مفاهيم القرآن الجزء ٦

مفاهيم القرآن7%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-222-6
الصفحات: 538

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 538 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 237270 / تحميل: 6094
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٦

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٢٢-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢) كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (٣) )

أسباب النّزول

وردت في كتب التّفسير والحديث أسباب متشابهة لنزول الآيات الاولى من هذه السورة ، وسنستعرض أحد هذه الأسباب لكونه مفصّلا وجامعا أكثر من الأسباب الاخرى ، ففي حديث نقله المرحوم العلّامة الكليني عن الإمام الباقرعليه‌السلام جاء فيه : «أقبل أبو جهل بن هشام ومعه قوم من قريش فدخلوا على أبي طالب فقالوا : إنّ ابن أخيك قد آذانا وآذى آلهتنا ، فادعه ومره فليكفّ عن آلهتنا ونكفّ عن إلهه.

فبعث أبو طالب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعاه ، فلمّا دخل النّبي لم ير في البيت إلّا مشركا فقال : (السلام على من اتّبع الهدى) ثمّ جلس فخبّره أبو طالب بما جاؤوا به ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أو هل لهم في كلمة خير لهم من هذا يسودون بها العرب ويطأون أعناقهم»؟

٤٤١

فقال أبو جهل : نعم وما هذه الكلمة؟

قال : «تقولون : لا إله إلّا الله».

وما إن سمعوا هذه الكلمات حتّى وضعوا أصابعهم في آذانهم وخرجوا وهم يقولون : ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة إنّ هذا إلّا اختلاق ، فأنزل الله في قولهم :( ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) ـ إلى قوله ـ( إِلَّا اخْتِلاقٌ ) (١) .

التّفسير

انقضاء مهلة النّجاة :

مرّة اخرى تمرّ علينا سورة تبدأ آياتها الاولى بحروف مقطّعة وهو حرف( ص ) ويطرح نفس السؤال السابق بشأن تفسير هذه الحروف المقطّعة : هل هذه إشارة إلى عظمة القرآن المجيد الذي يتألّف من مثل هذه الحروف المتيسّرة في متناول الجميع كالحروف الهجائية ، والذي غيّرت محتوياته مجرى حياة الإنسانية في هذا العالم

وأنّ قدرة الله العظمية هي التي أوجدت من هذه الحروف البسيطة تركيبا رائعا عظيما هو القرآن المجيد كلام الله ، أم أنّها إشارة إلى رموز وأسرار بين الله سبحانه وتعالى وأنبيائه

أمّ أنّها تعني أمورا أخرى؟

مجموعة من المفسّرين اعتبرت هنا حرف (ص) رمزا يشير إلى أحد أسماء الله ، وذلك لأنّ الكثير من أسمائه تبدأ بحرف الصاد مثل (صادق) ، (صمد) ، (صانع) أو أنّه إشارة إلى (صدق الله) التي اختصرت بحرف واحد.

ولا بدّ أنّكم طالعتم تفسير هذه الحروف المقطّعة بصورة مفصّلة في تفسير بدايات آيات سور (البقرة) و (آل عمران) و (الأعراف).

__________________

(١) اصول الكافي نقلا عن نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، الصفحة ٤٤٠.

٤٤٢

ثمّ يقسم الله تعالى بالقرآن ذي الذكر والّذي هو حقّا معجزة إلهيّة( وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) (١) .

فالقرآن ذكر ويشتمل على الذكر ، والذكر يعني التذكير وصقل القلوب من صدأ الغفلة ، تذكّر الله ، وتذكّر نعمه ، وتذكّر محكمته الكبرى يوم القيامة ، وتذكّر هدف خلق الإنسان.

نعم ، فالنسيان والغفلة هما من أهمّ عوامل تعاسة الإنسان ، والقرآن الكريم خير دواء لعلاجهما.

فالقرآن الكريم يقول بشأن المنافقين في الآية (٦٧) من سورة التوبة :( نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ ) أي إنّهم نسوا الله ، والله في المقابل نسيهم وقطع رحمته عنهم.

ونقرأ في نفس هذه السورة الآية (٢٦) عن الضالّين ، قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ ) .

نعم ، فالنسيان هو الابتلاء الكبير الذي ابتلي به الضالّون والمذنبون ، حتّى أنّهم نسوا أنفسهم وقيمة وجودها ، كما قال القرآن الكريم ، كلام الله الناطق( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) .(٢)

فالقرآن خير وسيلة لتمزيق حجب النسيان ، وهو نور لإزالة الظلمات والغفلة والنسيان ، حيث إنّ آياته تذكّر الإنسان بالله وبالمعاد ، وتعرّف الإنسان قيمة وجوده في هذه الحياة.

الآية التالية تقول لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا رأيت هؤلاء لا يستسلمون لآيات الله الواضحة ولقرآنه المجيد ، فاعلم أنّ سبب هذا لا يعود إلى أنّ هناك ستارا يغطّي كلام الحقّ ، وإنّما هم مبتلون بالتكبّر والغرور اللذين يمنعان الكافرين من قبول

__________________

(١) جملة( وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) جملة قسم جوابها محذوف ، وتقديرها (والقرآن ذي الذكر إنّك صادق وإنّ هذا الكلام معجز).

(٢) الحشر ، ١٩.

٤٤٣

الحقّ ، كما أنّ عنادهم وعصيانهم ـ هما أيضا ـ مانع يحول دون تقبّلهم لدعوتك( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ ) .

«العزّة» كما قال الراغب في مفرداته ، هي حالة تحوّل دون هزيمة الإنسان (حالة الذي لا يقهر) وهي مشتقّة من (عزاز) وتعني الأرض الصلبة المتينة التي لا ينفذ الماء خلالها ، وتعطي معنيين ، فأحيانا تعني (العزّة الممدوحة) المحترمة ، كما في وصف ذات الله الطاهر بالعزيز ، وأحيانا تعني (العزّة بالإثم) أي الوقوف بوجه الحقّ والتكبّر عن قبول الواقع ، وهذه العزّة مذلّة في حقيقة الأمر.

«شقاق» مشتقّة من (شقّ) ، ومعناه واضح ، ثمّ استعمل في معنى المخالفة ، لأنّ الاختلاف يسبّب في أن تقف كلّ مجموعة في شقّ ، أي في جانب.

القرآن هنا يعدّ مسألة العجرفة والتكبّر والغرور وطيّ طريق الانفصال والتفرقة من أسباب تعاسة الكافرين ، نعم هذه الصفات القبيحة والسيّئة تعمي عين الإنسان وتصمّ آذانه ، وتفقده إحساسه ، وكم هو مؤلم أن يكون للإنسان عيون تبصر وآذان تسمع ولكنّه يبدو كالأعمى والأصم.

فالآية (٢٠٦) من سورة البقرة تقول :( وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ ) أي عند ما يقال للمنافق : اتّق الله ، تأخذه العصبية والغرور واللجاجة ، وتؤدّي به إلى التوغّل في الذنب والسقوط في نار جهنّم وإنّها لبئس المكان.

ولإيقاظ أولئك المغرورين المغفّلين ، يرجع بهم القرآن الكريم إلى ماضي تأريخ البشر ، ليريهم مصير الأمم المغرورة والمتكبّرة ، كي يتّعظوا ويأخذوا العبر منها و( كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ ) .

أي إنّ امما كثيرة كانت قبلهم قد أهلكناها (بسبب تكذيبها الأنبياء ، وإنكارها آيات الله ، وظلمها وارتكابها للذنوب) وكانت تستغيث بصوت عال عند نزول العذاب عليها ، ولكن ما الفائدة فقد تأخّر الوقت! ولم يبق أمامهم متّسع من الوقت

٤٤٤

لإنقاذ أنفسهم( فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ ) .

فعند ما كان أنبياء الله في السابق يعظونهم ويحذّرونهم عواقب أعمالهم القبيحة ، لم يكتفوا بصمّ آذانهم وعدم الاستماع ، وإنّما كانوا يستهزئون ويسخرون من الأنبياء ويعذّبون المؤمنين ويقتلونهم ، فبذلك أضاعوا الفرصة ودمّروا كلّ الجسور التي خلفهم ، فنزل العذاب الإلهي ليهلكهم جميعا ، العذاب الذي رافقه انغلاق باب التوبة والعودة ، وفور نزوله تبدأ أصوات الاستغاثة تتعالى ، والتي لا تغني عنهم يومئذ شيئا.

وكلمة (لات) جاءت للنفي ، وهي في الأصل (لا) نافية أضيفت إليها (تاء) التأنيث ، لتعطي معنى التأكيد(١) .

«مناص» من مادّة (نوص) وتعني الملاذ والملجأ ، ويقال : إنّ العرب عند ما كانت تقع لهم حادثة صعبة ورهيبة ، وخاصّة في الحروب كانوا يكرّرون هذه الكلمة ويقولون (مناص مناص) أي : أين الملاذ؟ أين الملاذ؟ ولأنّ هذا المفهوم يتناسب مع معنى الفرار ، وأحيانا تأتي بمعنى إلى أين الفرار(٢) .

على أيّة حال ، فإنّ أولئك المغرورين المغفّلين لم يستفيدوا من الفرصة التي كانت بأيديهم للجوء إلى أحضان الرحمة واللطف الإلهي ، وعند ما أضاعوا الفرصة ونزل عليهم العذاب الإلهي ، أخذوا ينادون ويستغيثون ويبذلون الجهد للعثور على طريق نجاة لهم ، ولكن كلّ هذه الجهود تبوء بالفشل ، حيث أنّهم مهما بذلوا من جهد ومهما استغاثوا فإنّهم لا يصلون إلى مقصدهم.

هذه كانت سنّة الله مع كلّ الأمم السابقة ، وستبقى كذلك ، لأنّ سنّة الله لا تتغيّر

__________________

(١) البعض قال : إنّ (التاء) زائدة واعتبرها للمبالغة كما في كلمة (علامة) كما اعتبر البعض أنّ (لا) هنا (نافية للجنس) والبعض شبّهها بـ (ليس) وعلى أيّة حال إضافة (التاء) إلى (لا) يوجد أحكاما خاصّة ، منها من المؤكّد أنّها تستخدم للزمان ، والاخرى أنّ اسمها أو خبرها محذوف دائما ، وتذكر في الكلام بإحدى الحالتين المذكورتين آنفا ، وطبقا لهذا فإنّ عبارة (ولات حين مناص) تقديرها (ولات الحين حين مناص).

(٢) مفردات الراغب ، تفسير فخر الرازي ، تفسير روح المعاني ، كتاب مجمع البحرين مادّة (نوص).

٤٤٥

ولا تتبدّل.

ومن المؤسف أنّ الناس ـ على الأغلب ـ غير مستعدّين للاتّعاظ من تجارب الآخرين ، وكأنّهم راغبون في تكرار تلك التجارب المرّة ، التجارب التي تقع أحيانا مرّة واحدة في طول عمر الإنسان ، ولا تتكرّر ثانية ، وبصورة أوضح : إنّها الاولى والأخيرة.

* * *

٤٤٦

الآيات

( وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ (٦) ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ (٧) )

أسباب النّزول

سبب نزول هذه الآيات يشبه سبب نزول الآيات السابقة ، وغير مستبعد أن يكون هناك سبب واحد لنزول كلّ تلك الآيات.

ولكن بما أنّ سبب النّزول المذكور لهذه الآيات يحوي مطالب جديدة ، نذكره كما ورد في تفسير علي بن إبراهيم ، حيث جاء فيه : بعد أن أظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الدعوة ، اجتمعت قريش إلى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب ، إنّ ابن أخيك قد سفه أحلامنا ، وسبّ آلهتنا ، وأفسد شبابنا ، وفرّق جماعتنا ، فإن كان الذي يحمله على ذلك العدم ، جمعنا له حالا حتّى يكون أغنى رجل في قريش ، ونملكه علينا.

فأخبر أبو طالب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجابه رسول الله قائلا : «لو وضعوا الشمس

٤٤٧

في يميني والقمر في يساري ما تركته ، ولكن كلمة يعطوني يملكون بها العرب وتدين بها العجم ويكونون ملوكا في الجنّة».

فقال لهم أبو طالب ذلك ، فقالوا : نعم وعشرة كلمات بدلا من واحدة ، أي كلمة تقصد أنت؟

فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «تشهدون أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله».

تضايقوا كثيرا عند سماعهم هذا الجواب ، وقالوا : ندع ثلاث مائة وستّين إلها ونعبد إلها واحدا؟ إنّه لأمر عجيب؟ نعبد إلها واحدا لا يمكن مشاهدته ورؤيته.

وهنا نزلت هذه الآيات المباركة بل( وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ ) (١) .

هذا المعنى ورد أيضا في تفسير مجمع البيان مع اختلاف بسيط ، إذ ذكر صاحب تفسير مجمع البيان في آخر الرواية أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استعبر بعد أن سمع جواب زعماء قريش وقال : «يا عمّ والله لو وضعت الشمس في يميني والقمر في شمالي ما تركت هذا القول حتّى أنفذه أو اقتل دونه» فقال له أبو طالب : امض لأمرك ، فو الله لا أخذلك أبدا(٢) .

* * *

التّفسير

هل يمكن قبول إله واحد بدلا من كلّ تلك الآلهة؟

المغرورون والمتكبّرون لا يعترفون بأمر لا يلائم أفكارهم المحدودة والناقصة ، إذ يعتبرون أفكارهم المحدودة والناقصة مقياسا لكلّ القيم. لذا فعند ما رفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لواء التوحيد في مكّة ، وأعلن الانتفاضة ضدّ الأصنام الكبيرة

__________________

(١) تفسير علي بن إبراهيم ، نقلا عن تفسير نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، الصفحة ٤٤٢ الحديث ٧.

(٢) مجمع البيان ، المجلّد ٨ ، الصفحة ٤٦٥.

٤٤٨

والصغيرة في الكعبة ، والبالغ عددها (٣٦٠) صنما ، تعجّبوا : لماذا جاءهم النذير من بينهم؟( وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ) .

كان تعجّبهم بسبب أنّ محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجل منهم فلما ذا لم تنزل ملائكة من السماء بالرسالة؟ هؤلاء تصوّروا أنّ نقطة القوّة هذه نقطة ضعف ، فالذي يبعث من بين قوم ، هو أدرى باحتياجات وآلام قومه ، كما أنّه أعرف بمشكلاتهم وتفصيلات حياتهم ، ويمكن أن يكون لهم أسوة وقدوة ، إلّا أنّهم اعتبروا هذا الامتياز الكبير نقطة سلبية في دعوة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعجّبوا من أمر بعثته إليهم.

وأحيانا كانوا يجتازون مرحلة التعجّب إلى مرحلة اتّهام رسول الله بالسحر والكذب( وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ ) .

وقلنا عدّة مرّات : إنّ اتّهامهم الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالسحر ، إنّما نتج من جرّاء رؤيتهم لمعجزاته التي لا تقبل الإنكار وتنفذ بصورة مدهشة إلى أفكار المجتمع ، واتّهامه بالكذب بسبب تحدّثه بأمور تخالف سنّتهم الخرافية وأفكارهم الجاهلية التي كانت جزءا من الأمور المسلّم بها في ذلك المجتمع ، وادّعاء الرسالة من الله.

وعند ما أظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعوته لتوحيد الله ، أخذ أحدهم ينظر للآخر ويقول له : تعالى

واسمع العجب العجاب( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ ) (١) .

نعم ، فالغرور والتكبّر إضافة إلى فساد المجتمع ، تساهم جميعا في تغيّر بصيرة الإنسان ، وجعله متعجّبا من بعض الأمور الواقعية والواضحة ، في حين يصرّ بشدّة على التمسّك ببعض الخرافات والأوهام الواهية.

وكلمة (عجاب) على وزن (تراب) تعطي معنى المبالغة ، وتقال لأمر عجيب مفرط في العجب.

فالسفهاء من قريش كانوا يعتقدون أنّه كلّما ازدادت عدد آلهتهم إزداد نفوذهم

__________________

(١) «الجعل» بمعنى التصيير ، وهو ـ كما قيل ـ تصيير بحسب القول والإعتقاد والدعوى لا بحسب الواقع.

٤٤٩

وقدرتهم ، ولهذا السبب فإنّ وجود إله واحد يعدّ قليلا من وجهة نظرهم ، في حين ـ كما هو معلوم ـ أنّ الأشياء المتعدّدة من وجهة النظر الفلسفية تكون دائما محدودة ، والوجود اللامحدود واحد لا أكثر ، ولهذا السبب فإنّ كلّ الدراسات في معرفة الله تنتهي إلى توحيده.

وبعد أن يئس طغاة قريش من توسّط أبي طالب في الأمر وفقدوا الأمل ، خرجوا من بيته ، ثمّ انطلقوا وقال بعضهم لبعض ، أو قالوا لأتباعهم : اذهبوا وتمسّكوا أكثر بآلهتكم ، واصبروا على دينكم ، وتحمّلوا المشاق لأجله ، لأنّ هدف محمّد هو جرّ مجتمعنا إلى الفساد والضياع وزوال النعمة الإلهية عنّا بسبب تركنا الأصنام ، وإنّه يريد أن يترأس علينا( وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ ) .

«انطلق» مشتقّة من (انطلاق) وتعني الذهاب بسرعة والتحرّر من عمل سابق ، وهنا تشير إلى تركهم مجلس أبي طالب وعلامات الضجر والغضب بادية عليهم.

و (الملأ) إشارة إلى أشراف قريش المعروفين الذين ذهبوا إلى أبي طالب ، وبعد خروجهم من بيته تحدّث بعضهم لبعض أو لأتباعهم أن لا تتركوا عبادة أصنامكم وأثبتوا على عبادة آلهتكم.

وجملة( لَشَيْءٌ يُرادُ ) تعني أنّ هناك أمرا يراد بنا. ولكونها جملة غامضة بعض الشيء ، فقد ذكر المفسّرون لها تفاسير عديدة ، منها : أنّها إشارة إلى دعوة الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذ اعتبرت قريش هذه الدعوة مؤامرة ضدّها ، وقالت : إنّ ظاهرها يدعو إلى الله ، وباطنها يهدف إلى السيادة والرئاسة علينا وعلى العرب ، وما هذه الدعوة إلّا ذريعة لتنفيذ ذلك الأمر ، أي السيادة والرئاسة ، ودعت الناس إلى التمسّك أكثر بعبادة الأصنام ، وترك تحليل أمر هذه المؤامرة إلى زعماء القوم ، وهذا الأسلوب طالما لجأ إليه أئمّة الضلال لإسكات أصوات السائرين في طريق الحقّ ، إذ يطلقون على الدعوة إلى الله لفظة (مؤامرة) المؤامرة التي يجب أن يتولّى

٤٥٠

رجال السياسة تحليلها بدقّة لوضع الخطط والبرامج المنظّمة لمواجهتها ، وأن يمرّ بها عامة الناس مرّ الكرام من دون أن يعيروا لها أي اهتمام ، وأن يتمسّكوا أكثر بما عندهم ، أي بأصنامهم.

ونظير هذا الحديث ورد في قصّة نوح ، عند ما قال الملأ من قوم نوح لعامّتهم( ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ ) .(١)

وذهب آخرون إلى أنّ المقصود من هذه العبارة هو : يا عبدة الأصنام أثبتوا واستقيموا على آلهتكم ، لأنّ هذا هو المطلوب منكم.

أمّا البعض الآخر فقد قال : المقصود هو أنّ محمّدا يستهدفنا نحن ، وأنّه يريد جرّ مجتمعنا إلى الفساد من خلال تركنا لآلهتنا ، وفي نهاية الأمر ستزال النعم عنّا وينزل علينا العذاب!

فيما احتمل البعض الآخر أنّ المراد هو أنّ محمّدا لن يتوقّف عن دعوته وأنّه مصمّم على نشرها بعزم راسخ ، ولهذا فإنّ المحادثات معه عقيمة ، فاذهبوا وتمسّكوا أكثر بعقائدهم.

وأخيرا احتمل بعض المفسّرين أنّ المقصود هو أنّ المصيبة ستحلّ بنا ، وعلى أيّة حال ، علينا أن نتهيّأ لها وأن نتمسّك أكثر بسنّتنا.

وبالطبع ، لكون هذه الجملة لها مفهوم عامّ ، فإنّ أغلب التفاسير يمكن أن تعطي المعنى المطلوب ، رغم أنّ التّفسير الأوّل يعدّ أنسب من بقيّة التفاسير.

وعلى أيّة حال ، فإنّ زعماء المشركين أرادوا بهذا القول تقوية المعنويات المنهارة لأتباعهم ، والحيلولة دون تزعزع معتقداتهم أكثر ، ولكن كلّ مساعيهم ذهبت أدراج الرياح.

ولخداع عوامّ الناس وإقناع أنفسهم ، قال زعماء المشركين( ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ ) .

__________________

(١) المؤمنون ، ٢٤.

٤٥١

فلو كان ادّعاء التوحيد وترك عبادة الأصنام أمرا واقعيّا لكان آباؤنا الذين كانوا بتلك العظمة والشخصيّة قد أدركوا ذلك ، وكنّا قد سمعنا ذلك منهم ، لذا فهو مجرّد حديث كاذب وليست له سابقة.

وعبارة( الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ ) يحتمل أنّها تشير إلى جيل آبائهم باعتباره آخر جيل بالنسبة لهم ، ويمكن أن تكون إشارة إلى أهل الكتاب وخاصّة (النصارى) الذين كانوا آخر الملل ، ودينهم كان آخر الأديان قبل ظهور نبي الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أي إنّنا لم نعثر في كتب النصارى على شيء ممّا يقوله محمّد ، وذلك لأنّ كتب النصارى كانت تقول بالتثليث ، أمّا التوحيد الذي دعا إليه محمّد فإنّه أمر جديد.

ولكن يتّضح من آيات القرآن الكريم أنّ عرب الجاهلية لم يكونوا معتمدين على كتب اليهود والنصارى ، وإنّما اعتمادهم الأساس كان على سنن وشرائع أجدادهم وآبائهم ، وهذا دليل على صحّة التّفسير الأوّل.

«اختلاق» مشتقّة من (خلق) وتعني إبداء أمر لم تكن له سابقة ، كما تطلق هذه الكلمة على الكذب ، وذلك لأنّ الكذّاب غالبا ما يطرح مواضيع لا وجود لها ، ولهذا فإنّ المراد من كلمة (اختلاق) في الآية ـ مورد البحث ـ أنّ التوحيد الذي دعا إليه هذا النبيّ مجهول بالنسبة لنا ولآبائنا الأوّلين ، وهذا دليل على بطلانه.

* * *

ملاحظة

الخوف من الجديد!

الخوف من القضايا والأمور المستحدثة والجديدة كانت ـ على طول التاريخ ـ أحد الأسباب المهمّة التي تقف وراء إصرار الأمم الضالّة على انحرافاتها ، وعدم استسلامها لدعوات أنبياء الله ، إذ أنّهم يخافون من كلّ جديد ، ولهذا كانوا ينظرون لشرائع الأنبياء بنظرة سيّئة جدّا ، وحتّى الآن هناك امم كثيرة تحمل آثارا من هذا

٤٥٢

التفكير الجاهلي ، في الوقت الذي لم تكن فيه دعوة الرسل للتوحيد أمرا جديدا ، ولا يمكن أن تكون حداثة الشيء دليلا على بطلانه ، فيجب أن نتّبع المنطق ، ونستسلم للحقّ أينما كان وممّن كان.

والأمر العجيب أنّ مسألة الخوف من الأمر الجديد ـ مع شديد الأسف ـ قد طالت بعض العلماء أيضا ـ إذ يتّخذون موقفا معارضا للنظريات العلمية الحديثة ويقولون :( إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ ) .

وهذا الأمر شوهد بصورة خاصّة في تأريخ الكنيسة المسيحية ، إذ أنّهم كانوا يتّخذون مواقف سلبية تجاه الاكتشافات العلمية لعلماء الطبيعة ، وكان أحدهم «غاليلو» إذ تعرّض لأشدّ هجمات الكنيسة على أثر إعلانه عن أنّ الأرض تدور حول الشمس وحول نفسها ، حيث كانوا يقولون : إنّ هذا الكلام بدعة.

وأكثر ما يثير العجب أنّ بعض العلماء الكبار ، كانوا عند ما يتوصّلون إلى حقائق علمية جديدة ، يعمدون إلى البحث في امّهات الكتب لعلّهم يعثرون على علماء سابقين يوافقونهم في الرأي ، وذلك خوفا من تعرضهم لهجمات المعارضين وبهذا الأسلوب استطاع كثير من العلماء إبداء وجهة نظرهم وكأنّها قديمة وليست بجديدة ، وهذا أمر مؤلم جدّا.

ومثال هذا الحديث يمكن مشاهدته في كتاب (الأسفار) فيما ورد عن النظرية المعروفة بـ (الحركة الجوهرية) لصدر المتألهين الشيرازي.

على أيّة حال فإنّ طريقة التعامل مع القضايا الحديثة والابتكارات الجديدة أدّى إلى وقوع خسائر كبيرة في المجتمع الإنساني وفي عالم العلم والمعرفة ، وعلى أصحاب العلاقة أن يعملوا بجدّ لإصلاح هذا الأمر ، وإزالة الرسوبات الجاهلية من أفكار الرأي العامّ.

٤٥٣

إلّا أنّ هذا الحديث لا يعني قبول كلّ رأي جديد لكونه جديدا ، حتّى ولو كان بلا أساس ، إذ يصبح حينئذ نفس التمسّك بالجديد بلاء عظيما كعشق القديم ، فالاعتدال الإسلامي يدعونا إلى عدم الإفراط أو التفريط في العمل.

* * *

٤٥٤

الآيات

( أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ (١٠) جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١) )

التّفسير

الجيش المهزوم :

الآيات السابقة تحدّثت عن المواقف السلبية التي اتّخذها المعارضون لنهج التوحيد والإسلام ، ونواصل في هذه الآيات الحديث عن مواقف المشركين.

فمشركو مكّة بعد ما أحسّوا أنّ مصالحهم اللامشروعة باتت في خطر ، وإثر تزايد اشتعال نيران الحقد والحسد في قلوبهم ، ومن أجلّ خداع الناس وإقناع أنفسهم عمدوا إلى مختلف الادّعاءات بمنطق زائف لمحاربة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومنها سؤالهم بتعجّب وإنكار( أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا ) .

ألم يجد الله شخصا آخر لينزل عليه قرآنه ، غير محمّد اليتيم والفقير ـ خاصّة

٤٥٥

وأنّ فينا الكثير من الشيبة وكبار السنّ الأثرياء المعروفون.

هذا المنطق لم يكن منحصرا بذلك الزمان فقط ، وإنّما يتعدّاه إلى كلّ عصر وزمان ، وحتّى في زماننا ، فإن تولّى شخص ما مسئولية مهمّة طفحت قلوب الآخرين بالغيظ والحسد ، وبدأت ألسنتهم بالثرثرة وتوجيه النقد والطعن : ألم يكن هناك شخص آخر حتّى توكّل هذه المهمة بالشخص الفلاني الذي هو من عائلة فقيرة وغير معروفة؟

نعم ، فأهل الكتاب من اليهود والنصارى يشتركون بعض الشيء مع المسلمين ، ولكن حبّ الدنيا من جهة ، وحسدهم من جهة اخرى ، تسبّبا في أنّ يبتعدوا عن الإسلام والقرآن ، ويقولوا إلى عبدة الأصنام : إنّ الطريق الذي تسلكونه أفضل من الطريق الذي سلكه المؤمنون( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً ) .(١)

من البديهي أنّ إشكال التعجّب والإنكار المتولّدة عن الخطأ في «تحديد القيم» إضافة إلى الحسد وحبّ الدنيا ، لا يمكن أن تكون معيارا منطقيا في القضاء ، فهل أنّ شخصيّة الإنسان تحدّد باسمه أو مقدار ماله أو مقامه أو حتّى سنّه؟ وهل أنّ الرحمة الإلهيّة تقسّم على أساس هذا المعيار؟

لهذا فإنّ تتمّة الآية تقول : إنّ مرض أولئك شيء آخر ، إنّهم في حقيقة الأمر يشكّكون في أمر الوحي وأمر الله( بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي ) .

ملاحظاتهم التي لا قيمة لها على شخصيّة الرّسول ما هي إلّا أعذار واهية ، وشكّهم وتردّدهم في هذه المسألة ليس بسبب وجود إبهام في القرآن المجيد ، وإنّما بسبب أهوائهم النفسية وحبّ الدنيا وحسدهم.

وفي نهاية الأمر فإنّ القرآن الكريم يهدّدهم بهذه الآية( بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ ) أي إنّ هؤلاء لم يذوقوا العذاب الإلهي ، ولهذا السبب جسروا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) النساء ، ٥١.

٤٥٦

ودخلوا المعركة ضدّ الوحي الإلهي بهذا المنطق الأجوف.

نعم ، فهناك مجموعة من الناس لا ينفع معها المنطق والكلام ، ولكن سوط العذاب هو الوحيد الذي يحطّ من تكبّرهم وغرورهم ، لذا يجب أن يعاقب أولئك بالعقاب الإلهي كي يشفوا من مرضهم.

ويضيف القرآن الكريم في الردّ عليهم : هل يمتلكون خزائن الرحمة الإلهيّة كي يهبوا أمر النبوّة لمن يرغبون فيه ، ويمنعونها عمّن لا يرغبون فيه؟( أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ) .

فالله سبحانه وتعالى بمقتضى كونه (ربّ) هذا الكون ومالكه ، وبارئ عالم الوجود وعالم الإنسانية ، ينتخب لتحمل رسالته شخصا يستطيع قيادة الأمّة إلى طريق التكامل والتربية. وبمقتضى كونه (العزيز) فإنّه لا يقع تحت تأثير الآخرين ويسلّم مقام الرسالة إلى أشخاص غير لائقين ، فمقام النبوّة عظيم ، والله سبحانه وتعالى هو صاحب القرار في منحه. ولكونه (الوهّاب) فإنّه ينفذ أيّ شيء يريده ، ويمنح مقام النبوّة لكلّ من يرى فيه القدرة على تحمّله.

ممّا يذكر أنّ كلمة (الوهّاب) جاءت بصيغة المبالغة ، وتعني كثير المنح والعطايا ، وهي هنا تشير إلى أنّ النبوّة ليست نعمة واحدة ، وإنّما هي نعم متعدّدة ، تتّحد فيما بينها لتمكّن صاحب هذا المقام الرفيع من أداء مهمّته ، وهذه النعم تشمل العلم والتقوى والعصمة والشجاعة والشهامة.

ونقرأ في الآية (٣٢) من سورة الزخرف نظير هذا الكلام ، قال تعالى :( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ) أي إنّهم يشكلون عليك بسبب نزول القرآن عليك ، فهل أنّهم هم المسؤولون عن تقسيم رحمة ربّ العالمين؟

هذا ويمكن الاستفادة من كلمة (رحمة) هنا في أنّ النبوّة إنّما هي رحمة ولطف ربّ العالمين بعالم الإنسانية ، وحقّا هي كذلك ، فلو لا بعث الأنبياء لخسر الناس الدنيا والآخرة ، كما خسرها أولئك الذين ابتعدوا عن نهج الأنبياء.

٤٥٧

الآية اللاحقة واصلت تناول نفس الموضوع ، ولكن من جانب آخر ، حيث قالت :( أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ ) .

هذا الكلام في حقيقته يعدّ مكمّلا للبحث السابق ، إذ جاء في الآية السابقة : إنّكم لا تمتلكون خزائن الرحمة الإلهية ، كي تمنحوها لمن تنسجم أهواؤه مع أهوائكم ، والآن تقول الآية التالية لها : بعد أن تبيّن أنّ هذه الخزائن ليست بيدكم ، وإنّما هي تحت تصرّف البارئعزوجل ، إذن فليس أمامكم غير طريق واحد ، وهو أن ترتقوا إلى السماوات لتمنعوا الوحي أن ينزل على رسول الله وإنّكم تعرفون أنّ تحقيق هذا الأمر شيء محال ، وأنتم عاجزون عن تنفيذه.

وعلى هذا ، فلا «المقتضي» تحت اختياركم ، ولا القدرة على إيجاد «المانع» ، فما ذا يمكنكم فعله في هذا الحال؟ إذا ، موتوا بغيظكم وحسدكم ، وافعلوا ما شئتم

وبهذا الشكل فإنّ الآيتين لا تكرّران موضوعا واحدا كما توهّمه مجموعة من المفسّرين ، بل إنّ كلّ واحدة منهما تتناول جانبا من جوانب الموضوع.

الآية الأخيرة في بحثنا جاءت بمثابة تحقير لأولئك المغرورين السفهاء ، قال تعالى :( جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ ) (١) فهؤلاء جنود قلائل مهزومين

«هنالك» إشارة للبعيد ، وبسبب وجودها في الآية ، فقد اعتبر بعض المفسّرين أنّها إشارة إلى هزيمة المشركين في معركة بدر ، التي دارت رحاها في منطقة بعيدة بعض الشيء عن مكّة المكرّمة.

واستخدام كلمة (الأحزاب) هنا إشارة حسب الظاهر إلى كلّ المجموعات التي وقفت ضدّ رسل الله ، والذين أبادهم الباريعزوجل ، ومجتمع مكّة المشرك هو مجموعة صغيرة من تلك المجموعات ، والذي سيبتلى بما ابتلوا به (الشاهد على

__________________

(١) (ما) تعدّ زائدة في هذه العبارة ، إنّما جاءت للتحقير والتقليل ، و (جند) خبر لمبتدأ محذوف ، و (مهزوم) خبر ثان والعبارة في الأصل هي (هم جند ما مهزوم من الأحزاب) والبعض يعتقد بعدم وجود محذوف في الجملة و (جند) مبتدأ و (مهزوم) خبر ، ولكن الرأي الأوّل أنسب.

٤٥٨

هذا الحديث هو ما سيرد في الآيات القادمة التي تتطرّق لهذه المسألة).

ولا ننسى أنّ هذه السورة من السور المكيّة ، ونزلت في وقت كان فيه عدد المسلمين قليلا جدّا ، بحيث كان من اليسير على المشركين أن يبيدوهم بسهولة ، قال تعالى :( تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ) .(١)

وفي ذلك اليوم لم تكن هنالك أيّة دلائل توضّح إمكانية انتصار المسلمين ، حيث لم تكن المعارك قد وقعت ، ولا الانتصارات في بدر والأحزاب وحنين قد تحقّقت.

ولكن القرآن قال بحزم إنّ هؤلاء الأعداء ـ الذين هم مجموعة صغيرة ـ سيهزمون في نهاية المطاف.

واليوم يبشّر القرآن الكريم مسلمي العالم المحاصرين من كلّ الجهات من قبل القوى المعتدية والظالمة بنفس البشائر التي بشّر بها المسلمين قبل (١٤٠٠) عام ، في أنّ الله سبحانه وتعالى سينجز وعده في هزيمة جند الأحزاب ، إن تمسّك مسلمو اليوم بعهودهم تجاه الله كما تمسّك بها المسلمون الأوائل.

* * *

__________________

(١) سورة الأنفال ، ٢٦.

٤٥٩

الآيات

( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (١٤) وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ (١٥) وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (١٦) )

التّفسير

تكفيهم صيحة سماوية واحدة :

تتمّة للآية الآنفة الذكر ، التي بشّرت بهزيمة المشركين مستقبلا ، ووصفتهم بأنّهم مجموعة صغيرة من الأحزاب ، تناولت آيات بحثنا الحالي بعض الأحزاب التي كذّبت رسلها ، وبيّنت المصير الأليم الذي كان بانتظارها.

إذ تقول ، إنّ أقوام نوح وعاد وفرعون ذي الأوتاد كانت قد كذّبت قبلهم بآيات الله ورسله( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ ) .

كذلك أقوام ثمود ولوط وأصحاب الأيكة ـ أي قوم شعيب ـ كانت هي الاخرى

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

الهداية العامّة

الهداية العامّة من الله سبحانه تعمّ كل الموجودات عاقلها وغير عاقلها، وهي على قسمين :

أ ـ الهداية العامة التكوينيّة: والمراد منها خلق كل شيء وتجهيزه بما يهديه إلى الغاية التي خلق لها، قال سبحانه حاكياً كلام النبي موسى٧ :( رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ ) ( طه / ٥٠ ).

ومنح كلّ موجود إمكانية توصله إلى الكمال، فالنبات مجهّز بأدقّ الأجهزة التي توصله في ظروف خاصة إلى تفتّح طاقاته ; فالحبّة المستورة تحت الأرض ترعاها أجهزة داخلية وعوامل خارجية كالماء والنور إلى أن تصير شجرة مثمرة معطاءة. ومثله الحيوان والإنسان، فهذه الهداية عامّة لجميع الأشياء ليس فيها تبعيض وتمييز.

قال سبحانه:( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى *الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ *وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ) ( الأعلى / ١ ـ ٣ ).

وقال سبحانه:( أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ *وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ *وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) ( البلد / ٨ ـ ١٠ ).

وقال سبحانه:( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا *فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) ( الشمس / ٧ و ٨ ).

إلى غير ذلك من الآيات الواردة حول الهداية التكوينية التي ترجع حقيقتها إلى الهداية النابعة من حاق ذات الشيء بما أودع الله فيه من الأجهزة والإلهامات التي توصله إلى الغاية المنشودة والطريق المَهْيع، من غير فرق بين المؤمن والكافر. قال سبحانه:( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ) ( الروم / ٣٠ ).

٥٠١

فهذا الفيض الإلهي الذي يأخذ بيد كل ممكن في النظام، عام لا يختص بموجود دون موجود، غير أنّ كيفية الهداية والأجهزة الهادية لكل موجود تختلف حسب اختلاف درجات وجوده. وقد أسماه سبحانه في بعض الموجودات « الوحي » وقال سبحانه:( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ *ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) ( النحل / ٦٨ و ٦٩ ).

ومن الهداية التكوينية في الإنسان العقل الموهوب له، الذي يرشده إلى معالم الخير والصلاح، وما ورد في الذكر الحكيم من الآيات الحادثة على التعقّل والتفكّر والتدبّر خير دليل على وجود هذه الهداية العامّة في أفراد الإنسان وإن كان قسم منه لا يستضيء بنور العقل ولا يهتدي بالتفكّر والتدبّر.

ب ـ الهداية العامّة التشريعية: إذا كانت الهداية التكوينية العامّة أمراً نابعاً من ذات الشيء بما أودع الله فيه من أجهزة تسوقه إلى الخير والكمال، فالهداية التشريعية العامّة عبارة عن الهداية الشاملة للموجود العاقل المدرك، المفاضة عليه بتوسّط عوامل خارجة عن ذاته، وذلك كالأنبياء والرسل والكتب السماوية وأوصياء الرسل وخلفائهم والعلماء والمصلحين وغير ذلك من أدوات الهداية التشريعية العامّة التي تعمّ جميع المكلّفين. قال سبحانه:( وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إلّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) ( فاطر / ٢٤ ).

وقال سبحانه:( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) ( الحديد / ٢٥ ).

وقال سبحانه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ( النساء / ٥٩ ).

٥٠٢

وقال سبحانه:( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إلّا رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ( الأنبياء / ٧ ). وأهل الذكر في المجتمع اليهودي هم الأحبار، والمجتمع المسيحي هم الرُهْبان.

إلى غير ذلك من الآيات الواردة في القرآن الكريم التي تشير إلى أنَّه سبحانه هدى الإنسان ببعث الرسل، وإنزال الكتب، ودعوته إلى إطاعة أُولي الأمر والرجوع إلى أهل الذكر.

قال سبحانه مصرّحاً بأنَّ النبي الأكرم٩ هو الهادي لجميع أُمّته:( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) ( الشورى / ٥٢ ).

وقال سبحانه في هداية القرآن إلى الطريق الأقوم:( إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) ( الأسراء / ٩ ).

هذا، وإنّ مقتضى الحِكْمَة الإلهية أن يعمّ هذا القسم من الهداية العامّة جميع البشر، ولا يختصّ بجيل دون جيل ولا طائفة دون طائفة.

والهداية العامّة بكلا قسميها في مورد الإنسان، ملاك الجبر والإختيار، فلو عمّت هدايته التكوينية والتشريعية في خصوص الإنسان كل فرد منه لارتفع الجبر، وساد الإختيار، لأنَّ لكل إنسان أن يهتدي بعقله وما حَفَّهُ سبحانه به من عوامل الهداية من الأنبياء والرسل والمزامير والكتب وغير ذلك.

ولو كانت الهداية المذكورة خاصّة بأُناس دون آخرين، وأنَّه سبحانه هدى أُمّة ولم يهدِ أُخرى، لكان لتوهّم الجبر مجال وهو وَهْم واه، كيف وقد قال سبحانه:( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً ) ( الأسراء / ١٥ ). وقال سبحانه:( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً ) ( القصص / ٥٩ ). وغير ذلك من الآيات التي تدلّ على أنَّ نزول العذاب كان بعد بعث الرسول وشمول الهداية العامّة للمُعَذّبين والهالكين، وبالتالي يدلّ على أنَّ من لم تبلغه تلك الهداية لا يكون مسؤولاً إلّا بمقدار ما يدلّ عليه عقله ويرشده إليه لبّه.

٥٠٣

الهداية الخاصّة

وهناك هداية خاصّة تختصّ بجملة من الأفراد الذين استضاؤا بنور الهداية العامّة تكوينها وتشريعها، فتشملهم العناية الخاصّة منه سبحانه.

ومعنى هذه الهداية هو تسديدهم في مزالق الحياة إلى سبل النجاة، وتوفيقهم للتزوّد بصالح الأعمال، ويكون معنى الإضلال في هذه المرحلة هو منعهم من هذه المواهب، وخذلانهم في الحياة، ويدلّ على ذلك ( إنَّ هذه الهداية خاصة لمن استفاد من الهداية الاُولى )، قوله سبحانه:( إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) ( الرعد / ٢٧ ). فعلّق الهداية على من اتّصف بالإنابة والتوجّه إلى الله سبحانه.

وقال سبحانه:( اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ) ( الشورى / ١٣ ).

وقال سبحانه:( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ ) ( العنكبوت / ٢٩ ). فمن أراد وجه الله سبحانه يمدّه بالهداية إلى سبله.

وقال سبحانه:( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى ) ( محمد / ١٧ ).

وقال سبحانه:( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى *وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ) ( الكهف / ١٣ و ١٤ ).

وكما أنَّه علّق الهداية هنا على من جعل نفسه في مهب العناية الخاصّة، علّق الضلالة في كثير من الآيات على صفات تشعر باستحقاقه الضلال والحرمان من الهداية الخاصّة.

قال سبحانه:( وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ( الجمعة / ٥ ).

وقال سبحانه:( وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ ) ( إبراهيم / ٢٧ ).

٥٠٤

وقال سبحانه:( وَمَا يُضِلُّ بِهِ إلّا الْفَاسِقِينَ ) ( البقرة / ٢٦ ).

وقال سبحانه:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إلّاطَرِيقَ جَهَنَّمَ ) ( النساء / ١٦٨ و ١٦٩ ).

وقال سبحانه:( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) ( الصف / ٥ ).

فالمراد من الإضلال هو عدم الهداية لأجل عدم استحقاق العناية والتوفيق الخاص، لأنّهم كانوا ظالمين وفاسقين، كافرين ومنحرفين عن الحق. وبالمراجعة إلى الآيات الواردة حول الهداية والضلالة يظهر أنَّه سبحانه لم ينسب في كلامه إلى نفسه إضلالاً إلّا ما كان مسبوقاً بظلم من العبد أو فسق أو كفر أو تكذيب ونظائرها التي استوجبت قطع العناية الخاصّة وحِرمانه منها.

إذا عرفت ما ذكرنا، تقف على أنَّ الهداية العامّة التي بها تناط مسألة الجبر والإختيار عامّة شاملة لجميع الأفراد، ففي وسع كل إنسان أن يهتدي بهداها. وأمّٰا الهداية الخاصة والعِناية الزائدة فتختصّ بطائفة المنيبين والمستفيدين من الهداية الاُولى. فما جاء في كلام المستدل من الآيات من تعليق الهداية والضلالة على مشيئته سبحانه ناظرٌ إلى القسم الثاني لا الأوّل.

أمّا القسم الأوّل فلأنّ المشيئة الإلهية تعلّقت على عمومها بكل مكلّف بل بكل إنسان، وأمّا الهداية فقد تعلّقت مشيئته بشمولها لصنف دون صنف، ولم تكن مشيئته مشيئة جزافية، بل المِلاك في شمولها لصنف خاص هو قابليته لشمول تلك الهداية، لأنَّه قد استفاد من الهدايتين التكوينية والتشريعية العامّتين، فاستحقّ بذلك اللطف الزائد.

كما أنَّ عدم شمولها لصنف خاص ما هو إلّا لأجل اتّصافهم بصفات رديئة لا يستحقّون معها تلك العِناية الزائدة.

٥٠٥

ولأجل ذلك نرى أنَّه سبحانه بعد ما يقول:( فَيُضِلُّ اللهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ) ، يذيّله بقوله:( وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) ( إبراهيم / ٤ )، مشعراً بأنَّ الإضلال والهداية كانا على وفاق الحكمة، فهذا استحقّ الإضلال وذاك استحقّ الهداية.

بقي هنا سؤال، وهو إنَّ هناك جملة من الآيات تعرب عن عدم تعلّق مشيئته سبحانه بهداية الكل، قال سبحانه:( وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهُدَىٰ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ ) ( الأنعام / ٣٥ ).

وقال سبحانه:( وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ) ( الأنعام / ١٠٧ ).

وقال سبحانه:( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ) ( يونس / ٩٩ ).

وقال سبحانه:( وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) ( النحل / ٩ ).

وقال سبحانه:( وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ) ( السجدة / ١٣ ).

والجواب: إنَّ هذه الآيات ناظرة إلى الهداية الجبرية بحيث تسلب عن الإنسان الإختيار والحرية فلا يقدر على الطرف المقابل، ولـمـّا كان مثل هذه الهداية الخارجة عن الإختيار منافياً لحكمته سبحانه، ولا يوجب رفع منزلة الإنسان، نفى تَعَلُّق مشيئته بها، وإِنَّما يُقَدَّرُ الإيمان الذي يستند إلى اختيار المرء، لا إلى الجبر.

* * *

بلغ الكلام هنا صبيحة يوم الثلاثاء ثاني ربيع الأوّل عام ١٤١٠ ه‍ ق بيد مؤلّفه « جعفر السبحاني » ابن الفقيه الشيخ « محمد حسين السبحاني » عاملهما الله بلطفه الخفي.

٥٠٦

٥٠٧

فهرس الكتاب

الموضوع

رقم الصحفة

مقدّمة Error! Bookmark not defined.

التفكّر العقلي والاستدلال المنطقي في الذكر الحكيم Error! Bookmark not defined.

الاختلاف في الأسماء والصفات سبب تعدّد الديانات Error! Bookmark not defined.

الإنسان يأنس المحاكاة والتشبيه Error! Bookmark not defined.

المشبّهة Error! Bookmark not defined.

المعطّلة Error! Bookmark not defined.

المعطّلة بثوبها الجديد Error! Bookmark not defined.

بين التشبيه والتعطيل Error! Bookmark not defined.

الإستدلال بالأقيسة العقليّة المنطقيّة Error! Bookmark not defined.

مطالعة الكون وآيات وجوده Error! Bookmark not defined.

المعرفة عن طريق الوحي Error! Bookmark not defined.

المعرفة عن طريق الكشف والشهود Error! Bookmark not defined.

أسماؤه وصفاته في القرآن الكريم، الفرق بين الإسم والصفة ٣١

ما هو المختار في الفرق بين أسماءه وصفاته Error! Bookmark not defined.

الأسماء والصفات عند أهل المعرفة ٣٣

هل الإسم نفس المسمّى أو غيره Error! Bookmark not defined.

بيان آخر لوحدة الاسم والمسمّى Error! Bookmark not defined.

هل اسماؤه توقيفية أو لا ؟ Error! Bookmark not defined.

الروايات وتوقيفية الأسماء Error! Bookmark not defined.

بساطة الذات وكثرة الأسماء Error! Bookmark not defined.

بيان آخر لوحدة الصفات Error! Bookmark not defined.

٥٠٨

الموضوع

رقم الصحفة

تقسيم صفاته إلى الجماليّة والجلاليّة Error! Bookmark not defined.

تقسيم صفاته إلى الذاتيّة والفعليّة Error! Bookmark not defined.

تعريف آخر للذاتية والفعلية Error! Bookmark not defined.

تقسيم صفاته إلى نفسية وإضافية ٥٧

تقسيم آخر منسوب إلى أهل المعرفه Error! Bookmark not defined.

تقسيم صفاته إلى الذاتية والخبرية، تقسيمها إلى صفات اللطف والقهر Error! Bookmark not defined.

الأسماء العامّة والخاصّة Error! Bookmark not defined.

هل الإسم الأعظم من قبيل الألفاظ ؟ ٦٠

صفاته عين ذاته لا زائدة عليه Error! Bookmark not defined.

أدلّة القائلين بعينية صفاته مع ذاته Error! Bookmark not defined.

الإرادة صفة الذات أو صفة الفعل ؟ رأي المعتزلة في الإرادة، الإرادة: الشوق النفسائي Error! Bookmark not defined.

الإرادة هي العزم والجزم، الإرادة الإمكانية تلازم الحدوث Error! Bookmark not defined.

الإرادة ملاك الإختيار Error! Bookmark not defined.

هل الإرادة صفة الذات أو صفة الفعل ؟ Error! Bookmark not defined.

الإشكال الأوّل: الإرادة أمر تدريجي حادث Error! Bookmark not defined.

إرادته سبحانه، علمه بالذات Error! Bookmark not defined.

إرادته سبحانه ابتهاجه بفعله Error! Bookmark not defined.

الإرادة: إعمال القدرة Error! Bookmark not defined.

إرادته، كونه مختاراً بالذات Error! Bookmark not defined.

٥٠٩

الموضوع

رقم الصحفة

الإشكال الثاني: الروايات تعدّ الإرادة من صفات الفعل Error! Bookmark not defined.

عصر الإمام الكاظم ٧ والمذاهب الكلامية Error! Bookmark not defined.

الإشكال الثالث: الإرادة يرد عليها النفي والإثبات Error! Bookmark not defined.

الإشكال الرابع: لو كانت الإرادة صفة للذات لزم قدم العالم Error! Bookmark not defined.

ما هو المراد من الحدوث الزماني للعالم ؟ Error! Bookmark not defined.

تكلّمه وكلامه سبحانه Error! Bookmark not defined.

نظرية المعتزلة Error! Bookmark not defined.

نظرية الحكماء Error! Bookmark not defined.

نظرية الأشاعرة Error! Bookmark not defined.

أسماؤه في القرآن والسنّة Error! Bookmark not defined.

أسماؤه في أحاديث أهل البيت: Error! Bookmark not defined.

أسماؤه سبحانه في أحاديث أهل السنّة Error! Bookmark not defined.

تفسير أسمائه الواردة في القرآن الكريم Error! Bookmark not defined.

حرف الالف، الإله، لفظ الجلالة عربي أو عبري Error! Bookmark not defined.

لفظ الجلالة مشتق أو لا ؟ Error! Bookmark not defined.

« اللهمّ » مكان « الله » Error! Bookmark not defined.

ما هو المقصود من « الإله » في الذكر الحكيم Error! Bookmark not defined.

خاتمة المطاف Error! Bookmark not defined.

الأحد Error! Bookmark not defined.

الأوّل والآخر Error! Bookmark not defined.

الأعلىٰ Error! Bookmark not defined.

٥١٠

الموضوع

رقم الصحفة

الأعلم Error! Bookmark not defined.

الأكرم Error! Bookmark not defined.

أرحم الراحمين Error! Bookmark not defined.

أحكم الحاكمين Error! Bookmark not defined.

أحسن الخالقين Error! Bookmark not defined.

أسرع الحاسبين، أهل التقوى وأهل المغفرة Error! Bookmark not defined.

الأبقىٰ Error! Bookmark not defined.

الأقرب Error! Bookmark not defined.

الإحاطة القيوميّة لا الإحاطة المكانيّة Error! Bookmark not defined.

ما هو المقصود من الأقربية ؟ Error! Bookmark not defined.

حرف الباء، البارئ Error! Bookmark not defined.

الباطن والظاهر Error! Bookmark not defined.

البديع Error! Bookmark not defined.

البر Error! Bookmark not defined.

البصير والسميع Error! Bookmark not defined.

تفسير كونه سميعاً وبصيراً Error! Bookmark not defined.

حرف التاء، التوّاب Error! Bookmark not defined.

حرف الجيم، الجبّار Error! Bookmark not defined.

الجبّار: العالي الذي لا ينال، الجبار: العظيم الشأن في الملك Error! Bookmark not defined.

الجبّار: من يصلح الشيء بضرب من القهر Error! Bookmark not defined.

٥١١

الموضوع

رقم الصحفة

الجامع Error! Bookmark not defined.

حرف الحاء Error! Bookmark not defined.

الحسيب Error! Bookmark not defined.

الحفيظ Error! Bookmark not defined.

الحفيّ Error! Bookmark not defined.

الحكيم Error! Bookmark not defined.

الحكيم: المتقن فعله Error! Bookmark not defined.

الحكيم: المنزّه عن فعل ما لا ينبغي Error! Bookmark not defined.

ما هو المراد من الحسن والقبح العقليين Error! Bookmark not defined.

العقل النظري والعقل العملي Error! Bookmark not defined.

الحكمة العمليّة وقضاياها الواضحة Error! Bookmark not defined.

الانسان وقوى الخير والشر Error! Bookmark not defined.

الاُصول الأخلاقية الثابتة، الاُصول الثابتة في الشرائع السماوية Error! Bookmark not defined.

القرآن وكونه سبحانه حكيماً Error! Bookmark not defined.

الحق Error! Bookmark not defined.

توصيف الفعل بالحق، أفعاله سبحانه معلّلة بالأغراض Error! Bookmark not defined.

الحليم Error! Bookmark not defined.

الحميد Error! Bookmark not defined.

الحيّ Error! Bookmark not defined.

الحياة ومراتبها Error! Bookmark not defined.

حرف الخاء، الخالق Error! Bookmark not defined.

الخلاّق، الخبير Error! Bookmark not defined.

٥١٢

الموضوع

رقم الصحفة

الخير Error! Bookmark not defined.

النظرة الأنانية إلى الظواهر Error! Bookmark not defined.

الشر أمر انتزاعي قياسي نسبي Error! Bookmark not defined.

المصائب وسيلة لتفجير القابليات Error! Bookmark not defined.

المصائب والبلايا جرس إنذار Error! Bookmark not defined.

البلايا سبب للعودة إلى الحق Error! Bookmark not defined.

خير الحاكمين Error! Bookmark not defined.

خير الراحمين، خير الرازقين Error! Bookmark not defined.

خير الغافرين، خير الفاتحين، خير الفاصلين Error! Bookmark not defined.

خير الماكرين Error! Bookmark not defined.

خير المنزلين Error! Bookmark not defined.

خير الناصرين، خير الوارثين Error! Bookmark not defined.

خير حافظاً Error! Bookmark not defined.

حرف الذال، ذوانتقام Error! Bookmark not defined.

ذو الجلال والإكرام Error! Bookmark not defined.

ذو الرحمة Error! Bookmark not defined.

ذو العرش Error! Bookmark not defined.

ذو عقاب Error! Bookmark not defined.

ذو القوّة Error! Bookmark not defined.

ذو المعارج Error! Bookmark not defined.

ذو مغفرة Error! Bookmark not defined.

٥١٣

الموضوع

رقم الصحفة

حرف الراء، ربّ العرش Error! Bookmark not defined.

الرحمن والرحيم Error! Bookmark not defined.

الرؤوف Error! Bookmark not defined.

الرزّاق Error! Bookmark not defined.

رفيع الدرجات Error! Bookmark not defined.

الرقيب Error! Bookmark not defined.

حرف السين، سريع الحساب Error! Bookmark not defined.

سريع العقاب Error! Bookmark not defined.

السلام Error! Bookmark not defined.

حرف الشين، الشاكر Error! Bookmark not defined.

الشكور، شديد العقاب Error! Bookmark not defined.

شديد العذاب، شديد المحال Error! Bookmark not defined.

الشهيد Error! Bookmark not defined.

حرف الصاد، الصمد Error! Bookmark not defined.

حرف الظاء، الظاهر Error! Bookmark not defined.

حرف العين، عالم الغيب والشهادة Error! Bookmark not defined.

عالم غيب السموات والأرض، علاّم الغيوب Error! Bookmark not defined.

٥١٤

الموضوع

رقم الصحفة

العليم Error! Bookmark not defined.

العلم Error! Bookmark not defined.

ما هي حقيقة العلم Error! Bookmark not defined.

نماذج من العلم الحضوري Error! Bookmark not defined.

مفهوم الإنسان الكلّي Error! Bookmark not defined.

مفهوم الجنس والنوع Error! Bookmark not defined.

تعريف العلم بوجه آخر Error! Bookmark not defined.

علمه سبحانه بذاته Error! Bookmark not defined.

العلم بالذات يستلزم التغاير بين العلم والمعلوم Error! Bookmark not defined.

علمه سبحانه بالأشياء قبل الإيجاد Error! Bookmark not defined.

بسيط الحقيقة كلّ الأشياء Error! Bookmark not defined.

علمه سبحانه بالأشياء بعد الإيجاد، قيام الأشياء به يستلزم علمه بها Error! Bookmark not defined.

سعة وجوده دليل على علمه بالأشياء Error! Bookmark not defined.

إتقان المصنوع دليل علمه Error! Bookmark not defined.

مراتب علمه سبحانه Error! Bookmark not defined.

القضاء من مراتب علمه Error! Bookmark not defined.

شمول علمه تعالى للجزئيات Error! Bookmark not defined.

إثبات علمه سبحانه بالجزئيات Error! Bookmark not defined.

حضور الممكن لدى الواجب في كل حين ٣٤١

التعبير القرآني الرفيع عن سعة علمه Error! Bookmark not defined.

دلائل النافين لعلمه سبحانه بالجزئيات Error! Bookmark not defined.

العلم بالجزئيات يلازم التغيّر في علمه ٣٤٧

العلم بالجزئيات يستلزم الكثرة في الذات Error! Bookmark not defined.

انقلاب الممكن واجباً ٣٥١

٥١٥

الموضوع

رقم الصحفة

العظيم Error! Bookmark not defined.

العزيز Error! Bookmark not defined.

العفو Error! Bookmark not defined.

العليّ Error! Bookmark not defined.

حرف الغين، غافر الذنب Error! Bookmark not defined.

الغالب Error! Bookmark not defined.

الغفّار Error! Bookmark not defined.

الغنيّ Error! Bookmark not defined.

الغفور Error! Bookmark not defined.

حرف الفاء، الفاطر Error! Bookmark not defined.

فالق الإصباح Error! Bookmark not defined.

فالق الحبّ والنّوى Error! Bookmark not defined.

الفتّاح Error! Bookmark not defined.

حرف القاف، القائم على كل نفس بما كسب Error! Bookmark not defined.

قابل التوب، القادر Error! Bookmark not defined.

القدير Error! Bookmark not defined.

تعريف القدرة Error! Bookmark not defined.

دلائل قدرته سبحانه، الفطرة Error! Bookmark not defined.

٥١٦

الموضوع

رقم الصحفة

مطالعة النظام الكوني ٣٨٢

معطي الكمال لا يكون فاقداً له ٣٨٣

سعة قدرته لكلّ شيء ٣٨٤

تحليل القول بعموم القدرة الإلهية ٣٨٦

عدم قدرته على فعل القبيح ٣٨٩

عدم قدرته تعالى على خلاف معلومه ٣٩٠

عدم قدرته تعالى على مثل مقدور العبد ٣٩٢

عدم قدرته تعالى على عين مقدور العبد ٣٩٤

سعة القدرة بمعنيين ٣٩٦

القاهر ٤٠٢

القهّار ٤٠٣

القدّوس ٤٠٦

القريب، القويّ ٤٠٨

القيّوم ٤١٠

حرف الكاف، الكافي، الكبير ٤١٣

الكريم ٤١٥

حرف اللام، اللطيف ٤١٧

كلام في رؤيته سبحانه ٤٢٠

ما هي حقيقة الرؤية ؟ ٤٢١

تقرير أدلة المنكرين بوجوه أربعة ٤٢٢

٥١٧

الموضوع

رقم الصحفة

القرآن يتلقّى الرؤية أمراً منكراً ٤٢٤

أدلة القائلين بالرؤية ٤٢٦

كلام لصاحب الكشّاف ٤٣٦

الرؤية القلبية ٤٣٩

حرف الميم، المؤمن ٤٤٣

مالك الملك ٤٤٤

مالك يوم الدين ٤٤٩

المبين ٤٥١

المتَعال ٤٥٣

المتكبّر ٤٥٤

المتين ٤٥٦

المجيب، المجيد ٤٥٧

المحيط ٤٥٨

المحيي ٤٥٩

المستعان ٤٦٠

المصوّر ٤٦١

المقتدر ٤٦٤

المقيت ٤٦٤

الملك ٤٦٥

المولى ٤٦٦

المهيمن ٤٦٩

٥١٨

الموضوع

رقم الصحفة

حرف النون، النصير ٤٧١

النور ٤٧٢

حرف الواو، الواحد ٤٧٥

معنى كونه واحداً ٤٧٧

أدلّة الوحدانية، التعدد يستلزم التركيب ٤٧٩

الوجود اللامتناهي لا يقبل التعدّد ٤٨٠

صرف الوجود لا يتثنّى ولا يتكرّر ٤٨٣

خرافة التثليث: الأب والابن وروح القدس ٤٨٥

تسرّب خرافة التثليث إلى النصرانية ٤٨٨

القرآن ونفي التثليث ٤٩٠

الواسع ٤٩٢

الوالي، الودود ٤٩٣

الوكيل ٤٩٤

الولي ٤٩٦

الوهّاب ٤٩٧

حرف الهاء، الهادي ٤٩٩

ما معنى كون الهداية والضلالة بيده سبحانه ٥٠٠

الهداية العامّة ٥٠١

الهداية الخاصّة ٥٠٤

٥١٩

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538