مفاهيم القرآن الجزء ٧

مفاهيم القرآن10%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-223-4
الصفحات: 581

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 581 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 273537 / تحميل: 6506
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٢٣-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

كتاب الأطعمة والأشربة

١٦١

فهرست أنواع الأبواب اجمالا:

أبواب الأطعمة المحرمة.

أبواب آداب المائدة.

أبواب الأطعمة المباحة.

أبواب الأشربة المباحة.

أبواب الأشربة المحرمة.

تفصيل الأبواب.

١٦٢

أبواب الأطعمة المحرمة

١ -( باب تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر، واباحتها عند الضرورة بقدر البلغة)

[١٩٤٦٧] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن محمد بن عبد الله، عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : لم حرم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟ فقال: « إن الله تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده، وأحل لهم ما سواه رغبة منه فيما حرم عليهم، ولا رهبة مما أحل لهم، ولكنه خلق الخلق وعلم ما تقوم به أبدانهم ما يصلحهم، فأحله لهم وأباحه تفضلا منه عليهم لمصلحتهم، وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه وحرمه عليهم، ثم أباحه للمضطر وأحله له في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به، فأمر أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك، ثم قال: أما الميتة فإنه لا يدنو منها أحد ولا يأكل منها، إلا ضعف بدنه، ونحل جسمه وذهبت قوته، وانقطع نسله، ولا يموت إلا فجأة، وأما الدم فإنه يورث آكله الماء الأصفر(١) ، ويبخر الفم، وينتن الريح، ويسئ الخلق، ويورث الكلة(٢) والقسوة للقلب، وقلة الرأفة والرحمة، حتى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالديه، ولا يؤمن على حميمه وعلى من صحبه، وأما لحم الخنزير فإن الله مسخ قوما

__________________

أبواب الأطعمة المحرمة

الباب ١

١ - الاختصاص ص ١٠٣.

(١) الماء الأصفر: مرض يصيب البطن ( لسان العرب ج ٤ ص ٤٦١ ).

(٢) في نسخة: الكلب.

١٦٣

في صور شتى شبه الخنزير والقر والدب، وما كان من الأمساخ، ثم نهى عن أكل مثله(٣) لكي لا ينتفع بها، ولا يستخف بعقوبته، وأما الخمر فإنه حرمها لفعلها وفسادها، وقال: إن مدمن الخمر كعابد وثن، ويورثه الارتعاش ويذهب بقوته، ويهدم مروءته، ويحمله على أن يجسر على المحارم، من سفك الدماء و، ركوب الزنى ولا يؤمن إذا سكر أن يثب على محارمه ».

[١٩٤٦٨] ٢ - الإمام أبو محمد العسكريعليه‌السلام في تفسيره: قال: « قال الله عز وجل:( إِنَّمَا حَرَّ‌مَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ) التي ماتت حتف أنفها بلا ذباحة، من حيث أذن الله فيها( وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ‌ ) أن يأكلوه( وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ‌ اللَّـهِ ) ما ذكر اسم غير الله عليه من الذبائح، وهي التي يتقرب بها الكفار بأسامي أندادهم التي اتخذوها من دون الله، ثم قال عز وجل:( فَمَنِ اضْطُرَّ‌ ) إلى شئ من هذه المحرمات( غَيْرَ‌ بَاغٍ ) وهو غير باغ عند ضرورته على امام هدى( وَلَا عَادٍ ) ولا معتد توالى بالباطل في نبوة من ليس بنبي وإمامة من ليس بإمام( فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ) في تناول هذه الأشياء( إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ‌ ) ستار لعيوبكم أيها المؤمنون( رَّ‌حِيمٌ ) (١) بكم حين أباح لكم في الضرورة ما حرمه في الرخاء ».

[١٩٤٦٩] ٣ - محمد بن إبراهيم النعماني في تفسيره: عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله، عن أمير المؤمنينعليهما‌السلام في خبر طويل في أقسام الآيات، - إلى أن قال -: « وأما ما في القرآن تأويله

__________________

(٣) في الحجرية: الميتة، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٥ والآية: ١٧٣ في سورة البقرة: ٢.

(١) البقرة ٢: ١٧٣.

٣ - تفسير النعماني ص ٤٣ وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٦٨.

١٦٤

في تنزيله، كل آية محكمة نزلت في تحريم شئ من الأمور المتعارفة، التي كانت في أيا العرب، تأويلها في تنزيلها، فليس يحتاج فيها إلى تفسير أكثر من تأويلها، وذلك مثل قوله تعالى في التحريم:( حُرِّ‌مَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ ) (١) إلى آخر الآية، وقوله تعالى:( إِنَّمَا حَرَّ‌مَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ‌ ) (٢) » الآية الخبر.

[١٩٤٧٠] ٤ - علي بن محمد الخزاز في كفاية الأثر: عن محمد بن وهبان، عن داود بن الهيثم، عن جده إسحاق بن بهلول، عن أبيه بن حسان، عن طلحة بن زيد الرقي، عن الزبير بن عطاء، عن عمير بن ماني العبسي، عن جنادة بن أبي أمية، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال في وصيته إليه: « فانزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فإن كان ذلك حلالا كنت قد زهدت فيها، وإن كان حراما لم يكن فيه وزر، فأخذت كما أخذت من الميتة » الخبر.

[١٩٤٧١] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « اعلم - يرحمك الله - إن الله تبارك وتعالى، لم يبح أكلا ولا شربا إلا لما فيه المنفعة والصلاح، ولم يحرم إلا ما فيه الضرر والتلف والفساد، فكل نافع مقو للجسم فيه قوة للبدن فحلال، وكل مضر يذهب بالقوة أو قاتل فحرام، مثل السموم والميتة والدم ولحم الخنزير - إلى أن قال - والميتة تورث الكلب، وموت الفجأة، والآكلة، والدم يقسي القلب، ويورث الداء الدبيلة(١) ، والسموم فقاتلة، والخمر تورث فساد القلب، ويسود الأسنان، ويبخر الفم، ويبعد من الله، ويقرب من سخطه، وهو من شراب إبليس » إلى آخره.

__________________

(١) النساء ٤: ٢٣.

(٢) البقرة ٢: ١٧٣.

٤ - كفاية الأثر ص ٢٢٧.

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

(١) الدبلية بتشديد الدال وضمها: الطاعون، ودمل يظهر في الجوف يقتل صاحبه غالبا ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٣٦٩ ).

١٦٥

[١٩٤٧٢] ٦ - العياشي في تفسيره: عن أبي الصباح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قال: سألته عن النبيذ والخمر، بمنزلة واحدة هما؟ قال: « لا، إن النبيذ ليس بمنزلة الخمر، إن الله حرم الخمر، قليلها وكثيرها، كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير » الخبر.

[١٩٤٧٣] ٧ - وعن أبي الربيع عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في الخمر والنبيذ - قال: « إن النبيذ ليس بمنزلة الخمر، إن الله حرم الخمر بعينها فقليلها وكثيرها حرام، كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير » الخبر.

[١٩٤٧٤] ٨ - كتاب سليم بن قيس الهلالي: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ولولا عهد إلي خليليصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتقدم إلي فيه، لفعلت ولكن قال لي: يا أخي، كلما اضطر إليه العبد، فقد أباحه الله له وأحله » الخبر.

[١٩٤٧٥] ٩ - البحار، عن كتاب عيون الحكم والمواعظ لعلي بن محمد الواسطي: بإسناده إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في جملة كلام له في صفات الصالحين: « نزلوا الدنيا من أنفسهم كالميتة، التي لا يحل لاحد أن يشبع منها إلا في حال الضرورة إليها، وأكلوا منها بقدر ما أبقي لهم النفس وأمسك الروح » الخبر.

٢ -( باب تحريم لحوم المسوخ وبيضها من جميع أجناسها، وتحريم لحوم الناس)

[١٩٤٧٦] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « والعلة في تحريم الجري - وهو

__________________

٦ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٠ ح ١٨٤.

٧ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٢ ح ١٩٠.

٨ - كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٥١.

٩ - بحار الأنوار ج ٧٣ ص ١١١.

الباب ٢

١ - فقه الرضاععليه‌السلام ص ٣٤.

١٦٦

السلور(١) وما جرى مجراه في سائر المسوخ البرية والبحرية - ما فيها من الضرر للجسم، لان الله تقدست أسماؤه مثل على صورها مسوخا، فأراد أن لا يستخف بمثله ».

[١٩٤٧٧] ٢ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن علي، عن كرام، عن عبد الله بن طلحة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الوزغ فقال: « هو رجس وهو مسخ، فإذا قتلته فاغتسل، ثم قال: إن أبي كان قاعدا في الحجر ومعه رجل يحدثه، فإذا وزغ يولول(١) بلسانه، فقال أبي للرجل: أتدري ما يقول هذا الوزغ؟ قال: لا علم لي بما يقول، قال: فإنه يقول: والله لئن ذكرت عثمانا لأسبن عليا أبدا، حتى تقوم من هاهنا ».

ورواه الصفار في البصائر: عن أحمد بن محمد، مثله(٢) .

ورواه الطبري في الدلائل - كما في البحار -: عن علي بن هبة الله، عن الصدوق، تعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، مثله(٣) .

[١٩٤٧٨] ٣ - وعن محمد بن أبي عاتكة الدمشقي، عن الوليد بن سلمة، عن موسى القرشي(١) ، عن حذيفة بن اليمان قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذ قال: « إن الله تبارك وتعالى مسخ من بني إسرائيل اثني عشر جزء، فمسخ منهم القردة، والخنازير، والسهيل، والزهرة، والعقرب، والفيل، والجري وهو سمك لا يؤكل

__________________

(١) السلور بتشديد السين وكسرها وتشديد اللام وفتحها وسكون الواو: جنس سمك بحري ونهري، يبلغ طوله ثلاثة أمتار، ومنه نوع كالرعاد ( المعجم الوسيط ج ١ ص ٤٤٧ ).

٢ - الاختصاص ص ٣٠١، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٢٥ ح ٧.

(١) الولولة: صوت متتابع ( لسان العرب ج ١١ ص ٧٣٦ ).

(٢) بصائر الدرجات ص ٣٧٣.

(٣) دلائل الإمامة ص ٩٩، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٢٥.

٣ - الاختصاص ص ١٣٦، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٢٦ ح ٩.

(١) في المصدر: عبد الرحمن القرشي، وفي البحار: موسى بن عبد الرحمن القرشي.

١٦٧

والدعموص(٢) ، والدب، والضب، والعنكبوت، والقنفذ « قال حذيفة: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فسر لنا هذا كيف مسخوا؟ قال: » نعم.

أما القردة فإنهم مسخوا، لأنهم اصطادوا الحيتان في السبت، على عهد داود النبيعليه‌السلام .

وأما الخنازير فمسخوا، لأنهم كفروا بالمائدة التي نزلت من السماء على عيسى بن مريمعليه‌السلام .

وأما السهيل فمسخ، لأنه كان رجلا عشارا، فمر به عابد من عباد ذلك الزمان، فقال العشار: دلني على اسم الله الذي يمشي به على وجه الماء، ويصعد به إلى السماء، فدله على ذلك، فقال العشار: قد ينبغي لمن عرف هذا الاسم أن لا يكون في الأرض، بل يصعد به إلى السماء، فمسخه الله وجعله آية للعالمين.

وأما الزهرة فمسخت، لأنها هي المرأة التي فتنت هاروت وماروت الملكين.

وأما العقرب فمسخ، لأنه كان رجلا نماما يسعى بين الناس بالنميمة، ويغري بينهم العداوة.

وأما الفيل فإنه كان رجلا جميلا فمسخ، لأنه كان نكح البهائم البقر والغنم شهوة من دون النساء.

وأما الجري فإنه مسخ، لأنه كان رجلا من التجار، وكان يبخس الناس في المكيال والميزان.

وأما الدعموص فإنه مسخ، لأنه كان رجلا إذا جامع النساء لم يغتسل من الجنابة ويترك الصلاة، فجعل الله قراره في الماء إلى يوم القيامة من جزعه عن البرد.

__________________

(٢) الدعموص: دابة صغيرة تكون في مستنقع الماء ( لسان العرب ج ٧ ص ٣٦ ).

١٦٨

وأما الدب فمسخ، لأنه كان رجلا يقطع الطريق، لا يرحم غريبا ولا فقيرا إلا سلبه.

وأما الضب فمسخ، لأنه كان رجلا من الاعراب، وكانت خيمته على ظهر الطريق، وكانت إذا مرت القافلة تقول له: يا عبد الله، كيف يأخذ الطريق إلى كذا وكذا؟ فإن أرادوا القوم المشرق ردهم المغرب، وإن أرادوا المغرب ردهم إلى المشرق، وتركهم يهيمون لم يرشدهم إلى سبيل الخير.

وأما العنكبوت فمسخت، لأنها كانت خائنة للبعل، وكانت تمكن فرجها سواه.

وأما القنفذ فإنه كان رجلا من صناديد العرب فمسخ، لأنه(٣) إذا نزل به الضيف رد الباب في وجهه، ويقول لجاريته: أخرجي إلى الضيف فقولي له: إن مولاي غائب عن المنزل، فيبيت الضيف بالباب جوعا، ويبيت أهل البيت شباعا مخصبين ».

[١٩٤٧٩] ٤ - كتاب محمد بن المثنى: عن عبد السلام بن سالم، عن ابن أبي البلاد، عن عمار بن عاصم السجستاني: قال جئت إلى باب أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فدخلت عليه فقلت: أخبرني عن الحية والعقرب والخنفس وما أشبه ذلك، قال: فقالعليه‌السلام : « أما تقرأ كتاب الله؟ » قال: قلت: وما كل كتاب الله أعرف، فقال: « أو ما تقرأ:( أَلَمْ يَرَ‌وْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُ‌ونِ ) (١) ( يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ ) (٢) قال: فقال: هم أولئك خرجوا من الدار فقيل

__________________

(٣) في المصدر زيادة: كان.

٤ - كتاب محمد بن المثنى ص ٩٢، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٢٨ ح ١١.

(١) يس ٣٦: ٣١.

(٢) السجدة ٣٢: ٢٦.

١٦٩

لهم: كونوا شيئا(٣) ».

[١٩٤٨٠] ٥ - الصدوق في المقنع: واعلم أن الضب والفأرة والقردة والخنازير، مسوخ لا يجوز أكلها، وكل مسخ حرام، ولا تأكل الأرنب فإنه مسخ حرام.

[١٩٤٨١] ٦ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه اتي بضب، فلم يأكل منه وقذره

وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه نهى عن الضب والقنفذ، وغيره من حشرات الأرض كالضب وغيره(١) .

[١٩٤٨٢] ٧ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عباد الله، إن قوم عيسى لما سألوه أن ينزل عليهم مائدة من السماء( قَالَ اللَّـهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ‌ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ) (١) فأنزلها عليهم، فمن كفر منهم بعد مسخه الله إما خنزيرا وإما قردا وإما دبا وإما هرا، وإما على صورة بعض الطيور والدواب التي في البر والبحر، حتى مسخوا على أربعمائة نوع من المسخ ».

[١٩٤٨٣] ٨ - الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: عن محمد بن إبراهيم، عن جعفر بن زيد القزويني، عن زيد الشحام، عن أبي هارون، عن ميثم التمار، عن سعد الخفاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: جاء نفر إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقالوا: إن المعتمد يزعم أنك تقول: هذا

__________________

(٣) في المصدر: نششا.

٥ - المقنع ص ١٤١.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤٢٢.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤٢٣.

٧ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٣٤.

(١) المائدة ٥: ١١٥.

٨ - الهداية للحضيني ص ٣٠ - أ.

١٧٠

الجري مسخ، فقال: « مكانكم حتى أخرج إليكم » فتناول ثوبه ثم خرج إليهم فمضى حتى انتهى إلى الفرات بالكوفة، فصاح: « يا جري » فأجابه: لبيك لبيك، فقال: « من أنا؟ » قال: أنت إمام المتقين وأمير المؤمنين، فقال له أمير المؤمنين: « فمن أنت؟ » فقال: أنا ممن عرضت عليه ولايتك فجحدتها ولم أقبلها، فمسخت جريا، وبعض هؤلاء الذين معك يمسخون جريا، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فبين قصتك، وممن كنت، ومن(١) مسخ معك؟ ».

فقال: نعم، كنا أربع وعشرين طائفة من بني إسرائيل، قد تمردنا وطغينا واستكبرنا، وتركنا المدن لا نسكنها، وسكنا المفاوز رغبة منا في البعد عن المياه والأنهار، فأتانا آت - والله، يا أمير المؤمنين - أنت أعرف به منا، في ضحى النار، فصرخ صرخة فجمعنا في جمع واحد، وكنا منبثين في تلك المفاوز والقفار، فقال لنا: مالكم هربتم من المدن والأنهار وسكنتم في هذه علمت ما في أنفسكم، أفعلى الله تتعززون وتتكبرون؟ فقلنا له: لا، قال: فقال: أفليس أخذ عليكم العهد لتؤمنن بمحمد بن عبد الله المكيصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقلنا: بلى، قال: وأخذ عليكم العهد بولاية وصيه وخليفته من بعده علي بن أبي طالبعليه‌السلام ؟ فسكتنا ولم نجب بألسنتنا وقلوبنا ونياتنا لا نقبلها ولا نقربها، قال لنا: أو لا تقولون بألسنتكم؟ فقلناها جميعا بألسنتنا، فصاح بنا صيحة وقال: بإذن الله كونوا مسوخا، كل طائفة جنسا، أيتها القفار كوني بإذن الله أنهارا تسكنك هذه المسوخ، واتصلي ببحار الدنيا وأنهارها، حتى لا يكون ماء إلا كانوا فيه، فمسخنا ونحن أربع وعشرون طائفة، أربعة وعشرون جنسا، فصاحت اثنتا عشرة طائفة منا: أيها المقتدر علينا بقدرة الله تعالى، بحقه عليك لما أعفيتنا من الماء، وجعلتنا على ظهر الأرض كيف شئت، فقال: قد فعلت.

__________________

(١) في الحجرية: ممن، وما أثبتناه من المصدر.

١٧١

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « هيه يا جري، فبين لنا ما كانت الأجناس الممسوخة البرية والبحرية » فقال: أما البحرية فنحن: الجري، والرق(٢) ، السلاحف، والمار ما هي(٣) ، والزمار(٤) ، والسراطين، وكلاب الماء، والضفادع، ( وبنت يقرض )(٥) والعرضان، والكوسج، والتمساح.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « هيه، والبرية ما هي؟ » قال: نعم يا أمير المؤمنين، هي: الوزع، والخفاش، والكلب، والذر، والقرد، والخنازير، والضب، والحرباء، والورل(٦) ، والخنافس، والأرانب، والضبع.

ثم قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فما فيكم من خلق الانسانية وطبعها؟ » قال الجري: أفواهنا، والبعض لكل صورة وخلق كلنا تحيض منا الإناث.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « صدقت أيها الجري وحفظت ما كان » قال الجري: فهل من توبة؟ فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « الاجل هو يوم القيامة، وهو الوقت المعلوم، والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ».

__________________

(٢) الرق بتشديد الراء وفتحها: نوع من دواب الماء شبه التمساح وقيل: هو العظيم من السلاحف ( لسان العرب ج ١٠ ص ١٢٣ ).

(٣) المارماهي: معرب أصله حية السمك ( مجمع البحرين ج ٣ ص ٤٨٥ ).

(٤) الزمار: سمكة جسمها ممدود شديد الانضغاط من الجانبين، مقدمها طويل أحدب، وجسمها أملس لا تغطيه القشور ( المعجم الوسيط ج ١ ص ٣٩٩ ).

(٥) بنت يقرض: لم نجد فيما بين أيدينا من المعاجم إلا ابن مقرض: دويبة تقتل الحمام ( لسان العرب ج ٧ ص ٢١٦ ) وفي حياة الحيوان ج ٢ ص ٣٢٠ ابن مقرض: دويبة كحلاء اللون طويلة الظهر ذات قوائم أربع أصغر من الفأر تقتل الحمام وتقرض الثياب. فلعله هو المراد في الحديث.

(٦) الورل: دابة أكبر من الضب يكون في الرمال والصحاري ( لسان العرب ج ١١ ص ٧٢٤ ).

١٧٢

قال الأصبغ بن نباتة: فسمعنا والله ما قال ذلك الجري، ووعيناه وكتبناه وعرضناه على أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٣ -( باب تحريم جميع السباع من الطير والوحش من كل ذي ناب أو مخلب وغيرهما، وجملة من المحرمات)

[١٩٤٨٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يؤكل الذئب ولا النمر ولا الفهد ولا الأسد ولا ابن آوى ولا الدب ولا الضبع، ولا شئ له مخلب ».

[١٩٤٨٥] ٢ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام ».

[١٩٤٨٦] ٣ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه ذكر ما يحل أكله وما يحرم بقول مجمل، - إلى أن قال -: « وأما ما يحل من أكل لحم الحيوان، فلحم البقر والغنم والإبل، ومن لحم الوحش كلما ليس له ناب ولا مخلب ».

[١٩٤٨٧] ٤ - الجعفريات: حدثنا أحمد بن محمد بن يوسف قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن يوسف بن أبي الحارث قال: حدثنا موسى بن داود قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ثعلبة الحبشي قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ينهى عن كل ذي ناب من السباع.

[١٩٤٨٨] ٥ - الصدوق في الهداية: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤٢٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤١٩.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٢ ح ٤١٨.

٤ - الجعفريات ص ٢٤٩.

٥ - الهداية ص ٧٨.

١٧٣

« كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام، والحمر الانسية حرام ».

[١٩٤٨٩] ٦ - عوالي اللآلي: عن النبي ( صلى الله عليه آله )، أنه نهى عن لحم كل ذي ناب من السباع.

٤ -( باب كراهة لحوم الحمر الأهلية، وعدم تحريمها)

[١٩٤٩٠] ١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام ، يقول: « إن الناس أكلوا لحوم دوابهم يوم خيبر فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله باكفاء القدور، فنهاهم عن ذلك ولم يحرمها ».

[١٩٤٩١] ٢ - العياشي في تفسيره: عن حريز، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن أكل لحوم الحمير، وإنما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوه(١) ، وليس الحمير بحرام ».

[١٩٤٩٢] ٣ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الحمر الأهلية(١) حرام ».

ونهى عن أكل لحومها يوم خيبر.

قلت: لا بد [ من ](٢) حمله على النسخ، أو على الكراهة لما تقدم.

__________________

٦ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨٣ ح ٢٥١.

الباب ٤

١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٣.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٨٢ ح ١١٨.

(١) ورد في هامش الحجرية ما نصه: كذا في نسختي، ونسخة البحار والبرهان، والظاهر أن الأصل: « ظهورها أن يفنوها » كما في الخبر المروي في الأصل [ راجع الوسائل في الحديث ٦ من الباب ٤ من أبواب الأطعمة المحرمة ج ١٦ ] ( منه، قده ).

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٢٧.

(١) في المصدر: الانسية.

(٢) ليس في المصدر ولا في الحجرية وما أثبتناه للسياق.

١٧٤

٥ -( باب كراهة لحوم الخيل والبغال، وعدم تحريمها)

[١٩٤٩٣] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « مر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على رجل من الأنصار، وهو قائم على فرس له يكيد بنفسه(١) ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اذبحه يكن لك(٢) أجر بذبحك إياه، وأجر باحتسابك له: فقال يا رسول الله، ألي منه شئ؟ فقال: نعم، كل وأطعمني، فأهدى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [ منه ](٣) - فخذا [ فأكل ](٤) وأطعمنا ».

[١٩٤٩٤] ٢ - وروينا عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه نهى عن ذبح الخيل، فيشبه - والله أعلم - أن يكون نهيه عن ذلك، إنما هو استهلاك السالم السوي منها، لان الله عز وجل أمر باستعدادها وارتباطها في سبيله، والذي جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنما هو فيما أشفى على الموت وخيف عليه الهلاك منها.

وعن أبي جعفر(١) عليه‌السلام ، أنه قال: « لا يؤكل البغال »(٢) .

[١٩٤٩٥] ٣ - العياشي في تفسيره: عن حريز، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئل عن سباع الطير والوحش، حتى ذكر القنافذ والوطواط والحمير والبغال والخيل، فقال: « ليس الحرام إلا ما حرم الله في

__________________

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٢٥.

(١) يكيد بنفسه: يجود بها عند نزع روحه ونفسه ( لسان العرب ج ٣ ص ٣٨٣ ).

(٢) في المصدر زيادة: أجران.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٢٦.

(١) في المصدر: عن جعفر بن محمد.

(٢) نفس المصدر ج ٢ ص ٢٤ ١ ح ٤٢٨.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٨٢ ح ١١٨.

١٧٥

كتابه، وقال: نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) عن أكل لحوم الحمير، وإنما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوها(٢) ، وليس الحمير بحرام

وقال: اقرأ هذه الآيات:( قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّ‌مًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ‌ فَإِنَّهُ رِ‌جْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ‌ اللَّـهِ ) (٣) ».

قلت: ذكر الشيخ وغيره الوجه في هذا الخبر، وهو مذكور في الأصل(٤) فراجع

٦ -( باب حكم أكل الغراب وبيضه، من الزرع وغيره)

[١٩٤٩٦] ١ - عوالي اللآلي: روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه أتي بغراب فسماه فاسقا، وقال: « والله ما هو من الطيبات ».

٧ -( باب تحريم أكل السمك الذي ليس له فلوس، وبيعه، وإباحة ما له فلوس، وحكم الأسقنقور(*) )

[١٩٤٩٧] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « لا يؤكل من دواب البحر إلا ما كان له قشر ».

[١٩٤٩٨] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « يؤكل من المسك ما كان له

__________________

(١) في المصدر زيادة: يوم خيبر.

(٢) في الحجرية: يفنوه، وما أثبتناه هو الصواب، وفي المصدر: ظهرهم أن يفنوه.

(٣) الانعام ٦: ١٤٥.

(٤) وسائل الشيعة في الحديث ٦ من الباب ٤ من أبواب الأطعمة المحرمة ج ١٦.

الباب ٦

١ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤٦٨ ح ٢٧.

الباب ٧

* سقنقور: حيوان من العظاء القصيرات الألسنة يشبه الوزع والضب. ( انظر ملحق لسان العرب ج ٢ ص ٣٤ ومجمع البحرين ج ٣ ص ٣٣٤ ).

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٢ ح ٨ ٤١.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

١٧٦

فلوس ».

[١٩٤٩٩] ٣ - الصدوق في المقنع: وكل من السمك ما كان له قشور، ولا تأكل ما ليس له قشور.

[١٩٥٠٠] ٤ - الكشي في رجاله: عن محمد بن مسعود، عن جعفر بن محمد، عن العمركي، عن أحمد بن شيبة، عن يحيى بن المثنى، عن علي بن الحسن بن رباط(١) ، عن حريز قال: دخلت على أبي حنيفة فقال لي: أسألك عن مسألة لا يكون فيها شئ، ما تقول في جمل أخرج من البحر، فقلت: إن شاء فليكن جملا، وإن شاء فليكن بقرة، إن كانت عليه فلوس أكلنا، وإلا فلا.

[١٩٥٠١] ٥ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن جعفر بن الحسين المؤمن، عن حيد بن محمد بن نعيم قال: حدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود العياشي جميعا، عن محمد بن مسعود، مثله.

٨ -( باب تحريم أكل الجري والمار ما هي والزمير، وبيعها وشرائها)

[١٩٥٠٢] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يؤكل الجري، ولا المار ما هي، ولا الزمار ».

الصدوق في المقنع مثله: وفيه: « ولا الزمير »(١) .

__________________

٣ - المقنع ص ١٤٢.

٤ - رجال الكشي ج ٢ ص ٦٨١ ح ٧١٨.

(١) في الحجرية: « علي بن الحسن وزياد » وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٣٢٧ و ج ٤ ص ٢٥٥ ).

٥ - الاختصاص ص ٢٠٦.

الباب ٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) المقنع ص ١٤٢.

١٧٧

[١٩٥٠٣] ٢ - وفي كمال الدين: عن علي بن أحمد الدقاق، عن الكليني، عن علي بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن موسى، عن أحمد بن القاسم العجلي، عن أحمد بن يحيى المعروف ببرد، عن محمد بن خداهي، عن عبد الله بن أيوب، عن عبد الله بن هشام، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي(١) ، عن حبابة الوالبية، قالت: رأيت أمير المؤمنينعليه‌السلام في شرطة الخميس ومعه درة يضرب بها بياعي الجري والمار ما هي والزمير والطافي، ويقول لهم: « يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان » فقام إليه فرات بن الأحنف فقال: يا أمير المؤمنين، وما جند بني مروان؟ فقال له: « أقوام حلقوا اللحي وفتلوا الشوارب ».

[١٩٥٠٤] ٣ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: كان أصحاب المغيرة يكتبون إلى، أن أسأله عن الجريث(١) والمار ما هي والزمير وما ليس له قشر من السمك، حرام هو أم لا؟ فسألته عن ذلك، فقال: « اقرأ هذه الآية التي في الانعام » قال: فقرأتها حتى فرغت منها، قال: فقال لي: « إنما الحرام ما حرم الله في كتابه، ولكنهم كانوا يعافون الشئ ونحن نعافه ».

العياشي في تفسيره: عن محمد بن مسلم، عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٩٥٠٥] ٤ - وعن زرارة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، عن

__________________

٢ - كمال الدين ص ٥٣٦ ح ١.

(١) في الحجرية: « عبد الكريم بن عمر الجعفي » وما أثبتناه هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ١٠ ص ٦٧ ).

٣ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٥.

(١) الجريث بكسر الجيم وتشديد الراء: نوع من السمك يشبه الحيات ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٢٤٣ ).

(٢) تفسير العياشي ج ١ ص ٣٨٢ ح ١١٩.

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٨٣ ح ١٢٠.

١٧٨

الجري فقال: « وما الجري؟ » فنعته له، فقال:( قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّ‌مًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ ) (١) إلى آخر الآية، ثم قال: « لم يحرم الله شيئا من الحيوان في القرآن، إلا الخنزير بعينه، ويكره كل شئ من البحر ليس فيه قشر » قال: قلت: وما القشر؟ قال: « هو الذي مثل الورق، وليس هو بحرام، إنما هو مكروه ».

[١٩٥٠٦] ٥ - الحافظ البرسي في مشارق الأنوار: عن زيد الشحام، بإسناده عن ابن نباتة قال: إن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، جاءه نفر من المنافقين، فقالوا له: أنت الذي تقول: إن هذا الجري مسخ حرام، فقال: « نعم » فقالوا: أرنا برهانه، فجاء بهم إلى الفرات فنادى: « هناس هناس(١) ، فأجابه الجرى: لبيك، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : » من أنت؟ « فقال: ممن عرض عليه ولايتك فأبى ومسخ، وإن فيمن معك لمن يمسخ كما مسخنا، ويصير كما صرنا، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : » بين قصتك، ليسمع من حضر فيعلم فقال: نعم، كنا أربعا وعشرين قبيلة من بني إسرائيل، وكنا قد تمردنا وعصينا، وعرضت ولايتك علينا فأبينا، وفارقنا البلاد واستعملنا الفساد، فجاء نا آت - أنت والله أعلم به منا - فصرخ فينا صرخة، فجمعنا جمعا واحدا، وكنا متفرقين في البراري، وجمعنا لصرخته، ثم صاح صيحة أخرى وقال: كونوا مسوخا بقدرة الله، فمسخنا أجناسا مختلفة، ثم قال: أيها القفار كونوا أنهارا تسكنك هذه المسوخ، واتصلي ببحار الأرض حتى لا يبقى ماء إلا وفيه هذه المسوخ فصرنا مسوخا كما ترى.

وتقدم عن الحضيني: ما يقرب منه(٢) .

__________________

(١) الانعام ٦: ١٤٥.

٥ - مشارق الأنوار ص ٧٧.

(١) في المصدر: مناش مناش.

(٢) تقدم في الحديث ٨ من الباب ٢.

١٧٩

٩ -( باب عدم تحريم الربيثا(*) ، وأنه يكره)

[١٩٥٠٧] ١ - الصدوق في الهداية: وسئل الصادقعليه‌السلام ، عن الربيثا، فقال: « لا تأكلها، فإنا لا نعرفها في السمك ».

قلت: وهو محمول على الكراهة، للاخبار الكثيرة الناصة في تحليلها.

١٠ -( باب تحريم المسك الطافي، وما يلقيه الماء ميتا، وما نضب عنه الماء)

[١٩٥٠٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه نهى عن الطافي، وهو ما مات في البحر من صيد قبل أن يؤخذ.

[١٩٥٠٩] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يؤكل الجري ولا المار ما هي(١) ولا الطافي، وهو الذي يموت في الماء فيطفو على رأس الماء ».

[١٩٥١٠] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا تأكل الجري والمار ما هي ولا الزمير، ولا الطافي وهو الذي يموت في الماء فيطفو على وجه الماء.

[١٩٥١٠] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا تأكل الجري والمارماهي ولا الزمير، ولا الطافي وهو الذي يموت في الماء فيطفو على وجه الماء.

[١٩٥١١] ٤ - البحار، عن كشف المناقب: عن أبي مطر، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام - في حديث شريف - قال ثم مرعليه‌السلام مجتازا ومعه المسلمون، حتى أتى أصحاب السمك، فقال: « لا يباع في سوقنا طاف » الخبر.

__________________

الباب ٩

* الربيثا، بتشديد الراء وفتحها: نوع من السمك له فلس صغير ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٢٥٤ ).

١ - الهداية ص ٧٩.

الباب ١٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٥ ح ٤٣٣.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) في المصدر زيادة: ولا الزمار.

٣ - المقنع ص ١٤٢.

٤ - بحار الأنوار ج ٤٠ ص ٣٣١ ح ١٤ عن كشف الغمة ج ١ ص ١٦٣، عن المناقب ص ٧٠.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

وفد الحبشة إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للإستطلاع على أمر الدعوة:

لـمّا بلغ خبر رسول الله إلى الحبشة وهم نصارى، فقدم منهم إلى مكّة عشرون رجلاً ليقفوا على حقيقة الأمر عن كثب، فوجدوا النبي في المسجد، فجلسوا إليه وكلّموه وسألوه، ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة، فلمّا فرغوا من مسألة رسول الله عمّا أراد، ودعاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الله عزّ وجلّ وتلا عليهم القرآن، فلمّا سمعوا القرآن فاضت أعينهم من الدمع، ثمّ استجابو لله وآمنوا بالنبيّ وصدّقوه وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره، فلمّا قاموا عنه إعترضهم أبو جهل بن هشام في نفر من قريش فقالوا لهم: خيّبكم الله من ركب بعثكم من ورائكم من أهل دينكم، ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل فلم تطمئنّ مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم، وصدّقتموه بما قال، ما نعلم ركباً أحمق منكم، فقالوا لهم: سلام عليكم لا نجاهلكم، لنا ما نحن عليه، ولكم ما أنتم عليه، لم نأل أنفسنا خيراً، وفيهم نزل قوله سبحانه:

( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ *وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ *أُولَٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ *وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الجَاهِلِينَ ) ( القصص / ٥٢ ـ ٥٥ )(١) .

إلى هنا تمّ الفراغ من بيان الحوادث المهمّة في الفترة الواقعة بين بعثته وهجرته وبقيت هناك عدّة حوادث يقف عليها من سبر التفاسير، فتركنا ذكرها روماً للإختصار.

__________________

(١) السيرة النبويّة، لابن هشام: ج ١ ص ٣٩٢، مجمع البيان: ج ٤ ص ٣٥٨، مع اختلاف يسير بين المصدرين.

٢٢١
٢٢٢

(٨)

في رحاب الهجرة إلى يثرب

الهجرة في اللّغة هو الخروج من أرض إلى أرض(١) فلو ترك إنسان أرضاً وانتقل إلى أرضٍ اُخرى لغاية من الغايات، يقال إنّه هاجر، ولكنّها في مصطلح القرآن هو الإنتقال من أرض إلى أرض لغاية قدسية كحفظ الإيمان والتمكّن من إقامة الفرائض على وجه تكون قداسة الهدف مقوّماً لمفهوم المهاجرة إلى حدٍّ استعمله النبيّ في ترك المحرّمات ونبذ المعاصي وإن لم يكن هناك إنتقال من مكان إلى مكان، بل كان هناك إنتقال الرّوح من العصيان إلى الطّاعة. قال: « المهاجر من هجر ما حرّم الله عليه »(٢) .

والهجرة في مصطلح أهل السيرة والتاريخ والتفسير من المسلمين هو هجرة الرسول من موطنه إلى يثرب للتخلّص من مؤامرة قريش على سجنه أو قتله أو نفيه، وليس الرسول بدعاً في ذلك فقد ذكر القرآن مهاجرة لفيف من الأنبياء.

فهذا هو إبراهيم الخليل لـمّا اُلقي في النار، ونجّاه الله سبحانه غادر موطنه، قال سبحانه حاكياً قصّته:

( قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الجَحِيمِ *فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَسْفَلِينَ *وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ *رَبِّ هَبْ لِي مِنَ

__________________

(١) لسان العرب: مادة « هجر ».

(٢) جامع الاُصول: ج ١ ص ١٥٤.

٢٢٣

الصَّالِحِينَ ) ( الصافّات / ٩٧ ـ ١٠٠ ) فنزل الخليل الأراضي المقدّسة ووهبه سبحانه إسحاق ويعقوب. قال تعالى:

( وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيًّا ) ( مريم / ٤٩ ).

وهذا لوط وقد تبع إبراهيم وغادر موطنه كما يحكي عنه قوله سبحانه:( فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) ( العنكبوت / ٢٦ ).

وهذا موسى بن عمران فلمّا وقف على أنّ الملأ يأتمرون به ليقتلوه غادر أرض الفراعنة ونزل مدين. يقول سبحانه:( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) ( القصص / ٢١ ).

وأمّا النبيّ الأكرم فقد خرج في موسم الحج ولقيه فيه نفر من الخزرج فقال لهم: من أنتم ؟ فقالوا: نفر من الخزرج، قال: أمن موالي يهود ؟ قالوا: نعم. قال: أفلا تجلسون أكلّمكم ؟ قالوا: بلى. فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عزّ وجلّ وعرض عليهم الإسلام، وتلى عليهم القرآن. قال: وكان ممّا صنع الله بهم في الإسلام أنّ اليهود كانوا معهم في بلادهم، وكانوا أهل كتاب وعلم، وكانوا هم أهل شرك وأصحاب أوثان، وكانوا قد غزوهم ببلادهم، وكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم: إنّ نبيّنا مبعوث الآن قد أظلّ زمانه نتبعهُ فنقتلكم معهُ قتل عاد وإرم، فلمّا كلّم رسول الله اُولئك النفر ودعاهم إلى الله، قال بعضهم لبعض: ياقوم، تعلموا والله إنّه النبيّ الذي توعدكم به اليهود، فلا تسبقنّكم إليه. فأجابوه فيما دعاهم إليه بأن صدّقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام، وقالوا: إنّا قد تركنا قومنا، ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك، فستقدم عليهم، فندعوهم إلى أمرك، وتعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليه فلا رجل أعزّ منك.

ثمّ انصرفوا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله راجعين إلى بلادهم، وقد آمنوا وصدّقوا. فلمّا قدموا المدينة إلى قومهم ذكروا لهم رسول الله ودعوهم إلى الإسلام، حتّى فشا فيهم، فلم يبق دار من دور الأنصار إلّا وفيه ذكر لرسول الله.

٢٢٤

حتّى إذا كان في العام المقبل وأتى الموسم من الخزرجيين اثنا عشر رجلاً بالعقبة، فبايعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على بيعة النساء(١) وذلك قبل أن تفرض عليهم الحرب

يقول عبادة بن الصامت: فبايعنا على أن لا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف. وقال النبيّ: فإن وفّيتم فلكم الجنّة وإن خشيتم من ذلك شيئاً فأمركم إلى الله عزّ وجلّ إن شاء عذّب وإن شاء غفر

ثمّ إنّ النبي بعث إلى يثرب مصعب بن عمير ليعلّمهم القرآن، وذلك باستدعاء أسعد بن زرارة ـ أحد رؤساء الخزرجيين ـ، فصارت نتيجة ذلك أن وافى النبيّ في العام المقبل في العقبة الثانية وفود من الخزرجيين والأوسيين، فبايعوا النبيّ في الشعب

فتكلّم رسول الله، فتلا القرآن، ودعا إلى الله، ورغَّب في الإسلام. ثمّ قال اُبايعكم على أن تمنعوني ممّا تمنعون منه نساءكم وأبناءكم

فقام أبو الهيثم بن التيهان، وقال يا رسول الله: إنّ بيننا وبين الرجال حبالاً وإنّا قاطعوها فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثمّ أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟ قال: فتبسمّ رسول الله ثمّ قال: بل الدم بالدم، والهدم بالهدم(٢) أنا منكم وأنتم منّي، أحارب من حاربتم، واُسالم من سالمتم

ثمّ قال: أخرجوا إليّ منكم اثنيّ عشر نقيباً ليكونوا على قومهم بما فيهم ،

__________________

(١) ذكر الله تعالى بيعة النساء في القرآن وقال:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ( الممتحنة / ١٢ ). ترى المماثلة بين بيعة الخزرجيّين وبيعة النساء في الموادّ والمضامين.

(٢) الهدم: الحرمة، أي ذمتي وحرمتي حرمتكم.

٢٢٥

فأخرجوا منهم اثنيّ عشر نقيباً تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس

فلمّا انتشرت مبايعة الأوس والخزرج لرسول الله، خافت قريش على نفسها خصوصاً بعد ما وقفوا على أنّ المعذّبين في مكّة أخذوا يهاجرون إلى يثرب، فأذعنوا أنّ النبيّ أيضاً سوف يخرج إليهم ويتّخذها مأوى لنفسهِ وأصحابه، وليشنّ عليهم الحرب وينكّلهم، فاجتمعوا

قال ابن إسحاق: « فلمّا رأت قريش أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنّهم قد نزلوا داراً، وأصابوا منهم منعة، فحذروا خروج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إليهم، وعرفوا أنّه قد أجمع لحربهم. فاجتمعوا له في دار الندوة وهي دار قصيّ بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمراً إلّا فيها، يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين خافوه

فتشاوروا فقال قائل منهم: إحبسوه في الحديد واغلقوا عليه باباً، ثمّ تربّصوا به ما أصاب من الشعراء الذين كانوا قبله: زهيراً والنابغة حتّى يصيبهُ ما أصابهم، وقال قائل منهم: نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا، وقال أبوجهل بن هشام: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتىً شابّاً جليداً نسيباً وسيطاً فينا، ثمّ نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً، ثمّ يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه فنستريح منه، فإنّهم إذا فعلوا ذلك تفرّق دمه في القبائل جميعاً، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعاً، فرضوا منّا بالعقل فعقلناه لهم، فتفرّق القوم على ذلك وهم مجمعون له، فأتى جبرئيل وقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه. قال فلمّا كان عتمة من الليل إجتمعوا على بابه يرصدونه متىٰ ينام فيثبون عليه، فلمّا رآى رسول الله مكانهم قال لعليّ بن أبي طالب: نم على فراشي وتسبّح ببردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه، فخرج عليهم رسول الله، وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه، وجعل القوم يتطلّعون فيرون عليّاً علىٰ الفراش متسجّياً ببرد رسول الله، فيقولون: والله إنّ هذا لمحمّد نائماً عليه برده، فلم يبرحوا كذلك، وحتى أصبحوا، فقام عليٌّ

٢٢٦

رضي‌الله‌عنه عن الفراش »(١) فباؤوا بالفشل وانصرفوا عن إيذاء عليٍّ وقتله.

وإلى تلك المؤامرة يشير قوله سبحانه:( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ ) ( الأنفال / ٣٠ ). وفيه تصريح بآرائهم الثلاثة التي أبدوا بها في الندوة، وأجمعوا على القتل.

عزب عن قريش أنّه سبحانه تعهّد على نفسه نصر أنبيائه ورسله، فقال سبحانه:( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ *إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنصُورُونَ ) ( الصافّات / ١٧١ ـ ١٧٢ ).

أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً أن يتخلّف بعده بمكّة حتّى يؤدّي عن رسول الله الأمانة التي كانت عنده للناس، وليس بمكّة أحد عنده شيء إلّا وضعه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند عليٍّ، فخرج رسول الله عامداً إلى غار بثور(٢) وبقى فيها ثلاثاً، واستنفدت قريش طاقتها في الوقوف على محلّه، وجعلت مائة ناقة لمن يردّه إليها، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع دليله ( عبد الله بن أرقط ) ومعهما أبو بكر فسلك بهما أسفل مكّة ثمّ مضى على الساحل حتّى عارض الطريق أسفل من عسفان حتى قدم قباء باثنتىٰ عشرة ليلة خلّت من شهر ربيع الأوّل يوم الإثنين، حتّى اشتدّ الضحى وكانت الشمس تعتدل(٣) .

وإلى هجرته هذه واختفائه في الغار ونزول نصرته سبحانه عليه يشير قوله سبحانه:

( إلّاتَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ( التوبة / ٤٠ ).

__________________

(١) السيرة النبوية، لابن هشام: ج ١ ص ٤٢٨ ـ ٤٨٣.

(٢) جبل بأسفل مكّة.

(٣) السيرة النبويّة: ج ١ ص ٤٨٥ ـ ٤٩٢.

٢٢٧

والضمير في قوله:( أَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) يرجع إلى النبيّ بشهادة قوله:( وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا ) . فما هي النكتة في أفراد الضمير ؟

روى البيهقي عن ابن عباس كان رسول الله بمكّة فاُمر بالهجرة واُنزل عليه:( وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا ) ( الإسراء / ٨٠ )(١) .

وقد نقل غير واحد من المفسّرين: إنّ النبيّ لما بلغ في هجرته الجحفة تذكّر موطنه، فنزل عليه الوحي مبشّراً بأنّه سوف يرد إلى موطنه ويزوره، قال سبحانه:( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ) ( القصص / ٨٥ ).

روى السيوطي: « لما خرج النبي من مكّة فبلغ الجحفة إشتاق إلى مكّة فأنزل الله:( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ) : إلى مكّة، وعن عليِّ بن الحسينعليه‌السلام قال: كل القرآن مكّي أو مدني غير قوله:( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ) فإنّها اُنزلت على رسول الله بالجحفة حين خرج إلى المدينة فلا هي مكّية ولا مدنية، وكل آية نزلت على رسول الله قبل الهجرة فهي مكيّة نزلت بمكة أو بغيرها من البلدان، وكل آية نزلت بالمدينة بعد الهجرة فإنّها مدنيّة نزلت بالمدينة أو بغيرها من البلدان »(٢) .

وقد أشار الذكر الحكيم إلى موطنهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله:( وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ ) ( محمد / ١٣ ).

__________________

(١) دلائل النبوّة: ج ٢ ص ٥١٦، وأخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب تفسير سورة الإسراء الحديث ٣١٣٩.

(٢) الدر المنثور في التفسير بالمأثور: ج ٥ ص ١٣٩ و ١٤٠، ومجمع البيان: ج ٧ ص ٢٦٨ و ٢٦٩.

٢٢٨

قدومهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قباء

قدم النبي حسب ما يذكره ابن هشام قباء لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل يوم الإثنين حين اشتدّ الضحى وكانت الشمس تعتدل، وأقام عليّ بن أبي طالب بمكّة ثلاثة ليال وأيامها حتى أدّى عن رسول الله الودائع التي كانت لرسول الله عنده، حتى إذا فرغ منها لحق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فأقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بـــ‍ « قباء » في بني عمر بن عوف يوم الإثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس، وأسّس مسجده الذي اُشير إليه في قوله سبحانه:( لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ ) ( التوبة / ١٠٨ )(١) .

إطلالة على نشأة التاريخ الهجري

المشهور أنّ أوّل من أرّخ بالتاريخ الهجري هو عمر بن الخطاب. يقول اليعقوبي: « وفيها ( سنة ١٦ ه‍ ) أرّخ عمر الكتب وأراد أن يكتب التاريخ منذ مولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ قال: من المبعث، فأشار عليه عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أن يكتبه من الهجرة، فكتبه من الهجرة(٢) .

وروى الحاكم عن سعيد بن المسيب أنّه قال: جمع عمر الناس فسألهم من أيّ يوم يكتب التاريخ ؟ فقال عليّ بن أبي طالب: من يوم هاجر رسول الله، وترك أرض الشرك، ففعله عمررضي‌الله‌عنه ، هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه(٣) .

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٣ ص ٧٢.

(٢) تاريخ اليعقوبي: ج ٢ ص ١٣٥ ( طبع النجف ).

(٣) مستدرك الصحيحين، الحاكم: ج ٣ ص ١٤.

٢٢٩

ويظهر من ابن كثير الدمشقي أنّ اليعقوبي والحاكم لخّصا القصة وكانت هي أطول ممّا ذكراه. حيث نقل عن الواقدي أنّه قال:

« وفي الربيع الأوّل من هذه السنة ـ أعني سنة ١٦ ـ كتب عمر بن الخطاب التاريخ وهو أوّل من كتبه.

وأضاف ابن كثير قائلاً: قد ذكرنا سببه في سيرة عمر، وذلك انّه رفع إلى عمر صكّ مكتوب لرجل على آخر بدين يحلّ عليه في شعبان، فقال: أي شعبان ؟ أمن هذه السنة أم التي قبلها، أم التي بعدها ؟ ثمّ جمع الناس فقال: ضعوا للناس شيئاً يعرفون فيه حلول ديونهم، فيقال: إنّهم أراد بعضهم أن يؤرّخوا كما تؤرّخ الفرس بملوكهم كلّما هلك ملك أرّخوا من تاريخ ولاية الذي بعده فكرهوا ذلك، ومنهم من قال: أرّخوا بتاريخ الروم من زمان إسكندر فكرهوا ذلك، ولطوله أيضاً، وقال قائلون: أرّخوا من مولد رسول الله، وقال آخرون: من مبعثهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأشار عليّ بن أبي طالب وآخرون أن يؤرّخ من هجرته من مكّة إلى المدينة لظهوره لكل أحد، فإنّه أظهر من المولد والمبعث، فاستحسن ذلك عمر والصحابة، فأمر عمر أن يؤرّخ من هجرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأرّخوا من أوّل تلك السنة من محرّمها، وعند مالكرحمه‌الله فيما حكاه عن السهيلي(١) وغيره أنّ أوّل السنة من ربيع الأوّل لقدومهصلى‌الله‌عليه‌وآله على المدينة، والجمهور على أنّ أوّل السنة من المحرّم لأنّه أضبط لئلاّ تختلف الشهور، فإنّ المحرّم أوّل السنة الهلالية العربية(٢) .

ولكن الجزم والإذعان بصحّة هذه النقول مشكل، والظاهر أنّ أوّل من أرّخ بالسنة الهجريّة، هو النبيّ الأكرم حسب تضافر النصوص الموجودة في ثنايا الكتب وما ظفرنا عليه من النصوص تدلّ على كون التأريخ بالهجرة في زمن النبي وبعده.

__________________

(١) كذا في المصدر والظاهر زيادة كلمة « عن ».

(٢) البداية والنهاية: ج ٧ ص ٧٥ و ٧٦. طبع دار الكتب العلميّة.

٢٣٠

١ ـ ما روي عن الزهري: إنّ رسول الله لـمّا قدم المدينة مهاجراً أمر بالتاريخ فكتب في ربيع الأوّل(١) .

٢ ـ ما رواه الحاكم وصحّحه عن عبد الله بن العباس أنّه قال: كان التاريخ في السنة التي قدم فيها رسول الله المدينة، وفيها ولد عبد الله بن الزبير(٢) .

ودلالته على المقصود واضحة، لأنّه قال: « كان التاريخ في السنة » ولم يقل « من السنة ».

٣ ـ إنّ بعض الصحابة كانوا يعدّون بالأشهر من مهاجرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أواسط السنة الخامسة، مثلاً أرّخوا تحويل القبلة على رأس سبعة عشر شهراً، وفرض رمضان على رأس ثمانية عشر شهراً من هجرة الرسول(٣) .

٤ ـ ما رواه أبو نعيم عن عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لسلمان الفارسي وهو مؤرّخ بسنة تسع للهجرة، وهو ينقل عن الحسين بن محمد بن عمرو الوثابي: إنّه رأى هذا السجل بشيراز بيد سبط لغسّان بن زاذان بن شاذويه بن ماهبنداز، وهو أخو سلمان، وهذا العهد بخط عليّ بن أبي طالب، مختوم بخاتم النبي، فنسخ منه ما صورته:

« بسم الله الرّحمن الرّحيم. هذا كتاب من محمد رسول الله ـ سأله سلمان وصيّة بأخيه ماهبنداز أهل بيته وعقبه » وفي آخر العهد: « وكتب عليّ بن أبي طالب بأمر رسول الله في رجب سنة تسع من الهجرة، وحضره أبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرّحمان، وسعد، وسعيد، وسلمان، وأبوذر، وعمّار، وعيينة، وصهيب، وبلال، والمقداد، وجماعة آخرون من المؤمنين ».

__________________

(١) فتح الباري: ج ٧ ص ٢٠٨، وإرشاد الساري: ج ٦ ص ٢٣٣.

(٢) مستدرك الصحيحين، للحاكم النيسابوري: ج ٣ ص ١٣ و ١٤.

(٣) تاريخ الخميس: ج ١ ص ٣٦٨، ومن راجع الكتب المؤلّفة حول السيرة يجد ذلك بوضوح، فإنّ أكثر الحوادث في السنين الاُولى بعد الهجرة مؤّرخة بالشهور.

٢٣١

وذكره أيضاً أبو محمد بن حيّان عن بعض من عني بهذا الشأن: إنّ رهطاً من ولد أخي سلمان بشيراز زعيمهم رجل يقال له ( غسّان ) بن زاذان معهم هذا الكتاب بخط عليّ بن أبي طالب في يد غسّان، مكتوب في أديم أبيض مختوم بخاتم النبي وخاتم أبي بكر وعليّ ـ رضي الله عنهما ـ على هذا العهد حرفاً بحرف إلّا أنّه قال: وكتب عليّ بن أبي طالب، ولم يذكر عيينة مع الجماعة(١) .

ونقل أيضاً عن أبي كثير بن عبد الرحمان بن عبد الله بن سلمان الفارسي، عن أبيه، عن جدّه أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أملى هذا الكتاب على عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه : هذا ما فادى محمد بن عبد الله رسول الله فدى سلمان الفارسي من عثمان بن الأشهل اليهودي، ثمّ القرظي بغرس ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية ذهب، فقد برء محمد بن عبد الله رسول الله لثمن سلمان الفارسي، وولاّه لمحمد بن عبد الله رسول الله وأهل بيته فليس لأحد على سلمان سبيل. شهد على ذلك: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعليّ بن أبي طالب وكتب عليّ بن أبي طالب يوم الإثنين في جمادي الاُولى مهاجر محمد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

٥ ـ كتب خالد بن وليد لأهل دمشق: إنّي قد أمنتهم على دمائهم وأموالهم وكنائسهم وفي آخره شهد أبو عبيدة بن الجرّاح وشرحبيل بن حسنة، وكتب سنة ١٣(٣) .

إلى غير ذلك من النصوص التي جاء بها الفاضل المتتبّع السيّد جعفر مرتضى

__________________

(١) ذكر أخبار اصبهان: ج ١ ص ٥٣.

(٢) المصدر السابق: ج ١ ص ٥٢، والظاهر أنّ المراد من « المهاجر » هو عام الهجرة لامكانها، ويؤيّد ذلك: إنّ سلمان عرف الرسول إبّان قدومه بالمدينة وآمن والتحق به، والظاهر أنّ توصيف أبي بكر بما في الرواية من تلاعب الرواة، حيث لم يكن يوم ذلك معروفاً به. لاحظ: السيرة النبويّة لابن هشام: ج ١ ص ٢١٨ و ٢١٩.

(٣) الأموال لأبي عبيد الثقفي القاسم بن سلام، ـ ( المتوفّى ٢٢٤ ): ص ٢٩٧.

٢٣٢

العاملي في مقاله في مجلة الهادي(١) وهذا يعرب عن أنّ التاريخ بالهجرة كان قبل الخليفة، وغاية ما يمكن تصحيح ما ورد بأنّ الخليفة أرّخ بالهجرة هو أنّ النبيّ أرّخ بالهجرة ولم يشتهر بين الناس لقلّة حاجاتهم إلى التاريخ، فلمّا إنتشر الإسلام خارج الجزيرة مسّت الحاجة إلى تاريخ الكتب والرسائل الواردة من مختلف الأرجاء، جمع الخليفة صحابة النبي وأشار الإمام بنفس مافعله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وممّا يؤسف له أنّ المسلمين نسوا أمجادهم التاريخية والحضارية التي كرّمهم الإسلام بها، فعادوا يؤرّخون كتبهم ورسائلهم بالتاريخ المسيحي، فكأنّهم( نَسُوا اللهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ) وقد رأيت بعيني رسالة لشيخ الأزهر الشيخ محمود عبد الحليم وقد أرّخها بالتاريخ المسيحي الميلادي ولم يذكر ـ حتّى في جنبه ـ التاريخ الهجري، فإذا كان هذا حال شيخ الأزهر فما ظنّك بغيره ؟

إذا كان ربّ البيت بالدفّ مولعاً

فشيمة أهل البيت كلّهم رقص

ومن الواجب على المسلمين أن لا يتنازلوا عن أقل شيء ممّا يرجع إلى تاريخهم وحضارتهم ودينهم، حتى أنّ ذكر التاريخ الميلادي جنب التاريخ الهجري نوع ترويج له ومماشاة مع الكفر، ولم يزل أعداء الدين يتآمرون على الإسلام والمسلمين بمسخ شخصيتهم الإسلاميّة واقتلاع جذور مبادئها، وقد شهدنا في بلدنا العزيز إيران مثل ذلك عام ١٣٩٦ ه‍ ـ ق. فقد قام طاغوت إيران بتبديل التاريخ الإسلامي إلى التاريخ « الشاهنشاهي » المجعول الذي لا سند له، وفرضه على الناس وعادت الرسائل والكتب الرسمية تؤرّخ به، وكادت أن ترسّخ في القلوب لولا أن بدّد الله شمله وأزال ملكه وحاق به العذاب والبلاء بانتصار الثورة الإسلاميّة عام ١٣٩٨ ه‍.ق( قُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) .

__________________

(١) العدد السادس من السنة الخامسة وهو مقال ممتع.

٢٣٣

نزول النبيّ بالمدينة:

خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الجمعة من ( قبا ) فأدرك الجمعة في بني سالم بن عوف فكانب أوّل جمعة أقامها بالمدينة، وكان لا يمر على قبيلة إلّا قالوا أقم عندنا، فيقول النبيّ خلّوا سبيلها ( الناقة ) فإنّها مأمورة حتّى إذا أتت دار بني مالك بن النجّار، بركت ناقته على باب مسجده وهو مربد(١) فنزل رسول الله فاحتمل أبو أيّوب رحله فوضعه في بيته، وسأل عن المربد لمن هو، فقال معاذ بن عفراء: هو لسهل وسهيل ابني عمرو وهما يتيمان لي وسارضيهما منه، فاتّخذه مسجداً، فأمر به رسول الله أن يبني مسجداً، ونزل رسول الله حتى بنى مسجده ومسكنه، فعمل فيه رسول الله ليرغّب المسلمين في العمل فيه، فعمل فيه المهاجرون والأنصار ودأبوا، فقال قائل من المسلمين:

لئن قعدنا والنبي يعمل

لذاك منّا العمل المضلّل

وممّن ساهم في بناء المسجد عمّار بن ياسر وقد أثقلوه باللبن، فقال يا رسول الله: قتلوني، يحمّلون عليّ ما لا يحملون، قالت اُمّ سلمة زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : فرأيت رسول الله ينفض وفرته بيده وكان رجلاً جعداً، وهو يقول: ويح ابن سميّة ليسوا بالذين يقتلونك إنّما تقتلك الفئة الباغية.

وارتجز عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يومئذ:

لا يستوي من يعمّر المساجدا

يدأب فيه قائماً وقاعداً

ومن يرى عن الغبار حائداً

         

وقد كان بين أصحاب رسول الله من يستنكف العمل، فهذا الرجز من عليّعليه‌السلام كان بقصد التعريض به، وقد قال ابن إسحاق: إنّ المقصود به عثمان بن عفّان، وفي المواهب، الّدنيّة: إنّ المقصود عثمان بن مظعون.

__________________

(١) الموضع الذي يجفّف فيه التمر.

٢٣٤

فأقام رسول الله بالمدينة إذ قدمها شهر ربيع الأوّل إلى صفر من السنة التالية حتّى بنى له فيها مسجده ومساكنه، فلم يبق دار من دور الأنصار إلّا أسلم أهلها إلّا حيّ من الأوس، فإنّهم أقاموا على شركهم.

ولأجل استتباب الأمن، واضفاء طابع الوحدة السياسية على القبائل التي تستوطن يثرب وما جاورها كتب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كتاباً بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه اليهود وعاهدهم وأقرّهم على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم.

وقد نقل ابن هشام الكتاب برمّته وهو أوّل منشور سياسي أدلى به النبي إبّان نزوله بالمدينة.

ولم يكتف بذلك حتى آخى بين المهاجرين والأنصار، فقال: تآخوا في الله أخوين أخوين، ثمّ أخذ بيد عليّ بن أبي طالب، فقال: هذا أخي، فكان رسول الله سيّد المرسلين وإمام المتّقين ورسول رب العالمين الذي ليس له نظير من العباد وعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أخوين، وكان حمزة بن عبد المطّلب أسد الله وأسد رسوله وعمّه وزيد بن حارثة مولى رسول الله أخوين، وإليه أوصى حمزة يوم اُحد حين حضره القتال إن حدث به حادث الموت، فهكذا تآخى المهاجرون والأنصار أخوين أخوين.

فلمّا اطمأنّ رسول الله بالمدينة والتفّ حوله إخوانه من المهاجرين واجتمع أمر الأنصار، استحكم أمر الإسلام، فقامت الصلاة وفرضت الزكاة والصيام وقامت الحدود وفرض الحلال والحرام، وشرع الآذان(١) .

ولـمـّا استحكمت شوكة المسلمين ظهرت من أحبار اليهود العداوة حسداً وضغناً والتحق بهم رجال من الأوس والخزرج فتظاهروا بالإسلام، ونافقوا في السرّ وكان هواهم مع اليهود.

__________________

(١) السيرة النبويّة: ج ١ ص ٤٩٤ ـ ٥١٢.

٢٣٥

وكان أحبار اليهود هم الذين يسألون رسول الله ويشاغبونه ليلبسوا الحقّ بالباطل، فكان القرآن ينزل فيهم فيما يسألون عنه.

وكان المجتمع اليهودي عبارة عن مجموع قبائل ثلاث:

١ ـ بني قينقاع.

٢ ـ بني النضير.

٣ ـ بني قريظة.

وكانت تلك القبائل مليئة بالأحبار وهم الذين شنُّوا حرب الاستنزاف الخفيَّة على النبي، واستمدّوا ممّن اجتمع إليهم من منافقي الأنصار، وإليك استعراض ما بدر منهم من جدال على ضوء ما ورد في القرآن الكريم.

مجادلة أهل الكتاب

كانت بيئة مكّة قاعدة للشرك والمشركين ولم يكن هناك حبر ولا راهب، بل ولا يهودي ولا نصراني إلّا شرذمة قليلة لا تتجاوز عدد الأصابع من أمثال ورقة بن نوفل، وعثمان بن حويرث اللّذين تنصّرا قبل الإسلام، وكانت قريش تغط في الكفر والشرك إلّا اُناس قليل المقتفين أثر الخليل المسمّين بالأحناف(١) .

إنّ ما ورد من الآيات حول جدال أهل الكتاب مع النبي، آيات مدنية تناثر ذكرها في السور الطوال كالبقرة وآل عمران وغيرهما.

كان الجدال محتدماً على قدم وساق في الفترة التي كانت القبائل الثلاث مقيمة في المدينة، وبعد ما اُزيلوا عنها اُخمدت نار فتنتهم، وكان أكثر ما جادلوا فيه ما يرجع إلى النبي وعلائمه في العهدين، ولسنا في هذا المقام بصدد نقل كل حوار

__________________

(١) السيرة النبويّة: ج ١ ص ٢٢٢ ـ ٢٢٤.

٢٣٦

ورد في القرآن الكريم سواء أكانت راجعة إلى الأحبار والرهبان أم إلى غيرهم، وإنّما الهدف تبيين ما دار بين النبي وبين أحبار اليهود في يثرب قبل إجلائهم وإبادتهم، وكان الكل في السنين الخمس الاُولى إلى أوان حرب الخندق حيث استأصل نسل اليهود في المدينة ولم يبق منهم أحد إلّا كعب القرظي(١) .

تنبّؤ القرآن عن شدّة عداوة اليهود:

تنبّأ القرآن الكريم عن قسوة اليهود وشدّة عدائهم كالمشركين بينما كان المسيحيون على خلاف ذلك، فكانوا أقرب الناس مودّة للّذين آمنوا، قال سبحانه:( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ *وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إلى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) ( المائدة ٨٢ ـ ٨٣ ) ولأجل ذلك نرى أنّه لم يسلم من اليهود ولا من أحبارهم إلّا أقل القليل، كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار من الذين دسُّوا بإسلامهم كثيراً من البدع اليهودية بين المسلمين، بينما نرى أنّه بعد ما إنتشر الإسلام في ربوع الأراضي المسيحية، دخل المسيحيّون أفواجاً في الإسلام وما ذلك إلّا لأنّه كان فيهم قسّيسون ورهبان، مالوا إلى الحق واعتنقوه وصدّقوا به فتبعهم غيرهم.

وهناك سبب آخر لتصلّب اليهود وعدم رضوخهم لدعوة الإسلام، يتمثّل في حرصهم على زينة الحياة وزبرجها وهو أكبر حجاب بين بصيرة الإنسان، والحق الذي يجب أن يتّبع، قال سبحانه:

__________________

(١) هو والد محمد بن كعب القرظي، القصّاص الذي ملأت كتب التاريخ والتفسير قصصه، فتدبّر.

٢٣٧

( وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ) ( البقرة / ٩٦ ).

الدعوة إلى أصل مشترك بين الشرائع السماوية:

إنّ التوحيد في العبادة هو الأصل المشترك الذي قام عليه صرح الشرائع السماوية، ومن العجب أنّ أهل الكتاب الذي يضفون على أنفسهم أنّهم من أنصار لواء التوحيد، قد إنحرفوا عن هذا الأصل الأصيل، فعاد يتّخذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله، فجاء الوحي يدعوهم إلى العودة إلى هذا الأصل، والإنضواء تحت رايته الخفّاقة، قال سبحانه:

( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إلّا نَعْبُدَ إلّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) ( آل عمران / ٦٤ ).

ولأجل إيقاف القارئ على نماذج من إنحراف اليهود والنصارى عن هذا الأصل المشترك على أبعاده المختلفة ( التوحيد في العبادة ـ التوحيد في الربوبية ) نذكر بعض عقائدهم الخرافية حسبما ورد في القرآن الكريم.

الإعتقاد بمبدأ البنوّة للباري جلّ وعلا:

وقد تمخّض الانحراف عن أصل التوحيد، وبلغ الذروة حيث اتّخذوا لله ابناً باسم عزير والمسيح وهم يضاهئون بذلك قول الكافرين، وإليه الإشارة في قوله عزّ وجلّ:( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) ( التوية / ٣٠ ).

٢٣٨

إنّ اليهود اليوم وإن كانت تنكر تلك النسبة ولا تدين بها ولكنّها كانت موجودة في عصر نزول القرآن، ولأجل ذلك لم تعترض اليهود على النبيّ الأكرم.

والمستفاد من الآية انّ الإعتقاد بمبدأ البنوّة للباري جلّ وعلا ذات خلفيّة تاريخية ولعلّ الآية تشير إلى عقيدة التثليث التي كانت تدين بها الهندوكيّة كما هو الظاهر من آثار آلهتهم المجسّمة المثلّثة(١) .

وبما أنّ للتثليث دعامة راسخة في الديانة النصرانية أفاض القرآن القول فيه، يليق بنا الإسهاب في تناول أطراف هذا الموضوع.

ذاتية التوحيد وظاهرة التثليث:

لقد تمثّلت ظاهرة التثليث في الديانة النصرانية عصر نزول القرآن في صور مختلفة تناولها القرآن الكريم بالذكر.

فتارة يقولون المسيح هو الله.

واُخرى يصرّحون بالثالوث المقدّس، وإنّ هناك ثلاث آلهاتٍ بإسم إله الأب، واله الإبن، وروح القدس.

وثالثة إنّ المسيح ابن الله.

ولعلّ الجميع تعبيرات متنوّعة عن حقيقة واحدة أو أنّها عبارة عن نظريّات مختلفة يتبنّى كلّ واحد منها طائفة منهم وإليك التوضيح.

أ ـ المسيح هو الله:

يقول سبحانه حاكياً عنهم تلك العقيدة:( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ

__________________

(١) لاحظ: الآثار الوثنية في الديانة النصرانية.

٢٣٩

المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ المَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) ( المائدة / ٧٢ ).

فالآية تعرب عن أنّ المسيح عند طائفة منهم هو الربّ الخالق، وبعبارة اُخرى: إنّ الله إتّحد بالمسيح إتّحاد الذات، فصارا شيئاً واحداً وصار الناسوت لاهوتاً(١) .

والذين يقولون من النصارى: إنّ الله هو المسيح ابن مريم هم اليعقوبية، واللائق بهذا القول هو إنكار التثليث، ولكنّ لا يخلوا مذهب من مذاهب النصارى منه، وقد ردّ القرآن على ذلك الزعم بما نقله عن المسيح بأنّه قال:( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ) فهو يدّل على أنّه عبد مثلهم كما أنّ قوله:( إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ ) يدلّ على أنّ من يجعل لله شريكاً في الوهيّته، فهو مشرك كافر، محرّم عليه الجنّة. وفي هذا القول مزيد عناية بإبطال ما ينسبونه إلى المسيح من حديث التفدية وأنّهعليه‌السلام باختياره الصلب فدى بنفسه عنهم، فهم مغفور لهم، مرفوع عنهم التكاليف الإلهية، ومصيرهم إلى الجنة ولا يمسّون ناراً.

كيف يقولون ذلك مع أنّهعليه‌السلام كان يقول:( مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) (٢) .

ب ـ الله ثالث ثلاثة أو الثالوث المقدّس:

وكان هناك قسم آخر من الإنحراف عن خط التوحيد يتجسّد في القول بأنّ الله ثالث ثلاثة كما يحكيه قوله سبحانه:

( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إلّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ( المائدة / ٧٣ ) والقائل بهذه

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٢ ص ٢٢٨.

(٢) التبيان: ج ٣ ص ٥٨٧.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581