مفاهيم القرآن الجزء ٤

مفاهيم القرآن14%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-221-8
الصفحات: 407

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 407 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 109964 / تحميل: 7727
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٤

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٢١-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

١٦ رياض العلماء ( مجلد ١ صفحة ٢٠٣ - ٢٠٧ ) " الشيخ أبو محمد الحسن بن علي بن أبي عقيل العماني الحذاء، الفقيه الجليل والمتكلم النبيل، شيخنا الأقدم المعروف بابن أبي عقيل والمنقول أقواله في كتب علمائنا، هو من أجلة أصحابنا الإمامية، مع أن أهل عمان كلهم خوارج ونواصب، لكن الظاهر أنهم سكنوا بها بعد الثمانمائة وجاؤا من بلاد المغرب وسكنوا بها.. وقال العلامة أيضا في باب من لم يرو عن الإمام: الحسن بن علي بن أبي عقيل أبو محمد العماني له كتب. انتهى، فلاحظ. قال النجاشي.. وقال الشيخ في الرجال.. وقال الشيخ في الفهرست.. وذكره ابن داود في رجاله ونقل فيه عبارة النجاشي والشيخ. وقال ابن شهرآشوب في معالم العلماء.. أقول: وإنما رجحنا كون اسم والده عليا لأن النجاشي أبصر في علم الرجال حتى من الشيخ الطوسي، مع أن ابن شهرآشوب مع عظم شأنه قد وافق النجاشي فيه. وأما قول العلامة: وهما عبارة عن شخص واحد فالظاهر أن عيسى كان جده، وكأن النسبة إليه من باب النسبة إلى الجد. ويحتمل على بعد أن يكون عيسى في كلام الشيخ تصحيف علي. فتأمل. وأما كونه كنيته في كلام النجاشي أبو محمد وفي كلام الشيخ أبو علي فالأمر سهل، لاحتمال تعدد الكنى. وقد ذكره شيخنا المعاصر في أمل الآمل في ثلاثة مواضع كما نقلناه أيضا، لكن في الأول قال: الحسن بن أبي عقيل العماني، أبو محمد، عالم فاضل متكلم فقيه عظيم الشأن ثقة، وثقه العلامة والنجاشي. وأورد بعض ما أوردناه هاهنا، ويأتي ابن علي وابن عيسى أيضا، وهو واحد ينسب إلى جده، وله كتب. إنتهى. وفي الثاني أورد كلام العلامة والنجاشي وبعض ما أوردناه ها هنا. وفي الثالث أورد كلام الشيخ في الفهرست كما نقلناه آنفا.

٢١

ثم الظاهر أن ابن أبي عقيل هذا من المعاصرين للكليني ولعلي بن بابويه القمي، والظاهر أن مراد النجاشي بقوله عن أبي القاسم جعفر بن محمد هو ابن قولويه، وهو يروي عن الكليني، ومراده من محمد بن محمد بعينه هو أبو عبد الله المذكور أعني المفيد، فلاحظ. ومراده من الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد غير ابن الغضائري لأنه الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري. ثم أقول: ويظهر من بحث ماء البئر من شرح الارشاد للشهيد عند نقل القول عنه بعدم انفعال ماء البئر بمجرد ملاقاة النجاسة، بناء على مذهبه من انفعال الماء القليل بالملاقاة أن كنيته هو أبو علي، وهو الموافق لكلام الشيخ كما مر، وما مر في النجاشي والخلاصة من كنيته " أبو محمد " كما سبق فلعل له كنيتين، إذ حمله على أن " أبو محمد " أو " أبو علي " من سهو النساخ بعيد جدا لكثرة ورودهم في كتب الرجال. واعلم أني قد وجدت في بعض مسوداتي أن كنية هذا الشيخ هو أبو يعلي، ولعله رأيته في موضع وكان تصحيف أبي علي. فلاحظ. ( وصفحة ٢٠٩ - ٢١١ ) الشيخ الأجل الأقدم أبو محمد، ويقال أبو علي الحسن بن علي بن أبي عيسى الحذاء العماني، الفقيه الجليل، المتكلم النبيل، المعروف بابن أبي عقيل العماني، كان من أكابر علماء الإمامية، والمنقول قوله في الكتب الفقهية، ويروي عنه المفيد بواسطة جعفر بن قولويه، فكان من المعاصرين للكليني. ومن منفردات فتواه القول بعدم نجاسة الماء القليل بمجرد ملاقاة النجاسة. ومن أغرب ما نقل عنه في الفتوى ما حكاه الشهيد وهو في الذكرى في بحث القراءة في الصلاة من أن من قرأ في صلوات السنن في الركعة الأولى ببعض السورة وقام في الركعة الثانية ابتدأ من حيث قرأ ولم يقرأ بالفاتحة، وهو غريب، ولعله قاسه على صلاة الآيات. فتأمل. قال الشيخ في باب الأسماء من الفهر

٢٢

العماني، كان من أعيان الفقهاء وأكابر المتكلمين، وهو أول من قال من مجتهدي الإمامية موافقا لقول مالك من العامة بطهارة الماء القليل بمجرد ملاقاته، ولم يخطر ببالي أن ببالي أنه يوافقه غيره من مجتهدي الإمامية في هذه المسألة، سوى السيد الأجل الحسيب الفضل النقيب الأمير معز الدين محمد الصدر الأصفهاني، فإنه ألف في ترويج مذهب ابن أبي عقيل رسالة مفردة، ودفع الاعتراضات التي أوردها العلامة في المختلف وغيره على أدلة ابن أبي عقيل، وردها عنه، وأقام أدلة أخرى أيضا على تقوية قول ابن أبي عقيل. وقد ألف هذا الضعيف مؤلف هذا الكتاب في أوان مطالعته كتاب المختلف ونظره في الرسالة المذكورة رسالة على حدة في رد الرسالة المذكورة. ولابن أبي عقيل مصنفات في الفقه والكلام، منها كتاب المتمسك بحبل آل الرسول وذلك الكتاب له اشتهار تام بين هذه الطائفة الإمامية، وكان إذا وردت قافلة الحاج من خراسان يطلبون تلك النسخة ويستكتبونها أو يشترونها. انتهى كلام القاضي نور الله، ثم نقل أيضا بعض ما نقلناه من كلام النجاشي. أقول ما قاله من عدم موافقة واحد آخر من مجتهدي أصحابنا لابن أبي عقيل سوى السيد الصدر المذكور في عصرنا هذا المولى محمد محسن الكاشي رضي الله عنه، وبالغ في ذلك وإليه مال الأستاذ المحقق قدس سره في شرح الدروس، وتحقيق الحق في هذه المسألة على ذمة بحث الطهارة من كتابنا الموسوم بوثيقة النجاة ". ( ومجلد ٦ صفحة ٨٧ ) " ابن أبي عقيل هو الشيخ أبو محمد أو أبو علي، الحسن بن علي بن عيسى بن أبي عقيل الحذاء العماني، الفقيه الأقدم المعروف، وسيجئ بعنوان ابن عقيل وهما واحد. ". ١٧ رجال بحر العلوم ( صفحة ٢١١ ٢٢٣ ) " الحسن بن علي بن أبي عقيل أبو محمد العماني الحذاء فقيه. متكلم، ثقة، له كتب في الفقه والكلام، منها: كتاب المتمسك بحبل آل الرسول

٢٣

صلى الله عليه وآله، كتاب مشهور في الطائفة. وقيل ما ورد الحاج من خراسان إلا طلب واشترى منه نسخا، وسمعت شيخنا أبا عبد الله رحمه الله يكثر الثناء على هذا الرجل رحمه الله: أخبرنا الحسين بن أحمد بن محمد، ومحمد بن محمد، عن أبي القاسم جعفر بن محمد قال: كتب إلي الحسن بن علي بن أبي عقيل يجيزني كتاب المتمسك، وسائر كتبه. وقرأت كتابه المسمى كتاب الكر والفر على شيخنا أبي عبد الله. وهو كتاب في الإمامة مليح الوضع: مسألة وقلبها وعكسها. وذكره النجاشي.. وذكره الشيخ في الفهرست في الأسماء.. وذكره الشيخ في الفهرست في الكنى.. وذكره ابن شهرآشوب في المعالم.. وقال الشيخ الطوسي:.. قاله العلامة في الخلاصة. وذكر الشيخ: أنه الحسن بن عيسى أبو علي، وهو الأشبه. وفي الفهرست والنجاشي: من أعيان الفقهاء، وأجلة متكلمي الإمامية، له كتب، منها: كتاب المتمسك بحبل آل الرسول، وكتاب الكر والفر في الإمامة، وغيرهما. قاله ابن داود في رجاله. وفي السرائر، في أول كتاب الزكاة " والحسن ابن أبي عقيل العماني، صاحب كتاب المتمسك بحبل آل الرسول، وجه من وجوه أصحابنا، ثقة، فقيه، متكلم. كثيرا ما كان يثني عليه شيخنا المفيد، وكتابه كتاب حسن كبير، وهو عندي، قد ذكره شيخنا أبو جعفر في الفهرست وأثنى عليه. ثم ذكره أيضا في باب الربا وعده في جلة أصحابنا المتقدمين، ورؤساء مشايخنا المصنفين الماضين، ومشيخة الفقهاء، وكبار مصنفي أصحابنا. وفي المعتبر عده فيمن اختار النقل عنه من أصحاب كتب الفتاوى. وممن اشتهر فضله وعرف تقدمه في نقد الأخبار، وجودة الاعتبار. وفي كشف الرموز ذكره في جملة من اقتصر على النقل عنهم من المشايخ الأعيان الذين

٢٤

هم قدوة الإمامية ورؤساء الشيعة. وفي الوجيزة: الحسن بن علي بن أبي عقيل، الفاضل المشهور، ثقة. قلت: حال هذا الشيخ الجليل في الثقة والعلم والفضل والكلام والفقه أظهر من أن يحتاج إلى البيان، ولأصحاب مزيد اعتناء بنقل أقواله وضبط فتاواه، خصوصا الفاضلين، ومن تأخر عنهما. وهو أول من هذب الفقه واستعمل النظر، وفتق البحث عن الأصول والفروع في ابتداء الغيبة الكبرى، وبعده الشيخ الفاضل ابن الجنيد، وهما من كبار الطبقة السابعة. وابن أبي عقيل أعلى منه طبقة، فإن ابن الجنيد من مشايخ المفيد، وهذا الشيخ من مشايخ شيخه جعفر بن محمد بن قولويه، كما علم من كلام النجاشي رحمه الله. وأبو عقيل لم أظفر له بشئ في كلام الأصحاب، لكن السمعاني في كتاب " الأنساب " ذكر أن المشهور بذلك جماعة: منهم أبو عقيل يحيى بن المتوكل الحذاء المدني، نشأ بالمدينة، ثم انتقل إلى الكوفة، وروى عنه العراقيون، منكر الحديث، مات سنة سبع وستين بعد المائة ". وهذا الرجل مشهور بين الجمهور. وقد ذكره ابن حجر وغيره، وضعفوه. والظاهر أنه للتشيع، كما هو المعروف من طريقتهم. ويشبه أن يكون هذا هو جد الحسن بن أبي عقيل، لشهادة الطبقة وموافقة الكنية والصنعة، ولا ينافيه كونه مدنيا بالأصل، لتصريحهم بانتقاله من المدينة إلى الكوفة، واحتمال انتقاله أو انتقال أولاده من الكوفة إلى عمان. وعمان بالضم كما في الايضاح. ومجمع البحرين، والتخفيف كغراب، كما في القاموس وكتاب الأنساب: بلد معروف من بلاد البحر. وفي القاموس أنها بلاد باليمن. وأما المشددة، فهو بالفتح كشداد موضع بالشام، قاله الجوهري وغيره، والشائع على ألسنة الناس العماني بالضم والتشديد وهو خطأ. والحذاء في الأصل صاحب الصنعة المعروفة، وهو الإسكافي، ويطلق كثيرا على غيره لمناسبة، كما قيل في خالد بن مهران البصري الحذاء: أنه ما حذا قط، ولا باعها ولكنه تزوج امرأة، فنزل بها في الحذائين، فنسب إليهم. وفي أبي عبد الرحمن

٢٥

بن عبيدة بن حميد الحذاء التميمي، مؤدب هارون الرشيد: أنه كان يجلس إلى الحذائين، فاشتهر بالحذاء ". هوامش رجال بحر العلوم " الحسن بن علي بن أبي عقيل العماني الحذاء من قدماء الأصحاب، ويعبر فقهاء الإمامية عنه وعن ابن الجنيد محمد بن أحمد بالقديمين، وهما من أهل المائة الرابعة. وقد اختلف أرباب المعاجم الرجالية في كنيته: فالنجاشي في رجاله كناه أبا محمد، وكذلك ابن داود في رجاله، والشيخ الطوسي في فهرسته، في باب الأسماء كناه أبا علي، وكذا في رجاله في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام، وهما من معاصريه وكذا ابن شهرآشوب في معالم العلماء، والشهيد الأول في غاية المراد، شرح الارشاد، في بحث ماء البئر كناه: أبا علي. وفي رياض العلماء أن اختلاف الكنية في كلامي الشيخ والنجاشي أمره سهل لاحتمال تعددها، واحتمل سيدنا المحسن الأمين رحمه الله في أعيان الشيعة أن يكون هو الحسن بن علي أو الحسن بن عيسى بن علي، وحصل في عبارة الشيخ سبق قلم منه أو خطأ من النساخ فأبدل ابن علي بأبي علي، كما يقع كثيرا. كما اختلف في اسم أبيه: فجعل النجاشي في رجاله أباه عليا، وجعل الشيخ في رجاله وفي فهرسته أباه عيسى، وهما من معاصريه، ويمكن أن يكون هو الحسن بن عيسى بن علي أو الحسن بن علي بن عيسى، فنسبه أحدهما إلى الأب والآخر إلى الجد، وبذلك يرتفع التنافي بين جعله ابن علي، وابن عيسى. وفي رياض العلماء: ألحق في نسبه ما قاله النجاشي من أن اسم أبيه علي لأن النجاشي أبصر في علم الرجال حتى من الشيخ الطوسي، مع أن ابن شهرآشوب مع عظم شأنه قد وافق النجاشي فيه، والظاهر أن عيسى كان جده، وكانت النسبة إليه من باب النسبة إلى الجد، ويحتمل على بعد أن يكون عيسى في كلام الشيخ تصحيف علي. ويظهر من رياض العلماء في موضع آخر احتمال أن يكون جده أبو عقيل اسمه

٢٦

عيسى، حيث قال: الحسن بن أبي عقيل عيسى الحذاء العماني. ولكن الذي يقوي في الظن بأن أبا عقيل اسمه يحيى، لما ذكره سيدنا قدس سره في الأصل. وترجم لابن أبي عقيل الحسن صاحب رياض العلماء في موضعين متقاربين، لكون كتابه المذكور كان باقيا في المسودة لم يبيضه.. وترجم له أيضا القاضي نور الله التستري في مجالس المؤمنين: ج ١ ص ٤٢٧ طبع إيران سنة ١٣٧٥ ه‍ فقال ما تعريبه: الحسن بن أبي عقيل العماني، كان من أعيان الفقهاء وأكابر المتكلمين، له مصنفات في الفقه والكلام، منها: كتاب المتمسك بحبل آل الرسول، وذلك الكتاب له اشتهار تام بين هذه الطائفة الإمامية، وكان إذا وردت قافلة الحاج من خراسان يطلبون تلك النسخة ويستكتبونها أو يشترونها. وترجم له أيضا صاحب أمل الآمل في ثلاثة مواضع: فقال.. وترجم أيضا المحقق الشيخ أسد الله التستري الكاظمي رحمه الله في مقدمة كتابه المقابيس عند ذكر ألقاب العلماء، قال: ومنها العماني الفاضل الكامل العالم العامل، العلم المعظم، الفقيه المتكلم، المتبحر المقدم، الشيخ النبيل الجليل، أبي محمد، أو أبي علي الحسن بن أبي عقيل، جعل الله له في الجنة خير مستقر وأحسن مقيل. وكان المفيد يكثر الثناء عليه. وله كتب في الفقه وغيرها، منها: كتاب المتمسك بحبل آل الرسول، وهو كتاب كبير حسن مشهور في الفقه. وللمترجم له أقوال نادرة في المسائل الفقهية. يقول صاحب رياض العلماء.. وحكى عنه الشهيد الأول في: غاية المراد شرح الارشاد، كتاب الطهارة، القول بعدم انفعال ماء البئر بمجرد الملاقاة، مع أن المعروف بين القدماء انفعاله بمجردها، وطهره بنزح المقدر، وكأن هذا مبني على ما يأتي عنه من عدم انفعال الماء القليل بمجرد الملاقاة، أو على أن ماء البئر ملحق بالنابع، فلا ينجس بالملاقاة ولو قلنا بنجاسة القليل بها كما هو رأي المتأخرين. ومن المعروف عنه أنه يقول بعدم انفعال الماء القليل بمجرد ملاقاة النجاسة، ونقله عنه متواتر. أما نسبة المترجم له " العماني " فهل هي نسبة إلى عمان بضم العين المهملة وتخفيف الميم

٢٧

بعدها ألف ونون، أم إلى عمان بفتح العين المهملة وتشديد الميم؟ فقد اختلف فيه أرباب المعاجم. يقول سيدنا الحجة المحسن الأمين رحمه الله في أعيان الشيعة: ج ٢٢ ص ٣٩١ " العماني نسبة إلى عمان بضم العين وتخفيف الميم بعدها ألف ونون، قال السمعاني هي من بلاد البحر أسفل البصرة، وفي معجم البلدان: اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند في شرقي هجر، أما عمان بالفتح والتشديد فبلد بالشام معروف، وليس هو ( أي المترجم له ) منسوبا إليه ". ثم أيد رأيه بما ذكره سيدنا قدس سره في الأصل، ثم قال: وفي رياض العلماء العماني بفتح العين المهملة وتشديد الميم وبعدها ألف لينة وفي آخرها نون نسبة إلى عمان، وهي ناحية معروفة يسكنها الخوارج في هذه الأعصار، بل قديما، وهي واقعة بين بلاد اليمن وفارس وكرمان. قال: وما أوردناه في ضبط العماني هو المشهور الدائر على ألسنة العلماء، والمزبور في كتب الفقهاء، ولكن ضبطه بعض الأفاضل بضم العين المهملة وتخفيف الميم ثم ألف ونون، وهو غريب. ثم ذكر سيدنا الأمين المحسن رحمه الله معقبا لعبارة صاحب رياض العلماء بما لفظه " بل الغريب ما ذكره، وشهرته على الألسن إن صحت فلا أصل لها، وأي عالم ضبطها في كتابه بالتشديد؟! وإن وجد فهو خطأ، وإليها ينسب أزد عمان وورد ذلك في الشعر الفصيح، ولو شدد الميم لاختل الوزن " ولعل سيدنا الأمين رحمه الله يريد بالشعر الفصيح ما قاله القتال الكلابي، من أبيات كما في معجم البلدان بمادة عمان: حلفت بحج من عمان تحللوا ببئرين بالبطحاء ملقا رحالها راجع مجمع البحرين للشيخ فخر الدين الطريحي بمادة ( عمن ) فإنه قال: عمان كغراب موضع باليمن، وأما الذي بالشام بطرف البلقاء، فهو عمان بالفتح والتشديد. قال الزبيدي في ( تاج العروس في شرح القاموس ) بمادة ( عمن ) مازجا عبارة القاموس: ".. وعمان كغراب رجل اشتق من عمن بالمكان أي أقام. وعمان: بلد باليمن

٢٨

سمي بعمان بن نفشان بن سبأ أخي عدن. وقال ابن الأثير عمان على البحر تحت البصرة. وقال غيره: عند البحرين.. وعمان كشداد بلد بالشام بالبلقاء، بخط النووي رحمه الله سمي بعمان بن لوط ". وقد جاء في معجم البلدان للحموي بمادة: عمان " عمان بضم أوله وتخفيف ثانيه، وآخره نون: اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن.. في شرقي هجر، تشتمل على بلدان كثيرة ذات نخل وزروع، إلا أن حرها يضرب به المثل، وأكثر أهلها في أيامنا خوارج أباضية، ليس بها من غير هذا المذهب إلا طارئ غريب، وهم لا يخفون ذلك، وأهل البحرين بالقرب منهم، بضدهم كلهم روافض لا يكتمونه ولا يتحاشون، وليس عندهم من يخالف هذا المذهب إلا أن يكون غريبا.. وقصبة عمان صحار.. وقال الزجاجي سميت عمان بعمان بن إبراهيم الخليل، وقال ابن الكلبي سميت بعمان بن سبأ بن يفثان بن إبراهيم الخليل الرحمن لأنه بنى مدينة عمان.. وقال أيضا: عمان بالفتح ثم التشديد، وآخره نون.. بلد في طرف الشام وكانت قصبة أرض البلقاء.. كذا ضبطه الخطابي، ثم حكى فيه تخفيف الميم أيضا، قال الأحوص بن محمد الأنصاري: أقول بعمان وهل طربي به إلى أهل سلع إن تشوقت نافع إلى آخر الأبيات ". ١٩ توضيح المقال ( صفحة ٩٧ ) " نقل كلام النجاشي والخلاصة والفهرست المتقدم ". ٢٠ روضات الجنات ( مجلد ٢ صفحة ٢٥٩ ) " نقل كلام النجاشي والشيخ، ثم قال وأقول: إن هذا الشيخ هو الذي ينسب إليه ابداع أساس النظر في الأدلة، وطريق الجمع بين مدارك الأحكام بالاجتهاد الصحيح، ولذا يعبر عنه، وعن الشيخ أبي علي بن الجنيد صاحب المختصر المشهور في كلمات فقهاء أصحابنا بالقديمين. وقد بالغ في الثناء عليه أيضا صاحب السرائر

٢٩

وغيره، وتعرضوا لبيان خلافاته الكثيرة في مصنفاتهم. ومن جملة ما خالف فيه المعظم واشتهر بتفرد القول به القول بعدم انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة، وإن صار هو في هذه الأواخر شايعا بين جماعة الأخباريين، بل ومن جملة ما يمتازون به عن طريق فقهائنا المجتهدين، وقد مر الكلام على تفصيل ذلك في ذيل ترجمة أمينهم الاسترآبادي المؤسس لأساسهم. فليراجع إن شاء الله. وقال سيدنا البحر قدس سره في فوائده الرجالية عند ذكره لهذا الرجل، قلت.. ". ٢١ إتقان المقال ( صفحة ٤٢ ) " نقل كلام الشيخ في الخلاصة والفهرست وقال: وفي الاقتصاد ذكر الشيخ ابن عيسى وهو الأشبه ". ٢٢ لباب الألقاب ( صفحة ٢٧ ) " ومنهم ابن أبي عقيل، وهو الحسن بن علي بن أبي عقيل العماني، وعن " خ " إنه الحسن بن عيسى قال في " صه " وهما عبارة عن شخص واحد يقال: له ابن أبي عقيل الحسن، فقيه، متكلم، ثقة، له كتب في الفقه والكلام منها كتاب المتمسك بحبل آل الرسول كتاب مشهور عندنا، ونحن نقلنا أقواله في كتبنا الفقهية وهو من جلة المتكلمين وفضلاء الإمامية. قال النجاشي سمعت شيخنا أبا عبد الله رحمه الله يكثر الثناء على هذا الرجل انتهى وعن الفهرست عد من كتبه كتاب الكر والفر في الإمامة ". ٢٣ تنقيح المقال ( مجلد ١ صفحة ٢٩١ ) " الحسن بن علي بن أبي عقيل أبو محمد العماني، الضبط: العماني نسبة إلى عمان بضم العين المهملة والميم المخففة والألف والنون والياء، وزانه غراب، كورة عربية على ساحل بحر اليمن في شرقي هجر، تشتمل على بلدان، يضرب بحرها المثل، وأهلها خوارج أباضية. أو إلى عمان بفتح أوله وتشديد ثانيه، بلد في طرف الشام، كان قصبة البلقاء، جاء ذكره في حديث الحوض. وحكى الخطابي فيه

٣٠

تخفيف الميم أيضا، وقيل إنها مدينة دقيانوس، بقربها الكهف والرقيم، قاله في المراصد. ثم إن ما ذكرناه في العنوان تبعنا فيه النجاشي، وعنونه الشيخ الطوسي بالحسن بن عيسى أبو علي المعروف بابن عقيل العماني، وستسمع من العلامة أنهما شخص واحد.. قال النجاشي.. وقال الشيخ رحمه الله في الفهرست.. وقال الحلي في السرائر: قال الحسن بن أبي عقيل العماني في كتابه المسمى بالمتمسك بحبل آل الرسول صلى الله عليه وآله.. وهذا الرجل وجه من وجوه أصحابنا، ثقة فقيه متكلم، كان يثني عليه الشيخ المفيد رحمه الله، وكتابه كتاب حسن كبير، وهو عندي. قد ذكره شيخنا أبو جعفر في الفهرست وأثنى عليه. انتهى. ونقل في التنقيح عنه رواية مرسلة، ثم قال ومثله لا يرسل إلا عن ثقة خصوصا إذا عمل بالرواية. انتهى. وقال في القسم الأول من الخلاصة: الحسن بن علي بن أبي عقيل أبو محمد العماني هكذا قال النجاشي، وقال الشيخ الطوسي رحمه الله.. وفي أول كتاب الزكاة من السرائر أن: الحسن بن أبي عقيل العماني صاحب كتاب المتمسك بحبل آل الرسول صلى الله عليه وآله وجه من وجوه أصحابنا، ثقة فقيه متكلم، كثيرا كان يثني عليه شيخنا المفيد رحمه الله، وكتابه كتاب حسن كبير. ثم ذكره في باب الربا، وعده من جلة أصحابنا المتقدمين ورؤساء مشايخنا المصنفين الماضين، ومشيخة الفقهاء وكبار مصنفي أصحابنا. وعده في المعتبر ممن اختار النقل عنه من أصحاب كتب الفتاوى ومن اشتهر فضله، وعرف تقدمه في نقل الأخبار، وصحة الاختيار، وجودة الاعتبار. وقال العلامة الطباطبائي رحمه الله.. ". ٢٤ تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ( صفحة ٣٠٣ ) " ومنهم: ابن أبي عقيل الحسن بن علي بن أبي عقيل أبو محمد العماني الحذاء، شيخ

٣١

الشيعة ووجهها، وفقيهها، والمتكلم المناظر البارع، أحد أركان الدين، المؤسس في الفقه، والمحقق في العلوم الشرعية، والمدقق في العلوم العقلية، له كتب كثيرة في كل الفنون الإسلامية، اشتهر بالفقه والتفريع، وصنف فيه كتاب المتمسك بحبل آل الرسول، قال النجاشي: وهو كتاب مشهور في الطائفة، ثم قال وسمعت شيخنا أبا عبد الله يكثر الثناء على هذا الرجل، وهو من أهل المائة الثالثة كان معاصرا للكليني ولعلي بن بابويه ". ٢٥ عيون الرجال ( صفحة ٢٨ و ٣١ ) " الحسين بن عقيل في رجال النجاشي: ابن علي بن أبي عقيل أبو محمد العماني، فقيه: متكلم، ثقة. جش، صه. وفي رجال النجاشي: سمعت شيخنا أبو عبد الله يعني المفيد يكثر الثناء عليه، وفي الفهرست من فضلاء المتكلمين، وزاد " صه " وفضلاء الإمامية، عنه جعفر ابن محمد بن قولويه. " الحسن بن علي بن أبي عقيل، هو العماني السابق. وفي البلغة ثقة من أعاظم علمائنا. ٢٦ الفوائد الرضوية ( مجلد ١ صفحة ٩٥ و ١٠٢ و ١٠٣ ) " الحسن بن أبي عقيل العماني أبو محمد، عالم، فاضل، متكلم، فقيه، ثقة، جليل القدر، بيايد ذكرش در حسن بن علي بن أبي عقيل. عليه، وله كتب في الفقه وغيره، منها كتاب المتمسك بحبل آل الرسول، وهو كتاب كبير حسن مشهور في الفقه، كما ذكر السروي، وفي غيره أيضا كما صرح به الشيخ مكررا، ويعبر عنه بالمتمسك والمستمسك والتمسك، وقيل ما ورد الحاج من خراسان إلا طلب واشترى منه نسخا، ومنه تنقل أقواله ولم أجده، ويعبر عنه كثيرا بابن أبي عقيل وباسمه وكنيته، انتهى. ونقل العلامة في المختلف عنه رواية مرسلة وقال: لنا ما رواه ابن أبي عقيل وهو شيخ من علمائنا تقبل مراسيله لعلمه وعدالته. وفي روضات الجنات.. ".

٣٢

" الحسن بن علي ابن أبي عقيل العماني أبو محمد ملقب بحذاء، شيخ، متكلم، فقيه، ثقة، صاحب كتاب المتمسك بحبل آل الرسول وغير آن از كتب فقهية، وكتاب الكر والفر في الإمامة وغيره. وأين شيخ از قدماء متكلمين وفضلاء امامية است وأقوال أو در كتب فقهية مشهور است. " قال المحقق الشيخ أسد الله رحمه الله في مقابس الأنوار: ومنها العماني الفاضل الكامل العالم العامل العلم المعظم الفقيه المتكلم المتبحر المقدم الشيخ النبيل الجليل أبي محمد أو أبي علي الحسن بن أبي عقيل، جعل الله له في الجنة خير مستقر وأحسن مقيل، وكان معاصرا للكليني، وأجاز بالمكاتبة لابن قولويه، وكان المفيد يكثر الثناء ٢٧ تحفة الأحباب ( صفحة ٥٨ ) " حسن بن أبي عقيل العماني الحذاء، شيخ أجل، أقدم، أفقه، از متكلمين امامية است، وأقوال أو در كتب فقهية مشهور است، وكتاب المتمسك بحبل آل الرسول، وكتاب الكر والفر في الإمامة، از تصنيفات اوست. وعمان كغراب بلاد معروفة من بلاد بحرين، وعن الاقتصاد للشيخ الطوسي أنها بلد باليمن " ٢٨ الكنى والألقاب ( مجلد ١ صفحة ١٩٠ - ١٩١ ) " ابن أبي عقيل " الحسن بن علي بن أبي عقيل أبو محمد العماني الحذاء، شيخ، فقيه، متكلم، جليل، قال صاحب السرائر في حقه: وجه من وجوه أصحابنا، ثقة، فقيه، متكلم، كان يثني عليه الشيخ المفيد. وكتابه، أي كتاب المتمسك بحبل آل الرسول، كتاب حسن كبير، وهو عندي. وقد ذكره شيخنا أبو جعفر في الفهرست وأثنى عليه، انتهى. وعن العلامة الطباطبائي: أن حال هذا الشيخ الجليل في الثقة والعلم والفضل والكلام والفقه، أظهر من أن يحتاج إلى البيان، وللأصحاب مزيد اعتناء بنقل أقواله وضبط فتاواه، خصوصا الفاضلين ومن تأخر عنهما. وهو أول من هذب الفقه، واستعمل النظر، وفتق البحث عن الأصول والفروع في ابتداء الغيبة الكبرى، وبعده الشيخ الفاضل ابن الجنيد، وهما من كبار الطبقة السابعة، وابن أبي عقيل أعلى منه طبقة فإن ابن الجنيد من مشايخ

٣٣

المفيد، وهذا الشيخ من مشايخ شيخه جعفر بن محمد بن قولويه، كما علم من كلام النجاشي، انتهى. والعماني بضم العين وتخفيف الميم نسبة إلى عمان كغراب: كورة عربية على ساحل بحر اليمن تشتمل على بلدان، يضرب بحرها المثل ". ٢٩ هدية الأحباب ( صفحة ٤٦ ) " ابن أبي عقيل " شيخ أجل، الحسن بن علي العماني ملقب بحذاء، شيخ متكلم فقيه، معاصر شيخ كليني است، له كتاب المتمسك بحبل آل الرسول في الفقه، ومما تفرد به القول بعدم انفعال الماء القليل ". ٣٠ أعيان الشيعة ( مجلد ٥ صفحة ١٥٧ ١٥٩ ) " الشيخ أبو محمد أو أبو علي الحسن بن علي أو ابن عيسى بن أبي عقيل العماني الحذاء ". نسبته " ( العماني ) نسبته إلى عمان بضم العين وتخفيف الميم بعدها ألف ونون، في أنساب السمعاني: هي من بلاد البحر أسفل البصرة، وفي معجم البلدان: اسم كورة على ساحل بحر اليمن والهند في شرقي هجر الخ. أما عمان بالفتح والتشديد، فبلد بالشام معروف وليس هو منسوبا إليه. وفي رجال بحر العلوم: الشائع على ألسنة الناس العماني، بالضم والتشديد وهو خطأ الخ. وفي رياض العلماء: العماني بضم العين المهملة، وتشديد الميم وبعدها ألف لينة، وفي آخرها نون، نسبة إلى عمان وهي ناحية معروفة يسكنها الخوارج في هذه الأعصار، بل قديما، وهي واقعة بين بلاد اليمن وفارس وكرمان. قال: وما أوردناه في ضبط العماني هو المشهور الدائر على ألسنة العلماء، والمزبور في كتب الفقهاء، ولكن ضبطه بعض الأفاضل بضم العين المهملة وتخفيف الميم، ثم ألف ونون وهو غريب الخ. بل الغريب ما ذكره. وشهرته على الألسن إن صحت فلا أصل لها، وأي عالم ضبطها في كتابه بالتشديد؟! وإن وجد فهو خطأ، وإليها ينسب أزد عمان، وورد ذلك في الشعر

٣٤

الفصيح ولو شددت الميم لاختل الوزن. والحذاء، في أنساب السمعاني: هذه النسبة إلى حذو النعل وعملها الخ. والله أعلم لماذا نسب إلى ذلك ابن أبي عقيل، والسمعاني في الأنساب قال في رجل: ما حذا قط ولا باعها، ولكنه نزل في الحذائين فنسب إليهم، وفي آخر: إنه كان يجلس إلى الحذائين فاشتهر بالحذاء، وكان مؤدب هارون الرشيد ". كنيته " كناه النجاشي أبا محمد، وكناه الشيخ أبا علي كما ستعرف، وهما من معاصريه، والشهيد في شرح الارشاد في بحث ماء البئر كناه أبا علي، وفي رجال ابن داود الحسن بن علي بن أبي عقيل، وذكر الشيخ أنه الحسن بن عيسى أبو علي وهو الأشبه الخ. وفي الرياض: إن اختلاف الكنية في كلامي الشيخ والنجاشي أمره سهل لاحتمال تعددها الخ. ويحتمل أن يكون هو الحسن بن علي أو الحسن بن عيسى بن علي، وحصل في عبارة الشيخ سبق قلم منه أو خطأ من النساخ، فأبدل ابن علي بأبي علي، كما يقع كثيرا. وفي الرياض: حمله على أن أبا محمد أو أبا علي من سهو النساخ بعيد جدا لكثرة ورودهما في كتب الرجال الخ. ويرفع البعد أن أصله رجل واحد وتبعه الباقون ". نسبه " جعل النجاشي أباه عليا، وجعله الشيخ عيسى كما ستعرف وهما من معاصريه، ويمكن أن يكون أحدهما نسبة إلى الأب والآخر إلى الجد، والنسبة إلى الجد شائعة، ويكون هو الحسن بن عيسى بن علي أو الحسن بن علي بن عيسى، فنسبه أحدهما إلى الأب والآخر إلى الجد، وبذلك يرتفع التنافي بين جعله ابن علي وابن عيسى. وقال ابن داود: الحسن بن علي أبو محمد، وذكر الشيخ أنه الحسن بن عيسى أبو علي وهو الأشبه.

٣٥

وفي رياض العلماء: الحق في نسبه ما قاله النجاشي من أن اسم أبيه علي، لأن النجاشي أبصر في علم الرجال حتى من الشيخ الطوسي، مع أن ابن شهرآشوب مع عظم شأنه قد وافق النجاشي فيه، والظاهر أن عيسى كان جده، وكانت النسبة إليه من باب النسبة إلى الجد، ويحتمل على بعد أن يكون عيسى في كلام الشيخ تصحيف علي الخ. ويظهر من الرياض في موضع آخر احتمال أن يكون جده أبو عقيل اسمه عيسى، حيث قال الحسن بن أبي عقيل عيسى الحذاء العماني الخ. ولكن ستعرف قوة الظن بأن أبا عقيل اسمه يحيى. جده أبو عقيل " في رجال بحر العلوم: أبو عقيل لم أظفر له بشئ في كلام الأصحاب، لكن السمعاني في كتاب الأنساب ذكر أن المشهور بذلك جماعة، منهم أبو عقيل يحيى بن المتوكل الحذاء المدني، نشأ بالمدينة ثم انتقل إلى الكوفة وروى عنه العراقيون، منكور الحديث، مات سنة ١٦٧ وهذا الرجل مشهور بين الجمهور، وقد ذكره ابن حجر وغيره وضعفوه، والظاهر أنه للتشيع كما هو المعروف من طريقتهم. ويشبه أن يكون هذا هو جد الحسن بن عقيل بشهادة الطبقة وموافقة الكنية والصنعة، ولا ينافيه كونه مدنيا بالأصل لتصريحهم بانتقاله من المدينة إلى الكوفة، واحتمال انتقاله أو انتقال أولاده من الكوفة إلى عمان الخ ". عصره " هو من قدماء الأصحاب، ويعبر فقهاؤنا عنه وعن ابن الجنيد محمد بن أحمد " القديمين " وهما من أهل المائة الرابعة. وفي رجال بحر العلوم هما من كبار الطبقة السابعة، وابن أبي عقيل أعلى منه طبقة، فإن ابن الجنيد من مشايخ المفيد وهذا الشيخ من مشايخ شيخه جعفر بن محمد قولويه كما علم من كلام النجاشي الخ. وابن قولويه توفي سنة ٣٦٨ والمفيد توفي سنة ٤١٣ ولكن ذكروا في أحوال ابن الجنيد أن له جوابات مسائل معز الدولة أحمد بن بويه توفي سنة ٣٥٦ فلا يبعد أن يكونا متعاصرين.

٣٦

وفي رياض العلماء: الظاهر أن بن أبي عقيل من المعاصرين للكليني ولعلي بن بابويه القمي، إذ الظاهر أن مراد النجاشي بقوله ( في سنده إلى المترجم ) عن أبي القاسم جعفر بن محمد هو ابن قولويه وهو يروي عن الكليني، ومراده من محمد بن محمد هو المفيد الخ. وقال في موضع آخر: إن المترجم يروي عنه المفيد بواسطة جعفر بن قولويه فكان من المعاصرين للكليني الخ. وفي مقدمات المقابيس: كان معاصرا للكليني وأجاز كتبه بالمكاتبة لابن قولويه الخ ". أقوال العلماء فيه قال النجاشي.. وذكره في الفهرست في باب الكنى فقال.. وذكره الشيخ في من لم يرو عنهم عليهم السلام فقال وحسن بن أبي عقيل العماني، له كتب، انتهى. وقال ابن شهرآشوب في المعالم.. وقال ابن داود في رجاله.. وقال ابن إدريس في أول كتاب الزكاة من السرائر.. ثم ذكره ابن إدريس أيضا في باب الربا من السرائر وعده في جلة أصحابنا المتقدمين ورؤساء مشايخنا المصنفين الماضين والمشيخة الفقهاء، وكبار مصنفي أصحابنا. وفي المعتبر عده فيمن اختار النقل عنه من أصحاب كتب الفتاوى، وممن اشتهر فضله وعرف تقدمه في نقد الأخبار وصحة الاختيار وجودة الاعتبار. وفي كشف الرموز ذكره في جملة من اقتصر على النقل عنهم من المشايخ الأعيان، الذين هم قدوة الإمامية ورؤساء الشيعة. وفي الوجيزة: الحسن بن أبي عقيل الفاضل المشهور ثقة. وفي رجال بحر العلوم.. وذكره صاحب رياض العلماء في موضعين متقاربين من كتابه كما وقع منه في كثير من

٣٧

التراجم لكون كتابه كان باقيا في المسودة لم يبيضه فقال في أولهما.. وقال في ثانيهما.. وفي مجالس المؤمنين.. وذكره في أمل الآمل في ثلاثة مواضع فقال في الأول.. وفي الثاني.. الخلاصة السابقة، ثم ذكر كلام النجاشي وابن داود وفي الثالث.. وعن بعض تلامذة الشيخ علي الكركي في رسالته المعمولة في ذكر أسامي المشايخ أنه قال: ومنهم الحسن بن أبي عقيل صاحب التصانيف الحسنة، منها كتاب المتمسك وهو من القدماء، الخ. وقال المحقق الشيخ أسد الله التستري الكاظمي في مقدمة كتابه المقابيس عند ذكر ألقا العلماء.. ويعبر عنه بالمتمسك والمستمسك، ومنه تنقل أقواله ولم أجده، الخ. ". أقواله النادرة في المسائل الفقهية " في رياض العلماء: من أغرب ما نقل عنه في الفتاوى ما حكاه الشهيد في الذكرى في بحث القراءة في الصلاة من أن من قرأ في صلاة السنن في الركعة الأولى ببعض السورة وقام في الركعة الأخرى ابتدأ من حيث قرأ ولم يقرأ بالفاتحة. وهو غريب، ولعله قاسه على صلاة الآيات الخ. وحكى عنه الشهيد في شرح الارشاد القول بعدم انفعال ماء البئر بمجرد الملاقاة، مع أن المعروف بين القدماء انفعاله بمجردها وطهره بنزح المقدر، وكأن هذا مبني على ما يأتي عنه من عدم انفعال الماء القليل بمجرد الملاقاة، أو على أن ماء البئر ملحق بالنابع فلا ينجس بالملاقاة، ولو قلنا بنجاسة القليل بها، كما هو رأي المتأخرين. ومن المعروف عنه أنه يقول بعدم انفعال الماء القليل بمجرد ملاقاة النجاسة. ونقله عنه متواتر. وفي مجالس المؤمنين للقاضي نور الله ما تعريبه.. وفي الرياض: قد وافقه بعد عصر القاضي المذكور في عصرنا هذا المولى محمد محسن

٣٨

الكاشاني وبالغ في ذلك، وإليه مال الأستاذ المحقق في شرح الدروس، وتحقيق الحق في هذه المسألة على ذمة بحث الطهارة من كتابنا الموسوم بوثيقة النجاة الخ. ". ٣٢ الذريعة مجلد ١٩ صفحة ٦٩ "

" ٣٧٤: كتاب المتمسك بحبل آل الرسول صلى الله عليه وآله، للشيخ الأقدم أبو محمد الحسن بن علي بن أبي عقيل العماني الحذاء، الفقيه المتكلم المعاصر للكليني وعلي بن بابويه، قال النجاشي وهو كتاب مشهور في الطائفة، قيل ما ورد الحاج من خراسان إلا طلب واشترى منه نسخا، سمعت شيخنا أبا عبد الله رحمه الله يكثر الثناء على هذا الرجل، انتهى. والشيخ أبو عبد الله هو المفيد ويظهر من الثناء عليه أنه أدركه، أو أنه أخبر ه بحاله شيخه جعفر بن قولويه الذي طلب الإجازة من ابن أبي عقيل، كما في النجاشي ". ٣٣ طبقات أعلام الشيعة القرن الرابع صفحة ٩٦٩٥ " الحسن بن عيسى الشيخ أبو علي المعروف بابن أبي عقيل العماني. ترجم له الطوسي في الفهرست هكذا، لكنه مر عن النجاشي: أبو محمد الحسن بن علي بن أبي عقيل وهما واحد جزما ". " الحسن بن علي بن أبي عقيل أبو محمد العماني الحذاء، المشهور بابن أبي عقيل، وفي الكتب الفقهية يعبر عنه وعن ابن الجنيد محمد بن أحمد الرازي الذي توفي ٣٨١ بالقديمين، والمترجم أقدم القديمين فإنه لم يرو عنه الصدوق ولا المفيد، وترجم له النجاشي فقال: فقيه متكلم ثقة، وروى بإسناده عن ابن قولويه المتوفى ٣٦٩ أنه قال: كتب إلي الحسن بن علي بن أبي عقيل يجيز لي كتاب المتمسك بحبل آل الرسول وسائر كتبه. أقول: ابن قولويه المجاز له كان المعمرين، أدرك سعد بن عبد الله المتوفى حدود ٣٠٠ قابلا للسماع منه، وسمع منه أربعة أحاديث. والظاهر أن إجازة المترجم له أيضا كانت في تلك الحدود تقريبا. والمترجم كان يذهب إلى القول بعدم انفعال الماء القليل، وتبعه على ذلك من المتأخرين المير معز الدين محمد الصدر

٣٩

الأصفهاني، والمحدث الكاشاني، ومال إليه شارح الدروس، وانتصر له الشيخ سليمان الماحوزي، والشيخ مهدي الفتوني، ويظهر من صاحب الرياض أنه ألف رسالة في نصرة هذا القول. وترجم له الطوسي في الفهرست والرجال بعنوان: الحسن بن عيسى أبو علي المعروف بابن أبي عقيل العماني وذكر تصانيفه. وأما جده أبو عقيل واسمه يحيى بن المتوكل فقد ترجم له الخزرجي في خلاصة تهذيب الكمال صفحة ٣٦٧ فقال: يحيى بن المتوكل مولى آل عمر أبو عقيل المدني صاحب بهية وروى عنها، ويروي عنه وكيع الذي توفي ١٩٦. قال ابن قانع إنه مات أبو عقيل في ١٩٩. أقول: يظهر من رواية وكيع المعلوم تاريخ موته عن أبي عقيل أن في قول ابن قانع غلطا ويؤيده ما ذكره من هو متقدم على التهذيب وخلاصته بكثير، وهو السمعاني في الأنساب حيث قال: أبو عقيل يحيى بن المتوكل المدني أصلا، هاجر من المدينة إلى الكوفة، وروى عنه أصحاب الحديث. إلى أن قال توفي ١٥٣، ويؤيد صحة هذا التاريخ صحبة أبي عقيل بهية وروايته عنها، فإنها على ما في خلاصة التهذيب صفحة ٤٢١ تروي عن مولاة أبي بكر عن عائشة بنت أبي بكر المتوفاة ٥٧. ". ٣٦ الجامع في الرجال صفحة ٥١٨ " ( الحسن ) بن علي بن أبي عقيل العماني أبو محمد الحذاء، مر ذكره بعنوان الحسن بن أبي عقيل، ويأتي الحسن بن عيسى ". ٣٧ الشيخ الطوسي صفحة ٨٠٧٩ " ( ٦ ) ابن أبي عقيل: الحسن بن علي بن أبي عقيل، يكنى بأبي محمد، العماني، الحذاء، فقيه، متكلم، ثقة. له كتب في الفقه والكلام. من كبار علماء الإمامية ومتكلميهم، ورود اسمه في بعض المصادر: الحسن بن علي بن عيسى، المكنى بأبي علي. من أشهر كتبه كتاب المتمسك بحبل آل الرسول. أنظر الطوسي: الفهرست

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

النبي والرسول

في القرآن الكريم

٣٤١

في هذا الفصل :

١. الرسول من أُوحي إليه وأُمر بالتبليغ والنبي من أُوحي إليه سواء أُمر بالتبليغ أو لم يؤمر. ونقد هذا الفرق.

٢. الرسول هو الذي أُنزل معه كتاب، والنبي هو الذي ينبئ عن الله وإن لم يكن معه كتاب. ونقد هذا الفرق.

٣. الرسول من جاء بشرع جديد، والنبي أعم منه ومن جاء لتقرير شرع سابق. ونقد هذا الفرق.

٤. الرسول من يعاين الملك ويكلّمه مشافهة أو يلقى في روعه، والنبي من يتلقّى الوحي بغير هذا الطريق. ونقد هذا الفرق.

٥. النبي من يوحى إليه في المنام، والرسول من يشاهد الملك ويكلمه رسول ربه. ونقد هذا الفرق.

٦. النبي والرسول مبعوثان إلى الناس والرسول هو المرسل برسالة خاصة زائدة على أصل نبأ النبوة. ونقد هذا الفرق.

٧. الفرق المختار في المقام وبيان أدلّته.

٨. ما يترتب على هذا الفرق من النتائج.

٩. منصب النبوة أسمى من مقام الرسالة.

١٠. بحث وتنقيب حول الروايات المروية في هذا المجال والقضاء بينها.

١١. المحدَّث في السنّة.

٣٤٢

ما هو الفرق بين الرسول والنبي ؟

لقد وصف الله تعالى في كتابه الكريم أُناساً بالرسالة والنبوة والإمامة، ومدح الذين صدقوهم واقتفوا آثارهم، وذم العصابة الذين كانوا يكذبونهم ويخالفونهم، وأوعدهم بالعذاب الشديد، فيجب ـ والحالة هذه ـ أن نتعرف عليهم بصفاتهم التي يتميزون بها عن غيرهم، وقد اضطربت كلمات المفسّرين وأصحاب المعاجم في تحديد تلكم المفاهيم القرآنية، وجاءوا، بفروق لا يوافق الكثير منها الذكر الحكيم إذ لم يستعينوا في استيضاح المراد بالرجوع إلى نفس القرآن، ونحن نذكر تلكم الفروق ثم نردفها بما أوصلنا إليه التدبر في الآيات، وما ننقله عنهم مذكور في كتب القوم تفسيراً ولغة.

لقد أصفق القوم إلّا من شذ(١) على نفي الترادف بين النبي والرسول، استناداً إلى ظهور كثير من الآيات، وإليك منها ما يدل على مغايرتهما :

١.( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ ) (٢) .

٢.( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) (٣) .

__________________

(١) فروق اللغة، للجزائري: ١٠٧.

(٢) الأعراف: ١٥٧.

(٣) الحج: ٥٢.

٣٤٣

٣( وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مُوسَىٰ إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً ) (١) .

٤.( وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً ) (٢) .

وهكذا ترى أنّه سبحانه يذكر النبي بعد الرسول، وهو آية اختلافهما في المفاد وتوهم انّه من قبيل عطف المرادف على مثله خلاف الظاهر، لا سيّما في قوله سبحانه:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ) الآية.

ودونك الفروق المذكورة في كتب القوم(٣) .

الفرق الأوّل

الرسول أخص من النبي، فهو من أُوحي إليه وأُمر بالتبليغ، والنبي من أُوحي إليه، سواء أُمر بتبليغه أو لم يؤمر، وهذا هو المشهور بينهم، نقله واختاره لفيف من المفسّرين(٤) .

ولعل القائلين به، استندوا إلى الوجه التالي :

« النبي » صفة مشبهة على زنة اللازم ـ بمعنى ذي النبأ والمطلع عليه ـ وكون الإنسان صاحب نبأ وخبر، لا يلازم كونه مأموراً بإبلاغه وإعلانه، فيصير عند ذلك أعم من أن يكون مأموراً بتبليغه.

__________________

(١) مريم: ٥١.

(٢) مريم: ٥٤.

(٣) هذه الفروق كلها تشير إلى أمر واحد، وهو جعل الرسول أخصّ من النبي بوجوه مختلفة، غير انّه طبعاً للوضوح بحثنا عن كل واحد مستقلاً.

(٤) التبيان: ٧ / ٣٣١، مجمع البيان: ٧ / ٩١، تفسير الجلالين في تفسير الآية ٥٢ من سورة الحج، تفسير المنار: ٩ / ٢٢٥، وغيرها.

٣٤٤

نعم لو قلنا بأنّ « فعيل » بمعنى « فاعل » والنبي بمعنى المنبئ عن الغيب والمبلغ للخبر الخطير، فربما يكون مشعراً بكونه مأموراً بإعلانه ولكن الأشعار غير الدلالة، إذ لا ملازمة بين الإنباء عن الغيب وبين كونه مبعوثاً إلى هداية الناس وإنّهم ملزمون بإطاعته والانقياد إليه فيما يأمر وينهى.

أمّا « الرسول » فهو عبارة عن من تحمل رسالة من إبلاغ كلام أو تنفيذ عمل من جانب مرسله.

قال الراغب: « الرسول » يقال تارة للقول المتحمل، كقول الشاعر: « ألا أبلغ أبا حفص رسولا » وتارة لمتحمل القول والرسالة(١) وعند ذاك فاللفظ بما له من المعنى، يدل على أنّ الرسول من بعث إلى الغير لتنفيذ رسالة كلف بحملها من قبل مرسله.

هذا غاية ما يمكن أن يوجه به هذا القول ولكن يمكن مناقشته بوجوه :

١. ان أراد أنّ النبي لغة كذلك وانّه لا يلازم كونه مأموراً بالتبليغ فله وجه وإن أراد أنّ المراد من « النبي » أو « النبيين » في القرآن أعم فهو غير ظاهر لأنّه سبحانه وصف النبيين عامة بكونهم مبشرين ومنذرين وقال:( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكِتَابَ ) (٢) .

وظاهر الآية يعطي أنّ كل نبي كان مبشراً ومنذراً، فهل التبليغ إلّا التبشير والإنذار، سواء كان التبشير بشريعته أو بشريعة من سبقه من الأنبياء.

نعم انّ في الآية احتمالاً آخر تسقط معه المناقشة، وهو انّ المراد من النبيين فيها القسم الخاص منهم لا جميعهم، بقرينة قوله سبحانه:( وَأَنزَلَ مَعَهُمُ

__________________

(١) المفردات: ١٩٥.

(٢) البقرة: ٢١٣.

٣٤٥

الكِتَابَ ) إذ من المعلوم انّه لم يكن لكل نبي كتاب، فالكتب السماوية محدودة معدودة، لا تتجاوز مائة وأربعة كتب(١) وعلى هذا فالآية تدل على أنّ كل نبي أُنزل عليه كتاب، يكون مبعوثاً ومأموراً بالتبشير والإنذار لا أنّ كل من كان نبياً وإن لم يكن معه كتاب كان مأموراً بالتبليغ والتبشير والإنذار.

فإن قلت: لو كان المراد من النبيين خصوص من أُنزل معه الكتاب يلزم استعمال العام وإرادة الأفراد النادرة، لأنّ المعروف انّ عدد الأنبياء ١٢٤٠٠٠ نبي، والذين أُنزل معهم الكتاب عن ١٠٤ أنبياء، وعندئذ تكون نسبة من أُنزل معه الكتاب إلى مجموع النبيين نسبة الواحد على ١١٩٢، ومن المعلوم انّ استعمال العام وإرادة الأفراد النادرة مستهجن.

قلت: إنّ الاستهجان إنّما يلزم إذا كان المخصص منفصلاً وأمّا إذا كان متصلاً فلا، فلو قلنا أكرم العلماء العدول وكان نسبة العادل منهم إلى الفاسق نسبة الواحد إلى المائة لما أضر ذلك بالاستعمال ولما عد مستهجناً، والمقام من هذا الباب.

٢. انّ القرآن ينص على أنّ حياة الأنبياء لم تكن خالية من عدوٍ من الإنس والجن، قال سبحانه:( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُوراً ) (٢) ، وقال تعالى:( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ المُجْرِمِينَ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً ) (٣) .

وعلى هذا فكل نبي جاء ذكره في القرآن كان مأموراً بمكافحة الفساد وتطهير المجتمع البشري من كل عمل إجرامي، فلو لم يكن كل نبي مأموراً

__________________

(١) سيوافيك ما يدل على ذلك.

(٢) الأنعام: ١١٢.

(٣) الفرقان: ٣١.

٣٤٦

بالإرشاد والهداية، ومكافحة الشر والفساد، لم يكن للحكم بثبوت عدو لكل نبي على نحو الاستغراق الكلي وجه.

وتوهم أنّ للعداوة عللاً وأسباباً غير الدعوة إلى الحق، إذ أنّ كثيراً من الناس يبغضون من ليس على شاكلتهم وإن لم يكن بينه وبينهم أيّة صلة، والعصابة الضالة الجاهلية أعداء للصلحاء من الناس، ولو فرض الصالح حيادياً تجاه فكرتهم العادية وعقيدتهم، غير متعرض لشيء من أعمالهم وأفعالهم بذم أو تنديد.

مدفوع بأنّ الناس كانوا يبغضون الأنبياء من جهة رسالاتهم ومناهجهم لا من جهة أنّهم ليسوا على شاكلتهم، والمناظرات التي دارت بينهم أوضح شاهد على ذلك.

٣. لو كان الرسول أخص من النبي، لكان أشرف وأمثل منه، وذلك يناسب تقديم لفظ النبي على الرسول عند اجتماعهما في كلام واحد، لأنّ ذكر الخاص بعد العام أوقع وأنسب، والتدرج من الداني إلى العالي أو منه إلى الأعلى، أحسن وأبلغ، مع أنّ الوارد في القرآن هو العكس، قال تعالى:( وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مُوسَىٰ إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً ) (١) ، وقال سبحانه:( إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً ) (٢) .

وأمّا قوله سبحانه:( وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٣) فالتدرج فيه من العالي إلى الداني لأجل رعاية فواصل الآيات حيث يقول سبحانه قبله:( إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُؤْمِنِينَ *وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ ) .

ومما يثير العجب، تفسير النبي في الآيتين بمعنى الرفيع شأناً والأعلى منزلة ،

__________________

(١) مريم: ٥١.

(٢) مريم: ٥٤.

(٣) الصافات: ١١٢.

٣٤٧

إذ فيه انّه مشتق من النبأ، لا من النبوة، وعلى فرض صحته فالحمل عليه ضعيف جداً، لكونه منقولاً إلى المعنى المصطلح ولم يستعمل هذا اللفظ وما اشتق منه، وهي النبوة، في القرآن ولا في الأحاديث الشريفة، إلّا في ما استعملت فيه تلك اللفظة في قوله تعالى:( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الكِتَابَ وَالحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِن دُونِ اللهِ ) (١) .

مضافاً إلى أنّ هذا لا يصح في قوله سبحانه:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) (٢) ، إذ لا يصح تفسير النبي فيه إلّا بالمعنى المصطلح، ثم إنّ صاحب المنار(٣) لما اختار هذا الفرق وجه تقديم الرسول على النبي في قوله سبحانه:( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ ) بكونه أهم وأشرف ولكن لو صح ما ذكره فرضاً في قوله سبحانه:( كَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً ) (٤) ، أي رسولاً عظيم الشأن لا يصح في قوله:( وَلا نَبِيٍّ ) .

٤. انّ ما ذكر من الوجه لا يصح في قوله سبحانه:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) فإذا كان الرسول هو النبي المبعوث إلى الناس يكون المقصود من عديله أعني النبي، غير المبعوث منهم فقط، فإنّ المبعوث منهم إلى الناس داخل في الرسول، وإذا كان المقصود من « النبي » في الآية غير المبعوث إلى الناس لا يستقيم معنى الآية، وينافيه قوله سبحانه:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ ) لظهوره في أنّ الصنفين مرسلان من الله.

__________________

(١) آل عمران: ٧٩.

(٢) الحج: ٥٢.

(٣) المنار: ٩ / ٢٢٥.

(٤) قال العلّامة الطباطبائي في ميزانه: والآيتان في مقام المدح والتعظيم ولا يناسب هذا المقام، التدرج من الخاص إلى العام ( الميزان: ٢ / ١٤٥ ).

٣٤٨

الفرق الثاني

الرسول هو الذي أنزل معه كتاب، والنبي أعم، فهو الذي ينبئ عن الله وإن لم يكن معه كتاب، قال الزمخشري: قوله سبحانه:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ) دليل بين على تغاير الرسول والنبي، وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انّه سئل عن الأنبياء فقال: « مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، قيل: فكم الرسول منهم ؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر جماً غفيراً »(١) .

والفرق بينهما انّ الرسول من الأنبياء من جمع إلى المعجزة، الكتاب المنزل عليه والنبي غير الرسول من لم ينزل عليه كتاب وانّما أُمر أن يدعو الناس إلى شريعة من قبله(٢) .

وقال في تفسير قوله سبحانه:( وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مُوسَىٰ ) (٣) الرسول الذي معه الكتاب من الأنبياء، والنبي من ينبئ عن الله عز وجل وان لم يكن معه كتاب كيوشع(٤) .

وهذا الوجه لا دليل عليه سوى ما عرفته من تفسير الرسول بكونه ذا رسالة، واستلزامها كون المبعوث ذا كتاب، فينتج كون الرسول من أُنزل معه الكتاب، وهو ضعيف جداً، فإنّ تخصيص الرسالة بالكتاب، مع إمكان تحملها بغيره لا وجه له.

والاستدلال عليه بقوله سبحانه:( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ

__________________

(١) رواه الصدوق أيضاً في معاني الأخبار: ٩٥، والخصال: ٢ / ١٠٤.

(٢) الكشاف: ٢ / ١٦٥، و ٣٥٢، تفسير النيسابوري: ٢ / ٥١٣، ونقله الرازي في: ٢٣ / ٤٩، والبيضاوي: ٤ / ٥٧، والمجلسي في بحاره: ١١ / ٣٢.

(٣) مريم: ٥١.

(٤) الكشاف: ٢ / ٢٨٢.

٣٤٩

الكِتَابَ وَالمِيزَانَ ) (١) بتصور أنّ ظاهر الآية هو إنّ كل رسول بعث من قبل الله سبحانه، قد أُنزل معه كتاب، غير تام.

أما أوّلاً: فلأنّ الآية لا تدل على أنّ لكل نبي كتاباً على وجه العموم الاستغراقي، وإنّما تنظر الآية إلى سلسلة الأنبياء بنظرة واحدة، ويكفي في صدق قوله سبحانه:( وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ ) نزول الكتاب على طائفة خاصة منهم لا على كل واحد منهم، وذلك نظير قوله سبحانه في حق بني إسرائيل:( وَجَعَلَكُم مُلُوكاً وَآتَاكُم مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ العَالَمِينَ ) (٢) مع أنّه سبحانه جعل البعض النادر منهم ملكاً، لا كل واحد.

وثانياً: أنّ من المحتمل أنّ المراد من( الكِتَابَ ) هو الكتب التشريعية الخمسة التي هي أساس دعوة جميع الأنبياء والمراد من إنزال الكتب، هو إنزال هذه الكتب سواء نزلت على نفس الرسول، أو لرسول قبله وأمر المتأخر بترويجه وتطبيق العمل عليه.

وثالثاً: لو صح الاستدلال بهذه الآية على أنّ لكل رسول كتاباً، فليصح الاستدلال بقوله:( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكِتَابَ ) (٣) على أنّ لكل نبي كتاباً وهو واضح البطلان. والجواب في كلتا الآيتين واحد.

ورابعاً: أنّه منقوض من جانب الرسول، فهذا هو القرآن، وصف أُناساً بالرسالة مع أنّه لم يكن مع واحد منهم كتاب، قال سبحانه:( وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ

__________________

(١) الحديد: ٢٥.

(٢) المائدة: ٢٠.

(٣) البقرة: ٢١٣.

٣٥٠

إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً ) (١) وقال عز من قائل:( كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ المُرْسَلِينَ *إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ *إنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ) (٢) وقال سبحانه:( إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ *إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ) (٣) .

فهذه العصابة من الرسل لم يكونوا أصحاب كتب سماوية ولم يذكر أحد من الباحثين القدامى والمتأخرين كتاباً لهم، وما عزا إليهم أحد من أصحاب الملل وكتاب السير والتاريخ، كتاباً وما جاء لكتبهم ذكر في الأحاديث الشريفة، وفي مثل هذا المورد، يصح أن يستدل بعدم الوجدان على عدم الوجود.

وقال سبحانه:( أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) (٤) فقد بعث الله هوداً إلى عاد، وصالحاً إلى ثمود، وشعيباً إلى مدين، الذين عدتهم الآية من الرسل ولم يثبت لواحد منهم كتاب. نعم نص القرآن على صحف إبراهيم وقال:( صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ) (٥) كما نصت الروايات على كتاب نوح(٦) .

وبذلك يظهر المقصود من قوله سبحانه:( وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ ) (٧) فالآية

__________________

(١) مريم: ٥٤.

(٢) الشعراء: ١٧٦ ـ ١٧٨.

(٣) الشعراء: ١٦١ ـ ١٦٢.

(٤) التوبة: ٧٠.

(٥) الأعلى: ١٩.

(٦) أخرج الصدوق في عيونه: ٢٣٤ عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام : انّ كل نبي بعد نوح كان على شريعته ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى زمن إبراهيم الخليل »، راجع البحار: ١١ / ٣٤.

(٧) آل عمران: ٨١.

٣٥١

أمّا تنظر إلى الأنبياء بنظرة واحدة وتصف الجميع بقوله:( لَمَا آتَيْتُكُم مِن كِتَابٍ ) أو المراد هو الكتب التشريعية السماوية التي تعد أساس دعوة الأنبياء ويحتمل أن يكون المراد من( النَّبِيِّينَ ) خصوص أصحاب الشرائع فلاحظ.

وخامساً: أنّ هذا القول لا يتلاءم مع ما رواه الفريقان في عدد المرسلين والكتب، فعن أبي ذر انّه قال: قلت يا رسول الله كم النبييون ؟ قال: « مائة ألف، وأربعة وعشرون ألف نبي »، قلت: كم المرسلون منهم ؟ قال: « ثلاثمائة وثلاثة عشر جماً غفيراً » إلى أن قال: قلت: يا رسول الله ! كم أنزل الله من كتاب ؟ قال: « مائة كتاب وأربعة كتب، وأنزل الله تعالى على شيث، خمسين صحيفة، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم عشرين صحيفة، وأنزل التوراة والأنجيل والزبور والفرقان »(١) .

ولم يذكر فيه كتاب نوح ولعلّه لم يكن في مقام الحصر والعد. روى صاحب الاختصاص تلك الرواية بسنده عن الصادقعليه‌السلام بصورة أُخرى تختلف عن ما تقدم في عدد الأنبياء قال: « يا رسول الله ! كم بعث الله من نبي ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثمائة ألف وعشرين ألف نبي، قال: يا رسول الله ! كم المرسلون ؟ فقال: ثلاثمائة وبضعة عشر، قال: يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب ؟ فقال: مائة كتاب وأربعة وعشرين كتاباً، أنزل على إدريس خمسين صحيفة، وهو « اُخنوخ » وهو أول من خط بالقلم، وأنزل على نوح(٢) وأنزل على إبراهيم عشراً، وأنزل التوراة على موسى، والزبور على داود، والإنجيل على عيسى، والقرآن على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٣) .

نعم روى في الاختصاص أيضاً عن ابن عباس أنّه قال: أوّل المرسلين آدم

__________________

(١) معاني الأخبار: ٥٩، الخصال: ٢ / ١٠٤. ولاحظ العقائد النسفية للتفتازاني: ١٦٩.

(٢) كذا في النسخ.

(٣) بحار الأنوار: ١١ / ٦٠.

٣٥٢

وآخرهم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وكانت الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبي، الرسل منهم ثلاثمائة إلى أن قال: والكتب التي أُنزلت على الأنبياء مائة كتاب وأربعة كتب، منها على آدم خمسون صحيفة، وعلى إدريس ثلاثون، وعلى إبراهيم عشرون، وعلى موسى التوراة، وعلى داود الزبور، وعلى عيسى الإنجيل، وعلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله الفرقان(١) .

فالرواية على ما نرى، مع أنّها متفاوتة في حصر عدد الأنبياء والكتب ومن نزلت إليهم هذه الصحف، إلّا أنّها تنص على قلة الكتب عن الرسل، وانّ الرسل كانوا أكثر من الكتب المنزلة بأضعاف، فكيف يمكن القول بأنّ الرسول من أُنزل عليه كتاب ؟!

* الفرق الثالث(٢)

الرسول من جاء بشرع جديد، والنبي يشمل هذا ومن جاء لتقرير شرع سابق(٣) .

قال الرازي: قيل انّ من كان صاحب المعجزة وصاحب الكتاب ونسخ شريعة من قبله، فهو الرسول، ومن لم يكن مستجمعاً لهذه الخصال، فهو النبي، غير الرسول.

قال البيضاوي في تفسير قوله سبحانه:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ) الرسول من بعثه الله بشريعة مجددة يدعو الناس إليها، والنبي من يعمه ومن بعث لتقرير شرع سابق.

__________________

(١) بحار الأنوار: ١١ / ٤٢، الكشاف: ٢ / ٣٥٢.

(٢) وهذا الفرق كسابقيه داخل تحت عنوان واحد، وهو كون الرسول أخص من النبي.

(٣) تفسير المراغي: ١٧ / ١٢٧.

٣٥٣

ولكن باب المناقشة في هذا القول واسع، فإنّ الظاهر من القرآن ونصوص الأحاديث، انّ عدد الشرائع لا يتجاوز الخمسة، وبينما تعداد الرسل قد تجاوزها بكثير، فكيف يجوز لنا أن نفسر الرسول بأنّه المبتدئ بوضع الشرائع والأحكام أو هو من بعثه الله بشريعة مجددة.

قال سبحانه:( شَرَعَ لَكُم مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) (١) فإنّ الآية في مقام الامتنان على الأمّة الإسلامية، من أنّ شريعتها جامعة لكل ما اشتملت عليه الشرائع السابقة النازلة على السلف من الأنبياء، فلو كان هناك أصحاب شرائع غير ما ذكر في الآية لكان اللازم ذكره ليكون الامتنان آكد، فظاهر الآية انّ الشريعة مختصة بالمذكورين في الآية: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولكن يمكن القول إنّ قوله سبحانه:( أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) تفسير لما( شَرَعَ لَكُم مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَ ) ومعناه هو الأخذ بالدين بأجمعه والتدين بأحكامه وتشريعاته كافة وعدم الاختلاف فيه بأخذ طائفة ببعض الدين، وطائفة أُخرى ببعضه الآخر، كما فعلته الأمم السابقة، فهذا ما أوصى به سبحانه كل من ذكر اسمه في الآية.

وعلى ذلك فلا تدل الآية على أنّ شريعة الإسلام جامعة للشرائع السابقة وتسقط دلالتها على كون أصحاب الشرائع خمسة، زعماً بأنّها في مقام الامتنان لما عرفت من أنّها ليست إلّا بصدد الحث على الأخذ بالدين بمجموعه، وان هذا هو حكم الله سبحانه في جميع الأجيال والأزمنة، لا بصدد الامتنان على الأمّة الإسلامية بأنّ دينهم جامع لما شرع للأمم السابقة، حتى يستدل بالاكتفاء بذكر

__________________

(١) الشورى: ١٣.

٣٥٤

الأربعة والسكوت عن غيرهم، على عدمها، نعم لا تخلو الآية من إشعار بانحصارها في الخمسة، كما لا يخفى.

نعم يؤيد انحصار الشرائع في الخمسة المذكورة ما أُثر عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام انّه قال: « إنّما سمّي أُولو العزم، أُولي العزم، لأنّهم كانوا أصحاب العزائم والشرائع، وذلك إنّ كل نبي بعد نوح كان على شريعته ومنهاجه، وتابعاً لكتابه إلى زمن إبراهيم الخليل، وكل نبي كان في أيام إبراهيم وبعده، كان على شريعة إبراهيم ومنهاجه، وتابعاً لكتابه إلى زمن موسى، وكل نبي كان في زمن موسى وبعده، كان على شريعة موسى ومنهاجه وتابعاً لكتابه، إلى أيام عيسى، وكل نبي كان في أيام عيسى وبعده، كان على منهاج عيسى وشريعته وتابعاً لكتابه إلى زمن نبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهؤلاء الخمسة أُولو العزم، وهم أفضل الأنبياء والرسل وشريعة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تُنسخ إلى يوم القيامة ولا نبي بعده إلى يوم القيامة، فمن ادّعى بعده نبوة أو أتى بعد القرآن بكتاب، فدمه مباح لكل من سمع ذلك منه »(١) .

وفي الرواية جهات من البحث يجب تنقيحها في محل آخر، وملخصها :

١. انّ تفسير « أُولي العزم » بما ذكر فيها، لا يلائم ظاهر الكتاب، أعني قوله سبحانه:( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) (٢) إذ الظاهر أنّ المقصود من العزم فيه هو الثبات على العهد المأخوذ منهم، بقوله سبحانه:( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِيثَاقاً غَلِيظاً ) (٣) ، وقد أمر سبحانه نبيه الأعظم بالصبر والثبات اقتداء بمن سبق من أُولي العزم من الرسل، حيث قال سبحانه:( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ

__________________

(١) بحار الأنوار: ١١ / ٣٥، عيون الأخبار: ٢٣٤.

(٢) الأحقاف: ٣٥.

(٣) الأحزاب: ٧.

٣٥٥

الرُّسُلِ ) (١) .

وبما أنّ آدمعليه‌السلام لم يعهد منه العزم في بعض المواقف، ونسى العهد المأخوذ منه، لم يعد من أُولي العزم، قال سبحانه:( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) (٢) .

٢. انّ موسىعليه‌السلام وان دعا فرعون وكل قبطي إلى توحيده سبحانه، غير انّ ما جاء به من الشريعة والأحكام كانت مختصة ببني إسرائيل فقط، وإلى ذلك يشير قوله سبحانه:( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا ) (٣) ولكن المستفاد من الرواية خلافه، وان شريعته كانت عامة لهم ولغيرهم.

٣. انّ المراد من العزائم ما يقابل الرخص، والمراد منها هو الواجبات والمحرمات، فإذا كان الملاك لكونهم من أُولي العزم هو كونهم أصحاب فرائض وذوي واجبات ومحرمات أُوحيت إليهم، فلماذا لم يكن غيرهم كصالح وهود وشعيب ممن أتوا بواجبات ومحرّمات، منهم أيضاً مع كونهم مثلهم.

وروى صاحب المحاسن عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله الصادقعليه‌السلام : قول الله:( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) فقال: « نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله » قلت: كيف صاروا أُولي العزم ؟ قال: « لأنّ نوحاً بعث بكتاب وشريعة، فكل من جاء بعد نوح، أخذ بكتاب نوح وشريعته ومنهاجه، حتى جاء إبراهيم بالصحف، وبعزيمة ترك كتاب نوح لا كفراً به، فكل نبي جاء بعد إبراهيم، جاء بشريعته ومنهاجه وبالصحف، حتى جاء موسى بالتوراة وبعزيمة

__________________

(١) الأحقاف: ٣٥.

(٢) طه: ١١٥.

(٣) المائدة: ٤٤.

٣٥٦

ترك الصحف، فكل نبي جاء بعد موسى أخذ بالتوراة وشريعته ومنهاجه، حتى جاء المسيح بالإنجيل، وبعزيمة ترك شريعة موسى ومنهاجه، فكل نبي جاء بعد المسيح أخذ بشريعته ومنهاجه، حتى جاء محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بالقرآن وشريعته ومنهاجه، فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، فهؤلاء أُولو العزم من الرسل »(١) .

وعلى ذلك جرى شيخنا الصدوق في « الاعتقادات » وقال :

« إنّ سادة الأنبياء خمسة، الذين دارت عليهم الرحى، وهم أصحاب الشرائع وهم أُولو العزم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٢) .

* ركام من الأوهام والأكاذيب

قد عرفت هذه الفروق المذكورة في كتب التفسير والمعاجم واتضح لك أنّه لا يوافقها الذكر الحكيم، والذي يحصل من الجميع أنّ الرسول أخص من النبي وهم أعم منه، ولكن هناك من الضالين من حرّف الكلم عن مواضعه(٣) فصوّر

__________________

(١) المحاسن: ٢٦٩، بحار الأنوار: ١١ / ٥٦.

لو كان الملاك بعدهم من أُولي العزم، هو ترك كل واحد كتاب من قبله بعزيمة، يلزم أن لا يكون نوح منهم إذ لم يكن شريعة ولا كتاب قبله، حتى يتركها بعزيمة.

أضف إلى ذلك أنّ المسيح لم يترك شريعة موسى، بل بيّن لبني إسرائيل بعض الذي اختلفوا فيه ( الزخرف: ٦٣ ) وأحلّ لهم بعض الذي حرم عليهم ( آل عمران: ٥٠ ) وليس ذلك تركاً للشريعة ورفضاً لها، كما هو ظاهر الرواية، ولأجل هذه الجهات تحتاج هذه الرواية وما تقدم عليها، إلى البحث والإمعان أكثر من هذا، وقد أوضحنا الحال في الجزء الثالث من هذه السلسلة. لاحظ: ١٠٧ ـ ١١٥.

(٢) اعتقادات الصدوق: ٩٢.

(٣) ثاني الفروق وثالثها.

٣٥٧

المعنى بصورة شوهاء، وشتان بين كاتب يكتب بدافع الإيمان والعقيدة طلباً للحقيقة، وكاتب مستأجر لا هدف له إلّا دعم ما نوى واضمر، وتحكيم ما أُستوجر عليه، وذلك يفرض عليه اختلاق الأوهام ونحت الأكاذيب التي يتحير عندها العقل والفكر.

نعم حرّف هؤلاء(١) ما أُثر عن القوم في المقام فقالوا: النبي هو الذي ينبئ عن الله وليس معه كتاب، والرسول هو الذي بُعث إلى الناس وأُنزل معه كتاب، أو أنّ النبي هو الذي يقرّر الشريعة السابقة فقط، والرسول هو الذي يأتي بشريعة مستقلة(٢) ، وعلى هذا تصير النسبة بين المفهومين، هي التباين، يفختص النبي بمن ليس له كتاب أو من يقرر شريعة من قبله.

ومن الواضح أنّ هذا القول باطل تماماً، فهذا هو الذكر الحكيم قد خاطب نبي الإسلام المبعوث بأفصح الكتب وأحكمها وقد تضمن شريعة مستقلة عن غيرها من الشرائع، بقوله:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ) فهل يمكن لهؤلاء الكتّاب المستأجرين أن ينكروا نزول الكتاب إليه أو مجيئه بشريعة مستقلة. فدونك نص ما خاطبه سبحانه بلفظ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ) :

__________________

(١) البهائية الضّالة.

(٢) الفرائد: ١٣٥، نعم نقل هذا الفرق الجزائري في فروقه: ١٠٦ قولاً ولا يعبأ بهذا النقل تجاه تلكم التصاريح المضادة له، وأضعف منه، ما نقله في تفسير الجلالين في تفسير قوله تعالى:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ) من أنّ الرسول هو من أُمر بالتبليغ، ولا يخفى شذوذ هذا القول، كسابقه، ومضادتهما مع تصاريح أئمّة الأدب والتفسير.

ومما يثير العجب ما ذكره الطنطاوي بقوله: الرسول هو الذي معه كتاب، والنبي ينبئ عن الله وليس معه كتاب، فمثال الأوّل موسى، والثاني يوشع، فيوشع نبي لا رسول وانّما ينبئ قومه وموسى ينبئ قومه بكتاب معه أُرسل به من الله الجواهر: ١٠ / ٤٠، إذ فيه مع ضعف القول في نفسه أنّ ليوشع كتاباً معروفاً طبع مع كتب العهدين.

٣٥٨

١.( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ) (١) .

٢.( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ ) (٢) .

٣.( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ) (٣) .

وهكذا فعلم مما أوردناه من الآيات أنّ النبوة غير مقيدة بتقرير الشريعة ولا النبي منحصر في كونه غير ذي كتاب.

والغاية من هذا التحريف للقائل هو نفي دلالة قوله سبحانه:( وَلَٰكِن رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) (٤) على ختم الرسالة والنبوة معاً، مدعياً أنّه إنّما ختمت الثانية، دون الأولى وإنّ كونهصلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم النبيين، لا يلازم كونه خاتم الرسل.

وقد عرفت أنّ كلا الفريقين لا يعاضدهما القرآن، فكيف وقد حرفا وخصص النبي بمن يقرر الشريعة، أو لا يأتي بكتاب، إذ أنّه باطل بنص الكتاب العزيز، فقد استعمل النبي في أصحاب الشرائع والكتب وبذلك يظهر سقوط ما نقله الطبرسي عن الجاحظ، انّه قال: إنّ النبي يحفظ شريعة غيره والرسول هو المبتدئ بوضع الشرائع والأحكام(٥) .

الفرق الرابع(٦)

إنّ العلوم والحقائق التي تفاض على الإنسان بواسطة الملك بحيث يعاينه

__________________

(١) الأحزاب: ٢٨.

(٢) الأحزاب: ٥٩.

(٣) الأحزاب: ٤٥.

(٤) الأحزاب: ٤٠.

(٥) مجمع البيان: ٧ / ٩١.

(٦) وهذا الفرق يخصص الرسالة بمعاينة الملك وأخذ الوحي منه مشافهة. وأمّا النبي فهو مقيد بأخذ الوحي بلا توسيط ملك، بل بإحدى الطرق المألوفة من الرؤية في المنام وغيره كما سيصرح، فبينهما تباين في النسبة.

٣٥٩

ويشاهده ويكلّمه مشافهة أو يلقى في روعه تسمّى رسالة، والإنسان الحامل لها رسولاً وباعتبار إنّ مثل هذا الإنسان يتلقّى رسالة الله بواسطة رسل السماء، حيث أدّوا إليه رسالة ربهم، يسمّى رسولاً، أي ذا رسالة.

وأمّا ما يفاض من العلوم بغير هذا الطريق فيسمّى نبوة، والإنسان العالم عن هذا الطريق نبياً، سواء كان بالإلهام مثل ما أوحى الله إلى نبينا ليلة المعراج وما أوحي إلى موسى في طور سيناء، أو بسماع صوت بلا رؤية شخص أو غير ذلك.

وعلى ذلك فالنبوة والرسالة مرتبتان للنفس في أخذ المعارف والحقائق من العلوم العلوية، إحداهما مشروطة بحضور الملك ومعاينته ومشافهته للرسول، والأخرى مقيدة بأخذها من دون توسيط ملك بل بطرق أُخرى.

وهذا الوجه هو مختار بعض الأجلّة(١) ولم أجد هذا الفرق برمته في كلام من تقدم عليه، وما أُثر من النقول في المقام يوافقه في بعض ما ذكره لا كله، بل بعضها يشير إلى خامس الفروق الذي سيوافيك بيانه، وحاصله تخصيص النبوة بالرؤية في المنام.

ودونك بعض كلماتهم :

١. انّ الرسول هو الذي يرى الملك ويسمع منه، والنبي يرى في المنام ولا يعاين(٢) .

وهذه العبارة توافق المذكور في ناحية الرسول فقط، لا في جانب النبي ولا صراحة لها في ما ادّعاه القائل من التعميم في النبي، أعني: من يأخذ الوحي بغير توسيط ملك سواء أكان بالرؤية في المنام أم بغيرها، بل هي تحتمل هذا الوجه من

__________________

(١) العلّامة الشيخ محمد باقر الملكي دام ظله.

(٢) الميزان: ١٥ / ٢٢٢.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407