مفاهيم القرآن الجزء ٨

مفاهيم القرآن14%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-148-3
الصفحات: 403

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 166748 / تحميل: 5767
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٨

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-١٤٨-٣
العربية

كتابٌ كريم حبّره يراع الأُستاذ الفذ آية الله الشيخ هادي « معرفة »

مؤلّف كتاب « التمهيد في علوم القرآن » ننشره بإكبار وإجلال

التفسير الموضوعي

ضرورة رساليّة إسلاميّة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين.

أمّا بعد فممّا يبعث على اعتزاز هذه الأُمّة المرحومة اختصاصها بكتاب الله العزيز الحميد، المضمون له السلامة والبقاء عبر القرون.

قال تعالى:( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) (١) . وقال:( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (٢) .

الأمر الّذي يستدعي خلود هذه الأُمّة بخلود كتابها المجيد حاملةً رسالةً إلهيّة إلى الأجيال عبر الأيّام والعصور( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) (٣) .

إنّ هذه الأُمّة تحمل رسالة إلهيّة إلى العالمين، وقد تضمّنها القرآن كلام رب العالمين. فكان على الأُمّة تبيينها والإيفاء بهذا الواجب بأداء ما عليها من وظيفة البلاغ والبيان، كما كان على نبيّها الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله من واجب البلاغ والبيان قال

__________________

١. فاطر: ٣٢.

٢. الحجر: ٩.

٣. البقرة: ١٤٣.

١

تعالى:( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) (١) ، فقد كان عليه البيان والتفسير، كما كان عليه البلاغ والإنذار والتبشير.

وهكذا الواجب على الأُمّة الوسطى أن تقوم بواجب البيان إلى جنب واجب البلاغ فيكون إلى جنب الدعوة إلى الإسلام، تبيين أهدافه ومقاصده في إسعاد البشريّة والّتي تضمّنها القرآن، الكلام الإلهي الخالد.

القرآن يحمل رسالة إلى الناس:( إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) (٢) . فَعَلى نُبَهاء الأُمّة وعلماء الملّة أن يبلّغوا هذا النداء الصارخ، إلى الخافقين، ويُسمعوهم ما يحتويه من أهداف عالية ومقاصد زاكية. لا بقراءة اللفظ وتلاوة الكلام فحسب، بل بالشرح والتفصيل والتبيين والتفسير.

والتفسير على منهجين: ترتيبي ( حسب النظم القائم في القرآن ) وموضوعي ( حسب المسائل المطروحة في القرآن ) فأيّهما المطلوب بالذات ؟

لا شكّ أنّ الّذي تستدعيه طبيعة الدعوة، والّذي يطلبه الإنسان الواعي، الساعي وراء درك حقائق القرآن، هي: دراسة ما في القرآن من مفاهيم ومعارف أتحف بها البشرية، وآداب وتعاليم قدّمها للإنسان، ليسعد بها ويتصاعد على مدارج الكمال.

إنّ البشرية الآن بحاجة ماسّة إلى الوقوف على ما في القرآن من معارف وأحكام، وبانتظار ما يقدّمه علماء المسلمين إليهم من مسائل ومباحث أُصولية جاء بها القرآن كحقائق راهنة تُنير لها درب الحياة وتضيء للإنسان معالم السعادة وتؤمّن عليه كرامته في النشأتين.

إنّ الإنسان اليوم يتطلّع إلى معالم هذا الكتاب، والمعارف الّتي احتضنتها هذه الرسالة الإلهية الخالدة، الأمر الّذي استرعى انتباهه منذ حين، ولا يهمّه أن يكون لفظه كذا أو تعبيره كذا، إنّما يُهمّه أمر المحتوى وما تحتويه هذه الرسالة

__________________

١. النحل: ٤٤.

٢. الإسراء: ٩.

٢

القرآنية، من مسائل جسام.

إذن فواجب العلماء أن يلفتوا أنظار العالمَ المتحضّر إلى هذا الجانب من كتاب الله، ويفرغوا ما بوسعهم في إبداء ما يحتضنه من مسائل ودلائل ومعارف وأحكام، وهو جانب خطير من التفسير الأصيل نُعبّر عنه بالتفسير الموضوعي.

والتفسير الموضوعي لم يُبد وجهَه سلفاً في سوى مقطّعات كانت بصورة دراسات قرآنيّة، غير مستوفاة ولا مستوعبة لكل مسائل القرآن دراسة موضوعية بحتة، إنّما جاء الخلف ـ ولا سيما في القرن الأخير ـ ليستكملوا هذا الأمر ويستوفوا من شؤونه في عرض شامل.

وأفضل من وجدته قائماً بأعباء هذا الأمر الخطير، مُشمّراً عن ساعد الجدّ، في استيفاء تام، وإحاطة علميّة فائقة، هو العلَم العلّامة والمحقّق الفهّامة، زميلنا الأُستاذ الشيخ جعفر السبحاني، فلا زالت معالم العلم بضياء نوره وهّاجة، ودلائل التحقيق في ضوء دراساته فياضة.

فقد قام ـ ولله جدّ أمره ـ بدراسة مفاهيم القرآن والإفصاح عن معالمه، والإبانة عن دلائله ومسائله المعروضة بشكل مستوعب، وكانت عن جدارة علميّة فائقة، وعن صلاحية ذاتية لائقة، قلّما يوجد مثيل دراساته القيمة، ولدلائله الواضحة اللائحة.

وكنت منذ تعرّفت إلى جنابه وتشرّفت بمطالعة كتابه، تشوّقت إلى الإزدياد من معرفة لباب تحقيقه والتشوّف إلى عباب فيض تنميقه وتنسيقه، فما أحسنه من تأليف أنيق وما أكرم مؤلّفه من أستاذ محقّق واسع الآفاق.

والكتب والدفاتر الّتي تحمل عنوان « الدراسات القرآنية ـ التفسير الموضوعي » كثيرة جادت بها قرائح وقّاده من علماء معاصرين، غير أنّ في غالبيتها خروجاً ـ بعض الشيء ـ عن أسلوب التفسير القرآني، إلى شكل مقالات تبحث عن مسائل إسلامية عريقة، كانت إحدى دلائلها آياتٌ من الذكر الحكيم، الأمر

٣

الّذي كان يبعدها عن واقع الدراسات القرآنية البحتة، والّتي ترمي إلى فهم ما عرضه القرآن بالذات.

إنّ الدراسة القرآنية تستهدف وراء ما في القرآن من مسائل ودلائل عرضها للبشرية كودائع إلهيّة أورثها لعباده الذين اصطفى، أمّا مجرّد الاستناد إلى آية أو آيات، لغرض إثبات ما يرميه المقال، فلا يمسّ هذا الجانب، ولا يورثه هذا العنوان الزاهي.

ومن ثمّ، فإنّ الّذي يمتاز به، هذا المؤلَّف العظيم، على يد هذا المؤلِّف الكريم، هو جانب رعايته التامّة للحفاظ على كون الدراسة دراسة قرآنية، بما يحمله هذا العنوان من جليل المعنى وفخيم المحتوى.

فقد ركّز المؤلّف الجليل دراساته ـ بشكل مستوعب ـ على أساس جمع الآيات المترابطة، وضمّ بعضها إلى بعض، ليرفع من إجمال كل بما في أُخرى من بيان وتفصيل، وليكمل من قصور كل بما في الأُخرى من تمام وكمال، ثمّ صبّها في قالب دراسة موضوعية شاملة، حتّى إذا اكتمل البحث واستوفى هدفه، أردفه بسائر الدلائل والمسائل تتميماً للفائدة، وتكميلاً للعائدة.

والّذي يُلفت النظر في هذه الدراسات، هو جانب دقّتها والأخذ بجانب الحيطة والحذر عن أن يكون تحميلاً على القرآن دون أن يكون تبييناً له، الأمر الذي ابتلي به غير واحد من المفسِّرين المتسرّعين، والذي تجنّبه بشدة هذا المؤلَّف، في جميع مسائله ودلائله، حسبما تعرّفت إلى أكثر مبانيه ولمست أغلب مراميه.

هذا ما يجعله فذّاً فريداً وعلماً وحيداً يهتدى به إلى معالم القرآن المجيد، نفعنا الله به وبمؤلِّفه على ذمّة البقاء، آمين.

محمد هادي معرفة

قم المقدسة

رجب الأصب ١٤٢٠ ه‍

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للّه الذي خلق الإنسان لغاية مُثلىٰ ولم يخلقه عبثاً ولا سدىٰ.

والصّلاة والسّلام على نبيّه محمد الذي فتح الله له من كنوز غيبه، وعلىٰ آله عيبة أسراره وحملة شرعه وحفظة سننه.

أمّا بعد؛

يوم الحشر ومعاد الإنسان

لقد جُبل الإنسان علىٰ حبّ البقاء وكراهة الزوال والفناء، وهذا أمر مشهود عند كلّ إنسان حتى أنّ الّذي ينتحر فهو يعدم وجوده وبقاءه، ولكنّه ـ في الحقيقة ـ يبغي من وراء ذلك، الوصول إلى الراحة التامة، لأنّ المشكلات والأزمات الحادّة، قد ضيّقت عليه الخناق فحدت به إلى القيام بهذه العملية، فهو بفعله هذا يدرأ خطر تلك الأزمات ليصل إلى عالم فسيح خال عنها.

وهذا الميل الفطري أوضح دليل على أنّ الموت ليس فناء للإنسان، فلو كان الموت ملازماً لفنائه يلزم عبث ذلك الميل المشاهَد عند كل إنسان.

وصفوة القول أنّ الموت عبارة عن الخروج من حياة ضيقة إلىٰ حياة أُخرى واسعة.

٥

هذا ما تقضي به الفطرة عند تحليلها، بيد أنّ الشرائع السماوية جاءت تفسِّر تلك الفطرة الإنسانية، ببيان أنّ الموت انتقال من دار إلى دار، ومن نشأة إلى نشأة أُخرى، ولذلك أصبح الإيمان بالمعاد ركناً أساسياً في العقائد على وجه لو طرح ذلك الأصل، لانهارت الشرائع قاطبة.

ولأجل تلك الأهمية ألقت بحوث المعاد بظلالها على القرآن الكريم وبلغت آيات المعاد ١٤٠٠ آية أو أكثر من ذلك، ولذلك قلّما تجد سورة في القرآن الكريم ليس فيها دعوة إلى الإيمان بالمعاد بالتصريح أو بالإشارة، ولو أخذنا تلك الآيات بنظر الاعتبار لتجاوز عددها أكثر ممّا ذكر.

فها نحن نخصّ هذا الجزء من كتاب مفاهيم القرآن بالبحث عن المعاد من منظار القرآن الكريم، ضمن فصول :

٦





الفصل الأوّل :

أسماء القيامة في القرآن الكريم

إنّ الإيمان بالمعاد يشكِّل إجابة على أحد الأسئلة التي تراود الذهن الإنساني، وهي عبارة :

١. من أين جِئتُ ؟، ٢. لماذا جئتُ ؟، ٣. إلى أين أذهب ؟

وكلّ إنسان ميّال بطبعه إلى الإجابة عن هذه الأسئلة الثلاثة، وقد عجزت المناهج البشرية عن الإجابة عليها فلم يجد الإنسان بغيته فيها، فالإنسان في تلك المناهج ككتاب خطي سقط أوّله وآخره، فإذا سألتها عن مبدأ الإنسان والغاية المنشودة من وراء خلقته ومصيره بعد الموت لاعترفت بالعجز عن الإجابة، فكأنّه خلق لأن يعيش في هذه الدنيا كسائر الدواب يأكل ويشرب ثمّ يفنىٰ.

وأمّا المناهج السماوية فقد أجابت على تلك الأسئلة بأجوبة واضحة رصينة.

فتجيب عن السؤال الأوّل بقوله تعالى:( هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ ) .(١)

كما أنّها تجيب عن السؤال الثاني بأنّ من وراء خلق الإنسان غاية تعدّ كمالاً

__________________

١. الملك: ٢٣.

٧

له، يقول سبحانه:( خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إلّا لِيَعْبُدُونِ ) .(١)

كما أنّها تجيب عن السؤال الثالث بأنّ الحياة الدنيويّة قنطرة للحياة الأُخروية، وليس الموت فناء للإنسان، بل انتقال من نشأة إلىٰ أُخرى، تبتدأ بموته وتستمر بحياته البرزخية ثمّ الأُخروية حتى يبلغ مصيره في تلك النشأة.

ولأجل الإشارة إلى أنّ الحياة الأُخروية أكمل من الحياة الدنيوية، سمّىٰ بداية تلك النشأة بأسماء مختلفة، وهي بين ما عبّر عنها بلفظ اليوم مضافاً أو موصوفاً، بوصف من أوصاف ذلك اليوم، أمّا الأوّل فكالتالي :

١. يوم القيامة، ٢. يوم الدين، ٣. يوم الآخر، ٤. يوم عظيم، ٥. يوم كبير، ٦. يوم محيط، ٧. يوم الحسرة، ٨. يوم عقيم، ٩. يوم عليم، ١٠. يوم الوقت المعلوم، ١١. يوم الحق، ١٢. يوم مشهود، ١٣. يوم البعث، ١٤. يوم الفصل، ١٥. يوم الحساب، ١٦. يوم التلاق، ١٧. يوم الأزفة، ١٨. يوم التناد، ١٩. يوم الجمع، ٢٠. يوم الوعيد، ٢١. يوم الخلود، ٢٢. يوم الخروج، ٢٣. يوم عسير، ٢٤. يوم التغابن، ٢٥. اليوم الموعود، ٢٦. يوماً عبوساً، ٢٧. يوم معلوم، ٢٨. يوم لا ريب فيه، ٢٩. يوم الفتح.(٢)

فقد أُضيف اليوم في هذه الأسماء إلىٰ شيء يومئ إلى حال من أحوال ذلك اليوم، وأمّا الثاني أي تسميته بشيء من أوصافه، وهي أيضاً كالتالي :

__________________

١. الذاريات: ٥٦.

٢. « يوم الفتح »( قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنظَرُونَ ) . ( السجدة: ٢٩ ).

والمراد من الفتح هو الحكم بالثواب والعقاب يوم القيامة، وكان المشركون يسمعون المسلمين يستفتحون بالله عليهم، فقالوا لهم: متى هذا الفتح، أي متى هذا الحكم فينا ؟ فأُجيبوا بما في الآية ويؤيده قوله سبحانه: ( قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ) ( سبأ: ٢٦ ).

٨

١. « الساعة »:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ) .(١)

٢. « الآزفة »:( أَزِفَتِ الآزِفَةُ *لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ ) .(٢)

و « الازف » في اللغة بمعنى القرب، وكأنّه يشير إلى أنّ الساعة قريبة وليست ببعيدة وإن كان الناس يتخيّلون خلافه.

٣. « الحاقة »:( الحَاقَّةُ *مَا الحَاقَّةُ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحَاقَّةُ ) .(٣)

والحاقّة مؤنث الحق يطلق على شيء حتمي الوقوع.

٤. « القارعة »:( الْقَارِعَةُ *مَا الْقَارِعَةُ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ) .(٤)

والقرع بمعنى الضرب المبرح، وكأنّ القيامة تهزّ القلوب هزاً شديداً.

٥. « الطامة الكبرى »:( فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَىٰ ) .(٥)

الطامّة في اللغة بمعنى المصيبة، وكأنّ المصيبة التي يواجهها الإنسان ذلك اليوم، تُنسِي سائر المصائب التي مرّت به، ولذلك وصفت بالكبرىٰ.

٦. « الواقعة »:( إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ) .(٦)

والواقعة هي الحادثة، والاسم كناية عن عظمها وهولها.

٧. « الصاخّة »:( فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ) .(٧)

والصاخّة هي الصوت المرعب، ولعلّها كناية عن نفخ الصور الذي سيوافيك تفصيله بإذن الله.

٨. « الغاشية »:( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ) .(٨)

__________________

١. الأعراف: ١٨٧

٢. النجم: ٥٧ ـ ٥٨.

٣. الحاقة: ١ ـ ٣.

٤. القارعة: ١ ـ ٣.

٥. النازعات: ٣٤

٦. الواقعة: ١.

٧. عبس: ٣٣

٨. الغاشية: ١.

٩

الغاشية هي المحيطة، وكأنّ الحوادث المرعبة تحيط بجميع الناس.

٩. « الآخرة »:( وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ) .(١)

وسمّيت بالآخرة لأنّها متأخّرة عن الدنيا.

١٠. « الميعاد »:( إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ المِيعَادَ ) .(٢)

وثمة آيات أُخرى تصف يوم القيامة وتذكر شيئاً من أحوالها وأهوالها، قال سبحانه:( يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ *إلّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) .(٣)

وقال سبحانه:( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ ) .(٤)

وقال سبحانه:( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ ) .(٥)

ونظائر هذه الآيات كثيرة في الذكر الحكيم لم نذكرها في عداد أسماء يوم القيامة لأنّها بصدد التوصيف لا التسمية.










__________________

١. المؤمنون: ٧٤

٢. آل عمران: ٩.

٣. الشعراء: ٨٨ ـ ٨٩

٤. آل عمران: ٣٠.

٥. آل عمران: ١٠٦.

١٠





الفصل الثاني :

المعاد في الشرائع السماوية

الإيمان بالمعاد يَرسم هدفَ الخلقة ويبيّن حكمتها على نحو لو طرح الإيمان بالمعاد جانباً لأصبح الإيجاد بلا غاية والخلق عبثاً، ولذلك ذهبت جماعة من منكري المعاد إلى أنّ خلق الإنسان أمر عبث كصانع الكوز يصنعها من طين و يطبخها ثمّ يَكسرها، فحياة الإنسان كصنع الكوز، وموته ككسرها ولهم في ذلك كلمات معروفة.

وأمّا الشرائع السماوية فقد فنّدت تلك الشبهة ودَحَضْتها بأنّ الغاية من الخلقة هي الحياة الأُخروية المستمرّة التي لا تتحقق إلّا بالتجرّد عن المادة وآثارها، قال سبحانه :

( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ) (١) .

وهذا النداء ليس هو نداء الإسلام فحسب، بل نجد مضمونه في جميع الشرائع السماوية التي جاءت قبل الإسلام حتى في قصة آدمعليه‌السلام ، ولأجل الوقوف على أنّ العقيدة بالمعاد كانت ركناً أساسياً في جميع الشرائع السماوية نعكس ما ورد في الذكر الحكيم نقلاً عن لسان الأنبياء الماضين.

__________________

١. المؤمنون: ١١٥.

١١

١. آدم عليه‌السلام والدعوة إلى الإيمان بالمعاد

عندما هبط آدم ( على نبيّنا وآله وعليه السّلام ) البسيطةَ خُوطِب هو وذرّيتُه في الآيات التالية :

١. قال سبحانه:( قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ) .(١)

وفي قوله:( وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ) إشارة إلى أنّ الإنسان يتمتع في البسيطة إلىٰ أجل محدود، ولعلّ الأجل المحدود كناية عن وقوع القيامة.

٢. قال سبحانه:( قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ) .(٢)

٣. قال سبحانه:( يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ *وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .(٣)

وهذه الآيات الواردة في سورة الأعراف التي تحكي خطاباته سبحانه في بداية الخلقة تدلّ على أنّ الإيمان بالمعاد من البلاغات العامة التي بلّغها سبحانه إلى الناس كافة، من قبل آدمعليه‌السلام إلىٰ خاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله .

والنبي آدمعليه‌السلام وإن لم يكن ذا شريعة، ولكنّه كان نبيّاً مبعوثاً لدعوة الناس إلى الإيمان بالله واليوم الآخر، وقد تضمّنت الآيات تصريحاته سبحانه في ذلك المضمار إليه وإلى الناس أجمعين.


__________________

١. الأعراف: ٢٤.

٢. الأعراف: ٢٥.

٣. الأعراف: ٣٥ ـ ٣٦.

١٢

٢. نوح عليه‌السلام والدعوة إلى الإيمان بالمعاد

إنّ نوحاًعليه‌السلام شيخ الأنبياء أوّل من نزلت عليه الشريعة السماوية وتحمّل أعباءها، وكان يذكّر الناس بالمعاد في خطاباته ودعواته، يقول سبحانه حاكياً عنه :

١.( وَاللهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا *ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا ) .(١)

٢. وفي آية أُخرى:( رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَ إلّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الخَاسِرِينَ ) .(٢)

والآية الأُولى تصرّح بعود الإنسان إلى الحياة الأُخرىٰ، وفي الآية الثانية إيماء إليها، والمراد من خسرانه هو خسرانه يوم القيامة.

٣. إبراهيم عليه‌السلام والدعوة إلى الإيمان بالمعاد

جاءت الدعوة إلى الإيمان بالمعاد في خطابات إبراهيمعليه‌السلام أكثر ممّا جاءت في كلمات آدم ونوحعليهما‌السلام ، ويعلم ذلك من خلال سرد الآيات التي تحكي عن دعوته :

١. قال سبحانه:( مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) .(٣)

٢. قال سبحانه:( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابُ ) .(٤)

__________________

١. نوح: ١٧ ـ ١٨.

٢. هود: ٤٧.

٣. البقرة: ١٢٦.

٤. إبراهيم: ٤١.

١٣

٣. قال سبحانه:( وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ) .(١)

٤. قال سبحانه:( وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) .(٢)

٥. يقول سبحانه:( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) .(٣)

وقد انفردت الآية الأخيرة بالاشارة إلى أنّ دعوة إبراهيم إلى المعاد قد ارفقها بالدليل والبرهان بوحي من الله سبحانه، دون أن نرى له أثراً في كلمات آدم ونوحعليهما‌السلام .

٤. موسى عليه‌السلام والدعوة إلى الإيمان بالمعاد

الدعوة إلى الإيمان بالمعاد وإن كانت غير شائعة في التوراة، ولعلّ يد التحريف حذفت ما يرجع إلى الإيمان بهذا اليوم، ولكن القرآن الكريم يحفل بخطابات موسىٰعليه‌السلام التي تعبّر عن الدعوة إلى الإيمان بالمعاد بوفرة، ونذكر منها مايلي :

١. انّه سبحانه يندّد بقوم موسىٰ ويخاطبه بقوله:( سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ *وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إلّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) .(٤)

__________________

١. الشعراء: ٨٧.

٢. العنكبوت: ١٧.

٣. البقرة: ٢٦٠.

٤. الأعراف: ١٤٦ ـ ١٤٧.

١٤

٢. يدعو موسىعليه‌السلام على آل فرعون بقوله:( وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ ) .(١)

٣. انّهعليه‌السلام يحتج على من يصف آياته بالسحر، ويقول:( وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاءَ بِالهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) .(٢)

٤. لما هدّد فرعون الملأ وقومه بقوله:( إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ ) أجابه موسى بقوله:( وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الحِسَابِ ) .(٣)

٥. إنّ مؤمن آل فرعون ـ الذي كان يُخفي إيمانه ويظهر كفره ـ كان يحتج على فرعون وملئه بالإيمان إلى المعاد كما في الآيات التالية:( وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ ) .(٤)

وقال:( وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ) .(٥)

وقال:( وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللهِ ) .(٦)

وهذه الآيات تعرب عن أنّ الإيمان بالمعاد كان متفشياً في مصر، وإنّ مؤمن آل فرعون كان يستدل به ليخفّف من وطأة جور فرعون علىٰ موسىٰعليه‌السلام .

٦. إنّ بني إسرائيل كانوا ولم يزالوا أُمّة لجوجة عنيدة تُصيغ كلّ شيء غيبي في قالب الحس، ولتلك الغاية خاطبوا موسىعليه‌السلام ، بقولهم:( لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللهَ جَهْرَةً ) (٧) كما أنّهم طلبوا رؤية إحياء الموتىٰ بأُمّ أَعينهم، وقد شاهدوها في

__________________

١. يونس: ٨٨.

٢. القصص: ٣٧.

٣. غافر: ٢٧.

٤. غافر: ٣٢.

٥. غافر: ٣٩.

٦. غافر: ٤٣.

٧. البقرة: ٥٥.

١٥

البقرة التي حكاها سبحانه بقوله:( وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ *فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللهُ المَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (١) .

وقد ورد في شأن نزولها: أنّه قُتل إنسان من دون أن يعلم قاتله، فأمر سبحانه بذبح البقرة وضرب بعض المقتول ببعض البقرة ليحيا ويخبر عن قاتله، وبذلك رأوا بأُمّ أعينهم إحياء الموتىٰ.

٥. المسيح عليه‌السلام والدعوة إلى الإيمان بالمعاد

الإيمان بالمعاد والدعوة إليه كان مرّفقاً بلسان المسيحعليه‌السلام منذ ولادته إلىٰ أن رفعه الله إليه :

١. يقول سبحانه حاكياً عنه:( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ) .(٢)

٢. وقال سبحانه:( إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) .(٣)

إلى غير ذلك من الآيات الواردة التي تعرب عن دعوة الأنبياء إلى الإيمان بالمعاد، وفيما ذكرنا غنىٰ وكفاية.



__________________

١. البقرة: ٧٢ ـ ٧٣.

٢. مريم: ٣٣.

٣. آل عمران: ٥٥.

١٦

المعاد في العهد العتيق

إنّ العهدين وإن عبث بهما الزمان ومع ذلك يوجد فيهما تصريحات وإيماءات إلى المعاد، ففي العهد العتيق: الرب يميت ويحيي.(١)

تحيىٰ أَمواتك يوم تقوم الجثث، استيقظوا ترنَّموا ياسكان التراب.(٢)

المعاد في العهد الجديد

على الرغم من قلة التصريح بالحياة الأُخروية في العهد العتيق نجد التصريح بها بوفرة في العهد الجديد في موارد كثيرة، منها ما يلي :

١. « فانّ ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه، وملائكته، وحينئذٍ يجازي كلّ واحد حسب عمله ».(٣)

٢. « هكذا يكون في انقضاء العالم، يخرج الملائكة ويفرزون الأشرار من بين الأبرار، ويطرحونهم في أتون النار هناك يكون البكاء، وصرير الاسنان ».(٤)

٣. « في ذلك اليوم جاء إليه حدقيون، الذين يقولون ليس قيامه، فسألوه * قائلين: يا معلم، قال موسى إنْ مات أحد وليس له أولاد، يتزوج أخوه بامرأته، ويقيم نسلاً لأخيه * فكان عندنا سبعة اخوة وتزوج الأوّل ومات، وإذ لم يكن له نسل ترك امرأته لأخيه، وكذلك الثاني والثالث إلى السبعة * وآخر الكل ماتت المرأة أيضاً * ففي القيامة لمن من السبعة تكون الزوجة فانّها كانت للجميع * فأجاب يسوع، وقال لهم: تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله * لانّهم في

__________________

١. صموئيل الأوّل: الاصحاح الثاني: الجملة ٦، ط دار الكتاب المقدس.

٢. اشعيا: الاصحاح ٢٦: الجملة ١٩، ط دار الكتاب المقدس.

٣. انجيل متى: الاصحاح ١٦: الجملة ٢٧، ط دار الكتاب المقدس.

٤. انجيل متى: الاصحاح ١٣: الجملتان ٤٩ و ٥٠، ط دار الكتاب المقدس.

١٧

القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء ».(١)

وهذا يعرب عن كون المعاد عند كاتب الإنجيل روحانياً محضاً، لا جسمانياً وروحانياً كما عليه الذكر الحكيم.

٤. « وإن أعثرتك رجلك، فاقطعها، خير لك أن تدخل الحياة أعرج، من أن تكون لك رجلان وتطرح في جهنم في النار التي لا تطفأ * حيث دُوْدُهم لا يموت والنار لا تطفأ * وإن أعثرتك عينك فاقلعها خير لك أن تدخل ملكوت الله أعور من أن تكون لك عينان وتطرح في جهنم النار * حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ ».(٢)

٥. « وهذه مشيئة الأب الذي أرسلني، انّ كلّ ما أعطاني لا أتلف منه شيئاً بل أقيمه في اليوم الأخير * لأنّ هذه هي مشيئته الذي أرسلني انّ كلّ من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير ».(٣)

هذا، وفي العهدين جمل أُخرىٰ تصرح أو تشير إلى يوم القيامة، وقد اقتصرنا على ما ذكرنا روماً للاختصار.

وثمة نكتة جديرة بالاشارة وهي عدم اهتمام اليهود، والنصارىٰ، بالبعث ويوم القيامة وما فيها من الحساب والجزاء، وهذا هو الذي جرّأهم على اقتراف المعاصي، والمجون، والانحلال من كلّ القيم الأخلاقية، أعاذنا الله من ذلك.




__________________

١. انجيل متى: الاصحاح ٢٢: الجملات ٢٣ ـ ٣١، ط دار الكتاب المقدس.

٢. انجيل مرقس: الاصحاح ٩: لاحظ الجملات ٤٢ ـ ٤٩، ط دار الكتاب المقدس.

٣. انجيل يوحنا: الاصحاح ٦: الجملتان ٣٩ ـ ٤٠، ط دار الكتاب المقدس.

١٨





الفصل الثالث :

الدلائل الجلية على لزوم المعاد

يستدلّ القرآن الكريم علىٰ ضرورة إحياء الناس بعد موتهم ـ التي هي سنّة قطعية لا مناص عنها ـ بطرق مختلفة :

١. المعاد، رمز الخلقة.

٢. المعاد، مظهر العدل الإلهي.

٣. المعاد، مجلىٰ الوعد الإلهي.

٤. المعاد، مظهر رحمته الواسعة.

٥. المعاد، نهاية السير التكاملي للإنسان.

٦. المعاد، مظهر ربوبيته.

١. المعاد: رمز الخلقة

من الأسئلة المثارة عند كلّ إنسان هو السؤال عن أصل الخلقة وانّه لماذا خلق، وماذا أُريد من خلقه ؟

والناس أمام هذا السؤال على صنفين :

فصنف يرىٰ أنّ حظ الإنسان هو علّتان من العلل الأربع :

١٩

الف. العلّة المادية.

ب. العلة الصورية.

وكأنّ العالم بجزئياته وذراته تفاعلت فيما بينها وشكّلت صورة الإنسان، وليس وراء هاتين العلتين علّة أُخرى، فهم ينكرون العلة الفاعلية ( الخالق ) والعلّة الغائية ويقتصرون على العلّة المادية والصورية، وبذلك أراحوا أنفسهم من عناء الإجابة، بل أذعنوا بأنّه ليس وراء خلق الإنسان هدف ولا غاية.

وصنف آخر يرىٰ أنّ وراء العلّتين الماضيتين، علّتين أُخريين: أحدهما: العلّة الفاعلية، والأُخرى: العلة الغائية، والمراد من الأُولى ما يخرج المادة والصورة إلى الوجود، كما أنّ المراد من الثانية الغرض المترتب على الفعل، وحيث إنّ الفاعل موجود حكيم لا يفعل عبثاً دون غرض، فلفعله غرض مترتب عليه، وليس هو إلّا العبور من قنطرة الدنيا إلى الآخرة وانتقاله إلى نشأة أُخرى يُعد غرضاً أسمىٰ لفعله سبحانه.

وتدل على تلك الغاية طائفتان من الآيات :

الأُولى: ما تدل علىٰ أنّ إنكار المعاد يلازم العبث.

الثانية: ما تصف فعله سبحانه ( الإيجاد ) بالحق المطلق الذي لا يدانيه الباطل، وما هو كذلك يمتنع أن يكون عبثاً بلا غرض.

أمّا ما يدل على الطائفة الأُولىٰ فلفيف من الآيات :

١.( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ) .(١)

ولأجل أنّ العبث لا يدبُّ إلى فعله ولا يتسرب إلى إيجاده، يصفه بعد تلك الآية بالملك الحق، ويقول:( فَتَعَالَى اللهُ المَلِكُ الحَقُّ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ

__________________

١. المؤمنون: ١١٥.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

فالإمام الحسينعليه‌السلام هو باب الله، وهو وسيلة الرحمة الإلهية، وهو الصراط المستقيم الذي ندعو الله يومياً أن يهدينا إليه.

فإن تعرف الإمام الحسينعليه‌السلام بانّه ابن أمير المؤمنين الإمام عليٍّعليه‌السلام ، وابن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، وأنّه سبط الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وشهيد كربلاء، وغريب الغرباء، فتلك معرفة جيدة، ولكنها لا تقع في الدرجة الأولى من درجات المعرفة، فمن أراد السموّ إلى الدرجات العلا والثواب الأكبر فعليه أن يعرف الإمام الحسينعليه‌السلام حقّ المعرفة.

وقد ورد بسندٍ معتبر عن بشير الدهّان قال: قلت للصادق (صلوات الله وسلامه عليه): ربما فاتني الحج، فأعرف عند قبر الحسينعليه‌السلام ؟

قال:« أحسنت يا بشير، أيّما مؤمن أتى قبر الحسين (صلوات الله عليه) عارفاً بحقه في غير يوم عيد كُتب له عشرون حجّة، وعشرون عمرة مبرورات متقبلات، وعشرون غزوة مع نبيٍّ مرسل وإمام عادل. ومَن أتاه في يوم عرفة عارفاً بحقه كُتب له ألف حجة، وألف عمرة مبرورات متقبلات، وألف غزوة مع نبي مرسل وإمام عادل » (١) ، إلى غير ذلك من الثواب والدرجة.

التقوى والورع شرط الولاية

إنّ من يريد الوصول إلى الهدف المنشود فعليه أن يبحث ويسير وفق الطريق الصحيح، وحتّى الرغبة في الوصول إلى أهل البيت (عليهم الصلاة والسّلام) بحاجة إلى تحديد الطريق الصحيح من الطريق المنحرف.

وبين هذا وذاك نجد - وللأسف الشديد - من يمنّي نفسه بالفوز بمرضاة الله رغم ارتكابه أنواع الكبائر، تحت طائلة أنّه يحب أهل البيتعليهم‌السلام ،

____________________

(١) مفاتيج الجنان - فضائل زيارة الحسين في يوم عرفة.

١٦١

شأنه في ذلك شأن فرقة المرجئة التي أسسها أو قوّمها بنو اُميّة في إطار مساعيهم الشيطانيّة لإخماد حركة المجتمع نحو الحق والحريّة؛ فقد كانت تلك الفرقة تعتقد بأنّ التفوّه بالشهادتين، والاعتقاد برسالة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأداء بعض التكاليف كفيل بضمان الجنّة حتّى وإن تخلّل ذلك ارتكاب الكبائر والموبقات من الذنوب.

وتستدل تلك الفرقة على ما ذهبت إليه ببعض الآيات والشبهات. ولكنّ الأئمّة المعصومين (عليهم الصلاة والسلام) في مقابل ذلك عارضوا هذه العقيدة التي سيطرت آنذاك على عقول كثير من المسلمين، عارضوها بكل قوّة، وعملوا دون تمييع الحدود التي رسمها الله سبحانه وتعالى بين المؤمنين وغير المؤمنين؛ فقالوا مراراً وتكراراً، وبشكل أو بآخر بأنّ الإيمان قول وعمل، وأكّدوا بأنّ الإيمان عمل كلّه والقول منه، بمعنى أنّ القول وإعلان الإيمان ليس إلاّ عملاً واحداً من جملة أعمال الإيمان.

وقالوا أيضاً: إنّ مرتكب الكبيرة لدى ارتكابه المعصية يبتعد عن روح الإيمان، وأيّة قيمة للإيمان من الممكن بقاؤها مع إنسان لا يجد في نفسه مانعاً يمنعه عن ارتكاب الكبائر من الكذب، والفجور، والظلم، وقتل الآخرين، بل وما فائدة الإيمان؟ ولماذا إذاً خلق الله عزّ وجلّ النار ورسم العدالة؟!

إنّ بعض الناس الذين يدّعون الإيمان وحبّ وموالاة أهل البيتعليهم‌السلام ، ولكنهم في الوقت ذاته تتّحد عقيدتهم مع عقيدة المرجئة، فيقولون بعدم التناقض بين الإيمان والظلم، أو الفجور أو التقاعس عن أداء التكاليف الدينية، إنّ هؤلاء ينبغي أن يعرفوا بأنّ الولاية لأهل البيتعليهم‌السلام قضية أساسية من قضايا الرسالة الإلهية، ومن لا يتّبع تعاليم أهل البيتعليهم‌السلام حريٌّ به أن تُسلب

١٦٢

منه هذه الولاية؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم:( ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَآءُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِاَيَاتِ اللَّهِ ) (الروم/١٠).

والتكذيب بآيات الله من الممكن أن يأخذ صبغة عملية عبر ارتكاب المآثم والموبقات والكبائر وهجر التكاليف الشرعية، كما قد يأخذ التكذيب بآيات الله صبغة مباشرة عبر عدم الاعتراف بها والكفر بها جهاراً.

فالذي لا يطيع أوامر الله والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وخلفائه الأئمةعليهم‌السلام من بعده من شأنه أن يموت كافراً، ومن شأنه أيضاً أن يحرم من ولاية الله والرسول والأئمة، وذلك هو الخسران المبين.

ولقد كرّر الإمام أبو عبد الله جعفر الصادقعليه‌السلام قوله لشيعته:« أبلغ (الراوي)موالينا عنّا السلام، وأخبرهم أنّا لا نغني عنهم من الله شيئاً إلاّ بعمل، وأنّهم لن ينالوا ولايتنا إلاّ بعمل أو ورع » (١) .

فمن يقل بأنّه موالٍ للأئمةعليهم‌السلام ويعيش بين الموالين هو الآخر معرّض إلى الانزلاق نحو المفاسد، ومن ثمّ سيتبيّن له الخطل فيما ادّعاه؛ وذلك لأنّ الأئمةعليهم‌السلام أنفسهم لا يعترفون بتشيّع إنسان ما لم يتبعهم بما أمروه به ونهوه عنه.

وإنّها لخطيئة كبرى وخسارة عظمى أن يتصور الإنسان أن موالاة أهل البيتعليهم‌السلام مجرّد المحبة وإحياء الذكرى؛ لأنّ الولاية بمعناها الكامل والصحيح هي طاعة الله، وطاعة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والاعتراف بحقّ آل البيتعليهم‌السلام ، والسير على نهجهم الذي لم ولن يختلف أبداً عن تعاليم القرآن.

ومن نماذج النقص في الولاية للأئمةعليهم‌السلام أن نرى البعض منهمكاً في التحدّث عن فضائلهم ومناقبهم وتأريخهم، ولكنّه في الوقت ذاته يقصّر في

____________________

(١) بحار الأنوار ٢ / ٢٨.

١٦٣

التعرّف إلى الحكمة الإلهية من وجود الأئمّةعليهم‌السلام ، أو تنصيبهم زعماء للدين من دون الناس، ويقصّر أيضاً في معرفة فقههم ومعارفهم الإلهية؛ فتراه - تبعاً لذلك - يجادل في كل صغيرة وكبيرة مجادلةً تنبع من عدم التسليم لآراء الأئمّةعليهم‌السلام ، مع علمه واعترافه بعصمتهم ومنزلتهم من القرآن والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فمَن قال بإمامة الحسين بن علي وسائر الأئمة المعصومينعليهم‌السلام يتوجّب عليه اتّباع كلماتهم، فلا يجهلها أو يتجاهلها، أو يفسّرها حسب هواه وأغراضه.

ومن جملة ما يروى في هذا الإطار أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام سأل رجلاً من أتباعه - ولعله فضيل بن يسار - قائلاً:« كيف تسليمك لنا يا فضيل؟ » .

فأجاب: يابن رسول الله، لو أخذتَ تفّاحة وقسمتها قسمين، وقلْت هذا القسم حلال وهذا حرام فأنا لا أقول: لماذا؟ بل أقول: سلّمت.

وكان من قبله سلمان المحمدي؛ حيث أُثر عنه أنّه كان يقتفي أثر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فيضع قدمه في موضع قدم الإمامعليه‌السلام ، فهو كان يرغب بالتعبير عن اتّباعه وتسليمه لأمير المؤمنينعليه‌السلام حتّى في هذا المجال وبهذه الطريقة …

آفاق الولاية

بعد أن نتجاوز خطيئة المرجئة وقشرية السلفية بالنسبة لأهل البيتعليهم‌السلام ، وبعد أن نتوجّه إلى العمق، أقول كلمة، وأعتقد بأنّها مهمّة للغاية، وهي: إنّ الإنسان حينما يحب ويتبع الأئمةعليهم‌السلام يجب أن تتنامى في قلبه محبّة أولياء ومحبّي الأئمّةعليهم‌السلام ؛ إذ لا يجوز العيش في رحاب أهل البيتعليهم‌السلام مع رفض أوليائهم ومحبّيهم، ويتبع ذلك عدم صحّة البحث عن المعاذير لذلك الرفض أو الطرد أو الكره.

١٦٤

ويروى في هذا المجال عن محمّد بن علي الصوفي قال: استأذن إبراهيم الجمّالرضي‌الله‌عنه على أبي الحسن عليّ بن يقطين الوزير فحجبه، فحجّ عليُّ بن يقطين في تلك السنة، فاستأذن بالمدينة على مولانا موسى بن جعفرعليه‌السلام فحجبه، فرآه ثاني يومه، فقال عليُّ بن يقطين: يا سيدي، ما ذنبي؟!

فقال:« حجبتك لأنّك حجبت أخاك إبراهيم الجمّال، وقد أبى الله أن يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمّال » .

فقلت: سيدي ومولاي، مَن لي بإبراهيم الجمّال في هذا الوقت، وأنا بالمدينة وهو بالكوفة؟!

فقال:« إذا كان الليل فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك وغلمانك، واركب نجيباً هناك مسرجاً » .

قال: فوافى البقيع وركب النجيب، ولم يلبث أن أناخه على باب إبراهيم الجمّال بالكوفة، فقرع الباب وقال: أنا عليُّ بن يقطين.

فقال إبراهيم الجمّال من داخل الدار: وما يعمل عليُّ بن يقطين الوزير ببابي؟!

فقال عليُّ بن يقطين: يا هذا، إنَّ أمري عظيم! وآلى عليه أن يأذن له، فلمّا دخل قال: يا إبراهيم، إنَّ المولىعليه‌السلام أبى أن يقبلني أو تغفر لي.

فقال: يغفر الله لك.

فآلى عليُّ بن يقطين على إبراهيم الجمّال أن يطأ خدّه، فامتنع إبراهيم من ذلك، فآلى عليه ثانياً ففعل، فلم يزل إبراهيم يطأ خدّه وعليُّ بن يقطين يقول: اللَّهمَّ اشهد. ثمَّ انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفرعليه‌السلام بالمدينة، فأذن له ودخل عليه فقبله(١) .

إذاً فالقضية حادّة ومهمّة للغاية، لا سيما وأنّ الشيطان قد أكثر من مزالقه ومهاويه ليوقع بها بين الناس؛ لذلك نرى البعض يكيل التهم

____________________

(١) بحار الأنوار ٤٨ / ٨٥.

١٦٥

والأكاذيب للعلماء والكتّاب والمجاهدين العاملين، وبأعصاب باردة، غافلاً أو متغافلاً عن أنّ ما يجترحه بلسانه من غيبة أو إشاعة للفحشاء أو قول بغير حقٍّ أو افتراء على شيعة أهل البيتعليهم‌السلام من شأنه أن يبعده عن أهل البيتعليهم‌السلام فيلقيه على رأسه في جهنم.

مسؤولياتنا تجاه الولاية

من الممكن أن نعبّر عن مسؤوليتنا تجاه الولاية لأهل البيتعليهم‌السلام بعدة أبعاد ونقاط، وهي:

١ - أن نعرف أهل البيتعليهم‌السلام حقّ المعرفة؛ فنعرف مقامهم ومنزلتهم، وأنّهم خلفاء الله في الأرض، وأنهم أسماؤه الحسنى … ونستطيع ذلك من خلال الأدعية والزيارات المأثورة، فلنكن على تواصل دائم معهم عبر قراءة الزيارات الشريفة الواردة بحقهم، من قبيل زيارة عاشوراء، ولنعوّد أنفسنا على زيارة أضرحة الأئمةعليهم‌السلام وأولادهم ما أمكن.

٢ - معرفة كلماتهم؛ وعليه فإنّ القراءة الواعية للكتب التي احتوت آثارهم؛ مثل نهج البلاغة، والصحيفة السجّادية، وتحف العقول لها الأثر الأكبر في تعميق المعرفة بسنّة أهل البيت (صلوات الله عليهم).

٣ - معرفة مسيرتهم العملية والاقتداء بها؛ ولذلك كان لزاماً علينا البحث عن الكتب والمقالات والمحاضرات الخاصّة بهذا الشأن.

٤ - الاتّباع والاقتداء بهم.

٥ - الدفاع عنهم، فربّنا العلي القدير يقول:( يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) ، ونصرة الله تكون عبر نصرة دينه، وإنّ أوّل من يمثل الدين هو الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وسيرته، وأهل بيتهعليهم‌السلام وسيرتهم

١٦٦

ومبادئهم، وهذا يعني الذبّ عن شخصياتهم المقدسة ما امكن؛ فلندافع عن أئمتناعليهم‌السلام بالعمل الصالح، وإنشاء المشاريع، وكتابة الكتب وغير ذلك.

٦ - محبّة أولياء آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وحمايتهم والدفاع عنهم، وليكن الشعار الأوّل في هذا المضمار ما نقرأه في زيارة المعصومينعليهم‌السلام ، حيث جاء:« اِنّي سِلْمٌ لِمَن سالمكم، وحربٌ لمَن حاربكم، ووليٌّ لمَن والاكم، وعدوٌّ لمَن عاداكم » (١) .

نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المنتصرين لدينه، وأن لا يستبدل بنا غيرنا، وأن يجعلنا مع الحسينعليه‌السلام فنواليه ونتّبعه، ونعرفه وندافع عنه. وندعوه تبارك وتعالى أن يرفع الضيم عن أتباع أهل البيتعليهم‌السلام أينما كانوا، وأن يجعل كلمتهم هي العليا، وكلمة أعدائهم السفلى، إنّه وليّ التوفيق.

____________________

(١) مفاتيح الجنان - زيارت الإمام الحسينعليه‌السلام في يوم عاشوراء / ٤٥٧.

١٦٧

الشعائر الحسينيّة اُسلوباً ومحتوىً

ترى لماذا نحيي في كلِّ عام شعائر الإسلام في ذكرى استشهاد أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ؟ ولماذا تتجدد هذه الذكرى مع مرور السنين، وتتسع في كل عام، وتنتشر عبر آفاق جديدة؟

هذا السؤال ليس سؤالاً فقهياً أو علمياً محضاً، بل هو سؤال واقعي يعيشه كل إنسان مسلم. وللإجابة عليه نقول: إنّ هذه الواقعة يعيشها كل قلب، وكل فطرة، وكل نفس بشرية.

وقد طرح عليّ هذا التساؤل اثنان من المستشرقين الالمان قائلين: لماذا يتغيّر كل شيء عندكم أيها الشيعة إذا اقترب هلال محرم، لا بضغط من حكومة، ولا بمال من غني، ولا بإعلام قوي، بل بشكل عفوي، في حين أنّكم تعتقدون بقول نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله :« مداد العلماء خير من دماء الشهداء »، فلماذا ترفعون راية الحسين بينما يقرّر رسولكم أن مداد العلماء خير من دماء الشهداء؟

سر خلود الثورة الحسينيّة

وعندما أجبتهما على هذا السؤال قلت لهما: أوّلاً: إنّ الحسينعليه‌السلام ليس شخصاً، بل هو قضية، وقيمة، ومدرسة، ومنهج، ومسيرة؛

١٦٨

فهوعليه‌السلام كالنبي إبراهيم الذي كان يمثّل اُمّة، وكان حنيفاً مسلماً ولم يكن من المشركين؛ ولذلك فإنّ جميع أتباع الديانات السماوية يقدّسون هذا الرجل؛ لانه جسّد قيمة التوحيد، ورفع راية (لا إله إلاّ الله)، فتحوّل إلى قيمة؛ ولذلك قرّر القرآن الكريم أنّه كان اُمّة، واستجاب له الله سبحانه وتعالى عندما قال:( وَاجْعَل لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ ) (الشعراء/٨٤).

وكما أنّ إبراهيمعليه‌السلام جسّد قيمة، فإنّ الحسينعليه‌السلام قد جسّد قيمة هو الآخر؛ فقد استشهد في سبيل العدل والحق، ومن أجل الدين والحرية. ومن المعلوم أنّ هذه القيم ثابتة، فلا يمكن أن يأتي زمان لا نحتاج فيه إلى الدين والعدالة والحرية؛ فالحق هو فلسفة الحياة، بل هو الحياة نفسها، وبدونه لا يمكن ان تستمر. وكما أنّ قيمة الدين والعدالة والحرية والحقّ وسائر القيم المقدسة مستمرة، فإنّ قضية الإمام الحسينعليه‌السلام مستمرة هي الاُخرى.

وفي القسم الثاني من الإجابة قلت لذينك المستشرقين: إننا نعيش اليوم تحت راية أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، ونحن أتباع أهل البيتعليهم‌السلام لا يمكن أن نعيش بدونه؛ لأنّ العيش بدونه يعني العيش بدون قيم، وبدون دين واستقلال.

أهمّية المواكب الحسينيّة

ونحن كنّا وما زلنا نقيم المواكب الحسينيّة في كلِّ عام؛ ففي أيام الأربعين يتقاطر الشيعة على مدينة كربلاء لتتحوّل إلى موكب حسيني كبير، وهذه المواكب هي الناطقة عن قضية الإمام الحسينعليه‌السلام

١٦٩

وقضايا الشيعة في العالم الإسلامي؛ فعلى سبيل المثال اُعدم قبل خمسة وأربعين عاماً مسلم إيراني بسيف آل سعود ظلماً وعدواناً، وفي تلك السنة حملت جميع المواكب الحسينيّة التي وفدت إلى كربلاء راية هذا الرجل، وبعد فترة كان النظام البائد في إيران يضطهد العلماء، فكانت المواكب الحسينيّة في العراق تنادي بالدفاع عن علماء إيران، وبعد فترة اُخرى حدثت مجزرة ضد الشيعة في لبنان، فما كان من المواكب الشيعية في العراق إلاّ أن نادت بالدفاع عن الشيعة في لبنان.

وأنا اُوجّه كلامي هنا إلى اُولئك الذين يلوموننا على بكائنا في يوم عاشوراء، فأقول لهم: إنّنا نبكي بكاء الأبطال، ولكي نصبح حسينيين. فمثل هذه الشعائر هي التي حافظت على الإسلام، بلى هي التي حافظت علينا - نحن الشيعة - على مرّ التاريخ رغم كثافة المشاكل المحيطة بنا.

وهكذا فإنّ ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام كانت قضية فأصبحت قيمة، وكانت واقعة فتحولت إلى راية. وكل إنسان في هذا العالم يريد أن يدافع عن قيمه وقضيّته وظلامته لا بدّ أن ينضوي تحت هذه الراية المقدّسة.

الشعائر الحسينيّة والأنظمة الطاغوتيّة

وقد أدركت الحكومة الطاغوتيّة عمق هذه الشعائر؛ ولذلك فإنّها عمدت وتعمد إلى محاربة الشعائر الدينية للشيعة، فهي تريد - في الحقيقة - أن تعزل الشيعة عن تأريخهم.

ففي كلِّ عام تهتدي الآلاف المؤلّفة من البشر بفضل الحسينعليه‌السلام ؛ ولذلك فإنّ الحكومات تحرص على محاربة هذه المجالس التي يجب أن نحافظ عليها بأي شكل من الأشكال لكي تستمر المسيرة والنهضة؛ ذلك لأنّ الإمام الحسينعليه‌السلام

١٧٠

استشهد، وباستشهاده في كربلاء أثبت أنّ الظلامة التي ارتكبت بحقِّ أهل البيتعليهم‌السلام كانت حقيقية.

تعظيم شعائر الله

وهكذا فإنّ الشعائر باقية ومستمرة، فالله سبحانه وتعالى يقول:( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَآئِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (الحج/ ٣٢).

وهنا اُريد أن أتوقّف عند كلمتين في تفسير هذه الآية الكريمة المقتطفة من سورة الحج؛ الكلمة الاُولى هي (الشعائر) التي هي جمع شعيرة، وهي كل عمل يشعرك بشيء؛ فقد كانوا يأتون بالإبل إلى مكّة المكرّمة بعد أن يشعروها - أي يلطّخوها بشيء من الدم -، أو يقلّدوها بشيء يشعر أنّها قرابين في سبيل الله تعالى؛ لكي يتجمّع عليها الفقراء والمساكين وينالوا نصيبهم منها.

والقرآن الكريم يصف هذا العمل بقوله تعالى:( مِن شَعَآئِرِ اللَّه ) (الحج/٣٦)، أي إنّ هذه القرابين خالصة لله سبحانه ولا شأن لأحد بها؛ وعلى هذا فإنّ الشعائر تنطبق على كل ما يعظّمه الإنسان شريطة أن لا يكون حراماً.

ويحذّر القرآن الكريم في قوله تعالى:( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَآئِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) من أن تفرغ الشعيرة من محتواها؛ لأنّها يجب أن ترسّخ التقوى - التي هي الكلمة الثانية التي نريد التحدث عنه - في النفس، فيجب أن نخلص النية في أدائها تماماً كالصلاة التي تكون باطلة إذا ما انعدمت منها النية؛ لأنّ النية هي إطار ومحتوى الصلاة بالإضافة إلى ذكر الله تعالى وخشوع القلب.

وهكذا الحال بالنسبة إلى الشعائر الحسينيّة، فلنعمل من أجل ان تتحوّل هذه الشعائر إلى مدرسة تربوية للمجتمع.

١٧١

وهنا أطرح بعض الاقتراحات في مجال تطوير الشعائر الحسينيّة وإغنائها، وهي:

١ - فهم شخصية الحسين عليه‌السلام من خلال كلماته

علينا أن نفهم الحسينعليه‌السلام من خلال كلماته؛ فقد كانعليه‌السلام إماماً ناطقاً، وكان من أعظم ما تكلّم به دعاؤه في يوم عرفة، هذا الدعاء الغنيّ بالمعاني العرفانية، والذي يقول من جملة ما يقول فيه:« الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع، ولا لعطائه مانع، ولا كصنعه صنع صانع، وهو الجواد الواسع. فطر أجناس البدائع، وأتقن بحكمته الصنائع، لا تخفى عليه الطلائع، ولا تضيع عنده الودائع، جازي كل صانع، ورائش كل قانع، وراحم كل ضارع، منزل المنافع، والكتاب الجامع بالنور الساطع » (١) .

فلنتأمل هذه الفقرة، ولننظر كيف يعرّف الإمام الحسينعليه‌السلام ربه (عزّ وجلّ) بكلمات مضيئة تفيض توحيداً وإخلاصاً.

وأمّا عن كلامه في النبوّة والإمامة فيقولعليه‌السلام :« إنّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومحلّ الرحمة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق … ومثلي لا يبايع مثله » (٢) .

ومن جملة كلامهعليه‌السلام في الموت قوله:« خُطّ الموت على ولد آدم مخطَّ القلادة على جيد الفتاة » (٣) .

____________________

(١) مفاتيح الجنان - دعاء الإمام الحسين يوم عرفة.

(٢) حياة الإمام الحسين بن عليعليه‌السلام - القرشي ٢ / ٢٥٥.

(٣) بحار الأنوار ٤٤ / ٣٦٦.

١٧٢

٢ - تخريج الخطباء

إنّنا نمتلك - والحمد لله - حوزات علمية، وقد حافظت هذه الحوزات على استقلالها وحيويتها على مدى العصور، ولكن هذه الحوزات تخرّج العلماء والمراجع الكبار في الغالب، وعلينا أن نفتح إلى جانب هذه الحوزات أو داخلها تخصّص للخطباء؛ لكي يتلقّى الطالب في الحوزة دروس الخطابة.

٣ - إقامة المؤتمرات

إنّ شهر محرم هو بالنسبة إلينا الرأسمال الوحيد، فإذا لم نقم المجالس في شهر عاشوراء من كلِّ عام فسوف لا نمتلك برنامجاً للأعوام القادمة، فلماذا إذاً لا نقيم مؤتمرات للخطباء؛ كأن يجتمعوا قبيل حلول شهر محرم في كلِّ عام ليتبادلوا الأفكار والآراء بينهم بشأن تطوير المجالس الحسينيّة؟

٤ - دور المشرفين على الحسينيّات والمواكب

إنّ المشرفين على المجالس والحسينيّات والمواكب عليهم بدورهم أن يعقدوا الاجتماعات على مدار السنة؛ لكي يدرسوا ويصدروا القرارات بشأن بناء الحسينيّات، وجمع التبرعات، والإتيان بالخطباء الجدد الذين من شأنهم أن يسهموا في تزويد المسلمين بأفكار جديدة.

٥ - دور المثقّفين

وهنا اُوجّه كلامي إلى المثقفين، وأدعو كل واحد منهم إلى أن يبثّوا بين الناس من خلال كلماتهم وكتبهم ومقالاتهم كلَّ ما هو جديد ومفيد عن الثورة الحسينيّة.

١٧٣

ضرورة تطوير الأساليب

وعلى هذا فإنّ علينا أن نعمل جاهدين من أجل أن نطوّر أساليبنا من ناحية المحتوى، وهذه هي إحدى مسؤولياتنا الكبرى.

فمن المتعيّن علينا أن ندعو إلى المجالس الحسينيّة، وأن نحرص على أن يحضرها عدد كبير من الناس؛ وذلك من خلال تطوير الأساليب، وتزويد الشعائر الحسينيّة بالمحتوى الذي يجب أن يكون تجسيداً لمدرسة الحسينعليه‌السلام التي هي مدرسة القيم والتقوى.

ومن الجدير بالذكر هنا أنّ المجالس الحسينيّة يجب أن تكون اللسان المعبّر والناطق عن مشاكلنا وآلامنا وقضايانا، أي أن نُعطي لهذه الشعائر محتوىً حضارياً مرتبطاً بالزمان؛ ذلك لأن شيعة الحسينعليه‌السلام لا بدّ أن يسيروا في خطه، وأن يترجم الواحد منهم قوله إلى واقع عملي وهو يقف امام ضريحهعليه‌السلام ويردّد:« إنّي سِلمٌ لمن سالمكم، وحربٌ لمَن حاربكم، ووليٌّ لمَن والاكم، وعدوٌ لمَن عاداكم » (١) .

فنحن نسير في خطّهعليه‌السلام ، ونمثل تكتّلاً واحداً تحت رايته التي لا بدّ أن تقودنا إلى الجنة كما يشير إلى ذلك الحديث الشريف:« أوسع الأبواب في القيامة باب أبي عبد الله الحسين » .

والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسّلام على محمّد وآله الطاهرين

____________________

(١) مفاتيح الجنان - زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام في يوم عاشوراء / ٤٥٧.

١٧٤

الفهرس

المقدّمة ٣

ذلكم الإمام الحسين عليه‌السلام.... ٦

الفصل الأوّل: على خطى الإمام الحسين عليه‌السلام.... ٩

الإمام الحسين عليه‌السلام منار التوحيد. ١١

١ - الإمام الحسين. ١١

٢ - الكلمة المسؤولة ١٩

٣ - القيادة الربانيّة ٢٠

٤ - المنهج الواضح. ٢٢

٥ - الاستقامة حتّى الشهادة أو النصر ٢٤

الإمام الحسين عليه‌السلام مشعل الهدى وسفينة الخلاص.. ٢٨

ألف: يوم الحسين. ٢٨

باء: رسالة عاشوراء ٣١

الإمام الحسين عليه‌السلام ضمير الاُمة ومسؤولية المستقبل. ٣٦

الضمير الناهض.. ٣٦

شهر محرم.. باب الرحمة ٣٨

العودة الى القرآن. ٤٠

الرؤية السليمة ٤٠

حصن الإيمان. ٤١

مسؤوليات اجتماعيّة ٤١

الإمام الحسين عليه‌السلام الشهيد الشاهد. ٤٤

كربلاء رمز المواجهة ٤٨

الإمام الحسين. ٥١

الإمام الحسين عليه‌السلام والتطوّر الحضاري للأمة ٦١

الإمام الحسين عليه‌السلام وسيلة النهوض الحضاري. ٦٦

١٧٥

الفصل الثاني: على نهج الإمام الحسين عليه‌السلام.... ٧١

الإمام الحسين عليه‌السلام آية العقل والعاطفة ٧٣

الإمام الحسين عليه‌السلام ضمانة الهدى والفلاح. ٨٤

الإمام الحسين. ٨٤

العودة إلى حقيقة الدين؛ رسالة الأنبياء ٨٥

حقائق الدين في القرآن. ٨٨

فرصة إصلاح النفس.. ٩٠

الإمام الحسين عليه‌السلام ومنهج البراءة من المشركين. ٩٢

الرفض بداية الإيمان. ٩٤

درس المسؤولية ٩٦

اتّباع القيادة الربانيّة ٩٧

اختيار المنهج السليم. ٩٨

الإمام الحسين عليه‌السلام محور حكمة الخلق، ومظهر تحدّي الطغيان. ١٠٠

الإمام الحسين. ١٠٠

الإرادة حكمة الخلق. ١٠١

كربلاء خلاصة بطولات التاريخ. ١٠٢

الشهادة كرامة عظيمة ١٠٣

ذعر الحكم الاُموي من الإمام الحسين. ١٠٤

الردّ الحاسم. ١٠٥

جرائم الحزب الاُموي. ١٠٦

الفتنة الكبرى. ١٠٧

الإعداد للثورة ١٠٩

سر عظمة الإمام الحسين عليه‌السلام.... ١١١

نظرات في عظمة الإمام الحسين. ١١٢

الخلوص والصفاء ١١٣

مأساة تستدر الدموع. ١١٦

١٧٦

الفصل الثالث: على هدى الإمام الحسين عليه‌السلام.... ١١٧

كربلاء البداية لا النهاية ١١٩

هل كانت فاجعة الطف الأليمة نهاية أم بداية؟ ١١٩

تكامل مسيرة التاريخ. ١٢٠

حملة الرسالة ١٢٤

حركات ذات بعدين. ١٢٦

أعلى درجات الإيمان. ١٢٦

الحزب الجاهلي والتحدي الرسالي. ١٣٠

إحدى صور المعاناة ١٣٠

لكلِّ قبيلةٍ صنم. ١٣١

عمل فريد من نوعه ١٣٢

صراع مبدئي. ١٣٤

ما هي مسؤوليتنا؟ ١٣٥

واقعة كربلاء ثورة مستمرة ١٣٧

لماذا الإمام الحسين عليه‌السلام مصباح الهدى. ١٤١

الإمام الحسين عليه‌السلام يدعوك لنصرته ١٤٩

الإمام الحسين. ١٤٩

هتاف الحسين مازال يدّوي. ١٥٠

معركة الحق والباطل تعيد نفسها ١٥١

بنو اُميّة يعودون إلى الحياة ١٥١

الصراع ما يزال متجدّداً ١٥٢

نحن ومحّرم ١٥٣

شهر محرم منعطف خطير. ١٥٤

ماذا نقدّم؟ ١٥٥

بين القول والفعل. ١٥٦

أين نحن من ولاية الإمام الحسين عليه‌السلام.... ١٥٨

١٧٧

مَن هو الإمام الحسين عليه‌السلام؟ ١٥٩

التقوى والورع شرط الولاية ١٦١

آفاق الولاية ١٦٤

مسؤولياتنا تجاه الولاية ١٦٦

الشعائر الحسينيّة اُسلوباً ومحتوىً. ١٦٨

سر خلود الثورة الحسينيّة ١٦٨

أهمّية المواكب الحسينيّة ١٦٩

الشعائر الحسينيّة والأنظمة الطاغوتيّة ١٧٠

تعظيم شعائر الله. ١٧١

١ - فهم شخصية الحسين. ١٧٢

٢ - تخريج الخطباء ١٧٣

٣ - إقامة المؤتمرات.. ١٧٣

٤ - دور المشرفين على الحسينيّات والمواكب.. ١٧٣

٥ - دور المثقّفين. ١٧٣

ضرورة تطوير الأساليب.. ١٧٤

١٧٨

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403