إستقصاء الإعتبار الجزء ١

إستقصاء الإعتبار11%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-173-7
الصفحات: 501

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 501 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 50182 / تحميل: 5434
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٧٣-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « الكرّ من الماء الذي لا ينجّسه شي‌ء ألف ومائتا رطل ».

فلا ينافي هذا الخبر ما تقدّم من الأخبار ، لأنّا كنّا ذكرنا في كتاب تهذيب الأحكام(١) أنّ العمل على هذا الخبر على ما نصره الشيخرحمه‌الله وحملنا ما ورد من التحديد بالأشبار على أن يكون مطابقا لذلك ، بأن يكون مقدارها المقدار الذي يطابقها ، فكأنّه جعل لنا طريقان ، أحدهما : أن نعتبر الأرطال إذا كان لنا طريق إليه ، وإذا لم يكن إلى ذلك طريق : اعتبرنا الأشبار لأنّ ذلك لا يتعذّر على حال من الأحوال.

وكأن الشيخرحمه‌الله اختار في الأرطال أن تكون بالبغدادي ، وغيره من أصحابنا اعتبر أن تكون بالمدني (٢) ، وليس ها هنا خبر يتضمن ذكر الأرطال غير هذا الخبر ، وهو مع ذلك أيضا مرسل وإن تكرّر في الكتب ، والأصل فيه ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، والقول باعتبار الأرطال البغدادية أقرب إلى الصواب ؛ لأنّها تقارب المقدار الذي اعتبرناه في الأشبار ، وإذا اعتبرنا المدني بَعُدَ التقارب بينهما ، فالعمل بذلك أولى لما قدّمناه .

السند‌

طريق الشيخ إلى محمد بن أحمد بن يحيى متعدد ، فمنه الحسين بن عبيد الله ( عن أحمد بن محمد بن يحيى ، عن أبيه محمد بن يحيى ، عن‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤١ / ١١٣.

(٢) كالصدوق في الفقيه ١ : ٦.

١٠١

محمد بن أحمد بن يحيى(١) .

والإرسال الواقع عن محمّد )(٢) بن أبي عمير ، قيل(٣) إنه مقبول ، لأنّه لا يرسل إلاّ عن ثقة ، وصرّح به العلاّمة في النهاية(٤) .

وفيه كلام من حيث إنه لو سلّم أنّه لا يرسل إلاّ عن ثقة لا يكون حجّة على غيره ؛ لجواز أنّ يكون المرسل عنه ثقة عنده على حسب ما أدّاه إليه ظنّه ، فلا يكفي المتعبّد بظنّ نفسه ؛ لجواز كون الغير لو علم ذاك المرسل عنه يظهر له ما يخالف ذلك بعد تفحّصه عن الجرح والتعديل ، كما قرّر في الأُصول ، وسيأتي لهذا مزيد بيان إنّ شاء الله تعالى(٥) .

وأنت خبير بأنّ كلام الشيخ الآتي ينافي كون مراسيل ابن أبي عمير ( مقبولة مطلقا ، فدعوى العلاّمة لا بد لها من مستند يصلح للاعتماد ، مع تحقق الخلاف في مراسيل ابن أبي عمير والسبر(٦) من العلاّمة لا يكفي غيره )(٧) .

وما ذكرناه سابقا من جهة الإجماع على تصحيح ما يصح عن ابن أبي عمير لا ينبغي الغفلة عنه ، ( فإنّ كلام الشيخ هنا من أكبر المؤيدات لما قلناه )(٨) .

__________________

(١) الاستبصار ٤ : ٣٢٤ ، مشيخة التهذيب ( التهذيب ١٠ ) : ٧٢.

(٢) ما بين القوسين ساقط من « فض ».

(٣) انظر العدة ١ : ١٥٤.

(٤) نهاية الوصول إلى علم الأُصول ، مخطوط.

(٥) يأتي في ص ٢٠٨.

(٦) في « فض » : في السرّ ، وفي « د » : والسير ، والظاهر ما أثبتناه.

(٧) ما بين القوسين ليس في « د ».

(٨) ما بين القوسين ليس في « د ».

١٠٢

فإنّ قلت : ظاهر كلام النجاشي الاتفاق على قبول مراسيل ابن أبي عمير(١) فلعله مستند العلاّمة وغيره(٢) .

قلت : كلام النجاشي لا يدل على ذلك ، لأنّه قال : قيل : إنّ أُخته دفنت كتبه في حال استتارها وكونه في الحبس أربع سنين ، فهلكت الكتب ، وقيل : بل تركها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت ، فحدّث من حفظه وممّا كان سلف له في أيدي الناس ، فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله.

وغير خفيّ أنّ إرادة قبول المراسيل من هذا الكلام لا وجه لها ، لأنّ ذهاب الكتب لا يقتضي قبول المراسيل.

بل الذي يظهر لي أنّ الغرض من السكون إلى مراسيله عدم القدح فيه بسبب عدم الضبط ، حيث إنّ كثرة الإرسال قد يظنّ منها ذلك ، ومثل هذا لو قصد به قبول المراسيل يعدّ من قبيل اللغو ، فكيف يصدر من مثل النجاشي؟.

فإنّ قلت : النجاشي إنّما ذكره بلفظ « قيل » فلا يضرّ بحاله.

قلت : إذا كان الأمر كذلك زالت الدلالة من كلامه ، ولا يبعد أنّ يكون النجاشي نقل القول لما ذكرناه ، فليتأمّل‌

المتن :

يدل في الجملة على كمّيّة الكرّ بالوزن ، وقد ادّعي الاتفاق على أنّ الكميّة ألف ومائتا رطل(٣) ، وإنّما الخلاف في المراد من الرطل هو العراقي‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٢٦ / ٨٨٧.

(٢) الشهيد في الذكرى ١ : ٤٩ ، والمحقق البهائي في الزبدة : ٦٣.

(٣) معالم الفقه : ٧.

١٠٣

أو المدني ، قيل : والرطل العراقي مائة وثلاثون درهما ، والمدني مائة وخمسة وتسعون ، فيكون العراقي ثلثي المدني(١) .

وحجة القائلين بالعراقي(٢) : أنّ حمل الخبر على ذلك يوجب تقارب المساحة والوزن ، فهو أولى ، وأُيّد برواية ابن مسلم الصحيحة الآتية(٣) كما ذكره الشيخ ، وبأنّ الأصل طهارة الماء ، خرج ما نقص عن العراقية بالإجماع فيبقى ما عداه.

واحتجّ القائلون بالمدنية(٤) : بأنّها مقتضى الاحتياط ، لأنّ الحمل على الأكثر يدخل فيه الأقل ، وبأنّهعليه‌السلام كان من أهل المدينة ، فالظاهر أنّه يجيب بما هو المعهود عنده.

وعورض الاحتجاج بالوجه الأوّل : بأنّ المكلف مع تمكّنه من الطهارة المائية لا يشرع له العدول إلى الترابية ، ولا يحكم بنجاسة الماء إلاّ بدليل شرعي ، فإذا لم يتمّ على النجاسة فيما نحن فيه دليل كان الاحتياط في استعمال الماء لا في تركه.

وأمّا الوجه الثاني : فبأنّ المهمّ في نظر الحكيم رعاية ما يفهم السائل(٥) ، وسيأتي إنّ شاء الله بيان الحال في الاستدلال عند ذكر الشيخ له(٦) .

__________________

(١) كما في معالم الفقه : ٧.

(٢) منهم المفيد في المقنعة : ٤٢ ، والشيخ في المبسوط ١ : ٦ ، والمحقق في المعتبر ١ : ٤٧ ، والعلاّمة في المختلف ١ : ٢٣.

(٣) في ص ١٠٣.

(٤) منهم الصدوق في الفقيه ١ : ٦ ، والسيد في الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٧٩ ، واستدل لهم العلاّمة في المختلف ١ : ٢٣.

(٥) كما في الحبل المتين : ١٠٧.

(٦) راجع ص ١٠٦ ١٠٧.

١٠٤

وإذا عرفته مجملاً فما قاله الشيخرحمه‌الله في أوّل الأمر يقتضي ما ذكرناه في النقل عن البعض ، من مقاربة المساحة والوزن ، إلاّ أنّ قوله : فكأنّه جعل لنا طريقان ، إلى آخره ، قد يقال : إنّه لا يوافق ذلك ، من حيث إنّ المساحة إذا قاربت الوزن فكل منهما كاف ، والحال أنّه قرر ما يقتضي أنّ العدول إلى الأشبار ، إذا لم يكن لنا طريق إلى المساحة.

ولا يبعد أن يكون غرض الشيخرحمه‌الله بيان أنّ الكميّة وإن تقاربت ، إلاّ أنّ الوزن أضبط ، فلا يعدل عنه إلاّ مع تعذّره ، على أن يكون التوجيه منه ، لا من الخبرين الدّال أحدهما على الوزن والآخر على المساحة ، إذ لا يخرجان عن إفادة التخيير.

لكن لا يخفى أنّ الشيخ مطالب بالدليل.

ثم قوله : وكأنّ الشيخ اختار ، إلى آخره ؛ لا يخلو من القصور في التعبير ، لأنّ الشيخ صرّح في المقنعة بالعراقي(١) ، وإنّما مراد الشيخ هنا الإشارة إلى وجه اختياره العراقي على المدني ، مع كون الخبر بالوصف الذي ذكره ، والوجه هو المقاربة.

ولقائل أن يقول : إنّ المقاربة بالأشبار إن كان المراد بها الثلاثة والنصف ، فالروايات المذكورة غير مختصّة بذلك ، وإن كان مطلق الأشبار فالمقاربة غير حاصلة ، فتخصيص المقاربة ببعض الروايات غير ظاهر الوجه.

ولعلّ المراد أنّ اعتبار المدني يبعد عن جميع الأخبار ، بخلاف العراقي فإنّه يقرب إليها ، ويبقى ترجيح أحد الروايات يحتاج إلى مرجّحٍ ،

__________________

(١) المقنعة : ٤٢.

١٠٥

ولا يخفى عليك الحال.

قولهرحمه‌الله :

ويقوي هذا الاعتبار أيضاً : ما رواه ابن أبي عمير قال : روي لي عن عبد الله يعني ابن المغيرة يرفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام : « أنّ الكرّ ستمائة رطل ».

وروى هذا الخبر محمد بن علي بن محبوب ، عن العباس ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قلت له : الغدير فيه ماء مجتمع ، تبول فيه الدوابّ ، وتلغ فيه الكلاب ، ويغتسل فيه الجنب ، قال : « إذا كان قدر كرّ لم ينجّسه شي‌ء ، والكرّ ستمائة رطل ».

السند‌

أمّا الأوّل : فطريق الشيخ إلى ابن أبي عمير ، عن الشيخ المفيد ، والحسين بن عبيد الله ، جميعاً عن جعفر بن محمد بن قولويه ، عن أبي القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسوي ، عن عبيد الله بن أحمد بن نهيك ، عن ابن أبي عمير(١) .

وفي هذا الطريق جعفر بن محمد العلوي ، وهو غير موصوف بالثقة ، نعم في النجاشي هو موصوف بالصالح في ترجمة محمد بن أبي عمير(٢) ، والوصف لا يفيد المطلوب كما لا يخفى.

__________________

(١) مشيخة التهذيب ( التهذيب ١٠ ) : ٧٩.

(٢) رجال النجاشي : ٣٢٧ / ٨٨٧.

١٠٦

ثمّ الحديث أيضاً مرسل ومرفوع ، واشتمال السند على ابن أبي عمير ، وابن المغيرة المجمع على تصحيح ما يصح عنهما نفعه(١) موقوف على تقدير تسليم إرادة ما سبق فيه القول(٢) على الصحة إليهما ، كما هو واضح.

وأمّا الثاني : فالطريق إلى محمد بن علي بن محبوب ، عن الحسين ابن عبيد الله ، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن أبيه محمد بن يحيى ، عن محمد بن علي بن محبوب ، وقد علمت القول فيه(٣) ، وسلامة طريق الفهرست(٤) من الارتياب مضى القول فيها وفي العبّاس أيضاً(٥) ، والحديث مجزوم بصحته(٦) .

المتن :

لا يتمّ الكلام فيه إلاّ بذكر ما قرّره الشيخرحمه‌الله .

قوله : ووجه الترجيح بهذا الخبر في اعتبار الأرطال العراقية ، أن يكون المراد به رطل مكة ، لأنّه رطلان ، ولا يمتنع أن يكونواعليهم‌السلام أفتوا السائل على عادة بلده ، لأنّه لا يجوز أن يكون المراد به أرطال أهل العراق ، ولا أرطال أهل المدينة ، لأنّ ذلك لم يعتبره أحد من أصحابنا ، فهو متروك بالإجماع.

فأمّا ترجيح معتبر أرطال المدينة بأن قال : ذلك يقتضيه الاحتياط ، لأنّا‌

__________________

(١) ليست في « فض » و « د ».

(٢) راجع : ص ٩٥ ١٠١.

(٣) راجع : ص ٦٦ ، ٦٣ ٦٤.

(٤) الفهرست : ١٤٥ / ٦١٣.

(٥) راجع ص ٦٤.

(٦) في « رض » زيادة : عند البعض.

١٠٧

إذا حملناه على الأكثر دخل الأقل فيه ؛ غير صحيح ؛ لأنّ لقائل أنّ يقول : إنّ ذلك ضدّ الاحتياط ، لأنّه مأخوذ على الإنسان أنّ لا يؤدّي الصلاة إلاّ بأن يتوضّأ بالماء مع وجوده ، ولا يحكم بنجاسة ماء موجود إلاّ بدليل شرعي ، ولا خلاف بين أصحابنا أنّ الماء إذا نقص عن المقدار الذي ذكرناه فإنّه ينجس بما يقع فيه(١) .

وأمّا ما رجّح به من عادتهم من حيث كانوا من المدينةعليهم‌السلام ؛ فليس في ذلك ترجيح ؛ لأنّهم كانوا يفتون بالمتعارف من عادة السائل وعرفه ، ولأجل ذلك اعتبرنا في أرطال الصاع تسعة أرطال بالعراقي وذلك خلاف عادتهم ، وكذلك الخبر الذي تكلّمنا عليه من اعتبارهم بستمائة رطل إنّما ذلك اعتباراً لعادة أهل مكة ، فهمعليهم‌السلام كانوا يعتبرون عادة سائر البلاد حسب ما يسألون عنه.

أقول : قد عرفت ممّا قدّمناه محصّل الحجّة ومعارضها ، والشيخرحمه‌الله قد أطال المقال في التوجيه بما يرجع حاصله :

أولاً : أنّ محمد بن مسلم طائفي ، وهو داخل في أهل مكة بالقرب ، فإذا أفتوه على عادة بلده كانت الأرطال في الرواية مكّيّة ؛ ووجه ذلك أنّه لو أُريد أرطال العراق أو أرطال المدينة خالف الإجماع ، أمّا أرطال العراق فظاهره عدم القائل بها ، وأمّا أرطال المدينة فلأنها تبلغ تسعمائة بالعراقي ، ولا قائل به أيضا.

وأمّا ثانيا : فلأنّ معتبر أرطال المدينة ( فيما دل على الألف ومائتي‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ١٢ زيادة : وليس ههُنا دلالة على أنّه إذا زاد على ما اعتبرناه فإنّه ينجس بما يقع فيه.

١٠٨

رطل )(١) قد استدل عليه بما لا يتمّ ، وهو أنّه مقتضي الاحتياط.

واعترض عليه : بأنّ هذا ضدّ الاحتياط ؛ لأنّ العدول إلى التيمم بتقدير أنّ لا يوجد غير هذا الماء ، وقد أصابته نجاسة ، وهو ألف ومائتا رطل بالعراقي يحتاج إلى دليل ، ولمّا كان الإجماع منعقداً على نجاسة ما دون هذا المقدار من العراقي تحقق الدليل ، والذي هو بالغ هذا المقدار لا إجماع عليه ، فيجب استعماله في الوضوء(٢) .

وأمّا ثالثاً : فما قاله مرجِّح المدني : من أنّه ينبغي الجواب على عادتهم وهم من أهل المدينة ، فيه : أنّهم كانوا يفتون بعادة السائل كما يعلم من المواضع التي وافق عليها المستدل في مثل الصاع ، وقوله : وكذلك الخبر ؛ ليس من مواضع الاستدلال ، بل بيان حاصل المطلوب إثباته ، فلا يتوجه عليه ما هو ظاهر.

نعم قد يقال عليه : أوّلاً : إنّ الستمائة إذا اعتبرت بالمدنية قاربت بعض الروايات الدالة على المساحة ، والعامل بتلك الروايات لو حمل هذه على المدنية لا بعد فيه ، والمقاربة لا يشترط فيها المساواة من كل وجه.

وثانياً : ما ذكره من أنّه مأخوذ على الإنسان ، إلى آخره ، فيه : أنّه مشروط على الإنسان أنّ لا يستعمل إلاّ الماء الطاهر ، وقد شُرِط عليه أنّ يعلم بالكرّيّة ، وبالأقل لا إجماع على الكرّيّة بخلاف الأكثر.

وثالثاً : ( إنّ مجرد موافقة عادة السائل محض الدعوى ، بل الأولى أن يوجّه بما قيل : من )(٣) أنّ المناسب هو عادة السائل ، لاحتياجه على تقدير‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « د ».

(٢) راجع ص ١٠٥.

(٣) ما بين القوسين ساقط من « فض » و « د ».

١٠٩

عادة المسئول إلى زيادة السؤال ، وهو تكليف ، والأصل خلافه.

وكون الصاع بالعراقي إنّ ثبت الإجماع عليه أو غيره من الأدلّة فهو الحجة ، وإلاّ فهو من محلّ النزاع ، فليتأمّل.

قوله :

باب حكم الماء الكثير إذا تغيّر أحد أوصافه

إمّا اللون ، أو الطعم ، أو الرائحة.

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يمرّ بالماء وفيه دابّة ميتة قد أنتنت ، قال : « إذا كان النتن الغالب على الماء فلا يُتوضّأ ولا يُشرب ».

السند‌

قد تقدم القول في رجاله الذين فيهم الارتياب(١) .

وأمّا سماعة : فهو ثقة ثقة على ما ذكره النجاشي(٢) ، لكن الشيخ في كتاب الرجال ذكره في رجال الكاظمعليه‌السلام ، وقال : إنّه واقفي(٣) ، وعليه اعتمد المتأخّرون(٤) بناءً على أنّه لا منافاة بين التوثيق وكونه واقفيا ، إذ من المقرّر‌

__________________

(١) راجع ص ٣٩ ، ٤١ ٤٣.

(٢) رجال النجاشي : ١٩٣ / ٥١٧.

(٣) رجال الطوسي : ٣٥١ / ٤.

(٤) رجال ابن داود : ٢٤٢ ، خلاصة العلاّمة : ٢٢٨ ، المدارك ٢ : ١٧٤.

١١٠

أنّ الجرح والتعديل إذا أمكن الجمع بينهما لا يحتاج إلى الترجيح.

وفي هذا بحث : من حيث إنّ النجاشي قد عُلم من طريقته عدم الاقتصار على توثيق من هو واقفي أو فطحي ونحوهما ، ليقال : إنّه ترك ذكر الوقف في سماعه لذلك ، بل الظاهر أنّه لم يثبت عنده ذلك ، وحينئذ يتعارض الجرح والتعديل ، والنجاشي يقدّم على الشيخ في هذه المقامات ، كما يعلم بالممارسة ، وقد رأيت بعد ما ذكرته كلاماً لمولانا أحمد الأردبيلي قدّس الله روحه يدلّ على ذلك ، واعتمد على نفي الوقف(١) ، ونحوه عن جماعة ، والحق أحقّ أنّ يتّبع.

إلاّ أنّي وجدت الآن في الفقيه التصريح بأنّ سماعة واقفي في موضعين من كتاب الصوم(٢) ، فيترجّح قول الشيخ.

فإنّ قلت : كيف يخفى على النجاشي قول الصدوق في الفقيه مع تكرّره فيه ، وهل هذا يوجب نوع ارتياب في عدم ذكر النجاشي الوقف في سماعه ( وغير الوقف في غير سماعة؟ )(٣) والحال أنّك وجّهت الاعتماد على قول النجاشي في جماعة من الرواة ، حيث لم يذكر فساد المذهب.

قلت : لا يبعد أنّ يكون النجاشي لم يرجّح الوقف في سماعه وإن ذكره الصدوق مكرّراً ، لوجود معارض لقول الصدوق يوجب ذلك(٤) .

فإنّ قلت : ما وجه ردّ الصدوق الروايات الواردة عن سماعة بأنّه واقفي ، والحال أنّ عمله ليس من جهة الصحة الاصطلاحية ، ليحتاج إلى أن‌

__________________

(١) لم نعثر على نصّ يفي بذلك ، غير أنّه قال في مجمع الفائدة ( ٥ : ٩٣ ) : ولصحيحة أبي بصير وسماعة. لكنّه صرّح بكونه واقفياً في مواضع ، منها في ج ١ : ١٥٧ و ٣ : ٦٨ و ١١٥.

(٢) الفقيه ٢ : ٧٥ ، ٨٨.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض » و « د ».

(٤) في « رض » زيادة : والحكم بالترجيح مباحاً لاحتمالٍ ما ، وإن كان في البين كلام.

١١١

يقول : إنّه واقفي.

قلت : لا يبعد أنّ يكون غرضه بذكر الوقف ليس لبيان أنّ الردّ بسببه خاصة ، فلو انتفى عمل بالرواية ، بل لأنّ هذا الوجه من الضعف أظهر من غيره ، وحينئذ فيه دلالة على أنّ من اتصف بفساد المذهب وإنّ كان ثقة لا يعمل بقوله ( عند الجميع ، كما قد توهمه عبارة البعض )(١) .

فإنّ قلت : من أين ( ثبوت التوثيق عند الصدوق ليقال : )(٢) إنّه غير عامل بقول سماعة مع كونه ثقة؟

قلت : من المستبعد أنّ يكون موثّقا في النجاشي مرّتين ، ولم يكن موثّقا عند الصدوق أصلا.

ولئن قيل : إنّه لا مانع من ذلك فإنّ الشيخ لم يوثّقه والنجاشي قريب من الشيخ ، فالبعيد عنه كالصدوق أولى.

أمكن أنّ يجاب بالفرق بين المراتب.

فإنّ قلت : قد ردّ الصدوق رواية سماعة مع زرعة بالوقف فيهما ، والحال أنّ الشيخ في زرعة ذكر في الطريق إليه محمد بن علي بن بابويه(٣) ، فكيف يروي عنه الصدوق وقد ردّ روايته في الفقيه؟(٤) .

قلت : الرواية عن الشخص لا دخل لها بالعمل.

نعم قد يشكل الحال بأنّ الصدوق روى عن سماعة في الفقيه بكثرة ، وكذا عن زرعة عن سماعة ، مع أنّه عامل بما رواه ، فردّ البعض بوقف‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٣) الفهرست : ٧٥ / ٣٠٣.

(٤) الفقيه ٢ : ٧٥.

١١٢

سماعة دون البعض قد يوجب الارتياب.

إلاّ أنّ الحق دفعه : بأنّه غير عامل بالخبر من حيث الراوي ، بل من القرائن.

وما عساه يقال : إنّ ردّ الرواية بالوقف حينئذ لا وجه له ؛ جوابه ما قدّمناه ، فليتأمّل هذا كله.

وما قد يتوهّم : من الاشتراك في سماعه بين سماعة بن عبد الرحمن الذي ذكره الشيخ في رجال الصادقعليه‌السلام وسماعة الحناط كذلك ، مع كونهما غير موثّقين(١) .

يدفعه : أنّ النجاشي قال في سماعة بن مهران : له كتاب يرويه عنه عثمان بن عيسى(٢) .

وهذا وإنّ لم يفد حكما بالنظر إلى ضعف الرواية فيما أظنّ بعثمان بن عيسى ، إلاّ أنّه لا يخلو من فائدة.

المتن :

وإن كان الماء فيه غير مقيّد بالكثير ، ليشكل الحال فيه بأن المفهوم منه أنّ النتن إذا لم يكن الغالب على الماء يتوضّأ منه ويشرب ، إلاّ أنّ غيره من الأخبار يقيّده ، وقد تقدم ما فيه كفاية.

قوله رحمه‌الله :

وأخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن‌

__________________

(١) رجال الطوسي : ٢١٤ / ١٩٧.

(٢) رجال النجاشي : ١٩٣ / ٥١٧.

١١٣

قولويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد وعبد الرحمن بن أبي نجران ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ منه واشرب ، فإذا تغيّر الماء وتغيّر الطعم فلا تتوضّأ منه ولا تشرب ».

السند‌

ليس في ظاهره ارتياب إلاّ في محمد بن قولويه ، فإنّي لم أقف على بيان حاله من سوى النجاشي(١) والعلاّمة تبعاً له ، ( فإنّه قال في الخلاصة )(٢) إنّه من خيار أصحاب سعد(٣) ، والشيخ في رجال من لم يرو عن أحد من الأئمّةعليهم‌السلام قال : محمد بن قولويه الجمال والد أبي القاسم جعفر بن محمد يروي عن سعد بن عبد الله وغيره(٤) .

والوالدقدس‌سره وصفه بالصحة(٥) ، وكذلك شيخنا(٦) قدس‌سره وكأنهما استفادا التوثيق من عبارة النجاشي والخلاصة ، والأمر كما ترى.

وفي كتاب ابن طاوس في الرجال ذكر بعد طريق فيه محمد بن قولويه : ما يقتضي أنّه ثقة(٧) ؛ وحينئذ ربما كان اعتماد الوالدقدس‌سره على‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٢٣ / ٣١٨.

(٢) ما بين القوسين ليس في « رض » و « د ».

(٣) خلاصة العلاّمة : ١٦٤ / ١٨١.

(٤) رجال الطوسي : ٤٩٤ / ٢٢.

(٥) منتقى الجمان ١ : ٢.

(٦) مدارك الاحكام ١ : ٢٨.

(٧) التحرير الطاووسي : ١٣٤.

١١٤

ذلك ؛ وفيه ما فيه.

فإنّ قلت : النجاشي في أيّ محل ذكر ما حكيته؟.

قلت : في ترجمة جعفر بن محمد بن قولويه ، لأنّه قال : جعفر بن محمد بن قولويه يكنّى أبا القاسم ، وكان أبوه يلقب مسلمة ، من خيار أصحاب سعد ، وكان أبو القاسم من ثقات أصحابنا وأجلاّئهم. إلى آخره(١) .

وفي الظنّ أنّ قوله في شأن أبي القاسم : إنّه من الثقات ، مع اقتصاره في أبيه على كونه من خيار أصحاب سعد ، قرينة على عدم استفادة توثيق محمد بن قولويه ، إذ لو كان مشاركا لأبيه في التوثيق لذكر أنّهما من الثقات ، فليتأمّل.

( فإنّ قلت : مع قطع النظر عمّا ذكر هل يستفاد من قوله : إنّه من خيار أصحاب سعد ، التوثيق أم لا؟

قلت : قد صرّح جدّيقدس‌سره في الدراية بعد أنّ نقل عن أهل الفنّ أنّهم اصطلحوا على أنّ ألفاظ التعديل : عدل ، أو ثقة ، أو حجة ، أو صحيح الحديث ، أو ما أدّى معنى ذلك ، أو متقن ، أو ثبت ، أو حافظ ، أو يحتجّ بحديثه ، إلى أنّ قال ـ : أو خيّر ، أو فاضل ، ثم قال ـ : والأربعة الأُول متّفق عليها ، والأقوى في البواقي العدم ، وإن أفاد المدح(٢) . انتهى كلامهقدس‌سره .

وقد يقال : إنّه إنّ أراد بالتعديل ثبوت العدالة فقط من دون نظر إلى القبول ؛ ففيه : أنّ صحيح الحديث عند المتقدّمين لا يدل على العدالة ، كما هو واضح.

وإنّ أُريد العدالة مع القبول ؛ ففيه مع ذكر التصريح باشتراط الضبط‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ١٢٣ / ٣١٨.

(٢) الدراية : ٧٥.

١١٥

في العدل المعبّر عنه بالثقة ، لاشتقاقه من الوثوق ، ولا وثوق لمن يساوي سهوه وذكره ، أو غلب سهوه على ذكره )(١) .

ثم إنّ في الحديث ارتيابا من جهة أُخرى ، وهو أنّ الكلينيرحمه‌الله رواه عن حريز عمّن أخبره(٢) ، وقد اطّلع على ذلك شيخناقدس‌سره فذكره في حواشي الكتاب ، وفي المدارك جزم بالصحة(٣) .

ولا يخلو من إشكال ؛ إذ من المستبعد أنّ يكون حريز روى تارة بواسطة وأُخرى بغيرها ، فيحتمل أنّ يكون الكليني روى أحدهما ، والشيخ روى غيرها.

المتن :

قد تقدم فيه القول(٤) ، وبه يندفع ما قاله البعض : من أن الأخبار ليس فيها دلالة على أنّ تغيّر اللون ينجّس الماء(٥) ، وما تضمّنه مفهوم بعض الأخبار السابقة : من أنّ الماء إذا لم يتغيّر ريحه وطعمه يُشرب منه ويُتوضّأ ، المقتضي لعدم اعتبار اللّون قد تقدم احتمال التلازم(٦) ، وعلى تقدير المنع فالإجماع المدّعى كاف في المقام.

أما ما قد يقال : من أنّ المفهوم إذا عارضه المنطوق لا تبقى صلاحيته للاستدلال.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من « فض » و « د ».

(٢) الكافي ٣ : ٤ / ٣ ، الوسائل ١ : ١٣٧ أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ١ ذ. ح.

(٣) مدارك الأحكام ١ : ٤٣.

(٤) راجع ص ٧٣ ٧٤.

(٥) الحبل المتين : ١٠٦.

(٦) راجع ص ٧٣.

١١٦

ففيه : أوّلاً : أنّ المفهوم بتقدير حجّيته يساوي المنطوق فلا مانع منه ، نعم لو ضادّ حكم المنطوق أمكن ترجيح المنطوق عليه ، وفي المقام لا مضادّة.

وثانياً : أنّ منطوق الحديث المبحوث عنه من قبيل المجمل ، ولا مانع من بيانه بالمفهوم ؛ وفي هذا تأمّل لأنّ الظاهر أنّه ليس من المجمل ، كما لا يخفى.

وينبغي أنّ يعلم أنّ الماء إذا تغيّر بمجاورة النجاسة لا تؤثّر فيه ، لأن رائحة النجاسة ليست بنجسة ، كما ذكره الأصحاب(١) .

وقد نقل شيخناقدس‌سره في الاستدلال على أنّ الماء ينجَّس بتغيّر أحد الأوصاف ما هذا لفظه : والأصل فيه الأخبار المستفيضة ، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « خلق الله الماء طهوراً لا ينجّسه شي‌ء إلاّ ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه(٢) »(٣) .

ولم أقف الآن على هذه الرواية مسندة ، ودلالتها على اللون ظاهرة ، وربما يحصل نوع شك في حكم التغيّر بالمجاورة ، ليس في ذكره هنا كثير فائدة.

قولهرحمه‌الله :

فأمّا ما رواه محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن حماد (٤) عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) معالم الفقه : ١٧.

(٢) رواه في السرائر ١ : ٦٤ ، وقال : إنّه متّفق على روايته ، وفي المعتبر ١ : ٤٠ ، ٤١ ، الوسائل ١ : ١٣٥ أبواب الماء المطلق ب ١ ح ٩ ، سنن البيهقي ١ : ٢٥٧.

(٣) مدارك الأحكام ١ : ٢٨.

(٤) في الاستبصار ١ : ١٣ / ٢٠ : حماد بن عثمان.

١١٧

قال في الماء الآجن : « تتوضأ منه إلاّ أن تجد ماءً غيره ».

فليس ينافي الخبرين الأولين ، لأنّ الوجه في هذا الخبر إذا كان الماء قد تغيّر من قبل نفسه ، أو بمجاورة جسم طاهر ، لأنّ المحظور استعماله هو إذا كان متغيّراً بما يحلّه من النجاسة ، وعلى هذا الوجه لا تنافي بين الأخبار.

السند‌

حسن كما تقدّم(١) .

المتن :

ما ذكره الشيخ فيه لا ريب يعتريه ، بل الذي يظهر من اللغة أنّ الآجن هو ما تغيّر من نفسه ، وقول الشيخ : أو بمجاورة جسم طاهر ؛ قد يوهم أنّ التغيّر لو كان بمجاورة جسم نجس يوجب تنجيسه ، وليس كذلك ، ومراده بالمجاورة وقوع الجسم في الماء ، كما ينبّه عليه قوله : إذا كان متغيّراً بما تحلّه من النجاسة.

ثمّ إنّ كراهة الوضوء بالماء الآجن إذا وجد غيره خالياً من ذلك يستفاد من الرواية على تقدير العمل بها ، ويراد من الكراهة قلّة الثواب بالنسبة إلى الوضوء بغيره ، لا الكراهة بالمعنى المقرّر في الأُصول ، لأنّ العبادة لا يكون تركها أولى ، كما قاله جماعة(٢) .

أمّا ما اعترض به بعض فضلاء المتأخّرين : من أنّه يلزم كون جميع‌

__________________

(١) راجع ص : ٥٢ ٥٣.

(٢) منهم المقدّس الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٤٧ ، ٣٦٥ و ٥ : ١٩٤.

١١٨

العبادات مكروهة ، إذ اعتبار الإضافة فيها إلى ما هو أكمل حاصل(١) .

فجوابه : أنّ الكلام فيما ورد النهي عن فعله ، لا أنّ كل ما كان ثوابه أقل فهو مكروه ، والفرق بين الأمرين واضح.

نعم ربما يقال : إنّ في الرواية دلالة على أنّ مكروه العبادة إنّما يتحقق مع إمكان فعل الأولى ، وقد صرّح به بعض الأصحاب(٢) نظرا إلى أن الاعتبار يساعد عليه ، فليتأمّل.

اللغة :

قال في الصحاح : الآجن : الماء المتغيّر اللون والطعم(٣) ، ( وما نقلناه سابقا عن غير صاحب الصحاح )(٤) .

قوله :

باب البول في الماء الجاري.

أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سألته عن الماء الجاري يبال فيه ، قال : « لا بأس ».

__________________

(١) لم نعثر عليه.

(٢) انظر مجمع الفائدة ٥ : ١٩٤.

(٣) الصحاح ٥ : ٢٠٦٧ ( أحن ).

(٤) ما بين القوسين ليس في « فض » و « د ».

١١٩

السند :

قد تقدّم القول فيه بما يغني عن إعادته(١) .

المتن :

ظاهر في أنّ المطلوب من السؤال هو البول في الماء الجاري ، لا الماء الجاري الذي يبال فيه ، فما ذكره ( الشيخ في التهذيب(٢) ، وتبعه )(٣) جماعة من المتأخّرين في الاستدلال على عدم نجاسة الجاري بالملاقاة وإن كان قليلاً ، نظراً إلى إطلاق الخبر(٤) ؛ غريب.

ثمّ المتبادر من الجاري غير الراكد ، وفي دخول ماء المطر في الجاري احتمال ، وسيأتي في الحديث المعلّل بأنّ للماء أهلاً ، ما يتناوله في تحقق الكراهة فيه(٥) .

قوله :

الحسين بن سعيد ، عن ابن سنان ، عن عنبسة بن مصعب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يبول في الماء الجاري ، قال : « لا بأس به إذا كان الماء جارياً ».

__________________

(١) راجع : ص ١٠٨ ١١٠.

(٢) التهذيب ١ : ٣٤.

(٣) ما بين القوسين ليس في « فض » و « د ».

(٤) منهم المحقق في المعتبر ١ : ٤١ ، والشهيد في الذكرى ١ : ٧٩ ، وصاحب المدارك ١ : ٣٠.

(٥) تأتي في : ص ١٢٢ ١٢٣.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع، فيقول أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما قدروا الله حق قدره.

وروى في ج ٨ ص ١٧٣

عن عبد الله أن يهودياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والخلائق على إصبع، ثم يقول أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قرأ:وما قدروا الله حقّ قدره . قال يحيى بن سعيد وزاد فيه فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجباً وتصديقاً له.

... قال عبد الله جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر والثرى على إصبع والخلائق على إصبع، ثم يقول أنا الملك، أنا الملك فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قرأ:وما قدروا الله حقّ قدره .

- صحيح البخاري ج ٨ ص ١٨٧

... عن عبد الله قال جاء حبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن الله يضع السماء على إصبع والأرض على إصبع والجبال على إصبع والشجر والأنهار على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يقول بيده أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:وما قدروا الله حقّ قدره .

- صحيح البخاري ج ٨ ص ٢٠٢

... عن عبد اللهرضي‌الله‌عنه قال جاء حبر من اليهود فقال: إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والماء والثرى على إصبع والخلائق على إصبع ثم يهزهن، ثم يقول أنا الملك أنا الملك، فلقد رأيت النبي صلى الله عليه

٢٢١

وسلم يضحك حتى بدت نواجذه تعجباً وتصديقاً لقوله، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:وما قدروا الله حق قدره ، إلى قولهيشركون .

- ورواه مسلم في ج ٨ ص ١٢٥ بعدة روايات منها بلفظ البخاري وفيها عبارة (وقال فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه تعجباً لما قال تصديقاً له).

- ورواه أحمد في مسنده ج ١ ص ٣٧٨ وص ٤٢٩ وص ٤٥٧ وذكر في جميع رواياته أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ضحك حتى بدت نواجذه تصديقاً لليهودي! انتهى. ورواه البغوي في معالم التنزيل ج ٤ ص ٨٧ وفي مصابيحه ج ٣ ص ٥٢٣ والمراغي في تفسيره جزء ٢١ ص ٣١

والصنعاني في تفسيره ج ٢ ص ٢٥٠ والأحاديث القدسية ج ٢ ص ٣٩ وأبو الشيخ في طبقات المحدثين ج ١ ص ٢٨٧.. وغيرهم.

- ورواه الطبري في تفسيره ج ٢٤ ص ١٨، بصيغة كأنها ابتداء من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بدون ذكر لليهودي! قال: عن ابن عمر قال سمعت رسول الله (ص) يقول: يأخذ الجبار سمواته وأرضيه بيمينه وقبض يده فجعل يقبضها ويبسطها ثم يقول أنا الجبار أنا الملك، أين الجبارون أين المتكبرون! قال ويميل رسول الله (ص) عن يمينه وعن شماله حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى أني لأقول أساقط هو برسول الله (ص )!

* *

نكتفي بهذا القدر من النصوص عن الخليفة عمر وابنه وأبي موسى الأشعري وابنه، وهي أقدم من جميع نصوص الرؤية والتشبيه والتجسيم!

ومنها يتضح أن الخليفة عمر أول رائد في هذا المجال، وأن كعب الأحبار هو أول مصدر يهودي بعد يهود المدينة تلقى منه الخليفة ومن أطاع الخليفة من المسلمين بشكل رسمي! وكان من أبرز المتأثرين بالخليفة ولده عبد الله وأبا موسى الأشعري

٢٢٢

وولده أبا بكر.ثم جاء الذين من بعدهم فوجدوا طريقاً ممهداً فسلكوه، لأن فتح الخليفة عمر لهذا الباب لم يكن حدثاً عادياً، بل كان وضع أساس من صدر الإسلام لكل من جاء بعده، وفتح (قناة شرعية) بين نهر ثقافة أحبار اليهود ومكتوباتهم لتصب في نهر الإسلام الصافي!

وقد نشطت قناة الخليفة عمر، وصارت مصدراً أساسياً لثقافة المسلمين في عهد معاوية، وشرب الرواة وعلماء السلطة من أفكار كعب وجماعته، وشيدوا أبنيتهم بأحجارها! وهذه آثارها شاخصة في مصادر المسلمين وصحاحهم!

ومن جهة سياسية فقد سببت هذه الأفكار اختلافات في الأمة وانقسامات وصراعات مريرة.. وحاول المؤرخون كعادتهم أن يبرئوا منها السلطة والخليفة ويتهموا بها المعارضة من أهل البيت وشيعتهم، لمجرد أنهم معارضة مكروهون!

و طول البحث لو أردنا تعداد الذين رووا عن اليهود من رواة القرن الأول والثاني.. ومن باب المثال نذكر ما قاله السبكي في طبقات الشافعية ج ٩ ص ٧٣ في رده على ابن تيمية: (.... ثم أفاد المدعي (ابن تيمية) وأسند أن هذه المقالة مأخوذة من تلامذة اليهود والمشركين وضلال الصابئين. قال: فإن أول من حفظ عنه هذه المقالة: الجعد بن درهم، وأخذها عنه جهم بن صفوان، وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية إليه، قال والجعد أخذها عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان من طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت من لبيد اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم. قال: وكان الجعد هذا فيما يقال من أهل حران.

فيقال له: أيها المدعي إن هذه المقالة مأخوذة من تلامذة اليهود، قد خالفت الضرورة في ذلك، فإنه ما يخفى على جميع الخواص وكثير من العوام أن اليهود مجسمة مشبهات، فكيف يكون ضد التجسيم والتشبيه مأخوذاً عنهم!) انتهى.

ويسهل على الباحث أن يلاحظ أن بعض الأحاديث التي استدل بها ابن تيمية وغيره من القائلين بالرؤية بالعين والتشبيه، هي نصوص يهودية أو نصرانية موجودة في مصادرهم، وبعضها الآخر يشم منها رائحة يهودية قوية!

٢٢٣

ومن ذلك الحديثان اللذان أوردهما السبكي في مناقشته لابن تيمية، قال في طبقات الشافعية ج ٩ ص ٥٣: (حديث الرقية: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك. حديث الأوعال: والعرش فوق ذلك كله والله فوق ذلك كله. فقد فهمه هذا المدعي (يقصد ابن تيمية) أن الله فوق العرش حقيقة. انتهى.

وحديث الأوعال هو الحديث الذي يدعي أن الله تعالى يجلس على عرشه وأن الحيوانات تحمل عرشه، تعالى الله عما يصفون، وستأتي رواياته في تفسير قوله تعالى: الرحمن على العرش استوى.

هذا وقد حاول بعض شراح البخاري ومسلم الدفاع عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وإثبات أنه لم يصدق الحاخام بل رد عقيدة اليهود في الله تعالى، ولكنهم ثاروا في وجههم!

- قال في الأحاديث القدسية من الصحاح ج ٢ ص ٤٢

قال القسطلاني: هذا من شديد الإشتباه وقد حمله بعضهم على أن اليهود مشبهة، وروي الحديث من غير واحد فلم يذكروا قوله (ص) إنه تعجب من قول الحبر تصديقاً لقوله بل ذكروا أنه (ص) تعجب من كذب اليهودي. انتهى. وذكرنحوه في إرشاد الساري ج ١٠ ص ٣٨٨ وقال:.... وهذه الأوصاف في حق الله تعالى محال.انتهى.

- وقال النووي في شرح مسلم ٩ جزء ١٧ ص ١٣٠

قوله (فضحك رسول الله (ص) تعجباً مما قال الحبر تصديقاً له، ثم قرأ:وما قدروا الله حق قدره ..) ظاهر الحديث أن النبي (ص) صدق الحبر في قوله إن الله تعالى يقبض السماوات والأرضين والمخلوقات بالأصابع. قال القاضي: وقال بعض المتكلمين ليس ضحكه (ص) وتعجبه تصديقاً للحبر، بل هو رد لقوله وإنكار تعجب من سوء اعتقاده، فإن مذهب اليهود التجسيم.... انتهى. ونحوه في ج ٩ جزء ١٧ ص ١٣١ وفي ج ٢ ص ٤٦

٢٢٤

ولكن جمهور علماء إخواننا السنة لم يقبلوا هذه النقود العلمية لأنها رد لما صرح به البخاري ومسلم، فعصمة هذين الكتابين واجبة عندهم حتى من اشتباهات الرواة والنساخ، وحتى لو استلزم ذلك تهمة النبي بتصديق اليهود في التجسيم! قال في الأحاديث القدسية من الصحاح ج ٢ ص ٤٣: قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: ما اتفق عليه الشيخان بمنزلة التواتر، وإن ضحك الرسول ليس إنكاراً.... إن ما اتفق عليه الشيخان بمنزلة المتواتر فلا ينبغي التجاسر على الطعن في ثقاة الرواة، ورد الأخبار الثابتة! انتهى.

وأمام ذلك التشدد تراجع القسطلاني في كتاب التوحيد ج ١٠ ص ٣٨٨ ونقل قول أبي عمر الصلاح وأيده! وقال جامع الأحاديث القدسية من الصحاح ج ٢ ص ٤٥: قال ابن فورك:.... وقد اشتد إنكار ابن خزيمة على من ادعى أن الضحك المذكور على سبيل الإنكار منه صلى الله عليه وسلم!

* *

وهكذا أخذ أكثر علماء إخواننا السنة بحديث البخاري عن الحاخام، وشهدوا أن النبي أيده وصدقه، وضحك له ضحكاً كثيراً شديداً من فرحه بهذا العلم العظيم على حد تعبير إمام الوهابية. ولكن عدداً منهم بقي يراوده الشك والتحير كيف يمكن أن يؤيد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قول يهودي في التجسيم، مع أن الآية التي قرأها النبي تدل على رده قول اليهودي.

الكوثري يصعد درجات ولا يصل إلى لبّ الحقيقة

اقترب الشيخ محمد زاهد الكوثري من الحقيقة، فاعترف بأن التشبيه والتجسيم انتقل الى المسلمين من اليهود عن طريق رواة إخواننا السنة من التابعين ومن بعدهم، ولكنه لم ينفذ الى لب الحقيقة، ولم يجرأ على نسبة ذلك إلى الصحابة الذين أخذوا هذه العقائد من اليهود وأدخلوها في عقائد المسلمين.

٢٢٥

- قال في مقدّمته لكتاب الأسماء والصفات للبيهقي:

للمحدثين ورواة الاخبار منزلة عليا عند جمهرة أهل العلم، لكن بينهم من تعدى طوره وألف فيما لايحسنه، فأصبح مجلبة العار لطائفته بالغ الضرر لمن يسايره ويتقلد رأيه! من هوَلاء غالب من ألف منهم في صفات الله سبحانه، فدونك مرويات حماد بن سلمة في الصفات تجدها تحتوي على كثير من الأخبار التالفة يتناقلها الرواة طبقة عن طبقة، مع أنه قد تزوج نحو مائة امرأة من غير أن يولد له ولد منهن، وقد فعل هذا التزواج والتنكاح في الرجل فعله بحيث أصبح في غير حديث ثابت البناني لايميز بين مروياته الأصلية وبين مادسه في كتبه أمثال ربيبه ابن أبي العوجاء وربيبه الآخر زيد المدعو بابن حماد، بعد أن كان جليل القدر بين الرواة قوياً في اللغة، فضلّ بمروياته الباطلة كثير من بسطاء الرواة.

ويجد المطالع الكريم نماذج شتى من أخباره الواهية في باب التوحيد من كتب الموضوعات المبسوطة، وفي كتب الرجال، وإن حاول أناس الدفاع عنه بدون جدوى، وشرع الله أحق بالدفاع من الدفاع عن شخص، ولاسيما عند تراكب التهم القاطعة لكل عذر.

فعلت مرويات نعيم بن حماد أيضاً مثل ذلك بل تحمسه البالغ أدى به إلى التجسيم كما وقع مثل ذلك لشيخ شيخه مقاتل بن سليمان تجد آثار الضرر الوبيل في مروياتهما في كتب الرواة الذين كانوا يتقلدونها من غير معرفة منهم لما هنالك، فدونك كتاب الاستقامة لخشيش بن أصرم، والكتب التي تسمى السنة لعبد الله وللخلال، ولأبي الشيخ، وللعسال، ولأبي بكر بن عاصم، وللطبراني، والجامع، والسنة والجماعة لحرب بن إسماعيل السيرجاني، والتوحيد لابن خزيمة، ولابن منده، والصفات للحكم بن معبد الخزاعي، والنقض لعثمان بن سعيد الدارمي، والشريعة للآجري، والابانة لأبي نصر السجزي، ولابن بطة، ونقض التأويلات لأبي يعلي القاضي، وذم الكلام، والفاروق لصاحب منازل السائرين.. تجد فيها ما ينبذه

٢٢٦

الشرع والعقل في آن واحد ولا سيما النقض لعثمان بن سعيد الدارمي السجزي المجسم فإنه أول من اجترأ من المجسمة بالقول إن الله لو شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته، فكيف على عرش عظيم!! وتابعه الشيخ الحراني (ابن تيمية) في ذلك كما تجد نص كلامه في غوث العباد المطبوع سنة ١٣٥١ بمطبعة الحلبي. وكم لهذاالسجزي من طامات مثل إثبات الحركة له تعالى وغير ذلك! كم من كتب من هذا القبيل فيها من الأخبار الباطلة والآراء السافلة ما الله به عليم، فاتسع الخرق بذلك على الراقع وعظم الخطب إلى أن قام علماء أمناء برأب الصدع نظراً ورواية وكان من هوَلاء العلماء الخطابي، وأبو الحسن الطبري، وابن فورك، والحليمي، وأبو إسحاق الاسفرايني، والأستاذ عبد القاهر البغدادي، وغيرهم من السادة القادة الذين لايحصون عدداً... انتهى.

نقول: مع شكرنا لمن تصدى لهذه التحريفات في عقائد الاسلام.. فإن المشكلة مازالت قائمة في مصادر إخواننا لكثرة أحاديث الرؤية والتشبيه والتجسيم فيها، وجلها إن لم يكن كلها يرجع مصدره الى كعب الأحبار وزملائه وتلاميذهم ومن تأثر بهم مثل أبي هريرة وعكرمة ووهب ومقاتل والسفيانين والحمادين ونعيم بن حماد.. الخ.! فلا بد من فتح باب الاجتهاد في الجرح والتعديل وقيام الدراسات النقدية الجادة لرواة أخبار الصفات.

وفيما يلي نقدم خلاصة أقوال علماء الجرح والتعديل في اثنين من قدماء الرواة ذكرهما الكوثري في كلامه، وهما: حماد بن سلمة، ونعيم بن حماد.

السّفيانان والحمّادان

السفيانان والحمادان من كبار أئمة الحديث عند إخواننا السنيين، بل هم شيوخ أئمة المذاهب سوى مالك، وكلهم من الفرس ماعدا سفيان الثوري الذي نسب الى تميم طابخة! وقد ولد الثوري سنة ٩٧ ومات سنة ١٦١ ثم سفيان بن عيينة الرازي أي

٢٢٧

الطهراني ولد سنة ١٠٧ وتوفي سنة ١٧٨، ثم حماد بن سلمة الفارسي أيضا الذي توفي سنة ١٦٧ ثم حماد بن زيد الفارسي أيضا الذي توفي سنة ١٧٩ كما في سير أعلام النبلاء للذهبي.

فالحمادان متعاصران ومتقاربان في السن، بل ذكر الكوثري أن حماد بن زيد هو ربيب حماد بن سلمة.. وقد حكم أهل الجرح بأن عقل ابن زيد أكبر من دينه، وأن دين ابن سلمة أكبر من عقله.

حمّاد بن سلمة

حماد بن سلمة الربعي فارسي مولى ربيعة الجوع، أو ربيعة كلب، قال في إكمال الكمال ج ٤ ص ١٤٧:

وفي اللباب (ربيعة الجوع وهو ربيعة بن مالك بن زيد مناة، منهم حماد بن سلمة الربعى مولاهم إمام مشهور) وذكر أيضاً ربيعة كلب (ربيعة بن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب بن هبل....)

- قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج٧ ص ٤٥٦

حماد بن زيد بن درهم، العلامة، الحافظ الثبت، محدث الوقت، قال إبراهيم بن سعيد الجوهري: سمعت أبا أسامة يقول: كنت إذا رأيت حماد بن زيد قلت: أدبه كسرى، وفقهه عمررضي‌الله‌عنه .

قال الخليلي: سمعت عبد الله بن محمد الحافظ، سمعت أبا عبيد محمد بن محمد بن أخي هلال الرأي، سمعت هشام بن علي يقول: كانوا يقولون كان علم حماد بن سلمة أربعة دوانيق، وعقله دانقين، وعلم حماد بن زيد دانقين، وعقله أربعة دوانيق.

- وقال المزي في تهذيب الكمال ج ٧ ص ٢٥١ عن حماد بن زيد:

وقال أبو حاتم بن حبان: كان ضريراً يحفظ حديثه كله، وكان درهم جده من سبي

٢٢٨

سجستان، وما كان يحدث إلا من حفظه، وقد وهم من زعم أن بينهما كما بين الدينار والدرهم، إلا أن يكون القائل أراد فضل ما بينهما مثل الدينار والدرهم في الفضل والدين، لان حماد بن سلمة كان أفضل وأدين وأورع من حماد بن زيد، ولسنا ممن يطلق الكلام على أحد بالجزاف بل نعطي كل شيخ قسطه، وكل راوٍ حظه، والله الموفق.

- تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١٠

وقال أحمد بن حنبل: حماد بن زيد أحب إلينا من عبد الوارث. حماد من أئمة المسلمين من أهل الدين والاسلام، وهو أحب إلي من حماد بن سلمة.

- ميزان الاعتدال ج ٣ ص ١٣٦

وقال الذهلي: قلت لأحمد في علي بن عاصم فقال: كان حماد بن سلمة يخطيء، وأومأ أحمد بيده كثيراً، ولم نر بالرواية عنه بأساً.

ونحوه في سير أعلام النبلاء ج ٩ ص ٢٥٣ وفي تهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٥١٠

- سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٣٦

قال أبوداود: سمعت أبا عبد الله أحمد يقول: حماد (بن أبي سليمان) مقارب الحديث، ما روى عنه سفيان وشعبة، ولكن حماد بن سلمة عنده عنه تخليط.

- الأنساب ج ١ ص ١٢١

الإمام أ بو إسماعيل حماد بن زيد بن درهم الأزدي البصري المعروف بالأزرق...

- وروى الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ٩ ص ١١٤ أن حماد بن سلمة كان لا يحترم علم حماد بن زيد.. قال الذهبي: وروى عفان قال: كنا عند حماد بن سلمة، فأخطأ في حديث، وكان لا يرجع إلى قول أحد، فقيل له: قد خولفت فيه فقال: من؟ قالوا: حماد بن زيد فلم يلتفت، فقيل إن إسماعيل ابن علية يخالفك، فقام ودخل ثم خرج، فقال: القول ما قال إسماعيل.

٢٢٩

بعض روايات ابن سلمة في التشبيه والتجسيم

- لسان الميزان ج ١ ص ٤٨٥

أيوب بن عبدالسلام، أبو عبد السلام، قال ابن حبان: كانه كان زنديقا! يروي عن أبي بكرة عن ابن مسعودرضي‌الله‌عنهما : إن الله إذا غضب انتفخ على العرش حتى يثقل على حملته. رواه حماد بن سلمة وكان كذاباً.

قلت، بئس ما فعل حماد بن سلمة برواية مثل هذا الضلال، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما إن يحدث بكل ما سمع، بل ولا أعرف له إسنادا عن حماد فيتأمل هذا، فإن ابن حبان صاحب تشنيع وتشغب. انتهى.

- وكذا في ميزان الإعتدال ج ١ ص ٢٩٠ وفيه: ص ٥٩٠:

حماد بن سلمة، عن ثابت، عن ابن أبى ليلى، عن صهيب - مرفوعاً: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة، قال: هي النظر إلى وجه الله.

حماد، عن ثابت، عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قرأ: فلما تجلى ربه للجبل، قال: أخرج طرف خنصره، وضرب على إبهامه، فساخ الجبل! فقال حميد الطويل لثابت: تحدث بمثل هذا! قال فضرب في صدر حميد وقال: يقوله أنس، ويقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكتمه أنا! رواه جماعة عن حماد (وصححه الترمذي).

إبراهيم بن أبى سويد، وأسود بن عامر، حدثنا حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس - مرفوعاً: رأيت ربي جَعْداً أمرد عليه حلة خضراء.

وقال ابن عدي: حدثنا عبد الله بن عبد الحميد الواسطي، حدثنا النضر بن سلمة شاذان، حدثنا الاسود بن عامر، عن حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أن محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر من لؤلؤ قدميه أو رجليه في خضرة. وحدثنا ابن أبى سفيان الموصلي وابن شهريار قالا: حدثنا محمد بن رزق

٢٣٠

الله بن موسى، حدثنا الاسود بنحوه. وقال عفان: حدثنا عبدالصمد بن كيسان، حدثنا حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: رأيت ربي. (ومثله في تذكرة الحفّاظ ج ٢ ص ٥٩٦)

وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا الحسن بن يحيى بن كثير، حدثنا أبي، حدثنا حماد بنحوه. فهذا من أنكر ما أتى به حماد بن سلمة، وهذه الرؤية رؤية منام إن صحت... قال المرودي: قلت لأحمد: يقولون لم يسمع قتادة عن عكرمة فغضب وأخرج كتابه بسماع قتادة، عن عكرمة، في ستة أحاديث. ورواه الحكم بن أبان عن زيرك عن عكرمة. وهو غريب جداً....

- وقال... في الموضوعات ج ١ ص ١٢٢ عن حديث (أخرج خنصره أو طرف خنصره): وهذا حديث لا يثبت. قال ابن عدي الحافظ: كان ابن أبي العوجاء ربيب حماد بن سلمة فكان يدس في كتبه هذه الأحاديث. ومثله في ص ١٠٠

- سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٤

وروى عبد العزيز بن المغيرة، عن حماد بن سلمة: أنه حدثهم بحديث نزول الرب عز وجل فقال: من رأيتموه ينكر هذا، فاتهموه....

- وقال في ميزان الإعتدال ج ١ ص ٥٩٠

الدولابي، حدثنا محمد بن شجاع الثلجي، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي، قال: كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث يعني التي في الصفات حتى خرج مرة إلى عبادان فجاء وهو يرويها، فلا أحسب إلا شيطاناً خرج إليه من البحر، فألقاها إليه!

قال ابن الثلجي: فسمعت عباد بن صهيب يقول: إن حماداً كان لا يحفظ، وكانوا يقولون إنها دُسَّت في كتبه.

وقد قيل: إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه. قلت: ابن الثلجي ليس بمصدق على حماد وأمثاله، وقد اتهم. نسأل الله السلامة.

٢٣١

- وفي تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١١

وقال الدولابي ثنا محمد بن شجاع البلخي حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي قال كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث التي في الصفات حتى خرج مرة إلى عبادان فجاء وهو يرويها! فسمعت عباد ابن صهيب يقول: إن حماداً كان لا يحفظ وكانوا يقولون إنها دست في كتبه. وقد قيل إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه...

وحكى أبو الوليد الباجي في رجال البخاري أن النسائي سئل عنه فقال ثقة. قال الحكم بن مسعدة فكلمته فيه فقال: ومن يجترئ يتكلم فيه لم يكن عند القطان هناك. ثم جعل النسائي يذكر الأحاديث التي انفرد بها في الصفات كأنه خاف أن يقول الناس تكلم في حماد من طريقها انتهى.

وهو يدل على ما ذكرناه من أن العوام يحبون التجسيم لأن المعبود المادي أسهل على أذهانهم، وقد كان ذلك عاملاً في رواج سوق روايات التجسيم اليهودية، حتى أن أئمة المحدثين مثل النسائي يخاف أن يقولوا عنه إنه ضعف حماداً لروايات التجسيم!!

- سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٣١

وروى جعفر بن أبي عثمان الطيالسي، عن يحيى بن معين قال: إذا رأيت إنساناً يقع

في عكرمة، وفي حماد بن سلمة، فاتهمه على الاسلام!.

قلت: هذا محمول على الوقوع فيهما بهوى وحيف في وزنهما، أما من نقل ما قيل في جرحهما وتعديلهما على الانصاف فقد أصاب، نعم إنما قال يحيى هذا في معرض رواية حديث خاص في رؤية الله تعالى في المنام، وهو حديث يستنكر. وقد جمع ابن مندة فيه جزءاً سماه: صحة حديث عكرمة.

حمّاد يروي أنّ النبي لا يحفظ القرآن!

- تهذيب الكمال ج ٢ ص ٢٦٧

وقال حماد بن سلمة، عن ثابت، عن الجارود بن أُبي سبرة، عن أبي بن كعب:

٢٣٢

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالناس فترك آية! فقال: أيكم أخذ عليّ شيئاً من قراءتي؟ فقال أبي: أنا يارسول الله، تركت آية كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد علمت إن كان أحد أخذها عليّ فإنك أنت هو!

- وقال في تهذيب الكمال ج ٢ ص ٢٦٨: رواه البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام عن أبي سلمة موسى بن إسماعيل، عن حماد. فوقع لنا بدلاً عالياً!

أخذ حمّاد القول بالجبر من شيخ شيخه وهب

- ميزان الإعتدال ج ٤ ص ٣٥٣

وروى حماد بن سلمة عن أبي سنان: سمعت وهب بن منبه يقول: كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتاباً من كتب الأنبياء في كلها: من جعل لنفسه شيئاً على المشيئة فقد كفر، فتركت قولي انتهى. ومثله في تهذيب الكمال ج ٣١ ص ١٤٧

ويقصد وهب بكتب الأنبياء: كتب بني إسرائيل المنسوبة الى الأنبياء.

ويقصد بعبارته التي نقلها من كتب اليهود: أن من يجعل للانسان شيئا من الإرادة في أفعاله فقد كفر! بل أفعاله كلها بما فيها المعاصي والجرائم من الله تعالى!! وبذلك رفع اليهود مسؤولية مخالفتهم لأنبيائهم وقتلهم إياهم عن عواتقهم، ونسبوها الى الله تعالى..!! وتبعهم في ذلك بعض المسلمين حذو القذة بالقذة!!

ربيبه عبد الكريم بن أبي العوجاء

نذكر فيما يلي شيئا عن ابن العوجاء ابن زوجة حماد الذي اتهموه بالدس في أحاديثه، لكي تعرف خطورته..قال في لسان الميزان ج ٤ ص ٥١:

عبد الكريم بن أبي العوجاء خال معن بن زائدة زنديق مغتر، قال أحمد بن عدي: لما أخذ ليضرب عنقه قال: لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيه الحلال وأحلل الحرام!! قتله محمد بن سليمان العباسي الأمير بالبصرة. انتهى.

وذكر أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني عن جرير بن حازم: كان بالبصرة ستة

٢٣٣

من أصحاب الكلام: واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وبشار بن برد وصالح بن عبد القدوس وعبد الكريم بن أبي العوجاء ورجل من الأزد، فكانوا يجتمعون في منزل الأزد...

- وفي تهذيب المقال ج ٣ ص ١٠١ ابن أبي العوجاء: هو عبد الكريم بن أبي العوجاء، أحد زنادقة عصر الامام الصادقعليه‌السلام . كان من تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد، فقيل له تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة! قال: إن صاحبي كان مخلطاً يقول طوراً بالقدر وطوراً بالجبر، فما أعلمه اعتقد مذهباً دام عليه.

قتله أبو جعفر محمد بن سليمان عامل البصرة من جهة المنصور. وكان خال معن بن زائدة. وقد جرى بينه وبين مولاناالصادقعليه‌السلام احتجاجات كثيرة....انتهى.

وتجد مناظرات الإمام الصادقعليه‌السلام وتلاميذه مع ابن أبي العوجاء وصاحبيه أبي شاكر الديصاني وعبد الله بن المقفع، وبقية أخباره ونشاطه في نشر الالحاد، في: الكنى والألقاب للقمي ج ١ ص ٢٠١، وفي إختيار معرفة الرجال للطوسي ج ٢ ص ٤٣٠، جامع الرواة للأردبيلي ج ٢ ص ١٦٠ و٢٩٦ و ٤٣٨، والإحتجاج للطبرسي.. وغيرها.

عشرات الألوف من الأحاديث ومئات التلاميذ

- تهذيب الكمال ج ١٩ ص ١٤٧

وقال أبوحاتم: صدوق ثقة، روى عنه أحمد بن حنبل وكان عنده عن حماد بن سلمة تسعة آلاف حديث...!!.

- تهذيب الكمال ج ٢٢ ص ٨٩

قال إسحاق بن سيار النصيبي: سمعت عمرو بن عاصم يقول: كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألفاً! وكذا ج ٧ ص ٢٦٣ وفي سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٢٥٧ وتهذيب التهذيب ج ٨ ص ٥٢

٢٣٤

- وفي سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٦

قال عمرو بن عاصم: كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألفاً.

جعفر الطيالسي: سمعت عفان يقول: كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألفاً.

- وفي تهذيب الكمال ج ٢٠ ص ١٧٢

وقال جعفر بن أبي عثمان الطيالسي: سمعت عفان يقول: يكون عند أحدهم حديث فيخرجه بالمقرعة، كتبت عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث ما حدثت منها بألفي حديث.

وقال علي بن سهل بن المغيرة: سمعت يحيى بن معين يقول: لي حانوت بباب الطاق وددت أن عفان قرأ عليَّ كتب حماد بن سلمة فأبيعه وأدفع ثمنه إليه.

- سير أعلام النبلاء ج ٩ ص ٥٠٠

قال علي بن المديني: كان عند يحيى بن ضريس عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث!

- تذكرة الحفّاظ ج ١ ص ٢٠٢

قال ابن المديني: كان عند يحيى بن ضريس عن حماد عشرة آلاف حديث.

- وقال في الجرح والتعديل ج ٣ ص ١٤٠

قال أحمد بن وكان عند يحيى بن ضريس عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث، وعن الثوري عشرة آلاف أو نحوه....

- الجرح والتعديل ج ١ ص ٣٣٥

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: كتبت عن أبي سملة التبوذكي عشرة آلاف حديث، أما حديث حماد بن سلمة فعشرة آلاف حديث، وكنا نظن أنه يقرأ كما يقرأ قديماً فاستكتبنا الكثير ومات فبقي علينا شيء نحو قوصرة فوهبت لقوم بالبصرة. انتهى. أي بقي من أحاديث التبوذكي تلميذ ابن حماد كيس كبير (خيشة) وسيأتي أن أحمد بن حنبل روى عنه تسعة آلاف حديث!

٢٣٥

- تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١١

البخاري في التعاليق ومسلم والأربعة: حماد بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة مولى تميم. ويقال مولى قريش وقيل غير ذلك. روى عن: ثابت البناني وقتادة وخاله حميد الطويل وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وانس بن سيرين وثمامة بن عبد الله بن أنس ومحمد بن زياد القرشي وأبي الزبير المكي وعبد الملك بن عمير وعبد العزيز بن صهيب وأبي عمران الجوني وعمرو بن دينار وهشام بن زيد بن انس وهشام بن عروة ويحيى ابن سعيد الأنصاري وأيوب السختياني وخالد الحذاء وداود بن أبي هند وسليمان التيمي وسماك بن حرب وخلق كثير من التابعين فمن بعدهم.

وعنه: ابن جريج والثوري وشعبة وهم أكبر منه وابن المبارك وابن مهدي والقطان وأبوداود و أبوالوليد الطيالسيان وأبوسلمة التبوذكي وآدم بن أبي اياس والاشيب وأسود بن عامر شاذان وبشر بن السري وبهز بن أسد وسليمان بن حرب وأبونصر الثمار وهدبة بن خالد وشيبان بن فروخ وعبيد الله العيشي وآخرون...انتهى. وقد أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٤ عدداً أكبر من شيوخه وتلاميذه.

- تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٢٩٤

دعس (أبي داود والنسائي في مسند علي) مهنأ بن عبد الحميد أبوشبل ويقال أبو سهل البصري. روى عن حماد بن سلمة، وعنه أحمد بن حنبل.

كان مفتي البصرة وله مسجد ويلزم تلاميذه بالكتابة عنه

- تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١١

وحماد من أجلة المسلمين وهو مفتي البصرة، وقد حدث عنه من هو أكبر منه سناً. ونحوه في ميزان الاعتدال ج ١ ص ٥٩٠

- ميزان الاعتدال ج ١ ص ٦٠٨

حمزة بن واصل البصري.... قلت: هو صاحب حديث المرأة البيضاء بطوله،

٢٣٦

رواه الدارقطني في كتاب الرؤية من طريق محمد بن سعيد القرشى، حدثنا حمزة بن واصل المنقري، وكان يلزم مسجد حماد بن سلمة، وحماد أمرنا أن نكتب عنه..

- تذكرة الحفّاظ ج ١ ص ٢٠٢

قال أبو داود لم يكن لحماد بن سلمة كتاب إلا كتاب قيس بن سعد...! ومثله في سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٤

- الأنساب ج ٢ ص ٣٥٦

قلت: وعباد أيضا ليس بشيء وقد قال أبو داود لم يكن لحماد بن سلمة كتاب غير كتاب قيس بن سعد يعني كان يحفظ علمه.

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ضاع كتاب حماد عن قيس بن سعد وكان يحدثهم من حفظه.

- سير أعلام النبلاء ج ١١ ص ٩٩

وقال ابن عدي: سمعت أبا يعلى وسئل عن هدبة وشيبان أيهما أفضل فقال: هدبة أفضلهما وأوثقهما وأكثرهما حديثاً، كان حديث حماد بن سلمة عنده نسختين: واحدة على الشيوخ، وأخرى على التصنيف.

ومع هذا وثّقه إخواننا وغالوا فيه

- إكمال الكمال ج ٢ ص ١٨٥

وفي المشتبه: فقيه العصر أبو حنيفة الخزاز، وإمام المحدثين حماد بن سلمة...

- ميزان الإعتدال ج ١ ص ٥٩٠

حماد بن سلمة بن دينار الامام العلم، أبوسلمة البصري.... وقال ابن المديني: من سمعتموه يتكلم في حماد فاتهموه.

وقال رجل لعفان: أحدثك عن حماد قال: من حماد ويلك! قال: ابن سلمة. قال: ألا تقول أمير المؤمنين....

٢٣٧

- تهذيب الكمال ج ١٩ ص ١٤٧

قال أبوطالب، عن أحمد بن حنبل: صدوق في الحديث..... روى عنه أحمد بن حنبل وكان عنده عن حماد بن سلمة تسعة آلاف حديث...!

- تهذيب الكمال ج ٧ ص ٢٦١

وقال شهاب بن المعمر البلخي: كان حماد بن سلمة يعد من الابدال، وعلامة الأبدال أن لا يولد لهم! تزوج سبعين امرأة فلم يولد له.انتهى. وكذا في أنساب السمعاني ج ٢ ص ٣٥٦.

ولم أجد فيما راجعت من كتب الجرح والتعديل أنه تزوج نحو مئة امرأة كما ذكر العلامة الكوثري، وإن كانت السبعين أكثر من ثلثي المئة!

- تذكرة الحفّاظ ج ١ ص ٢٠٢

شهاب بن معمر كان حماد بن سلمة يعد من الأبدال.

- وقال في الجرح والتعديل ج ٣ ص ١٤٠

نا سعيد بن أبي سعيد الأراطي الرازي قال سئل أحمد بن حنبل عن حماد بن سلمة فقال: صالح... المديني: لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة عن يحيى بن معين قال: حماد بن سلمة ثقة.

- سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٤

حماد بن سلمة ابن دينار، الامام القدوة، شيخ الاسلام، أبوسلمة البصري، النحوي، البزاز، الخرقي، البطائني، مولى آل ربيعة بن مالك....

وقال حجاج بن منهال: حدثنا حماد بن سلمة، وكان من أئمة الدين.

قال أبو عبد الله الحاكم: قد قيل في سوء حفظ حماد بن سلمة، وجمعه بين جمعة في الاسناد بلفظ واحد، ولم يخرج له مسلم في الأصول إلا من حديثه عن ثابت، وله في كتابه أحاديث في الشواهد عن غير ثابت....

٢٣٨

قال أحمد بن حنبل: إذا رأيت من يغمزه، فاتهمه فإنه كان شديداً على أهل البدع، إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه، فلذلك لم يحتج به البخاري، وأما مسلم فاجتهد فيه وأخرج من حديثه عن ثابت، مما سمع منه قبل تغيره، وما عن غير ثابت فأخرج نحو اثني عشر حديثاً في الشواهد دون الاحتجاج، فالاحتياط أن لا يحتج به فيما يخالف الثقات....

قال أبو القاسم البغوي: حدثني محمد بن مطهر قال: سألت أحمد ابن حنبل فقال: حماد بن سلمة عندنا من الثقات، ما نزداد فيه كل يوم إلا بصيرة.

قال أبوسلمة التبوذكي: مات حماد بن سلمة وقد أتى عليه ست وسبعون سنة.

وقال ابن سعد: أخبرني أ بوعبد الله التميمي قال: أخبرني أبوخالد الرازي، عن حماد بن سلمة قال: أخذ إياس بن معاوية بيدي وأنا غلام فقال: لا تموت حتى تقص، أما إني قد قلت هذا لخالك يعني حميد الطويل، فما مات حماد حتى قص. قال أبو خالد قلت لحماد: أنت قصصت قال: نعم.

قلت: القاص هو الواعظ.

قال علي بن عبد الله: قلت ليحيى: حملت عن حماد بن سلمة إملاء. قال: نعم، إملاء كلها، إلا شيئا كنت أسأله عنه في السوق، فأتحفظ. قلت ليحيى: كان يقول: حدثني وحدثنا قال: نعم، كان يجيء بها عفواً، حدثني وحدثنا... انتهى.

أقول: ينبغي للباحث أن يتوقف عند فراسة إياس بن معاوية بأن حماداً قصاص، وأن فراسته قد تحققت في حماد! فالقصاص في القرون الأولى له مواصفات محددة، ومن أولها أن يعرف الاسرائيليات ويقصها على الناس.. ولابد أن حمادا كان صاحب بضاعة كبيرة من الاسرائيليات، وأين هي... إلا في مروياته!

- تذكرة الحفّاظ ج ١ ص ٢٠٢

حماد بن سلمة بن دينار الامام الحافظ شيخ الاسلام أبو سلمة الربعي مولاهم البصري.... وقال وهيب: حماد بن سلمة سيدنا وأعلمنا.

٢٣٩

وقال أحمد بن حنبل: حماد بن سلمة أعلم الناس بثابت البناني وأثبتهم في حميد... قلت: هو أول من صنف التصانيف... وقيل إن حماد بن سلمة تزوج سبعين امرأة ولم يولد له ولد. وعن حمد بن حنبل قال: إذا رأيت الرجل ينال من حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام. مناقب حماد يطول شرحها....

واحترمه البخاري وروى عنه ولم يكتفوا بذلك

مع أن البخاري ترجم لحماد في تاريخه الكبير ج ٣ ص ٢٢ بكل احترام، وروى عنه في صحيحه، ولكن المتعصبين لحماد هاجموا البخاري لماذا لم يحتج بحماد فيما خالف فيه الثقات! وقد دافع بعضهم عن البخاري!

قال في الموضوعات ج ١ ص ٣٤: وإنما اشترط البخاري ومسلم الثقة والاشتهار وقد تركا أشياء كثيرة تركها قريب وأشياء لاوجه لتركها، فمما ترك البخارى الرواية عن حماد بن سلمة مع علمه بثقته لأنه قيل له إنه كان له ربيب يدخل في حديثه ما ليس منه.

- تهذيب الكمال ج ٧ ص ٢٦٦

يعرض ابن حبان هنا بمحمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح، وقد رد ابن حبان على البخاري رداً قوياً في مقدمة صحيحه ١١٤ - ١١٧ بسبب عدم تخريجه له.

- الأنساب للسمعاني ج ٢ ص ٣٥٦

ولم ينصف من جانب حديثه واحتج بأبي بكر بن عياش في كتابه وبابن أخي الزهري وبعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، فإن كان تركه إياه لما كان يخطيء فغيره من أقرانه مثل الثوري وشعبة ودونهما كانوا يخطئون، فإن زعم أن خطأه قد كثر من تغير حفظه فقد كان ذلك في أبي بكر بن عياش موجوداً، وأنى يبلغ أبو بكر حماد بن سلمة، ولم يكن من أقران حماد بالبصرة مثله في الفضل والدين والعلم والنسك والجمع والكتبة والصلابة في السنة والقمع لأهل البدعة، ولم يكن مثله في أيامه

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501