مفاهيم القرآن الجزء ٨

مفاهيم القرآن14%

مفاهيم القرآن مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: مفاهيم القرآن
ISBN: 964-357-148-3
الصفحات: 403

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 167096 / تحميل: 5793
الحجم الحجم الحجم
مفاهيم القرآن

مفاهيم القرآن الجزء ٨

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
ISBN: ٩٦٤-٣٥٧-١٤٨-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

[١٦٠٥٥] ١٠ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: « من اكترى دابة أو سفينة فحمل عليها المكتري خمرا أو خنازير أو ما يحرم(١) ، لم يكن على صاحب الدابة شئ، وان تعاقدا على حمل ذلك، فالعقد فاسد، والكراء على ذلك حرام ».

[١٦٠٥٦] ١١ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « من اكترى دابة يوما فحبسها بعد ذلك أياما، فرب الدابة بالخيار ان شاء ضمنه ما نقصت، وإن شاء أخذ منه أجر مثلها ».

[١٦٠٥٧] ١٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا اختلف المتكاريان، فقال المكتري: اكتريت إلى موضع كذا، وقال رب الدابة: بل إلى موضع كذا، فإن كان أحد الموضعين أبعد أو أكثر مؤونة، فالبينة على المكتري إن كان ادعاه، وإن تساويا وأراد كل واحد منهما القصد إلى الموضع الذي ذكره، فإن كان قبل أن يركب الدابة، أو ركب ركوبا يسيرا، أو انتقد المكري أجرته، فالقول قوله والمكتري مدع إذا كان يشبه أن يكون كراء الناس مثله، وإن لم ينتقد ولم يركب، تحالفا وتفاسخا، ومن نكل عن اليمين لزمته دعوى صاحبه هذا إذا تكن بينة، وإن كانت بينة فالبينة أقطع ».

[١٦٠٥٨] ١٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يكتري من المكاري إلى العراق والى خراسان أو إلى أفريقية أو إلى أندلس أو مثل هذا، يسمي البلد ولا يذكر الموضع الذي ينتهي إليه، قال: « يبلغه أشهر المواضع المعروفة من هذا البلد، كبغداد من العراق، أو القيروان من أفريقية، ونيسابور من خراسان(١) ».

[١٦٠٥٩] ١٤ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الطحان تدفع إليه الحنطة،

__________________

١٠ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٧٨ ح ٢٢٩.

(١) في المصدر: حرم الله.

١١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٧٩ ح ٢٣٢.

١٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٧٩ ح ٢٣٣.

١٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٠ ح ٢٣٤.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٢٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٠ ح ٢٣٨.

٤١

ويشترط عليه(١) أن يعطي من الدقيق زيادة معلومة على كيل الحنطة قال: « لا خير في ذلك، وله الاجر، وعليه أن يؤد أمانته ».

[١٦٠٦٠] ١٥ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا دفع رجل إلى خياط ثوبا فخاط قباء، فقال رب الثوب: إنما أمرتك أن تخيط قميصا، وقال الخياط: بل أمرتني أخيطه قباء، ولا بينة بينهما، فالقول قول الخياط مع يمينه ».

[١٦٠٦١] ١٦ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا اغتصب الرجل عبدا فاستأجره، أو استأجره العبد نفسه، ثم استحقه مولاه، أخذه وأخذ الأجرة ممن كانت في يديه ».

٢٠ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب كتاب الوكالة)

[١٦٠٦٢] ١ - دعائم الاسلام عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « من وكل وكيلا على بيع فباعه له بوكس(١) من الثمن، جاز عليه(٢) إلا أن يثبت أنه تعمد الخيانة، أو حابى(٣) المشتري بوكس، وكذلك إن وكله على الشراء فتغالى فيه، فإن لم يعلم أنه تعمد الزيادة أو خان أو حابى، فشراؤه جائز عليه، وان علم أنه تعمد شيئا من الضرر، رد بيعه وشراؤه، فان وكله على بيع شئ فباع له بعضه، وكان ذلك على وجه النظر، فالبيع جائز، قال.

__________________

(١) في المصدر: « إليه ».

١٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٢ ح ٢٤٢.

١٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٦ ح ١٧٣٥.

الباب ٢٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٧ ح ١٥١.

(١) الوكس: النقص، واتضاع الثمن في البيع ( لسان العرب ج ٦ ص ٢٥٧ ).

(٢) في المصدر: جاز البيع عليه.

(٣) بيع المحاباة هو أن يبيع شيئا بدون ثمن مثله، فالزائد من قيمة المبيع عن الثمن عطية، والحباء: العطاء ( مجمع البحرين ج ١ ص ٩٤، لسان العرب ج ١٤ ص ١٦٢ ).

٤٢

وإن أمر رجلين أن يبيعا له عبدا، فباعه أحدهما لم يجز بيعه، إلا أن يجعل البيع لكل واحد منهما على الانفراد إن انفردا، أو لهما معا إذا اجتمعا ».

[١٦٠٦٣] ٢ - عوالي اللآلي. روي عن جابر بن عبد الله، أنه قال. أردت الخروج إلى خيبر، فأتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلمت عليه، وقلت. إني أريد الخروج إلى خيبر، فقال. « إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا، فان ابتغى منك آية، فضع يدك على ترقوته ».

[١٦٠٦٤] ٣ - وروي أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكل عمرو بن أمية الضمري(١) في قبول نكاح أم حبيبة وكانت بالحبشة، ووكل أبا رافع في قبول نكاح ميمونة بنت الحرث الهلالية خالة عبد اله بن العباس، ووكل عروة بن الجعد البارقي في شراء شاة الأضحية، ووكل السعاة في قبض الصدقات.

[١٦٠٦٥] ٤ - وروي أن علياعليه‌السلام وكل أخاه عقيلا في مجلس أبي بكر أو عمر، وقال. « هذا عقيل، فما قضي عليه فعلي، وما قضي له فلي » ووكل عبد الله بن جعفر في مجلس عثمان.

__________________

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٥٦ ح ١.

٣ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٥٦ ح ٢ - ٥.

(١) في الطبعة الحجرية: الضميري، وما أثبتناه من المصدر، هو الصواب « راجع معجم رجال الحديث ج ١٣ ص ٧٨ ».

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٥٧ ح ٦، ٧.

٤٣

٤٤

كتاب الوقوف والصدقات

أبواب كتاب الوقوف والصدقات

١ -( باب استحبابهما)

[١٦٠٦٦] ١ - دعائم الاسلام. عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال. « لا يتبع أحدا من الناس بعد الموت شئ، إلا صدقة جارية، أو علم صواب، أو دعاء ولد ».

[١٦٠٦٧] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « ليس يتبع الرجل بعد موته من الاجر إلا ثلاث خصال. صدقة أجراها في حياته فهي تجري له بعد موته(١) ، أو ولد صالح يدعو له، أو سنة هدى استنها فهي يعمل بها بعده(٢) .

[١٦٠٦٨] ٣ وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال. « الصدقة والحبس ذخيرتان، فدعوهما ليومهما ».

[١٦٠٦٩] ٤ وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه ذكر أمير المؤمنين عليا ( صلوات الله عليه ) فقال. « كان عبد الله قد أوجب الله له الجنة، عمد

__________________

كتاب الوقوف والصدقات

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٧٨.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٧٩.

(١) في نسخة: وفاته.

(٢) في نسخة: بعد وفاته.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٨٠.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٨١.

٤٥

إلى ماله فجعله صدقة مبتولة(١) تجري بعده للفقراء، وقال. اللهم إني(٢) جعلت هذا لتصرف النار عن وجهي، ولتصرف وجهي عن النار ».

[١٦٠٧٠] ٥ - وعن أبي عبدعليه‌السلام ، أنه قال. « تصدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأموال جعلها وقفا، وكان ينفق منها على أضيافه » الخبر.

[١٦٠٧١] ٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي. عن حميد بن شعيب السبيعي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال. سمعته يقول. « كيف يزهد قوم في أن يعملوا الخير!؟ وقد كان عليعليه‌السلام وهو عبد الله قد أوجب له الجنة، عمد إلى قربات له فجعلها صدقة مبتولة(١) تجري من بعده للفقراء، قال. اللهم إني(٢) فعلت هذا لتصرف وجهي عن النار، وتصرف النار عن وجهي ».

[١٦٠٧٢] ٧ - الصدوق في الأمالي. بإسناده عن محمد بن يحيى العطار، عن سعد بن عبد الله، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ضريس، عن أبي جعفر الباقر، عن آبائهعليهم‌السلام . « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مر برجل يغرس غرسا في حائط ( له )(١) فوقف عليه، فقال. ألا أدلك على غرس

__________________

(١) صدقة بتلة: أي منقطعة من مال المتصدق بها خارجة إلى سبيل الله لسان العرب ج ١١ ص ٤٢ ).

(٢) في نسخة: إنما.

٥ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤١ ح ١٢٨٢.

٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ص ٧٠.

(١) في المصدر: مقبولة.

(٢) في المصدر: إنما.

(٧) أمالي الصدوق ص ١٦٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤٦

أثبت أصلا إلى أن قال فقال الرجل. أشهدك يا رسول الله، أن حائطي هذا صدقة مخصوصة(٢) على فقراء المسلمين من أهل الصفة(٣) ، فأنزل الله تبارك وتعالى.( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ فَسَنُيَسِّرُ‌هُ لِلْيُسْرَ‌ىٰ ) (٤) .

[١٦٠٧٣] ٨ - عوالي اللآلي. روي عن جابر أنه قال. لم يكن من الصحابة ذو مقدرة، إلا وقف وقفا.

٢ -( باب أن شرط الوقف اخراج الواقف له عن نفسه، فلا يجوز أن يقف على نفسه، ولا أن يأكل من وقفه، وله أن يستثني لنفسه شيئا، وكذا الصدقة، فلا يجوز سكنى الدار إذا تصدق إلا مع الاذن)

[١٦٠٧٤] ١ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي. عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال « حبس الأصل، وسبل الثمرة(١) ».

[١٦٠٧٥] ٢ - وفي درر اللآلي. عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال. « إن شئت حبست أصله، وسبلت ثمرتها ».

[١٦٠٧٦] ٣ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من

__________________

(٢) في نسخة: مقبوضة.

(٣) أهل الصفة: هم فقراء المهاجرين ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه ( لسان العرب ج ٩ ص ١٩٥. ).

(٤) الليل ٩٢: ٥ ٧.

٨ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٦١ ح ٥.

الباب ٢

١ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٦٢ ح ١٤.

(١) سبل ثمرتها: أبح ثمرتها لمن وقفتها عليه وسبلت الشئ: إذا أبحته، كأنك جعلت إليه طريقا مطروقة ( لسان العرب ج ١١ ص ٣٢٠ ).

٢ - درر اللآلي ج ٢ ص ٢٤١.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٤ ح ١٢٨٨.

٤٧

وقف(١) وقفا فقال. إن احتجت إليه فأنا أحق به، فإن مات رجع ميراثا ».

[١٦٠٧٧] ٤ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال. « تصدق الحسين بن عليعليهما‌السلام بدار، فقال له الحسنعليه‌السلام . تحول عنها ».

٣ -( باب أن شرط لزوم الوقف قبض الموقوف عليه أو وليه، وإذا مات الواقف قبل القبض بطل الوقف، وإذا وقف على ولده الصغار كان قبضه كافيا)

[١٦٠٧٨] ١ - دعائم الاسلام. عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن الرجل يتصدق على ولده أو ( على )(١) غيرهم بصدقة، أيصلح له أن يرجع فيها فيردها؟ قال. « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال. إن الذي يتصدق بصدقة ثم يرجع فيها، مثل الذي يقئ ( ثم يرجع إلى قيئه )(٢) ».

[١٦٠٧٩] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الصدقة قبل أن تقبض، فقال. « إذا قبلها المتصدق عليه أو قبلت له، إن كان طفلا جاز قبضت أو لم تقبض، وإن لم يقبل(١) بشئ حتى يقبل(٢) ».

[١٦٠٨٠] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أن رجلا سأله فقال. يا بن رسول الله، إن والدي تصدق علي بدار ثم بدا له أن يرجع فيها، وإن

__________________

(١) في المصدر: أوقف.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٤ ح ١٢٨٩.

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: وير جع في قيئه.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٨ ح ١٢٧٠.

(١) في المصدر: تقبل.

(٢) في المصدر: تقبل.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٣.

٤٨

قضاة بلدنا يقضون أنها لي، وليس له أن يرجع فيها، وقد تصدق بها علي، ولست أدري هل ما يقضون به ( علي )(١) من الصواب أم لا؟ فقال. « نعم ما قضت به قضاتكم، وبئس ما صنع والدك، إنما الصدقة لله فما جعل لله فلا رجعة فيه(٢) ، فإن أنت خاصمته فلا ترفع عليه صوتك، فإذا رفع صوته فاخفض أنت صوتك » قال(٣) . إن أبي قد توفي، قال. « فطب بها نفسا ».

٤ -( باب عدم جواز بيع الوقف، وحكم ما لو وقع بين الموقوف عليهم اختلاف شديد، يؤدي إلى ضرر عظيم)

[١٦٠٨١] ١ - دعائم الاسلام. عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أن بعض أصحابه كتب إليه. أن فلانا ابتاع ضيعة فأوقفها وجعل لك في الوقف الخمس، وذكر أنه وقع بين الذين أوقف عليهم هذا الوقف اختلاف شديد، وأنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم، وسأل عن رأيك في ذلك، فكتب إليه. « إن رأيي له إن لم يكن جعل آخر الوقف لله، إن يبيع حقي من ( هذه )(١) الضيعة ويوصل ثمن(٢) ذلك إلي، وأن يبيع القوم إذا تشاجروا، فإنه ربما جاء في الاختلاف اتلاف الأموال والأنفس ».

٥ -( باب جواز وقف المشاع والصدقة به، قبل القسمة وقبل القبض)

[١٦٠٨٢] ١ - دعائم الاسلام. روينا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: له فيه.

(٣) وفيه: قال له.

الباب ٤

١ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٤ ح ١٢٩٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: عن.

الباب ٥

١ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٨ ح ١٢٦٩.

٤٩

عليهم‌السلام ، أنه سئل عن رجل تصدق بصدقة مشتركة، فقال: « جائز ».

[١٦٠٨٣] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنه سئل عن الصدقة بالمشاع، قال. « جائز، تقبض كما يقبض المشاع ».

[١٦٠٨٤] ٣ - وعن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، أنه ورث أرضا أو(١) أشياء، فتصدق بها قبل أن يقبضها.

[١٦٠٨٥] ٤ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الصدقة قبل أن تقبض، فقال. « إذا قبلها المتصدق عليه أو قبلت له، إن كان طفلا جاز(١) ، قبضت أو لم تقبض ».

٦ -( باب كيفية الوقوف والصدقات، وما يستحب فيها، وجملة من احكامها)

[١٦٠٨٦] ١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط. عن أبي بصير قال. قال أبو جعفرعليه‌السلام . « ألا أقرئك وصية فاطمةعليها‌السلام ؟ » قال: قلت: بلى، قال: فاخرج حقا أو سفطا فأخرج منه كتابا، قال: فقرأه: « بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أوصت بحوائطها السبعة. الأعواف، والدلال، والبرقة،

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٨ ح ١٢٦٩.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧١.

(١) في المصدر: « و ».

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٨ ح ١٢٧٠.

(١) في المصدر: جازت.

الباب ٦

١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٣.

٥٠

والميثب، والحسنى، والصافية، ومشربة أم إبراهيم(١) ، إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإن مضى علي فإلى الحسنعليه‌السلام ، فإن مضى الحسن فإلى الحسينعليهما‌السلام . فإن مضى الحسينعليه‌السلام فإلى الأكبر فالأكبر من ولدي، شهد الله على ذلك، والمقداد ابن الأسود، والزبير بن العوام، وكتب علي بن أبي طالب ».

[١٦٠٨٧] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « تصدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بأموال جعلها وقفا، وكان ينفق منها على أضيافه، وأوقفها على فاطمةعليها‌السلام منها، العراف(١) ، والبرقة، والصافية، ومشربة أم إبراهيم، والحسنى، والزلال(٢) ، والمنبت ».

[١٦٠٨٨] ٣ - عنهعليه‌السلام ، أنه « قسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لفئ، فأصاب أمير المؤمنين علياعليه‌السلام منه أرض، فاحتفر فيها عينا، فخرج منها ماء ينبع منها(١) في السماء كهيئة عنق البعير، فجاء إليه بذلك البشير، فقال. بشر الوارث، هي صدقة بتا بتلا(٢) في حجيج بيت الله، وعابري السبيل، لا يباع ولا يوهب ولا يورث، فمن باعها أو وهبها

__________________

(١) في الحجرية والمصدر: ومال أم إبراهيم، والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب، جاء في معجم البلدان ج ٥ ص ٢٤١: « صدقة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالمدينة سبعة حيطان: برقة، وميثب، والصافية، وأعواف، والدلال، ومشربة أم إبراهيم ».

وسميت بذلك لان إبراهيم بن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولدته أمه فيها ( النهاية ج ٢ ص ٤٥٥ ومجمع البحرين ج ٢ ص ٨٩ ).

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤١ ح ١٢٨٢.

(١) في المصدر: العواف.

(٢) في المصدر: الدلال.

٣ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤١ ح ١٢٨٣.

(١) ليس في المصدر.

(٢) صدقة بتة بتلة: إذا قطعها المتصدق بها من ماله، فهي بائنة من صاحبها، قد انقطعت منه ( لسان العرب ج ٢ ص ٦ ).

٥١

فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا وسماها ينبع ».

[١٦٠٨٩] ٤ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه أوصى بأوقاف أوقفها من أمواله، ذكرها في كتاب وصيته كان فيما ذكره منه(١) . « هذا ما أوصى به وقضى في ماله، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ابتغاء وجه الله به، ليولجني الله به الجنة، ويصرفني عن النار، ويصرف النار عن وجهي، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، ما كان لي ينبع من مال يعرف لي منها وما حولها صدقة، ورقيقها غير أن رباحا وأبا نيزر(٢) وجبيرا عتقاء، ليس لأحد عليهم سبيل وهم موالي، يعلمون في المال خمس حجج، وفيه نفقتهم ورزقهم ورزق أهاليهم، ومع ذلك ما كان لي بوادي القرى ثلثه مال بني فاطمة ورقيقها صدقة، وما كان لي ببرقة وبرعة وأهلها صدقة غير أن زريقا له مثل ما كتبت لأصحابه، وما كان لي بأذينة وأهلها صدقة، والذي كتبت من أموالي هذه صدقة واجبة بتلة، حي أنا أو ميت، تنفق في كل نفقة يبتغى بها وجه الله، في سبيل الله ووجهه وذي الرحم من بني هاشم وبني عبد المطلب، القريب والبعيد، وأنه يقوم على ذلك الحسن بن عليعليهما‌السلام ، يأكل منه بالمعروف وينفقه حيث يريد الله، في حل محلل لا حرج عليه فيه، ( و )(٣) إن أراد أن يبدل مالا من مال الصدقة مكان مال فإنه يفعل ( ذلك )(٤) لا حرج عليه فيه، وإن أراد أن يبيع شيئا من المال فيقضي به الدين، فعل إن شاء ( و )(٥) لا حرج عليه، وإن ولد علي وما لهم إلى الحسن بن عليعليهما‌السلام ، وإن كانت دار الحسن بن علي

__________________

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤١ ح ١٢٨٤.

(١) في المصدر: منها.

(٢) في الحجرية: « أبا يثرب »وفي المصدر: « أبا بيزر »والظاهر أن ما أثبتنا ه هو الصواب ( راجع الكنى والألقاب ج ١ ص ١٦٤. و ج ٣ ص ١١٣ ).

( ٣ - ٥ ) أثبتناه من المصدر.

٥٢

عليهما‌السلام غير دار الصدقة، فبدا له أن يبيعها، فليبع إن شاء ولا حرج عليه فيه، فإن باعها قسمها ثلاثة أثلاث، يجعل ثلثا في سبيل الله، وثلثا في بني هاشم وبني عبد المطلب، وثلثا في آل أبي طالب، يضعه فيهم حيث يريد الله، فإن حدث بالحسن حدث والحسين حي فإنه إلى الحسين بن عليعليهما‌السلام ، وإن الحسين بن عليعليهما‌السلام يفعل فيه مثل الذي أمرت حسنا، وله منها مثل الذي كتبت ( للحسن )(٦) وعليه مثل الذي على الحسن، وإن الذي لبني فاطمة من صدقة على مثل الذي لبني علي، فإني إنما جعلت الذي لبني فاطمة ابتغاء وجه الله، ثم لكريم حرمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتعظيما وتشريفا ورضى بهما، وإن حدث بالحسن والحسين حدث فالولد الاخر منهما ينظر في ذلك، وإن رأى أن يوليه غيره نظر في بني علي فإن وجد فيهما من يرضى دينه وإسلامه وأمانته جعله إليه إن شاء، وإن لم ير فيهم الذي يريده فإنه يجعله إن شاء إلى رجل من آل أبي طالب يرتضيه، فإن وجد آل أبي طالب يومئذ قد ذهب كبارهم وذوو رأيهم وأسنانهم، فإنه يجعله إن شاء إلى رجل يرضى حاله من بني هاشم، ويشترط على الذي يجعل ذلك إليه أن يترك المال على أصله، وينفق ثمرته حيث أمرته في سبيل الله ووجوهه، وذوي الرحم من بني هاشم وبني عبد المطلب، والقريب والبعيد، لا يباع منه شئ ولا يوهب ولا يورث، وإن مال محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ( ما حبسه هو )(٧) إلى بني فاطمة، وكذلك مال فاطمةعليها‌السلام إلى بنيها » وذكر باقي الوصية.

[١٦٠٩٠] ٥ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « تصدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام بدار له بالمدينة في زريق، فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب، وهو حي

__________________

(٦) أثبتناه من المصدر.

(٧) في المصدر: ناحيته.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٣ ح ١٢٨٥.

٥٣

سوي، تصدق بداره التي في بني زريق، لا تباع ولا توهب ولا تورث، حتى يرثها الله الذي يرث السماوات والأرض، واسكن(١) هذه الدار الصدقة خالاته ما عشن وأعقابهن ما عشن، فإذا انقرضوا فهي لذوي الحاجة من المسلمين ».

[١٦٠٩١] ٦ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال لأبي بصير. « يا أبا بصير، ألا أقرئك وصية فاطمةعليها‌السلام ؟ » قال: نعم، فافعل متفضلا ( جعلني الله )(١) فداك، فأخرج منه حقا أو سفطا، فأخرج منه كتابا فقرأه، وكان فيه. « بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة ابنة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أوصت بحوائطها السبعة. العواف، والدلال، والبرقة، والميثب، والحسني، والصافية، ومال(٣) أم إبراهيم، إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإن مضى علي فإلى الحسن، فإن مضى الحسن فإلى الحسين، فإن مضى الحسينعليهما‌السلام فإلى الأكبر من ولده، شهد الله على ذلك، والمقداد بن الأسود، والزبير بن العوام، وكتب علي بن أبي طالبعليه‌السلام ».

[١٦٠٩٢] ٧ - البحار، عن كتاب مصباح الأنوار. عن أبي جعفرعليه‌السلام قال محمد بن إسحاق. وحدثني أبو جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام : « إن فاطمةعليها‌السلام عاشت بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ستة أشهر، قال: وإن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كتبت هذا الكتاب. بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما كتبت فاطمة بنت

__________________

(١) في نسخة: وليسكن.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٣ ح ١٢٨٦.

(١) في المصدر: جعلت.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في نسخة: ومشربة.

٧ - البحار ١٠٣ ص ٨٤ ١ ح ١٣، عن مصباح الأنوار ص ٢٦٢.

٥٤

محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في مالها إن حدث بها حادث، تصدقت بثمانين أوقية تنفق عنها، من ثمارها التي لها كل عام في رجب بعد نفقة السقي(١) ونفقة العمل(٢) ، وأنها أنفقت أثمارها العام وأثمارها(٣) القمح عاما قابلا في أوان غلتها، وأنها(٤) أمرت لنساء محمد أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله خمسا وأربعين أوقية، وأمرت لفقراء بني هاشم وبني عبد المطلب بخمسين أوقية، وكتبت في أصل مالها في المدينة، أن علياعليه‌السلام سألها أن توليه مالها، فيجمع مالها إلى مال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلا تفرق، ويليه ما دام حيا، فإذا حدث به حادث دفعه إلى ابني الحسن والحسين فيليانه، وإني دفعت إلى علي بن أبي طالب على أني أحلله فيه، فيدفع مالي ومال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يفرق منه شيئا، يقضي عني من أثمار المال ما أمرت به وما تصدقت به، فإذا قضى الله صدقتها وما أمرت به، فالامر بيد الله تعالى وبيد عليعليه‌السلام ، يتصدق وينفق حيث شاء لا حرج عليه، فإذا حدث به حدث دفعه إلى ابني الحسن والحسين، المال جميعا مالي ومال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ينفقان ويتصدقان حيث شاءا ولا حرج عليهما، وإن لابنة جندب يعني بنت أبي ذر الغفاري التابوت الأصغر(٥) ، ويعطيها في المال ما كان، ونعلي(٦) الآدميين والنمط(٧) والحب(٨) والسرير والزربية(٩) والقطيفتين(١٠) ، وإن حدث بأحد

__________________

(١) في الحجرية: السعي، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في الحجرية والمصدر: المغل، والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب.

(٣) في المصدر: وأثمار.

(٤) وفيه: وإنما.

(٥) وفيه: الأصفر.

(٦) في الحجرية: وفعل، وما أثبتناه من المصدر.

(٧) النمط نوع من الثياب، ونوع من البسط له خمل وقيق ( لسان العرب ج ٧ ص ٤١٧ ).

(٨) في الطبعة الحجرية والمصدر: الجب، الجب، والظاهر ة ن ما أثبتناه هو الصواب.

(٩) في الطبعة الحجرية والمصدر: « والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب، والزربية: البساط أو الطنفسة، وقيل: البساط ذو الخمل ( لسان العرب ج ١ ص ٤٤٧. )

٥٥

ممن أوصيت له قبل أن يدفع إليه، فإنه ينفق عنه في الفقراء والمساكين، وإن الأستار لا يستر بها امرأة إلا إحدى ابنتي، غير أن عليا يستتر بهن إن شاء ما لم ينكح، وإن هذا ما كتبت فاطمةعليها‌السلام في مالها وقضت فيه، والله شهيد، والمقداد بن الأسود، والزبير بن العوام، وعلي بن أبي طالب كتبها، وليس على علي حرج فيها فعل من معروف، قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال أبي. هذا وجدناه، وهكذا وجدنا وصيتها ».

[١٦٠٩٣] ٨ - عن زيد بن علي قال: أخبرني أبي، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام قال: « هذه وصية فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أوصت بحوائطها السبع: العواف والدلال، والبرقة، والميثب، والحسنى، والصافية، ومال أم إبراهيم(١) ، إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام فإن مضى علي فإلى الحسن بن علي، وإلى أخيه الحسين، وإلى الأكبر فالأكبر من ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » الخبر.

[١٦٠٩٤] ٩ - عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن الحيطان السبعة، فقال: « كانت ميراثا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقفا، فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يأخذ منها ما ينفق على أضيافه، والنائبة يلزمه فيها فلما، قبض جاء العباس يخاصم فاطمةعليها‌السلام فشهد عليعليه‌السلام وغيره أنها وقف، وهي الدلال، والعواف، والحسنى، والصافية، ومال أم إبراهيم،

__________________

(١٠) القطيفة: كساء له خمل ( لسان العرب ج ٩ ص ٢٨٦ ).

٨ - البحار ج ١٠٣ ص ١٨٥ ح ١٤ عن مصباح الأنوار ص ٢٦٣.

(١) المقصود: مشربة أم إبراهيم، وكذا في الحديث الذي يليه.

٩ - قرب الإسناد ص ١٦٠.

٥٦

والميثب، وبرقة ».

[١٦٠٩٥] ١٠ - نهج البلاغة: ومن وصية لهعليه‌السلام بما يعمل في أمواله، كتبها بعد منصرفه من صفين: « هذا ما أمر به عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، في ماله، ابتغاء وجه الله، ليولجه الجنة، ويعطيه ( به )(١) الآمنة، وانه يقوم بذلك الحسن بن علي، يأكل منه بالمعروف وينفق منه في المعروف، فان حدث بحسن حدث وحسين حي، قام بالأمر بعده وأصدره مصدره، وإن لابني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني علي، ( إني )(٢) إنما جعلت القيام بذلك إلى ابني فاطمة، ابتغاء وجه الله وقربة إلى الرسول(٣) ، وتكريما لحرمته وتشريفا لوصلته، ويشترط على الذي يجعله إليه، أن يترك المال على أصوله، وينفق من ثمره حيث أمر به وهدي له، وأن لا يبيع من نخيل(٤) هذه القرى ودية حتى تشكل أرضها غراسا ».

قال السيد: قولهعليه‌السلام : « وأن لا يبيع من نخلها ودية » فان الودية الفسيلة وجمعها ودي. وقولهعليه‌السلام : « تشكل أرضها غراسا » هو من أفصح الكلام، أي يكثر غراسا فيراها الناظر على غير الصفة التي عرفها بها، فيشكل عليه أمرها ويظنها غيرها.

٧ -( باب عدم جواز الرجوع في الوقف بعد القبض، ولا في الصدقة بعده)

[١٦٠٩٦] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الذي يتصدق بصدقة ثم يرجع فيها،

__________________

١٠ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٥ رقم ٢٤، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ١٨٤ ح ١٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: رسول الله.

(٤) في المصدر: أولاد نخيل.

الباب ٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٢.

٥٧

مثل الذي يقئ يرجع في قيئه ».

[١٦٠٩٧] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الصدقة يجعلها الرجل لله مبتولة، هل له أن يرجع فيها؟ قال: « إذا جعلها لله فهي للمساكين وأبناء السبيل، ليس له أن يرجع فيها ».

[١٦٠٩٨] ٣ - وعن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنه كان إذا أعطى السائل شيئا فيسخطه(١) انتزعه منه وأعطاه غيره.

وتقدم حديث آخر، عنه.

[١٦٠٩٩] ٤ - عوالي: اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا يحل لرجل(١) يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها، إلا الوالد فيها يعطي ولده، ومثل الذي يعطي عطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب، يأكل فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه ».

٨ -( باب أنه يكره تملك الصدقة بالبيع والهبة ونحوهما، ويجوز بالميراث)

[١٦١٠٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « إن تصدقت بصدقة ثم ورثتها، فهي لك بالميراث ولا بأس بها » قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا تصدق الرجل بصدقة لم يحل له أن يشتريها، ولا أن يستوهبها، ولا أن يملكها بعد أن تصدق بها، إلا بالميراث، فإنها إن

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٤.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٧٦.

(١) في المصدر: فيتسخطه.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٥١ ح ١١٣.

(١) في المصدر: للرجل أن.

الباب ٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٥.

٥٨

دارت إليه بالميراث حلت له ».

٩ -( باب اشتراط الصدقة بالقصد والقربة، وحكم وقوعها في مرض الموت)

[١٦١٠١] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه سئل عن رجل كانت له خادمة(١) فأذته امرأته فيها، فقال لها: هي عليك صدقة، فقال: « إن كان ذلك لله فليمضها، وإن يفعل فله أن يرجع فيها ».

[١٦١٠٢] ٢ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: « لا خير في القول إلا مع العمل إلى أن قال ولا في الصدقة إلا مع النية ».

١٠ -( باب جواز اعطاء فقراء بني هاشم من الصدقة، سوى الزكاة، ومن الوقف على الفقراء)

[١٦١٠٣] ١ - الصدوق في المقنع: واعلم أن صدقات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تحل لبني هاشم ولمواليهم، وروي أن فاطمةعليها‌السلام جعلت صدقاتها لبني عبد المطلب وبني هاشم، وسئل أبو عبد الله عن الصدقة التي حرمت على بني هاشم ما هي؟ فقال: « هي الزكاة ».

[١٦١٠٤] ٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن عبد الله بن شيبان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إنما حرم على بني هاشم من الصدقة الزكاة المفروضة على الناس، ثم قال: لولا هذا لحرمت علينا هذه المياه التي

__________________

الباب ٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ٢٧٧ ١.

(١) في المصدر: جارية.

٢ - الاختصاص ص ٢٤٣.

الباب ١٠

١ - المقنع ص ٥٥.

٢ - كتاب حسين بن عثمان ص ١١٠.

٥٩

فيما بين مكة والمدينة ».

١١ -( باب حكم صدقة المرأة وهبتها، بغير إذن زوجها)

[١٦١٠٥] ١ - وجدت في مجموعة عتيقة خبرا طويلا، أظنه مأخوذا من كتاب أحمد بن عبد العزيز الجلودي: حدثنا يحيى بن عمر قال: حدثنا عبس بن مسلم قال: حدثنا عمر(١) بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمد بن مسلم، عن مهران الثقفي، عن عبد الله بن محبوب، عن رجل(٢) ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في خبر طويل أنه قال لحولاء العطارة: « يا حولاء والذي بعثني بالحق نبيا ورسولا، لا ينبغي للمرأة أن تتصدق بشئ من بيت زوجها إلا باذنه، فان فعلت ذلك كان له الاجر وعليها الوزر » الخبر.

[١٦٢٠٦] ٢ - الصدوق في الخصال: عن أحمد بن الحسن القطان، عن الحسن بن علي السكري، عن محمد بن زكريا الجوهري، عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث طويل قال: قال: « ولا يجوز للمرأة في مالها عتق ولا بر إلا بإذن زوجها ».

[١٦٢٠٧] ٣ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن امرأة سألته: فقالت يا رسول الله ما حق الزوج على ( الزوجة؟ قال: )(١) « لا تتصدق من بيته إلا باذنه »، الخبر.

__________________

الباب ١١

١ - كتاب قصة الحولاء ص ١٤١.

(١) في المصدر: عمرو.

(٢) في المصدر: أبو هريرة.

٢ - الخصال ج ٢ ص ٥٨٨ ح ١٢.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢١٦ ح ٨ ٧٩.

(١) في المصدر: « زوجته؟ فقال: أن ».

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

السؤال في معنى القبر

يطلق القبر ويراد منه تارة ذلك المكان الضيّق، وأُخرى ما يعيش فيه الإنسان بالبدن البرزخي في عالم فسيح، فقد يطلق القبر في الروايات ويراد منه هذا المعنى.

روى الزهري، عن عليِّ بن الحسينعليهما‌السلام ، أنّهعليه‌السلام تلا قوله تعالى:( وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (١) وقال: « هو القبر، وانّه لهم فيه لمعيشة ضنكا، والله إنّ القبر لروضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار ».(٢)

روى الكليني، عن عمرو بن يزيد، قلت لأبي عبد الله: إنّي سمعتك، وأنت تقول: كلّ شيعتنا في الجنة علىٰ ما كان فيهم، قال: « صدّقتك، كلّهم والله في الجنة » قال: قلت: جعلت فداك إنّ الذنوب كثيرة كبائر، فقال: « أمّا في القيامة فكلّكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع، أو وصيّ النبيّ، ولكنّي والله أتخوّف عليكم في البرزخ » قلت: وما البرزخ ؟قال: « القبر منذ حين موته إلىٰ يوم القيامة ».(٣)

وعلى ذلك فكلّما أُطلق القبر فهو كناية عن تلك الحياة، وذلك العالم الفسيح، والآيات والروايات تشهد على أنّه أمر عام يشمل جميع أفراد الإنسان دون فرق بين من مات حتف أنفه أو افترسه السبع أو غرق في الماء، ومن تحوّل بدنه إلىٰ تراب فأثارته الرياح ونشرته، فأكثر هؤلاء لا قبر لهم بالمعنى الملموس، وإن كان لهم قبر بالمعنى الكنائي.

إذا عرفت معنى القبر في الروايات، فهنا مسائل ثلاث :

__________________

١. المؤمنون: ١٠٠.

٢. بحار الأنوار: ٦ / ١٥٩، باب سكرات الموت، الحديث ١٩.

٣. بحار الأنوار: ٦ / ٢٦٧، باب أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله، الحديث ١١٦.

١٨١

١. السؤال في القبر.

٢. ما يسأل عنه.

٣. عمّن يسأل.

السؤال في القبر

قال الصدوق في رسالة العقائد: اعتقادنا في المسألة في القبر أنّها حقّ لابدّ منها، فمن أجاب بالصواب، فإذا بروح وريحان في قبره، وبجنة نعيم في الآخرة ; ومن لم يأت بالصواب فله نزل من حميم في قبره، وتصلية جحيم في الآخرة.(١)

وقال الشيخ المفيد: جاءت الآثار الصحيحة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّ الملائكة تنزل على المقبورين فتسألهم على أديانهم، وألفاظ الأخبار بذلك متقاربة فمنها أنّ ملكين لله تعالىٰ، يقال لهما ناكر ونكير ينزلان على الميّت فيسألانه عن ربِّه ونبيه ودينه وإمامه، فإن أجاب بالحقّ سلّموه إلى ملائكة النعيم، وإن ارتج عليه سلّموه إلى ملائكة العذاب.(٢)

وقال المحقّق الطوسي: وعذاب القبر واقع للإمكان وتواتر السمع بوقوعه.(٣)

والسؤال في القبر والتعذيب والتنعيم من العقائد الإسلامية التي اتّفقت عليها كافّة الفرق الإسلامية.

قال أحمد بن حنبل: وعذاب القبر حقّ يسأل العبد عن دينه، وعن ربّه، ويرى مقعده من النار والجنة، ومنكر ونكير حقّ.(٤)

__________________

١. البحار: ٦ / ٢٧٩، باب أحوال البرزخ.

٢. شرح عقائد الصدوق: ٤٥، ط تبريز.

٣. كشف المراد: المقصد السادس، المسألة ١٤.

٤. كتاب السنّة لأحمد بن حنبل: ٤٤ ـ ٥٠.

١٨٢

وقال الإمام الأشعري: ونؤمن بعذاب القبر ومنكر ونكير ومساءلتهما المدفونين في قبورهم.(١)

وقال القاضي عبد الجبار ـ وهو من أعاظم متكلّمي المعتزلة في القرن الخامس ـ: لا خلاف فيه بين الأُمّة، إلّا شيء يحكىٰ عن ضرار بن عمرو، وكان من أصحاب المعتزلة، ثمّ التحق بالمجبرة، ولهذا ترىٰ ابن الراوندي يشنع علينا، ويقول: إنّ المعتزلة ينكرون عذاب القبر ولا يقرّون به.(٢)

وهذا النوع من الاعتقاد العام رهن روايات وردت في القبر وسؤاله وعذابه، والروايات في هذا الباب متضافرة بل متواترة، ولكن ليس فيها أيّ إشارة إلىٰ أنّ المسؤول هو البدن العنصري، ولذلك قلنا إنّ المسؤول هو البدن البرزخي فلا مناص من إرجاع السؤال والعذاب والروح والريحان إلى البدن البرزخي.

نعم ربما يعبر عنه بالقالب المثالي، وهذا هو الإمام الصادقعليه‌السلام يصف البدن، يقول أبو ولّاد الحناط: قلت له: جعلت فداك يروون أنّ أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش، فقال: « لا، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير، لكن في أبدان كأبدانهم ».(٣)

وفي رواية أُخرىٰ عنهعليه‌السلام : « فإذا قبضه الله عزّوجلّ صيّر تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا فيأكلون ويشربون، فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا ».(٤)

نعم ربما يستفاد من بعض الروايات أنّ المسؤول والمعذَّب والمنعّم هو هذا

__________________

١. مقالات الإسلاميين: ٣٢٠ ـ ٣٢٥.

٢. شرح الأُصول الخمسة: ٧٣٠.

٣. البحار: ٦ / ٢٦٨، باب أحوال البرزخ الحديث ١١٩.

٤. البحار: ٦ / ٢٧٠، باب أحوال البرزخ، الحديث ١٢٤.

١٨٣

البدن العنصري، في ذلك المكان الضيق إلّا أنّ تأويلها أفضل من الاعتماد عليها.(١)

إلى هنا اتضحت الأُمور الثلاثة التالية :

١. المراد من القبر هو عالم البرزخ.

٢. إنّ السؤال والتعذيب والتنعيم أمر متفق عليه بين المذاهب الإسلامية.

٣. إنّ المسؤول هو البدن المثالي.

نعم بقي هناك أمران وهما :

١. الأُمور التي يسأل عنها.

٢. المسؤولون في البرزخ. وإليك البحث عن هذين الأمرين.

١. الأُمور التي يسأل عنها

لقد تكفّلت الأخبار بتحديد الأُمور التي يسأل عنها.

فقد روى زر بن حبيش الأسدي الكوفي ( وهو من أصحاب الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ) قال: سمعت عليّاً، يقول: « إنّ العبد إذا أُدخل حفرته أتاه ملكان اسمهما منكر ونكير، فأوّل ما يسألانه عن ربّه، ثمّ عن نبيه، ثمّ عن وليّه، فإن أجاب نجا، وإن عجز عذباه » فقال له رجل: ما لمن عرف ربّه ونبيه ولم يعرف وليّه ؟

فقال: « مذبذب(٢) ، لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، ومن يضلل فلن تجد له سبيلاً ذلك لا سبيل له ».(٣)

__________________

١. لاحظ البحار: ٦ / ٢٢٢ ـ ٢٢٦، باب أحوال البرزخ، الحديث ٢٢ و ٢٦.

٢. متحير ومتردد بين أمرين.

٣. البحار: ٦ / ٢٣٣، باب أحوال البرزخ، الحديث ٤٦.

١٨٤

وروى سعيد بن المسيب، قال: كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يعظ الناس ويزهدهم في الدنيا ويرغّبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كلّ جمعة في مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وحفظ عنه وكتب، كان يقول: « أيّها الناس اتّقوا الله، واعلموا أنّكم إليه ترجعون، فتجد كلّ نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير محضراً، وما عملت من سوء تود لو أنّ بينها وبينه أمداً بعيداً، ويحذركم الله نفسه، ويحك ابن آدم، الغافل، وليس بمغفول عنه.

ابن آدم إنّ أجلك أسرع شيء إليك، قد أقبل نحوك حثيثاً يطلبك ويوشك أن يدركك، وكأن قد أُوفيتَ أجلك وقبض الملك روحك، وصرتَ إلى منزل وحيداً فرد إليك فيه روحك، واقتحم عليك فيه ملكاك: منكراً ونكيراً، لمساءلتك وشديد امتحانك، ألا وإنّ أوّل ما يسألانك عن ربّك الذي كنت تعبده، وعن نبيِّك الذي أُرسل إليك، وعن دينك الذي كنت تدين به، وعن كتابك الذي كنت تتلوه، وعن إمامك الذي كنت تتولّاه، ثمّ عن عمرك فيما أفنيته ؟ ومالك من أين اكتسبته وفيما أتلفته ؟ فخذ حذرك وانظر لنفسك ».(١)

٢. المسؤولون في البرزخ

أمّا المسؤولون في البرزخ فتحديدهم رهن نقل الأخبار والروايات :

١. روى أبو بكر الحضرمي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « لا يُسأل في القبر إلّا من محضّ الإيمان محضاً، أو محض الكفر محضاً » فقلت له: فسائر الناس ؟ فقال: « يلهىٰ عنهم ».(٢)

٢. روى محمد بن مسلم، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « لا يسأل في القبر إلّا

__________________

١. البحار: ٦ / ٢٢٣، باب أحوال البرزخ، الحديث ٢٤.

٢. البحار: ٦ / ٢٣٥، باب أحوال البرزخ، الحديث ٥٢.

١٨٥

من محضّ الإيمان محضاً، أو محضّ الكفر محضاً ».(١)

إلى هنا تمّ ما أردنا ذكره في هذا المقام ممّا يرجع إلى عالم البرزخ، وهناك بحوث شيقة لها صلة به نطوي الكلام عنها بغية الاختصار.

وليعلم أنّ تعلّق النفس بالبدن البرزخي ليس هو من التناسخ بشيء، لما عرفت من أنّه عبارة عن تعلّق النفس بعد كمالها، ببدن آخر، ولكن البدن المثالي ليس بدناً آخر، بل هو عينه ولكن ألطف منه.



















__________________

١. البحار: ٦ / ٢٦٠، باب أحوال البرزخ، الحديث ١٠٠.

١٨٦





الفصل الرابع عشر :

أشراط الساعة

تطلق أشراط الساعة ويراد منها علائم القيامة، ثمّ إنّ أشراط الساعة على قسمين :

١. الحوادث التي تتحقق قبل القيامة، وأهمها تقويض أركان النظام السائد في الكون.

٢. الحوادث التي ترافق اختلال النظام وانهياره، ويعبر عنها بمشاهد القيامة.

وإليك البحث في كلا القسمين ضمن فصلين :

إنّ الذكر الحكيم يذكر بعض أشراط الساعة في مجموعة من الآيات لا تتجاوز عن سبع :

١.( فَهَلْ يَنظُرُونَ إلّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ) .(١)

الأشراط جمع الشرط على وزن الصدف بمعنى العلامة.

__________________

١. محمد: ١٨.

١٨٧

يقول ابن منظور: أشراط الساعة علائمها.(١)

وأمّا الشرط علىٰ وزن الصبر، فيطلق ويراد ما يتوقف عليه وجود الشيء بنحو من أنحاء التوقف، فالأوّل يجمع على الأشراط، والثاني على الشروط.

فهذه الآية تخبر عن تحقّق بعض أشراط الساعة، حيث قال:( فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) وأمّا ما هو المراد من هذه الشرط المحقق فقد فسر ببعثة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اعتماداً على قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « بعثت أنا والساعة كهاتين ».(٢)

وهناك سؤال وهو انّه كيف يمكن أن تعدّ بعثة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من علائم القيامة مع أنّ الفاصل الزماني بينهما ليس بقليل ؟

ويجاب عنه: انّا إذا قسّمنا ما بقي من عمر الدنيا بالنسبة إلىٰ ما مضىٰ، لعلم أنّ ما بقي أقل بكثير ممّا مضىٰ، فانّ الدنيا تجتاز مرحلة النضوج إلىٰ مرحلة الهرم، فيصح عند ذلك جعل البعثة من علائم القيامة.

وربما يفسر بشقّ القمر في قوله سبحانه:( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ ) .(٣)

وربما يفسر بنزول القرآن الكريم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وعلىٰ كلّ حال فهذه الآية تحكي عن تحقّق بعض علائم الساعة.

٢.( قَالَ هَٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ) .(٤)

فسياق الآية تحكي عن أنَّ ذا القرنين بنى سداً منيعاً للحيلولة دون هجوم يأجوج ومأجوج، بناه من زبر الحديد، قال سبحانه:( حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ

__________________

١. لسان العرب: ٧ / ٣٢٩، مادة شرط.

٢. مجمع البيان: ٥ / ١٠٢.

٣. القمر: ١.

٤. الكهف: ٩٨.

١٨٨

الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا *فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ) .(١)

ثمّ أردف هذه الآيات بقوله:( هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ ) فاندكاك السدّ من أشراط الساعة غير أنّه لم يعلم أنّه من القسم الأوّل الذي يتحقق مع وجود الإنسان على الأرض أو من القسم الثاني.

ولعلّ الآية التالية تكشف اللثام عن وجه الحقيقة.

٣.( حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ *وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ) .(٢)

إنّ قوله سبحانه في هاتين الآيتين:( حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ) بمنزلة قوله سبحانه في الآية السابقة:( فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ ) وحيث إنّ الآيتين تحكيان عن استيلاء يأجوج ومأجوج على السدّ، وانسلالهم من الاتلال والأحداب إلىٰ ذلك الجانب، فيعلم أنّ الدكّ إنّما يتحقق قبل قيام الساعة والإنسان بعدُ في الدنيا، فيكون من أشراط الساعة والصنف الأوّل منها.

٤.( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) .(٣)

والمراد أنّ نزول عيسىٰ من أشراط الساعة يعلم بها قربها( فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا ) بالساعة فلا تكذّبوا بها ولا تشكّوا فيها. والقراءة المعروفة هي العلم على وزن الحلم، وقرأ ابن عباس وقتادة والضحاك « علم » علىٰ وزن سلف بمعنى العلامة.(٤)

__________________

١. الكهف: ٩٦ ـ ٩٧.

٢. الأنبياء: ٩٦ ـ ٩٧.

٣. الزخرف: ٦١.

٤. مجمع البيان: ٩ ـ ١٠ / ٨٢.

١٨٩

غير أنّ هناك بحثاً آخر وهو أنّ نزول عيسىعليه‌السلام من أعلام القيامة وأشراطها، فهل المراد تولده ثمّ بعثه إلى بني إسرائيل ؟ أو المراد هو نزوله عند ظهور المهدي ؟ يظهر من بعض الروايات أنّ المراد هو المعنى الثاني.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم، وإمامكم منكم ».

وروي أيضاً أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « لا تزال طائفة من أُمّتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين إلىٰ يوم القيامة، فينزل عيسىٰ، فيقول أميرهم: تعال صلِّ بنا. فيقول: لا، إنّ بعضكم على بعض أُمراء، تَكْرمَة الله هذه الأُمّة ».(١)

وهناك احتمال آخر وهو أنّ الهدف من سرد قصة المسيحعليه‌السلام وحياته هو إزاحة الشكّ والغموض عن قيام الساعة، لأنّ حياة المسيح منذ ولادته إلى عروجه معجزة من معاجز الله تبارك وتعالى، فالقيامة أيضاً كذلك، فلا معنى للتبعيض بينهما، ويؤيد ذلك الاحتمال قوله في الآية:( فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا ) .

يقول الطباطبائي في تفسيره: إنّ عيسى يعلم به الساعة في خلقه من غير أب وإحيائه الموتى فيعلم به أنّ الساعة ممكنة فلا تشكّوا في الساعة ولا ترتابوا فيها البتة.(٢)

وهذا التفسير لا ينافي التفسير الأوّل، إذ لا منافاة بين أن يكون المسيح بوجوده دليلاً على إمكان القيامة وفي الوقت نفسه آية من آياتها.

٥.( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ *يَغْشَى النَّاسَ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ *رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ *أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ *ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ *إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ *

__________________

١. جامع الأُصول لابن الأثير: ١١ / ٤٧ ـ ٤٨.

٢. الميزان: ١٨ / ١١٨.

١٩٠

يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ) .(١)

هذه الآيات السبع تخبر عن حوادث في مقاطع زمانية خاصة :

١. مجيء السماء بدخان مبين.

٢. استيلاء العذاب المبين على الناس.

٣. تضرّع الناس إلى الله بغية كشف العذاب عنهم.

٤. موافاة الجواب بتكذيبهم رسول الله ورميه بالجنون.

٥. كشف العذاب عنهم قليلاً وعودهم إلى ما كانوا عليه.

وقد اختلفت كلمة المفسرين في الزمان الذي تتحقق فيه تلك الحوادث، وهم على رأيين :

أ. هذه الحوادث تتحقق قبل القيامة وهي من أشراط الساعة ويدل عليه الآية التالية الواقعة بعد هذه الآيات:( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ ) (٢) فانّ توصيف البطشة بالكبرى يناسب يوم القيامة. قال سبحانه:( فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَىٰ ) (٣) ، وقال:( فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ ) (٤) وعندئذ تنسجم الآيات من حيث المضمون. ويكون المراد أنّ هؤلاء مع ما رأوا العذاب بأُمّ أعينهم طلبوا كشف العذاب، فكشفنا عنهم العذاب قليلاً، ولكنّهم لم يعتبروا بالحوادث المريرة، فلما حان يوم القيامة انتقم منهم سبحانه، كما يقول:( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ) .

وعلى ضوء ذلك التفسير تكون الآيات الست من أشراط الساعة والآية

__________________

١. الدخان: ١٠ ـ ١٦.

٢. الدخان: ١٦.

٣. النازعات: ٣٤.

٤. الغاشية: ٢٤.

١٩١

السابعة راجعة إلىٰ نفس القيامة.

ب. وهناك رأي آخر ذكره المفسّرون، وهو: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا علىٰ قومه لـمّا كذّبوه، فقال: اللّهمّ سنين كسنيّ يوسف، فأجدبت الأرض فأصابت قريشاً المجاعة، وكان الرجل لـِما به من الجوع يرىٰ بينه وبين السماء كالدخان، وأكلوا الميتة والعظام ثمّ جاءوا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقالوا: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم وقومك قد هلكوا فلتسأل الله تعالىٰ لهم بالخصب والسعة فكشف عنهم، ثمّ عادوا إلى الكفر.

فعلى ضوء ذلك فالمراد من البطشة الكبرىٰ، هي غزوة بدر التي انتقم الله منهم في ذلك اليوم.

ويحتمل على ضوء هذا التفسير أن يراد منه يوم القيامة أيضاً كما في التفسير الأوّل.

أقول: هذا التفسير بعيد عن الصواب لوجهين :

الوجه الأوّل: انّ قوله سبحانه:( يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ) هي صيرورة السماء دخاناً لا أنّ الناس يرونها دخاناً لأجل الجوع والعطش كما في التفسير الثاني.

الوجه الثاني: انّ أهل السير لم يخبروا عن هذه الحادثة في عصر الرسول عندما كان في موطنه، على أنّ خلقه العظيم وسعة صدره يأبيان عن الدعاء علىٰ قومه، كيف وقد كُسرت رباعية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله السفلىٰ وشقّت شفته وكُلِم في وجنته وجبهته في أُصول شعره من قبل المشركين يوم أُحد ومع ذلك لم ينبس عليهم ببنت شفة وما دعا عليهم، والكلام الذي كان يتردّد علىٰ شفتيه، هو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللّهمّ اهدِ قومي فانّهم لا يعلمون ».

١٩٢

وحاصل التفسيرين: أنّه طبقاً للتفسير الأوّل يكون المراد من اليوم في قوله:( يَوْمَ تَأْتِي ) هو قبيل القيامة، كما يكون المراد من اليوم في قوله:( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ ) هي يوم القيامة.

وعلى التفسير الثاني يكون اليومان متقاربين في عصر الرسول، غير أنّ الأوّل يعد من أيام قبل الهجرة، والثاني من أيام بعد الهجرة أي يوم بدر.

٦.( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ *وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ) .(١)

وفي هذه الآية مواضع للتساؤل.

الأوّل: ما هو المراد من قوله سبحانه:( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) ؟

الثاني: ما هو المراد من الدابة الخارجة من الأرض ؟

الثالث: ما هو المراد من قوله:( تُكَلِّمُهُمْ ) وماذا يقول لهم ؟

الرابع: ما هو المقصود من الآيات الواردة في آياتنا ؟ فهل هي آيات تكوينية أو المراد المعاجز والكرامات ؟

الخامس: ما هو الهدف لإخراج الدابة من الأرض، وهل الهدف جلب المعاندين إلى حظيرة الإسلام أو إيجاد الحسرة في قلوب الكافرين ؟

السادس: ما هو المراد من قوله:( أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ ) ؟ فهل هو علّة لنزول العذاب الذي يدلُّ عليه قوله:( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) ، أو هو مقول قول الدابة ؟ أو غير ذلك ؟

هذه الاستفسارات تحوم حول الآية، وليس في الذكر الحكيم آية تعد نظيرتها

__________________

١. النمل: ٨٢ ـ ٨٣.

١٩٣

حتى تفسر إحداهما بالأُخرى.

يقول العلّامة الطباطبائي: ولا نجد في كلامه تعالى ما يصلح لتفسير هذه الآية وانّ هذه الدابة التي سيخرجها لهم من الأرض فتكلمهم ما هي ؟ وما صفتها ؟ وكيف تخرج ؟ وماذا تتكلم به ؟ بل سياق الآية نِعْمَ الدليل علىٰ أنّ القصد إلى الإبهام فهو كلام مرموز فيه.(١)

وعلى الرغم من ذلك فلنقوم بالإجابة على تلك الاستفسارات.

أمّا الأوّل: فالظاهر انّ المراد من قوله:( وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) هو حتمية العذاب، كما يقول سبحانه في نفس تلك السورة:( حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ *وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنطِقُونَ ) .(٢)

ولكن المراد من القول ليس هو القول اللفظي بل القول التكويني الذي يعبّر عنه بلفظة كن، ويعود المعنى حتمية العذاب الخارجي ووقوعه عليهم.

وأمّا الثاني: فالدابة في لغة العرب والقرآن مطلق ما يدبّ في الأرض سواء أكان إنساناً أو حيواناً، قال سبحانه:( وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٣) ومع كونه يطلق لفظ الدابة على الإنسان يحتمل أن يكون المراد منها غيره حتى يكون خروجها من الأرض وتكلمها مع الناس آية أُخرى، ومع ذلك فيبقىٰ مجرد احتمال لا تدعمه الروايات.

وأمّا الثالث: فالظاهر أنّ قوله:( أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ ) مقول

__________________

١. الميزان: ١٥ / ٣٩٦.

٢. النمل: ٨٤ ـ ٨٥.

٣. النور: ٤٥.

١٩٤

قول الدابة فهي تخبر عن عناد المشركين والمنافقين.

وأمّا الرابع: فيحتمل أن يكون المراد من الآيات، الآيات الكونية الدالة على علمه وقدرته وحكمته سبحانه، كما يحتمل أن يكون المراد المعاجز التي تدل بنفسها على صحّة بعثة الأنبياء وصدق دعوتهم من جانب الله سبحانه. وهناك احتمال ثالث وهو انّ المراد هو الكتب السماوية التي أنزلها الله سبحانه مع رسله، ولعلّ الاحتمال الثالث هو الأقوىٰ بالنظر إلىٰ سائر الآيات، قال سبحانه:( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ *وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) (١) فهذه الآيات التي أذعن بها الأئمة وأنكرها المشركون شيء واحد وهو الكتب النازلة من الله سبحانه، بقرينة قوله:( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ) في صدر هاتين الآيتين.

وأمّا الخامس: فلم نجد شيئاً يبيّن الغاية من إخراج الدابة، ولعلّ الهدف تمييز الطيب عن الخبيث، والمؤمن عن الكافر.

وأمّا السادس: أنّ في قوله سبحانه:( أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ ) احتمالين :

احتمال انّه مقول قول الدابة، واحتمال انّه علة لنزول العذاب، وعلى كلّ حال، فقوله سبحانه:( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ) دليل على أنّ هذا الحشر يقع قبل القيامة، لأنّ الحشر في ذلك اليوم يعمّ الجميع، قال سبحانه:( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ) .(٢)

وحصيلة البحث انّ تلك الطائفة من الآيات ذكرت من أشراط الساعة أمرين.

__________________

١. السجدة: ٢٣ ـ ٢٤.

٢. الكهف: ٤٧.

١٩٥

خروج الدابة وتكلّمها مع الناس، حشر فئة من الناس قبل القيامة وقبل نفخ الصور.

٧.( هَلْ يَنظُرُونَ إلّا أَن تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ ) .(١)

إنّ هذه الآيات تحكي عن عناد المشركين وعمىٰ قلوبهم، لأنّهم جعلوا إيمانهم رهن أُمور إمّا غير متحققة أو غير نافعة لحالهم، وهي عبارة عن :

١.إتيان الملائكة إليهم، وقد أخبر القرآن الكريم أنّ نزول الملائكة إليهم يكون مقروناً بالعذاب والهلاك قال سبحانه:( مَا نُنَزِّلُ المَلائِكَةَ إلّا بِالحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُّنظَرِينَ ) .(٢)

٢. إتيانه سبحانه ورؤيتهم له بأُم أعينهم، وهذا أمر محال، ويحتمل أن يكون مرادهم من إتيانه سبحانه هو مجيء يوم القيامة الذي تزاح فيه الأغشية فيتجلّىٰ فيه توحيده وسائر أسمائه، ولو أُريد ذلك لكان الإيمان في ذلك اليوم غير مفيد.

٣. انّهم كانوا منتظرين بعض آيات الله سبحانه كما يحكي عنه قوله:( أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ) ، ويحتمل أن يكون المراد أشراط الساعة أو نفس القيامة.

وعلى كلّ حال فلا ينفع الإيمان في ذلك اليوم.


__________________

١. الأنعام: ١٥٨.

٢. الحجر: ٨.

١٩٦

أشراط الساعة في الروايات والأحاديث

وقد ورد في الروايات أشراط الساعة وهي علىٰ طائفتين :

أ. ما يطرأ على أفكار الإنسان وسلوكه من التغير والتبدل.

ب. الحوادث الخارقة للعادة.

غير انّ دراسة هذه الروايات خارجة عن إطار التفسير الموضوعي فلنكتف برواية واحدة، وهي ما رواه حذيفة بن أسيد، قال :

كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في غرفة ونحن أسفل منه فاطلع إلينا، فقال: « ما تذكرون ؟ » قلنا: الساعة، قال: « إنّ الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف في جزيرة العرب، والدخان، والدّجال، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس ...، ونزول عيسى بن مريم، وريح تلقي الناس في البحر ».(١)

ورواه الصدوق في خصاله بشكل آخر قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في غرفة فاطّلع علينا، فقال: « فيم أنتم ؟ » فقلنا: نتحدّث، قال: « عمّ ذا ؟ » قلنا: عن الساعة.

فقال: « إنّكم لا ترون الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض، وثلاثة خسوف تكون في الأرض: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وخروج عيسى بن مريمعليه‌السلام ، وخروج يأجوج ومأجوج، وتكون في آخر الزمان نار تخرج من اليمن من قعر الأرض لا تدع خلفها أحداً تسوق الناس إلى المحشر كلّما قاموا قامت لهم

__________________

١. صحيح مسلم: ٨ / ١٧٩، باب في الآيات التي تكون قبل الساعة من كتاب الفتن.

١٩٧

تسوقهم إلى المحشر ».(١)

وأمّا الروايات الحاكية عن طروء التغيّر والتبدّل على حياة الناس وسلوكهم شياع الفساد والعصيان فكثيرة جمعها العلامة المجلسي في البحار.(٢)






















__________________

١. البحار: ٦ / ٣٠٤، باب اشراط الساعة، حديث ٣.

٢. بحار الأنوار: ٦ / ٥٠٥، باب أشراط الساعة، حديث ٦.

١٩٨





الفصل الخامس عشر :

مشاهد الساعة

قد عرفت أشراط الساعة وهي الحوادث التي تتحقّق، قبيل القيامة، بقي الكلام في مشاهد الساعة أعني الحوادث التي تتزامن مع قيامها وهي عدّة أُمور أشار إليها الذكر الحكيم. وليعلم انّ كلّ ممكن في هذه النشأة لم يكتب له البقاء والخلود بل يفنىٰ إذا بلغ أجله، قال سبحانه:( مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إلّا بِالحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ ) (١) ، وفي آية أُخرى:( مَّا خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إلّا بِالحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ) .(٢)

وعلىٰ ضوء ذلك يذكر القرآن الكريم مشاهد الساعة وانّه كيف تنشق السماء وتنفطر، وتنشق الأرض وينهار النظام السائد، إلىٰ غير ذلك من مشاهدها التي نذكرها تباعاً.

١. سير الشمس والقمر إلى أجل مسمّى

إنّ الشمس والقمر من الأجرام السماوية ولكلّ واحد أجل معين، فإذا جاء

__________________

١. الأحقاف: ٣.

٢. الروم: ٨.

١٩٩

أجلهما يتوقفان عن السير وبالتالي يزول نظامهما، قال سبحانه:( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ) .(١)

٢. الأجل المحدود لعمر الإنسان

إنّ لكلّ إنسان أجلاً محدَّداً فإذا انتهت حياته إلى ذلك الحد، ينطفئ مصباح عمره، يقول سبحانه:( اللهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ) .(٢)

فمطيّة الموت تنوخ عند عتبة كلّ إنسان شاء أم أبىٰ.

٣. أجل الأُمم

القرآن يذكر أنّ لكلّ أُمّة أجلاً كما أنّ لكلّ فرد أجلاً خاصاً، فللأُمم حياة وموت، وبزوغ حضارة وأُفولها، يقول سبحانه :

( لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) .(٣) وقد تكرر هذا المضمون في سور أُخرى.(٤)

وهذه الآيات توحي إلىٰ أنّ مجموعة الظواهر الكونية كتب عليها البقاء إلىٰ أجل مسمّى، فإذا جاء أجلها قضي علىٰ حياتها ووجودها.

طروء حوادث في الكون عند قيام الساعة

ينص القرآن الكريم على أنّ قيام الساعة يتزامن مع حوادث كونية يضمحل فيها النظام الكوني وينهار، وهذه الحوادث هي كالتالي :

__________________

١. لقمان: ٢٩.

٢. الزمر: ٤٢.

٣. يونس: ٤٩.

٤. لاحظ: الأعراف: ٣٤ ; الحجر: ٥ ; المؤمنون: ٤٣.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403