إستقصاء الإعتبار الجزء ٦

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430
المشاهدات: 41418
تحميل: 5138


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41418 / تحميل: 5138
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 6

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-178-8
العربية

الاشتغال بيقين كاف ، فلو رام المجيب ادعاء الاكتفاء بزوال الاشتغال بيقين رجع إلى ( ما به مستدلّ )(١) .

إلاّ أنْ يقال : إنّه يمنع توقف اليقين على اليقين بل على زوال اليقين وهو يحصل بالصلاة المذكورة.

وفيه : أنّه إن اكتفى بالاحتمال فله وجه ، أمّا إذا تعرض للاكتفاء كما هو ظاهر مذهب المجيب فيرجع إلى الاستدلال ، ويحتاج إلى إثبات الاكتفاء بزوال يقين الاشتغال كيف اتفق كما لا يخفى على المتأمّل.

ثم أجاب العلاّمة عن رواية أبي بصير بتضمّنها الشبر والذراع والشيخ لا يقول به(٢) . ولا يذهب عليك أنّ ترك مذهب الشيخ هنا من العلاّمة لا وجه له كما هي عادته ، وقد صرّح هنا بأنّ اعتبار العشرة أذرع إذا كانا على خط واحد ، أمّا مع التقدم فلا كما يأتي مع الكلام عليه ، هذا.

وما تضمنه الثاني من قوله : « كان طول رحل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » إلى آخره. غير واضح الارتباط بأوّل الرواية ، وكأنّه بيان حكم آخر.

ثم الثالث : لا يخلو ذكره مع غيره من الأخبار من غرابة ، وكأنّ الوجه فيه أنّ المعلوم من المزاملة المحاذاة ، فيفيد أنّ المحاذاة تقتضي عدم الصلاة من الرجل والمرأة معاً ، ولا يخفى أنّ التقدم بالشبر ممكن مع المزاملة ، فلو حمل إطلاقه على المقيد أمكن.

أمّا ما تضمنه الأوّل من قوله : أو بنته. ربما يتناول البالغة وغيرها ، كما أنّ غيره من الأخبار يتناول الصلاة جماعة وفرادى ، ولا يبعد استفادة الجماعة من خبري أبي بصير بسبب ذكر اليمين ، كاحتمال استفادتها أيضاً‌

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « رض » : انه مستدل.

(٢) المختلف ٢ : ١٢٨.

٣٦١

من خبر محمّد بن مسلم الثالث. وقد صرّح القائل بالمنع بعدم الفرق بين الصلاة جماعة وغيرها ، هذا.

وقد روى الشيخ في التهذيب عن سعد ، عن سندي بن محمّد البزاز ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله بن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أُصلّي والمرأة إلى جنبي وهي تصلّي؟ فقال : « لا ، إلاّ أنْ تتقدم هي أو أنت فلا بأس ، ولا بأس أنْ تصلّي وهي بحذاك جالسة أو قائمة »(١) .

وهذه الرواية ليس في رجالها ارتياب بعد ما تقدم في أبان بن عثمان(٢) . وسندي بن محمّد لم أجد وصفه بالبزاز في الرجال ، ولعلّه لا يضرّ بالحال ، إذ احتمال جهالته بعيد. وأمّا لفظ « أبي عبد الله » فكأنّه سبق قلم ، ودلالة الرواية على تقدم المرأة أو الرجل لا يخلو من إشكال ، وأظن أنّ المراد بتقدّمها صلاتها قبله وتقدّمه صلاته قبلها ، ولا ينافي ما تضمنه الخبر الأوّل من المبحوث عنه من تفسير الشيخ أو الراوي بتقدم الرجل على المرأة بشبر.

وروى الشيخ في الزيادات من التهذيب عن أحمد ، عن الحجّال ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في المرأة تصلّي عند الرجل ، قال : « إنْ كان بينهما حاجز فلا بأس »(٣) وهذه الرواية معتبرة الإسناد كما لا يخفى. والحاجز فيها يشمل الساتر بحيث لا يرى كلّ منهما الآخر ومجرّد الساتر.

وفي الفقيه ، روى الصدوق عن معاوية بن وهب ، أنّه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٣١ / ٩٠٩ ، الوسائل ٥ : ١٢٤ أبواب مكان المصلي ب ٥ ح ٥.

(٢) في ص ١٣٠.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٧٩ / ١٥٨٠ ، الوسائل ٥ : ١٢٩ أبواب مكان المصلي ب ٨ ح ٢.

٣٦٢

عن الرجل والمرأة يصلّيان في بيت واحد؟ فقال « إذا(١) كان بينهما قدر شبر صلّت بحذاه وحدها وهو وحده لا بأس »(٢) وهذا الخبر وإنْ كان في طريقه محمّد بن علي ماجيلويه ، إلاّ أنّ حاله لا يقصر عن الصحيح بسبب إيراد الصدوق له على تقدير التوقف في محمّد بن علي. وفيه دلالة على أنّ مقدار الشبر إذا كان بينهما يصلّي كل واحد بانفراده. والظاهر من الانفراد عدم الصلاة جماعة ، لا أنّ كلّ واحد يصلّي ثم يصلّي الآخر بعده. والذي [ ينبئ عن(٣) ] الظاهر قوله : « صلّت بحذاه » ، واحتمال أنْ يراد المحاذاة حال جلوسه ، لا وجه له كما لا يخفى.

وعلى هذا فالذي يظهر من الصدوق القول بأنّه مع المساواة والبعد بمقدار شبر لا يصلّي جماعة.

ويستفاد من الخبر أنّ الخبر الأوّل المبحوث عنه على تقدير أنْ لا يكون لفظ « يعني » فيه من ( الراوي لفهمه من الإمامعليه‌السلام يحتمل لأنْ يراد البعد مع المحاذاة بشبر ، ويكون الإجزاء مقيّداً بالصلاة على )(٤) الانفراد بخبر معاوية بن وهب ، ويحتمل حصول الإجزاء جماعة وفرادى ، والأكمل في الجماعة البعد بأكثر. ولو كان من الراوي لفهمه ذلك أمكن حمل خبر معاوية بن وهب على المحاذاة في الجملة ، لدفع احتمال التأخّر عنه بمسقط(٥) الجسد ونحو ذلك.

__________________

(١) في « رض » : إن.

(٢) الفقيه ١ : ١٥٩ / ٧٤٧ ، الوسائل ٥ : ١٢٥ أبواب مكان المصلي ب ٥ ح ٧.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في « م » : ينبغي عن ، وفي « رض » : يبنى على ، وفي « فض » : يبنى عن ، والأولى ما أثبتناه.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٥) في « م » : بحفظ.

٣٦٣

وروى الصدوق عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام « أنّه إذا كان بينها وبينه قدر ما يتخطّى أو قدر عظم الذراع فصاعداً فلا بأس »(١) وهذه الرواية ، أوردها عقيب رواية معاوية بن وهب بصورة : وفي رواية زرارة ، وظاهر الحال اتحاد(٢) الحكم في المحاذاة ، لكن نفي البأس في خبر زرارة إمّا عن مطلق الصلاة جماعة أو فرادى ، أو مخصوص بمدلول رواية معاوية ، كما يقتضيه السياق.

وقد نقل بعض محقّقي المتأخّرينرحمه‌الله خبر زرارة واصفاً له بالصحة ومتنه : « إذا كان بينها وبينه قدر ما يتخطّى ، أو قدر عظم الذراع فصاعداً فلا بأس صلّت بحذاه وحدها »(٣) وهذا الخبر لم أقف عليه الآن ، إلاّ أنّه مؤيّد لما ذكرناه في عبارة الصدوق بالنسبة إلى رواية زرارة ، وقد نسب الرواية المذكورة إلى الفقيه ، ولولاه لأمكن أنْ يكون من غيره.

ونقل عن غير الفقيه خبراً عن حريز ، موصوفاً بالحسن ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المرأة تصلّي إلى جانب الرجل قريباً منه ، فقال : « إنْ كان بينهما موضع الرحل فلا بأس »(٤) وهذا الخبر ظاهر في اعتبار البعد لا التقدم ، ولم أقف على مأخذه الآن أيضاً.

وروى عن جميل خبراً أوضحنا ما فيه في حواشيه فليراجعه من أراده ، وسيأتي رواية جميل في الكتاب(٥) ، ويذكر ما فيها إن شاء الله.

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٥٩ / ٧٤٨ ، الوسائل ٥ : ١٢٥ أبواب مكان المصلي ب ٥ ح ٨.

(٢) في « فض » : اتخاذ.

(٣) الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ١٢٨ بتفاوت يسير.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ١٢٨ بتفاوت يسير.

(٥) في ص ٢٠١٧.

٣٦٤

اللغة :

قال في القاموس ، حاذاه : آزاه ، والحذاء : الإزاء ، ويقال : هو حذاؤك ((١) وداري حذوة داره ، بإزائها(٢) . ولا يخفى أنّ لحوق التاء للعشرة في خبر عمّار يدلّ على عدم كون الذراع مؤنثاً سماعيّاً كما ينقل عن بعض اللغويين(٣) ، فتأمّل.

قوله :

فأمّا ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد المدائني ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه سئل عن الرجل يستقيم له(٤) أنْ يصلّي وبين يديه امرأة(٥) تصلّي؟ قال : « لا يصلّي حتى يجعل بينه و ( بين المرأة )(٦) أكثر من عشرة أذرع ، فإنْ كانت عن يمينه أو عن يساره يجعل بينها وبينه مثل ذلك ، وإن كانت تصلّي خلفه فلا بأس وإنْ كانت تصيب ثوبه ، وإنْ كانت المرأة قاعدة أو نائمة أو قائمة في غير صلاة فلا بأس حيث كانت ».

فالوجه في هذا الخبر ، أنْ نحمله على ضرب من الاستحباب ،

__________________

(١) من عبارة : وداري. إلى عبارة : أمّا منصور بن ، في ص : ٢٠٢١ ساقط عن « م ».

(٢) القاموس المحيط ٤ : ٣١٧.

(٣) حكاه في حبل المتين : ١٦٠.

(٤) ليس في الاستبصار ١ : ٣٩٩ / ١٥٢٦.

(٥) في الاستبصار ١ : ٣٩٩ / ١٥٢٦ : امرأته.

(٦) بدل ما بين القوسين في الاستبصار ١ : ٣٩٩ / ١٥٢٦ : بينها.

٣٦٥

ويجوز أنْ يكون إنّما راعى أنْ يكون بينهما عشرة أذرع إذا كانا على خط واحد ، فأمّا إذا تقدم الرجل عليها ولو بشبر سقط هذا الاعتبار حسب ما فصّله في الأخبار الأوّلة.

فأمّا ما رواه سعد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عمّن أخبره ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يصلّي والمرأة تصلّي بحذاه ، قال : « لا بأس ».

فالوجه في هذا الخبر أنْ نحمله على أنّه إذا كان الرجل متقدماً على المرأة بشي‌ء يسير ، ويكون(١) قوله : تصلّي بحذاه ، على ضرب من المجاز لقربها منه.

السند‌ :

في الخبرين معلوم ممّا قررناه غير مرّة.

المتن :

في الأوّل : ظاهر الدلالة على أنّ المرأة إنْ صلّت بين يدي الرجل لا يستقيم لها ذاك حتى يجعل(٢) بينها وبينه أكثر من عشرة أذرع ، وكذا لو كانت عن يمينه أو يساره ، بخلاف ما إذا كانت خلفه ، والظاهر من خلفه تأخّرها عنه بمسقط جسدها كما ينبئ عنه قوله : « وإنْ كانت تصيب ثوبه » لأنّ هذا بيان لآخر المراتب.

وقول الشيخ في الحمل الثاني : إذا كانا على خط واحد ؛ يعطي أنّه لو‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٠٠ / ١٥٢٧ : فيكون.

(٢) في « رض » : يحصل.

٣٦٦

حصل الميل اليسير ولو بشبر [ لكفى ، و(١) ] لا يخفى مخالفته لما قدّمناه من الظاهر ، لكن لا بعد فيه بعد وجود المعارض على تقدير إرادة الشبر والذراع في التقدم ، ولو أُريد البعد لا يتم المطلوب. ويحتمل الاستحباب في التأخر بمقدار مسقط الجسد.

والثاني : ما ذكره الشيخ فيه لا يخلو من بعد ، والحمل على الجواز وما دل على البعد أو التقدم أو المقدار المذكور على الاستحباب ممكن.

وقد روى الصدوق خبر جميل بصورة : « لا بأس أنْ تصلّي المرأة بحذاء الرجل وهو يصلّي ، فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصلّي وعائشة مضطجعة بين يديه وهي حائض ، وكان إذا أراد أنْ يسجد غمز رجلها »(٢) ولا يخفى عدم مناسبة آخر الرواية لأوّلها في ظاهر الحال ، وقد ذكرنا ما لا بدّ منه في معاهد التنبيه ، هذا.

ومن العجب ذكر جماعة من المتأخرين البعد بعشرة أذرع(٣) ، مع أنّ الرواية التي هي الأصل تضمّنت أكثر من عشرة.

ويبقى في المقام خبر نقله الشيخ في التهذيب عن محمّد بن مسعود العيّاشي ، عن جعفر بن محمّد قال : حدثني العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسىعليه‌السلام ، قال : سألته عن إمام كان في الظهر فقامت امرأته بحياله تصلّي وهي تحسب أنّها العصر ، هل يفسد ذلك على القوم؟

__________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

(٢) الفقيه ١ : ١٥٩ / ٧٤٩ ، وفيه : رجليها.

(٣) المحقق في الشرائع ١ : ٧١ ، والعلاّمة في القواعد ١ : ٢٨ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ١٢٨.

٣٦٧

وما حال المرأة في صلاتها معهم وقد كانت صلّت الظهر؟ قال : « لا يفسد ذلك على القوم ، وتعيد المرأة(١) »(٢) .

وهذا الطريق وإنْ كان غير سليم كما يعرف مما مضى ، إلاّ أنّ الشيخ روى المتن في صلاة الجماعة عن علي بن جعفر(٣) ، والطريق إليه صحيح في المشيخة(٤) ، فيكون الخبر صحيحاً.

وقول بعض المحققين من المتأخّرينرحمه‌الله بعد نقله عن العلاّمة الحكم بصحة الخبر : إنّ الظاهر كون الصحة لأنّ علي بن جعفر فيه ، والطريق إليه صحيح. ثم اعترض على هذا ، بأنّه غير داخل في الطرق(٥) ؛ لا وجه له بعد ما ذكرناه.

وقد يظن من هذه الرواية الدلالة على عدم صحة صلاة المرأة مع المحاذاة ؛ لأنّ إعادة المرأة منحصرة في أحد أمرين ، إمّا لظن العصر أو للمحاذاة ، لكن الأوّل قد ورد فيه أخبار بعدم الإعادة ، فتعيّن الثاني.

وفيه : أنّ الثاني ورد أيضاً فيه الأخبار بعدم الإعادة فلا وجه للترجيح ، ولو حمل على الاستحباب من كلّ من الجهتين أمكن.

وفي الرواية المذكورة كلام طويل أنهيته في محل آخر ، والمقصود هنا الإشارة إلى ما لا بدّ منه في المقام ، وبالله الاعتصام.

__________________

(١) في التهذيب ٢ : ٢٣٢ / ٩١٣ زيادة : صلاتها.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٣٢ / ٩١٣ ، الوسائل ٥ : ١٣٠ أبواب مكان المصلي ب ٩ ح ١.

(٣) التهذيب ٣ : ٤٩ / ١٧٣.

(٤) مشيخة التهذيب ( التهذيب ١٠ ) : ٨٦ / ٧٥.

(٥) انظر مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ١٣١.

٣٦٨

قوله :

باب الصلاة على كدس حنطة إذا كان مطيّناً

أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن أحمد بن عائذ(١) ، عن عمر بن حنظلة قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : يكون الكدس من الطعام مُطيناً مثل السطح؟ قال : « صلّ عليه ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن أحمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حسين بن عثمان ، عن ابن مسكان ، عن محمّد بن مضارب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سألته عن كدس حنطة مُطيّناً أُصلّي فوقه؟ فقال : « لا تصلّ فوقه » قلت : فإنّه مثل السطح سواء(٢) فقال : « لا تصلّ عليه ».

فالوجه في هذا الخبر ضرب من الكراهية دون الحظر.

السند‌ :

في الأوّل : فيه أحمد بن عائذ ، وهو ثقة في النجاشي(٣) . وعمر بن حنظلة غير معلوم التوثيق ولا المدح إلاّ ممّا ذكره جدّيقدس‌سره في شرح الدراية من أنّه علم توثيقه من محل(٤) . قد ذكرنا سابقاً عدم صلاحيته لما قاله(٥) .

والثاني : فيه محمّد بن مضارب ، وهو مذكور مهملاً في رجال‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٠٠ / ١٥٢٨ ، ونسخة « رض » : عائد ، بالدال المهملة.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٠٠ / ١٥٢٩ ، مستو.

(٣) رجال النجاشي : ٩٨ / ٢٤٦.

(٤) الدراية : ٤٤.

(٥) في ص ٤٠٥.

٣٦٩

الصادقعليه‌السلام من كتاب الشيخ(١) .

المتن :

على تقدير العمل فالحمل على الكراهة لا يخلو من وجه ، وما عساه يقال : إنّ الأوّل عام والثاني خاص بالحنطة ، فيحمل النهي عن الصلاة على كدس الحنطة ويبقى ما عداه على الجواز ، لا يخلو أيضاً من وجه ، والأمر سهل.

وفي القاموس : الكُدس بالضم ، وكرُمّان : الحبّ المحصود المجموع(٢) .

__________________

(١) رجال الطوسي : ٣٠٠ / ٣٢٢.

(٢) القاموس المحيط ٢ : ٢٥٤.

٣٧٠

أبواب ما يقطع الصلاة وما لا يقطعها‌

باب أنّ البول والغائط والريح

يقطع الصلاة عمداً كان أو سهواً

أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل عن منصور بن يونس ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام أنّهما قالا : « لا يقطع الصلاة إلاّ أربع : الخلاء ، والبول ، والريح ، والصوت ».

محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن عباد بن سليمان ، عن سعد بن سعد ، عن محمّد بن القاسم ، عن الفضيل بن يسار ، عن الحسن بن الجهم قال : سألته(١) عن رجل صلّى الظهر أو العصر فأحدث حين جلس في الرابعة؟ فقال : « إنْ كان قال أشهد أنْ لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلا يعد ، وإنْ كان لم يتشهد قبل أنْ يحدث فليعد ».

عنه ، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضّال ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمّار الساباطي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : « في الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حبّ القرع فليس عليه شي‌ء ولم ينقض وضوءه ، وإن خرج متلطخاً بالعذرة فعليه أنْ يعيد الوضوء ، وإنْ كان في صلاته قطع الصلاة وأعاد الوضوء والصلاة ».

__________________

(١) في التهذيب ٢ : ٣٥٤ / ١٤٦٧ : سألت أبا الحسنعليه‌السلام .

٣٧١

السند‌ :

في الأوّل : محمّد بن إسماعيل فيه هو ابن بزيع ؛ لروايته عن منصور ابن يونس في الرجال(١) ، على أنّه المتعارف من رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عنه في الأخبار. أمّا منصور بن )(٢) يونس فقد مضى(٣) ، والحاصل أنّ النجاشي وثّقه من غير ذكر الوقف(٤) ، والشيخ في رجال الكاظمعليه‌السلام من كتابه قال : إنّه واقفيّ(٥) . وقد قدّمنا القول في مثل هذا من إمكان ترجيح قول النجاشي(٦) . والعلاّمة في الخلاصة توقف فيما يرويه ، وردّ قوله لوصف الشيخ له بالوقف(٧) ، فليتأمّل. وأبو بكر الحضرمي مضى ما يغني عن إعادة القول فيه(٨) .

والثاني : فيه عباد بن سليمان ، وحاله لا يزيد على الإهمال ، وقد مضى أيضاً(٩) ، والشيخ ذكره في رجال من لم يرو عن الأئمّةعليهم‌السلام وأنّ الراوي عنه الصفار(١٠) ، والنجاشي ذكر أنّ الراوي عنه محمّد بن خالد البرقي(١١) ،

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٣٠ / ٨٩٣.

(٢) من عبارة : وداري حذوة داره ، في ص : ٢٠١٧ ، إلى هنا ليس في « م ».

(٣) في ص ٥٩٥.

(٤) رجال النجاشي : ٤١٣ / ١١٠٠.

(٥) رجال الطوسي : ٣٦٠ / ٢١.

(٦) راجع ص ٧٩.

(٧) الخلاصة : ٢٥٩.

(٨) في ص ٤٣٠.

(٩) في ص ١٦٦٠.

(١٠) رجال الطوسي : ٤٨٤ / ٤٣.

(١١) رجال النجاشي : ٢٩٣ / ٧٩٢.

٣٧٢

فليتدّبر في ذلك.

أمّا سعد بن سعد ، فهو الأشعري الثقة. ومحمّد بن القاسم فيه اشتراك بين الثقة وغيره(١) ، وقد يظن أنّ السند عن محمّد بن القاسم بن الفضيل ، ويدفعه عدم استبعاد رواية محمّد بن القاسم بن الفضيل عن جدّه بهذه الصورة الموجودة بتقدير أنْ يكون هو المذكور. أمّا الحسن بن الجهم ففي النجاشي أنّه ثقة(٢) ، وهو ابن بكير بن أعين روى عن الرضاعليه‌السلام وأبي الحسن موسىعليه‌السلام . والشيخ ذكر في رجال الرضاعليه‌السلام من كتابه الحسن بن الجهم الزراري مهملاً(٣) . والظاهر الاتحاد كما لا يخفى.

والثالث : واضح الحال بما تكرّر من المقال(٤) .

المتن :

في الأوّل : لا ريب أنّ الحصر فيه إضافي ؛ إذ ما يقطع الصلاة لا ينحصر في الأربع ، ولعلّ المقصود الردّ على بعض العامة ، وما عساه يقال : إنّ الحصر يمكن جعله حقيقياً ، ويراد بالقطع بالأربع عمداً وسهواً ، إذ ما عداها انّما يبطل مع العمد. ففيه ما لا يخفى.

ثم إنّ الخلاء يراد به الغائط بقرينة البول ، وأمّا الصوت فالمراد به غير واضح ، واحتمال ارادة الكلام المشتمل عليه يبعّده أنّ السياق في قواطع الصلاة من الأحداث.

__________________

(١) هداية المحدثين : ٢٥٠.

(٢) رجال النجاشي : ٥٠ / ١٠٩.

(٣) رجال الطوسي : ٣٧٣ / ٢٨ وفيه الحسين بن جهم الرازي.

(٤) في ج ١ : ٣١١.

٣٧٣

واحتمال إرادة الريح المشتملة على الصوت ، ويكون الريح التي هي قسيمه الخالية عنه قد يشكل بأنّ ظاهر معتبر الأخبار حصر الناقض من الريح فيما له صوت.

ويمكن الجواب عنه : بأنّ ما تضمّن ذلك اقتضى اعتبار الريح أو الصوت ، وحينئذٍ يجوز تخصيص الريح بما ذكر ، على أنّ القائل بالتخصيص غير معلوم.

ثم إنّ احتمال الكلام يدفعه عدم اعتبار الصوت فيه فيما يعلم من الأصحاب.

وبالجملة : فالخبر غني بضعفه عن تكلّف القول فيه.

وأمّا الثاني : فظاهر الدلالة على أنّ الحدث مبطل إذا وقع قبل التشهد المذكور ، ودلالته على إجزاء الكيفية المذكورة من التشهد واضحة لو صح ، أمّا دلالته على عدم وجوب الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد يختلج فيها الارتياب من حيث إنّ الصلاة مذكورة في الرواية وإنْ كانت بنحو خاص ، إلاّ أنْ يقال بعدم تعين كون الصلاة المذكورة من الإمامعليه‌السلام ، وبتقدير التعين لا يلزم كونها جزاء من الصلاة ، ولو نوقش في ذلك بأنّ الظاهر ثبوت الأمرين من الرواية أمكن أنْ يقال : بأنّ الصورة الخاصة غير معلوم القول بها ، وفيه نوع تأمّل.

ولعلّ الأولى أنْ يقال : إنّ ظاهر قولهعليه‌السلام : « وإنْ كان لم يتشهد » إلى آخره. يدل على أنّ الاعتبار بالتشهد لا بالصلاة معه.

وما عساه يقال : إنّ احتمال إرادة عدم التشهد المذكور المشتمل على الصلاة ، وإطلاق التشهد على ما يشمل الصلاة لو نوقش فيه لا يضر هنا ، لأنّ المقام قرينة واضحة ، ولا يخفى عليك أنّ ثمرة هذا هيّنة بعد معرفة‌

٣٧٤

سند الرواية ، إلاّ أنّ الشيخرحمه‌الله كان عليه التنبيه على الخبر في باب الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في الباب المتقدم ، ومثله في التشهد أيضاً ، لكن الشيخ قليل الالتفات إلى هذه الخصوصيات.

وأمّا الثالث : فظاهره أنّ خروج العذرة على الوجه المخصوص قاطع للصلاة ، لكن المتن لا يخلو من حزازة ، والمراد واضح.

ثم إنّ خروج حب القرع متلطخاً لا يخفى اقتضاؤه قطع الصلاة ، لكن القطع هل هو موقوف على العلم بالتلطخ ، أو البقاء على الصلاة مشروط بعدم التلطخ؟ احتمالان ، لم أر من صرّح بهما ، ولا يبعد استفادة الأوّل من الرواية بعد التأمّل فيها ؛ لأنّ الشرط في الإبطال التلطخ فلا بُدّ من العلم به ، وليس حكم عدم التلطخ مستفاداً إلاّ من حيث المفهوم ، وغاية ما يفيده المفهوم أنّ عدم التلطخ لا يقطع الصلاة ، أمّا اشتراط العلم به فلا. وربما يتحدّس(١) نوع احتمال في المقام ، فليتأمّل.

ثم إنّه هل يجب على الإنسان النظر في مثل حبّ القرع ليعلم حقيقة الحال ، أم لا ، بل لو اتفق النظر كان حكمه ما ذكر؟ احتمالان مبنيّان على ما سبق القول فيه. وأمّا حبّ القرع فهو دود يحدث في الحيوان معروف.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الشيخ في التهذيب ادعى الإجماع على بطلان الصلاة بما يبطل الطهارة المائية ، حيث قال ـ بعد رواية زرارة الدالة على أنّ المتيمّم إذا أحدث ثمّ وجد الماء يبني بعد وضوئه على صلاته ـ : ولا يلزم مثل ذلك في المتوضّئ إذا صلّى ثمّ أحدث أنْ يبني على ما مضى من صلاته ؛ لأنّ الشريعة منعت من ذلك ، وهو أنّه لا خلاف بين أصحابنا أنّ من أحدث في الصلاة ما يقطع صلاته يجب عليه استئنافه. انتهى(٢)

__________________

(١) في « رض » : ينخدش.

(٢) التهذيب ١ : ٢٠٥ / ٥٩٥.

٣٧٥

وستسمع القول(١) في خلاف هذا عن قريب إن شاء الله.

وقد روى الشيخ في الحسن في التهذيب أنّ الصلاة ثلث طهور ، وثلث ركوع ، وثلث سجود(٢) وهذا الخبر واضح الدلالة على المدعى لولا احتمال تخصيصه بما يأتي ، وقد ذكرنا ما لا بُدّ منه في معناه في حاشية التهذيب.

وربما يؤيّده حديث : « لا صلاة إلاّ بطهور » وإنْ كان التوجيه لهذا في حيّز الإمكان الظاهر ؛ لأنّ ما دلّ على البناء مع الحدث تضمن الطهارة ثم البناء ، فليتأمّل.

قوله :

فأمّا ما رواه علي بن مهزيار ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : أكون في الصلاة فأجد غمزاً في بطني أو أذى أو ضرباناً ، فقال : « انصرف ثم توضّأ وابن على ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة(٣) متعمداً ، وإن تكلّمت ناسياً فلا بأس عليك فهو بمنزلة من تكلّم(٤) في الصلاة ناسياً » قلت : فإن قلب وجهه عن القبلة؟ قال : « نعم وإن قلب وجهه عن القبلة ».

فليس ينافي هذا الخبر ما قدّمناه من الأخبار لأنّه ليس في الخبر‌

__________________

(١) في ص ٢٠٢٦.

(٢) التهذيب ٢ : ١٤٠ / ٥٤٤.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٠١ / ١٥٣٣ زيادة : ( بالكلام ). من التهذيب.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٠١ / ١٥٣٣ : يتكلم.

٣٧٦

أكثر من أنّه وجد أذى في بطنه ، وليس كل من وجد أذى كان محدثاً ، وليس في الخبر أنّه أحدث ، وأمّا قوله : « ما لم تنقض الصلاة متعمدا » لا يدل على أنّه إذا كان ساهياً لا تجب عليه الإعادة إلاّ من حيث دليل الخطاب ، وقد يترك دليل الخطاب عند من قال به لدليل ، وقد دلّلنا على ذلك بالأخبار المتقدمة ، فأمّا أمره له بالوضوء يكون محمولاً على ضرب من الاستحباب ، ويحتمل أن يكون ذلك مخصوصاً بالكلام ؛ لأنّ من تكلم ساهياً لا تجب عليه الإعادة ، ولأجل ذلك قال عقيب هذا القول : « وإن تكلّمت ناسياً فلا بأس عليك » فدل على أنّه أراد بقوله : « ما لم تنقض الصلاة متعمداً » بالكلام دون غيره.

السند‌ :

لا ارتياب فيه بعد ما قدّمناه في حريز ؛ لأنّ طريق الشيخ في المشيخة إلى علي بن مهزيار ، عن المفيد ، عن محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، عن أبيه ومحمد بن الحسن ، عن سعد والحميري ومحمد بن يحيى وأحمد بن إدريس ، كلهم عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار(١) . وفي الفقيه ، رواه عن الفضيل بن يسار(٢) ، وطريقه إليه غير معلوم الصحة ، إلاّ أنّ رواية الصدوق غير خفيّة المزية ، وفي المتن زيادة يأتي التنبيه عليها.

المتن :

ما ذكره الشيخ فيه لا يخلو من نظر ، ومقتضاه عدم ناقضيّة الأذى‌

__________________

(١) مشيخة الاستبصار ( الاستبصار ٤ ) : ٣٣٨.

(٢) الفقيه ١ : ٢٤٠ / ١٠٦٠.

٣٧٧

واستحباب الوضوء ، ولا ريب في أنّ فعل الوضوء من دون إخراج الأذى زيادة ضرر ، وقد ذكر شيخنارحمه‌الله ذلك في فوائد الكتاب قائلاً : إنّ هذا الوجه يكاد أن يكون مقطوعاً بفساده ؛ لأنّ من هذا شأنه إذا لم يحدث فأيّ فائدة في قطعه الصلاة والانصراف والوضوء. ثم قالقدس‌سره : والحقّ أنّ الانصراف كناية عن قضاء الحاجة ، أو يقال : إنّ المراد بالغمز وما في معناه ما حصل معه النقض كما نقل عن المرتضىرضي‌الله‌عنه وعلى هذا تكون الرواية دالة على البناء مع تخلل الحدث على هذا الوجه ، وقوله : « ما لم ينقض الصلاة متعمداً » يعني بالكلام ، وقد أورد ابن بابويه في كتابه هذه الرواية بعينها ، وفيها : « ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمّداً » والظاهر أنّ ذلك سقط من الرواية التي أوردها الشيخ ، وهذه الرواية صحيحة السند وفي معناها أخبار كثيرة وليس لها معارض صريحا ، وقد أفتى بمضمونها الشيخ والمرتضى في بعض كتبه ، فيتجه العمل بها. انتهى.

وما قالهقدس‌سره : من أنّ المراد بالغمز ما حصل معه النقض وأنّه منقول عن السيّد المرتضى ، فقد نقل في المدارك عن الشيخ والمرتضى أنّهما قالا : يتطهر ويبني على ما مضى من صلاته إذا كان الحدث سهوا(١) ؛ وهذا يخالف دعوى الشيخ الإجماع في التهذيب كما مضى(٢) .

والمنقول منه عن المعتبر أن الشيخ في الخلاف وعلم الهدى قالا : إذا سبقه الحدث ففيه روايتان إحداهما يعيد الصلاة ، والأُخرى يعيد الوضوء ويبني على صلاته ، إلى أن قال ـ يعني المحقق ـ : وما حكاه الشيخ وعلم الهدى هو إشارة إلى ما رواه فضيل بن يسار ، وذكر الرواية ، إلى أن قال : وقال علم الهدى : لو لم يكن الأزّ والغمز ناقضاً للطهارة لم يأمره بالانصراف‌

__________________

(١) المدارك ٣ : ٤٥٥.

(٢) في ص ٢٠٢٤.

٣٧٨

والوضوء ؛ وما ذكره لا دلالة فيه على جواز البناء مع سبق الحدث لأنّ الأزّ والغمز ليس بناقض(١) وقد أطال المحقق الكلام في المقام مما لا حاجة إليه ، والذي يقتضيه نظري القاصر أنّ في المقام تأمّلاً من وجوه :

الأوّل : ما قاله شيخناقدس‌سره من أنّ الانصراف كناية عن قضاء الحاجة ، فيه : أنّ قضاء الحاجة إن أراد به الحدث أعني إخراج الريح فهو خلاف المتعارف من العبارة ، وعلى تقدير تماميته فالأمر بالانصراف يؤول إلى الأمر بإخراج الحدث ، وأين هذا من مذهب السيّد المرتضى والشيخ ، وقد صرّحقدس‌سره أخيراً بإفتاء الشيخ والمرتضى بمضمونها ، والأمر كما ترى ، ولو أُريد بقضاء الحاجة غير إخراج الريح فالقول به غير معلوم.

الثاني : ما قاله المحقق في جواب السيد ، من أنّ الأزّ والغمز ليس بناقض. فيه : أنّ غرض السيّد بالاستدلال على تقدير استدلاله بها أنّ الأزّ كناية عن خروج الريح ، وحينئذ لا وجه للاعتراض.

الثالث : مفاد كلام السيّد سبق الحدث ، وكذلك الشيخ ، والرواية ظاهرة في أنّ الأذى إذا حصل جاز إخراجه ، وحينئذٍ لا يدلّ على مطلوبهما إلاّ بتكلف ، وعلى تقدير تمامه فالمنقول من شيخناقدس‌سره كما سبق عن المدارك أنّ الحدث إذا وقع سهواً يقتضي الوضوء والبناء عند الشيخ والمرتضى ، واستفادة السهو من الرواية غير ظاهرة.

واحتمال أن يراد بقولهعليه‌السلام : « ما لم تنقض الصلاة متعمّداً » أن ما سبق في النقض سهواً ؛ يشكل بما تضمّنه قوله : « وإن تكلّمت ناسياً » مع وجود عبارة الصدوق المنقولة في كلام شيخناقدس‌سره الدالة على الكلام ، فإن‌

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٢٥٠ ، وفيه في الموردين : الأذى بدل الأزّ.

٣٧٩

كان الشيخ نظر إلى ظاهر الرواية ففيه : أنّ الظاهر منها بمعونة قوله : « وإن تكلّمت ناسياً » خلاف ما قاله ، وقد صرّح بذلك الشيخ هنا على أنّ السهو أُريد به السهو عن كونه مصلّياً ، فالرواية لا تدل عليه ، وإن أُريد به السهو في وقوع الحدث ، بمعنى كونه من غير اختيار فالرواية من حيث الأمر بالانصراف ربما ينافيه إلاّ بتكلف.

ثم إنّ الرواية لو حملت على الكلام ( متعمداً لزم من ظاهرها أنّ الحدث عمداً لا يضّر بالحال للحصر ظاهراً في الكلام )(١) عمدا ، إلاّ أن يقال : إنّ الحدث يستفاد بمفهوم الموافقي(٢) ، وفيه ما لا يخفى. وقد يقال : إنّ قوله : « وإن تكلّمت ناسياً » إلى آخره. يدل على أنّ الحدث وقع نسياناً على معنى نسيان كونه مصلّيا ، إلاّ أن يقال : باحتمال إرادة نسيان كونه مصلّياً بعد الانصراف للوضوء لا مطلقا ، فليتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه يستفاد من الرواية بطلان الصلاة بالكلام متعمداً ، والكلام في العمد قد مضى شي‌ء منه ، وأمّا حقيقة الكلام فالذي في المنتهى : أنّه يجب ترك الكلام في الصلاة ، فلو نطق بحرفين فصاعداً عمداً بطلت صلاته لا سهواً ؛ ثم ذكر ما يفيد الإجماع(٣) .

واستدل أيضاً بعض الأصحاب بما رواه الصدوق عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال : « كلما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام ».

وروى أيضاً عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « لا بأس أن يتكلم الرجل في‌

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) في « م » : الموافقة.

(٣) المنتهى ١ : ٣٠٨.

٣٨٠