مفاهيم القرآن الجزء ٧

مفاهيم القرآن10%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-223-4
الصفحات: 581

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 581 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 273258 / تحميل: 6500
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٢٣-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

( قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا (١) أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ( القصص / ٤٩ ).

ويدلّ على هذه الحقيقة مضافاً إلى ذلك ما روي عن أبي السكيت أنّه قال لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام :

« لماذا بعث الله موسى بن عمرانعليه‌السلام بالعصا، ويده البيضاء، وآلة السحر ؟ وبعث عيسى بآلة الطب ؟ وبعث محمداً ـ صلى الله عليه وآله وسلّم وعلى جميع الأنبياء ـ بالكلام والخطب ؟.

فقال أبو الحسنعليه‌السلام : إنّ الله لـمّا بعث موسىعليه‌السلام كان الغالب على أهل عصره السحر، فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله، وما أبطل به سحرهم، وأثبت به الحجة عليهم. وانّ الله بعث عيسىعليه‌السلام في وقت قد ظهرت فيه الزمانات، واحتاج النّاس إلى الطب، فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيى لهم الموتى، وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله، وأثبت به الحجّة عليهم.

وانّ الله بعث محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام. وأظنّه قال: الشعر، فأتاهم من عند الله من مواعظه وحكمه ما أبطل به قولهم، وأثبت به الحجّة عليهم »(٢) .

أضف إلى ذلك أنّ نبوّة الرسول الأكرم نبوّة خالدة ورسالته رسالة أبدية فهو خاتم الأنبياء والمرسلين كما أنّ كتابه خاتم الكتب، ورسالته خاتمة الرسالات، فيجب أن تقترن الرسالة الأبديّة بمعجزة خالدة حتّى تتمّ الحجّة على مرّ الأجيال والعصور، ولا يختلق الجاهل عذراً يبرّر له رفضه لتلك الرسالة بعد رحيل الصادع بها، وتباعد العهد وطول الشقّة الزمنيّة.

__________________

(١) الضمير راجع إلى التوراة والقرآن.

(٢) الكافي: ج ١ « كتاب العقل والجهل » الرواية ٢٠.

١٦١

كلّ ذلك كان حافزاً لدعم دعوة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالقرآن الكريم الّذي ما أفلت أنواره منذ أن بزغ نجمه في أوّل مرّة.

٧ ـ لماذا لا ينزلّ عليه ملك ؟!

وهذا الإعتراض يحكيه عنهم قوله سبحانه:( وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ) ( الأنعام / ٨ ) وما كانوا يقصدون به أنّه لماذا لا ينزل الملك إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّه كان يدّعي نزول الملك عليه والقرآن أيضاً يصدّقه في ذلك بقوله:( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ *عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ ) ( الشعراء / ١٩٣ و ١٩٤ ).

وقال سبحانه:( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ *ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ *مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ) ( التكوير / ١٩ ـ ٢١ ) إلى غير ذلك من الآيات الصريحة في أنّ الوحي ينزل على النّبيّ بتوسّط الملك، ومع هذا التصريح فما معنى قوله:( لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ) ؟.

أقول: إنّ الاقتراحات الّتي تقدّم بها المشركون في نزول الملك معه أو إليه كانت على أنحاء:

الأوّل: إنّهم كانوا يطلبون المشاركة في امتيازات مقام النبوّة ويقولون: إنّه لو صحّ نزول الملك على النبيّ فلماذا لا ينزل علينا مباشرة على جهة الاستقلال ؟ وقد ورد في ذلك آيات نحو قوله تعالى:( وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا المَلائِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا ) ( الفرقان / ٢١ ) وقال سبحانه:( إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ إلّا تَعْبُدُوا إلّا اللهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ ) ( فصّلت / ١٤ ).

إنّ هذا القسم من الآيات مبني على إعتقادهم بأنّه لا يصحّ لأحد من البشر ولو كان أرقاهم عقلاً وخلقاً وأدباً أن يكون رسولاً وواسطة بين الله وعباده، لأنّهم يأكلون ويشربون وفي ذلك قال سبحانه حاكياً عنهم:( مَا هَٰذَا إلّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ *وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا

١٦٢

لَّخَاسِرُونَ ) ( المؤمنون / ٣٣ ـ ٣٤ ).

الثاني: كانوا يطلبون أن ينزل مع النبيّ ملكٌ يصدّقه، وقد ورد هذا المعنى في عدّة آيات، قال سبحانه:( وَقَالُوا مَالِ هَٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ) ( الفرقان / ٧ ) فالغاية من نزول الملك إلى النبي كونه نذيراً معه ومصدّقاً له، قال سبحانه:( فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ المَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ) ( الزخرف / ٥٣ ) وقال سبحانه:( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) ( هود / ١٢ ).

وعلى ذلك يحمل قوله سبحانه:( وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ ) ( الأنعام / ٨ ).

ويحتمل أن يكون المراد مشاهدة الملك معه فقط سواء أنذر معه أو لا ؟ فيدخل في القسم الثالث الآتي.

ثمّ إنّ إنزال الملك مع النبيّ ليصدّق دعوته وينذر معه يتصوّر على وجهين:

أ ـ أن ينزل الملك بصورته الواقعية ـ وسيوافيك في القسم الثالث ـ إنّ نتيجة ذلك هو موت المنذرين لأنّهم لا يحتملون رؤيته ومشاهدته بحسب طاقتهم البشريّة إلّا بالانسلاخ عن الماديّة والإنتقال إلى مرحلة أعلى منها.

ب ـ أن ينزل الملك لا بصورته الواقعيّة بل يتمثّل بصورة إنسان وهذا لا يفيد شيئاً لأنّهم باستطاعتهم أن يتّهمونه بأنّه بشر مثل النبيّ وليس بملك.

وبعبارة اُخرى: لو جعله ملكاً في صورة بشر لجزموا ببشريّته لأنّهم لا يدركون منه إلّا صورته الظاهرية وصفاته البشريّة التي تمثّل بها، وحينئذ لا يصدّقونه ويرجع الأمر كما كان في بادئ ذي بدء، وإليه يشير قوله سبحانه:( وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ ) ( الأنعام / ٩ ) أي لكان يلحقهم فيه من اللبس مثل ما

١٦٣

لحق، وهذا إحتجاج عليهم بأنّ الّذي طلبوه لا يزيدهم بياناً بل يكون الأمر عبثاً ولغواً لا طائل وراءه(١) .

الثالث: كانوا يطلبون مشاهدة الملك عياناً على أن يكون الإتيان بالملك، إحدى معاجزه مثل قوله سبحانه:( أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالمَلائِكَةِ قَبِيلاً ) ( الإسراء / ٩٢ )، قال سبحانه:( لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) ( الحجر / ٧ )، قال سبحانه:( وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ المَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ المَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إلّا أَن يَشَاءَ اللهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ) ( الأنعام / ١١١ ).

ويردّ القرآن على هذا الاحتجاج:( وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ ) ( الأنعام / ٨ ) أي يكون هلاكهم قطعيّاً على ما يوضّحه النص التالي:

إنّ نفوس المتوغّلين في عالم المادّة لا تطيق مشاهدة الملائكة لو نزلوا عليهم واختلطوا بهم لكون ظرفهم غير ظرف الملائكة فلو ارتفع الناس إلى المرتبة الوجودية للملائكة لم يكن ذلك إلّا إنتقالاً منهم من حضيض المادة إلى ذروة ما وراءها وهو الموت كما قال تعالى:( وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا المَلائِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا *يَوْمَ يَرَوْنَ المَلائِكَةَ لا بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا ) ( الفرقان / ٢١ و ٢٢ )(٢) . قال ابن عباس: ولو أتاهم ملك في صورته لأهلكناهم ثمّ لا يؤخّرون(٣) .

٨ ـ التفاؤل بغلبة فارس على الروم

قد نشبت حرب دامية بين الروم والفرس، والنبيّ والمسلمون بمكّة حوالي سنة سبع من البعثة، فغلبت الفرس على الروم فتفألت بذلك قريش بحجّة أنّ الفرس

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٢ ص ٧٦ و ٧٧.

(٢) الميزان: ج ٧ ص ١٦.

(٣) دلائل النبوّة للبيهقي: ج ٢ ص ٣٣٢.

١٦٤

وثنيّون والروم أهل كتاب فقالوا: الروم أهل كتاب وقد غلبتهم الفرس وأنتم تزعمون أنّكم ستغلبون بالكتاب الّذي اُنزل على نبيّكم فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم، فأنزل الله سبحانه:( ألم *غُلِبَتِ الرُّومُ *فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ *فِي بِضْعِ سِنِينَ للهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ *بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) ( الروم / ١ ـ ٥ ).

والآية تتضمن خبراً غيبياً بل خبرين حيث يخبر عن غلبة الروم على الفرس أوّلاً في بضع سنين أي في مدة لا تتجاوز تسع سنين، وأنّه في ذلك اليوم ينزل النصر على المؤمنين أيضاً وقد تحقّق الخبران يوم ظهر المسلمون على مشركي قريش يوم بدر. قال عطية: وسألت أبا سعيد الخدري عن ذلك فقال: التقينا مع رسول الله ومشركي العرب، والتقت الروم وفارس فنصرنا الله على مشركي العرب ونصر أهل الكتاب على المجوس ففرحنا بنصر الله إيّانا على مشركي العرب ونصر أهل الكتاب على المجوس، وذلك قوله:( يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ *بِنَصْرِ اللهِ ) (١) .

٩ ـ طلب رفع العذاب

لـمـّا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الناس إدباراً فقال: أللّهم سبع كسبع يوسف، فأخذتهم سنة حتى أكلوا الميتة والجلود والعظام، فجاءه أبوسفيان وناس من أهل مكّة فقالوا: يا محمّد، إنّك تزعم أنّك بعثت رحمة وأنّ قومك قدهلكوا فادع الله لهم، فدعا رسول الله فسقوا فأطبقت عليهم سبعاً، فشكى الناس كثرة المطر، فقال: أللّهم حوالينا ولا علينا، فانحدرت السحابة عن رأسه فسقى الناس حولهم(٢) .

وروى السيوطي: انّ قريشاً لـمّا استعصيت على رسول الله وأبطأؤا عن الإسلام قال: أللّهم أعنّي عليهم بسبع كسبع يوسف فأصابهم جهد وقحط حتّى أكلوا العظام

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٤ ص ٢٩٥.

(٢) دلائل النبوّة: ج ٢ ص ٣٢٦.

١٦٥

فجعل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجوع فأنزل الله:( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ *يَغْشَى النَّاسَ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ( الدخان / ١٠ و ١١ ) فاُتي النبيّ فقيل: يا رسول الله استسق الله لمضر، فاستسقى لهم فسقوا فأنزل الله:( إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ) ( الدخان / ١٥ )، فلمّا أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم فأنزل الله:( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ) ( الدخان / ١٦ ) فانتقم الله منهم يوم بدر(١) .

١٠ ـ كيف يمكن إحياء العظام البالية ؟

مشى اُبيّ بن خلف إلى رسول الله بعظم بال قد اُرفت فقال: يا محمّد إنّك تزعم أنّ الله يبعث هذا بعدما أرم ؟ ثمّ فتّه بيده، ثمّ نفخه في الريح، فقال رسول الله: نعم أنا أقول ذلك، يبعثه الله وإيّاك بعدما تكون هكذا ثمّ يدخلك الله النار، فأنزل الله تعالى فيه:( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ *قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ *الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ ) ( يس / ٧٨ ـ ٨٠ )(٢) .

١١ ـ هل المسيح حصب جهنّم ؟!

جلس رسول الله مع الوليد بن المغيرة في المسجد فجاء النضر بن الحارث، حتّى جلس معهم في المجلس وفي المجلس غير واحد من رجال قريش فتكلّم رسول الله، فعرض له النضر بن الحارث، فكلّمه رسول الله حتّى أفحمه ثمّ تلى عليه وعليهم:( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ *لَوْ كَانَ

__________________

(١) الدر المنثور: ج ٦ ص ٢٨.

(٢) السيرة النبويّة لابن هشام: ج ١ ص ٣٦١ و ٣٦٢. وسيوافيك جميع حججهم الواهية حول المعاد في الجزء المختص به بإذن الله، ولذلك آثرنا في المقام الإختصار.

١٦٦

هَٰؤُلاءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ *لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ ) ( الأنبياء / ٩٨ ـ ١٠٠ ).

فأقبل عبد الله بن الزبعري السهمي حتّى جلس فقال الوليد بن مغيرة لعبد الله ابن الزبعري: والله قد زعم محمّد إنّا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنّم. فقال عبد الله بن الزبعري: أمّا والله لو وجدته لخصمته، فسلوا محمداً أكلُّ ما يعبد من دون الله في جهنّم مع من عبده ؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيراً، والنّصارى تعبد عيسى بن مريم، فعجب الوليد ومع من كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعري ورأوا أنّه قد احتجّ وخاصم فذكر ذلك لرسول الله من قول ابن الزبعري فأنزل الله تعالى عليه:( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ *لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ ) ( الأنبياء / ١٠١ و ١٠٢ ) أي عيسى بن مريم وعزيراً ومن عبدوا من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله فاتّخذهم من يعبدهم من أهل الضلالة أرباباً من دون الله.

فنزل فيما يذكرون أنّهم يعبدون الملائكة، وإنّهنَّ بنات الله:( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ *لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ـ إلى قوله ـوَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذَٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) ( الأنبياء / ٢٦ ـ ٢٩ ).

ونزل في ما ذكر من أمر عيسى بن مريم أنّه يعبد من دون الله. وعجب الوليد ومن حضر من حجّته وخصومه( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ إِنْ هُوَ إلّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ *وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ *وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) ( الزخرف / ٥٧ و ٥٩ ـ ٦١ ).

* * *

١٦٧

خاتمة المطاف:

دعاء النّبيّ على سبعة من قريش

استقبل رسول الله البيت فدعا على نفر من قريش سبعة فيهم أبو جهل، واُميّة ابن خلف، وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن أبي معيط، قال عبد الله بن مسعود اُقسم بالله لقد رأيتهم صرعى على بدر، قد غيّرتهم الشمس وكان يوماً حارّاً(١) .

وقد نزلت آيات في حقّهم وحقّ غيرهم تقدّم بعضها وإليك البقية الباقية منها:

١ ـ لـمّا أرادت قريش البطش بالنبيّ أخذوا يتناولونه بالنبز واللمز والهمز وصور الاستهزاء المختلفة وجعل القرآن ينزل في قريش يخبر عن أعمالهم وعدائهم، فمنهم من سمّي لنا، ومنهم من لم يسمّ، وممّن سمّي لنا من قريش عمّه أبو لهب بن عبد المطلب وامرأته اُم جميل بنت حرب بن اُميّة، حمّالة الحطب، وإنّما سمّاها الله تعالى حمّالة الحطب، لأنّها كانت ـ تحمل الشوك فتطرحه على طريق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ حيث يمرّ، فأنزل الله تعالى فيهما:( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ *مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ *سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ *وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ *فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ) (٢) .

٢ ـ إنّ اُميّة بن خلف كان إذا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، همزه ولمزه، فأنزل الله تعالى فيه:( وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ *الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ *يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ *كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحُطَمَةُ *نَارُ اللهِ المُوقَدَةُ *الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ *إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ *فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ ) ( الهمزة / ١ ـ ٩ )(٣) .

__________________

(١) دلائل النبوة: ج ٢ ص ٣٣٥.

(٢) السيرة النبوية لابن هشام: ج ١ ص ٣٥٥.

(٣) المصدر السابق: ج ١ ص ٣٥٦.

١٦٨

٣ ـ لقى أبو جهل بن هشام رسول الله فقال له: والله يا محمّد لتتركنّ سب آلهتنا أو لنسبنّ إلهك الذي تعبد، فأنزل الله تعالى:( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) ( الأنعام / ١٠٨ )(١) .

لـمّا نزل قوله سبحانه:( سَأُصْلِيهِ سَقَرَ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ *لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ *لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ *عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ) ( المدثر / ٢٦ ـ ٣٠ )، قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم اُمّهاتكم أتسمعون ابن أبي كبيشة يخبركم بأنّ خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم الشجعان، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنّم، فقال أبو الأسد الجمحي: أنا أكفيكم سبعة عشر، عشرة على ظهري، وسبعة على بطني، فاكفوني أنتم اثنين، فنزل قوله:( وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إلّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إلّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ) ( المدثر / ٣١ )(٢) .

لـمـّا ذكر الله عزّ وجلّ شجرة الزقوم ترهيباً بها وقال:( أَذَٰلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ *إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ *إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الجَحِيمِ *طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ *فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ *إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ *ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى الجَحِيمِ ) ( الصافات / ٦٢ ـ ٦٨ ).

قال أبو جهل: يا معشر قريش، هل تدرون ما شجرة الزّقوم الّتي يخوّفكم بها محمّد ؟ قالوا: لا، قال: عجوة يثرب بالزبد، والله لئن استمكنّا منها لنتزقمنّها تزقّماً. فأنزل الله تعالى فيه:( إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ *طَعَامُ الأَثِيمِ *كَالمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ *كَغَلْيِ الحَمِيمِ ) ( الدخان / ٤٣ ـ ٤٦ ).

__________________

(١) المصد السابق: ج ١ ص ٣٥٧.

(٢) لاحظ مجمع البيان: ج ٥ ص ٣٨٨. والميزان: ج ٢٠ ص ١٧٠، والمقصود ما أخبرنا عن عدّتهم انّها تسعة عشر إلّا ليكون فتنة للذين كفروا، وفي الوقت نفسه يكون سبباً لاستيقان أهل الكتاب، لأنّهم يجدونه موافقًا لما جاء في كتابهم كما يكون سبباً لزيادة إيمان المؤمنين بسبب ما يجدون من تصديق أهل الكتاب ذلك.

١٦٩

قال ابن هشام: المهل كلّ شيء أذبته من نحاس أو رصاص، أو ما أشبه ذلك، فيما أخبرني أبا عبيدة: قال: كان عبد الله بن مسعود والياً لعمر بن الخطاب على بيت مال الكوفة وأنّه أمر يوماً بفضة فاُذيبت فجعلت تلوّن ألواناً، فقال: هل بالباب من أحد ؟ قالوا: نعم. قال: فاُدخلوهم، فاُدخلوا، فقال: إنّ أدنىٰ ما أنتم راوون شبهاً بالمهل كهذا(١) .

٤ ـ إنّ اُبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط كانا متصافيين، حسناً ما بينهما، فكان عقبة قد جلس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمع منه، فبلغ ذلك اُبيّاً، فأتى عقبة فقال ( له ): ألم يبلغني إنّك جالست محمّداً وسمعت منه وجهي من وجهك حرام أن اُكلّمك ـ واستغلظ من اليمين ـ إن أنت جلست إليه أو سمعت منه، أو لم تأته فتتفل في وجهه. ففعل ذلك عدو الله عقبة بن أبي معيط لعنه الله. فأنزل الله تعالى فيهما:( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ) إلى وقوله تعالى:( لِلإِنسَانِ خَذُولاً ) ( الفرقان / ٢٧ ـ ٢٩ ).

٥ ـ ابن أخنس بن شريف الذهبي حليف بني زهرة، كان من أشراف القوم وممّن يستمع منه، وكان يصيب من رسول الله ويرد عليه، فأنزل الله تعالى فيه:( وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ *هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ *مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ *عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ ) ( القلم / ١٠ ـ ١٣ ).

قال ابن هشام: ولم يقل « زنيم » لعيب في نسبه وإنّ الله لا يعيب أحداً بنسب ولكنّه حقّق بذلك نعته ليعرف. والزنيم: العديد ( الدعيّ ) للقوم(٢) .

٦ ـ إنّ العاص بن وائل كان من أعداء النبيّ وكان خبّاب بن الأرتّ، صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قيناً بمكّة يعمل السيوف، وكان قد باع من العاص بن وائل سيوفاً عملها له حتى كان عليه مال، فجاءه يتقاضى، فقال له

__________________

(١) السيرة النبوية: ج ١ ص ٣٦٢ و ٣٦٣.

(٢) السيرة النبويّة لابن هشام: ج ١ ص ٣٦٠.

١٧٠

يا خبّاب أليس يزعم محمد صاحبكم هذا الذي أنت على دينه أنّ في الجنة ما ابتغى أهلها من ذهب، أو فضّة، أو ثياب، أو خدم. قال خبّاب: بلى. قال: فانظرني إلى يوم القيامة يا خبّاب حتى أرجع إلى تلك الدار فاقضيك هنالك حقّك، فوالله لا تكون أنت وصاحبك يا خبّاب آثر عند الله منّي، ولا أعظم حظّاً في ذلك. فأنزل الله تعالى فيه:( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا *أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا *كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا *وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا ) ( مريم / ٧٧ ـ ٨٠ ).

٧ ـ وقف الوليد بن المغيرة مع رسول الله ورسول الله يكلّمه وقد طمع في إسلامه، فبينما هو في ذلك إذ مرّ به ابن اُم مكتوم الأعمى فكلّم الأعمى رسول الله وجعل يستقرئه القرآن، فشقّ ذلك منه على رسول الله حتى اُضجره وذلك أنّه شغله عمّا كان فيه من أمر الوليد وما طمع فيه من إسلامه، فلمّا أكثر عليه انصرف عنه عابساً وتركه، فأنزل الله تعالى فيه:( عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ *أَن جَاءَهُ الأَعْمَىٰ *وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ *أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَىٰ *أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ *فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ *وَمَا عَلَيْكَ إلّا يَزَّكَّىٰ *وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَىٰ *وَهُوَ يَخْشَىٰ *فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ *كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ *فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ ) ( عبس / ١ ـ ١٢ )(١) .

وما ذكره ابن هشام وغيره وان كان ينطبق على ظاهر الآيات ولكنّه لا يتفق مع خلق النبي الذي وصفه سبحانه بقول:( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) .

وفي بعض الروايات أنّ العباس المتولّي، رجل من بني اُميّة، كان عند النبي فدخل على النبي ابن اُم مكتوم فعبس الرجل وقبض وجهه فنزلت الآيات.

قال العلّامة الطباطبائي: وليست الآيات ظاهرة الدلالة على أنّ المراد بها هو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بل خبر محض لم يصرّح بالمخبر عنه، بل فيها ما يدل على أنّ المعنيُّ بها غيره، لأنّ العبوس ليس من صفات النبي ( صلى الله عليه

__________________

(١) السيرة النبويّة: ج ١ ص ٣٦٣، وأكثر التفاسير نقلوا هذا المضمون.

١٧١

وآله وسلم ) مع الأعداء فضلاً عن المؤمنين به والموالين له، وعلى كلّ تقدير، فإنّ توصيفه بأنّه يميل للأغنياء ويعرض عن الفقراء لا يتناسب مع أخلاقه الكريمة كما عن المرتضىرحمه‌الله .

وقد أوضحنا الحال في الجزء الخامس من هذه الموسوعة(١) .

٨ ـ كان العاص بن وائل السهمي ـ إذا ذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال: دعوه، فإنّما هو رجل أبتر لا عقب له، لو مات لانقطع ذكره واسترحتم منه، فأنزل الله في ذلك:( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) ما هو خير لك من الدنيا وما فيها، والكوثر: العظيم.

إنّ هذه الآية تتضمّن خبراً غيبيّاً وهو أنّه سيكثر نسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإنّ تعيير العدو يرجع إلى نفسه، وعلى الرغم من أنّ أهل بيته لاقوا من الاُمّة ما لاقوا من القتل والتشريد والتنكيل، ومع ذلك نجد نسل الرسول قد بلغ من التصّور ما بلغ. قال الرازي: « فانظر كم قتل من أهل البيت ثمّ العالم ممتلئ منهم ولم يبق من بين اُميّة في الدنيا أحد يعبأ به، ثمّ انظر كم فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضا: والنفس الزكية وأمثالهم »(٢) .

هذا ما يقوله الرازي في القرن السابع أو أواخر القرن السادس، ونحن في أوائل القرن الخامس عشر، وقد ملأ العالم نسل البتول، وهذه بلاد المغرب وتونس والجزائر ومصر والشام وتركيا وايران والعراق زاخرة بالشرفاء من أبناء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فصدق قول الله العلي العظيم:( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) .

إنّ منصب نقابة الطالبين في عصر الرضاعليه‌السلام وبعده إلى عصر الشريف الرضي الذي تصدّر هذا المنصب عام ٣٨٠ ه‍، لأوضح دليل على كثرة

__________________

(١) مفاهيم القرآن: ج ٥ ص ١٣٠ عند البحث عن عصمة النبي.

(٢) مفاتيح الغيب: ج ٨ ص ٤٩٨ ( طبع مصر ـ ١٣٠٨ ).

١٧٢

الطالبيين من نسل البتول إلى حد عيّن لهم نقيب كالإمام الرضا والشريف الرضي، والمسؤولية الملقاة على عاتقه، ضبط مواليدهم ووفياتهم وأنسابهم والقيام بمهام اُمورهم وهدايتهم وإرشادهم إلى ما فيه صلاح دنياهم وآخرتهم على حد ما ذكره الماوردي في كتاب الأحكام السلطانية(١) .

__________________

(١) الأحكام السلطانية: ص ٨٢ ـ ٨٦.

١٧٣

ج ـ الإقتراحات الباطلة لقبول الرسالة

الدارج والمألوف بين الدبلوماسيين إذا كانوا بصدد رفع ما بينهم من خصومة ومرافعة، هو الجلوس على طاولة المفاوضات وإبداء بعض التنازلات عن المصالح الجزئية لقاء الحفاظ على مصالح اُخرى أكثر أهميّة بالنسبة لهم مع سعيهم الحثيث للحفاظ على حرمة الاُصول المبدئية للطرفين.

ولكن القوم لتشبّثهم بما كانوا عليه، وغربتهم عن العلم باُصول دعوة الأنبياء وأهدافها السامية، كانوا يطلبون من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اُموراً مختلفة: منها ما يضاد الاُصول التي بنيت عليها الشرائع السماوية، ومنها ما يدخل في المحالات بالذات، ومنها ما هو خارج عن نطاق وظائف الرسل والأنبياء، ولا يمت بصدق دعوتهم ورسالتهم، وإليك جملة من هذه الطلبات التي تقدّموا بها على ضوء الكتاب العزيز:

١ ـ التشريك في العبادة

روى المفسّرون أنّ نفراً من قريش منهم الحارث بن قيس السهمي، والعاص ابن أبي وائل، والوليد بن المغيرة وغيرهم، قالوا: اتبع ديننا نتبع دينك، ونشركك في أمرنا كلّه، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، فإن كان الذي جئت به خيراً ممّا بأيدينا كنا قد شركناك فيه وأخذنا بحظّنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيراً ممّا في يديك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظّك منه، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : معاذ الله أن اُشرك به غيره. قالوا: فاستلم بعض آلهتنا نصدّقك ونعبد إلهك فقال: حتى انظر ما يأتي من عند ربي، فنزل:( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) فعدل رسول الله

١٧٤

صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش، فقام على رؤوسهم، ثمّ قرأ عليهم حتى فرغ من السورة فأيسوا عند ذلك، فآذوه وآذوا أصحابه، قال ابن عباس: وفيهم نزل قوله:( قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الجَاهِلُونَ ) ( الزمر / ٦٤ )(١) .

وروى أبو حفص الصائغ عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام قالوا: نعبد إلهك سنة وتعبد إلهنا سنة، فأنزل الله عليه:( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) (٢) .

نظراً لابتعاد هؤلاء عن النبوّة والأنبياء يخالون أنّ برامج الأنبياء في رسالاتهم برامج بشرية يسوغ لهم المساومة فيها وإبداء التنازلات عنها، ولأجل ذلك نزل الوحي رادّاً على تلك الفكرة الخاطئة وقال:( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ *لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ *وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ *وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ *وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ *لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) .

إنّ الدعوة إلى التوحيد في العبادة ورفض عبادة الغير هو الحجر الأساس الذي تهدف إليه الدعوة الإلهية المتمثّلة في رسالات الأنبياء، ولم يبعث نبي قط إلّا وكان هذا هو المحور المهمّ في صلب دعوته، فكيف يخوّل له التنازل عن هذا الأصل الأصيل. قال سبحانه:( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) ( النحل / ٣٦ ).

ويعرب أيضاً عن وجود مثل هذا الاقتراح قوله سبحانه:( وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً *وَلَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً *إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ) ( الأسراء / ٧٣ ـ ٧٥ ).

هذه الآيات تفصح عن شدة مكر المشركين وتماديهم في إنكار التوحيد حيث

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٥، ص ٢٥٢.

(٢) السيرة النبويّة لابن هشام: ج ١ ص ٣٦٢، بحار الأنوار: ج ٧ ص ٢٣٩.

١٧٥

أرادوا أن يفتنوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بعض ما اُوحي إليه أن يميل إلى الركون إليهم بعض الميل، ولكنّهم لم يحظوا بما كانوا يصبون إليه ويرمون تحقيقه من ميل النبي إليهم وافتتانه عن بعض ما اُوحي إليه والشاهد على ذلك أمران:

١ ـ قوله سبحانه:( وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ) وهو صريح في أنّه لم يتحقّق الإفتتان.

٢ ـ قوله عزّ وجلّ:( وَلَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً ) والمراد من التثبيت هو العصمة ولأجل ذلك قال:( لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ ) ولم يقل: « كنت » والمراد القرب من الركون وأنّه لولا التثبيت لقرب ركونه إليهم ولكنّه لم يحصل القرب فضلاً عن الركون لأجل التثبّت.

٢ ـ تبديل القرآن بغيره

وقد كان من جملة الإقتراحات التي قدّمت للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أزاء قبول دعوته هو تبديل القرآن لأنّه يشتمل على تخطئة ما كانوا هم وآباؤهم عليه من الإعتقاد والعمل، فاقترحوا عليه أن يأتي بقرآن خالي من ذلك، قال سبحانه في محكية عنهم:( وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ ) ( يونس / ١٥ ).

وهذا الإقتراح على غرار ما سبق ينبع عن جهل بمبادئ النبوّة والرسالة التي يتحمّلها الرسول من خلال دعوته وابلاغه وليس له حق في تحويره وابداله بل هو مأمور لا تتجاوز وظيفته حد الإبلاغ.قال سبحانه مشيراً إلى هذا الجواب:( قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إلّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) ( يونس / ١٥ ).

فهذه الآية تفسّر حقيقة النبوّة وتبيّن حدود وظيفة النبي، فإنّه خاضع للوحي وليس له إلّا إبلاغ ما يوحى إليه وإنّ تبديل الموحى إليه عمل إجرامي لا يغتفر

١٧٦

وعصيان للرب موجب للثبور والخسران.

ثمّ إنّه سبحانه يرشد النبي إلى أن يستدل عليهم بأنّ القرآن ليس كلامه وإنّما هو وحي يوحى إليه من خلال تسليط الضوء على سيرته بينهم حيث عاش فيهم عمراً ولم يسمعوا منه شيئاً ممّا يشبه القرآن، فلو كان القرآن حصيلة فكره ونتاج عقله لبدر منه شيء طيلة أربعين سنة من عمره المنصرم إذ ( مَا أَضْمَرَ أحَدٌ شَيْئاً إلّا ظَهَرَ في صَفَحَاتِ وَجْهِهِ وَفَلَتَاتِ لِسَانِهِ )(١) .

فامساكه في هذه الحقب والأعوام عن التفوّه بما يماثل ذلك لأوضح دليل على أنّه وحي اُوحى إليه في حاضر دعوته فكيف تقترحون عليه أن يأتي بقرآن غير هذا إذ ليس القرآن رهن إشارته وطوع اختياره وارادته حتى يأتي بطائفة منه ويعزف عن طائفة اُخرى واليه يشير قوله سبحانه:

( قُل لَّوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) ( يونس / ١٦ ).

فهؤلاء القوم مرضى القلوب والضمائر وضعفاء العقول والبصائر، يقترحون على الطبيب الإلهي أن يكتب لهم الوصفة العلاجية لدائهم المزمن حسبما تشتهي أنفسهم وأهواؤهم.

٣ ـ شروط تعجيزية

قد بلغ عناد القوم ولجاجهم في وجه الدعوة المحمديّة حدّاً كانوا يقترحون عليه اُموراً تارةً تدخل في حيّز المستحيلات ولا تتعلّق بها القدرة وإن بلغت ما بلغت، واُخرى اُموراً ممكنة ولكنّها خارجة عن نطاق وظائف النبي في دعوته ورسالته وتضاد أهدافها ولا تمت بالاستدلال على صدقها بصلة ولا تعد دليلاً على

__________________

(١) مقتبس من كلام لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام في قصار حكمه ( رقم ٢٦ ) من نهج البلاغة.

١٧٧

ربانيّة رسالته(١) .

وقد تعرّض القرآن الكريم لهذه الشروط المستحيلة أو الصعبة بأشكالها المختلفة في ضمن الآيات التالية:

( وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ :

١ ـحَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا

٢ ـأَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا

٣ ـأَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا

٤ ـأَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ

٥ ـوَالمَلائِكَةِ قَبِيلاً

٦ ـأَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ

٧ ـأَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ

٨ ـوَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ ) .

هذا تصوير لجملة شروط القوم، وأمّا الجواب عنها فقد أوجزه في كلمتين:

١ ـ( قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي

٢ ـهَلْ كُنتُ إلّا بَشَرًا رَّسُولاً ) ( الأسراء / ٩٠ ـ ٩٣ )

هذه مطالبهم وإليك تفصيل القول فيها:

إنّ هذه المطالب بين محال لا تدخل في نطاق القدرة، وبين ما هو خارج عن وظيفة الرسول ورسالته، وبين ما هو يضادّ أهداف دعوته، أو لا يمت بصلة إلى صدق دعوته، كما سبق ذكره، وإليك بيانها بمزيد من التفصيل:

__________________

(١) لاحظ السيرة النبويّة: ج ١ ص ٢٩٦ و ٢٩٧ و ٣٠٩.

١٧٨

أمّا الأول: أعني تفجير الينبوع من الأرض فهو يحتمل معنيين:

١ ـ أن يفجّر الينبوع من الأرض وفق رغبتهم لنفسه حتى يكون رجلاً ثريّاً.

٢ ـ أن يفجّر الينبوع من الأرض لأجل هؤلاء حتى تصبح أراضيهم ومراتعهم مخضرّة مزهرة يانعة الثمار.

أمّا الإحتمال الأول: فلا يعد دليلاً على صدق الدعوة، ولو اُريد الثاني فهو على خلاف السنّة الإلهية فقد تعلّقت مشيئته الحكيمة بتحصيل هذه المواهب المادّية عن طريق الكدح والجد في ظل أعمال الطاقات البشرية، بالإضافة إلى أنّه خارج عن وظائف الرسالة، فإنّ الأنبياء قد بعثوا لهداية الناس إلى ما فيه سعادتهم في الدارين باراءة الطريق الموصل إليها، وأمّا القيام بتفجير الينبوع من الأرض فهو أمر خوّل إلى الناس أنفسهم.

وأمّا الثاني: فهو أن يكون للنبيّ جنّة من نخيل وعنب تجري الأنهار خلالها فلا صلة له بصدق الدعوة إذ أقصى ما يستدلّ به على أنّه رجل عاقل عارف بشؤون الفلاحة والتجارة أو رجل له مكانة مرموقة في المجتمع ولا تدلّ كثرة الأموال والإنتعاش الإقتصادي على صدق الدعوة، وقد مرّ تحقيق ذلك في تفسير قوله:( لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) .

وأمّا الثالث: أعني إسقاط السماء على رؤوسهم فهو يضادّ هدف الدعوة، لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث لهداية الناس ورحمة بهم لا لإهلاكهم، نعم يمكن تصوّر ذلك إذا تمّت الحجّة عليهم ولم يبق لهم عذر في عدم قبول الدعوة، فربّما يشملهم العذاب وهو خارج عن موضوع البحث.

أمّا الرابع: أعني الإتيان بالله فهو طلب أمر محال، فهؤلاء كانوا يطلبون رؤية الله سبحانه قبيلاً ومواجهة. والله فوق الزمان والمكان لا يحيط به شيء، ولا يمكن أن تراه العيون بمشاهدة الأبصار وإنّما تراه القلوب بحقائق الإيمان.

١٧٩

وأمّا الخامس: أعني الإتيان بالملائكة قبيلاً ومشاهدتهم بانقلاب الغيب شهوداً فهو من المعاجز التي لو تحقّقت ولم يترتب عليها منهم إيمان واذعان لعمّهم العذاب ولا ينظرون، وقد مرّ ذلك في تفسير قوله:( وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ ) ( الأنعام / ٨ ).

وأمّا السادس: وهو أن يكون له بيت من ذهب فلا صلة له بصدق الدعوة.

وأمّا السابع: وهو الرقي في السماء فهو أشبه باقتراح الصبيان ولو فرض تحققه عن طريق الإعجاز لما آمنوا به بشهادة قولهم في الإقتراح الثامن:( وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ ) . حيث صرحوا بأنّ رقيه في السماء غير كاف في إيمانهم وإذعانهم بل يجب أن يقترح عليه أمراً ثامناً وهو أن ينزل عليهم كتاباً يقرؤونه، ولعلّ مقصودهم أن ينزّل كتاباً فيه اسمه ورسالته.

إنّ هذه الإقتراحات التعجيزية أوضح شاهد على أنّ القوم لم يكونوا بصدد كشف الحقيقة وتحرّي الواقع والصدق، ولو افترضنا النبي قد امتثل لبعض اقتراحاتهم الممكنة لوجدناهم يأتون بحجج واهية اُخرى بقصد التعجيز لا غير، ولأجل ذلك يقول سبحانه في حق هؤلاء وأشباههم:( وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إلّا سِحْرٌ مُّبِينٌ ) ( الأنعام / ٧ ).

ويقول سبحانه:( وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ المَوْتَىٰ بَل لِّلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا ) ( الرعد / ٣١ ). وهذه الآية ونظائرها تدلل بشواهد صادقة لا يشوبها الريب على أنّ القوم لم يكونوا بصدد الوقوف على الحقيقة واستكشافها ولأجل ذلك كانوا يقترحون على النبي اُموراً تنم عن روح العناد والمكابرة، وأمّا الذكر الحكيم فقد أجاب عنه بوجهين:

١ ـ( سُبْحَانَ رَبِّي ) ولعلّه جواب عن قولهم أو يأتي بالله، والله سبحانه منزّه عن المادّة وآثارها وليس للبشر تصحّ رؤيته بحاسة الأبصار. قال سبحانه:( لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ) ( الأنعام / ١٠٣ ).

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

على البراغيث فيصلي فيه وأن يقيس على نحو هذا فيعمل به ؟ فوقّععليه‌السلام :يجوز الصلاة والطهر منه أفضل (١) .

٢ ـ عن الحسن بن راشد قال: قال الفقيه العسكريعليه‌السلام :ليس في الغسل ولا في الوضوء مضمضة ولا استنشاق (٢) .

باب الصلاة:

١ ـ عن محمد بن عبد الجبار قال: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام أسأله: هل يصلى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج ؟ فكتبعليه‌السلام :لا تحلّ الصلاة في حرير محض (٣) .

٢ ـ عن اسماعيل بن سعد الأشعري قال: سألته عن الثوب الابريسم هل يصلي فيه الرجل ؟ قال:لا (٤) .

٣ ـ عن محمد بن عبد الجبار قال: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام أسأله: هل يصلّى في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكّة حرير محض أو تكّة من وبر الأرانب ؟ فكتب:لا تحلّ الصلاة في الحرير المحض فإن كان الوبر ذكياً حلّت الصلاة فيه إنْ شاء الله (٥) .

٤ ـ عن سليمان بن حفص المروزي، عن الرجل العسكريعليه‌السلام قال:إذا انتصف الليل ظهر بياض في وسط السماء شبه عمود من حديد تضيء له الدنيا فيكون ساعة ويذهب، ثم تظلم، فاذا بقي ثلث الليل الأخير ظهر بياض من قِبل المشرق فأضاءت

ــــــــــــ

(١) الكافي: ٣ / ٦٠.

(٢) الاستبصار: ١ / ١١٨، ب٧١، ح٤.

(٣) الكافي: ٣ / ٣٩٩ / ح١٠، الاستبصار: ١ / ٣٨٥ / ب٢٥٥ / ح١.

(٤) الاستبصار: ١ / ٣٨٥، ب٢٥٥، ح٢.

(٥) الاستبصار: ١ / ٣٨٣، ب٢٢٣، ح١١.

٢٠١

له الدنيا فيكون ساعة ثم يذهب ; وهو وقت صلاة الليل، ثم تظلم قبل الفجر، ثم يطلع الفجر الصادق من قبل المشرق ، قال:ومن أراد أن يصلّي في نصف الليل فيطول ; فذلك له (١) .

٥ ـ عن عبد الله بن جعفر قال: كتبت إليه ـ يعني أبا محمدعليه‌السلام ـ يجوز للرجل أن يصلي ومعه فأرة مسك ؟ فكتب:لا بأس به إذا كان ذكياً (٢) .

٦ ـ علي بن محمد، عن محمد بن أحمد بن مطهر أنه كتب إلى أبي محمدعليه‌السلام يخبره بما جاءت به الرواية:أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصلي في شهر رمضان وغيره من الليل ثلاث عشرة ركعة، منها الوتر وركعة الفجر . فكتب عليه‌السلام : فضّ الله فاه ; صلّى من شهر رمضان في عشرين ليلة، كل ليلة عشرين ركعة، ثماني بعد المغرب، واثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة، واغتسل ليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين، وصلّى فيهما ثلاثين ركعة: اثنتي عشرة بعد المغرب، ثماني عشرة بعد عشاء الآخرة، وصلّى فيها مائة ركعة، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد عشر مرات وصلّى إلى آخر الشهر كلّ ليلة ثلاثين ركعة، كما فسرت لك (٣) .

باب الصوم:

١ ـ محمد بن يحيى عن محمد قال: كتبت إلى الأخيرعليه‌السلام : رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام وله وليان، هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعاً ; خمسة أيام أحد الوليين، وخمسة أيام الآخر ؟ فوقععليه‌السلام :يقضي عنه أكبر وليّه عشرة أيام ولاءاً، إن شاء الله (٤) .

ــــــــــــ

(١) التهذيب: ٢ / ١١٨، ح٤٤٥.

(٢) التهذيب: ٢ / ٣٦٢، ب١٧، ح٣٣.

(٣) الكافي: ٤ / ١٥٥، ح٦، الاستبصار: ١ / ٤٦٣، ب٢٨٧، ح١٢.

(٤) الكافي: ٤ / ١٢٤، ح٥، الإستبصار: ٢ / ١٠٨، ب٥٧، ح٤.

٢٠٢

٢ ـ وكتب حمزة بن محمد إلى أبي محمدعليه‌السلام : لم فرض الله الصوم ؟ فورد في الجواب:ليجد الغني مسّ الجوع ; فيحنّ على الفقير (١) .

٣ ـ روى الصدوق عن أبي الحسن علي بن الحسن بن الفرج المؤذن، قال: حدثني محمد بن الحسن الكرخي، قال: سمعت الحسن بن عليعليه‌السلام يقول لرجل في داره:ياأبا هارون من صام عشرة أشهر رمضان متواليات دخل الجنة (٢) .

٤ ـ وروى محمد بن عيسى، عن علي بن بلال، قال: كتبت الى الطيّب العسكريعليه‌السلام : هل يجوز أن يعطى الفطرة عن عيال الرجل، وهم عشرة، أقل أو أكثر، رجلاً محتاجاً موافقاً ؟ فكتبعليه‌السلام :نعم، افعل ذلك (٣) .

باب الخمس والزكاة:

١ ـ روى الكليني عن علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن محمد بن الريان، قال: كتبت إلى العسكريعليه‌السلام : جعلت فداك روي لنا أن ليس لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الدنيا إلاّ الخمس، فجاء الجواب:إن الدنيا وما عليها لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) .

٢ ـ وقال الشيخ الطوسي: وروى الريان بن الصلت، قال: كتبت إلى أبي محمّدعليه‌السلام : ما الذي يجب عليّ يامولاي في غلة رحى في أرض قطيعة لي وفي ثمن سمك وبردي وقصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة ؟

ــــــــــــ

(١) رواه الكليني في الكافي: ٤ / ١٨١، ح٦ بتفاوت، من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٤٣، ب٢١، ح٣.

(٢) الخصال: ٥٩، أبواب العشرة.

(٣) من لا يحضره الفقيه: ٢ / ١١٧.

(٤) الكافي: ١ / ٤٠٩، ص٦.

٢٠٣

فكتبعليه‌السلام :يجب عليك فيه الخمس، إن شاء الله تعالى (١) .

باب الحجّ:

١ ـ وكتب إليه علي بن محمد الحضيني: أنّ ابن عمّي أوصى أن يحجّ عنه بخمسة عشر ديناراً في كلّ سنة، فليس يكفي: فما تأمرني في ذلك ؟

فكتبعليه‌السلام :تجعل حجتين في حجة، إن الله عالم بذلك (٢) .

باب النكاح والطلاق:

١ ـ روى الكليني عن محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر قال: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام : امرأة أرضعت ولد الرجل هل يحلّ لذلك الرجل أن يتزوج إبنة هذه المرضعة، أم لا ؟ فوقّععليه‌السلام :لا، لا تحل له (٣) .

٢ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام في امرأة مات عنها زوجها وهي في عدة منه. وهي محتاجة لا تجد من ينفق عليها، وهي تعمل للناس، هل يجوز لها أن تخرج وتعمل وتبيت عن منزلها للعمل والحاجة في عدتها.قال: فوقّععليه‌السلام :لا بأس بذلك، إن شاء الله (٤) .

باب القضاء والشهادات:

١ ـ وكتب إليه في رجل قال لرجلين: إشهدا أن جميع الدار التي له في موضع كذا وكذا بحدودها كلها لفلان ابن فلان، وجميع ماله في الدار من المتاع والبنية لا تعرف المتاع ; أي شيء هو ؟.

ــــــــــــ

(١) التهذيب: ٤ / ١٣٩، ح١٦.

(٢) الكافي: ٤ / ٣١٠، ح٢، من لا يحضره الفقيه: ٢ / ٢٧٢، ب١٦٦، ح٣.

(٣) الكافي: ٥، ص٤٤٧، ح١٨، من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٣٠٦، ب١٤٦، ح٩.

(٤) من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٣٢٨، ب١٥٩، ح١٢.

٢٠٤

فوقععليه‌السلام :يصلح إذا أحاط الشراء بجميع ذلك إن شاء الله (١) .

٢ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفاررضي‌الله‌عنه إلى أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام في رجل أراد أن يشهد على إمرأة ليس لها بمحرم، هل يجوز له أن يشهد عليها من وراء الستر ويسمع كلامها إذا شهد عدلان أنها فلانة بنت فلان، التي تشهدك وهذا كلامها، أو لا تجوز الشهادة عليها حتى تبرزن وتثبتها بعينها ؟

فوقّععليه‌السلام :تتنقب وتظهر للشهود، إن شاء الله (٢) .

٣ ـ كتب محمد بن الحسن الصفاررضي‌الله‌عنه إلى أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام : هل تقبل شهادة الوصي للميت بدين له على رجل مع شاهد آخر عدل ؟

فوقّععليه‌السلام :إذا شهد معه آخر عدل فعلى المدّعي يمين .

٤ ـ وكتب إليه أيجوز للوصي أن يشهد لوارث الميت صغيراً أو كبيراً بحق له على الميت أو على غيره، وهو القابض للوارث الصغير وليس للكبير بقابض ؟

فوقّععليه‌السلام :نعم، وينبغي للوصي أن يشهد بالحق ولا يكتم شهادته .

٥ ـ وكتب إليه: أو تقبل شهادة الوصي على الميت بدين مع شاهد آخر عدل ؟

فوقّععليه‌السلام :نعم، من بعد يمين (٣) .

باب الوصية:

١ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفاررضي‌الله‌عنه إلى أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام : رجل أوصى بثلث ماله في مواليه، الذكر والاُنثى فيه سواء ؟ أو للذكر مثل حظّ الاُنثيين من الوصية ؟

ــــــــــــ

(١) الكافي: ٧ / ٤٠٢، ذيل حديث ٤ بتفاوت، من لا يحضره الفقيه: ٣ / ١٥٣، ب٧٣، ح١٠.

(٢) من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٤٠، ب٢٩، ح٢، الاستبصار: ٣ / ١٩، ب١٣، ح٢.

(٣) الكافي: ٧ / ٣٩٤، ح٣، من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٤٣، ب٣٣، ح١.

٢٠٥

فوقّععليه‌السلام :جايز للميّت ما أوصى به على ما أوصى به، إن شاء الله (١) .

٢ ـ ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الجبار قال: كتبت إلى العسكريعليه‌السلام : امرأة أوصت إلى رجل، وأقرّت له بدين ثمانية آلاف درهم، وكذلك ما كان لها من متاع البيت من صوف وشعر وشبه وصفر ونحاس وكلّ مالها ; أقرّت به للموصى إليه، وأشهدت على وصيتها، وأوصت أن تحجّ عنها من هذه التركة حجتان ويعطى مولاة لها أربعمائة درهم، وماتت المرأة وتركت زوجاً فلم ندر كيف الخروج من هذا ; واشتبه الأمر علينا، وذكر كاتب: أنّ المرأة استشارته أن يكتب لها ما يصحّ لهذا الوصيّ، فقال: لا يصح تركتك إلاّ بإقرارك له بدين بشهادة الشهود وتأمرينه بعدها أن ينفذ ما توصينه به، فكتب له بالوصية على هذا وأقرّت للوصيّ بهذا الدين فرأيك أدام الله عزّك في مسألة الفقهاء قبلك عن هذا وتعريفنا بذلك لنعمل به، إن شاء الله ؟

فكتب بخطهعليه‌السلام :إن كان الدين صحيحاً معروفاً مفهوماً، فيخرج الدين من رأس المال، إن شاء الله، وإن لم يكن الدين حقّاً، أنفذ لهما ما أوصت به من ثلثها ; كفى أو لم يكف (٢) .

٣ ـ كتب محمد بن الحسن الصفاررضي‌الله‌عنه إلى أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام : رجل أوصى إلى رجلين أيجوز لأحدهما أن ينفرد بنصف التركة والآخر بالنصف.

فوقّععليه‌السلام :لا ينبغي لهما أن يخالفا الميت ويعملان على حسب ما أمرهما، إن شاء الله (٣) .

ــــــــــــ

(١) الكافي: ٧ / ٤٥، ح٢، من لا يحضره الفقيه: ٤ / ١٥٥، ب١٠٣، ح٣.

(٢) الاستبصار: ٤ / ١١٣، ب٦٨، ح٩.

(٣) الكافي: ٧ / ٤٦، ح١، بتفاوت وفيه: رجل مات وأوصى، من لا يحضره الفقيه: ٤ / ١٥١، ب٩٩، ح١، الاستبصار: ٤ / ١١٨، ب٧٣، ح١.

٢٠٦

باب الوقف:

قال محمد بن الحسن الصفار: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام أسأله عن الوقف الذي يصحّ كيف هو ؟ فقد روي أن الوقف إذا كان غير موقت فهو باطل مردود على الورثة، وإذا كان موقتاً فهو صحيح مُمْضى، وقال قوم: إن الموقت هو الذي يذكر فيه: أنّه وقف على فلان وعقبه، فإذا انقرضوا فهو للفقراء والمساكين إلى أن يرث الله عزّوجلّ الأرض ومن عليها وقال آخرون: هذا موقت اذا ذكر انه لفلان وعقبه ما بقوا، ولم يذكر في آخره للفقراء والمساكين الى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والذي هو غير موقّت أن يقول: هذا وقف، ولم يذكر أحداً، فما الذي يصحّ من ذلك وما الذي يبطل ؟

فوقّععليه‌السلام :الوقوف بحسب ما يوقفها [أهلها]، إن شاء الله (١) .

باب الارث:

سأل الفهفكي أبا محمدعليه‌السلام : المسكينة الضعيفة تأخذ سهماً واحداً ويأخذ الرجل سهمين ؟ قال أبو محمدعليه‌السلام : إن المرأة ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا عليها معلقة، إنّما ذلك على الرجال.

فقلت في نفسي قد كان قيل لي إنّ ابن أبي العوجاء سأل أبا عبد الله عن هذه المسألة فأجابه بهذا الجواب، فأقبل أبو محمدعليه‌السلام عليّ فقال:نعم، هذه المسألة مسألة ابن أبي العوجاء، والجواب منّا واحد، إذا كان معنى المسألة واحداً، جرى لآخرنا ما جرى لأولنا، وأولنا وآخرنا في العلم سواء، ولرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين عليه‌السلام فضلهما (٢) .

ــــــــــــ

(١) الكليني في الكافي: ٧ / ٣٧، ح٣٤ رواه الصدوق في الفقيه: ٤/١٧٦، ب١٢٨، ح١ باختصار. وفيه «.. فوقع عليه‌السلام: الوقوف تكون على حسب مايوقفها أهلها، إن شاء الله»، الاستبصار: ٤ / ١٠٠، ب٦٢، ح٢.

(٢) الكافي: ٧ / ٨٥، ح٢، كشف الغمة: ٣ / ٢١٠.

٢٠٧

باب المعيشة:

١ ـ وروي عن محمد بن علي بن محبوب قال: كتب رجل إلى الفقيهعليه‌السلام في رجل كانت له رحى على نهر قرية، والقرية لرجل أو لرجلين، فأراد صاحب القرية أن يسوق الماء إلى قرية في غير هذا النهر الذي عليه هذه الرحى ويعطل هذه الرحى، أله ذلك أم لا ؟ فوقععليه‌السلام : يتقي الله، ويعمل في ذلك بالمعروف، ولا يضارّ أخاه المؤمن.

٢ ـ وفي رجل كانت له قناة في قرية فأراد رجل آخر أن يحفر قناة أخرى فوقه، ما يكون بينهما في البعد حتى لا يضرّ بالأخرى في أرض إذا كانت صعبة أو رخوة. فوقععليه‌السلام : عليه على حسب أن لا يضرّ أحدهما بالآخر، إن شاء الله(١) .

٣ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفاررضي‌الله‌عنه إلى أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام يقول: رجل يبذرق القوافل من غير أمر السلطان في موضع مخيف ويشارطونه على شيء مسمّى، أله أن يأخذه منهم أم لا ؟ فوقّععليه‌السلام : إذا واجر نفسه بشيء معروف أخذ حقّه، إن شاء الله(٢) .

٤ ـ محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر قال: كتبت إلى الرجل أسأله عن رجل اشترى جزوراً أو بقرة للأضاحي فلمّا ذبحها وجد في جوفها صرّة فيها دراهم أو دنانير أو جوهرة، لمن يكون ذلك ؟ فوقّععليه‌السلام :عرّفها البايع فإن لم يكن يعرفها ; فالشيء لك، رزقك الله إيّاه (٣) .

٥ ـ محمد بن الحسن، قال: كتبت إليهعليه‌السلام في رجل باع بستاناً فيه شجر

ــــــــــــ

(١) رواه الكليني في الفروع: ٥ / ٢٩٣، ح٥ عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين قال: كتبت إلى أبي محمد... بتفاوت، من لا يحضره الفقيه: ٣ / ١٥٠، ب٧١، ح١٠

(٢) من لا يحضره الفقيه: ٣ / ١٠٦، ب٥٨، ح٨٨.

(٣) الكافي(الفروع): ٥ / ١٣٩، ح٩.

٢٠٨

وكرم، فاستثنى شجرة منها: هل له ممرّ إلى البستان إلى موضع شجرته التي استثناها ؟ وكم لهذه الشجرة التي استثناها من الأرض التي حولها، بقدر أغصانها ؟ أو بقدر موضعها التي هي نابتة فيه ؟ فوقععليه‌السلام : له من ذلك على حسب ما باع وأمسك، فلا يتعدى الحق في ذلك، إن شاء الله(١) .

٦ ـ وكتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمدعليه‌السلام في رجل اشترى من رجل أرضاً بحدودها الأربعة، وفيها زرع ونخل وغيرها من الشجر، ولم يذكر النخل ولا الزرع ولا الشجر في كتابه وذكر فيه: أنّه قد اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها والخارجة منها، أيدخل الزرع والنخل والأشجار في حقوق الأرض، أم لا ؟ فوقععليه‌السلام : إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها ; فله جميع ما فيها، إن شاء الله(٢) .

٧ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين قال: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام : رجل دفع إلى رجل وديعة فوضعها في منزل جاره فضاعت، فهل يجب عليه إذا خالف أمره وأخرجها من ملكه ؟ فوقّععليه‌السلام : هو ضامن لها، إن شاء الله(٣) .

٨ ـ وروي عن محمد بن علي بن محبوب، قال: كتب رجل إلى الفقيهعليه‌السلام : في رجل دفع ثوباً إلى القصّار ليقصره، فدفعه القصار إلى قصار غيره ليقصره، فضاع الثوب، هل يجب على القصار أن يرد ما دفعه إلى غيره إن كان القصار مأموناً ؟ فوقّععليه‌السلام :هو ضامن له إلاّ أن يكون ثقة مأموناً، إن شاء الله (٤) .

ــــــــــــ

(١) التهذيب: ٧ / ٩٠، ح٢٤.

(٢) التهذيب: ٧ / ١٣٨، ح٨٤.

(٣) الكافي: ٥ / ٢٣٩، ح٩، الفقيه: ٣ / ١٩٤، ب٩٤، ح٣، بتفاوت.

(٤) من لا يحضره الفقيه: ٣ / ١٦٣، ب٧٦، ح١٤.

٢٠٩

باب الأولاد:

وكتب عبد الله بن جعفر الحميري إلى أبي محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام أنّه روي عن الصالحينعليهم‌السلام أن:اختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا، فإنّ الأرض تضجّ إلى الله عزَّ وجلَّ من بول الأغلف . وليس ـ جعلني الله فداك ـ لحجّامي بلدنا حذق بذلك، ولا يختنونه يوم السابع، عندنا حجّام من اليهود، فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين، أم لا ؟ فوقّععليه‌السلام :يوم السابع فلا تخالفوا السنن إن شاء الله (١) .

المختار من تراثهعليه‌السلام في الدعاء

١ ـ روى ابن فهد عن الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام أنّه قال: من أنس بالله استوحش من الناس وعلامة الأنس بالله الوحشة من الناس.(٢)

٢ ـ وروى عنه قولهعليه‌السلام :ارفع المسألة ما وجدت التحمل يمكنك فإن لكل يوم رزقاً جديداً. واعلم أن الإلحاح في المطالب يسلب البهاء، ويورث التعب والعناء، فاصبر حتى يفتح الله لك باباً يسهل الدخول فيه، فما أقرب الصنع من الملهوف والأمن من الهارب المخوف، فربما كانت الغير نوعاً من أدب الله ; والحظوظ مراتب، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك فإنما تنالها في أوانها. واعلم أن المدبر لك اعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه، فثق بخيرته في جميع أمورك يصلح حالك. ولا تعجل بحوائجك قبل وقتها فيضيق قلبك وصدرك ويغشاك القنوط. واعلم أن للحياء مقداراً فإن زاد عليه فهو سرف، وان للحزم مقداراً فإن زاد عليه

ــــــــــــ

(١) الكافي: ٦ / ٣٥، ح٣، بتفاوت، من لا يحضره الفقيه: ٣ / ٣١٤، ب١٤٩، ح١٧.

(٢) عدة الداعي: ١٩٤.

٢١٠

فهو تهور. واحذر كل زكي ساكن الطرف، ولو عقل أهل الدنيا خربت (١) .

٣ ـ سأل أبو محمّد عبد الله بن محمّد العابد بالدالية أبا محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام في منزله بسرّ من رأى سنة خمس وخمسين ومأتين أن يملي عليه من الصّلاة على النّبي وأوصيائه عليه وعليهم السّلام وأحضر معه قرطاساً كبيراً فأملى عليه من غير كتاب:

اللّهمّ صلّ على محمّد كما حمل وحيك وبلّغ رسالاتك.

وصلّ على محمّد كما أحلّ حلالك وحرّم حرامك وعلّم كتابك.

وصلّ على محمّد كما أقام الصّلاة وآتى الزّكاة ودعَا إلى دينك.

وصلّ على محمّد كما صدّق بوعدك وأشفق من وعيدك.

وصلّ على محمد كما غفرت به الذُّنوب وسترت به العيوب وفرّجت به الكروب وصلّ على محمد كما دفعت به الشقاء وكشفت به الغماء وأجبت به الدُّعاء ونجّيت به من البلاء.

وصلّ على محمّد كما رحمت به العباد وأحييت به البلاد وقصمت به الجبابرة وأهلكت به الفراعنة.

وصلّ على محمّد كما أضعفت به الأموال وأحرزت به من الأهوال وكسرت به الأصنام ورحمت به الأنام.

وصلّ على محمّد كما بعثته بخير الأديان وأعززت به الإيمان وتبّرْت به الأوثان وعظّمت به البيت الحرام.

وصلّ على محمّد وأهل بيته الطّاهرين الأخيار وسلّم تسليماً.

اللّهمّ صلّ على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب أخي نبيّك ووصيّه ووليّه وصفيّه ووزيره ومستودع علمه وموضع سرّه وباب حكمته والنّاطق بحجّته والدّاعي إلى شريعته وخليفته في أمته ومفرّج الكرب عن وجهه قاصم الكفرة ومرغم الفجرة الّذي جعلته من

ــــــــــــ

(١) عدة الداعي: ١٢٤.

٢١١

نبيّك بمنزلة هرون من موسى.

اللّهمّ وال من ولاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله والعن من نصب له من الأولين والآخرين وصلّ عليه أفضل ما صلّيت على أحد من أوصياء أنبيائك ياربّ العالمين.

اللّهمّ صلّ على الصّدّيقة فاطمة الزّكيّة حبيبة حبيبك ونبيّك وأم أحبّائك وأصفيائك الّتي انتجبتها وفضّلتها واخترتها على نساء العالمين اللّهمّ كن الطّالب لها ممّن ظلمها واستخفّ بحقّها وكن الثّائر اللّهمّ بدم أولادها اللّهمّ وكما جعلتها أم أئمّة الهدى وحليلة صاحب اللّواء والكريمة عند الملأ الأعلى فصلّ عليها وعلى أمها خديجة الكبرى صلاةً تكرم بها وجه أبيها محمّد صلّى اللّه عليه وآله وتقرُّ بها أعين ذرّيّتها وأبلغهم عنّي في هذه السّاعة أفضل التّحيّة والسّلام.

اللّهمّ صلّ على الحسن والحسين عبديك ووليّيك وابني رسولك وسبطي الرّحمة وسيّدي شباب أهل الجنّة أفضل ما صلّيت على احد من أولاد النّبيّين والمرسلين.

اللّهمّ صلّ على الحسن بن سيّد الوصيّين ووصيّـ أمير المؤمنين عليه‌السلام السّلام عليك يابن رسول اللّه السّلام عليك يابن سيّد الوصيّين أشهد انّك يابن أمير المؤمنين أمين اللّه وابن أمينه عشت مظلوماً ومضيت شهيداً وأشهد أنّك الأمام الزّكيُّ الهادي المهديُّ اللّهمّ صلّ عليه وبلّغ روحه وجسده عنّي في هذه السّاعة أفضل التّحيّة والسّلام.

اللّهمّ صلّ على الحسين بن عليّ المظلوم الشّهيد قتيل الكفرة وطريح الفجرة السّلام عليك ياأبا عبد اللّه السّلام عليك يابن رسول اللّه السلام عليك يابن أمير المؤمنين أشهد موقناً أنّك أمين اللّه وابن أمينه قتلت مظلوماً ومضيت شهيداً وأشهد أن اللّه تعالى الطّالب بثارك ومنجزٌ ما وعدك من النّصر والتّأييد في هلاك عدوّك وإظهار دعوتك وأشهد أنّك وفيت بعهد اللّه وجاهدت في سبيل اللّه وعبدت اللّه مخلصاً حتّى أتاك اليقين لعن اللّه اُمّة قتلتك ولعن اللّه اُمّة خذلتك ولعن اللّه اُمّة ألّبت عليك وأبرء إلى اللّه تعالى ممن أكذبك واستخف بحقّك واستحلّ دمك بأبي أنت وأمي ياأبا عبد الله لعن الله قاتلك ولعن الله خاذلك ولعن اللّه من سمع واعيتك فلم يجبك ولم ينصرك ولعن اللّه من سبا نساءك أنا إلى اللّه منهم بريء وممّن ولاّهم ومالاهم وأعانهم عليه، أشهد أنّك والأئمّة من ولدك كلمة التقوى وباب الهدى والعروة الوثقى والحجّة على أهل الدُّنيا وأشهد أنّي بكم مؤمن وبمنزلتكم موقن ولكم تابع بذات نفسي وشرايع ديني وخواتيم عملي ومنقلبي في دنياي وآخرتي.

٢١٢

اللّهمّ صلّ على عليّ بن الحسين سيّد العابدين الّذي استخلصته لنفسك وجعلت منه أئمّة الهدى الّذين يهدون بالحقّ وبه يعدلون اخترته لنفسك وطهّرته من الرّجس واصطفيته وجعلته هادياً مهديّاً اللّهمّ فصلّ عليه أفضل ما صلّيت على أحد من ذرّيّة أنبيائك حتّى يبلغ به ما تقرُّ به عينه في الدُّنيا والآخرة إنّك عزيز كريم.

اللّهمّ صلّ على محمّد بن عليّ باقر العلم وإمام الهدى وقائد أهل التّقوى والمنتجب من عبادك اللّهمّ وكما جعلته علماً لعبادك ومناراً لبلادك ومستودعاً لحكمتك ومترجماً لوحيك وأمرت بطاعته وحذّرت من معصيته فصلّ عليه ياربّ أفضل ما صلّيت على أحد من ذرّيّة أنبيائك وأصفيائك ورسلك وأمنائك ياربّ العالمين.

اللّهمّ صلّ على جعفر بن محمّد الصّادق خازن العلم الداعي إليك بالحقّ النُّور المبين اللّهمّ وكما جعلته معدن كلامك ووحيك وخازن علمك ولسان توحيدك ووليّ أمرك ومستحفظ دينك فصلّ عليه أفضل ما صلّيت على احد من أصفيائك وحججك انّك حميد مجيد.

اللّهمّ صلّ على الأمين المؤتمن موسى بن جعفر البرّ الوفيّ الطّاهر الزّكيّ النُّور المبين المجتهد المحتسب الصّابر على الأذى فيك اللّهمّ وكما بلّغ عن آبائه ما استودع من أمرك ونهيك وحمل على المحجّة وكابد أهل العزّة والشّدّة فيما كان يلقى من جهّال قومه ربّ فصلّ عليه أفضل وأكمل ما صلّيت على احد ممّن أطاعك ونصح لعبادك إنّك غفور رحيم.

اللّهمّ صلّ على عليّ بن موسى الّذي ارتضيته ورضيت به من شئت من خلقك اللّهمّ وكما جعلته حجّة على خلقك وقائماً بأمرك وناصراً لدينك وشاهداً على عبادك وكما نصح لهم في السّرّ والعلانية ودعا إلى سبيلك بالحكمة والموعظة الحسنة فصلّ عليه أفضل ما صلّيت على أحد من أوليائك وخيرتك من خلقك انّك جواد كريم.

اللّهمّ صلّ على محمّد بن عليّ بن موسى التقي ونور التقى ومعدن الهدى وفرع

٢١٣

الأزكياء وخليفة الأوصياء وأمينك على وحيك اللّهمّ فكما هديت به من الضّلالة واستنقذت به من الحيرة وأرشدت به من اهتدى وزكّيت به من تزكّى فصلّ عليه أفضل ما صلّيت على أحد من أوليائك وبقيّة أوليائك إنّك عزيز حكيم.

اللّهمّ صلّ على عليّ بن محمّد وصيّ الأوصياء وإمام الأتقياء وخلف أئمة الدّين والحجّة على الخلائق أجمعين اللّهمّ كما جعلته نوراً يستضيء به المؤمنون فبشّر بالجزيل من ثوابك وأنذر بالأليم من عقابك وحذّر بأسك وذكّر بأيّامك وأحلّ حلالك وحرّم حرامك وبيّن شرائعك وفرائضك وحضّ على عبادتك وأمر بطاعتك ونهى عن معصيتك فصلّ عليه أفضل ما صلّيت على أحد من أوليائك وذرّيّة أنبيائك ياإله العالمين.

اللّهمّ صلّ على الحسن بن عليّ بن محمّد البرّ التّقيّ الصّادق الوفيّ النُّور المضيء خازن علمك والمذكر بتوحيدك ووليّ أمرك وخلف أئمة الدّين الهداة الرّاشدين والحجّة على أهل الدُّنيا فصلّ عليه ياربّ أفضل ما صلّيت على احد من أصفيائك وحججك وأولاد رسلك ياإله العالمين.

اللّهمّ صلّ على وليّك وابن أوليائك الّذين فرضت طاعتهم وأوجبت حقّهم وأذهبت عنهم الرّجس وطهّرتهم تطهيراً اللّهمّ انصره وانتصر به لدينك وأنصر به أولياءك وأولياءه وشيعته وأنصاره واجعلنا منهم، اللّهمّ أعذه من شرّ كلّ باغ وطاغ ومن شرّ جميع خلقك وأحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله واحرسه وامنعه أن يوصل إليه بسوء واحفظ فيه رسولك وآل رسولك واظهر به العدل وأيده بالنّصر وانصر ناصريه واخذل خاذليه واقصم به جبابرة الكفر واقتل به الكفّار والمنافقين وجميع الملحدين حيث كانوا من مشارق الأرض ومغاربها وبرّها وبحرها واملأ به الأرض عدلاً واظهر به دين نبيّك عليه وآله السّلام واجعلني اللّهمّ من انصاره وأعوانه وأتباعه وشيعته وأرني في آل محمّد ما يأملون وفي عدوّهم ما يحذرون إله الحقّ آمين.(١)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

ــــــــــــ

(١) مصباح المتهجد: ٢٨٠.

٢١٤

الفهرست

المقدمة ٤

الباب الأول. ١٠

فيه فصول: ١٠

الفصل الأول: الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام في سطور. ١٠

الفصل الثاني: انطباعات عن شخصية الإمام عليه‌السلام. ١٠

الفصل الثالث: مظاهر من شخصية الإمام عليه‌السلام. ١٠

الفصل الأول: الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام في سطور ١٠

الفصل الثاني: انطباعات عن شخصية الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ١٣

١ ـ شهادة المعتمد العباسي: ١٤

٢ ـ شهادة طبيب البلاط العباسي: ١٤

٣ ـ أحمد بن عبيد الله بن خاقان: ١٥

٤ ـ كاتب الخليفة المعتمد: ١٦

٥ ـ راهب دير العاقول: ١٨

٦ ـ محمد بن طلحة الشافعي: ١٨

٧ ـ ابن الصباغ المالكي: ١٨

٨ ـ العلامة سبط بن الجوزي: ١٩

٩ ـ العلامة محمد أبو الهدى أفندي: ١٩

١٠ ـ العلاّمة الشبراوي الشافعي: ٢٠

الفصل الثالث: مظاهر من شخصية الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٢١

سماحته وكرمه ٢٢

زهده وعبادته ٢٤

علمه ودلائل إمامته ٢٥

الباب الثاني. ٢٩

فيه فصول: ٢٩

الفصل الأول: نشأة الإمام الحسن بن علي العسكري عليه‌السلام. ٢٩

٢١٥

الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام. ٢٩

الفصل الثالث: الإمام الحسن العسكري في ظلّ أبيه عليهما‌السلام. ٢٩

الفصل الأول: نشأة الإمام الحسن بن علي العسكري عليه‌السلام.... ٢٩

نسبه الشريف.. ٢٩

محل الولادة وتأريخها ٢٩

ألقابه عليه‌السلام وكناه ٣٠

ملامحه ٣١

النشأة وظروفها ٣١

الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٣٦

الفصل الثالث: الإمام الحسن العسكري في ظلّ أبيه عليهما‌السلام..... ٣٧

١ ـ طفولة متميّزة ٣٧

٢ ـ عصر الإمام الهادي عليه‌السلام.... ٣٨

٣ ـ مواقف الإمام الهادي عليه‌السلام تجاه الأحداث.. ٤٠

الإمام الهادي عليه‌السلام والمتوكل العباسي. ٤٢

الإمام الهادي عليه‌السلام ووزير المنتصر ٤٤

الإمام الهادي عليه‌السلام والتحدّي العلمي. ٤٤

الإمام الهادي عليه‌السلام وفتنة خلق القرآن. ٤٤

الإمام الهادي عليه‌السلام مع أصحابه وشيعته ٤٤

رعاية الإمام الهادي عليه‌السلام لشيعته وقضاء حوائجهم. ٤٤

الإمام الهادي عليه‌السلام والغلاة ٤٤

الإمام الهادي عليه‌السلام والثورات في عصره ٤٤

الإمام الهادي عليه‌السلام وأساليب مواجهة السلطة ٤٤

٤ ـ زواج الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

٥ ـ علاقة الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام بأخيه محمد. ٤٤

٦ ـ علاقته بأخيه الحسين: ٤٤

٧ ـ علاقته بأخيه جعفر: ٤٤

٢١٦

٨ ـ النصوص على إمامة الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

أ ـ نصوص الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ٤٤

ب ـ نصوص الأئمة المعصومين عليهم‌السلام.... ٤٤

ج ـ نصوص الإمام الهادي على إمامة الحسن العسكري عليهما‌السلام..... ٤٤

٩ ـ اغتيال الإمام الهادي عليه‌السلام واستشهاده ٤٤

١٠ ـ من دلائل إمامته بعد استشهاد أبيه عليهما‌السلام..... ٤٤

الباب الثالث.. ٤٤

فيه فصول: ٤٤

الفصل الأول: ملامح عصر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام. ٤٤

الفصل الثاني: عصر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام. ٤٤

الفصل الثالث: متطلّبات عصر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام. ٤٤

الفصل الأول: ملامح عصر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

الحالة السياسية ٤٤

الحالة الاجتماعية ٤٤

الحالة الثقافية ٤٤

الحالة الاقتصادية ٤٤

الفصل الثاني: عصر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

١ ـ المعتز العباسي(٢٥٢ ـ ٢٥٥ هـ ) ٤٤

٢ ـ المهتدي العباسي(٢٥٥ـ ٢٥٦ هـ ) ٤٤

سياسة المهتدي تجاه معارضيه ٤٤

أ ـ الخليفة وأمراء الجند: ٤٤

ب ـ المهتدي وأصحاب الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام: ٤٤

ج ـ سجن الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام: ٤٤

٣ ـ المعتمد ابن المتوكل العبّاسي(٢٥٦ ـ ٢٧٩ هـ ) ٤٤

وأهم هذه الأحداث في عصر المعتمد: ٤٤

أ ـ ثورة الزنج: ٤٤

٢١٧

ب ـ حركة ابن الصوفي العلوي: ٤٤

ج ـ ثورة علي بن زيد في الكوفة: ٤٤

د ـ المعتمد والإمام العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

هـ ـ المعتمد وموقفه من الشيعة ٤٤

استشهاد الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

الصلاة على الإمام العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

أولاد الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

الفصل الثالث: متطلّبات عصر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

الباب الرابع. ٤٤

وفيه فصول: ٤٤

الفصل الأول: الإمام العسكري عليه‌السلام ومتطلّبات الساحة الإسلامية. ٤٤

الفصل الثاني: الإمام العسكري عليه‌السلام ومتطلّبات الجماعة الصالحة. ٤٤

الفصل الثالث: من تراث الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام. ٤٤

الفصل الأول: الإمام العسكري عليه‌السلام ومتطلّبات الساحة الإسلامية ٤٤

١ ـ الحكمة والدقّة في التعامل مع الحكّام ٤٤

٢ ـ الردّ على الشبهات والدفاع عن حريم الرسالة ٤٤

٣ ـ مواجهة الفرق المنحرفة ٤٤

١ ـ الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام والثنوية ٤٤

٢ ـ الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام والصوفية ٤٤

٣ ـ الدعوة إلى دين الحق. ٤٤

الفصل الثاني: الإمام العسكري عليه‌السلام ومتطلّبات الجماعة الصالحة ٤٤

البحث الأول: الإمام الحسن العسكري والتمهيد لقضية الإمام المهدي عليهما‌السلام..... ٤٤

الخطوة الأولى: ٤٤

الخطوة الثانية: ٤٤

الخطوة الثالثة: ٤٤

الخطوة الرابعة: ٤٤

٢١٨

الخطوة الخامسة: ٤٤

الخطوة السادسة: ٤٤

الخطوة السابعة: ٤٤

البحث الثاني: الإعداد لعصر الغيبة ٤٤

البحث الثالث: نظام الوكلاء في عصر الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

البحث الرابع: مدرسة الفقهاء والتمهيد لعصر الغيبة: ٤٤

البحث الخامس: قيادة العلماء الأمناء على حلاله وحرامه ٤٤

البحث السادس: الإمام العسكري عليه‌السلام والفرق الضالّة ٤٤

١ ـ الإمام العسكري عليه‌السلام والواقفة ٤٤

٢ ـ الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام والمفوّضة ٤٤

البحث السابع: من وصايا الإمام العسكري عليه‌السلام وإرشاداته لشيعته ٤٤

البحث الثامن: الإمام العسكري عليه‌السلام والتحصين الأمني. ٤٤

الفصل الثالث: من تراث الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

أوّلاً: التفسير. ٤٤

نماذج من تراثه التفسيري. ٤٤

ثانياً: رسالة المنقبة ٤٤

ثالثاً: مكاتبات الرجال عن العسكريين. ٤٤

رابعاً: مجموعة وصايا الإمام العسكري وكتبه وتوقيعاته ٤٤

خامساً: اهتمامات الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام الفكرية والعلمية ٤٤

من تراثه المعرفيّ. ٤٤

١ ـ التوحيد في نصوص الإمام العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

٢ ـ أهل البيت عليهم‌السلام والإمامة عند الإمام العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

الإمام المهدي عليه‌السلام في تراث الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

السيرة النبوية في تراث الإمام العسكري عليه‌السلام.... ٤٤

المختار من تراثه الفقهي عليه‌السلام.... ٤٤

باب الطهارة: ٤٤

٢١٩

باب الصلاة: ٤٤

باب الصوم: ٤٤

باب الخمس والزكاة: ٤٤

باب الحجّ: ٤٤

باب النكاح والطلاق: ٤٤

باب القضاء والشهادات: ٤٤

باب الوصية: ٤٤

باب الوقف: ٤٤

باب الارث: ٤٤

باب المعيشة: ٤٤

باب الأولاد: ٤٤

المختار من تراثه عليه‌السلام في الدعاء ٤٤

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581