إستقصاء الإعتبار الجزء ٦

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430
المشاهدات: 41427
تحميل: 5138


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41427 / تحميل: 5138
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 6

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-178-8
العربية

السند‌ :

في الأول : معلوم مما تكرر الكلام فيه(١) في محمد بن إسماعيل وغيره سيما عبد الرحمن بن الحجاج ، والحاصل في أمره أنّ النجاشي قال : إنّه رمي بالكيسانية ، والرامي غير معلوم الحال ( إلاّ أنّ قول النجاشي بعد النقل : ثم رجع(٢) ، يدل على جزمه بأنّه كيساني ، إلاّ أن يقال : إنّ الرجوع منقول أيضاً ممّن رماه ، وفيه بُعد )(٣) و(٤) الصدوق في مشيخة الفقيه ذكر أنّ عبد الرحمن بن الحجاج كان موسىعليه‌السلام إذا ذكر عنده قال : إنّه لثقيل على الفؤاد(٥) . وهذا ربما يقتضي الطعن فيه ، وأنّ الصدوق جازم بذلك ، وفي نفسه طعن عليه ، وقد ذكرنا الجواب فيما مضى باحتمال التقيّة عليه من الخلاف ، لكن خفاء ذلك عن الصدوق بعيد.

ولعلّ المراد أنّه ثقيل على أهل الخلاف ، لشدّة إيمانه وورعه ؛ واحتمل شيخنا المحقق سلّمه الله أن يكون المراد ثقل اسمه واسم أبيه أيضاً(٦) ؛ وبالجملة لم نر من مشايخنا من توقف فيه(٧) .

والثاني : فيه محمد بن عيسى الأشعري وقد كرّرنا القول فيه(٨) ؛

__________________

(١) في ص ٣١.

(٢) رجال النجاشي : ٢٣٧ / ٦٣٠.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) في « فض » و « م » : لكن.

(٥) مشيخة الفقيه ( الفقيه ٤ ) : ٤١.

(٦) منهج المقال : ١٩١.

(٧) من هنا إلى قوله : كأنه غير معتبر ، في ص ١٩١٧ ساقط عن نسخة « م ».

(٨) راجع ص ١٤٧.

٢٢١

وأبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى ، والحسين بن سعيد إمّا معطوف على محمد بن عيسى ، أو على سعد فيكون ابتداء سند ، وعلى كل حال لا ارتياب في الرجال بعد ما قدمناه(١) .

والثالث : فيه محمد بن عبد الله بن هلال وقد مضى(٢) أنّه مجهول ؛ وأمّا عقبة بن خالد فقد ذكره في الفهرست مهملاً وأنّ الراوي عنه محمد بن عبد الله بن هلال(٣) ، والنجاشي ذكره مهملاً(٤) ، وفي رجال الصادقعليه‌السلام من كتاب [ الشيخ(٥) ] عقبة بن خالد مهملاً ثم عقبة بن خالد كذلك(٦) ، والعلاّمة في الخلاصة ذكر في القسم الأوّل ما هذه صورته : عقبة بن خالد روى الكشي عن محمد بن مسعود قال : حدثني عبد الله بن محمد ، عن الوشاء قال : حدثنا علي بن عقبة عن أبيه قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّ لنا خادماً لا تعرف ما نحن فيه(٧) فإذا أذنبت ذنباً أو(٨) أرادت أن تحلف بيمين قالت : لا وحق الذي إذا ذكرتموه بكيتم ، فقال : « رحمكم الله من أهل البيت » انتهى(٩) .

ولا يخفى أنّ هذا الخبر لا يقتضي دخول الرجل في قسم المقبولين ؛ وحكى شيخنا سلمه الله في كتاب الرجال أنّ في الكافي في باب‌

__________________

(١) في ص ٣٩ ، ٤٩ ، ٦٨ ، ٧٢ ، ٢٠٩.

(٢) في ص ١٨٩٨.

(٣) الفهرست : ١١٨ / ٥٢١.

(٤) رجال النجاشي : ٢٩٩ / ٨١٤.

(٥) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المتن.

(٦) رجال الطوسي : ٢٦١ / ٦٢٤ ، ٦٢٥.

(٧) في المصدر : عليه.

(٨) في المصدر : و.

(٩) الخلاصة : ١٢٦.

٢٢٢

ما يعاين المؤمن والكافر حديثاً يدل على إيمان الرجل وحسن عقيدته(١) .

والرابع : واضح ؛ لأنّ القاسم بن بريد ثقة.

والخامس : موثق(٢) .

المتن :

في الأوّل : ظاهر الدلالة على أنّ من تكلّم في الصلاة بالكلام الخاص ناسياً عليه سجدتا السهو ، وأنّهما بعد التسليم ، ولا يبعد ادعاء ظهور نسيان كونه مصلّياً ، ويحتمل نسيان التحريم ، لكن العلاّمة في المنتهى ينقل عنه دعوى الإجماع على أنّ التكلم في الصلاة موجب لسجود السهو(٣) ، وفي المختلف كلامه يقتضي الخلاف في المسألة كما سبق نقله(٤) ، والحاصل أنّه بعد استدلاله بالخبر المبحوث عنه على وجوب السجدتين قال : احتج المانع ، وذكر الخبر الثاني وأجاب بنحو جواب الشيخ ، وحكى قبل ذلك عن ابن بابويه أنّه قال : وإن تكلمت في صلاتك ناسياً فقلت : أقيموا صفوفكم ، فأتم صلاتك واسجد للسهو ؛ وهذه العبارة في الفقيه(٥) ، والظاهر منها الاختصاص من جهة الكلام في الصلاة.

وفي الظن أنّ هذا القول لا يعارضه الخبر الثاني ؛ لاحتمال الخبر‌

__________________

(١) انظر منهج المقال : ٢٢١.

(٢) بأحمد بن الحسن وعمرو بن سعيد ومصدق بن صدقة وعمّار بن موسى لأنّهم كلّهم فطحية ، انظر رجال الكشي ٢ : ٥٢٤ / ٤٧١ ، ٨٣٥ / ١٠٦٢ ، ٨٦٩ / ١١٣٧ ، ورجال النجاشي : ٨٠ / ١٩٤ ، والفهرست : ١١٧ / ٥١٥.

(٣) المنتهى ١ : ٤١٧.

(٤) راجع ص ١٥١ ، وهو في المختلف ٢ : ٤١٩.

(٥) الفقيه ١ : ٢٣٢.

٢٢٣

احتمالاً ظاهراً أن يراد بالسهو في الركعتين توهم الفراغ من الصلاة ، وقوله : ويتكلم ، يراد(١) به الكلام مع الوهم ، فنفي السجود عنه الداخل في نفي الشي‌ء لا مانع منه ، والأخبار الدالة على أنّ من سها في الركعتين يتمهما من دون ذكر سجود السهو والحال أنّ الكلام واقع بين الركعتين من الإمام ، كما مضى ذلك تؤيّد عدم وجوب سجدتي السهو لخصوص هذا الكلام ، أمّا ما دل عليه بعض الأخبار من كلام المأمومين مع ذكر سجود السهو فلا ينافي ما ذكرناه ؛ لأنّ ما تضمن ذلك ليس فيه أنّ المأمومين أتموا صلاتهم ليتوجه ما أُورد ، وقضيّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم تتضمن سجود أصحابه ، وتضمن الخبر المذكور في زيادات التهذيب أنّهعليه‌السلام سجد لمكان الكلام(٢) ، فيه : أنّ اختصاصهعليه‌السلام بالسجود مع أنّ الكلام وقع منه ومنهم ، فلو كان الكلام موجباً للسجود لما اختص يمكن حمله على الاستحباب ، وعدم فعلهم تبعاً له ولو مستحباً لا ضير فيه.

وينقل عن الكليني أنّ مذهبه وجوب السجود للكلام بعد التسليم لا لمطلق الكلام(٣) ، فيمكن حمل الخبر عليه ولا ينافي ما ذكرناه.

ويخطر في البال إمكان أن يقال : إنّ كلام أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان واجباً ، أمّا من جهة جواب سؤاله فواضح ؛ لتصريح بعض الأصحاب لوجوب إجابته في الصلاة ، وأمّا من جهة أوّل السؤال لهعليه‌السلام ، فربما يوجه بأنّ العلم بأحوال الصلاة واجب وإمكان الاستفادة بغير الكلام لعلّه منتف.

ولو نوقش في ذلك أمكن أن يقال : إنّ سجودهعليه‌السلام مع عدم‌

__________________

(١) في « رض » : المراد.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٤٥ / ١٤٣٣.

(٣) حكاه عنه في المدارك ٤ : ٢٧٦. وهو في الكافي ٣ : ٣٦٠.

٢٢٤

سجودهم في ظاهر الخبر يقتضي مخالفة ما ذكره بعض الأصحاب من أنّ المأموم يسجد مع الإمام واجباً إن عرض له السبب(١) ؛ وقد استدل على ذلك بالاشتراك.

ومشى شيخناقدس‌سره في الاستدلال على المسلك المذكور بعد عبارة المحقق الدالة على ما نقلناه ، ثم نقل عن الشيخ أنّه لا سجود على المأموم وإن عرض له السبب ، وأنّ الشيخ في الخلاف ادعى الإجماع على ذلك مع رواية عمار المتضمنة لأنّه ليس على المأموم إذا سها خلف الإمام سهو ، وردّها بالضعف مع عدم التعرض للإجماع(٢) .

وفي نظري القاصر أنّ الخبر الصحيح الوارد في قضيّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من أكبر المؤيّدات لدعوى الشيخ الإجماع ، وحينئذ لا مانع من عدم سجود المأمومين في القصة المذكورة ، مضافاً إلى ما قدمناه من بعض الاحتمالات في الخبر.

وإذا تمهد هذا فاعلم أنّ الثالث ربما يظن منه عدم وجوب سجدتي السهو مع الكلام المذكور فيه ، ويتأكّد اختصاص السجدتين بالكلام السابق.

وما يفهم من كلام الشيخ أنّه حمل قوله : « ويكبّر تكبيراً كثيراً » على التكبير المستحب في سجود السهو ، يمكن دفعه بأنّ التكبير محتمل لأن يراد به تعليم جواب السؤال(٣) في الصلاة إذا وقع بأن يكبّر إعلاماً بأنّه يصلّي ، والوصف بالكثرة محتمل لأن يراد به عدم الاقتصار على المرّة وما وظف في الصلاة بل يسوغ وإن كثر ، ويحتمل أن يراد إكثار التكبير‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٢٤ ، المدارك ٤ : ٢٨٠.

(٢) المدارك ٤ : ٢٨٠ و ٢٨١.

(٣) في « رض » : السائل.

٢٢٥

ليخرج عن تكبير الصلاة فإنّ الاجتماع ليس من وظائفها.

فإن قلت : كلام الشيخ لا صراحة فيه بأنّ التكبير لسجدتي السهو ، بل لا يأبى أن يريد بالتكبير ما ذكرت.

قلت : بل الظاهر من قوله : أن يكبر ويسجد ، وقوع التكبير بعد الصلاة ، ولا يخفى عدم ملائمة الكثرة لتكبير سجود السهو.

وأمّا الرابع : فدلالته على ما ذكرناه من احتمال عدم وجوب سجدتي السهو إلاّ للكلام الخاص ممكنة ، ولا يضر بالحال لزوم عدم السجود للتسليم مع وجوبه ؛ لأنّ القائل بنفيه موجود ، كما صرح به العلاّمة في المختلف قائلاً إنّه احتج بهذا الخبر(١) ، ونقل شيخناقدس‌سره عن المنتهى دعوى الاتفاق على وجوب السجدتين للتسليم(٢) ، غريب منه ، كادعاء العلاّمة ، فإنّ المختلف يحتاج إليه في المسائل المحتملة للخلاف.

وأعجب من ذلك أنّهقدس‌سره اعترض على الاستدلال لهذا المطلب من العلاّمة بحديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي نقلنا عن الشيخ روايته في باب الزيادات صحيحاً المتضمّن لأنّهعليه‌السلام سجد سجدتين لمكان الكلام(٣) ، بأنّه يجوز أن يكون السجود للكلام بعد التسليم لا لنفس التسليم ، كما هو مذهب الكليني(٤) ، ثم قال بعد الجواب عن الرواية المبحوث عنها : بأنّ المراد ب : لا شي‌ء عليه ، نفي الإعادة ، ولو لا الاتفاق على هذا الحكم لأمكن الجمع بين الروايات بحمل ما تضمن السجود على الاستحباب(٥) .

__________________

(١) المختلف ٢ : ٤١٩.

(٢) المدارك ٤ : ٢٧٦.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٤٥ / ١٤٣٣.

(٤) الكافي ٣ : ٣٦٠.

(٥) المدارك ٤ : ٢٧٦.

٢٢٦

وليت شعري كيف يحمل الاولى على الاستحباب بمجرد معارضة الثانية وهي المبحوث عنها ، مع أنّها مجملة لا تأبى التقييد بغير سجود السهو إذا دلت عليه الاولى وهي الواردة في قضيّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإذا كانت الاولى غير صريحة في سجود السهو للتسليم فهي صريحة في سجود السهو للكلام ، والثانية متضمنة الكلام والسلام ، ونفي الشي‌ء يعم سجود السهو ، فإذا حملت الاولى على الاستحباب في الكلام لمعارضة الثانية كان له وجه ، أمّا السلام لا وجه للاستحباب فيه ، إذ لا تضمن للرواية الاولى له إلاّ بتقدير شمول الكلام له ، وشموله له لا يوافق قول الكليني المنقول عنه أوّلاً ، وجعله وجهاً للنظر في الاستدلال ، وبالجملة فالبحث في وجوب سجود السهو لمطلق الكلام واسع المجال ، والله سبحانه أعلم بحقائق الأحوال.

وأمّا ما ذكره الشيخرحمه‌الله في الخامس فاستدراكه يدفع المناقشة عنه في الجملة ، لكن يبقى فيه أنّ العامل به وهو الصدوق موجود فلا إجماع في الظاهر ، ومعه لا يتم الردّ ، إلاّ أن يدعى انعقاد الإجماع بعد الصدوق ، وفيه ما فيه.

ثم إنّ الخبر تضمن إعادة الصلاة مع عدم ذكر شي‌ء من التشهد والاكتفاء بقول « سبحان الله » عنه ، وهذا مما يرجح عدم الاعتماد عليه.

والصدوق روى عن عمار البعض المتضمن لعدم إعادة الصلاة بالنقيصة الأخيرة(١) ، ولا أدري ترك باقيه لعدم صحته عنده ، أو لاطراح ما خالف الإجماع منه ، ومع الاحتمال لا يصلح الاستدلال به على جواز ترك بعض الخبر لدليل والعمل بباقيه ، والخبر كما ترى ظاهر في عدم سجود‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٢٩ / ١٠١٢ ، الوسائل ٨ : ٢٠٤ أبواب الخلل ب ٣ ح ٢٠.

٢٢٧

السهو كما قدمنا فيه القول والشيخ لم يتعرض هنا في أوّل الكلام لذلك ، بل إنما ذكر عدم الإبطال ، وعلى ما ذكرهرحمه‌الله ينبغي أن يراد بالكلام المبطل ما تكلم به مع العلم بالصلاة ، وحينئذ فاشتراط العلم بالتحريم كأنّه غير معتبر(١) أو أنّ له محلاًّ آخر.

وفي المنتهى : وقد أجمع أهل العلم كافّة على أنّ من تكلم في الصلاة عالماً أنّه فيها وأنّه محرّم عليه لغير مصلحة الصلاة ولا لأمر يوجب الكلام ولا داعياً يبطل صلاته(٢) . وقد يستفاد من هذا وجه عدم بطلان صلاة المأمومين بكلامهم السابق في بعض الأخبار لاحتمال جهلهم بالتحريم ، ومن هنا يعلم أنّ اقتصار الشيخ على ذكر ظن الفراغ ليس للحصر بل لبيان ما لا بدّ منه في المقام ، أمّا قوله : فقد تكلمنا عليه فيما مضى ، فيريد به الكلام على مثله ؛ إذ لم يتقدم نفسه.

وقد روى في زيادات التهذيب حديثاً في الموثق تضمن السؤال عما يجب فيه سجدتا السهو ، فقالعليه‌السلام : « إذا أردت أن تقعد فقمت ، أو أردت(٣) أن تقوم فقعدت ، أو أردت أن تقرأ فسبّحت ، أو أردت أن تسبّح فقرأت فعليك سجدتا السهو ، وليس في شي‌ء مما يتم به الصلاة سهو » وعن الرجل إذا أراد أن يقعد فقام ثم ذكر من قبل أن يقوم(٤) شيئاً أو يحدث شيئاً ، قال : « ليس عليه سجدتا السهو حتى يتكلم بشي‌ء » وعن الرجل إذا سها في الصلاة فنسي أن يسجد سجدتي السهو ، قال : « يسجدها متى ذكر » ‌

__________________

(١) من قوله : والثاني. في ص ١٩١٢ إلى هنا ساقط عن نسخة « م ».

(٢) المنتهى ١ : ٣٠٨.

(٣) في « فض » و « م » : وأردت.

(٤) كذا في النسخ ، وفي المصدر : يقدم.

٢٢٨

وعن الرجل يصلّي ثلاث ركعات وهو يظن أنّها أربع فلمّا سلّم ذكر أنّها ثلاث قال : « يبني على صلاته متى ما ذكر ويصلّي ركعة ويتشهد ويسجد سجدتي السهو وقد جازت صلاته »(١) .

وما تضمنه من القيام في موضع قعود قد مضى القول فيه(٢) إجمالاً ، وأشرنا إلى نوع إشكال في صورتي القعود بين السجدتين وجلسة الاستراحة على القول بوجوبها ، فإنّ الواجب إذا كان المسمى فالسجود للسهو إمّا منتف مع تحقق المسمى أو يستحب لمجرد الاستحباب ، والتشهد كذلك في قعود مستحباته ، والفرق بين إرادة فعلها وعدمها.

وما تضمنه من قوله : من قبل أن يقوم شيئاً. لا يبعد أن يكون « شيئاً » مفعولاً لـ « ذكر » والمعنى أنّه ذكر شيئاً من الأذكار الموظفة للقيام والحال أنّها في غير محلها إذ هو محل القعود ، وحينئذ فالجواب [ بنفي(٣) ] سجود السهو عن ذلك واضح.

وقوله : أو يحدث. كأنّ المراد به التردد في أنّه قال : ذكر أو يحدث ، والمآل واحد ، ويدلُّ على إرادة هذا المعنى ذكر الكلام ، ولو أُريد إحداث شي‌ء وهو تأثيره بشي‌ء من الأفعال غير الكلام أمكن.

ولا يخفى أنّ الخبر وإن كان في سنده كلام بالنسبة إلى العمل إلاّ أنّ فيه تأييداً ما ، فليتأمّل.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٥٣ / ١٤٦٦.

(٢) في ص ١٨٢٢.

(٣) في رض : ينبغي ، وفي فض : يبقى ، وفي « م » ينفي ، ولعل الأنسب ما أثتبناه.

٢٢٩

قوله :

باب في أن سجدتي السهو بعد التسليم وقبل الكلام(١)

أخبرني الشيخرحمه‌الله ، عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن موسى بن الحسن ، عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عليعليه‌السلام قال : « سجدتا السهو بعد التسليم وقبل الكلام ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البرقي ، عن سعد ابن سعد الأشعري قال : قال الرضاعليه‌السلام في سجدتي السهو : « إذا نقصت قبل التسليم ، وإذا زدت بعده »(٢) .

وما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن أبي(٣) الجارود قال : قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : متى أسجد سجدتي السهو؟ قال : « قبل التسليم ، فإنّك إذا سلمت فقد ذهبت حرمة صلاتك ».

فالوجه في هذين الخبرين أن نحملهما على ضرب من التقيّة ؛ لأنّهما موافقان لمذاهب(٤) كثير من العامة ، وقال أبو جعفر بن بابويه : إنّما أُفتي بهما في حال التقيّة.

__________________

(١) في « م » : قوله باب موضع سجدتي السهو.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٨٠ / ١٤٣٩ : وإذا زادت فبعده.

(٣) ليست في « رض ».

(٤) في « رض » : لمذهب.

٢٣٠

السند‌ :

في الأوّل : فيه محمد بن قولويه ، وقد مضى القول فيه(١) .

وأمّا موسى بن الحسن فلا يبعد أن يكون هو ابن عمران الأشعري الثقة ؛ لأنّ في الرجال موسى بن الحسن مهملاً في رجال الكاظمعليه‌السلام (٢) ، ومحمد بن الحسين من رجال الجواد والهادي والعسكريعليهم‌السلام (٣) . وفي الرجال موسى بن الحسن النوبختي ، ومرتبته غير مبينة(٤) ، وكأنّه ليس من الرواة ، بل ذُكر أنّ له كتاباً في النجوم(٥) .

وممّا يؤيد الأوّل أنّ الراوي عن الأشعري الحميري عن أبيه عنه ، والظاهر من الحميري وإن كان عبد الله فيكون الراوي جعفر الحميري ، والراوي هنا سعد ، وهو أقرب من جعفر ، لأنّ سعداً في مرتبة عبد الله بن جعفر ، إلاّ أنّه يمكن معاصرة سعد لعبد الله وأبيه ، أو أنّ الحميري محمد بن عبد الله ، ولا بُعد في الإطلاق عليه.

وأمّا عبد الله بن ميمون فهو ثقة في النجاشي(٦) ، وللعلاّمة فيه عبارة غريبة يعرفها من راجعها ، والحاصل أنّه ذكر عبارة النجاشي ولم يحكها عنه ، ثم نقل عن الكشي رواية وقال : إنّها ضعيفة ، والاعتماد على قول النجاشي(٧) .

__________________

(١) في ص ٨١.

(٢) رجال الطوسي : ٣٦١ / ٣٥.

(٣) رجال الطوسي : ٤٠٧ / ٢٨ ، ٤٢٣ / ٢٣ ، ٤٣٥ / ٨.

(٤) في « م » زيادة : إلاّ أنه في الرجال غير مذكور الطريق إليه.

(٥) رجال النجاشي : ٤٠٧ / ١٠٨٠.

(٦) رجال النجاشي : ٢١٣ / ٥٥٧.

(٧) خلاصة العلاّمة : ١٠٨ / ٢٩.

٢٣١

والحال أنّ النجاشي لم يتقدم له ذكر ، لكن الممارسة تقتضي أنّ الخلاصة منقولة من النجاشي غالباً بواسطة كتاب ابن طاوس ، ولمّا كان في ذهنهرحمه‌الله ذلك اكتفى به(١) .

والثاني : تقدم القول فيه عن قريب(٢) .

والثالث : فيه ابن سنان ، وهو محمد. وأبو الجارود وهو زياد بن المنذر ، يقال إنّه زيدي(٣) .

المتن :

في الأوّل : استدل به القائلون بأنّ سجود السهو محله بعد التسليم مطلقاً(٤) ، بل قيل : إنّه قول معظم الأصحاب(٥) . والخبر وإن كان غير سليم عند بعض(٦) ، إلاّ أنّ له مؤيّدات من الأخبار ، وسيأتي في الباب الذي بعد هذا ما يفيد ذلك.

ونقل شيخناقدس‌سره في المسألة صحيحة عبد الله بن سنان(٧) ، والذي وقفت عليه بالمتن المنقول عن عبد الله بن سنان فيه محمد بن عيسى عن يونس ، وقد رواه الشيخ عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، قال‌ :

__________________

(١) في « م » زيادة : والعجلة هي العذر.

(٢) في ص ١٥٧٧.

(٣) انظر خلاصة العلاّمة : ٢٢٣ / ١.

(٤) كما في المعتبر ٢ : ٣٩٩ ، والتذكرة ٣ : ٣٥٥.

(٥) كما في المدارك ٤ : ٢٨١.

(٦) انظر المختلف ٢ : ٤٢٧ ، والمدارك ٤ : ٢٨٢.

(٧) انظر المدارك ٤ : ٢٨١.

٢٣٢

« إذا كنت لا تدري أربعاً صلّيت أم خمساً فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك »(١) وهذا المتن هو الذي نقله ، والحال غير خفية.

ونقل شيخناقدس‌سره أيضاً(٢) صحيحة ابن أبي يعفور الواردة في التشهد إذا نسي ولم يذكر إلاّ بعد الركوع ، حيث قال فيه : « فليتم صلاته ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يتكلم »(٣) وقد يقال إنّ في دلالته خفاء ؛ لأنّ تمام الصلاة لا يعلم بأيّ شي‌ء إلاّ بتقدير إثبات أنّ السلام مستحب أو خارج عن الصلاة ، نعم صحيح عبد الرحمن بن الحجاج السابق في الكلام يقول : أقيموا صفوفكم(٤) . صريح الدلالة على البعدية.

وروى الشيخ في التهذيب في نسيان التشهد خبراً عن سليمان بن خالد ، وليس فيه توقف إلاّ من جهته ، وقد عرفت الحال مما مضى ، والمتن في آخره : « فليتم الصلاة حتى إذا فرغ فليسلّم ويسجد سجدتي السهو »(٥) وربما كان فيه دلالة على أنّ الإتمام بغير السلام فيتأيّد الإشكال السابق في الجملة ، لكن مقام التأييد واسع الباب ، هذا.

وأمّا الثاني : فالقول بمضمونه منقول عن ابن الجنيد(٦) .

أمّا الثالث : فمضمونه منقول عن بعض الأصحاب(٧) ، لكن لم يعلم قائله.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٩٥ / ٧٦٧ ، الوسائل ٨ : ٢٠٧ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٥ ح ٢.

(٢) المدارك ٤ : ٢٨١.

(٣) الفقيه ١ : ٢٣١ / ١٠٢٦ ، التهذيب ٢ : ١٥٩ / ٦٢٤ ، الوسائل ٦ : ٤٠٢ أبواب التشهد ب ٧ ح ٤.

(٤) تقدّم في ص ١٩١٠.

(٥) التهذيب ٢ : ١٥٨ / ٦١٨ ، الوسائل ٦ : ٤٠٢ أبواب التشهد ب ٧ ح ٣ وفيه : وليسجد.

(٦) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٤٢٦.

(٧) انظر المدارك ٤ : ٢٨٢.

٢٣٣

وجواب الشيخ كما ترى لا يخلو من وجه ، إلاّ أنّ الحاكم بصحة خبر سعد بن سعد لو قال بجواز العمل بمضمونه على الأكملية قد يظن أنّه لا مانع منه ، إلاّ أن يقال : إنّ هذا لا قائل به ، وما عساه يسأل عن وجه التوقف في الصحة جوابه يعلم ممّا قدّمناه في البرقي(١) ، لكن في الفقيه رواه عن صفوان بن مهران(٢) ، وله إليه طريقان فيهما نوع كلام ، إلاّ أنّ التأييد برواية الصدوق جلي ، ولعل جزم الصدوق بالتقية يوجب الرجحان للجمع ، والله أعلم.

قوله :

باب التسبيح والتشهد في سجدتي السهو

أخبرني الشيخرحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أبي جعفر ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبيد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنّه قال : « إذا لم تدر أربعاً صلّيت أم خمساً أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتي السهو بغير ركوع ولا قراءة ، وتشهّد فيهما تشهداً خفيفاً ».

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن عمرو بن سعيد المدائني ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار(٣) الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن سجدتي‌

__________________

(١) تقدّم في ص ٦٨.

(٢) الفقيه ١ : ٢٢٥ / ٩٩٥.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٨١ / ١٤٤٢ : عمّار بن موسى الساباطي.

٢٣٤

السهو ، هل فيهما تكبير أو تسبيح؟ فقال : « لا إنما هما سجدتان فقط ، فإن كان الذي سها هو الإمام كبّر إذا سجد وإذا رفع رأسه ، ليعلم من خلفه أنّه قد سها ، وليس عليه أن يسبح فيهما ، ولا فيهما تشهد بعد السجدتين ».

فالوجه في هذا الخبر أنّه ليس فيهما تسبيح وتشهد على سبيل الإطالة ، لأنّ المسنون فيهما تشهد خفيف على ما تضمن الخبر الأوّل.

السند‌ :

في الأوّل : فيه محمد بن قولويه ، وقد مضى فيه القول(١) ، لكن في التهذيب روى الخبر عن سعد(٢) ، والطريق إليه لا ارتياب فيه ؛ لأنّ له طريقين إليه ، أحدهما كما هنا ، وثانيهما عن المفيد ، عن محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد.

والثاني : موثق.

المتن :

في الأوّل : قد قدّمنا فيه كلاماً على الإجمال ، والتفصيل أنّ الذي يخطر بالبال أنّ في قوله : « أم نقصت أم زدت » احتمالات ، أحدها : أن يراد الشك في الزيادة والشك في النقصان على الانفراد.

وثانيها : أن يراد الشك في الأمرين معاً ، بمعنى أن يشك زاد أم نقص ، وهذا يتحقق بوجهين ، أحدهما أن يعلم وقوع أحدهما ويشك في‌

__________________

(١) تقدّم في ص ٨١.

(٢) التهذيب ٢ : ١٩٦ / ٧٧٢.

٢٣٥

تعيينه ، وثانيهما أن لا يعلم ذلك ، ويحصل الشك.

وثالثها : أن يراد النقص بالفعل ، أو الزيادة بالفعل.

والذي يظهر من العلاّمة في المختلف أنّه فهم من الخبر الشك في أنّه زاد أو نقص ؛ لأنّه ذكر صورة سادسة لوجوب سجدتي السهو ، وهي من شك فلا يدري زاد أو نقص ، واستدل بالخبر المذكور ، ثم ذكر الاعتراض الذي أسلفناه عنه ، من أنّ ظاهر الخبر الركعات ، وأجاب بأنّ اللفظ يتناول(١) ، وتقديم الشك في الركعات لا يقتضي الحصر فيها(٢) .

وهذا كما ترى يقتضي أنّ في الخبر احتمالاً رابعاً ، وهو أنّ الزيادة والنقصان في الركعات فقط. وخامساً : أنّه يتناول الركعات والأجزاء. وسادساً : أسلفنا الإشارة إليه(٣) ، وهو أن يراد الشك في الأربع والخمس ، بمعنى أنّه لا يدري زاد فصلّى خمساً أم نقص عن الخمس ، ولا يخفى بعده.

وإذا تقررت الاحتمالات يظهر ( لك أنّ استدلال العلاّمة بالخبر موقوف على انحصار الاحتمال الذي هو مطلوبه ، وإن كان كلامه لا يخلو )(٤) من احتمالين ، أحدهما الشك في الزيادة وحدها والنقيصة وحدها ، وثانيهما الشك فيهما بنحو ما قدمناه. وقد استدل مع الخبر بأنّ سجدتي السهو مع الزيادة تجبان ، وكذا مع النقصان ، فمع الشك بينهما كذلك ، لعدم الانفكاك منهما. وهذا الاستدلال يقتضي أنّ مراده تحقق أحد‌

__________________

(١) في المصدر زيادة : كل زيادة ونقصان ، سواء كانت في الأفعال أو الإعداد.

(٢) المختلف ٢ : ٤٢١.

(٣) في ص ١٩٠١.

(٤) ما بين القوسين ساقط من « رض ».

٢٣٦

الأمرين ، والشك في [ التعين(١) ].

وأنت إذا تأمّلت الخبر وراعيته بعين العناية تراه من جهة التركيب العربي لا يخلو من غموض ؛ لأنّ العطف بأم ، إمّا على أصل الجملة الأُولى ، أو على معمول تدر ، وعلى التقديرين فالترجيح مشكل في الاستدلال ، والصحة في البعض عندي فيها نوع توقف ، يعلم اندفاعه من مراجعة كلام أهل العربية الموثوق بهم ، ولم يحضرني الآن ، غير أنّ الاستدلال من العلاّمة مدخول فيما يظهر في بادئ النظر.

كما أنّ نقل شيخناقدس‌سره الاستدلال به للقول بوجوب السجدتين لكل زيادة ونقيصة ، نظراً إلى أنّ الوجوب مع الشك يقتضي الوجوب مع اليقين(٢) ؛ محل بحث أيضاً ، لا لما ذكره في الاعتراض على الاستدلال بالخبر ، بأنّ العلة في المفهوم شرط ، وهي غير معلومة هنا ، بل لما قررناه في الحديث من الاحتمالات التي لا ينطبق بعضها على المدعى.

ويزيد هنا احتمالاً سابعاً ، وهو أنّ مرجع الزيادة والنقصان إلى المذكور ، وهو الشك بين الأربع والخمس ، لا على الوجه السابق ، بل لو اتفق الشك في أنقص من المذكور ، أو أزيد منه ، كما لو وقع الشك في الثلاث والخمس ، أو الست.

وقد يدفع هذا بشدة البعد ، كما يقرّب الاحتمال الأوّل موثقة سماعة في زيادات التهذيب(٣) ، ورواية الفضيل بن يسار في الفقيه(٤) ، المتضمن‌

__________________

(١) في النسخ : اليقين ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) انظر المدارك ٤ : ٢٧٩.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٤٦ / ١٤٣٨.

(٤) الفقيه ١ : ٢٣٠ / ١٠١٨ ، الوسائل ٨ : ٢٢٥ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٤ ح ٦.

٢٣٧

متنهما أنّ من حفظ سهوه فأتمه فليس عليه سجدتا السهو ، إنّما السهو على من لم يدر أزاد أم نقص. فإنّ هذا يدل على أنّ المراد بمن لم يدر أزاد أم نقص : من لم يحفظ السهو بعينه ؛ لأنّ قوله : « من حفظ سهوه » يدل على اليقين. وقوله : « فأتمه » محتمل لأن يراد به فعله في موضعه ، وحينئذ من لم يدر أزاد أم نقص لا يمكنه إتمامه.

وقد يشكل الأمر في المتن المذكور بأنّ اللازم أنّ من حفظ ولم يتم بالإتيان به يلزمه سجود السهو مطلقاً. والحال أنّه في التشهد والسجدة ممكن ، لوجود ما يدل عليه في الجملة ، بخلاف غيره. يمكن الجواب عنه : بأنّ الحكم مسكوت عنه ، فيرجع إلى الأدلة.

نعم يشكل المتن بوجه آخر ، وهو أنّ خبر سماعة فيه بعد ما ذكر : « فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى بالناس الظهر ركعتين ، ثم سها » وذكر قصة ذي الشمالين وسجودهعليه‌السلام للسهو ، وهذا لا يطابق إرادة ما احتمل في المتن كما هو ظاهر ، بل ولا غيره بعد التأمّل. ولو ترك متن خبر سماعة ، فخبر الفضيل محتمل لما ذكر ومحتمل لبعض الاحتمالات غير ما ذكر ، كاحتماله لأُمور يطول بشرحها الكلام ، والفائدة منتفية بسبب عدم التعيّن(١) .

ويبقى في الخبر القول من جهة الشك بين الأربع والخمس ، والمذكور في كلام بعض أن له أربع صور(٢) ، وفي كلام بعض ثمانية(٣) ، بل وأكثر. والحاصل أنّ الشك إمّا أن يكون قبل القراءة ، أو في أثنائها ، أو بعدها قبل الركوع ، أو بعده قبل السجود ، أو بين السجدتين ، أو بعدهما‌

__________________

(١) في « رض » : اليقين.

(٢) انظر المدارك ٤ : ٢٧٧.

(٣) كما في الذكرى : ٢٢٧.

٢٣٨

قبل التشهد ، أو بعده ، والمقرر في كلام جماعة أنّ الشك قبل الركوع يوجب الهدم ، ويصير الشك بين الثلاث والأربع(١) . ولا سجود للسهو فيما يظهر من كلام البعض ، حيث لم يذكر سوى الاحتياط(٢) .

( وصرح جدّيقدس‌سره في الروضة ، بأنّ عليه سجود السهو ، لما هدمه من القيام(٣) . وفيه المطالبة بدليل وجوب السجود لمثل هذا )(٤) .

وقد ينظر في عدم وجوب سجدتي السهو للخبر من جهة قوله : « أم نقصت أم زدت » ويجاب : بأنّ الاحتمالات فيه تخرجه عن الصلوحية ، والاستدلال بما دل على السجود للزيادة المحتملة ، فيه ما سبق ، وهذا الخبر المبحوث عنه ، فيه ما ذكر.

واحتمال قوله : « أربعاً صلّيت » لتمام الركعات ثم الشك بعد ذلك ظاهر الخبر ، وهو يقتضي تمام الركعة ، أمّا بالرفع ، أو بتمام الذكر ، واللازم حينئذ عدم سجود السهو لو حصل الشك بين السجدتين ، وظاهر البعض سجود السهو في هذه الصورة(٥) ، وفيه ما لا يخفى إن كان الدليل الخبر.

وقول جدّيقدس‌سره في الروضة(٦) ، بعد قول الشهيد بوجوب سجود السهو لو حصل الشك بعد الركوع : سواء سجد أم لا ، لإطلاق النص بأنّ من لم يدر أربعاً صلّى أم خمساً يتشهد ويسلّم ثم يسجد سجدتي السهو(٧) . قد‌

__________________

(١) الذكرى : ٢٢٧ ، التنقيح ١ : ٢٦٣ ، الروضة البهية ١ : ٣٣٠.

(٢) الذكرى : ٢٢٧.

(٣) الروضة البهية ١ : ٣٣٠.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٥) كما في المدارك ٤ : ٢٧٧.

(٦) الروضة البهية ١ : ٣٣٠.

(٧) ورد مؤدّاه في الفقيه ١ : ٢٣٠ / ١٠١٩ ، التهذيب ٢ : ١٩٦ / ٧٧٢ ، الإستبصار ١ : ٣٨٠ / ١٤٤١ ، الوسائل ٨ : ٢٢٤ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٤ ح ٤.

٢٣٩

يقال عليه : إنّ ظاهر قولهعليه‌السلام : « يتشهد ويسلّم » وقوع الشك بعد السجود ، إلاّ أن يقال : إنّ هذا كناية عن إتمام الصلاة. وفيه : أنّ الشك لو كان قبل الركوع دخل في الخبر ، والحال أنّه يقول بالهدم ، ولعلّ هذا سهل الجواب بجواز المخصص.

ومن العجب أنّ الشهيدرحمه‌الله في اللمعة قال : وقيل تبطل الصلاة لو شك ولمّا يكمل السجود إذا كان قد ركع ، والأصح الصحّة(١) ؛ لقولهمعليهم‌السلام : « ما أعاد الصلاة فقيه »(٢) وفي الروضة قال جدّيقدس‌سره بعد قوله : قد ركع : لخروجه عن المنصوص ، فإنّه لم يكمل الركعة حتى يصدق عليه أنّه شك بينهما ، ولتردّده بين محذورين : الإكمال المعرِّض للزيادة ، والهدم المعرِّض للنقصان ، ثم قالقدس‌سره بعد قوله : فقيه ، : يحتال فيها ويدبّرها ، حتى لا يعيدها ، ولأصالة عدم الزيادة ، واحتمالها لو أثّر لأثّر في جميع صورها ، والمحذور إنّما هو زيادة الركن(٣) . انتهى.

ووجه التعجب في نظري القاصر أُمور ،الأوّل : ما ذكره جدّيقدس‌سره من الخروج عن المنصوص ، يقتضي أنّ النص مختص بإكمال الركعة ، والحال أنّه قائل بسجود السهو بعد الركوع ، سواء سجد أم لا ، لإطلاق النص ، وبين الأمرين تدافع.

الثاني : قول الشهيدرحمه‌الله : ولمّا يكمل السجود ، يقتضي أنّ القائل بالبطلان عمّم الحكم للشك بين السجدتين ، والمنقول عن العلاّمة القول بالبطلان لو حصل الشك بين الركوع والسجود ، لمحذور زيادة الركن‌

__________________

(١) اللمعة ( الروضة البهية ١ ) : ٣٣٠.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٥١ / ١٤٥٥ ، الوسائل ٨ : ٢٤٧ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٩ ح ١.

(٣) الروضة البهية ١ : ٣٣٠.

٢٤٠