد من أمتي - إلى أن قال - وإذا قال: اللهم صل على محمد وآل محمد، قال الملك الذي عند رأسي: يا محمد، إن فلان بن فلان صلى عليك، فأقول: صلى الله عليه كما صلى علي ».

٥ -( باب استحباب التسليم على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، كلما دخل الانسان المسجد أو خرج منه، وكراهة المرور فيه بغير تسليم عليه ودنو منه)

[١١٨٢٢] ١ - جعفر بن قولويه في كامل الزيارة: عن جعفر بن محمد بن إبراهيم الموسوي، عن عبد الله بن نهيك، عن ابن أبي عمير، عن

__________________

٩ - الجعفريات ص ٧٦.

١٠ - الجعفريات ص ٢١٦.

الباب ٥

١ - كامل الزيارات ص ١٦.

١٨٩

معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام في حديث: .« فإذا دخلت في المسجد فصل على محمد وآله، وإذا خرجت ( فاصنع مثل )(١) ذلك، وأكثر من الصلاة في مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٦ -( باب كيفية زيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وآدابها، والدعاء عند قبره)

[١١٨٢٣] ١ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول، وهو قائم عند قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اسأل الله الذي انتجبك واصطفاك، وأصفاك وهداك وهدى بك، أن يصلي عليك( إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (١) .

[١١٨٢٤] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « من زار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فليسترجع ثلاثا، ثم ليقل: أصبنا بك يا حبيب قلوبنا، فما أعظم المصيبة بك حيث انقطع عنا

__________________

(١) في المصدر: فافعل.

الباب ٦

١ - أمالي المفيد ص ١٤٠ ح ٥.

(١) الأحزاب ٣٣: ٥٦.

٢ - الجعفريات ص ٧٦.

١٩٠

الوحي، وحيث فقدناك، ما شاء الله، وإنا إليه راجعون ».

[١١٨٢٥] ٣ - جعفر بن قولويه في كامل الزيارة: عن محمد بن أحمد بن الحسين العسكري، عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى، عن أبيهعليهما‌السلام ، عن جده قال: « كان علي بن الحسين ( صلوات الله عليه )، يقف على قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيسلم، ويشهد له بالبلاغ، ويدعو بما حضره، ثم يسند ظهره إلى قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المرمرة الخضراء الدقيقة العرض مما يلي القبر، ويلتزق بالقبر، ويسند ظهره إلى القبر، ويستقبل القبلة فيقول:

اللهم إليك ألجأت أمري، وإلى قبر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله عبدك ورسولك أسندت ظهري، والقبلة التي رضيت لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله استقبلت، اللهم إني أصبحت لا أملك لنفسي خير ما أرجو لها، ولا أدفع عنها شر ما أحذر عليها، وأصبحت الأمور بيدك ولا فقير أفقر مني إني لما أنزلت إلي من خير فقير، اللهم ارددني(١) منك بخير فلا راد لفضلك.

اللهم إني أعوذ بك أن تبدل اسمي، أو أن تغير جسمي، أو تزيل نعمتك عني، اللهم زيني بالتقوى، وجملني بالنعم، واغمرني بالعافية، وارزقني شكر العافية.

وعن محمد بن الحسن بن مهزيار، عن أبيه، عن جده مثله(٢)

__________________

٣ - كامل الزيارات ص ١٦ ح ٣.

(١) في نسخة. أردني. - ( منه قده ).

(٢) نفس المصدر ص ١٩ ح ٨.

١٩١

[١١٨٢٦] ٤ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران وعلي بن مهزيار وغير واحد، عن حماد بن عيسى، عن محمد بن مسعود قال: رأيت أبا عبد اللهعليه‌السلام انتهى إلى قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فوضع يده عليه وقال: أسأل الله الذي اجتباك واختارك وهداك وهدى بك أن يصلي عليك، ثم قالعليه‌السلام :( إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ ) (١) » الآية.

[١١٨٢٧] ٥ - وعن الحسن بن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: قال لي أبو الحسنعليه‌السلام : كيف تقول في التسليم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ » فقلت: الذي نعرفه(١) ورويناه قال: « أو أعملك ما هو أفضل من هذا؟ ». فقلت: نعم، جعلت فداك، فكتب لي وأنا قاعد(٢) بخطه وقرأه علي:

« إذا وقفت على قبرهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقل: اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أشهد أنك رسول الله وأشهد أنك محمد ابن عبد الله، وأشهد أنك خاتم النبيين، وأشهد أنك قد بلغت رسالة(٣) ربك، ونصحت لامتك، وجاهدت في سبيل ربك وعبدته حتى أتاك اليقين، وأديت الذي عليك من الحق، اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك ونجيبك وأمينك وصفيك، وخيرتك من خلقك، أفضل ما

__________________

٤ - كامل الزيارات ص ١٧ ح ٤.

(١) الأحزاب ٣٣: ٥٦.

٥ - كامل الزيارات ص ١٧ ح ٥.

(١) في المصدر: تعرفه.

(٢) في نسخة. واقف. - ( منه قده ).

(٣) وفيه: رسالات

١٩٢

صليت على أحد من أنبيائك ورسلك، اللهم سلم على محمد وآل محمد كما سلمت على نوح في العالمين، وامنن على محمد وآل محمد كما مننت على موسى وهارون، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم صل على محمد وآل محمد، وترحم على محمد وآل محمد.

اللهم رب البيت الحرام، ورب المسجد الحرام، ورب الركن والمقام، ورب البلد الحرام، ورب الحلل والحرام، ورب المشعر الحرام بلغ روح محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله مني السلام ».

[١١٨٢٨] ٦ - وعن علي بن الحسين، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن زكريا المؤمن، عن إبراهيم بن ناجية، عن إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : علمني تسليما خفيفا على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « قل أسأل الذي انتجبك واصطفاك، واختارك وهداك وهدى بك، ان يصلي عليك صلاة كثيرة طيبة ».

[١١٨٢٩] ٧ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى ويعقوب بن يزيد وموسى بن عمر جمعيا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: قلت: كيف السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند قبرهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

فقال: « تقول: السلام على رسول الله، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا محمد بن

__________________

٦ - كامل الزيارات ص ١٩.

٧ - كامل الزيارات ص ٢٠.

١٩٣

عبد الله، السلام يا خيرة الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا أمين الله، أشهد أنك رسول الله، وأشهد أنك محمد بن عبد الله، وأشهد أنك قد نصحت لامتك، وجاهدت في سبيل الله(١) ، وعبدته حتى أتاك اليقين، فجزاك الله أفضل ما جزى نبيا عن أمته، اللهم صل على محمد وآل محمد، أفضل ما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ».

[١١٨٣٠] ٨ - بعض نسخ الرضوي: قال بعد كلام لهعليه‌السلام : ثم قف عند رأسه مستقبل القبلة وسلم وقل: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا أبا القاسم، السلام عليك يا سيد الأولين والآخرين، السلام عليك يا زين القيامة، السلام عليك يا شفيع القيامة، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد ( أنك عبده ورسوله )(١) ، بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت أمتك، وجاهدت في سبيل ربك حتى أتاك اليقين، صلى الله عليك وعلى أهل بيتك، طبت حيا وطبت ميتا، صلى الله عليك وعلى أخيك ووصيك وابن عمك أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وعلى ابنتك سيدة نساء العالمين، وعلى ولديك الحسن والحسين أفضل السلام، وأطيب التحية، وأطهر الصلاة، وعلينا منكم السلام ورحمة الله وبركاته.

وتدعو لنفسك واجتهد في الدعاء للمؤمنين ولوالديك.

__________________

(١) في نسخة: ربك ( منه قده ).

٨ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤ ح ٤.

(١) في البحار بدل ما بين القوسين: أن محمدا عبده ورسوله.

١٩٤

٧ -( باب استحباب إتيان المنبر والروضة، ومقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واستلامها، والتبرك بها والصلاة فيها)

[١١٨٣١] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن جعفر بن محمد بن إبراهيم الموسوي، عن عبد الله بن نهيك، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إذا فرغت من الدعاء عند القبر فائت المنبر وامسحه بيدك، وخذ برمانتيه، وهما السفلاوان وامسح عينيك ووجهك به فإنه يقال: إنه شفاء للعين، وقم عنده فاحمد الله واثن عليه، وسل حاجتك فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة، وأن منبري على ترعة من ترع الجنة وقوائم المنبر ربت(١) في الجنة، والترعة هي الباب الصغير، ثم تأتي مقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فصل ما بدا لك » الخبر.

[١١٨٢٣] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « ثم تصلي عند أسطوانة التوبة، وعند الحنانة، وفي الروضة، وعند المنبر(١) أكثر ما قدرت من الصلاة فيها ».

[١١٨٣٣] ٣ - البحار، عن العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم، العلة في أن بين قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين المنبر روضة من رياض الجنة، أنه من عبد الله بين القبر والمنبر، وعرف حق رسول الله وأهل بيته

__________________

الباب ٧

١ - كامل الزيارات ص ١٦.

(١) في نسخة: رتب ( منه قده ).

٢ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤ ح ٤.

(١) في البحار: المتبرك.

٣ - البحار ج ٩٩ ص ٣٨٢ ح ١٦.

١٩٥

( صلوات الله عليهم )، وتبرأ من أعدائهم، فله عند الله عز وجل روضة من رياض الجنة، ولا يكون له ذلك في غير ذلك الموضع ».

٨ -( باب استحباب إتيان مقام جبرئيل، والدعاء فيه،خصوصا الحائض للطهر)

[١١٨٣٤] ١ - الشيخ محمد بن المشهدي في المزار قال: سئل الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام عن مقام جبرئيل، فقال: « تحت الميزاب الذي إذا خرجت من الباب الذي يقال له: باب فاطمةعليها‌السلام بحيال الباب، والميزاب فوقك، والباب من وراء ظهرك، فإن قدرت أن تصلي فيه ركعتين مندوبا فافعل، فإنه لا يدعو أحد هناك إلا استجيب له ».

[١١٨٣٥] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « قالعليه‌السلام : وائت مقام جبرئيل وهو عند الميزاب(١) إذا خرجت من الباب الذي يقال له: باب فاطمةعليها‌السلام ، ( وهو عند الميزاب إذا خرجت من )(٢) الباب الذي بحيال زقاق البقيع، فصل هناك ركعتين، وقل:

يا جواد يا كريم، يا قريب غير بعيد، أسألك بأنك أنت الله ليس كمثلك شئ، أن تعصمني من المهالك، وأن تسلمني من آفات الدنيا والآخرة، ووعثاء السفر، وسوء المنقلب، وأن تردني سالما إلى وطني بعد حج مقبول، وسعي مشكور، وعمل متقبل، ولا تجعله آخر العهد مني من حرمك وحرم نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

__________________

الباب ٨

١ - المزار للمشهدي ص ٨٧.

٢ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٥.

(١) في البحار زيادة: التي.

(٢) وفيه: وهو.

١٩٦

٩ -( باب استحباب الاعتكاف والدعاء عند الأساطين فيمسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، صائما ثلاثا آخرها الجمعة، وإن لم يقم غير ثلاثة أيام، وعدم وجوب ذلك)

[١١٨٣٦] ١ - بعض نسخ الرضوي: « أروي عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام أنه قال: يستحب إذا قدم المرء مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصوم ثلاثة أيام، فإن كان له بها مقام أن يجعل صومها في الأربعاء والخميس والجمعة ».

[١١٨٣٧] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يصوم في السفر شيئا من صوم الفرض، ولا السنة، ولا التطوع، إلا الصوم الذي ذكرنا - إلى أن قال - وصوم ثلاثة أيام لطلب الحاجة عند قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو يوم الأربعاء والخميس والجمعة ».

١٠ -( باب استحباب إتيان المشاهد كلها بالمدينة، وزيارة الشهداء وخصوصا حمزة)

[١١٨٣٨] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قال: « ومن المشاهد بالمدينة التي ينبغي أن يؤتى إليها وتشاهد(١) ، ويصلى فيها، وتتعاهد، مسجد قبا، وهو المسجد الذي أسس على التقوى، ومسجد الفتح(٢) ، ومشربة أم إبراهيم، وقبر حمزة، وقبور

__________________

الباب ٩

١ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤ ح ٣.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

الباب ١٠

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٦.

(١) في المخطوط: يشاهد وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر زيادة: ومسجد الفضيخ.

١٩٧

الشهداء ».

[١١٨٣٩] ٢ - الشيخ فخر الدين بن العلامة في رسالة النية: روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « من زارني ولم يزر عمي حمزة فقد جفاني ».

[١١٨٤٠] ٣ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن حكيم بن داود، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد(١) الله بن أحمد، عن بكر بن صالح، عن عمرو بن هشام، عن رجل من أصحابنا، عنهمعليهم‌السلام قال: « فيقول(٢) عند قبر حمزة: السلام عليك يا عم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وخير الشهداء، السلام عليك يا أسد الله وأسد رسوله، أشهد أنك قد جاهدت في الله ( حق جهاده )(٣) ، ونصحت لرسول الله، وجدت بنفسك، وطلبت ما عند الله، ورغبت فيما وعد الله، ثم ادخل فصل ولا تستقبل القبر عند صلواتك، فإذا فرغت من صلاتك فانكب على القبر وقل:

اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته، اللهم إني تعرضت لرحمتك الدعاء، وهو طويل.

وعن(٤) محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار،

__________________

٢ - رسالة النية.

٣ - كامل الزيارات ص ٢٢.

(١) في المخطوط: عبيد، وما أثبتناه من المصدر ( راجع معجم رجال الحديث ج ٣ ص ٣٤٥ ترجمة بكر بن صالح ).

(٢) في المصدر: ويقول. واستظهر الشيخ ( قده ) في المخطوط: وتقول.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) كامل الزيارات ص ٢٣.

١٩٨

عن سلمة، مثله.

وعن(٥) أبيه، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس معا، عن سلمة، مثله.

[١١٨٤١] ٤ العياشي في تفسيره: عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام عن قوله:( لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ) (١) قال: « مسجد قبا، وأما قوله:( أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ) قال: يعني من مسجد النفاق، وكان على طريقه إذا أتى مسجد قبا فقام فينضح بالماء والسدر، ويرفع ثيابه عن ساقيه، ويمشي على حجر في ناحية الطريق، ويسرع المشي ويكره أن يصيب ثيابه منه شئ، فسألته: هل كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي في مسجد قبا؟ قال: نعم ».

[١١٨٤٢] ٥ - بعض نسخ الرضوي: « ثم ائت قبول السادة بالبقيع ومسجد فاطمةعليها‌السلام فصل ركعتين، وزر قبر حمزة وقبور الشهداء(١) ومسجد الفتح ومسجد السقيا(٢) ومسجد قبا، فإن فيها فضلا كثيرا، ومسجد الخلوة(٣) وبيت علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ودار جعفر بن محمدعليهما‌السلام عند باب المسجد تصلي فيها ركعتين ».

__________________

(٥) نفس المصدر ص ٢٣.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١١١ ح ١٣٦.

(١) التوبة ٩: ١٠٨.

٥ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٥.

(١) في البحار زيادة: وقبر العروسين.

(٢) وفيه زيادة: ومسجد الفضيخ.

(٣) وفيه زيادة: وسقيفة بني ساعدة.

١٩٩

[١١٨٤٣] ٦ - الشيخ محمد بن المشهدي في المزار: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « من أتى قبل فصلى ركعتين رجع بعمرة ».

[١١٨٤٤] ٧ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في سياق غزوة الأحزاب: ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه أن يحرسوا المدينة بالليل وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام على العسكر كله بالليل يحرسهم، فإن تحرك أحد من قريش ( نابذهم )(١) ، وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يحوز الخندق ويصير إلى قرب قريش حيث يراهم، فلا يزال الليل كله قائما وحده يصلي فإذا أصبح رجع إلى مركزه، ومسجد أمير المؤمنينعليه‌السلام هناك معروف يأتيه من يعرفه فيصلي فيه، وهو من مسجد الفتح إلى العقيق أكثر من غلوه نشاب.

١١ -( باب استحباب وداع قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عند الخروج والغسل له وآدابه)

[١١٨٤٥] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قال: « ينبغي لمن أراد دخول المدينة زائرا أن يغتسل.

[١١٨٤٦] ٢ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: « ينبغي للزائر أن يكون آخر عهده خارجا من المدينة قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يودعه كما

__________________

٦ - المزار للمشهدي ص ١١٢، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ٢٢٢ ح ٢٠.

٧ - تفسير القمي ج ٢ ص ١٨٦.

(١) ونابذتهم الحرب: كاشفتهم إياها وجاهرتهم بها ( مجمع البحرين ج ٣ ص ١٨٩ ).

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٧.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ( هود ـ ١٣ ).

وقال سبحانه:( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ( يونس ـ ٣٨ ).

ترى في هذه الآيات من التنبّؤ الواثق بعجز الانس والجن عن معارضة القرآن ولكن المستقبل كما يقال « غيب » لا يملكه النبي ولا الوصي ولا أي شخص سواهما غير أنّ النبي صار صادقاً في تنبّؤه هذا، ولا يزال صادقاً في الحال فعلى أي مصدر اعتمد هو في هذا التحدي الطويل العريض، غير الإيحاء إليه الذي لم يزل يصدر عنه في اخباره وتشريعه ؟

٢. التنبّؤ بانتصار الرومان على الفرس :

قال سبحانه:( الم *غُلِبَتِ الرُّومُ *فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ *فِي بِضْعِ سِنِينَ للهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ *بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ *وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) ( الروم: ١ ـ ٦ ).

وقد وقع ما أخبرت به الآية بأقل من عشر سنين، فغلب الروم ودخل جيشهم مملكة الفرس باجماع من أهل التاريخ، ودونك اجماله: انّ دولة الرومان وهي مسيحية كانت قد انهزمت أمام دولة الفرس وهي وثنية بعد حروب طاحنة بينهما سنة ٦١٤ م فاغتمّ المسلمون بسبب أنّها هزيمة لدولة متديّنة أمام دولة وثنية، وفرح المشركون وقالوا للمسلمين بشماتة: إنّ الروم يشهدون أنّهم أهل كتاب، وقد غلبهم المجوس، وأنتم تزعمون أنّكم ستغلبوننا بالكتاب الذي اُنزل عليكم فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم.

فنزلت الآية الكريمة يبشّر الله فيها المسلمين: بأنّ هزيمة الروم هذه سيعقبها انتصار للمسلمين في بضع سنين، أي في مدة تتراوح بين ثلاث سنوات وتسع، ولم يك مظنوناً وقت هذه البشارة، انّ الروم تنتصر على الفرس في مثل هذه المدة الوجيزة بل كانت المقدمات والأسباب تأبى ذلك عليها، لأنّ الحروب الطاحنة انهكتها حتى غزيت في عقر دارها، كما يدل عليه النص الكريم:( فِي أَدْنَى الأَرْضِ ) ولأنّ دولة الفرس كانت

٣٦١

قوية منيعة وزادها الظفر الأخير قوة ومنعة، ولكن الله تعالى أنجز وعده وتحققت نبوءة القرآن سنة ٦٢٢ م الموافقة للسنة الثانية من الهجرة.

واحتمل « الزرقاني » أنّ الآية الثانية حملت نبوءة اُخرى وهي البشارة بأنّ المسلمين سيفرحون بنصر عزيز في الوقت الذي ينصر فيه الروم، وقد صدق الله وعده في هذه كما صدقه في تلك، وكان ظفر المسلمين في غزوة بدر الكبرى واقعاً في الظرف الذي ظفر الرومان، وهكذا تحققت النبوءتان في وقت واحد، مع تقطع الأسباب في انتصار الروم، كما علمت، ومع تقطع الأسباب أيضاً في انتصار المسلمين على المشركين على عهد هذه البشارة، لأنّهم كانوا أيامئذ في مكة في قلة وذلة يضطهدهم المشركون ولا يرقبون فيهم وإلّا ولا ذمة ولكن على رغم هذا الاستبعاد أو هذه الاستحالة العادية، نزلت الآيات كما ترى تؤكد البشارتين وتسوقهما في موكب من التأكيدات البالغة التي تنأى بهما عن التكهنات والتخرصات(١) .

غير أنّ من المحتمل أن يكون فرح المؤمنين لأجل انتصار الرومان على الفرس تفؤلاً بذلك حيث كان التدين بالله سبحانه وشرائعه السماوية يجمعهما في أمر واحد لا لأجل انتصار المسلمين على المشركين في غزوة بدر الكبرى.

نعم الآية محتملة لكل من الوجهين وإن أصر الكاتب على استفادة المعنى الأوّل منها.

٣. اخباره عن صيانة النبي عن أذى الناس :

قال سبحانه:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) ( المائدة ـ ٦٧ ).

أصفقت صحاح السنّة(٢) ، وأحاديث الشيعة المتواترة(٣) على أنّ الآية نزلت يوم

__________________

(١) مناهل العرفان: ج ٢ ص ٢٦٦.

(٢) راجع الغدير: ج ١ ص ١٩٤ ـ ٢١٧.

(٣) راجع غاية المرام: ص ٣٣٥.

٣٦٢

الغدير، حينما أمره سبحانه أن ينصب علياًعليه‌السلام إماماً للناس، وكان النبي على حذر من الناس في تنصيب علي للخلافة، فأخبره الله سبحانه بأنّه سيعصمه من أذى الناس وشرّهم، ولا يصلون إليه بقتل ولا يتمكنون من اغتيال شخصه الشريف وتحققت نبوءة القرآن وصدّق الخبر الخبر.

ولو فرضنا صحاح القوم ولم نعتقد بما أثبته المتواتر من الروايات، وقلنا إنّ المراد من الناس هم المشركون وأعداء الإسلام، الذين أضمروا في أنفسهم عداء لقائده، فالآية متضمنة للتنبّؤ بالغيب أيضاً، إذ لم يتمكن أحد من أعداء الإسلام أن يقتله، مع كثرة عددهم ووفرة استعدادهم، وكانوا يتربصون به الدوائر، ويتحيّنون به الفرص، للايقاع به والقضاء عليه، وعلى دعوته وهو أضعف منهم استعداداً وأقل جنوداً، فمن الذي يملك هذا الوعد إذن، إلّا الله الذي يغلِب ولا يغلَب.

وقال سبحانه:( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ *إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ *الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) ( الحجر: ٩٤ ـ ٩٦ ) أخبر سبحانه عن أنّه يكفيه عن أذى المستهزئين ومؤامراتهم، وقد كفاه الله أشرف كفاية لم تكن تتعلق بها الآمال بحسب العادة، وقد بان للمشركين وعلموا ما في قوله سبحانه في آخر الآية:( فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) .

روى البزاز والطبراني عن أنس بن مالك أنّها نزلت عند مرور النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على أناس بمكة فجعلوا يغمزون في قفاه، ويقولون هذا الذي يزعم أنّه نبي ومعه جبرئيل(١) فأخبرت الآية عن ظهور دعوة النبي، وانتصاره على أعدائه، وخذلانه للمشركين الذين ناووه واستهزأوا بنبوّته واستخفّوا بأمره، وكان هذا الإخبار في زمان لم يخطر فيه على بال أحد من الناس، اندحار قريش، وانكسار شوكتهم وظهور النبي عليهم.

قال الطبرسي: أي كفيناك شر المستهزئين واستهزاءهم بأن أهلكناهم وكانوا

__________________

(١) لباب العقول: ص ١٣٣.

٣٦٣

خمسة نفر من قريش أو ستة ثم ذكر أسماءهم وكيفية هلاكهم(١) .

قال سبحانه:( وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إلّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ ) ( النساء ـ ١١٣ ) والمراد من الإضرار هو القتل فالله سبحانه حافظه وناصره.

٤. تنبّوءات حول المنافقين والمخلّفين من الأعراب :

تجد في سورة التوبة والفتح والحشر نماذج من هذا القسم، يقول سبحانه:( فَإِن رَّجَعَكَ اللهُ إِلَىٰ طَائِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الخَالِفِينَ ) ( التوبة ـ ٨٣ ).

فأخبر عن قعودهم، وعدم خروجهم مع النبي، فقوله سبحانه:( فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا ) معناه لن يكون لكم شرف صحبة الإيمان، بالخروج معي إلى الجهاد في سبيل الله، ولا إلى غيره من النسك أبداً ما بقيت:( وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا ) من الأعداء لا بالخروج والسفر إليهم، ولا بغير ذلك.

ويتلوه ما جاء فيه من التنبّؤ بما يحلف به المنافقون كقوله سبحانه:( لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) ( التوبة ـ ٤٢ ).

فأخبر عن حلفهم في المستقبل القريب، وعن كذبهم في حلفهم هذا. قال: الطبرسي وفي هذه دلالة على على صحة نبوّة نبيّنا إذ أخبر أنّهم سيحلفون قبل وقوعه فحلفوا وكان خبره على ما أخبر به(٢) .

ومثله قوله سبحانه:( سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٣ ص ٣٤٦.

(٢) مجمع البيان: ج ٣ ص ٣٣.

٣٦٤

فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) ( التوبة ـ ٩٥ ) وفي هذه السورة شيء كثير من هذا الضرب من التنبّؤ، فتدبّر في آياتها ومضامينها تجدها مملوءة من الإخبارات الغيبية، وقد نزلت في حق المنافقين المتخلفين عن غزوة تبوك.

ونظير تلكم الآيات ما ورد في سورة الفتح من التنبّؤ حول الأعراب الذين تخلّفوا عن النبي في الخروج إلى الحديبية ودونك بعض الآيات:( سَيَقُولُ لَكَ المُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) ( الفتح ـ ١١ ).

وقوله سبحانه:( سَيَقُولُ المُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ اللهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إلّا قَلِيلاً ) ( الفتح ـ ١٥ ).

وفي هاتين الآيتين إخبارات غيبية عن كثير مما تفوّه به المخلفون وعن ما يضمرون في أنفسهم، وما يصيبهم في المستقبل، يظهر ذلك لكل من أمعن النظر في مفاد الآيتين ودونك تفسيرهما :

لـمّا أراد النبي المسير إلى مكة عام « الحديبية » معتمراً وكان في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة، استنفر من حول المدينة من القبائل إلى الخروج معه، وهم « غفار » و « أسلم » و « مزينة » و « جهينة » و « أشجع » و « الدئل »، حذراً من قريش أن يتعرضوا له بحرب أو بصد وهو أحرم بالعمرة وساق معه الهدي ليعلم الناس أنّه لا يريد حرباً، فتثاقل عنه كثير من الأعراب، فتخلّفوا عنه، واعتلوا بالشغل، فأخبر سبحانه عن العذيرة التي سوف يتشبّثون بها، عند رجوع النبي وأصحابه عن الحديبية بقوله:( شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا ) كما أخبر عن أنّهم سوف يطلبون من النبي أن يستغفر لهم والحال أنّهم كاذبون في معذرتهم التي تمسّكوا بها، وفي ما يطلبون من النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله من الاستغفار لهم، وهم لا يبالون استغفر لهم النبي أم لم يستغفر.

ثمّ أخبر سبحانه عن أنّ النبي بعد منصرفه عن الحديبية بالصلح، سوف يتوجّه

٣٦٥

إلى « خيبر » ويأخذ من أهلها مغانم، وأنّ هؤلاء المتخلّفين يطلبون من النبي أن يتبعوه حتى يشاركوا المسلمين في ما يأخدون من المغانم، وأنّ النبي يجيبهم بأنّكم:( لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ اللهُ مِن قَبْلُ ) ولأجل ذلك خصَّ النبي مغانم « خيبر » لمن شهد الحديبيّة.

ويظهر من قوله سبحانه:( كَذَٰلِكُمْ قَالَ اللهُ ) أنّ الله سبحانه كان قد أخبر نبيّه عن تخلفهم في الحديبية، أيضاً كما أخبره عن تخلّفهم في غزوة خيبر.

ونظير ما سبق قوله سبحانه:( قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) ( الفتح ـ ١٦ ).

فأخبر المتخلّفين عن غزوة الحديبية بأنّهم سيدعون إلى معركة عنيفة تدور بينهم وبين قوم اُولي بأس شديد، فدعاهم النبي بعد سنتين إلى المقاتلة مع قبائل هوازن وحنين وثقيف، وكانوا أقواماً ذوي نجدة وشدة حسب ما نقرأه في السير والتاريخ، ثمّ أخبر سبحانه عن أنّهم يأخذون مغانم كثيرة بقوله:( وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا *وَعَدَكُمُ اللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ) ( الفتح: ١٩ ـ ٢٠ ).

فقد أخذوا بعد غنائم خيبر التي أشار إليها بقوله:( فَعَجَّلَ لَكُمْ هَٰذِهِ ) غنائم كثيرة في محاربة قبائل حنين وهوازن.

ثمّ إنّه أخبر عمّا أضمره المنافقون وأسرّوه من الكفر والعصيان وأنهم ليعدون وعداً ثمّ يخالفونه قال سبحانه :

( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ *لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنصَرُونَ ) ( الحشر: ١١ ـ ١٢ ).

٣٦٦

وحاصل الآيات: أنّه سبحانه يخاطب النبي ويقول: ألم تر يا محمد إلى الذين نافقوا فأبطنوا الكفر وأظهروا الإيمان يقولون لأخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب يعني يهود بني النضير لئن اخرجتم من دياركم وبلادكم لنخرجن معكم مساعدين لكم ولا نطيع في قتالكم وفي مخاصمتكم أحداً أبداً أي محمداً وأصحابه، بل وعدوهم النصر بقولهم: وإن قوتلتم لننصرنكم، ثم كذبهما الله في ذلك بقوله:( وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) فإنّه لو خرج أهل الكتاب لا يخرج المنافقون معهم، ولئن قوتلوا لا ينصرهم هؤلاء المنافقون، ولئن نصروهم ليولنّ الأدبار وينهزمون.

وقد نقل المفسّرون أنّ الآية نزلت قبل إخراج بني النضير واُخرجوا بعد ذلك فلم يخرج معهم منافق ولم ينصرونهم(١) .

وقال سبحانه في بني النضير من اليهود ومن مال إليهم من المنافقين:( لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إلّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ ) ( الحشر ـ ١٤ ).

أخبر سبحانه عن أحوال المنافقين مخاطباً للمؤمنين، بأنّهم لا يقاتلونكم إلّا في قرى محصّنة لا يبرزون لحربكم وإنّما يقاتلونكم متحصّنين بالقرى أو من وراء جدر يرمونكم من ورائها بالنبل والحجر بأسهم بينهم شديد، فعداوة بعضهم لبعض شديدة فليسوا بمتّفقي القلوب تحسبهم جميعاً متجمعين في الظاهر وقلوبهم شتى، خذلهم الله باختلاف كلمتهم ذلك بأنّهم قوم لا يعقلون.

والآية تنطبق كل الانطباق على بني النضير، فلاحظ سيرة ابن هشام ج ٢ ص ١٩١.

٥. الإخبار عن القضاء على العدو قبل المعركة :

قال سبحانه:( وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٥ ص ٢٦٣.

٣٦٧

الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ *لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ *إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ *وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إلّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إلّا مِنْ عِندِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ *إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ) ( الأنفال: ٧ ـ ١٢ ).

الآية نزلت في وقعة « بدر »، وقد وعد الله فيها المؤمنين بالنصر على عدوهم ويقطع دابرهم، والمؤمنون على ما هم عليه من قلة العدد والعدة، حتى أنّ الفارس فيهم كان المقداد أو هو والزبير بن العوام، والكافرون هم الكثيرون الشديدون في القوة، وقد وصفتهم الآية بأنّهم ذو شوكة، وأنّ المؤمنين اشفقوا من قتالهم، ولكن الله يريد أن يحق الحق بكلماته، وقد وفى للمؤمنين بوعده، فنصرهم على أعدائهم وقطع دابر الكافرين.

« قال رسول الله سيروا على بركة الله فإنّ الله عزّ وجلّ قد وعدني( إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ) ولن يخلف الله وعده، والله لكأنّي أنظر إلى مصرع أبي جهل بن هشام وعتبة ابن ربيعة وشيبة بن ربيعة وفلان وفلان، وأمر رسول الله بالرحيل وخرج إلى بدر »(١) .

فأخبر سبحانه بقوله:( وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ ) عن هزيمة المشركين وقتل أعوانهم واستئصال شأفتهم ومحق قوّتهم، فإنّ دابر القوم آخرهم الذي يأتي في دبرهم ويكون من ورائهم، ولن يصل إليه الهلاك إلّا بهلاك من قبله من الجيش، وهكذا كان الظفر ببدر فاتحة الظفر لما بعدها إلى أن قطع الله دابر المشركين بفتح مكة(٢) .

وليس تنبّؤ القرآن بالقضاء على مشركي قريش في معركة بدر منحصرة بهذه الآية بل تنبّأ بذلك في آية اُخرى وهي قوله سبحانه:( أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ *سَيُهْزَمُ

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٤ ص ٥٢٢.

(٢) المنار: ج ٩ ص ٦٠١، والناظر الدقيق المتأمّل في مفاد هذه الآيات السبع يجد فيها تنبّؤات كثيرة تحقّقت كلّها في غزوة بدر، فاقرأ سيرة النبي الأكرم ولاحظ مفاد هذه الآيات.

٣٦٨

الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ) ( القمر: ٤٤ ـ ٤٥ ) فأخبر عن انهزام جمع الكفار وتفرّقهم وقمع شوكتهم، وقد وقع هذا في يوم « بدر » أيضاً حين ضرب أبا جهل فرسه وتقدم نحو الصف الأوّل قائلاً: نحن ننتصر اليوم من محمد وأصحابه، فأباده الله وجمعه وأنار الحق ورفع مناره، وأعلى كلمته فانهزم الكافرون وظفر المسلمون عليهم حينما لم يكن يتوهّم أحد بأنّ ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلاً ليس لهم عدة يظفرون فيها بجمع كبير تام العدة وافر العدد، وكيف يستفحل أمر اُولئك النفر القليل على هذا العدد الكثير، حتى تذهب شوكته كرماد اشتدت به الريح(١) .

٦. التنبّؤ بصيانة القرآن عن التحريف :

تنبّأ القرآن بأنّه سيبقى مصوناً عن التحريف بعامة معانيه، فمع أنّ القرآن بل التاريخ يقصّان علينا تحريف الكثير من كتب الله ووحي السماء، ومع أنّ المستقبل مليء بشتيت الحوادث المرة والليالي حبالى مثقلات، جاء القرآن يخبر بوضوح بأنّ الأيدي الجائرة لا تتمكن من التلاعب به حيث قال:( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ( الحجر ـ ٩ ) والمراد من « الذكر » بقرينة قوله سبحانه:( وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ) ( الحجر ـ ٦ ) هو القرآن لا النبي كما احتمله بعضهم، وبما أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن من الذين يطلبون المجد عن طريق الأحلام المكذوبة والآمال المعسولة ويسيرون على الخيال، فلا مناص من أن تكون صادرة عن وحي سماوي، معبّرة عن رأي من يملك الأرض والسماء والماضي والمستقبل.

نعم نوقش في دلالة الآية على صيانة القرآن عن التحريف بوجوه زائفة لا قيمة لها في ميزان الانصاف(٢) .

__________________

(١) البيان: ص ٥٢ ـ ٥٣.

(٢) راجع في الوقوف على تلكم الشبهات وأجوبتها، تفسير البيان: ص ١٤٤ ـ ١٤٦.

٣٦٩

٧. الاخبار عن نجاح الإسلام والرسول :

قال سبحانه:( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إلّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ *هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَىٰ وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ ) ( التوبة: ٣٢ ـ ٣٣ ويقرب منهما ما ورد في سورة الصف ٨ ـ ٩، باختلاف يسير ) فأظهره على الدين كلّه أعزّ اظهار، اُرغمت به آناف المشركين، وقبض ولحق بالرفيق الأعلى، ولم يبق في الجزيرة العربية وثن ولا وثني، ولأعلام التفسير حول الآية كلمات تفسر الآية بغير ما ذكرناه.

قال صاحب المنار بعد ما حقّق وفصل أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يصلح لأن يكون عالمياً، ويظهر على الدين كلّه، وأنّه صح عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنّ الله زوى لي الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك اُمتي ما زوى لي منها »، قال: ومن العلماء من يقول إنّ بعض البشارات هذه لا يتم إلّا في آخر الزمان عند ظهور المهدي وما يتلوه من نزول عيسى بن مريمعليه‌السلام من السماء وإقامته لدين الإسلام(١) .

وفسّر الطبرسي « الظهور » بالغلبة بالحجة والقهر معاً، وقال أي ليظهر دين الإسلام على جميع الأديان بالحجة والغلبة والقهر لها حتى لا يبقى على وجه الأرض دين إلّا مغلوباً، ولا يغلب أحد الإسلام بالحجة وأهل الإسلام يغلبون أهل سائر الأديان بالحجة، وأمّا الظهور بالغلبة فهو أنّ كل طائفة من المسلمين قد غلبوا على ناحية من نواحي أهل الشرك ولحقهم قهر من جهتهم.

وقيل: أراد عند نزول عيسى بن مريم فانّه لا يبقى أهل دين إلّا أسلم أو أدّى الجزية، وقال أبو جعفرعليه‌السلام إنّ ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمد فلا يبقى أحد إلّا أقرّ بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال المقداد بن الأسود سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلّا أدخله الله كلمة الإسلام أمّا بعزّ عزيز وأمّا

__________________

(١) المنار: ج ١٠ ص ٤٦٠.

٣٧٠

بذل ذليل(١) .

وقال في موضع آخر: وفي هذه دلالة على صحّة نبوّة نبيّنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله لأنّه سبحانه قد أشهر دينه على جميع الأديان بالاستعلاء والقهر واعلاء الشأن كما وعده ذلك في حال الضعف وقلّة الأعوان. روى عباية: أنّه سمع أمير المؤمنين يقول:( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَىٰ وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) أظهر بعد ذلك ؟ قالوا: نعم، قال: كلا، فوالذي نفسي بيده حتى لا تبقى قرية إلّا وينادى فيها شهادة أن لا إله إلّا الله بكرة وعشياً(٢) .

نعم يمكن أن يقال: المراد من الظهور معناه الجامع العام أي الظهور والغلبة أعم من الغلبة بالبرهان والحجة والغلبة بالقدرة والسيطرة، ثم الظهور أعم من الظهور على الشرك والوثنية السائدة في الجزيرة العربية يوم نزول الآية، والظهور على الشرائع كلها، في مشارق الأرض ومغاربها، فللظهور مراتب ودرجات تحقق بعضها في عصر الرسول والبعض الآخر بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله والدرجة العليا منها إنّما تتحقق بظهور المهدي من آل محمد « عجل الله تعالى فرجه ».

على أنّ هنا آيات تنبّأت بمستقبل الإسلام ونجاحه نجاحاً باهراً مثل قوله سبحانه:( كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ ) ( الرعد ـ ١٧ ).

فتنبّأ بأنّ الإسلام سيخلد ويبقى، وأنّ الباطل والوثنية سيذهب جفاء، أخبر بذلك في الوقت الذي كان فيه المسلمون في مكة مضطهدين مستضعفين يخافون أن يتخطّفهم الناس، وقريب منه قوله سبحانه:( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ *وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ) ( إبراهيم: ٢٤ ـ ٢٥ ) فالمراد من الكلمة الطيبة، هي كلمة التوحيد وما يتفرّع عنها من أحكام وفروع، فالاعتقاد بالله سبحانه ووحدانيّته هو

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٣ ص ٢٤.

(٢) مجمع البيان: ج ٥ ص ٢٨٠.

٣٧١

الأصل الثابت والمحفوظ من كل تغير وزوال، ومن طروء أي بطلان عليه، وتتفرّع عنها أحكام ونسك وأخلاق زاكية وأعمال صالحة يحيى بها الانسان، ويعمّر بها المجتمع، وتعطي اُكلها وثمارها التي هي عبارة عن صلاح المجتمع الانساني وتكامله كل حين.

فالآية تشير إلى أنّ العقائد الحقّة وما يتفرع عنها من الأحكام، كشجرة طيبة فكما هي تضرب عروقها في الأرض وتعلوا أغصانها إلى السماء، ويتظلّل بها الناس، ويستفيد من ثمارها القريب والبعيد، فهكذا الدين الحق والكلمة الطيبة التي هي كلمة التوحيد والإسلام، سوف تستقر في قلوب الناس، وتضرب عروقها في ضمائرهم وقلوبهم، وترفع أغصانها في مظاهر حياتهم، يتظلّل بها العرب والعجم ويستفيد من آثارها الداني والقاصي، وبها يستقر السلام العام وتأمن سعادة الناس، وبها يتكامل المجتمع البشري في مراحل الحياة ومظاهرها، فتبقى دائمة على مرّ الليالي والأيام.

فهذه الآية تنبّئ عن مستقبل الإسلام ونجاحه نجاحاً باهراً في وقت لم يكن من بواسم الآمال ما يلقى ضوءً على نجاح هذا الدين، ولم يكن عند النبي من العوامل ما يجعله يثق بهذا النجاح، وليس النبي بشهادة تاريخ حياته ورجاحة عقله واتزانه ودقته، من الذين يلقون القول على عواهنه غير متريّثين بما يقولون بل كان يثبت في كلامه، ويتحرّى في مقاله حتى اشتهر بالصدق والأمانة، ومع ذلك فقد أخبر بلغة الواثق فيما يقول، عن نجاح دينه في المستقبل وأنّه سوف يضرب بجرانه خارج مكة بل خارج الجزيرة العربية إلى أقاصي الدنيا.

وأعطف على ذلك تنبّؤ القرآن بكل وعود تدل على نجاح الرسل والمؤمنين في ميادين الحياة ومعارك التنازع، كقوله سبحانه:( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ *إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنصُورُونَ *وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) ( الصافات: ١٧١ ـ ١٧٣ ) وقوله سبحانه:( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ) ( غافر ـ ٥١ ) وقوله سبحانه:( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ

٣٧٢

دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ( النور ـ ٥٥ )(١) .

فهذه الوعود المؤكدة الكريمة وإن وردت بصورة عامة، لكنّها تعم النبي الأكرم والذين آمنوا به، فقد نصر النبي وجنده وغلبهم على مخالفيهم وأعدائهم، ومكّن الذين آمنوا وعملوا الصالحات في أرضه واستخلفهم فيها، وبدل خوفهم أمناً حتى استطاعوا أن يعبدوه آمنين غير خائفين إلى يومنا هذا.

« إنّ الإسلام لقى من ضروب العنت مراراً وتكراراً في أزمان متطاولة وعهود مختلفة، ما كان بعضه كافياً في محوه وزواله ولكنّه على رغم أنف هذه الأعاصير العاتية بقي ثابتاً، يسامي الجبال، شامخاً يطاول السماء، على حين انّ سجّلات التاريخ لا تزال تحفظ بين طياتها، ما يشيب الوليد من ألوان الاضطهاد والأذى الذي أصاب الرسول وأتباعه في مكة والمدينة وقد رمتهم العرب بقوس واحدة، عندما نزلوا المدينة وكانوا لا يبيتون إلّا بالسلاح ولا يصبحون إلّا فيه، وقد وعدهم بالنصر والغلبة وهم يضطهدون، وما أعجل تحقق هذا الوعد الإلهي، رغم هذه الأحوال المنافية في العادة لما وعد، فدالت الدولة لهم واستخلفهم في أقطار الأرض وأورثهم ملك كسرى وقيصر، ومكّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وأبدلهم بعد خوفهم آمناً، يا لها نبوءة تأبى عادة أن يتحدّث بها إلّا من يملك تحقيقها ويخرق إن شاء عادات الكون ونواميسه من أجلها،( إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) ( وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) »(٢) .

كيف وهو لم يكتف بهذا بل تنبّأ في الوقت الذي لم يكن فيه من بواسم الآمال، ما يوجب اطمئنانه بنجاحه ونجاح دينه وبأنّه سيعود إلى معاده وموطنه في حين أنّ المسلمين كانوا بمكة في أذى وغلبة من أهلها، وكان هو بالجحفة أثناء هجرته إلى المدينة

__________________

(١) راجع ما أسلفاه حول الآيات المتقدمة من عمومية المعنى وأوسعيته وكونه ذا مراتب فلا ينافي تأويلها بخروج الإمام المنتظر.

(٢) مناهل العرفان: ج ٢ ص ٢٧٠ ـ ٢٧١ بتصرف.

٣٧٣

وقال سبحانه:( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) ( القصص ـ ٨٥ ) فأخبر عن رجوعه إلى معاده من غير شرط ولا استثناء وجاء المخبر مطابقاً للخبر(١) .

وانّك لتجد في سبرك الذكر الحكيم آيات اُخرى غير ما ذكرناه تبشر بنجاح الإسلام والمسلمين، وتعبّر عن غلبتهم على أعدائهم، وهذه الآيات الكثيرة الواردة في هذا القسم من المغيبات، قد تحققت كلها ولم تتخلّف منها واحدة ولو تخلّفت منها واحدة لزمرت وطبّلة على تلك السقطة أعداؤه وطفقوا يرقصون فرحاً بالخلاف الذي وجدوه في كتابه الذي به تحدّاهم فهدم كيانهم وسفه أحلامهم.

ولا بأس بذكر بعض ما يناسب المقام من الآيات التي تنبّأت بانتصار الرسول والمسلمين على أعدائهم وأنّهم سوف يدخلون مكة بل يفتحونها.

قال سبحانه:( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِن شَاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ) ( الفتح ـ ٢٧ )، روى أصحاب السير والتاريخ: « إنّ الله تعالى أرى نبيّه في المنام بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية، انّ المسلمين دخلوا المسجد الحرام، فأخبر بذلك أصحابه، وأنّهم سوف يدخلون مكة، فلمّا خرجوا من المدينة وبلغوا الحديبية، خرج منها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عدد من أصحابه حتى إذا كان بذي الحليفة بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عيناً، وجاء فأخبره بأنّ كعب بن لؤي وعامر بن لؤي، قد جمعوا لك الأحابيش طليعة، وبعد محادثات جرت بين المسلمين وقريش اصطلحوا على أن يضعوا الحرب عشر سنين وأن يرجع رسول الله ومن معه من أصحابه في عامه هذا فلا يدخل مكة إلّا من العام القابل، فيقيم بها ثلاثاً ومعه سلاح الراكب والسيوف في القرب، ولا يدخلها بغيره، فلمّا أنصرف رسول الله ومن معه من أصحابه، قال المنافقون: ما حلقنا ولا قصرنا ولا دخلنا المسجد الحرام، فأنزل الله هذه الآية وأخبر أنّه أرى رسوله الصدق في منامه، لا

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٤ ص ٢٦٩.

٣٧٤

الباطل وأنّهم يدخلونه وأقسم على ذلك وقال:( لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ ) أي العام القابل وكان بين نزول الآية والدخول مدة سنة ولعلّ التقييد بالمشيئة لعلمه سبحانه بأنّ منهم من يموت قبل السنة أو يمرض فلا يدخلها، فأدخل الاستثناء لأنّ لا يقع في الخبر خلف(١) .

ونختم هذا القسم بتنبّؤين :

١. تنبّؤ القرآن بانتصاره على أعدائه من قريش وفتحه عاصمة الوثنيين ودخول الناس في دين الإسلام فوجاً بعد فوج، قال سبحانه:( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ *وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا *فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) ( النصر: ١ ـ ٤ ) فأظفره الله على أعدائه وفتح مكة ودخل الناس في دين الإسلام زمرة بعد زمرة، ولأجل ذلك النصر العظيم أمره سبحانه بتنزيه الله عمّا لا يليق به، وليست هذه هي المرة الوحيدة التي تنبّأ فيها القرآن الكريم بفتح مكة، بل تنبّأ بفتح مكة مرة اُخرى وهو قوله سبحانه:( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ) ( الفتح ـ ١ ) فقد روي أنّ المسلمين رجعوا عن غزوة الحديبية وقد حيل بينهم وبين نسكهم فهم بين الحزن والكآبة إذ أنزل الله عزّ وجلّ:( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ) فأدرك الرسول السرور والفرح، ما شاء الله، ففتحت مكة بعد عامين من نزول السورة، ومعنى قوله:( إِنَّا فَتَحْنَا ) إنّا قضينا لك بالفتح.

وقال سبحانه:( وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ) ( الصف ـ ١٣ ) والمراد من « فتح قريب » أمّا فتح مكة أو فتح بلاد الفرس والروم(٢) .

٢. تنبّؤ القرآن بأنّه لا يضر ارتداد من ارتد ممّن آمن به فانّ الله يأتي بقوم رحماء على المؤمنين أشدّاء على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله لاعلاء كلمة الله وإعزاز دينه، حيث قال سبحانه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ

__________________

(١) سيرة ابن هشام: ج ٢، ص ٣٠٨ ـ ٣٢٢، مجمع البيان: ج ٥ ص ١٢٦.

(٢) مجمع البيان: ج ٥ ص ١٠٨ ـ ١٠٩ و ٢٨٢.

٣٧٥

يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ( المائدة ـ ٥٤ ).

وروي أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن هذه الآية، فضرب بيده على عاتق سلمان فقال: هذا وذووه ثمّ قال: لو كان الدين معلّقاً في الثريّا لتناوله رجال من أبناء فارس، ونقلت في هدف الآية أقوال اُخر(١) .

٨. التنبّؤ بأحداث جزئية :

ومن غرائب التنبّؤات الإخبار عن أحداث جزئية، تحققت بعد الإخبار كما أخبر، فأخبر بأنّ أبا لهب وامرأته يموتان على الكفر، ولا يحظيان بسعادة الإسلام الذي يكفّر عنهما آثام الشرك ويحط أوزارهما، فماتا على الكفر، كما أخبر به اخباراً حتمياً وذلك في قوله سبحانه :

( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ *مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ *سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ *وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ *فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ) ( المسد: ١ ـ ٥ )، فأخبر بأنّه يدخل ناراً عنيفة الاشتعال تلتهب عليه، وهي نار جهنم وجاء المخبر كما أخبر.

كما أخبر عن الوليد بن المغيرة ومصير أمره وعاقبة حياته، وأنّه يموت على الكفر، وأنّه سبحانه يدخله في عذاب لا راحة فيه، وذلك عندما اتهم النبي بأنّه ساحر، فأنزل الله سبحانه فيه الآيات التالية:( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُودًا *وَبَنِينَ شُهُودًا *وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا *ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ *كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا *سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا *إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ *فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ *ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ *ثُمَّ نَظَرَ *ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ *ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ *فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إلّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ *إِنْ هَٰذَا إلّا قَوْلُ الْبَشَرِ *سَأُصْلِيهِ سَقَرَ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ *لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ *لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ *عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ) ( المدثر: ١١ ـ ٣٠ ).

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٢ ص ٢٠٨.

٣٧٦

روي أنّ قريشاً اجتمعت في دار الندوة فقال الوليد لهم أنّكم ذووا أحساب وذووا أحلام، وأنّ العرب يأتوكم، فتنطلقون من عندكم على أمر مختلف، فاجمعوا أمركم على شيء واحد ما تقولون في هذا الرجل؟ قالوا: إنّه شاعر، فعبس وقال: قد سمعنا الشعر فما يشبه قوله الشعر، فقالوا: إنّه كاهن، قال: إذا تأتونه فلا تجدونه يحدّث بما تحدّث به الكهنة، قالوا: إنّه لمجنون، فقال: إذا تأتونه فلا تجدونه مجنوناً، قالوا: إنّه ساحر، قال: وما الساحر ؟ فقالوا: بشر يحبب بين المتباغضين ويبغض بين المتحابين، قال: فهو ساحر، فخرجوا فكان لا يلاقي أحد منهم النبي إلّا قال: يا ساحر يا ساحر، واشتد ذلك فأنزل إليه هذه الآيات(١) .

وهذا التنبّؤ صدر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مكّة وكان في وسع الرجل أن يقلب حاله ويصلح باله ولكنّه بقي على ما كان عليه من كفره وعدائه للنبي والإسلام.

وقد تنبأ القرآن به بصورة اُخرى وهو أنّه سنجعل له علامة على أنفه يعرف بها، حيث قال سبحانه:( وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ *هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ *مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ *عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ *أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ *إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ *سَنَسِمُهُ عَلَى الخُرْطُومِ ) ( القلم: ١٠ ـ ١٦ ) وقد حضر الرجل في معركة بدر الكبرى فخطم أنفه بالسيف، وبقي أثر هذه الضربة سمة وعلامة له كما هو أحد الوجوه في تفسير قوله:( سَنَسِمُهُ عَلَى الخُرْطُومِ ) (٢) .

ولا ينحصر تنبّؤ القرآن بعدم إيمان عمّه أو الوليد بل تنبأ في آية اُخرى عن عدم إيمان ثلة كبيرة من الكافرين فقال سبحانه:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) ( البقرة: ٦ ).

وقال سبحانه:( وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) ( يس ـ ١٠ ). وليس المراد عموم الكافرين لبطلانه بالضرورة لدخول كثير منهم في الإسلام بل

__________________

(١) مجمع البيان: ج ١ ص ٣٨٧.

(٢) الكشّاف: ج ٤ ص ٢٥٨.

٣٧٧

المراد هم الذين كانوا يظاهرون بعدوانه.

قال الطبرسي: تدل الآية على أنّه يجوز أن يخاطب الله تعالى بالعام والمراد به الخاص لأنّا نعلم أنّ في الكفّار من آمن وانتفع بالانذار(١) .

ومثله تنبّؤ القرآن بأنّ عدو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( العاص بن وائل السهمي هو الأبتر ) وأنّ الله سبحانه سيرزق نبيّه ذرية كثيرة حتى يصير نسبه أكثر من كل نسب، قال سبحانه:( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ *فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ *إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ) (٢) . قال في تفسير الفخر: إنّ هذه السورة إنّما نزلت رداً على من عابهعليه‌السلام بعدم الأولاد، فالمعنى أنّه يعطيه نسلاً يبقون على مر الزمان، فانظر كم قتل من أهل البيت ثم العالم ممتلئ منهم ولم يبق من بني اُمية في الدنيا أحد يعبأ به، ثم أنظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضا: والنفس الزكية وأمثالهم.

كل ذلك دليل على أنّه لا مصدر لهذه التنبّؤات والإخبارات الغيبية إلّا الله سبحانه علاّم الغيوب.

٩. تنبّؤ القرآن في مكّة بما سيصيب كفّار قريش :

تنبّأ القرآن بالمستقبل الأسود الذي كان ينتظر قريشاً، وذلك عندما دعا النبي على قومه لما كذبوه بقوله: اللّهمّ اجعلها عليهم سنيناً كسني يوسف، فأجدبت الأرض فأصابت قريشاً المجاعة، وكان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان، وأكلوا الميتة والعظام، ثمّ جاءوا إلى النبي وقالوا: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم، وقومك قد هلكوا فسأل الله تعالى لهم بالخصب والسعة، فكشف عنهم ثم عادوا إلى الكفر(٣) وإلى ذلك يشير قوله سبحانه :

__________________

(١) مجمع البيان: ج ١ ص ٤٣.

(٢) لاحظ مجمع البيان: ج ٥ ص ٥٤٠ ومفاتيح الغيب: ج ٨ ص ٤٩٨.

(٣) مجمع البيان: ج ٥ ص ٦٣، البرهان: ج ٤، ص ١٦٠.

٣٧٨

( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ *يَغْشَى النَّاسَ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ *رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ *أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ *ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ *إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ *يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ) ( الدخان: ١٠ ـ ١٦ ).

فقد تنبّأ في هذه الآيات السبع عن عدة مغيبات هي :

١. الإخبار عن القحط الذي يقع بهم، وشدة الجوع الذي يغشاهم، إلى حد يتصوّر الرجل السماء كالدخان، لما به من شدة الجوع، حيث قال سبحانه:( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ) .

٢. الإخبار بابتهالهم وتضرّعهم إلى الله سبحانه، عندما تلم بهم هذه الأزمة، ويحل بهم الجوع والغلاء، قال سبحانه:( رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ) .

٣. الإخبار برفع العذاب وكشفه عنهم قليلاً، قال سبحانه:( إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلاً ) .

٤. الإخبار بعودهم إلى ما كانوا عليه من الكفر والإنكار، قال سبحانه:( إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ) .

٥. الإخبار بأنّ الله سينتقم منهم يوم البطشة الكبرى، وهو يوم بدر الكبرى حيث انتقم منهم وقتل من صناديد قريش، سبعون رجلاً وأسر منهم مثله وفرّ الآخرون.

وهذه الكثرة الوافرة من الأنباء الغيبية لم تتخلّف واحدة منها، بل تحققت كما أخبر بها، ولو لم يتحقق لنقل لتوفر الدواعي على نقله وتواتره.

نعم قيل إنّ الدخان الوارد في الآية من أشراط الساعة(١) ، وهو بعد لم يأت وإنّما يأتي قبل يوم الساعة، وتكون الأرض كلّها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص، ويستمر ذلك أربعين يوماً. ولا يخفى أنّ المعنى الأوّل أظهر وأنسب لقوله سبحانه:( أَنَّىٰ لَهُمُ

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٥ ص ٦٢.

٣٧٩

الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ *ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ ) إذ لو كان الدخان الوارد في الآية من أشراط الساعة، لغشي الناس جميعاً، ولم يختص بكفار قريش وعند ذاك لا يصح لوم الجميع بقوله:( أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ *ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ ) فإنّ كثيراً من المحشورين في يوم القيامة، ليسوا من اُمّة نبيّنا « محمد » ولم يتولّوا عنه ولم يتّهموه بأنّه معلّم مجنون.

ثمّ إنّ القرآن كما تنبّأ في مكة بما يصيب كفار قريش لم يزل يتنبّأ أيضاً بعدما هبط النبي في المدينة وأخذ يتنبّأ بما سيصيب الكفار من المشركين واليهود ويخبر عن مؤامراتهم ضد الإسلام فقال :

( قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المِهَادُ ) ( آل عمران ـ ١٢ ) فالآية أمّا نازلة في حق اليهود أو في مشركي مكة، وعلى كلّ حال فالآية صادقة في حق كلتا الطائفتين(١) وسيوافيك بيانها.

ومثل الآية قوله سبحانه:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ) ( الأنفال ـ ٣٦ )، والآية تخبر عن مؤامرة المشركين وانفاق أموالهم في معصية الله، ثمّ ينكشف لهم من ذلك الانفاق ما يكون حسرة عليهم من حيث إنّهم لا ينتفعون بذلك الانفاق، لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل يكون وبالاً عليهم ثمّ يغلبون في الحرب، فقد روى أنّها نزلت في أبي سفيان بن حرب الذي استأجر يوم أُحد ألفين من الأحابيش يقاتل بهم النبي، سوى من استأجرهم من العرب.

وروي أيضاً غير ذلك(٢) .

__________________

(١) مجمع البيان: ج ١ ص ٤١٣.

(٢) مجمع البيان: ج ٢ ص ٥٤١.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543