مفاهيم القرآن الجزء ٦

مفاهيم القرآن11%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-222-6
الصفحات: 538

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 538 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 237804 / تحميل: 6119
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٦

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٢٢-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

( اللهُ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ الحَيُّ الْقَيُّومُ ) ( آل عمران / ٢ ).

وقال سبحانه:( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ) ( طه / ١١١ ).

وقال سبحانه:( وَتَوَكَّلْ عَلَى الحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ) ( الفرقان / ٥٨ ).

وقال سبحانه:( هُوَ الحَيُّ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) ( غافر / ٦٥ ).

وأمّا معناه فقد قال ابن فارس: ل‍ِ « الحي » أصلان أحدهما خلاف الموت والاخر الاستحياء الذي هو ضدّ الوقاحة، فأمّا الأوّل فالحياة والحيوان وهو ضدّ الموت والموتان ويسمّى المطر حيّاً لأنّ به حياة الأرض، والأصل الآخر قولهم استحييت منه استحياء(١) .

وقد ذكر الراغب أنّ الحياة تستعمل على أوجه :

١ ـ القوّة النامية الموجودة في النبات والحيوان.

٢ ـ القوّة الحسّاسة وبه سمّي الحيوان حيواناً.

٣ ـ القوّة العاملة العاقلة.

٤ ـ ارتفاع الغمّ، واستشهد لذلك بقول الشاعر :

ليس من مات واستراح بميّت

إنّما الميّت، ميّت الأحياء

٥ ـ الحياة الاخروية الأبدية.

٦ ـ الحياة التي يوصف بها البارئ فإذا قيل فيه تعالى « هو حيّ » فمعناه لا يصحّ عليه الموت وليس ذلك إلّا لله عزّ وجلّ(٢) .

__________________

(١) المقاييس: ج ٢، ص ١٢٢.

(٢) المفردات: ص ١٣٨ ـ ١٣٩.

٢٠١

والظاهر أنّ للحيّ معنى واحداً والخصوصيّات تعلم من الخارج وإليك توضيحه.

الحياة ومراتبها

لا شك أنّ كلّ واحد منّا يميّز بين مادة حيّة ومادة غير حيّة، وبين جسم حيّ، وجسم ميّت إلّا انّه رغم ذلك لا يستطيع أحد إدراك مفهوم الحياة في الموجودات الحيّة، فالحياة أشدّ الحالات ظهوراً ولكنّها أصعبها مراساً على الفهم، وأشدها استعصاء على التحديد.

وبعبارة اُخرى: الحياة ضدّ الموت، وهي وإن كانت أظهر الأشياء مفهوماً لكنّها من أخفاها حقيقة، ولهذا اختلف في تفسير وتبيين حقيقتها، وذهب العلماء فيه مذاهب شتّى.

إلاّ أنّها حسب نظر علماء الطبيعة هو ما يلازم آثاراً أربعة في المتّصف بها وهي :

١ ـ الجذب والدفع.

٢ ـ النمو والرشد.

٣ ـ التوالد والتكاثر.

٤ ـ الحركة وردّة الفعل.

بينما ذهب آخرون مذهباً آخر في تعريف الحياة فقالوا :

هي قدرة الوحدة العضوية على مباشرة الوظائف الضروريّة لحفظ الذات، ووظيفة التكاثر، وعلى كلّ حال فإنّ هذه التعاريف تعاريف بخصائص الحياة، وآثارها ولوازمها وليست لبيان ما تقوم به حقيقة الحياة لما نرى من البعد الشاسع بين الحياة النباتية والحياة البشرية.

٢٠٢

وإلّا فإنّ خصائص الحياة والأحياء لا تنحصر في ما ذكر، فإنّ للحياة مراتب ودرجات تتفاوت حسب شدّتها وضعفها.

فالنبات الحيّ ما تجتمع فيه الخصائص الأربع المذكورة.

ولكنّ الحياة في الحيوان تزيد على ذلك بالحسّ والشعور، فالحيوان كائن حيّ بمعنى أنّه يملك مضافاً إلى الخصائص الأربع خصيصة اضافية وهي خصيصة الشعور والحس بشكل واضح وملموس(١) .

وهذا الكمال الزائد المتمثّل في الحسّ والشعور لا يجعله مصداقاً مغايراً للحياة بل يعدّ مصداقاً أكمل لها.

غير أنّ خصائص الحياة لا تقتصر على هذا بل هناك حياة أعلى وأشرف وهو أن يتملّك الكائن الحيّ مضافاً إلى الخصائص الخمس خصيصة الادراك العلمي والعقلي والمنطقي، فهو حيّ على الوجه الأتمّ والأبسط.

وبعبارة اُخرى: انّ ما ذكروه من الخصائص إنّما حاولوا بها ادخال جميع الكائنات الحيّة حتى النباتات تحت عنوان واحد، وليس شيء من هذه الخصائص بمقوّم لواقع الحياة ومكوّن لحقيقتها.

أضف إلى ذلك انّ هذه التعاريف صدرت من علماء الطبيعة الذين لا هدف لهم إلّا التعريف بالحياة في الموجودات الحيّة الطبيعية في عالمي النبات والحيوان، ولأجل ذلك نجدهم يعرّفون الحياة والأحياء بتلك التعاريف، ولا عتب عليهم في ذلك لأنّ مهمّتهم ليس هو التعريف الفلسفي للحياة حتى يعمّ جميع مراحلها.

فهذه التعاريف مع أنّها تعريف بالخصائص دون المقوّمات تعريف لقسم خاص من الحياة الموجودة في عالم الطبيعة.

__________________

(١) وإن أثبت العلم الحسّ والشعور في النباتات لكن لا بشكل عام بل في بعض الأنواع.

٢٠٣

وعلى كلّ تقدير فهذه التعاريف تنفعنا في فهم حقيقة الحياة على وجه الاجمال.

أمّا التعريف الجامع للحياة الذي يشمل جميع مراتبها من النبات إلى الإنسان فهو أن يقال: إنّ الحياة حقيقة واقعيّة أثرها هو وجود ما يشبه بالحسّ والحركة في الموجود الحيّ.

فالحركة في النبات عبارة عن أعمال الجذب والدفع والرشد والنمو، والتوالد والتكاثر وما شابهها.

وأمّا الحسّ والشعور فهو أثر محسوس في الحيوان وثابت في بعض أصناف الأشجار حسب التجربة وهاتان الخصيصتان توجدان في الإنسان بنحو أقوى وآكد وأكمل، فالحركة فيه تتجلّى مضافاً إلى ما في النبات والحيوان في أنّه مبدأ الأفعال وصنائع عجيبة وغريبة تحيّر العقول، وتدهش الألباب.

كما أنّه مضافاً إلى أنّه حاسّ ذوشعور ـ يمتلك قدرة عقليّة ـ وفكراً رفيعاً يقدر به على درك رموز الخلق، وقوانين الكون وعلى حلّ المعادلات وغير ذلك.

فعند ذلك يقف الإنسان على أنّ ما هو ملاك الحياة مع الغضّ عن أنّ لها مفهوماً خاصاً في كلّ مرتبة ـ هو كون الموجود درّاكا(١) . وفعّالاً، وهي موجودة في عامّة المراتب، غير أنّ تلك الحقيقة تتجلّى في كلّه مرتّبة بشكل.

ففي النبات بالجذب والدفع والنمو والرشد والتوالد والتكاثر مع الحسّ النباتي الذي أثبته العلم والتجربة.

وفي الحيوان يتجلّى في الأفعال المذكورة مع الشعور الخاصّ الذي ربّما يكون في البعض أكمل من البعض.

__________________

(١) ليس المراد منه هو الادراك الموجود في الانسان وما فوقه بل المراد حقيقة الدرك والوقوف على الحقائق أو ما شئت فعبّر.

٢٠٤

وفي الإنسان مضافاً إلى الخصائص الموجودة في الدرجات السابقة يتجلّى في أفعاله العجيبة والغريبة وصنائعه البديعة مع ادراكه المسائل العقلية والفلسفية.

فالناظر إلى حقيقة الحياة في جميع الدرجات إذا غضّ النظر عن خصائص كلّ مرتبة وعن التعريف بالمرتبة ينتقل إلى أنّ الحيّ هو الموجود المدرك الفعال، فاذا كانت هذه هي حقيقة الحياة فالله تبارك وتعالى حيّ بأكمل حياة.

وإن شئت قلت: إذا أردنا تعريف الحياة الموجودة في كلّ مرتبة من المراتب فلا يمكن إطلاقها على الله سبحانه.

وأمّا إذا نظرنا إلى « حقيقة الحياة » الموجودة في جميع هذه المراتب، المجرّدة من خصائص تلك المراتب وخصوصيّاتها، انتزع العقل مفهوماً كلّيّاً ينطبق على جميع المراتب، وهو كون الشيء فاعلاً ومدركاً أو فعّالاً ودرّاكاً، وإن كان تجلّي ذلك يختلف من مرتبة إلى اُخرى حسب ضعف المرتبة وقوتها.

وهذه المسألة حقيقة ثابتة في كثير من الأسماء، فإنّ لفظة « المصباح » يوم وضعت كانت تطلق على الضوء الحاصل من اشتعال غصن شجر، غير أنّ هذه الحقيقة تكاملت حسب تكامل الحضارة والتمدّن فصارت تطلق على المصباح الزيتي والنفطي والغازي والكهربائي بمفهوم واحد وسيع.

وما ذلك إلّا لأنّ الحقيقة المقوّمة لصحة إطلاق تلك الكلمة هي كون الشيء منوّراً لما حوله، فهذه الحقيقة مع اختلاف مراتبها موجودة في جميعها، وفي المصباح الكهربائي على نحو أتمّ.

إنّ من الوهم أن يتوقّع إنسان مفكّر تحديد حياته سبحانه من خلال ما نلمسه من الحياة الموجودة في النبات أو الحيوان أو الإنسان.

كما أنّ من الوهم أن يتوقع أن تكون حياته تعالى رهن فعل وانفعال كيمياوي أو فيزياوي.

٢٠٥

فإنّ كلّ ذلك ليس دخيلاً في حقيقة الحياة وإن كان دخيلاً في تحقّق الحياة في درجة خاصّة إذ لولا هذه الأفعال في النبات والحيوان والإنسان لامتنعت الحياة، لكن دخلها في مرتبة خاصّة لا يعدّ دليلاً على كونه دخيلاً في حقيقة الحياة، كما أنّ اشتعال المصباح بالفتيلة لا يعدّ كون الفتيلة مقوّما للمصباح، وإنّما هو مقوّم لدرجة خاصّة، وعندئذ نخرج بالنتيجة التاليه وهي :

إنّ ما هو المقوّم للحياة هو كون الموجود مدركاً وفاعلا أو ما يضاهي هذه الكلمات.

وإن شئت قلت: فعّالاً ودرّاكاً حسب درجته ومرتبته فالفعل والدرك في الحيوان والنبات يتنزّل إلى حد الحس والحركة، ويتجلّى بهما، ولكنّه في الإنسان وما فوقه إلى أن يصل إلى مبدأ الوجود والحياة بشكل آخر الذي ربّما يعبّر عنه بالفعل والدرك والخلق والعلم وما يقوم مقامهما.

وقال الامام الباقر٧ :

« إنّ الله تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره نوراً لا ظلام فيه، وصادقاً لا كذب فيه وعالماً لا جهل فيه وحيّاً لاموت فيه وكذلك هو اليوم وكذلك لا يزال أبداً(١) .

وقال الامام موسى بن جعفر٧ :

« إنّ الله لا إله إلّا هو كان حيّاً بلا كيف ولا أين ولا كان في شيء ولا كان على شيء كان عزّ وجلّ إلهاً حيّاً بلا حياة حادثة وبلا كون وصوت ولا كيف محدود ولا أين موقوف ولا مكان ساكن بل حيّ لنفسه »(٢) .

وفي الختام نقول: إنّ حياته تعالى كسائر صفاته الكمالية صفات واجبة

__________________

(١) توحيد الصدوق: ص ١٤١.

(٢) المصدر نفسه: ص ١٤١.

٢٠٦

لا يتطرّق اليها العدم ولا يعرض لها النفاد والانقطاع، لأنّ تطرّق ذلك اليها يضادّ وجوب الوجود وضرورته فهو حيّ لا يموت كما يقول سبحانه عن نفسه :

( وَتَوَكَّلْ عَلَى الحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ) ( القرفان / ٥٨ ).

٢٠٧
٢٠٨

حرف الخاء

الرابع والثلاثون: « الخالق »

قد ورد لفظ الخالق في الذكر الحكيم ثماني مرّات ووقع اسماً له في آيات سبع كما أنّه ورد لفظ « الخلّاق » مرّتين وسمّي سبحانه به في كلا الموردين.

قال سبحانه:( ذَٰلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ) ( الأنعام / ١٠٢ ).

وقال سبحانه:( هُوَ اللهُ الخَالِقُ الْبَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ ) ( الحشر / ٢٤ ).

إلى غير ذلك من الايات.

وقال سبحانه:( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الخَلاَّقُ الْعَلِيمُ ) ( الحجر / ٨٦ ).

وقال سبحانه:( بَلَىٰ وَهُوَ الخَلاَّقُ الْعَلِيمُ ) ( يس / ٨١ ).

وقد مرّ معنى الخلق في الاسم الحادي عشر أعني « أحسن الخالقين » فلاحظ، غير انّا نركّز هنا على نكتة وهو انّ هناك آيات صريحة في حصر الخالقيّة فيه سبحانه وإنّه لا خالق سواه.

ويقول سبحانه:( قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ( الرعد / ١٦ ).

وقال سبحانه:( هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ ) ( الفاطر / ٣ ). وفي الوقت نفسه يصف نفسه

٢٠٩

( أَحْسَنُ الخَالِقِينَ ) ( المؤمنون / ١٤ ) وينسب الخلق إلى غيره ويقول :

( أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ ) ( آل عمران / ٤٩ ).

ويقول سبحانه:( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي ) ( المائدة / ١١٠ )

ثمّ إنّ الأشاعرة والعدلية اختلفوا في تفسير هاتين الطائفتين من الآيات فالطائفة الاُولى حصروا الخالقية فيه سبحانه وأنكروا السببية للأسباب الطبيعية كما أنكروا تأثير الإنسان في أفعاله، وقالوا: إنّه سبحانه يخلق الجواهر والأعراض وأفعال الإنسان والحيوان والنبات بنفسه مباشرة، فإذا أراد الإنسان فعلاً يسبقه سبحانه إلى إيجاد الفعل المطلوب له من دون أن يكون للإنسان وإرادته واختياره فيه تأثير حتى أنّهم أنكروا تأثير العلل الطبيعية على وجه الاطلاق وذهبوا إلى أنّ الاحراق فعل الله عند تكوّن النار ولا صلة له بها، كما أنّ التبريد يوجد به سبحانه مباشرة عند تحقّق الماء من دون ارتباط بينهما وقس على ذلك الكائنات الجوية والظواهر الأرضية فأنكروا النظم الطبيعية كلّ ذلك حرصاً على حفظ ظواهر الايات.

قال الدكتور البوطي(١) :

إنّ من أسماء الله عزّ وجلّ « القيّوم » ومعناه القائم باُمّ المخلوقات على الدوام والاستمرار، وقد فصل هذا المعنى في مثل قول الله عزّ وجلّ في مثل:( إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا ) ( الفاطر / ٤١ ).

__________________

(١) إنّ الدكتور « محمد سعيد رمضان البوطي السوري » في كتابه « السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب اسلامي » أدى حقّ الموضوع وأثبت انّ اتباع السلف ليس بمعنى الانحباس في حرفية الكلمات التي نطقوا بها أو المواقف الجزئيّة التي اتّخذوها. ( السلفية مرحلة زمنية مباركة: ص ١٢ ). لكنّه مع الأسف قد حبس نفسه وفكره في اطار الفكر الاشعري وقبله الحنبلي، ولم يخلص نفسه عنه ونظر إليها نظر تقديس وتنزيه وكأنّ منهجهم قد افرغ من رصاص أو نحاس لا يقبل الخداش، ومن الموارد التي تبع الدكتور ذلك المنهج بحرفيته مسألة سلب التأثير للفواعل الطبيعية والعلل المادّيّة.

٢١٠

وقوله عزّ وجلّ:( وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ) ( الروم / ٢٥ ).

وقد علمنا أنّ امساك الله السموات والارض ورعايته لها وهدايته إيّاها للقيام بما توجّه إليها من الأوامر التكوينيّة وكلّ ذلك مستمر دائم يتجدد لحظة فلحظة.

فهل يتّفق هذا البيان الالهي لاسم الله « القيّوم » مع ما يقرره الفلاسفة من أنّ الله أودع في كلّ شيء طبيعة وقوّة فهو بها يحقّق آثاره، وينتج معلولاته، وذلك لأنّه إذا تصوّرنا الأمر على هذا النحو فقد بطلت صفة القيوميّة في ذات الله عزّ وجلّ وبطل معنى قوله: « يمسك السموات والارض أن تزولا » لأنّ الأشياء بعد أن أُودعت فيها قواها أصبحت تؤدّي مهمّاتها استقلالا ودونهما حاجة إلى أي عون مستمر فتصبح كالجهاز العقلي الآلي المعروف اليوم حيث لا يحتاج إلى أكثر من أن يملأ بالمعلومات التوجيهيّة إذ هو بعد ذلك يؤدّي عمله دون أي معونة مستمرة أو حتى رقابة من صاحب هذا الجهاز أو صانع(١) .

يلاحظ عليه أوّلا :

انّه إذا كان الوحي الالهي هو المصدر الوحيد في ذاك المجال فالله سبحانه كما ينسب الآثار والأفعال إلى نفسه ينسب إلى جنوده وملائكته وعباده نسبة حقيقيّة سبحانه مع أنّه القيّوم، ومعناه حسب قول الكاتب القائم بأمر المخلوقات على الدوام والاستمرار ينسب التوفّي إلى نفسه مرّة ويقول:( اللهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ) ( الزمر / ٤٢ ). وإلى رسله ثانياً ويقول:( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ) ( الأنعام / ٦١ ). وإلى الملائكة ثالثاً ويقول:( فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ) ( محمد / ٢٧ ).

ولا نشكّ في أنّ القرآن خال عن الاختلاف والتناقض، فإذا كان معنى كونه قيوماً قائماً بأمر المخلوقات على الدوام والاستمرار، وكان القول بأنّ هناك سبباً وعلّة اُخرى تقوم ببعض الاُمور في مجال الكون والطبيعة مخالفاً لذلك، فما معنى نسبة

__________________

(١) المصدر نفسه: ص ١٧٦ ـ ١٧٧.

٢١١

التوفّي إلى الملائكة والرسل، وهل يمكن أن يقال: إنّ النسبة الثانية والثالثة نسبتان مجازيّتان ؟ أو أنّ هناك وجهاً آخر به تنحلّ عويصة هذا النوع من الآيات وهو انّ الممكن بذاته وفعله قائم به سبحانه، قيام المعنى الحرفي بالاسمي، لو قام بفعل أو تأثير فإنّما هو بقدرة مفاضة إليه في كلّ آن وآن ( إن صحّ التعبير بالآن من حيث هي أصغر وحدة زمنية نعرفها ).

وثانياً: إنّه ليس نسبة الممكن إلى الواجب كنسبة البناء إلى البنّاء حيث يستغني البناء عن الباني في بقائه ودوامه لأجل القوىٰ الطبيعيّة المودوعة فيه التي توجب تماسكه والتصاقه وبقائه، فإنّ ذلك التصوير تصوير خاطئ، فانّ الباني ليس موجداً للبناء حدوثاً ولا بقاء، وإنّما هو علّة الحركة، أي تحريك أدوات البناء من حجر وطين وجصّ وتركيبها ونضدها بشكل خاص، وفي مثل ذلك يصحّ استغناء البناء عن الباني ولو غاب أو مات، لبقى كما هو محسوس.

وأمّا نسبة العلل الطبيعية إلى الله سبحانه فليس من تلك المقولة فإنّها في حدوثها وبقائها، ذاتها وفعلها محتاجة إليه سبحانه قائمة به والوجود ذاتاً وفعلاً، يفيض من المبدئ دوماً آناً فآناً، بحيث لو انقطعت الصلة بين رب العزّة والعلل الطبيعية لما كان منها عين ولا أثر، فلا ترى الشمس ولا ضياءه ولا القمر ولا نوره، وفي مثل ذلك لا يتصور استقلال الممكن في ذاته وفعاله، وما ذكره الكاتب مبنيّ على حاجة العالم في حدوثه إلى البارئ لا في بقائه، وهو تصوّر باطل لا ينسجم مع كونه ممكناً ولو أورد بالتشبيه والتنزيل فلنا أن نقول :

« إنّ نسبة العلل الطبيعية إلى الله سبحانه نظير نسبة المعنى الحرفي إلى الاسمي فإنّها لا تستغني عن المعنى الاسمي لا في عالم التصوّر ولا في مقام التحقّق عنه أو كنسبة الصور الذهنيّة إلى النفس، وفي مثل ذلك التحدّث عن الاستغناء والاستقلال تحدّث خاطئ ».

وبذلك تعلم قيمة قوله « بعد أن اودعت فيها قواها المزعومة أصبحت تؤدّي

٢١٢

مهمّاتها استقلالاً فتصبح كجهاز العقل الآلي المعروف اليوم » وهذا يعرب عن أنّه تصور أنّ نسبة العوالم الامكانية إلى الواجب كنسبة البناء إلى الباني، فإنّ القول بوجود القوىٰ في الأسباب الطبيعية ليس بمعنى استقلالها في الوجود والايجاد بل بمعنى أنّ وجودها وايجادها وجوهرها وآثارها قائمة به ومؤثّرة بحوله وقوّته وأمره وإذنه، فهو الذي أعطى قوّة الاحراق للنار وقوة التبريد للماء:( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا ) ( يونس / ٥ ).

وينزل منه فيض الوجود إلى الممكنات دوماً وفي كلّ لحظة فلحظة وآن وآن.

وثالثاً: نتنزّل عن كلّ ما ذكرنا ونقول: إنّ نسبة العلل الطبيعية إلى الله سبحانه لا تقلّ عن نسبة الوكيل إلى الموكل والعبد إلى مولاه، ومدير الشركة إلى أصحابها.

فالعبد يعمل لمولاه، والوكيل يشتري ويبيع في متجر الموكّل، والمدير يخطّط اُمور التجارة ويمهّد لها، والكلّ مبادئ أفعال وآثار وفي الوقت نفسه ينسب أفعالهم إلى السيّد والموكّل وأصحاب الشركة، وما ذلك إلّا لأجل انّهم قاموا بهذه الاُمور ونالوا هذا المنصب بإذنهم وأمرهم وإرادتهم، وإذا لم يريدوا حالوا بينهم وبين أفعالهم، ولأجل ذلك فلو باع الوكيل دار الموكّل ينسب الفعل إليهما جميعاً لكن الوكيل غير مستقل والموكّل مستقل، وفعل الوكيل فعله بالتسبيب.

هذا هو الخط الذي يجب أن يمشي عليه المفسّر في تنسيق هذه الآيات وتفسيرها، والمراد الآيات التي ينسب الفعل الواحد إلى الله سبحانه وفي الوقت نفسه إلى الإنسان وإلى غيره وإليك نماذج من هذا النوع من الآيات :

١ ـ يقول سبحانه:( قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَىٰ ) ( البقرة / ١٢٠ ). فترى أنّه يحصر الهداية في الله سبحانه وفي الوقت نفسه يسمّي النبي هادياً ويقول:( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) ( الشورى / ٥٢ ). فما معنى الحصر المتقدّم ونسبة الهداية إلى النبي الأكرم ؟

والجمع أنّ الهداية الأصيلة القائمة بالله مختصّة به، وأمّا الهداية المفاضة

٢١٣

المكتسبة المأذونة فإنّما هو للعبد، فهناك هداية واحدة تنسب إلى الله أوّلاً وإلى الثاني استقلالاً وتبعاً، والله سبحانه هاد بلا شكّ والنبي الأعظم هاد حقيقة بلا شائبة مجاز، لكن بتمكين وإقدار وإذن منه، ومثل ذلك لا يوجب كون النبي مستقلاً في فعله ويكون كجهاز العقل الآلي.

٢ ـ يأمر القرآن ـ في سورة الحمد ـ بالاستعانة بالله وحده، إذ يقول :

( وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) .

في حين نجده في آية اُخرى يأمر بالاستعانة بالصبر والصلاة، إذ يقول :

( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ) ( البقرة / ٤٥ ).

٣ ـ يعتبر القرآن الكريم الشفاعة حقاً مختصّاً بالله وحده، إذ يقول :

( قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ) ( الزمر / ٤٤ ).

بينما يخبرنا ـ في آية اُخرى ـ عن وجود شفعاء غير الله كالملائكة :

( وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إلّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللهُ ) ( النجم / ٢٦ ).

٤ ـ يعتبر القرآن الإطلاع على الغيب والعلم به منحصراً في الله، حيث يقول :

( قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إلّا اللهُ ) ( النمل / ٦٥ ).

فيما يخبر الكتاب العزيز في آية اُخرى عن أنّ الله يختار بعض عباده لاطلاعهم على الغيب، إذ يقول :

( وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ) ( آل عمران / ١٧٩ ).

٥ ـ ينقل القرآن عن إبراهيم٧ قوله بأنّ الله يشفيه إذا مرض حيث يقول:( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) ( الشعراء / ٨٠ ).

٢١٤

وظاهر هذه الآية هو حصر الشفاء من الأسقام في الله سبحانه، في حين أنّ الله يصف القرآن والعسل بأنّ فيهما الشفاء أيضاً، حيث يقول :

( فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ) . ( النحل / ٦٩ )

( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ ) ( الاسراء / ٨٢ ).

٦ ـ إنّ الله تعالى ـ في نظر القرآن ـ هو الرزّاق الوحيد، حيث يقول :

( إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ المَتِينُ ) ( الذاريات / ٥٨ ).

بينما نجد القرآن يأمر المتمكّنين وذوي الطول بأن يرزقوا من يلوذ بهم من الضعفاء، إذ يقول :

( وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ ) ( النساء / ٥ ).

٧ ـ الزارع الحقيقي ـ حسب نظر القرآن ـ هو الله كما يقول :

( أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ *ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ) ( الواقعة / ٦٣ و ٦٤ ).

في حين انّ القرآن الكريم ـ في آية اُخرى ـ يطلق صفة الزارع على الحارثين، إذ يقول :

( يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ) ( الفتح / ٢٩ ).

٨ ـ إنّ الله هو الكاتب لأعمال عباده، إذ يقول :

( وَاللهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ) ( النساء / ٨١ ).

في حين يعتبر القرآن الملائكة ـ في آية اُخرى ـ بأنّهم المأمورون بكتابة أعمال العباد، إذ يقول :

( بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) ( الزخرف ٨٠ ).

٩ ـ وفي آية ينسب تزين عمل الكافرين إلى نفسه سبحانه يقول :

( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ ) ( النمل / ٤ ).

٢١٥

وفي الوقت نفسه ينسبها إلى الشيطان :

( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ ) ( الأنفال / ٤٨ ).

وفي آية اُخرىٰ نسبها إلى آخرين وقال :

( وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) ( فصّلت / ٢٥ ).

١٠ ـ مرّ في هذا البحث حصر التدبير في الله حتى إذا سئل من بعض المشركين عن المدبّر لقالوا: هو الله، إذ يقول في الآية ٣١ من سورة يونس :

( وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ ) .

بينما اعترف القرآن بصراحة في آيات اُخرى بمدبّريّة غير الله حيث يقول :

( فَالمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ) ( النازعات / ٥ ).

فمن لم يكن له إلمام بمعارف القرآن يتخيّل لأوّل وهلة أنّ بين تلك الآيات تعارضاً غير أنّ الملمّين بمعارف الكتاب العزيز يدركون أنّ حقيقة هذه الاُمور ( أعني الرازقيّة والشفاء و ) قائمة بالله على نحو لا يكون لله فيها أيّ شريك فهو تعالى يقوم بها بالاصالة وعلى وجه « الاستقلال » في حين أنّ غيره محتاج إليه سبحانه في أصل وجوده وفعله، فما سواه تعالى يقوم بهذه الأفعال والشؤون على نحو « التبعيّة » وفي ظل القدرة الالهية.

وبما أنّ هذا العالم هو عالم الأسباب والمسببات، وأنّ كل ظاهرة لابدّ أن تصدر وتتحقّق من مجراها الخاص بها المقرر لها في عالم الوجود، ينسب القرآن هذه الآثار إلى أسبابها الطبيعية دون أن تمنع خالقية الله من ذلك، ولأجل ذلك يكون ما تقوم به هذه الموجودات فعلاً لله في حين كونها فعلاً لنفس الموجودات، غاية ما في الأمر انّ نسبة هذه الامور إلى الموجود الطبيعي نفسه إشارة إلى الجانب « المباشري » فيما يكون نسبتها إلى « الله » إشارة إلى الجانب « التسبيبي ».

٢١٦

ويشير القرآن إلى كلا هاتين النسبتين في قوله سبحانه :

( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللهَ رَمَىٰ ) ( الأنفال / ١٧ ).

ففي حين يصف النبي الأعظم بالرمي، إذ يقول بصراحة « إذ رميت » نجده يصف الله بأنّه هو الرامي الحقيقي، وذلك لأنّ النبي إنّما قام بما قام بالقدرة التي منحها الله له، فيكون فعله فعلا لله أيضاً، بل يمكن أن يقال: إنّ انتساب الفعل إلى الله ( الذي منه وجود العبد وقوّته وقدرته ) أقوى بكثير من انتسابه إلى العبد بحيث ينبغي أن يعتبر الفعل فعلاً لله لا غير، ولكن شدّة الانتساب هذه لا تكون سبباً لأن يكون الله مسؤولاً عن أفعال عباده، إذ صحيح انّ المقدّمات الأوّلية للظاهرة مرتبطة بالله وناشئة منه إلّا أنّه لـمّا كان الجزء الأخير من العلّة التامّة هو إرادة الإنسان ومشيئته بحيث لولاها لما تحققت الظاهرة، يعدّ هو مسؤولاً عن الفعل.

الخامس والثلاثون: « الخلاّق »

وقد تبيّن حاله ممّا ذكرناه في الاسم السابق.

السادس والثلاثون: « الخبير »

وقد ورد لفظ الخبير في الذكر الحكيم ٤٥ مرّة وجاء اسماً له سبحانه في جميع الموارد، واستعمل تارة مع « الحكيم » واُخرى مع « البصير » وثالثة مع « العليم » ورابعة مع « اللطيف ».

قال سبحانه:( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ ) ( الأنعام / ١٨ ).

وقال سبحانه:( وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ) ( الشورى / ٢٧ ).

وقال سبحانه:( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ( الحجرات / ١٣ ).

٢١٧

وقال سبحانه:( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ) ( الأنعام / ١٠٣ ).

ويستظهر معناه ممّا قورن به من كونه حكيماً وبصيراً وعليماً ولطيفاً.

قال ابن فارس: « خبر » له أصلان: الأوّل العلم، والثاني يدل على لين ورخاوة وغزر، فالأوّل الخبر: العلم بالشيء، تقول لي بفلان خبره وخبر، والله تعالى الخبير أي العالم بكلّ شيء، وقال الله تعالى:( وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) ، والثاني الخبراء وهي الأرض الليّنة والخبير الأكّار وهو من هذا، لأنّه يصلح الأرض ويدمّثها ويلينها »(١) .

وقال الراغب: « العلم بالأشياء المعلومة من جهة الخبر، وخبرته خبراً وخبرة وأخبرت وأعلمت بما حصل لي من الخبر، وقيل الخبرة: المعرفة ببواطن الأمر ».

وفسّره الصدوق بمطلق العلم وقال: « الخبير معناه العالم، والخبر والخبير في اللّغة واحد، والخبر علمك بالشيء، يقال لي به خبر أي علم »(٢) والظاهر انّ المراد هو الثاني وهو العلم بكنه الشيء والخبير هو المطّلع على حقيقته وإليه يشير قوله:( فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ) ( الفرقان / ٥٩ ).

وقوله:( وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) ( فاطر / ١٤ ). نعم الخبير صفة المخلوقين إنّما يستعمل في العلم الذي يتوصل به في الاختبار والامتحان والله منزّه منه(٣) .

وأمّا حظ العبد فيمكن أن يكون مظهراً لهذا الاسم بالبحث والفحص عن أسرار الكون ودقائقه، ومحاسن الأخلاق وقبائحه.

__________________

(١) مقاييس اللغة: ج ٢ ص ٢٣١.

(٢) كتاب التوحيد: ص ٢١٦.

(٣) لوامع البينات للرازي: ص ٢٤٨.

٢١٨

السابع والثلاثون: « الخير »

وقد ورد لفظ « الخير » مرفوعاً في الذكر الحكيم ١٧٦ مرّة ووقع اسماً ووصفاً له سبحانه مرّتين.

قال سبحانه:( وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ) ( طه / ٧٣ )، وقال( قُلِ الحَمْدُ للهِ وَسَلامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ) ( النمل / ٥٩ ).

هذا في ما وقع له وصفاً مفرداً، وأمّا إذا اُضيف إلى اسم من أسمائه سبحانه فقد جاء في الذكر الحكيم الأسماء التالية :

١ ـ خير الحاكمين. ٢ ـ خير الراحمين. ٣ ـ خير الرازقين. ٤ ـ خير الغافرين. ٥ ـ خير الفاتحين. ٦ ـ خير الفاصلين. ٧ ـ خير الماكرين. ٨ ـ خير المنزلين. ٩ ـ خير الناصرين.١٠ ـ خير الوارثين. ١١ ـ خير حافظا.

وهذا الأخير شبه المضاف ولذلك أتينا به في عداد المضاف، ونقدّم البحث عن « الخير » غير المضاف ثمّ نأتي بالمضاف من « الخير ».

« الخير » كما قال ابن فارس خلاف الشرّ والضرّ.

قال سبحانه:( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ ) ( آل عمران / ١٨٠ ).

وقال سبحانه:( وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إلّا هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( الأنعام / ١٧ ). وفي جميع الأحوال، وخير مقيّد ونسبيّ وهو أن يكون خيراً لواحد، وشراً لآخر كالمال فقد أسماه سبحانه في مورد خيراً وقال:( إِن تَرَكَ خَيْرًا ) ( البقرة / ١٨٠ ) وفي مورد آخر بخلافه وقال:( أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ *نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ ) ( المؤمنون / ٥٥ و ٥٦ ).

فالمال في يد الرجل التقيّ خير يقري به الضيف ويقضي حاجة المستنجد، و

٢١٩

في يد الرجل الفاسق شرّ، لأنّه يصرفه في العصيان والطغيان، والله سبحانه خير مطلق لا شرّ فيه ولا يصدر منه الشرّ وليس للشرّ إليه سبيل.

هذا وربّما يطرح هناك سؤال وهو انّه سبحانه لو كان خيراً محضاً فما هو المبدئ للمصائب والآلام التي ملأت العالم كالزلازل الهدّامة والسيول الجارفة والسباع الضارية، إلى غير ذلك ممّا يسمّى شرّاً.

أقول: هذا ممّا شغل بال الباحثين طيلة سنين وأجابوا عنه بوجوه :

١ ـ النظرة الأنانيّة إلى الظواهر :

إنّ ما يظن من الحوادث الشاذّة متّسمة بالشرّ إنّما ينبع من نظر الإنسان إلى هذه الاُمور من خلال مصالحه الشخصيّة ويجعلها محوراً وملاكاً لتقييم هذه الاُمور فعندما يراها نافعة لشخصه وذويه، يصفها بالخير وإلّا فيصفها بالشرّ، فهو في هذا الحكم لا ينطلق إلّا من نفسه ومصالحه الشخصيّة ومن يقرّبه بأواصر القومية، ولأجل ذلك يصف الطوفان الجارف الذي يكتسح مزرعته، والسيل العارم الذي يهدّم منزله، والزلزلة التي تضعضع أركان بيته بالشرّ والبلاء، ولكنّه يتجاهل غيره من البشر الذين يقطنون في مناطق اُخرى من العالم، أو الذين عاشوا في غابر الزمان أو يعيشون في مستقبله أن تكون هذه الحوادث مفيدة لأحوالهم وحياتهم، وما أشبه هذا الإنسان ورؤيته برؤية عابر سبيل، يرىٰ جرّافة تحفر الأرض أو تهدم أبنية فيقضي من فوره أنّه عمل ضارّ ومسيئ، وهو لا يدري أنّ ذلك التخريب والتهديم مقدّمة لبناء مستشفى كبير يستقبل المرضى ويعالج المصابين ويهيّئ لمئات الآلاف من المحتاجين إلى العلاج، ولو وقف على تلك الغاية لما وصف التهديم بالشرّ بل تتلقّاه خطوة نافعة.

إنّ مثل هذا الإنسان المحدود النظرة الأناني في تقييمه مثل الخفّاش الذي يؤذيه النور لأنّه يقبض بصره، بينما يبسط هذا النور ملايين العيون، ويساعدها على

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

قال: « إن هو أقر جلد، وإن كانت في عدتها لا عنها »(١) .

[٧٠٥] وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفرعليه‌السلام ، عن رجل ظاهر من إمرأته، ثم طلقها بعد ذلك بشهر أو شهرين، فتزوجت، ثم طلقها الذي تزوجها، فراجعها الأول، هل عليه فيها الكفارة للظهار الأول؟

قال: « نعم؛ عتق رقبة، أو صيام، أو صدقة »(٢) .

[٧٠٦] وأما مارواه محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن أحمد العلوي، عن عبدالله بن الحسن، عن جده، عن علي بن جعفر، عن أبيه، عن ابائه، عن عليعليه‌السلام قال: « أتى رجل من الأنصار - من بني النجار - رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: إني ظاهرت من امرأتي، فواقعتها قبل أن اكفر.

قالعليه‌السلام : ( وما حملك على ذلك )؟. قال: رأيت بريق خلخالها، وبياض ساقيها في القمر، فواقعتها.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا تقربها حتى تكفر ).

وأمره بكفارة الظهار، وان يستغفر الله »(٣) .

[٧٠٧] وسألته، عن المطلقة لها أن تكتحل وتختضب أوتلبس ثوباً مصبوغاً.

قال: « لا بأس، إذا فعلته من غير سوء »(٤) .

[٧٠٨] وسألته، عن المتوفى عنها زوجها كم عدتها؟

قال: « أربعة أشهر وعشراً »(٥) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٠.

(٢) التهذيب ٨: ١٧ / ٥٢.

(٣) التهذيب ٨: ١٩ / ٦٠، الاستبصار ٣: ٢٦٦ / ٩٥٣، وما بين القوسين زيادة من الأول.

(٤) قرب الاسناد: ١١٠.

(٥) قرب الاسناد: ١١١.

٢٨١

[٧٠٩] وسأل، علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفرعليه‌السلام عن يهودي أو نصراني طلق تطليقة ثم أسلم هو وإمرأته ما حالهما؟

قال: « ينكحها نكاحاً جديداً ».

قلت: فإن طلقها بعد إسلامه تطليقة أو تطليقتين، هل تعتد بما كان طلقها قبل إسلامها؟

قال: « لا تعتد بذلك »(١) .

[٧١٠] وسألته، عن الرجل المسلم هل يصلح له أن يسترضع لولده اليهودية والنصرانية وهن يشربن الخمر؟

قال: « إمنعوهن من شرب الخمر ما ارضعوا لكم »(٢) .

[٧١١] محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن امرأة ولدت من زنا هل يصلح أن يسترضع بلبنها؟

قال: « لا يصلح ولا لبن إبنتها التي ولدت من الزنا »(٣) .

[٧١٢] عبدالله بن الحسن العلوي، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال: سألته عن الطلاق وما حده وكيف ينبغي للرجل أن يطلق؟

قال: « السنة أن يطلق عند الطهر واحدة ثم يدعها حتى تمضي عدتها، فإن بدا له أن يراجعها قبل أن تبين، أشهد على رجعتها وهي إمرأته، وان تركها حتى

__________________

(١) التهذيب ٨: ٩٢ / ٣١٦.

(٢) قرب الاسناد: ١١٧.

(٣) الكافي ٦: ٤٤ / ١١، التهذيب ٨: ١٠٨ / ٣٦٨، الاستبصار ٣: ٣٢١ / ١١٤٤، وفي الفقيه ٣: ٣٠٧ / ١٤٨٠، هكذا: امرأة زنت هل تصلح ان تسترضع؟...، وفي قرب الاسناد: ١١٧ ذيل للحديث المتقدم برقم (٧١٠).

٢٨٢

تبين فهو خاطب من الخطاب، إن شاءت فعلت وإن شاءت لم تفعل »(١) .

[٧١٣] وسألته، عن رجل له أربع نسوة فطلق واحدة، هل يصلح له أن يتزوج اخرى قبل أن تنقضي عدة التي طلق؟

قال: « لا يصلح له أن يتزوج، حتى تنقضي عدة المطلقة »(٢) .

[٧١٤] وسألته، عن إمرأة بارأت زوجها على أن له الذي لها عليه، ثم بلغها أن سلطاناً إذا رفع ذلك إليه، وكان ذلك بغير علم منه، أبى ورد عليها ما أخذ منها، كيف يصنع؟

قال: « فليشهد عليها شهوداً على مباراته إياها، إنه قد دفع إليها الذي لها ولا شيء لها قبله »(٣) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٠.

(٢) قرب الاسناد: ١١١.

(٣) قرب الاسناد: ١١١.

٢٨٣

الاطعمة والاشربة

[٧١٥] وسألته، عن السمك يصاد ثم يوثق فيرد الى الماء، حتى يجىء من يشتريه، فيموت بعضه أيحل اكله؟

قال: « لا، لانه مات في الذي فيه حياته »(١) .

[٧١٦] وسألته، عن الشاة يستخرج من بطنها ولد بعد موتها حياً، هل يصلح اكله؟

قال: « لا بأس »(٢) .

[٧١٧] وسألته، عن ذبايح نصارى العرب.

قال: « ليس هم بأهل كتاب، فلا تحل ذبائحهم »(٣) .

[٧١٨] وسألته، عن اكل الثوم والبصل.

قال: « لا بأس »(٤) .

[٧١٩] عبدالله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: سألته عن الثوم والبصل يجعل في الدواء قبل أن يطبخ.

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٨.

(٢) قرب الاسناد: ١١٦.

(٣) قرب الاسناد: ١١٧.

(٤) قرب الاسناد: ١١٦.

٢٨٤

قال: « لا بأس »(١) .

[٧٢٠] وسألته، عن بيض أصابه رجل في أجمة لا يدري بيض ما هو، هل يصلح اكله؟

قال: « إذا اختلف رأساه فلا بأس، وإن كان الرأسان سواء فلا يحل اكله »(٢) .

[٧٢١] علي بن جعفر، عن أخيه، قال: سألته عن الرجل يصلي إلى القبلة، لا يوثق به، أتى بشراب زعم أنه على الثلث، فيحل شربه؟

قال: « لا يصدق، إلا أن يكون مسلماً عارفاً »(٣) .

[٧٢٢] عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، قال: سألته عن الزبيب هل يصلح أن يطبخ حتى يخرج طعمه، ثم يؤخذ ذلك الماء فيطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبق الثلث، ثم يرفع ويشرب منه السنة؟

فقال: « لا بأس به »(٤) .

[٧٢٣] محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: سألته عن سمكة وثبت من نهر فوقعت على الجد(٥) من النهر فماتت، هل يصلح اكلها؟

فقال: « إن أخذتها قبل أن تموت ثم ماتت فكلها. وإن ماتت من قبل أن تأخذها فلا تاكلها »(٦) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٦.

(٢) قرب الاسناد: ١١٨.

(٣) التهذيب ٩: ١٢٢ / ٥٢٨، قرب الاسناد: ١١٦.

(٤) الكافي ٦: ٤٢١ / ١٠، التهذيب ٩: ٢١ / ٥٢٢ عن الكافي، قرب الاسناد: ١١٦.

(٥) في قرب الاسناد: الجرف.

(٦) الكافي ٦: ٣١٨ / ١١، التهذيب ٩: ٧ / ٢٣، قرب الاسناد: ١١٧.

٢٨٥

اللقطة

[٧٢٤] عنه، عن أحمد بن محمد، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: سألته، عن اللقطة إذا كانت جارية، هل يحل فرجها لمن التقطها؟

قال: « لا، إنما يحل له بيعها بما أنفق عليها »(١) .

[٧٢٥] وسألته، عن اللقطة يجدها الفقير، هل هو منها بمنزلة الغني؟

قال: « نعم »(٢) .

[٧٢٦] وسألته، عن اللقطة يصيبها الرجل.

قال: « يعرفها سنة، ثم هي كسائر ماله ».

وقال: كان علي بن الحسينعليه‌السلام يقول لأهله: « لا تمسوها »(٣) .

__________________

(١) التهذيب ٦: ٣٩٧ / صدر الحديث ١١٩٨، وتقدم ذيله برقم ٢٦٥ عنه وعن الفقيه وقرب الاسناد، واُنظر الحديث ٧٢٦.

(٢) قرب الاسناد: ١١٥، الفقيه ٣: ١٨٦ / ٨٤٠ باختلاف.

(٣) قرب الاسناد: ١١٥، وروى ذيله الشيخ الصدوق في الفقيه ٣: ١٨٦ / قطعة من الحديث ٨٤٠.

٢٨٦

الشهادات

[٧٢٧] محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سألته عن السائل « الذي يسأل(١) في كفه - هل تقبل شهادته؟

فقال: « كان أبيعليه‌السلام لا يقبل شهادته إذا سأل في كفه »(٢) .

[٧٢٨] وسألته، عن السائل بكفه هل تجوز شهادته؟

قال: « كان أبي يقول: لا تجوز شهادة السائل بكفه »(٣) .

__________________

(١) من دونها في التهذيب.

(٢) الكافي ٧: ٣٩٧ / ١٤، التهذيب ٦: ٢٤٦ / ٦٠٩.

(٣) قرب الاسناد: ١٢٢.

٢٨٧

الحدود

[٧٢٩] وسألته، عن رجل قتل مملوكاً ما عليه؟

قال: « يعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكيناً »(١) .

[٧٣٠] وسألته، عن يهودي أو نصراني أو مجوسي اخذ زانياً أو شارب خمر(٢) ما عليه؟

قال: « يقام عليه(٣) حدود المسلمين إذا فعلوا ذلك في مصر من أمصار المسلمين. أو في غير أمصار المسلمين إذا رفعوا إلى حكام المسلمين »(٤) .

[٧٣١] عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال: سألته عن رجل وقع على صبيته ما عليه؟

قال: « الحد »(٥) .

[٧٣٢] وقال: « إن من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فشربها الثالثة فاقتلوه »(٦) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٢.

(٢) في المصدر: خمرا.

(٣) كذا، ولعل الصحيح: تقام عليهم.

(٤) قرب الاسناد: ١١٢.

(٥) قرب الاسناد: ١١١.

(٦) قرب الاسناد: ١١٢.

٢٨٨

[٧٣٣] وسألته، عن الرجل هل يصلح له أن يضرب مملوكه في الذنب يذنبه؟

قال: « يضريه على قدر ذنبه؛ إن زنى جلده، وإن كان غير ذلك فعلى قدر ذنبه، السوط والسوطين وشبهه، ولا يفرط في العقوبة »(١) .

[٧٣٤] وقال: « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اتى بإمرأة مريضة ورجل أجرب مريض قد بدت عروق فخذيه قد فجر بإمرأة.

فقالت: المرأة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتيته، فقلت له: إطعمني واسقني فقد جهدت.

فقال: لا، حتى أفعل بك، ففعل.

فجلده - رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بغير بينة مائة شمروخ، ضربة واحدة، وخلى سبيله، ولم يضرب المرأة »(٢) .

[٧٣٥] علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن رجل تزوج بامرأة فلم يدخل بها فزنى(٣) ماعليه؟ قال: « يجلد الحد ويحلق رأسه ( ويفرق بينه وبين أهله )(٤) وينفى سنة »(٥) .

[٧٣٦] محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد العلوي، عن العمركي الخراساني، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام .

قال: سألته عن مكاتب فقأ عين مكاتب، أو كسر سنه ما عليه؟

قال: « إن كان أدى نصف مكاتبته فديته دية حر، وإن كان دون

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٢.

(٢) قرب الاسناد: ١١١.

(٣) في قرب الاسناد: ثم زنى باخرى.

(٤) من دونها في قرب الاسناد.

(٥) التهذيب ٧: ٤٨٩ / ١٩٦٦ و ١٠: ٣٦ / ١٢٥، والفقيه ٣: ٢٦٢ / ١٢٥١، وقرب الاسناد: ١٠٨.

٢٨٩

النصف فبقدر ما عتق، وكذا إذا فقأ عين حر »(١) .

[٧٣٧] وسألته، عن حر فقأ عين مكاتب، أو كسر سنه ما عليه؟

قال: « إن كان أدى نصف مكاتبته يفقأ عين الحر، أو ديته. فإن كان خطأ هو بمنزلة الحر. وإن كان لم يؤد النصف قوم وادي بقدر ما اعتق(٢) منه ».

[٧٣٨] وسألته، عن المكاتب إذا أدى نصف ماعليه؟

قال: « هو بمنزلة الحر في الحدود، وغير ذلك من قتل وغيره »(٣) .

[٧٣٩] وسألته، عن مكاتب فقأ عين مملوك وقد أدى نصف مكاتبته؟.

قال: « يقوم المملوك، ويؤدي المكاتب إلى مولى المملوك نصف ثمنه »(٤) .

[٧٤٠] سهل بن زياد(٥) ، عن علي بن اسباط، عن علي بن جعفر، قال: أخبرني أخي موسىعليه‌السلام ، قال: « كنت واقفا على رأس أبي حين أتاه رسول زياد بن عبيدالله الحارثي عامل المدينة، فقال: يقول لك الأمير: إنهض إلي فاعتل عليه بعلة. فعاد إليه الرسول فقال له: قد أمرت أن يفتح لك باب المقصورة فهو أقرب لخطوتك.

قال: فنهض أبي، واعتمد علي، فدخل على الوالي، وقد جمع فقهاء أهل المدينة كلهم، وبين يديه كتاب فيه شهادة على رجل من أهل وادي القرى قد ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنال منه.

فقال له الوالي: يا أبا عبدالله انظر في هذا الكتاب.

__________________

( ١) التهذيب ١٠: ٢٠١ / ٧٩٥، الاستبصار ٤: ٢٧٧ / ١٠٤٩، فيها صدر الحديث.

(٢) التهذيب ١٠: ٢٠١ / قطعة من الحديث ٧٩٥، الاستبصار ٤: ٢٧٧ / ١٠٤٩ كذلك، والزيادة من التهذيب.

(٣) التهذيب ١٠: ٢٠١ / قطعة من الحديث ٥ ٧٩، الاستبصار ٤: ٧٧ ٢ / ذيل الحديث ٩ ٤ ٠ ١.

(٤) التهذيب ١٠: ٢٠١ / ذيل الحديث ٧٩٥، ولم يورده الشيخ في الاستبصار.

(٥) رواه الكليني عن عدة من اصحابنا، عن سهل.

٢٩٠

قال: حتى أنظر ما قالوا.

قال: فالتفت إليهم فقال: ماقلتم؟

قالوا، قلنا: يؤدب ويضرب ويعذب ويحبس. قال، فقال لهم: أرأيتم لو ذكر رجلا من أصحاب النييصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كان الحكم فيه؟

قالوا: مثل هذا.

قال: فليس بين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين رجل من أصحابه فرق؟!!

قال، فقال الوالي: دع هؤلاء يا أبا عبدالله، لو أردنا هؤلاء لم نرسل إليك!!

قال، فقال أبو عبداللهعليه‌السلام : أخبرني أبي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ( الناس في إسوة سواء، من سمع أحداً يذكرني فالواجب عليه أن يقتل من شتمني ولا يرفع إلى السلطان. والواجب على السلطان إذا رفع إليه أن يقتل من نال مني ).

قال، فقال زياد بن عبيدالله: أخرجوا هذا الرجل فاقتلوه بحكم أبي عبدا لله »(١) .

[٧٤١] وقال: « يجلد الزاني أشد الجلد. وجلد المفتري بين الجلدتين »(٢) .

[٧٤٢] محمد بن أحمد بن يحيى، عن بنان بن محمد، عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن قوم مماليك إجتمعوا على قتل حرٍ ما حالهم؟

فقال: « يقتلون به »(٣) .

__________________

(١) التهذيب ١٠: ٨٤ / ٣٣١، الكافي ٧: ٢٦٦ / ٣٢ - باب ٦٣-.

(٢) قرب الاسناد: ١١١.

(٣) التهذيب ١٠: ٢٤٤ / صدر الحديث ٩٦٦، وتقدم ذيله برقم: ١٠٦.

٢٩١

[٧٤٣] محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي النيسابوري، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سألته عن مسلم تنصر(١) .

قال: « يقتل، ولا يستتاب ».

قلت: فنصراني أسلم ثم ارتد عن الاسلام.

قال: « يستتاب، فان رجع وإلا قتل »(٢) .

[٧٤٤] وسألته، عن دية اليهودي والمجوسي والنصراني كم هي؟

قال: « ثمانمائة. ثمانمائة كل رجل منهم »(٣) .

[٧٤٥] عن علي بن جعفر، عن أخيه موسىعليه‌السلام ، قال: سألته عن رجل قتل مملوكه.

قال: « عليه عتق رقبة، وصوم شهرين متتابعين، واطعام ستين مسكيناً. ثم تكون التوبة بعد ذلك »(٤) .

[٧٤٦] وقال: « إبتدر الناس إلى قراب سيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد موته، فإذا صحيفة صغيرة وجدوا فيها ( من اوى محدثاً فهو كافر، ومن تولى غير مواليه فعليه لعنة الله ومن أعتى(٥) الناس على الله عزوجل: من قتل غير قاتله، أو ضرب غير ضاربه ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا يزني الزاني وهو مؤمن ) »(٦) .

[٧٤٧] وسألته، عن صبي وقع على إمرأة.

__________________

(١) في الاستبصار: إرتد.

(٢) الكافي ٧: ٢٥٧ / ١٠ - باب ٦١ -، التهذيب ١٠: ١٣٨ / ٥٤٨، الاستبصار ٤: ٢٤٥ / ٩٦٣.

(٣) قرب الأسناد: ١١٢.

(٤) تفسير العياشي ١: ٢٦٨ / ٢٤١.

(٥) العتو: التكبر ومجاوزة الحد والتهرب من الطاعة. تاج العروس ١٠ / ٢٣٣- عتا -.

(٦) قرب الإسناد: ١١٢.

٢٩٢

قال: « تجلد المرأة، ولا شيء على الصبي »(١) .

[٧٤٨] وسألته، عن رجل شهر إلى صاحبه بالرمح والسكين.

فقال: « إن كان يلعب فلا بأس »(٢) .

[٧٤٩] وسألته، عن حد ما يقطع فيه يد السارق.

قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : بيضة حديد بدرهمين، أو ثلاثة »(٣) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١١.

(٢) قرب الاسناد: ١١٢.

(٣) قرب الإسناد: ١١٢.

٢٩٣

اللهو

[٧٥٠] الحسين، عن موسى بن القاسم البجلي، عن محمد بن علي بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أخيه موسى، عن أبيه جعفرعليه‌السلام قال:

« النرد والشطرنج من الميسر »(١) .

[٧٥١] عنه(٢) ، عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسىعليه‌السلام أنه سأل أباه عن التماثيل؟.

فقال: « لا يصلح أن يلعب بها »(٣) .

__________________

(١) تفسيرالعياشي ١: ١٠٦ / ٣١٢.

(٢) أي: أحمد بن محمد بن خالد البرقي.

(٣) المحاسن: ٦١٨ / ٥٢ - باب ٥ - وفي قرب الاسناد: ١٢٢ مالفظه: وسألته عن التماثيل هل يصلح ان يلعب بها؟ قال: «لا».

٢٩٤

متفرقات

[٧٥٢] وسألته، عن القرطاس يكون فيه الكتابة فيه ذكر الله أيصلح إحراقه بالنار؟

قال: « إن تخوفت فيه شيئاً فاحرقه، فلا بأس »(١) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١٢٢.

٢٩٥

أحكام أهل الذمة

[٧٥٣] قال، وسألته عن اليهودي والنصراني والمجوسي(١) هل يصلح أن يسكنوا في دار الهجرة؟

قال: « أما أن يلبثوا(٢) فيها فلا يصلح ».

وقال: « إن نزلوا نهارا ويخرجوا منها بالليل فلا بأس »(٣)(٤) .

__________________

(١) في قرب الاسناد: عن اليهود والنصارى والمجوس.

(٢) في قرب الاسناد: يسكنوا.

(٣) في قرب الاسناد: « فلا يصلح، ولكن ينزلوا بها نهاراً ويخرجوا منها ليلاً ».

(٤) التهذيب ٨: ٢٧٧ / ١٠٠٨، ويأتي صدره برقم ٧٨٥، قرب الاسناد: ١١٢.

٢٩٦

الشركة

[٧٥٤] وسألته، عن رجل قال لرجل علمني عملك وأعطيك ستة دراهم وشاركني.

قال: « إذا رضى فلا بأس »(١) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٤، وتقدم نحوه برقم ٨٩.

٢٩٧

الضمان

[٧٥٥] محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن أحمد العلوي، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن بختي اغتلم، قتل رجلاً ما على صاحبه؟

قال: « عليه الدية »(١) .

__________________

(١) التهذيب ١٠: ٢٢٦ / ٨٩١.

٢٩٨

أحكام الآنية

[٧٥٦] عنه(١) ، عن أبي القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفرعليهما‌السلام .

قال: سألته عن المراة هل يصلح إمساكها إذا كان لها حلقة من فضة؟

قال: « نعم إنما كره استعمال ما يشرب »(٢) .

__________________

(١) أي: أحمد بن محمد بن خالد البرقي.

(٢) المحاسن: ٥٨٣ / ٦٩ - باب انية الذهب والفضة - وتقدم ذيله برقم ٢٠٩.

٢٩٩

الإجارة

[٧٥٧] وسألته، عن الرجل يكتب المصحف بالأجر؟

قال: « لا بأس »(١) .

[٧٥٨] وسألته، عن الرجل هل يصلح أن يكتب المصحف بالأحمر؟

قال: « لا بأس »(٢) .

__________________

(١) قرب الاسناد: ١١٥.

(٢) قرب الإسناد: ١٢١.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538