إستقصاء الإعتبار الجزء ٦

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430
المشاهدات: 41459
تحميل: 5138


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41459 / تحميل: 5138
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 6

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-178-8
العربية

لم نقف(١) على غيرها.

وقد اتفق للوالدقدس‌سره في المعالم أنّه ظن انحصار الأخبار الدالة على نجاسة الميتة في خبرين ، أحدهما حسن عن الحلبي ، وقد مضى(٢) في باب الميتة من هذا الكتاب ، والآخر رواه إبراهيم بن ميمون(٣) ، ثم ردّهما بقصور السند(٤) ، والحال أنّ في خبر حسن عن حريز في باب الأطعمة من هذا الكتاب ما يدل على نجاسة الميتة(٥) ، لكن حُسنه يمنع من العمل به عنده ، فكان الأولى ذكره ، وقد تكلمت في الخبر بما لا مزيد عليه في حواشي الروضة.

وحاصل الأمر أنّ من لم يعمل بالحسن كالوالدقدس‌سره عمدة الدليل على نجاسة الميتة [ عنده(٦) ] هو الإجماع ، وانتفاؤه على الأجزاء المبحوث عنها ظاهر ، لوقوع الخلاف فيها ، وحينئذٍ يكون الخبر المبحوث عنه مؤيّداً للأصل ، فليتأمّل.

اللغة‌ :

قال في القاموس : الثؤلول كزنبور بثر صغير صلب مستدير على صورٍ شتّى(٧) . وفيه : شجّ رأسه يشِجّ ويشُجّ كسَرَه(٨) . وفيه : القرح ويضم عَضّ‌

__________________

(١) في « م » : يقف.

(٢) انظر ص ٩٤٥.

(٣) في ص ٩٤٧.

(٤) معالم الفقه : ٢٢٢.

(٥) الإستبصار ٤ : ٨٨ / ٣٣٨.

(٦) ما بين المعقوفين أثبتناه لاقتضاء السياق ذلك.

(٧) القاموس المحيط ٣ : ٣٥٢.

(٨) القاموس المحيط ١ : ٢٠٢.

٤٠١

السلاح ونحوه مما يخرج بالبدن ، وكمنع جرح(١) .

قوله :

باب الالتفات في الصلاة إلى الاستدبار

الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ، أنّه سمع أبا جعفرعليه‌السلام يقول : « الالتفات يقطع الصلاة إذا كان بكلّه ».

عنه ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : سألته هل يلتفت الرجل في صلاته؟ فقال : « لا ، ولا ينقض أصابعه ».

محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « إذا استقبلت القبلة بوجهك فلا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك ، فإنّ الله قال لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الفريضة :( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (٢) واخشع بصرك ولا ترفعه إلى السماء ، وليكن(٣) حذاء وجهك في موضع سجودك ».

فأمّا ما رواه سعد ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الحميد ، عن عبد الملك قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الالتفات في الصلاة ، أيقطع الصلاة؟ قال : « لا ،

__________________

(١) القاموس المحيط ١ : ٢٥٠.

(٢) البقرة : ١٤٤ ، ١٥٠.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٠٥ / ١٥٤٥ ، والتهذيب ٢ : ١٩٩ / ٧٨٢ : ولكن.

٤٠٢

وما أُحبّ أن يفعل(١) ».

فالوجه في هذا الخبر أنْ نحمله على من لم يلتفت إلى ما وراه ، بل التفت يميناً وشمالاً ، فإنّه لا يقطع صلاته ، وإنْ كان قد ترك الأفضل حسب ما فصّله في هذا الخبر ، وغيره من الأخبار ، ويزيد ذلك بياناً :

ما رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا التفتّ في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشاً ، فإذا (٢) كنت قد تشهدت فلا تعد ».

السند‌ :

في الأوّل : لا ارتياب فيه بعد ما قدمناه(٣) ، وكذلك الثاني. والثالث : حسن على ما مضى(٤) والرابع : فيه عبد الحميد وهو مشترك(٥) كعبد الملك ، والخامس : حسن.

المتن :

في الأوّل : لا يخلو ضمير كلّه » فيه من إجمال ، إذ يحتمل عوده إلى الوجه ، ويحتمل عوده إلى الوجه مع البدن ، بأن يراد كل الإنسان ، وقد‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٠٥ / ١٥٤٦ : تفعل.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٠٥ / ١٥٤٧ : وإن.

(٣) في ص ٣٩ ، ٤٩ ، ٧٢ ، ٢٠٩.

(٤) في ص ٣٦.

(٥) كما في هداية المحدثين : ٩١ و ٢٠٩.

٤٠٣

يقرب الأوّل أنّ المتعارف من الالتفات ما كان بالوجه ، ( فعود الضمير إليه بأن يراد جميعه ربما يدعى ظهوره ، ويقرب الثاني أنّ المصلّي أقرب إلى الإطلاق ، وعلى هذا فالمفهوم عدم قطع الصلاة بالالتفات بالوجه )(١) فقط ، سواء كان إلى اليمين واليسار أو إلى الخلف إن أمكن ، لكن الثالث قد يفيد الإفساد إذا التفت بالوجه عن القبلة ، فلا يعمل بالمفهوم من الأوّل بعد معارضة المنطوق عند العامل بالحسن.

وقد يقال : إنّ الظاهر من الثالث إرادة عدم(٢) كمال الصلاة ، بقرينة الأمر فيه والنهي.

وفيه : أنّه لا مانع من اشتمال الخبر على المستحب والواجب بعد التصريح بالإفساد ، نعم ربما يقال : إنّ الوجه في الخبر على نحو الآية ، وغير بعيد أنْ يراد بالوجه ما قابل الظهر ، فيشمل جميع البدن ، إذ الظاهر من الآية ذلك ، إلاّ أنْ يقال : إنّ ظاهر الآية الاستقبال بالوجه ، وغيره ثبت من الأخبار والإجماع.

وربما يقال : إنّ ظاهر الخبر الثالث متروك ؛ إذ مقتضاه الإفساد بمجرد الالتفات ، والمعروف بين الأكثر عدم الإفساد به ، بل في المنتهى يكره الالتفات يميناً وشمالاً ، وقال بعض الحنفية بالتحريم(٣) ، وظاهر هذا عدم الخلاف عندنا ، لكن المنقول عن الشيخ فخر الدين القول بالبطلان(٤) .

والحق أنّ الاستدلال بالخبر ( على البطلان )(٥) مشكل بعد تقييد الخبر‌

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) ليس في « رض ».

(٣) المنتهى ١ : ٣١٢.

(٤) انظر الذكرى ٤ : ٢١.

(٥) ما بين القوسين ليس في « م ».

٤٠٤

الأوّل بكلّه.

إلاّ أنْ يقال : إنّ مفهوم الشرط إنّما يقيّد الحكم إذا كان الغرض النفي عما عداه ، وبعد وجود ما دل على الإبطال بمجرد الالتفات يجوز أنْ يكون الشرط لغرض آخر.

وفيه : أنّ ما دل على اعتبار كون الالتفات فاحشاً يخصص الخبر الثالث ، إذ مجرد الالتفات إلى اليمين واليسار لا يكون فاحشاً.

وقد يشكل بأنّ الكلام في هذا بالنسبة إلى الشرط كالأوّل ، ودعوى انحصار الفاحش ( في الالتفات )(١) إلى ما وراء محل تأمّل ، وهذا كله على تقدير العمل بالأخبار المذكورة ، ( ويمكن أنْ يؤيّد البطلان )(٢) بالالتفات بالوجه مطلقاً بالخبر الحسن السابق عن الحلبي في باب الرعاف(٣) .

ثم إنّ خبر زرارة الحسن هنا يمكن أن تستفاد صحته من الفقيه ، لأنّه قال فيه : وروى زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال : « لا صلاة إلاّ إلى القبلة » إلى أن قال : وقال في حديثٍ ذكره له : « ثم استقبل القبلة بوجهك ولا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك » الحديث(٤) .

وغير خفي أنّ الظاهر من قوله : وقال في حديثٍ ذكره له ، أنّ الطريق إلى زرارة الصحيح يتناوله ؛ وربما يستفاد من قوله : « ثم استقبل القبلة بوجهك » ما قدّمناه من أنّ المراد بالوجه غير الظهر ، وإذا صحّ الخبر فالمفهوم من الأوّل يمكن أنْ يقيد بالمنطوق ، بأنْ يراد بالكل جميع الوجه ،

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٢) بدل ما بين القوسين في « رض » : وقد يمكن ان يؤيد الإبطال.

(٣) راجع ص ٢٠٤٠.

(٤) الفقيه ١ : ١٨٠ / ٨٥٥.

٤٠٥

ويراد بالانحراف بالوجه إلى وراء ، لأنّ القبلة أمرها متسع كما يظهر من الأخبار ، وحينئذٍ فالانحراف لمجرد اليمين واليسار يمكن ادعاء الانحراف به عن القبلة ، وفيه تأمّل ، لاحتمال إبقاء الشرط على ظاهره ، وعمل المفهوم عمله إنما هو بما قدمناه ، فاحتمال البطلان بمجرد اليمين واليسار ممكن ، لكن المشهور ما ذكرناه أوّلاً.

وربما يقال : إنّ الخبر الثاني يدل على التحريم من حيث النهي ، والمشهور الكراهة ، والخروج به عن المشهور كالخروج بالثالث ، إلاّ أنْ يقال : إنّ النهي في الثاني يحتمل الكراهة بمعونة ذكره نقض الأصابع ، وفيه نوع تأمّل ؛ لعدم المانع من خروج النهي في الأصابع عن الحقيقة وبقاء غيره ، وفيه بُعد لا يخفى.

ولا يذهب عليك أنّ ما ذكرناه على تقدير عدم العمل بالرابع ، أمّا لو عمل به قرب حمله على الالتفات اليسير ، أمّا حمل الشيخ ففيه نظر ؛ لتضمن الخامس اعتبار كون الالتفات فاحشاً ، ويمكن ادعاء تحققه في اليمين واليسار ، وادعاء الشيخ أنّه يزيد ما ذكره بياناً فيه ما فيه.

وينبغي أنْ يعلم أنّ الخبر المذكور في الفقيه تضمن ما هذا لفظه :

قال : قلت : أين حدّ القبلة؟ قال : « ما بين المشرق والمغرب قبلة كله » قال : قلت : فمن صلّى لغير القبلة ، أو في يوم غيم في(١) غير الوقت؟ قال : « يعيد »(٢) ثم قال : وفي حديث(٣) ، إلى آخره(٤) . وهذا كما ترى يشعر‌

__________________

(١) في الفقيه ١ : ١٨٠ / ٨٥٥ : وفي.

(٢) الفقيه ١ : ١٨٠ / ٨٥٥.

(٣) في « فض » : ثم قال قال وفي الحديث ، وفي « م » : ثم قال قال وفي حديث.

(٤) الفقيه ١ : ١٨٠ / ٨٥٦.

٤٠٦

بأنّ الالتفات بالوجه على تقدير حمل الوجه على الظاهر منه التفات إلى نفس اليمين واليسار ، بقرينة قوله : « انّ ما بين المغرب والمشرق قبلة » وعلى هذا يتأيد احتمال البطلان ، وقد يتأيد إرادة كل الوجه من قولهعليه‌السلام في الخبر الأول : « بكلّه ». ويحتمل أن يراد بكل البدن إلى نفس المغرب والمشرق.

وفي الذكرى : ويحرم الالتفات ولو يسيراً(١) ، وإشكاله غير خفي بعد ما قررناه.

وفي المنتهى : الالتفات يميناً وشمالاً لا ينقص(٢) ثواب الصلاة ولا يبطلها ، وعليه جمهور العلماء(٣) .

وربما يدل عليه صحيحة علي بن جعفر ، عن أخيه موسىعليه‌السلام ، فيما رواه الشيخ في التهذيب ، قال : سألته عن الرجل يكون في صلاته ، فيظن أنّ ثوبه قد انخرق ، أو أصابه شي‌ء ، هل يصلح له أن ينظر فيه أو يمسه(٤) ؟ قال : « إن كان في مقدم ثوبه أو جانبيه فلا بأس ، وإن كان في مؤخّره فلا يلتفت ، فإنّه لا يصلح »(٥) .

وهذا الخبر وإن كان في ظاهره جواز النظر إلى خلف ، من حيث قوله : « لا يصلح » إلاّ أنّه قابل للتوجيه باحتمال « لا يصلح » للمنع ، أو بأنّ المقام مقام ضرورة ، ويجوز أن يخص الحكم بها ، ومن ثم قلنا ربما يدل ، فليتأمّل.

__________________

(١) الذكرى ٤ : ١٦.

(٢) في « رض » والمصدر : لا ينقض.

(٣) المنتهى ١ : ٣٠٧.

(٤) في « فض » : ان ينظر فيها وتمسه.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٣٣ / ١٣٧٤.

٤٠٧

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمنه الخبر [ الثالث(١) ] من قوله : « وليكن حذاء وجهك » كأنّ المراد به أن يكون النظر غير خارج عن الوجه ، متصلاً إلى موضع السجود ، بحيث إنّه كما لا يرتفع إلى السماء لا ينحصر في مقاديم البدن ، ولا يتوجه إلى ما بين القدمين ونحوهما.

وأمّا ما تضمنه الأخير من قوله : « وإن كنت قد تشهدت فلا تعد » فربما كان واضح الدلالة على عدم وجوب التسليم ، أمّا الصلاة على النبي وآلهعليهم‌السلام فربما كانت داخلة في التشهد ، وقد يدعى دخول التسليم فيه ، لكنه بعيد.

ويبقى في المقام أُمور بالنسبة إلى أنّ الانحراف إمّا عن عمد أو سهو ، ثم إمّا أن يكون إلى الاستدبار أو إلى اليمين واليسار ، بالبدن أو الوجه ، مع وقوع بعض الأفعال وعدمه ، ثم التذكر في الوقت أو خارجه ، وقد أوضحها جماعة من الأصحاب(٢) ، والمستفاد من الأخبار هو المهم هنا ، والله تعالى أعلم بالحقائق.

اللغة‌ :

قال في القاموس : نفض الثوب حرّكه(٣) ، وفيه : النقض بالقاف ضد الإبرام(٤) ، وفيه : الخشوع : الخضوع(٥) .

__________________

(١) في النسخ : الثاني ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) انظر روض الجنان : ٣٣٢ ، المدارك ٣ : ٤٦١ و ٤٦٢.

(٣) القاموس المحيط ٢ : ٣٥٩.

(٤) القاموس المحيط ٢ : ٣٥٩.

(٥) القاموس المحيط ٣ : ١٨.

٤٠٨

قوله :

باب ما يمرّ بين يدي المصلّي

أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يجعل العنزة بين يديه إذا صلّى ».

الحسين بن سعيد ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « كان طول رحل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذراعاً ، وكان إذا صلّى وضعه بين يديه يستر به ممن يمرّ بين يديه ».

أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن غياث ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : « إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وضع قلنسوة وصلّى إليها ».

فأمّا ما رواه ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « لا يقطع الصلاة شي‌ء ، كلب ولا حمار ولا امرأة ، ولكن استتروا بشي‌ء ، فإن كان بين يديك قدر ذراع رافع من الأرض فقد استترت ».

أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل هل يقطع صلاته شي‌ء ممّا يمرّ به؟ فقال « لا يقطع صلاة المسلم شي‌ء ، ولكن ادرؤوا‌ ما استطعتم ».

عنه (١) ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل أيقطع صلاته شي‌ء ممّا يمرّ به بين يديه؟ فقال : « لا يقطع صلاة المسلم شي‌ء ، ولكن ادرأ

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٠٦ / ١٥٥٣ : علي.

٤٠٩

ما استطعت ».

محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن الحسين ، عن عمرو ابن خالد ، عن سفيان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه كان يصلّي ذات يوم إذ مرّ رجل قدّامه وابنه موسى جالس ، فلمّا انصرف من الصلاة(١) قال له : « يا أبت ما رأيت الرجل مرّ(٢) قدّامك؟ فقال : يا بنيّ إنّ الذي أُصلّي له أقرب إليّ من الذي مرّ قدّامي ».

فالوجه في هذه الأخبار الجواز ، والفضل فيما قدّمناه من الأخبار ، ويزيد ذلك بياناً :

ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن موسى بن عمر ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن الرضاعليه‌السلام ، في الرجل يصلّي ، قال : « يكون بين يديه كومة من تراب ، أو يخط بين يديه بخط ».

محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائهعليهم‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا صلّى أحدكم بأرض فلاة فليجعل بين يديه مثل مؤخّرة الرحل ، فإن لم يجد فحجراً ، فإن لم يجد فسهماً ، وإن لم يجد فليخطّ ( في الأرض ) (٣) بين يديه ».

السند‌ :

في الأوّل : لا ارتياب فيه بعد ما قدّمناه(٤) ، ومعاوية بن وهب ثقة.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٠٧ / ١٥٥٤ لا يوجد : من الصلاة.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٠٧ / ١٥٥٤ زيادة : من.

(٣) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٤) في ج ١ : ٩٥ ، ٤٥٣ وج ٥ : ١٣٥.

٤١٠

والثاني : فيه ابن سنان ، وهو محمّد على ما مضى القول فيه(١) من تكرر(٢) رواية الحسين عن محمّد بن سنان ، وما يوجد في بعض الطرق من رواية الحسين عن عبد الله بن سنان ، جزم الوالدقدس‌سره بأنّه سهو(٣) ، ويمكن أن يكون عبد الله أخا محمّد بن سنان ( لا أنّه عبد الله بن سنان )(٤) الثقة ، وبتقدير احتمال عبد الله لا ينفع في صحة الحديث كما هو واضح. ( هذا كله بتقدير سلامة السند من الموانع غيره ، لكن فيه أبو بصير ، وحاله قد تكرر(٥) )(٦) .

والثالث : فيه عبد الله بن غياث ، وهو مجهول الحال ؛ لعدم الوقوف عليه في الرجال.

والرابع : فيه مع عدم الطريق في مشيخة الكتاب إلى ابن مسكان أبو بصير ، والطريق في الفهرست غير عام.

والخامس : فيه عثمان بن عيسى ، وقد مضى بيانه(٧) .

والسادس : فيه محمّد بن عيسى الأشعري ، فربما يعدّ حسناً بسببه ، كما أشرنا إليه فيما سبق(٨) .

والسابع : فيه عمرو بن خالد ، وهو مشترك(٩) إن لم يتعين الضعيف ،

__________________

(١) في ص ٨٥.

(٢) في النسخ : تكرره ، والأنسب ما أثبتناه.

(٣) منتقى الجمان ١ : ٣٦.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٥) في ص ٥١.

(٦) ما بين القوسين أثبتناه من « م ».

(٧) في ص ٥٠.

(٨) انظر ص ١٤٧.

(٩) انظر هداية المحدثين : ٢٢٠.

٤١١

وسفيان بن خالد مهمل في رجال الصادقعليه‌السلام من كتاب الشيخ(١) .

والثامن : فيه موسى بن عمر ، وهو مشترك(٢) .

والتاسع : فيه النوفلي والسكوني ، وهما معلوما الحال.

المتن :

في الأوّل : يدل على أنّه جعل العنزة بين يديهعليه‌السلام ، لكن كيفية الوضع غير معلومة ، فيحتمل أن يكون عرضاً كما ذكره بعض الأصحاب في الخط أنّه يكون عرضاً ، ويحتمل نصبها ، والاحتمال في الخط غير واضح المأخذ ، وبتقدير موافقة الاعتبار لا يلزم مثله في العنزة ، وربما يؤيد كونها منصوبة ما دل على الكومة من التراب ونحوها ، ولا يخفى أنّ في الرواية إطلاقاً يتناول الصلاة في الفضاء والبناء ، وبعض محققي المعاصرين سلّمه الله قال : الظاهر أنّه كما يستحب في الفضاء يستحب في البناء ، إذا كان المصلّي بعيداً عن الحائط والسارية ونحوهما ، ولو كان قريباً من أحدهما كفى(٣) .

والثاني : كما ترى يدل على أنّ وضع الرحل ليستتر به ( ممن يمر به ، وقد يظن منه أنّ مع الدنوّ من الحائط ونحوه لا يستحب وضع السترة ، لحصول الغرض بغير )(٤) السترة ، لكن الاستتار لا يخلو من غموض ، ولعل المراد به منع المارّ بسبب الستر ، وعلى كل حال استفادة التفصيل المذكور‌

__________________

(١) رجال الطوسي : ٢١٣ / ١٧٥.

(٢) انظر هداية المحدّثين : ٢٦٢.

(٣) البهائي في الحبل المتين : ١٦١.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٤١٢

من الآثار غير واضحة ، لكن الاعتبار قد يقتضي ذلك في الجملة.

والثالث : فيه إطلاق أيضاً.

أمّا الرابع : فالظاهر منه الردّ على أهل الخلاف ؛ لأنّهم قد رووا في صحاحهم قطع الصلاة بالثلاثة المذكورة(١) ، وفي بعضها الكلب الأسود(٢) ، وفي بعضها زيادة اليهودي والنصراني والمجوسي والخنزير(٣) ، ولا يخفى أنّ الخبر لا يعارض ما تقدّم ؛ إذ السابق لا يفيد البطلان مع عدم السترة ، إلاّ بتقدير أن يقال : إنّ ظاهر الخبر الأوّل المداومة ، وكذا الثالث ، وحينئذٍ فالصحة بدون السترة تتوقف على الدليل ؛ وفيه ما لا يخفى.

والحقّ أنّ الخبر المبحوث عنه يدل على الأمر بالاستتار بشي‌ء ، وأنّ الأرض المرتفعة قدر ذراع كافية عن السترة من غيرها ، وحينئذ فمفاده كغيره مع زيادة.

فإن قلت : يحتمل قوله : « ولكن استتروا بشي‌ء » إلى آخره. أن يعود إلى الاستتار من الثلاثة ، والأخبار السابقة مطلقة في الاستتار ، فمن ثم حصلت المنافاة.

قلت : هذا الوجه لم يلحظه الشيخرحمه‌الله كما يعلم من كلامه أخيراً ، والظاهر من الرواية الاستتار على الإطلاق ، حيث إنّ ذكر الثلاثة للرد على من ذكر ، حيث قال بالقطع ، ثم إنّهعليه‌السلام بيّن الاستتار مطلقاً ، ولو فرض إجماله فغيره مبيّن.

والخامس : واضح الدلالة ، وفيه الأمر بدفع كل ما يمرّ بالمصلي على‌

__________________

(١) انظر سنن ابن ماجة ١ : ٣٠٥ / ٩٥٠.

(٢) كما في صحيح مسلم ١ : ٣٦٥ / ٢٦٥.

(٣) كما في سنن أبي داود ١ : ١٨٧ / ٧٠٤.

٤١٣

حسب الإمكان ، وهو يتناول ما يخالف التفصيل السابق ، وتقدير البعض للسترة بالذراع على الإطلاق(١) .

والسادس : كالخامس.

أمّا السابع : فربما كان فيه دلالة على عدم استحباب السترة ، وربما احتمل مرور الرجل معها ، وحمل الشيخ فيه على الأوّل متوجه.

والثامن : واضح الدلالة ، وقد مضى القول في الخط(٢) ، وبعض العامة يحكى عنهم جعل الخط طولاً(٣) ، أو مدوراً كالهلال.

والتاسع : غني عن البيان بعد ما ذكرناه(٤) .

اللغة‌ :

قال في القاموس : العَنَزة رُمَيح بين العصى والرمح فيه زُجّ(٥) ، وفي كلام بعض الأصحاب أنّها بفتح العين المهملة وتحريك النون وبعدها زاي عصاه في أسفلها حربة(٦) . وفي القاموس درأه(٧) دفعه. وفيه : الكومة بالضم القطعة من التراب(٨) . وفيه : الرحل مركب البعير وما يستصحبه من الأثاث(٩) .

__________________

(١) كما في الحبل المتين : ١٦١.

(٢) انظر ص ٢٠٥١.

(٣) انظر عمدة القارئ ٤ : ٢٩٢.

(٤) انظر ص ١٤١ و ٢٠٥١.

(٥) انظر القاموس ٢ : ١٩٠.

(٦) كما في الحبل المتين : ١٦١.

(٧) القاموس المحيط ١ : ١٥.

(٨) القاموس المحيط ٤ : ١٧٥.

(٩) القاموس المحيط ٣ : ٣٩٤.

٤١٤

قوله :

باب البكاء في الصلاة

محمّد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن حمّاد بن عثمان ، عن سعد بيّاع السابري قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أيتباكى الرجل في الصلاة؟. فقال : « بخٍ بخ ، ولو مثل رأس الذباب ».

قال محمّد بن الحسن : هذا الخبر محمول على أنّه أراد إذا بكى من خشية الله دون أن يبكي لشي‌ء من مصايب الدنيا ، يدل على ذلك :

ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن علي بن محمّد ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود ، عن النعمان بن(١) عبد السلام ، عن أبي حنيفة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البكاء في الصلاة ( أيقطع الصلاة؟ قال : « إن بكى لذكر جنة أو نار فذلك هو أفضل الأعمال في الصلاة ) (٢) ، وإن كان ذكر ميتاً له فصلاته فاسدة ».

السند‌ :

في الأوّل : فيه معلّى بن محمّد ، وهو ضعيف في النجاشي(٣) ، وسعد بيّاع السابري لم أقف عليه في الرجال.

والثاني : فيه علي بن محمّد ، وفي الظاهر أنّه المنقري الثقة في‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٠٨ / ١٥٥٨ : عن.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) رجال النجاشي : ٤١٨ / ١١١٧.

٤١٥

النجاشي ؛ لأنّ الراوي عنه فيه محمّد بن علي بن محبوب(١) لكن سليمان ابن داود المذكور في السند على ما في الفهرست أنّه المنقري ؛ لأنّه ذكر أنّ الراوي عنه علي بن محمّد القاساني ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان(٢) . والنجاشي ذكر أنّ الراوي عن سليمان بن داود المنقري ( القاسم ابن محمّد(٣) . وإذا تعيّن أنّ سليمان بن داود هو المنقري بما ذكر كان مفاد الشيخ في الفهرست )(٤) أنّ علي بن محمّد هو القاساني ، وقد عرفت كلام النجاشي ، وغير بعيد الجمع بين الأمرين ، فيكون علي بن محمّد المنقري يروي عن المذكور ، والقاساني كذلك ، وحينئذٍ يكون مشتركاً في السند ، فليتأمّل.

أمّا القاسم بن محمّد فيحتمل الجوهري وغيره ، ولا يخفى أنّ ضعف السند يغني عن إطالة القول ، لولا ظن الفائدة في التنبيه على ما اتفق في النجاشي والفهرست.

والنعمان بن عبد السلام مجهول الحال ؛ إذ لم نقف عليه في الرجال.

أمّا أبو حنيفة فالظاهر أنّه سابق الحاج المسمى بسعيد بن بيان(٥) الثقة في النجاشي(٦) .

المتن :

في الخبرين لو عمل بهما من قبيل المطلق والمقيد على ما يقتضيه‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٥٧ / ٦٧٤.

(٢) الفهرست : ٧٧ / ٣١٦.

(٣) رجال النجاشي : ١٨٤ / ٤٨٨.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».

(٥) في « فض » و « رض » : بنان ، وفي « م » : يسار ، والصحيح ما أثبتناه.

(٦) رجال النجاشي ١٨٠ / ٤٧٦.

٤١٦

كلام الشيخ ، والظاهر من إطلاق الثاني جواز البكاء لذكر الجنة والنار ، وإن اشتمل على الصوت ، ( ولكن السند قد عرفت حاله )(١) والأوّل ربما أفاد ذلك ، إلاّ أنّ فيه احتمال ظهور خروج الدمع فقط ، وقوله : « ولو مثل رأس الذباب » كأنّ المراد به إخراج الدمع وإن قلّ.

وفي كلام بعض الأصحاب ما يشعر بعدم الخلاف في إفساد الصلاة بالبكاء للأمر الدنيوي(٢) ، وربما علل بأنّ الأمر الدنيوي ينافي الأُخروي ، وفي الأمرين بحث ، أمّا الإجماع فواضح الإشكال ، وأمّا المنافاة فإن أُريد بها منافاة الصلاة من حيث كونها للأمر الأُخروي فغير خفي المغايرة بين الصلاة والبكاء للأمر الدنيوي ، وإن أُريد غير ذلك فلا يعلم وجهه.

وفي كلام جدّيقدس‌سره في بعض مصنفاته أنّ البكاء المبطل للصلاة هو المشتمل على الصوت لا مجرد خروج الدمع ، مع احتمال الاكتفاء به في البطلان ، ووجه الاحتمالين اختلاف معنى البكاء لغةً مقصوراً وممدوداً ، والشك في إرادتهما من الأخبار ، قال الجوهري : البكاء يمدّ ويقصر ، فإذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء ، وإذا قصَرت أردت الدمع(٣) ولنا معه في المقام كلام في حواشي الروضة ، ( والحاصل أنه احتمل )(٤) أصالة عدم زيادة اللفظ(٥) ، يعني المدّ عن القصر ، والذي تضمنه الخبر كما ترى أنه إن بكى لذكر جنة ، واستفادة المدّ والقصر من هذا غير‌

__________________

(١) ما بين القوسين أثبتناه من « م ».

(٢) كما في المدارك ٣ : ٤٦٦.

(٣) انظر الروض : ٣٣٣ ، وهو في الصحاح ٦ : ٢٢٨٤ ( بكى ).

(٤) بدل ما بين القوسين في « رض » : واحتمل أصالة ، وفي « م » : والحاصلة أنّه أطال القول في المسألة واحتمل.

(٥) انظر الروضة البهية ١ : ٢٣٣ ٢٣٤.

٤١٧

ظاهرة ، ( والفعل ربما يتحقق بخروج الدمع )(١) مضافاً إلى ضعف الخبر ، فلم يبق إلاّ الإجماع.

وقد ذكر بعض الأصحاب تحققه مع الصوت(٢) ، ( لكن لا يخفى أنّ الصوت إن تحقق به الكلام بحرفين أمكن البطلان ، أمّا لو خرج الصوت )(٣) بنحو التنحنح فالإشكال السابق آتٍ هنا ، إلاّ أنْ يقال : إنّ الإجماع في البكاء أخرجه عن حكم غيره ، وأنت خبير بأنّ ثبوت الإجماع في غاية الإشكال. وقد يمكن تقريب ما ذكرناه ( في الأنين سابقاً ، لكنه محل تأمل.

وفي كلام جدّيقدس‌سره إنّ البكاء )(٤) للآخرة إذا اشتمل على الصوت أبطل أيضاً(٥) ، وفيه بحث غير خفي الوجه إن لم يتحقق الإجماع.

ولو اشتمل البكاء على قرآن أو دعاء صرّح جدّيقدس‌سره بأنّه لا يبطل(٦) ، وله وجه ظاهر ، وقد ورد في الآثار الحثّ على التباكي(٧) في الصلاة ، كما رواه الصدوقرحمه‌الله عن منصور بن(٨) يونس أنّه سأله عن الرجل يتباكى في الصلاة المفروضة حتى يبكي؟ فقال : « قرّة عين والله »(٩) الحديث.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) كما في المدارك ٣ : ٤٦٦.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٥) انظر المسالك ١ : ٣٢.

(٦) كما في روض الجنان : ٣٣٣.

(٧) في « م » البكا.

(٨) في « فض » عن.

(٩) الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٤٠ ، الوسائل ٧ : ٢٤٧ أبواب قواطع الصلاة ب ٥ ح ١.

٤١٨

ولا يخفى أنّ في إيراد الصدوق لها مزية ظاهرة ، وقال أيضاً ما هذا لفظه : وروى أنّ البكاء على الميت يقطع الصلاة ، والبكاء لذكر الجنة والنار من أفضل الأعمال(١) . ولا يبعد اعتماده على الرواية ، وهي مضمون رواية أبي حنيفة المبحوث عنها فيقرب صحتها ويندفع بعض ما أشرنا إليه سابقاً ، فيتأمّل.

ومن هنا يعلم أنّ ما قاله شيخناقدس‌سره في فوائد الكتاب على رواية أبي حنيفة : من أنّها ضعيفة السند ، فيشكل التعويل عليها في إثبات هذا الحكم ، وكيف كان فينبغي أن يراد بالبكاء المبطل ما كان معه انتحاب وصوت لا مجرد خروج الدمع اقتصاراً على موضع الوفاق إن تم.

محل بحث ، أمّا أوّلاً : فلما قدّمناه من احتمال صحة الرواية. وأمّا ثانياً : فلأنّ الاشتمال على الصوت في البكاء للآخرة غير مسلّم الإبطال ( به ، ودعوى الإجماع فيها لم أقف عليه.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ جدّيقدس‌سره ذكر في مثال البكاء )(٢) للأُمور الدنيوية ذهاب المال وفقد المحبوب(٣) ، وربما نوقش بأنّ البكاء لذهاب المال قد يؤول إلى أمر الآخرة ، وكذلك فقد المحبوب. وقد يقال باعتبار الحيثية.

وذكر العلاّمة في الأدلة لجواز البكاء للأُمور الأُخروية قوله تعالى في وصف المؤمنين( إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا ) (٤) ونقل رواية عن الجمهور : إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصلّي وبصدره‌

__________________

(١) انظر الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٤١ ، الوسائل ٧ : ٢٤٧ أبواب قواطع الصلاة ب ٥ ح ٢.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « رض ».

(٣) انظر الروضة البهية ١ : ٢٣٤.

(٤) مريم : ٥٨.

٤١٩

أزيز كأزيز المِرجل من البكاء. قال أبو عبيدة : الأزيز بالزاء بين غليان الصدر وحركته بالبكاء(١) .

اللغة‌ :

قال في القاموس : التباكي تكلف البكاء(٢) ، وفيه : بخ أي عظُم الأمر وفخُم ، تقال وحدها وتكرر بخٍ بخ ، الأوّل مُنوّن والثاني مُسكّن ، وقل في الإفراد بخ ساكنة وبخِ مكسورة وبخٍ منّونة وبخٌ منوّنة مضمومة ، ويقال : بخ بخ مسكّنين وبخٍ بخٍ منوّنين وبخٍّ بخٍّ مشدّدين : كلمة تقال عند الرضا والإعجاب بالشي‌ء أو الفخر أو المدح(٣) .

قوله :

باب الصبيان متى يؤمرون بالصلاة

محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن أحمد العلوي ، عن العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسىعليه‌السلام ، قال : سألته عن الغلام متى تجب عليه الصلاة والصوم(٤) ؟ قال : « إذا راهق الحلم وعرف الصلاة والصوم ».

عنه ، عن محمّد بن الحسين ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمّار الساباطي ، عن‌

__________________

(١) انظر المنتهى ١ : ٣١١.

(٢) القاموس المحيط ٤ : ٣٠٦.

(٣) القاموس المحيط ١ : ٢٦٥.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٠٨ / ١٥٥٩ : الصوم والصلاة.

٤٢٠