مفاهيم القرآن الجزء ٦

مفاهيم القرآن11%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-222-6
الصفحات: 538

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 538 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 237273 / تحميل: 6094
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٦

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٢٢-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ومثله ابن داود ( ت ٧٠٧ هـ )(١) ، وعدّه في حاوي الأقوال في الضعاف(٢) .

وناقش البهبهاني ( ت ١٢٠٥ هـ ) في التعليقة على وقفه ، وقال : الحكم بوقفه لا يخلو من شيء ; لما مرّ في الفوائد ، وأنّ الظاهر أنّ حكم الخلاصة به ممّا ذكر في رجال الكاظم ( عليه السلام ) والكشّي ، وفي الظنّ أنّ ما في رجال الكاظم ( عليه السلام ) ممّا في رجال الكشّي.

وبالجملة : لا يبقى وثوق في عدم كونه منه ، وبعض أشياخ حمدويه غير معلوم الحال ، فليتأمّل ، ورواية ابن أبي عمير عنه تشير إلى وثاقته ، وكذا رواية علي بن الحسين(٣) ، ورواية الجماعة كتابه تشير إلى الاعتماد عليه ، وكذا كونه كثير الرواية ، وكون أكثرها سديدة مضمونها مفتى به ، معمول عليه ، إلى غير ذلك ممّا مرّ في الفوائد(٤) .

وأجاب الشيخ أبو علي ( ت ١٢١٦ هـ ) عليه : فالتوقّف في وقفه بعد شهادة عدلين مرضيين ، بل وعدول مرضيين ، لعلّه ليس بمكانه ، وقوله سلّمه الله : بعض أشياخ ، إلى آخره ، عجيب! إذ لا شكّ في كونه من فقهائنا ( رضي الله عنه ) ، مع أنّه سلّمه الله كثيراً ما يقول في أمثال المقام : إنّ المراد ليس مجرّد نقل القول ، بل الظاهر أنّه للاعتماد عليه والاستناد إليه ، فتأمّل جدّاً.

وما ذكره سلّمه الله من المؤيّدات لا ينافي الوقف أصلاً.

نعم ، لا يبعد إدخال حديثه في القوي ، وخروجه بذلك من قسم

____________

[ ٢٧٤ ].

١ ـ رجال ابن داود : ٢٤٥ [ ١٨٠ ] ، القسم الثاني ، وانظر : نقد الرجال ٢ : ٢٢٤ [ ١٩٠٩ ].

٢ ـ حاوي الأقوال ٣ : ٤٦٠ [ ١٥٥٣ ].

٣ ـ الظاهر أنّ ( الحسين ) تصحيف ( الحسن ).

٤ ـ منهج المقال : ١٣٨ ، الهامش.

٦١

الضعيف(١) ، ومثله المامقاني في تنقيحه(٢) .

وفي خاتمة المستدرك ـ بعد أن عدّ جماعة من الثقات رووا عنه ـ قال : وهؤلاء جماعة وجدنا روايتهم عن درست في الكتب الأربعة ، وفيهم : ابن أبي عمير ، والبزنطي ، اللذان لا يرويان إلاّ عن ثقة ، وفيهم من الذين أجمعت العصابة على تصحيح أخبارهم ، أربعة : هما ، والحسن بن محبوب ، وعبد الله بن بكير ، ويأتي في شرح أصل النرسي أنّ الإجماع المذكور من أمارات الوثاقة.

وفيهم من الثقات الأجلاّء غيرهم ، جماعة : كالوشّاء ، وابن سويد ، وابن نهيك ، وابن مهران ، وابن معبد الذي يروي عنه صفوان بن يحيى ، والحسين بن زيد ، وأبو شعيب المحاملي ، وابن أسباط ، وإبراهيم بن محمّد ابن إسماعيل ، وسعد بن محمّد ، الذين يروي عنهم علي الطاطري ، وقد قال الشيخ ( قدس سره ) : إنّ الطائفة عملت بما رواه الطاطريون.

وبعد رواية هؤلاء عنه لا يبقى ريب في أنّه في أعلى درجة الوثاقة ، ورواياته مقبولة وكتابه معتمد ، وقد تأمّل في التعليقة في وقفيّته ، ولعلّه في محلّه ، ولا حاجه لنا إلى شرحه(٣) .

ثمّ إنّه قد يستظهر من قول الكشّي ( القرن الرابع ) أنّه كان من أصحاب الرضا ( عليه السلام ) ، ولكنّي لم أجد له رواية عن الرضا ( عليه السلام ) ، وظاهر الكشّي لا يلائم قوله بالوقف كما صرّح به الكلّ.

نعم ، روى الكليني ( ت ٣٢٩ هـ ) رواية عن محمّد بن يحيى ، عن

____________

١ ـ منتهى المقال ٣ : ٢١٦ [ ١١٢٥ ].

٢ ـ تنقيح المقال ١ : ٤١٧ [ ٣٨٨٠ ] ، وانظر : أعيان الشيعة ٦ : ٣٩٥ ، قاموس الرجال ٤ : ٢٧٤ [ ٢٧٦٢ ] ، معجم رجال الحديث ٨ : ١٤٤ [ ٤٤٦٤ ].

٣ ـ خاتمة المستدرك ١ : ٤٣ ، وانظر ٤ : ٢٨٨ [ ١١٣ ] ، و ٧ : ٣٦١ [ ٨٨٥ ].

٦٢

محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، عن عبيد الله الدهقان ، عن درست ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام )(١) ، في باب ( ما لا يؤكل من الشاة وغيرها ).

ولكن هذه الرواية رواها البرقي ( ت ٢٧٤ أو ٢٨٠ هـ ) في المحاسن ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد(٢) .

والطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في التهذيب عن محمّد بن أحمد بنفس سند الكليني(٣) .

والراوندي ( ت ٥٧٣ هـ ) في فقه القرآن(٤) ، عن أبي الحسن ( عليه السلام ) مجرّداً بدون ( الرضا ) ، وهو ينصرف إلى موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السلام ) ، بل إنّ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) ذكرها في الوسائل عن الكليني بدون ( الرضا )(٥) ، فتأمّل.

كما لم أجد رواية أُخرى لإبراهيم بن عبد الحميد عن الرضا ( عليه السلام ) غير ما في الكافي ، وإذا كان هو المُصرّح بوقفه فالمطلوب أوضح.

وبالتالي فإنّ المتيقّن أنّ درست بن أبي منصور كان من أصحاب الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، ولا يعلم أنّه بقي إلى عصر الرضا ( عليه السلام ) أو لا ، أو بالأحرى لا يعلم هل بقي إلى القرن الثالث أو لا ، فلاحظ.

أصل ( كتاب ) درست :

ذكر النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) طريقيه إليه ، وقال : له كتاب يرويه

____________

١ ـ الكافي ٦ : ٢٥٣ ، ح ١ ، باب : ما لا يؤكل من الشاة وغيرها.

٢ ـ المحاسن ٢ : ٢٦٣ [ ١٨٣٦ ].

٣ ـ التهذيب ٩ : ٨٤ [ ٣١٣ ].

٤ ـ فقه القرآن ٢ : ٢٥٨.

٥ ـ الوسائل ٢٤ : ١٧١ ح ١ ، باب ما يحرم من الذبيحة ، وما يكره منها.

٦٣

جماعة ، منهم سعد بن محمّد الطاطري ، عمّ علي بن الحسن الطاطري ، ومنهم محمّد بن أبي عمير ، أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، قال : حدَّثنا أحمد ابن جعفر ، قال : حدَّثنا حُميد بن زياد ، قال : حدَّثنا محمّد بن غالب الصيرفي ، قال : حدَّثنا علي بن الحسن الطاطري ، قال : حدَّثنا عمّي سعد بن محمّد أبو القاسم ، قال : حدَّثنا دُرست بكتابه ، وأخبرنا محمّد بن عثمان ، قال : حدَّثنا جعفر بن محمّد ، قال : حدَّثنا عبيد الله بن أحمد بن نهيك ، قال : حدَّثنا محمّد بن أبي عمير عن درست بكتابه(١) .

وطريق الشيخ ( ت ٤٦٠ هـ ) في الفهرست : أخبرنا بكتابه أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمّد بن الزبير القرشي ، عن أحمد بن عمر بن كيسبة ، عن علي بن الحسن الطاطري ، عن درست ، ورواه حميد عن ابن نهيك ، عن درست(٢) .

وقال الصدوق ( ت ٣٨١ هـ ) في مشيخته : وما كان فيه عن درست بن أبي منصور ، فقد رويته عن أبي ( رحمه الله ) ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشّا ، عن درست بن أبي منصور الواسطي(٣) .

وطريق الصدوق إليه صحيح ، قاله في الخلاصة(٤) ، وقال النوري ( ت ١٣٢٠ هـ ) : رجال السند من الأجلاّء الثقات(٥) ، وقال : وأمّا طريق الشيخ فهو مجهول في الفهرست بأحمد بن عمر بن كيسبة(٦) .

____________

١ ـ رجال النجاشي : ١٦٢ [ ٤٣٠ ].

٢ ـ فهرست الطوسي : ١٨٦ [ ٢٨٨ ].

٣ ـ من لا يحضره الفقيه ٤ : ٧٨ شرح مشيخة الفقيه.

٤ ـ خلاصة الأقوال : ٤٤١ ، الفائدة الثامنة ، وانظر : عدّة الرجال ٢ : ١٢٩ ، الفائدة السادسة.

٥ ـ خاتمة المستدرك ٤ : ٢٨٨ [ ١١٣ ].

٦ ـ خاتمة المستدرك ٦ : ١٣٩ [ ٢٧٤ ] ، وانظر : معجم رجال الحديث ٨ : ١٤٦ [ ٤٤٦٤ ].

٦٤

والنسخة التي اعتمد عليها صاحب البحار نسخة قديمة تحتوي على أُصول لرواة آخرين ، قال في أوّل البحار : مع أنّا أخذناهما ( يريد أصل النرسي والزرّاد ) من نسخة قديمة مصحّحة بخطّ الشيخ منصور بن الحسن الآبي ( النصف الأوّل من القرن الخامس ) ، وهو نقله من خطّ الشيخ الجليل محمّد بن الحسن القمّي ( النصف الثاني من القرن الرابع ) ، وكان تاريخ كتابتها سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وذكر أنّه أخذها وسائر الأُصول المذكورة(١) بعد ذلك من خطّ الشيخ الأجلّ هارون بن موسى التلعكبري ( رحمه الله ) ( ت ٣٨٥ هـ )(٢) .

ولكنّه لم يذكر أصل درست ضمن هذه الأُصول في النسخة ، وسببه أنّ أوّل أصل درست كان ساقطاً.

قال النوري ( ت ١٣٢٠ هـ ) في خاتمة مستدركه في الفائدة الثانية : وكتاب درست وأخواته(٣) ، إلى جزء من نوادر علي بن أسباط ، وجدناها مجموعة منقولة كلّها من نسخة عتيقة صحيحة بخطّ الشيخ منصور بن الحسن الآبي ، وهو نقلها من خطّ الشيخ الجليل محمّد بن الحسن القمّي ، وكان تاريخ كتابتها سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وذكر أنّه أخذ الأُصول المذكورة من خطّ الشيخ الأجلّ هارون بن موسى التلعكبري ، وهذه النسخة كانت عند العلاّمة المجلسي ( قدس سره ) ( ت ١١١١ هـ ) ، كما صرّح به في أوّل البحار ، ومنها انتشرت النسخ ، وفي أوّل جملة منها وآخرها يذكر صورة النقل.

____________

١ ـ يذكر ثلاثة عشر أصلا ، ولم يذكر أصل درست ، وسيأتي توضيحه في المتن.

٢ ـ البحار ١ : ٤٣ ، توثيق المصادر.

٣ ـ الأُصول المذكورة في كتاب الأُصول الستّة عشر ، ما عدا كتاب ديّات ظريف : ١٣٤ ، ومختصر علاء : ١٤٩.

٦٥

أمّا كتاب درست : فهو ساقط من أوّله(١) ، وفي آخره : تمّ كتاب درست ، وفرغت من نسخه من أصل أبي الحسن محمّد بن الحسن بن الحسين بن أيوّب القمّي ( النصف الثاني من القرن الرابع ) أيّده الله ، سماعاً له عن الشيخ أبي محمّد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري أيّده الله ، بالموصل ، في يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذي القعدة سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، والحمد لله ربِّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم تسليماً(٢) .

ولكن في المطبوعة لم ترد صورة النقل في أوّلها ، ولم يذكر اسم الشيخ منصور بن الحسن الآبي وإن جاء اسمه في ضمن الكتاب ، وفي آخرها لا توجد جملة ( تمّ كتاب درست ) ، وإنّما يوجد ما بعدها ، والظاهر أنّه سقط من النساخ ; لأنّ الأحاديث الموجودة عن أصل درست مصدّرة باسمه(٣) .

وعلى هذه النسخة خطّ الشيخ الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) ، هكذا : إعلم أنّي تتبّعت أحاديث هذه الكتب الأربعة عشر ـ أي عدا ديّات ظريف ومختصر علاء ـ فرأيت أكثر أحاديثها موجوداً في الكافي ، أو غيره من الكتب المعتمدة ، والباقي له مؤيّدات فيها ، ولم أجد فيها شيئاً منكراً سوى حديثين محتملين للتقيّة وغيرها ، حرّره محمّد العاملي(٤) .

وقال الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) في الذريعة : وهذا الكتاب أيضاً من الكتب الموجودة الباقية على الهيئة الأوّليّة ، وترتيبها أوّله الحمد لله ربِّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم تسليماً ، رأيت نسخة منه في

____________

١ ـ الأُصول الستّة عشر : ١٥٨.

٢ ـ خاتمة المستدرك ١ : ٣٨ ، الفائدة الثانية.

٣ ـ انظر الأُصول الستّة عشر من أوّله ، وصفحة ١٥٨ ، وصفحة ١٦٩ ( الأخيرة ).

٤ ـ كتاب الأُصول الستّة عشر : ١٧٠.

٦٦

كربلاء عند السيّد إبراهيم بن السيّد هاشم القزويني المتوفّى ( ٧ ـ ٢ ـ ١٣٦٠ ) ، وهي بخطّ السيّد علي أكبر بن السيّد حسين الحسيني ، فرغ من الكتابة في النجف ( ١٢٨٦ ) وذكر أنّه استنسخها عن نسخة قوبلت من أصل أبي الحسن محمّد بن الحسن بن الحسين القمّي(١) .

ولكن الجملة المذكورة على أنّها في أوّله غير موجودة في المطبوع ، والظاهر أنّه كذلك في النسخة الخطيّة ، لما عرفت من نصّ النوري على أنّها ساقطة الأوّل ، فقد تكون من زيادات الناسخ ; لأنّ هذه النسخة في كربلاء مأخوذة من تلك النسخة ـ الأصل ـ على أنّ آخر أصل درست فيه هذه الجملة ( والحمد لله رب العالمين ) كما عرفت فيما نقلنا من المطبوع ، فلعلّه كان سبق قلم من العلاّمة الطهراني عندما قال أوّلها ويريد آخرها.

____________

١ ـ الذريعة ٦ : ٣٣٠ ( ١٨٨٩ ) ، وانظر : طبقات أعلام الشيعة ١ ( القرن الرابع ) : ٢٦١ ، ٣٢١ ، ٣٢٩، ٢ ( القرن الخامس ) : ١٩٦.

٦٧
٦٨

(٣) كتاب : الوصيّة

لعيسى بن المستفاد ( النصف الثاني من القرن الثاني )

الحديث :

قال السيّد ابن طاووس ( ت ٦٦٤ هـ ) في الطرف(١) :

عن عيسى بن المستفاد ، قال : حدَّثني موسى بن جعفر ، قال : سألت أبي جعفر بن محمّد ( عليه السلام )(٢) .

وعنه ، عن أبيه ، قال : لمّا حضرت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الوفاة دعا الأنصار ، وقال : « يا معشر الأنصار ، قد حان الفراق ، وقد دُعيت وأنا مجيب الداعي ، وقد جاورتم فأحسنتم الجوار ، ونصرتم فأحسنتم النصرة ، وواسيتم في الأموال ، ووسعتم في السكنى ، وبذلتم لله مهج النفوس ، والله مجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفى.

وقد بقيت واحدة ، وهي تمام الأمر وخاتمة العمل ، العمل معها مقرون به جميعاً ، إنّي أرى أن لا يفرّق بينهما جميعاً ، لو قيس بينهما بشعرة ما انقاست ، من أتى بواحدة وترك الأُخرى كان جاحداً للأُولى ، ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلا ».

قالوا : يا رسول الله ، فأَبنِ لنا نعرفها ، ولا نمسك عنها فنضلّ ونرتدّ

____________

١ ـ كتاب الوصيّة لعيسى بن المستفاد مفقود ، ولا نعرف منه إلاّ ما نقله ابن طاووس في طرفه ، وما أوردناه منه.

٢ ـ طرف من الأنباء والمناقب : ١١٥ ، الطرفة الأُولى.

٦٩

عن الإسلام ، والنعمة من الله ومن رسوله علينا ، فقد أنقذنا الله بك من الهلكة يا رسول الله ، [ وقد بلّغت ونصحت وأدّيت ، وكنت بنا رؤوفاً رحيماً ، شفيقاً مشفقاً ، فما هي يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله )؟ ](١) .

قال لهم : « كتاب الله وأهل بيتي ، فإنّ الكتاب هو القرآن ، وفيه الحجّة والنور والبرهان ، وكلام الله جديد غضّ طريّ ، شاهد ومحكم عادل ، دولة قائد بحلاله وحرامه وأحكامه ، بصير به ، قاض به ، مضموم فيه ، يقوم غداً فيحاجّ به أقواماً ، فتزلّ أقدامهم عن الصراط ، فاحفظوني معاشر الأنصار في أهل بيتي ، فإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

ألا وأنّ الإسلام سقف تحته دعّامة ، ولا يقوم السقف إلاّ بها ، فلو أنّ أحدكم أتى بذلك السقف ممدوداً لا دعّامة تحته ، فأوشك أن يخرّ عليه سقفه فهوى في النار.

أيّها الناس ، الدعّامة دعّامة الإسلام ، وذلك قوله تبارك وتعالى( إليه يصْعَدُ الكَلِمُ الطيّبُ والعَمَلُ الصّالِحُ يرفَعُه ) ، فالعمل الصالح طاعة الإمام وليّ الأمر والتمسّك بحبل الله.

أيّها الناس ، ألا فهمتم ، الله الله في أهل بيتي ، مصابيح الهدى ، ومعادن العلم ، وينابيع الحكم ، ومستقرّ الملائكة ، منهم وصيّي وأميني ووارثي ، ومن هو منِّي بمنزلة هارون من موسى ، علي ( عليه السلام ) ، ألا هل بلّغت؟

والله يا معاشر الأنصار ، [ لتقرُّن لله ولرسوله بما عهد إليكم ، أو ليُضرَبن بعدي بالذلّ.

يا معشر الأنصار ](٢) ألا اسمعوا ومن حضر ، ألا إنّ باب فاطمة بابي ،

____________

١ ـ بين القوسين ساقط في بعض النسخ.

٢ ـ بين القوسين ساقط من بعض النسخ.

٧٠

وبيتها بيتي ، فمن هتكه فقد هتك حجاب الله ».

قال عيسى بن المستفاد : فبكى أبو الحسن ( عليه السلام ) طويلا ، وقطع عنه بقيّة الحديث ، وأكثر البكاء ، وقال : « هُتك ـ والله ـ حجاب الله ، هُتك ـ والله ـ حجاب الله ، هُتك ـ والله ـ حجاب الله ، وحجاب الله حجاب فاطمة ، يا أُمّه يا أُمّه ، صلوات الله عليها »(١) .

عيسى بن المستفاد :

قال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) : عيسى بن المستفاد أبو موسى البجلي الضرير ، روى عن أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) ، ولم يكن بذاك(٢) .

وذكره الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في الفهرست ، وسكت عنه(٣) ، ومثله ابن شهر آشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في المعالم(٤) .

وقال ابن الغضائري ( ت ٤١١ هـ ) : ذكر له رواياته عن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) ، وله كتاب الوصيّة لا يثبت سنده ، وهو في نفسه ضعيف(٥) .

ونقل في الخلاصة كلام النجاشي وابن الغضائري ، أورده في القسم الثاني المخصّص للضعاف أو من يردّ قوله أو يتوقّف فيه(٦) ، ولكن ابن داود ( ت ٧٠٧ هـ ) أورده في القسمين ، ورمز له في أصحاب الباقر ( عليه السلام ) ، ونقل في الأوّل عن رجال الشيخ والفهرست والنجاشي أنّه لم يكن بذاك ، مع أنّه غير مذكور في رجال الشيخ(٧) ، وفي الثاني أعاد ما ذكره أوّلا ، ولكنّه

____________

١ ـ طرف من الأنباء والمناقب : ١٤٣ ، الطرفة العاشرة.

٢ ـ رجال النجاشي : ٢٩٧ [ ٨٠٩ ].

٣ ـ فهرست الطوسي : ٣٣٢ [ ٥٢١ ].

٤ ـ معالم العلماء : ٨٦ [ ٥٩٤ ].

٥ ـ رجال ابن الغضائري : ٨١ [ ١٠٠ ] ، وانظر : مجمع الرجال ٤ : ٣٠٦.

٦ ـ خلاصة الأقوال : ٣٧٨ [ ١٥٢٠ ] ، القسم الثاني.

٧ ـ رجال ابن داود : ١٤٩ [ ١١٧٦ ].

٧١

نسبه إلى النجاشي فقط(١) .

ثمَّ ترجم في جامع الرواة : ( عيسى الضرير ) و ( عيسى الضعيف ) يرويان عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، واستظهر أنّهما واحد لاتّحاد الطريق(٢) ، ووافقه التستري ( ت ١٤١٥ هـ ) في القاموس(٣) ، والسيّد الخوئي ( ت ١٤١٣ هـ ) في المعجم(٤) ، وأمّا المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) فأستظهر اتّحادهما مع عيسى بن المستفاد أيضاً(٥) ، مع أنّ صاحب القاموس استبعد ذلك(٦) .

أقول : إنّ ( عيسى الضرير ) أو ( عيسى الضعيف ) لم يرد ذكره في رجال الطوسي ولا البرقي في أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، بل لم يرد ذكره أصلا ، لا في هذين الكتابين ولا في بقيّة كتب الرجال ، وإنّما جاء في سند الروايات عن الإمام الصادق ( عليه السلام ).

نعم ، ذكر الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في رجاله في أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) عيسى بن عبد الرحمن السلميّ البجليّ ، كوفي(٧) ، ولم يذكر

____________

١ ـ رجال ابن داود : ٢٦٥ [ ٣٨٤ ].

وانظر : نقد الرجال ٣ : ٣٩٦ [ ٤٠٦٢ ] ، إيضاح الاشتباه : ٢٣٤ [ ٤٥٣ ] ، هداية المحدّثين : ١٢٦ ، منتهى المقال ٥ : ١٦٩ [ ٢٢٥٦ ] ، حاوي الأقوال ٤ : ١٥٠ ، عدّة الرجال ١ : ٢٤٦ ، جامع الرواة ١ : ٦٥٤ ، تنقيح المقال ٢ : ٣٦٣ ، مع بعض الاشتباه نبّه عليه التستري في قاموس الرجال ٨ : ٣٣١ [ ٥٨٢٤ ] ، معجم رجال الحديث ١٤ : ٢٢٤ [ ٩٢٤١ ] ، الوجيزة : ٢٧٦ [ ١٣٨٧ ] ، مجمع الرجال ٤ : ٣٠٦ ، بهجة الآمال ٥ : ٦٤٥.

٢ ـ جامع الرواة ١ : ٦٥١.

٣ ـ قاموس الرجال ٨ : ٣١٩ [ ٥٨٠٢ ] و [ ٥٨٠٣ ].

٤ ـ معجم رجال الحديث ١٤ : ٢٢٩ [ ٩٢٥٣ ] و [ ٩٢٥٤ ].

٥ ـ تنقيح المقال ٢ : ٣٦١.

٦ ـ قاموس الرجال ٨ : ٣١٩ [ ٥٨٠٣ ].

٧ ـ رجال الطوسي : ٢٥٨ [ ٣٦٦٥ ].

٧٢

عيسى بن المستفاد في أصحاب أيّ إمام من الأئمّة ( عليهم السلام ) ، مع أنّه ذكره في الفهرست(١) .

فإذا أخذنا بعين الاعتبار اتّحاد الاسم واللقب ، وأنّ المستفاد يمكن أن يكون لقب لعبد الرحمن ، أمكن القول باتّحادهما ، بل باتّحاد الجميع الضرير أو الضعيف وابن المستفاد وابن عبد الرحمن السلميّ البجليّ ، فإنّ الضعيف ـ كما هو الأصحّ على ما أشار إليه التستري ( ت ١٤١٥ هـ )(٢) ويحتمل العكس ـ قد روى عن الصادق ( عليه السلام ) في الكافي والفقيه والتهذيب(٣) ، مع أنّ الشيخ لم يذكره في رجاله.

وقد يكون من القرينة على ذلك ما رواه الرضي ( ت ٤٠٦ هـ ) في الخصائص بسند ، هو : حدّثني هارون بن موسى ، قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن عمّار العجليّ الكوفي ، قال : حدَّثني عيسى الضرير ، عن أبي الحسن ( عليه السلام ) ، عن أبيه قال : ، وهي الطرفة الخامسة عشر من طرف السيّد ابن طاووس ( ت ٦٦٤ هـ )(٤) ، كما وأورد رواية أُخرى بنفس السند ، ولكنّه ذكر الاسم هكذا : أبو موسى عيسى الضرير البجلي ، وهو في الطرفة السادسة عشر من الطرف(٥) .

فاكتفائه في الأوّل بـ ( عيسى الضرير ) ، وأضاف إليه في الثاني ( أبو موسى ) و ( البجلي ) يقرّبنا إلى المراد كما هو واضح ; لأنّ المراد بعيسى الضرير في السند هو ابن المستفاد ، بقرينة ذكر روايته في ضمن الطرف

____________

١ ـ فهرست الطوسي : ٣٣٢ [ ٥٢١ ].

٢ ـ قاموس الرجال ٨ : ٣١٩ [ ٥٨٠٣ ].

٣ ـ الكافي ٧ : ٢٩٥ ح ١ و ٢٧٦ ح ٤ ، من لا يحضره الفقيه ٤ : ٦٩ ح ١٢ ، التهذيب ١٠ : ١٨٧ ح ٣٢ ، كتاب الديّات ، باب : القضايا في الديّات والقصاص.

٤ ـ طرف من الأنباء والمناقب : ١٥٧ ، الطرفة الخامسة عشر.

٥ ـ طرف من الأنباء والمناقب : ١٦١ ، الطرفة السادسة عشر.

٧٣

التي أكثرها عن ابن المستفاد عن الكاظم ( عليه السلام ).

ويبقى ما انفرد به النجاشي من أنّه من أصحاب أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) ، فالظاهر أن لا رواية له عن الجواد ( عليه السلام ) ، فهل يمكن حمل ( الثاني ) على الاشتباه وأنّه أبو جعفر الباقر ( عليه السلام ) ، كما عن ابن داود؟ الله أعلم!

كتاب الوصيّة :

لم يصلنا من كتاب عيسى بن المستفاد إلاّ ما نقله ابن طاووس في طرفه ، ولكنّه لم يصرّح بأنّه من كتاب الوصيّة لعيسى ، وإن استظهر الكلّ أنّه منه ; لأنّهم لم يذكروا لابن المستفاد كتاباً غيره ، ولأنّ ما نقله ابن طاووس ينطبق تماماً على اسم الكتاب ، ألا وهو ( الوصيّة ).

قال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) : له كتاب الوصيّة ، رواه شيوخنا ، عن أبي القاسم جعفر ابن محمّد ، قال : حدَّثنا أبو عيسى عبيد الله بن الفضل بن هلال بن الفضل بن محمّد بن أحمد بن سليمان الصابوني ، قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن محمّد ، قال : حدَّثنا أبو يوسف الوُحاظي والأزهر بن بسطام بن رستم والحسن بن يعقوب ، قالوا : حدَّثنا عيسى بن المستفاد ، وهذا الطريق طريق مصريّ فيه اضطراب ، وقد أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عمران ، قال : حدَّثنا يحيى بن محمّد القصباني ، عن عبيد الله بن الفضل(١) .

وقال الشيخ ( ت ٤٦٠ هـ ) في الفهرست : له كتاب ، رواه عبيد الله بن عبد الله الدهقان ، عنه(٢) ، وهو ضعيف بعبيد الله بن عبد الله الدهقان(٣) .

____________

١ ـ رجال النجاشي : ٢٩٧ [ ٨٠٩ ].

٢ ـ فهرست الطوسي : ٣٣٢ [ ٥٢١ ].

٣ ـ انظر : خاتمة المستدرك ٩ : ٢٤٦ [ ٥٣٢ ] ، معجم رجال الحديث ١٤ : ٢٢٤ [ ٩٢٤١ ].

٧٤

وقال ابن الغضائري ( ت ٤١١ هـ ) : وله كتاب الوصيّة لا يثبت سنده(١) .

ولكن المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) قال ـ بعد أن أخرج عدّة روايات من الطرف ـ : انتهى ما أخرجناه من كتاب الطرف ممّا أخرجه من كتاب الوصيّة لعيسى بن المستفاد ، وكتاب خصائص الأئمّة للسيّد الرضي ( رضي الله عنه ) ، وأكثرها مرويّ في كتاب الصراط المستقيم للشيخ زين الدين البياضي ( ت ٨٧٧ هـ ) ، وعيسى وكتابه مذكوران في كتب الرجال ، ولي إليه أسانيد جمّة ، وبعد اعتبار الكليني ( رحمه الله ) الكتاب واعتماد السيّدين عليه لا عبرة بتضعيف بعضهم ، مع أنّ ألفاظ الروايات ومضامينها شاهدة على صحّتها(٢) .

ولا يخلو كلامه ( قدس سره ) من المناقشة.

وذكر الكتاب العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) في الذريعة أيضاً ، واستظهر وجود نسخة منه عند السيّد ابن طاووس من خلال كثرة نقله عنه في الطرف(٣) .

____________

١ ـ رجال ابن الغضائري : ٨١ [ ١٠٠ ] ، مجمع الرجال ٤ : ٣٠٦.

٢ ـ البحار ٢٢ : ٤٩٥.

٣ ـ الذريعة ٢٥ : ١٠٣ [ ٥٦٥ ] ، و ١٥ : ١٦١ [ ١٠٥٣ ].

٧٥
٧٦

حديث الثقلين عند الإماميّة ( الاثني عشريّة )

القرن الثالث الهجري

٧٧
٧٨

(٤) صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) بسند الطبرسي

للإمام علي بن موسى بن جعفر الرضا ( عليه السلام ) ( ت ٢٠٣ هـ )

الحديث :

حدّثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) سنة أربع وتسعين ومائة ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد ، قال : حدّثني أبي محمّد بن علي ، قال : حدّثني أبي علي بن الحسين ، قال : حدّثني أبي الحسين بن علي ، قال : حدّثني أبي علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، قال :

وبإسناده ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « كأنّي دعيت فأجبت ، وإنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفونني فيهما »(١) .

الراوون عنها :

وعنها الصدوق ( ت ٣٨١ هـ ) في عيون أخبار الرضا ( عليه السلام )(٢) .

____________

١ ـ صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) : ٥٩ ح ٨٣. وعنها في إثبات الهداة ١ : ١١٢ ح ٦٢٢ ، فصل (٣١) ، والبحار ٢٣ : ١٤٥ ح ١٠١.

٢ ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ٢ : ٣٤ ح ٤٠ ، الباب (٣١) : في ما جاء عن الرضا ( عليه السلام ) من أخبار مجموعة ، وفيه : « كأنّي قد دعيت » ، وفيه : « فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».

٧٩

والقاسم بن محمّد بن علي ( ت ١٠٢٩ هـ ) في الاعتصام بحبل الله المتين(١) .

صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) :

ذكرها الشيخ الحرّ ( ت ١١٠٤ هـ ) في الكتب المعتمدة لديه وقال : رواية أبي علي الطبرسي(٢) ، وذكر طريقه إليها(٣) .

وذكرها المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في مصادره وقال : المسندة إلى شيخنا أبي علي الطبرسي ( رحمه الله ) بإسناده إلى الرضا ( عليه السلام )(٤) ، وقال في توثيقها : وكتاب الرضا ( عليه السلام ) من الكتب المشهورة بين الخاصّة والعامّة ، وروى السيّد الجليل علي بن طاووس منها بسنده إلى الشيخ الطبرسي ( رحمه الله ) ، ووجدت أسانيد في النسخ القديمة منه إلى الشيخ المذكور ومنه إلى الإمام ( عليه السلام ) ، وقال الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار : كان يقول يحيى بن الحسين الحسيني في إسناد صحيفة الرضا : لو قرئ هذا الإسناد على أُذن مجنون لأفاق ، وأشار النجاشي في ترجمة عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي ، وترجمة والده راوي هذه الرسالة إليها ، ومدحها ، وذكر سنده إليها ، وبالجملة هي من الأُصول المشهورة ويصحّ التعويل عليها(٥) .

____________

١ ـ الاعتصام ١ : ١٣٣ ، فصل : فيما ورد من احاديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إنّه ترك في المسلمين كتاب الله تعالى وسنّته وعترته أهل بيته .

وفيه : وفي صحيفة علي بن موسى الرضى عن آبائه ، أباً فأباً ، إسناداً متّصلا عن علي عليه وعليهم السلام ، قال : « وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : كأنّي قد دعيت واُجبت » ، وفيه : « كتاب الله عزّ وجلّ حبل . » ، وفيه : « فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».

٢ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٥٦ [ ٣٥ ] الفائدة الرابعة.

٣ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٨٦ ، الطريق الثاني والأربعون.

٤ ـ البحار ١ : ١١.

٥ ـ البحار ١ : ٣٠.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

العيوب في الزمن المستقبل.

هذا إذا فسّر السلام بمعنى ذي السلامة، وأمّا لو فسّر بكونه معطي السلامة كما هو أحد الاحتمالين فالفرق بينه وبين القدّوس واضح، فالقدّوس صفة ذات، والسلام صفة فعل، ولا يبعد هذا المعنى بملاحظة ما ورد من الآيات حول « السلام » وهو سبحانه « يدعو إلى دار السلام » و « لهم دار السلام » فالله سبحانه هو معطي السلامة.

وأمّا حظّ العباد من هذا الاسم فله أن يطلب سلامة الدين والدنيا ويتجنّب عن العيوب.

قال سبحانه:( وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ) ( الأنعام / ١٢٠ ). ويكون ذا قلب سليم.

قال سبحانه:( إلّامَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) ( الشعراء / ٨٩ ).

٢٨١
٢٨٢

حرف الشين

التاسع والستون: « الشاكر »

قد ورد لفظ « الشاكر » في الذكر الحكيم مفرداً أربع مرات ووقع اسماً له سبحانه في موردين قال:( وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ) ( البقرة / ١٥٨ ) وقال:( مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ) ( النساء / ١٤٧ ).

وأمّا « الشكور » فقد جاء في الذكر الحكيم إثنى عشر مرّة ووقع اسماً له سبحانه في موارد.

قال سبحانه:( لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ) ( فاطر / ٣٠ ).

وقال سبحانه:( إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ) ( فاطر / ٣٤ ).

وقال سبحانه:( وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ) ( الشورى / ٢٣ ).

وقال سبحانه:( إِن تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ) ( التغابن / ١٧ ).

ترى أنّه استعمل تارة مع اسم « غفور » واُخرى مع « حليم » وهذا يعرب عن صلة بينهما وبين « الشكور »، وأمّا معناه فقد ذكر ابن فارس له اُصولاً أربعة نكتفي بذكر المعنى الأوّل فإنّه المناسب لهذا الاسم.

قال: الشكر الثناء على الإنسان بمعروف يوليكه، ويقال إنّ حقيقة الشكر

٢٨٣

الرضا باليسير، يقولون: فرس « شكور » إذا كفاه لسمنه العلف القليل. وقال الراغب: الشكر تصوّر النعمة واظهارها، قيل وهو مقلوب الكشر أي الكشف ويضادّه الكفر وهو نسيان النعمة وسترها، ودابّة شكور: مظهرة بسمنها اسداء صاحبها إليها، فالشكر على هذا هو الامتلاء من ذكر المنعم، وإذا وصف الله بالشكر فإنّما يعني به انعامه على عباده وجزاءه بما أقاموه من العبادة، يقال ناقة شكرة: ممتلئة الضرع من اللبن.

أقول: إذا كان الشكر بمعنى عرفان الاحسان فما معنى توصيفه بأنّه « شاكر » أو « شكور » وهو المحسن إلى عباده المنعم عليهم ؟

وبعبارة اُخرى: إذا كان الشكر هو الثناء على المحسن فما معنى ثناؤه سبحانه على المحسن ولا محسن سواه ؟

وبعبارة اُخرى: إذا كان الشكر هو مقابلة من أحسن اليه بالاحسان، فكيف يصدق هذا في حقّه سبحانه فمن الذي يحسن اليه ؟ ولو اُحسن اليه بشيء، فهو ملكه لا ملك الـمـُحسِن، ولأجل ذلك ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ تسميته بكونه شاكراً أو شكوراً من باب المجاز، والمراد مجازاة الشاكر بالثواب فهو سبحانه يقبل شكر الشاكر بالجزاء عليه.

قال الصدوق: إنّه سبحانه لـمّا كان مجازياً للمطيعين على طاعتهم جعل مجازاتهم شكراً لهم على المجاز كما سمّيت مكافأة المنعم شكراً(١) .

ويمكن أن يقال: إنّ الاستعمال من باب الحقيقة استلهاماً من قوله سبحانه:( إِن تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ) .

فكما أنّ نسبة الإستقراض عليه بنوع من التوسع فهكذا توصيفه سبحانه بكونه شاكراً أو شكوراً به أيضاً.

__________________

(١) توحيد الصدوق: ص ٢١٦.

٢٨٤

قال العلّامة الطباطبائي: والله سبحانه وإن كان محسناً قديم الإحسان ومنه كل الاحسان لا يد لأحد عنده، حتى يستوجبه الشكر، إلّا أنّه جلّ ثناؤه عدّ الأعمال الصالحة التي هي في الحقيقة احسانه إلى عباده، احساناً من العبد إليه، فجازاه بالشكر والاحسان وهو احسان على احسان.

قال تعالى:( هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إلّا الإِحْسَانُ ) ( الرحمن / ٦٠ ).

وقال تعالى:( إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا ) ( الإنسان / ٢٢ ).

فاطلاق الشاكر عليه تعالى على حقيقة معنى الكلمة من غير مجاز(١) .

السبعون: الشكور

قد تبيّن معناه ممّا قدّمناه في تفسير اسم « الشاكر ».

الواحد والسبعون: « شديد العقاب »

وقد ورد ذلك الاسم المركّب في الذكر الحكيم ١٤ مرّة ووقع في الجميع وصفاً له سبحانه، ويستعمل تارة مجرداً عن سائر الأسماء مثل قوله:( وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( البقرة / ١٩٦ )، واُخرى مقترناً باسم القوي، قال سبحانه:( فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( الأنفال / ٥٢ ) ولولا كونه قوياً لما قدر على العذاب الشديد. وثالثة مقترناً باسمي « غفور » و « رحيم » مثل قوله:( اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( المائدة / ٩٨ ). فله سبحانه تجلّيات كل في موضعه، وفي دعاء الافتتاح :

وأشدّ المعاقبين في موضع النكال والنقمة.

__________________

(١) الميزان: ج ١، ص ٣٩٢، وكونه على الحقيقة انّما هو بعد التنزيل كما في الاستقراض.

٢٨٥

ورابعة مع عدّة من الصفات مثل قوله سبحانه:( غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ ) ( غافر / ٣ ). وعلى كلّ تقدير فكونه شديد العقاب، من قبيل الوصف بحال المتعلّق، فالشديد هو عذابه، كما ورد في عدّة من الآيات، قال سبحانه:( سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ ) ( الأنعام / ١٢٤ ).

الثاني والسبعون: « شديد العذاب »

وقد ورد في القرآن مرّة واحدة وقع وصفاً له سبحانه قال:( أَنَّ الْقُوَّةَ للهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ) ( البقرة / ١٦٥ ). وهو متّحد مع الاسم السابق معنى، ومختلف لفظاً.

الثالث والسبعون: « شديد المحال »

وقد ورد في الذكر الحكيم مرّة واحدة ووقع وصفاً له، قال سبحانه:( وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ ) ( الرعد / ١٣ ).

وهل المحال، من « محل »(١) يقال: محل به محلاً ومحالاً: إذا أراد بسوء، والميم ليست زائدة أو من « حول »(٢) أو « حيل » والميم زائدة، ومعناه: الكيد. على الأوّل معناه: شديد الأخذ، وعلى الثاني: شديد المكر، واستعماله في حقه سبحانه من قبيل المشاكلة كما هو واضح. وحيلته سبحانه هو ما جاء في قوله:( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ) ( الأعراف / ١٨٢ ) وقال:( فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا الحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ) ( القلم / ٤٤ ).

__________________

(١) كما عليه البيضاوي في تفسيره للآية.

(٢) نقل الطبرسي عن ابن جني، ونسبه الراغب إلى القيل مشعراً بضعفه.

٢٨٦

الرابع والسبعون: « الشهيد »

قد ورد لفظ « الشهيد » في الذكر الحكيم معرّفاً ومنكراً ٣٥ مرّة ووقع وصفاً له سبحانه في ٢٠ مورداً.

قال سبحانه:( لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعْمَلُونَ ) ( آل عمران / ٩٨ ).

وقال سبحانه:( إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ( الحج / ١٧ )(١) .

وأمّا معناه فقد قال ابن فارس: إنّه أصل يدلّ على حضور وعلم واعلام من ذلك: الشهادة، والمشهد محضر الناس.

وقال الراغب: الشهود والشهادة: الحضور مع المشاهدة أمّا بالبصر أو بالبصيرة وقد يقال للحضور مفرداً، قال: « عالم الغيب والشهادة »، ويقال للمحضر مشهد، وللمرأة التي يحضرها زوجها مشهد، وجمع مشهد مشاهد ومنه مشاهد الحج وهي مواطنه الشريفة التي يحضرها الملائكة والأبرار من الناس.

أقول: الظاهر أنّ الشهادة موضوعة للحضور وافادتها العلم، لأنّها تلازمه ويدلّ على ذلك قوله سبحانه:( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ) ( الحجّ / ٢٨ ). و( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا ) ( النور / ٢ ).( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) ( الفرقان / ٧٢ ).

فمعنى كونه سبحانه « شهيداً » على كل شيء أنّه لا يخفى على الله منه شيء كما صرّح وقال:( فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ) ( طه / ٧ ) ومع ذلك لأنّه ليس بينه وبين

__________________

(١) لاحظ النساء / ٣٣ و ٧٩ و ١٦٦، المائدة / ١١٣ و ١١٧، الأنعام / ١٩، يونس / ٢٩ و ٤٦، الرعد / ٤٣، الإسراء / ٩٦، العنكبوت / ٥٢، الأحزاب / ٥٥، سبأ / ٤٧، فصّلت / ٥٣، الاحقاف / ٨، الفتح / ٢٨، المجادلة / ٦، البروج / ٩.

٢٨٧

خلقه حجاب، فحقيقة الشهادة عبارة عن فقدان الحجاب بين الشاهد والمشهود واحاطته به.

وبذلك يظهر: أنّ تقسيم الأشياء إلى الغيب والشهادة، تقسيم نسبي بالنسبة إلينا، وأمّا بالنسبة إليه فالأشياء كلّها مشهودات فلأجل ذلك يقول:( أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) والشهادة أمر اضافي له نسبة إلى الشاهد، ونسبة إلى المشهود، فلو كان شهيداً على كل شيء لكان الكل مشهوداً لا غائباً.

وبذلك يظهر أنّ ما نقل عن الكفعمي أحسن من غيره حيث يقول: « هو الذي لا يغيب عنه شيء أي كأنّه الحاضر الشاهد الذي لا يعزب عنه شيء، وكونه شاهداً لكل شيء، فوق كونه عالماً به، فإنّ العلم يتحقّق بحضور صورة الشيء عند العالم دون حضور نفسه، ولكن الشهادة أقوى وأوثق من العلم، بل المتبادر منها حضور الأشياء بوجودها الخارجي لدى الباري، وكيف والعالم فعله سبحانه وليس فعله غائباً عن ذاته ».

وهذا أولى ممّا نقل عن الغزالي وقال: يرجع معنى الشهادة إلى العلم مع خصوص اضافة فإنّه عالم الغيب والشهادة، والغيب عبارة عمّا يطلب، والشهادة عمّا ظهر وهو شاهد كليهما، فإذا اعتبر العلم مطلقاً فهو العليم، وإذا اُضيف إلى الغير والامُور الباطنة فهو الخبير، وإذا اُضيف إلى الاُمور الظاهرة فهو شهيد، وقد يعتبر مع هذا أن يشهد على الخلق يوم القيامة بما علم وشاهد منه.

هذا والأولى ما ذكرنا من أنّ توصيفه سبحانه بكونه عالماً للغيب والشهادة بملاك كونه شهيداً على كل شيء وعدم غيبوبة شيء عن ذاته بملاك آخر.

وإلى ما ذكرنا صرّح بعض المحقّقين وقال: « إنّ الشاهد المدرك يرى ما لا يرى الغائب، والحاضر المعاين المطّلع، يعلم ما لا يعلمه الغائب، وليس ذلك إلّا لأن معلوماته كلّها حاضرة عنده، مشاهدة معاينة مدركة له غير غائبة عنه، ففي

٢٨٨

اطلاق هذا الاسم عليه تعالى اشارة إلى أنّ علمه عزّ وجلّ بما سواه بالمشاهدة والحضور والادراك وليس شيء مما سواه من الأزل إلى الأبد غائباً عنه بل الكل حاضر عنده.

مع أنّ شيئاً ممّا سواه ليس معه مطلقاً من الأوّل إلى الأبد، وهذا ستر مستور. لا يعلمه إلّا هو ومن هو ملهم بإلهام الله تعالى شأنه، والغيب والشهادة إنّما يكونان بالنسبة إلى المخلوقات وعليه يحمل قوله عزّ وجلّ:( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) وإلّا فلا غيب ولا غائب عنده جلّ شأنه(١) .

__________________

(١) كاشف الاسماء في شرح الاسماء الحسنى، وقداشبعنا الكلام في الجزء الثالث عند البحث عن علم الغيب فلاحظ: ص ٣٧٧ ـ ٣٨١.

٢٨٩
٢٩٠

حرف الصاد

الخامس والسبعون: « الصمد »

قد ورد لفظ « الصمد » في الذكر الحكيم مرّة واحدة ووقع وصفاً له فيها قال سبحانه :

( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ *اللهُ الصَّمَدُ *لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ *وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) .

قال ابن فارس: الصمد له أصلان: أحدهما القصد والآخر الصلابة في الشيء.

فالأوّل يقال صمدته صمداً، وفلان صمد، إذا كان سيّداً يقصد إليه في الاُمور. والله جلّ ثناؤه الصمد لأنّه يصمد إليه عباده بالدعاء والطلب.

قال الشاعر :

علوته بحسام ثمّ قلت له

خذها حذيف فأنت السيّد الصمد

وقال طرفة في المصمّد :

وإن يلتقى الحي الجميع تلاقيني

إلى ذروة البيت الرفيع المصمّد(١)

وقال الراغب: الصمد: السيّد الذي يصمد إليه في الأمر، وقيل: الصمد: الذي ليس بأجوف.

__________________

(١) الشعر من معلقة طرفة المشهورة.

٢٩١

وقال الصدوق: الصمد معناه السيد، وللصمد معنى ثان وهو المصمود إليه في الحوائج(١) .

والظاهر أنّ المعنى الثاني من فروع الأوّل ومن لوازمه، لأنّ من لوازم كون الرجل سيّداً مطاعاً، كونه مقصوداً ومصموداً إليه في النوائب والحوائج.

ورواه في موضع آخر عن الامام الباقر٧ : الصمد: السيّد المطاع الذي ليس فوقه آمر وناه(٢) .

روى الكليني عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سألت أبا جعفر٧ عن شيء من التوحيد فقال: صمد قدّوس يعبده كلّ شيء، ويصمد إليه كلّ شيء، ووسع كلّ شيء علماً.

قال الكليني وهذا المعنى الذي قال٧ : إنّ الصمد هو السيّد المصمود إليه هو معنى صحيح.

قال أبو طالب في بعض ما كان يمدح به النبي٦ :

وبالجمرة القصوى إذا صمدوا لها

يؤمّون رضحا رأسها بالجنادل

وقال بعض شعراء الجاهلية :

ما كنت أحبّ أنّ نبيّنا ظاهراً

لله في أكناف مكّة يصمد

يعني يقصد.

وقال ابن الزبير :

ما كان عمران ذاغشّ ولا حسد

ولا رهيبة إلّا سيّد صمد

__________________

(١) التوحيد: ص ١٩٧.

(٢) التوحيد: ص ٩٠.

٢٩٢

والله عزّ وجلّ هو السيّد الصمد الذي جميع الخلق من الجن والانس إليه يصمدون في الحوائج، وإليه يلجأون عند الشدائد، ومنه يرجون الرخاء ودوام النعماء، ليدفع عنهم الشدائد(١) .

وإذا كان الله تعالى هو الموجد لكلّ ذي جود ممّا سواه فيقصده كلّ ما صدق عليه أنّه شيء غيره، ويحتاج إليه في ذاته وصفاته وآثاره، قال تعالى:( أَلا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ ) ( الأعراف / ٥٤ ). وقال:( وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ المُنتَهَىٰ ) ( النجم / ٤٢ ). فهو الصمد في كلّ حاجة في الوجود، لا يقصد شيء شيئاً إلّا وهو الذي ينتهي إليه قصده، وتنجح به طلبته، وتقضى به حاجته.

وإنّما دخلت اللام على الصمد لإفادة الحصر، فهو تعالى وحده الصمد على الاطلاق لما عرفت من أنّه ينتهي إليه قصد كلّ قاصد، وهو المقصود بالاصالة وغيره مقصود بالتبع.

وإنّما كرّر لفظ الجلالة وقال:( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ *اللهُ الصَّمَدُ ) ولم يقل هو الصمد، أو لم يقل الله أحد صمد، فلعلّه للإشارة إلى أنّ كلا من الجملتين كاف في تعريفه تعالى فالمعرفة حاصلة بكلّ واحد.

وإنّما لم يدخل اللام على « أحد » فلعلّه لأجل ادعاء أنّه لا يطلق على غيره سبحانه فليس غيره أحد فلا يحتاج إلى عهد وحصر.

والآيتان تصفانه سبحانه بصفتي الذات والفعل، فالأحدية من صفات الذات وهي عينها، والصمدية من صفات الفعل حيث يصفه بانتهاء كلّ شيء إليه وهو من صفات الفعل.

هذا وقد نقل العلّامة المجلسي للفظ الصمد معاني كثيرة تناهز العشرين غير أنّ أكثرها ليست معناني متعدّدة بل يرجع إلى أنّه السيد المصمود، وقد ذكر الصدوق

__________________

(١) الكافي: ج ١، ص ١٢٤.

٢٩٣

أيضاً في تفسير( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) معاني مختلفة بحسب الظاهر غير أنّ أكثرها يرجع إلى ما ذكرنا، فروى عن عليّ٧ أنّه قال: « الصمد » الذي قد انتهى سؤدده، والصمد: الذي لا يأكل ولا يشرب، والصمد: الدائم الذي لم يزل ولا يزال.

وروى عن محمد بن الحنفية٢ أنّه كان يقول: الصمد: القائم بنفسه، الغني عن غيره، وقال غيره: الصمد: المتعالي عن الكون والفساد.

وروى عن عليّ بن الحسين زين العابدين٧ أنّه قال: الصمد: الذي لا شريك له ولا يؤده حفظ شيء ولا يعزب عنه شيء.

وروي أيضاً عنه٧ أنّه قال: الصمد: الذي أبدع الأشياء فخلقها أضداداً وأشكالاً، وأزواجاً وتفرّد بالوحدة بلا ضد ولا شكل ولا مثل ولا ندّ.

ولا يخفى أنّ هذه المعاني ليست معاني لغوية للفظ الصمد ولا نرى منها أثراً في المعاجم، وإنّما هو من لوازم كون الشخص سيّداً مصموداً لكلّ شيء، فلازم ذلك أن ينتهي سؤدده وأن لا يكون له شريك ولا يؤده حفظ شيء إلى غير ذلك مما ورد في هذه التفاسير.

نعم ربّما يفسّر بالمصمّت الذي ليس بأجوف فلا يأكل ولا يشرب ولا ينام ولا يلد ولا يولد وقد ورد تفسيره به في بعض الروايات وعلى ذلك فيكون قوله:( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ) تفسيراً للصمد، وهناك حديث رواه الصدوق بسنده عن الحسين بن عليّ٨ فمن أراد فليرجع إليه(١) .

__________________

(١) كتاب التوحيد: باب معنى قل هو الله أحد، الحديث ٣ ـ ٤ ـ ٥ ـ ٦ ـ ٧ ـ ٨.

٢٩٤

حرف الظاء

السادس والسبعون: « الظاهر »

وقد مرّ تفسيره عند تفسير إسم « الباطن » فراجع.

حرف العين

السابع والسبعون: « عالم الغيب والشهادة »

لم يقع لفظ « عالم » وصفاً له سبحانه في الذكر الحكيم إلّا مضافاً تارة إلى الغيب والشهادة، واُخرى إلى الغيب وحده، وثالثة إلى غيب السموات والأرض، فقد جاء « عالم الغيب والشهادة » عشر مرّات، و « عالم الغيب » مرّتين، و « عالم غيب السموات والأرض » مرّة واحدة، والكلّ يشير إلى علمه الوسيع لكل شيء سواء أكان مشهوداً للناس بالأدوات الحسّيّة أو كان غائباً عنهم إمّا لامتناع وقوعه في إطار الحسّ أو لضعف الحسّ.

توضيحه: انّ الغيب يقابل الشهود فما غاب عن حواسنا وخرج عن حدودها فهو غيب سواء أكان قابلاً للإدراك بالحواسّ كالحوادث الواقعة في غابر الزمان، والمتكوّنة حاليّاً، الغائبة عن حواسّ المخبر، أم كان ممّا يمتنع ادراكه بالحسّ لعدم

٢٩٥

وقوعه في اُفقه كذاته سبحانه وصفاته إلى غير ذلك من عوالم الغيب كالوحي والنبوّة فالله سبحانه عالم بالجميع من غير فرق بين المشهود وغيره(١) .

قال سبحانه:( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ المُتَعَالِ ) ( الرعد / ٩ ).

وقال سبحانه:( قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلا أَكْبَرُ إلّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) ( سبأ / ٣ ). وقال سبحانه:( إِنَّ اللهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) ( فاطر / ٣٨ ).

لا شك أنّ هذه الآيات بصدد حصر العلم بالغيب والشهادة له، وهناك سؤال يطرح نفسه بل سؤالان :

١ ـ كيف يصحّ حصر « العلم » بالغيب والشهادة مع أنّ العلم بالشهادة متاح لكلّ من اُعطي واحداً من أدوات الحسّ.

٢ ـ دلّ قسم من الآيات على أنّ الأنبياء والأولياء كانوا يعلمون الغيب ويخبرون عنه، فهذا العلم بالغيب كيف يجتمع مع حصره في الله سبحانه ؟

والجواب: إنّ ما يجري على الله سبحانه من صفات ونعوت يختلف عمّا يجري على غيره لا بمعنى أنّ للعلم ـ مثلاً ـ معنيين مختلفين يجري على الواجب بمعنى وعلى الممكن بمعنى آخر فإنّ ذلك باطل بالضرورة، ومثله الحياة والقدرة بل المراد اختلاف المحمول عند الجري على الواجب والممكن اختلافاً في كيفيّة الجري والإتّصاف، فإنّ العلم منه واجب، ومنه ممكن، ومنه ذاتي، ومنه اكتسابي، منه مطلق ومرسل عن القيود، ومنه مقيّد محدود، منه ما هو عين الذات بلا تعدّد بين الوصف والموصوف، ومنه ما هو زائد على الذات، ومن المعلوم أنّ

__________________

(١) وقد أشبعنا الكلام في حقيقة الغيب والشهود في الجزء الثالث من هذه الموسوعة لاحظ: الفصل السادس ص ٣٧٥ ـ ٣٨٢.

٢٩٦

ما يجري على الواجب، هو القسم الأشرف وما يجري على الممكن هو القسم الأخسّ فعند ذلك يظهر صحّة اختصاص العلم بالغيب والشهادة بالله سبحانه، فإنّ العلم الواجب، المطلق، الذي هو عين الذات، يختصّ به سبحانه، سواء أتعلّق بالغيب أم بالشهادة وأمّا علم الغير بالشهادة فانّما هو علم ممكن لا واجب، محدود لا مطلق، زائد على الذات لا عينه فلا يضر ثبوته لغيره مع حصر مطلق العلم، سواء أتعلّق بالغيب أم بالشهادة عليه سبحانه.

وقد تقدّم في الجزء الثالث عند البحث عن اختصاص العلم بالغيب بالله سبحانه ما يفيدك في هذا المقام(١) .

وعلى ذلك فالعلم المختصّ بالله سبحانه إنّما هذا النوع من العلم لا غيره.

وبذلك يعلم جواب السؤال الثاني فإنّ اطّلاع الأنبياء على الغيب بإذن منه سبحانه لا يضرّ بحصر علم الغيب على الله فإنّ المحصور من العلم، غير المشترك.

الثامن والسبعون: « عالم غيب السموات والأرض »

قال سبحانه:( إِنَّ اللهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) ( فاطر / ٣٨ ). وقد تقدّم تفسيره في الاسم السابق.

التاسع والسبعون: « علاّم الغيوب »

وقد ورد في الذكر الحكيم أربع مرّات.

قال سبحانه: حاكياً عن المسيح:( تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ( المائدة / ١١٦ ).

__________________

(١) المصدر نفسه.

٢٩٧

وقال سبحانه:( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ( التوبة / ٧٨ ).

وقال سبحانه حاكياً عن الرسل:( قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ( المائدة / ١٠٩ ).

وقال:( إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ( سبأ / ٤٨ ).

وحصر هذا الاسم على الله سبحانه حصر حقيقي مضافاً إلى أنّ علم الواجب غير محدود كوجوده، وعلم الممكن محدود، وأنّ علم غيره سبحانه بالغيب بما أنّه يتوقّف على إذنه سبحانه وتعلّق مصلحة عليه، قليل في ذاته فضلاً عن إذا قيس إلى علم الواجب بالغيب.

الثمانون: « العليم »

قد ورد لفظ « العليم » في القرآن ١٦٢ مرّة، ووقع وصفاً له في الجميع إلّا في الموارد التالية:( إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ) ( الأعراف / ١٠٩ )،( يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ) ( الأعراف / ١١٢ )،( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) ( يوسف / ٥٥ )،( وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ) ( يوسف / ٧٦ )،( قَالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ) ( الحجر / ٥٣ )،( إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ) ( الشعراء / ٣٤ ).

وأمّا في غير هذه الموارد، فقد جاء وصفاً له سبحانه، وقورن بالصفات التالية: الحليم، الواسع، السميع، الشاكر، القدير، العزيز، الخبير، الفتّاح، الخلاّق.

وقد وقفت على معنى العلم في البحث السابق، وبما أنّ العلم والقدرة من أبرز الصفات الثبوتيّة وجب علينا البحث عن اُمور يرجع إلى علمه سبحانه أو إلى قدرته، فلأجل ذلك قد أسهبنا البحث في هذين الوصفين، وآثرنا الاختصار في غيرهما، فنقدّم فهرس البحوث الواردة فيه مستقلاًّ.

٢٩٨

العلم

ما هو حقيقة العلم ؟

التعريف المعروف للعلم.

نقد هذا التعريف من وجوه :

أوّلاً: عدم شموله لبعض أنواع العلم.

تقسيم العلم إلى الحضوري والحصولي.

نماذج من العلم الحضوري.

أ ـ نفس الصورة العلمية.

ب ـ علم الإنسان بذاته.

ج ـ علم الإنسان بالمشاعر النفسية.

د ـ علم العلّة بمعلولها.

ثانياً: عدم شموله للمعقولات المنطقية.

نماذج من المعقولات المنطقية.

أ ـ مفهوم الإنسان الكلّي.

ب ـ مفهوم الجنس والفصل.

ثالثاً: عدم شموله للمحالات والمعدومات.

رابعاً: عدم شموله للأرقام الرياضية.

نكتة هامة ليس كلّ انعكاس علماً.

اجابة عن سؤال.

تعريف العلم بوجه آخر ( التعريف المختار ).

٢٩٩

علمه سبحانه بذاته.

الدليل الأوّل: معطي الكمال ليس فاقداً له.

الدليل الثاني: عوامل الغيبة منتفية عن ساحته سبحانه.

دليل النافين لعلمه سبحانه.

علمه سبحانه بالأشياء قبل إيجادها.

أدلّة ذلك العلم.

الدليل الأوّل: العلم بالحيثيّة الموجبة للمعلول علم به.

الدليل الثاني: بسيط الحقيقة كلّ الأشياء.

علمه سبحانه بالأشياء بعد ايجادها.

الدليل الأوّل: قيام بالاشياء بذاته لا ينفك عن علمه بها.

الدليل الثاني: سعة وجوده دليل على علمه بالأشياء.

الدليل الثالث: اتقان المصنوع آية على علم الصانع.

مراتب علمه سبحانه.

شمول علمه سبحانه للجزئيات.

أهم الأقوال في هذا المجال.

القول المختار ودلائله.

التعبير القرآني الرفيع عن سعة علمه سبحانه.

دلائل النافين لعلمه سبحانه بالجزئيات ونقدها.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538