مفاهيم القرآن الجزء ٧

مفاهيم القرآن10%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-223-4
الصفحات: 581

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 581 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 273670 / تحميل: 6513
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-٢٢٣-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

المقالة هم جمهور النصارى من الملكانية واليعقوبية، والنسطورية والمقصود أنّه أحد الثلاثة: الأب والإبن وروح القدس أي أنّه ينطبق على كل واحد من الثلاثة وهذا لازم قولهم: إنّ الأب إله، والإبن إله، والروح إله، وهو ثلاثة وهو واحد، ويمثّلون لذلك بقولهم: إنّ زيد بن عمرو إنسان فهناك اُمور ثلاثة هي زيد، وابن عمرو والإنسان، وهناك أمر واحد وهو المنعوت بهذه النعوت.

ويلاحط عليه: أنّ هذه الكثرة إن كانت حقيقية غير اعتبارية أوجبت الكثرة في المنعوت حقيقة، وإنّ المنعوت إن كان واحداً حقيقة أوجب ذلك أن تكون الكثرة إعتباريّة غير حقيقيّة، فالجمع بين هذه الكثرة العددية والوحدة العددية كما في المثال بحسب الحقيقة ممّا يستنكف العقل عن تعقله.

ولأجل ذلك التجأ دعاة النصارى في الآونة الأخيرة إلى القول بأنّ مسألة التثليث من المسائل المأثورة من مذاهب الأسلاف وهي لا تخضع للموازين العلميّة(١) .

وقد ردّ الذكر الحكيم على ذلك بقوله:( وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إلّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ) ببيان أنّ الله سبحانه لا يقبل بذاته المتعالية، الكثرة بوجه من الوجوه، فهو تعالى ذاته واحد وإذا اتّصف بصفاته الكريمة وأسمائه الحسنى لم يزد ذلك على ذاته الواحدة شيئاً، ولا الصفة إذا اُضيفت إليها أورثت كثرة وتعدّداً، فهو تعالى أحديّ الذات لا ينقسم لا في خارج ولا في وهم ولا في عقل.

ويستفاد من قوله:( وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) بحكم الإتيان بلفظ ( منهم ) المشعرة بالتبعيض ـ، أنّ هناك طائفة لا يعتقدون بالتثليث ولا يقولون في المسيح إلّا إنّه عبد الله ورسوله كما عليه مسيحيّة الحبشة بعضهم أو جلّهم.

__________________

(١) الميزان: ج ٤ ص ٧٠.

٢٤١

مشكلة الجمع بين التوحيد والتثليث:

إنّ المسيحيّين يعتبرون أنفسهم موّحدين وإنّهم من المقتفين أثر التوحيد الذي جاءت به جميع الشرائع السماوية، ومن جانب آخر يعتقدون بالتثليث اعتقاداً جازماً، وهذان لا يجتمعان إلّا أن يكون أحد الوصفين حقيقيّاً والآخر مجازيّاً ولكنّهم ياللأسف يقولون بكونهما معاً حقيقيين، ولأجل ذلك أصبحت عندهم: ١ = ٣ وهو محال ببداهة العقل.

والقرآن الكريم ينسب التثليث إلى أقوام آخرين كانوا قبل المسيح والمسيحيّة وهؤلاء إنّما اتّبعوا اُولئك، ولعلّ الثالوث الهندي هو الأصل حيث يعتقدون بأنّ الإله الواحد له مظاهر ثلاثة: « برهما »: « الموجد »، و « فيشفو »: « الحافظ »، و « سيفا »: « المميت » فقد دان بتلك العقيدة المسيحيّون بعد رفع المسيح آماداً متطاولة، ولـمـّا جاء المتأخّرون منهم ورأوا أنّ الوحدة الحقيقية لا تخضع للكثرة كذلك حاولوا أن يصحّحوه بوجهين:

الأوّل: تفكيك المسائل الدينية عن المسائل العلميّة وأنّ الدين فوق العلم وأن مسألة ١ = ٣ وإن كانت باطلة حسب القوانين الرياضية المسلّمة ولكن الدين قبلها ونحن نعتقد بها. ولكنّه عذر أقبح من ذنب فكيف نعتنق ديناً يتصادم مع أوضح الواضحات وأبده البديهيّات.

الثاني: إنّ المعادلة الرياضية السابقة ليست باطلة وذلك لوجود نظائرها في الخارج، فإنّ الشمس بها جرم ولها نور ولها حرارة ومع ذلك فهي شيء واحد.

وهذا الإستدلال يكشف عن جهل مطبق بحقيقة الوحدة المعتبرة في حقه سبحانه فإنّ المقصود منها في حقّه هو الوحدة الحقيقية التي لا كثرة فيها لا خارجاً ولا ذهناً ولا وهماً وأين هو من وحدة الشمس التي هي وحدة إعتبارية لا حقيقية حيث تتركّب من جرم ونور وحرارة وكل منها ينقسم إلى انقسامات.

وعلى كلّ تقدير فماذا يريدون من قولهم ( إنّه إِله واحد ) وفي الوقت نفسه

٢٤٢

ثلاثة، فهل يريدون أنّ هناك أفراداً متميّزة ومتشخّصة من الإله الصادق هو عليهم صدق الكلي على الأفراد ؟

أو يريدون أنّ هناك فرداً واحداً ذا أجزاء وليس لكل واحد منها إستقلال ولا تشخّص وإنّما يتشكّل الإله من تلك الأجزاء ؟

فالفرض الأوّل يستلزم تعدّد الإله تعدّداً حقيقيّاً وهو لا يجتمع مع التوحيد بحال من الحالات.

والفرض الثاني لا يخلو إمّا أن يكون كل واحد من هذه الأجزاء واجبة الوجود أو ممكنة، فعلى الأوّل يلزم منه كثرة الإله ( واجب الوجود ) وهم يدّعون الفرار منه.

وعلى الثاني يلزم أن يكون واجب الوجود محتاجاً في تحقّقه وتشخّصه إلى أجزاء ممكنة وهو كما ترى.

ولأجل ذلك نرى أنّ الذكر الحكيم ينادي ببطلان التثليث بأيّ نحو يمكن أنّ يتصوّر بقوله:( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إلّا الحَقَّ إِنَّمَا المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَىٰ بِاللهِ وَكِيلاً ) ( النساء / ١٧١ ).

إنّ الآية تركّز على أنّ نسبة الإلوهيّة إلى المسيح من آثار الغلوّ في حقّه فلو تنزّه القوم عن هذا التمادي الفكريّ المفرط لوقفوا على سمة المثالية فيه ونفوا عنه مقام الإلوهية.

والآية تصف المسيح بالصّفات الخمس:

١ ـ عيسى بن مريم ٢ ـ رسول الله ٣ ـ كلمته ٤ ـ ألقاها إلى مريم ٥ ـ روح منه. إنّ بعض هذه الصفات المسلّمة في حق المسيح تشهد بعبوديّته وتنفي الوهيّته وإليك مزيد من التوضيح حولها:

٢٤٣

١ ـ عيسى بن مريم: وقد ورد في الذكر الحكيم ذكره عشر مرّات وبنوّته لمريم التي لا تنفك عن كونه جنيناً رضيعاً في المهد صبيّاً يافعاً و لدليل واضح على بشريّته.

٢ ـ رسول الله: ومعناه مبعوثه ومرسله وليس نفسه.

٣ ـ كلمة الله: وقد أطلق القرآن لفظ الكلمة على المسيح كما أطلقه على جميع الموجودات الإمكانية وقال:( قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي ) ( الكهف / ١٠٩ ).

وأمّا إطلاق الكلمة على الموجودات الإمكانية لأجل وجود التشابه بين الكلمة والموجود الإمكاني فإنّ الكلمة تكشف عمّا يقوم في ذهن المتكلّم من المعاني فهكذا الموجودات الإمكانية عامّة، وخلقة المسيح على وجه الإعجاز خاصّة تكشف هي الاُخرى عن علم وقدرة وسيعين وكمال لا متناه يكمن في ذاته سبحانه ولأجل ذلك يعد القرآن المسيح وجميع العوالم الإمكانية كلمات الله سبحانه.

٤ ـ ألقاها إلى مريم: إنّ الإلقاء إلى رحم الاُم آية كونه مخلوقاً وقد ذكر تفصيله في سورة مريم، الآية ١٦ إلى ٣٦ واختتمها بقوله:( ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ) ( مريم / ٣٤ ).

٥ ـ وروح منه: إنّ هذا التعبير ربّما وقع دليلاً على تطرّف فكرة الاُلوهيّة في حق المسيح وهم يتخيّلون أنّ ( منه ) تبعيضية ولكنّها إبتدائية مثل قوله سبحانه:( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ) ( الجاثية / ١٣ ) والمعنى أنّ السموات وما في الأرض جميعاً ناشئ منه وحاصل من عنده، ومبتدأ منه، فذوات الأشياء تبتدئ منه بإيجاده لها من غير مثال سابق وكذلك خواصّها وآثارها. قال تعالى:( اللهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) ( الروم / ١١ ).

أضف إلى ذلك أنّ ذلك التعبير لا يفوق في حقّ آدم حيث قال:( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) ( الحجر / ٢٩ ).

٢٤٤

فقد وصف آدمعليه‌السلام بلفظة « من روحي » ولم يقل أحد بأنّه جزء من الإله.

ثمّ إنّه سبحانه ختم تلك الصفات بقوله:( فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ) .

سمات العبودية في المسيح:

إنّ الذكر الحكيم يستدل على عبوديته بوجوه ثلاثة:

١ ـ كيفيّة خلق المسيح واُمّه.

٢ ـ طبيعة عيشهما في المجتمع.

٣ ـ تصريح المسيح بعبوديّته.

هذه هي الوجوه التي يستدلّ بها القرآن الكريم على عبوديّته، أمّا الأوّل فقد بسط الذكر الحكيم في تناولها في سورة مريم كما مرّ وهذه الآيات تلقي الضوء على كيفيّة خلقه إلى أن توّج بالرسالة، فيقول سبحانه:

( فَأَجَاءَهَا المَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا ) إلى أن يقول:( ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ) .

ولو تمّسك الخصم على عدم بشريته بأنّه ولد من غير أب فهو محجوج بخلقة آدم فقد خلق من غير اُمٍّ ووالد، قال سبحانه:( إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) ( آل عمران / ٥٩ ).

وأمّا الثاني فيلمح إليه ما ورد بأنّ المسيح واُمّه كانا يعيشان شأنهما كشأن سائر بني آدم ولا يحيدان عنها قيد شعرة، قال سبحانه:( مَّا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ

٢٤٥

الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) ( المائدة / ٧٥ ) فمن الممتنع أن يكون آكل الطعام إله العالمين.

وأمّا الثالث فيشير إليه قوله سبحانه:( لَّن يَسْتَنكِفَ المَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا للهِ وَلا المَلائِكَةُ المُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ) ( النساء / ١٧٢ ).

وليس بوسع إنسان أن ينكر عبادة المسيح وهي آية وجود المعبود له وهناك كلمة قيّمة للإمام الطاهر عليّ بن موسى الرضا في مناظرته مع الجاثليق، قال الإمام: يا نصراني والله إنّا لنؤمن بعيسى الذي آمن بمحمّد وما ننقم على عيسى شيئاً إلّا ضعفه وقلّة صيامه وصلاته.

قال الجاثليق: أفسدت والله علمك وضعفت أمرك وما كنت أظن إلّا أنّك أعلم أهل الإسلام.

قال الرضا: وكيف ذلك ؟

قال الجاثليق: من قولك إنّ عيسى كان ضعيفاً قليل الصيام والصلاة وما أفطر عيسى يوم قطّ وما نام بليل قطّ وما زال صائم الدهر قائم الليل.

قال الرضا: فلمن كان يصوم ويصلّي ؟

فخرس الجاثليق وانقطع(١) الحديث.

إنّ الذكر الحكيم يصرّح بأنّ المسيح سوف يعترف يوم البعث بعبوديته على رؤوس الأشهاد وانّه لم يأمر قطّ الناس بعبادة نفسه:

( وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ( المائدة / ١١٦ ).

__________________

(١) الاحتجاج: ج ٢ ص ٢٠٣ و ٢٠٤.

٢٤٦

وقال عزّ اسمه حاكياً عنه:( مَا قُلْتُ لَهُمْ إلّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ( المائدة / ١١٧ ).

ج ـ المسيح ابن الله:

قد طرأت أزمة حادّة على خط التوحيد من قبل المشركين واليهود والنّصارى بزعم وجود الابن أو البنت لله سبحانه، فتارة جعلوا بينه وبين الجِنَّة نسباً، واُخرى اتّهموه بأنّه اتّخذ من الملائكة إناثاً، وثالثة نسبوا إليه الولد بصورة مطلقة، وقد جاء الجميع في الذكر الحكيم مشفوعاً بالردّ والنقض:

١ ـ الجن:( وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِنَّةِ نَسَبًا ) ( الصافّات / ١٥٨ ).

وأمّا ما هذا النسب، فيحتمل أن يكون المراد نسب البنوّة والاُبوّة ولأجل ذلك كان جماعة من العرب يعبدون الجن، كما ورد في قوله سبحانه:( قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الجِنَّ ) ( سبأ / ٤١ ).

٢ ـ الملائكة:( أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ المَلائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا ) ( الإسراء / ٤٠ ) ولأجل ذلك كان جماعة أيضاً من العرب تعبد الملائكة، وبما أنّهم كانوا يتخيّلون الملائكة على أنّهم خلقوا بصور جذّابة جميلة خالوا إنّهم اُناثاً قال سبحانه:( وَجَعَلُوا المَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا ) ( الزخرف / ١٩ ).

٣ ـ المسيح: وقد اشتهر النصارى بأنّهم جعلوا « المسيح » إبناً لله تعالى، وهذه الفكرة الخاطئة وإن لم تكن منحصرة فيهم، بل كان لليهود أيضاً مثل تلك الفكرة في حقّ « عزير » لكن النصارى أكثر، اشتهاراً بهذه النسبة، غير نافين عن أنفسهم هذا العار، واليهود يؤوّلون الفكرة بأنّه ولد فخري لا حقيقي.

والقرآن الكريم يندّد بتلك الفكرة في غير واحد من الآيات مشيراً إلى براهين

٢٤٧

عقلية محتاجة إلى التوضيح، وإليك نقل الآيات مع توضيح مضامينها:

١ ـ البقرة / ١١٦ ـ ١١٧:

( وَقَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ *بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) .

تريك هذه الآية كيف أنّهم نسبوا إلى الله ولداً من غير فرق بين أن يكون الناسب يهوديّاً أو مسيحيّاً، ولكنّ الآيتين تتضمّنان ردّاً لهذه النسبة، يستفاد من الإمعان في الجمل التالية:

١ ـ سبحانه. ٢ ـ بل له ما في السموات والأرض كل له قانتون.

٣ ـ بديع السموات والأرض. ٤ ـ وإذا قضى أمراً فإنّما يقول له كن فيكون.

وإليك شرح هذه الجمل التي يعد كل واحد منها بمثابة ردّ ونقض للفكرة الخاطئة المصرّحة بالبنوّة لله عزّ وجلّ.

أ ـ « سبحانه »: وهذه الكلمة تفيد تنزيه الله سبحانه من كل نقص وعيب وشائنة، ولأجل ذلك يأتي هذا اللفظ في آية اُخرى بعد بيان تلك النسبة الخاطئة، قال تعالى:( قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ ) ( يونس / ٦٨ ).

واللفظة تفيد أنّ اتّخاذ الولد نقص وعيب على الله تعالى، يجب تنزيهه عنه، وذلك لأنّ اتّخاذ الولد إمّا لغاية إشباع الغريزة الجنسية أو لأجل الإستعانة من الولد أيّام الهرم والكهولة، أو لأجل إبقاء النسل وإدامته التي تعد نوع بسط وجود للشخصية، والكل غير لائق بساحته سبحانه.

ويمكن أن يكون اللفظ مشيراً إلى أمر آخر وهو أنّ اتّخاذ الابن فرع التوالد والتناسل وهو من شؤون الموجودات المادية حيث ينتقل جزءً من الأب إلى رحم الاُم فتتّحد نطفة الأب مع البويضة في رحم الاُمّ فتخصّبها فينتج عن ذلك نشأة الجنين والله سبحانه أعلى وأجل وأنبل عن أن يكون جسماً أو جسمانيّاً.

٢٤٨

ب ـ( بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) :

إنّ هذه الجملة مشعرة ببرهان دامغ وهو أنّ كل ما في الكون قانت لله وخاضع لسلطته ومسخّر ومقهور له ومن هذا شأنه لا يتصوّر أن يكون له ولد وذلك لأنّ الولد يكون مماثلاً للوالد، فكما هو واجب الوجود يكون الولد مشاطراً له في ذلك، وما هو كذلك لا يمكن أن يكون مقهوراً ومسخّراً لموجود من الموجودات.

ج ـ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) :

أي انّه سبحانه خالق مبدع لهما وما فيهما والمراد من الإبداع هو خلقهما بلا مثال سابق ولا مادّة متقدّمة، فيكون المجموع مسبوقاً بالعدم، وما هو كذلك كيف يمكن أن يكون ولداً لله سبحانه ؟ لما عرفت من أنّ الولد يماثل الوالد في الالوهيّة ووجوب الوجود، وهو لا يجتمع مع كون السموات والأرض وما فيهما مخلوقاً حادثاً مسبوقاً بالعدم.

د ـ( وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) :

وهذه الآية تفيد أنّ سنّة الله تبارك وتعالى في الإيجاد والإنشاء والخلق، وأنّه لو أراد إيجاد شيء فإنّه يوجد بلا تريّث أو تلبّث، ولكنّ الولد إنّما يتكوّن من إلتقاء النطفتين في رحم الاُم ثمّ يتكامل تدريجيّاً على إمتداد أمد بعيد وهذا لا يجتمع مع ما مرّ ذكره في السنّة الحكيمة.

ثمّ إنّ العلّامة الطباطبائي جعل الجمل الثلاث مشيرة إلى برهانين ( لا إلى ثلاثة براهين كما أوضحناه ) فقال:

إنّ قوله:( بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ) يشتمل على برهانين ينفي كلّ منهما الولادة وتحقّق الولد منه سبحانه، فإنّ اتّخاذ الولد هو أن يجزي موجود طبيعي، بعض أجزاء وجوده ويفصله عن نفسه فيصيّره بتربية تدريجية فرداً من نوعه مماثلاً لنفسه، وهو سبحانه منزّه عن المثل بل كل شيء ممّا في السموات والأرض مملوك له قائم الذات به قانت ذليل عنده ذلّة وجودية فكيف يكون شيء من الأشياء ولداً له

٢٤٩

مماثلاً نوعيّاً بالنسبة إليه ؟ وهو سبحانه بديع السموات والأرض، إنّما يخلق ما يخلق على غير مثال سابق فلا يشبه شيء من خلقه خلقاً سابقاً ولا يشبه فعله فعل غيره في التقليد والتشبيه ولا في التدريج والتوّصل بالأسباب إذا قضى أمراً فإنّما يقول له كن فيكون من غير مثال سابق ولا تدريج، فكيف يمكن أن ينسب إليه اتّخاذ الولد ؟ وتحقّقه يحتاج إلى تربية وتدريج فقوله:( لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) برهان تام، وقوله:( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) برهان آخر تام(١) .

٢ ـ الأنعام / ١٠٠ ـ ١٠٢:

( وَجَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ الجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ ) ( الأنعام / ١٠٠ ).

( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ( الأنعام / ١٠١ ).

( ذَٰلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ خَالِقُ كُلَّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) ( الأنعام / ١٠٢ ).

وفي هذه الآيات إشارات إلى بطلان النظرية القائلة بكون الجن شركاء لله سبحانه وخرق بنين وبنات له بغير علم، وإليك بيانها:

أ ـ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ ) : وقد مرّ توضيح تلك الجملة في القسم الأوّل من الآيات.

ب ـ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) : وقد تقدّم معناه أيضاً.

ج ـ( أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ ) : وهذه الجملة تشير إلى أنّ إتّخاذ الإبن يستلزم اتّخاذ الزوجة حتى يقع جزء من الزوج في رحم الزوجة والله

__________________

(١) الميزان: ج ١ ص ٢٦١.

٢٥٠

سبحانه منزّه، عن أن تكون له زوجة.

د ـ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) : فإذا كان هو خالق كل شيء، والكل مخلوق له فلا يتصوّر كون المخلوق ولداً، لأنّ الولد يشاطر الوالد في الطبيعة والنوعيّة فإذا كان سبحانه واجب الوجود لاستغنى عن العلّة والخالق ولترفّع عن حيز الإمكان، والمفروض خلافه.

٣ ـ يونس / ٦٨:

( قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَٰذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) .

وهذه الآية تشتمل على مثل ما اشتملت عليه الآيات السابقة وإليك تفصيل جملها.

أ ـ( سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ ) : وقد عرفت أنّ إتّخاذ الولد إمّا لغاية إشباع الغريزة الجنسية أو لاستعانة به في أيّام الكهولة أو لبسط نفوذ الشخصية، والله غني عن الجميع.

ب ـ( لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ) : وفيه إشارة إلى أنّ كل ما في الكون مقهور ومسخّر فكيف يكون شيء منه ولداً له مع لزوم المماثلة بين الولد والوالد.

ج ـ( إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَٰذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) : وهو إشارة اُخرى إلى أنّه إنّما تبنّوا هذه الفكرة تقليداً بلا علم وبرهان، وقد تقدّم في الآيات السابقة ( بغير علم سبحانه ).

٤ ـ الكهف / ٤ و ٥:

( وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا *مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إلّا كَذِبًا ) .

٢٥١

وفي هذه الآية إكتفاء ببرهان واحد وهو أنّ القوم يتفوّهون بذلك بلا علم لهم ولا لآبائهم.

٥ ـ مريم / ٣٥:

( مَا كَانَ للهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) وفي الآية إشارة إلى برهانين أحدهما قوله( سُبْحَانَهُ ) والثاني( إِذَا قَضَىٰ ) ، وقد مرّ تفسيرهما فلا نعيد.

٦ ـ مريم / ٨٨ ـ ٩٥:

( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا ) .

( لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ) .

( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الجِبَالُ هَدًّا ) .

( أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا ) .

( وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ) .

( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إلّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا ) .

( لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ) .

( وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ) .

وقد ركّزت الآيات على برهانين:

أحدهما قولهُ:( وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ) وهذه الجملة واقعة مكان لفظة( سُبْحَانَهُ ) في الآيات السابقة.

وثانيهما: قوله:( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إلّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا ) وهو يفيد نفس ما يفيده قوله:( بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) في الآيات السابقة والمعنى بعد التطبيق واضح ومحصّله أنّ من في الكون عبد

٢٥٢

مسخّر لله سبحانه، وهو لا يجتمع مع كون واحد منهم ولداً له، لأنّه يقتضي المماثلة والمشاركة في الوجوب والإستغناء عن العلّة مع أنّ المفروض كونه ممكناً.

٧ ـ الأنبياء / ٢٦ و ٢٧:

( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ) .

( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) .

فلفظة( سُبْحَانَهُ ) مشيرة إلى أنّ اتّخاذ الولد ملازم للنقص والعيب وهو سبحانه منزّه عنه.

وقوله:( بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ) إشارة إلى ما مرّ من أنّ العبودية لا تجتمع مع البنوّة لأنّ مقتضى البنوّة، المشاركة والمسانخة مع الوالد في الطبيعة، والمفروض وجوب وجود الوالد فيكون الولد واجباً وهو محال.

٨ ـ المؤمنون / ٩١:

( مَا اتَّخَذَ اللهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ ) .

والآية تشير إلى أنّ اتّخاذ الولد ينافي التوحيد والوحدانية لأنّ الولد يجب أن يكون مماثلاً للوالد على نحو ما مرّ ذكره وعندئذ يكون إلهاً مثله، والمفروض أنّه ليس معه إله.

٩ ـ الزمر / ٤:

( لَّوْ أَرَادَ اللهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا لاَّصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) .

وفي الآية إشارة إلى دحض تلك العقيدة المنحرفة باُمور ثلاثة:

أ ـ( سُبْحَانَهُ ) .

٢٥٣

ب ـ( الْوَاحِدُ ) .

ج ـ( الْقَهَّارُ ) .

أمّا الأوّل: فدلالته على نفي البنوّة مثل الآيات السابقة.

وأمّا الثاني: أعني كونه واحداً، فهو يدلّ على نفي البنوّة لأنّ اتّخاذ الإبن يستلزم المماثلة بين الأب والولد، فيلزم تعدّد الإله وواجب الوجود.

وأمّا الثالث: أعني كونه قهّاراً وغيره مقهوراً عليه فدلالته مثل دلالة قوله:( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إلّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا ) وقوله:( بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) وقوله:( بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ) وذلك لأنّ اتّخاذ الإبن يستلزم أن يكون له مماثل من ذاته لأنّ الولد يماثل الوالد في النوعية والطبيعة فيلزم أن يكون الولد واجب الوجود، والمفروض أنّه مقهور ومسخّر لله سبحانه.

وأنت إذا قارنت هذه الآيات بعضها ببعض لوقفت على أنّ الجميع في المادة والمعنى وكيفيّة الإستدلال مصبوب في قالب واحد بينها كمال الإئتلاف والتناسب، والعبارات الواردة في المقام وإن كانت مختلفة المواضع ولكنّ المؤدّى والمعنى واحد، وتلك الآيات نزلت على النبيّ في ظروف مختلفة وأجواء متباينة والنبيّ لم يزل بين كونه منهمكاً في الحرب وهادئ البال في الصلح والسلم ومع ذلك يتكلّم على نسق واحد مع كونه أمّيّاً لم يقرأ قطّ ولم يكتب. صدق الله العليّ العظيم حيث قال:( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ) ( النساء / ٨٢ ).

قسمة ضيزي:

ومن عجائب اُمورهم أنّهم اتّخذوا لأنفسهم البنين ونسبوا إلى الله عزّ وجلّ الإناث من الملائكة، قال سبحانه:( أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ المَلائِكَةِ إِنَاثًا ) ( الإسراء / ٤٠ ).

٢٥٤

وقال تعالى:( أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ ) ( الزخرف / ١٦ ).

وقال تعالى:( أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَىٰ *تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ ) ( النجم / ٢١ ـ ٢٢ ).

ثمّ إنّه سبحانه أبطل ادّعاءهم بكون الملائكة إناثاً وقال:( وَجَعَلُوا المَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ) ( الزخرف / ١٩ ) فكيف يدّعون ما لم يشهدوه ؟!

إلى هنا تمّ حوار القرآن مع اليهود والنّصارى في اتّخاذه سبحانه ولداً من الإنس والجنّ والملائكة، وقوّة البرهان القرآني وإتقانه وتعاضد بعضه بعضاً يدلّ على أنّه وحي إلهي نزل به الروح الأمين على قلبه، وأنّى للإنسان الغارق في الحياة البدائيّة أن يأتي بمثل ذلك لولا كونه مسدّداً بالوحي، مؤيّداً بالمدد الغيبي منه سبحانه.

وإليك بقية المناظرات الواردة في القرآن الكريم.

اليهود ونقض المواثيق والعهود

حطّ النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله رحاله بالمدينة، والتفّ حوله الأوس والخزرج، ففشى أمر الإسلام وشاع خبره وذكره بين الناس والقبائل القاطنة بأطراف المدينة، وكان ذلك بمثابة جرس إنذار لليهود ينبئ عن إقتراب اُفول شوكتهم في المدينة وما والاها بل في شبه الجزيرة العربية برمّتها.

وكانت اليهود في سابق عهدها تفتخر على سائر الاُمم بأنّها تقتفي أثر التوحيد وأنّ لهم كتاباً سماويّاً يجمع بين دفّتيه الأحكام الإلهية، ولكنّ تلك المفخرة أوشكت أن تذهب أدراج الرياح بدعوة النبيّ الأكرم الناس كافّة إلى التوحيد الأصيل ونزول القرآن عليه، فما كانت لهم بعد إذ ذاك ميزة يمتازون بها على العرب.

وكانت اليهود لفرط حبّهم للدنيّا وزبرجها تمكّنوا من السيطرة على مقاليد أزّمة

٢٥٥

إدارة التجارة، وكان وجود الشّقة السحيقة بين الأوس والخزرج، والنزاعات القبلية بينهما، خير معين للإنفراد بإدارة دفّة القوافل التجارية، غير أنّ تلك الأرضية التي فسحت لهم المجال لتسلّم زمام التجارة فيما مضىٰ كادت تنعدم بالاُخوّة الإسلامية التي جاء بها الإسلام، فصار المتصارعان متصافيين متآخيين متآلفين في مقابل اليهود وأطماعهم.

كلّ ذلك صار سبباً لتحفيز اليهود لإثارة الشبهات حول رسالة الرسول الأكرم وبثّ السموم وتشوية معالم الرسالة الجديدة ليضعضعوا أركان الإيمان الفتي في قلوب المؤمنين بالإسلام، وقد غاب عن خلدهم أنّ سنّة الله الحكيمة تتكفّل بنصر رسله. قال سبحانه:

( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ) ( غافر / ٥١ ).

وإليك نماذج من أسئلتهم وشبهاتهم التي أثاروها حول الرسالة النبويّة:

١ ـ إفشاء علائم النبوّة:

إنّ أوّل خطوة خطوها لأجل إيقاف مدّ الصحوة الدينية والإيمان برسالة النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله هو إصدار مرسوم يقضي بكتمان علائم نبوّته التي وردت في التوراة حتى لا تقع للمسلمين ذريعة يتمسّكون بها ضدّهم في عزوفهم عن قبول الدعوة، وهذا ما يحكي عنه الذكر الحكيم بقوله:

١ ـ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) ( البقرة / ٧٦ ).

وروي عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال: كان قوم من اليهود ليسوا من المعاندين المتواطئين إذا لقوا المسلمين حدّثوهم بما في التوراة من صفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فنهاهم كبراؤهم عن ذلك وقالوا: لاتخبروهم بما

٢٥٦

في التوراة من صفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فيحاجّوكم به عند ربّكم(١) .

وردّ سبحانه عليهم بقوله:( أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ) ( البقرة / ٧٧ ) فالله سبحانه يحتجّ بكتابهم عليهم سواء تفوّهوا بسمات النبيّ الأكرم المذكورة في التوراة أم لم يتفوّهوا بها على الرّغم من أنّهم كانوا يستفتحون ويستنصرون على الأوس والخزرج برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل مبعثه فلمّا بعثه الله من بين العرب ولم يكن من بني إسرائيل، كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء ابن معرور: يا معشر اليهود اتّقوا الله واسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمّد ونحن أهل الشرك، وتصفونه وتذكرون أنّه مبعوث، فقال سلام بن مثكم أخو بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنّا نذكر لكم، فأنزل الله تعالى قوله:

( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) ( البقرة / ٨٩ ).

٢ ـ السؤال عن الروح الأمين:

إنّ نفراً من أحبار اليهود جاءوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا: يا محمداً أخبرنا عن أربع نسألك عنهنّ، فإن فعلت ذلك اتّبعناك وصدّقناك وآمنّا بك، فقال لهم رسول الله: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه لئن أنا أخبرتكم بذلك لتصدّقنّني ؟ قالوا: نعم، قال: فسألوا عمّا بدا لكم وممّا سألوا عنه نوم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا: كيف نومك ؟ فقال: تنام عيني وقلبي يقظان. قالوا: فأخبرنا عمّا حرّم إسرائيل على نفسه ؟ قال: حرّم على نفسه لحوم الإبل وألبانها، فصدّقوه في الإجابة عن هذاين السؤالين، ثمّ قالوا له: فأخبرنا عن الروح ،

__________________

(١) مجمع البيان: ج ١ ص ٢٨٦ ( طبع بيروت ).

٢٥٧

قال: أنشدكم بالله وبأيّامه عند بني إسرائيل هل تعلمونه جبرئيل وهو الذي يأتيني ؟ قالوا: أللّهم نعم، ولكنّه يا محمد لنا عدوّ وهو ملك إنّما يأتي بالشدّة وسفك الدماء ولولا ذلك لاتّبعناك، فأنزل الله عزّ وجلّ فيهم:( قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ *مَن كَانَ عَدُوًّا للهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ ) ( البقرة / ٩٧ و ٩٨ )(١) .

وما ذكرنا من شأن النزول يؤيّد ما ذكرناه سابقاً من أنّ المقصود من الروح في قوله سبحانه:( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ) ( الإسراء / ٨٥ ) هو الروح الأمين لا الروح الإنسانية، وأنّ ما اُثير حولها في التفاسير المختلفة مبني على تفسير الروح بالروح الإنسانية وهو غير صحيح.

وعلى أيّ تقدير فنصب العداء لجبرئيل نصب للعداء له سبحانه، لأنّ جبرئيل مأمور من جانبه ومبلّغ عنه هو وجميع الملائكة:( لاَّ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) ( التحريم / ٦ ).

٣ ـ إنكار نبوّة سليمانعليه‌السلام :

إنّ رسول الله لـمّا ذكر سليمان بن داود في المرسلين، قال بعض أحبارهم: ألا تعجبون من محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله يزعم أنّ سليمان بن داود كان نبيّاً، والله ما كان إلّا ساحراً، فأنزل الله تعالى في ذلك:( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) ( البقرة / ١٠٢ )(٢) .

__________________

(١) السيرة النبويّة: ج ١ ص ٥٤٣. مجمع البيان: ج ٢ ص ٣٢٤ ( طبع بيروت ).

(٢) السيرة النبوية: ج ١ ص ٥٤٠. مجمع البيان: ج ٢ ص ٣٣٦ ( طبع بيروت ).

٢٥٨

٤ ـ كتابه إلى يهود خيبر:

كتب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يهود خيبر بكتاب جاء فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صاحب موسى وأخيه والمصدّق لما جاء به موسى على أنّ الله قد قال لكم يا معشر أهل التوراة، وأنّكم لتجدون ذلك في كتابكم:( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) .

وإنّي انشدكم بالله، وانشدكم بما أنزل عليكم وانشدكم بالذي أطعم من كان قبلكم من أسباطكم المنّ والسلوى، وانشدكم بالذي أيبس البحر لآبائكم حتى أنجاهم من فرعون وعمله إلّا أخبرتموني: هل تجدون فيما أنزل الله عليكم أن تؤمنوا بمحمّد ؟ فإن كنتم لا تجدوني ذلك في كتابكم فلا كره عليكم( قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) فادعوكم إلى الله وإلى نبيّه(١) .

٥ ـ إنكار أخذ الميثاق منهم:

إنّ أحد أحبار اليهود قال لرسول الله: يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه وما أنزل الله عليك من آية بيّنة فنتّبعك لها، وقد كانوا ينكرون العهد الذي أخذه الأنبياء عليهم أن يؤمنوا بالنبيّ الاُمّي، فأنزل الله سبحانه في ردّهم:( وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إلّا الْفَاسِقُونَ *أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) ( البقرة / ٩٩ و ١٠٠ ).

__________________

(١) السيرة النبويّة: ج ١ ص ٥٤٤ ـ ٥٤٥.

٢٥٩

ولفظة « كلّما » تفيد التكرّر فيقتضي تكرّر النقض منهم(١) .

٦ ـ الإقتراحات التعجيزيّة:

وقد كان اليهود قد تقدّموا بإقتراحات تعجيزيّة على غرار ما بدر من المشركين فقد سألت العرب محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يأتيهم بالله فيروه جهرة، فنزل قوله سبحانه:( أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) ( البقرة / ١٠٨ ).

وقال رافع بن حريملة لرسول الله: يا محمد إن كنت رسولاً من الله كما تقول فقل لله فيكلّمنا حتى نسمع كلامه، فنزل قوله سبحانه:( وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) (٢) .

٧ ـ تنازع اليهود والنصارى عند الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

لـمـّا قدم أهل نجران من النصارى على رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أتتهم أحبار اليهود فتنازعوا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال رافع بن حريملة: ما أنتم على شيء، وكفر بعيسىٰ وبالإنجيل، فقال رجل من أهل نجران من النصارىٰ لليهود: ما أنتم على شيء، وجحد نبوّة موسى وكفر بالتوراة، فأنزل الله في ذلك قولهم:

( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) ( البقرة / ١١٣ ).

__________________

(١) مجمع البيان: ج ١ ص ٣٢٧.

(٢) السيرة النبوية: ج ١ ص ٥٤٩.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

أزيدك على هذا كله أن معاوية نفسه حدث بحديث المنزلة ، قال ابن حجر في صواعقه(١) : أخرج أحمد أن رجلا سأل معاوية عن مسألة ، فقال : سل عنها عليا فهو أعلم ، قال : جوابك فيها أحب إلي من جواب علي ، قال : بئس ما قلت! لقد كرهت رجلا كان رسول الله يغره بالعلم غرا ، ولقد قال له : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه إلى آخر كلامه(٢) (٤٧٤) وبالجملة فان حديث المنزلة مما لا ريب في ثبوته باجماع المسلمين على اختلافهم في المذاهب والمشارب.

__________________

(١) أثناء المقاصد الخامس من المقاشد التي أوردها في الآية الرابعة عشر من الباب ١١ ص ١٠٧ من الصواعق. (منه قدس)

(٢) حيث قال وأخرجه آخرون (قال) ولكن زاد بعضهم ، قم لا اقام الله رجليك ، ومحا اسمه من الديوان إلى آخر ما نقله في ص ١٠٧ من صواعقه مما يدل على ان جماعة من الحدثين غير احمد أخرجوا حديث المنزلة بالاسناد إلى معاوية. (منه قدس)

____________________________________

أبي طالب ج ٢ ص ٣٦٠ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي ص ٤٨ و ٨١ ط الحيدرية وص١٠٦ ج٤٥ و ٤٦ و ٤٧ و ٤٨ و ٦١ ط بيروت بحقيق المحمودي ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص ١٠٧ ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٨٤ ـ ٨٦ ط الحيدرية وص ٢٨ ط الغري ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص ٥٩ ، صحيح الترمذي ج ٥ ص ٣٠١ ح ٣٨٠٨ ، أسد الغابة ج ٤ ص ٢٥ ـ ٢٦ ، الاصابة لابن حجر ج ٢ ص ٥٠٩ ، جامع الاصول لابن الاثير ج ٩ ص ٤٦٩ ، الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٤٧ ، فرائد السمطين ج ١ ص ٣٧٨ ح ٣٠٧ ، الغدير ج ١٠ ص ٢٥٧.

(٤٧٤) حديث المنزلة برواية معاوية :

٣٢١

٣ ـ وقد أخرجه صاحب الجمع بين الصحاح الستة(١) . وصاحب الجمع بين الصحيحين(٢) ، وهو موجود في غزوة تبوك من صحيح البخاري(٣) . وفي باب فضائل علي من صحيح مسلم(٤) . وفي باب فضائل أصحاب النبي من سنن ابن ماجة(٥) . وفي مناقب علي من مستدرك الحاكم(٦) . وأخرجه الامام أحمد بن حنبل في مسنده من حديث سعد بطرق إليه كثيرة(٧) . ورواه في المسند أيضا من حديث كل من :

__________________

(١) في مناقب علي. (منه قدس)

(٢) في فضائل علي وفي غزوة تبوك. (منه قدس)

(٣) في ص ٥٨ من جزئه الثالث. (منه قدس)

(٤) ص ٣٢٣ من جزئه الثاني. (منه قدس)

(٥) في ص ٢٨ من جزئه الاول ، حيث يذكر فضل علي. (منه قدس)

(٦) في أول ص ١٠٩ من جزئه ٣ وفي اماكن أخر ، يعرفها المتتبعون. (منه قدس)

(٧) راجع ص ١٧٣ وص ١٧٥ وص ١٧٧ وص ١٧٩ وص ١٨٢ وص ١٨٥ ، تصفح هذه الصحائف كلها من الجزء الاول من المسند. (منه قدس)

____________________________________

راجع شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج ٢ ص ٢١ ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص ٣٤ ح ٥٢ ط ١ بطهران ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٨ ص ٢٤ ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ، الصواعق المحرقة لابن حجر ص ١٧٧ ط المحمدية ، فرائد السمطين ج ١ ص ٣٧١ ح ٣٠٢ ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج ١ ص ٣٣٩ ح ٤١٠ و ٤١١ ط ١ وص ٣٦٩ ح ٤١٠ و ٤١١ ط ٢ بيروت.

٣٢٢

ابن عباس(١) . وأسماء بنت عميس(٢) . وأبي سعيد الخدري(٣) . ومعاوية بن أبي سفيان(٤) وجماعة آخرين من الصحابة. وأخرجه الطبراني من حديث كل من : اسماء بنت عميس ، وام سلمة ، وحبيش بن جنادة ، وابن عمر ، وابن عباس ، وجابر بن سمرة ، وزيد بن أرقم ، والبراء بن عازب ، وعلي بن أبي طالب(٥) . وغيرهم. وأخرجه البزار في مسنده(٦) ، والترمذي في صحيحه(٧) ، من حديث أبي سعيد الخدري. وأورده ابن عبدالبر في أحوال علي من الاستيعاب ، ثم قال ما هذا نصه : وهو من أثبت الآثار وأصحها ، رواه عن النبي سعد بن أبي وقاص ، (قال) وطرق حديث سعد فيه كثيرة جدا ، ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره ، (قال) ورواه ابن عباس ، وأبوسعيد الخدري ، وام سلمة ، واسماء بنت

__________________

(١) راجع ص ٣٣١ من الجزء الاول من المسند. (منه قدس)

(٢) في ص ٣٦٩ وفي ص ٤٣٨ من الجزء السادس من المسند. (منه قدس)

(٣) في ص ٣٢ من الجزء الثالث من المسند. (منه قدس)

(٤) كما ذكرناه في صدر هذه المراجعة نقلا عن المقصد الخامس من مقاصد الآية ١٤ من آيات الباب ١١ من الصواعق المحرقة ص ١٠٧. (منه قدس)

(٥) كما نص عليه ابن حجر في الحديث الاول من الاربعين التي أوردها في الفصل الثاني من الباب ٩ ص ٧٢ من صواعقه. وذكر السيوطي في أحوال علي من تاريخ الخلفاء : أن الطبراني أخرج هذا الحديث عن هؤلاء كلهم ، وزاد اسماء بنت قيس. (منه قدس)

(٦) كما نص عليه السيوطي في أحوال علي من تاريخ الخلفاء ص ٦٥. (منه قدس)

(٧) كما يدل عليه الحديث ٢٥٠٤ من أحاديث الكنز في ص ١٥٢ من جزئه السادس. (منه قدس)

٣٢٣

عميس ، وجابر بن عبدالله ، وجماعة يطول ذكرهم ، هذا كلام ابن عبدالبر. وكل من تعرض لغزوة تبوك من المحدثين وأهل السير والاخبار ، نقلوا هذا الحديث ، ونقله كل من ترجم عليا من أهل المعاجم في الرجال من المتقدمين والمتأخرين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم ، ورواه كل من كتب في مناقب أهل البيت ، وفضائل الصحابة من الائمة ، كأحمد بن حنبل ، وغيره ممن كان قبله أو جاء بعده ، وهو من الاحاديث المسلمة في كل خلف من هذه الامة (٤٧٥).

____________________________________

حديث المنزلة

(٤٧٥) قول الرسول (ص) لعلي (ع) : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي » وغيره من الالفاظ. وهذا الحديث من الاحاديث المتواترة فقد رواه جماعة كثيرة من الصحابة منهم :

سعد بن أبي وقاص ، معاوية ، حبشي بن جنادة ، جابر ، أبوسعيد الخدري ، سعد بن مالك ، أسماء بنت عميس ، هبد الله بن عمر ، ابن أبي ليلى ، مالك بن الحويرث ، علي بن أبي طالب ، عمر بن الخطاب ، عبد الله بن عباس ، أم سلمة ، عبدالله بن مسعود ، أنس بن مالك ، زيد بن أرقم ، أبوأيوب ، أبو بردة ، جابر بن سمرة ، البراء ، أبوهريرة ، زيد بن أبي أوفى ، نبيط بن شريط ، فاطمة بنت حمزة.

وهذا الحديث يوجد في : صحيح البخاري ك المغزي ب غزوة تبوك ج ٥ ص ١٢٩ ط دار الفكر وج ٣ ص ٦٣ ط الخيرية وج ٦ ص ٣ ط مطابع الشعب وج ٣ ص ٨٦ ط دار احياء الكتب وج ٣ ص ٥٨ ط المعاهد وج ٣ ص ٦١ ط الشرفية وج ٦ ص ٣ ط محمد علي صبيح وج ٦ ص ٣ ط الفجالة وج ٣ ص ٥٤ ط الميمنية وج ٥ ص ٣٧ ط بمبي ، صحيح مسلم ك الفضائل ب من فضائل علي بن أبي طالب ج ٢ ص ٣٦٠ ط عيسى الحلبي وج ٧ ص ١٢٠ ط محمد علي صبيح ، صحيح الترمذي ج ٥ ص ٣٠١ ح ٣٨٠٨ وصححه وح ٣٨١٣ وصححه

٣٢٤

 .........................

____________________________________

وح ٣٨١٤ وحسنه ط دار الفكر ، مسند أحمد بن حنبل ج ٣ ص ٥٠ ح ١٤٩٠ بسند صحيح وص ٥٦ ح ١٥٠٥ بسند صحيح وص ٥٧ ح ١٥٠٩ بسند صحيح وص ٦٦ ح ١٥٣٢ بسند صحيح وص ٧٤ ح ١٥٤٧ بسند صحيح وص ٨٨ ح ١٥٨٣ بسند صحيح وص ٩٤ ح ١٦٠٠ بسند حسن وص ٩٧ ح ١٦٠٨ بسند صحيح وج ٥ ص ٢٥ ح ٣٠٦٢ بسند صحيح ط دار المعارف بمصر ، سنن ابن ماجة ج ١ ص ٤٢ ح ١١٥ و ١٢١ ط دار احياء الكتب ، صحيح البخاري ك بدء الخلق ب مناقب علي بن أبي طالب ج ٤ ص ٢٠٨ ط دار الفكر وج ٥ ص ١٩ ط الاميرية وج ٤ ص ٧١ ط بمبي ، المستدرك للحاكم ج ٣ ص ١٠٩ وج ٢ ص ٣٣٧ وصححه ، تاريخ الطبري ج ٣ ص ١٠٤ ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج ١ ص حديث : ٣٠ و ١٢٥ و ١٤٨ و ١٤٩ و ١٥٠ و ٢٥١ و ٢٧١ و ٢٧٢ و ٢٧٣ و ٢٧٤ و ٢٧٦ و ٢٧٧ و ٢٧٨ و ٢٧٩ و ٢٨٠ و ٢٨١ و ٣٢٩ و ٣٣٠ و ٣٣٦ و ٣٣٧ و ٣٣٨ و ٣٣٩ و ٣٤٠ و ٣٤١ و ٣٤٢ و ٣٤٣ و ٣٤٤ و ٣٤٥ و ٣٤٦ و ٣٤٧ و ٣٤٨ و ٣٤٩ و ٣٥٠ و ٣٥١ و ٣٥٢ و ٣٥٣ و ٣٥٤ و ٣٥٥ و ٣٥٦ و ٣٥٧ و ٣٥٨ و ٣٥٩ و ٣٦٠ و ٣٦١ و ٣٦٢ و ٣٦٣ و ٣٦٤ و ٣٦٥ و ٣٦٦ و ٣٦٧ و ٣٦٨ و ٣٦٩ و ٣٧٠ و ٣٧١ و ٣٧٢ و ٣٧٣ و ٣٧٤ و ٣٧٥ و ٣٧٦ و ٣٧٧ و ٣٧٨ و ٣٧٩ و ٣٨٠ و ٣٨١ و ٣٨٢ و ٣٨٣ و ٣٨٤ و ٣٨٥ و ٣٨٦ و ٣٨٧ و ٣٨٨ و ٣٨٩ و ٣٩٠ و ٣٩١ و ٣٩٢ و ٣٩٣ و ٣٩٤ و ٣٩٦ و ٣٩٧ و ٣٩٨ و ٣٩٩ و ٤٠٠ و ٤٠١ و ٤٠٢ و ٤٠٣ و ٤٠٤ و ٤٠٥ و ٤٠٦ و ٤٠٧ و ٤٠٨ و ٤٠٩ و ٤١٠ و ٤١١ و ٤١٢ و ٤١٣ و ٤١٤ و ٤١٥ و ٤١٦ و ٤١٧ و ٤١٨ و ٤١٩ و ٤٢٠ و ٤٢١ و ٤٢٢ و ٤٢٣ و ٤٢٤ و ٤٢٥ و ٤٢٦ و ٤٢٧ و ٤٢٨ و ٤٢٩ و ٤٣٠ و ٤٣١ و ٤٣٢ ٤٣٣ و ٤٣٤ و ٤٣٥ و ٤٣٦ و ٤٣٧ و ٤٣٨ و ٤٣٩ و ٤٤٠ و ٤٤١ و ٤٤٢ و ٤٤٣ و ٤٤٤ و ٤٤٥ و ٤٤٦ و ٤٤٧ و ٤٤٨ و ٤٤٩ و ٤٥٠ و ٤٥١ و ٤٥٢ و ٤٥٣ و ٤٥٤ و ٤٥٥ و ٤٥٦ ط بيروت ، أنساب الاشراف للبلاذري ج ٢ ص ١٠٦ ح ٤٣ وص ٩٢ ح ٨ و ١٥ و ١٦ و ١٧ و ١٨ ، الاصابة لابن حجر ج ٢ ص ٥٠٧ و ٥٠٩ ، الاستيعاب بهامش الاصابة

٣٢٥

 .............................

____________________________________

ج ٣ ص ٣٤ و ٣٥ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي ص ٧٦ و ٧٧ و ٧٨ و ٧٩ و ٨٠ و ٨١ و ٨٢ و ٨٣ و ٨٤ و ٨٥ ط الحيدرية ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص ٢٧ ح ٤٠ و ٤١ و ٤٢ و ٤٣ و ٤٤ و ٤٥ و ٤٦ و ٤٧ و ٤٨ و ٤٩ و ٥٠ و ٥١ و ٥٢ و ٥٣ و ٥٤ و ٥٥ و ٥٦ و ٣٠٣ ط ١ بطهران ، حلية الاولياء ج ٧ ص ١٩٤ وصححه وص ١٩٥ و ١٩٦ و ١٩٧ وصححه ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص ٦٠ و ٧٤ و ٨٣ و ٨٤ و ٨٦ و ١٣٠ و ٧٦ و ١٩ و ٢٤ و ٢١٤ ، ذخائر العقبى ص ٦٣ و ٦٤ و ٦٩ و ٨٧ ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٦٨ ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ٣٥ و ٤٤ و ٤٩ و ٥٠ و ٥١ و ٥٦ و ٥٧ و ٦٣ و ٨٠ و ٨٦ و ٨٨ و ١١٤ و ١٣٠ و ١٧٦ و ١٨٢ و ١٨٥ و ٢٠٤ و ٢٢٠ و ٢٣٤ و ٢٥٤ و ٤٠٨ و ٤٩٦ ط اسلامبول ، أُسد الغابة ج ٢ ص ٨ وج ٤ ص ٢٦ و ٢٧ ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص ٩٥ و ١٠٧ ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٢٨١ و ٢٨٢ و ٢٨٣ و ٢٨٤ و ٢٨٥ و ٢٨٧ ط الحيدرية وص ١٤٨ و ١٤٩ و ١٥٠ و ١٥١ و ١٥٣ ط الغري ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٢ ص ٤٩٥ و ٥٧٥ وج ٣ ص ٢٥٥ وج ٤ ص ٢٢٠ ط ١ بمصر وج ٩ ص ٣٠٥ وج ١٠ ص ٢٢٢ وج ١٣ ص ٢١١ وج ١٨ ص ٢٤ ط مصر بتحقيق محمد أبوالفضل ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص ١٨ و ١٩ و ٢٠ و ٢٣ ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص ٢١ و ٢٢ و ١١٠ ، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج ١ ص ١٥٠ ح ٢٠٤ و ٢٠٥ ، مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي ج ١ ص ٤٨ و ٤٩ ، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص ١٤٨ و ١٤٩ ط السعيدية وص ١٣٤ و ١٣٦ ط العثمانية ، المعجم الصغير للطبراني ج ٢ ص ٢٢ و ٥٤ ، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٠٩ و ١١٠ و ١١١ و ١١٩ ، الرياض النضرة ج ٢ ص ٢١٤ و ٢١٥ و ٢١٦ و ٢٤٨ ط ٢ ، كنز العمال ج ١٥ ص ١٣٩ ح ٤٠٣ و ٤٠٤ و ٤١٠ و ٤١١ و ٤٣٢ و ٤٨٧ ط ٢ ، مرآة الجنان لليافعي ج ١ ص ١٠٩ وصححه ط بيروت ، العقد الفريد لابن عبد ربه ج ٤ ص ٣١١ وج ٥ ص ١٠٠ ط لجنة التأليف بمصر وج ٢ ص ٢٧٩ وج ٣ ص ٤٨ ط العثمانية ، مصابيح السنة للبغوي

٣٢٦

فلا عبرة بتشكي الآمدي في سنده فإنه ليس من علم الحديث في شيء ، وحكمه في معرفة الاسانيد والطرق حكم العوام لا يفقهون حديثا ، وتبحره في علم الاصول هو الذي أوقعه في هذه الورطة ، حيث رآه بمقتضى الاصول نصا صريحا لا يمكن التخلص منه إلا بالتشكيك في سنده ، ظنا منه أن هذا من الممكن. وهيهات هيهات ذلك ، والسلام.

ش

المراجعة ٢٩

٢٠ ذي الحجة سنة ١٣٢٩

١ ـ التصديق بما قلناه في سند الحديث

٢ ـ التشكيك في عمومه

٣ ـ الشك في حجيته

١ ـ كل ما ذكرتموه في ثبوت الحديث ـ حديث المنزلة ـ حق لا ريب فيه مطلقا ، والآمدي عثر فيه عثرة دلت على بعده عن علم الحديث وأهله ، وقد أزعجناك بذكر رأيه فأحوجناك إلى توضيح الواضحات ، وتلك خطيئة نستغفرك منها وأنت أهل لذلك.

____________________________________

ج ٢ ص ٢٧٥ وصححه ط محمد علي صبيح ، الفتح الكبير للنبهاني ج ١ ص ٢٧٧ وج ٣ ص ٣٩٨ ، جامع الاصول لابن الاثير ج ٩ ص ٤٦٨ و ٤٦٩ ، مشكاة المصابيح ج ٣ ص ٢٤٢ ، الجامع الصغير للسيوطي ج ٢ ص ٥٦ ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ ص ٣١ و ٥٣ و ٥٥ ، احقاق الحق ج ٥ ص ١٣٣ ـ ٢٣٤ ط ١ بطهران ، فرائد السمطين ج ١ ص ١٢٢ و ١٢٣ و ١٢٤ و ١٢٦ و ١٢٧ و ٣١٧ و ٣٢٩ وغيرها من عشرات الكتب.

٣٢٧

٢ ـ وقد بلغني أن غير الآمدي من خصومكم ، يزعم أن لا عموم في حديث المنزلة وانه خاص بمورده ، واستدل بسياق الحديث ، وسببه لانه إنما قاله لعلي حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك ، فقال له الامام رضي الله عنه : أتخلفني في النساء والصبيان؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا انه لا نبي بعدي ، وكأنه صلى الله عليه وآله ، أراد كونه منه بمنزلة هارون من موسى حيث استخلفه في قومه عند توجهه إلى الطور ، فيكون المقصود أنت مني أيام غزوة تبوك ، بمنزلة هارون من موسى أيام غيبته في مناجاة ربه.

٣ ـ وربما قالوا : ان الحديث غير حجة وان كان عاما لكونه مخصوصا ، والعام المخصوص غير حجة في الباقي ، والسلام

س

المراجعة ٣٠

٢٢ ذي الحجة سنة ١٣٢٩

١ ـ أهل الضاد يحكمون بعموم الحديث

٢ ـ تزييف القول باختصاصه

٣ ـ ابطال القول بعدم حجيته

١ ـ نحن نوكل الجواب عن قولهم بعدم عموم الحديث إلى أهل اللسان والعرف العربيين ، وأنت حجة العرب لا تدافع ، ولا تنازع ، فهل ترى أمتك ـ أهل الضاد ـ يرتابون في عموم المنزلة من هذا الحديث.كلا

٣٢٨

وحاشا مثلك أن يرتاب في عموم اسم الجنس المضاف وشموله لجميع مصاديقه ، فلو قلت : منحتكم انصافي مثلا ، أيكون انصافك هذا خاصا ببعض الامور دون بعض ، أم عاما شاملا لجميع مصاديقه؟ معاذ الله أن تراه غير عام ، أو يتبادر منه إلا الاستغراق ، ولو قال خليفة المسلمين لاحد أوليائه : جعلت لك ولايتي على الناس ، أو منزلتي منهم ، أو منصبي فيهم، أو ملكي ؛ فهل يتبادر إلى الذهن غير العموم؟ وهل يكون مدعي التخصيص ببعض الشؤون دون بعض ، إلا مخالفا مجازفا؟ ولو قال لاحد وزرائه : لك في أيامي منزلة عمر في أيام أبي بكر إلا انك لست بصحابي ، أكان هذا بنظر العرف خاصا ببعض المنازل أم عاما؟ ما أراك والله تراه إلا عاما ، ولا أرتاب في أنك قائل بعموم المنزلة في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى » ، قياسا على نظائره في العرف واللغة ، ولا سيما بعد استثناء النبوة فانه يجعله نصا في العموم ، والعرب ببابك ، فسلها عن ذلك.

٢ ـ أما قول الخصم بأن الحديث خاص بمورده فمردود من وجهين.

الوجه الاول : ان الحديث في نفسه عام كما علمت ، فمورده ـ لو سلمنا كونه خاصا ـ لا يخرجه عن العموم ، لان المورد لا يخصص الوارد كما هو مقرر في محله ؛ ألا ترى لو رأيت الجنب يمس آية الكرسي مثلا ، فقلت له : لا يمسن آيات القرآن محدث ؛ أيكون هذا خاصا بمورده ، أم عاما شاملا لجميع آيات القرآن ولكل محدث؟ ما أظن أحدا يفهم كونه خاصا بمس الجنب بخصوصه لآية الكرسي بالخصوص ، ولو رأى الطبيب مريضا يأكل التمر ، فنهاه عن أكل الحلو ، أيكون في نظر العرف خاصا بمورده ، أم عاما

٣٢٩

شاملا لكل مصاديق الحلو؟ ما أرى والله القائل بكونه خاصا بمورده إلا في منتزح عن الاصول ، بعيدا عن قواعد اللغة ، نائيا عن الفهم العرفي ، أجنبيا عن عالمنا كله ، وكذا القائل بتخصيص العموم في حديث المنزلة بمورده من غزوة تبوك لا فرق بينهما أصلا.

الوجه الثاني : ان الحديث لم تنحصر موارده باستخلاف علي على المدينة في غزوة تبوك ليتشبث الخصم بتخصيصه به ، وصحاحنا المتواترة عن أئمة العترة الطاهرة تثبت وروده في موارد اخر (٤٧٦) فليراجعها

____________________________________

(٤٧٦) حديث المنزلة في غير غزوة تبوك من طريق الشيعة :

١ ـ يوم تسمية الحسن باسمه : كما في علل الشرايع للصدوق ص ١٣٧ و ١٣٨.

٢ ـ حديث (لحمه من لحمي) : يشتمل على حديث المنزلة كما في : بحار الانوار للمجلسي ج ٣٧ ص ٢٥٤ و ٢٥٧ ط الجديد ، أمالي الطوسي ج ١ ص ٤٩ ، إثبات الهداة للحر العاملي ج ٣ باب ـ ١٠ ـ ح ٣٧٦ ط طهران.

٣ ـ في حجة الوداع : كما في بحار الانوار ج ٣٧ ص ٢٥٦ ط الجديد.

٤ ـ في منى : كما في بحار الانوار ج ٣٧ ص ٢٦٠ ط الجديد.

٥ ـ في يوم غدير خم : كما في بحار الانوار ج ٣٧ ص ٢٠٦ ط الجديد ، تفسير العياشي ج ١ ص ٣٣٢ ح ١٥٣ ط قم.

٦ ـ في يوم المؤاخاة : كما في بحار الانوار ج ٣٨ ص ٣٣٤ ح ٧ و ١١ و ١٨ ط الجديد ، إثبات الهداة للحر العاملي ج ٣ باب ـ ١٠ ـ ح ٦١٩ و ٧٦١.

٧ ـ يوم المباهلة : كما في بحار الانوار ج ٣٨ ص ٤٣ ح ١٨ ط الجديد.

٨ ـ عند الرجوع بغنائم خيبر : اثبات الهداة ج ٣ باب ـ ١٠ ـ ح ٢٤٣ ط طهران ، أمالي الصدوق ص ٨٥.

٩ ـ يوم كان يمشي مع النبي : اثبات الهداة ج ٣ باب ـ ١٠ ـ ح ١٠٨.

٣٣٠

الباحثون ، وسنن أهل السنة تشهد بذلك (٤٧٧) كما يعلمه المتتبعون ، فقول المعترض بأن سياق الحديث دال على تخصيصه بغزوة تبوك مما لا وجه له اذن ، كما لا يخفى.

٣ ـ اما قولهم بأن العام المخصوص ليس بحجة في الباقي ، فغلط واضح ، وخطأ فاضح ، وهل يقول به في مثل حديثنا إلا من يعتنف الامور ، فيكون منها على غماء ، كراكب عشواء ، في ليلة ظلماء ، نعوذ بالله من الجهل ، والحمد لله على العافية ، ان تخصيص العام لا يخرجه عن الحجية في الباقي إذا لم يكن المخصص مجملا ، ولا سيما إذا كان متصلا كما في حديثنا ، فإن المولى إذا قال لعبده : أكرم اليوم كل من زارني إلا زيدا ، ثم ترك العبد إكرام غير زيد ممن زار مولاه يعد في العرف عاصيا ، ويلومه العقلاء ، ويحكمون عليه باستحقاق الذم ، والعقوبة على قدر ما تستوجبه هذه المعصية عقلا أو شرعا ، ولا يصغي أحد من أهل العرف إلى عذره لو اعتذر بتخصيص هذا العام ، بل يكون عذره أقبح عندهم من ذنبه ، وهذا ليس إلا لظهور العام ـ بعد تخصيصه ـ في الباقي ، كما لا يخفى ، وأنت تعلم ان سيرة المسلمين وغيرهم مستمرة على الاحتجاج بالعمومات المخصصة بلا نكير ، وقد مضى الخلف على ذلك والسلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، وتابعي التابعين وتابعيهم إلى الآن ، ولا سيما أئمة أهل البيت وسائر أئمة المسلمين ، وهذا مما لا ريب فيه ، وحسبك به دليلا على حجية العام المخصوص ، ولولا أنه حجة لانسد على الائمة الاربعة وغيرهم من المجتهدين باب العلم بالاحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية ، فإن رحى العلم

____________________________________

(٤٧٧) كما سوف يأتي في المراجعة التالية.

٣٣١

بذلك تدور على العمل بالعمومات ، وما من عام إلا وقد خص ، فإذا سقطت العمومات ارتج باب العلم ، نعوذ بالله ، والسلام.

ش

المراجعة ٣١

٢٢ ذي الحجة سنة ١٣٢٩

التماس موارد هذا الحديث

لم تأت بما يثبت ورود الحديث في غير تبوك ، وما أشوقني إلى الورود على سائر موارده العذبة ، فهل لك أن توردني مناهله ، والسلام.

س

المراجعة ٣٢

٢٤ ذي الحجة سنة ١٣٢٩

١ ـ من موارده زيارة أم سليم

٢ ـ قضية بنت حمزة

٣ ـ اتكاؤه على علي

٤ ـ المؤاخاة الاولى

٥ ـ المؤاخاة الثانية

٦ ـ سد الابواب

٧ ـ النبي يصور عليا وهارون كالفرقدين

١ ـ من موارده يوم حدث صلى الله عليه وآله وسلم ام سليم(١) ،

__________________

(١) هي بنت ملحان بن خالد الانصارية ، وأخت حرام بن ملحان ، استشهد أبوها وأخوها بين يدي النبي صلى الله عليه وآله ، وكانت على

٣٣٢

، وكانت من أهل السوابق والحجى ، ولها المكانة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بسابقتها واخلاصها ونصحها ، وحسن بلائها ، وكان

__________________

جانب من الفضل والعقل ، روت عن النبي احاديث ، وروى عنها ابنها انس ، وابن عباس ، وزيد بن ثابت ، وأبوسلمة بن عبدالرحمن ، وآخرون ؛ تعد في أهل السوابق ، وهي من الدعاة إلى الاسلام ، كانت في الجاهلية تحت مالك ابن النضر ، فأولدها أنس بن مالك ، فلما جاء الله بالاسلام كانت في السابقين اليه ، ودعت مالكا زوجها إلى الله ورسوله ، فأبى أن يسلم ، فهجرته ، فخرج مغاضبا إلى الشام ، فهلك كافرا ، وقد نصحت لابنها انس إذ أمرته وهو ابن عشر سنين أن يخدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقبله النبي إكراما لها ، وخطبها أشراف العرب ، فكانت تقول : لا أتزوج حتى يبلغ أنس ويجلس مجلس الرجال ، فكان انس يقول : « جزى الله امي خيرا أحسنت ولايتي » ، وقد اسلم على يدها ابوطلحة الانصاري إذ خطبها وهو كافر ، فأبت ان تتزوجه او يسلم ، فأسلم بدعوتها وكان صداقها منه إسلامه ، أولدها أبوطلحة ولدا فمرض ومات ، فقالت : لا يذكرن احد موته لابيه قبلي ، فلما جاء وسأل عن ولده قالت : هو اسكن ما كان ، فظن انه نائم ، فقدمت له الطعام فتعشى ، ثم تزينت له وتطيبت فنام معها وأصاب منها ، فلما اصبح قالت له : احتسب ـ ولدك فذكر ابوطلحة قصتها لرسول الله فقال : بارك الله لكما في ليلتكما ، قالت : ودعا لي صلى الله عليه وآله ، حتى ما اريد زيادة ؛ وعلقت في تلك الليلة بعبد الله بن ابي طلحة فبارك الله فيه ، وهو والد اسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة الفقيه ، واخوته وكانوا عشرة كلهم من حملة العلم ، وكانت ام سليم تغزو مع النبي ، وكان معها يوم أحد خنجر لتبقر به بطن من دنا اليها من المشركين ، وكانت من أحسن النساء بلاء في الاسلام ، ولا أعرف امرأة سواها كان النبي يزورها في بيتها فتتحفه. وكانت مستبصرة بشأن عترته ، عارفة بحقهمعليهم‌السلام . (منه قدس)

٣٣٣

النبي يزورها ويحدثها في بيتها ، فقال لها في بعض الايام : يا ام سليم ان عليا لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وهو مني بمنزلة هارون من موسى. اهـ(١) . وقد لا يخفى عليك ان هذا الحديث كان اقتضابا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، غير مسبب عن شيء إلا البلاغ والنصح لله تعالى في بيان منزلة ولي عهده ، والقائم مقامه من بعده ، فلا يمكن أن يكون مخصصا بغزوة تبوك (٤٧٨).

٢ ـ ومثله الحديث الوارد في قضية بنت حمزة حين اختصم فيها علي وجعفر وزيد ، فقال رسول الله (ص) : « يا علي أنت مني بمنزلة هارون الحديث(٢) » (٤٧٩).

__________________

(١) هذا الحديث ـ أعني حديث ام سليم ـ هو الحديث ٢٥٥٤ من احاديث الكنز في ص ١٥٤ من جزئه السادس ، وهو موجود في منتخب الكنز أيضا فراجع السطر الاخير من هامش ص ٣١ من الجزء الخامس من مسند احمد ، تجده بلفظه. (منه قدس)

(٢) أخرجه الامام النسائي ص ١٩ من الخصائص العلوية. (منه قدس)

____________________________________

(٤٧٨) حديث المنزلة في غير غزوة تبوك من طريق السنة :

١ ـ في حديث أم سلمة (لحمه من لحمي ) :

راجع : ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج ١ ص ٧٨ ح ١٢٥ و ٤٠٦ ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص ٨٦ ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ٥٠ و ٥٥ و ١٢٩ ط اسلامبول ، مجمع الزوائد ج ٩ ص ١١١ ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ١٦٨ ط الحيدرية وص ٧٠ ط الغري ، ميزان الاعتدال ج ٢ ص ٣ ، فرائد السمطين ج ١ ص ١٥٠.

(٤٧٩) ٢ ـ في قضية بنت حمزة :

٣٣٤

٣ ـ وكذا الحديث الوارد يوم كان أبوبكر وعمر وأبوعبيدة بن الجراح عند النبي ، وهو (ص) متكئ على علي ، فضرب بيده على منكبه ثم قال : « يا علي أنت أول المؤمنين إيمانا ، وأولهم إسلاما وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ...» الحديث(١) (٤٨٠).

٤ ـ والاحاديث الواردة يوم المؤاخاة الاولى ، وكانت في مكة قبل الهجرة حيث آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بين المهاجرين خاصة.

٥ ـ ويوم المؤاخاة الثانية ، وكانت في المدينة بعد الهجرة بخمسة

__________________

(١) اخرجه الحسن بن بدر ، والحاكم في الكنى ، والشيرازي في الالقاب ، وابن النجار ، وهو الحديث ٦٠٢٩ والحديث ٦٠٣٢ من أحاديث الكنز ص ٣٩٥ ، من جزئه السادس. (منه قدس)

____________________________________

راجع : خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي ص ٨٨ ط الحيدرية ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج ١ ص ٣٣٨ ح ٤٠٩.

(٤٨٠) ٣ ـ في حديث اتكاء الرسول (ص) على علي (ع) :

راجع : كنز العمال ج ١٥ ص ١٠٨ ح ٣٠٧ ط ٢.

٤ ـ في يوم ضرب النبي (ص) على منكب علي (ع) :

راجع : ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج ١ ص ٣٢١ ح ٤٠١ ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص ١٩ ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص ١١٠ ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ٢٠٢ ط اسلامبول وص ٢٣٩ ط الحيدرية ، كنز العمال ج ١٥ ص ١٠٩ ح ٣١٠ ط ٢ ، الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠٧ و ٢١٥ ط ٢

٣٣٥

أشهر ، حيث آخى بين المهاجرين والانصار وفي كلتا المرتين يصطفي لنفسه منهم عليا ، فيتخذه من دونهم أخاه(١) ، تفضيلا له على من سواه ويقول له : « أنت مني بمنزلة هارون بن موسى ، إلا انه لا نبي بعدي ». والاخبار في ذلك متواترة من طريق العترة الطاهرة (٤٨١) ، وحسبك مما جاء من طريق غيرهم في المؤاخاة الاولى ، حديث زيد بن أبي أوفى ، وقد أخرجه الامام أحمد بن حنبل في كتاب مناقب علي ، وابن عساكر في تاريخه(٢) ، والبغوي والطبراني في مجمعيهما ، والبارودي في المعرفة ، وابن عدي(٣) ، وغيرهم ، والحديث طويل قد اشتمل على كيفية

__________________

(١) قال ابن عبدالبر في ترجمة علي من الاستيعاب : آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بين المهاجرين ، ثم آخى بين المهاجرين والانصار ، وقال في كل واحدة منهما لعلي : أنت أخي في الدنيا والاخرة ، (قال) : وآخى بينه وبين نفسه. اهـ. قلت : والتفصيل في كتب السير والاخبار ، فلاحظ تفصيل المؤاخاة الاولى في ص ٢٦ من الجزء الثاني من السيرة الحلبية. وراجع المؤاخاة الثانية في ص ١٢٠ من الجزء الثاني من السيرة الحلبية أيضا تجد تفضيل علي في كلتا المرتين بمؤاخاة النبي له على من سواه وفي السيرة الدحلانية من تفصيل المؤاخاة الاولى ، والمؤاخاة الثانية ، ما في السيرة الحلبية ، وقد صرح بأن المؤاخاة الثانية كانت بعد الهجرة بخمسة أشهر. (منه قدس)

(٢) نقله عن كل من أحمد وابن عساكر جماعة من الثقات ، احدهم المتقي الهندي ، فراجع من كنزه الحديث ٩١٨ في اوائل صفحة ٤٠ من جزئه الخامس. ونقله في ص ٣٩٠ من جزئه السادس عن أحمد في كتابه ـ مناقب علي ـ وجعله الحديث ٥٩٧٢ ، فراجع. (منه قدس)

(٣) نقله عن كل من هؤلاء الائمة جماعة من الثقات الاثبات ، أحدهم

____________________________________

(٤٨١) راجع : بحار الانوار ج ٨ ص ٣٣٠ باب ٦٨ ط الجديد.

٣٣٦

المؤاخاة ، وفي آخره ما هذا لفظه : فقال علي : « يا رسول الله لقد ذهب روحي ، وانقطع ظهري ، حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإن كان هذا من سخط علي فلك العتبى والكرامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ، غير أنه لا نبي بعدي ، وأنت أخي ووارثي ، فقال : وما أرث منك؟ قال : ما ورث الانبياء من قبلي كتاب ربهم وسنة نبيهم ، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي ، وأنت أخي ورفيقي ، ثم قرأ صلى الله عليه وآله( اخواناً على سرر متقابلين ) المتاحبين في الله ينظر بعضهم إلى بعض » (٤٨٢) ، وحسبك مما جاء في المؤاخاة الثانية ما أخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عباس من حديث جاء فيه : ان رسول الله قال لعلي : « اغضبت علي حين آخيت بين المهاجرين والانصار ، ولم أؤاخ بينك وبين أحد منهم ، أما ترضى أن

__________________

المتقي الهندي في اول ص ٤١ من الجزء الخامس من كنز العمال ، وهو الحديث ٩١٩ ، فراجع.

____________________________________

(٤٨٢) ٥ ـ حديث المنزلة يوم المؤاخاة الاولى.

راجع : تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص ٢٣ ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج ١ ص ١٠٧ ح ١٤٨ و ١٥٠ ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ٥٦ ، و ٥٧ ط اسلامبول وص ٦٣ و ٦٤ ط الحيدرية ، كنز العمال ج ٦ ص ٢٩٠ ح ٥٩٧٢ ط ١ وج ١٥ ص ٩٢ ح ٢٦٠ ط ٢ ، الغدير للاميني ج ٣ ص ١١٥ ، فرائد السمطين للحمويني ج ١ ص ١١٥ و ١٢١.

٣٣٧

تكون مني بمنزلة هارون بن موسى ، إلا انه ليس بعدي نبي الحديث(١) » (٤٨٣)

٦ ـ ونحوه الاحاديث الوارة يوم سد الابواب غير باب علي ؛ وحسبك حديث جابر بن عبدالله(٢) قال : قال رسول الله صلى الله عليه

__________________

(١) نقله المتقي الهندي في كنز العمال وفي منتخبه ، فراجع من المنتخب ما هو في آخر هامش ص ٣١ من الجزء الخامس من مسند أحمد ، تجده باللفظ الذي أوردناه ، ولا يخفى ما في قوله : أغضبت علي من المؤانسة والملاطفة والحنو الابوي على الولد المدلل على أبيه ، الرؤوف العطوف ، فإن قلت : كيف ارتاب علي من تأخيره في المرة الثانية مع انه كان في المرة الاولى قد ارتاب من ذلك ، ثم ظهر له ان النبي صلى الله عليه وآله ، إنما اخره لنفسه ، وهلا قاس الثانية على الاولى ، قلنا : لا تقاس الثانية على الاولى ، لان الاولى كانت خاصة بالمهاجرين ، فالقياس لم يكن مانعا من مؤاخاة النبي لعلي ، بخلاف المؤاخاة الثانية ، فإنها كانت بين المهاجرين والانصار ، فالمهاجر في المرة الثانية إنما يكون أخوه أنصاريا ، والانصاري انما يكون أخوه مهاجرا ؛ وحيث ان النبي والوصي مهاجران ، كان القياس في هذه المرة أن لا يكونا اخوين ، فظن علي ان أخاه إنما يكون انصاريا قياسا على غيره ، وحيث لم يؤاخ رسول الله بينه وبين احد من الانصار وجد في نفسه ، لكن الله تعالى ورسوله أبيا إلا تفضيله ، فكان هو ورسول الله أخوين على خلاف القياس المطرد يومئذ بين جميع المهاجرين والانصار. (منه قدس)

(٢) كما في آخر الباب ١٧ من ينابيع المودة ، نقلا عن كتاب فضائل أهل البيت لاخطب خوارزم. (منه قدس)

____________________________________

(٤٨٣) ٦ ـ في يوم المؤاخاة الثانية :

راجع : المناقب للخوارزمي الحنفي ص ٧ ، تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي الحنفي ص ٢٠ ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص ٢١.

٣٣٨

وآله وسلم : يا علي ، إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي ، وإنك مني بمنزلة هارون بن موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ، وعن حذيفة بن أسيد الغفاري(١) قال : قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ يوم سد الابواب ـ خطيبا ، فقال : ان رجالا يجدون في أنفسهم شيئا ان أسكنت عليا في المسجد وأخرجتهم ، والله ما أخرجتهم وأسكنته ، بل الله أخرجهم وأسكنه ، ان الله عزوجل ، أوحى إلى موسى وأخيه ان تبو‌آ لقومكما بمصر بيوتا ، واجعلوا بيوتكم قبلة ، وأقيموا الصلاة ، إلى أن قال : وان عليا مني بمنزلة هارون بن موسى ، وهو أخي ، ولا يجوز لاحد أن ينكح فيه النساء إلا هو الحديث (٤٨٤). وكم لهذه الموارد من نظائر لا

__________________

(١) كما في الباب ١٧ من ينابيع المودة. (منه قدس)

____________________________________

(٤٨٤) ٧ ـ في حديث سد الابواب إلا باب علي :

راجع : مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص ٢٥٥ ح ٣٠٣ ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج ١ ص ٢٦٦ ح ٣٢٩ و ٣٣٠ ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ٨٨ ط اسلامبول وص ١٠٠ ط الحيدرية وج ١ ص ٨٦ ط العرفان.

٨ ـ يوم تسمية الحسنين :

راجع ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ٢٢٠ ط اسلامبول وص ٢٦١ ط الحيدرية وج ٢ ص ٤٥ ط العرفان ، فرائد السمطين ج ٢ ص ١٠٣ ـ ١٠٥ ح ٤١٢.

٩ ـ في يوم بدر : راجع المناقب للخوارزمي الحنفي ص ٨٤.

١٠ ـ يوم قدم بفتح خيبر :

راجع : المناقب للخوارزمي الحنفي ٧٦ و ٩٦ ، مقتل الحسين للخوارزمي نفسه ج ١ ص ٤٥ ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٢٦٤ ط الحيدرية ،

٣٣٩

تحصى في هذه العجالة ، لكن هذا القدر كاف لما أردناه من تزييف القول بأن حديث المنزلة مخصص بمورده من غزوة تبوك ، وأي وزن لهذا القول مع تعدد موارد الحديث.

٧ ـ ومن ألم بالسيرة النبوية ، وجده صلى الله عليه وآله يصور عليا وهارون كالفرقدين على غرار واحد ، لا يمتاز أحدهما عن الآخر في شيء ، وهذا من القرائن الدالة على عموم المنزلة في الحديث ، على أن عموم المنزلة هو المتبادر من لفظه بقطع النظر عن القرائن كما بيناه ، والسلام.

ش

المراجعة ٣٣

٢٥ ذي الحجة سنة ١٣٢٩

متى صور عليا وهارون كافرقدين؟

لم يتبين لنا كنه قولكم بأنه صلى الله عليه وآله وسلم ، كان يصور عليا وهارون كالفرقدين على غرار واحد ، ومتى فعل ذلك؟

س

____________________________________

مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٣١ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٢ ص ٤٤٩ ط ١ أفست ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفين ص ١٣٠ ط اسلامبول ، وص ١٥٤ ط الحيدرية.

١١ ـ يوم كان الصحابة في المسجد نائمين :

راجع : كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٢٨٤ ط الحيدرية وص ١٥٠ ط الغري.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581