مفاهيم القرآن الجزء ٤

مفاهيم القرآن14%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-221-8
الصفحات: 407

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 407 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 109804 / تحميل: 7698
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٤

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٢١-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

في الحرم فعليك دم، وقيمة الطير درهم، وإن كان فرخاً فعليك دم ونصف درهم ».

وفي بعض(٣) نسخه: « ومتى أصبته وأنت حرام في الحرم، فالفداء عليك مضاعف ».

١٢ -( باب انّ الحمام ونحوه حتى الأهلي إذا أدخل الحرم وجب على من هو معه اطلاقه، وإن كان مقصوص الجناح وجب حفظه ولو بالإيداع، حتى يستوي ريشه ثم يخلّى سبيله، فإن لم يفعل وتلف لزمه فداؤه)

[١٠٨٥٧] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من صاد صيداً فدخل به الحرم وهو حيّ، فقد حرم عليه إمساكه، وعليه أن يرسله » الخبر.

[١٠٨٥٨] ٢ - وعنهعليه‌السلام : أنه سئل عن رجل دخل إلى الحرم ومعه صيد له، أن يخرج به؟ قال: « لا قد حرم عليه إمساكه إذا دخل الحرم ».

[١٠٨٥٩] ٣ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ومن أهدي إليه حمام أهلي في الحرم، فإن كان مستوياً خلّى عنه، وإن كان غير مستو أحسن القيام عليه حتى يستوي، ثم يخلّي عنه ».

__________________

(٣) في بعض نسخه ص ٧٢.

الباب ١٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٣ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٦ ح ٢١.

٢٦١

١٣ -( باب تحريم صيد الحرم وحمامه ولو في الحلّ، وتحريم أكله، وإن من نتف ريشة من حمام الحرم، لزمه صدقة باليد الجانية)

[١٠٨٦٠] ١ - بعض نسخ الرضوي: « وطير مكّة الأهلي لا يذبح)(١) قال: ومن أهدي له حمام أهلي في الحرم، فأصاب منه شيئاً فليتصدق بثمنه نحو ما كان يسوى في القيمة ».

[١٠٨٦١] ٢ - دعائم الإسلام: بإسناده عن علي بن الحسينعليهما‌السلام : أنه نظر إلى حمام مكّة فقال: « هل تدرون ما أصل كون هذا الحمام بالحرم؟ فقالوا: أنت أعلم يا ابن رسول الله، فأخبرنا، فقال: كان فيما مضى رجل آوى إلى داره حمام فاتخذ عشاً - إلى أن قال -عليه‌السلام فألهمه عزّوجلّ المصير إلى هذا الحرم، وحرّم صيده فأكثر ما ترون من نسله، وهو أوّل حمام سكن الحرم ».

١٤ -( باب تحريم اخراج حمام الحرم، وسائر الطير والصيد منه، ووجوب ردّه إلى الحرم، ولزوم ثمنه أو فداؤه لو تلف قبله)

[١٠٨٦٢] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال فيمن خرج بطير من مكّة فانتهى به إلى

__________________

الباب ١٣

١ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٠.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٦ ح ١٢٦٧.

الباب ١٤

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٢٦٢

الكوفة: « عليه أن يردّه إلى الحرم ».

[١٠٨٦٣] ٢ - وعن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث في بدء نسل حمام الحرم: « أنه قيل لحمام شكا إليه تعالى: وأنت فسوف يكثر الله في نسلك، ويجعلك وإيّاهم بموضع لا يهاج منهم شئ إلى أن تقوم الساعة، وأتى به إلى الحرم فجعل فيه ».

١٥ -( باب انّ من أغلق باباً على حمام وفراخ وبيض في الحرم، أو محرماً، لزمه الكفّارات مع التلف)

[١٠٨٦٤] ١ - الشيخ أبو الحسن محمّد بن الحسين القطب البيهقي الكيدري في شرح نهج البلاغة: عند قوله في خطبة الشقشقيّة: فقام رجل من أهل السواد. إلى آخره.

قال صاحب المعارج: وجدت في الكتب القديمة: أن الكتاب الذي رفعه إليه رجل من أهل السواد كان فيه مسائل - إلى أن قال - ومنها حجّ جماعة ونزلوا في دار من دور مكّة، وأغلق واحد منهم باب الدار وفي الدار حمامات، فمتن من العطش قبل عودهم إلى الدار، فالجزاء على أيّهم يجب؟

فقالعليه‌السلام : « على الذي أغلق الباب، ولم يخرج الحمامات، ولم يضع لهنّ ماء ».

__________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٣ باختلاف يسير.

الباب ١٥

١ - شرح نهج البلاغة للكيدري:

٢٦٣

١٦ -( باب انه إذا اشترك اثنان، أو جماعة محرمون، ولو رجالاً ونساء في قتل صيد عمداً والأكل منه، لزم كلّ واحد منهم فداء كامل)

[١٠٨٦٥] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ومتى اجتمع قوم على صيد وهم محرمون، فعلى كلّ واحد منهم قيمته ».

[١٠٨٦٦] ٢ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام : أنه سئل عن فراخ نعام أصابها قوم محرمون؟ قال: « عليهم مكان كلّ فرخ أكلوه بدنة ».

[١٠٨٦٧] ٣ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال في الصيد تصيبه الجماعة: « على كلّ واحد منهم الجزاء منفرداً ».

١٧ -( باب ان المحرم إذا كسر بيض نعام ولم يتحرّك فيه الفرخ، وجب أن يرسل فحولة في إناث من الإبل بعدد البيض، فما نتج كان هدياً بالغ الكعبة، فإن عجز فلكلّ بيض شاة، فإن عجز فإطعام عشرة مساكين مدّاً مدّاً، فإن عجز فصيام ثلاثة أيام)

[١٠٨٦٨] ١ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال في محرم

__________________

الباب ١٦

١ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥١.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٧.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٨.

باب ١٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٧.

٢٦٤

أصاب بيض نعامة، قال: « يرسل الفحل من الإبل في أبكار(١) منها بعدة البيض، فما نتج ممّا أصاب كان هدياً، وما لم ينتج فليس عليه فيه شئء، لأن البيض كذلك منه ما يصحّ ومنه ما يفسد، فإن أصابوا في البيض فراخاً لم يجر فيه الأرواح، فعليهم أن يرسلوا الفحل في الإبل حتى يعلموا أنّها لقحت، فما نتج منها بعد أن علموا أنها لقحت كان هدياً، وما أسقطت بعد اللقاح فلا شئ فيه، لأن الفراخ في البيض كذلك منها ما يتمّ، ومنها ما لا يتمّ ».

[١٠٨٦٩] ٢ - محمّد بن علي بن شهرآشوب في المناقب: قال: في أحاديث البصريين عن أحمد(١) قال معاوية بن قرّة عن رجل من الأنصار: إن رجلاً أوطأ بعيره أدحى(٢) نعام فكسر بيضها، فانطلق إلى عليعليه‌السلام فسأله عن ذلك، فقال له عليعليه‌السلام : « عليك بكلّ بيضة جنين ناقة، أو ضراب ناقة » فانطلق إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فذكر ذلك له، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « قد قال عليعليه‌السلام بما سمعت، ولكن هلّم إلى الرخصة عليك بكلّ بيضة صوم يوم، أو إطعام مسكين ».

[١٠٨٧٠] ٣ - وعن أبي القاسم الكوفي، والقاضي نعمان في كتابيهما: عن عمر بن حمّاد بإسناده، عن عبادة بن الصامت، قال: قدم قوم من الشام حجاجاً فأصابوا أدحى نعامة فيه خمس بيضات وهم محرمون،

__________________

(١) كذا في المصدر، وفي المخطوط: البكار.

٢ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٢ ص ٣٥٤.

(١) في المصدر زيادة: عن جابر.

(٢) أدحى: هو الموضع تفرخ فيه النعامة (مجمع البحرين ج ١ ص ١٣٥).

٣ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٢ ص ٣٦٤.

٢٦٥

فشووهن وأكلوهن، ثم قالوا: ما أرانا إلّا وقد أخطأنا وأصبنا الصيد ونحن محرمون، فأتوا المدينة، وقصّوا على عمر القصّة، فقال: انظروا إلى قوم من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاسألوهم عن ذلك ليحكموا فيه، فسألوا جماعة من الصحابة فاختلفوا في الحكم في ذلك، فقال عمر: إذا اختلفتم فها هنا رجل كنّا أمرنا إذا اختلفنا في شئ فيحكم فيه، فأرسل إلى امرأة يقال لها عطيّة، فاستعار منها أتاناً فركبها وانطلق بالقوم معه حتى أتى علياًعليه‌السلام ، وهو بينبع، فخرج إليه عليعليه‌السلام فتلقاهم ثم قال له: « هلا أرسلت إلينا فنأتيك » فقال عمر: الحكم يؤتى في بيته، فقصّ عليه القوم، فقال عليعليه‌السلام لعمر: « مرهم فليعمدوا إلى خمس قلائص من الإبل فليطرقوها للفحل، فإذا نتجت اهدوا ما نتج منها جزاء عمّا أصابوا » فقال عمر: يا أبا الحسن إن الناقة قد تجهض، فقال عليعليه‌السلام : « وكذلك البيضة قد تمرق(١) ».

فقال عمر: فلهذا أمرنا [ أن ](٢) نسألك.

[١٠٨٧١] ٤ - الحسين بن حمدان الحضيني في كتاب الهداية: عن جعفر بن أحمد القصير البصري، عن محمّد بن عبد الله بن مهران الكرخي، عن محمّد بن صدقة العنبري، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أن أعرابيًا بدوياً خرج من قومه حاجّاً محرماً، فورد على أدحى نعام فيه بيض فأخذه واشتواه، وأكل منه،

__________________

(١) وفي حديث علي عليه‌السلام (أن من البيض ما يكون مارقاً) أي فاسدا ً وقد مَرِقت البيضة إذا فسدت (النهاية ج ٤ ص ٣٢١).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٤ - الهداية ص ٣٨ ب باختلاف في اللفظ.

٢٦٦

وذكر أن الصيد حرام في الإحرام.

فورد المدينة فقال الاعرابي: أين خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقد جنيت جناية عظيمة، فأرشد إلى أبي بكر، فورد عليه الاعرابي وعنده ملأ من قريش فيهم عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، وخالد بن الوليد، والمغيرة بن شعبة، فسلّم الأعرابي عليهم، فقال: يا قوم أين خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقالوا: هذا خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال: أفتني؟ فقال له أبو بكر: قل يا أعرابي، فقال: إنّي خرجت من قومي حاجّاً(١) ، فأتيت على أدحى فيه بيض نعام فأخذته فاشتويته، وأكلته، فماذا لي من الحجّ، وما علي فيه، أحلالاً ما حرم عليّ من الصيد أم حراماً؟ فأقبل أبو بكر على من حوله فقال: حواري رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه، أجيبوا الأعرابي(٢) .

قال له الزبير من بين الجماعة: أنت خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأنت أحقّ بإجابته.

فقال أبو بكر: يا زبير، حبّ بني هاشم في صدرك.

قال: وكيف لا! وأمّي صفية بنت عبد المطلب، عمّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال الاعرابي: إنّا لله ذهبت فتياي، فتنازع القوم فيما لا جواب

__________________

(١) في المصدر: محرماً.

(٢) كذا في المصدر، وفي المخطوط: إلى الاعرابي.

٢٦٧

فيه، فقال: يا أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، استرجع بعد محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله دينه فنرجع عنه، فسكت القوم، فقال الزبير: يا اعرابي ما في القوم إلّا من يجهل ما جهلت، قال الأعرابي: ما أصنع؟ قال (له الزبير: لم يبق في المدينة من تسأله بعد من ضمّه هذا المجلس، إلّا صاحب الحقّ الذي هو أولى بهذا المجلس منهم، قال الاعرابي: فترشدني إليه؟ قال له الزبير)(٣) : إن اخباري يسرّ قوماً، ويسخط قوماً آخرين.

قال الاعرابي: وقد ذهب الحقّ وصرتم تكرهونه، فقال عمر: إلى كم تطيل الخطاب يا ابن العوام؟ قوموا بنا والأعرابي إلى عليعليه‌السلام ، فلا تسمع جواب هذه المسألة إلّا منه، فقاموا بأجمعهم والأعرابي معهم، حتى صاروا إلى منزل أمير المؤمنينعليه‌السلام فاستخرجوه من بيته، وقالوا: يا إعرابي(٤) أقصص قصّتك على أبي الحسنعليه‌السلام ، فقال الاعرابي: فلم أرشدتموني إلى غير خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقالوا: يا أعرابي خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبوبكر، وهذا وصيّه في أهل بيته، وخليفته عليهم، وقاضي دينه، ومنجز عداته، ووارث علمه.

قال: ويحكم يا أصحاب رسول الله، والذي أشرتم إليه بالخلافة ليس فيه من هذه الخلال خلّة!

فقالوا: يا اعرابي سلّ عمّا بدا لك، ودع ما ليس من شأنك

قال الاعرابي: يا أبا الحسن، يا خليفة رسول الله، إنّي خرجت

__________________

(٣) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٤) في نسخة: للأعرابي، (منه قدّه).

٢٦٨

من قومي محرماً، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : « تريد الحج، فوردت على أدحى وفيه بيض نعام، فأخذته واشتويته وأكلته » فقال الاعرابي: نعم يا مولاي.

فقال له: « وأتيت تسأل عن خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأرشدت إلى مجلس أبي بكر وعمر، فأبديت بمسألتك فاختصم القوم ولم يكن فيهم من يجيبك على مسألتك » فقال: نعم، يا مولاي.

فقال له: « يا اعرابي الصبي - الذي بين يدي مؤدبه - صاحب الذؤابه، فإنه ابني الحسنعليه‌السلام ، فسله فإنه يفتيك ».

قال الاعرابي: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، مات دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد موته، وتنازع القوم وارتدوا.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « حاش لله يا أعرابي ما مات دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولن يموت ».

قال الاعرابي: أفمن الحقّ أن أسأل خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحواريه وأصحابه، فلا يفتوني، ويحيلوني(٥) عليك فلا تجيبني، وتأمرني أن أسأل صبيّاً بين يدي المعلم، ولعلّه لا يفصل بين الخير والشرّ.

فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : « يا أعرابي لا تقف ما ليس لك به علم، فاسأل الصبي فإنّه ينبئك ».

فمال الاعرابي إلى الحسنعليه‌السلام وقلمه في يده، ويخطّ في صحيفته خطّاً، ويقول مؤدّبه: أحسنت أحسنت، أحسن الله إليك، فقال الاعرابي: يا مؤدّب الحسن الصبي فتعجب من إحسانه، وما

__________________

(٥) في المخطوط: ويخلوني، وما أثبتناه من المصدر.

٢٦٩

أسمعك تقول له شيئاً حتى كأنّه مؤدّبك، فضحك القوم من الاعرابي وصاحوا به: ويحك يا أعرابي سل وأوجز.

قال الاعرابي: فديتك يا حسن، إنّي خرجت حاجّاً محرماً فوردت على أدحى فيه بيض نعام، فشويته وأكلته عامداً وناسياً.

قال الحسنعليه‌السلام : « زدت في القول يا أعرابي قولك عامداً، لم يكن هذا من مسألتك، هذا عبث ».

قال الاعرابي: صدقت ما كنت إلّا ناسياً، فقال له الحسنعليه‌السلام ، وهو يخطّ في صحيفته: « يا أعرابي خذ بعدد البيض نوقاً فاحمل عليها فنيقا(٦) ، فما نتجت من قابل فاجعله هدياً بالغ الكعبة، فإنه كفّارة فعلك ».

فقال الاعرابي: فديتك يا حسن إنّ من النيق ما يزلقن، فقال الحسنعليه‌السلام : « يا أعرابي، إنّ من البيض ما يمرقن » فقال الاعرابي: أنت صبي محدق محرّر في علم الله مغرق، ولو جاز أن يكون ما أقوله قلته إنّك خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال له الحسنعليه‌السلام : « يا أعرابي أنا الخلف من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأبي أمير المؤمنينعليه‌السلام الخليفة ».

فقال الاعرابي: وأبو بكر ماذا؟ قال الحسنعليه‌السلام : « سلهم يا أعرابي » فكبّر القوم، وعجبوا ممّا سمعوا من الحسنعليه‌السلام ، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « الحمد لله الذي جعل فيّ وفي ابني هذا، ما جعله في داود وسليمان، إذ يقول الله

__________________

(٦) الفنيق هو الفحل المكرم من الإبل. (النهاية ج ٣ ص ٤٧٦).

٢٧٠

عزّ من قائل:( فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ) (٧) ».

[١٠٨٧٢] ٥ - الصدوق في المقنع: وإذا وطئ بيض نعام ففدغها(١) وهو محرم، فعليه أن يرسل الفحل من الإبل على قدر عدد البيض، فما لقح وسلم حتى ينتج كان النتاج هدياً بالغ الكعبة.

١٨ -( باب انّ المحرم إذا كسر بيض النعام وقد تحرّك الفرخ فيه، وجب عليه لكلّ بيضة بكارة من الإبل، وفي بيضة القطاة بكارة من الغنم)

[١٠٨٧٣] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، « أن عليّاًعليهم‌السلام : حكم في بيض النعام، في كلّ بيضة بجنين ناقة إذا هو تبيّن خلقه ».

[١٠٨٧٤] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال في محرم أصاب بيض نعامة - إلى أن قال -: « وإن أصابوا(١) فراخاً قد نشأت فيها الأرواح (في البيض)(٢) ، أرسل(٣) الفحل في الإبل بعدتها(٤) حتى

__________________

(٧) الأنبياء ٢١: ٧٩.

٥ - المقنع ص ٧٨.

(١) الفدغ: الشدخ والشق اليسير (النهاية ج ٣ ص ٤٢٠).

الباب ١٨

١ - الجعفريات ص ٧٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٧.

(١) في المصدر زيادة: فيها.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) وفيه: أرسلوا.

(٤) وفيه: بعددها.

٢٧١

تلقح، وتتحرك أجنّتها في بطونها، في نتج منها كان هدياً، وما مات بعد ذلك فلا شئ فيه، لأن الفراخ في البيض كذلك، منها ما تنشق عنه فيخرج حيّاً، ومنها ما يموت في البيض ».

[١٠٩٧٥] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : في صيد النعامة، قال: « فإن أكلت بيضها فعليك دم، وكذلك إن وطأتها(١) وكان فيها أفراخ تتحرك، فعليك أن ترسل فحولة من البدن على عددها من الإناث بقدر عدد البيض، فما نتج منها فهو هدي لبيت الله ».

[١٠٨٧٦] ٤ - المقنع: وإذا أصاب المحرم بيض نعام، ذبح عن كلّ بيضة شاة بقدر عدد البيض، فإن لم يجد شاة فعليه صيام ثلاثة أيام، فإن لم يقدر فإطعام عشرة مساكين.

١٩ -( باب ان للمحرم إذا كسر بيض قطاة لم يتحرّك فرخه، وجب عليه إرسال فحولة الغنم في إناث منها بعدد البيض، فما نتج كان هدياً بالغ الكعبة)

[١٠٨٧٧] ١ - الصدوق في المقنع: وإن وطئ بيض قطاة فشدخه، فعليه أن يرسل الفحل من الغنم في مثل عدّة البيض، كما يرسل الحفل في عدّة البيض من الإبل.

[١٠٨٧٨] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وفي القطاة حمل - إلى أن قال -

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

(١) في المصدر: وطئها.

٤ - المقنع ص ٧٨.

الباب ١٩

١ - المقنع ص ٧٨.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

٢٧٢

وفي بيضه إذا أصبته قيمته، فإن وطأتها وفيها فراخ تتحرك، فعليك أن ترسل الذكران من المعز على عددها من الإناث على قدر عدد البيض، فما نتج فهو هدي لبيت الله ».

٢٠ -( باب انّ من كسر من بيض حمام الحرم ولو جاهلاً، لزم قيمته إن لم يكن تحرّك الفرخ، وإلا ففي كلّ بيضة شاة أو حمل أو جدي، وعلى المحلّ في الحرم القيمة)

[١٠٨٧٩] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه كان يصنع في بيض الحمام وأشباهها من الطير [ في الغنم ](١) ، مثل ما يصنع في بيض النعام في الإبل.

٢١ -( باب أنّ المحرم إذا رمى صيداً ثم رآه سويّاً لم يلزمه شئ، فإن مضى ولم يدر ما أصابه لزمه الفداء كاملاً)

[١٠٨٨٠] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا رمى المحرم الصيد - إلى أن قال - وإن مضى على وجهه فلم يدر ما فعل، فعليه الجزاء كاملاً ».

[١٠٨٨١] ٢ - الصدوق في المقنع: فإن رمى محرم ظبياً فأصاب يده فعرج منها، فإن كان مشى عليها ورعى فليس عليه شئ، وإن كان ذهب على وجهه لا يدري ما صنع فعليه فداؤه، لأنه لا يدري ما صنع لعلّه

__________________

الباب ٢٠

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

٢ - المقنع ص ٧٨.

٢٧٣

هلك، فإن تعمّد ذلك فعليه فداؤه وإثمه.

فقه الرضاعليه‌السلام (١) : « فإن رميت ظبياً » إلى آخر ما يأتي.

٢٢ -( باب ما يجب في أعضاء الصيد)

[١٠٨٨٢] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا رمى المحرم الصيد فكسر يده، أو رجله، فإن(١) تركه قائماً يرعى فعليه ربع الجزاء ».

[١٠٨٨٣] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن رميت ظبياً فكسرت يده، أو رجله، فذهب على وجهه لا تدري ما صنع فعليك فداؤه، فإن رأيت بعد ذلك يرعى ويمشي فعليك ربع قيمته، وإن كسرت قرنه، أو جرحته تصدقت بشئ من الطعام ».

٢٣ -( باب أن من رمى صيداً وهو يؤمّ الحرم فقتله لزمه الفداء، ومن رمى صيداً في الحلّ فتحامل (* ) ودخل الحرم لم يلزمه الفداء)

[١٠٨٨٤] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام ص ٢٩.

الباب ٢٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

(١) في المصدر: قال أن.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

الباب ٢٣

(* ) في نسخة: وتحامل، (منه قدّه).

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٢٧٤

قال: « من رمى صيداً في الحلّ فأصابه، فتحامل الصيد حتى دخل الحرم فمات فيه من رميته، فلا شئ عليه فيه ».

٢٤ -( باب لزوم الكفّارة في الصيد للمحرم عمداً كان، أو خطأ، أو جهلاً، وكذا لو رمى صيداً فأصاب اثنين، وعدم لزوم الكفّارة للجاهل في غير الصيد، وجملة من أحكام الصيد)

[١٠٨٨٥] ١ - دعائم الإسلام: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال: « يحكم على المحرم إذا قتل الصيد، كان قتله إيّاه عن عمد أو عن خطأ ».

[١٠٨٨٦] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « كلّ شئ أتيته في الحرم بجهالة وأنت محل أو محرم، أو أتيت في الحلّ وأنت محرم، فليس عليك شئ إلّا الصيد فإنّ عليك فداؤه، فإن تعمّدته كان عليك فداؤه وإثمه، وإن علمت أو لم تعلم فعليك فداؤه ».

وفي بعض نسخه(١) : « واعلم أنه ليس عليك فداء لشئ أتيته وأنت جاهل، وأنت محرم في حجّتك، إلّا الصيد فإنّ عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد ».

الصدوق في المقنع(٢) : مثله، وزاد بعد (حجّتك) و « لا في عمرتك ».

__________________

الباب ٢٤

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

(١) في بعض نسخه (المطبوع ضمن نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى) ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٩.

(٢) المقنع ص ٧٨.

٢٧٥

٢٥ -( باب أنّ من أحرم وفي منزله صيد مملوك لم يخرج عن ملكه، فإن كان معه خرج عن ملكه)

[١٠٨٨٧] ١ - دعائم الإسلام: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام : أنه سئل عن المحرم، يحرم وعنده في منزله صيد؟ قال: « لا يضرّه ذلك ».

٢٦ -( باب أنّ من دخل الحرم بصيد وجب عليه إطلاقه، وحرم إمساكه، فإن أمسكه حتى مات لزمه فداؤه)

[١٠٨٨٨] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه سئل عن رجل دخل إلى الحرم ومعه صيد، أله أن يخرج به؟ قال: « لا قد حرم عليه إمساكه إذا دخل [ به ](١) الحرم ».

٢٧ -( باب تحريم الجراد على المحرم، وكذا ما يكون من الصيد في البرّ والبحر، ولزوم الفدية، فيجب تمرة عن كلّ جرادة، أو كفّ من طعام، وإن كان كثيراً لزمه دم شاة)

[١٠٨٨٩] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : « أنه نهى المحرم عن صيد الجراد وأكله - إلى أن قال - وما تعمّد قتله منه

__________________

الباب ٢٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

الباب ٢٦

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

٢٧٦

جزى [ عنه ](١) بكفّ من طعام ».

[١٠٨٩٠] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « ومن قتل جرادة تصدق بتمرة، لأن تمرة خير من جرادة، وهي من البحر، وكلّ شئ أصله من البحر فهو في البرّ والبحر، فلا ينبغي للمحرم أن يقتله، فإن قتله فعليه فداء كما قال الله تعالى ».

[١٠٨٩٠] ٣ - المقنع: وإنّ قتل جرادة فعليه تمرة، وتمرة خير من جرادة.

[١٠٨٩٢] ٤ - أحمد بن محمّد بن عيسى في نوادره: عن صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قول الله عزّوجلّ:( لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّـهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ) (١) ، قال: « كان ذلك في عمرة الحديبية، وقال(٢) : المحرم متى قتل جرادة فعليه كفّ من(٣) طعام، وإن كان كثيراً فعليه دم(٤) شاة ».

٢٨ -( باب أنّ المحرم إذا قتل أسداً لزمه كبش)

[١٠٨٩٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن كان الصيد أسداً ذبحت كبشاً ».

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٧ ح ٢٣.

٣ - المقنع ص ٧٩.

٤ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ص ٧١.

(١) المائدة ٥: ٩٤.

(٢) نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ص ٧٢.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) ليس في المصدر.

الباب ٢٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ١٤٦.

٢٧٧

٢٩ -( باب إباحة الدجاج ونحوه ممّا لا يطير ولا يصفّ للمحرم، ولو في الحرم، وجواز اخراجه ولو في الحرم)

[١٠٨٩٤] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه سئل عن الدجاج السندية، قال: « ليست من الصيد، لأنّ(١) الصيد من الطير ما استقل بالطيران ».

[١٠٨٩٥] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « ودجاج الحبش ليس من الصيد، إنّما الصيد ما طار بين السماء والأرض وصفّ ».

٣٠ -( باب أنّ المحرم إذا اضطر إلى الصيد أو الميتة وجب عليه اختيار الصيد، فيتناول منه ويلزمه الفداء، فإن لم يقدر فدى إذا قدر)

[١٠٨٩٦] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه سئل عن المحرم يضطرّ فيجد الصيد، والميتة أيّهما يأكل؟ قال: « يأكل الصيد، ويجزئ عنه إذا قدر ».

[١٠٨٩٧] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « وإذا اضطر المحرم فوجد صيداً وميتة أكل من الصيد، لأنّ فداءه في ماله قائم فإنّما يأكل من ماله ».

__________________

الباب ٢٩

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٠.

(١) في المصدر: إنما.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٧ ح ٢٢.

الباب ٣٠

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٨.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٠.

٢٧٨

[١٠٨٩٨] ٣ - الصدوق في المقنع: وإذا اضطر المحرم إلى صيد وميتة، فإنّه يأكل الصيد ويفدي

٣١ -( باب أن المحرم إذا صاد في الحلّ، أو أكل بيض صيد لزمه الفداء وإن صاد في الحرم لزمه الفداء والقيمة، وإن صاد المحل في الحرم فعليه القيمة، وإن صاد في مكّة أو الكعبة لزمه مع ذلك التعزير، وحكم القمري ونحوه)

[١٠٨٩٩] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ومتى أصبته وأنت حرام في الحرم فالفداء عليك مضاعف، وإن أصبته وأنت حلال في الحرم (فعليك قيمته)(١) ، وإن أصبته وأنت حرام في الحلّ فعليك قيمة واحدة ».

[١٠٩٠٠] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا أصاب الحلال صيداً في الحرم فعليه قيمته ».

[١٠٩٠١] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ومتى أصبت شيئاً من الصيد، في الحلّ وأنت محرم فعليك دم على ما وصفناه، ومتى ما أصبته في الحرم وأنت حلّ فعليك قيمة الصيد، فإن أصبته وأنت محرم في الحرم فعليك [ الفداء والقيمة فإن كان الصيد طيراً اشتريت بقيمته علفاً علفت به

__________________

٣ - المقنع ص ٧٩.

باب ٣١

١ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٩.

(١) في المصدر: فقيمة واحدة.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٣ - فقه الرضا ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ١٤٦.

٢٧٩

حمام الحرم وإن كنت محرماً وأصبته وأنت محرم في الحرم فعليك ](١) دم وقيمة الطير درهم، إلى آخر ما تقدّم ».

٣٢ -( باب أنّ المحرم إذا تكرّر منه الصيد عمداً، لم تلزمه الكفّارة إلّا في أوّل مرّة)

[١٠٩٠٢] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عزّوجلّ:( وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّـهُ مِنْهُ ) (١) قال: « من قتل صيداً وهو محرم حكم عليه أن يجزى بمثله، فإن عاد فقتل آخر لم يحكم عليه وينتقم الله منه ».

[١٠٩٠٣] ٢ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « المحرم إذا قتل الصيد في الحلّ فعليه جزاؤه، يتصدّق بالصيد على مسكين، فإن عاد وقتل صيداً لم يكن عليه جزاؤه فينتقم الله منه ».

[١٠٩٠٤] ٣ - وفي رواية أخرى: عن الحلبي، عنهعليه‌السلام ، في محرم أصاب صيداً، قال: « عليه الكفّارة، فإن عاد فهو ممّن قال الله:( فَيَنتَقِمُ اللَّـهُ مِنْهُ ) وليس عليه كفّارة ».

المقنع(١) : وإذا قتل المحرم الصيد، وذكر مثل الخبر الأول.

__________________

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر والبحار.

باب ٣٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٧ (عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ).

(١) المائدة ٥: ٩٥.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٦ ح ٢٠٧.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٦ ح ٢٠٨.

(١) المقنع ص ٧٩.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

التعميم في جانب النبي، وما يأتي في خامس الوجوه من تخصيص النبوة بالرؤية في المنام.

٢. « النبي » هو الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك، والرسول هو الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين(١) .

وهذا كما ترى يوافق الفرق المذكور في جانب النبي ويخالفه في ناحية الرسول، إذ لا يخص الرسول بمن يتحمل الرسالة بواسطة الملك بل يعمم إلى محتملها بسبب الإيحاء في المنام.

٣. « الرسول » من يأتيه الملك بالوحي عياناً ويشافهه، و « النبي » يقال لمن يوحى إليه في المنام(٢) .

وهذا يوافق الفرق المذكور في جانب الرسول ويخالفه في ناحية النبي حيث يخصصه بالرؤية في المنام وهو جعل النبي أعم منها، وإن كان قيده بعدم توسيط الملك.

٤. « الرسول » الذي تنزل عليه الملائكة بالوحي، والنبي الذي يوحى إليه في منامه، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً(٣) .

ولولا إنّه قد رتب على كلامه ما رتب، لكان ظاهره في بدء الأمر موافقاً لما تقدمه غير انّه لـمّا جعل النسبة بينهما أعم وأخص مطلقاً، وفرض أنّ النبي أعم من الرسول، فقد خالف الكلام المذكور قبله في جانب النبي وإن كان يوافقه من جانب آخر.

__________________

(١) مجمع البحرين: مادة « النبأ ».

(٢) فروق اللغة: ١٠٦.

(٣) مجمع البيان: ٧ / ٩١.

٣٦١

وكيف كان فقد استدل على كون النبوة والرسالة مرتبتين مختلفتين، وإنّ الرسول خصوص من ينزل عليه الملك، بقوله سبحانه :

( وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الهُدَىٰ إِلا أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً *قُل لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ (١) لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً ) (٢) .

ومحصل مضمون الآيتين: انّ الذي يمنع الناس عن أن يؤمنوا برسالتك أنّهم يحيلون رسالة البشر من جانب الله ( حيث قالوا:( أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً ) ) وقد أخطأوا في ذلك، فإنّ مقتضى الطبيعة الإنسانية والأرضية وعناية الله بهداية عباده، أن ينزل إلى بعضهم من أبناء جلدتهم ملكاً، من السماء رسولاً لإرشادهم، حتى أنّ الملائكة، لو كانوا كالإنسان من حيث العيش على سطح هذه الأرض، لنزّل الله إلى بعضهم ملكاً من السماء رسولاً حاملاً لوحيه، وهذا يعطي أنّ الرسول إنسان ينزل عليه ملك من السماء بدين الله ثم هو يبلغه إلى الناس بأمر الله(٣) .

قال في الكشاف في تفسير قوله:( لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً ) يعلمهم الخير ويهديهم الرشاد، فأمّا الإنس فما هم بهذه المثابة إنّما يرسل الملك إلى مختار منهم للنبوة، فيقوم ذلك المختار بدعوتهم وإرشادهم(٤) .

إلى غير ذلك من الكلمات حول الآية، وهي تفيد أنّ رسالة أي فرد من البشر أو الملائكة القاطنين في الأرض إلى أمثالهم، لا تستقيم إلّا بنزول ملك من السماء يحمل رسالة الله إلى فرد مختار في الأرض يتحملها إلى أعداله وأمثاله.

__________________

(١) أي يمشون على أقدامهم كما يمشي الإنس ولا يطيرون بأجنحتهم إلى السماء فيسمعوا من أهلها ويتعلّموا ما يلزمهم علمه.

(٢) الإسراء: ٩٤ ـ ٩٥.

(٣) الميزان: ١٣ / ٢٢١.

(٤) الكشاف: ٢ / ٢٤٦.

٣٦٢

ويشعر بذلك ما قاله موسىعليه‌السلام عندما خاطبه سبحانه بقوله:( أَنِ ائْتِ القَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ( رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ *وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ ) (١) أي أرسل إليه جبرئيل واجعله رسولاً مثلي واشدد عضدي به وقد أُجيبت دعوته حيث جعل سبحانه أخاه رسولاً مثله بقرينة قوله سبحانه:( فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) (٢) وقوله سبحانه:( فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العَالَمِينَ ) (٣) ، وهذا الوجه يؤيّده بعض الأحاديث المرويّة بطرق صحيحة سوف نشير إليها ونترجم رجال أسنادها حسب اقتضاء المقام.

هذا غاية ما يمكن أن يوجه هذا القول، غير أنّ في دلالة الآيتين على كون حقيقة الرسالة متقومة بنزول الملك على الرسول خفاء واضح.

فلأنّها سيقت لرد مزاعم بعض المشركين من امتناع أن يكون البشر رسولاً مبعوثاً من الله إلى الناس، وانّه لابد أن يكون الرسول ملكاً لا بشراً، بأنّ التماثل بين المرسل والمرسل إليهم أوفق في الغرض الذي لأجله بُعث الرسول، لأنّ بين المتماثلين من التجاذب والتلاحم ما ليس في غيره، ولأجل ذلك جرت حكمة الله على جعل الرسل بشراً ولو استقرت الملائكة في الأرض لجعل رسلهم من جنسهم أيضاً ملائكة، وليست الآية بصدد تحديد مفهوم الرسالة وإنّها متقومة بنزول الملك إلى الرسول.

أضف إلى ذلك أنّ دلالة قوله:( لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً ) على ما يرتئيه القائل مبنية على أن يكون الملك النازل من السماء، رسولاً إلى الرسول

__________________

(١) الشعراء: ١٢ ـ ١٣.

(٢) طه: ٤٧.

(٣) الشعراء: ١٦.

٣٦٣

المختار منهم لا رسولاً إليهم جميعاً، وعند ذاك يصح ما يراه القائل من كون رسالة الرسول حتى رسالة الملك بين الملائكة، تتوقف على نزول ملك من السماء إليه، ينبئه بأخبار السماء، مع أنّ ظاهر الآية خلافه وانّ الملك النازل هو بنفسه نبي الملائكة ورسولهم لا أنّه ينزل هذا الملك على ملك آخر ليكون هو الآخر رسولاً.

وأمّا الآية الثانية فلها إشعار بهذا القول، ولا يبلغ حد الدلالة، لأنّ طلب موسى من الله سبحانه أن يرسل جبرئيل إلى أخيه ليخلع عليه الرسالة، لا يدل على تحديد مفهوم الرسالة بنزول الملك فقط بل هو أحد طرقها لا طريقها المنحصر.

الفرق الخامس

النبي من يوحى إليه في المنام(١) فيطلع على بعض الملاحم والمغيبات، ولكن الرسول يشاهد الملك ويعاينه ويكلّمه ويراه.

والموافقة مع هذا القول مشكلة.

فإن أُريد أنّ النبي عبارة عمن يوحى إليه في المنام، وان حيثية النبوة قائمة بالإيحاء إلى النبي بالمنام فقط، كما انّ الرسالة متقومة بمعاينة الملك ومشاهدته، فيرده أنّ النبي صفة مشبهة بمعنى المطلع على الغيب على زنة اللازم أو المخبر عن الغيب ( إذا كان بمعنى الفاعل كما هو ظاهر بعض المعاجم ) من أي طريق اتفق، سواء أكان بالإيحاء إليه في النوم، أو بإلقاء في قلبه وروعه، أو بسماع الكلام من جبل أو شجرة أو بمعاينة الملك ومخاطبته، فلا دليل على اختصاصه بالاطلاع على الغيب بالإيحاء إليه في المنام.

__________________

(١) أوعز إليه في مجمع البحرين في مادة « النبأ »، ونقله قولاً في مجمع البيان: ٧ / ٩١، والرازي في مفاتيحه: ٦ / ٣٤٤، واختاره صاحب الميزان في مواضع من كتابه: راجع ١ / ٢٨٠، و ١٣ / ٢٢١ ـ ٢٢٢، و ١٤ / ٤٢٩ ـ ٤٣٠، وما نقلناه من الكلمات في ذيل الفرق الرابع الماضي ربما يمكن أن يشير بعضها إلى هذا الوجه.

٣٦٤

وقد خاطب الله سبحانه نبيه الكريم في كتابه المجيد بقوله:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ) في مواضع كثيرة، أو أطلق عليه النبي، فهل ترى من نفسك أن تقول: إنّ ذلك الإطلاق إنّما هو بملاك الإيحاء إليه في المنام، مع أنّ الإيحاء إليه إنّما كان بنزول الملك ـ دائماً أو غالباً ـ كما هو ظهور قوله سبحانه:( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ *عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ ) (١) .

نعم اتفق الإيحاء إليه في المنام قليلاً، كما يعرب عنه قوله سبحانه:( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِن شَاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ ) (٢) وقوله سبحانه:( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَاناً كَبِيراً ) (٣) .

على أنّه يمكن أن يقال: إنّ تلك الرؤيا وما تقدم عليها وإن كان اطلاعاً منه على الغيب ولكنه لم يكون وحياً مصطلحاً، وليس مطلق الكشف ومجرد الشهود والرؤيا الصادقة، وحياً مصطلحاً.

وإن أراد أنّ النبي مطلق من يصل إليه الخبر من جانب الله ويطلع على الغيب بواحد من الطرق التي ألمحنا إليها، وإليها يشير قوله سبحانه:( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) (٤) وانّ الإيحاء في المنام أحد هذه الطرق، فهو حق في جانب النبي وتعاضده اللغة وموارد الاستعمال، فالنبي مطلق المطّلع على الغيب

__________________

(١) الشعراء: ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٢) الفتح: ٢٧.

(٣) الإسراء: ٦٠.

(٤) الشورى: ٥١.

٣٦٥

أو المخبر عنه سواء أكان اطلاعه عليه بالإيحاء إليه في المنام أو غيره.

وأمّا تخصيصه الرسول بمعاينة الملك، فقد استدل عليه ببعض الآيات وأيّدته بعض الروايات الآتية وقد تقدم بيانه.

وقد تمسكت الطائفة الضالة « البهائية » بهذا القول وادّعت بأنّ النبي هو خصوص من يوحى إليه في الرؤيا فقط، وانّ المختوم إنّما هو النبوة بهذا المعنى، لا الرسالة بمعنى مشاهدة الملك ومعاينته قبلاً، فختم النبوة لا يلازم ختم الرسالة.

وقد وافاك إنّ هذا قول مجرد عن البرهنة، وفارغ عن أي شاهد، بل هو عبارة عن منصب معنوي يستدعي الاطلاع على الغيب بإحدى الطرق التي ألمحنا إليها، فختم هذا الباب وسده يستلزم ختم الرسالة لما سنوضح من أنّ النبوة أساس الرسالة وإنّ ختم النبوة يلازم ختم الرسالة، فانتظر.

الفرق السادس

إنّ النبي والرسول كليهما مبعوثان إلى الناس، غير أنّ النبي بعث لينبئ الناس بما عنده من نبأ الغيب لكونه خبيراً بما عند الله، والرسول هو المرسل برسالة خاصة زائدة على أصل نبأ النبوة كما يشعر به أمثال قوله تعالى:( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ) (١) وقوله تعالى:( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً ) (٢) وعلى هذا فالنبي هو الذي يبين للناس صلاح معاشهم ومعادهم من أُصول الدين وفروعه على ما اقتضته عناية الله، من هداية الناس إلى سعادتهم، هلاكاً أو عذاباً أو نحو ذلك قال تعالى:( لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (٣) ، وعلى هذا يصير الرسول أخص من النبي كما هو صريح

__________________

(١) يونس: ٤٧.

(٢) الإسراء: ١٥.

(٣) النساء: ١٦٥.

٣٦٦

قول القائل: « والرسول هو الرسول الحامل لرسالة خاصة »(١) .

وهذا الفرق لا يخلو من خفاء أيضاً فإنّ جعل الرسول من له رسالة خاصة تستتبع مخالفة العذاب لم يدل عليه دليل وما استدل به من قوله سبحانه:( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً ) لا يدل على أنّ ما رآه داخل في حقيقة الرسالة، وإنّها محددة به، والدليل على ذلك إنّه لو قال مكانه: « حتى نبعث نبياً » لكان صحيحاً أيضاً، لتمامية الحجة، ببعث النبي والرسول كليهما، كما في قوله سبحانه:( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ) (٢) فلولا إتمام الحجة ببعث النبي لما صح توصيفهم بعد البعث، بكونهم مبشرين ومنذرين.

وعلى أي حال فقد اضطرب رأيه في إبداء الفرق بين اللفظين فاختار في المقام ما نقلناه عنه، وقال في موضع آخر انّ النبي هو الذي يرى في المنام ما يوحى به إليه، والرسول هو الذي يشاهد الملك فيكلّمه(٣) .

وقد دفعه إلى اختيار ثاني النظرين وروده في الروايات ويظهر منه في موضع ثالث(٤) ما هو المختار عندنا، وسوف يوافيك بيانه.

__________________

(١) الميزان: ٢ / ١٤٥ و ٣ / ٢١٦ حيث قال: إنّ النبوة هي منصب البعث والتبليغ، والرسالة هي السفارة الخاصة التي تستتبع الحكم والقضاء بالحق بين الناس، أمّا بالبقاء والنعمة أو بالهلاك، وسيوافيك امكان إرجاع كلامه هذا إلى ما هو المعتمد عندنا، أعني: سابع الوجوه، مع تصريحه به في: ١٦ / ٣٤٥ من ميزانه.

(٢) البقرة: ٢١٣.

(٣) الميزان: ١٣ / ٢٢١ و ١٤ / ٤٢٩.

(٤) الميزان: ١ / ٢٧٤ حيث قال: النبوة معناها تحمل النبأ من جانب الله والرسالة معناها تحمل التبليغ والمطاعية والإطاعة، ونظيره ما أفاده في ١٦ / ٣٤٥ فقد عدّ التبليغ من شؤون الرسالة، مع أنّه عدّه في الجزء الثالث ص ٢١٦ من شؤون النبوة، والعصمة لله سبحانه ولمن اصطفاه من عباده.

٣٦٧

ما هو المختار عندنا ؟

وقبل الدخول في البحث نقدم أُموراً، تلقي الضوء على الحقيقة وتكشف الشك عن محيا الواقع.

الأوّل: النبأ في العرف العربي(١) الخبر الخطير الذي يستدعي الاهتمام به بالنظر إلى غاياته وآثاره فهو أخص من مطلق الخبر، وبه يسمّى النبي نبياً، لأنّه منبئ بما هو خطير من إنذار أو تبشير، والتنبّؤ إخبار بالغيب، لأنّه أظهر أفراد الخبر الخطير وأعظم مصاديق لنبأ العظيم(٢) .

النبي في اللغة مأخوذ من مادة « النبأ » بمعنى الخبر المهم العظيم الشأن أو بمعنى الارتفاع وعلو الشأن، والأوّل أظهر، وأكثر العرب لا تهمزه، بل نقل أنّه لم يهمزه إلّا أهل مكة، وقد أنكر النبي على رجل قال له: « يا نبيء الله »(٣) حيث روي أنّ رجلاً قال له: يا نبيء الله، فقال: « لا تنبر(٤) اسمي، إنّما أنا نبي الله ».

النبي « فعيل » بمعنى فاعل للمبالغة من النبأ: الخبر، لأنّه ينبئ عن الله، أي يخبر عنه، ويجوز فيه تحقيق الهمزة وتخفيفها، يقال: نَبَأ ونَبَّأ وأنبأ، قال سيبويه: ليس أحد من العرب إلّا ويقول: تنبّأ مسيلمة بالهمزة غير انّهم تركوا الهمزة في النبي، كما تركوه في الذرية والبرية والخابية إلّا أهل مكة فإنّهم يهمزون هذه الأحرف الثلاثة ولا يهمزون غيرها ويخالفون العرب في ذلك كله(٥) .

قال الجوهري: يقال نبأت على القوم إذا طلعت عليهم، ونبأت من أرض

__________________

(١) ننقل في المقام نصوص أهل اللغة والعلم في تفسير النبي والرسول.

(٢) المعجزة الخالدة: ٧١.

(٣) المنار: ٩ / ٢٢٥، ورواه الصدوق في معاني الأخبار: ١١٣.

(٤) أي لا تهمز اسمي، النبر همز الحروف.

(٥) النهاية لابن الأثير: ٥ / ٣، مادة « نبأ ».

٣٦٨

إلى أرض، إذا خرجت من هذه إلى هذه، وهذا المعنى أراده الأعرابي بقوله « يا نبيء الله » لأنّه خرج من مكّة إلى المدينة فأنكر عليه الهمزة، لأنّه ليس من لغة قريش، وقيل إنّ النبي مشتق من النبأة وهي الشيء المرتفع(١) .

حكى الصدوق في معانيه عن أبي بشر اللغوي أنّه سمع منه في مدينة « السلام » أنّ « النبوّة » مأخوذة من « النبوّة » وهو ما ارتفع من الأرض، فمعنى النبوّة: الرفعة، ومعنى النبي: الرفيع(٢) .

قال ابن فارس: إنّ النبي من النبوة وهو الارتفاع كأنّه مفضل على سائر الناس برفع منزلته، ويقولون: النبي، الطريق « النبأ » الخبر، والمعنى المخبر ومن يهمز النبي فلأنّه أنبأ عن الله سبحانه(٣) .

وقال في المعجم الوسيط(٤) النبوة سفارة بين الله عز وجل وبين ذوي العقول لإزاحة عللها، النبي المخبر عن الله وتبدل الهمزة وتدغم فيقال: النبي.

هذه نصوص أئمّة اللغة والتفسير، ولو أردنا الاستيعاب لخرجنا عما هو المقصود وكلها تهدف إلى أنّ لفظ ( النبي ) لو كان مشتقاً من « نبو » ( الناقص الواوي ) بمعنى ارتفع، فهو بمعنى المرتفع منزلة، وإن كان من النبأ بالهمزة، فهو المخبر عن الله وعلى أي تقدير، فلا ترى في كلام واحد من أصحاب المعاجم دخول أحد هذه الفروق المذكورة في صلب معناه وجوهره حسب الوضع الأوّلي، فلو دل على شيء منها فإنّما هو لعلّة أُخرى كما نشير إليه في آخر البحث.

وأمّا الرسول فقد قال الراغب في مفرداته: « أصل الرسل هو الانبعاث على

__________________

(١) راجع الصحاح مادة « النبأ ».

(٢) معاني الأخبار: ٣٩.

(٣) المقاييس: مادة « النبأ ».

(٤) أصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة.

٣٦٩

التؤدة ( التأنّي ) يقال ناقة مرسلة، سهلة المسير، وإبل مراسيل منبعثة انبعاثاً سهلاً، ومنه « الرسول » المنبعث، وتصور منه تارة الرفق فقيل على رسلك، إذا أمرته بالرفق، وتارة الانبعاث، فاشتق منه الرسول.

وقال العسكري في فروقه: أرسلت زيداً إلى عمرو، ويقتضي أنّك حملته رسالة إليه أو خبراً أو ما أشبه ذلك إلى أن قال: والنبوة يغلب عليها الإضافة إلى النبي فيقال نبوة النبي، لأنّه يستحق منها الصفة التي هي على طريقة الفاعل والرسالة تضاف إلى الله لأنّه المرسل بها، ولهذا قال برسالتي ولم يقل بنبوتي، والرسالة جملة من البيان يحملها القائم بها ليؤدّيها إلى غيره، والنبوة تكليف القيام بالرسالة فيجوز إبلاغ الرسالات، ولا يجوز إبلاغ النبوات(١) .

وكلا النصين من الراغب والعسكري، يهدفان إلى أمر واحد، وهو أنّ الرسالة نحو سفارة من الغير، لتنفيذ ما تحمله الشخص من جانب مرسله، وانّ ما نقل من الفروق من أعلام التفسير وغيره خارج عن جوهرها وصلب معناها، فإن دلّ عليها فإنّما هو لأمر آخر، كما سيوافيك بيانه.

الثاني: المفهوم من التدبر في الآيات وما في كلمات أعلام اللغة: انّ النبي هو الإنسان الموحى إليه من الله بإحدى الطرق المعروفة، وأمّا الرسول فهو الإنسان(٢) ( أو الأعم ) القائم بالسفارة من جانب شخص سواء أكان هو الله أو غيره بإبلاغ قول أو تنفيذ عمل.

وإن شئت قلت: إنّ النبوة منصب معنوي وارتقاء للنفس الإنسانية ،

__________________

(١) الفروق اللغوية: ٢٢٢، الباب الرابع والعشرون.

(٢) وما أشبه حال اللفظين: النبي والرسول بلفظي « المجتهد » و « المبلغ ».

(٣) سيوافيك بيان انّه لا يشترط في صدق الرسول كونه مبعوثاً من جانبه سبحانه، بل يعم ما لو كان مبعوثاً من شخص عادي، فانتظر.

٣٧٠

تستدعي إمكان الاطّلاع على الغيب بإحدى الطرق المألوفة، والرسالة سفارة للمرسَل ( بالفتح ) من جانب المرسِل ( بالكسر ) لتنفيذ ما تحمله منه في الخارج، أو ابلاغه إلى المرسل إليهم.

وإن شئت قلت: النبوة تحمّل الأنباء والأخبار عن الله، والرسالة تحمّل التبشير والإنذار والتبليغ من جانب أي شخص كان سواء أكان هو الله أم غيره(١) .

وتصديق ذلك يتوقف على إمعان النظر فيما نقلناه عن الأعلام في تفسير مادتي النبوة والرسالة اللتين اشتق منهما لفظا النبي والرسول.

توضيح ذلك: أنّ النبي باعتبار اشتقاقه من النبأ بمعنى الخبر(٢) كما عليه جمهور اللغويين عبارة عمّن قام به المبدأ وهو « النبأ » فلا مناص في حالة إطلاق النبي على شخص، عن اتصافه بمبدئه وقيامه به بنحو من أنحاء القيام فهو ـ بما أنّه واجد لهذا المبدأ أي الاطلاع على النبأ أو الأنباء عنه ـ نبي.

ففي أي مورد أُطلقت كلمة النبي في كلامه سبحانه أو جاءت في السنّة واللغة فلا يراد منها إلّا من خصص بهذه المكانة، أي مكانة تحمل النبأ وشرف الاتصال بالله والعلم بما عنده والإيحاء إليه بإحدى الطرق المذكورة في القرآن الكريم، أعني: سورة الشورى الآية ٥١.

ولأجل ذلك نراه سبحانه يقرن لفظ الوحي بلفظ النبيين ويقول:( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً ) (٣) .

__________________

(١) مثل قوله:( فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ ) ( يوسف: ٥٠ ).

(٢) نعم لا كل خبر أو كل نبأ، بل النبأ من الله ولو كان في اللغة موضوعاً للمعنى المطلق، لكن المصطلح استقر على استعماله في النبأ من الله.

(٣) النساء: ١٦٣.

٣٧١

وأمّا قوله سبحانه:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَٰهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) (١) فانتخاب الرسول دون النبي هو المناسب للوحي إنّما هو لأجل قوله( أَرْسَلْنَا ) الذي يناسب الرسول كما سيوافيك بيانه، والآية تهدف إلى أنّ الرسالات كلها كانت قائمة على أساس التوحيد ونفي عبادة غيره تعالى.

والمراد من الرسول في قوله سبحانه:( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ) (٢) هو أمين الوحي(٣) ، يعني أنّ الرسول ( الروح الأمين ) يوحي إلى ذلك البشر الذي أراد الله أن يكلّمه، بإذنه سبحانه فالرسول في الآية موح لا موحى إليه كما لا يخفى.

وإلى ذلك يشير العلّامة اللغوي العسكري حيث يقول في فروقه: « والإنباء عن الشيء قد يكون من غير تحمل النبأ » فيريد أنّ النبوة متقومة بتحمل الخبر ولا يشترط في صدقها كون النبي مأموراً بإبلاغه إلى الغير(٤) بخلاف الرسالة فإنّها متقومة بتلك الحيثية.

وأمّا الرسالة: فحقيقتها عبارة عن القيام، بإنفاذ عمل أو إبلاغ كلام من جانب الغير سواء أكان هو الله سبحانه أم غيره(٥) وتحمّل التبشير والإنذار كما نقلناه عن الراغب والعسكري.

ويدل على ذلك أنّ الله سبحانه إذا أراد من نبيه تبليغ كلام عنه أو تحقيق عمل في الخارج يخاطبه كثيراً بقوله:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ ) لا بلفظ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ )

__________________

(١) الأنبياء: ٢٥.

(٢) الشورى: ٥١.

(٣) وإلاّ لكان الأنسب مع قوله:( فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ) لفظ « النبي » لا « الرسول » كما لا يخفى.

(٤) نعم دلّت ظواهر الآيات على أنّ كل نبي كان مبعوثاً إلى الناس كما مضى.

(٥) سيوافيك دليل عمومية الرسالة من جانب المرسل ( بالكسر ) كما سيوافيك دليل عموميتها من جانب نفس المرسل ( بالفتح ).

٣٧٢

كقوله سبحانه:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ) (١) وقوله سبحانه:( قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً ) (٢) وهذا صريح في أنّ منصب الرسالة هو منصب التبليغ وتنفيذ أمر المرسل لا منصب نزول الوحي والإنباء عن الله مباشرة.

وأوضح منه، أنّه سبحانه إذا أراد أن يحدّد وظيفة سفرائه ويبيّن لهم أنّهم بعثوا للتبليغ والإبلاغ لا الإكراه والإلزام، يقول:( فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلا البَلاغُ المُبِينُ ) (٣) ، وقوله سبحانه:( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا البَلاغُ المُبِينُ ) (٤) سبحانه:( فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا البَلاغُ المُبِينُ ) (٥) وقوله سبحانه:( إِلا بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ) (٦) .

والنتيجة: إنّه إذا تعلّق غرضه سبحانه بالبلاغ بأشكاله المختلفة، يقرنه بالرسالة دون النبوة ويقول سبحانه:( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ ) (٧) ، ويقول سبحانه:( أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ ) (٨) ويقول أيضاً:( إِنَّمَا العِلْمُ عِندَ اللهِ وَأُبَلِّغُكُم مَا أُرْسِلْتُ بِهِ ) (٩) ، إلى غير ذلك من الآيات.

__________________

(١) المائدة: ٦٧.

(٢) مريم: ١٩.

(٣) النحل: ٣٥.

(٤) العنكبوت: ١٨.

(٥) التغابن: ١٢.

(٦) الجن: ٢٣.

(٧) الأحزاب: ٣٩.

(٨) الأعراف: ٦٢.

(٩) الأحقاف: ٢٣.

٣٧٣

ولذلك ترى المسيحعليه‌السلام لـمّا ادّعى السفارة من الله وانّه جاء من عند الله لبيان أحكامه ورسالاته خاطب قومه بقوله:( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ) (١) ولم يقل « إني نبي الله ».

من كل ذلك يمكننا أن نستنتج أنّ الرسالة سفارة من المرسل لبيان ما تحمّله ( أي فرد كان ) ونشره بين الناس، وانّ الحيثية المقومة للرسالة، أمر يستدعي التبليغ والتنفيذ، وأمّا النبوة فإنّما هي منصب يستدعي الاتصال بالله سبحانه والعلم بما عنده من معارف وأحكام، ولا صلة بين الحيثيتين، سوى انّ النبوة أساس الرسالة(٢) فلا تستقيم رسالة الإنسان من الله إلّا بارتقائه إلى مقام النبوة واتصاله بالمبدأ الأعلى، فكانت الرسالة من آثار النبوة.

ولكن هذا الأمر لا يجعل اللفظين مترادفين ومشيرين إلى معنى واحد بل كل منهما موضوع لمعنى خاص لا يختلط أحدهما بالآخر.

الثالث: انّ النبي لم يستعمل في القرآن والحديث إلّا في الإنسان الموحى إليه من الله وبما انّ الجهة المقومة للنبوة عبارة عن كونه مطّلعاً على الغيب أو منبئاً عنه، فإنّه يصير النبي عندئذ عبارة عن الإنسان الموحى إليه من جانب الله، المطلع على الغيب، أو المنبئ عنه، فاعتبر فيه قيدان :

١. كونه إنساناً.

٢. كونه موحى إليه من جانب الله سبحانه ومتحمّلاً النبأ منه عزّ وجل.

وأمّا الرسول فلمّا كانت الجهة المقوّمة لرسالته، تحمل إنفاذ عمل أو بيان قول من جانب المرسل في إطار التبشير والإنذار أو ما يشبهه فلا يلزم أن يكون إنساناً بل يمكن أن يكون ملكاً أو جنّاً كما لا يلزم أن يكون مبعوثاً من جانب الله

__________________

(١) الصف: ٦.

(٢) المراد: الرسالة من جانب الله فلا ينافي ما سيوافيك من التوسع في الرسالة.

٣٧٤

سبحانه بل أعم منه، ومن هنا تجد القرآن يتوسع في استعمال كلمة « الرسول » من ناحيتين :

الأولى: التوسع من ناحية المرسل ـ بالفتح ـ حيث أطلقه على الملك المكلّف من قبله تعالى، بإنفاذ عمل كقوله سبحانه:( قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ) (١) وقوله سبحانه:( اللهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ ) (٢) ، وقوله سبحانه:( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ) (٣) ، وهذا بخلاف النبي فإنّه لا يطلق إلّا على البشر.

الثانية: التوسع من جانب المرسل ـ بالكسر ـ فلا يخصه بالمرسل من ناحيته سبحانه بل يطلقه على مطلق المبعوث من جانب الغير كقوله سبحانه:( وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ ) (٤) ولا نفهم من( الرَّسُولُ ) في الآية إلّا نفس المعنى الذي نفهمه من قوله سبحانه:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ) (٥) وهذا التوسع(٦) في لفظ الرسول في ناحيتي المرسل ( بالكسر ) والمرسل من خصائص الرسالة ولا يوجد شيء منه في النبي، فلا يطلقه القرآن إلّا على البشر ـ دون الملك ـ وعلى الذي يوحى إليه من ناحيته سبحانه دون غيره.

__________________

(١) هود: ٨١.

(٢) الحج: ٧٥.

(٣) الأنعام: ٦١.

(٤) يوسف: ٥٠.

(٥) المائدة: ٦٧.

(٦) بل يجري نظير هذا التوسع في لفظ المرسل، لقوله سبحانه:( إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُرْسَلُونَ ) ( يس: ١٤ )، فقد اتفقت كلمة أكثر المفسّرين على أنّ المراد منه في الآية الفرقة المبعوثة من جانب المسيح إلى ابلاغ دينه وقوله سبحانه:( وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المُرْسَلُونَ ) ( النمل: ٣٥ ).

٣٧٥

نتائج البحث

يستنتج ممّا ذكرناه أُمور :

الأوّل

إنّ النبوة متقوّمة بالاتصال بالله والإنباء عنه ونزول الوحي إلى من يسند إليه منصبها بإحدى الطرق، وأمّا الرسالة فهي متقوّمة بتحمّل الرسول إبلاغ كلام من المرسل إلى المرسل إليه، مثل قوله سبحانه:( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ) (١) أو تنفيذ أمر في الخارج كما في قوله سبحانه:( قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً ) (٢) .

وعلى هذا فكل ما ذكروه في الفروق بين النبي والرسول سواء أصحت أم لا ممّا لا يدل عليه اللفظان بما لهما من المعنى اللغوي ولا هي داخلة في صلب معناهما ولا يدلاّن عليها بإحدى الدلالات الثلاث(٣) .

فالنبي هو الإنسان المتصل بالله سبحانه بسبب الإيحاء إليه، بطرقه المعهودة(٤) والرسول الشخص المرسل من جانب المرسل أي فرد كان لتبليغ أمر أو إنفاذ عمل، فليس في مفهوم الرسول المصطلح، انّه يوحى إليه، وانّه منبئ عن الله.

وإن شئت قلت: النبي: للإنسان المنبئ عن الله سبحانه، أو المطّلع على

__________________

(١) المائدة: ٦٧.

(٢) مريم: ١٩.

(٣) دلالة اللفظ على تمام معناه، دلالة مطابقية، وعلى جزئه تضمنية، وعلى لازم معناه التزامية.

(٤) وهذا هو المفهوم من مرادفه في اللغة الفارسية « پيامبر » أو « پيغمبر ».

٣٧٦

الخبر منه سبحانه، غير مقيد بشيء من هذه الفروق، كما أنّ الرسول هو الشخص المرسل من جانب أي شخص كان لتنفيذ أمر، وإبلاغ رسالة، غير محددة بشيء منها، ولأجل ذلك فإن انفرد لفظ النبي بالذكر، ولم يجمع مع لفظ الرسول لا يتبادر منه إلى الذهن إلّا المنبئ عن الله والمطّلع على الغيب فقط.

ومثله لفظ الرسول، إذا لم ينضم إليه لفظ النبي، فلا يتبادر منه إلى أذهاننا إلّا القائم بإبلاغ رسالة أو تنفيذ أمر فقط، من دون أن يتوجه الذهن إلى أحد هذه الفروق كما لا يتوجه إلى كونه مرسلاً من جانب الله، وعلى هذا فاللفظان مختلفان معنى وأمّا النسبة، فحيث إنّ القرآن يتوسع في استعمال الرسول، فيطلقه على الإنسان والملك، بخلاف النبي فلا يستعمله إلّا في الإنسان، بل يتوسع في استعمال الرسول من جانب المرسل ( بالكسر ) فيطلقه على المبعوث لا من جانبه سبحانه، مثل قوله سبحانه:( فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ ) (١) بخلاف النبي فيختص بالإنسان الموحى إليه من ناحيته سبحانه، فتكون النسبة هي الأعم والأخص مطلقاً، فليس كل رسول نبياً، لما عرفت من التوسع، وأمّا كون كل نبي رسولاً فلو قلنا بأنّ كل نبي مبعوث إلى تنفيذ رسالة ما يصح ما ذكر من النسبة: فكل نبي رسول، وليس كل رسول نبياً لما عرفت من التوسع في الجانبين.

وأمّا إذا سلمنا كون بعض النبيّين غير مبعوث إلى تنفيذ رسالة، فتنقلب النسبة إلى العموم والخصوص من وجه، فبعض النبيّين ليس برسول، كما أنّ بعض الرسل كالمبعوث من جانب غيره سبحانه ليس بنبي، وقد يجتمعان كما في نبينا وغيره من أُولو العزم وغيرهم.

ثمّ إنّي وقفت بعد ما حرّرت ذلك على كلمات تصرح ببعض ما ذكرناه :

__________________

(١) يوسف: ٥٠.

٣٧٧

١. النبوة تحمّل النبأ من جانب الله والرسالة معناها تحمل التبليغ(١) .

٢. للرسول شرف الوساطة بين الله تعالى وعباده، وللنبي شرف العلم بالله وبما عنده(٢) .

٣. الرسول هو الذي يحمل رسالة من الله إلى الناس، والنبي هو الذي يحمل نبأ الغيب الذي هو الدين وحقائقه(٣) .

٤. الأقرب انّه لا فرق بينهما من حيث إنّ كلاً منهما ينبئه الله بما يريد، فإذا أنبأه وأمره بالتبليغ أُطلقت عليه كلمة النبي، لأنّ الله تعالى أنبأه، وكلمة الرسول لأنّه تعالى أمره بالتبليغ(٤) .

٥. الرسول والنبي واحد، والاختلاف إنما هو بالنظر والاعتبار من حيث إنّه يحمل رسالة الله، يقال له رسول، ومن حيث إنّه ينبئ بها الذين أُرسل إليهم يقال نبي(٥) .

والحاصل: انّ ما ذكر من الفروق سواء أصح أم لا فكلّه في مرتبة متأخرة عن حقيقة الرسالة والنبوة غير مأخوذ في صلب معناهما وإنّما يصار إليها لقرائن أُخر.

ويظهر ممّا ذكرناه ضعف ما نقلناه عن بعض الأجلّة: « انّ ما كان من العلوم والحقائق يفاض على الإنسان بواسطة الملك بحيث يشاهده ويكلّمه مشافهة

__________________

(١) الميزان: ١ / ٢٨٤.

(٢) الميزان: ٢ / ١٤٥.

(٣) المصدر نفسه: ١٦ / ٣٤٥، المراد تحديد الرسول المصطلح، وإلاّ فليس في معناه كونه مبعوثاً من جانبه سبحانه وبذلك يظهر حال أكثر الكلمات.

(٤) الكاشف: ٥ / ٣٤٠.

(٥) المصدر نفسه: ٧ / ٩١.

٣٧٨

ويقرأ عليه كلام ربّه أو يلقي في روعه يسمّى رسالة، والإنسان الحامل رسولاً، وأمّا ما يفاض إليه بغير الطريق المذكور يسمى نبوة والإنسان العالم بهذا الطريق نبياً ».

فانّه ينقض عليه: بأنّ كل ما ذكره، وإن كان مؤيداً ببعض المأثورات لكنّه خارج عن حقيقة معنى النبوة والرسالة حسب الوضع اللغوي، ولم يثبت انّ للقرآن اصطلاحاً خاصاً أو حقيقة شرعية في إطلاق اللفظين واستعمالهما، والظاهر أنّ القرآن جرى في إطلاقه واستعماله مجرى المألوف بين أهل اللسان، ولم يجئ في المقام باصطلاح خاص.

وعلى ذلك فكل ما ذكروه من الفروق، من أنّ الرسول هو من نزل عليه كتاب أو أتى بشريعة جديدة، أو خصوص من كان مأموراً بالتبليغ من الله، أو من يتلقى الوحي عن رسل السماء والملائكة، وانّ النبي على خلافه، فلا يشترط فيه نزول الكتاب أو مجيئه بشريعة جديدة، أو كونه مأموراً بالتبليغ من الله أو غير ذلك، كلّها على فرض صحتها، خارجة عن صلب معناهما، إذ لا يدل اللفظان على واحد منها أصلاً.

وبذلك يظهر أنّ الرسول وان كان يجب إطاعته فيما يأمر وينهي، لقوله سبحانه:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ ) (١) أو أنّه وإن كان يتم الحجة على عباده سبحانه، بحيث تستتبع مخالفته هلاكاً وعذاباً، لقوله سبحانه:( لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (٢) غير انّ ذلك لا يستلزم دخول لزوم الإطاعة وإتمام الحجة في صلب معنى الرسول، فإنّ وزان قوله سبحانه:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ ) وزان قوله سبحانه:( وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ

__________________

(١) النساء: ٦٤.

(٢) النساء: ١٦٥.

٣٧٩

بِآيَةٍ إلّا بِإِذْنِ اللهِ ) (١) ، بل كلاهما من لوازم الرسالة الإلهية التي تحملها الرسل، فإنّ الهدف الأسمى من إرسال الرسل، قطع العذر على الناس، وإتمام الحجة عليهم، وعند ذاك يجب على الناس إطاعتهم فيما يأمرون وينهون من جانبه سبحانه.

ولعل إلى ذلك يشير سيدنا الأستاذ بقوله: « إنّ النبي والرسول كلاهما مرسلان إلى الناس، غير انّ النبي بعث لينبئ الناس بما عنده من نبأ الغيب لكونه خبيراً بما عند الله، والرسول هو المرسل برسالة خاصة زائدة على أصل نبأ النبوة، كما يشعر به أمثال قوله تعالى:( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ) (٢) وقوله تعالى:( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً ) (٣) .

وعلى هذا فالنبي هو الذي يبيّن للناس صلاح معاشهم ومعادهم من أُصول الدين وفروعه على ما اقتضته عناية الله من هداية الناس إلى سعادتهم، والرسول هو الحامل لرسالة خاصة مشتملة على إتمام حجّة يستتبع مخالفته هلاكاً أو عذاباً أو نحو ذلك قال تعالى:( لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (٤) ، ولا يظهر من كلامه تعالى في الفرق بينهما أزيد مما يفيده لفظهما بحسب المفهوم، ولازمه هو الذي أشرنا إليه من أنّ للرسول شرف الوساطة بين الله تعالى وبين عباده، وللنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شرف العلم بالله وبما عنده »(٥) .

__________________

(١) الرعد: ٣٨.

(٢) يونس: ٤٧.

(٣) الإسراء: ١٥.

(٤) النساء: ١٦٤.

(٥) الميزان: ٢ / ١٤٣ وقد عرضنا آراءه المختلفة في ما سبق.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407