إستقصاء الإعتبار الجزء ٧

إستقصاء الإعتبار0%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: مكتبة القرآن الكريم
ISBN: 964-319-179-6
الصفحات: 463

إستقصاء الإعتبار

مؤلف: الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف:

ISBN: 964-319-179-6
الصفحات: 463
المشاهدات: 56353
تحميل: 5101


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 463 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 56353 / تحميل: 5101
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء 7

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: 964-319-179-6
العربية

الحاضر خلف المسافر فقد بيّنا أنّه مكروه. وعن المفيد ، والمرتضى ، والشيخ في الخلاف ، وأبي الصلاح ، كراهة ائتمام المسافر بالحاضر كالعكس ، وعن علي ابن بابويه عدم الجواز فيهما ، وعن ابنه في المقنع : عدم جواز المسافر خلف المقيم ، هكذا نقل في المختلف(١) .

وحكى شيخناقدس‌سره عن المعتبر والمنتهى أنّ فيهما ما يقتضي بظاهره أنّ كراهة ائتمام الحاضر بالمسافر موضع وفاق ، ثم نقل قول علي بن بابويه(٢) ؛ وهو غريب ، والله تعالى أعلم بالحال.

قوله :

باب المرأة تؤمّ النساء.

الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى(٣) ، عن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة تؤمّ النساء؟ فقال : « لا بأس به ».

سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن عبد الله بن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في الرجل يؤمّ المرأة ، قال : « نعم تكون خلفه » وعن المرأة تؤمّ النساء ، قال : « نعم تقوم وسطاً بينهن ولا تتقدمهن ».

فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٤٨٨.

(٢) المدارك ٤ : ٣٦٤.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٢٦ / ١٦٤٤ : عثمان بن عيسى.

١٠١

المرأة تؤمّ النساء؟ فقال : « إذا كنّ جميعاً أمّتهنّ في النافلة ، وأمّا المكتوبة فلا ، ولا تتقدمهن ، ولكن تقوم وسطاً بينهن ».

وما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن الحسن بن الجهم ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « تؤمّ المرأة النساء في الصلاة وتقوم وسطاً فيهن ، ويقمن عن يمينها وشمالها ، تؤمّهن في النافلة ، ولا تؤمّهن في المكتوبة ».

فالوجه في هذين الخبرين أحد شيئين ، أحدهما : أنْ نحمل الأخبار المطلقة الأوّلة على هذه المفصّلة ، فكان ما ورد ( من جواز )(١) أنّ المرأة تؤمّ النساء إنّما يكون ذلك في صلاة النوافل حسب ما فصّلوه في الأخبار الأخيرة. والثاني : أنْ نحملها على ضرب من الكراهية دون الحظر ، وكذلك :

ما رواه محمّد بن ( مسعود العيّاشي ، عن أبي العبّاس بن المغيرة ، قال : حدّثنا الفضل بن شاذان ، عن ابن )(٢) أبي عمير ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال قلت : المرأة تؤمّ النساء؟ قال : « لا ، إلاّ على الميت إذا لم يكن أحد أولى منها ، تقوم وسطاً معهن(٣) في الصف فتكبّر ويكبّرن ».

فالوجه في هذا الخبر أيضاً ضرب من الاستحباب دون الإيجاب.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في النسخ ، أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٢٧ / ١٦٤٧.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٣) في النسخ : منهن ، وما أثبتناه موافق للتهذيب ٣ : ٢٦٨ / ٧٦٦ والاستبصار ١ : ٤٢٧ / ١٦٤٨ وكذا الفقيه ١ : ٢٥٩ / ١١٧٧ والوسائل ٨ : ٣٣٤ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٠ ح ٣.

١٠٢

السند :‌

في الأوّل : كما ترى رواية الحسين بن سعيد عن حمّاد ، وفي التهذيب عن عثمان بن عيسى(١) ، وكل محتمل ، وفي المختلف عدّه من الموثّق(٢) ، وهو لا يقتضي تعيّن حمّاد عنده ؛ لعدّه رواية عثمان من الموثق ، وقد وجدت الآن كلاماً للشيخ في كتاب العدّة في الأُصول يقتضي توثيق عثمان بن عيسى(٣) ، وما قدّمته(٤) في هذا الكتاب مكرّراً من عدم الوقوف على توثيقه مبني على ما وقفت عليه من كتب الرجال.

والثاني : فيه الإرسال.

والثالث : كما ترى في النسخ التي وقفت عليها ، وفي الكافي : عن ابن سنان ، عن سليمان بن خالد(٥) ، وأفاد شيخناقدس‌سره في فوائد الكتاب أنّه الصواب ، ولعلّ الوجه أنّ الكليني أثبت في النقل ، وفيه احتمال السهو من القلم ، بل هو الظاهر ؛ لأنّ الراوي عن سليمان بن خالد في النجاشي عبد الله ابن مسكان(٦) ، والأمر سهل بعد ابن سنان ، لاشتراكه على تقدير الرواية عن سليمان ، وظهور كونه محمّداً على تقدير روايته عن ابن مسكان ، لأنّه الراوي عنه في الرجال(٧) وغيرها.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٣١ / ١١١.

(٢) المختلف ٢ : ٤٨٦.

(٣) عدة الأصول : ٣٨١.

(٤) راجع ج ١ ص ٧٠ ، ٣٦٣ ، ج ٣ ص ٢٣٠ ، ج ٦ ص ٣٩.

(٥) الكافي ٣ : ٣٧٦ الصلاة ب ٥٧ ح ٢.

(٦) رجال النجاشي : ١٨٣ / ٤٨٤.

(٧) رجال النجاشي : ٢١٤ / ٥٥٩.

١٠٣

وما عساه يقال : من أنّ رواية فضالة عن محمّد بن سنان مستبعدة ؛ لأنّ الراوي عنه في الرجال محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب(١) ، فعلى تقدير رواية الكليني يقرب أنْ يكون عبد الله.

يمكن دفعه : بأنّ محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب من رجال الجواد والهادي والعسكريعليهم‌السلام ، ومحمّد بن سنان من رجال الجواد والرضا والكاظمعليه‌السلام .

فإنْ قلت : الراوي عن عبد الله بن سنان ابن أبي عمير ، وهو في مرتبة فضالة ، ومحمّد بن الحسين متأخر ، فكيف يحتمل ما ذكرت؟

قلت : إذا لاحظت ما قلناه يتّضح الاحتمال ، إلاّ أنّ الحق بُعده ، فليتأمّل.

والرابع : فيه محمّد بن عبد الحميد ، وهو لا يخلو من اشتباه ، وأنّ احتمال كونه ابن سالم العطّار المتقدّم فيه الكلام عن قريب وبعيد(٢) يُبعّده رواية محمّد بن علي بن محبوب عنه ، لأنّ محمّد بن عبد الحميد مذكور في أصحاب الرضا والهاديعليهما‌السلام من كتاب الشيخ(٣) ( ، ومحمّد بن علي بن محبوب من رجال من لم يرو عن الأئمّةعليهم‌السلام من كتابه(٤) ، إلاّ أنّ الالتفات إلى إجمال مطلب الشيخ )(٥) في الكتاب يرفع الاستبعاد.

والذي يمكن أنْ يقال هنا : إنّه لا مانع من لقاء ابن محبوب‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٢٨ / ٨٨٨.

(٢) راجع ج ١ ص ٢٠٠ ، وص ٩٠ من هذا الجزء.

(٣) رجال الطوسي : ٣٨٧ / ١٠ و ٤٣٥ / ١٠ في أصحاب الرضا والعسكريعليهما‌السلام و ٤٩٢ / ٦ فيمن لم يرو عن الأئمّةعليهم‌السلام ، ولم يذكره في أصحاب الهاديعليه‌السلام .

(٤) رجال الطوسي : ٤٩٤ / ١٨.

(٥) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

١٠٤

للإمامعليه‌السلام ولم يرو عنه ؛ لتصريح الشيخ في الكتاب في ترجمة أحمد بن إدريس حيث ذكره في رجال العسكريعليه‌السلام قائلاً : إنّه أدركه ولم يرو عنه(١) ، وذكر أحمد بن إدريس في رجال من لم يرو أيضاً(٢) ، والحاصل أنّ تعيّن كون محمّد بن عبد الحميد هو العطّار مشكل ، ففي الرجال غيره موجود في المرتبة.

أمّا الحسن بن الجهم فهو ثقة في النجاشي(٣) .

فإنْ قلت : الحسن بن الجهم من أصحاب أبي الحسن موسى والرضاعليهما‌السلام ، والراوي عنه في الرجال الحسن(٤) بن علي بن فضّال ونحوه(٥) ، فالمناسب كون الراوي عنه هنا محمّد بن عبد الحميد العطّار ، لأنّ الموجود في الرجال أيضاً محمّد بن عبد الحميد روى عنه ابن الوليد في رجال من لم يرو من كتاب الشيخ مهملاً(٦) ، وهذا لا يوافق مرتبته.

قلت : ابن الوليد الراوي عن المذكور كأنّه محمّد بن الحسن ، ومرتبته لا توافق محمّد بن علي بن محبوب.

قلت : لما ذكرت نوع وجه ، إلاّ أنّ محمّد بن الحسن بن الوليد مذكور في رجال من لم يرو(٧) كابن محبوب ، غاية الأمر أنّ ابن محبوب يروي عنه محمّد بن يحيى(٨) وأحمد بن إدريس ، ومحمّد بن الحسن بن‌

__________________

(١) رجال الطوسي : ٤٢٨ / ١٦.

(٢) رجال الطوسي : ٤٤٤ / ٣٧.

(٣) رجال النجاشي : ٥٠ / ١٠٩.

(٤) في « فض » : الحسين.

(٥) رجال النجاشي : ٥٠ / ١٠٩.

(٦) رجال الطوسي : ٤٩٢ / ٦.

(٧) رجال الطوسي : ٤٩٥ / ٢٣.

(٨) في « فض » : محمّد بن الحسن.

١٠٥

الوليد يروي عن سعد والصفّار ، فهو أقرب مرتبةً من ابن محبوب ، فيقرب توجيه انتفاء احتمال(١) محمّد بن عبد الحميد ( المذكور ، لا أنّ )(٢) الاحتمال منتفٍ جزماً ؛ فليتأمّل.

والخامس : فيه محمّد بن مسعود العيّاشي ، والطريق إليه غير مذكور في المشيخة ، وفي الفهرست ذكر طريقاً إلى جميع كتبه ورواياته(٣) ، إلاّ أنّه غير سليم ، وهو قد وثّقه النجاشي(٤) ، إلاّ أنّ فيه نوع كلام تقدّم بيانه. وأمّا أبو العبّاس فهو مجهول الحال ؛ إذ لم أقف على ما يعيّنه الآن في الرجال ، وفي التهذيب كما هنا(٥) .

المتن :

في الأخبار ما عدا الأخير واضح ، وما ذكره الشيخ من الجمع كذلك ، إلاّ أنّ الثاني ربما يقرب من حيث إنّ أكثر الأصحاب على الجواز(٦) ، والقول بالمنع عن الائتمام في الفرائض دون النوافل إنّما هو منقول عن ابن الجنيد(٧) ، والسيّد المرتضى فقط(٨) .

والعلاّمة في المختلف قال : إنّ قول السيّد لا بأس به ؛ لصحّة الأخبار‌

__________________

(١) ليست في « م ».

(٢) بدل ما بين القوسين في « م » : لأنّ. ، وفي « رض » : المذكور ، إلاّ أنّ.

(٣) الفهرست : ١٣٦ / ٥٩٣.

(٤) رجال النجاشي : ٣٥٠ / ٩٤٤.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٦٨ / ٧٦٦.

(٦) حكاه عنهم في المختلف ٢ : ٤٨٦.

(٧) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٤٨٦.

(٨) حكاه عنه في السرائر ١ : ٢٨١ ، المختلف ٢ : ٤٨٦.

١٠٦

الدالّة عليه ، وضعف الحديثين الأوّلين مع احتمالهما للتفصيل(١) . وعنى بهما الخبرين الأوّلين من المبحوث عنها ، ومقتضى كلامه صحّة خبر سليمان بن خالد وخبر الحلبي ، وقد سمعت القول في سنديهما. وفي التهذيب روى خبر سليمان ، عن ابن سنان ، عن سليمان(٢) ، كما في الكافي ، وقد عرفت الحال(٣) .

ونقل شيخناقدس‌سره في المدارك خبراً عن الشيخ واصفاً له بالصحّة ، عن علي بن جعفر ، أنّه سأل أخاه موسىعليه‌السلام عن المرأة تؤمّ النساء ما حدّ رفع صوتها بالقراءة والتكبير؟ قال : « قدر ما يُسمع » ولم أقف الآن عليه ، لكنّه في الفقيه موجود(٤) ، وهو مؤيّد للخبرين الأوّلين وحكى عن المحقق في المعتبر أنّه أجاب عن خبري سليمان بن خالد والحلبي بأنّهما نادران فلا عمل عليهما ، واعترض عليه : بأنّ القائل بمضمونهما موجود(٥) . وهو كذلك ، إلاّ أنّ الظاهر من المحقق موافقة الأكثر.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الصدوق روى في الفقيه عن هشام بن سالم ، أنّه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة تؤمّ النساء؟ قال : « تؤمّهن في النافلة ، فأمّا في المكتوبة فلا ، ولا تتقدمهن ولكن تقوم وسطهن »(٦) وظاهر الصدوق العمل به ، فيشارك القائلين ، لكنّه روى حديث علي بن جعفر السابق ، فكأنّه يحمله على مدلول خبر هشام ، وفيه نوع بعد لا يخفى.

__________________

(١) المختلف ٢ : ٤٨٧.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٦٩ / ٧٦٨.

(٣) انظر ص ١٠٢.

(٤) الفقيه ١ : ٢٦٣ / ١٢٠١ ، وهو في التهذيب ٣ : ٢٦٧ / ٧٦١.

(٥) المدارك ٤ : ٣٥٣ ، وهو في المعتبر ٢ : ٤٢٧.

(٦) الفقيه ١ : ٢٥٩ / ١١٧٦ ، الوسائل ٨ : ٣٣٣ أبواب صلاة الجماعة ب ٢٠ ح ١.

١٠٧

ولا يبعد العمل بالخبرين بحمل النبي على الكراهة. وخبر هشام صحيح.

وأمّا الخبر الأخير الذي رواه الشيخ فقد رواه الصدوق عن زرارة(١) ، وطريقه في المشيخة إليه صحيح(٢) ، فيستغنى به عن الطريق هنا ، غير أنّه ينبغي أنْ يعلم أنّ الشيخ في التهذيب روى قبل الرواية المذكورة روايةً عن محمّد بن علي بن محبوب ، عن العباس ، عن ابن المغيرة(٣) ، فلا يبعد أنْ يكون وقع نوع سهو في السند الثاني ، لكن الجزم مشكل.

وعلى كل حال فتوجيه الشيخ للخبر لا يخلو من تأمّل ؛ لأنّ ظاهر قوله : وكذلك ، الإشارة إلى الحمل على الكراهة في الأخبار الدالّة على المنع في المكتوبة.

وقوله أخيراً : فالوجه في هذا الخبر أيضاً ضرب من الاستحباب ، يفيد أنّه يستحبّ لها أنْ لا تؤمّ أحداً من النساء في النافلة والمكتوبة إلاّ على الميت ، وحينئذٍ يفيد الخبر نوع مخالفة لما سبق منه.

ويمكن التوجيه بأنّ المراد بالإشارة بيان الحاجة إلى الجمع مع مخالفة الخبر المذكور لما سبق ، وحاصل الجمع أنْ يحمل الخبر المذكور على استحباب عدم فعل الجماعة مطلقاً إلاّ على الميت ، أو يقال : إنّ الظاهر من الخبر نفي الإمامة في المكتوبة بقرينة ذكر الميت ، ولعلّ هذا أوجه.

فإنْ قلت : يجوز أنْ يكون مراد الشيخ بالاستحباب استحباب صلاتها على الميت دون الوجوب ، والوجه في الاستحباب أمّا للولاية ، أو لكون صلاتها جماعةً على الميت كغيرها في الاستحباب.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٥٩ / ١١٧٧.

(٢) مشيخة الفقيه ( الفقيه ٤ ) : ٩ ، خلاصة العلاّمة : ٢٧٧.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٦٨ / ٧٦٤.

١٠٨

قلت : الظاهر من الشيخ إرادة الجمع بين الأخبار ، وعلى هذا الوجه يبعد الإرادة ، وإنْ أمكن التقريب لكنه متكلف.

فإنْ قلت : إذا لم يلتفت إلى جهة الجمع هل في الخبر دلالة على أنّ المرأة إذا كانت وليّة للميت يتعيّن صلاتها عليه أم لا؟

قلت : في الدلالة على التعيّن تأمّل ، والقائل به غير معلوم ، وسيأتي إن شاء الله القول في باب أحكام الأموات ، غير أنّه محتمل أنْ يراد بالأولى هنا معنى غير ولاية أحكام الميت المقررة عند الأصحاب ، فليتأمّل.

بقي شي‌ء لا بُدّ من التنبيه عليه ، وهو أنّ العلاّمة في التذكرة على ما نقل عنه قال : إنّ إمامة المرأة بالنساء جائزة ( عند علمائنا )(١) أجمع(٢) ، مع أنّه في المختلف نقل خلاف ذلك(٣) ، ولعلّ مراده الإجماع بعد من ذكره ، لكن عدم البيان موجب للغرابة ، ومثل هذا كثير الوقوع ، والله تعالى أعلم بالحقائق.

قوله :

باب القراءة خلف من يقتدى به.

محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ( عن محمّد بن الحسين. ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعاً عن صفوان بن يحيى ) (٤) عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « م ».

(٢) حكاه عنه في المدارك ٤ : ٣٥١ ، وهو في التذكرة ٤ : ٢٣٦.

(٣) المختلف ٢ : ٤٨٦.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

١٠٩

الصلاة خلف الإمام ، أقرأ خلفه؟ فقال : « أمّا التي لا يجهر فيها بالقراءة فإنّ ذلك جُعل إليه فلا تقرأ خلفه ؛ وأمّا الصلاة التي يجهر فيها فإنّما أُمر بالجهر لينصت من خلفه ، فإنْ سمعت فأنصت وإنْ لم تسمع فاقرأ ».

عنه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا صلّيت خلف إمام تأتمّ به فلا تقرأ خلفه سمعت قراءته أو لم تسمع ، إلاّ أنْ تكون صلاة يجهر فيها ولم تسمع فاقرأ ».

وعنه ، عن علي ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال : « إذا كنت خلف إمام تأتمّ به فأنصت وسبّح في نفسك ».

عنه ، عن علي ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن قتيبة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا كنت صلّيت خلف إمام ترضى(١) به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قراءته فاقرأ أنت لنفسك ، وإنْ كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ ».

أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن يونس بن يعقوب قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الصلاة خلف من أرتضي به ، ( أقرأ خلف )(٢) ؟ فقال : « من رضيت به فلا تقرأ خلفه ».

الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ؛ وعلي بن النعمان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٢٨ / ١٦٥٠ : ترتضي.

(٢) أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٢٨ / ١٦٥٣.

١١٠

سليمان بن خالد. قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أيقرأ الرجل في الأُولى والعصر خلف الإمام وهو لا يعلم أنّه يقرأ؟ فقال : « لا ينبغي له أنْ يقرأ ، يكله إلى الإمام ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إذا صلّيت خلف إمام تأتمّ به فلا تقرأ خلفه ، سمعت قراءته أو لم تسمع ».

فلا ينافي ما قدمناه : من أنّه متى لم تسمع القراءة فيما يجهر فيه بالقراءة فإنّه يقرأ ، لأنّه يجوز أنْ يكون الراوي روى بعض الحديث ، لأنّا قد قدّمنا في رواية علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي هذا الخبر بعينه ، وزاد : « إلاّ أنْ تكون صلاة يجهر فيها ولم تسمع فاقرأ » فإذا كان هذا(١) من تمام الخبر فقد وافق باقي الأخبار. ويجوز أيضاً أنْ يكون المراد بذلك إذا سمع القراءة لكنه يسمعها خفية لا يتميز له مثل الهمهمة ، فإنّ ذلك يجزئه أيضاً. والذي يدل على ذلك :

ما رواه الحسين بن سعيد(٢) ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن الرجل يؤمّ الناس فيسمعون صوته ولا يفهمون ما يقول؟ فقال : « إذا سمع صوته فهو يجزئه ، وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه ».

وقد روي أنه مخيّر فيما لا يسمع بين أنْ يقرأ وأنْ لا يقرأ ، والأحوط ما قدّمناه ، روى ذلك :

سعد بن عبد الله ، عن أبي جعفر ، عن الحسن بن علي بن‌

__________________

(١) أثبتناه من الاستبصار ١ : ٤٢٩ / ١٦٥٥.

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٢٩ / ١٦٥٦ زيادة : عن الحسن.

١١١

يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن أبيه علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسن (١) عليه‌السلام عن الرجل يصلّي خلف إمام يقتدى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلا يسمع القراءة ، قال : « لا بأس إنْ صمت وإنْ قرأ ».

السند :‌

في الأوّل : صحيح على تقدير سلامة عبد الرحمن بن الحجاج من الكلام ، وقد مضى مفصلاً(٢) . ومحمّد بن الحسين هو ابن أبي الخطاب. ومحمّد بن إسماعيل فيه معطوف على محمّد بن يحيى ، فيكون الفضل ومحمّد بن الحسين راويين عن صفوان ، والارتياب في محمّد بن إسماعيل هنا مدفوع بتقديره.

والثاني : حسن كالثالث ، بتقدير نفي الارتياب في حريز.

والرابع : فيه قتيبة ، ولم يتقدم بيانه وهو ثقة. وابن المغيرة مضى عن قريب وبعيد(٣) ، فهو حسن.

والخامس : موثق.

والسادس : معروف الرجال بما تكرر من المقال(٤) . وعلي بن النعمان فيه على الظاهر معطوف على النضر ، ويحتمل العطف على الحسين ابن سعيد ، فيكون بطريق الشيخ إليه ، ولمّا لم يكن في المشيخة رجع إلى‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٢٩ / ١٦٥٧ زيادة : الأوّل.

(٢) راجع ج ٢ ص ٣٣٦ ، ج ٣ ص ١٤.

(٣) راجع ص ٨٩ ، ٩٠.

(٤) في ص ٤٩ ، ١٢١ ، ١٣٨ ، ٢٧٤ ، ٣٦٧ ، ٥٦٩.

١١٢

الإرسال ، إذ الطريق في الفهرست خاص بكتابه. وإنّما قلت : على الظاهر. لاستبعاد الرواية عن علي بن النعمان بغير الطريق إلى الحسين.

فإن قلت : الراوي عن علي بن النعمان في النجاشي محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب(١) ، وفي الفهرست أحمد بن أبي عبد الله(٢) ، فكيف يروي عنه هنا الحسين بن سعيد؟

قلت : لا مانع من ذلك ، فإنّ علي بن النعمان روى عن الرضاعليه‌السلام في النجاشي(٣) ، والحسين بن سعيد من رجالهعليه‌السلام .

نعم قد يتخيل أنّ رواية محمّد بن الحسين عنه مستبعدة ؛ لأنّه مذكور في رجال الجواد والهادي والعسكريعليهم‌السلام ؛ واللازم من روايته عن علي ابن النعمان أنْ يكون من أصحاب الرضاعليه‌السلام ، أو أنْ يكون علي بن النعمان من أصحاب الجوادعليه‌السلام أيضاً. وهكذا القول في رواية أحمد بن أبي عبد الله عن علي بن النعمان ، فإنّ أحمد مذكور في رجال الجواد والهاديعليهما‌السلام .

ويمكن الجواب عن ذلك : بأنّ الذي ذكره النجاشي روايته عن الرضاعليه‌السلام ، لا أنّه إنما لقي الرضاعليه‌السلام فقط ، فيجوز لقاؤه للجوادعليه‌السلام ولم يرو عنه.

فإنْ قلت : الحسين بن سعيد مذكور في رجال الجواد أيضاً ، فلا مانع من روايته عن علي بن النعمان كأحمد بن أبي عبد الله ومحمّد بن الحسين.

قلت : الإشكال من حيث إنّ علي بن النعمان لم يذكر في رجال‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٧٤ / ٧١٩.

(٢) الفهرست : ٩٦ / ٤٠٥.

(٣) رجال النجاشي : ٢٧٤ / ٧١٩.

١١٣

الجوادعليه‌السلام ، وما ذكرت لا يدفعه.

إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ النجاشي قال في علي بن النعمان : روى عن الرضاعليه‌السلام ، وأخوه داود أعلى منه ، وابنه الحسن بن علي وابنه أحمد رويا الحديث : وكان علي ثقة وجهاً ، إلى آخره(١) .

وقد يظن أنّ قوله : وكان علي. يدل على أنّ ما ذكره في محمّد بن عبد الحميد من أنّه ابن سالم العطار أبو جعفر روى عبد الحميد عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، وكان ثقة ، إلى آخره(٢) . يرجع إلى توثيق محمّد لا إلى عبد الحميد كما ظنه جدّيقدس‌سره (٣) ووجه الدلالة يتضح بالملاحظة لطريقة النجاشي.

واحتمال أنْ يقال : إنّ التصريح في علي بن النعمان بالذكر يدل على أنّ الإطلاق لا يكون كذلك. يمكن دفعه : بأنّ التصريح ربما كان قرينة على ما قلناه ؛ وقد قدمنا القول في هذا(٤) ، وإنّما أعدناه لما لا يخفى.

وممّا يتعلق بالمقام فائدة لا بأس بالتنبيه عليها ، وهي أنّ ما ذكره النجاشي من : أنّ داود أعلى منه على ما يظهر أنّ المراد علوّ السنّ ، لأنّه قال في ترجمة داود : أخو علي بن النعمان ، وداود الأكبر روى عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام (٥) .

وهذا صريح بأنّ غرضه بالعلوّ في ترجمة علي بن النعمان ما ذكرناه ، حيث إنّ علي بن النعمان روى عن الرضاعليه‌السلام فيما قاله النجاشي ، فأراد‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٧٤ / ٧١٩.

(٢) رجال النجاشي : ٣٣٩ / ٩٠٦.

(٣) راجع ج ١ ص ٢٠٠.

(٤) راجع ص : ٣٦٧.

(٥) رجال النجاشي : ١٥٩ / ٤١٩.

١١٤

بيان رواية داود عن أبي الحسنعليه‌السلام لكبره.

والعلاّمة في الخلاصة وثّق داود(١) ؛ وفي الظن أنّ مرجعه تخيل أنّ علي بن النعمان إذا كان ثقة فالأعلى منه ثقة بطريق أولى ، والحال ما سمعت ، مضافاً إلى التنصيص من النجاشي على « علي » بإعادة اسمه بعد لفظ « كان » الدال على الاختصاص.

فإنْ قلت : النجاشي قد وثّق الحسن ( بن علي بن النعمان(٢) ، فعلم منه أن ليس المراد في ترجمة « علي » الاختصاص.

قلت : في توثيق الحسن منه تأمّل ؛ لأنّه قال : [ الحسن(٣) ] بن علي ابن النعمان )(٤) مولى بني هاشم أبو علي بن النعمان الأعلم ثقة(٥) . وهذا قد يدعى ظهوره في توثيق الأب ، ولا أقلّ من الاحتمال ، فلا يتم ما ذكرت ، كما أنّ توثيق النجاشي للحسن إنْ كان مأخذه هذا محل بحث ، فينبغي تأمّل جميع ما ذكرناه.

والسابع : واضح الحال لما كررناه(٦) من المقال(٧) .

[والثامن (٨) ] : موثّق ، والحسن فيه ابن سعيد.

[والتاسع (٩) ] : واضح.

__________________

(١) الخلاصة : ٦٩ / ٦.

(٢) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨١.

(٣) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٥) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨١.

(٦) راجع ج ١ ص ١٩٦ ، ٢٥٧ ، ج ٣ ص ٦٤.

(٧) في النسخ زيادة : كالثامن.

(٨) في النسخ : والتاسع ، والصواب ما أثبتناه.

(٩) في النسخ : والعاشر ، والصواب ما أثبتناه.

١١٥

ووجود رواية أبي جعفر وهو أحمد بن محمّد بن عيسى على ما مضى(١) عن الحسن بن علي بن يقطين يدل على أنّ ما في كثير من الأخبار السابقة والآتية من رواية أحمد بن محمّد عن الحسن بن علي محتمل لإرادة ابن يقطين وابن فضال(٢) ، وقد سبق في الخامس ابن فضال فهو محتمل أيضاً مع الإطلاق ، وقد قدّمنا في مواضع احتمال الحسن بن علي الوشّاء(٣) ، والأمر سهل غير أنّ المقصود بيان حقيقة الأمر.

المتن :

لا بُدّ قبل الكلام فيه من مقدمة ، وهي : أنّ هذه المسألة اختلفت فيها آراء الأصحاب اختلافاً لم يشاركها غيرها من مسائل أبواب الكتاب ، فلا جرم كان البحث فيها حريّا بالإطناب ، إلاّ أنّ اتباع المقصود يقتضي الاقتصار على ما يظن أنّه أقرب إلى الصواب.

والمنقول من الأقوال في المسألة القول بسقوط القراءة وجوباً في أوّلتي الجهرية إذا سمع ولو همهمة(٤) . بل قيل : إنّ هذا إجماعي(٥) . وفي المنتهى : يسقط وجوب القراءة عن المأموم ، وهو مذهب علماء أهل البيتعليهم‌السلام (٦) . لكن هل السقوط على وجه الوجوب بحيث تحرم القراءة؟ قولان ، أحدهما : التحريم ، ذهب إليه جماعة(٧) . والثاني : الكراهة ، ذهب‌

__________________

(١) راجع ج ٣ ص ١٠٨ ، ١٦٧.

(٢) كذا في النسخ ، والظاهر زيادة : وابن فضّال.

(٣) في « م » زيادة : ربما يظن انتفاؤه لندوره.

(٤) قاله العلاّمة في المختلف ٢ : ٥٠٤.

(٥) الخلاف ١ : ٣٣٩ ، المعتبر ٢ : ٤٢٠ ، المنتهى ١ : ٣٧٨ ، التذكرة ١ : ١٨٤.

(٦) المنتهى ١ : ٣٧٨.

(٧) المقنع : ٣٦ ، المبسوط ١ : ١٥٨ ، النهاية : ١١٣ ، الوسيلة : ١٠٦ ، المختلف ٢ : ٥٠٤ ، مجمع الفائدة والبرهان ٣ : ٢٩٧ ، المدارك ٤ : ٣٢٣ ، الذخيرة : ٣٩٦.

١١٦

إليه جماعة أيضاً(١) .

وحكى في المختلف عن الشيخ في النهاية أنّه قال : إذا تقدم من هو بشرائط الإمامة فلا تقرأنّ خلفه جهرية كانت أو إخفاتية ، بل تسبّح مع نفسك وتحمد الله ، فإنْ كانت جهرية فأنصت للقراءة ، فإنْ خفي عليك قراءة الإمام قرأت لنفسك ، وإنْ سمعت مثل الهمهمة من قراءة الإمام جاز لك إلاّ تقرأ ، وأنت مخيّر في القراءة ؛ ويستحب أنْ يقرأ الحمد وحدها فيما لا يجهر الإمام فيها بالقراءة(٢) .

وقال المرتضى : لا يقرأ المأموم خلف الموثوق به في الأوّلتين في جميع الصلوات من ذوات الجهر والإخفات ، إلاّ أنْ تكون صلاة جهر لم يسمع فيها المأموم قراءة الإمام فيقرأ كل واحد لنفسه ؛ وهذه أشهر الروايات. وروى أنّه لا يقرأ فيما جهر فيه الإمام وتلزمه القراءة فيما تخافت فيه الإمام. وروى أنّه بالخيار فيما خافت فيه. والآخرتان فالأفضل أنْ يقرأ المأموم أو يسبّح فيهما ؛ وروى ليس عليه ذلك(٣) .

وقال سلاّر في قسم المندوب : وأنْ لا يقرأ المأموم خلف الإمام ، وروى أنّ ترك القراءة في صلاة الجهر خلف الإمام واجب ؛ والأثبت الأوّل(٤) .

وجعل ابن حمزة الإنصات إلى قراءة الإمام إذا سمعها واجباً(٥) .

وقال ابن إدريس : اختلفت الرواية في القراءة خلف الإمام الموثوق‌

__________________

(١) المراسم : ٨٧ ، الشرائع ١ : ١٢٣ ، المعتبر ٢ : ٤٢٠ ، الدروس ١ : ٢٢٢.

(٢) النهاية : ١١٣.

(٣) جمل العلم والعمل : ٧٠.

(٤) المراسم : ٨٧.

(٥) الوسيلة : ١٠٦.

١١٧

به ، فروي أنّه لا قراءة على المأموم في جميع الركعات والصلوات ، سواء كانت جهرية أو إخفاتية وهي أظهر الروايات. إلى آخر ما ذكره(١) .

وقال أبو الصلاح : ولا يقرأ خلفه في الأوّلتين من كل صلاة ولا في الغداة ، إلاّ أنْ يكون بحيث لا يسمع قراءته ولا صوته فيما يجهر فيه فيقرأ ؛ وهو في الأخيرتين من الرباعيات وثالثة المغرب بالخيار بين القراءة والتسبيح ، والقراءة أفضل(٢) . انتهى ما نقله العلاّمة(٣) ؛ وقد تركنا قول الصدوق المنقول ؛ لعدم صحة العبارة فيما وقفت عليه ، لكن في الفقيه روى ما سنذكره إنْ شاء الله تعالى(٤) .

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبر الأوّل : ظاهره النهي عن القراءة خلف الإمام في غير الجهرية ، وأمّا الجهرية فمع السماع الأمر بالإنصات ومع عدمه الأمر بالقراءة ، وعلى تقدير حمل الأمر على الوجوب والنهي على التحريم يفيد تحريم القراءة في الإخفاتية ، ووجوب الإنصات مع السماع في الجهرية ، ووجوب القراءة مع عدم السماع.

والثاني : يدل على تحريم القراءة في الإخفاتية ووجوبها في الجهرية إذا لم يسمع.

والثالث : يدل على وجوب الإنصات والتسبيح في النفس ؛ وربما دل الأمر بالإنصات على الجهرية فيخص بها ، أو يعمّ فيحمل الإنصات على وجهٍ لا يخفى.

__________________

(١) السرائر ١ : ٢٨٤.

(٢) الكافي في الفقه : ١٤٤.

(٣) المختلف ٢ : ٥٠١.

(٤) في ص ١١٩.

١١٨

والرابع : يدل على القراءة وجوباً في الجهرية مع عدم السماع أصلاً ، وعلى تحريم القراءة مع سماع الهمهمة. والظاهر أنّ سماع الهمهمة في الجهرية لسياق الخبر ، واحتمال العموم لتحقق الهمهمة في الإخفاتية بعيد بل لا وجه له.

والخامس : ظاهر الدلالة على تحريم القراءة مطلقاً.

والسادس : ربما يدل بظاهره على كراهة القراءة في الإخفاتية مع عدم العلم بالقراءة ، إلاّ أنّ استعمال « لا ينبغي » في التحريم موجود. ويمكن القول بالاشتراك فلا يدل ، غير أنّ المعارض في المقام ستسمعه فلا حاجة إلى تكلف القول.

والسابع : كما ترى لا يخرج عن الإطلاق ، وغيره مقيِّد ، وكان الأولى من الشيخ الالتفات إلى هذا.

وما قاله من رواية بعض الحديث محل تأمّل ؛ لأنّ كون الراوي متحداً لا يدل على اتحاد الحديث ؛ ويجوز أن يكون روى الإطلاق والتقييد.

وما قاله الشيخ ثانياً ، فيه : أنّ الخبر إن بقي من دون اعتبار الزيادة فلا بُدّ من تقييده بالجهرية ، وإذا رجع إلى التقييد لم يحتج إلى تكلف الوجهين. ولو أراد الشيخ إبقاءه على الإطلاق لتناول الإخفاتية يشكل بعدم موافقة ما سبق من بعض الأخبار ، والخبر المستدل به له نوع إطلاق ، إلاّ أنْ يقال : إنّ الصوت لا يطلق على الإخفات. وفيه تأمّل.

والخبر الأخير يدلّ على التخيير في الجهرية ، فلا يتم إرادة الإطلاق.

وإذا تمهّد ما ذكرناه في مدلول الأخبار فاعلم : أنّ الخبر الأوّل يدلّ على أنّ الأمر بالجهر لإنصات من خلفه ، والأمر إنْ أراد بهعليه‌السلام أمر الشارع أفاد حصول الأمر بالجهر فيفيد الوجوب ، وحينئذٍ ربما يدل على تعيين‌

١١٩

الجهر في الجهرية ، ويحمل ما دلّ على التخيير على التقية كما مضى ، ويمكن أنْ يقال : إنّ التخيير لا ينافي الأمر بالجهر ؛ لأنّ الواجب المخيّر مأمور بكل من فرديه ؛ إلاّ أنْ يقال : إنّ الأمر حقيقة في العيني مع الإطلاق ، والفرض الإطلاق هنا. وفيه : أنّ ما دلّ على التخيير يقيّده.

وإنْ أرادعليه‌السلام بالأمر قوله تعالى( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ) (١) كما يدل عليه ما رواه في التهذيب بطريق فيه جهالة ، والمقصود منه أنّه قال : « فإذا جهر فأنصت ، قال الله تعالى( وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) » الحديث(٢) . أمكن أنْ يقال : إنّ الآية على تقدير ظاهرها لو كانت للوجوب لزم القول بالإطلاق ، وهو غير معلوم ؛ ولو حملت على الخصوص في الإمام والصلاة الجهرية لظاهر الخبر لزم وجوب الإنصات فيها.

ويمكن أنْ يقال : إنّ خبر التهذيب وإنْ ضعف إلاّ أنّ الخبر المبحوث عنه يؤيّده.

وفيه : أنّ هذا الخبر غير صريح في أنّ الأمر في الآية ، نعم روى الصدوق عن زرارة وطريقه صحيح عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « وإنْ كنت خلف إمام فلا تقرأنّ شيئاً في الأوّلتين وأنصت لقراءته ، ولا تقرأنّ شيئاً في الأخيرتين ، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول للمؤمنين( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ ) يعني في الفريضة خلف الإمام( فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) (٣) .

وهذا الكلام يحتمل أنْ يكون من رواية زرارة ، والتفسير منه لعلمه‌

__________________

(١) الأعراف : ٢٠٤.

(٢) التهذيب ٣ : ٣٣ / ١٢٠.

(٣) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٦٠ ، الوسائل ٨ : ٣٥٥ أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ٣.

١٢٠