مفاهيم القرآن الجزء ٦

مفاهيم القرآن11%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-222-6
الصفحات: 538

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 538 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 237105 / تحميل: 6088
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٦

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٢٢-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

كَربٍ قد كشفته عنّي ، وَكَم من همٍ قَد فَرّجتهُ عنّي ، وَكم مِن شدّةٍ جَعلتَ بَعدها رَخاءً.

اللهُمّ لك الحَمدُ على نِعمكَ ما نُسي مِنها ومِا ذُكرَ ، وَما شُكر منها وَما كُفرَ ، وما مَضى منها وما غَبرَ.

اللهُمّ لكَ الحمدُ عددَ مَغفرتِكَ وَرَحمتكِ ، وَلكَ الحمُد على عَفوكَ وَستركَ ، وَلكَ الحمدُ بصلاحِ أمرِنا وَحُسنِ قضائكَ وأنعُمكَ عِندنا.

اللهُمّ صلّ على مُحمدٍ وَآلِ محمدِ ، واغفر لَنا مغفِرةً عَزماً جزماً ، لا تُغادِرُ لنا ذَنباً.

اللهُمّ اغفِر لَنا ولآبائنا ولاُ مهاتنا كَما رّبونا صِغاراً ، وأدّبُونا كباراً ، اللهُمّ أعطِنا واياهُم من رَحمَتكَ أسناها وَأوسعها ، وَمن جِنانكَ أعلاها وأرفَعها ، وأوجب لَنا من رِضاكَ عَنّا ما تقُرُّ به عُيُوننا ، وَتذهب لَنا حُزننا ، وَأذهب عَنّا هُمُومنا وَغُمومنا في أمرِ ديننا ودُنيانا ، وَقنِّعنا فيها بتَيسيرِ رِزقكَ عندنا ، وَاعفُ عَنّا وعافِنا أبداً ما أبقيتنا ، وَآتنا في الدُنيا حَسنةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنةً وَقنا عَذابَ النّارِ(١) .

اليوم التاسع :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم خفيف من اوله وآخره لكل امر تريده. ومن سافر فيه رزق مالاً ورأى خيراً. فابدأ فيه بالعمل ، واقترض فيه ،

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٦ باختلاف فيه.

١٠١

وازرع فيه واغرس.

ومن حارب فيه غلب ، ومن هرب فيه لجأ الى سلطان يمنع منه ، ومن مرض فيه ثقل ، ومن ضل فيه قدر [ عليه ] ، ومن ولد فيه صلحت ولادته ووفق في كل حالاته ان شاء الله ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز آذر ، اسم الملك الموكل بالميزان يوم القيامة ، يوم محمود ليس فيه مكروه ، والاحلام فيه تصح من يومها.

الدعاء فيه لابي عبد اللهعليه‌السلام :

« اللهُمّ لكَ الحمدُ على كُلّ خيرٍ أعطَيتَنا ، ولكَ الحمدُ على كُلّ شَرٍصَرفتهُ عَنّا ، ولكَ الحمدُ عَددَ ما خَلَقتَ وذَرأتَ ، وَبَرأتَ وأنَشأتَ ، وَلكَ الحمدُ عَددَ ما أبليتَ وَأوليتَ ، وَأخذتَ وَأعطيتَ ، وأمتَّ وأحيَيتَ ، وَكُلُّ ذلكَ إليك ، تَبَاركتَ وَتعاليتَ.

لا يُذَلُّ مَن واليتَ ، وَلا يُعزُّ من عادَيت ، تُبدي وَالمعادُ إليكَ ، وَتقضي ولا يُقضى عليكَ ، وَتَستغني وَنَفتقرُ اليكَ ، فَلَبيكَ رَبّنا وَسَعدَيكَ.

ولكَ الحمدُ عَددَ ما رَبّيتَ وَآويتَ ، فَانّكَ تَرثُ الارضَ وَمنَ عَليها وَإليكَ يُرجعونَ ، وَأنتَ كَما أثنيتَ عَلى نَفسِكَ ، لا يَبلُغُ رَحَمتكَ قَولُ قائلٍ ، ولا ينقُصُك نائلٌ ، وَلا يَحفيك(١) ، سائِلٌ.

اللّهُمّ لكَ الحمدُ قَبلَ الحمدُ ، وَمُنتَهى الحمدِ ، حَقيقٌ بالحَمدِ ، حَمداً

__________________

(١) احفيت الرجل : أجهدته واستقصيت في السؤال منه. لسان العرب ـ حفا ـ ١٤ / ١٨٨.

١٠٢

على حَمدٍ ، لا يَنَبغي الحمدُ الا لكَ.

اللهُمّ لكَ الحمدُ في الليلِ إذا يَغشى ، وَلكَ الحمدُ في النّهارِ إذا تَجلّى ، وَلكَ الحمدُ في الآخرةَ وَالاولى ، ولكَ الحمدُ في السّماواتِ العُلى ، وَلكَ الحمدُ في الارضينَ السُّفلى وما تَحتَ الثّرى ، وَكُلّ شيءٍ هالكٌ الاّ وَجهُكَ ، تَبقى وَيَفنى ما سِواكَ.

اللّهُمّ لكَ الحمدُ في السّراء والضّراء ، ولكَ الحمدُ في الشدةِ والرّخاءِ ، والصّبرِ والبَلاءِ ، ولكَ الحمدُ في البُؤسِ والنّعماءِ.

اللّهُمّ لكَ الحمدُ كَما حَمدتَ نَفسكَ في أولِ الكتابِ ، وفي التَوراة والانجيلِ ، والفُرقانِ العظيمِ ، وَلكَ الحمدُ حمداً لا ينقطعُ أوّلُهُ ، ولا يَنفدُ آخرُهُ ، ولكَ الحمدُ بالاسلامِ ، ولكَ الحمدُ بالقرآنِ ، ولكَ الحمدُ بالاهلِ وَالمالِ ، ولكَ الحمدُ في العُسرِ واليُسرِ ، ولكَ الحمدُ في المُعافاةِ والشُّكرِ ، ولكَالحَمدُ على حَلمكَ بَعدَ عَلمكَ ، وَلكَ الحمدُ على عَفوكَ بعد قدرتك ، ولكَ الحَمدُ على نَعمِكَ السَّابِغَةَ عَلينا ، وَلكَ الحَمدُ على نِعَمِكَ التي لا تُحصى ، ولكَ الحَمدُ كما ظَهرتْ أياديكَ عَلينا فلم تُخفَ ، وَلكَ الحَمدُ كما كَثُرَتْ نِعَمِكَ فلم تُحص ، وَلكَ الحَمدُ على ما أحصيتَ كُلَّ شيءٍ عِلماً ، وَلكَ الحَمدُكما أنتَ أهلهُ.

لا إله الاّ أنتَ ، لا يُواري مِنكَ ليلٌ داجٍ ، ولا سماء ذاتُ أبراجٍ ، ولا أرضٌ ذاتُ فجاجٍ ، وَلا بحرٌ ذو أمواجٍ ، ولا ظُلماتٌ بَعضُها فوقَ بَعضٍ.

١٠٣

رَبّ أنّا الصَغيرُ الذي أنعمتَ فلكَ الحَمدُ ، ربّ أنا الوضيعُ الذي رَفعتَ فَلكَ الحَمدُ ، ربّ وَأنا المُهانُ الذي أكَرمتَ فَلكَ الحَمدُ ، وَأنا الراغبُ الذي أرضَيتَ فلكَ الحَمدُ ، وأنا العائِلُ الذي أغَنيتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا الخاطئ الذي عَفوتَ عَنهُ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا المذُنبُ الذي رَحمتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا الشّاهدُ الذي حَفظتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وَأنا الُمسافرُ الذي سَلّمتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا الغائِبُ الذي أدّيتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا المَريضُ الذي شَفيتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا العَزبُ الذي زَوّجتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا السّقيمُ الذي عافيتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا الجائعُ الذي أشبعتَ ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا العاري الذي كَسوتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وَأنا الطّريدُ الذي آويتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا الاعمى الذي بَصرتَ ربّ فَلكَ الحَمدُ ، وأنا الوحيدُ الذي آنست ربّ فلكَ الحَمدُ ، وأنا المخذولُ الذي نَصرتَ ربّ فلك الحَمدُ ، وأنا المهمومُ الذي فَرّجتَ عنه ربّ فَلكَ الحَمدُ ، ولكَ الحَمدُ على الذي أنعمتَ به عَلينا كَثيراً ، وَأنا الذي لم أكُن شيئاً حينَ خلقتني فلكَ الحَمدُ ، وَدَعوتك فأجبتَني فَلكَ الحَمدُ.

اللهُمّ وهذه نعمٌ خَصصتني بِها مَع نِعَمكَ على بَني آدم فيما سَخَّرتَ لَهُم وَدَفعتَ عَنهُم ذلك ، فَلكَ الحَمدُ كَثيراً ، وَلم تُؤتني شَيئاً ممّا آتَيتني مِن ذلكَ لِعملَ خَلا مِنّي ، وَلا لحقٍّ استَوجبتُ مِنكَ بهِ ذلكَ. وَلم تَصرف عنّي شَيئاً ممّا صَرفَتهُ مِن هُموم الدُينا وأوجاعِها ، وَعَجائبها وَأنواعِ بلاياها ،

١٠٤

وَأمراضها وَأسقامِها ، لا أن يَكونَ كُنتُ لَهُ أهلاً ، وَلا أن يكُونَ كُنتُ فِيه قادِراً ، لَكِن صَرَفتُه عنّي بِرحمتكَ وَحُجةً عَليّ يا أرحمَ الراحِمينَ.

اللهُمّ فَلكَ الحَمدُ كثيراً كَما أنَعمتَ عَلَيَّ كَثيراً ، وَصَرفتَ عَنّي البَلاءَ كَثيراً.

اللهُمّ صَلّ على مُحمدٍ وآل مُحَمدٍ كَثيراً ، وَاكفنا في هذا الوَقتِ وَفي كُلّ وقتٍ ما استَكفيناكَ من طَوارِقِ الليلِ والنهارِ ، فَلا كافَي لَنا سِواكَ ، وَلا ربّ لَنا غَيرُكَ ، وَاقضِ حَوائِجنا في دِينِنا وَدُنيانا ، وَآخِرتِنا وَاُولانا ، أنتَ إلهنا وَمَولانا ، حَسَنٌ فينا حُكمكَ ، عَدْلٌ فِينا قَضاؤك ، اقضِ لَنا الخَيرَ ، وَاجعلنا مَن أهلِ الخَير ، وَمّمن هُم لَمِرضاتكَ مُتّبعونَ ، وَلِسخطكَ مُفارقُونَ ، وَلِفرائضكَ مُؤَدُّونَ ، وَمِنَ التّفريطِ وَالغفلةِ آمِنون ، وَاعفُ عَنّا وَعافِنا في كُلّ الاُمور أبداً ما أبقَيتنا ، واذا تَوفَيتَنا فاغفِر لَنا وارحَمنا ، وَاجعَلنا مِن النّار فارّينَ ، والى جَنّتك داخِلين ، وَلمُحمّدٍ وأهلِ بَيتِه ِمُرافقينَ ، يا أرحَمَ الرحمين»(١) .

اليوم العاشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم صالح ( ولد )(٢) فيه نوحعليه‌السلام ، من يولد فيه يكبر ويهرم ويرزق. وهو يصلح للشراء والبيع السفر ، ومن

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٧ باختلاف فيه.

(٢) في « ك » : وجد واثبتنا ما في « ن ».

١٠٥

ضلت له فيه ضالة وجدها ، ويستحب للمريض ان يوصي فيه ، وتكتب فيه العهود ، ومن هرب فيه ظفر به وحبس في الحبس ، ومن ولد فيه عسرت تربيته ، وكان في خلقه نكداً الا ان يشاء الله تعالى ان يكون غير ذلك ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز آبان ، اسم الملك الموكل بالبحار والمياه والاودية ، يوم خفيف ، من ولد فيه يكون مرزوقاً في معيشته ولا يصيبه ضيق ابداً ، وهو مبارك ، الاّ انه من هرب فيه من السلطان وجد ، والاحلام في مدة عشرين يوماً تصح ان شاء الله.

الدعاء فيه :

إلهي كَم من أمرٍ عييتُ فيهِ فَيَسرت لي فيه المَنافَع ، وَدَفعتَ عنّي فيهِ الشّر ، وَحَفظَتني فيهِ عنِ الغيبَةِ ، وَرَزقتني فيهِ ، وَكَفيَتني الشهادةَ بلاعَمَل مني سَلَف ، ولا حَولَ ولا قُوة الاّ بكَ ، فَلكَ الحَمدُ على ذلكَ والمنُّ وَالطولُّ.

وَكَم مِن شَيءٍ غِبتُ عُنُه يا إلهي فَتَوليتُه لي ، وَسَددت فيهِ الرّأي ، وأقلتَ العثرةَ ، وأنجَحتَ فيه الطّلبةَ ، وَقوّيتَ فيهِ العَزيمةِ ، فَلَكَ الحَمدُ يا إلهي كَثيراً.

اللهُمّ صَلّ على مُحمّدٍ وآل مُحَمّدٍ ، النَّبي الاُمِّي ، الطَّيِّب الرَّضي ، المُبارَكِ التَّقي ، وعلى أهلِ بَيتِهِ الطّيبينَ الاخيارِ ، كَما صَلّيتَ على إبراهيمَ وآل إبراهيمَ إنّك حَميدٌ مَجيدٌ.

اللهُمّ إنّي أسالُك بِجميع مَحامِدِكَ والصّلاةِ على نَبيّك مُحَمّدٍ وَآلهِ

١٠٦

أن تَغفِر ذُنُوبي كُلّها ، حَدِيثها وَقَديمها ، صَغِيرها وَكَبيرها ، سرّها وَعلانيَتها ، ما عَلمتُ مِنها وما لَم أعلمُ ، وما أحصَيت أنتَ عَليّ مِنها وَحَفظتهُ يا أرحمَ الرّاحِمينَ ، وَأن تَحفظني في دِيني وَدُنياي حَتى أكون لِفَرائضكَ مُؤدياً ، وَلِمرضاتكَ مُبتغياً ، وبالاخلاصِ مُوقناً ، وَمنَ الحرصِ آمِناً ، وعلى الصّراطِ جائزاً ، ولمُحَمدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مُصاحِباً ، وَمنَ النّارِ آمناً ، وإلى الجَنّةِ داخِلاً.

اللّهُمّ عافِني في الحياةِ الدُنيا في جِسمي ، وآمِن سِربي ، وأسبِغ عَليّ مِن رِزقك الطّيّبِ ، يا إلهي وارحَمني بِرحَمتِكَ التي وَسِعت كُلّ شيءٍ في الدُنيا وَالآخرةِ ، يا أرحمَ الرّاحِمينَ.

سُبحانَكَ اللّهُمّ وبحَمدكِ ، ما أعظَمَ أسمائكَ في أهلِ السّماءِ. وأحَمدَ فعلكَ في أهل الارضِ. وأفشى خَيركَ في البَر والبَحرِ.

سُبحانكَ اللهُمّ وَبحمدِكَ ، أستغفرُكَ وأتُوبُ إليكَ ، أنتَ الرّبُّ وَأنا العَبدُ وإليكَ المَهربُ ، مُنزّلُ الغيثِ ، مُقدّرُ الاقواتِ ، قاسِمُ المَعاشِ ، قاضِيُ الآجالِ ، رازِقُ العِبادِ ، مُرويُ البِلادِ ، عَظيمُ البَركاتِ.

سُبحانكَ اللّهُمّ وَبحمدِكَ ، لا إلهَ الاّ أنتَ ، أستغفرُكَ وأتُوبُ إليكَ أنت الرّبّ يُسّبحُ الرّعدُ بِحمدكَ ، والملائكةُ من خِيفتكَ ، وَالعرشُ الاعلى ، وَالهواءُ وَما بينُهما وما تَحتَ الثّرى ، والشّمسُ والقمرُ والنُّجومُ ، وَالضياء ُوالنّورُ ، والظّلُّ والحرُورُ ، والفيءُ والظّلمةُ.

سُبحانكَ ما أعظمكَ ، يُسّبحُ لكَ من في السّماوات وَالارضِ ،

١٠٧

وَمَن في الهَواءِ ، ومَن في لُجَجِ البحارِ ، ومنَ تحتَ الثَّرى ، وما بين الخافِقَين.

سُبحانَكَ لا إله الاّ أنت ، أسألكَ إجابةَ الدُّعاءِ ، والشُّكر في الرّخاءِ ، آمين ربَّ العالمينَ.

سُبحانكَ اللهُمّ وبِحمدِكَ ، لا إله الاّ أنتَ ، فَطرتَ السُّماواتِ العُلى ، وَأوثقتَ أكنافَها ، سُبحانكَ ونَظَرتَ إلى عِمادِ الارضَين السُّفلى فَزلزلتَ اقطارَها ، سُبحانَكَ ونَظرتَ إلى ما في ( البُحورِ )(١) ولُجَجِها فَتَمَحضت ( بما )(٢) فيها فَرَقاً مِنكَ وهيبةً لكَ ، سُبحانَك وَنظرتَ إلى ما اَحاط الخافقين وَإلى ما في ذلكَ من الهواءِ فَخَشع لَكَ جميعُهُ ، خاضِعاً لجِلالكَ ، وَلِكرَمَ أكرمِ الوجُوهِ خاسِعاً.

سُبحانكَ مَن ذا الذي حَضَركَ حِينَ بنيتَ السّماوات واستَوَيتَ على عَرشكَ عَرشِ عَظمَتكَ ، سُبحانكَ من ذا الذي رَآك حِين سَطَحتَ الارضَ فَمهدتها ثُمّ دَحوتَها فَجَعلتها فِراشاً ، فَمن الذي يقدر قُدرتكَ.

سُبحانَكَ مَن ذا الذي رَآك حِينَ نصبتَ الجِبالَ فأثبتَّ أساسَها لأهلها بِرَحمةٍ منكَ لخلقكَ ، سُبحانَكَ من ذا الذي أعانَكَ حِين فَجّرتَ البُحورَ وأحطتَ بها الارضَ ، سُبحانكَ ما أفضلَ حُكمك وأمضى عِلمكَ وأحسَن خلقكَ.

__________________

(١) في نسخة « ك » : النجوم ، وما اثبتناه من نسخة « ن ».

(٢) في نسخة « ك » : لما ، واثبتنا ما في « ن ».

١٠٨

سُبحانَكَ اللهُمّ وبِحمدكَ ، منَ يَبلغ كنهَ حَمدكَ وَوصفكَ ، أو يَستطيعُ أن ينالَ مُلككَ. سُبحانكَ حارَتِ الابصارُ دونكَ ، وَامتلأتِ القُلوبُ فَرقاً منكَ ، وَوَجلاً من مَخافتكِ.

سُبحانكَ اللهُمّ وبحمدكَ ، لا إله الا أنتَ ، ما أحكَمَكَ وَأعدَلَكَ ، وأرأفَكَ وأرحمكَ وأفطركَ ، سُبحانكَ أنتَ الحي لا إله الاّ أنتَ تَباركت َوتعاليتَ عن قولِ الظّالمينَ علوّا كَبيراً(١) .

اليوم الحادي عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم ولد فيه شيث ولد آدمعليه‌السلام ، وهو يوم صالح يبتدأ فيه بالعمل والشراء ، والبيع والسفر ، ويتجنب فيه الدخول على السلطان ، ومن هرب به رجع طائعاً ، ومن مرض فيه يوشك ان يبرأ ، ومن ضل فيه سلم ، ومن ولد فيه طابت تربيته وعيشه ، ولم يمت حتى يفتقر ، ويهرب من السلطان ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز خور ، اسم الملك الموكل بالشمس ، وهو يوم خفيف مثل اليوم الذي تقدمه.

الدعاء فيه :

( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (٢)

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٤٩ باختلاف فيه.

(٢) الأسراء ١٧ : ١.

١٠٩

( سُبحانهُ وَتَعالى عما يَقُولُون عُلُوَّاً كَبيراً *تُسبّحُ لَهُ السّماواتُ السَّبعُ وَالأرضُ وَمَنْ فيهنَّ وإنْ مِنْ شَيء إلاّ يُسّبحُ بِحَمدهِ وَلكِنْ لا تَفْقهونَ تَسْبيحَهُمْ إنه كانَ حَليماً غَفُوراً ) (١) ( سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (٢) ( فَاصبِر على مَا يَقُولونَ وَسَبِّحْ بِحمدِ رَبّكَ قَبلَ طُلوعِ الشّمسِ وَقَبلَ غُروبِها وَمِنْ آناءِ الليلِ فَسبّح وأطرافَ النّهارِ لَعلّك تَرضى ) (٣) .

سُبحانَكَ سُبحانَكَ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (٤) ( سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (٥) ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (٦) سُبْحانَ الله الواحدُ القَهّارِ( سُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (٧) .

سَبحانَ اللهِ الّذي عِندهُ عِلمُ الساعةِ ، سُبحان ربّ السّماواتِ وَالأرضِ رَبّ العرشِ عَمّا يَصِفونَ ، تُسبِّحُ لهُ السّماواتِ والأرضُ( يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ

__________________

(١) الاسراء ١٧ : ٤٣ ـ ٤٤.

(٢) مريم ١٩ : ٣٥.

(٣) طه ٢٠ : ١٣٠.

(٤) الصافات ٣٧ : ١٨٠.

(٥) الأنبياء ٢١ : ٨٧.

(٦) الروم ٣٠ : ٤٠.

(٧) يس ٣٦ : ٨٣.

١١٠

وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ *هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ *لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ *يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) (١) .

يُسبِّحُ للهِ ما في السّماواتِ والأرضِ وهُو العزيزُ الحكيمُ.( هُوَ اللهُ الخَالِقُ الْبَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) (٢) لهُ الملكُ وله الحَمدُ وهو على كُلّ شيء قديٌر( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ) (٣) ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) (٤) سُبحانكَ أنت الذي( يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ *رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ ) (٥) .

سُبحانَ الّذي يُسبّحُ لهُ ما في السّماواتِ وَجَلاً ، والملائكةُ شَفقاً ، والأرضُ خَوفاً وطَمعاً ، وكُلُ يُسبّحُونُ داخِرونَ.

اللّهُمّ لَكَ الحَمدُ كُلُّهُ ، وإليكَ يَرجعُ الأمُر كُلّهُ ، أسألكَ لِديني

__________________

(١) الحديد ٥٧ : ٢ ـ ٦.

(٢) الحشر ٥٩ : ٢٤.

(٣) الانسان ٧٦ : ٢٦.

(٤) النصر ١١٠ : ٣.

(٥) النور ٢٤ : ٣٦ ـ ٣٧.

١١١

وَدُنيايَ وآخِرتي مِنَ الخيرَ كُلِّهِ ، وأعُوذُ بَكَ منَ الشَرّ كُلِّهِ ، إنّكَ تَفعلُ ما تَشاءُ وتَحكمُ ما تُريدُ ، صَلّ على مُحمدٍ وآلهِ الأبرارِ الطَّيِّبين الأخيارَ وسَلّم تَسليماً(١) .

اليوم الثاني عشر:

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم صالح للتزويج ، وفتح الحوانيت ، والشركة ، وركوب الماء. وتتجنب فيه الوساطة بين الناس. ومن مرض فيه كان وشيكاً أن يبرأ ، ومن ولد فيه كان يسير التربية ».

وقال سلمان رحمة الله عليه :روز ماه ، اسم الملك الموكل بالقمر ، يوم مختار ، وهو اليوم الاجود.

وفيه دعا الصادقعليه‌السلام بهذا الدعاء :

« سُبحانَ الّذي في السّماواتِ عَرشُهُ ، سُبحانَ مَن في الأرضِ بَطشُهُ ، سُبحانَ الّذي في البّرِّ والبحرِ سَبيلُهُ ، سُبحانَ الذي في السّماءِ سَطواتُهُ ، سُبحانَ الذي في الأرضِ شأنُهُ ، سُبحان الّذي في القبور قَضاؤهُ ، سُبحانَ الّذي في النّارِ نقمَتُهُ وعذابُهُ ، سُبحان الّذي في الجَنَّة رَحَمتُهُ ، سُبحانَ الّذي لا يَفوتُهُ هارِبٌ ، سُبحان الّذي لا مَلجأ مِنهُ الاّ إليهِ ، سُبحانَ الحيّ الذي لا يَموتُ( فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ *وَلَهُ الحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ *يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ ) (٢) ( الحَمْدُ

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٥١ باختلاف يسير.

(٢) الروم ٣٠ : ١٧ ـ ١٩.

١١٢

للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) (١) .

سُبحانهُ عَددَ كُلّ شيءٍ أضعافاً مُضاعفةً ، سَرمَداً أبداً ، كَما يَنبَغي لِعظَمتِهِ وَمَنِّه.

سُبحانكَ لا إله الاّ أنتَ وَبَحمدكَ ، سُبحانَ الله الحَليمِ الكَريمِ ، سُبحانَ اللهِ العَليّ العَظيم ، سُبحانَ مَنْ هُو الحَقُّ ، سُبحانَ القابضِ الباسِطِ ، سُبحانَ الضارَّ النّافعِ ، سُبحانَ العظيمِ الأعظَمِ ، سُبحانَ القاضي بالحَقّ ، سُبحانَ الرّفيعِ الأعلى ، سُبحان ( الله )(١) العظيمِ ، الأولِ الآخِرِ ، الظاهر الباطِنِ ، الذي هُو على كُلّ شيءٍ قديرٌ ، وَبكٌل شيءٍ عليمٌ.

سُبحانَ الذي هُو هكذا ولا هكَذا غيرُهُ ، سُبحانَ منَ هُو دائمٌ لا يَسهو ، سُبحان مَن هُو شَديدٌ لا يَضعفُ ، سُبحانَ مَن هو رَقيبٌ لا يَغفلٌ ، سُبحانَ مَن هُو حيّ لا يَموتُ ، سُبحان الدائمُ القائمُ ، سُبحانَ الحَيّ القيُّوم ، سُبحانَ الّذي لا تأخُذُهُ سِنَةٌ ولا نومٌ ، سُبحانك لا إله الاّ أنتَ وَحَدكَ لا شريكَ لكَ.

سُبحانَ من تُسبِّحُ لهُ الجبالُ الرَّواسي بأصواتِها تَقولُ : سُبحانَ رَبّي العظيمِ. سُبحانَ مَن تُسبّحُ لهُ الأشجارُ باُصولِها تقولُ : سُبحانَ

__________________

(١) الأسراء ١٧ : ١١١.

(٢) اثبتناها من نسخة « ن ».

١١٣

الملِكِ الحقَّ سُبحانَ مَن تُسبّحُ له السّماواتُ والأرضُ يَقولونَ : سُبحانَ الله العَظيمِ الحيّ الحَليمِ وَبحمدهِ ، سُبحان منَ اعتَزَّ بالعَظمةِ ، وَاحتجبَ بالقدرةِ ، وَامتنَ بالرحمةِ ، وَعلا في الرّفعةِ ، وَدَنا في الحَياةِ ، وَلمَ تخفَ عَليهِ خافياتُ السّرائرِ ، ولمَ يُوارِ عَنهُ لَيلٌ داجٌ ، ولا بحرٌ عُجاجٌ ، ولا حُجُبٌ ولا أزواجُ ، أحاطَ بكلّ الكُلّ علماً ، وَوَسعَ المُذنبينَ رافَةً وحِلماً ، وَأبدعَ ما بَرأ إتقاناً وَصُنعاً ، نَطَقَتِ الأشياءُ المُبهمةُ عَن قُدرتِهِ ، وَشَهَدَتْ مُبدعَةً بِوِحدانيتِهِ.

اللّهُمّ صلّ على مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ نَبي الهُدى وَاهل بِيِته المَيامينَ الطّاهرينَ ، وَلا تَرُدنا يا إلهنا مِنْ رَحمتكَ خائبينَ ، ولا مِن فضلكَ آيسينَ ، وأعِذنا أن نَرجعَ بعدَ إذ هَديتنا ضالّينَ مُضلينَ ، وأجرنا من الحيرةِ في الدّينِ ، وَتوَفّنا مُسلمينَ ، وألحقنا بالصّالحينَ بِمحمّد وآلهِ الطّيبينَ الطّاهرينَ ، آمينَ آمينَ يا أرحمَ الراحمينَ(١) .

اليوم الثالث عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يوم نحس يكره فيه كل امر ، وتتقى فيه المنازعات والحكومة ولقاء السلطان وغيره ، ولا يدهن فيه الرأس ، ولا يحلق الشعر ، ومن ضل فيه أو هرب سلم ، ومن مرض فيه سلم(٢) ومن ولد فيه وكان ذكراً لا يعيش الاّ ان شاء الله غير ذاك ».

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٥٩ : ٩٧ : ١٥٣ باختلاف فيه.

(٢) في نسخة « ن » : اجهد.

١١٤

وقال سلمان; روز مران (١) ، اسم الملك الموكل بالنجوم ، يوم نحس ردي ، يتقى فيه السلطان وسائر الاعمال ، ولا تطلب فيه حاجة ، والاحلام فيه تصحبعد تسعة أيام.

الدعاء فيه :

سُبحانَ الرَّفيعِ الأعلى ، سُبحانَ من قَضى بالمَوتِ على خَلقِهِ ، سُبحانَ قاضيَ الحَقّ ، سُبحانَ القادِرِ الملكِ المُقتدِرِ. سُبحانَ اللهِ وبحمدِهِ تَسبيحاً يبقى بَعدَ الفناءِ ، وَينمى في كَفَةِ الميزانِِ لِلجزاءِ. سُبحانَ المُسبّحُ لهُ تَسبيحاً كما يَنبغي لِكرمِ وَجهِهِ ، وعِزّ جَلاله ، وَعَظم ثَوابهِ. سُبحان من تَواضَعَ كُلّ شيءٍ لِعَظَمتِهِ ، سُبحانَ مَن استَسلَمَ كُلُّ شَيءٍ لِقُدرَتِهِ ، سُبحانَ مَن خَضَعَ كُلُّ شَيءٍ لِمُلكهِ ، سُبحانَ من أشرَقَتْ كُلّ ظُلمةٍ لنورِهِ ، سُبحانَ من قَدرَ وَقدُرتُهُ فُوقَ كُلّ قدرةٍ ولا يَقدرُ أحدٌ قدرَتُهُ.

سُبحانَ من أوّلُهُ لا يُوصفُ ، وَمن آخرُهُ عِلمٌ لا يبيدُ ، سُبحانَ مَن هُو عَالمُ بما تَجنُّهُ جَوانحُ القُلوبِ ، سُبحانَ مُحصي عَدَدَ الذُنوب ، سُبحانَ مَن لا تَخفى عَليه خَافيةٌ في السَّماواتِ والارضينَ ، سُبحانَ الرّبّ الوَدود ، سُبحانَ الرّب الفردِ ، سُبحانَ الاعظَمِ من كُلّ عَظيمٍ ، سُبحانَ الارحم مَن كُلّ رَحيمٍ ، سُبحانَ مَن هُو حَليمٌ لا يَعجلُ ، سُبحانَ مَن هو قائمِ لا يَغفلُ ، سُبحانَ من هُو جوادٌ لا يَبخلُ.

__________________

(١) في نسخة « ن » : تير.

١١٥

اللّهُمّ إنّي أسألُك يا ذا العِزّ الشّامخ يا قُدوسُ ، أسألُك بمنّكَ يا مَنّانُ ، وَبقُدرتكَ يا قَديرُ ، وَبحلمِك يا حليمُ ، وَبعلمِكَ عَليمُ ، وَبعَظَمتكَ يا عَظيمُ ، يا قَيّومُ يا قيّومُ يا قيّومُ ، يا حَقّ يا حقّ يا حقّ ، يا باعِثُ يا وارِثُ ، يا حَيّ يا حيّ يا حيّ ، يا اللهُ ، يا اللهُ ، يا اللهُ ، يا رَحمانُ يا رَحيمُ ، يا ذا الجَلالِ والإكرامِ ، يا رَبّنا يا رَبّنا يا رَبّنا ، يا لا إله الاّ أنتَ ، جَلّ ثناؤكَ أسألُكَ بِوجهكَ الكَريمِ ، يا سَندُ يا فَخرُ يا ذِخرُ ، يا خالقَنا يا رازِقَنا يا مُميتنا يا مُحيينا ، يا وَارثنا يا عُدتنَا ، يا أملَنا يا رجاءَنا.

أسألُكَ بِوَجهِكَ الكريمِ يا قَيّومُ ، و(١) أسألكَ بِوجهكَ الكَريمِ يا الله ، وأسألُكَ بوَحهك الكريمِ يا اللهُ ، وأسألُكَ بِوَجهكَ الكَريمِ يا أرحَمَ الرّاحمين ، وأسألُكَ بِوجهكَ الكَريمِ يا عَزيزُ وأسألُكَ بوَجهكَ الكَريمِ يا توّابُ ، وأسألكَ بوجهكَ الكريمِ يا غَفّارُ ، وَأسألُكَ بَوجهكَ الكريم يا سَتّارُ ، وأسألُكَ بوجهكَ الكريم يا قادِرٌ ، ، وأسألكَ بِوجهكَ الكَريمِ يا مُقتدرِ ، وأسألُكَ بأسمائكَ الشّريفةِ العاليةَ الكريمةَ أنْ تُصلي على مُحمدٍ وَآل مُحمّدٍ عَبدكَ ورسولكَ وَنَبيّكَ وعلى آلهِ الطّيّبين الطّاهرينَ ، بأفضَلِ صَلواتكَ وَبَركاتكُ على نَبيٍ منْ أنبيائكَ وملائكتِك أجَمعينَ.

وَعافِني في دِيني ودُنيايَ وفي جَميعِ أحوالي بِمَنّك عافِيةً تَغفرُ بِها ذُنُوبي ، وتَستُرُ بِها عيُوبي ، وَتُصلحُ بها دِيني ، وَتَجمعُ بِها شَملي ، وَتَرُدُّ بها

__________________

(١) اثبتناها من نسخة « ن ».

١١٦

غائِبي ، وَتُنجحُ بها مَطالبي ، وَتَنُصرني بِها على عَدُوّي ، وَتَكفيني بِها مَن يبتَغي أذاي وَيلتمسُ سَقطَتي ، وَتُيسّرُ بِها رِزقي ، وتُعافَيني بِها في جَسَدي ، وَتَقضي بها دُيُوني في دِيني وَدُنياي ، أنت إلهي وَمَولايَ وأنتَ أرحَمُ الرّاحمينَ(١) .

اليوم الرابع عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الصادق عن الله عز وجل : « هذا يوم صالح لكل شيء ، من ولد فيه يكثر ماله في آخر عمره ، ويكون غشوماً ظلوماً ، وهو صالح لطلب العلم والشراء والبيع والاستقراض والقرض وركوب البحر ، ومن هرب فيه يؤخذ ، ومن مرض فيه يبرأ ان شاء الله ».

قال سلمان رحمة الله عليه :روز جوش ، اسم الملك الموكل بالانفاس والالسن والريح ، وهو يوم سعيد مبارك يصلح لكل خير ، وللقاء السلطان وأشراف الناس وعلمائهم ، ومن ولد فيه يكون كاتباً أديباً ، ويكثر ماله في آخر عمره ، والاحلام فيه تصح بعد ستة وعشرين يوما ، والله أعلم.

الدعاء فيه :

اللّهُمَّ صَلّ على ( محمّد )(٢) النَبي الاُمّي وآلِ مُحمدٍ كَما صلَيتَ عَلى إبراهيم ( وآل إبراهيم )(٣) إنّكَ حميدٌ مجيدٌ ، اللّهُمّ إني أسألُكَ وأرغبُ إليكَ على أثرِ تَسبيحكَ والصّلاةِ عَلى نَبيِّكَ أن تَغفرِ لي ذُنُوبي كُلِّها ،

__________________

(١) ونقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٥٤ باختلاف فيه.

(٢ و ٣) اثبتناها من نسخة « ن ».

١١٧

قَديمِها وَحدِيثها ، كَبيرها وَصغَيرها ، سِرِّها(١) وَجَهرِها ، وَما أنا مُحصيهِ مِنها وَما أنا ناسيهِ. وَأن تَستُرَ عَلَيَّ سِائرَ عُيوبي أبَداً ما أبقَيتني ، وَلا تَفضَحني يا رَبّ. وَأن تُيَسِرَ لي مَعَ ذلكَ اُموري كُلّها ، مِن عافيةٍ تُجَلّلُها ، وَرَحمةٍ تَنشُرها ، وَعَمَلٍ صالحٍ تُوفًقُ لهُ ، ورِزقٍ تَبسطُهُ ، وَمَطالبٍ تُنجحُها ، وَحَوائج تُيسّرُها ، فأنّه لا يَقدرُ على ذلكَ ولا يَملكهُ غَيرُك.

لا إلهَ إلاّ أنتَ(٢) خَشَعتْ لكَ الاصواتُ ، وَتَحيرّت دُونكَ الصّفاتُ ، وَضَلّتْ فيكَ العُقولُ. لا إلهَ إلاّ أنتَ ، كل شيءٍ خاضعٌ لكَ ، وُكُل شيءٍ ضارِعٌ إليكَ. لا إلهَ إلاّ أنتَ ، لَكَ الخَلائقُ ، وَفي يَدكَ النّواصِي كُلّها ، وَفي قَبضَتكَ كُلّ شيءٍ ، مَن أشرَكَ بِكَ فَعَبد داخِرٌ لكَ.

أنتَ الرّبُ الّذي لا ندّ لكَ ، والدّائمُ الّذي لا نفادَ لكَ ، والقيّومُ الذي لا زوالَ لكَ ، والمَلِكُ الذي لا شريكَ لكَ ، الحَيُّ محُيي الموتى ، القائمُ على كُلّ نفسٍ بما كَسبَتْ.

لا إله إلاّ أنتَ ، الأوّلُ قَبل كُل خلقكَ ، والآخرُ بعَدهمُ ، والظّاهرُ فوقَهُم ، ورازِقَهمُ ، وقابضَ أرواحهمُ ، وموَلاهمُ ، ومُنتهى رَغباتهِم ، وموضِعَ حاجاتِهم وشكواهُم ، والدّافعُ عنهم ، والنّافعُ لَهم.

لَيس فَوقُكَ حاجزٌ يحجّزُ بَيَنك وبَينهُمْ ، ولا دُونكَ مانعٌ لك منهمُ ،

__________________

(١) في نسخة « ك » زيادة : وعلانيتها.

(٢) في نسخة « ك » زيادة : الذي.

١١٨

وفي قَبضتِكَ مَثواهمُ ، وإليكَ مُنقلَبهم ، بِكَ مُوقنونَ ، ولِفضلكَ وإحسانِكَ راجُون.

وَأنتَ مَفزعُ كل ملهوفٍ ، وَأمنُ كُلّ خائِفٍ ، ومَوضعُ كُلّ شكوى ، وَكاشِفُ كُلّ بلوى.

لا إلهَ إلاّ أنتَ ، وَلا حَولَ وَلا قُوةَ إلاّ باللهِ ، وَليُّ كُلِّ نِعمةٍ ، ودافعُ كُلِّ سَيِّئَةٍ ، ومُنتهى كُلِّ رغبةٍ ، وَقاضي كُلّ حاجةٍ.

ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلاّ بكَ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ ، الرَّحيمُ لِخَلقِهِ ، اللّطيفُ بعبادِهِ على غِناهُ عَنهُم ، وشِدَّة فَقرهِم وفاقَتِهِم إليهِ.

لا إلهَ إلاّ أنتَ ، المطّلعُ على كُلّ خَفيةٍ ، والحافِظُ لِكُلّ سَريرةٍ ، واللطيفُ لما يشاءُ والفعّالُ لما يُريدُ.

اللّهُمّ لا إلهَ إلاّ أنتَ يا أرحمَ الرّاحمينَ ، لَكَ الحَمدُ شُكراً يا عالِمَ الغَيب والشّهادةِ الرّحمن الرّحيم ، فاطِر السّماواتِ ذا الجلالِِ والإكرامِ ، أنت غافرُ الذّنبِ شديدُ العقابِ ذو الطّولِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ إليكَ المصيرُ(١) .

اليوم الخامس عشر :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا يومٌ محذورٌ في كلّ الأمور إلاّ من أراد أن يستقرضَ أو يقرض أو يشدّ ما يشتري ، ومن مرض فيه برأ عاجلاً ، ومن هرب

__________________

(١) نقله المجلسي في البحار ٩٧ : ١٥٦ باختلاف فيه.

١١٩

فيه ظفر به في مكان غريب ، ومن ولد فيه كان ألثغ أو أخرس ، إلا أن يشاء الله عز وجلّ غير ذلك ».

وقال سلمانرضي‌الله‌عنه :روز ( نمهر ) (١) ، اسمٌ من أسماء الله تعالى عزّ وجلّ ، يوم مبارك يصلح لكل عمل وحاجةٍ ، ومَن ولد فيه يكون ألثغُ أو أخرَسُ ، والاحلامُ فيه تصِح بعد ثلاثة أيامٍ ، والله أعلم.

الدعاء فيه :

أسألك اللّهُمّ يا لا إله إلاّ أنتَ بإسمك الواحِدِ الصّمدِ الفردِ الّذي لا يَعدلُهُ شيء في الأرضِ ولا في السّماءِ ، وأسألُكَ بإسمكَ العلي الأعلى ، وأسألُكَ باسمكَ العظيمِ الأعظمِ ، وأسألكَ باسمكِ الجليلِ الأجَل ، وأسألُكَ باسمكَ الّذي لا إله إلاّ هُو المَلكُ القُدّوسُ السّلامُ المؤمنُ المهُيمنُ العزيزُ الجبّارُ المُتكَبّرُ ، سبحانَكَ اللّهُمّ عَمّا يُشركونَ.

وأسألُك بإسمكَ الكريم العزيز ( و )(٢) بأنّك أنتَ الله لا إلهَ إلاّ أنتَ الخالقُ البارئُ المصورُ لكَ الاسماءٌ الحسنى يُسبّحُ لَكَ ما في السّماواتِ والأرضِ وأنتَ العزيزُ الحكيمُ ، وأسألُكَ باسمكَ المكنونِ المخزونِ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ ، وأسألُكَ اللّهُمّ باسمكَ الّذي إذا دُعيتَ به أجبتَ ، وإذا سُئلتَ به أعطيتَ ، وأسألُكَ اللّهُمّ بما تُحِبُّ به أن تُسألَ به مِن مسألةٍ ، وأسألُكَ

__________________

(١) في نسخة « ن » : ديبمهر.

(٢) اثبتناها من نسخة « ن ».

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

لديه حضوراً واقعيّاً، وليس للعلم حقيقة وراء حضور المعلوم لدى العالم ولعلّ هذا هو مراد من قال من المتكلّمين: سمعه تعالى يؤول إلى علمه بالمسموعات إذ لا جارحة له، وإلّا فالتعليل المذكور لا يكون دليلاً على عدم كونه سميعاً حقيقة.

قال الحكيم السبزواري: الله سبحانه يسمع جميع الأصوات التي كانت وستكون بسمع واحد حضوري اشراقي، ومن أسماءه الحسنى: « من لا يشغله سمع عن سمع » فمناط السمع حضور الأصوات، حتى لو فرضت حضور الأصوات لك، بلا قرع صماخ لكنت سميعاً فما ظنّك بمن حضور إله، أشد من حضورها لانفسها، فلا قيمة دفت من يقول من المتكلّمين: سمعه تعالى يؤول إلى علمه بالمسموعات إذ لا جارحة له بل الأمر كما قال شيخ الاشراق: إنّ علمه تعالى يرجع إلى بصره وسمعه لا أنّ بصره وسمعه يرجعان إلى علمه(١) .

أقول كما أنّ ارجاع سمعه إلى علمه بحجّة أنّه لا جارحة له غير صحيح، كذلك ارجاع علمه في جميع الموارد إليهما غير تامّ إلّا إذا كان المراد ارجاع خصوص علمه بهما لا مطلق علمه كما هو واضح.

وربّما يقال: « من أنّه إذا كان ملاك توصيفه سبحانه بالسميع والبصير هو حضور المسموعات والمبصرات فليكن هذا مبرّراً لتوصيفه بأنّه ذائق شامّ لامس لحضور المذوقات والمشمومات والملموسات عنده » وهذا غير تام لما عرفت أنّ شرافة الحسّين وكرامتهما وعظم نفعهما صار سبباً لتسميته سبحانه بهما دون غيرهما من أسماء الحواس الظاهرة، مضافاً لما عرفت في باب توقيفيّة الأسماء وإنّ كلّ اسم يكون موهماً لكونه جسماً أو جسمانياً فتكون التسمية به ممنوعة. نعم أهل الحديث والحنابلة والسلفية يصفونه سبحانه بهما على وجه يوهم كونه سبحانه سميعاً وبصيراً بنفس المعنى الموجود في الإنسان والحيوان، وآخر ما يوجد عند المتظاهرين بالتنزيه منهم أنّهم يقولون: إنّه سميع وبصير بلا كيف.

__________________

(١) شرح الأسماء الحسنى: ص ٣٦، للحكيم السبزواري.

١٦١

قال الأشعري: « ونثبت لله السمع والبصر ولا ننفي ذلك كما نفته المعتزلة والجهميّة والخوارج »(١) .

وقال في موضع آخر: « وزعمت المعتزلة أنّ قول الله عزّ وجلّ( وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) ( الحج / ٦١ ). معناه عليم. ثمّ أجاب بأنّه إذا قال عزّ وجلّ:( إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ ) ( طه / ٤٦ ) وقال:( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ) ( المجادلة / ١ ) فهل معنى ذلك عندكم « علم » فإن قالوا نعم، قيل لهم: فقد وجب عليكم أن تقولوا معنى قوله أسمع وأرى: أعلم وأعلم إذ كان معنى ذلك العلم. ثمّ قال: إذا كان معنى سميع وبصير هو أنّه عالم فيلزم أن يكون معنى قادر هو عالم ـ إلى آخر ما ذكره ـ(٢) .

يلاحظ عليه :

أوّلا: انّه لو قيل بأنّ كونه « سميعاً » و « بصيراً » من شعب علمه بالكلّيّات فلا شك أنّه خاطئ في رأيه لأنّ السمع والبصر من أدوات المعرفة الجزئيّة والسميع والبصير من يعرف المسموعات والمبصرات عرفاناً شخصياً جزئياً، وأمّا لو قيل بأنّه من شعب علمه بالجزئيات الذي يعبّر عنه بالعرفان والمعرفة فلا يرد عليه ما ذكره الشيخ أبو الحسن من إنكار كونه سميعاً وبصيراً وما نسب إلى المعتزلة من أنّهم ينفون أن يكون لله السمع والبصر غير صحيح فانّهم يثبتان لله سبحانه هذين الأمرين لكن بالتطور الذي قد عرفته، وسيجيء نظيره في الحياة، فالله سبحانه « سميع » بالحقيقة « بصير » واقعا والمسموعات والمبصرات مشهودة له لكن بلا حاجة إلى الحسّ وإعماله.

قال الصدوق: « وليس وصفنا له تبارك وتعالى بأنّه سميع بصير، وصفاً بأنّه

__________________

(١) الابانة: ص ١٩.

(٢) الابانة: ص ١١٧ و ١١٨.

١٦٢

عالم بل معناه ما قدّمناه من كونه مدركاً وهذه الصفة صفة كلّ حيّ لا آفة به »(١) .

وبذلك يعلم أنّ قوله « أسمع وأرى » يفيد معنيين متغايرين فقوله « أسمع » إشارة إلى حضور المسموعات وقوله « أرى » إشارة إلى حضور المبصرات عنده.

وثانيا: إنّ تفسير « السميع » و « العليم » بالعالم لا يستلزم تفسير القادر به لما عرفت من أنّ حضور المبصرات والمسموعات لدى العالم نوع معرفة له لكن معرفة جزئيّة مشخّصة لا معرفة كلّية، وأمّا القدرة فلا صلة له بالعلم، فالسمع والبصر من أدوات المعرفة والعلم دون القدرة.

وثالثا: إنّ الوحدة المصداقية، لا تلازم الوحدة المفهوميّة فكم فرق بين القول بأنّ واقع كونه بصيراً وسميعاً، هو علمه بالمبصرات والمسموعات، لا بشيء آخر، والقول بأنّ مفهومهما هو نفس مفهوم العلم وانّ الموضوع في الكلّ واحد والمدّعىٰ هو الأوّل، وما ذكر من الاشكال إنّما يترتّب على الثاني، وعلى ذلك فلا يلزم من القول بأنّهما من شعب علمه تفسير قوله سبحانه:( إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ ) : « اعلم واعلم ».

وكم للشيخ الاشعري من هذه التخليطات.

نعم الأشعري وإمام الحنابلة ومن لفّ لفّهما غير الراسخين في تنزيهه سبحانه عن الجسم والجسمانيات ربّما يروق لهم اثبات أجهزة كالعين والسمع له سبحانه ولكن لا يتظاهرون بذلك بل يتظاهرون بالتنزيه باضافة « بلا كيف »، وقد عرفت أنّ هذه اللفظة لا تفيد شيئاً في مقام التنزيه.

__________________

(١) التوحيد للصدوق: ص ١٩٧.

١٦٣

روايات أئمّة أهل البيت: في هذا المجال

قال الامام أمير المؤمنين٧ : « والبصير لا بتفريق آلة والشاهد لا بمماسّة »(١) .

وقال٧ : « ويسمع لا بخروق وأدوات »(٢) .

وقال٧ : « بصير لا يوصف بالحاسّة »(٣) .

وقال الامام الصادق٧ : « سميع بصير، أي سميع بغير جارحة، وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه »(٤) .

وقال الامام الباقر٧ : « إنّه سميع بصير: يسمع بما يبصر، ويبصر بما يسمع »(٥) .

وفي هذا الحديث إشارة إلى اتّحاد صفاته بعضها مع بعض والمجموع مع الذات لكن اتّحاداً في الخارج والمصداق لا في المفهوم.

__________________

(١) نهج البلاغة: الخطبة ١٥٥.

(٢) نهج البلاغة: الحكمة ١٨٦.

(٣) نهج البلاغة: الخطبة ١٨٢.

(٤) و (٥) التوحيد للصدوق: ص ١٤٤.

١٦٤

حرف التّاء

الثالث والعشرون: « التوّاب »

قد ورد لفظ التوّاب في الذكر الحكيم ١١ مرّة ووقع في الجميع اسماً له سبحانه قال:( فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) ( البقرة / ٣٧ ).

قال ابن فارس: التوب كلمة واحدة يدلّ على الرجوع. يقال: تاب من ذنبه أي رجع عنه، يتوب إلى الله توبة ومتاباً فهو تائب، والتوب: التوبة، قال الله:( وَقَابِلِ التَّوْبِ ) (١) .

أصل التوبة الرجوع عمّا سلف، والندم على ما فرّط، فالعبد إذا تاب يقال له تائب إلى الله بندمه على معصيته، وإذا قبل توبته يقال الله تعالى تائب على العبد بقبول توبته.

والحاصل أنّه إذا تعدّى بكلمة « إلى » يكون بمعنى التوبة وإذا تعدّى به « على » يكون بمعنى قبول التوبة، أمّا الأوّل فقال سبحانه:( فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ) ( البقرة / ٥٤ ) وقال سبحانه:( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا ) ( هود / ٣ ) وقال سبحانه:( وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( النور / ٣١ ) إلى غير ذلك من الايات.

__________________

(١) مقاييس اللغة: ج ١ ص ٣٥٧.

١٦٥

وأمّا الثاني فكما قال سبحانه:( فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) ( البقرة / ٣٧ ) وقال:( ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) ( البقرة / ٥٤ ) وقال:( لَقَد تَّابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ ) ( التوبة / ١١٧ )(٣) .

وبذلك يعلم أنّ معنى التوّاب هو قابل التوبة عن العباد وذلك لأجل وروده بعد قوله « فتاب عليه » أو « فتاب عليكم » وهو بمنزلة العلّة للجملة المتقدّمة.

١٦٦

حرف الجيم

الرابع والعشرون: « الجبّار »

قد ورد هذا اللفظ في موارد عشرة في القرآن الكريم ووقع وصفاً له في مورد واحد قال سبحانه:( المَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ( الحشر / ٢٣ ) وهو من الصفات التي إذا وقع وصفاً له سبحانه يتبادر منه المدح وإذا وصف به غيره يتبادر منه الذم. قال سبحانه:( كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) ( غافر / ٣٥ ) وقال سبحانه:( وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) ( هود / ٥٩ ) ويمكن توضيح ذلك بوجوه :

١ ـ قال ابن فارس: الجبر هو جنس من العظمة والعلوّ والاستقامة. فالجبّارُ الذي طال وفات اليد. يقال فرس جبّار ونخلة جبارة(١) .

وقال الرازي: الجبّار: العالي الذي لا ينال، ومنه نخلة جبّارة: إذا طالت وعلت وقصرت الأيدي عن أن تنال أعلاها، ومنه قوله تعالى:( إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ ) ( المائدة / ٢٢ ) أي عظماء، فيقال: رجل جبّار إذا كان متعظّماً متجبّراً لا يتواضع ولا ينقاد لأحد وهذا الاسم في حقّ الله سبحانه يفيد أنّه سبحانه وتعالى بحيث لا تناله الأفكار ولا تحيط به الأبصار، ولا يصل إلى كنه عزّه عقول العقلاء، ولا ترقي إلى مبادي اشراق جلاله علوم العلماء، وهو بهذا المعنى من صفات التنزيه(٢) .

__________________

(١) مقاييس اللغة: ج ١ ص ٥٠١.

(٢) لوامع البينات: ص ١٩٧.

١٦٧

يلاحظ عليه :

الظاهر أنّ الجبّار بمعنى واحد صفة مدح في حقّه سبحانه ووصف ذمّ في غيره، وعلى ضوء ذلك فيجب أن يفسّر على وجه يكون نفس المعنى في مورد مدحاً وفي مورد آخر ذمّاً من دون أن يكون هناك معنيان، وما ذكر من المعاني للجبّار لا يحقّق ذلك المطلوب وإليك البيان :

١ ـ الجبّار: العالي الذي لا ينال

هذا المعنى هو المتبادر ممّا ذكره « ابن فارس » و « الرازي » ولو صحّ لا يحقّق ما هو المطلوب بأن يكون معنى واحد مدحاً في حقّ الواجب وذمّاً في حقّ الممكن، فإنّ كون الشيء عالياً لا ينال مدح على كلّ حال، وتعليل كونه ذمّاً في حقّ الممكن بعدم كونه كذلك، لا يستلزم كونه وصف ذمّ في ذلك المورد وإلّا يلزم أن يكون وصف العالم في حقّ الجاهل وصف ذمّ إذا ادّعى لنفسه.

٢ ـ الجبّار: العظيم الشأن في الملك

وهذا هو المستفاد من كلام الطبرسي حيث قال: الجبّار ب‍ « العظيم الشأن في الملك » ولا يستحق أن يوصف به على الاطلاق إلّا الله تعالى، فإن وصف به غيره فإنّما يوضع اللفظ في غير موضعه فيكون ذمّاً »(١) .

يلاحظ عليه: بنفس ما لوحظ به على كلام الرازي، فإنّ ما ذكره من المعنى صحيح في حقّ البارئ سبحانه، إنّما الكلام في وجه كونه وصف ذم في حقّ غيره فالظاهر من الآيات أنّه كذلك بنفس معناه وصف ذم لا لكون المبدء غير موجود فيهم. فكم فرق بين كون الشيء وصف ذمّ، وبين كونه في حدّ ذاته مدحاً، ولكنه لأجل كونه مدعياً لما ليس فيه وصف ذمّ.

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٢ ص ١٧٩، وج ٥ ص ٢٦٧.

١٦٨

٣ ـ « الجبّار »: من يصلح الشيء بضرب من القهر

هذا المعنى يظهر من « الراغب » في مفرداته. قال الجبر: إصلاح الشيء بضرب من القهر، وقد يقال في الاصطلاح المجرد مثل قول عليٍّ٧ : « يا جابر كل كسير »(١) ويطلق على الإنسان بمعنى من يجبر نقيصته بادعاء منزلة من التعالي لا يستحقّها. وهذا لا يقال إلّا على طريق الذم(٢) .

أقول: ما ذكره محتمل في حقّه سبحانه ويمكن تقريره بوجه واضح وهو أنّه سبحانه وتعالى باعتبار جمع شتيت اُمور خلقه، ولَـمَّ شعثهم وشعب ما تفرّق عنهم، واستصلاح ما فسد منهم، ورتق ما فتق منهم، فهو جبّار من في السموات ومن في الارض دائماً(٣) .

ولكن عدّه وصف ذم بهذا المعنى أيضا في حقّ الغير أمر مشكل، فإنّ من يجبر النقيصة بادعاء منزلة من التعالي لا يستحقها ليس مذموماً إلّا من جهة عدم وجود المبدأ فيه، وهو غير كونه بذاته ذمّاً وقدحاً والظاهر أنّ قوله « بادّعاء منزلة من التعالي لا يستحقّها » ليس داخلا في معنى الجبّار وذلك لأنّه على هذا الاحتمال يصدق على الله سبحانه وعلى الناس بمعنى واحد وإلّا يلزم أن يكون مشتركا لفظياً فاذا اطلق على الله سبحانه يكون القيد هو الايجاب أعني يستحقّها مكان لا يستحقّها.

والذي يمكن أن يقال: إنّ المراد منه قهر الناس على ما يريده من دون أن يكون له ذلك الحق ويؤيّده توصيفه بالشقيّ في آية، والعنود في آية اُخرى، وهما يناسبان مع كونه بمعنى القهر والجبر ضد الاختيار. قال سبحانه واصفاً ليحيى:( وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا ) ( مريم / ١٤ ) وقال عن لسان المسيح( وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ) ( مريم / ٣٢ ) وقال سبحانه:( وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَ

__________________

(١) وفي المصباح المنير: جبرت العظم الكسير: اصلحته.

(٢) المفردات: ص ٨٦.

(٣) شرح الأسماء الحسنى للسيد حسين الهمداني: ص ٣٩.

١٦٩

اتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) ( هود / ٥٩ ) فبحكم المقابلة أي مقابلة جبّار مع البرّ، وتوصيفه بالشقاء والعناد، يعلم معنى الجبّار الموصوف به الانسان، كما أنّ المراد من قوله سبحانه:( قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ) ( المائدة / ٢٢ ) هو كونهم شديدي البطش والبأس وهو يلازم قهر الناس على الحرب والمقابلة.

الخامس والعشرون: « الجامع »

وقد ورد اللفظ في القرآن الكريم ثلاث مرّات ووقع وصفاً له سبحانه في آيتين قال:( رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ المِيعَادَ ) ( آل عمران / ٩ ).

وقال سبحانه:( إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) ( النساء / ١٤٠ ) ونظير الآية الاُولى قوله سبحانه:( يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الجَمْعِ ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ) ( التغابن / ٩ ) وقوله سبحانه:( ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ ) ( هود / ١٠٣ ).

والظاهر أنّ المراد من كونه جامعاً هو جمع الخلق في موقف القيامة بشهادة قوله سبحانه:( هَٰذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ ) ( المرسلات / ٣٨ ) وقوله سبحانه:( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ *يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ * إلّامَن رَّحِمَ اللهُ ) ( الدخان / ٤٠ ـ ٤٢ )، والذي يوضح ذلك أنّ قوله( رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ ) بمنزلة التعليل لسؤال الرحمة الوارد في الآية المتقدمة: أعني( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) ( آل عمران / ٨ ). فعلّل سؤاله الرحمة بأنّه سبحانه يجمع الناس في يوم القيامة الذي لا يغني فيه أحد عن أحد، وعلى ضوء ذلك فما ذكره الرازي من الوجوه كلّها ساقطة فلاحظ(١) .

__________________

(١) الآيات البينات: ص ٢٤٣.

١٧٠

حرف الحاء

السادس والعشرون: « الحسيب »

وقد ورد اللفظ في الذكر الحكيم أربع مرّات ووقع وصفاً له في موارد ثلاث قال سبحانه:( وَكَفَىٰ بِاللهِ حَسِيبًا ) ( النساء / ٦ ).

( إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ) ( النساء / ٨٦ ).

( وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إلّا اللهَ وَكَفَىٰ بِاللهِ حَسِيبًا ) ( الاحزاب / ٣٩ ).

وقال ابن فارس: إنّ ل‍ « حسب » اُصولا أربعة :

١ ـ العدّ. تقول: حسبت الشيء أحسبه حسباً وحسباناً

٢ ـ الكفاية. تقول: شيء حساب أي كاف

٣ ـ الحسبان. وهي جمع حسبانة وهي الوسادة الصغيرة

٤ ـ الأحسب الذي ابيضّت جلدته

والمتناسب في المقام هو المعنيان الأوّلان. أمّا الآية الاُولى فالمناسب فيها هو المعنى الأوّل بقرينة ما قبله. فالاية واردة في الارتزاق من أموال اليتامى.

قال سبحانه:( وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَىٰ بِاللهِ حَسِيبًا ) ( النساء / ٦ ).

وعلى هذا « الحسيب » بمعنى المحاسب كالنديم بمعنى المنادم، والجليس بمعنى المجالس قال تعالى:( كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ) ( الاسراء / ١٤ ) و

١٧١

معنى الآية كفى بالله محاسباً فاحذروا محاسبته في الآخرة كما تحذرون محاسبة اليتيم بعد البلوغ، وإلى ذلك يرجع تفسيره بأنّه بمعنى « رقيبا » يحاسبهم عليه. فإنّ الحساب لغاية الرقابة والحفظ، ومثله من فسّره بالحفيظ فانّ الكلّ من الغايات المترتبة على العدّ والحساب. وربّما يحتمل أن يكون من الأصل الأوّل بمعنى « وكفى بالله حسيبا » أي شاهداً على دفع المال إليهم وكفى بعلمه وثيقة.

وأمّا الآية الثانية أعني قوله تعالى:( وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ) ( النساء / ٨٦ ) فالظاهر أنّه أيضاً من الأصل الأول وإليه يرجع تفسيره ب‍ « حفيظا » فانّ الحفظ نتيجة العدّو الحساب.

وأمّا الآية الثالثة:( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إلّا اللهَ وَكَفَىٰ بِاللهِ حَسِيبًا ) ( الاحزاب / ٣٩ ) فالظاهر أنّه من الأصل الثاني أي كفى كفاية بقرينة قوله:( وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إلّا اللهَ ) ويحتمل أن يكون من الأصل الأوّل أي حافظاً على أعمال خلقه، ومحاسباً ومجازياً عليها.

السابع والعشرون: « الحفيظ »

وقد ورد « الحفيظ » في القرآن الكريم احدى عشرة مرّة ووقع وصفاً له سبحانه في آيتين :

قال سبحانه:( فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) ( هود / ٥٧ ).

وقال سبحانه:( وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إلّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) ( سبأ / ٢١ ).

وفي آية ثالثة جاء وصفاً للكتاب قال سبحانه:( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ) ( ق / ٤ ).

وأمّا معناه فقد قال ابن فارس: له أصل واحد يدلّ على مراعاة الشيء و

١٧٢

التحفّظ وقلّة الغفلة والحفاظ: المحافظة على الامور.

وقال الراغب: الحفيظ: الحافظ.

ولكن المناسب للآيتين الأوّليتين تفسيره « بعليم »، نعم هو في الآية الثالثة بمعنى الحافظ، يظهر ذلك بالامعان في معنى الايات.

الثامن والعشرون: « الحفيّ »

قد ورد « الحفي » في الذكر الحكيم مرّتين ووقع وصفاً له في آية واحدة. قال حاكياً عن ابراهيم عند ما هجر آزر:( قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ) ( مريم / ٤٧ ).

وقال في غيره سبحانه:( يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللهِ ) ( الأعراف / ١٨٧ ).

قال ابن فارس: « إنّ للحفي اُصولاً ثلاثة: المنع، واستقصاء السؤال، والحفاء خلاف الانتعال »(١) .

ومن الأصل الثاني قوله سبحانه:( إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا ) ( محمد / ٣٧ ) أي أن يجهدكم بمسألة جميع أموالكم ويبالغ في المسألة تبخلوا.

وأمّا الحفيّ عند ما وقع وصفاً له فهو بمعنى البرّ اللطيف ولا يرجع معناه إلى الاصول التي طرحها ابن فارس ولأجل ذلك فسّره الراغب بما ذكرناه وقال: الحفيّ: البرّ اللطيف وأضاف: يقال أحفيت بفلان وتحفّيت به: إذا عنيت بإكرامه، والمناسب لسياق الآية هو هذا لأنّ الآية تذكر وعد ابراهيم لأبيه آزر انّه سيستغفر له وكأنّه يريد: ويقبل سبحانه دعائي لأنّه حفيّ بي.

__________________

(١) مقاييس اللغة: ج ٢ ص ٨٣.

١٧٣

التاسع والعشرون: « الحكيم »

قد ورد لفظ « الحكيم » في القرآن الحكيم ٩٧ مرّة ووقع اسماً له سبحانه في ٩٢ مورداً.

وأمّا الموارد الاُخر، فقد وقع وصفاً للاُمور التالية: ١ ـ الذكر، ٢ ـ الكتاب، ٣ ـ القرآن، ٤ ـ الأمر، قال سبحانه:( ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيات وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ ) ( آل عمران / ٥٨ )، وقال تعالى:( آيَاتُ الْكِتَابِ الحَكِيمِ ) ( يونس / ١ ولقمان / ٢ ) وقال:( يس *وَالْقُرْآنِ الحَكِيمِ ) ( يس / ١ ـ ٢ ) وقال:( كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) ( الدخان / ١ ).

وأمّا معناه في اللغة فقد مضى البحث عنه في تفسير أحد أسمائه: « أحكم الحاكمين » فقلنا: إنّ له أصلاً واحداً وهو المنع، وسمّيت حكمة الدابّة بها، لأنّها تمنعها، يقال: حكّمت الدابّة وأحكمتها، والحكمة هذا قياسها، لأنّها تمنع من الجهل.

وممّا يجدر بالذكر أنّه لم يقع الحكيم اسماً له سبحانه إلّا معه اسم آخر من علمه وعزّته وغيرهما، وإليك الآيات التي ورد فيها اسم الحكيم مع سائر الأسماء ونذكر من كل قسم آية واحدة.

١ ـ العليم: قال سبحانه:( قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إلّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الحَكِيمُ ) ( البقره / ٣٢ ).

٢ ـ العزيز: قال سبحانه:( وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) ( البقرة / ١٢٩ ).

٣ ـ الخبير: قال سبحانه:( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ ) ( الأنعام / ١٨ ).

٤ ـ التوّاب: قال سبحانه:( وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ) ( النور / ١٠ ).

١٧٤

٥ ـ عليّ: قال سبحانه:( أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) ( الشورى / ٥١ ).

٦ ـ واسع: قال سبحانه:( وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ) ( النساء / ١٣٠ ).

٧ ـ حميد: قال سبحانه:( تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) ( فصلت / ٤٢ ).

وأمّا معناه فقد اختلفوا فيه على أقوال :

١ ـ ذهب « الأزهري » إلى أنّه من صفات الله كالحكم والحاكم ومعاني هذه الأسماء متقاربة والله أعلم بما أراد بها وعلينا الايمان بأنّها من أسمائه.

يلاحظ عليه: أنّ القرآن نزل للتدبّر والتعقّل لا للتلاوة فقط وارجاع معاني ألفاظها إلى الله سبحانه، وإنّما يرجع إليه كنه حقائقها.

٢ ـ قال ابن الاثير: الحكم والحكيم بمعنى الحاكم وهو القاضي فهو فعيل لمعنى فاعل.

يلاحظ عليه: أنّه لا ينطبق على جميع الايات. مثلا يصحّ في قوله سبحانه:( فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ( المائدة / ٣٨ ) ولا يصحّ في قوله:( وَمَا النَّصْرُ إلّا مِنْ عِندِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ( الانفال / ١٠ ) أو قوله:( وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ( الأنفال / ٧١ ) أضف إلى ذلك أنّ القاضي ليس من معاني الحاكم وإنّما يستعمل فيه بمناسبة خاصّة.

٣ ـ هو الذي يحكم الأشياء ويتقنها فهو فعيل بمعنى مفعل.

٤ ـ الحكيم: ذوالحكمة والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم وبه فسّر العلّامة الطباطبائي قوله:( وَالْقُرْآنِ الحَكِيمِ ) ( يس / ٢ ) قال: وقد وصف القرآن بالحكيم لكون الحكمة مستقرّة فيه وكذلك حقايق المعارف وما يتفرّع

١٧٥

عليها من الشرائع والعبر والمواعظ(١) .

٥ ـ الحكيم بمعنى العالم. ذهب إليه الجوهري، قال الحكم والحكمة من العلم، والحكيم: العالم، والحكم: العلم والفقه. قال الله تعالى:( وَآتَيْنَاهُ الحُكْمَ صَبِيًّا ) أي علما وفقهاً، وفي الحديث: إنّ من الشعر لحكمة أي أنّ في الشعر كلاماً نافعاً يمنع من الجهل والسفه وينهى عنه(٢) .

يلاحظ عليه: أنّه لو صحّ تفسير الحكيم بالعليم فإنّما هو في ما إذا كان مجرّداً عن العليم مع أنّه استعمل في الذكر الحكيم منضمّاً إليه. قال سبحانه:( قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إلّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الحَكِيمُ ) .

وقال الصدوق: معناه انّه عالم والحكمة في اللغة العلم، ومنه قوله عزّ وجلّ( يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ) ومعنى ثان أنّه محكم وأفعاله محكمة متقنة من الفساد، وقد حكمته وأحكمته لغتان، وحكمة اللجام سمّيت بذلك لأنّها تمنعه من الجهل الشديد وهي ما أحاطت بحنكِه(٣) .

والظاهر أنّ الحكيم أخذ من الحكم بمعنى المنع فلو اُطلق على العلم فلأنّه يمنع الجهل، ولكنّه إذا وصفت به الأفعال يكون المراد منه كونها محكمة متقنة مصونة محفوظة عن الفساد وبما أنّه وقع في كثير من الآيات تعليلاً للحكم يستظهر أنّ المراد هو المتقن فعله، مثلاً إنّ الملائكة تعتذر عن عدم علمهم بالأسماء بقولهم:( لا عِلْمَ لَنَا إلّا مَا عَلَّمْتَنَا ) . ثمّ تعلّل قصورها عن علمها بها بقوله:( إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الحَكِيمُ ) أي ما قمت به من تعليم آدم وعدم تعليمنا فهو ناشئ عن علمك بالواقع أو فعلك المتقن، ومثله قوله سبحانه الذي حكم فيه بقطع يد السارق وأتمّ كلامه بقوله( وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) وهذا الحكم صدر عن الله الغالب المتقن

__________________

(١) الميزان في تفسير القرآن: ج ١٧ ص ٦٢.

(٢) لسان العرب: ج ١٢، مادة « حكم » ص ١٤٠.

(٣) التوحيد للصدوق: ص ٢٠١.

١٧٦

حكمه وفعله وقس على ذلك سائر الايات، وإلى ذلك يرجع تفسير الحكيم بذي الحكمة، فهو سبحانه حكيم في تشريعه، حكيم في تكوينه، متقن في كل ما يشرع ويكون، المراد من الاتقان اتقان التدبير وحسن التقدير الذي يدلّ عليه قوله سبحانه:( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ) ( الفرقان / ٢ ).

ومنه يعلم أنّ تفسيره بالمنزّه عن فعل ما لا ينبغي من فروع هذا المعنى، فإنّ التحرّز من العبث من فروع الاتقان، قال سبحانه:( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ) ( ص / ٢٧ ).

والحاصل أنّ الحكم بمعنى المنع، والحكيم يراد به المتقن بصلة بين الاتقان والمنع، فمن أتقن فعله تشريعاً وتكويناً فقد منع من طروء الزوال والفساد، ومن تحرّز عن العبث في فعله فقد صان فعله عن الفساد والزوال.

وعلى ضوء ذلك يستفاد من الحكيم أمران: أحدهما كون الفعل في غاية الإحكام والإتقان.

ثانيهما: كون الفاعل لا يفعل قبيحاً ولا يخلّ بواجب.

والثاني من لوازم الأوّل.

وعلى ذلك فهو من صفات الذات بوجه ومن صفات الفعل بوجه آخر فبما أنّ القيام باتقان الفعل والتجنّب عن العبث سيتوقّف على العلم الوسيع فهو من صفات الذات، وبما أنّ الفعل يوصف بالحكمة والاتقان وبالحقّ والتنزّه عن الباطل فهو من صفات فعله، وإليك البحث في كلا المقامين على وجه الاجمال.

الحكيم: المتقن فعله

أمّا اتقان الفعل فيكفي في ذلك معطيات العلوم الطبيعيّة فقد كشفت عن الإتقان الهائل في الفلكيّات والطبيعيّات ويكفي في ذلك ملاحظة كل عضو من أعضاء الانسان فقد حفّ بقوانين وسنن تُدهش النفوس وتبهر العقول.

١٧٧

قال سبحانه :

( وَتَرَى الجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) ( النمل / ٨٨ ) وقال الإمام علي٧ : « قدّر ما خلق فَأحكم تقديره »(١) .

وقال٧ : « مبتدأ الخلائق بعلمه، ومنشئهم بحكمه، بلا إقتذاء وتعليم ولا احتذاء لمثال صانع حكيم »(٢) .

ثمّ إنّ بعض المغرورين أثاروا شكوكاً حول حكمته تعالى وسألوا عن فوائد الاُمور التالية :

١ ـ الزائدة الدوديّة.

٢ ـ اللوزتان.

٣ ـ ثدي الرجل

٤ ـ صيون الاذن

٥ ـ الفضاء الوسيع

ولكن الاعتراض بهذه الأعضاء نتيجة الجهل المطبق وذلك لضآلة علوم الانسان وقلّة اطّلاعه على سنن الكون ورموزه فوضع عدم العلم بالفائدة مكان عدمها مع أنّ العلم كشف عن فوائدها وقد أوضحنا حالها في أبحاثنا الكلامية(٣) .

الحكيم: المنزّه عن فعل ما لاينبغي

هذا هو المعنى الثاني للحكمة غير المعنى الذي سبق توضيحه وإن كان من

__________________

(١) نهج البلاغة: الخطبة ٩١.

(٢) نهج البلاغة: الخطبة ١٩١.

(٣) لاحظ الله خالق الكون: ص ٣٧٠ ـ ٣٧٨.

١٧٨

لوازمه عند الدقّة، وأساس ذلك هو توصيف الأفعال بالحسن والقبح الذاتيّين، وتمكّن العقل من دركهما وعلى ضوئه توصيفه سبحانه بالحكيم أي من لا يفعل القبيح ولا يخلّ بالواجب، وقد اختلفت كلمة المتكلّمين في حسن الأفعال وقبحها هل هما عقليان وإنّ للعقل درك حسن الفعل بذاته وقبحه كذلك أو لا ؟ فالعدليّة على الأوّل، وأهل الحديث والحنابلة وبعدهم الأشاعرة على الثاني حيث ذهبوا إلى أنّه لا حكم للعقل في حسن الأفعال وقبحها، فلا حسن ولا قبح لها قبل الشرع، فكل ما أمر به الشرع فهو حسن، وكل ما نهى عنه فهو قبيح، فلو عكس الشارع القضية فنهى عمّا أمر وأمر بما نهى تنقلب القضيّة من حيث الحسن والقبح. هذا والخوض في هذه المسأله بمبادئها ومقدماتها يحوجنا إلى القيام بتأليف كتاب مفرد ولأجل ذلك نأتي هنا بملخّص القول الذي فصّلناه في منشوراتنا الكلامية(١) .

١ ـ ما هو المراد من الحسن والقبح العقليين

أ ـ المراد من الحسن والقبح العقليّين الذاتيّين، ثبوتهما للأفعال بما هي من غير حاجة إلى ضمّ حيثيّة تعليلية أو تقيّدية بل وزان الحسن والقبح في الأفعال وزان الزوجيّة بالنسبة إلى الأربعة، فكما أنّه لا يحتاج الزوجية في ثبوتها له إلى شيء وراء فرض كون الشيء أربعة فهكذا الحسن والقبح لا يفتقر توصيف الأفعال بأحدهما سوى فرض وجودها. هذا هو الذي ذهب اليه المحقّقون وهو المختار عندنا وعلى هذا فالحسن حسن على كل حال، والقبيح قبيح على كل حال غير أنّ الانسان ربّما يضطر إلى ارتكاب القبيح لترك الأقبح فيكون الفعل موصوفاً بالقبح لكن رخّص لأجل دفع المحذور الأهم، وفي مقابل هذا القول أقوال اُخر نسبت إلى العدليّة نشير إلى رؤوسها.

ب ـ إنّهما ثابتان لذوات الأفعال لكن لا على وجه العليّة التامّة بل على وجه الاقتضاء فمن الممكن أن تعارض ذلك الاقتضاء جهة خارجية تمنعها عن مقتضاها و

__________________

(١) لاحظ بحوث في الملل والنحل: ج ٢، ص ٢٧٦ ـ ٢٩٥، والالهيات: ج ١، ص ٢٤٩ ـ ٢٥٤.

١٧٩

القائلون بهذا القول يتمسّكون بالصدق والكذب، فيتبدّل حسن الصدق إلى القبح إذا كان ضارّاً، وقبح الكذب إلى الحسن إذا كان نافعاً.

ج ـ إنّ الأفعال انّما تتّصف بالحسن والقبح إذا قيست إلى الجهات الخارجية فالعدل بما أنّه سبب لبقاء النظام، والظلم بما أنّه هادم له يوصفان بالحسن والقبح فليست الأفعال في حدّ ذاتها حسنة ولا قبيحة وإنّما توصف بهما بالنظر إلى الجهات الخارجية، وإلى ذلك القول يرجع كل من قال بأنّ حسن العدل وقبح الظلم من القضايا المشهورة التي اتّفق العقلاء على حسن الأوّل وقبح الثاني.

د ـ التفصيل بين الحسن والقبح فالأوّل يكفي فيه نفس الذات دون الثاني، ونسب هذا القول إلى أبي الحسين البصري وكأنّه يريد أن الحسن يستند إلى نفس الذات والقبح يرجع إلى أمر خارج عنها.

ه‍ ـ إنّهما يتبعان للفعل بالوجوه والاعتبارات، فليس شيء منها مستنداً إلى نفس الذات ولا يعد من الصفات اللازمة للأفعال وذلك كضرب اليتيم فإنّه حسن لو كان بنيّة التأديب، وقبيح لو كان بنيّة الايذاء.

ولك أن ترجع مجموع أقوال القائلين بالحسن والقبح العقليين إلى اُصول ثلاثه :

أ: إنّ الحسن والقبح من الامور الذاتيّة، فلو قلنا بأنّ نفس الفعل علّة تامّة فهو القول المختار، وإن قلت إنّه من قبيل المقتضي فهو القول الثاني.

ب: إنّ الحسن والقبح ليسا من الامور الذاتيّة بل من الامور الاجتماعيّة والعقلائيّة، فكل فعل وقع في اطار مصلحة الفرد والمجتمع فهو حسن، وما وقع في خلافه فهو قبيح، وإلى هذا القول يرجع كل من أراد اثبات الحسن والقبح للأفعال بتعليلها بالمصالح الفردية والإجتماعية.

ج ـ إنّ الحسن والقبح يتبعان نيّة الفاعل وهدفه، فربّ فعل يصير حسناً إذا

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538