مفاهيم القرآن الجزء ٦

مفاهيم القرآن7%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-222-6
الصفحات: 538

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 538 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 237442 / تحميل: 6101
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٦

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٢٢-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

تعالى فطارد لكل عدم وبطلان. قال عزّ من قائل:( ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) ( الحج / ٦٢ ).

وبتقرير آخر: إنَّ عوامل المحدودية تتمحور في الاُمور التالية :

١ ـ كون الشيء محدوداً بالماهيّة ومزدوجاً بها، فإنّها حد وجود الشيء والوجود المطلق بلا ماهية غير محدَّد ولا مقيّد وإنّما يتحدّد بالماهية.

٢ ـ كون الشيء واقعاً في إطار الزمان، فهذا الكم المتّصل ( الزمان ) يحدّد وجود الشيء في زمان دون آخر.

٣ ـ كون الشيء في حيز المكان، وهو أيضاً يحدّد وجود الشيء ويخصّه بمكان دون آخر.

وغير ذلك من أسباب التحديد والتضييق. والله سبحانه وجود مطلق غير محدّد بالماهيّة إذ لا ماهيّة له كما سيوافيك البحث عنه، كما لا يحويه زمان ولا مكان، فتكون عوامل التناهي معدودمة فيه، فلا يتصوّر لوجوده حدّ ولا قيد ولا يصحّ أن يوصف بكونه موجوداً في زمان دون آخر أو مكان دون آخر، بل وجوده أعلى وأنبَل من أن يتحدّد بشيء من عوامل التناهي.

وأمّا الكبرى: فهي واضحة بأدنى تأمّل، وذلك لأنّ فرض تعدّد اللامتناهي يستلزم أن نعتبر كل واحد منهما متناهياً من بعض الجهات حتى يصح لنا أن نقول هذا غير ذاك. ولا يقال هذا إلّا إذا كان كل واحد متميّزاً عن الآخر، والتَّمَيّز يستلزم أن لا يوجد الأوّل حيث يوجد الثاني، وكذا العكس. وهذه هي « المحدوديّة » وعين « التناهي »، والمفروض أنّه سبحانه غير محدود ولا متناه.

والله سبحانه لأجل كونه موجوداً غير محدود، يصف نفسه في الذكر الحكيم بــــ( الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ( الرعد / ١٦ )، وما ذلك إلّا لأن المحدود المتناهي مقهور للحدود والقيود الحاكمة عليه، فإذا كان قاهراً من كل الجهات لم تتحكّم فيه

٤٨١

الحدود، فكأنّ اللامحدوديّة تلازم وصف القاهرية، وقد عرفت أنَّ ما لا حدّ له يكون واحداً لا يقبل التعدّد، فقوله سبحانه وهو الواحد القهار، من قبيل ذكر الشيء مع البيّنة والبرهان.

قال العلّامة ( الطباطبائي ): « القرآن ينفي في تعاليمه الوحدة العددية عن الإله جلّ ذكره، فإنّ هذه الوحدة لا تتم إلّا بتميّز هذا الواحد، من ذلك الواحد بالمحدودية التي تقهره. مثال ذلك ماء الحوض إذا فرّغناه في أوان كثيرة يصير ماءُ كلّ إناء ماءً واحداً غير الماء الواحد الذي في الإناء الآخر، وإنّما صار ماءً واحداً يتميّز عمّا في الآخر لكون ما في الآخر مسلوباً عنه غير مجتمع معه، وكذلك هذا الإنسان إنّما صار إنساناً واحداً لأنّه مسلوب عنه ما للإنسان الآخر، وهذا إنْ دلّ فإنّما يدلّ على أنَّ الوحدة العددية إنّما تتحقّق بالمقهورية والمسلوبية أي قاهرية الحدود، فإذا كان سبحانه قاهراً غير مقهور وغالباً لا يغلبه شيء لم تتصوّر في حقّه وحدة عددية، ولأجل ذلك نرى أنَّهُ سبحانه عند ما يصف نفسه بالواحدية يتبعها بصفة القاهرية حتى تكون الثانية دليلاً على الاُولى، قال سبحانه :

( أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ( يوسف / ٣٩ )، وقال:( وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إلّا اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ، وقال سبحانه:( لَوْ أَرَادَ اللهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ( الزمر / ٤ ).

وباختصار: انَّ كلاً من الوحدة العددية كالفرد الواحد من النوع، أو الوحدة النوعية كالإنسان الذي هو نوع واحد في مقابل الأنواع الكثيرة، مقهور بالحد الذي يميّز الفرد عن الآخر والنوع عن مثله، فإذا كان تعالى لا يقهره شيء وهو القاهر فوق كل شيء، فليس بمحدود في شيء، فهو موجود لا يشوبه عدم، وحق لا يعرضه بطلان، وحي لا يخالطه موت، وعليم لا يدبّ إليه جهل، وقادر لا يغلبه عجز، وعزيز لا يتطرّق إليه ظلم، فله تعالى من كل كمال محضة »(١) .

__________________

(١) الميزان: ج ٦، ص ٨٨ و ٨٩ بتلخيص.

٤٨٢

ومن عجيب البيان ما نقل عن الإمام الثامن عليّ بن موسى الرضا٨ في هذا المجال في خطبة ألقاها على جماعة من العلماء، وقال في ضمن تحميده سبحانه :

« لَيْسَ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إِلىٰ حَدِّه، ولا له مِثْلٌ فيُعرَفُ مثله »(١) .

ترى أنَّ الإمام٧ بعد ما نفى الحد عن الله، أتى بنفي المِثْل له سبحانه، لارتباط وملازمة بين اللامحدودية ونفي المثيل، والتقرير ما قد عرفت.

٣ ـ صِرف الوجود لا يتثنّى ولا يتكرّر

إنَّ هذا البرهان مركّب من صغرى وكبرى على الشكل التالي :

الله سبحانه وجود صِرْف.

وكل وجود صرف واحد لا يتثنّى ولا يتكرّر.

فالنتيجة: الله سبحانه واحدٌ لا يتثنَّى ولا يتكرَّر.

أمّا الصغرى فإليك بيانها :

أثبتت البراهين الفلسفية أنَّهُ سبحانه منزَّه عن الماهية التي تحد وجوده، وتحليله يحتاج إلى بيان دور الماهية في وجود الشيء فنقول: كل ما يقع في اُفق النظر من الموجودات الإمكانية فهو مؤلّف من وجود هو رمز عينيّته في الخارج، وماهيّة تحد الوجود وتبيّن مرتبته في عالم الشهود والخارج. مثلاً: الزَّهرة الماثلة أمام أعيننا لها وجود به تتمثّل أمام نظرنا، ولها ماهية تحدّدها بحد النباتية، وتميزّها عن الجماد والحيوان، ولأجل ذلك الحد نحكم عليها أنّها قد ارتقت من عالم الجماد ولم تصل بعد إلى عالم الحيوان. وبذلك تعرف أنّ واقعيّة الماهيّة هي واقعيّة التحديد. هذا من جانب.

__________________

(١) توحيد الصدوق، ص ٣٣.

٤٨٣

ومن جانب آخر، الماهيّة إذا لوحظت من حيث هي هي، فهي غير الوجود كما هي غير العدم، بشهادة أنّها توصف بالأوّل تارة وبالثاني اُخرى، ويقال: النبات موجود، كما يقال: غير موجود. وهذا يوضح أن مقام الحد والماهيّة مقام التخلية عن الوجود والعدم، بمعنى أنّ الإنسان عند النظر إلى ذات الشيء يراه عارياً عن كل من الوجود والعدم، ثم يصفه في الدرجة الثانية بأحدهما. وأمّا وجه كون الشيء في مقام الذات غير موجود ولا معدوم، فلأجل أنّه لو كان في مقام الذات والماهية موجوداً، سواء كان الوجود جزْءَه أو عَيْنه يكون الوجود نابعاً من ذاته، وما هذا شأنه يكون واجب الوجود، يمتنع عروض العدم عليه، كما أنّه لو كان في ذلك المقام معدوماً، سواء كان العدم جزءه أو عينه يكون العدم نفس ذاته، وما هذا شأنه يمتنع عليه عروض الوجود. فلأجل تصحيح عروض كل من الوجود والعدم لا مناص عن كون الشيء في مقام الذات خالياً عن كلا الأمرين حتى يصحّ كونه معروضاً لأحدهما. وإلى هذا يهدف قول الفلاسفة: « الماهيّة من حيث هي هي لا موجودة ولا معدومة ». ومع هذا كلِّه فهي في الخارج لا تخلو إما أنْ تكون موجودة أو معدومة. فالنبات والحيوان والإنسان في الخارج لا يفارق أحد الوصفين. وبهذا تبيّن أنَّ اتّصاف الماهية بأحد الأمرين يتوقّف على علّة، لكن اتّصافها بالوجود يتوقّف على علّة موجودة، ويكفي في اتّصافها بالعدم، عدم العلّة الموجدة. فاتّصاف الماهيات بالأعدام الأزلية خفيف المؤونة، بخلاف اتّصافها بالوجود فإنّه رهن وجود علّة حقيقية خارجية.

وعلى ضوء هذا البيان يتّضح أنّه سبحانه منزَّه عن التحديد والماهيّة وإلّا لزم أنْ يحتاج في اتّصاف ماهيته بالوجود إلى علّة(١) . وما هذا شأنه لا يكون واجباً بل يكون ممكناً. وهذا يجرّنا إلى القول بأنّه سبحانه صرف الوجود المنزّه عن كل حد.

__________________

(١) وهنا يبحث عن العلّة ما هي ؟ أهي نفس الوجود العارض على الماهية أو وجود آخر. فإن كان الأوّل لزم الدور، وإن كان الثاني لزم التسلسل. والتفصيل يؤخذ من محلّه. لاحظ الأسفار: ج ١ فصلٌ، في أنّه سبحانه صِرْف الوجود.

٤٨٤

وأمّا الكبرى فإليك بيانها :

إنّ كل حقيقة من الحقائق إذا تجرّدت عن أي خليط وصارت صرف الشيء لا يمكن أن تتثنّى وتتعدّد، من غير فرق بين أن يكون صرف الوجود أو يكون وجوداً مقروناً بالماهيّة كالماء والتراب وغيرهما، فإنَّ كل واحد منها إذا لوحظ بما هو هو عارياً عن كل شيء سواه لا يتكرّر ولا يتعدّد، فالماء بما هو ماء لا يتصور له التعدّد إلّا إذا تعدّد ظرفه أو زمانه أو غير ذلك من عوامل التعدّد والتميّز.

فالماء الصرف والبياض الصرف والسواد الصرف، وكل شيء صرف، في هذا الأمر سواسيه، فالتعدّد والاثْنَيْنيّة رهن اختلاط الشيء مع غيره.

وعلى هذا، فإذا كان سبحانه ـ بحكم أنّه لا ماهيّة له ـ وجوداً صرفاً، لا يتطرّق إليه التعدّد، لأنّه فرع التميّز، والتميّز فرع وجود غَيْريّة فيه، والمفروض خُلُوّه عن كل مغاير سواه، فالوجود المطلق والتحقّق بلا لون ولا تحديد، والعاري عن كل خصوصيّة ومغايرة، كلّما فرضتَ له ثانياً يكون نفس الأوّل، لا شيئاً غيره، فالله سبحانه بحكم الصغرى صرف الوجود، والصرف لا يتعدّد ولا يتثنّى. فينتج: أنَّ الله سبحانه واحدٌ لا يتثنّى ولا يتعدّد.

خرافة التثليث: الأب والابن وروح القدس

قلّما نجد عقيدة في العالم تعاني من الإبهام والغموض كما تعاني منها عقيدة التثليث في المسيحية.

إنّ كلمات المسيحين في كتبهم الكلامية تحكي عن أنَّ الإعتقاد بالتثليث من المسائل الأساسية التي تبنى عليها عقيدتهم، ولا مناص لأي مسيحي من الإعتقاد به، وفي الوقت نفسه يعتقدون بأنّه من المسائل التعبّديّة التي لا تدخل في نطاق التحليل العقلي، لأنّ التصوّرات البشرية لا تستطيع أن تصل إلى فهمه، كما أنّ المقاييس التي تنبع من العالم المادي تمنع من إدراك حقيقة التثليث، لأنّ حقيقته

٤٨٥

حسب زعمهم فوق المقاييس الماديّة.

هذا ومع تكريزهم على التثليث في جميع أدوارهم وعصورهم يعتبرون أنفسهم موحّدين غير مشركين، وأنَّ الإله في عين كونه واحداً ثلاثة، ومع كونه ثلاثة واحدٌ أيضاً. وقد عجزوا عن تفسير الجمع بين هذين النقيضين، الذي تشهد بداهة العقل على بطلانه وأقصى ما عندهم ما يلي :

إنَّ تجارب البشر مقصورة على المحدود، فإذا قال الله بأنَّ طبيعته غير محدودة تتألّف من ثلاثة أشخاص لزم قبول ذلك، إذ لا مجال للمناقشة في ذلك وإن لم يكن هناك أي مقياس لمعرفة معناه، بل يكفي في ذلك ورود الوحي به، وإنَّ هؤلاء الثلاثة يشكّلون بصورة جماعية « الطبيعة الإلهية اللامحدودة » وكل واحد منهم في عين تشخّصه وتميزّه عن الآخرين، ليس بمنفصل ولا متميّز عنهم، رغم أنّه ليست بينهم أية شركة في الاُلوهية، بل كل واحد منهم إله مستقل بذاته ومالك بانفراده لكامل الاُلوهية، فالأب مالك بانفراده لتمام الاُلوهيّة وكاملها من دون نقصان، والإبن كذلك مالك بانفراده لتمام الاُلوهيّة، وروح القدس هو أيضاً مالك بانفراده لكمال الألوهيّة، وانّ الألوهيّة في كل واحد متحقّقة بتمامها دون نقصان.

هذه العبارات وما يشابهها توحي بأنّهم يعتبرون مسألة التثليث فوق الإستدلال والبرهنة العقلية، وأنّها بالتالي « منطقة محرّمة على العقل »، فلا يصل إليها العقل بجناح الاستدلال، بل المستند في ذلك هو الوحي والنقل.

ويلاحظ عليه أوّلاً: وجود التناقض الواضح في هذا التوجيه الذي تلوكه أشداق البطارقة ومن فوقهم أو دونهم من القسّيسين، إذ من جانب يعرّفون كل واحد من الآلهة الثلاثة بأنّه متشخّص ومتميّز عن البقية، وفي الوقت نفسه يعتبرون الجميع واحداً حقيقة لا مجازاً. أفيمكن الاعتقاد بشيء يضاد بداهة العقل، فإنَّ التَمَيّز والتشخص آية التعدّد، والوحدة الحقيقية آية رفعهما، فكيف يجتمعان ؟

٤٨٦

وباختصار، انّ « البابا » وأنصاره وأعوانه لا مناص أمامهم إلّا الإنسلاك في أحد الصفّين التاليين: صف التوحيد وأنّه لا إله إلّا إله واحد، فيجب رفض التثليث، أو صفّ الشرك والأخذ بالتثليث ورفض التوحيد. ولا يمكن الجمع بينهما.

ثانياً: إنّ عالم ما وراء الطبيعة وإن كان لا يقاس بالاُمور المادّية المألوفة، لكن ليس معناه أنَّ ذلك العالم فوضوي، وغير خاضع للمعايير العقليّة البحتة، وذلك لأنّ هناك سلسلة من القضايا العقلية التي لا تقبل النقاش والجدل، وعالم المادة وما وراؤه بالنسبة إليها سيّان، ومسألة امتناع اجتماع النقيضين وامتناع ارتفاعهما واستحالة الدور والتسلسل وحاجة الممكن إلى العلّة، من تلك القواعد العامّة السائدة على عالمي المادة والمعنى.

فإذا بطلت مسألة التثليث في ضوء العقل فلا مجال للإعتقاد بها. وأمّا الاستدلال عليها من طريق الأناجيل الرائجة فمردود بأنّها ليست كتباً سماوية، بل تدلّ طريقة كتابتها على أنّها اُلّفت بعد رفع المسيح إلى الله سبحانه أو بعد صلبه على زعم المسيحيين، والشاهد أنّه وردت في آخر الأناجيل الأربعة كيفيّة صلبه ودفنه ثم عروجه إلى السماء. واحتمال إلحاق القسم الأخير له يوجب سقوطه عن الاعتبار، لاحتمال تطرّق التحريف إلى غير الأخير أيضاً.

ثالثاً: إنّهم يعرّفون الثالوث المقدس بقولهم: « الطبيعة الإلهية تتألّف من ثلاثة أقانيم متساوية الجوهر، أي الأب والابن وروح القدس، والأبّ هو خالق جميع الكائنات بواسطة الابن، والابن هو الفادي، وروح القدس هو المطهر. وهذه الأقانيم الثلاثة مع ذلك ذات رتبة واحدة وعمل واحد ».

فنسأل: ما هو مقصودكم من الآلهة الثلاثة فإنّ لها صورتين لا تناسب أيّة واحدة منهما ساحته سبحانه :

١ ـ أن يكون لكل واحد من هذه الآلهة الثلاثة وجوداً مستقلاً عن الآخر بحيث

٤٨٧

يظهر كل واحد منها في تشخّص ووجود خاص، ويكون لكل واحد من هذه الأقانيم أصل مستقل وشخصيّة خاصّة متميّزة عمّا سواها.

لكن هذا شبيه الشرك الجاهلي الذي كان سائداً في عصر الجاهلية وقد تجلّى في النصرانية بصورة التثليث. وقد وافتك أدلّة وحدانية الله سبحانه.

٢ ـ أن تكون الأقانيم الثلاثة موجودة بوجود واحد، فيكون الإله هو المركّب من هذه الاُمور الثلاثة، وهذا هو القول بالتركيب، وسيوافيك أنّه سبحانه بسيط غير مركّب، لأنّ المركّب يحتاج في تحقّقه إلى أجزائه، والمحتاج ممكن غير واجب.

هذا هي الإشكالات الأساسية المتوجّهة إلى القول بالتثليث.

تسرّب خرافة التثليث إلى النصرانية

إنَّ التاريخ البشري يرينا أنّه طالما عمد بعض أتباع الأنبياء ـ بعد وفاة الأنبياء أو خلال غيابهم ـ إلى الشرك والوثنيّة، تحت تأثير المضلّين، وبذلك كانوا ينحرفون عن جادّة التوحيد الذي كان الهدف الأساسي والغاية القصوى لبعثهم، إنَّ عبادة بني إسرائيل للعجل في غياب موسى٧ ، أفضل نموذج لما ذكرناه، وهو ممّا أثبته القرآن والتاريخ. وعلى هذا فلا داعي إلى العجب إذا رأينا تسرّب خرافة التثليث إلى العقيدة النصرانية بعد ذهاب السيد المسيح٧ وغيابه عن أتباعه.

إنّ مرور الزمن رسّخ موضوع التثليث وعمّق في قلوب النصارى وعقولهم، بحيث لم يستطع أكبر مصلح مسيحي ـ أعني لوثر ـ الذي هذّب العقائد المسيحية من كثير من الأساطير والخرافات، وأسّس المذهب البروتستاني، أن يبعد مذهبه عن هذه الخرافة.

إنَّ القرآن الكريم يصرّح بأن التثليث دخل النصرانية بعد رفع المسيح من المذاهب السابقة عليها، حيث يقول تعالى:( وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللهِ

٤٨٨

ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) ( التوبة / ٣٠ ).

لقد أثبتت الأبحاث التاريخية أنَّ هذا التثليث كان في الديانة البَرَهْمانية قبل ميلاد السيد المسيح بمئات السنين. فقد تجلّى الرب الأزلي الأبدي لديهم في ثلاثة مظاهر وآلهة :

١ ـ بَرَاهما ( الخالق ).

٢ ـ فيشنو ( الواقي ).

٣ ـ سيفا ( الهادم ).

وقد تسرّبت من هذه الديانة البراهمانيّة إلى الديانة الهندوكيّة، ويوضّح الهندوس هذه الاُمور الثلاثة في كتبهم الدينية على النحو التالي :

« براهما » هو المبتدئ بإيجاد الخلق، وهو دائماً الخالق اللاهوتي، ويسمّى بالأب.

« فيشنو » هو الواقي الذي يسمّى عند الهندوكيين بالابن الذي جاء من قبل أبيه.

« سيفا » هو المُفْنِي الهادم المعيد للكون إلى سيرته الاُولى.

وبذلك يظهر قوّة ما ذكره الفيلسوف الفرنسي « غستاف لوبون » قال: « لقد واصلت المسيحيّة تطورها في القرون الخمسة الاُولى من حياتها، مع أخذ ما تيسّر من المفاهيم الفلسفية والدينية اليونانية والشرقية، وهكذا أصبحت خليطاً من المعتقدات المصرية والإيرانية التي انتشرت في المناطق الاُوروبية حوالي القرن الأوّل الميلادي، فاعتنق الناس تثليثاً جديداً مكوّناً من الأب والإبن وروح القدس، مكان التثليث القديم المكوّن من « نروبي تر » و « وزنون » و « نرو »(١) .

__________________

(١) قصة الحضارة.

٤٨٩

القرآن ونفي التثليث

إنَّ القرآن الكريم يذكر التثليث ويبطله بأوضح البراهين وأجلاها، يقول:( مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ ) ( المائدة / ٧٥ ). وهذه الآية تبطل اُلوهيّة المسيح واُمّه، التي كانت معرضاً لهذه الفكرة الباطلة، بحجّة أنّ شأن المسيح شأنُ بقية الأنبياء وشأن الاُمّ شأن بقية الناس، يأكلان الطعام، فليس بين المسيح واُمّه وبين غيرهما من الأنبياء والرسل وسائر الناس أي فرق وتفاوت، فالكل كانوا يأكلون عندما يجوعون ويتناولون الطعام كلّما أحسّوا بالحاجة إليه. وهذا العمل منضمّاً إلى الحاجة إلى الطعام آية المخلوقيّة.

ولا يقتصر القرآن على هذا البرهان، بل يستدل على نفي اُلوهيّة المسيح بطريق آخر، وهو قدرته سبحانه على إهلاك المسيح واُمّه ومن في الأرض جميعاً، والقابل للهلاك لا يكون إلهاً واجب الوجود.

يقول سبحانه:( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ) ( المائدة / ١٧ ). وهذه الآية ناقشت اُلوهيّة المسيح وأبطلتها عن طريق قدرته سبحانه على إهلاكه. ويظهر من سائر الآيات أنَّ اُلوهيّته كانت مطروحة بصورة التثليث، قال سبحانه:( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إلّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ) ( المائدة / ٧٣ ).

وعلى كل تقدير، فقدرته سبحانه على إهلاك المسيح٧ أدل دليل على كونه بشراً ضعيفاً، وعدم كونه إلهاً، سواء طرح بصورة التثليث أو غيره.

ثم إنَّ القرآن الكريم كما يُفَنّد مزعمة كون عيسى بن مريم إلهاً ابناً لله في الآيات المتقدّمة، يرد استحالة الابن عليه تعالى أيضاً على وجه الإطلاق سواء كان عيسى هو الابن أو غيره، بالبيانات التالية :

٤٩٠

١ ـ إنَّ حقيقة البنوّة هو أن يجزّئ واحد من الموجودات الحيّة شيئاً من نفسه ثمّ يجعله بالتربية التدريجية فرداً آخر من نوعة مماثلاً لنفسه يترتّب عليه من الخواص والآثار ما كان يترتّب على الأصل، كالحيوان يفصل من نفسه النطفة، ثمّ يأخذ في تربيتها حتى تصير حيواناً. ومن المعلوم أنّه محال في حقّه سبحانه، لاستلزامه كونه سبحانه جسماً مادّياً له الحركة والزمان والمكان والتركّب(١) .

٢ ـ إنّ لإطلاق اُلوهيّته وخالقيته وربوبيته على ما سواه لازم أن يكون هو القائم بالنفس وغيره قائماً به، فكيف يمكن فرض شيء غيره يكون له من الذات والأوصاف والأحكام ما له سبحانه من غير افتقار إليه ؟

٣ ـ إنّ تجويز الاستيلاد عليه سبحانه يستلزم جواز الفعل التدريجي عليه، وهو يستلزم دخوله تحت ناموس المادّة والحركة وهو خلف، بل يقع ما شاء دفعة واحدة من غير مهلة ولا تدريج.

والدقّة في الآيتين التاليتين يفيد كل ما ذكرنا، قال سبحانه :

( وَقَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ *بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) ( البقرة / ١١٦ و ١١٧ ).

فقوله سبحانه( اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا ) إشارة إلى الأمر الأوّل.

وقوله سبحانه:( لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) ، إشارة إلى الأمر الثاني.

وقوله سبحانه:( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ ) ، إشارة إلى الأمر الثالث(٢) .

__________________

(١) ستوافيك أدلة استحالة كونه جسماً أو جسمانياً وما يستتبعانه من الزمان والمكان والحركة.

(٢) لاحظ الميزان: ج ٣، ص ٢٨٧.

٤٩١

إنَّ القرآن الكريم يفنّد مزعمة « التثليث » ببراهين عقليّة اُخرى، فمن أراد الوقوف على الآيات الواردة في هذا المجال وتفسيرها، فليرجع إلى الموسوعات القرآنية.

المائة والتاسع والعشرون: « الواسع »

قد ورد لفظ الواسع في الذكر الحكيم تسع مرّات ووقع وصفاً له سبحانه في موارد ثمانية.

قال سبحانه:( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ( البقرة / ١١٥ ).

وقال سبحانه:( وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ( البقرة / ٢٤٧ ).

وقال سبحانه:( ذَٰلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ( المائدة / ٥٤ ).

وقال سبحانه:( إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ ) ( النجم / ٣٢ ).

أمّا معناه فقد قال ابن فارس: هو كلمة تدل على خلاف الضيق والعسر، والوسع: الغنى، والله الواسع أي الغني، والوسع: الجدة ( الطاقة ).

أقول: لا شكّ أنّ الوسع خلاف الضيق ويختلف متعلّقه حسب المقامات.

ففي ما يقول سبحانه:( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) ثمّ يعلّله إنّ الله واسع عليم يتبادر منه سعة وجوده وحضوره في جميع الأمكنة، فأينما يولّي الإنسان وجهه فقد توجّه إلى الله سبحانه، كما أنّه يتبادر منه في الموارد التالية سعة وصفه وفعله :

قال سبحانه:( وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ) ( طه / ٩٨ ) و( أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ) ( الطلاق / ١٢ ) و( رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) ( الأعراف / ١٥٦ ) فَاللهُ سُبْحانَهُ

٤٩٢

واسع الوجود والذات، واسع الفعل، فلا يحدّ ذاته شيء، كما لا يحدّ وصفه شيء، ولا يحد فعله شيء.

المائة والثلاثون: « الوالي »

قد ورد لفظ « وال » في الذكر الحكيم مرّة واحدة ووقع وصفاً له سبحانه.

قال سبحانه:( وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) ( الرعد / ١١ ).

وهو مأخوذ من الولي بمعنى القرب وقد تقدّم تفسيره عند البحث عن اسم المولى.

وذكرنا كيفيّة اشتقاق سائر المعاني منه، وقلنا: إنّ قرب إنسان من إنسان يحدث أولويّة أحدهما بالنسبة إلى الآخر، وإنَّ المولى والولي والوالي بمعنى واحد أي القائم بالأمر، وعلى هذا فالمراد من الوالي هو متولّي الأمر، وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مردّ له وما لهم من دونه من وال أي من ولي يباشر أمرهم، ويدفع عنهم البلاء، وبعبارة أُخرى فإذا لم يكن لهم من وال يلي أمرهم إلّا الله سبحانه لم يكن هناك أحد يردّ ما أراد الله بهم من سوء.

المائة والواحد والثلاثون: « الودود »

قد ورد لفظ « الودود » في الذكر الحكيم مرّتين ووقعا وصفاً له سبحانه.

وقال سبحانه:( وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ) ( هود / ٩٠ ).

وقال سبحانه:( إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ *وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ) ( البروج / ١٣ و ١٤ ).

وأمّا معناه فقدذكر ابن فارس: إنّه يدلّ على المحبّة.

٤٩٣

« والودود » على وزن فعول، أمّا بمعنى المفعول فيرجع معناه أنّه سبحانه محبوب للأولياء والمؤمنين، أو بمعنى الفاعل ك‍ « غفور » بمعنى « غافر » ويرجع معناه إلى أنّه سبحانه يودّ عباده الصالحين ويحبّهم، والمناسب لإسم الرحيم كونه بمعنى الفاعل كما هو المناسب أيضاً لإسم الغفور وقد عرفت اقترانه في الآيتين بالإسمين.

وأمّا حظّ العبد من ذلك الاسم فله أن يتّسم باسمه فيكتسب ودّاً بين الناس بالأعمال الصالحة.

قال سبحانه:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا ) ( مريم / ٩٦ ).

المائة والثاني والثلاثون: « الوكيل »

قد ورد لفظ الوكيل في الذكر الحكيم ٢٤ مرّة ووقع وصفاً له سبحانه في ١٤ مورد.

قال سبحانه:( وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) ( آل عمران / ١٧٣ ).

وقال سبحانه:( خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) ( الأنعام / ١٠٢ ).

وقال سبحانه:( وَللهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَىٰ بِاللهِ وَكِيلاً ) ( النساء / ١٣٢ ).

وقال سبحانه:( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً ) ( الأسراء / ٦٥ ).

إلى غير ذلك من الآيات الوارد فيها هذا الإسم.

وأمّا معناه فقد قال « ابن فارس »: فهو في الأصل يدل على إعتماد غيرك في أمرك، وسمّي الوكيل وكيلاً لأنه يوكل إليه الأمر، وقال « الراغب »: التوكيل أن تعتمد

٤٩٤

على غيرك وتجعله نائباً عنك، والوكيل فعيل بمعنى مفعول.

قال تعالى وكفى بالله وكيلاً أي اكتف به أن يتولّىٰ أمرك ويتوكّل لك.

ثُمَّ إنّ كونه سبحانه وكيلاً ليس بمعنى كونه نائباً عن العباد في الأفعال ولا بمعنى الاعتماد عليه، بل هو معنى أقوىٰ وأشدّ من ذلك وهو إيكال الأمر إليه لكونه سبحانه وحده كافياً في إنجاز الأمر.

قال سبحانه ناقلاً عن لسان الأولياء:( وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) ( آل عمران / ١٧٣ ).

ثُمَّ إنّه ربّما يستعمل ببعض المناسبات في معنى الحفيظ.

قال سبحانه:( اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ) ( الشورى / ٦ )، كما أنّه ربّما يستعمل في المسيطر.

قال سبحانه:( وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ) ( الزمر / ٤١ ).

قال العلّامة الطباطبائي في تفسير قوله:( وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً ) ( الاسراء / ٦٥ ).

أي قائماً على نفوسهم وأعمالهم، حافظاً لمنافعهم، ومتولّياً لاُمورهم، فإنّ الوكيل هو الكافل لاُمور الغير، القائم مقامه في تدبيرها وإدارة رحاها(١) .

ثُمَّ إنّ وكالة إنسان لإنسان تقوم بأمرين :

الأوّل: إنصراف الموكّل عن المباشرة إمّا لعجزه وإمّا لصارف آخر.

الثاني: كون الموكول إليه موصوفاً بكمال العلم والقدرة والبراعة والنزاهة عن الخيانة.

__________________

(١) الميزان: ج ١٣، ص ١٥٦.

٤٩٥

وأمّا ايكال الإنسان الاُمور إلى الله سبحانه فهو مبني على اعترافه بالعجز بالقيام أوّلاً وكونه عالماً وقادراً ورحيماً ثانياً وهذه الصفات وهذا النحو غير حاصل إلّا لله سبحانه الحي، فلا جرم أن يكون وكيلاً بمعنى أنّ العباد العارفين يفوّضون اُمورهم إليه.

قال سبحانه:( وَتَوَكَّلْ عَلَى الحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ) ( الفرقان / ٥٨ ).

وقال سبحانه:( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) ( الطلاق / ٣ ).

ثُمَّ إنّ إيكال الأمر إليه ليس بمعنى عدم القيام بفعل، بل معناه أنّه يجب على العبد بذل ما في مقدرته من الأفعال والأعمال ثُمَّ إيكال الأمر إليه حتى تصل إلى النتيجة، ولأجل ذلك ورد الأمر بالتوكّل في الحروب والمغازي التي يجب للإنسان بذل ما يملك من النفس والنفيس فيها.

قال سبحانه:( وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ المُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ ) ( آل عمران / ١٢١ و ١٢٢ ).

المائة والثالث والثلاثون: « الولي »

قد ورد هذا اللفظ في الذكر الحكيم مضافاً وغير مضاف أربعاً وأربعين مرّة ووقع وصفاً له سبحانه خمس وثلاثون مرّة منطوقاً ومفهوماً.

قال سبحانه:( وَكَفَىٰ بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللهِ نَصِيرًا ) ( النساء / ٤٥ ). هذا على وجه المنطوق.

وأمّا على وجه المفهوم فقد قال سبحانه:( مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ ) ( السجدة / ٤ ).

وقد مضى معنى « الولي » عند البحث عن اسم « المولى » فلاحظ.

٤٩٦

المائة والرابع والثلاثون: « الوهّاب »

قد ورد لفظ « الوهّاب » في الذكر الحكيم ثلاث مرّات.

قال سبحانه:( وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) ( آل عمران / ٨ ).

وقال سبحانه:( أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ) ( ص / ٩ ).

وقال سبحانه:( وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) ( ص / ٣٥ ).

قال الراغب: واللفظ من الهبة وهي أن تجعل ملكك لغيرك بغير عوض.

قال تعالى:( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ ) ( الأنعام / ٨٤ ) و ( الأنبياء / ٧٢ )،( الحَمْدُ للهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ) ( إبراهيم / ٣٩ ) ويوصف الله بالواهب والوهّاب بمعنى أنّه يعطي كلاًّ على استحقاقه.

إنّ الهبة لها ركنان: الأوّل التمليك، والآخر كونه بغير عوض وهو فعل لله سبحانه على الحقيقة لأنّه مالك الملك والملكوت بإيجاده، وأمّا غيره فإنّما يملك بتمليك منه وملكيته في طول ملكيته سبحانه. هذا حال الركن الأوّل.

وأمّا الركن الثاني فكل ما يتّفق أن يهب الإنسان ولا يطلب عوضاً وعلى الأقل المدح في العاجل والثواب في الآجل، أو لإرضاء العواطف الإنسانية.

نعم هو صادق في حقّه سبحانه الغني عن كلّ شيء.

قال سبحانه:( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ) ( الفرقان / ٧٧ ).

وأمّا حظ العبد من هذا الاسم فهو أن لا يعتمد على الدنيا وما فيها، ويهب ما يملك على النحو الذي أمر به الذكر الحكيم وقال سبحانه:( الَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا ) ( الفرقان / ٦٧ ).

٤٩٧
٤٩٨

حرف الهاء

المائة والخامس والثلاثون: « الهادي »

وقد ورد لفظ الهادي في القرآن الكريم عشر مرّات ووقع وصفاً له سبحانه في موردين :

قال سبحانه:( وَإِنَّ اللهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) ( الحج / ٥٤ ).

وقال سبحانه:( وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ) ( الفرقان / ٣١ ).

وربّما يستفاد من بعض الآيات عن طريق المفهوم مثل قوله سبحانه:( وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) ( الرعد / ٣٣ ) وغيره.

إنّ الهداية الإلهية من المسائل الهامّة التي اهتمّ بها القرآن اهتماماً بالغاً.

وربّما يتبادر في بادئ النظر منها التعارض والتخالف، ومبدأ هذا هو الاكتفاء بآية واحدة والغض عن سائر الآيات الواردة في الكتاب العزيز، فلا تحل عقدة هذه المسألة وأمثالها إلّا بجمع الآيات في مورد واحد واستنطاقها حتى يشهد بعضها على بعض، ولأجل أهمّيّة هذه المسألة نفيض الكلام فيها على وجه الاختصار حتى يظهر معنى قوله سبحانه:( وَإِنَّ اللهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) .

٤٩٩

ما معنى كون الهداية والضلالة بيده سبحانه ؟

دلّت الآيات القرآنية على أنَّ الهداية والضلالة بيده سبحانه، فهو يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء. وقد وقع بعض الناس في شبهة الجبر وقالوا: إذا كان أمر الهداية مرتبطاً بمشيئته، فلا يكون للعبد دور لا في الهداية ولا في الضلالة، فالضّال يعصي بلا اختيار، والمهتدي يطيع كذلك وهذا بالجبر، أشبه منه بالإختيار.

قال سبحانه:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) ( إبراهيم / ٤ ).

وقال سبحانه:( وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( النحل / ٩٣ ).

وقال سبحانه:( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) ( فاطر / ٨ ).

ولنا نقاش وجواب، فنقول: إنّ تحليل أمر الهداية والضلالة الذي ورد في القرآن الكريم من المسائل الدقيقة المتشعّبة الأبحاث ولا يقف على المحصّل من الآيات إلّا من فسّرها عن طريق التفسير الموضوعي، بمعنى جمع كل ما ورد في هذين المجالين في مقام واحد، ثمّ تفسير المجموع باتّخاذ البعض قرينة على البعض الآخر. وبما أنَّ هذا المنهج من البحث لا يناسب وضع الكتاب، نكتفي بما تمسّك به الجبريّون في المقام من الآيات لإثبات الجبر، وبتفسيرها وتحليلها يسقط أهم ما تسلّحوا به من العصور الاُولى.

حقيقة الجواب تتّضح في التفريق بين الهداية العامّة التي عليها تبتنى مسألة الجبر والإختيار، والهداية الخاصّة التي لاتمت إلى هذه المسألة بصلة.

٥٠٠

الهداية العامّة

الهداية العامّة من الله سبحانه تعمّ كل الموجودات عاقلها وغير عاقلها، وهي على قسمين :

أ ـ الهداية العامة التكوينيّة: والمراد منها خلق كل شيء وتجهيزه بما يهديه إلى الغاية التي خلق لها، قال سبحانه حاكياً كلام النبي موسى7 :( رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ ) ( طه / ٥٠ ).

ومنح كلّ موجود إمكانية توصله إلى الكمال، فالنبات مجهّز بأدقّ الأجهزة التي توصله في ظروف خاصة إلى تفتّح طاقاته ; فالحبّة المستورة تحت الأرض ترعاها أجهزة داخلية وعوامل خارجية كالماء والنور إلى أن تصير شجرة مثمرة معطاءة. ومثله الحيوان والإنسان، فهذه الهداية عامّة لجميع الأشياء ليس فيها تبعيض وتمييز.

قال سبحانه:( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى *الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ *وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ) ( الأعلى / ١ ـ ٣ ).

وقال سبحانه:( أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ *وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ *وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) ( البلد / ٨ ـ ١٠ ).

وقال سبحانه:( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا *فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) ( الشمس / ٧ و ٨ ).

إلى غير ذلك من الآيات الواردة حول الهداية التكوينية التي ترجع حقيقتها إلى الهداية النابعة من حاق ذات الشيء بما أودع الله فيه من الأجهزة والإلهامات التي توصله إلى الغاية المنشودة والطريق المَهْيع، من غير فرق بين المؤمن والكافر. قال سبحانه:( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ) ( الروم / ٣٠ ).

٥٠١

فهذا الفيض الإلهي الذي يأخذ بيد كل ممكن في النظام، عام لا يختص بموجود دون موجود، غير أنّ كيفية الهداية والأجهزة الهادية لكل موجود تختلف حسب اختلاف درجات وجوده. وقد أسماه سبحانه في بعض الموجودات « الوحي » وقال سبحانه:( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ *ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) ( النحل / ٦٨ و ٦٩ ).

ومن الهداية التكوينية في الإنسان العقل الموهوب له، الذي يرشده إلى معالم الخير والصلاح، وما ورد في الذكر الحكيم من الآيات الحادثة على التعقّل والتفكّر والتدبّر خير دليل على وجود هذه الهداية العامّة في أفراد الإنسان وإن كان قسم منه لا يستضيء بنور العقل ولا يهتدي بالتفكّر والتدبّر.

ب ـ الهداية العامّة التشريعية: إذا كانت الهداية التكوينية العامّة أمراً نابعاً من ذات الشيء بما أودع الله فيه من أجهزة تسوقه إلى الخير والكمال، فالهداية التشريعية العامّة عبارة عن الهداية الشاملة للموجود العاقل المدرك، المفاضة عليه بتوسّط عوامل خارجة عن ذاته، وذلك كالأنبياء والرسل والكتب السماوية وأوصياء الرسل وخلفائهم والعلماء والمصلحين وغير ذلك من أدوات الهداية التشريعية العامّة التي تعمّ جميع المكلّفين. قال سبحانه:( وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إلّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) ( فاطر / ٢٤ ).

وقال سبحانه:( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) ( الحديد / ٢٥ ).

وقال سبحانه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ( النساء / ٥٩ ).

٥٠٢

وقال سبحانه:( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إلّا رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ( الأنبياء / ٧ ). وأهل الذكر في المجتمع اليهودي هم الأحبار، والمجتمع المسيحي هم الرُهْبان.

إلى غير ذلك من الآيات الواردة في القرآن الكريم التي تشير إلى أنَّه سبحانه هدى الإنسان ببعث الرسل، وإنزال الكتب، ودعوته إلى إطاعة أُولي الأمر والرجوع إلى أهل الذكر.

قال سبحانه مصرّحاً بأنَّ النبي الأكرم9 هو الهادي لجميع أُمّته:( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) ( الشورى / ٥٢ ).

وقال سبحانه في هداية القرآن إلى الطريق الأقوم:( إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) ( الأسراء / ٩ ).

هذا، وإنّ مقتضى الحِكْمَة الإلهية أن يعمّ هذا القسم من الهداية العامّة جميع البشر، ولا يختصّ بجيل دون جيل ولا طائفة دون طائفة.

والهداية العامّة بكلا قسميها في مورد الإنسان، ملاك الجبر والإختيار، فلو عمّت هدايته التكوينية والتشريعية في خصوص الإنسان كل فرد منه لارتفع الجبر، وساد الإختيار، لأنَّ لكل إنسان أن يهتدي بعقله وما حَفَّهُ سبحانه به من عوامل الهداية من الأنبياء والرسل والمزامير والكتب وغير ذلك.

ولو كانت الهداية المذكورة خاصّة بأُناس دون آخرين، وأنَّه سبحانه هدى أُمّة ولم يهدِ أُخرى، لكان لتوهّم الجبر مجال وهو وَهْم واه، كيف وقد قال سبحانه:( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً ) ( الأسراء / ١٥ ). وقال سبحانه:( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً ) ( القصص / ٥٩ ). وغير ذلك من الآيات التي تدلّ على أنَّ نزول العذاب كان بعد بعث الرسول وشمول الهداية العامّة للمُعَذّبين والهالكين، وبالتالي يدلّ على أنَّ من لم تبلغه تلك الهداية لا يكون مسؤولاً إلّا بمقدار ما يدلّ عليه عقله ويرشده إليه لبّه.

٥٠٣

الهداية الخاصّة

وهناك هداية خاصّة تختصّ بجملة من الأفراد الذين استضاؤا بنور الهداية العامّة تكوينها وتشريعها، فتشملهم العناية الخاصّة منه سبحانه.

ومعنى هذه الهداية هو تسديدهم في مزالق الحياة إلى سبل النجاة، وتوفيقهم للتزوّد بصالح الأعمال، ويكون معنى الإضلال في هذه المرحلة هو منعهم من هذه المواهب، وخذلانهم في الحياة، ويدلّ على ذلك ( إنَّ هذه الهداية خاصة لمن استفاد من الهداية الاُولى )، قوله سبحانه:( إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) ( الرعد / ٢٧ ). فعلّق الهداية على من اتّصف بالإنابة والتوجّه إلى الله سبحانه.

وقال سبحانه:( اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ) ( الشورى / ١٣ ).

وقال سبحانه:( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ ) ( العنكبوت / ٢٩ ). فمن أراد وجه الله سبحانه يمدّه بالهداية إلى سبله.

وقال سبحانه:( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى ) ( محمد / ١٧ ).

وقال سبحانه:( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى *وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ) ( الكهف / ١٣ و ١٤ ).

وكما أنَّه علّق الهداية هنا على من جعل نفسه في مهب العناية الخاصّة، علّق الضلالة في كثير من الآيات على صفات تشعر باستحقاقه الضلال والحرمان من الهداية الخاصّة.

قال سبحانه:( وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ( الجمعة / ٥ ).

وقال سبحانه:( وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ ) ( إبراهيم / ٢٧ ).

٥٠٤

وقال سبحانه:( وَمَا يُضِلُّ بِهِ إلّا الْفَاسِقِينَ ) ( البقرة / ٢٦ ).

وقال سبحانه:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إلّاطَرِيقَ جَهَنَّمَ ) ( النساء / ١٦٨ و ١٦٩ ).

وقال سبحانه:( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) ( الصف / ٥ ).

فالمراد من الإضلال هو عدم الهداية لأجل عدم استحقاق العناية والتوفيق الخاص، لأنّهم كانوا ظالمين وفاسقين، كافرين ومنحرفين عن الحق. وبالمراجعة إلى الآيات الواردة حول الهداية والضلالة يظهر أنَّه سبحانه لم ينسب في كلامه إلى نفسه إضلالاً إلّا ما كان مسبوقاً بظلم من العبد أو فسق أو كفر أو تكذيب ونظائرها التي استوجبت قطع العناية الخاصّة وحِرمانه منها.

إذا عرفت ما ذكرنا، تقف على أنَّ الهداية العامّة التي بها تناط مسألة الجبر والإختيار عامّة شاملة لجميع الأفراد، ففي وسع كل إنسان أن يهتدي بهداها. وأمّٰا الهداية الخاصة والعِناية الزائدة فتختصّ بطائفة المنيبين والمستفيدين من الهداية الاُولى. فما جاء في كلام المستدل من الآيات من تعليق الهداية والضلالة على مشيئته سبحانه ناظرٌ إلى القسم الثاني لا الأوّل.

أمّا القسم الأوّل فلأنّ المشيئة الإلهية تعلّقت على عمومها بكل مكلّف بل بكل إنسان، وأمّا الهداية فقد تعلّقت مشيئته بشمولها لصنف دون صنف، ولم تكن مشيئته مشيئة جزافية، بل المِلاك في شمولها لصنف خاص هو قابليته لشمول تلك الهداية، لأنَّه قد استفاد من الهدايتين التكوينية والتشريعية العامّتين، فاستحقّ بذلك اللطف الزائد.

كما أنَّ عدم شمولها لصنف خاص ما هو إلّا لأجل اتّصافهم بصفات رديئة لا يستحقّون معها تلك العِناية الزائدة.

٥٠٥

ولأجل ذلك نرى أنَّه سبحانه بعد ما يقول:( فَيُضِلُّ اللهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ) ، يذيّله بقوله:( وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) ( إبراهيم / ٤ )، مشعراً بأنَّ الإضلال والهداية كانا على وفاق الحكمة، فهذا استحقّ الإضلال وذاك استحقّ الهداية.

بقي هنا سؤال، وهو إنَّ هناك جملة من الآيات تعرب عن عدم تعلّق مشيئته سبحانه بهداية الكل، قال سبحانه:( وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهُدَىٰ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ ) ( الأنعام / ٣٥ ).

وقال سبحانه:( وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ) ( الأنعام / ١٠٧ ).

وقال سبحانه:( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ) ( يونس / ٩٩ ).

وقال سبحانه:( وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) ( النحل / ٩ ).

وقال سبحانه:( وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ) ( السجدة / ١٣ ).

والجواب: إنَّ هذه الآيات ناظرة إلى الهداية الجبرية بحيث تسلب عن الإنسان الإختيار والحرية فلا يقدر على الطرف المقابل، ولـمـّا كان مثل هذه الهداية الخارجة عن الإختيار منافياً لحكمته سبحانه، ولا يوجب رفع منزلة الإنسان، نفى تَعَلُّق مشيئته بها، وإِنَّما يُقَدَّرُ الإيمان الذي يستند إلى اختيار المرء، لا إلى الجبر.

* * *

بلغ الكلام هنا صبيحة يوم الثلاثاء ثاني ربيع الأوّل عام ١٤١٠ ه‍ ق بيد مؤلّفه « جعفر السبحاني » ابن الفقيه الشيخ « محمد حسين السبحاني » عاملهما الله بلطفه الخفي.

٥٠٦

٥٠٧

فهرس الكتاب

الموضوع

رقم الصحفة

مقدّمة Error! Bookmark not defined.

التفكّر العقلي والاستدلال المنطقي في الذكر الحكيم Error! Bookmark not defined.

الاختلاف في الأسماء والصفات سبب تعدّد الديانات Error! Bookmark not defined.

الإنسان يأنس المحاكاة والتشبيه Error! Bookmark not defined.

المشبّهة Error! Bookmark not defined.

المعطّلة Error! Bookmark not defined.

المعطّلة بثوبها الجديد Error! Bookmark not defined.

بين التشبيه والتعطيل Error! Bookmark not defined.

الإستدلال بالأقيسة العقليّة المنطقيّة Error! Bookmark not defined.

مطالعة الكون وآيات وجوده Error! Bookmark not defined.

المعرفة عن طريق الوحي Error! Bookmark not defined.

المعرفة عن طريق الكشف والشهود Error! Bookmark not defined.

أسماؤه وصفاته في القرآن الكريم، الفرق بين الإسم والصفة ٣١

ما هو المختار في الفرق بين أسماءه وصفاته Error! Bookmark not defined.

الأسماء والصفات عند أهل المعرفة ٣٣

هل الإسم نفس المسمّى أو غيره Error! Bookmark not defined.

بيان آخر لوحدة الاسم والمسمّى Error! Bookmark not defined.

هل اسماؤه توقيفية أو لا ؟ Error! Bookmark not defined.

الروايات وتوقيفية الأسماء Error! Bookmark not defined.

بساطة الذات وكثرة الأسماء Error! Bookmark not defined.

بيان آخر لوحدة الصفات Error! Bookmark not defined.

٥٠٨

الموضوع

رقم الصحفة

تقسيم صفاته إلى الجماليّة والجلاليّة Error! Bookmark not defined.

تقسيم صفاته إلى الذاتيّة والفعليّة Error! Bookmark not defined.

تعريف آخر للذاتية والفعلية Error! Bookmark not defined.

تقسيم صفاته إلى نفسية وإضافية ٥٧

تقسيم آخر منسوب إلى أهل المعرفه Error! Bookmark not defined.

تقسيم صفاته إلى الذاتية والخبرية، تقسيمها إلى صفات اللطف والقهر Error! Bookmark not defined.

الأسماء العامّة والخاصّة Error! Bookmark not defined.

هل الإسم الأعظم من قبيل الألفاظ ؟ ٦٠

صفاته عين ذاته لا زائدة عليه Error! Bookmark not defined.

أدلّة القائلين بعينية صفاته مع ذاته Error! Bookmark not defined.

الإرادة صفة الذات أو صفة الفعل ؟ رأي المعتزلة في الإرادة، الإرادة: الشوق النفسائي Error! Bookmark not defined.

الإرادة هي العزم والجزم، الإرادة الإمكانية تلازم الحدوث Error! Bookmark not defined.

الإرادة ملاك الإختيار Error! Bookmark not defined.

هل الإرادة صفة الذات أو صفة الفعل ؟ Error! Bookmark not defined.

الإشكال الأوّل: الإرادة أمر تدريجي حادث Error! Bookmark not defined.

إرادته سبحانه، علمه بالذات Error! Bookmark not defined.

إرادته سبحانه ابتهاجه بفعله Error! Bookmark not defined.

الإرادة: إعمال القدرة Error! Bookmark not defined.

إرادته، كونه مختاراً بالذات Error! Bookmark not defined.

٥٠٩

الموضوع

رقم الصحفة

الإشكال الثاني: الروايات تعدّ الإرادة من صفات الفعل Error! Bookmark not defined.

عصر الإمام الكاظم ٧ والمذاهب الكلامية Error! Bookmark not defined.

الإشكال الثالث: الإرادة يرد عليها النفي والإثبات Error! Bookmark not defined.

الإشكال الرابع: لو كانت الإرادة صفة للذات لزم قدم العالم Error! Bookmark not defined.

ما هو المراد من الحدوث الزماني للعالم ؟ Error! Bookmark not defined.

تكلّمه وكلامه سبحانه Error! Bookmark not defined.

نظرية المعتزلة Error! Bookmark not defined.

نظرية الحكماء Error! Bookmark not defined.

نظرية الأشاعرة Error! Bookmark not defined.

أسماؤه في القرآن والسنّة Error! Bookmark not defined.

أسماؤه في أحاديث أهل البيت: Error! Bookmark not defined.

أسماؤه سبحانه في أحاديث أهل السنّة Error! Bookmark not defined.

تفسير أسمائه الواردة في القرآن الكريم Error! Bookmark not defined.

حرف الالف، الإله، لفظ الجلالة عربي أو عبري Error! Bookmark not defined.

لفظ الجلالة مشتق أو لا ؟ Error! Bookmark not defined.

« اللهمّ » مكان « الله » Error! Bookmark not defined.

ما هو المقصود من « الإله » في الذكر الحكيم Error! Bookmark not defined.

خاتمة المطاف Error! Bookmark not defined.

الأحد Error! Bookmark not defined.

الأوّل والآخر Error! Bookmark not defined.

الأعلىٰ Error! Bookmark not defined.

٥١٠

الموضوع

رقم الصحفة

الأعلم Error! Bookmark not defined.

الأكرم Error! Bookmark not defined.

أرحم الراحمين Error! Bookmark not defined.

أحكم الحاكمين Error! Bookmark not defined.

أحسن الخالقين Error! Bookmark not defined.

أسرع الحاسبين، أهل التقوى وأهل المغفرة Error! Bookmark not defined.

الأبقىٰ Error! Bookmark not defined.

الأقرب Error! Bookmark not defined.

الإحاطة القيوميّة لا الإحاطة المكانيّة Error! Bookmark not defined.

ما هو المقصود من الأقربية ؟ Error! Bookmark not defined.

حرف الباء، البارئ Error! Bookmark not defined.

الباطن والظاهر Error! Bookmark not defined.

البديع Error! Bookmark not defined.

البر Error! Bookmark not defined.

البصير والسميع Error! Bookmark not defined.

تفسير كونه سميعاً وبصيراً Error! Bookmark not defined.

حرف التاء، التوّاب Error! Bookmark not defined.

حرف الجيم، الجبّار Error! Bookmark not defined.

الجبّار: العالي الذي لا ينال، الجبار: العظيم الشأن في الملك Error! Bookmark not defined.

الجبّار: من يصلح الشيء بضرب من القهر Error! Bookmark not defined.

٥١١

الموضوع

رقم الصحفة

الجامع Error! Bookmark not defined.

حرف الحاء Error! Bookmark not defined.

الحسيب Error! Bookmark not defined.

الحفيظ Error! Bookmark not defined.

الحفيّ Error! Bookmark not defined.

الحكيم Error! Bookmark not defined.

الحكيم: المتقن فعله Error! Bookmark not defined.

الحكيم: المنزّه عن فعل ما لا ينبغي Error! Bookmark not defined.

ما هو المراد من الحسن والقبح العقليين Error! Bookmark not defined.

العقل النظري والعقل العملي Error! Bookmark not defined.

الحكمة العمليّة وقضاياها الواضحة Error! Bookmark not defined.

الانسان وقوى الخير والشر Error! Bookmark not defined.

الاُصول الأخلاقية الثابتة، الاُصول الثابتة في الشرائع السماوية Error! Bookmark not defined.

القرآن وكونه سبحانه حكيماً Error! Bookmark not defined.

الحق Error! Bookmark not defined.

توصيف الفعل بالحق، أفعاله سبحانه معلّلة بالأغراض Error! Bookmark not defined.

الحليم Error! Bookmark not defined.

الحميد Error! Bookmark not defined.

الحيّ Error! Bookmark not defined.

الحياة ومراتبها Error! Bookmark not defined.

حرف الخاء، الخالق Error! Bookmark not defined.

الخلاّق، الخبير Error! Bookmark not defined.

٥١٢

الموضوع

رقم الصحفة

الخير Error! Bookmark not defined.

النظرة الأنانية إلى الظواهر Error! Bookmark not defined.

الشر أمر انتزاعي قياسي نسبي Error! Bookmark not defined.

المصائب وسيلة لتفجير القابليات Error! Bookmark not defined.

المصائب والبلايا جرس إنذار Error! Bookmark not defined.

البلايا سبب للعودة إلى الحق Error! Bookmark not defined.

خير الحاكمين Error! Bookmark not defined.

خير الراحمين، خير الرازقين Error! Bookmark not defined.

خير الغافرين، خير الفاتحين، خير الفاصلين Error! Bookmark not defined.

خير الماكرين Error! Bookmark not defined.

خير المنزلين Error! Bookmark not defined.

خير الناصرين، خير الوارثين Error! Bookmark not defined.

خير حافظاً Error! Bookmark not defined.

حرف الذال، ذوانتقام Error! Bookmark not defined.

ذو الجلال والإكرام Error! Bookmark not defined.

ذو الرحمة Error! Bookmark not defined.

ذو العرش Error! Bookmark not defined.

ذو عقاب Error! Bookmark not defined.

ذو القوّة Error! Bookmark not defined.

ذو المعارج Error! Bookmark not defined.

ذو مغفرة Error! Bookmark not defined.

٥١٣

الموضوع

رقم الصحفة

حرف الراء، ربّ العرش Error! Bookmark not defined.

الرحمن والرحيم Error! Bookmark not defined.

الرؤوف Error! Bookmark not defined.

الرزّاق Error! Bookmark not defined.

رفيع الدرجات Error! Bookmark not defined.

الرقيب Error! Bookmark not defined.

حرف السين، سريع الحساب Error! Bookmark not defined.

سريع العقاب Error! Bookmark not defined.

السلام Error! Bookmark not defined.

حرف الشين، الشاكر Error! Bookmark not defined.

الشكور، شديد العقاب Error! Bookmark not defined.

شديد العذاب، شديد المحال Error! Bookmark not defined.

الشهيد Error! Bookmark not defined.

حرف الصاد، الصمد Error! Bookmark not defined.

حرف الظاء، الظاهر Error! Bookmark not defined.

حرف العين، عالم الغيب والشهادة Error! Bookmark not defined.

عالم غيب السموات والأرض، علاّم الغيوب Error! Bookmark not defined.

٥١٤

الموضوع

رقم الصحفة

العليم Error! Bookmark not defined.

العلم Error! Bookmark not defined.

ما هي حقيقة العلم Error! Bookmark not defined.

نماذج من العلم الحضوري Error! Bookmark not defined.

مفهوم الإنسان الكلّي Error! Bookmark not defined.

مفهوم الجنس والنوع Error! Bookmark not defined.

تعريف العلم بوجه آخر Error! Bookmark not defined.

علمه سبحانه بذاته Error! Bookmark not defined.

العلم بالذات يستلزم التغاير بين العلم والمعلوم Error! Bookmark not defined.

علمه سبحانه بالأشياء قبل الإيجاد Error! Bookmark not defined.

بسيط الحقيقة كلّ الأشياء Error! Bookmark not defined.

علمه سبحانه بالأشياء بعد الإيجاد، قيام الأشياء به يستلزم علمه بها Error! Bookmark not defined.

سعة وجوده دليل على علمه بالأشياء Error! Bookmark not defined.

إتقان المصنوع دليل علمه Error! Bookmark not defined.

مراتب علمه سبحانه Error! Bookmark not defined.

القضاء من مراتب علمه Error! Bookmark not defined.

شمول علمه تعالى للجزئيات Error! Bookmark not defined.

إثبات علمه سبحانه بالجزئيات Error! Bookmark not defined.

حضور الممكن لدى الواجب في كل حين ٣٤١

التعبير القرآني الرفيع عن سعة علمه Error! Bookmark not defined.

دلائل النافين لعلمه سبحانه بالجزئيات Error! Bookmark not defined.

العلم بالجزئيات يلازم التغيّر في علمه ٣٤٧

العلم بالجزئيات يستلزم الكثرة في الذات Error! Bookmark not defined.

انقلاب الممكن واجباً ٣٥١

٥١٥

الموضوع

رقم الصحفة

العظيم Error! Bookmark not defined.

العزيز Error! Bookmark not defined.

العفو Error! Bookmark not defined.

العليّ Error! Bookmark not defined.

حرف الغين، غافر الذنب Error! Bookmark not defined.

الغالب Error! Bookmark not defined.

الغفّار Error! Bookmark not defined.

الغنيّ Error! Bookmark not defined.

الغفور Error! Bookmark not defined.

حرف الفاء، الفاطر Error! Bookmark not defined.

فالق الإصباح Error! Bookmark not defined.

فالق الحبّ والنّوى Error! Bookmark not defined.

الفتّاح Error! Bookmark not defined.

حرف القاف، القائم على كل نفس بما كسب Error! Bookmark not defined.

قابل التوب، القادر Error! Bookmark not defined.

القدير Error! Bookmark not defined.

تعريف القدرة Error! Bookmark not defined.

دلائل قدرته سبحانه، الفطرة Error! Bookmark not defined.

٥١٦

الموضوع

رقم الصحفة

مطالعة النظام الكوني ٣٨٢

معطي الكمال لا يكون فاقداً له ٣٨٣

سعة قدرته لكلّ شيء ٣٨٤

تحليل القول بعموم القدرة الإلهية ٣٨٦

عدم قدرته على فعل القبيح ٣٨٩

عدم قدرته تعالى على خلاف معلومه ٣٩٠

عدم قدرته تعالى على مثل مقدور العبد ٣٩٢

عدم قدرته تعالى على عين مقدور العبد ٣٩٤

سعة القدرة بمعنيين ٣٩٦

القاهر ٤٠٢

القهّار ٤٠٣

القدّوس ٤٠٦

القريب، القويّ ٤٠٨

القيّوم ٤١٠

حرف الكاف، الكافي، الكبير ٤١٣

الكريم ٤١٥

حرف اللام، اللطيف ٤١٧

كلام في رؤيته سبحانه ٤٢٠

ما هي حقيقة الرؤية ؟ ٤٢١

تقرير أدلة المنكرين بوجوه أربعة ٤٢٢

٥١٧

الموضوع

رقم الصحفة

القرآن يتلقّى الرؤية أمراً منكراً ٤٢٤

أدلة القائلين بالرؤية ٤٢٦

كلام لصاحب الكشّاف ٤٣٦

الرؤية القلبية ٤٣٩

حرف الميم، المؤمن ٤٤٣

مالك الملك ٤٤٤

مالك يوم الدين ٤٤٩

المبين ٤٥١

المتَعال ٤٥٣

المتكبّر ٤٥٤

المتين ٤٥٦

المجيب، المجيد ٤٥٧

المحيط ٤٥٨

المحيي ٤٥٩

المستعان ٤٦٠

المصوّر ٤٦١

المقتدر ٤٦٤

المقيت ٤٦٤

الملك ٤٦٥

المولى ٤٦٦

المهيمن ٤٦٩

٥١٨

الموضوع

رقم الصحفة

حرف النون، النصير ٤٧١

النور ٤٧٢

حرف الواو، الواحد ٤٧٥

معنى كونه واحداً ٤٧٧

أدلّة الوحدانية، التعدد يستلزم التركيب ٤٧٩

الوجود اللامتناهي لا يقبل التعدّد ٤٨٠

صرف الوجود لا يتثنّى ولا يتكرّر ٤٨٣

خرافة التثليث: الأب والابن وروح القدس ٤٨٥

تسرّب خرافة التثليث إلى النصرانية ٤٨٨

القرآن ونفي التثليث ٤٩٠

الواسع ٤٩٢

الوالي، الودود ٤٩٣

الوكيل ٤٩٤

الولي ٤٩٦

الوهّاب ٤٩٧

حرف الهاء، الهادي ٤٩٩

ما معنى كون الهداية والضلالة بيده سبحانه ٥٠٠

الهداية العامّة ٥٠١

الهداية الخاصّة ٥٠٤

٥١٩

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538