مفاهيم القرآن الجزء ٦

مفاهيم القرآن11%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-222-6
الصفحات: 538

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 538 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 237001 / تحميل: 6086
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٦

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٢٢-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

[١٥٢٤٤] ٤ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد: « أن علياعليهم‌السلام ، سئل ما حد السكران الذي يجب عليه الحد؟ فقال: السكران عندنا الذي لا يعرف ثوبه من ثياب غيره، ولا يعرف سماء من أرض، ولا أختا من زوجة، قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام : يعني أن هذا لا يجوز بيعه ولا شراؤه، ولا طلاقه، ولا عتاقه ».

[١٥٢٤٥] ٥ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ ) (١) فالسفهاء: النساء والولد، إذا علم الرجل أن امرأته سفيهة مفسدة، وولده سفيه مفسد، ( لم ينبغ )(٢) له أن يسلط واحدا منهما على ماله» الخبر.

[١٥٢٤٦] ٦ - المولى الاجل الأردبيلي في حديقة الشيعة: نقلا عن قرب الإسناد لعلي بن بابويه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبي هاشم الجعفري، قال: سئل أبو محمد العسكريعليه‌السلام عن المجنون، فقال صلوات الله وسلامه عليه: « إن كان مؤذيا فهو في حكم السباع، وإلا ففي حكم الانعام ».

١٢ -( باب اشتراط تقدير الثمن، وحكم من اشترى جارية بحكمه فوطأها)

[١٥٢٤٧] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن

__________________

٤ - الجعفريات ص ١٤٦.

٥ - تفسير القمي ج ١ ص ١٣١.

(١) النساء ٤: ٥.

(٢) في المصدر: « لا ينبغي ».

٦ - حديقة الشيعة ص ٥٧٨.

الباب ١٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٧ ح ١٥٣.

٢٤١

رجل اشترى جارية من رجل على حكمه - يعني حكم المشتري - فدفع إليه مالا فلم يقبله البائع، فقال المشتري: قد حكمتني وهذا حكمي، فقالعليه‌السلام : « إن كان الذي حكم به هو قيمتها فعلى البائع التسليم، وإن كان دون ذلك فعلى المشتري أن يكمل له القيمة ».

[١٥٢٤٨] ٢ - وعنه، عن آبائهعليهم‌السلام ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « من باع بيعا إلى أجل لا يعرف، أو بشئ لا يعرف، فليس بيعه ببيع ».

١٣ -( باب اشتراط اختصاص البائع بملك المبيع، وحكم بيع الأرض المفتوحة عنوة، وحكم الشراء من أرض أهل الذمة)

[١٥٢٤٩] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « لا تشتر من عقار أهل الذمة ولا من ارضهم شيئا، لأنه فئ المسلمين » الخبر.

[١٥١٥٠] ٢ - الصدوق في المقنع: وليس بشراء أراضي اليهود والنصارى بأس، يؤدي عنها ما كانوا يؤدون عنها من الخراج.

١٤ -( باب أنه يجوز للانسان أن يحمي المرعى النابت في ملكه وأن يبيعه، ولا يجوز ذلك في المشترك بين المسلمين)

[١٥٢٥١] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠ ح ١٣١.

الباب ١٣

١ - الجعفريات ص ٨١.

٢ - المقنع ص ١٣٢.

الباب ١٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٠ ح ٣٣.

٢٤٢

عن بيع الماء والكلأ والنار.

[١٥٢٥٢] ٢ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خمس لا يحل منعهن: الماء، والملح، والكلأ، والنار، والعلم » الخبر.

١٥ -( باب جواز بيع الماء إذا كان ملكا للبائع، واستحباب بذله للمسلم تبرعا)

[١٥٢٥٣] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن الرجل يكون له الشرب في شراكة، أيحل له بيعه؟ قال: « له بيعه، بورق أو بشعير أو بحنطة أو بما شاء » الخبر.

ورواه في البحار(١) نقلا منه، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال: سألته إلى آخره.

[١٥٢٥٤] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من باع فضل الماء، منعه الله فضله يوم القيامة ».

[١٥٢٥٥] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا بأس ببيع الماء.

__________________

٢ - الجعفريات ص ١٧٢.

الباب ١٥

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٨.

(١) البحار ج ١٠٣ ص ١٧٣ ح ٩ نقلا منه، إلا أنه عن ابن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام كما في المصدر، علما ان الحديث الذي يسبقه في المصدر والبحار عن ابن مسكان، عن الحلبي، فتأمل.

٢ - الجعفريات ص ١٢.

٣ - المقنع ص ١٣٢.

٢٤٣

[١٥٢٥٦] ٤ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم - إلى أن قال - ورجل له ماء على ظهر الطريق يمنعه سابلة(١) الطريق » الخبر.

[١٥٢٥٧] ٥ - ابن شهرآشوب في المناقب: في حديث، أنه كان لعلي بن الحسينعليهما‌السلام عين بذي خشب، فاشتراها منهعليه‌السلام الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، بدين أبيه وهو بضعة وسبعون ألف دينار، واستثنى منها سقي ليلة السبت لسكينة.

١٦ -( باب أنه لا يجوز الكيل بمكيال مجهول، ولا بغير مكيال البلد، إلا مع التراضي)

[١٥٢٥٨] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن بيع الطعام بالطعام جزافا(١) .

١٧ -( باب تحريم بيع الطريق وتملكه، إلا أن يكون ملكا للبائع خاصة)

[١٥٢٥٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن

__________________

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧ و ١٨ ح ٢٠.

(١) السابلة: المسافرون الذين يسيرون على الطريق كل على مقصده ( لسان العرب - سبل - ج ١١ ص ٣٢٠ ).

٥ - المناقب ج ٤ ص ١٤٤.

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٣ ح ١٠٢.

(١) الجزاف: بيع مجهول القدر، مكيلا كان أو موزونا ( لسان العرب - جزف - ج ٩ ص ٢٧ ).

الباب ١٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠٠ ح ١٧٨٧.

٢٤٤

قوم اقتسموا دارا لها طريق، فجعل الطريق في حد(١) أحدهم، وجعل لمن بقي أن يمر برجله فيه، قال: « لا بأس بذلك، ولا بأس بأن يشتري الرجل ممره في دار رجل أو في أرضه، دون سائرها ».

١٨ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب عقد البيع وشروطه)

[١٥٢٦٠] ١ - أبو جعفر محمد بن علي الطوسي في ثاقب المناقب: عن عروة بن جعد البارقي قال: قدم جلب(١) ، فأعطاني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دينارا، فقال: « اشتر بها شاة » فاشتريت شاتين بدينار، فلحقني رجل فبعت أحدهما منه بدينار، ثم اتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بشاة ودينار، فرده علي، وقال: « بارك الله لك في صفقة يمينك » ولقد كنت أقوم بالكناسة - أو قال بالكوفة - فأربح في اليوم أربعين ألفا.

__________________

(١) في المصدر: حق.

الباب ١٨

١ - ثاقب المناقب ص ٤٠.

(١) الجلب: ما جلب من خيل وابل ومتاع إلى الأسواق للبيع. ( لسان العرب ـ جلب - ج ١ ص ٢٦٨ ).

٢٤٥

٢٤٦

أبواب آداب التجارة

١ -( باب حكم بيع العبد المسلم من الكافر، وحكم ما لو أسلم عبد الكافر)

[١٥٢٦١] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أبي عن جعفر، عن أبيه، أن علياعليهم‌السلام أتي بعبد ذمي قد أسلم، فقال: اذهبوا فبيعوه للمسلمين، وادفعوا(١) ثمنه إلى صاحبه، ولا تقروه عنده ».

٢ -( باب استحباب التفقه فيما يتولاه، وزيادة التحفظ من الربا)

[١٥٢٦٢] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أن رجلا قال: يا أمير المؤمنين، إني أريد التجارة، قال: « أفقهت في دين الله؟ » قال: يكون بعد(١) ذلك، قال: « ويحك الفقه ثم المتجر، فإنه من باع واشترى، ولم يسأل عن حرام ولا حلال، ارتطم في الربا ثم ارتطم ».

[١٥٢٦٣] ٢ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه مر بالتجار وكانوا يومئذ

__________________

أبواب آداب التجارة

الباب ١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٦٢.

(١) بالمصدر: وأنفقوا.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦ ح ١٢.

(١) في المصدر: بعض.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦ ح ١٥.

٢٤٧

يسمون السماسرة، فقال لهم: « أما إني لا أسميكم السماسرة، ولكن أسميكم التجار، والتاجر فاجر، والفاجر في النار » فغلقوا أبوابهم وأمسكوا عن التجارة، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من غد فقال: « أين الناس؟ » فقيل: يا رسول الله سمعوا ما قلت بالأمس فامسكوا، قال « وأنا أقوله اليوم أيضا، إلا من أخذ الحق وأعطاه ».

[١٥٢٦٤] ٣ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « بعثني ربي رحمة، ولم يجعلني اجرا ولا زراعا إن شرار هذه الأمة التجار والزراعون، إلا من شح على دينه ».

عوالي اللآلي: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثلهما(١) .

[١٥٢٦٥] ٤ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الفقه ثم المتجر، فمن اتجر بغير فقه، فقد ارتطم في الربا ثم ارتطم ».

[١٥٢٦٦] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من اتجر بغير فقه تورط في لشبهات ».

[١٥٢٦٧] ٦ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وروي: أن من اتجر بغير علم ولا فقه، ارتطم في الربا ارتطاما ».

[١٥٢٦٨] ٧ - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « من اتجر بغير فقه(١) ارتطم في الربا ».

ورواه في الغرر: عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧ ح ١٦.

(١) عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٠٣ ح ٢٧.

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٠١ ح ٣١.

٥ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٠٢ ح ٣٢.

٦ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

٧ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٥٩ رقم ٤٤٧.

(١) في المصدر زيادة: فقد.

(٢) الغرر ج ٢ ص ٦٥٣ ح ٧٤٢.

٢٤٨

[١٥٢٦٩] ٨ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن عبيد بن رفاعة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا معشر التجار، أنتم فجار إلا من اتقى وبر وصدق، وقال بالمال هكذا وهكذا ».

[١٥٢٧٠] ٩ - القطب الراوندي في لب اللباب: قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « التاجر فاجر إلا من أخذ الحق وأعطى الحق ».

٣ -( باب جملة مما يستحب للتاجر من الآداب)

[١٥٢٧١] ١ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أحمد بن محمد، عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام ، قال: « كان أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) عندكم بالكوفة، يغتدي في كل يوم من القصر فيطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا، ومعه الدرة على عاتقه، وكان لها طرفان وكانت تسمى السبيبة، قال: فيقف على أهل كل سوق فينادي فيهم: يا معشر التجار، قدموا الاستخارة، وتبركوا بالسهولة، واقتربوا من المبتاعين، وتزينوا بالحلم، وتناهوا عن اليمين، وجانبوا الكذب، وتجافوا عن الظلم وانصفوا المظلومين، ولا تقربوا الربا ( وأوفوا الكيل والميزان )(١) ( ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين )(٢) ، قال: فيطوف في جميع الأسواق - أسواق الكوفة - ثم يرجع فيقعد للناس، قال: وكانوا إذا نظروا إليه قد أقبل إليهم قال: يا معشر الناس، امسكوا أيديهم، وأصغوا إليه

__________________

٨ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٠.

٩ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٣

١ - أمالي المفيد ص ١٩٧ ح ٣١.

(١) الانعام ٦: ١٥٢.

(٢) هود ١١: ٨٥.

٢٤٩

بآذانهم، ورمقوه بأعينهم، حتى يفرغ من كلامه، فإذا فرغ قالوا: السمع والطاعة يا أمير المؤمنين» .

[١٥٢٧٢] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « روي أن من باع أو اشترى، فليحفظ خمس خصال، وإلا فلا يبيع ولا يشتري: الربا، والحلف، وكتمان العيب، والمدح إذا باع، والذم إذا اشترى. وقالعليه‌السلام : واستعمل في تجارتك مكارم الأخلاق والأفعال الجميلة للدين والدنيا ».

[١٥٢٧٣] ٣ - الصدوق في المقنع والهداية: إذا اتجرت فاجتنب خمسة أشياء: اليمين، والكذب، وكتمان العيب، والمدح إذا بعت، والذم إذا اشتريت.

[١٥٢٧٤] ٤ - إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات: عن عبد الله بن أبي شيبة، عن جعفر بن عون، عن مسعر، عن أبي حجارة، عن أبي سعيد، قال: كان عليعليه‌السلام يأتي السوق، فيقول: « يا أهل السوق اتقوا الله، وإياكم والحلف، فإنه ينفق السلعة، ويمحق البركة، فان التاجر فاجر إلا من أخذ الحق وأعطاه، السلام عليكم » ثم يمكث الأيام، ثم يأتي فيقول مثل مقالته، فكان إذا جاء قالوا: قد جاء المرد شكنبة، فكان يرجع إلى أسرته(١) فيقول: « إذا جئت قالوا قد جاء المرد شكنبة، فما يعنون بذلك؟ » قيل له(٢) : يقولون: قد جاء عظيم البطن، فيقول: « أسفله طعام، وأعلاه علم ».

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

٣ - المقنع ص ١٢٢، والهداية ص ٨٠.

٤ - الغارات ج ١ ص ١١٠.

(١) سرته: كذا كان في النسخ المطبوعة والمخطوطة، وكذلك المصدر ولعله تصحيف أسرته وأسرته: رهطه الأدنون ( لسان العرب ج ٤ ص ٢٠ ).

(٢) في الطبعة الحجرية وأصل المصدر: قال، وما في المتن منن رواية ابن سعد في الطبقات.

٢٥٠

[١٥٢٧٥] ٥ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « شرار الناس الزارعون والتجار، إلا من شح منهم على دينه » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « شر الناس التجار الخونة ».

[١٥٢٧٦] ٦ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن قيس بن أبي غرزة(١) الغفاري قال: كنا نسمى في المدينة في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سمسارا، وجاء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمانا باسم أحسن منه، وقال: « يا معشر التجار، هذا البيع يحضره اللغو والكذب واليمين، فشوبوه بالصدقة ».

[١٥٢٧٧] ٧ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « لا تستقبلوا السوق، ولا تحلفوا، ولا ينفق بعضكم لبعض ».

[١٥٢٧٨] ٨ - البحار، عن مجموع الدعوات للشيخ أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري: عن أحمد بن محمد بن يحيى قال: أراد بعض أوليائنا الخروج للتجارة، فقال: لا أخرج حتى آتي جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، فأسلم عليه، وأستشيره في أمري هذا، وأسأله الدعاء لي، قال: فأتاه فقال: يا بن رسول الله، إني عزمت ( على الخروج للتجارة )(١) ، واني آليت على نفسي أن لا أخرج حتى ألقاك وأستشيرك وأسألك الدعاء لي، قال فدعا لي وقال: « عليك بصدق اللسان في حديثك، ولا تكتم عيبا يكون في تجارتك، ولا تغبن المشتري المسترسل فان غبنه ربا، ولا ترض للناس إلا

__________________

٥ - الغايات ص ٩١.

٦ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٠.

(١) في الحجرية: « ابن أبي غريرة » وفي المصدر: « ابن أبي عزيرة » وما أثبتناه هو الصواب ( راجع أسد الغابة ج ٤ ص ٢٢٣ وتهذيب التهذيب ج ٨ ص ٤٠١ ).

٧ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨٨ ح ٢٦٧.

٨ - بحار الأنوار ج ٩١ ص ٢٣٥ ح ١.

(١) كان في الأصل: « للخروج إلى التجارة » وما أثبتناه من البحار.

٢٥١

ما ترضاه لنفسك، واعط الحق وخذه، ولا تحف ولا تجر، فان التاجر الصدوق مع السفرة الكرام البررة يوم القيامة، اجتنب الحلف فان اليمين الفاجرة تورث صاحبها النار، والتاجر فاجر إلا من أعطى الحق وأخذه، وإذا عزمت على السفر أو حاجة مهمة فأكثر الدعاء والاستخارة، فان أبي حدثني عن أبيه، عن جده: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعلم أصحابه الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن، وانا لنعمل ذلك متى هممنا بأمر» الخبر.

٤ -( باب استحباب إقالة النادم، وعدم وجوبها)

[١٥٢٧٩] ١ - الصدوق في الخصال والأمالي: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابان الأحمر، عن الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال: « جاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد بلى ثوبه، فحمل إليه اثني عشر درهما، فقال: يا علي خذ هذه الدراهم فاشتر لي [ بها ](١) ثوبا ألبسه، قال عليعليه‌السلام : فجئت إلى السوق فاشتريت له قميصا باثني عشر درهما، وجئت به إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فنظر إليه، فقال: يا علي غير هذا أحب إلي، أترى صاحبه يقيلنا؟ فقلت: لا أدري، فقال: أنظر، فجئت إلى صاحبه فقلت: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد كره هذا، يريد ( ثوبا دونه )(٢) ، فأقلنا فيه، فرد علي الدراهم» الخبر.

__________________

الباب ٤

١ - الخصال ص ٤٩٠، وأمالي الصدوق ص ١٩٧ ح ٥.

(١) أثبتناه من الخصال.

(٢) في الخصال: « غيره ».

٢٥٢

٥ -( باب استحباب الاحسان في البيع والسماح)

[١٥٢٨٠] ١ - الصدوق في التوحيد: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن خلف بن حماد، عن الحسين بن زيد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لزينب العطارة: إذا بعت فأحسني [ ولا تغشي ](١) ، فإنه اتقى وأبقى للمال » الخبر.

[١٥٢٨١] ٢ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: عن سهل بن أحمد، عن محمد بن محمد بن الأشعث، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : رحم الله [ عبدا ](١) سمحا قاضيا(٢) ، وسمحا مقتضيا(٣) ».

[١٥٢٨٢] ٣ - نهج البلاغة: في عهدهعليه‌السلام للأشتر: « وليكن البيع سمحا، بموازين عدل» .

__________________

الباب ٥

١ - التوحيد ص ٢٧٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - البحار ج ١٠٣ ص ١٠٤ ح ٥٦، بل عن جامع الأحاديث ص ١٢.

(١) أثبتناه من المصدر والبحار.

(٢) قضى الغريم دينه فهو قاض: إذا أدى المال إلى صاحبه ( لسان العرب - قضي - ج ١٥ ص ١٨٨ ).

(٣) تقاضى الدائن دينه: إذا طلبه من المدين، وقبضه منه ( لسان العرب - قضي - ج ١٥ ص ١٨٨ ).

٣ - نهج البلاغة ج ٣ ص ١١٠ رقم ٥٣.

٢٥٣

٦ -( باب أن من أمر الغير أن يشتري له، لم يجز له أن يعطيه من عنده وإن كان ما عنده خيرا مما في السوق، إلا أن لا يخاف أن يتهمه)

[١٥٢٨٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا سألك شرا ثوب، فلا تعطيه من عندك فإنها خيانة، ولو كان عندك أجود مما عند غيرك ».

الصدوق في المقنع: مثله(١) .

٧ -( باب أنه يستحب أن يأخذ ناقصا ويعطي راجحا، ويجب عليه الوفاء في الكيل والوزن)

[١٥٢٨٤] ١ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال للوازن: « زن وأرجح ».

قلت: قال المحقق الداماد في الرواشح(١) : الذي قال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « زن وأرجح » هو سويد بن قيس مصغرا - إلى أن قال - والحديث شائع عند العامة والخاصة، مبحوث عنه في كتب الأصول كالتلويح وغيره، يحتج به في كتب الفقه، قال شيخنا الفريد الشهيد أبو عبد الله محمد بن مكي نور الله ضريحه في الدروس في كتاب الهبة: وهبة المشاع جائزة وإن أمكنت قسمته، لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمن باعه سراويل: « زن وأرجح » وهي هبة للراجح المشاع. قلت: « وأرجح » بهمزة القطع على صيغة الامر من باب الأفعال، أي زن من الفضة للقيمة وأرجح على قدر الثمن هبة لك، وقد كان الثمن الواقع عليه البيع درهمين.

__________________

الباب ٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

(١) المقنع ص ١٢٢.

الباب ٧

١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٢٤ ح ١٠٩

(١) الرواشح السماوية ص ٨٣.

٢٥٤

٨ -( باب كراهة ربح الانسان على من يعده بالاحسان، وعدم جواز غبن المؤمن والمسترسل)

[١٥٢٨٥] ١ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: ( عن سهل بن أحمد، عن محمد بن محمد بن الأشعث، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر )(١) عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : غبن المسترسل ربا ».

٩ -( باب كراهية الربح على المؤمن، إلا أن يشتري للتجارة، أو بأكثر من مائة درهم، واستحباب تقليل الربح والاقتصار على قوت يومه، وعدم تحريم الربح ولو على المضطر)

[١٥٢٨٦] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وروي: ربح المؤمن على أخيه ربا، إلا أن يشتري منه شيئا بأكثر من مائة درهم، فيربح فيه قوت يومه، أو يشتري متاعا للتجارة، فيربح عليه ربحا خفيفا ».

١٠ -( باب استحباب ابتداء صاحب السلعة بالسوم، وكراهة السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس)

[١٥٢٨٧] ١ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه: عن الحسن بن حمزة العلوي، عن علي بن محمد بن أبي القاسم، عن أبيه، عن هارون بن

__________________

الباب ٨

١ - البحار ج ١٠٣ ص ١٠٤ ح ٥٧، بل عن جامع الأحاديث ص ١٩.

(١) السند في جامع الأحاديث كالآتي: « عن أحمد بن علي، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد ».

الباب ٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

الباب ١٠

١ - البحار ج ١٠٣ ص ١٣٦ ح ٥ بل عن جامع الأحاديث ص ١٦.

٢٥٥

مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صاحب السلعة أحق بالسوم(١) ».

١١ -( باب استحباب مبادرة التاجر إلى الصلاة في أول وقتها، وكراهة اشتغاله بالتجارة عنها)

[١٥٢٨٨] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا كنت في تجارتك وحضرت الصلاة، فلا يشغلك عنها متجرك، فإن الله وصف قوما ومدحهم فقال:( رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ ) (١) وكان هؤلاء القوم يتجرون، فإذا حضرت الصلاة تركوا تجارتهم وقاموا إلى صلاتهم، وكانوا أعظم أجرا ممن لا يتجر فيصلي ».

[١٥٢٨٩] ٢ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن أبي أمامة الباهلي - في حديث طويل اختصرناه - أنه قال: إن ثعلبة بن حاطب الأنصاري أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله، ادع الله ان يرزقني مالا، فقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ويحك يا ثعلبة، اذهب واقنع بها عندك، فان الشاكر أحسن ممن له مال كثير لا يشكره » فذهب ورجع بعد أيام وقال: يا رسول الله، ادع الله تعالى أن يعطيني، مالا، فقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أليس لك بي أسوة! فإني بعزة عرش الله، لو شئت لصارت جبال الأرض لي ذهبا وفضة » فذهب ثم رجع فقال: يا رسول الله، سل الله تعالى أن يعطيني مالا، فإني أؤدي حق الله، وأؤدي حقوقا،

__________________

(١) سامني الرجل بسلعته سوما: وذلك حين يذكر هو ثمنها ( لسان العرب - سوم - ج ١٢ ص ٣١٠ ).

الباب ١١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

(١) النور ٢٤: ٣٧.

٢ - تفسير أبي الفتوح ج ٢ ص ٦١٣.

٢٥٦

وأصل به الرحم، فقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللهم اعط ثعلبة مالا» وكان لثعلبة غنيمات، فبارك الله فيها حتى تتزايد كما تزايد النمل، فلما كثر ماله كان يتعاهده بنفسه، وكان قبله يصلي الصلوات الخمس في المسجد، مع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فبنى مكانا خارج المدينة لأغنامه، فصار يصلي الظهر والعصر مع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصلاة الصبح والمغرب والعشاء في ذلك المكان، ثم زادت الأغنام فخرج إلى دار كبير بعيد عن المدينة، فبنى مكانا فذهب منه الصلوات الخمس، والصلاة في المسجد، والجماعة، والاقتداء بالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان يأتي المسجد يوم الجمعة لصلاة الجمعة، فلما كثر ماله ذهب منه صلاة الجمعة، فكان يسأل عن أحوال المدينة ممن يمر عليه، فقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما صنع ثعلبة؟» قالوا: يا رسول الله، إن له أغناما لا يسعها واد، فذهب إلى الوادي الفلاني، وبنى فيه منزلا وأقام فيه، فقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا ويح ثعلبة، يا ويح ثعلبة!» ثلاثا، الخبر طويل، وفيه سوء عاقبته، وامتناعه من الزكاة.

[١٥٢٩٠] ٣ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه جاءت إليه امرأة بشئ فقالت: هاك هذا حلال من كسب يدي، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا كان الأذان وفي يدك فضل، تقولين: حتى أفرغ منه، ثم أتوضأ وأصلي »، قالت: نعم، قال: « فليس كما قلت ».

[١٥٢٩١] ٤ - ورام بن أبي فراس في تنبيه الخاطر: قال: جاء في تفسير قوله تعالى:( رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ ) (١) إلا أنهم كانوا

__________________

(٣) لب اللباب: مخطوط.

٤ - تنبيه الخاطر ج ١ ص ٤٣.

(١) النور ٢٤: ٣٧.

٢٥٧

حدادين وخرازين، وكان أحدهم إذا رفع المطرقة أو غرز الأشفى(٢) ، فيسمع الأذان لم يخرج الأشفى(٣) من المغزر، ولم يضرب بالمطرقة، ورمى بها وقام إلى الصلاة.

١٢ -( باب استحباب تعلم الكتابة والحساب، وآداب الكتابة)

[١٥٢٩٢] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ) (١) يعني علم الناس الكتابة، التي تتم بها أمور الدنيا والآخرة، في مشارق الأرض ومغاربها.

[١٥٢٩٣] ٢ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن عبد الله بن عمر، ما معناه أنه قال: قلت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يمكن إلا أن أكتب ما أسمعه منك من الأحاديث لئلا أنساه، فقال: « لا بأس، أكتب، فإن الله علم بالقلم - قال - والقلم من الله نعمة عظيمة، ولولا القلم لم يستقم الملك والدين، ولم يكن عيش صالح ».

[١٥٢٩٤] ٣ - توحيد المفضل: برواية محمد بن سنان، عنه، عن الصادقعليه‌السلام ، قال: قال: « تأمل يا مفضل، ما أنعم الله تقدست أسماؤه(١) من هذا النطق(٢) الذي يعبر به عما في ضميره - إلى أن قال - وكذلك الكتابة التي بها تقيد أخبار الماضين للباقين، وأخبار الباقين للآتين،

__________________

(٢) كان في الأصل الأشقا والظاهر أنه تصحيف، والاشفى: وهو المخرز أو المثقب الذي يستعمل لخياطة الجلود. ( لسان العرب ج ١٤ ص ٤٣٨ ).

(٣) كان في الأصل الأشقا والظاهر أنه تصحيف، والاشفى: وهو المخرز أو المثقب الذي يستعمل لخياطة الجلود. ( لسان العرب ج ١٤ ص ٤٣٨ ).

الباب ١٢

١ - تفسير القمي ج ٢ ص ٤٣٠.

(١) العلق ٩٦: ٣ و ٤.

٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٥٥٦.

٣ - توحيد المفضل ص ٧٩.

(١) في المصدر زيادة: به على الانسان.

(٢) في المصدر: المنطق.

٢٥٨

وبها تخلد الكتب في العلوم والآداب وغيرها، وبها يحفظ الانسان ذكر ما يجري بينه وبين غيره من المعاملات والحساب، ولولاه لانقطع أخبار بعض الأزمنة عن بعض، وأخبار الغائبين عن أوطانهم، ودرست العلوم وضاعت الآداب، وعظم ما يدخل على الناس من الخلل في أمورهم، ومعاملاتهم، وما يحتاجون إلى النظر فيه من أمر دينهم، وما روي لهم مما لا يسعهم جهله، ولعلك تظن أنها مما يخلص إليه بالحيلة والفطنة، وليست مما أعطيه الانسان من خلقه وطباعه - إلى أن قال - فأصل ذلك فطرة البارئ عز وجل، وما تفضل به على خلقه، فمن شكر أثيب، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين» .

[١٥٢٩٥] ٤ - السيوطي في طبقات النحاة: وجماعة آخرون في ترجمة محمد بن يعقوب صاحب القاموس، أنه سئل بالروم عن قول علي بن أبي طالبعليه‌السلام لكاتبه: « الصق روانفك(١) بالجبوب(٢) ، وخذ المزبر(٣) بشناترك(٤) ، واجعل حندورتيك(٥) إلى قيهلي(٦) ، حتى لا أنغى نغية(٧) إلا أودعتها حماطة(٨) جلجلانك(٩) » ما معناه؟ فقال: الزق عضرطتك(١٠) بالصلة(١١) ، وخذ المصطر(١٢) بأباخسك(١٣) ، واجعل حجمتيك(١٤) إلى أثعبان(١٥) ، حتى لا أنبس نبسة(١٦) إلا وعيتها في لمظة(١٧) رباطك(١٨) .

__________________

٤ - السيوطي في طبقات النحاة: ج ١ ص ٢٧٤.

(١) الروانف: المقعدة. (١١) الصلة: الأرض.

(٢) الجبوب: الأرض. (١٢) المصطر: القلم.

(٣) المزبر: القلم. (١٣) الأباخس: الأصابع.

(٤) الشناتر: الأصابع. (١٤) الحجمة: العين.

(٥) الحندورة: الحدقة. (١٥) الا ثعبان: الوجه.

(٦) القيهل: الوجه. (١٦) النبسة: النغمة.

(٧) النغية: النغمة. (١٧) اللمظة: النكتة السوداء

(٨) الحماطة: سوداء القلب. بياض ( من الأضداد ).

(٩) الجلجلان: القلب. (١٨) الرباط: القلب. ( القاموس المحيط ج ١ ص ٩ ).

(١٠) العضرط: الاست.

٢٥٩

١٣ -( باب استحباب كناية كتاب عند التعامل والتداين)

[١٥٢٩٦] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « إن الله تبارك وتعالى أهبط(١) ظللا من الملائكة على آدم [ وهو ](٢) بواد يقال له: الروحاء، وهو واد بين الطائف ومكة، ثم صرخ بذريته وهم ذر، قال: فخرجوا كما يخرج النمل(٣) من كورها، فاجتمعوا على شفير الوادي، فقال الله: يا آدم هؤلاء ذريتك، أخرجتهم من ظهرك، إلى أن قال: ثم عرض الله على آدم أسماء الأنبياء وأعمارهم، قال: فمر آدم باسم داود النبيعليه‌السلام ، فإذا عمره سبعون(٥) سنة، فقال: يا رب، ما أقل عمر داود وأكثر عمري! يا رب، إن أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة، أينفذ ذلك له؟ قال: نعم(٦) ، قال: فإني قد زدته من عمري ثلاثين سنة، فأنفذ ذلك له وأثبتها له عندك، واطرحها من عمري، قال: فأثبت الله لداود من عمره ثلاثين سنة - إلى أن قال - فلما دنا عمر آدم هبط عليه ملك الموت ليقبض روحه، فقال له آدم: يا ملك الموت، قد بقي من عمري ثلاثون سنة، فقال له ملك الموت: ألم تجعلها لابنك داود النبي، وطرحتها من عمرك؟ حيث عرض الله عليك أسماء الأنبياء من ذريتك، وعرض عليك أعمارهم، وأنت يومئذ بوادي

__________________

الباب ١٣

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢١٨ - ٢١٩.

(١) في المصدر زيادة: إلى الأرض.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في الطبعة الحجرية: النحل، وما أثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر زيادة: آدم.

(٥) في المصدر: أربعون.

(٦) في المصدر زيادة: يا آدم.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

تعالى فطارد لكل عدم وبطلان. قال عزّ من قائل:( ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) ( الحج / ٦٢ ).

وبتقرير آخر: إنَّ عوامل المحدودية تتمحور في الاُمور التالية :

١ ـ كون الشيء محدوداً بالماهيّة ومزدوجاً بها، فإنّها حد وجود الشيء والوجود المطلق بلا ماهية غير محدَّد ولا مقيّد وإنّما يتحدّد بالماهية.

٢ ـ كون الشيء واقعاً في إطار الزمان، فهذا الكم المتّصل ( الزمان ) يحدّد وجود الشيء في زمان دون آخر.

٣ ـ كون الشيء في حيز المكان، وهو أيضاً يحدّد وجود الشيء ويخصّه بمكان دون آخر.

وغير ذلك من أسباب التحديد والتضييق. والله سبحانه وجود مطلق غير محدّد بالماهيّة إذ لا ماهيّة له كما سيوافيك البحث عنه، كما لا يحويه زمان ولا مكان، فتكون عوامل التناهي معدودمة فيه، فلا يتصوّر لوجوده حدّ ولا قيد ولا يصحّ أن يوصف بكونه موجوداً في زمان دون آخر أو مكان دون آخر، بل وجوده أعلى وأنبَل من أن يتحدّد بشيء من عوامل التناهي.

وأمّا الكبرى: فهي واضحة بأدنى تأمّل، وذلك لأنّ فرض تعدّد اللامتناهي يستلزم أن نعتبر كل واحد منهما متناهياً من بعض الجهات حتى يصح لنا أن نقول هذا غير ذاك. ولا يقال هذا إلّا إذا كان كل واحد متميّزاً عن الآخر، والتَّمَيّز يستلزم أن لا يوجد الأوّل حيث يوجد الثاني، وكذا العكس. وهذه هي « المحدوديّة » وعين « التناهي »، والمفروض أنّه سبحانه غير محدود ولا متناه.

والله سبحانه لأجل كونه موجوداً غير محدود، يصف نفسه في الذكر الحكيم بــــ( الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ( الرعد / ١٦ )، وما ذلك إلّا لأن المحدود المتناهي مقهور للحدود والقيود الحاكمة عليه، فإذا كان قاهراً من كل الجهات لم تتحكّم فيه

٤٨١

الحدود، فكأنّ اللامحدوديّة تلازم وصف القاهرية، وقد عرفت أنَّ ما لا حدّ له يكون واحداً لا يقبل التعدّد، فقوله سبحانه وهو الواحد القهار، من قبيل ذكر الشيء مع البيّنة والبرهان.

قال العلّامة ( الطباطبائي ): « القرآن ينفي في تعاليمه الوحدة العددية عن الإله جلّ ذكره، فإنّ هذه الوحدة لا تتم إلّا بتميّز هذا الواحد، من ذلك الواحد بالمحدودية التي تقهره. مثال ذلك ماء الحوض إذا فرّغناه في أوان كثيرة يصير ماءُ كلّ إناء ماءً واحداً غير الماء الواحد الذي في الإناء الآخر، وإنّما صار ماءً واحداً يتميّز عمّا في الآخر لكون ما في الآخر مسلوباً عنه غير مجتمع معه، وكذلك هذا الإنسان إنّما صار إنساناً واحداً لأنّه مسلوب عنه ما للإنسان الآخر، وهذا إنْ دلّ فإنّما يدلّ على أنَّ الوحدة العددية إنّما تتحقّق بالمقهورية والمسلوبية أي قاهرية الحدود، فإذا كان سبحانه قاهراً غير مقهور وغالباً لا يغلبه شيء لم تتصوّر في حقّه وحدة عددية، ولأجل ذلك نرى أنَّهُ سبحانه عند ما يصف نفسه بالواحدية يتبعها بصفة القاهرية حتى تكون الثانية دليلاً على الاُولى، قال سبحانه :

( أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ( يوسف / ٣٩ )، وقال:( وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إلّا اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ، وقال سبحانه:( لَوْ أَرَادَ اللهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ( الزمر / ٤ ).

وباختصار: انَّ كلاً من الوحدة العددية كالفرد الواحد من النوع، أو الوحدة النوعية كالإنسان الذي هو نوع واحد في مقابل الأنواع الكثيرة، مقهور بالحد الذي يميّز الفرد عن الآخر والنوع عن مثله، فإذا كان تعالى لا يقهره شيء وهو القاهر فوق كل شيء، فليس بمحدود في شيء، فهو موجود لا يشوبه عدم، وحق لا يعرضه بطلان، وحي لا يخالطه موت، وعليم لا يدبّ إليه جهل، وقادر لا يغلبه عجز، وعزيز لا يتطرّق إليه ظلم، فله تعالى من كل كمال محضة »(١) .

__________________

(١) الميزان: ج ٦، ص ٨٨ و ٨٩ بتلخيص.

٤٨٢

ومن عجيب البيان ما نقل عن الإمام الثامن عليّ بن موسى الرضا٨ في هذا المجال في خطبة ألقاها على جماعة من العلماء، وقال في ضمن تحميده سبحانه :

« لَيْسَ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إِلىٰ حَدِّه، ولا له مِثْلٌ فيُعرَفُ مثله »(١) .

ترى أنَّ الإمام٧ بعد ما نفى الحد عن الله، أتى بنفي المِثْل له سبحانه، لارتباط وملازمة بين اللامحدودية ونفي المثيل، والتقرير ما قد عرفت.

٣ ـ صِرف الوجود لا يتثنّى ولا يتكرّر

إنَّ هذا البرهان مركّب من صغرى وكبرى على الشكل التالي :

الله سبحانه وجود صِرْف.

وكل وجود صرف واحد لا يتثنّى ولا يتكرّر.

فالنتيجة: الله سبحانه واحدٌ لا يتثنَّى ولا يتكرَّر.

أمّا الصغرى فإليك بيانها :

أثبتت البراهين الفلسفية أنَّهُ سبحانه منزَّه عن الماهية التي تحد وجوده، وتحليله يحتاج إلى بيان دور الماهية في وجود الشيء فنقول: كل ما يقع في اُفق النظر من الموجودات الإمكانية فهو مؤلّف من وجود هو رمز عينيّته في الخارج، وماهيّة تحد الوجود وتبيّن مرتبته في عالم الشهود والخارج. مثلاً: الزَّهرة الماثلة أمام أعيننا لها وجود به تتمثّل أمام نظرنا، ولها ماهية تحدّدها بحد النباتية، وتميزّها عن الجماد والحيوان، ولأجل ذلك الحد نحكم عليها أنّها قد ارتقت من عالم الجماد ولم تصل بعد إلى عالم الحيوان. وبذلك تعرف أنّ واقعيّة الماهيّة هي واقعيّة التحديد. هذا من جانب.

__________________

(١) توحيد الصدوق، ص ٣٣.

٤٨٣

ومن جانب آخر، الماهيّة إذا لوحظت من حيث هي هي، فهي غير الوجود كما هي غير العدم، بشهادة أنّها توصف بالأوّل تارة وبالثاني اُخرى، ويقال: النبات موجود، كما يقال: غير موجود. وهذا يوضح أن مقام الحد والماهيّة مقام التخلية عن الوجود والعدم، بمعنى أنّ الإنسان عند النظر إلى ذات الشيء يراه عارياً عن كل من الوجود والعدم، ثم يصفه في الدرجة الثانية بأحدهما. وأمّا وجه كون الشيء في مقام الذات غير موجود ولا معدوم، فلأجل أنّه لو كان في مقام الذات والماهية موجوداً، سواء كان الوجود جزْءَه أو عَيْنه يكون الوجود نابعاً من ذاته، وما هذا شأنه يكون واجب الوجود، يمتنع عروض العدم عليه، كما أنّه لو كان في ذلك المقام معدوماً، سواء كان العدم جزءه أو عينه يكون العدم نفس ذاته، وما هذا شأنه يمتنع عليه عروض الوجود. فلأجل تصحيح عروض كل من الوجود والعدم لا مناص عن كون الشيء في مقام الذات خالياً عن كلا الأمرين حتى يصحّ كونه معروضاً لأحدهما. وإلى هذا يهدف قول الفلاسفة: « الماهيّة من حيث هي هي لا موجودة ولا معدومة ». ومع هذا كلِّه فهي في الخارج لا تخلو إما أنْ تكون موجودة أو معدومة. فالنبات والحيوان والإنسان في الخارج لا يفارق أحد الوصفين. وبهذا تبيّن أنَّ اتّصاف الماهية بأحد الأمرين يتوقّف على علّة، لكن اتّصافها بالوجود يتوقّف على علّة موجودة، ويكفي في اتّصافها بالعدم، عدم العلّة الموجدة. فاتّصاف الماهيات بالأعدام الأزلية خفيف المؤونة، بخلاف اتّصافها بالوجود فإنّه رهن وجود علّة حقيقية خارجية.

وعلى ضوء هذا البيان يتّضح أنّه سبحانه منزَّه عن التحديد والماهيّة وإلّا لزم أنْ يحتاج في اتّصاف ماهيته بالوجود إلى علّة(١) . وما هذا شأنه لا يكون واجباً بل يكون ممكناً. وهذا يجرّنا إلى القول بأنّه سبحانه صرف الوجود المنزّه عن كل حد.

__________________

(١) وهنا يبحث عن العلّة ما هي ؟ أهي نفس الوجود العارض على الماهية أو وجود آخر. فإن كان الأوّل لزم الدور، وإن كان الثاني لزم التسلسل. والتفصيل يؤخذ من محلّه. لاحظ الأسفار: ج ١ فصلٌ، في أنّه سبحانه صِرْف الوجود.

٤٨٤

وأمّا الكبرى فإليك بيانها :

إنّ كل حقيقة من الحقائق إذا تجرّدت عن أي خليط وصارت صرف الشيء لا يمكن أن تتثنّى وتتعدّد، من غير فرق بين أن يكون صرف الوجود أو يكون وجوداً مقروناً بالماهيّة كالماء والتراب وغيرهما، فإنَّ كل واحد منها إذا لوحظ بما هو هو عارياً عن كل شيء سواه لا يتكرّر ولا يتعدّد، فالماء بما هو ماء لا يتصور له التعدّد إلّا إذا تعدّد ظرفه أو زمانه أو غير ذلك من عوامل التعدّد والتميّز.

فالماء الصرف والبياض الصرف والسواد الصرف، وكل شيء صرف، في هذا الأمر سواسيه، فالتعدّد والاثْنَيْنيّة رهن اختلاط الشيء مع غيره.

وعلى هذا، فإذا كان سبحانه ـ بحكم أنّه لا ماهيّة له ـ وجوداً صرفاً، لا يتطرّق إليه التعدّد، لأنّه فرع التميّز، والتميّز فرع وجود غَيْريّة فيه، والمفروض خُلُوّه عن كل مغاير سواه، فالوجود المطلق والتحقّق بلا لون ولا تحديد، والعاري عن كل خصوصيّة ومغايرة، كلّما فرضتَ له ثانياً يكون نفس الأوّل، لا شيئاً غيره، فالله سبحانه بحكم الصغرى صرف الوجود، والصرف لا يتعدّد ولا يتثنّى. فينتج: أنَّ الله سبحانه واحدٌ لا يتثنّى ولا يتعدّد.

خرافة التثليث: الأب والابن وروح القدس

قلّما نجد عقيدة في العالم تعاني من الإبهام والغموض كما تعاني منها عقيدة التثليث في المسيحية.

إنّ كلمات المسيحين في كتبهم الكلامية تحكي عن أنَّ الإعتقاد بالتثليث من المسائل الأساسية التي تبنى عليها عقيدتهم، ولا مناص لأي مسيحي من الإعتقاد به، وفي الوقت نفسه يعتقدون بأنّه من المسائل التعبّديّة التي لا تدخل في نطاق التحليل العقلي، لأنّ التصوّرات البشرية لا تستطيع أن تصل إلى فهمه، كما أنّ المقاييس التي تنبع من العالم المادي تمنع من إدراك حقيقة التثليث، لأنّ حقيقته

٤٨٥

حسب زعمهم فوق المقاييس الماديّة.

هذا ومع تكريزهم على التثليث في جميع أدوارهم وعصورهم يعتبرون أنفسهم موحّدين غير مشركين، وأنَّ الإله في عين كونه واحداً ثلاثة، ومع كونه ثلاثة واحدٌ أيضاً. وقد عجزوا عن تفسير الجمع بين هذين النقيضين، الذي تشهد بداهة العقل على بطلانه وأقصى ما عندهم ما يلي :

إنَّ تجارب البشر مقصورة على المحدود، فإذا قال الله بأنَّ طبيعته غير محدودة تتألّف من ثلاثة أشخاص لزم قبول ذلك، إذ لا مجال للمناقشة في ذلك وإن لم يكن هناك أي مقياس لمعرفة معناه، بل يكفي في ذلك ورود الوحي به، وإنَّ هؤلاء الثلاثة يشكّلون بصورة جماعية « الطبيعة الإلهية اللامحدودة » وكل واحد منهم في عين تشخّصه وتميزّه عن الآخرين، ليس بمنفصل ولا متميّز عنهم، رغم أنّه ليست بينهم أية شركة في الاُلوهية، بل كل واحد منهم إله مستقل بذاته ومالك بانفراده لكامل الاُلوهية، فالأب مالك بانفراده لتمام الاُلوهيّة وكاملها من دون نقصان، والإبن كذلك مالك بانفراده لتمام الاُلوهيّة، وروح القدس هو أيضاً مالك بانفراده لكمال الألوهيّة، وانّ الألوهيّة في كل واحد متحقّقة بتمامها دون نقصان.

هذه العبارات وما يشابهها توحي بأنّهم يعتبرون مسألة التثليث فوق الإستدلال والبرهنة العقلية، وأنّها بالتالي « منطقة محرّمة على العقل »، فلا يصل إليها العقل بجناح الاستدلال، بل المستند في ذلك هو الوحي والنقل.

ويلاحظ عليه أوّلاً: وجود التناقض الواضح في هذا التوجيه الذي تلوكه أشداق البطارقة ومن فوقهم أو دونهم من القسّيسين، إذ من جانب يعرّفون كل واحد من الآلهة الثلاثة بأنّه متشخّص ومتميّز عن البقية، وفي الوقت نفسه يعتبرون الجميع واحداً حقيقة لا مجازاً. أفيمكن الاعتقاد بشيء يضاد بداهة العقل، فإنَّ التَمَيّز والتشخص آية التعدّد، والوحدة الحقيقية آية رفعهما، فكيف يجتمعان ؟

٤٨٦

وباختصار، انّ « البابا » وأنصاره وأعوانه لا مناص أمامهم إلّا الإنسلاك في أحد الصفّين التاليين: صف التوحيد وأنّه لا إله إلّا إله واحد، فيجب رفض التثليث، أو صفّ الشرك والأخذ بالتثليث ورفض التوحيد. ولا يمكن الجمع بينهما.

ثانياً: إنّ عالم ما وراء الطبيعة وإن كان لا يقاس بالاُمور المادّية المألوفة، لكن ليس معناه أنَّ ذلك العالم فوضوي، وغير خاضع للمعايير العقليّة البحتة، وذلك لأنّ هناك سلسلة من القضايا العقلية التي لا تقبل النقاش والجدل، وعالم المادة وما وراؤه بالنسبة إليها سيّان، ومسألة امتناع اجتماع النقيضين وامتناع ارتفاعهما واستحالة الدور والتسلسل وحاجة الممكن إلى العلّة، من تلك القواعد العامّة السائدة على عالمي المادة والمعنى.

فإذا بطلت مسألة التثليث في ضوء العقل فلا مجال للإعتقاد بها. وأمّا الاستدلال عليها من طريق الأناجيل الرائجة فمردود بأنّها ليست كتباً سماوية، بل تدلّ طريقة كتابتها على أنّها اُلّفت بعد رفع المسيح إلى الله سبحانه أو بعد صلبه على زعم المسيحيين، والشاهد أنّه وردت في آخر الأناجيل الأربعة كيفيّة صلبه ودفنه ثم عروجه إلى السماء. واحتمال إلحاق القسم الأخير له يوجب سقوطه عن الاعتبار، لاحتمال تطرّق التحريف إلى غير الأخير أيضاً.

ثالثاً: إنّهم يعرّفون الثالوث المقدس بقولهم: « الطبيعة الإلهية تتألّف من ثلاثة أقانيم متساوية الجوهر، أي الأب والابن وروح القدس، والأبّ هو خالق جميع الكائنات بواسطة الابن، والابن هو الفادي، وروح القدس هو المطهر. وهذه الأقانيم الثلاثة مع ذلك ذات رتبة واحدة وعمل واحد ».

فنسأل: ما هو مقصودكم من الآلهة الثلاثة فإنّ لها صورتين لا تناسب أيّة واحدة منهما ساحته سبحانه :

١ ـ أن يكون لكل واحد من هذه الآلهة الثلاثة وجوداً مستقلاً عن الآخر بحيث

٤٨٧

يظهر كل واحد منها في تشخّص ووجود خاص، ويكون لكل واحد من هذه الأقانيم أصل مستقل وشخصيّة خاصّة متميّزة عمّا سواها.

لكن هذا شبيه الشرك الجاهلي الذي كان سائداً في عصر الجاهلية وقد تجلّى في النصرانية بصورة التثليث. وقد وافتك أدلّة وحدانية الله سبحانه.

٢ ـ أن تكون الأقانيم الثلاثة موجودة بوجود واحد، فيكون الإله هو المركّب من هذه الاُمور الثلاثة، وهذا هو القول بالتركيب، وسيوافيك أنّه سبحانه بسيط غير مركّب، لأنّ المركّب يحتاج في تحقّقه إلى أجزائه، والمحتاج ممكن غير واجب.

هذا هي الإشكالات الأساسية المتوجّهة إلى القول بالتثليث.

تسرّب خرافة التثليث إلى النصرانية

إنَّ التاريخ البشري يرينا أنّه طالما عمد بعض أتباع الأنبياء ـ بعد وفاة الأنبياء أو خلال غيابهم ـ إلى الشرك والوثنيّة، تحت تأثير المضلّين، وبذلك كانوا ينحرفون عن جادّة التوحيد الذي كان الهدف الأساسي والغاية القصوى لبعثهم، إنَّ عبادة بني إسرائيل للعجل في غياب موسى٧ ، أفضل نموذج لما ذكرناه، وهو ممّا أثبته القرآن والتاريخ. وعلى هذا فلا داعي إلى العجب إذا رأينا تسرّب خرافة التثليث إلى العقيدة النصرانية بعد ذهاب السيد المسيح٧ وغيابه عن أتباعه.

إنّ مرور الزمن رسّخ موضوع التثليث وعمّق في قلوب النصارى وعقولهم، بحيث لم يستطع أكبر مصلح مسيحي ـ أعني لوثر ـ الذي هذّب العقائد المسيحية من كثير من الأساطير والخرافات، وأسّس المذهب البروتستاني، أن يبعد مذهبه عن هذه الخرافة.

إنَّ القرآن الكريم يصرّح بأن التثليث دخل النصرانية بعد رفع المسيح من المذاهب السابقة عليها، حيث يقول تعالى:( وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللهِ

٤٨٨

ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) ( التوبة / ٣٠ ).

لقد أثبتت الأبحاث التاريخية أنَّ هذا التثليث كان في الديانة البَرَهْمانية قبل ميلاد السيد المسيح بمئات السنين. فقد تجلّى الرب الأزلي الأبدي لديهم في ثلاثة مظاهر وآلهة :

١ ـ بَرَاهما ( الخالق ).

٢ ـ فيشنو ( الواقي ).

٣ ـ سيفا ( الهادم ).

وقد تسرّبت من هذه الديانة البراهمانيّة إلى الديانة الهندوكيّة، ويوضّح الهندوس هذه الاُمور الثلاثة في كتبهم الدينية على النحو التالي :

« براهما » هو المبتدئ بإيجاد الخلق، وهو دائماً الخالق اللاهوتي، ويسمّى بالأب.

« فيشنو » هو الواقي الذي يسمّى عند الهندوكيين بالابن الذي جاء من قبل أبيه.

« سيفا » هو المُفْنِي الهادم المعيد للكون إلى سيرته الاُولى.

وبذلك يظهر قوّة ما ذكره الفيلسوف الفرنسي « غستاف لوبون » قال: « لقد واصلت المسيحيّة تطورها في القرون الخمسة الاُولى من حياتها، مع أخذ ما تيسّر من المفاهيم الفلسفية والدينية اليونانية والشرقية، وهكذا أصبحت خليطاً من المعتقدات المصرية والإيرانية التي انتشرت في المناطق الاُوروبية حوالي القرن الأوّل الميلادي، فاعتنق الناس تثليثاً جديداً مكوّناً من الأب والإبن وروح القدس، مكان التثليث القديم المكوّن من « نروبي تر » و « وزنون » و « نرو »(١) .

__________________

(١) قصة الحضارة.

٤٨٩

القرآن ونفي التثليث

إنَّ القرآن الكريم يذكر التثليث ويبطله بأوضح البراهين وأجلاها، يقول:( مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ ) ( المائدة / ٧٥ ). وهذه الآية تبطل اُلوهيّة المسيح واُمّه، التي كانت معرضاً لهذه الفكرة الباطلة، بحجّة أنّ شأن المسيح شأنُ بقية الأنبياء وشأن الاُمّ شأن بقية الناس، يأكلان الطعام، فليس بين المسيح واُمّه وبين غيرهما من الأنبياء والرسل وسائر الناس أي فرق وتفاوت، فالكل كانوا يأكلون عندما يجوعون ويتناولون الطعام كلّما أحسّوا بالحاجة إليه. وهذا العمل منضمّاً إلى الحاجة إلى الطعام آية المخلوقيّة.

ولا يقتصر القرآن على هذا البرهان، بل يستدل على نفي اُلوهيّة المسيح بطريق آخر، وهو قدرته سبحانه على إهلاك المسيح واُمّه ومن في الأرض جميعاً، والقابل للهلاك لا يكون إلهاً واجب الوجود.

يقول سبحانه:( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ) ( المائدة / ١٧ ). وهذه الآية ناقشت اُلوهيّة المسيح وأبطلتها عن طريق قدرته سبحانه على إهلاكه. ويظهر من سائر الآيات أنَّ اُلوهيّته كانت مطروحة بصورة التثليث، قال سبحانه:( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إلّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ) ( المائدة / ٧٣ ).

وعلى كل تقدير، فقدرته سبحانه على إهلاك المسيح٧ أدل دليل على كونه بشراً ضعيفاً، وعدم كونه إلهاً، سواء طرح بصورة التثليث أو غيره.

ثم إنَّ القرآن الكريم كما يُفَنّد مزعمة كون عيسى بن مريم إلهاً ابناً لله في الآيات المتقدّمة، يرد استحالة الابن عليه تعالى أيضاً على وجه الإطلاق سواء كان عيسى هو الابن أو غيره، بالبيانات التالية :

٤٩٠

١ ـ إنَّ حقيقة البنوّة هو أن يجزّئ واحد من الموجودات الحيّة شيئاً من نفسه ثمّ يجعله بالتربية التدريجية فرداً آخر من نوعة مماثلاً لنفسه يترتّب عليه من الخواص والآثار ما كان يترتّب على الأصل، كالحيوان يفصل من نفسه النطفة، ثمّ يأخذ في تربيتها حتى تصير حيواناً. ومن المعلوم أنّه محال في حقّه سبحانه، لاستلزامه كونه سبحانه جسماً مادّياً له الحركة والزمان والمكان والتركّب(١) .

٢ ـ إنّ لإطلاق اُلوهيّته وخالقيته وربوبيته على ما سواه لازم أن يكون هو القائم بالنفس وغيره قائماً به، فكيف يمكن فرض شيء غيره يكون له من الذات والأوصاف والأحكام ما له سبحانه من غير افتقار إليه ؟

٣ ـ إنّ تجويز الاستيلاد عليه سبحانه يستلزم جواز الفعل التدريجي عليه، وهو يستلزم دخوله تحت ناموس المادّة والحركة وهو خلف، بل يقع ما شاء دفعة واحدة من غير مهلة ولا تدريج.

والدقّة في الآيتين التاليتين يفيد كل ما ذكرنا، قال سبحانه :

( وَقَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ *بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) ( البقرة / ١١٦ و ١١٧ ).

فقوله سبحانه( اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا ) إشارة إلى الأمر الأوّل.

وقوله سبحانه:( لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) ، إشارة إلى الأمر الثاني.

وقوله سبحانه:( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ ) ، إشارة إلى الأمر الثالث(٢) .

__________________

(١) ستوافيك أدلة استحالة كونه جسماً أو جسمانياً وما يستتبعانه من الزمان والمكان والحركة.

(٢) لاحظ الميزان: ج ٣، ص ٢٨٧.

٤٩١

إنَّ القرآن الكريم يفنّد مزعمة « التثليث » ببراهين عقليّة اُخرى، فمن أراد الوقوف على الآيات الواردة في هذا المجال وتفسيرها، فليرجع إلى الموسوعات القرآنية.

المائة والتاسع والعشرون: « الواسع »

قد ورد لفظ الواسع في الذكر الحكيم تسع مرّات ووقع وصفاً له سبحانه في موارد ثمانية.

قال سبحانه:( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ( البقرة / ١١٥ ).

وقال سبحانه:( وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ( البقرة / ٢٤٧ ).

وقال سبحانه:( ذَٰلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ( المائدة / ٥٤ ).

وقال سبحانه:( إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ ) ( النجم / ٣٢ ).

أمّا معناه فقد قال ابن فارس: هو كلمة تدل على خلاف الضيق والعسر، والوسع: الغنى، والله الواسع أي الغني، والوسع: الجدة ( الطاقة ).

أقول: لا شكّ أنّ الوسع خلاف الضيق ويختلف متعلّقه حسب المقامات.

ففي ما يقول سبحانه:( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) ثمّ يعلّله إنّ الله واسع عليم يتبادر منه سعة وجوده وحضوره في جميع الأمكنة، فأينما يولّي الإنسان وجهه فقد توجّه إلى الله سبحانه، كما أنّه يتبادر منه في الموارد التالية سعة وصفه وفعله :

قال سبحانه:( وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ) ( طه / ٩٨ ) و( أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ) ( الطلاق / ١٢ ) و( رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) ( الأعراف / ١٥٦ ) فَاللهُ سُبْحانَهُ

٤٩٢

واسع الوجود والذات، واسع الفعل، فلا يحدّ ذاته شيء، كما لا يحدّ وصفه شيء، ولا يحد فعله شيء.

المائة والثلاثون: « الوالي »

قد ورد لفظ « وال » في الذكر الحكيم مرّة واحدة ووقع وصفاً له سبحانه.

قال سبحانه:( وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) ( الرعد / ١١ ).

وهو مأخوذ من الولي بمعنى القرب وقد تقدّم تفسيره عند البحث عن اسم المولى.

وذكرنا كيفيّة اشتقاق سائر المعاني منه، وقلنا: إنّ قرب إنسان من إنسان يحدث أولويّة أحدهما بالنسبة إلى الآخر، وإنَّ المولى والولي والوالي بمعنى واحد أي القائم بالأمر، وعلى هذا فالمراد من الوالي هو متولّي الأمر، وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مردّ له وما لهم من دونه من وال أي من ولي يباشر أمرهم، ويدفع عنهم البلاء، وبعبارة أُخرى فإذا لم يكن لهم من وال يلي أمرهم إلّا الله سبحانه لم يكن هناك أحد يردّ ما أراد الله بهم من سوء.

المائة والواحد والثلاثون: « الودود »

قد ورد لفظ « الودود » في الذكر الحكيم مرّتين ووقعا وصفاً له سبحانه.

وقال سبحانه:( وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ) ( هود / ٩٠ ).

وقال سبحانه:( إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ *وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ) ( البروج / ١٣ و ١٤ ).

وأمّا معناه فقدذكر ابن فارس: إنّه يدلّ على المحبّة.

٤٩٣

« والودود » على وزن فعول، أمّا بمعنى المفعول فيرجع معناه أنّه سبحانه محبوب للأولياء والمؤمنين، أو بمعنى الفاعل ك‍ « غفور » بمعنى « غافر » ويرجع معناه إلى أنّه سبحانه يودّ عباده الصالحين ويحبّهم، والمناسب لإسم الرحيم كونه بمعنى الفاعل كما هو المناسب أيضاً لإسم الغفور وقد عرفت اقترانه في الآيتين بالإسمين.

وأمّا حظّ العبد من ذلك الاسم فله أن يتّسم باسمه فيكتسب ودّاً بين الناس بالأعمال الصالحة.

قال سبحانه:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا ) ( مريم / ٩٦ ).

المائة والثاني والثلاثون: « الوكيل »

قد ورد لفظ الوكيل في الذكر الحكيم ٢٤ مرّة ووقع وصفاً له سبحانه في ١٤ مورد.

قال سبحانه:( وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) ( آل عمران / ١٧٣ ).

وقال سبحانه:( خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) ( الأنعام / ١٠٢ ).

وقال سبحانه:( وَللهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَىٰ بِاللهِ وَكِيلاً ) ( النساء / ١٣٢ ).

وقال سبحانه:( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً ) ( الأسراء / ٦٥ ).

إلى غير ذلك من الآيات الوارد فيها هذا الإسم.

وأمّا معناه فقد قال « ابن فارس »: فهو في الأصل يدل على إعتماد غيرك في أمرك، وسمّي الوكيل وكيلاً لأنه يوكل إليه الأمر، وقال « الراغب »: التوكيل أن تعتمد

٤٩٤

على غيرك وتجعله نائباً عنك، والوكيل فعيل بمعنى مفعول.

قال تعالى وكفى بالله وكيلاً أي اكتف به أن يتولّىٰ أمرك ويتوكّل لك.

ثُمَّ إنّ كونه سبحانه وكيلاً ليس بمعنى كونه نائباً عن العباد في الأفعال ولا بمعنى الاعتماد عليه، بل هو معنى أقوىٰ وأشدّ من ذلك وهو إيكال الأمر إليه لكونه سبحانه وحده كافياً في إنجاز الأمر.

قال سبحانه ناقلاً عن لسان الأولياء:( وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) ( آل عمران / ١٧٣ ).

ثُمَّ إنّه ربّما يستعمل ببعض المناسبات في معنى الحفيظ.

قال سبحانه:( اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ) ( الشورى / ٦ )، كما أنّه ربّما يستعمل في المسيطر.

قال سبحانه:( وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ) ( الزمر / ٤١ ).

قال العلّامة الطباطبائي في تفسير قوله:( وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً ) ( الاسراء / ٦٥ ).

أي قائماً على نفوسهم وأعمالهم، حافظاً لمنافعهم، ومتولّياً لاُمورهم، فإنّ الوكيل هو الكافل لاُمور الغير، القائم مقامه في تدبيرها وإدارة رحاها(١) .

ثُمَّ إنّ وكالة إنسان لإنسان تقوم بأمرين :

الأوّل: إنصراف الموكّل عن المباشرة إمّا لعجزه وإمّا لصارف آخر.

الثاني: كون الموكول إليه موصوفاً بكمال العلم والقدرة والبراعة والنزاهة عن الخيانة.

__________________

(١) الميزان: ج ١٣، ص ١٥٦.

٤٩٥

وأمّا ايكال الإنسان الاُمور إلى الله سبحانه فهو مبني على اعترافه بالعجز بالقيام أوّلاً وكونه عالماً وقادراً ورحيماً ثانياً وهذه الصفات وهذا النحو غير حاصل إلّا لله سبحانه الحي، فلا جرم أن يكون وكيلاً بمعنى أنّ العباد العارفين يفوّضون اُمورهم إليه.

قال سبحانه:( وَتَوَكَّلْ عَلَى الحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ) ( الفرقان / ٥٨ ).

وقال سبحانه:( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) ( الطلاق / ٣ ).

ثُمَّ إنّ إيكال الأمر إليه ليس بمعنى عدم القيام بفعل، بل معناه أنّه يجب على العبد بذل ما في مقدرته من الأفعال والأعمال ثُمَّ إيكال الأمر إليه حتى تصل إلى النتيجة، ولأجل ذلك ورد الأمر بالتوكّل في الحروب والمغازي التي يجب للإنسان بذل ما يملك من النفس والنفيس فيها.

قال سبحانه:( وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ المُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ ) ( آل عمران / ١٢١ و ١٢٢ ).

المائة والثالث والثلاثون: « الولي »

قد ورد هذا اللفظ في الذكر الحكيم مضافاً وغير مضاف أربعاً وأربعين مرّة ووقع وصفاً له سبحانه خمس وثلاثون مرّة منطوقاً ومفهوماً.

قال سبحانه:( وَكَفَىٰ بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللهِ نَصِيرًا ) ( النساء / ٤٥ ). هذا على وجه المنطوق.

وأمّا على وجه المفهوم فقد قال سبحانه:( مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ ) ( السجدة / ٤ ).

وقد مضى معنى « الولي » عند البحث عن اسم « المولى » فلاحظ.

٤٩٦

المائة والرابع والثلاثون: « الوهّاب »

قد ورد لفظ « الوهّاب » في الذكر الحكيم ثلاث مرّات.

قال سبحانه:( وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) ( آل عمران / ٨ ).

وقال سبحانه:( أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ) ( ص / ٩ ).

وقال سبحانه:( وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) ( ص / ٣٥ ).

قال الراغب: واللفظ من الهبة وهي أن تجعل ملكك لغيرك بغير عوض.

قال تعالى:( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ ) ( الأنعام / ٨٤ ) و ( الأنبياء / ٧٢ )،( الحَمْدُ للهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ) ( إبراهيم / ٣٩ ) ويوصف الله بالواهب والوهّاب بمعنى أنّه يعطي كلاًّ على استحقاقه.

إنّ الهبة لها ركنان: الأوّل التمليك، والآخر كونه بغير عوض وهو فعل لله سبحانه على الحقيقة لأنّه مالك الملك والملكوت بإيجاده، وأمّا غيره فإنّما يملك بتمليك منه وملكيته في طول ملكيته سبحانه. هذا حال الركن الأوّل.

وأمّا الركن الثاني فكل ما يتّفق أن يهب الإنسان ولا يطلب عوضاً وعلى الأقل المدح في العاجل والثواب في الآجل، أو لإرضاء العواطف الإنسانية.

نعم هو صادق في حقّه سبحانه الغني عن كلّ شيء.

قال سبحانه:( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ) ( الفرقان / ٧٧ ).

وأمّا حظ العبد من هذا الاسم فهو أن لا يعتمد على الدنيا وما فيها، ويهب ما يملك على النحو الذي أمر به الذكر الحكيم وقال سبحانه:( الَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا ) ( الفرقان / ٦٧ ).

٤٩٧
٤٩٨

حرف الهاء

المائة والخامس والثلاثون: « الهادي »

وقد ورد لفظ الهادي في القرآن الكريم عشر مرّات ووقع وصفاً له سبحانه في موردين :

قال سبحانه:( وَإِنَّ اللهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) ( الحج / ٥٤ ).

وقال سبحانه:( وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ) ( الفرقان / ٣١ ).

وربّما يستفاد من بعض الآيات عن طريق المفهوم مثل قوله سبحانه:( وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) ( الرعد / ٣٣ ) وغيره.

إنّ الهداية الإلهية من المسائل الهامّة التي اهتمّ بها القرآن اهتماماً بالغاً.

وربّما يتبادر في بادئ النظر منها التعارض والتخالف، ومبدأ هذا هو الاكتفاء بآية واحدة والغض عن سائر الآيات الواردة في الكتاب العزيز، فلا تحل عقدة هذه المسألة وأمثالها إلّا بجمع الآيات في مورد واحد واستنطاقها حتى يشهد بعضها على بعض، ولأجل أهمّيّة هذه المسألة نفيض الكلام فيها على وجه الاختصار حتى يظهر معنى قوله سبحانه:( وَإِنَّ اللهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) .

٤٩٩

ما معنى كون الهداية والضلالة بيده سبحانه ؟

دلّت الآيات القرآنية على أنَّ الهداية والضلالة بيده سبحانه، فهو يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء. وقد وقع بعض الناس في شبهة الجبر وقالوا: إذا كان أمر الهداية مرتبطاً بمشيئته، فلا يكون للعبد دور لا في الهداية ولا في الضلالة، فالضّال يعصي بلا اختيار، والمهتدي يطيع كذلك وهذا بالجبر، أشبه منه بالإختيار.

قال سبحانه:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) ( إبراهيم / ٤ ).

وقال سبحانه:( وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( النحل / ٩٣ ).

وقال سبحانه:( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) ( فاطر / ٨ ).

ولنا نقاش وجواب، فنقول: إنّ تحليل أمر الهداية والضلالة الذي ورد في القرآن الكريم من المسائل الدقيقة المتشعّبة الأبحاث ولا يقف على المحصّل من الآيات إلّا من فسّرها عن طريق التفسير الموضوعي، بمعنى جمع كل ما ورد في هذين المجالين في مقام واحد، ثمّ تفسير المجموع باتّخاذ البعض قرينة على البعض الآخر. وبما أنَّ هذا المنهج من البحث لا يناسب وضع الكتاب، نكتفي بما تمسّك به الجبريّون في المقام من الآيات لإثبات الجبر، وبتفسيرها وتحليلها يسقط أهم ما تسلّحوا به من العصور الاُولى.

حقيقة الجواب تتّضح في التفريق بين الهداية العامّة التي عليها تبتنى مسألة الجبر والإختيار، والهداية الخاصّة التي لاتمت إلى هذه المسألة بصلة.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538