إستقصاء الإعتبار الجزء ٦

إستقصاء الإعتبار13%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-178-8
الصفحات: 430

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45149 / تحميل: 6525
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء ٦

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٧٨-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

إلاّ أنّ العبارة كما ترى ملخص كلامه.

وقد حكى العلاّمة احتجاجه بالخبر الرابع(١) ، وهو ظاهر في البطلان بنقصان السجدة ، فعلى تقدير أنْ يكون الاحتجاج له لا ريب في دلالته على أنّه قائل بالبطلان بنقصان السجدة ، فقول العلاّمة : الظاهر من كلام ابن أبي عقيل ، قد يوهم أنّ فيه نوع شك ، وإن كان الاستدلال منه لابن أبي عقيل كما يفعله كثيراً في الكتاب ، فالأمر كما ترى.

وأجاب عن الرواية أوّلاً : بأنّ الراوي علي بن إسماعيل عن رجل ، وثانياً : بأنّ معلّى بن خنيس ضعيف وقد اختلف في مدحه وذمه ، فلا تعويل على ما ينفرد به(٢) .

ولا يخفى أنّ الجواب بالضعف في المعلّى ثم قوله : وقد اختلف ، إلى آخره. محل كلام ؛ لأنّ الضعف إن كان بسبب تعارض المدح والذم فيه ، والذم مقدم ، فالأولى أنْ يقال : إنّ الخلاف واقع في المدح والذم ، فلا تعويل على ما ينفرد به ، وإن كان الضعف من غير الاختلاف فلا وجه له.

وقد ذكر في الخلاصة أنّ النجاشي ضعّفه ، ونقل عن ابن الغضائري أنّه كان أوّل أمره مغيرياً(٣) ، ثم دعا إلى محمد بن عبد الله ، والغلاة يضيفون‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٣٧٣.

(٢) المختلف ٢ : ٣٧٣.

(٣) المغيرية هم أتباع المغيرة بن سعيد ، قالوا لا إمامة في بني علي بن أبى طالب بعد أبي جعفرعليه‌السلام وأن الإمامة في المغيرة بن سعيد إلى خروج المهدي وهو عندهم محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فرق الشيعة للنوبختي : ٦٣.

٨١

إليه كثيراً ، ولا أرى الاعتماد على شي‌ء من حديثه ، وروى فيه أحاديث تقتضي الذم وأُخرى تقتضي المدح ، قال : وقد ذكرناها في كتابنا الكبير. ثم نقل عن الشيخ في كتاب الغيبة بغير إسناد أنّه كان من قوّام أبي عبد الله ، وكان محموداً عنده ، ومضى على منهاجه. قال العلاّمة وهذا يقتضي وصفه بالعدالة(١) .

وأنت خبير بأنّ تعديل الشيخ محل كلام ، وتضعيف النجاشي واضح. وأمّا قول ابن الغضائري فلا يخلو من إجمال ؛ إذ قول « لا أرى » محتمل لأن يكون من العلاّمة أو منه ، وإن كان حال ابن الغضائري فيه ما فيه. وقد روى الشيخ في التهذيب حديثاً في باب الدين في الحسن يقتضي نوع مدح للمعلّى(٢) ، وفي الكافي في الروضة كذلك(٣) . وقد مضى ذلك(٤) ، وإنّما أعدناه لأمر ما ، والمقصود غير خفي.

ثم إنّ الخبر المبحوث عنه ما ذكره الشيخ فيه في غاية البعد ، ويمكن حمله على الاستحباب في إعادة الصلاة ، ويبقى حكم قضاء السجدة مستفاداً من الأخبار الأُخر ، وإنّما احتجنا إلى بيان هذا لئلاّ يلزم أنّ استحباب الإعادة كافٍ عن القضاء. وما تضمنه الخبر من سجود السهو فيه ما لا يخفى ، وربما كان قرينة الاستحباب عند من لا يقول بالسجود لكل زيادة ونقيصة غير مبطلة.

__________________

(١) الخلاصة : ٢٥٩ / ١.

(٢) التهذيب ٦ : ١٨٦ / ٣٨٦.

(٣) الكافي ٨ : ٣٠٤ / ٤٦٩.

(٤) في ص ٨٧٧.

٨٢

قوله :

والذي يدل على التفصيل الذي ذكرناه :

ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل صلّى ركعتين ثم ذكر في الثانية وهو راكع أنّه ترك سجدة في الأُولى ، قال : « كان أبو الحسن يقول : إذا تركت السجدة في الركعة الأُولى فلم تدر واحدة أو اثنتين استقبلت حتى تصح لك ثنتان ، وإن كان في الثالثة والرابعة فتركت سجدة بعد أن تكون قد حفظت الركوع أعدت السجود ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن أحمد ، عن موسى بن عمر ، عن محمد بن منصور قال : سألته عن الذي ينسى السجدة الثانية من الركعة الثانية أو شك فيها ، فقال : « إذا خفت أن لا تكون وضعت وجهك إلاّ مرّة واحدة فإذا سلّمت سجدت سجدة واحدة وتضع وجهك مرّة واحدة وليس عليك سهو ».

فليس ينافي التفصيل الذي قدّمناه ؛ لأنّ قوله : الذي ينسى السجدة الثانية من الركعة الثانية ، يحتمل أن يكون أراد من الركعة الثانية من الركعتين الأخيرتين ، وليس في ظاهر الخبر من الركعة الثانية ( من الركعتين الأوّلتين والأخيرتين )(١) ، ( بل هو محتمل لهما معاً ، وإذا احتمل ذلك حملناه على الركعة الثانية من الأخيرتين ) (٢) ، ليطابق ما فصّل في الخبر الأوّل.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٦٠ : من الأولتين أو الأخيرتين.

(٢) ما بين القوسين ليس في النسخ ، أثبتناه من الاستبصار ١ : ٣٦٠ / ١٣٦٥.

٨٣

السند‌ :

في الأوّل : واضح الصحة بعد ما قدّمناه(١) .

والثاني : فيه علي بن أحمد ، ولا يبعد أنّه ابن أشيم المجهول في كتاب الشيخ من رجال الرضاعليه‌السلام (٢) ، واحتمال غيره في حيّز الإمكان. وأمّا موسى بن عمر ففيه اشتراك كمحمد بن منصور(٣) .

المتن :

في الأوّل : نوقش الشيخ في الاستدلال به أنّ مقتضاه الاستقبال مع الشك ، وعلى ذلك مشى شيخناقدس‌سره في الجواب عن احتجاج الشيخ به(٤) . وقد يقال : إنّ الاستقبال إذا لزم مع الشك فمع اليقين أولى ، إلاّ أنّ في مفهوم الموافقة تأمّلاً أشرنا إليه في الكتاب(٥) . وفي المختلف أجاب عنه بأنّ المراد بالاستقبال الإتيان بالسجود المشكوك فيه ، لا استقبال الصلاة ، قال : ويكون قولهعليه‌السلام : « وإذا كان في الثالثة والرابعة » إلى آخره. راجعاً إلى من تيقن ترك السجدة في الأوّلتين فإنّ عليه إعادة السجدة لفوات محلها ولا شي‌ء عليه لو شك ، بخلاف ما لو كان الشك في الأُولى ، لأنّه لم ينتقل عن محل السجود فيأتي بالمشكوك فيه(٦) . انتهى.

__________________

(١) راجع ص : ٦٨ ، ٣٠٢.

(٢) رجال الطوسي : ٣٨٢ / ٢٦.

(٣) انظر هداية المحدثين : ٢٦٢ و ٢٦٣ ، ٢٥٥.

(٤) المدارك ٤ : ٢٤١.

(٥) راجع ص ١٨٠٣.

(٦) المختلف ٢ : ٣٧٠.

٨٤

وأنت خبير بما فيه من الغرابة ؛ لأنّ السؤال تضمن ذكر السجدة وهو راكع فكيف يأتي بها. وأعجب منه قول شيخناقدس‌سره بعد نقل الجواب : وهو بعيد.

فإن قلت : ما وجه التوقف في مفهوم الموافقة؟

قلت : من وجهين. أحدهما : عدم ثبوت العلة كما هو رأي المحققين وعليه اعتماد شيخناقدس‌سره (١) . وثانيهما : بتقدير العلّة لا يخلو إمّا أن تكون مستنبطةً أو منصوصةً ، فالأُولى ليست حجة عند الأصحاب ، والثانية تقتضي عدم اعتبار كون المسكوت عنه أولى من المنطوق كما هو الشرط في مفهوم الموافقة.

وقد يمكن أن يوجه ثبوت العلّة من حيث قوله : « حتى تصح لك ثنتان » فإنّ مقتضى هذا اعتبار صحة الركعتين ، بمعنى خلوّهما من النقص ، وفي هذه العلّة يتحقق مع يقين الترك ، وغير بعيد إثبات الحكم في صورة اليقين بالعلّة وإن لم يسمّ مفهوم الموافقة.

فإن قلت : لو كانت العلّة ما ذكر لزم أنّ كل خلل وقع في الأوّلتين يبطل ، والحال أنّه غير واضح.

قلت : لا مانع من القول به فيما لم ينعقد الإجماع على خلافه ، وفي الظن أنّ هذا الخبر إذا انضم إلى ما قدّمناه من الأخبار الدالة على أنّ اليقين في الأوّلتين معتبر وحفظهما كذلك ، أفاد تأكيداً واضحاً لصحة ما ذهب إليه البعض(٢) ، فليتأمّل.

وربما يقال : إنّ ظاهر الخبر المبحوث عنه أنّ من ترك السجدة يقيناً‌

__________________

(١) المدارك ٤ : ٢٤١.

(٢) كالمفيد في المقنعة : ١٤٥.

٨٥

ولم يدر هل هي وحدها أو معها غيرها يعيد ، وحينئذ يرجع إلى عدم تحقق السجدتين المعبّر عنه بقوله : « حتى تصح لك ثنتان » وإذا رجع إلى عدم تحقق السجدتين فالإعادة بسبب خاص ، لا بمجرد الإخلال بالواحدة ، ولا بالشك في الواحدة بمعنى أنّه أخلّ بها أم لا كما ظنه الشيخ في الأوّل والعلاّمة في الثاني ، وتبعه شيخناقدس‌سره فيه في الجملة ، ويمكن الجواب عن هذا بأنّ ظاهر الفاء يأبى الاحتمال ، وفيه : أنّه لا مانع من توجيه الفاء على وجه يوافق المعنى.

فإن قلت : الثنتان المعبّر عنهما بقوله : « حتى تصح لك ثنتان » ما المراد بهما ، السجدتان أم الركعتان؟ فإن كان المراد السجدتين دلّ الخبر على أنّه لا بدّ في الأوّلتين من السجدتين جزماً ، فلو حصل الشك وجبت الإعادة ، أو حصل الجزم بفوات واحدة فكذلك ، وإن كان المراد الركعتين دلّ على أنّه لا بدّ من تمام الركعتين الأوّلتين بسلامتهما من الشك والنقصان ، وحينئذ يدل الخبر على ما مضى.

قلت : هذا يرجع بنوع تقريب إلى ما ذكرناه سابقاً.

وما قد يقال عليه : إنّ مع احتمال إرادة السجدتين لا يتم المطلوب من أنّ الشك في الأوّلتين في أجزائهما يوجب الإعادة كما مضى القول فيه بهذا الخبر ، لخصوصه في السجدتين.

يمكن الجواب عنه بأنّ المطلوب البطلان في الشك في السجدة في الأوّلتين أو اليقين.

فإن قلت : مفاد الخبر الاستقبال حتى تصح السجدتان بتقدير العود إليهما ، ومن المعلوم انّ الاستقبال كما يصحح(١) السجدتين فتدارك السجدة‌

__________________

(١) في « رض » و « فض » إذا صحّح.

٨٦

قبل الركوع في الأوّلتين يصحح(١) السجدتين ، وحينئذ لا يدل على جميع المطلوب السابق.

قلت : على تقدير كون الإعادة تصحح يدل على أنّ الأوّلتين من شرطهما الإتيان بسجودهما على وجهه ، بمعنى كونهما من غير فصل قيام وغيره ومن دون ارتياب. أمّا اعتبار الفصل فلأنّه على تقدير يقين الترك والذكر قبل الركوع يتحقّق الفصل ، وأمّا الارتياب فعلى تقدير الشك متحقّق كما لا يخفى ، على أنّ الظاهر من الثنتين هما الركعتان بقرينة ذكر الثالثة والرابعة ، وإن أمكن فتح باب الاحتمال المساوي مع ذكرهما.

ويمكن ادعاء دلالة الرواية على يقين الترك في الأوّلتين من حيث قوله : « وإذا كان في الثالثة أو الرابعة فترك سجدة » فإنّ هذا كما ترى يدل على بيان الفرق بين الأوّلتين والأخيرتين بترك السجدة ، إذ لو كان في الأوّل الشك لم يتحقق الفرق ، وإن أمكن إبداء الفرق بوجه آخر ، إلاّ أنّه متكلف ، وقد ذكرت غير هذا من الفوائد في الخبر في حواشي مدارك شيخناقدس‌سره والذي لا بدّ منه هنا ما ذكرناه.

وينبغي أن يعلم أنّ قولهعليه‌السلام : « بعد أن تكون قد حفظت الركوع » ربما يدل على أنّ السجود وإن تعدد في الفوات يعاد مع حفظ الركوع ، وأنّ الركوع إذا حصل فيه شك ( بعد السجود )(٢) ثم حصل نسيان السجدة لا يعاد السجود بل تعاد الصلاة ، والقائل بالأمرين غير معلوم ( بل الأوّل معلوم )(٣)

__________________

(١) في « رض » و « م » : تحصل.

(٢) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٨٧

الانتفاء من كتب الأصحاب التي وقفت عليها. وغير بعيد أن يكون المراد بحفظ الركوع عدم تيقن تركه لا نفي الشك فيه ، فليتأمّل ما حرّرناه في المقام ، فإنّه حريّ بالتأمّل التام.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ الثاني ظاهر الدلالة على أنّ الشك في السجدة في الأوّلتين يقتضي الإتيان بها بعد التسليم ، وحمل الشيخ من البعد بمكان ، بل الظاهر أنّ ترك ذكره أولى ، ويحمل الخبر على الاستحباب كما يدل عليه قوله : « وليس عليك سهو » إذ لو كانت السجدة متروكة لزم سجود السهو عند الشيخ ، إلاّ بتأويل إرادة نفي حكم الساهي كما يأتي من الشيخ في الباب الذي بعد هذا(١) ، وفيه ما لا يخفى.

فإنْ قلت : السؤال في الرواية تضمن النسيان أو الشك ، والجواب لا بدّ من مطابقته للسؤال ، وإذا طابق أفاد أنّ نسيان السجدة يقتضي قضاءها ، وحينئذ لا بدّ من حمل نفي السهو على ما يقوله الشيخ لا ما ذكرت.

قلت : الجواب كما ترى ظاهر في بيان صورة الشك ، ويمكن إحالة صورة العلم عليه ، فاكتفىعليه‌السلام بصورة الشك لذلك ، فإذا أفادعليه‌السلام نفي السهو مع الشك أمكن أن يستفاد منه نفي السجود للسهو مع يقين الترك وثبوته بدليل آخر ، ولا مانع من ذلك كما يعرف بالتأمّل الصادق ، وسيأتي في خبر ابن أبي يعفور ما يدل على حكم الشاك في السجدة ، ويتكلم فيه(٢) إن شاء الله.

__________________

(١) انظر ص ١٨١٨.

(٢) انظر ص ١٨١١.

٨٨

قوله :

باب وجوب سجدتي السهو على من ترك

سجدة واحدة ولم يذكرها إلاّ بعد الركوع.

الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال : « إذا نسي الرجل سجدة وأيقن أنّه تركها فليسجدها بعد ما يقعد قبل أن يسلّم ، وإن كان شاكاً فليسلّم ثم ليسجدها وليتشهد تشهداً خفيفاً ولا يسميها نقرة ، لأنّ النقرة نقرة الغراب ».

أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن سفيان بن السمط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : « تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان ».

ولا ينافي هذا الخبر الذي قدمناه في الباب الأوّل عن أبي بصير(١) من قوله : « ليس عليه سهو » لأنّ قوله : « ليس عليه سهو » إنّما معناه لا يكون حكمه حكم الساهي ، بل يكون حكمه حكم القاطع ، لأنّه إذا ذكر ما فاته فقضاه لم يبق عليه شك فيه فخرج عن حد السهو.

السند‌ :

في الأوّل : ليس فيه ارتياب بعد ما كررنا القول في رجاله(٢) .

والثاني : فيه الإرسال ، وما قد يظن من قبول مراسيل ابن أبي عمير‌

__________________

(١) مرّ في ص ١٨٠١.

(٢) راجع ص ٤٩ ، ١٠٨ ، ٥٠٢.

٨٩

قد أنهينا القول فيه أيضاً في أوّل الكتاب(١) وغيره. أمّا سفيان بن السمط فهو مذكور في رجال الصادقعليه‌السلام مهملاً من كتاب الشيخ(٢) .

المتن :

في الأوّل : لا تخفى دلالته على قضاء السجدة المنسية لكن قبل التسليم ، وقد قدمنا أنّ بعض القائلين بذلك على الإطلاق الشامل للأوّلتين والأخيرتين استدل بها(٣) ، والحال فيها ما ترى.

ويمكن أن يقال : إنّ قوله : « قبل أن يسلّم » ليس راجعاً إلى قوله : « فليسجدها » بل إلى قوله : « يقعد » والمراد أنّ فعلها بعد القعود الحاصل قبل التسليم وهو التشهد ، وهذا الحمل وإن بَعُد لا يقصر عن محامل الشيخ ، والاحتياج إليه بناءً على مختار الأكثر من أنّ محل قضاء السجدة بعد التسليم(٤) ، ودلالة رواية إسماعيل بن جابر السابقة على أنّ قضاء السجدة بعد التسليم.

وينقل عن المفيد القول بأنّه إذا ذكر السجدة بعد الركوع فليسجد ثلاث سجدات واحدة منهن قضاء(٥) . وعن علي بن بابويه أنّ السجدة المنسية من الركعة الأُولى إذا ذكرت بعد ركوع الثانية تقضى في الركعة الثالثة ، وسجود الثانية إذا ذكر بعد ركوع الثالثة يقضى في الرابعة ، وسجود الثالثة بعد التسليم(٦) .

__________________

(١) راجع ص ٧٣.

(٢) رجال الطوسي : ٢١٣ / ١٦٤.

(٣) راجع ص ١٨٠٣.

(٤) انظر المقنعة : ١٤٧ ، المبسوط ١ : ١٢٠ ، المختلف ٢ : ٣٧٣.

(٥) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٣٧٤.

(٦) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٣٧٣ بتفاوت يسير.

٩٠

ولا يخفى عدم دلالة الرواية المبحوث عنها على ذلك ، كما لا يدل على قول الأكثر ، وقد يمكن الجمع بالتخيير لو سلمت رواية إسماعيل مما قدمناه(١) ، وبدونه فالحمل المذكور ممكن على تقدير عدم القائل بقبلية التسليم على الإطلاق. هذا على تقدير القول بوجوب التسليم ، ولو قيل باستحبابه فالأمر لعلّه سهل ، أمّا ما قاله في المختلف على ما نقله شيخناقدس‌سره من حمل الرواية على الذكر قبل الركوع(٢) ، فممّا لا ينبغي ذكره.

أمّا ما تضمنته الرواية من حكم الشك فلا يخلو من إجمال ؛ إذ يحتمل احتمالاً ظاهراً أن يراد بالسجدة ( المشكوك فيها والتشهد بعدها غير ظاهر الوجه ، ويحتمل أن يراد بالسجدة )(٣) سجدتا السهو ، واللازم من هذا اختلاف الضمير في « يسجدها » الاولى والثانية ، وكون الضرورة تبيح مثل هذا في غاية البعد ، كما أنّ احتمال إرادة سجدتي السهو من الأُولى أيضاً لا وجه له إلاّ بتقدير ما قاله العلاّمة من الحمل على ما قبل الركوع(٤) ، وحينئذ يأتي بالسجدة وتكون السجدة المأمور بها سجدتي السهو ولو على الاستحباب ، كما يستفاد من خبر معلى بن خنيس السابق الكلام فيه(٥) .

وغير خفي أنّ مثل هذه التكلفات لا تخلو من إشكال ، غير أنّ عدم التعرض للأخبار في محل الحاجة من(٦) الشيخ غريب.

وربما يحتمل أن يكون قوله : « ثم يسجدها » بياناً للسجدة المذكورة‌

__________________

(١) في ص ١٨٠٢.

(٢) المختلف ٢ : ٣٧٤ ، وحكاه عنه في المدارك ٤ : ٢٤٣.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) المختلف ٢ : ٣٧٤.

(٥) راجع ص ١٨٠٤ ، ١٨٠٥.

(٦) في « رض » و « م » زيادة : كلام.

٩١

أوّلاً ، وإنّما ذكر التشهد الذي في سجود السهو لبيان خفّته ، إذ من الجائز علم السائل بالسجدتين للسهو دون التشهد. وقوله : « ولا يسميها » راجع إلى السجدة المنسية على احتمال ، ويراد بتسميتها فعلها ، ونقرة الغراب إشارة إلى عدم السرعة في فعلها ، ويحتمل استحباب التشهد للسجدة المشكوك فيها ، لكن القائل به غير معلوم ، والله تعالى أعلم بالحقائق.

وأمّا الثاني : فقد استدل به القائل بوجوب سجدتي السهو لكل زيادة أو نقيصة غير مبطلتين(١) ، لكن قد عرفت الكلام في السند. ورواية أبي بصير المعارضة جواب الشيخ عنها في غاية البعد ، وضعف رواية أبي بصير ربما تجبره موافقة الأصل ، لكن المنقول عن العلاّمة في التذكرة دعوى الإجماع على وجوب سجدتي السهو مع السجدة المنسية(٢) .

إذا عرفت هذا فاعلم : أنّ الرواية المبحوث عنها وإن كان سندها غير سليم ، إلاّ أنّ الشيخ روى عن الحلبي فيما يأتي في باب التشهد في سجدتي السهو عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال : « إذا لم تدر أربعاً صلّيت أم خمساً أم نقصت أم زدت فتشهّد وسلم واسجد سجدتي السهو » الحديث(٣) .

وقد استدلّ بها بعض الأصحاب على وجوب سجود السهو لكل زيادة ونقيصة ، موجّهاً أنّ مع الشك إذا وجب السجود فمع اليقين أولى(٤) .

وفيه ما قدّمناه من جهة مفهوم الموافقة(٥) ، على أنّ المستفاد من الخبر الشك في الزيادة والنقيصة ، وفيه احتمالات سنذكرها(٦) فيما بعد‌

__________________

(١) الروضة البهية ١ : ٣٢٧.

(٢) التذكرة ١ : ١٣٨ ، وحكاه. عنه في المدارك ٤ : ٢٤١.

(٣) راجع ص ١٩٢٢.

(٤) انظر تحرير الاحكام ١ : ٥٠.

(٥) في ص : ١٨٠٦.

(٦) في ص ١٩٢٣.

٩٢

حيث يذكر هذا الشيخ ، والبعض منها الشك في الزيادة والنقيصة معاً على معنى لم يدر زاد أم نقص ، والمطلوب هنا من مفهوم الموافقة إنّما يتم لو أُريد الشك في الزيادة وحدها والشك في النقيصة وحدها كما لا يخفى.

وهذا وإن احتمل في حيّز الشك كما سنذكره(١) إن شاء الله ، إلاّ أنّه بعيد من سياق لفظه إذا أعطاه المتأمّل حق النظر ، وقد روى الشيخ في الصحيح على ما حكاه شيخناقدس‌سره لكن لم أقف الآن عليه في الكتابين بعد النظر ، عن الفضيل بن يسار أنّه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن السهو ، فقال : « من يحفظ سهوه فليس عليه سجدتا السهو وإنّما السهو على من لم يدر أزاد في صلاته أم نقص منها »(٢) .

وهذه مروية في الفقيه عن الفضيل بن يسار(٣) ، والطريق إليه فيه كلام إلاّ أنّ رواية الصدوق قد كرّرنا القول فيها(٤) .

ويستفاد من الرواية(٥) أنّ من حفظ السهو لا سجود عليه ، والذي يظهر من قوله : « إنّما السهو » إلى آخره. أنّ المراد من حفظ الزيادة والنقصان لا سجود عليه ، والمخالفة حينئذ(٦) لما دل على سجود السهو مع نقصان السجدة ظاهرة ، واحتمال أن يراد بمن حفظ سهوه من تداركه قبل فوات محلّه لا يناسبه قوله : « وإنّما السهو » إلى آخره.

ولا يخفى معارضته للخبر المبحوث عنه أيضاً ، وحينئذ يحتمل أن‌

__________________

(١) انظر ص ١٩٢٣ ١٩٢٨.

(٢) حكاه عنه في المدارك ٤ : ٢٧٩.

(٣) الفقيه ١ : ٢٣٠ / ١٠١٨ ، الوسائل ٨ : ٢٢٥ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٤ ح ٦.

(٤) انظر ص ٥٨.

(٥) في « رض » : الروايتين.

(٦) ليست في « فض ».

٩٣

يراد بقوله في الخبر المبحوث عنه : « في كل زيادة أو نقصان » مضمون خبر الفضيل بن يسار على معنى : أنّ السجود في محل يتردد بين الزيادة والنقصان. وفيه : أنّه مخالف للظاهر جدّاً ، والتأويل ممكن بوجه آخر وهو ما قدّمناه من احتمال استدراك الفعل ، ويكون قوله : « وإنّما السهو » حصراً إضافياً ؛ إذ لا بدّ من ذلك بعد ثبوت سجود السهو في مواضع أُخر ، هذا كلّه على تقدير العمل بالرواية المبحوث عنها ، وعدم تعرض الشيخ لذلك(١) واضح الغرابة لا يخفى.

ويخطر(٢) بالبال احتمال أن يراد بمن لم يدر أزاد أم نقص ، من علم أحدهما قطعاً واشتبه عليه التعيين ، لا ما هو الظاهر ؛ إذ من المستبعد إرادته ، ولم أقف الآن على كلام الأصحاب في حقيقة معنى هذا.

ويفهم من شيخناقدس‌سره أنّ المعنى فيه عدم العلم بالزيادة والنقيصة كما هو الظاهر منه حيث قال : ويمكن أن يستدلّ به على قول المفيد من وجوب سجدتي السهو على من لم يدر أزاد سجدة أو نقص سجدة أو زاد ركوعاً أو نقص ركوعاً وكان الذكر بعد تجاوز محلّه ، لكنها غير صريحة في ذلك ؛ لاحتمالها الشك في زيادة ركعة أو نقصانها. انتهى(٣) .

وأنت خبير بأنّ الاستدلال بها على قول المفيد المذكور يقتضي فهم ما ذكرناه على معنى الشك في الزيادة والنقيصة ؛ لأنّ المنقول عن المفيد في المقنعة على ما في المختلف في تعداد مواضع سجود السهو : وإن لم يدر أزاد سجدة أو نقص سجدة ، أو زاد ركوعاً أو نقص ركوعاً ولم يستيقن‌

__________________

(١) في « م » و « فض » : كذلك.

(٢) في « م » : وما يخطر.

(٣) مدارك الاحكام ٤ : ٢٧٩.

٩٤

ذلك ، وكان الشك له فيه حاصلاً بعد تقضّي وقته وهو في الصلاة ، سجد سجدتي السهو(١) . انتهى.

وهذا الكلام كما ترى يدل على أنّ الشك في المذكور يقتضي سجود السهو ، فإذا استدل عليه بخبر الحلبي كان معنى الخبر أنّ من شك في الزيادة والنقيصة عليه السجود. وغير خفي(٢) أنّه لا وجه للتخصيص بقول المفيد ، بل ينبغي كلّ شك في زيادة ونقيصة ، وهو واضح الإشكال.

ثم إنّ احتمال زيادة الركعة ونقصانها كما نقله عن الدورس(٣) كأنّه يريد به ما قاله في المختلف جواباً عن سؤال ، وحاصل السؤال أنّ المراد بالزيادة والنقصان في الرواية في عدد الركعات لا في الأفعال ؛ لأنّه المتبادر إلى الفهم ، خصوصاً عقيب قوله : « إذا لم تدر أربعاً صلّيت أم خمساً » والجواب حاصله أنّ اللفظ يتناول كلّ زيادة ونقصان ، وتقديم الشك بين الأربع والخمس لا يقتضي الحصر في الثاني(٤) .

وفي نظري القاصر أنّ الركعات إن أُريد بها ما ذكر في الرواية أعني الأربع والخمس ليكون بياناً للشك بين الأربع والخمس ، والمعنى أنّ الظن لم يغلب على شي‌ء من أحد الأمرين فالمقرّر أنّ التأسيس خير من التأكيد ، وبتقدير التأسيس يلزم أنّ كلّ من شكّ في زيادة الركعات ونقصانها عليه سجود السهو ، والزيادة والنقصان لا يخلو من إجمال ؛ لأنّ كلاًّ منهما إمّا أن يراد به الزيادة على المفروض والنقصان عنه ، أو يراد به الزيادة في‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٤١٦ ، نقله عن الرسالة العزية.

(٢) في « فض » زيادة : أولاً.

(٣) انظر مدارك الأحكام ٤ : ٢٧٩.

(٤) المختلف ٢ : ٤٢١.

٩٥

نفس المفروض والنقصان عن تلك الزيادة ، وكلاهما مشكل.

أما الأوّل : فلأنّ حاصله لزوم سجود السهو لمن شك بين الثلاث والخمس ، لأنّ الزيادة عن المفروض محتملة والنقيصة كذلك ، والحال أنّ الرواية تضمّنت أنّ الشك بين الأربع والخمس فقط ، إلاّ أن يقال : إنّ حكم النقيصة والزيادة المشتبهة إذا تضمّنها الخبر فلا حصر ، وفيه مخالفة الظاهر وعدم العلم بالقائل الآن.

وأمّا الثاني : فلأنّ حاصله لزوم السجود لمن شك بين الثلاث والأربع ؛ إذ الرابعة زائدة أو ناقصة ، وإشكاله أيضاً ظاهر ، لكن لا يخفى بُعد هذا بل نفيه.

وعلى كلّ حال يحتاج ذكر زيادة الركعات إلى البيان.

ولو احتمل التأكيد نظراً إلى لزوم المحذور في التأسيس لزم انحصار سجود السهو في ركعات الأربع والخمس ، وربما كان في كلام العلاّمة من جهة ذكر الحصر إشعار بذلك.

وقد خطر في البال بعض هذا فذكرته في حواشي الفقيه ، إلاّ أنّه لا يخلو من تأمّل ؛ لأنّ الزيادة في الخمس واضحة دون النقيصة ، وإرادة النقيصة عن الزيادة أبعد.

وما عساه يقال : إنّه لا بدّ بعد الحمل على الركعات من ذلك ؛ إذ لا معنى لنقصان الركعة إلاّ هذا ، فله وجه ، وجوابه : بأنّ النقصان يتحقق بتقدير الشك في نقصان الفرض عن مقداره ، مدخول بلزوم سجود السهو لمن شك في غير صورة الأربع والخمس كما لا يخفى.

وبالجملة : فالمقام بالنسبة إلى الخبر واسع البحث ، والذي يظن من‌

٩٦

الحديث ما قدّمناه(١) من احتمال إرادة تحقق أحد الأمرين من الزيادة أو النقيصة وعدم العلم بالتعيّن ، وما عدا هذه الصورة فالإشكال لا خروج عنه إلاّ بتكلّف ( وسيأتي(٢) تتمة الكلام فيه عند ذكر الشيخ له )(٣) .

وما قاله العلاّمة في المختلف مستدلاًّ لوجوب سجود السهو لكل زيادة ونقيصة ، من : أنّهما مع الزيادة يجبان وكذا مع النقصان فيجبان فيهما مع الشك ، وبرواية الحلبي ، وبما رواه ابن بابويه عن الفضيل بن يسار ، وذكر الرواية السابقة قائلاً : إنّ وجه الاستدلال بها أمران ، أحدهما : مفهوم الشرط في قوله : « من حفظ سهوه » إلى آخره. فإنّه يدلّ على أنّ من ليس يحفظ سهوه عليه السجدتان ، الثاني : قوله « إنّما السهو » إلى آخره. فإنّه يقتضي وجوب السجدتين على الشاك في الزيادة والنقصان ، لأنّه المفهوم من إثبات السهو(٤) .

في نظري القاصر محلّ تأمّل ،أمّا أولاً : فلأنّ الوجوب مع الزيادة والنقصان إن أُريد به مع كلّ زيادة ونقصان فإثباته غير معلوم ؛ إذ لم يتقدم منه ما يدل عليه وفيما رأيته بعد النظر ، فإنّه ذكر المواضع التي فيها البحث في سجود السهو ولم يذكر المسألة منها ، بل ذكر ترك السجود واستدل عليه برواية سفيان السمط ، والرواية حالها قد علم. وفي الدروس : إنّ القول بوجوب سجود السهو لكلّ زيادة لم نظفر بقائله ولا بمأخذه(٥) . ونقل عن‌

__________________

(١) في ص ١٨١٦.

(٢) انظر ص ١٩٢٣.

(٣) ما بين القوسين ساقط من « م ».

(٤) المختلف ٢ : ٤٢١.

(٥) الدروس ١ : ٢٠٧.

٩٧

الشيخ في الخلاف : أنّه حكاه عن بعض الأصحاب(١) ، ( وفي الروضة(٢) ناقش جدّيقدس‌سره الشهيدرحمه‌الله فيما قاله بوجه غير خفيّ الوجاهة بعد مراجعته )(٣) ، وما قدّمناه من احتمال الاستدلال عليه برواية الحلبي وجدته في كلام بعض محقّقي المتأخّرينرحمه‌الله (٤) .

وأمّا ثانياً : فلأنّ نقصان القراءة لا يجب فيه سجود السهو ؛ للخبر المتقدم عن محمد بن مسلم من قوله : « ولا شي‌ء عليه » وخبر منصور بن حازم ، وما دلّ على عدم الالتفات إلى الشك بعد تجاوز المحل كذلك بتقدير تناول الشك في النقصان لمثل هذا ، وخبر ابن أبي يعفور الذي في أوّل الباب أيضاً يدل على ذلك ظاهراً ، والخبر الدال على أنّ الجهر في موضع الإخفات جهلاً وعكسه لا يوجب شيئاً كذلك ، وغير ما ذكر كما في خبر علي بن يقطين المعدود من الصحيح الدال على أنّ من نسي تسبيح الركوع والسجود لا شي‌ء عليه.

وأما ثالثاً : فلما عرفته في رواية الفضيل ، وعدم ذكر الشيخ لها يدل على أنّ ما ذكره شيخنا من النقل عن الشيخ لا يخلو من شي‌ء ؛ وتوجيه العلاّمة للاستدلال بها لا يخفى ما فيه ؛ إذ الاعتراف بدلالة الشرط يقتضي عدم وجوب سجود السهو للزيادة والنقيصة على الإطلاق.

وأمّا رابعاً : ( فلما سبق منّا عن قريب من ذكر بعض الاحتمالات )(٥) .

__________________

(١) الخلاف ١ : ٤٥٩.

(٢) الروضة البهية ١ : ٣٢٧.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٤) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٣ : ١٥٢.

(٥) ما بين القوسين ليس في « م ».

٩٨

وبالجملة : فالمقام حري بالتأمّل التام ، ولم أجد الآن من حام حول تحقيقه من العلماء الأعلام وبالله الاعتصام.

قوله :

باب من شكّ فلم يدر واحدة سجد أم اثنتين‌

محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي قال : سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن رجل سها فلم يدر ( سجد واحدة أو اثنتين )(١) قال : « يسجد اخرى وليس عليه بعد انقضاء الصلاة سجدتا السهو ».

عنه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين ابن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل شك فلم يدر سجد سجدة أم سجدتين؟ قال : « يسجد حتى يستيقن(٢) ».

عنه ، عن علي ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن المفضل بن صالح ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل شبّه عليه فلم يدر واحدة سجد أم ثنتين؟ قال : « فليسجد اخرى ».

عنه(٣) ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في الاستبصار ١ : ٣٦١ / ١٣٦٨ : سجدة سجد أم ثنتين.

(٢) في الاستبصار ١ : ٣٦١ / ١٣٦٩ ، والكافي ٣ : ٣٤٩ / ١ زيادة : أنّهما سجدتان.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٦١ / ١٣٧١ : سعد ، بدل عنه.

٩٩

رجل رفع رأسه من السجود فشك قبل أن يستوي جالساً فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ قال : « يسجد » قلت : فرجل نهض من سجوده قبل أن يستوي قائماً فلم يدر أسجد أم لم يسجد؟ قال : « يسجد ».

فأمّا ما رواه سعد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار الساباطي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يكثر عليه الوهم في الصلاة فيشك في الركوع فلا يدري أركع أم لا؟ وشك في السجود فلا يدري أسجد أم لا؟ فقال : « لا يسجد ولا يركع ، ويمضي(١) في صلاته حتى يستيقن يقيناً ».

فهذا الخبر يحتمل شيئين ، أحدهما : أن يكون يشك بعد أن يدخل في حالة اخرى ولا يذكر يقيناً ترك الركوع أو السجود ، فإنّه ينبغي أن يمضي في صلاته على ما بيناه فيما مضى.

والثاني : أنْ يكون مخصوصاً بمن يكثر عليه السهو فرخّص له المضيّ في صلاته تخفيفاً ، ( ولأنّ الناسي )(٢) كلّما سجد ( شك فيحتاج ) (٣) أن يسجد فلا ينفك عنه ، فلأجل ذلك رخّص له في المضي فيه.

السند‌ :

في الأوّل : حسن كما لا يخفى.

والثاني : واضح الضعف بما تكرر القول فيه(٤) وابن مسكان فيه‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٣٦٢ / ١٣٧٢ : يمضي.

(٢) في نسخة من الاستبصار : ولأنه لا يأمن.

(٣) في الاستبصار ١ : ٣٦٢ : فشك يحتاج.

(٤) راجع ج ١ : ٧٣ و ١٢٠ و ١٣٠.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

جالسا ذات يوم وعنده علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، إذ دخل الحسينعليه‌السلام فأخذه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعله في حجره ، وقبّل بين عينيه ، وقبّل شفتيه ، وكان للحسينعليه‌السلام ست سنين. فقال عليعليه‌السلام : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتحبّ ولدي الحسين؟.قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كيف لا أحبه وهو عضو من أعضائي؟!. فقال : يا رسول الله ، أيّنا أحبّ إليك ، أنا أم الحسين؟. فقال الحسين : يا أبت ، من كان أعلى شرفا ، كان أحبّ إلى رسول الله وأقرب إليه منزلة. قال عليعليه‌السلام : أتفاخرني يا حسين؟.قال : نعم إن شئت يا أبتاه. فقالعليه‌السلام : أنا أمير المؤمنين ، أنا لسان الصادقين ، أنا وزير المصطفى حتّى عدّ من مناقبه نيّفا وسبعين منقبة ، ثم سكت. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسينعليه‌السلام : أسمعت يا أبا عبد الله ، وهو عشر ما قاله من فضائله ، ومن ألف ألف فضيلة ، وهو فوق ذلك وأعلى. فقال الحسينعليه‌السلام : الحمد لله الّذي فضّلنا على كثير من عباده المؤمنين ، وعلى جميع المخلوقين. ثم قال : أمّا ما ذكرت يا أمير المؤمنين ، فأنت فيه صادق أمين. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أذكر أنت فضائلك يا ولدي. فقال الحسينعليه‌السلام : أنا الحسين ابن علي بن أبي طالب ، وأمي فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وجدي محمّد المصطفى سيد بني آدم أجمعين ، لا ريب فيه. يا أبت أمي أفضل من أمك عند الله وعند الناس أجمعين ، وجدي خير من جدك وأفضل عند الله وعند الناس أجمعين ، وأبي خير من أبيك عند الله وعند الناس أجمعين ، وأنا في المهد ناغاني جبرائيل وتلقّاني إسرافيل. يا أبت أنت عند الله أفضل مني ، وأنا أفخر منك بالآباء والأمهات والأجداد. ثم اعتنق أباه فقبّله ، وعليّعليه‌السلام أيضا يقبّله ، ويقول : زادك الله شرفا وتعظيما وفخرا وعلما وحلما ، ولعن الله قاتليك يا أبا عبد الله.

١٤٤ ـ قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : دعوا الحسنين يتمتعان بي وأتمتّع بهما :

روي أنه لما ثقل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه ، والبيت غاصّ بمن فيه ، قال :ادعوا إليّ الحسن والحسينعليه‌السلام . قال : فجعل يلثمهما حتّى أغمي عليه. قال :فجعل عليعليه‌السلام يرفعهما عن وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ففتح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عينيه وقال : دعهما يتمتّعان مني وأتمتّع منهما ، فإنهما سيصيبهما بعدي أثرة».

١٤٥ ـ جبرائيل يخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(بحار الأنوار ، ج ٤٤ ص ٢٣٨ ط ٣)

في (كامل الزيارة) ص ٦٧ ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : بينا رسول

١٨١

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منزل فاطمةعليها‌السلام ، والحسينعليه‌السلام في حجره ، إذ بكى وخرّ ساجدا ، ثم قال : يا فاطمة يا بنت محمّد ، إن العليّ الأعلى تراءى لي في بيتك هذا ، ساعتي هذه ، في أحسن صورة وأهيأ هيئة ، وقال لي : يا محمّد ، أتحبّ الحسينعليه‌السلام ؟. فقلت : نعم ، قرة عيني ، وريحانتي ، وثمرة فؤادي ، وجلدة ما بين عينيّ. فقال لي : يا محمّد ـ ووضع يده على رأس الحسين ـ بورك من مولود عليه بركاتي وصلواتي ورحمتي ورضواني ، ولعنتي وسخطي وعذابي وخزيي ونكالي على من قتله ، وناصبه وناواه ونازعه. أما إنه سيد الشهداء من الأولين والآخرين ، في الدنيا والآخرة ، وسيد شباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين. وأبوه أفضل منه وخير ، فأقرئه السلام وبشّره بأنه راية الهدى ، ومنار أوليائي ، وحفيظي وشهيدي على خلقي ، وخازن علمي ، وحجتي على أهل السموات وأهل الأرضين ، والثقلين :الجن والإنس.

١٤٦ ـ محبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسينعليه‌السلام :(معالي السبطين ، ج ١ ص ٥٢)

في (البحار) سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أي أهل بيتك أحب إليك؟. قال : الحسن والحسين ، من أحبهما أحببته ، ومن أحببته أحبّه الله ، ومن أحبه الله أدخله الجنّة. ومن أبغضهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله خلّده النار.

أيها الناس ، من أحبني وأحبّ هذين وأباهما وأمهما ، كان معي في درجتي في الجنّة يوم القيامة».

ولنعم ما قال القائل :

أخذ النبي يد الحسين وصنوه

يوما ، وقال وصحبه في مجمع

من ودّني يا قوم أو هذين أو

أبويهما ، فالخلد مسكنه معي

وعن أسامة بن زيد ، قال : أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم في بعض الحاجة ، فخرج إليّ وهو مشتمل على شيء ، ما أدري ما هو!. فلما فرغت من حاجتي ، قلت : ما هذا الّذي أنت مشتمل عليه؟. فكشف ، فإذا هو الحسن والحسينعليهما‌السلام على وركيه. فقال : هذان ابناي ، وابنا ابني. الله م إني أحبهما فأحبّهما ، وأحبّ من يحبّهما ، ألا فمن أحبّهما كان معي».

١٨٢

وفي (البحار) عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخذا بيد الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فقال : إن ابنيّ هذين ، ربّيتهما صغيرين ودعوت لهما كبيرين ، وسألت الله أن يجعلهما طاهرين مطهّرين زكيين ، فأجابني إلى ذلك.

وسألت أن يقيهما وشيعتهما من النار ، فأعطاني ذلك. وسألت الله أن يجمع الأمة على محبتهما ، فقال : يا محمّد ، إني قضيت قضاء وقدّرت قدرا ، وإن طائفة من أمتك ستفي لك بذمتك في اليهود والنصارى والمجوس ، وسيخفرون ذمتك في ولدك. وإني أوجبت على نفسي لمن فعل ذلك أن لا أحلّه محل كرامتي ولا أسكنه جنّتي ، ولا أنظر إليه بعين رحمتي إلى يوم القيامة.

١٤٧ ـ السيدة عائشة تستغرب :(البحار للمجلسي ج ٤٤ ص ٢٦٠)

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : كان الحسين بن عليعليهما‌السلام ذات يوم في حجر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلاعبه ويضاحكه. فقالت عائشة : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أشدّ إعجابك بهذا الصبي؟!. فقال لها : ويلك وكيف لا أحبه ولا أعجب به ، وهو ثمرة فؤادي وقرّة عيني؟. أما إن أمتي ستقتله ، فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حجة من حججي».

١٤٨ ـ خبر فداء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحسينعليه‌السلام بابنه إبراهيمعليه‌السلام :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٣٤ ط نجف)

عن تفسير النقاس بإسناده عن سفيان الثوري ، عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه ، عن ابن عباس قال : كنت عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم ، وعلى فخذه الأيمن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، وهو تارة يقبّل هذا وتارة يقبّل هذا ، إذ هبط جبرئيل بوحي من رب العالمين. فلما سرّي عنه قال : أتاني جبرئيل من ربي فقال : يا محمّد إن ربك يقرأ عليك السلام ، ويقول : لست أجمعهما ، فافد أحدهما بصاحبه. فنظر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى إبراهيم فبكى ، وقال : إن إبراهيم أمّه أمة ، ومتى مات لم يحزن عليه غيري ، وأمّ الحسين فاطمة ، وأبوه علي ابن عمي لحمي ودمي ، ومتى مات حزنت ابنتي وحزن ابن عمي وحزنت أنا عليه ، وأنا أؤثر حزني على حزنهما. يا جبرئيل اقبض إبراهيم فديته بالحسين.

قال : فقبض بعد ثلاث. فكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا رأى الحسينعليه‌السلام مقبلا قبّله وضمّه إلى صدره ورشف ثناياه ، وقال : فديت من فديته با بني إبراهيم.

١٨٣

* وسوف ترد قصة حبات اللؤلؤ السبع ، وهي التي حكاها رسول ملك الروم ليزيد ، في آخر الجزء الثاني من الموسوعة ، ضمن الحوادث التي حدثت في مجلس يزيد.

١٤٩ ـ مجلس الحسينعليه‌السلام :(ريحانة الرسول لأحمد فهمي محمّد ، ص ٣٩)

قال أحمد فهمي محمّد يصف مجلس الحسينعليه‌السلام : وكان مجلس الحسينعليه‌السلام مجلس وقار وعلم ، والناس من حوله يتحلقون ، يأخذون عنه ما يلقيه عليهم ، وهم في خشوع كأن على رؤوسهم الطير.

١٥٠ ـ خطابة الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ٤٠)

وقد آتاه الله أعنّة الخطابة ، فكانعليه‌السلام طليق اللسان ، مشرق ديباجة البيان ، نديّ الصوت ، خلّاب المنطق. تتفجّر ينابيع الحكمة على لسانه ، وتتدفق سيول الموعظة حول بيانه. لا يتلكأ في منطقه ولا يتلجلج. إذا ما عنّ له أمر تدفّق تدفق اليعسوب ، وملأ الأسماع والقلوب.

١٥١ ـ عبادتهعليه‌السلام :(المجالس السنيّة للسيد الأمين ، ج ١ ص ٢٤)

روى ابن عساكر في (التاريخ الكبير) عن مصعب بن عبد الله ، قال : حج الحسينعليه‌السلام خمسا وعشرين حجة ماشيا ، وإنّ نجائبه تقاد معه.

وفي (تذكرة الخواص) قال علماء السير : أقام الحسينعليه‌السلام بعد وفاة أخيه الحسنعليه‌السلام يحج في كل عام من المدينة إلى مكة ماشيا [المسافة نحو ٥٠٠ كم] إلى أن توفي معاوية وقام يزيد سنة ستين.

وروى ابن عبد ربه في (العقد الفريد) أنه قيل لعلي بن الحسينعليه‌السلام : ما كان أقلّ ولد أبيك؟!. قال : العجب كيف ولدت أنا له ، ولقد كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ، فمتى كان يتفرغ للنساء؟.

وكانعليه‌السلام إذا توضأ تغيّر لونه وارتعدت مفاصله ، فقيل له في ذلك ، فقال : حقّ لمن وقف بين يدي الجبار أن يصفرّ لونه وترتعد مفاصله.

وحسبهعليه‌السلام وقوفه للصلاة في يوم عاشوراء ، والسهام تخطر بين يديه ، وقد وقف أمامه سعيد بن عبد الله الحنفي وزهير بن القين البجلي يقيانه من النبل.

١٥٢ ـ كرم الحسينعليه‌السلام وحسن معاملته :

(الحسين إمام الشاهدين للدكتور علي شلق ، ص ٥٢)

قال الدكتور علي شلق : جاءت جارية تحمل في يدها زهيرات نضرات ، طفح

١٨٤

منها اللون الأخضر ، والعطر الأزهر. فقدّمتها إلى الحسينعليه‌السلام بعد أن سلّمت بخفر وحياء. فتناولهاعليه‌السلام بيده الكريمة ، وقال لها : أنت حرّة لوجه الله تعالى.

عند ذلك تحرك أنس بن مالك ، وكان في مجلسه قائلا : ألهذا الحدّ يابن الأكرمين؟. تعتق جارية على طاقة ريحان؟!. فأجاب الحسينعليه‌السلام : كذا أدّبنا ربّنا ، ألم تسمع قوله تعالى :( وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها ) [النساء :٨٦] وكان أحسن منها عتقها.

وفي (نور الأبصار للشبلنجي) ص ١٣٨ : قيل كان بين الحسينعليه‌السلام وبين أخيه الحسنعليه‌السلام كلام ووقفة ، فقيل له : اذهب إلى أخيك الحسن واسترضه وطيّب خاطره ، فإنه أكبر منك. فقالعليه‌السلام : سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : أيّما اثنين بينهما كلام فطلب أحدهما رضا الآخر ، كان السابق سابقه إلى الجنّة ، وأكره أن أسبق أخي الأكبر إلى الجنّة. فبلغ قوله الحسنعليه‌السلام فأتاه وترضّاه.

١٥٣ ـ سخاؤه وتواضعهعليه‌السلام :

مرّ الحسينعليه‌السلام بمساكين وهم يأكلون كسرا على كساء ، فسلّم عليهم. فدعوه إلى طعامهم ، فجلس معهم ، وقال : لو لا أنه صدقة لأكلت معكم. ثم قال : قوموا إلى منزلي ، فأطعمهم وكساهم وأمر لهم بدراهم.

١٥٤ ـ رأفته بالفقراء والمساكين وإحسانه إليهم :

ولقد وجد على ظهر الحسينعليه‌السلام يوم الطف أثر ، فسئل زين العابدينعليه‌السلام عن ذلك ، فقال : هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين.

١٥٥ ـ إباء الحسينعليه‌السلام للضيم :(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١١٢)

أما إباؤهعليه‌السلام للضيم ومقاومته للظلم ، واستهانته القتل في سبيل الحق والعزّ ، فقد ضربت به الأمثال وسارت به الركبان.

فأول ذلك ما قاله الحسينعليه‌السلام حين دعاه والي المدينة إلى البيعة ليزيد ، وكان مروان بن الحكم حاضرا ، قال :

«إنا أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومهبط الرحمة. بنا فتح الله وبنا ختم ، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر ، قاتل النفس المحترمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله».

١٨٥

فقد أبىعليه‌السلام أن يبايع يزيد بن معاوية ، السكّير الخمّير ، صاحب القيان والطنابير ، واللاعب بالقرود والفهود ، والمجاهر بالكفر والإلحاد ، والاستهانة بالدين. بل قال لمروان : وعلى الإسلام السلام ، إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد.

وحين دعا مروان الوالي إلى قتل الحسين ، قالعليه‌السلام : ويلي عليك يابن الزرقاء ، أتأمر بضرب عنقي ، كذبت والله ولؤمت. والله لو رام ذلك أحد لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك.

ولما أحاط القوم بالحسينعليه‌السلام في كربلاء ، وقيل له : انزل على حكم بني عمك. قال : لا والله! لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد.

وقالعليه‌السلام : ألا وإن الدّعيّ ابن الدعي [يقصد عبيد الله بن زياد] قد ركز بين اثنتين : السّلّة (أي استلال السيوف) أو الذلةّ ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله ذلك لنا ، ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.

١٥٦ ـ شجاعتهعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١١٥)

أما شجاعة الحسينعليه‌السلام فقد أنست شجاعة الشجعان وبطولة الأقران وفروسية الفرسان ، من مضى ومن سيأتي إلى يوم القيامة. فهو الّذي دعا الناس إلى المبارزة يوم كربلاء ، فلم يزل يقتل كل من برز إليه ، حتّى قتل مقتلة عظيمة.

وما أصدق وصف أحد الرواة للحسينعليه‌السلام يوم كربلاء ، حيث قال : والله ما رأيت مكثورا قط ، قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه ، أربط جأشا ، ولا أمضى جنانا ، ولا أجرأ مقدما منه. والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله ، وإن كانت الرجّالة لتشدّ عليه ، فيشدّ عليها بسيفه ، فتنكشف عن يمينه وعن شماله ، انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب ، ولقد كان يحمل فيهم وقد تكمّلوا ثلاثين ألفا ، فينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر.

١٥٧ ـ شجاعة موروثة :(معالي السبطين ، ج ١ ص ٦٦)

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لله درّ أبي طالب ، لو ولد الناس كلهم كانوا شجعانا». وقد ورث الحسينعليه‌السلام الشجاعة من أبيه عليعليه‌السلام وجده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجده أبو طالبعليه‌السلام . وعليعليه‌السلام هو القائل : وأنا من رسول الله كالصّنو من الصنو ، والذراع من العضد. والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليّت عنها ، ولو

١٨٦

أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها. وهو القائل : جنونان لا أخلاني الله منهما : الشجاعة والكرم.

وقد ظهرت شجاعة الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء في أهل الكوفة ، بحيث ذكّرتهم بشجاعة أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام في غزواته وجولاته.

وما عسى أن يقول القائل فيمن جده محمّد المصطفى ، وأبوه علي المرتضى ، وأمه فاطمة الزهرا ، وجدته خديجة الكبرى ، وأخوه الحسن المجتبى ، مع ماله في نفسه من الفضائل التي لا تحصى!.

٦ ـ الذريّة والإمامة

إن من أكبر فضائل الإمام عليعليه‌السلام أن الله جعل ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلبه من فاطمة الزهراءعليها‌السلام كما جاء في عدة أحاديث سوف نذكرها. وإن من أكبر الفضائل التي حباها الله تعالى للحسينعليه‌السلام أن جعل الأئمة من ذريته ، أولهم زين العابدين وآخرهم المهديعليه‌السلام .

قال النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن الله تعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة ، وجعل ذريتي من صلب علي بن أبي طالبعليه‌السلام ».

١٥٨ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو عصبة الحسن والحسينعليهما‌السلام :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٥١)

أخرج الحاكم عن جابر (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كل بني أمّ ينتمون إلى عصبة ، إلا ولدي فاطمةعليهم‌السلام [أي الحسن والحسين] فأنا وليهما وعصبتهما».

وفي رواية الخوارزمي في مقتله ، ج ١ ص ٥ : «كل بني أمّ ينتمون إلى عصبتهم إلا ولد فاطمة ، فإني أنا أبوهم وعصبتهم».

ثم يقول الخوارزمي : والأخبار في أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يسمّي الحسن والحسينعليهما‌السلام ابنيه ، كالحصى لا تعدّ ولا تحصى.

وأخرج الطبراني عن فاطمة الزهراءعليها‌السلام قالت : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لكل بني أنثى عصبة ينتمون إليه ، إلا ولد فاطمة ، فأنا وليهم وأنا عصبتهم».

وفي (إسعاف الراغبين لمحمد الصبان ، بهامش نور الأبصار للشبلنجي) ص ١٣٣ : وفي رواية صحيحة قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كل بني أنثى عصبتهم لأبيهم ، ما خلا ولد فاطمة ، فإني أنا أبوهم وعصبتهم».

١٨٧

تعليق : هذه الخصوصية هي لأولاد مولاتنا فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقط ، دون أولاد بقية بناته ، فلا يطلق عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه أب لهم ، وأنهم بنوه ، بل يطلق عليهم أنهم من ذريته ونسله وعقبه. وقد خصّ أولاد فاطمةعليهم‌السلام بهذا الفضل دون غيرها من بقية بناته لسببين : لأنها أفضلهن ، ولأنها هي الوحيدة التي أعقبت ذكرا ، فانحصرت فيها ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمةعليهم‌السلام .

١٥٩ ـ الإمامة في الحسينعليه‌السلام وفي صلبه :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٠٦ ط نجف)

روى الأعرج عن أبي هريرة ، قال : سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قوله تعالى :( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) [الزخرف : ٢٨]. قال : جعل الإمامة في عقب الحسينعليه‌السلام يخرج من صلبه تسعة من الأئمة ، منهم مهديّ هذه الأمة.

* الاحتجاج على الحجّاج :

وقد وردت في الكتب قصة مع الحجّاج فيها استدلال على أن الحسن والحسينعليهما‌السلام أبناء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته ، وليس كما حاول الأمويون نفيه ، ومن بعدهم العباسيون ، وقالوا : إن أبناء البنت ليسوا من ذرية الرجل.

ولهذه القصة روايتان ؛ إحداهما تذكر أن الاستدلال كان من الشعبي وقد مرّت سابقا في الفقرة رقم ٣٤ ، والثانية أن الاستدلال كان من يحيى بن يعمر بحضور الشعبي ، وإليك الرواية الثانية بصيغتين.

يقول الخوارزمي في مقدمة مقتله :

ومن خذلان مبغضيهم المستحكم القواعد ، وإدبارهم المستحصف المقاعد ، وغوايتهم التي حشرتهم إلى دار البوار ، وشقاوتهم التي كبّتهم على مناخرهم في دركات النار ، أن حملهم بغض أحبّاء الله وأحباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أن أنكروا أولاد عليعليهم‌السلام من فاطمةعليهم‌السلام أنهم أولاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فمن أولئك الحجّاج المحجوج ، الحقود اللجوج. ثم ساق هذه القصة.

١٦٠ ـ قصة يحيى بن يعمر مع الحجّاج :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٥)

قال الخوارزمي : أخبرنا عاصم بن بهدلة عن يحيى بن يعمر العامري ، قال : بعث

١٨٨

إليّ الحجّاج ، فقال : يا يحيى أنت الّذي تزعم أن ولد علي من فاطمة ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قلت له : إن أمّنتني تكلمت. قال : فأنت آمن. قلت : أقرأ عليك كتاب اللهعزوجل ، إن الله يقول :( وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣)وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤)وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٨٥) [الأنعام : ٨٣ ـ ٨٥].

وعيسىعليه‌السلام كلمة الله وروحه ألقاها إلى البتول العذراء ، وقد نسبه الله تعالى إلى إبراهيمعليه‌السلام .

قال الحجاج : ما دعاك إلى نشر هذا وذكره؟. قال : ما أوجب الله تعالى على أهل العلم في علمهم( لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) [آل عمران : ١٨٧]. قال : صدقت ، ولا تعودنّ لذكر هذا ولا نشره.

ثم قال الخوارزمي : وقد ابتلي المكابر الحجّاج ، بالمحجاج يحيى بن يعمر ، المؤيّد من الله بالجواب الصواب ، الّذي أوتي عند سؤاله فصل الخطاب لعن الله الحجّاج وكل ملعون من نسله ، وكل من انضوى إلى حفله ، واحتطب في حبله ، من مبغضي أهل البيتعليهم‌السلام ، ولعن الله من لم يلعن مبغضيهم ، وقاتليهم وسافكي دمائهم ، والذين أعانوا على قتلهم ، وأشاروا إليه ودلّوا عليه. انتهى كلامه.

١٦١ ـ رواية أخرى للقصة :

(آثار البلاد وأخبار العباد للقزويني ، ص ٤٢١)

يروى أن الحجاج أحضر يحيى بن يعمر ، وقال : أنت الّذي تقول : الحسين ابن علي من ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قال : نعم. قال : فوالله لتأتينّ بالمخرج عما قلت ، أو لأضربنّ عنقك!. فقال يحيى : إن جئت بالمخرج فأنا آمن؟. قال : نعم.قال : اقرأ( وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ ) [الأنعام : ٨٣] إلى قوله :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ ) [الأنعام : ٨٤] إلى قوله( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى ) [الأنعام : ٨٥]. فمن يعدّ عيسىعليه‌السلام من ذرية إبراهيم لا يعدّ الحسينعليه‌السلام من ذرية محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!.

فقال الحجاج : والله كأني ما قرأت هذه الآية قط!. فولاه قضاء المدينة ، وكان قاضيها إلى أن مات.

١٨٩

١٦٢ ـ رواية أشمل وأوسع للقصة :

(المنتخب للطريحي ج ٢ ص ٤٩١)

حكي عن الشّعبي الحافظ لكتاب الله تعالى ، أنه قال : استدعاني الحجاج ابن يوسف [الثقفي] في يوم عيد الضحيّة ، فقال لي : أيها الشيخ أي يوم هذا؟. فقلت : هذا يوم الضّحيّة. قال : بم يتقرّب الناس في مثل هذا اليوم؟. فقلت : بالأضحية والصدقة وأفعال البرّ والتقوى. فقال : اعلم أني قد عزمت أن أضحي برجل حسيني.

قال الشعبي : فبينما هو يخاطبني إذ سمعت خلفي صوت سلسلة وحديد ، فخشيت أن ألتفت فيستخفّني. وإذا قد مثل بين يديه رجل علوي ، وفي عنقه سلسلة وفي رجليه قيد من حديد.

فقال له الحجاج : ألست فلان بن فلان العلوي؟. قال : نعم ، أنا ذلك الرجل.فقال له : أنت القائل : إن الحسن والحسين من ذرية رسول الله؟. قال : ما قلت ولا أقول ، ولكني أقول : إن الحسن والحسينعليه‌السلام ولدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنهما دخلا في ظهره وخرجا من صلبه ، على رغم أنفك يا حجّاج!.

قال : وكان الحجاج متكئا على مسنده ، فاستوى جالسا ، وقد اشتدّ غيظه وغضبه ، وانتفخت أوداجه ، حتّى تقطّعت أزرار بردته ، فدعا ببردة غيرها فلبسها.

ثم قال للرجل : يا ويلك إن تأتيني بدليل من القرآن يدلّ أن الحسن والحسين ولدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخلا في ظهره وخرجا من صلبه ، وإلا قتلتك في هذا الحين أشرّ قتلة. وإن أتيتني بما يدل على ذلك أعطيتك هذه البردة التي بيدي وخلّيت سبيلك!.

قال الشعبي : وكنت حافظا كتاب الله تعالى كله ، وأعرف وعده ووعيده ، وناسخه ومنسوخه ، فلم تخطر على بالي آية تدل على ذلك. فحزنت وقلت في نفسي : يعزّ والله عليّ ذهاب هذا الرجل العلوي. قال : فابتدأ الرجل يقرأ الآية ، فقال( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) (١) [الفاتحة : ١] ، فقطع عليه الحجاج قراءته وقال : لعلك تريد أن تحتجّ عليّ بآية المباهلة ، وهي قوله تعالى :( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) [آل عمران : ٦١]؟. فقال العلوي : هي والله حجّة مؤكدة معتمدة ، ولكني آتيك بغيرها. ثم ابتدأ يقرأ :( وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤)وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٨٥) [الأنعام : ٨٤ ـ ٨٥] وسكت. فقال له الحجاج : فلم لا قلت( وَعِيسى ) [الأنعام : ٨٥] أنسيت عيسى؟. فقال : نعم صدقت يا حجاج. فبأي شيء دخل

١٩٠

عيسىعليه‌السلام في صلب نوحعليه‌السلام وليس له أب؟. فقال له الحجاج : إنه دخل في صلب نوح من حيث أمه مريم. فقال العلوي : وكذلك الحسن والحسينعليه‌السلام دخلا في صلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمهما فاطمة الزهراءعليه‌السلام .

قال : فبقي الحجاج كأنما ألقم حجرا. فقال له الحجاج : ما الدليل على أن الحسن والحسين إمامان؟. فقال العلوي : يا حجاج لقد ثبتت لهما الإمامة بشهادة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقهما ، لأنه قال في حقهما : «ولداي هذان إمامان فاضلان ، إن قاما وإن قعدا ، تميل عليهما الأعداء فيسفكون دمهما ويسبون حرمهما». ولقد شهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهما بالإمامة أيضا حيث قال : «ابني هذا ـ يعني الحسين ـ إمام ابن إمام أبو أئمة تسعة».

فقال الحجاج : يا علوي والله لو لم تأتني بهذا الدليل من القرآن وبصحة إمامتهما ، لأخذت الّذي فيه عيناك ، ولقد نجّاك الله تعالى مما عزمت عليه من قتلك ، ولكن خذ هذه البردة لا بارك الله لك فيها. فأخذها العلوي وهو يقول : هذا من عطاء الله وفضله ، لا من عطائك يا حجّاج!.

وقد عمدنا في هذه الموسوعة على إدراج ترجمة لمن يرد ذكرهم من الأشخاص المشهورين ، نبدأ منهم بترجمة الحجّاج.

ترجمة الحجّاج

(سير أعلام النبلاء للذهبي ، ج ٤ ص ٣٤٣)

قال الذهبي : أهلك الله الحجاج في شهر رمضان سنة ٩٥ ه‍ كهلا. وكان ظلوما جارا ناصبيا خبيثا سفّاكا للدماء. وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء ، وفصاحة وبلاغة ، وتعظيم للقرآن.

قد سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير ، وحصاره لابن الزبير بالكعبة ، ورميه إياها بالمنجنيق ، وإذلاله لأهل الحرمين. ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة ، وحرب ابن الأشعث له ، وتأخيره للصلوات ، إلى أن استأصله الله. فنسبّه ولا نحبّه ، بل نبغضه في الله ، فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان.

وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه ، وأمره إلى الله.

وفي (مروج الذهب) ج ٣ ص ١٧٥ ، قال المسعودي :

ومات الحجاج في سنة ٩٥ ه‍ وهو ابن ٥٤ سنة بواسط العراق ، وكان

١٩١

تأمّره على الناس عشرين سنة. وأحصي من قتله صبرا سوى من قتل في عساكره وحروبه فوجد مائة وعشرين ألفا ، ومات في حبسه خمسون ألف رجل ، وثلاثون ألف امرأة ، منهن ستة عشر ألفا مجرّدة. وكان يحبس النساء والرجال في موضع واحد ، ولم يكن للحبس ستر يستر الناس من الشمس في الصيف ، ولا من المطر والبرد في الشتاء.

* ملاحظة عامة : تسالمنا على وضع إطار حول ترجمة الأشخاص ، يختلف حسب نوع الشخص ؛ فإن كان عدوا للحسينعليه‌السلام يكون الإطار متصلا ، وإن كان حياديا يكون الإطار منقطّا ، وإن كان من أنصار الحسينعليه‌السلام يكون الإطار مرقطّا (نقطة شحطة).

* قصيدة حاقدة ومعارضتها :

والآن نستعرض قصيدة صفي الدين الحلي الشاعر الشيعي المعروف ، في الردّ على المتعصب اللدود عبد الله بن المعتز ، الّذي أنكر في قصيدته أن يكون نسل الإمام عليعليه‌السلام من فاطمة هم ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وادعى أن العباسيين أقرب للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من العلويين. ولم يعد هذا الشاعر في تعصبه جده المتوكل العباسي الّذي حاول حرث قبر مولانا الحسينعليه‌السلام .

١٦٣ ـ قصيدة عبد الله بن المعتز بن المتوكل العباسي :

قال صاحب (روضات الجنات) : وكان عبد الله بن المعتز ذا نصب وعداوة شديدة لأهل البيتعليه‌السلام . ومن شعره قصيدته التي يهجو بها الطالبيين ويتحامل على العلويين ، منها :

ألا من لعين وتسكابها

تشكّى القذا وبكاها بها

ترامت بنا حادثات الزمان

ترامي القسيّ بنشّابها

ويا ربّ ألسنة كالسيوف

تقطّع أرقاب أصحابها

ويقول فيها :

ونحن ورثنا ثياب النّبيّ

فكم تجذبون بأهدابها

لكم رحم يا بني بنته

ولكن بنو العمّ أولى بها

إلى أن يقول :

١٩٢

قتلنا أميّة في دارها

ونحن أحقّ بأسلابها

إذا ما دنوتم تلقّيتم

زبونا(١) أقرّت بجلّابها

١٦٤ ـ قصيدة صفي الدين الحلي في الردّ عليها :

فردّ الشاعر الشيعي صفي الدين الحلي (٦٧٧ ـ ٧٥٢ ه‍) عليه بهذه القصيدة ، وهي من غرر الشعر ، يقول :

[القصيدة]

ألا قل لشرّ عبيد الإله

وطاغي قريش وكذّابها

وباغي العباد وباغي العناد

وهاجي الكرام ومغتابها

أأنت تفاخر آل النّبيّ

وتجحدها فضل أحسابها؟

بكم باهل المصطفى أم بهم

فردّ العداة بأوصابها؟

أعنكم نفي الرجس أم عنهم

لطهر النفوس وألبابها؟

أما الرجس والخمر من دأبكم

وفرط العبادة من دأبها؟

* * *

وقلت : ورثنا ثياب النّبيّ

فكم تجذبون بأهدابها؟

وعندك لا يورث الأنبياء

فكيف حظيتم بأثوابها؟

فكذّبت نفسك في الحالتين

ولم تعلم الشّهد من صابها(٢)

أجدّك(٣) يرضى بما قلته؟

وما كان يوما بمرتابها

وكان بصفين من حزبهم

لحرب الطغاة وأحزابها

وقد شمرّ الموت عن ساقه

وكشّرت الحرب عن نابها

فأقبل يدعو إلى «حيدر»

بإرغابها وبإرهابها

وآثر أن ترتضيه الأنام

من الحكمين لأسبابها

ليعطي الخلافة أهلا لها

فلم يرتضوه لإيجابها

وصليمع الناس طول الحياة

وحيدر في صدر محرابها

فهلا تقمّصها جدّكم

إذا كان إذ ذاك أحرى بها؟

إذا جعل الأمر شورى لهم

فهل كان من بعض أربابها؟

__________________

(١) الزّبون : الناقة التي تدفع ولدها عن ضرعها.

(٢) الصاب : شجر له عصارة بيضاء بالغة المرارة.

(٣) يقصد بجدهم : عبد الله بن عباس.

١٩٣

أخامسهم كان أم سادسا؟

وقد جلّيت بين خطّابها

وقولك : أنتم بنو بنته

ولكن بنو العم أولى بها

بنو البنت أيضا بنو عمّه

وذلك أدنى لأنسابها

فدع في الخلافة فصل الخلاف

فليست ذلولا لركّابها

وما أنت والفحص عن شأنها

وما قمصّوك بأثوابها

وما ساورتك سوى ساعة

فما كنت أهلا لأسبابها

وكيف يخصّوك يوما بها؟

ولم تتأدّب بآدابها

* * *

وقلت : بأنكم القاتلون

أسود أميّة في غابها

كذبت وأسرفت فيما ادّعيت

ولم تنه نفسك عن عابها

فكم حاولتها سراة لكم

فردّت على نكص أعقابها

ولو لا سيوف أبي مسلم(١)

لعزّت على جهد طلّابها

وذلك عبد لهم لا لكم

رعى فيكم قرب أنسابها

وكنتم أسارى ببطن الحبوس

وقد شفّكم لثم أعتابها

فأخرجكم وحباكم بها

وألبسكم فضل جلبابها

فجازيتموه بشرّ الجزاء

لطغوى النفوس وإعجابها

* * *

فدع ذكر قوم رضوا بالكفاف

وجاؤوا الخلافة من بابها

هم الزاهدون هم العابدون

هم الساجدون بمحرابها

هم الصائمون هم القائمون

هم العالمون بآدابها

هم قطب ملّة دين الإله

ودور الرحى حول أقطابها

عليك بلهوك بالغانيات

وخلّ المعالي لأصحابها

ووصف العذارى وذات الخمار

ونعت العقار(٢) بألقابها

وشعرك في مدح ترك الصلاة

وسعي السّقاة بأكوابها

فذلك شأنك لا شأنهم

وجري الجياد بأحسابها

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٣١٧)

__________________

(١) هو أبو مسلم الخراساني الّذي قاد الثورة ضد الأمويين.

(٢) العقار : الخمر.

١٩٤

الفصل الخامس

أنباء باستشهاد الحسينعليه‌السلام قبل وقوعه

١ ـ أنباء شهادة الحسينعليه‌السلام في الكتب السماوية السابقة :

التوراة ـ الإنجيل ـ كتاب إرميا

ـ إخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام

ـ تشابه محنة يحيىعليه‌السلام مع محنة الحسينعليه‌السلام

٢ ـ إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يجري على أهل بيتهعليه‌السلام من بعده

ـ علم أهل البيتعليه‌السلام بالمغيبات :

ـ علوم الجفر الخاصة بأهل البيتعليه‌السلام

ـ الوصية الإلهية التي نزلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٣ ـ إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باستشهاد الحسينعليه‌السلام

ـ روايات الإمام عليعليه‌السلام

ـ روايات أم سلمة وعائشة

ـ روايات الحسينعليه‌السلام والأئمةعليه‌السلام

ـ روايات ابن عباس

١٩٥

ـ إخبار الإمام عليعليه‌السلام

ـ إخبار الحسنينعليه‌السلام

ـ إخبار سلمان الفارسي

ـ إخبار أبي ذر الغفاري

٤ ـ أخبار بمن يقتل الحسينعليه‌السلام

١٩٦

الفصل الخامس :

أنباء باستشهاد الحسينعليه‌السلام قبل وقوعه

تعريف بالفصل :

قبل وقوع حادثة كربلاء واستشهاد الحسينعليه‌السلام وأصحابه (رض) ، تواترت الأنباء باستشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام . منها ما كان على لسان جبرائيلعليه‌السلام أو على لسان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وهذه الأخبار جاءت بروايات مختلفة ، بعضها عن الإمام علي أو الأئمةعليه‌السلام ومنها على لسان أم سلمة وابن عباس (رض) ، ومنها على لسان الصحابة (رض).

وكانت متعددة في الأمكنة ومختلفة في الأزمنة. فبعضها في بيت فاطمة أو أم سلمة أو عائشة ، وبعضها في المسجد وقد قام النبي خطيبا في أصحابه ، وبعضها في الإسراء. ومرة قبل ولادة الحسينعليه‌السلام ، ومرة عند ولادته ، وعند بلوغه السنة ثم السنتين وهكذا. وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كل مرة منها يرى حزينا مغموما ويبكي عليه.

وفي بعض هذه الروايات إخبار مجمل بشهادتهعليه‌السلام ، وفي بعضها الآخر تفصيل لكيفية شهادته ، ومن الذي يتولى قتله ، من يزيد الشنار ، أو عمر بن سعد صاحب الخزي والعار. وفي بعضها الآخر تعيين لمكان استشهادهعليه‌السلام في كربلاء أو عمورا أو على شط الفرات.

وثمة روايات معينة صدرت عن الإمام عليعليه‌السلام حين وروده كربلاء في طريقه إلى صفين ، كما صدرت عن عدد كبير من الأنبياء حين مروا بكربلاء ، وحدثت معهم حوادث غريبة ملفتة للنظر.

وسوف نبدأ الفصل بأنباء شهادة الحسينعليه‌السلام في الكتب السماوية السابقة ، وإخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام . ثم إخبار القرآن في مطلع سورة مريم (كهيعص) عن استشهاد الحسينعليه‌السلام كما استشهد يحيى بن زكرياعليه‌السلام من قبله ، وإجراء مقارنة بينهما.

١٩٧

ثم إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يجري على أهل بيته من بعده ، وأن ذلك كله مكتوب في الجفر ، الذي توارثه الأئمةعليهم‌السلام فكانوا يعلمون بما سيجزي عليهم. ثم إخبار الله تعالى للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشهادة الحسينعليه‌السلام . ثم إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه باستشهاد الحسينعليه‌السلام . ثم إخبار الإمام عليعليه‌السلام وأم سلمة والأئمةعليهم‌السلام بذلك. ثم إخبار بقية الصحابة كسلمان المحمدي وأبي ذر الغفاري وغيرهم.

وينتهي الفصل بالأخبار التي حددت اسم قاتل الحسينعليه‌السلام .

١ ـ أنباء شهادة الحسينعليه‌السلام في الكتب السماوية السابقة :

١٦٥ ـ التوراة تخبر بمقتل الحسينعليه‌السلام ومنزلة أصحابه :

(أمالي الصدوق مجلس ٢٩ رقم ٤ ص ٢٢٤)

عن سالم بن أبي جعدة ، قال : سمعت كعب الأحبار (وكان يهوديا) يقول : إن في كتابنا أن رجلا من ولد محمد رسول الله يقتل ، ولا يجفّ عرق دواب أصحابه حتى يدخل الجنة ، فيعانقوا الحور العين.

فمر بنا الحسنعليه‌السلام فقلنا : هو هذا؟ قال : لا. فمرّ بنا الحسينعليه‌السلام فقلنا :هو هذا؟ قال : نعم.

١٦٦ ـ في الإنجيل خبر مقتل الحسينعليه‌السلام :

(الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج ٣ ص ٤٠٦)

قال رأس الجالوت (وهو من النصارى) ذلك الزمان : ما مررت بكربلاء إلا وأنا أركض دابتي ، حتى أخلف المكان ، لأنا كنا نتحدث أن ولد نبي يقتل بذلك المكان ، فكنت أخاف.

فلما قتل الحسينعليه‌السلام أمنت ، فكنت أسير ولا أركض.

١٦٧ ـ كتاب إرميا يخبر بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(الخصائص الحسينية لجعفر التستري ، ص ١٣٧)

جاء في كتاب إرميا في (باسوق) من السيمان السادس والأربعين قوله : (كي ذبح لدوناي الوهيم صوا ووث بارض صافون ال نهر پرات). ويعني : يذبح ويضحى لرب العالمين شخص جليل في أرض الشمال بشاطىء الفرات.

١٩٨

١٦٨ ـ ما وجد منقوشا على بعض الأحجار :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٣ ط ٢ نجف)

وقال ابن سيرين : وجد حجر قبل مبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخمسمائة سنة مكتوب عليه بالسريانية ، فنقلوه إلى العربية ، فإذا هو :

أترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب

وقال سليمان بن يسار : وجد حجر مكتوب عليه :

لا بد أن ترد القيامة فاطم

وقميصها بدم الحسين ملطخ

ويل لمن شفعاؤه خصماؤه

والصور في يوم القيامة ينفخ

وسيرد شبيه هذا في الجزء الثاني من الموسوعة ، أول مسير السبايا والرؤوس من الكوفة إلى الشام.

١٦٩ ـ ما وجد مكتوبا على جدار إحدى كنائس الروم :

(مثير الأحزان لابن نما ، ص ٧٦ ط نجف)

عن مشايخ بني سليم أنهم غزوا الروم ، فدخلوا بعض كنائسهم فإذا مكتوب هذا البيت :

أترجوا أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب!

قالوا : فسألنا منذ كم هذا مكتوب في كنيستكم؟ قالوا : قبل أن يبعث نبيكم بثلاثمائة عام.

وحدث عبد الرحمن بن مسلم عن أبيه ، أنه قال : غزونا بلاد الروم ، فأتينا كنيسة من كنائسهم قريبة من قسطنطينة ، وعليها شيء مكتوب. فسألنا أناسا من أهل الشام يقرؤون بالرومية ، فإذا هو مكتوب هذا البيت.

وفي رواية أخرى أن الروم كانوا يحفرون في بلادهم فوجدوا حجرا ، فقرؤوا عليه البيت السابق. (راجع مقتل العوالم ص ١١٠).

١٧٠ ـ لوح من ذهب يشهد بقتل الحسينعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ص ٩٣)

أخرج الحاكم عن أنس ، أن رجلا من أهل نجران ، حفر حفيرة فوجد لوحا من ذهب مكتوب فيه :

١٩٩

أترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب!

كتب إبراهيم خليل الله.

فجاء باللوح إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقرأه ثم بكى ، وقال : من آذاني وعترتي لم تنله شفاعتي.

١٧١ ـ القرآن يصف قتل الحسينعليه‌السلام بالفساد الكبير :

حتى إذا كان في أيام عمر بن الخطاب وأسلم كعب الأحبار ، وقدم المدينة ، جعل أهل المدينة يسألونه عن الملاحم التي تكون في آخر الزمان ، وكعب يحدثهم بأنواع الملاحم والفتن.

فقال كعب لهم : وأعظمها ملحمة هي الملحمة التي لا تنسى أبدا ، وهو الفساد الذي ذكره الله تعالى في الكتب ، وقد ذكره في كتابكم في قوله (ظهر الفساد في البر والبحر) وإنما فتح بقتل هابيل ويختم بقتل الحسين بن عليعليه‌السلام .

* * *

إخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام

١٧٣ ـ إخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام حين مرّوا بكربلاء :

(مقتل العوالم للشيخ عبد الله البحراني ج ١٧ ص ١٠١)

جاء في الأخبار أن جملة من الأنبياءعليهم‌السلام من آدم إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد مروا بأرض كربلاء ، وكانت تحدث لهم متاعب ومصاعب ، فيناجون الله ، فيخبرهم بأن سبب ذلك أن في هذه الأرض سيقتل سبط محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحسين بن عليعليه‌السلام ويأمرهم بلعن قاتليه.

حصل ذلك لآدمعليه‌السلام وهو يبحث عن حواء فمر بكربلاء ، وكذلك حدث لنوحعليه‌السلام حين مرت سفينته فوق كربلاء ، وكذلك لابراهيم حين عثر به فرسه في كربلاء ، وكذلك لإسماعيل حين كان يرعى أغنامه بشط الفرات فحين وصلت إلى كربلاء امتنعت عن شرب الماء ، وكذلك لموسىعليه‌السلام حين انقطع شسع نعله هناك ، وكذلك لعيسىعليه‌السلام حين كان سائحا مع الحواريين فمروا بكربلاء حين رأوا أسدا كاسرا قابعا هناك.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430