إستقصاء الإعتبار الجزء ٦

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430
المشاهدات: 41449
تحميل: 5138


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41449 / تحميل: 5138
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 6

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-178-8
العربية

وقد يقال : إنّ الخبر الأوّل يتناول موضع الجبهة أيضاً ، والإجماع المنقول على طهارة موضع الجبهة(١) ، فيه ما مضى من وجود المخالف ، ولو سلّم فالرواية ظاهرة في جواز الصلاة في المحمل ، ويجوز أنْ يكون ذلك للضرورة.

ويمكن الجواب عن هذا : بأنّ إطلاق الجواز في المحمل مع عدم قيد الضرورة يدل على المطلوب.

وأمّا من جهة النجاسة ، فيحتمل أنْ يكون السؤال عن الصلاة من حيث كونها نجسة في الجملة ، ونجاسة موضع الجبهة إذا لم يعلم لا يضر بالحال. وما اشتهر بين المتأخرين من الفرق بين المحصور وغيره يتوقف على الثبوت.

والحقّ أنّ الإطلاق في الخبر له تأييد لقول البعض بعدم اعتبار طهارة موضع الجبهة(٢) ، وتأييد لاحتمال عدم الفرق بين المحصور وغيره إذا لم يعلم موضع النجاسة ، ( إلاّ أن يدّعى ظهور السؤال عن الصلاة على الشاذكونة مع العلم بموضع النجاسة ، )(٣) وفائدة السؤال حينئذٍ من حيث اشتمالها على النجاسة ، ووجه الظهور أنّ مباشرتها برطوبة توجب التعدي تحتاج إلى بيان عدم جواز الصلاة ، فالإطلاق لا يناسب ، وفيه احتمال السؤال عن نفس الصلاة مع العلم بعدم التعدّي ، إلاّ أنْ يقال : إنّ الكلام في ظاهر الإطلاق.

وأمّا الثاني : فكالأوّل لكنه غير مقيّد.

__________________

(١) كما في المختلف ٢ : ١٣٠.

(٢) انظر مجمع الفائدة ٢ : ١١٥.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٣٢١

والثالث : حكى الاستدلال به لأبي الصلاح العلاّمة في المختلف ، وأجاب عنه بعدم صحة السند ، ومع التسليم يحمل على تعدي النجاسة أو على الاستحباب(١) .

ولا يخفى أنّ الحمل على كونه من(٢) المحصور فلا تصح الصلاة عليه مع النجاسة المشتبهة ممكن بالنسبة إلى المجنب ، فليتأمّل.

ولو حمل على غير المحمل لكن بطريق الاستحباب أمكن ، إلاّ أنّ السؤال في الأوّل لا يفيد تقييداً كما نبّهنا عليه في مواضع.

ومن هنا يعلم أنّ قول بعض محققي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ : إنّ الحديث المذكور وإنْ كان يؤذن بالضرورة ، إلاّ أنّ الاعتبار بإطلاق الجواب(٣) . محل تأمّل ؛ لأنّ الجواب لا إطلاق فيه ، بل هو جواب عن سؤال خاص بنفي البأس ، فأين إطلاقه؟

نعم ما سبق منّا حاصله : أنّ الجواب عن بعض الأفراد لا يفيد التقييد للإطلاق ، لكن لا إطلاق الجواب ، بل إطلاق ما دل على الجواز في الموضع النجس غير موضع الجبهة إن تمّ الإجماع. والعجب من قوله سلّمه الله بعد ما نقلناه : مع أنّه لا تقييد فيما رواه ابن أبي عمير ؛ والحال أنّ الرواية ضعيفة السند كما هو واضح.

اللغة :

الشاذكونة بالشين المعجمة والنون قبل الهاء حصير صغير ، قال بعض الأصحاب(٤) .

__________________

(١) المختلف ٢ : ١٣٠.

(٢) في « رض » : في.

(٣) انظر الحبل المتين : ١٦٣.

(٤) مجمع الفائدة ٢ : ١١٤.

٣٢٢

قوله :

باب الوقوف على البساط الذي فيه التماثيل‌

محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحسن ابن محبوب ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفرعليه‌السلام أُصلّي والتماثيل قدّامي وأنا أنظر إليها؟ قال : « لا بأس ، اطرح عليها ثوباً ولا بأس بها إنْ(١) كانت عن يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك ، وإنْ كانت في القبلة فألق عليها ثوباً وصلّ ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن سعد بن إسماعيل ، عن أبيه قال : سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن المصلّي والبساط يكون عليه التماثيل ، أيقوم عليه فيصلّي(٢) أم لا؟ فقال : « والله إنّي لأكره » وعن رجل دخل على رجل و(٣) عنده بساط ( وعليه تماثيل )(٤) ؟ فقال : « لا تجلس عليه ولا تصلّ عليه ».

فالوجه في هذا الخبر ضرب من الكراهية دون الحظر.

السند‌ :

في الأوّل : واضح الصحة.

والثاني : فيه سعد بن إسماعيل ، وهو مجهول الحال ؛ إذ لم أقف‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٩٤ / ١٥٠٢ : إذا.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٩٤ / ١٥٠٣ : ويصلي.

(٣) ليس في الاستبصار ١ : ٣٩٤ / ١٥٠٣.

(٤) في الاستبصار ١ : ٣٩٤ / ١٥٠٣ : عليه تمثال.

٣٢٣

عليه في الرجال. وأمّا سعد أبوه فيحتمل أنْ يكون الأشعري الثقة(١) ، لأنّه من أصحاب الرضاعليه‌السلام ، لكن غيره في حيّز الإمكان.

المتن :

في الأوّل : ظاهره أنّ الصلاة مع النظر إلى التماثيل لا بأس بها ، والأمر بطرح الثوب محتمل لأنْ يراد به تقييد نفي البأس بالطرح ، فيفيد أنّ بدون الطرح في البين البأس. ويحتمل أنْ يراد نفي البأس مطلقاً ، والأمر بالطرح لزيادة الكمال.

وقوله : « لا بأس بها إذا كانت عن يمينك » إلى آخره. محتمل لإرادة نفي البأس وإنْ لم يطرح عليها شي‌ء ، فيفيد حينئذٍ ثبوت البأس إذا كانت قدّامه من دون الطرح ، وحينئذٍ يؤيّد الاحتمال السابق.

وقوله : « وإنْ كانت في القبلة » ربما دل على أنّ المراد بالأوّل نفي البأس عنه ما كانت التماثيل مائلة عن القبلة في الجملة ، وحينئذٍ يدل على نفي البأس عن المنحرف مطلقاً ، وإنْ كان الأولى طرح الثوب. وإنْ كانت في نفس القبلة ، فإلقاء الثوب على زيادة الأكمليّة يحمل إنْ لم يعمل بظاهره من الوجوب.

ويحتمل أنْ يكونعليه‌السلام بعد نفي البأس أوّلاً أراد بيان ما ينبغي طرح الثوب عليه وما تجوز الصلاة بغير طرح.

ويحتمل أن يكون السؤال عمّن صلّى والتماثيل قدامه ثم أرادعليه‌السلام بيان أنْ ينبغي أن يطرح أوّلاً عليها ما يسترها ثم يصلّي إذا كانت في القبلة ،

__________________

(١) كذا في النسخ ، ولعلّه سهو ، إذ من الواضح أنّ والد سعد بن إسماعيل هو إسماعيل بن عيسى ، ولم يوصف بالأشعري. انظر معجم رجال الحديث ٣ : ١٦٣ ، ٨ : ٥٥.

٣٢٤

فهو حكم آخر ، ولعلّ الخبر لا يخلو من ظهور على هذا.

والثاني : ما تضمنه من لفظ : المصلّى ، يمكن أنْ يراد به محل الصلاة من سجادة ونحوها. ويحتمل أنْ يراد به المصلّي باسم(١) فاعل ، والمراد السؤال عن المصلّي والحال أنّ البساط الذي يصلّي عليه أو عنده عليه التماثيل ، والجواب حينئذٍ يفيد كراهة الصلاة مطلقا ، سواء كان في قبلته أم لا. أمّا التغطية وعدمها فلا يتناول الخبر ذلك ، إذ الظاهر من السؤال عدم التغطية ، فكأنّ(٢) الكراهة مع عدمها. وآخر الحديث يدل على النهي عن الصلاة [ على(٣) ] البساط المشتمل على التماثيل مطلقا.

وما ذكره الشيخ من الحمل على الكراهة لا يخفى إجماله(٤) بعد ما قررناه من الاحتمالات ، لكن(٥) يستفاد الكراهة في بعضها ، وربما يستفاد اختلاف الكراهة منها.

ثم إنّ التماثيل شاملة للحيوان وغيره ، وينقل عن ابن إدريس أنّه خص الكراهة في الثوب الذي فيه مثال حيوان(٦) . وقد نقل في المختلف القول بتحريم الصلاة في الثوب المشتمل على التماثيل عن الشيخ في الكتابين(٧) ، والآن لم أقف عليه هنا ، وفي بعض الأخبار المعتبرة ما يدلّ على أنّ تغيير الصورة يرفع(٨) البأس. وحكى في المختلف عن‌

__________________

(١) في « فض » و « م » : اسم.

(٢) في « فض » : وكان.

(٣) في النسخ : عن ، والأنسب ما أثبتناه.

(٤) في « م » : احتماله.

(٥) في « رض » زيادة : لا.

(٦) حكاه عنه في المختلف ٢ : ١٠٤ ، وهو في السرائر ١ : ٢٦٣.

(٧) المختلف ٢ : ١٠٣.

(٨) في « فض » : يدفع.

٣٢٥

أبي الصلاح القول بعدم حِلّ الصلاة على البسط المصورة(١) ، وقد علمت الحال في الخبرين.

قوله :

باب الصلاة في بيوت الحمّام

محمّد بن يعقوب ، عن علي بن محمّد بن عبد الله ، عن ابن البرقي ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الفضل ، عمن حدّثه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « عشرة مواضع لا يصلّى فيها : الطين والماء والحمّام والقبور ومسان الطرق(٢) وقرى النمل ومعاطن الإبل ومجرى الماء والسبخ والثلج ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن علي بن خالد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمّار الساباطي قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصلاة في بيت الحمّام؟ قال : « إذا كان موضعاً نظيفاً فلا بأس به ».

فالوجه في هذا الخبر أنْ نحمله على بيت المسلخ أو على ضرب من الرخصة ، لأنّ فعل ذلك مكروه وليس بمحظور.

السند‌ :

في الأوّل : فيه مع الإرسال علي بن محمّد بن عبد الله ، والظاهر أنّه ابن أُذينة المذكور في جملة العدة التي يروي عنها الكلينيرحمه‌الله عن أحمد‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ١١٩.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٩٤ / ١٥٠٤ : الطريق.

٣٢٦

ابن محمّد بن خالد(١) ، لكن الرجل غير معلوم الحال. وابن البرقي أحمد ، وأبوه محمّد بن خالد ، وقد مضى ما لا بُدّ منه فيهما(٢) . أمّا عبد الله بن الفضل فهو ثقة في النجاشي(٣) ، وما يوجد في بعض كتب الرجال من عبد الله بن الفضل مهملاً(٤) فهو عبيد الله مصغّراً في النجاشي(٥) .

والثاني : فيه علي بن خالد ، وقد مضى أنّه زيدي عن إرشاد المفيد ، ثم رجع(٦) . والحال لا يخفى.

المتن :

في الأوّل : وإنْ ضعف سنده إلاّ أنّ الصدوق ذكره في الفقيه(٧) ، ومزيّته ظاهرة كما قرّرناه مراراً(٨) ، وقد ذكرنا في معاهد التنبيه الكلام فيه مفصّلاً.

والحاصل : أنّ مفاد الخبر وإنْ كان بصورة الخبر إلاّ أنّ الجمل(٩) الخبرية في هذه المقامات قيل إنّها بمعنى النهي كما مضى القول فيه ، وذكرنا إمكان المناقشة باحتمال أنْ يكون العدول من الأمر لفائدة(١٠) عدم‌

__________________

(١) انظر رجال العلاّمة : ٢٧٢ / ف ٣.

(٢) في ص ٦٨ و ٣٢.

(٣) رجال النجاشي : ٢٢٣ / ٥٨٥.

(٤) كما في رجال الطوسي : ٢٢٢ / ٣.

(٥) رجال النجاشي : ٢٣٢ / ٦١٦.

(٦) في ص ١٤٣٤.

(٧) الفقيه ١ : ١٥٦ / ٧٢٥.

(٨) راجع ص ٧٤٥.

(٩) في « م » و « رض » : الجملة.

(١٠) في « م » : بفائدة.

٣٢٧

وجوب مدلول الجملة ، فإنّ المقرر في المعاني أنّ العدول من الإنشاء إلى الإخبار لفائدة زيادة الحثّ على إيجاد الفعل إنْ كان أمراً ، وعدمه إنْ كان نهياً ، وقد تكلم فيه باحتمال فوائد أُخر إلاّ أنّ احتمال إرادة عدم الوجوب أو عدم التحريم لم أر من صرّح به.

وأنت خبير بأنّ ما نحن فيه لا يمكن حمله على الكراهة في الجميع ؛ لأنّ الصلاة في الماء قد تحرم ، وكذلك الطين ، وحينئذٍ فإمّا أنْ يحمل الخبر على إرادة بيان المرجوحيّة أعم من التحريم والكراهة فيحتاج إثبات التحريم إلى الدليل كالكراهة ، أو يقال : إنّه للتحريم فيحتاج إثبات الكراهة إلى الدليل ، وربما يشكل الحال في هذا باستبعاد التحريم مع كراهة الأكثر ، وحينئذٍ يحمل على الأكثر ويقيّد الماء والطين بما يتمكن من الصلاة فيهما ، وفيه نوع بُعدٍ.

ولو حكم بالتحريم في الأكثر كما ينقل عن أبي الصلاح من القول بعدم حل الصلاة في الحمام كما مضى ، وفي معاطن الإبل(١) ؛ وعن المفيد من عدم جواز الصلاة بين القبور إلاّ مع الحائل(٢) ؛ وعن ابن بابويه(٣) والمفيد من عدم الجواز على الجوادّ(٤) ؛ أمكن إلاّ أنّ(٥) الحديث قد تضمن ما الخلاف(٦) فيه فيشكل الاعتماد عليه والمعارض موجود ، إلاّ أنْ يقال : إذا حكم بالتحريم سهل الأمر بإخراج بعضه بالدليل ، وفيه نوع تأمّل. لكن‌

__________________

(١) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٢) المقنعة : ١٥١.

(٣) انظر المقنع : ٢٤.

(٤) المقنعة : ١٥١ ، وحكاه عنهم في المختلف ٢ : ١١٩.

(٥) في « م » : لأن.

(٦) في « م » : بالخلاف.

٣٢٨

الذي يظهر من الصدوق العمل بظاهره ، إلاّ أنْ يقال : إنّه أتى بمضمون الخبر والعمل فرع الفهم(١) من المضمون ولا يدرى.

وفي الظن أنّ هذا هو السبب في عدم نسبة القول بالمنع إلى الصدوق في الحمّام وغيره.

وأمّا الثاني : كما ترى يدلّ على أنّ الموضع إذا كان نظيفاً فلا بأس ، والنظافة محتملة لأنْ يراد بها الطهارة ، ويحتمل أنْ يراد النزاهة من الأخباث التي توجب عدم الإقبال على العبادة ، وعلى كل حال حمل الشيخ الخبر على المسلخ غير واضح بعد وجود القيد ، والأوّل مطلق ، فلو قيّد المطلق لا مانع منه ، غير أنّ الإجمال في معنى النظيف يبقى.

وأمّا الرخصة فالمراد بها من الشيخ بل ومن الصدوق غير واضح كما نبّهنا عليه في مواضع من معاهد التنبيه.

وربما يظهر من الكلام هنا أنّ الرخصة يراد بها بيان الجواز.

وفيه : أنّه لو أُريد ذلك مع قيد النظافة لا يطابق المراد ؛ لأنّ المقصود من بيان الجواز عدم التحريم ، بل الكراهة ، وإذا كان الحكم بالكراهة مقيداً بالنظافة دل على أنّه مع عدم النظافة لا يلزم منه الكراهة ، بل إمّا يحمل على الجواز المطلق أو على التحريم ، لكن الجواز المطلق غير معقول ، فإنّ الكراهة فيه بطريق أولى ، والتحريم لا يقول به الشيخ ، فليتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الصدوق روى الثانية بطريقه الصحيح عن علي بن جعفر أنّه سأل أخاه موسى بن جعفرعليهما‌السلام عن الصلاة في بيت الحمّام ، فقال : « إذا كان الموضع نظيفاً فلا بأس » يعني المسلخ(٢) .

__________________

(١) في « م » : المفهم.

(٢) الفقيه ١ : ١٥٦ / ٧٢٧ ، الوسائل ٥ : ١٧٦ أبواب مكان المصلي ب ٣٤ ح ١.

٣٢٩

وهذه العبارة محتملة لأنْ تكون من علي بن جعفر لفهمه من أخيهعليه‌السلام ، ويحتمل أنْ تكون من الصدوق ، لإرادة الجمع ، لكن الثاني مستبعد ؛ لأنّ الجزم بكون الإمامعليه‌السلام يعني مشكل ، بل يقال بما يفيد الاحتمال ، فالظاهر(١) أنّه من علي بن جعفر ، وحينئذٍ فالخبر يفيد اشتراط النظافة في المسلخ ، أمّا في بيت الحمام الداخل فالكراهة مطلقة أو التحريم.

وقد يتعجب من قول شيخناقدس‌سره في فوائد الكتاب بعد ذكر أنّ الصدوق روى نحو الرواية الثانية في الصحيح وحمله على المسلخ : وهو بعيد ، ويمكن حملها على نفي التحريم إلاّ أنّ ذلك يتوقف على صحة المعارض. انتهى.

وأنت خبير بأنّ الحمل إنْ عاد إلى الشيخ فهو خلاف الظاهر من العبارة ، وإنْ عاد إلى الصدوق فغير متعيّن ، والحمل على نفي التحريم مطلقاً لا وجه له كما لا يخفى.

اللغة‌ :

قال في القاموس ما يفهم منه أنّ المسانّ : الطرق المسلوكة(٢) . وفيه : العَطَن محركة وطن الإبل ومبركها حول الحوض ، الجمع أعطان ، كالمعطَن ، والجمع : معاطن(٣) .

__________________

(١) في « فض » : والظاهر.

(٢) القاموس المحيط ٤ : ٢٣٩.

(٣) القاموس المحيط ٤ : ٢٥٠ ، في النسخ : وجمع الجمع : معاطن ، والصحيح ما أثبتناه كما في المصدر.

٣٣٠

قوله :

باب الصلاة في مرابط الخيل والبغال‌

الحسين بن سعيد ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن الصلاة في أعطان الإبل وفي مرابض(١) البقر والغنم؟ فقال : « إنْ نضحته بالماء وقد(٢) كان يابساً فلا بأس بالصلاة فيها ، وأمّا مرابط الخيل والبغال فلا ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصلاة في أعطان الإبل؟ فقال : « إنْ تخوّفت الضيعة على متاعك فاكنسه وانضحه وصلّ ، ولا بأس بالصلاة في مرابض الغنم ».

فالوجه في هذا الخبر حال الضرورة حسب(٣) ما تضمن الخبر من الخوف على المتاع.

السند‌ :

في الأوّل : موثق ، والثاني : صحيح على ما مضى(٤) .

المتن :

في الأوّل : كما ترى يدل على أنّ أعطان الإبل ومرابض البقر والغنم‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٩٥ / ١٥٠٦ : مرابط ، وفي « رض » : مرابظ.

(٢) ليس في الاستبصار ١ : ٣٩٥ / ١٥٠٦.

(٣) في « فض » و « رض » : حيث.

(٤) في ص ٤٩ ، ١٧٨٨ ، ٣٨ ، ٧٦.

٣٣١

إذا نضح بالماء وقد كان يابساً فلا بأس بالصلاة فيها ، لكن قوله : « وقد كان يابسا » محتمل لأنّ يراد أنّ النضح إنّما يرفع البأس إذا كان المحل يابساً ، أمّا لو كان رطباً فالحال فيه مسكوت عنها إثباتاً ونفياً ، إلاّ أن يقال : إنّ البأس ثابت مع الرطوبة ، لأنّ نفيه يتوقف على أمرين : النضح واليبوسة ؛ وهو غير بعيد. ويحتمل أنْ يراد بقوله : « وقد كان يابساً » حال النضح ، أمّا لو كان رطباً ونضحته فيه البأس ، وفيه نوع بُعد ، كاحتمال أنْ يراد أنّ اليبس بعد النضح يرفع البأس.

وقولهعليه‌السلام : « امّا مرابط الخيل » إلى آخره. فاحتمال إرادة ثبوت النهي سواء نضح أم لا ، يابساً أو رطباً ممكن مع ادّعاء الظهور ، واحتمال أنْ يراد عدم استحباب النضح لها مع اليبس بل يصلّى عليها ، لا وجه له في الظاهر.

ثم إنّ الثاني : يدل على أنّه مع الخوف على المتاع إذا كنس ونضح فلا بأس بالصلاة ، وحينئذٍ منافاته للأوّل من حيث اشتراط الخوف ، ومن حيث الكنس وعدم اشتراط اليبس في أعطان الإبل ، ومن حيث عدم اعتبار شي‌ء في مرابض الغنم والأوّل وقع فيه الاشتراط ، والضميمة في الأوّل للبقر لا يثمر فرقا لبعد إرادة الاجتماع كما لا يخفى.

وقول الشيخ حينئذٍ : فالوجه في هذا الخبر ، يريد به الخبر الثاني ، والمعنى : أنّ عدم اعتبار ما مضى في أعطان الإبل من تمام الشروط ، وفي مرابض الغنم من ترك الشروط بسبب الخوف ؛ وعلى هذا فقول شيخناقدس‌سره في فوائد الكتاب : لا وجه لحمل الرواية الأخيرة على حال الضرورة ، وفي التهذيب حمل الرواية الأُولى المتضمنة لنفي البأس عن الصلاة في أعطان الإبل مع نضحها بالماء على حال الضرورة ، واستدل عليه بالرواية(١) ، وهو‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٢٠ / ٨٦٨.

٣٣٢

جيّد ، ولعلّ المشار إليه بقوله : فالوجه في هذا الخبر ، الأوّل لا الثاني.

فيه : أنّ إمكان تسديد الكلام هنا ممكن كما ذكرناه ، بل لا يبعد أنْ يكون ما في التهذيب غير تام كما يعرف بالتأمّل(١) . وما هنا أيضاً محل كلام ، والأمر سهل.

إذا عرفت هذا فالمنقول على ما مضى عن أبي الصلاح عدم حل الصلاة في معاطن الإبل ومرابض الغنم ومرابط الخيل والبغال والحمير مع غير ذلك(٢) . وعن المفيد عدم الجواز في معاطن الإبل(٣) . وذكر العلاّمة الاحتجاج بالرواية السابقة المرسلة ، وبمضمون الرواية الثانية ، قائلاً : إنّها في الحسن عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام : « لا تصلّ في أعطان الإبل إلاّ أنْ تخاف على متاعك الضيعة فاكنسه ورشّه بالماء وصلّ ». قال : والنهي يدل على الفساد أو على الكراهة ، وعلى كلا التقديرين لا تصح الصلاة ؛ إذ وجوب الصلاة يضادّ تحريمها أو كراهتها. وأجاب : بأنّ النهي إنْ كان لوصفٍ منفكٍّ عن الماهية جامع وجوبها ، وهو هنا كذلك ، إذ ليس النهي متوجّهاً إلى جوهر الماهية ولا إلى جزئها ولا إلى لازمها ، بل إلى عارض كنفار الإبل في المعطن(٤) . انتهى.

وفي نظري القاصر أنّه لا يخلو من تأمّل ، أمّا الاستدلال : فلأنّ ما دل على النهي إنْ أُريد به التحريم كما هو ظاهر المنقول من عدم الحل عن أبي الصلاح وعدم الجواز ، فالتوجيه للاستدلال بأنّ النهي يدل على الفساد‌

__________________

(١) في « م » زيادة : التامّ.

(٢) كما في الكافي في الفقه : ١٤١.

(٣) انظر المقنعة : ١٥١ ، وحكاه عنهما في المختلف ٢ : ١١٩.

(٤) انظر المختلف ٢ : ١٢٠.

٣٣٣

والكراهة لا وجه له إلاّ بتقدير القول بالكراهة وبطلان الصلاة ، ومجامعة الكراهة للصلاة الباطلة على الإطلاق فيه ما لا يخفى. وإنْ كان التوجيه منه فالمطابقة للقولين المحكيين غير حاصلة.

ثم إنّ ظاهر الردّ بأنّ النهي عن خارج عن العبادة إنْ كان في جميع ما يقول القائل كالحمام فالتعليل(١) بنفار الإبل خاص مع عدم إثبات ما ذكره. وبتقدير العود إلى التحريم والكراهة فتنفير الإبل لا يوصف مطلقاً بالتحريم ولا الكراهة ؛ نعم لو كان تصرفاً في ملك الغير فأمر آخر ؛ وعلى كل تقدير ، فالنهي إنْ أُريد به عن الصلاة في الأعطان كما هو ظاهر الأخبار كانت نفس الصلاة منهياً عنها لا عن تنفير الإبل ، وإنْ كان النهي عن التنفير فأيّ مناسبة للرشّ والنضح؟.

نعم لو قلنا بالكراهة بمعنى الأقلّ ثواباً فلا مانع من مجامعته للصحة ، أمّا التحريم فلا يبعد أنْ يوجّه عدم البطلان إن كان القائل بالتحريم قائلاً بعدم البطلان بأنّ المنهي عنه شغل الحيّز كالحمّام مثلاً ، وليس نفس شغل الحيّز جزءاً من الصلاة ولا شرطاً ، بل هو أحد أفراد شغل الحيّز الذي من ضروريات الجسم ، بل هو مقارن للصلاة ، والاستقرار المعدود جزءاً من الصلاة عدم التحرك بمشي ونحوه ، وشغل الحيّز يقارنه ، لا أنّه هو ، كما ذكره بعض محققي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ(٢) .

وإنْ كان يخطر في البال إمكان أنْ يقال عليه : إنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به إذا كان واجباً عند الموجِّه فاللازم اجتماع الواجب والحرام في الشي‌ء الواحد ؛ لأنّ عدم الحركة لا يتم إلاّ بالحيّز ، كما أنّ الجسم لا بدّ له من حيّز ،

__________________

(١) في النسخ : والتعليل ، والأنسب ما أثبتناه.

(٢) كالبهائي في الحبل المتين : ١٥٧.

٣٣٤

ولا مانع من اشتراك الحيّز بين كونه مقدمة للسكون في الصلاة وحصول الجسم فيه ، وحينئذٍ فاللازم على تقدير صحة الصلاة أنْ يوصف جزء الصلاة بالوجوب والتحريم.

فإنْ قلت : المقدمة للواجب قد يتحقق مع التحريم ، كما في الحج على الطريق المغصوبة ، والدابة المغصوبة ، مع صحة الحج ؛ وعلى هذا لا مانع من صحة الصلاة ، وإنْ كان الحيّز منهيّاً عنه والكون متوقف عليه.

قلت : الفرق بين الحج وما نحن فيه أنّ الحج نفسه لا تعلق له بتحريم المقدمة لكون أفعاله واقعة على الوجه المأمور به ، وأمّا المقدمة فالغرض منها التوصل إلى الواجب وقد حصل بأيّ وجه كان ، بخلاف الصلاة ، فإنّ الكون جزؤها ، لا أنّها أفعال يتوقف على الكون فلا يضرّ بها التحريم.

ولو سلّم أنّ المطلوب من الصلاة ليس شغل الحيّز داخلاً فيه ، الأمر بالصلاة ليس أمراً بالفرد كما هو الحق ، بل بالماهية مقدمة لحصولها ، فإذا ورد النهي عن الصلاة في الحمام مثلاً إنْ أُريد به ماهية الصلاة الحاصلة في الحمام فترك هذه الماهية لا يتم إلاّ بعدم إيقاع فرد من الأفراد في الحمام ، وعلى تقدير الوقوع لا يكون الامتثال للنهي عنه حاصلاً ، فكيف يجامع الامتثال للأمر عدم الامتثال للنهي ، وهل هذا إلاّ تضادّ؟!

فإنْ قلت : هذا بعينه وارد في الحج.

قلت : الفرق أنّ تلك مقدمة لم يقع النهي بخصوصها بأن يقول الشارع : لا حج على الطريق المغصوبة ، بخلاف ما نحن فيه ، غاية الأمر أنّ لزوم اجتماع الواجب والحرام في سفر الحج قد ذكرنا في حواشي المعالم : أنّه ربما يظن لزومه من القول بوجوب المقدمة في مثل الحج. ويمكن‌

٣٣٥

الجواب : بأنّ المقدمة المحرمة لا توصف بالوجوب ، بل الواجب مطلق قطع المسافة ، وفعل المقدمة المحرمة لم يتحقق به الامتثال بل سقط الفرض بفعله ، والتوصل حصل بالمحرم الذي هو يشبه المقدمة الواجبة.

فإنْ قلت : مطلق قطع المسافة يتحقق بالمحرمة فالإشكال بحاله.

قلت : الذي يتحقق بالمحرمة سقوط الواجب من قطع المسافة ، وبين الأمرين فرق واضح.

وقد يمكن الفرق بين الصلاة في الحمّام وبين المكان المغصوب بوجه آخر ، وهو أنّ الحمّام ليس النهي فيه لذات الحيّز من حيث هو المتوقف عليه العبادة ، بل يجوز أنْ يكون لوصف عارض للمحل والعبادة لا تتوقف عليه ، كما ذكروه في معاطن الإبل ، إلاّ أنّي لم أقف على ما يقتضي التعليل سوى ما في خبر علي بن جعفر المشعر بنظافة المحل(١) .

وما ذكره الشهيدرحمه‌الله : من أنّه مأوى الشياطين(٢) (٣) ، لعلّه مأخوذ من قول الصدوق في الفقيه ، فإنّه قال : ولا بأس بالصلاة في مسلخ الحمام ، وإنما يكره في الحمام لأنه مأوى الشياطين(٤) . والظاهر أنّ هذا من النص ، واحتمال كونه ( استنباطاً قائم )(٥) .

وأمّا رواية الحلبي الذي نقلها العلاّمة واصفاً لها بالحسن(٦) فلم أقف‌

__________________

(١) انظر الفقيه ١ : ١٥٦ / ٧٢٧ ، وتقدم في ص ١٩٩١.

(٢) انظر الذكرى : ١٥٢.

(٣) في حاشية « فض » زيادة : لكن يتوقف على الإثبات ، وهي مناسبة لما بعد قوله : قائم.

(٤) الفقيه ١ : ١٥٦ / ٧٢٧.

(٥) بدل ما بين القوسين في « م » بعد بياض بقدر كلمتين ـ : العورة لكن يتوقف على الإثبات.

(٦) انظر المختلف ٢ : ١٢٠.

٣٣٦

الآن عليها ، لكن الصدوق روى عن الحلبي ، والطريق إليه صحيح ، وصورة الرواية : وسأل الحلبي أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصلاة في مرابض الغنم؟ فقال : « صلّ ، ولا تصلّ في معاطن الإبل إلاّ أنْ تخاف على متاعك الضيعة فاكنسه(١) ورشّه بالماء وصلّ »(٢) وهذه الرواية ظاهرة الدلالة مع صحتها كما لا يخفى.

وعلى كل حال ، فالمشهور الكراهة في المذكورات في الأخبار المبحوث عنها.

ويبقى الكلام فيما تضمنه خبر سماعة من قوله : « فأمّا مرابط الخيل والبغال فلا » فإنّ ظاهره التحريم ، والعامل بالموثق يحتاج إلى مزيد توجيه للكراهة.

وما قاله في المختلف : من الاستدلال للكراهة بالأصل ، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « جعلت لي الأرض مسجداً وترابها طهوراً ، أينما أدركتني الصلاة تيمّمت وصلّيت »(٣) وما رواه في الحسن الحلبي وذكر الرواية السابقة عنه ، وعن سماعة وذكر الرواية الأُولى(٤) .

فيه : أنّ الأصل يخرج عنه بالدليل ، والخبر لم يعلم سنده لكن الصدوق روى مضمونه في الجملة فيمكن الاعتماد عليه ، لكن شمول الحكم لغير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله محل كلام ، إلاّ أنْ يقال : إنّ هذا ليس من خواصّه. وفيه : أنّ تمام الحديث يدل على ذكر الخواص كما يعرف من مراجعته في‌

__________________

(١) في « فض » : واكنسه.

(٢) انظر الفقيه ١ : ١٥٧ / ٧٢٩ ، الوسائل ٥ : ١٤٥ أبواب مكان المصلي ب ١٧ ح ٢.

(٣) في « م » : فصليت.

(٤) المختلف ٢ : ١١٩.

٣٣٧

الفقيه. وغيره من الأخبار إنْ عمل به فهو ما بين مشروط ومتضمن للنهي عن مرابط الخيل والبغال على الإطلاق ، فليتأمّل.

وينبغي أنْ يعلم أنّ في المنتهى على ما نقل عنه أنّ المراد بأعطان الإبل هي مباركها حول الماء لتشرب عللاً بعد نهل ، قاله صاحب الصحاح ، والعلل : الشرب الثاني ، والنهل : الشرب الأوّل ، والفقهاء جعلوه أعم من ذلك وهي مبارك الإبل مطلقاً التي تأوي إليها ، ويدلُّ عليه ما فهم من التعليل بكونها من الشياطين. انتهى(١) .

وفي المنتهى أيضاً : أنّ المواضع التي تبيت فيها الإبل في سيرها ، أو تناخ فيها لعلفها لا بأس بالصلاة فيها ، [ لأنّها ] لا تسمّى معاطن(٢) . وقد تقدم عن القاموس ما نقلناه(٣) . وفي القاموس : الربض مأوى الغنم(٤) . هذا ولا يخفى ما في عنوان الباب من القصور.

قوله :

باب الصلاة في السبخة

الحسين بن سعيد ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن الصلاة في السباخ ، فقال : « لا بأس ».

فأمّا الخبر المتقدّم وما تضمّنه من النهي عن الصلاة في السبخة ، فإنّما هو محمول على ضرب من الاستحباب ، ويجوز أنْ يكون‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٢٤٥.

(٢) المنتهى ١ : ٢٤٥ ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٣) في ص : ١٩٩٢.

(٤) القاموس المحيط ٢ : ٣٤٢.

٣٣٨

محمولاً على سبخة لا تتمكن الجبهة فيها من السجود.

يدل على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن شعيب بن يعقوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سألته عن الصلاة في السبخة فكرهه ، لأنّ الجبهة لا تقع مستوية ، فقلت : إنْ كان فيها أرض مستوية؟ فقال : « لا بأس » (١) .

السند‌ :

في الأوّل : موثق.

والثاني : فيه أبو بصير ، أمّا شعيب فهو العقرقوفي ابن أُخت أبي بصير يحيى بن القاسم الوارد فيه من الأخبار المعتبرة في هذا الكتاب ما يقتضي الذم الموجب لعدم قبول روايته ، أمّا شعيب فهو ثقة وروايته ربما كانت قرينة على تعين أبي بصير في المذكور.

المتن :

في الأوّل : ظاهر الدلالة على نفي البأس عن الصلاة في السباخ ، والخبر السابق يقصر عن مقاومته لولا إيراد الصدوق له كما قدّمناه(٢) ، فحمل السابق على الاستحباب بهذا الخبر محل كلام ، والقول بالمنع نقله في المختلف عن المفيد(٣) .

والصدوقرحمه‌الله ذكر في الفقيه بعد رواية الحلبي السابقة ما هذا لفظه‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٩٦ / ١٥٠٩ زيادة : به.

(٢) في ص ٣٣٦ ٣٣٧.

(٣) المختلف ٢ : ١١٩ ، وهو في المقنعة : ١٥١.

٣٣٩

قال : وكره الصلاة في السبخة إلاّ أنْ يكون مكاناً ليّناً تقع عليه الجبهة مستوية ، وعن الصلاة في بيوت المجوس ، إلى آخره(١) .

والظاهر أنّ لفظ « قال » عائد إلى الحلبي ، والذي كره أبو عبد اللهعليه‌السلام ، وعلى هذا فيكون مدلول الثاني في هذا الكتاب صحيح الطريق من الفقيه ، إلاّ أنّ المتن مختلف.

والمكروه في الأخبار كما في الخبر المذكور محتمل للمكروه المعروف والتحريم ، فالخبر السابق الوارد بالنهي عن الصلاة في السبخ يقيّد بهذا الخبر.

والشيخ كما ترى كلامه مجمل في الحمل الثاني ؛ لاحتماله التحريم فيما إذا لم تقع الجبهة مستوية ، ولفظ الكراهة ( عند الشيخ يأبى هذا ، لأنّه كثيراً ما يقول في مثل الخبر : إنّه جاء نصّاً في الكراهة ، ويحتمل أنْ يريد الكراهة )(٢) لكن الحمل على الاستحباب لا يغاير هذا إلاّ بأن يقال : إنّ الحمل الأوّل يراد به كراهة السبخة مطلقاً فيستحبّ التنزّه عنها ، والثاني يفيد الكراهة إذا لم تستو الجبهة.

وقد نقل بعض محققي المعاصرين سلّمه الله الخبر الثاني واصفاً له بالموثق ، ومتنه : قال : سألته عن الصلاة في السبخة لمَ تكرهه؟ قال : « لأنّ الجبهة لا تقع مستوية » فقلت : إن كان فيها أرض مستوية؟ قال : « لا بأس »(٣) وأنت خبير بعد ما قدّمناه من صحّة السند(٤) وعدم ظهور وجه التوثيق.

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٥٧.

(٢) ما بين القوسين ساقط من « م ».

(٣) البهائي في الحبل المتين : ١٦١.

(٤) في ص ١٩٩٨.

٣٤٠