إستقصاء الإعتبار الجزء ٥

إستقصاء الإعتبار10%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
المترجم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-177
الصفحات: 379

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 379 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 46892 / تحميل: 5786
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٧٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الحق عدم الصراحة كما قاله الشيخ ، فإنّ تتبع الأخبار يقتضي خلافه.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ القِران في المكتوبة على تقدير التحريم قيل : إنّه مفسد(١) .

واحتج عليه في المختلف بأنّ القارن بين السورتين غير آت بالمأمور به على وجهه(٢) .

وناقشه بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ بتحقّق الامتثال بقراءة الواحدة ، والثانية خارجة عن الصلاة ، فالنهي لا يستلزم الفساد كالنظر إلى الأجنبيّة(٣) . انتهى.

ولقائل أن يقول : إن القران إن وقع في أوّل القصد على معنى فعل السورتين بقصد القران من ابتداء القراءة للسورة فالنهي واضح الاستلزام للفساد ؛ إذ الواحدة هي المأمور بها ولم يأت بها ، وكونها في جملة الثنتين غير كونها مأمورا بها ؛ إذ المعيّة تنافي الوحدة ، إلاّ أن يقال : قصد الوحدة غير معتبر ، وفيه : أنّ عدم اعتبار قصد الواحدة مسلّم ، أمّا قصد عدمها فعدم اعتباره محلّ كلام.

أمّا لو قصد القران بعد الفراغ من السورة أمكن الحكم بالصحة وعدمها ، كما ذكرته في محل آخر من حواشي الروضة.

والحاصل : أنه لا يبعد أن يقال : إن الصلاة كيفيّة متلقّاة من الشارع ، وكل ما خالف المنقول يقتضي عدم الامتثال ، فليتأمّل.

__________________

(١) الانتصار : ٤٤ ، والنهاية : ٧٥ ـ ٧٦.

(٢) المختلف ٢ : ١٦٨ ـ ١٧٠.

(٣) الحبل المتين : ٢٢٦.

١٦١

قوله :

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن العلاء عن زيد الشحّام قال : صلّى بنا أبو عبد اللهعليه‌السلام الفجر فقرأ والضحى وأ لم نشرح في ركعة.

فلا ينافي ما قدّمناه من كراهيّة القران بين السورتين ؛ لأنّ هاتين السورتين سورة واحدة عند آل محمّدعليهم‌السلام وينبغي أن يقرأهما موضعا واحدا ولا يفصل بينهما ببسم الله الرّحمن الرّحيم في الفرائض.

ولا ينافي هذا(١) : ما رواه أحمد بن محمّد ، عن الحسين ، عن فضالة ، عن الحسين ، عن ابن مسكان ، عن زيد الشحّام قال : صلّى بنا أبو عبد اللهعليه‌السلام فقرأ بنا الضحى وأ لم نشرح.

لأنّه ليس في هذا الخبر أنّه قرأهما في ركعة أو ركعتين ، فإذا كان هذا الراوي بعينه قد روى هذا الحكم بعينه وبيّن أنّه قرأهما في ركعة واحدة فحملُ هذه الرواية المطلقة على ما يطابق ذاك أولى.

ولا ينافي ذلك :

ما رواه أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن زيد الشحّام قال : صلّى بنا أبو عبد اللهعليه‌السلام فقرأ في الأُولى الضحى وفي الثانية ألم نشرح.

فهذه الرواية وإن تضمّنت أنّه قرأهما في ركعتين فليس فيها أنّه قرأهما في الفريضة أو النافلة ، ويجوز أن يكون قرأهما في ركعتين من‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣١٧ : هذا الخبر.

١٦٢

النوافل ، وذلك جائز على ما بيّناه.

السند‌

في الأوّل : واضح ، وكذلك الثاني ، والحسين الأوّل فيه ابن سعيد ، والثاني ابن عثمان.

والثالث : فيه الإرسال ، وكون المرسل ابن أبي عمير قد قدّمنا القول فيه مفصّلا في أوّل الكتاب ، والحاصل : أنّ الإجماع غير منعقد على قبول مراسيله ، لتصريح الشيخ في الكتاب بردّ روايات بالإرسال(١) والمرسل لها ابن أبي عمير ، كما أنّ فيه دفعا لما ظنّ من أنّ معنى قول الكشي : فلان اجمع على تصحيح ما يصح عنه(٢) ، أنّ ما ثبتت صحّته إليه كاف في صحة الخبر وإن كان ما بعده بغير صفة الصحيح ؛ لأنّ ابن أبي عمير من المجمعين على تصحيح ما يصح عنه(٣) ؛ وقد ردّ خبره بالإرسال كما سمعته ، على أنّ ذكر مراسيل ابن أبي عمير وقبولها في كلام متأخّري الأصحاب(٤) صريح في أنّ معنى الإجماع ليس ما ذكر.

وما وقع في النجاشي من السكون إلى مراسيله من الأصحاب(٥) ، قد بيّنا فيما سبق أنّه لا يدل على قبول مراسيله ؛ لأنّه ذكر أنّ كتبه ذهبت فلذلك يسكنون الأصحاب إلى مراسيله.

وهذا كما ترى لا يليق منه إرادة إثبات صحة المراسيل بما ذكر ، فإنّه‌

__________________

(١) راجع ج ١ : ١٠٢.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٨٣٠ / ١٠٥٠.

(٣) انظر نقد الرجال : ٢٨٥.

(٤) كالشهيد الثاني في الدراية : ٢٠ ، التفريشي في نقد الرجال : ٢٨٥.

(٥) رجال النجاشي : ٣٢٦ / ٨٨٧.

١٦٣

لا يفيد المدّعى بوجه ، ومثل النجاشي لا يتكلم به ، بل الظاهر منه ـ في النظر القاصر ـ أنّ كثرة الإرسال لا يوجب قدحا فيه من حيث عدم الضبط ، إذ لم يحفظ من روى عنه بكثرة ، فلمّا ذهبت كتبه ظهر عذره ، فمن ثمّ سكن الأصحاب إلى مراسيله ، وجميع هذا مضى(١) ، وإنّما أعدناه لبعد العهد.

المتن :

في الأوّل : ظاهر في أنّهعليه‌السلام قرأ الضحى وأ لم نشرح في ركعة ، وتأويل الشيخ أنّهما سورة واحدة في ظاهر الحال أنّه من الإجماع ، لكن لا يخفى أنّه يتوجه على الشيخ أنّ لفظ « ينبغي » في غير محلّه ، بل يجب عنده قراءتهما حيث لم يجوّز التبعيض.

وما قد يظن : من أنّ الشيخ ظنّ كونهما سورة واحدة من قراءتهما مع ورود الأخبار بقراءة السورة الواحدة ، لا وجه له ، فإنّ مثل هذا واضح الاندفاع ، بل الظاهر أنّه مرجع الشيخ إلى الإجماع ، غاية الأمر قد يشكل الحال في ترك البسملة مع وجودها في المصاحف ، والحرص على نفي الزوائد منه من نحو الإعراب وغيره يدل على كون البسملة منهما ، والصدوق في الفقيه جزم بأنّهما سورة واحدة(٢) ، وهو كثير التثبّت في الأحكام.

ومن هنا يعلم أنّ ما ذكره المحقّق في المعتبر من أنّا لا نسلّم أنّهما سورة واحدة ، بل إنّما تدل الأخبار على قراءتهما في ركعة(٣) . محل تأمّل ؛

__________________

(١) في ج ١ : ١٠٢.

(٢) الفقيه ١ : ٢٠٠ / ٩٢٢.

(٣) المعتبر ٢ : ١٨٨.

١٦٤

لأنّ دعوى الشيخ الإجماع لا وجه لردّها ، إلاّ أنّ المحقّق في الإجماع المدعى كثير الاضطراب فيه.

والعجب من شيخناقدس‌سره في المدارك أنّه قال ـ عند قول المحقّق في الشرائع : روى أصحابنا أنّ الضحى وألم نشرح سورة واحدة ، إلى آخره ـ : ما ذكره المصنّف من رواية الأصحاب لم أقف عليه في شي‌ء من الأُصول ولا نقله ناقل في كتب الاستدلال(١) . انتهى. ولا يخفى أنّ نقل الشيخ الإجماع لا أقلّ من كونه رواية مرسلة ، مع أنّ الصدوق ظاهره نقل متون الأخبار في كتابه ، فليتأمّل.

أمّا ما يحكى عن بعض الأصحاب أنّه نقل عن كتاب أحمد بن محمّد بن أبي نصر أنّ فيه : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « لا يجمع بين السورتين في ركعة واحدة إلاّ الضحى وأ لم نشرح وسورة الفيل ولإيلاف »(٢) فلم أقف الآن على المأخذ ، إلاّ أنّ الرواية ظاهرة في التعدد ، لكن لا تدل على وجوب الجمع ، كما يفهم من كلام جدّيقدس‌سره في بعض مصنّفاته(٣) .

وما قاله الشيخرحمه‌الله في الثاني : من أنّه ليس في الخبر أنّه قرأهما في ركعة أو ركعتين ؛ متوجّه ، إلاّ أنّ ما ذكره في الثالث محل تأمّل ؛ لأنّ الحمل على النافلة يقتضي أنّ الرواية مختلفة ، فتارة يكون قد روى الراوي وقوع الفعل في الجماعة ، وتارة في غيرها بناء على عدم صحّة الجماعة في النافلة ، كما هو المشهور بين المتأخّرين(٤) ، بل ادّعى الشهيدرحمه‌الله الإجماع‌

__________________

(١) المدارك ٣ : ٣٧٧.

(٢) المعتبر ٢ : ١٨٨.

(٣) روض الجنان : ٢٦٩.

(٤) قال الشهيد في البيان : ٢٢٤ : المشهور أنّها لا تجوز في النوافل.

١٦٥

على نفيه(١) ؛ وإن كان فيه بحث ؛ لوجود القائل(٢) ، ودلالة صريح الأخبار عليه(٣) ، ولا يبعد أن يكون الشيخ ملاحظا لكون الصلاة جماعة في النافلة ، لما يظهر من كلامه في الخبرين مراعاة للمطابقة ؛ إذ لو حمل الروايات على التعدد لأمكن أن يقال بعدم المانع من فعلهعليه‌السلام تارة في ركعة وتارة في ركعتين ، والتبعيض يدل عليه بعض الأخبار كما سبق بيانه(٤) .

قوله :

باب النهي عن قول آمين بعد الحمد‌

أخبرني الشيخرحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمّد ، عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن جميل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : « إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قرائتها فقل أنت : الحمد لله رب العالمين ، ولا تقل : آمين ».

الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن محمّد الحلبي قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب : آمين؟ قال : « لا ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب : آمين ، قال : « ما أحسنها وأخفض الصوت بها ».

__________________

(١) الذكرى : ٢٥٤.

(٢) لم نعثر عليه قال في المدارك ( ٤ : ٣٣٨ ) : والقول بجواز الاقتداء في النافلة مطلقا مجهول القائل.

(٣) الوسائل ٨ : ٣٣٦ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٠ ح ٩ و ١٢.

(٤) راجع ص : ١٥٩ ـ ١٦٠.

١٦٦

فأوّل ما في هذا الخبر أنّ راويه جميل وقد روى ضدّ ذلك وهو ما قدّمناه من قوله : ولا تقل : آمين ، بل قل : الحمد لله ربّ العالمين ، وإذا كان قد روى ما ينقض هذه الرواية ويوافق رواية غيره فيجب العمل عليه دون غيره ، ولو سلّم لجاز أن نحمله على ضرب من التقيّة ، لإجماع الطائفة(١) على ترك العمل به.

وأيضا فقد روى الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : قول آمين إذا قال الإمام : غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين؟ قال : « هم اليهود والنصارى » ولم يُجب في هذا.

فعدولهعليه‌السلام عن جواب ما سأله السائل دليل على كراهيّة هذه اللفظة ، وإن لم يتمكن من التصريح بكراهيّته للتقيّة والاضطرار فعدل عن جوابه جملة.

السند‌

في الأوّل : حسن على تقدير كون عبد الله بن المغيرة هو الثقة في النجاشي(٢) ، كما هو الظاهر من الإطلاق ، واحتماله لعبد الله بن المغيرة المذكور في رجال الرضاعليه‌السلام من كتاب الشيخ مهملا(٣) بعيدٌ.

والثاني : فيه محمّد بن سنان.

والثالث والرابع : صحيحان على ما مضى القول في رجالهما(٤) .

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣١٩ : الطائفة المحقّة.

(٢) رجال النجاشي : ٢١٥ / ٥٦١.

(٣) رجال الشيخ : ٣٧٩‌

(٤) راجع ج ١ : ٧٠ ، ١٠٢ ، ٤٥٣ وج ٣ : ٤٦.

١٦٧

المتن :

نقل بعض محققي المتأخّرينرحمه‌الله عن العلاّمة في المنتهى أنّه قال ، قال علماؤنا : يحرم قول آمين وتبطل الصلاة به ، وقال الشيخ : سواء ذلك في آخر الحمد وغيره سرّا وجهرا للإمام والمأموم وعلى كل حال ، وادّعى الشيخان والمرتضى إجماع الإماميّة عليه(١) .

وفي شرح الإرشاد لجدّيقدس‌سره أنّ المستند صحيح جميل وذكر الرواية(٢) ؛ وفيه ما ستسمعه بعد نقل كلام الروضة ، وأيضا لا يخفى أنّ ما تضمّنه من قوله : « فقل أنت : الحمدُ لله ربّ العالمين » على الاستحباب ، ومعه يقرب أن يكون النهي للكراهة في قوله : « ولا تقل آمين » إلاّ أن يقال بعدم الملازمة بين كون الأمر للاستحباب نظرا إلى الإجماع وكون النهي للكراهة ، بل هو باق على حقيقته ؛ لعدم المقتضي ؛ وفيه استبعاد الاختلاف في الخبر الواحد ، لكنه محل كلام.

والثاني : كما ترى وإن دل على النهي الذي هو حقيقة في التحريم ، إلاّ أنّ ضعف المستند فيه ظاهر ، والوالدقدس‌سره كان يتوقّف في الأوامر والنواهي في الأخبار بالنسبة إلى الوجوب والتحريم حقيقة ، لكثرة استعمالهما في الندب والكراهة(٣) ، ولعلّ الإجماع المدعى في المقام يسهّل الخطب إن تمّ.

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٣٤ ، المنتهى ١ : ٢٨١ ، المفيد في المقنعة : ١٠٥ ، والشيخ في الخلاف ١ : ٣٣٤ ، والسيد في الانتصار : ٤٢.

(٢) روض الجنان : ٢٦٧.

(٣) راجع معالم الأُصول : ٤٨ ، ٩٤ والظاهر منه عدم التوقّف.

١٦٨

وقد اتفق لجديقدس‌سره في الروضة أنّه قال ـ عند قول الشهيدرحمه‌الله في التروك : والتأمين ـ : في جميع أحوال الصلاة وإن كان عقيب الحمد أو دعاء ، للنهي عنه في الأخبار(١) . والحال أنّ دلالة الأخبار مختصّة بما بعد الفاتحة ، فالتعميم لا يخلو من غرابة.

ونقل بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ عن الشيخ في الخلاف دعوى الإجماع على بطلان الصلاة بالتأمين(٢) ؛ وهو غريب ، فإنّ الخلاف موجود ، كما أنّه في التحريم كذلك.

ومن ثمّ نقل عن المحقّق في المعتبر الميل إلى الكراهة محتجا بالثالث(٣) ؛ وما ذكره الشيخ من حمله على التقيّة قد يشكل بأنّه ليس بأولى من الحمل على الكراهة في النهي ؛ وفيه : أنّ الظاهر من الثالث نفي الكراهة.

ولا يبعد أن يحمل قولهعليه‌السلام : « ما أحسنها » على النفي وتشديد « أُحسّنها » أي : لست أُعدّها حسنة ، فيؤيّد الكراهة ، وربّما احتمل أن يكون قوله : وأخفض ، من كلام جميل حكاية عنهعليه‌السلام أنّه أتى بهذه اللفظة خفيّة ، فيؤيّد التقيّة من جهة أُخرى ، إلاّ أنّي لم أقف على ما يقتضي صحة هذا اللفظ(٤) في العربيّة.

أمّا الاستدلال على التحريم بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « هذه الصلاة لا يصلح فيه شي‌ء من كلام الآدميّين »(٥) وآمين من كلامهم ؛ إذ ليست بقرآن ولا دعاء‌

__________________

(١) الروضة ١ : ٢٨٦.

(٢) الحبل المتين : ٢٢٥ ، الخلاف ١ : ٣٣٤.

(٣) الحبل المتين : ٢٢٥ وهو في المعتبر ٢ : ١٨٦.

(٤) في ( م ) : هذه اللفظة.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٣٨١ / ٣٣ بتفاوت يسير.

١٦٩

ولا ذكر ، إنّما هي اسم للدعاء ، وهو : اللهم استجب ، والاسم مغاير لمسمّاه(١) . ففيه : أنّ الخبر غير معلوم السند.

وذكر بعض الأصحاب أنّ الاستدلال مبني على أنّ أسماء الأفعال أسماء لألفاظها لا لمعانيها(٢) ؛ وهو خلاف الظاهر ، كما ذكره المحقّق الرضيرضي‌الله‌عنه مستدلا بأنّ العرب تقول : صه ، وتريد معنى : اسكت ، لا يخطر ببالها لفظ اسكت ، بل قد لا تكون مسموعة له أصلا. انتهى(٣) .

وقد يقال : إنّ غرض المستدل كون الإذن في الدعاء لا في اسم الدعاء ، فلا يضرّ ما ذكره المورد ، وفيه ما لا يخفى ، ولا يبعد أن يقال : إنّ آمين لو فرض أنّها دعاء محض والنهي ورد عنها فلا سبيل إلى استثنائها ، نعم لو ردّ الخبر الدال على النهي إمّا بعدم الصحة أو عدم الصراحة في التحريم أمكن أن يقال : إنّ ما دلّ على تحريم الكلام في الصلاة مطلق إلاّ ما خرج بالدليل وهو الدعاء ، وكون لفظ آمين دعاء يتوقف على الثبوت ، ولم يعلم هذا.

فإن قلت : الدعاء المأذون فيه لا يختص بلفظ ، وكون آمين في معنى الدعاء لا ينكر ، وذلك كاف في المطلوب.

قلت : لا يبعد أن يكون الدعاء المأذون فيه ما يسمّى دعاء لغة أو عرفا على تقدير انتفاء الشرع ، واللغة غير معلومة الآن ، والعرف لا يساعد على كون آمين دعاء ، وإن كان في البين كلام.

أمّا ما قد يقال في توجيه عدم الإفساد : من أنّ النهي عن أمر خارج‌

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٣٤.

(٢) حكاه في مجمع الفائدة ٢ : ٢٣٥.

(٣) حكاه عنه في مجمع الفائدة ٢ : ٢٣٥ ، وهو في شرح الرضي على الكافية ٣ : ٨٧.

١٧٠

عن العبادة ، ففيه : ( أنّه إذا تحقّق النهي علم أنه غير مستثنى ممّا يجوز ، ومعه تتوقف الصحّة على الدليل ؛ إذ العبادة متلقّاة من الشارع ، ولو نوقش في ذلك يقال : إنّ إطلاق المنع من الكلام والإبطال به حاصل إلاّ ما خرج بالدليل ، والفرض وقوع النهي عن قوله : آمين ، فليتأمّل )(١) .

ومن هنا يعلم أنّ القائل بالتعميم في الفاتحة وغيرها(٢) ربّما يوجّه كلامه بنوع من التدبر فيما ذكرناه.

وما قاله بعض الأصحاب من أنّ الأوامر المطلقة تقتضي الصحة(٣) ، فيه تأمّل يعرف من تفصيل المقام.

أمّا ما يقال : من أنّ التأمين لا يصح إلاّ لمن قصد الدعاء ، فلا يجوز إلاّ لمن قصد الدعاء ، لأنّه كلام بغير ذكر ودعاء ، فيدخل تحت النهي فيكون حراما ومبطلا.

ففيه تأمّل ؛ لأنّ(٤) استجابة الدعاء لا يختصّ بحضوره ، سلّمنا ، لكن النهي غير عام في الأخبار ، والإجماع على أنّ غير الذكر والدعاء مبطل على وجه يتناول التأمين غير حاصل ، كما هو واضح.

إلاّ أن يقال : إنّ إثبات كون التأمين دعاء غير معلوم ، فيحتاج الحكم بجوازه إلى دليل.

وفيه : انّ الكلام في الدخول تحت النهي.

وما ذكره الشيخ في التبيان لتوجيه الإبطال بآمين من لزوم خروج‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « رض » ، وبدله في « م » : وجه.

(٢) راجع ص : ١٦٩.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٣٥.

(٤) في « فض » زيادة : طلب.

١٧١

الفاتحة عن كونها قرآنا إن قصد الدعاء ، أو عدم فائدة التأمين على تقدير قصد القرآن ، ولزوم استعمال المشترك على تقدير إرادة القرآن والدعاء من الفاتحة(١) ؛ اعترض عليه جدّيقدس‌سره .

أوّلا : بمنع الاشتراك لاتّحاد المعنى.

وثانيا : أن قصد استجابة الدعاء لا يتعيّن كونه بالفاتحة(٢) .

وقد يقال على الأوّل : إنّ الاشتراك لو فرض إمكانه فالمعنى مختلف ، ومن ثم جوّز القنوت بالقرآن من حيث الدعاء ، نعم الوضع للدعاء غير متحقّق ليدخل في المشترك بحسب وضعه ، كما يعلم من الأُصول ، وقد ورد في معتبر الأخبار أنّ الفاتحة مشتملة على الدعاء والذكر(٣) .

وعلى الثاني : قصد استجابة الدعاء إذا لم يتعيّن يقتضي اعتبار قصد الاستجابة لغير الفاتحة ، والمطلوب لجدّيقدس‌سره الإبطال بالتأمين مطلقا(٤) ، إلاّ أنّ توجيه هذا غير بعيد ، فليتأمّل.

أمّا الخبر الرابع : فربما كانت التقيّة فيه ظاهرة ، وكأنّ بعض المخالفين كان حاضرا في المجلس فأوهمهعليه‌السلام أنّ السؤال عن تفسير المغضوب عليهم ولا الضالين ، أمّا الحمل على كون القائلين بهذه اللفظة كاليهود والنصارى فممّا لا يليق ذكره.

__________________

(١) التبيان ١ : ٤٦.

(٢) روض الجنان : ٢٦٧.

(٣) انظر الوسائل ٦ : ١٠٨ أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٢ ح ١.

(٤) روض الجنان : ٢٦٧.

١٧٢

قوله :

باب من قرأ سورة من العزائم التي في آخرها السجود.

أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه سئل عن الرجل يقرأ بالسجدة في آخر السورة قال : « يسجد ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثم يركع ويسجد ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن أبي البختري وهب بن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن أبيه ، عن عليعليهم‌السلام أنّه قال : « إذا كان آخر السورة السجدة أجزأك أن تركع بها ».

فلا ينافي هذا الخبر الأوّل ؛ لأنّ هذا الخبر محمول على من يصلّي مع قوم لا يمكنه أن يسجد ويقوم فيقرأ الحمد ، فإنّه لا بأس أن يركع ، والخبر الأوّل محمول على المنفرد.

والذي يدل على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : « من قرأ اقرأ باسم ربك ، فإن ختمها فليسجد ، فإذا قام فليقرأ فاتحة الكتاب وليركع » قال : « فإن ابتليت مع إمام لا يسجد فيجزؤك الإيماء والركوع ، ولا تقرأها في الفريضة اقرأها في التطوع ».

السند‌

في الأوّل : حسن على تقدير ما قدّمناه(١) : من أنّ العدّة المذكورة‌

__________________

(١) في ج ١ : ٤٧٥.

١٧٣

هي من ذكرهم في ترتيب الوضوء من حيث إن الظاهر عدم الاختصاص بذلك الباب.

والثاني : فيه وهب بن وهب وهو ضعيف.

والثالث : فيه عثمان بن عيسى وقد مضى مكرّرا ضعفه(١) .

المتن :

في الأوّل : لو لا دعوى الإجماع في كلام بعض(٢) على تحريم قراءة العزيمة في الفريضة لأمكن تأييد الإطلاقات الدالة على قراءة السورة به ، لكن ظاهر الشيخ كما ترى القول بمضمونه ، حيث لم يتعرض لحمله على ما يوافق المشهور.

والثاني : ما ذكره الشيخ في توجيهه لا يتعيّن ، لجواز حمل الأوّل على الفضل والثاني على الجواز.

وما تضمّنه الثالث : من النهي لم يتعرض الشيخ له مع أنّه المهمّ من حيث اقتضائه حمل الأوّل على النافلة أو على قراءة العزيمة سهوا ، ونحو ذلك ، وعلى تقدير عدم الإجماع يمكن حمل النهي في الأخيرة على الكراهة ، كما يؤيّده الأمر بالقراءة في التطوع.

هذا وفي أخبار أُخر ما يدل على الجواز مطلقا ، كما رواه الشيخ في التهذيب في زيادات الصلاة ، والثقة الجليل محمّد بن يعقوب في الحسن ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه سئل عن الرجل يقرأ بالسجدة في آخر السورة ، قال : « يسجد ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثم يركع‌

__________________

(١) في ج ١ : ٧١ ، ١٨٣.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٣٣.

١٧٤

ويسجد »(١) .

وروى الشيخ في الصحيح ، عن محمّد ، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يقرأ السجدة فينساها حتى يركع ويسجد ، قال : « يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم »(٢) .

وغير ذلك من أخبار نقلتها في كتاب معاهد التنبيه مع زيادة أحكام لا بدّ منها.

وللأصحاب كلام في بطلان الصلاة مع قراءة العزيمة واحتجاج لبعض على المنع(٣) .

أمّا الأوّل : فوجّه البطلان بعضهم بزيادة السجدة في الصلاة ، أو ترك الفوريّة الموجب للنهي عن الضد(٤) ؛ واعترض عليه : بعدم ثبوت الفوريّة ، وعلى تقديرها بالبناء على وجوب إكمال السورة وتحقق القران بالبعض(٥) ، والإثبات فيهما مشكل.

وأمّا الثاني : فهو يعرف من الأوّل ، وقد ذكرنا ما في ذلك كلّه في الكتاب المشار إليه ، والحاصل أنّه لا يبعد اختصاص القران بالسورتين التامّتين ؛ لما هو معلوم من جواز العدول من السورة إلى أُخرى مع الشرط المذكور في محلّه ، إلاّ أن يقال : إنّ القران لا يتم إلاّ بالقصد من أوّل الأمر ؛ وفيه : أنّه يستلزم جواز قراءة سورتين بعد قصد قراءة واحدة من أوّل الأمر ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٨ / ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٣٩١ / ح ١١٦٧ ، الوسائل ٦ : ١٠٢ أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٧ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٩٢ / ١١٧٦ ، الوسائل ٦ : ١٠٤ أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٩ ح ١.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٣٢ ، المدارك ٣ : ٣٥١ ـ ٣٥٣.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٣٢.

(٥) المدارك ٣ : ٣٥٢.

١٧٥

وإشكاله على تقدير القول بالتحريم ظاهر من إطلاق الأخبار.

وقد ذكر بعض الأصحاب أنّ البطلان بقراءة السورة من العزائم إنّما يظهر بعد قراءة آية السجدة ليتوجّه النهي إلى العبادة(١) . وربّما يقال : إنّ وجوب إكمال السورة إذا سلّم لزم منه محذور النهي في العبادة. وفيه نوع تأمّل ، إلاّ أنّه قابل للتسديد ، فما ذكره جدّيقدس‌سره في شرح الإرشاد : من أنّه على القول بالتحريم مطلقا كما ذكره المصنّف ـ يعني العلاّمة ـ والجماعة ، من قرأ العزيمة عمدا بطلت صلاته بمجرد الشروع في السورة وإن لم يبلغ موضع السجود ، للنهي المقتضي للفساد(٢) ؛ محلّ بحث.

هذا ، ويبقى من الأخبار الدالة على المنع ما نقله شيخناقدس‌سره عن الشيخ(٣) ، والذي رأيته في الكافي ، عن زرارة ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال : « لا تقرأ في المكتوبة بشي‌ء من العزائم ، فإنّ السجود زيادة في المكتوبة »(٤) .

قال شيخناقدس‌سره : وفي الطريق القاسم بن عروة وهو مجهول ، وعبد الله بن بكير وهو فطحيّ(٥) .

وما ذكره في القاسم يريد به الجهالة بحاله بسبب عدم وجود ما يدل على المدح والتوثيق مع ذكره في الرجال ، وقد قدّمنا فيه القول وذكر ما توهّم فيه البعض(٦) ، والعجب من قول العلاّمة في المنتهى أنّ القاسم بن عروة ما يحضرني الآن حاله(٧) ، وله في المختلف نظير هذا في كثير من‌

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٣٣.

(٢) روض الجنان : ٢٦٦.

(٣) المدارك ٣ : ٣٥٢.

(٤) الكافي ٣ : ٣١٨ / ٦ ، الوسائل ٦ : ١٠٥ أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٠ ح ١.

(٥) المدارك ٣ : ٣٥٢.

(٦) في ج ١ : ٤٣٩.

(٧) المنتهى ١ : ٢٧٦.

١٧٦

الرجال ، وهو يوجب زيادة الفكر ( في سرعة الاستعجال )(١) .

قوله :

باب الحائض تسمع سجدة العزائم.

(٢) الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن الحسين بن عثمان ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إن صلّيت مع قوم فقرأ الإمام( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) أو شيئا من العزائم وفرغ من قراءته ولم يسجد فأوم إيماء ، والحائض تسجد إذا سمعت السجدة ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سألته عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد سجدة إذا سمعت السجدة؟ قال : « تقرأ(٣) ولا تسجد ».

فلا ينافي الخبر الأوّل ؛ لأنّ الخبر الأوّل محمول على الاستحباب دون الوجوب ، وهذا الخبر محمول على جواز تركه ، ولا تنافي بينهما.

السند‌

في الأوّل : واضح الحال بأبي بصير لتكرّره فيما مضى من المقال(٤) .

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « فض ».

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٢ : أخبرني.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٣ : لا تقرأ.

(٤) في ج ١ : ٧٣.

١٧٧

والثاني : لا ارتياب فيه بعد ما قدمناه في أبان مرارا(١) ، وذكرنا عن قريب القول في رواية الحسين بن سعيد عن فضالة(٢) .

المتن :

في الأوّل : ظاهر الدلالة على الحكمين المشتمل عليهما.

والثاني : ما ذكره الشيخ فيه وجه للجمع ، وما ذكره العلاّمة في المختلف في باب الحيض : من أنّ الخبر محمولٌ على المنع من قراءة العزائم ، فكأنّهعليه‌السلام قال : تقرأ القرآن ولا تسجد ، أي لا تقرأ العزيمة التي تسجد فيها ، وإطلاق السبب على المسبب جائز. انتهى(٣) . ولا يخفى ما فيه من التكلف.

والعجب أنّه في كتاب الصلاة ذكر المسألة ونقل عن الشيخ في المبسوط جواز السجود للحائض ، وفي النهاية القول بعدم السجود ، ثمّ حكى عن الشيخ الاحتجاج بالرواية ، وأنّه أجاب عنها في الاستبصار بأنّ الخبر الأوّل ـ يعني خبر أبي بصير ـ محمول على الاستحباب دون الوجوب ، وهذا الخبر محمول على الجواز ، ثم قال العلاّمة : وهذا التأويل بعيد ؛ لخروجه عن القولين.

ووجه التعجب أنّه اختار في المسألة في كتاب الصلاة كون الطهارة غير شرط مستدلا بالأصل ورواية أبي بصير ، ثم ذكر رواية عبد الرحمن واصفا لها بالموثّق ، وأجاب بما ترى(٤) ، والحال أنّه لا بدّ له من تأويله إن‌

__________________

(١) في ج ١ : ١٨٣ ، ج ٢ : ١٧٧.

(٢) راجع ص ٧٣ و ٨٧.

(٣) المختلف ١ : ١٨٥.

(٤) المختلف ٢ : ١٨٥ ، ١٨٦ ، المبسوط ١ : ١١٤ ، والنهاية : ٢٥.

١٧٨

كان معمولا به عنده ، وإن لم يكن معمولا به لزمه ردّه.

وقد ردّه في باب الحيض بعدم الصحة(١) ؛ مع أنّ أبان بن عثمان قد نقل الإجماع على تصحيح ما يصحّ عنه(٢) ، والقدح فيه بالناووسيّة من ابن فضّال(٣) ، كما صرّح به في فوائد الخلاصة على ما حكي عن ولده أنّه سأله عن ذلك فأجابه بما ينافي الرد(٤) ، وحينئذ فعدم الالتفات في كتاب الصلاة إلى تأويله غريب.

وكونه مخالفا لقولي الشيخ لا يضرّ ؛ لاحتمال كون مذهبه في الاستبصار غير مذهبه في المبسوط والنهاية ، على تقدير الاعتماد على الاستبصار ، كما ينقل عنه العلاّمة بعض الأقوال من الاستبصار.

ومن العجيب في المقام أنّ الشيخ في أوّل التهذيب ادّعى الإجماع على اشتراط الطهارة في سجود التلاوة ، وهنا كما ترى ، وفي التهذيب في الزيادات من الصلاة حمل خبر أبي بصير على الاستحباب(٥) ، والعلاّمة في المختلف كما سمعته في كتاب الصلاة احتج بأصالة البراءة(٦) ـ يعني من التكليف بالطهارة ـ مع أنّ الشيخ ادّعى الإجماع على الطهارة.

وفي باب الحيض من المختلف استدل بأنّ الاستماع موجب للسجود إجماعا ، ثم ذكر أنّ الحيض لا يصلح للمانعيّة ، والأصل انتفاء غيره ،

__________________

(١) المختلف ١ : ١٨٥.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٦٧٣.

(٣) رجال الكشي ٢ : ٦٤٠.

(٤) حكاه عنه في منهج المقال : ١٧.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٩٢.

(٦) المختلف ٢ : ١٨٥.

١٧٩

وللإجماع(١) .

وهذا الاضطراب في الإجماع من الشيخ والعلاّمة يوجب زيادة التعجب ، وهم أعلم بالحال.

أمّا ما اتفق لبعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ من حمل الخبر المبحوث عنه أخيرا على التعجب قائلا : إنّ المعنى كيف تقرأ ولا تسجد؟(٢) ففيه : أنّه غريب منه ؛ لأنّ السؤال صريح في جواز القراءة وعدمه ، كما ينبئ عنه لفظ « هل » لا أنّ السائل عالم بالجواز سائل عن السجود ، فليتدبّر.

قوله :

باب إسماع الرجل نفسه القراءة‌

أخبرني الشيخرحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمّد ، عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أُذينة وابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « لا يكتب من القراءة والدعاء إلاّ ما أسمع نفسه ».

محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن العبّاس بن معروف ، عن الحسن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن الحلبي قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام هل يقرأ الرجل في صلاته وثوبه على فيه؟ قال : « لا بأس بذلك إن كان أسمع (٣) أُذنيه الهمهمة ».

__________________

(١) المختلف ١ : ١٨٤.

(٢) البهائي في الحبل المتين : ٥٠.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٥ : لا بأس بذلك إذا أسمع. ، وفي « رض » : لا بأس بذلك إن أسمع.

١٨٠

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفرعليهم‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يصلح له أن يقرأ في صلاته ويحرك لسانه بالقراءة في لهواته من غير أن يسمع نفسه؟ قال : « لا بأس أن لا يحرك لسانه ، يتوهم توهّما ».

فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على من يصلّي خلف من لا يقتدى به جاز أن يقرأ مع نفسه مثل حديث النفس.

يدلّ على ذلك :

ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « يجزؤك من القراءة معهم مثل حديث النفس ».

السند‌

في الأوّل : حسن.

والثاني : صحيح على ما تقدّم(١) ؛ لأنّ الطريق إلى محمّد بن أحمد بن يحيى في المشيخة من لا يرتاب فيه من عاصرناه(٢) وغيرهم من المصطلحين على الحديث الصحيح(٣) .

وكذلك الثالث.

__________________

(١) راجع ج ١ : ٦٥ ، ج ٢ : ١٤٦ ، ج ٣ : ١٦ ـ ١٧.

(٢) كصاحب منهج المقال : ٤٠٧.

(٣) كالعلاّمة في الخلاصة : ٢٧٦.

١٨١

والرابع : فيه الإرسال ، أمّا محمّد بن أبي حمزة فقد مضى أنّ الظاهر كونه الثمالي(١) ، واحتمال التيملي المذكور في رجال الصادقعليه‌السلام من كتاب الشيخ مهملا(٢) ، بعيد ، مع احتمال الاتحاد ، غير أنّ الرواية هنا عن يعقوب بن يزيد عنه ، وفي الرجال أنّ الراوي عنه محمّد بن أبي عمير في النجاشي(٣) والفهرست(٤) ؛ وفي الظن أنّ رواية يعقوب بن يزيد عنه بعيدة ، والأمر سهل بعد الإرسال.

المتن :

في الأوّل ظاهر الدلالة ، وكأنّ الظاهر أنّ المراد في الإخفات ؛ لاعتبار الزيادة في الجهر على المشهور ، والرواية وإن كانت عامة فهي دالّة على القراءة في الصلاة للدخول في العموم ، ولا يخفى أنّ قوله : « إلاّ ما أسمع نفسه » في تقدير ما أسمع الإنسان نفسه.

والثاني : كما ترى يدل على الاكتفاء بسماع الهمهمة ، فيقيّد الأوّل به ، وحينئذ يفيد الخبر الاكتفاء في الإخفات بسماع الهمهمة ، ولم أجد من صرّح في تفسير إسماع الإنسان نفسه في الإخفات بالهمهمة ، كما ذكرته في حواشي التهذيب أيضا ، وقد قدّمنا(٥) عن قريب كلاما في الجهر والإخفات ، حيث ذكر الشيخ هناك الجهر في الصلاة.

ويمكن أن يقال هنا : إنّ الخبر الأوّل والثاني يتناولان الجهريّة‌

__________________

(١) راجع ج ١ : ١٤٦.

(٢) رجال الطوسي : ٣٠٦ / ٤١٧.

(٣) رجال النجاشي : ٣٥٨ / ٩٦١.

(٤) الفهرست : ١٤٨ / ٦٣٠.

(٥) في ص : ١٠٠.

١٨٢

ويؤيّدان الاستحباب السابق نقله ، ويكون الخبر الثالث محمولا على الإخفاتيّة بيانا لأقلّ مراتبه ، إلاّ أنّ المعروف من الأصحاب المتأخّرين خلاف ذلك ؛ والحمل على التقية كما ذكره الشيخ له وجه وإن بَعُد.

وذكر بعض محقّقي المتأخّرينرحمه‌الله أنّه لو لا خوف الإجماع لكان القول بمضمون الصحيح ـ يعني خبر عليّ بن جعفر ـ أولى ؛ لبُعد حمل الشيخ من حيث عدم الإشعار في الخبر بما ذكره ، وضعف المؤيّد ، والجمع بين الأخبار بحمل الأولين على الاستحباب ( جمع حسن )(١) انتهى(٢) . وله وجه وجيه يظهر بالتأمّل.

اللغة :

قال في القاموس : اللهاة : اللحمة المشرفة على الحلق ، والجمع : لهوات ولهيات(٣) . وفيه : الهمهمة : الكلام الخفي ، وتنويم المرأة الطفل بصوتها ، وتردّد الزئير في الصدر من الهم ، ونحو أصوات البقر وكل صوت معه بحح(٤) .

قوله :

باب التخيير بين القراءة والتسبيح في الركعتين الأخيرتين‌

محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال : قلت‌

__________________

(١) ما بين القوسين أضفناه من المصدر.

(٢) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٢٢٦.

(٣) القاموس المحيط ٤ : ٣٩٠ ( لها ).

(٤) القاموس المحيط ٤ : ١٩٤ ( الهم ).

١٨٣

لأبي جعفرعليه‌السلام : ما يجزئ من القول في الركعتين الأخيرتين؟ قال : « أن تقول : سبحان الله والحمد الله ولا إله إلاّ الله والله أكبر وتكبّر وتركع ».

الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الركعتين الأخيرتين من الظهر ، قال : « تسبّح وتحمد الله وتستغفر لذنبك وإن شئت فاتحة الكتاب فإنّها تحميد ودعاء ».

سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن عبد الله بن بكير ، عن علي بن حنظلة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سألته عن الركعتين الأخيرتين ما أصنع فيهما؟ فقال(١) : « إن شئت فاقرأ(٢) فاتحة الكتاب وإن شئت فاذكر الله فهو سواء » قال : قلت : فأيّ ذلك أفضل؟ فقال : « هما والله سواء ، إن شئت سبّحت وإن شئت قرأت ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن أبي الحسن بن علان ، عن محمّد بن حكيم قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام أيّما أفضل : القراءة في الركعتين الأخيرتين أو التسبيح؟ قال(٣) : « القراءة أفضل ».

فالوجه في هذه الرواية ( أنّه )(٤) إذا كان إماما كانت القراءة‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٢٢ / ١٢٠٠ ، و « م » : قال.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٢١ / ١٢٠٠ : قرأت.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٢٢ / ١٢٠١ : فقال.

(٤) ما بين القوسين أضفناه من الاستبصار ١ : ٣٢٢.

١٨٤

أفضل ، يدلّ على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا كنت إماما فاقرأ في الركعتين الأخيرتين فاتحة الكتاب ، وإن كنت وحدك فيسعك فعلت أو لم تفعل ».

فأمّا ما رواه سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبيد الله الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا قمت في الركعتين الأخيرتين لا تقرأ فيهما فقل : الحمد لله وسبحان الله والله أكبر ».

فإنّما نهاه أن يقرأ معتقدا أنّ غير القراءة لا يجوز ، دون أن يقرأ(١) على وجه الاختيار وطلب الفضل ، ويمكن أن يكون (٢) قوله : « لا تقرأ فيهما » خبرا لا نهيا ، فكأنّه قال : إذا لم تكن ممّن يقرأ ، فقل : الحمد لله وسبحان الله والله أكبر.

السند‌

في الأوّل : قد تكرّر القول فيه من جهة محمّد بن إسماعيل(٣) ، وبيّنا أنّه من الشيوخ غير ابن بزيع ، والفرق بينه وبين أحمد بن محمّد بن الحسن ابن الوليد وابن يحيى العطّار وأشباههما غير واضح ، بل إمّا أن تردّ رواية الجميع للجهالة أو يقبل الجميع ، والالتفات إلى تصحيح العلاّمة بعض الطرق الذي فيها أحد المذكورين مشترك ، وقول الوالدقدس‌سره : إنّ مثل هذا‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٢٢ / ١٢٠٣ : يقرأها.

(٢) في النسخ : يقول ، والصحيح ما أثبتناه من الاستبصار ١ : ٣٢٢ / ١٢٠٣.

(٣) راجع ج ١ : ٤٦.

١٨٥

الخبر من الحسن(١) ؛ غير واضح الوجه ، بل إمّا من الصحيح أو من الضعيف.

والثاني : لا ارتياب فيه.

والثالث : فيه الحسن بن علي بن فضّال وقد مضى فيه المقال(٢) ، أمّا علي بن حنظلة ففي رجال الصادق من كتاب الشيخ مذكور مهملا(٣) .

والرابع : محمّد بن أبي الحسن فيه مجهول الحال ؛ إذ لم أقف عليه في الرجال ، وفي التهذيب : محمّد بن الحسن بن علان(٤) ، وهو مجهول أيضا. أمّا محمّد بن حكيم فهو مشترك بين رجلين لا يزيدان عن الإهمال كما مضى القول في ذلك(٥) .

والخامس : واضح الرجال.

والسادس : كذلك.

المتن :

لا بدّ قبل الكلام فيه من بيان مقدّمة وهي : أنّ العلاّمة في المختلف قال : أجمع علماؤنا على التخيير بين الحمد وحدها والتسبيح في الثالثة والرابعة من الثلاثيّة والرباعيّة ، لكن اختلفوا في مقامات وذكر ما حاصله :

أوّلا : في قدر التسبيح.

وثانيا : أنّ الظاهر من كلام ابني بابويه أفضليّة التسبيح على القراءة‌

__________________

(١) منتقى الجمان ٢ : ٢٧.

(٢) راجع ج ٤ : ١٢٩ و ٣٧٩.

(٣) رجال الطوسي : ٢٤١ / ٢٩٦.

(٤) التهذيب ٢ : ٩٨ / ٣٧٠.

(٥) راجع ج ٤ : ٢٧٢.

١٨٦

للإمام والمأموم ، وهو قول ابن أبي عقيل وابن إدريس ؛ والظاهر من الشيخ في النهاية والجمل والمبسوط التخيير من غير تفضيل ، ومن الاستبصار ذلك في حق المنفرد ، وأمّا الإمام فالأفضل له القراءة.

وابن الجنيد قال : يستحب للإمام المتيقّن أنّه لم يدخل في صلاته أحد ممّن سبقه بركعة من صلاته أن يُسبّح في الأخيرتين ليقرأ فيهما من لم يقرأ في الأوّلتين من المأمومين ، وإن علم بدخوله أو لم يأمن من ذلك(١) قرأ فيهما بالحمد ليكون ابتداء صلاة الداخل بقراءة ، والمأموم فيقرأ فيهما ، والمنفرد يجزؤه أيّما فعل.

وثالثا : أنّه هل يتعين قراءة الفاتحة في الأخيرتين في حق الناسي للقراءة في الأوّلتين؟ قال في المبسوط : إن(٢) نسي القراءة في الأوّلتين لم يبطل تخييره ، وإنّما الأولى له القراءة لئلاّ تخلو الصلاة من القراءة ، وقد روي أنّه إذا نسي القراءة في الأوّلتين تعيّن في الأخيرتين.

وقال ابن أبي عقيل : من نسي القراءة في الركعتين الأوّلتين وذكر في الأخيرتين سبّح فيهما ولم يقرأ فيهما شيئا(٣) .

إذا عرفت هذا : فاعلم أنّ الأوّل كما يدلّ على إجزاء التسبيح عن قراءة الفاتحة يدل على الاكتفاء بالمرّة المذكورة فيه ، وهي : « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر » وهذا المنقول عن المفيدرحمه‌الله أنّه قال : أقلّه أربع تسبيحات ، وهي : « سبحان الله والحمد الله ولا إله إلاّ الله والله‌

__________________

(١) في « رض » : أو لم يأمن في ذلك. ، وفي المصدر : أو لم يأمن ذلك.

(٢) في المصدر : من.

(٣) المختلف ٢ : ١٦٣ ـ ١٦٧ ، الفقيه ١ : ٢٠٩ ، السرائر ١ : ٢٣٠ ، النهاية : ٧٦ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٨١ ، المبسوط ١ : ١٠٦ ، الاستبصار ١ : ٣٢٢.

١٨٧

أكبر » مرّة واحدة(١) .

والثاني : كما ترى يدل على إجزاء مطلق التسبيح والتحميد والاستغفار.

والمنقول عن ابن الجنيد القول بأنّه يقال مكان القراءة تحميد وتسبيح وتكبير(٢) ؛ وهذا الخبر لا يدل عليه ، بل المنقول عنه الاحتجاج بالسادس ، أمّا مضمون المبحوث عنه فلم أقف على القائل به.

والثالث : واضح الدلالة على المساواة مطلقا ، وقد ذكر في المختلف أنّ القائلين بالمساواة احتجوا به(٣) .

والرابع : دالّ على أفضليّة القراءة.

والخامس : دلّ على أفضليّة القراءة للإمام والتساوي للمنفرد.

والسادس : دالّ على رجحان التسبيح مطلقا ، وتأويل الشيخ ستسمع القول فيه(٤) .

ولا بدّ قبل الكلام فيما لا بدّ منه من ذكر بقيّة الأخبار الواردة في الباب ممّا وقفت عليه :

فروى الشيخ في زيادات الصلاة من التهذيب ، عن علي بن مهزيار ، عن النضر بن سويد ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن القراءة خلف الإمام في الركعتين الأخيرتين ، فقال : « الإمام يقرأ فاتحة الكتاب ومن خلفه يسبّح ، فإذا كنت وحدك فاقرأ‌

__________________

(١) حكاه عنه في المختلف ٢ : ١٦٤.

(٢) حكاه عنه في المختلف ٢ : ١٦٤.

(٣) المختلف ٢ : ١٦٦.

(٤) في ص ١٩١.

١٨٨

فيهما ، وإن شئت فسبّح »(١) .

وروى بطريق فيه علي بن السندي ـ وقد مضى القول فيه(٢) ، وباقي رجاله لا ارتياب فيه ـ والراوي جميل بن درّاج قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عمّا يقرأ الإمام في الركعتين في آخر الصلاة ، فقال : « بفاتحة الكتاب ولا يقرأ الذين خلفه ، ويقرأ الرجل فيهما إذا صلّى وحده بفاتحة الكتاب »(٣) .

وروى في باب الجماعة من الزيادات عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إن كنت خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى يفرغ وكان الرجل مأمونا على القرآن فلا تقرأ خلفه في الأوّلتين » وقال : « يجزئك التسبيح في الأخيرتين » قلت : أيّ شي‌ء تقول أنت؟ قال : « أقرأ فاتحة الكتاب »(٤) .

وروى عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أُذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « إذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف إمام يحتسب بالصلاة خلفه ، جعل أوّل ما أدرك أوّل صلاته إن أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين وفاتته ركعتان ، قرأ في كل ركعة ممّا أدرك خلف الإمام في نفسه بأمِّ الكتاب وسورة ، فإن لم يدرك السورة تامّة أجزأته أمّ الكتاب ، فإذا سلّم الإمام قام فصلّى فيها ركعتين لا يقرأ فيهما لأنّ الصلاة إنّما يُقرأ فيها في الأوّلتين في كلّ ركعة بأُمّ الكتاب‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٩٤ / ١١٨٥ ، الوسائل ٦ : ١٠٨ أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٢ ح ٢.

(٢) في ج ١ : ٣٥٥.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٩٥ / ١١٨٦ ، الوسائل ٦ : ١٠٨ أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٢ ح ٤.

(٤) التهذيب ٣ : ٣٥ / ١٢٤ بتفاوت يسير ، الوسائل ٨ : ٣٥٧ أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ٩.

١٨٩

وسورة ، وفي الأخيرتين لا يقرأ فيهما ، إنّما هو تسبيح وتكبير وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة » الحديث(١) .

وروى الصدوق في الفقيه في أوّل باب الصلاة بطريقه الصحيح عن زرارة بن أعين ، قال أبو جعفرعليه‌السلام : « كان الذي فرض الله على العباد عشر ركعات وفيهن القراءة وليس فيهن وهم ـ يعني سهوا ـ فزاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سبعا وفيهن السهو وليس فيهن قراءة » الحديث(٢) .

وروى عن زرارة في الصحيح ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « لا تقرأ في الركعتين من الأربع ركعات المفروضات إماما كنت أو غير إمام » قلت : فما ذا أقول فيهما؟ قال : « إذا كنت إماما أو وحدك فقل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله ، ثلاث مرّات تكمّل تسع تسبيحات ثمّ تكبّر وتركع » وهذه الرواية ذكرها الصدوق في باب صلاة الجماعة(٣) .

وروى أيضا بطريق وإن كان غير سليم إلاّ أنّ إيداع الرواية كتابه لها مزيّة كرّرنا ذكرها ، والمتن : قال : « أدنى ما يجزئ من القول في الركعتين الأخيرتين أن تقول : سبحان الله سبحان الله سبحان الله »(٤) .

وروى مرسلا أيضا في باب وصف الصلاة ما هذا لفظه : وروى محمّد ابن عمران(٥) ـ إلى أن قال ـ : « وصار التسبيح أفضل من القراءة في الأخيرتين لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله عزّ وجلّ فدهش فقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ،

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٤٥ / ١٥٨ ، الوسائل ٨ : ٣٨٨ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٧ ح ٤.

(٢) الفقيه ١ : ١٢٨ / ٦٠٥ ، الوسائل ٦ : ١٢٤ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥١ ح ٦.

(٣) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٥٨ ، الوسائل ٦ : ١٢٢ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥١ ح ١.

(٤) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٥٩ ، الوسائل ٦ : ١٠٩ أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٢ ح ٧.

(٥) في الفقيه ١ : ٢٠٢ / ٩٢٥ : وسأل محمّد بن عمران أبا عبد اللهعليه‌السلام .

١٩٠

فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة »(١) .

وفي المختلف ذكر أنّ الرواية عن محمّد بن حمران(٢) ؛ والذي في الفقيه ما نقلناه ، ويحتمل أن يكون قوله : « وصار » ليس من الرواية ، لكنه بعيد(٣) .

وغير ذلك من أخبار ذكرتها في محلّ آخر.

إذا تقرّر هذا فاعلم أنّه يستفاد من كثير من هذه الأخبار رجحان التسبيح ، والفرق بين الإمام وغيره وإن وجد في البعض إلاّ أنّ رواية الصدوق الصحيحة عن زرارة المتضمّنة لقوله : « إذا كنت إماما أو وحدك » صريحة في عدم الفرق ؛ والنهي في بعض الأخبار والنفي في صحيح زرارة المروي من الصدوق في باب الصلاة(٤) ، أقل مراتبه إفادة المرجوحيّة.

ويؤيّده النهي في الخبر السادس المذكور في الكتاب ، وتأويل الشيخ بالاعتقاد قد ذكرت ما فيه في حاشية التهذيب وغيرها ، والحاصل أنّه لو كان المراد ما ذكره ينبغي أن يكون في الجواب ما يفيد التخيير ؛ لأنّ دفع التعين كما يتحقّق بتعين التسبيح يتحقّق باحتماله ويتحقّق برجحانه.

أمّا التأويل الثاني فله وجه ، إلاّ أنّ المؤيّد للترجيح إذا وجد لا حاجة إلى التأويل.

غاية الأمر أنّه يبقى الكلام في خبر ابن سنان ، وللوالدقدس‌سره فيه كلام في المنتفى حاصله : أنّ قوله : أيّ شي‌ء تقول أنت؟ لا مانع من حمله على السؤال عن قوله : إذا كان مأموما ، وفيه ما لا يخفى ، وقد أطالقدس‌سره القول‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٠٢ / ٩٢٥ ، الوسائل ٦ : ١٢٣ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥١ ح ٣.

(٢) المختلف ٢ : ١٦٥.

(٣) في « م » زيادة : وهذا جميع ما ذكر.

(٤) راجع ص : ١٩٠.

١٩١

في توجيهه(١) .

وفي نظري القاصر أنّه لا يبعد أن يكون قوله : أيّ شي‌ء تقول أنت؟ في حال الإمامة ، وقراءتهعليه‌السلام الفاتحة لاحتمال وجود مخالف يصلّي معه أو يحكي فعله لو صلّى بغير الفاتحة ، على أنّه لا يبعد احتمال أن يراد : أيّ شي‌ء تأمرني به؟ ويكون قولهعليه‌السلام : « أقرأُ » من التقيّة(٢) ، حيث إنّ الغالب حضور أهل الخلاف أو نحو ذلك.

ومن هنا يظهر أنّ احتمال التقية في خبر منصور بن حازم المذكور في الكتاب أقرب للاعتبار من حيث مظنّة ما ذكرناه ، ويؤيّد هذا إطلاق الأخبار بأفضليّة التسبيح ، وما دل على أفضليّة القراءة على الإطلاق يكون محمولا على ما قلناه ، فينبغي التأمّل في ذلك ، وقد أوضحت الحال في حاشية الروضة.

أمّا ما تضمّنه الخبر الأوّل من إجزاء التسبيحات الأربع فهو مذهب الأكثر على ما قيل(٣) ، لكن الاستغفار في الثانية على الظاهر من الرواية وجوبه ، وتركه من الاولى قد يأبى الوجوب ، إلاّ أن يقال بالتخيير بين الأربع وبين فعل التسبيح والتحميد والاستغفار غير أن لا ترتيب ، ولم أعلم الآن القول بذلك ، إلاّ أنّ المنقول عن بعض المتأخّرين ما يقتضي وجود القائل بالاستغفار واجبا(٤) ؛ والتقريب الذي ذكرناه لم يصرح به ، واحتمال أن يقال باستحباب الاستغفار بخلوّ الخبر الأوّل وغيره منه ، يشكل بالاحتمال‌

__________________

(١) منتقى الجمان ٢ : ١٥.

(٢) في « رض » و « م » : للتقية.

(٣) قال به الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٢٠٧.

(٤) كما في الحبل المتين : ٢٣١.

١٩٢

السابق.

ثم إنّ ترك التكبير في الثاني محتمل لأن يكون عوضه الاستغفار فيكون من قبيل التخيير ، ويحتمل عدم وجوبه في الأوّل ـ كالترتيب في الأوّل ـ لدلالة الثاني على نفيه ، أمّا احتمال حمل المطلق وهو الثاني على المقيّد وهو الأوّل ، ففيه : أنّ لكلّ إطلاقا وتقييدا والترجيح مشكل ، والحمل غير مشخّص.

أمّا ما تضمنه الثاني من قوله : « وإن شئت » فظاهره ترجيح التسبيح كما يشعر به اللفظ ، مضافا إلى قوله : « فإنّها تحميد ودعاء » فإنّ هذا كما ترى يشعر بأنّ الواجب في الأخيرتين لمّا كان التحميد والدعاء وهما موجودان في الحمد أجزأت ، وحينئذ ربما يستفاد منه لزوم الدعاء والتحميد فقط ، وما عداه لا يكون واجبا ، والاستغفار لا يخفى أنّه دعاء.

ويمكن أن يكون الوجه في قوله : « فإنّها » الإشارة إلى تحقّق أحد أفراد الواجب المخير أو فرديه.

وفي الخبر كما ترى دلالة على تضمّن الفاتحة الدعاء ، فقد يندفع به ما ورد على قول آمين بعد الفاتحة من استلزامه تقدّم الدعاء ، والفاتحة ليست بدعاء ، فإن قصد بها الدعاء خرجت عن كونها قرآنا ، وإلاّ فلا معنى لقول آمين ، وقد تقدّم ، فليتأمّل.

وأمّا الثالث : فعلى تقدير العمل به يتضمن مطلق الذكر.

( [ والسادس ](١) كما ترى تضمّن عدم الترتيب الأوّل وترك التهليل والاستغفار ، وحينئذ يحتمل استفادة مطلق الذكر )(٢) كما تضمّنه الثالث‌

__________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : والخامس ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) ما بين القوسين ساقط من « رض ».

١٩٣

واختلاف مدلول الأخبار ، لكن الوقوف على مدلول الخبر الأوّل مع الاستغفار طريق السلامة.

غاية الأمر أنّه يبقى ما دل على الثلاث كما رواه الصدوق عن زرارة(١) ، واحتمال التخيير بين الثلاث وبين الأربع ممكن.

أمّا حمل المطلق على المقيد ففيه : أنّ الأربع تضمّنت التكبير والثلاث نفيه كما مضى.

أمّا ما نقله في المختلف عن الشيخ في النهاية والاقتصاد : من القول ثلاث مرّات بالأربع فيكون اثني عشر ، قال العلاّمة : وهو الظاهر من ابن أبي عقيل ؛ وعن السيد المرتضى : من القول بالعشر تسبيحات وهي : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله ، ثلاثا ، وضمّ التكبير في الأخير ، وهو اختيار الشيخ في الجمل والمبسوط وابن إدريس وسلاّر على ما قاله العلاّمة ، فقد قال في المختلف : إنّه لم يقف لهما على دليل(٢) .

وقد ذكرت في حاشية الروضة ما يستدل به على الأوّل من الخبر المذكور في آخر السرائر لابن إدريس حيث نقل عن بعض الأُصول أحاديث من جملتها ما نقلناه هناك ، ويظهر من المحقّق القول به ؛ لأنّه قال في المعتبر ـ على ما نقل حيث ذكر الروايات ـ : الوجه عندي القول بالجواز في الكلّ ، إذ لا ترجيح(٣) .

وغير بعيد أن يقال : إنّ مفاد الأخبار عدم تعيّن الذكر المخصوص ، أو‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٥٨ ، الوسائل ٦ : ١٢٣ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥١ ح ١.

(٢) المختلف ٢ : ١٦٤ ، وهو في النهاية : ٧٦ ، الاقتصاد : ٢٦١ ، جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٣٣ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٨١ ، المبسوط ١ : ١٠٦ ، السرائر ١ : ٢٢٢ ، المراسم : ٧٢.

(٣) المعتبر ٢ : ١٩٠.

١٩٤

عدم ترتيب التسبيح ، أو عدم وقوفه على حدّ بمعنى عدم جواز الزيادة ، بل بيان أقلّ الإجزاء وحينئذ لو أتى بالزائد كان أحد أفراد المخيّر ، لكن ينبغي أن يكون القصد من أوّل الأمر كما هو شأن المخيّر.

(فإن قلت : هذا في المخير الغير المتميز الأفراد ممكن ، أمّا المتميز فالاحتياج إلى القصد غير واضح الوجه.

قلت : الفرق بين متميز الأفراد وغيره لا وجه له إلاّ تخيّل أنّ المتميز يتعين الفرد بمجرد فعله ، وفيه : أنّ التعيّن تابع للقصد ؛ لعدم تشخص الفرد إلاّ به ، وبدونه فهو باق على عدم التعين المطلق ، ألا ترى أنّ الانتهاء في مواضع التخيير(١) لا يتعين إلاّ بقصدها ، مع أنّه متميّزة ، وفاعل الخصال في الكفّارة من دون قصد فرد معيّن يجزؤه واحد منها ، واللازم إجزاء الأوّل )(٢) وقد ذكرت الحال مفصّلا في حاشية الروضة حيث إن جدّيقدس‌سره ذكر كلاما في وجوب الزائد على الأربع وعدمه(٣) ، والحاصل ما ذكرناه ، فليكن ملحوظا بعين العناية فإنّ له في كثير من المسائل مزيد غاية.

وفي المعتبر : وهل ترتيب الذكر لازم؟ الأشبه لا ؛ لاختلاف الروايات(٤) . وفيه دلالة على بعض ما ذكرناه.

وما عساه يقال : إنّ ما دل على الأربع مرّة واحدة يدل على أنّ ما يقتضي تكرارها ثلاثا للاستحباب ، بمعنى كون المرّتين مستحبة ، أمّا كون الثلاثة أحد الأفراد فلا دليل عليه.

__________________

(١) في « رض » : التمييز.

(٢) ما بين القوسين ساقط من « م ».

(٣) الروضة البهية ١ : ٢٥٨.

(٤) المعتبر ٢ : ١٩٠.

١٩٥

يمكن الجواب عنه : بأنّ ما تضمّنه خبر زرارة السابق الدال على التسبيح والتكبير وما معهما يقتضي الإتيان بما يفيده وإن تكرر فيتحقّق الواجب في أيّ فرد.

واحتمال أن يقال : إنّ خبر زرارة تضمن التسبيح والتكبير والتهليل والدعاء ، وما تضمّن الثلاث مقتضاه التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير من دون الدعاء فلا يكون من أفراد ذلك المطلق.

يمكن الجواب عنه : بأنّ خروج بعض الأجزاء لا يقتضي استحباب غيرها ، وحينئذ يجوز أن يكون التحميد مستحبّا في غير الأوّل ، وإن أمكن أن يقال : إنّ مفاد خبر زرارة سقوط التحميد من جميع التسبيح ، وما دل على الأربع يفيد لزومه ، فما هو الجواب فهو الجواب لاشتراك الإلزام.

وما عساه يقال : إنّ ما دلّ على الثلاث بالنسبة إلى ما دلّ على الواحدة يتعيّن حمل الزائد فيه على الاستحباب ، والنظر إلى المطلق المتضمّن لمطلق التسبيح المذكور سابقا يقتضي العمل بإطلاقه ليكون فردا من التسبيح ، والفرد الآخر التسبيحة الواحدة الواردة بلفظ : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ، وحينئذ ما زاد عن هذا الفرد ـ وهو ما تضمّن الثلاث ـ مستحب.

يمكن الجواب عنه : بأنّ ما تضمّن الواحدة يحتمل أن يكون فردا من المطلق ، وعلى تقدير كونه فردا آخر يجوز أن يكون الثلاث كذلك ، لكنّها أفضل من حيث المجموع على معنى أفضل الفردين ، لكن لا يخفى أنّ هذا الاحتمال كما ينفي احتمال جدّيقدس‌سره لا يثبت احتمالنا.

وربما يدّعى أنّ جميع ما تضمّنته الأخبار المفصّلة بيان لأفراد التسبيح ، وتفاوت بعضها على بعض بالأفضلية ، والمطلق من الأخبار‌

١٩٦

بالتسبيح لا يخلو حمله على المقيد من إشكال ، لما عرفت من التخالف بالزيادة والنقصان ، ولعل إبقاء المطلق على إطلاقه لا مانع منه ، والمقيد يحمل على أنّه فرد أكمل من مطلق التسبيح [ الذي تضمّنه ](١) الخبر المطلق ، ثم المقيد يتفاوت بالأفضلية ، فليتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه لا يبعد ادّعاء الاحتياط في التسبيح ، لأنّ ما سبق(٢) نقله عن العلاّمة : من قول ابن إدريس بعدم جواز الجهر بالبسملة في الأخيرتين ، وعن البعض بالوجوب ، لا مخلص عنه إلاّ بالتسبيح ؛ والاختلاف في التسبيح يمكن الخلاص عنه بفعل الزائد المتّفق على صحّته.

وما عساه يقال : إنّ من أوجب الأربع لا يوجب الزائد.

فيه : أنّ الزائد لا يؤتى به على سبيل الوجوب ، والقائل بالأربع لا يمنع فعل الزائد ، وهكذا القول في غير هذا من التسعة والعشرة ، على أنّ الذي يقتضيه الاعتبار ما سبق في دليل الجهر في الأخيرتين : من عدم دلالة الرواية المدّعى دلالتها عليه.

وقد كان الوالدقدس‌سره يرجّح التسبيح مطلقا ما لم يشعر بمسبوق إذا كان إماما فيقرأ على سبيل الاحتياط(٣) .

وعلى تقدير ما قرّرناه لو أتى بالزائد واجبا أمكن من حيث دخول الواجب فيه ؛ إذ اختلاف الأخبار قرينة جليّة على عدم التعيّن ، غاية الأمر أنّ الاستغفار لا يخلو وجوبه من إشكال ، والاحتياط في فعله مطلوب إمّا بلفظة‌

__________________

(١) في النسخ : المتضمنة ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) في ص ١٠٠.

(٣) منتقى الجمان ٢ : ٢٥.

١٩٧

أو بالدعاء.

بقي في المقام شي‌ء وهو : أنّا قدّمنا عن الصدوق رواية تضمّنت(١) قضاء القراءة الفائتة في الأوّلتين(٢) ، وغير بعيد أن يراد بالقضاء قراءتها في الأخيرتين ، فيكون مذهبا للصدوق ، فليراجع ذلك ، والله تعالى أعلم بحقائق الأحكام.

__________________

(١) في النسخ زيادة : أنّ ، حذفناها لاستقامة المعنى.

(٢) راجع ص ١٢٥.

١٩٨

أبواب الركوع والسجود‌

قوله :

باب أقل ما يجزئ من التسبيح في الركوع والسجود‌

أخبرني الشيخ ; عن أبي القاسم جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن خالد البرقي والعباس بن معروف ، عن القاسم بن عروة ، عن هشام بن سالم قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن التسبيح في الركوع والسجود ، قال(١) : « تقول في الركوع : « سبحان ربي العظيم » وفي السجود « سبحان ربي الأعلى » الفريضة من ذلك تسبيحة ، والسنّة ثلاث(٢) ، والفضل في سبع ».

عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن حديد وعبد الرحمن بن أبي نجران(٣) والحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : قلت له : ما يجزئ من القول في الركوع والسجود؟ فقال : « ثلاث تسبيحات في ترسل واحد وواحدة تامّة تجزئ ».

عنه ، عن أيّوب بن نوح النخعي ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٢٢ / ١٢٠٤ : فقال.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٢٢ / ١٢٠٤ : ثلاثة.

(٣) في « فض » و « م » : عبد الرحمن بن نجران.

١٩٩

عليّ بن يقطين ، عن أبي الحسن الأوّلعليه‌السلام ، قال : سألته عن الركوع والسجود كم يجزئ(١) فيه من التسبيح؟ فقال : « ثلاث ويجزؤك(٢) واحدة إذا أمكنت جبهتك من الأرض ».

وعنه ، عن أبي جعفر ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين بن علي بن يقطين ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الأوّلعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يسجد ، كم يجزؤه من التسبيح في ركوعه وسجوده؟ فقال : « ثلاث ، ويجزؤه واحدة ».

السند‌

في الأوّل : فيه القاسم بن عروة ، وقد تكرّر(٣) أنّا لم نقف على ما يقتضي مدحه فضلا عن غيره ، ومحمّد بن قولويه أيضا مضى القول فيه(٤) .

والثاني : لا ارتياب في رجاله ، وفيه دلالة على أنّ ما يوجد في بعض الطرق من رواية علي بن حديد عن عبد الرحمن بن أبي نجران لا يخلو من ريب ، بل الوالدقدس‌سره قد سبق ما حكيناه عنه(٥) : من جزمه بأنّ « عن » سهوٌ ، والصواب هو الواو بدلها ، وفي الرجال ما يستفاد ذلك ، لأنّ الطريق إلى حمّاد بن عيسى فيه عبد الرحمن وعلي بن حديد(٦) .

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٢٣ / ١٢٠٦ : يكفي.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٢٣ / ١٢٠٦ : ثلاثة وتجزيك.

(٣) راجع ج ١ : ٤٣٩.

(٤) في ج ١ : ١١٤.

(٥) راجع ج ٣ : ٣٤٣.

(٦) انظر الفهرست : ٦١ / ٢٣١.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379