إستقصاء الإعتبار الجزء ٧

إستقصاء الإعتبار12%

إستقصاء الإعتبار مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تصنيف: مكتبة القرآن الكريم
ISBN: 964-319-179-6
الصفحات: 463

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 463 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 61255 / تحميل: 6315
الحجم الحجم الحجم
إستقصاء الإعتبار

إستقصاء الإعتبار الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٧٩-٦
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

زيد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام قال : « يجعل الرجل ما أدرك مع الإمام أوّل صلاته » ( قال جعفر : ) (١) « وليس نقول كما يقول الحمقى ».

السند :‌

في الجميع واضح بما كرّرناه من القول في رجاله ، فالأوّل : صحيح. والثاني : كذلك بتقدير دفع الارتياب في عبد الرحمن ، ومحمّد بن الحسين هو ابن أبي الخطّاب. والثالث : ضعيف.

المتن :

في الأوّل : واضح الدلالة على القراءة بالحمد وسورة في كلّ ركعةٍ ممّا أدرك خلف الإمام في غير الأوّلتين إنْ أمكن قراءة السورتين ، وإلاّ اجتزأ بالحمد ، لكن حكم من لم يتمكن من الحمد تامّةً مسكوت عنه في الرواية ، أو أنّه لا يجزئه إلاّ الفاتحة ، فإذا لم يتمكن من إتمامها لا يسقط الفرض عنه ، لدلالة إجزاء الفاتحة من جوهر الكلام ، إلاّ أنّ في الدلالة نوع تأمّل.

ثمّ إنّ دلالته على رجحان التسبيح ظاهرة مع دعوى الاتفاق على التخيير كما سبق عن المختلف(٢) ، واحتمال اختصاص هذه المسألة بالحكم المذكور ، فيه : أنّ الظاهر من قولهعليه‌السلام : « لأنّ الصلاة إنّما يقرأ فيها » إلى آخره. العموم ، نعم حكم القراءة خلف الإمام في الصورة المذكورة ينقل فيه الخلاف عن المنتهى ، حيث قال العلاّمة : الأقرب عندي أنّ القراءة‌

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في النسخ ، أثبتناه من التهذيب ٣ : ٤٦ / ١٦١ ، والاستبصار ١ : ٤٣٧ / ١٦٨٥ ، والوسائل ٨ : ٣٨٩ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٧ ح ٦.

(٢) في ج ٥ ص ١٨٠.

٢٠١

مستحبة ، ونقل عن بعض علمائنا الوجوب ، لئلاّ تخلو الصلاة عن قراءة ، إذ هو مخيّر في التسبيح في الأخيرتين ، ثم قال : وليس بشي‌ء ، فإنْ احتجّ بحديث زرارة وعبد الرحمن حملنا الأمر فيهما على الندب ، لما ثبت من عدم وجوب القراءة على المأموم(١) ، انتهى.

واعترضه شيخناقدس‌سره بأنّ ما تضمّن سقوط القراءة بإطلاقه لا ينافي هذين الخبرين المفصّلين ، وإنْ كان ما ذكره من الحمل لا يخلو من قرب ؛ لأنّ النهي عن القراءة في الأخيرتين للكراهة قطعاً ، وكذا الأمر بالتجافي في الثانية محمول على الاستحباب ، ومع اشتمال الرواية على استعمال الأمر في الندب والنهي في الكراهة يضعف الاستدلال بما وقع من الأوامر والنواهي على الحقيقة ، مع أنّ مقتضى الرواية القراءة في النفس ، وهو لا يدلّ صريحاً على وجوب التلفّظ(٢) ، انتهى كلامهقدس‌سره ملخّصاً.

ولقائل أنْ يقول : إنّ ما دلّ على سقوط القراءة عن المأموم وعدمه في غاية الاختلاف ، ومعه كيف يقيَّد الإطلاق بهذين الخبرين؟ ثم ما قالهقدس‌سره من أنّ النهي عن القراءة في الأخيرتين للكراهة قطعاً يشكل بأنّه يرجّح القراءة للإمام ، وإذا حملت الرواية على الكراهة بالنسبة إلى السؤال عن المصلّي خلف الإمام إذا لحق الأخيرتين يلزم أنْ يكون قولهعليه‌السلام في الرواية : « لأنّ الصلاة إنّما يقرأ فيها في الأوّلتين » عائداً إلى الصلاة المسئول عنها ، والحال أنّ الحصر لا يتمّ ، لتحقّق القراءة بما ذكر في غيرها ، ولو حمل الحصر على الإضافي بالنسبة إلى الأخيرتين المذكورتين في السؤال لزم اختصاص التسبيح المذكور فيها بالمسؤول عنه ، وحينئذٍ يلزم احتمال‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٣٨٤.

(٢) المدارك ٤ : ٣٨٣. بتفاوتٍ يسير.

٢٠٢

كراهة القراءة بهذه الصورة ، والحال أنّه قائل بالكراهة للمنفرد مطلقاً ، وحينئذٍ لا بُدّ من حمل الخبر على الإطلاق فيفيد ترجيح التسبيح كذلك ، وقد قدّمنا القول مفصّلاً(١) .

وذكر بعض محققي المتأخّرينرحمه‌الله أنّ في الخبر الأوّل دلالة على وجوب السورة من جهات ، أحدها : من قوله : « قرأ في كلّ ركعة » وثانيها : من قوله : « إنّ الصلاة إنّما يقرأ فيها » إلى آخره. وثالثها : من قوله في آخرها : « فإذا سلّم قام فقرأ » إلى آخره(٢) .

ولا يخفى أنّه يتوجه عليه ما ذكره شيخنا من أنّ النهي للكراهة ، فإنّه يقتضي عدم تمامية الاستدلال.

فإنْ قلت : كون النهي للكراهة يقتضي عدم الوثوق بأنّ غيره من النهي للتحريم ، لا أنّ الأمر للاستحباب ، والحال أنّ أوامر الرواية لا مقتضي لحملها على الاستحباب ، فتبقى على حقيقتها ويتمّ المطلوب.

قلت : بل الأمر فيها كذلك ، من حيث إنّ من جملة الأوامر القراءة خلف الإمام في نفسه في الجهرية ، إذ(٣) من جملة ما ذكر العشاء ، ووجوب القراءة في الجهرية خلف الإمام على الإطلاق غير معلوم القائل ، والمستدل بما ذكر ينفيه ، والإخفاتية أمرها أظهر ، بل صرّح المستدل بالتحريم ، إلاّ أنْ يقال بتخصيص هذه المسألة ، وبتقديره فالتسليم لا يقول المستدل بوجوبه ، وقد تضمّنت الرواية اقتران التسليم بقراءة السورة.

وما عساه يقال : إنّ الفاتحة مقترنة أيضاً ، ولا ريب في وجوبها.

يمكن الجواب عنه : بأنّ ما خرج بالإجماع لا يضرّ بالحال ،

__________________

(١) في ج ٥ ص ١٨٥ ١٨٦.

(٢) مجمع الفائدة ٣ : ٣٢٥.

(٣) في « رض » و « م » : أو.

٢٠٣

والحاصل أنّ الاعتماد على ظاهر الأمر مشكل بعد ما سمعته ، نعم في قولهعليه‌السلام : « أجزأته أُمّ الكتاب » نوع دلالة على ( وجوب السورة )(١) فلو ذكره المستدل كان أولى ، ويمكن الجواب بأنّ استعمال الإجزاء في ترك الأكمل موجود بكثرة.

فإنْ قلت : ظاهر قولهعليه‌السلام : « وفي الأخيرتين لا يقرأ فيهما » بعد قوله : « إنّما يقرأ فيها في الأوّلتين » إلى آخره. أنّ المنفي قراءة الحمد وسورة ، وهذا لا ينافي قراءة الحمد وحدها في الأخيرتين ، فلا يدلّ الخبر على كراهة القراءة في الأخيرتين.

قلت : وجه الدلالة من حيث قوله : « إنّما هو تسبيح » إلى آخره. نعم ربما يقال : إنّ قول شيخناقدس‌سره بدلالة النهي على الكراهة يشكل باحتمال النهي عن قراءة الحمد وسورة فيكون للتحريم ، والحصر في التسبيح إنّما ذكر لبيان اختصاص الأخيرتين بما ذكر دون الأوّلتين ، فهو إضافي بالنسبة إلى الأوّلتين ، وقولهعليه‌السلام : « وليس فيهما قراءة » محتمل لقراءة الحمد وسورة ، وعلى هذا فلا دلالة في النهي على الكراهة ليساعد على عدم الوثوق في الاستدلال بالخبر لردّ احتجاج القائل به ، وهذا لا يضرّ بما قدّمناه من جهة ( عدم صلاحيته للاستدلال على )(٢) وجوب السورة ، لأنّ مناط توجيهنا من جهة الأمر فيه الحاصل من الجملة الخبرية.

وقد يقال في توجيه النهي بسبب إرادة الكراهة : إنّ توجيهنا خلاف الظاهر.

فإنْ قلت : يحتمل حمل النهي على الحقيقة بإرادة عدم القراءة على‌

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « رض » : الوجوب.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢٠٤

وجه التعيّن ، وذكر التسبيح لبيان أنّه ينبغي كونه ملحوظاً على أنّه أحد الفردين للواجب ، وحينئذٍ لا يتمّ القول بأنّ النهي للكراهة.

قلت : ولما ذكرت وجه أيضاً ، إلاّ أنّه خلاف الظاهر ، هذا.

ولا يخفى صراحة الخبر في ضميمة الدعاء إلى التسبيح فيندفع به تخيل عدم مشروعيته ، بل احتمال وجوبه على تقدير التسبيح له وجه ، وقد مضى القول في ذلك(١) .

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الصدوق في الفقيه روى الرواية الأُولى(٢) ، وظاهره العمل بها ، فما نقله العلاّمة(٣) لعلّ مراده به الصدوق ، ويحتمل الشيخ ، لاعتماد العلاّمة على قول الشيخ في الاستبصار.

ثم إنّ ما تضمّنه الخبر الثاني من التجافي ( قد سمعت قول شيخناقدس‌سره أنّه مستحب(٤) ، ولعلّ الوجه فيه عدم القول بالوجوب ؛ ثم إنّ التجافي )(٥) لا ينافي ما دلّ على التشهد للمسبوق في غير محلّه ، وربما يستفاد من قوله : « فليلبث قليلاً بقدر ما يتشهد » أنّ زيادة المستحبات في تشهده غير مشروعة ، بل ربما تنافي المتابعة ، إلاّ أنْ يقال : إنّ التشهّد يشمل مستحباته ، أو يقال : إنّ الأمر غير معلوم الوجوب ، لما مضى.

وما تضمّنه من قوله : « ولا تجعل أوّل صلاتك آخرها » محتمل لأُمور ، أظهرها ما يأتي(٦) من الشيخ.

__________________

(١) في ج ٥ ص ١٨٦ ١٨٨.

(٢) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٦٢.

(٣) في ص ٢٠١.

(٤) تقدّم في ص ٢٠١.

(٥) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٦) في ص ٢٠٦ ، ٢٠٧.

٢٠٥

والثالث من الأخبار مثل الثاني في جعل ما أدرك أوّل صلاته ، أمّا دلالته على القراءة فلا ، وكأنّ الشيخ نظر إلى أنّه يقيَّد بغيره.

اللغة‌ :

قال في القاموس : جَفَا جفاءً وتجافى لم يلزم مكانه(١) . وقال : حَمُقَ ككَرُمَ وغَنِمَ حُمقاً بالضمّ وبضمتين وكسَكْرَى وسَكارى ، إلى أنْ قال : قليل العقل(٢) .

قوله :

فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن مروك ابن عبيد ، عن أحمد بن النضر ، عن رجلٍ ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : قال لي : « أيّ شي‌ء يقول هؤلاء في الرجل إذا فاتته مع الإمام ركعتان؟ » قال : يقولون يقرأ في الركعتين بالحمد وسورة ، فقال : « هذا يقلب صلاته فيجعل أوّلها آخرها » قلت : كيف يصنع؟ قال : « يقرأ بفاتحة الكتاب في كلّ ركعة ».

فليس ينافي هذا الخبر ما قدّمناه من الأخبار ؛ لأنّ قوله : يقرأ الحمد وحدها في الركعتين يعني في الركعتين الفائتتين لا في اللتين أدركهما ، لأنّ اللتين أدركهما ( يقرأ فيهما بالحمد وسورة ، ولأجل ذلك ردّ على من قال : يقرأ بالحمد وسورة ، بأن « هذا )(٣) يقلب صلاته » ‌

__________________

(١) القاموس المحيط ٤ : ٣١٤.

(٢) القاموس المحيط ٣ : ٢٣١.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢٠٦

لأنّ في العامّة من يقول : إنّه يقرأ الحمد وسورة فيما فاته ، لأنّ اللتين فاتتاه هما الأوّلتان فيحتاج أنْ يقضيهما ، ولذلك قال في رواية طلحة ابن زيد : « وليس نقول كما يقول الحمقى ».

فأمّا رواه الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن معاوية ابن وهب قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يدرك آخر صلاة الإمام وهي أوّل صلاة الرجل فلا يمهله حتى يقرأ فيقضي القراءة في آخر صلاته؟ قال « نعم ».

قوله : يقضي القراءة في آخر صلاته ؛ تجوّز ، وإنّما أراد به ما يختصّ آخر الصلاة من قراءة الحمد دون أنْ يكون أراد به قضاء قراءة ما يختص الركعة الأُولى والثانية.

السند :‌

في الأوّل : فيه مروك بن عبيد ، ولم نرَ توثيقه إلاّ من الكشّي نقلاً عن محمّد بن مسعود ، عن علي بن الحسن(١) ، وقد قدّمنا أنّ في ابن مسعود نوع كلام(٢) ، ( لكن لم أسمع )(٣) من مشايخنا التوقف فيه. وعلي بن الحسن هو ابن فضّال ، وظاهر الخبر رواية محمّد بن مسعود ، عن علي بن الحسن ، وفي النجاشي : إنّه سمع أصحاب علي بن الحسن(٤) ، والظاهر منه أنّه لم يرو عنه بغير واسطة ، فيكون مرسلاً ( وقد تقدّم(٥) في أوّل الكتاب‌

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٨٣٥ / ١٠٦٣.

(٢) في ص ١٠٥.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض ».

(٤) رجال النجاشي : ٣٥٠ / ٩٤٤.

(٥) في ج ٥ ص ١٠٧.

٢٠٧

رواية محمّد بن مسعود ، عن علي بن الحسن بغير واسطة ، والقول واحد )(١) ، ثم في السند المبحوث عنه الإرسال أيضاً.

والثاني : صحيح على ما مضى مفصّلاً(٢) .

المتن :

في الأوّل : وإنْ كان ظاهره قراءة الحمد في كلّ ركعة المتناول لما أدركه مع الإمام وما أتى به بعد إلاّ أنّه يمكن حمله على كلّ ركعة من الباقي في المسألة المذكورة في الخبر ، والظاهر أنّ هذا غرض الشيخ ، إلاّ أنّ قوله(٣) : قوله. يقرأ الحمد وحدها في الركعتين ، لا يخلو من خلل ، وقول الشيخ : إنّ الذي أدركهما يقرأ فيهما بالحمد وسورة ، بناءً على الأخبار السابقة ، وقد يحتمل حمل الخبر على ظاهره من قراءة الحمد في كلّ ركعة من الأربع بناءً على استحباب السورة ، أو لأنّ(٤) المقصود بيان ما فيه الاشتراك بين الأربع ، ويبقى حكم السورة من جهةٍ أُخرى ، ولا يخفى ما في هذا من مخالفة الظاهر.

ثمّ إنّ قلب الصلاة قد قدّمنا احتماله لأُمور ، لكن الظاهر من نقل الشيخ عن بعض العامّة إرادة ما قالوه.

والثاني : ما ذكره الشيخ فيه لا يخلو من بعد ، واحتمال التقية كأنّه أقرب ، والله تعالى أعلم.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) راجع ج ١ ص ٦٩ ، ج ٦ ص ١٩١ ، ٤٠٧.

(٣) ليست في « رض » و « م ».

(٤) في « رض » : ولأنّ.

٢٠٨

اللغة :

قال في القاموس : استمهله استنظره ، وأمهله أنظره(١) .

قوله :

باب من رفع رأسه من الركوع قبل الإمام.

سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سهل الأشعري ، عن أبيه ، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال : سألته عمّن ركع مع إمامٍ يقتدى به ثم رفع رأسه قبل الإمام؟ قال : « يعيد ركوعه معه ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن غياث بن إبراهيم قال : سُئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الإمام ، أيعود فيركع(٢) إذا أبطأ الإمام ويرفع رأسه معه(٣) ؟ قال : « لا ».

فالوجه في هذا الخبر أحد شيئين ، أحدهما : أنْ يكون مصلّياً خلف من لا يقتدى به ، فإنّه لا يجوز أنْ يعود ( في الركوع(٤) ، لأنّه يصير زيادة في الصلاة. والثاني : أنْ يكون فعل ذلك عامداً ، فإنّه لا يجوز أنْ يعود ) (٥) أيضاً إلى الركوع ، وإنّما ينبغي أنْ يعود إذا رفع‌

__________________

(١) القاموس المحيط ٤ : ٥٤.

(٢) في « رض » : فيرجع.

(٣) ليست في النسخ ، أثبتناها من التهذيب ٣ : ٤٧ / ١٦٤ ، والاستبصار ١ : ٤٣٨ / ١٦٨٩.

(٤) في « رض » : أن يعود أيضاً إلى الركوع.

(٥) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢٠٩

رأسه ساهياً ، ليكون رفع رأسه مع رفع رأس الإمام.

السند :‌

في الأوّل : فيه محمّد بن سهل ، وهو مهمل في الرجال(١) ، إمّا أبوه فهو ثقة.

والثاني : فيه غياث بن إبراهيم ، وقد مضى أنّه بتري عن الشيخ(٢) ، لكنه ثقة في النجاشي من دون ذكر أنه بتري(٣) ، وتكرّر القول منّا في أمثال هذا من أنّ النجاشي له ترجيح(٤) ، لا ما ذكره جماعة من إمكان الجمع بين الثقة وكونه بترياً.

ومحمّد بن عيسى الأشعري المعبّر عنه بأبيه قدّمنا أنّا لم نعلم توثيقه(٥) ، بل ورد فيه ما يقتضي المدح على تقدير ما ذكروه من ألفاظ المدح.

وما عساه يقال : إنّ عبد الله بن المغيرة قد نقل الإجماع على تصحيح ما يصحّ عنه في الكشّي(٦) . قد قدّمنا ما يقتضي الجواب عنه(٧) بتقدير توثيق محمّد بن عيسى.

فإنْ قلت : على تقدير ما فهمه البعض من الإجماع على تصحيح‌

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٦٧ / ٩٩٦.

(٢) في ص : ٩٢٥.

(٣) رجال النجاشي : ٣٠٥ / ٨٣٣.

(٤) راجع ج ١ ص ١٠٨ ، ح ٤ ص ٨٩.

(٥) راجع ج ١ ص ٣٣١ ، ٣٤٥ ، ج ٢ ص ٢٣١ ، ج ٣ ص ١٦.

(٦) رجال الكشي ٢ : ٨٣٠ / ١٠٥٠.

(٧) راجع ج ١ ص ٥٩.

٢١٠

ما يصحّ عن الرجل ، هل يكون الحديث موثّقاً بتقدير مدح محمّد بن عيسى؟

قلت : قد مضى عن بعض محقّقي المعاصرين سلّمه الله أنّ الخبر يوصف بالموثق(١) مع أنّه أخذ في تعريف الموثّق ما يقتضي خروجه ، لكنه علّل ما ذكره بأنّ الحديث يوصف بأحسن الوصفين. وفيه تأمّل ، إلاّ أنّ الأمر سهل إذا كان كلّ من عمل بالموثّق عمل بالحسن.

وما قدّمناه عن العلاّمة في المختلف من وصف بعض روايات من أجمع على تصحيح ما يصحّ عنهم بالصحّة مع كونه على خلاف المذهب ؛ أجبنا(٢) عنه فيما مضى من أنّه خلط للاصطلاح المتأخر بالمتقدم(٣) ، لكن اللازم منه أنْ يوصف هذا بالحسن على تقدير ما فهمه البعض من معنى الإجماع ، والإشكال فيه ظاهر بالنسبة إلى تعريف الحسن ، وبالجملة فالارتياب حاصل في وصف الخبر ، فليتأمّل.

أمّا ما نقله شيخنا في باب بول الخشّاف في غياث عن الكشّي ، ونقله عن حمدويه ، عن بعض أشياخه ، وأنّ البعض غير معلوم ، وأنّ الظاهر أخذ الشيخ وصف كونه بترياً من الكشّي(٤) ، ففيه : أنّه في نهاية البعد عن الشيخ ، على أنّا لم نقف في الكشّي الآن على ما ذكرهقدس‌سره وهو أعلم ، وفي الكافي روى الخبر عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن غياث بن إبراهيم ، إلى آخره(٥) .

__________________

(١) راجع ص ١٢٦ ، ١٢٧.

(٢) في « م » : أُجيب.

(٣) راجع ص ١٧٨ ، ١٧٩.

(٤) المدارك ٦ : ١٠٦ بتفاوت.

(٥) الكافي ٣ : ٣٨٤ الصلاة ب ٦١ ح ١٤.

٢١١

المتن :

لا بُدّ قبل الكلام فيه من نقل ما وقفت عليه من الأخبار غير ما ذكره الشيخ هنا ، وكذلك نقل الأقوال المنقولة في المقام ، فاعلم أنّ الشيخ روى في التهذيب ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين بن علي بن يقطين في نسخة ، وفي اخرى بعد الحسين : عن علي بن يقطين ، ولعلّها الصواب لكثرة الوقوع قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الرجل يركع مع الإمام يقتدي به ثم يرفع رأسه قبل الإمام؟ قال : « يعيد ركوعه معه »(١) .

عنه ، عن البرقي ، عن ابن فضّال قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام في رجلٍ كان خلف إمام يأتمّ به فركع قبل أنْ يركع الإمام وهو يظنّ أنّ الإمام قد ركع ، فلمّا ركع رآه لم يركع ، رفع رأسه ثم أعاد الركوع مع الإمام ، أيفسد ذلك عليه صلاته ، أم تجوز تلك الركعة؟ فكتب : « يتمّ صلاته ولا يفسد بما صنع صلاته ».

وهذه الرواية رواها الشيخ مع الاولى في زيادات الصلاة(٢) ، وروى الخبر الثاني من المبحوث عنهما في غير الزيادات ، لكن من غير لفظ « أبيه » بعد أحمد بن محمّد بن عيسى(٣) .

وروى أيضاً عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد ابن سنان ، عن حمّاد بن عثمان وخلف بن حمّاد ، عن ربعي بن عبد الله ،

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٧٧ / ٨١٠ ، الوسائل ٨ : ٣٩١ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٨ ح ٣.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٧٧ / ٨١١ ، الوسائل ٨ : ٣٩١ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٨ ح ٤.

(٣) التهذيب ٣ : ٤٧ / ١٦٤.

٢١٢

عن ابن أبي الجارود(١) والفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قالا : سألناه عن رجلٍ صلّى مع إمام يأتمّ به فرفع رأسه من السجود قبل أنْ يرفع الإمام رأسه من السجود؟ قال : « فليسجد »(٢) .

والسند كما ترى في النسخة التي وقفت عليها ، وهي معتبرة ، وغير خفي أنّ الصواب ابن الجارود بدل ( عن ) ولفظ « أبي » سهو ، كما يعرف من الرجال(٣) .

ثم إنّ الحديث غير واضح الصحّة ؛ لاحتمال عطف خلف بن حمّاد على حمّاد بن عثمان فيكون في السند محمّد بن سنان ، وحاله تكرّر القول فيها(٤) ، واحتمال العطف على محمّد بن سنان يتوقف على المرجّح ، ولا أعلمه ؛ لأنّ في الرجال يروي عن خلف بن حمّاد أحمد بن محمّد بن عيسى وأحمد بن أبي عبد الله ، عن محمّد بن خالد البرقي ، عنه(٥) .

وهذا كما ترى يحتمل أنْ يكون الراوي عن خلف أحمد بن محمّد ابن عيسى ، وأحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عنه ، ويحتمل اشتراك أحمد ابن محمّد بن عيسى وأحمد بن أبي عبد الله في أبيه ، لكن الفائدة منتفية مع عدم الجزم برواية أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن خلف ؛ ولو فرض جميع ما احتملناه لا مانع من رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عن خلف بواسطة ابن سنان ، فوصف شيخناقدس‌سره الرواية بالصحّة في المدارك(٦) لا أعلم‌

__________________

(١) في المصدر : عن ربعي ، عن عبد الله بن الجارود.

(٢) التهذيب ٣ : ٤٨ / ١٦٥ ، الوسائل ٨ : ٣٩٠ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٨ ح ١.

(٣) رجال النجاشي : ١٦٧ / ٤٤١ ، رجال الطوسي : ١٩٤ / ٣٩.

(٤) في ص ٨٥.

(٥) الفهرست : ٦٧ / ٢٦٢.

(٦) المدارك ٤ : ٣٢٨.

٢١٣

وجهه ، إلاّ ممّا سنذكره.

وقد رواه الصدوق في الفقيه عن الفضيل بن يسار(١) ، وفي الطريق كلام إلاّ أنّ مزيّة الرواية حينئذٍ ظاهرة ، ولو لا أنّ شيخناقدس‌سره قال : صحيحة ربعي والفضيل لأمكن أنْ يكون اعتمد على طريق الصدوق ؛ وحكى بعض محقّقي المتأخرينرحمه‌الله في شرح الإرشاد أنّ العلاّمة في المنتهى قال : ما رواه محمّد بن سنان والفضيل ، وعلى هذا تكون الرواية صحيحة(٢) ؛ إلاّ أنّ احتمال ظنّ العلاّمة أنّ الفضيل معطوف على محمّد بن سنان ممكن ، وغير خفي عدم تماميته ؛ لأنّ محمّد بن سنان روى عن حمّاد بن عثمان ، كما في التهذيب(٣) ، فكان ينبغي ما رواه حمّاد بن عثمان والفضيل ، لا محمّد بن سنان والفضيل ، ولو كان مأخذ العلاّمة غير التهذيب أمكن توجيه صحّة الحديث ، وبالجملة فالاشتباه حاصل ، وربما يظنّ قرب عطف خلف على محمّد.

وقد روى الشيخ في الزيادات ، عن سعد ، عن أبي جعفر ، عن الحسن بن علي بن فضّال قال : كتبت إلى الرضاعليه‌السلام (٤) ، وذكر المتن السابق عنه ، وهذا السند ربما كان أسلم من ذاك ، بسبب البرقي ، وإنْ اشتركا في الحسن بن علي بن فضّال.

وروى أيضاً في الزيادات بسند غير سليم يتضمن إعادة السجود(٥) ، هذا.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٥٨ / ١١٧٣.

(٢) مجمع الفائدة ٣ : ٣٠٩.

(٣) التهذيب ٣ : ٤٨ / ١٦٥.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٨٠ / ٨٢٣.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٨٠ / ٨٢٤.

٢١٤

وأمّا الأقوال في المسألة : فقيل : إنّ المشهور كون المأموم إذا رفع رأسه قبل الإمام يستمر مع العمد على سبيل الوجوب(١) ؛ بل قال شيخناقدس‌سره إنّه لا يعلم فيه مخالفاً صريحاً ، نعم قال المفيد في المقنعة : ومن صلّى مع إمامٍ يأتمّ به فرفع رأسه قبل الإمام فليعد إلى الركوع حتى يرفع رأسه معه ، وكذلك إذا رفع رأسه من السجود قبل الإمام فليعد إلى سجوده ، ليكون ارتفاعه عنه مع الإمام ؛ وإطلاق كلامه يقتضي عدم الفرق بين العامد والناسي(٢) . انتهى.

وأمّا مع النسيان فقد قيل : إنّ المشهور الإعادة على سبيل الوجوب أيضاً(٣) .

وينقل [ على(٤) ] الحكم الأوّل يعني الاستمرار مع العمد الاستدلال بالخبر الثاني من الخبرين المبحوث عنهما ، وبأنّه لو عاد إلى الركوع أو السجود يكون قد زاد ما ليس من الصلاة ، وهو مبطل ؛ إذ لا عذر.

واعترض عليه شيخناقدس‌سره بضعف الرواية ، وعدم دلالتها على العمد ، وبأنّ الفعل المتقدم وقع منهياً عنه ، لترتّب الإثم إجماعاً ، فلا [ يبرئ ] الذمّة ، وإعادته تستلزم زيادة الواجب ، وهو مبطل ، فيحتمل بطلان الصلاة لذلك ، ويحتمل وجوب الإعادة ، كما في الناسي إنْ لم يثبت البطلان ، لإطلاق الروايات المتضمنة للإعادة(٥) . انتهى.

وفي نظري القاصر : أنّ فيه تأمّلاً ،أمّا أوّلاً : فلأنّ الخبر الموثق إذا‌

__________________

(١) روض الجنان : ٣٧٤.

(٢) المدارك ٤ : ٣٢٧.

(٣) المدارك ٤ : ٣٢٨.

(٤) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

(٥) المدارك ٤ : ٣٢٨.

٢١٥

انضمّ إليه الشهرة بل عدم علم المخالف لا يقصر عن الصحيح ، كما يشهد به التأمّل في رجال الصحيح ممّا فيهم من التعارض في الجرح غالباً ، أو المعارض من الأخبار ، إذ قلّ ما يسلم من ذلك خبر.

وأمّا ثانياً : فلأنّ عدم دلالة الخبر على العمد إنْ أُريد به خصوصاً فمسلّم ولا يضرّ ؛ إذ الإطلاق كافٍ عند المعروفين من الأصحاب.

وأمّا ثالثاً : فلأنّ النهي عن الفعل إنما يتحقق إذا قلنا : إنّ الأمر بالشي‌ء يستلزم النهي عن ضدّه ، وهو لا يقول به ؛ والوجه في ذلك أنّ الواجب المتابعة ، وإذا لم يتابع حصل النهي عن عدمها ، والفعل وهو الرفع في المثال من قبيل الضدّ الخاص.

وترتّب الإثم بالإجماع إنْ أُريد به على عدم المتابعة لا يفيد ، وإنْ أُريد على نفس الرفع فلا إجماع ؛ إذ القائل بعدم الاستلزام لا يقول به هنا ، ولو فرض أنّه وقع الإثم في عبارة بعض أمكن أنْ يتوجّه عليه ما قلناه.

وما قاله جدّيقدس‌سره في الروضة : من أنّ عدم البطلان مع العمد لكون النهي ليس عن جزء الصلاة ، بل عن المتابعة ، وهي خارجة(١) ؛ قد أوردنا عليه في حواشيها ما لا بُدّ منه مفصّلاً.

والحاصل أنّ المتابعة إنْ أراد بكونها خارجة عن مطلق الصلاة فلا نسلّم ذلك ، بل هي جزء من صلاة الجماعة ، واللازم من هذا أنْ تكون صلاة الجماعة منهيّاً عنها ، لتعلّق النهي بجزئها ، ويلزم بطلان الجماعة.

ويحتمل بطلان الصلاة ؛ لما أشرنا إليه سابقاً من أنّ جنس الصلاة لا يتقوّم إلاّ بفصل ، فإذا فات الفصل وهو الجماعة أمكن بطلان الجنس‌

__________________

(١) الروضة البهية ١ : ٣٨٥.

٢١٦

الذي مع الفصل. ويحتمل الصحّة ؛ لقيام فصل آخر عوضه وهو الانفراد ، لكن لمّا لم يكن الانفراد مقصوداً احتمل البطلان ، لعدم تقوّم الجنس بدون فصل ، إلاّ أنْ يقال : إنّ جنس الصلاة لا بُدّ له من فصل ، إمّا الانفراد أو الجماعة ، فإذا انتفت الجماعة خلفها الانفراد ، وفيه : أنّ الانفراد يتوقّف على القصد ؛ نعم لو كان صيرورة الصلاة فرادى من غير قصد ممكناً توجّه الاحتمال ، ولا أعلم القائل بهذا ، ومن هنا يتّجه أنْ يقال بالبطلان لهذا الوجه ، ولم أرَ من ذكره من الأصحاب.

أمّا ما تخيّله بعض الأفاضلرحمه‌الله من أنّ المفارقة في الأثناء إذا جازت على قولٍ لما سبق من بعض أدلّته في هذا الكتاب عن قريب(١) فلا وجه للإثم مع العمد إذا رفع قبل الإمام ؛ فيدفعه : أنّ كلام القوم في الإثم مع بقاء القدوة قصداً ، ولهذا قال في المعتبر : تجب متابعة الإمام في أفعال الصلاة ، وعليه اتفاق العلماء(٢) ؛ مع أنّه هو(٣) وغيره(٤) نقل جواز الانفراد ، بل نُقل عن العلاّمة في النهاية دعوى الإجماع(٥) ، غاية الأمر أنّه يمكن أنْ يقال على القول بعدم وجوب استمرار الجماعة : لو(٦) تعمّد الإنسان المفارقة لا الانفراد مع قصد الجماعة لا وجه للإثم ، وقد ادُّعي الإجماع على الإثم فيدخل فيه القائل بجواز الانفراد.

وقد يجاب : بأنّ العبادة كيفية متلقاة من الشارع ، فإذا فعلها الإنسان‌

__________________

(١) راجع ص ١٨٥ ١٨٢.

(٢) المعتبر ٢ : ٤٢١.

(٣) المعتبر ٢ : ٤٤٨.

(٤) روض الجنان : ٣٧٨.

(٥) حكاه عنه في روض الجنان : ٣٧٨ ، نهاية الإحكام ٢ : ١٢٨.

(٦) في « م » : ولو.

٢١٧

على غير وجهها مع قصد كونها من الشارع أثِمَ وإنْ كانت مستحبة ، كما في كثير من النظائر.

وفي النظر القاصر : أنّ هذا ربما يستلزم النهي عن نفس الفعل ، كما لو فرض أنّ الإنسان صلّى النافلة بغير وضوء مع اعتقاد المشروعية ، فإنّ النهي يتوجّه إلى الصلاة.

ومثل هذا يقال فيمن رفع قبل الإمام بقصد الجماعة التي جزؤها المتابعة أو جزؤها عدم الانفراد ، فإنّ الرفع مثلاً من الركوع كيفية متلقاة من الشارع ، إمّا بأنْ يؤتى بها بقصد الجماعة متابعاً ، أو بقصد الانفراد ، فإذا أتى بها مع قصد الجماعة من دون المتابعة لا تكون مجزية ، للنهي ، وحينئذٍ يتمّ كون الفعل منهياً عنه ، والتفات شيخناقدس‌سره إلى هذا لا أظنّه ؛ لعدم سماعه منه حال الاشتغال عليه في البحث المذكور.

ومنه يعلم ما في كلام جدّيقدس‌سره في الروضة من قوله : إنّ المتابعة خارجة عن الصلاة(١) ؛ وهذا غير ما ذكرناه سابقاً(٢) ، وربما يرجع بنوعٍ من الاعتبار إلى بعضه.

وما عساه يقال : إنّ فعل غير المشروع أيّ نهي ورد عنه؟ بل غاية الأمر أنّ الفعل باطل ؛ لعدم موافقة الأمر ، والإثم إنّما هو على اعتقاد مشروعية ما ليس بمشروع ، على أنّ الإثم على الاعتقاد يحتاج إلى دليل.

يمكن الجواب عنه : بأنّ الظاهر عدم الخلاف في تحقق النهي ، وعدم الإثم على الاعتقاد إنما هو إذا لم يفعل الشي‌ء المعتقد.

ويشكل : بأنّ ما دلّ على عدم المؤاخذة على الاعتقاد يتناوله ،

__________________

(١) راجع ص ٢١٥.

(٢) في ص ٢١٥ ٢١٦.

٢١٨

وما يدلّ عليه بعض الآيات من المؤاخذة مخصوص بالإيمان.

وفيه : أنّ التخصيص موقوف على الدليل ، وقد وجدت في الكافي حديثاً بطريق حسن عن بكير تضمّن أنّ من همّ بسيّئةٍ لم تكتب عليه ، فإنْ عملها كتبت عليه سيّئة(١) . وهذا يدلّ على أنّ العقوبة على الفعل دون العزم ، فتأمّل.

فإنْ قلت : ما وجه ما ذكرته بقولك : أو جزؤها عدم الانفراد؟

قلت : لأجل دخول الحالة التي لم يفعل فيها المتابعة ولم يقصد الانفراد مع صحّة الجماعة عند المعروفين.

وما عساه يقال : إنّ العدم لا يكون جزءاً.

يمكن الجواب عنه : بأنّ العدم في الأحكام الشرعية قد يذكر ويراد به ما يرجع إلى الوجود ، وهنا قد يعبّر عن العدم بالحالة التي لم يقصد فيها الانفراد ، ولهذا في الفقه نظائر يطول بذكرها لسان المقال ، فينبغي التأمّل التام فيما ذكر على حسب مقتضى الحال.

وإذا عرفت هذا فاعلم أنّه يمكن أنْ يؤيَّد خبر غياث بالأصل ؛ لأنّ الأصل الصحّة بعد تحققها قبل فعل ما فعل ، وما دلّ من الأخبار المعتبرة كصحيح علي بن يقطين المنقول من التهذيب(٢) ، وغيره كالخبر الأوّل من المبحوث عنهما يحمل على جواز الرجوع ( إنْ لم يثبت الإجماع على استمرار العامد وجوباً ، أمّا ما ذكره الشيخ من حمل ما دلّ على الرجوع )(٣) على الساهي فيحتاج إلى ترجيح بعد ما ذكرناه من الحمل.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٤٤٠ الايمان والكفر ب ١٩٣ ح ١ ، وفيه : عن ابن بكير.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٧٧ / ٨١٠.

(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

٢١٩

فإنْ قلت : الأصل الذي ذكرته غير تام ؛ لأنّ العبادة متلقّاة من الشارع ، والمعروف في الجماعة المتابعة ، فأصالة صحّة الصلاة جماعةً موقوفة على المتابعة ، فإذا زالت زال الأصل.

قلت : المتابعة المعروفة من الشارع شرطاً للصحّة مرجعها إلى الإجماع المدّعى من المحقّق في المعتبر على ما نقل عنه ، مع روايةٍ رواها عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : « إنّما جعل الإمام إماماً ليؤتمّ به ، فإذا ركع فاركعوا ، وإذا سجد فاسجدوا »(١) (٢) .

وغير خفي أنّ الإجماع تحقّقه في ما نحن فيه على وجه الشرطية في الصحّة غير معلوم ، كيف وقد جزم الأكثرون بالاستمرار وصحّة الصلاة جماعةً ، والخبر المروي لا يدلّ على ما نحن فيه ، بل إنما يدلّ على المتابعة إذا ركع ، وإذا سجد الإمام ، أمّا بقية الأفعال فترجع إلى الإجماع ، وقد سمعت القول فيه ، وسيجي‌ء(٣) التنبيه على ما يصلح(٤) في الجملة للدلالة على وجوب المتابعة ، وكلامنا هنا على ما ذكره القوم.

فإنْ قلت : الإجماع أيضاً وقع على إثم من رفع عمداً ، واللازم منه البطلان فترتفع أصالة الصحّة.

قلت : لزوم البطلان أوّل المدّعى ، كيف وقد قال بالصحّة من قال بالإثم.

فإنْ قلت : القائل بالصحّة والإثم جعل متعلق الإثم خارجاً عن‌

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١ : ٣٩٢ / ١٢٣٨.

(٢) المعتبر ٢ : ٤٢١.

(٣) في ص : ٢٢٢.

(٤) في « م » : يصحّ.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

فروع :

أ - العنبر إن اُخذ بالغوص ، كان له حكمه في اعتبار النصاب ، وإن ( جُبي )(١) من وجه الماء ، كان له حكم المعادن.

ب - قال الشيخ : العنبر نبات من البحر(٢) .

وقيل : هو من عين في البحر(٣) .

وقيل : العنبر يقذفه البحر إلى جزيرة ، فلا يأكله شي‌ء إلّا مات ، ولا ينقله طائر بمنقاره إلّا نصل(٤) منقاره ، وإذا وضع رجله عليه ، نصلت أظفاره ويموت(٥) .

ج - قال الشيخ : الحيوان المصاد من البحر لا خمس فيه ، فإن اُخرج بالغوص أو اُخذ قُفّيّاً(٦) ففيه الخُمس(٧) .

وفيه بُعد ، والوجه : إلحاقه بالأرباح التي تعتبر فيها مؤونة السنة.

د - السمك لا شي‌ء فيه - وهو قول العلماء(٨) . إلّا في رواية عن أحمد وعمر بن عبد العزيز(٩) - لأنّه من صيد فلا شي‌ء فيه.

الصنف الخامس : أرباح التجارات والزراعات والصنائع وسائر الاكتسابات‌ بعد إخراج مؤونة السنة له ولعياله على الاقتصاد من غير إسراف ولا‌

____________________

(١) في « ط وف » : جُني.

(٢) حكاه عنه ابن إدريس في السرائر : ١١٣.

(٣) حكاه عن كتاب منهاج البيان لابن جزلة ، ابن إدريس في السرائر : ١١٣.

(٤) أي : خرج. الصحاح ٥ : ١٨٣٠.

(٥) حكاه عن كتاب الحيوان للجاحظ [ ٥ : ٣٦٢ ] ابن إدريس في السرائر : ١١٣.

(٦) أي : يصطاد بالقفّة ، وهي زبيل يعمل من الخوص ، اُنظر لسان العرب ٩ : ٢٨٧.

(٧) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٧ - ٢٣٨.

(٨) المغني ٢ : ٦٢٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٧.

(٩) المغني ٢ : ٦٢٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٧ - ٥٨٨.

٤٢١

تقتير ، عند علمائنا كافة - خلافاً للجمهور كافة(١) - لعموم( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ) (٢) وقوله( أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ) (٣) .

وللتواتر المستفاد من الأئمةعليهم‌السلام .

قال الصادقعليه‌السلام : « على كلّ امرئ غنم أو اكتسب الخُمس ممّا أصاب لفاطمةعليها‌السلام ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس ، فذلك لهم خاصة يضعونه حيث شاؤوا ، وحرم عليهم الصدقة ، حتى الخيّاط ليخيط قميصاً بخمسة دوانيق ، فلنا منه دانق ، إلّا من أحللناه من شيعتنا ؛ لتطيب لهم الولادة ، إنّه ليس عند الله شي‌ء يوم القيامة أعظم من الزنا ، إنّه يقوم صاحب الخُمس يقول : يا رب سل هؤلاء بما اُبيحوا(٤) »(٥) .

وكتب بعض أصحابنا الى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام أخبرني عن الخُمس ، هل على جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصناع وكيف ذلك؟ فكتب بخطّه : « الخمس بعد المؤونة »(٦) .

إذا عرفت هذا ، فالميراث لا خمس فيه ، سواء كان محتسباً كالأب والابن ، أو غير محتسب كالنسب المجهول ؛ لبُعده.

وعن بعض علمائنا : يجب فيه الخُمس مطلقاً وفي الهبة والهدية(٧) .

والمشهور خلاف ذلك في الجميع.

____________________

(١) كما في المعتبر : ٢٩٣.

(٢) الأنفال : ٤١.

(٣) البقرة : ٢٦٧.

(٤) في الاستبصار : بما نكحوا.

(٥) التهذيب ٤ : ١٢٢ / ٣٤٨ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ / ١٨٠.

(٦) التهذيب ٤ : ١٢٣ / ٣٥٢ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ / ١٨١.

(٧) أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٧٠.

٤٢٢

الصنف السادس : الحلال إذا اختلط بالحرام ولم يتميّز‌ ولا عُرف مقدار الحرام ولا مستحقّه ، أخرج خُمسه ، وحلّ له الباقي ؛ لأنّ منعه من التصرف في الجميع ينافي المالية ، ويستعقب ضرراً عظيماً بترك الانتفاع بالمال وقت الحاجة ، والتسويغ للجميع إباحة للحرام ، وكلاهما منفيان ، ولا مخلص إلّا إخراج الخُمس إلى الذرية.

قال الصادقعليه‌السلام : « إن أمير المؤمنينعليه‌السلام أتاه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين إنّي أصبت مالاً لا أعرف حلاله من حرامه ؛ فقال : أخرج الخمس من ذلك المال ، فإنّ الله تعالى قد رضي من المال بالخمس ، واجتنب ما كان صاحبه يعمل(١) »(٢) .

ولو عرف مقدار الحرام ، وجب إخراجه ، سواء قلّ عن الخُمس أو كثر ، وكذا لو عرفه بعينه.

ولو عرف أنّه أكثر من الخُمس ، وجب إخراج الخمس وما يغلب على الظن في الزائد.

ولو عرف صاحبه وقدره ، وجب إيصاله اليه ، فإن جهل القدر ، صالحه ، أو أخرج ما يغلب على ظنّه ، فإن لم يصالحه مالكه ، أخرج خُمسه اليه ، لأنّ هذا القدر جعله الله تعالى مطهِّراً للمال.

الصنف السابع : الذمّي إذا اشترى أرضاً من مسلم‌ ، وجب عليه الخُمس عند علمائنا ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « أيّما ذمّي اشترى من مسلم أرضاً فإنّ عليه الخُمس »(٣) .

وقال مالك : إن كانت الأرض عُشريةً ، منع من شرائها - وبه قال أهل‌

____________________

(١) في الموضع الثاني من المصدر : « يعلم » بدل « يعمل » وهو الأنسب.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٤ / ٣٥٨ و ١٣٨ / ٣٩٠.

(٣) التهذيب ٤ : ١٢٣ - ١٢٤ / ٣٥٥ ، والفقيه ٢ : ٢٢ / ٨١.

٤٢٣

المدينة وأحمد في رواية(١) - فإن اشتراها ، ضُوعف العُشر عليه ، فوجب عليه الخمس(٢) .

وقال أبو حنيفة : تصير أرضَ خراج(٣) .

وقال الثوري والشافعي وأحمد في رواية اُخرى : يصح البيع ولا شي‌ء عليه ولا عُشر أيضاً(٤) .

وقال محمد بن الحسن : عليه العُشر(٥) .

* * *

____________________

(١ و ٢ ) المغني ٢ : ٥٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩.

(٣) المبسوط للسرخسي ٣ : ٦ ، المغني ٢ : ٥٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩.

(٤) المغني ٢ : ٥٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٨.

(٥) المبسوط للسرخسي ٣ : ٦ ، المغني ٢ : ٥٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩.

٤٢٤

٤٢٥

الفصل الثاني

في النصب‌

مسألة ٣١٥ : النصاب في الكنز عشرون مثقالاً ، فلا يجب فيما دونه خُمس‌ عند علمائنا - وبه قال الشافعي في الجديد(١) - لقولهعليه‌السلام : ( ليس فيما دون خَمس أواق صدقة )(٢) .

ومن طريق الخاصة : ما روي عن الرضاعليه‌السلام : أنّه سئل عمّا يجب فيه الخُمس من الكنز ، فقال : « ما تجب الزكاة في مثله ففيه الخُمس »(٣) .

ولأنّه حقٌّ مالي يجب فيما استخرج من الأرض ، فاعتبر فيه النصاب كالمعدن والزرع.

وقال الشافعي في القديم : لا يعتبر فيه النصاب ، بل يجب في قليله‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٠ ، المجموع ٦ : ٩٩ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١١٨ ، المغني ٢ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٨.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٤٤ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٤ / ١٥٥٨ ، سنن النسائي ٥ : ١٨ ، مسند أحمد ٣ : ٦.

(٣) الفقيه ٢ : ٢١ / ٧٥.

٤٢٦

وكثيرة(١) - وبه قال مالك وأحمد وأبو حنيفة(٢) - لعموم ( وفي الركاز الخُمس )(٣) .

ولأنّه مال يخمّس ، فلا يعتبر فيه النصاب كالغنيمة.

والخبر ليس من صيغ العموم. سلّمنا ، لكنّه مخصَّص بما تقدّم.

وينتقض قياسهم بالمعدن.

فروع :

أ - ليس للركاز نصاب آخر ، بل يجب في الزائد مطلقاً.

ب - هذه العشرون معتبرة في الذهب ، وفي الفضة مائتا درهم ، وما عداهما يعتبر فيه قيمته بأحدهما.

ج - لو وجد ركازاً أقلّ من النصاب ، لم يجب عليه شي‌ء وإن كان معه مال زكوي ، وسواء كان قد استفاد الكنز آخر حول المال أو قبله أو بعده ، وسواء كان الزكوي نصاباً ، أو تمّ بالركاز ، خلافاً للشافعي(٤) ، فإنّه ضمّه إليه ، إذ جعل الواجب زكاة وإن أوجب الخُمس.

د - لو وجد ركازاً أقلّ ، ثم وجد آخر كمل به النصاب ، لم يجب شي‌ء ، كاللقطة المتعدّدة.

مسألة ٣١٦ : اختلف علماؤنا في اعتبار النصاب في المعادن‌ ، فقال الشيخ في بعض كتبه : يعتبر(٥) - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق(٦) -

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٠ ، المجموع ٦ : ٩٩ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١١٨ ، المغني ٢ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٨.

(٢) الشرح الصغير ١ : ٢٣٠ ، المغني ٢ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٨ ، حلية العلماء ٣ : ١١٨.

(٣) تقدّمت الإِشارة الى مصادره في صفحة ٤١٢ ، الهامش (٥)

(٤) الاُم ٢ : ٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ١١٨.

(٥) النهاية : ١٩٧ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٧.

(٦) الاُم ٢ : ٤٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦٩ ، المجموع ٦ : ٩٠ ، فتح العزيز ٦ : ٩٢ ، =

٤٢٧

لقولهعليه‌السلام : ( ليس عليكم في الذهب شي‌ء حتى يبلغ عشرين مثقالاً )(١) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه البزنطي ، أنّه سأل الرضاعليه‌السلام ، عمّا أخرج المعدن من قليل وكثير هل فيه شي‌ء؟ قال : « ليس فيه شي‌ء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين ديناراً »(٢) .

وقال الشيخ في بعض كتبه : لا يعتبر(٣) - وبه قال أبو حنيفة(٤) - لأنّه مال يجب تخميسه ، فلا يعتبر فيه النصاب كالفي‌ء والغنيمة.

والفرق : أنّهما لا يستحقّان على المسلم ، وإنّما يملكه أهل الخُمس من الكفّار بالاغتنام.

إذا ثبت هذا ، ففي قدر النصاب عند من اعتبره من علمائنا قولان : أحدهما : عشرون ؛ لما تقدّم.

والثاني : دينار واحد ؛ لأنّ الرضاعليه‌السلام سئل عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد ، وعن معادن الذهب والفضة هل فيه زكاة؟

فقال : « إذا بلغ قيمته ديناراً ففيه الخُمس »(٥) .

مسألة ٣١٧ : يعتبر النصاب بعد المؤونة‌ ؛ لأنّها وُصلة الى تحصيله ، وطريق الى تناوله فكانت منهما كالشريكين.

____________________

= حلية العلماء ٣ : ١١٢ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٨٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٨ ، المغني ٢ : ٦١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٤.

(١) أورده ابن قدامة في المغني ٢ : ٦١٨.

(٢) التهذيب ٤ : ١٣٨ / ٣٩١.

(٣) الخلاف ٢ : ١١٩ ، المسألة ١٤٢.

(٤) المبسوط للسرخسي ٢ : ٢١١ ، المجموع ٦ : ٩٠ ، فتح العزيز ٦ : ٩٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ١١٢ ، المغني ٢ : ٦١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٤.

(٥) الكافي ١ : ٤٥٩ / ٢١ ، التهذيب ٤ : ١٢٤ / ٣٥٦.

٤٢٨

وقال الشافعي وأحمد : المؤونة على المخرج ، لأنّه زكاة(١) . وهو ممنوع.

ويعتبر النصاب فيما أخرجه دفعة واحدة أو دفعات لا يترك العمل بينها على سبيل الإِهمال ، فلو عمل ثم أهمل ثم عمل ، لم يضمّ أحدهما الى الآخر. ولو ترك للاستراحة أو لإِصلاح آلة أو لقضاء حاجة ، ضمّ الثاني الى الأول. ويعتبر النصاب في الذهب ، وما عداه قيمته.

ولو اشتمل على جنسين ، كذهب وفضة أو غيرهما ، ضُمّ أحدهما إلى الآخر ، خلافاً لبعض الجمهور ، حيث قال : لا يُضمّ مطلقاً(٢) .

وقال بعضهم : لا يُضمّ في الذهب والفضة ، ويُضمّ في غيرهما(٣) .

مسألة ٣١٨ : النصاب في الغوص دينار واحد ، فما نقص عنه ، لم يجب فيه شي‌ء‌ ، عند علمائنا - خلافاً للجمهور كافة - لأنّ الرضاعليه‌السلام سئل عن معادن الذهب والفضّة هل فيه زكاة؟ فقال : « إذا بلغ قيمته ديناراً ففيه الخمس »(٤) .

ولا يعتبر في الزائد نصاب ، ولو أخرج النصاب في دفعتين ، فإن أعرض للإِهمال فلا شي‌ء ، وإلّا ضمّ أحدهما الى الآخر.

مسألة ٣١٩ : لا يجب في فوائد الاكتسابات والأرباح في التجارات والزراعات شي‌ء‌ إلّا فيما يفضل عن مؤونته ومؤونة عياله سنة كاملة ، عند علمائنا ، لقولهعليه‌السلام : ( لا صدقة إلّا عن ظهر غنى )(٥) .

ولقول أبي جعفر الثانيعليه‌السلام : « الخُمس بعد المؤونة »(٦) .

____________________

(١) المجموع ٦ : ٩١ ، حلية العلماء ٣ : ١١٣ ، المغني ٢ : ٦١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٦ ، وحكى قولهما أيضاً المحقّق في المعتبر : ٢٩٣.

(٢ و ٣ ) المغني ٢ : ٦١٨ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٨٥.

(٤) التهذيب ٤ : ١٢٤ / ٣٥٦ ، والكافي ١ : ٤٥٩ / ٢١.

(٥) مسند أحمد ٢ : ٢٣٠.

(٦) التهذيب ٤ : ١٢٣ / ٣٥٢ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ / ١٨١.

٤٢٩

وقولهعليه‌السلام : « عليه الخُمس بعد مؤونته ومؤونة عياله وبعد خراج السلطان »(١) .

مسألة ٣٢٠ : ولا يجب في الفوائد من الأرباح والمكاسب على الفور‌ ، بل يتربّص الى تمام السنة ، ويخرج خمس الفاضل ، لعدم دليل الفورية ، مع أصالة براءة الذمة.

ولأنّ تحقيق قدر المؤونة إنّما يثبت بعد المدّة ، لجواز تجديد ما لم يكن كتزويج بنت وعمارة منزل وغيرهما من المتجدّدات.

ولا يراعى الحول في غيره ، ولا فيه إلاّ على سبيل الرفق بالمكتسب.

ولا يجب النصاب في الغنائم في دار الحرب ، ولا في الممتزج بالحرام ، ولا أرض الذمي ، للعموم السالم عن المخصّص.

* * *

____________________

(١) التهذيب ٤ : ١٢٣ / ٣٥٤ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ - ٥٦ / ١٨٣.

٤٣٠

٤٣١

الفصل الثالث

في قسمته وبيان مصرفه‌

مسألة ٣٢١ : يقسّم الخُمس ستة أقسام : سهم لله ، وسهم لرسوله ، وسهم لذي القربى ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لأبناء السبيل ، عند جمهور علمائنا - وبه قال أبو العالية الرياحي(١) - للآية(٢) المقتضية للتشريك.

وقول الكاظمعليه‌السلام : « يقسّم الخمس على ستة أسهم »(٣) .

وقال بعض علمائنا : يقسّم خمسة أقسام : سهم لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسهم لذي القربى ، إلى آخره(٤) ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ؛ لأنّهعليه‌السلام ، قسّم الخُمس خمسة أقسام(٥) .

____________________

(١) حكاه الشيخ الطوسي في الخلاف ، كتاب الفي‌ء وقسمة الغنائم ، المسألة ٣٧ ، والمحقق في المعتبر : ٢٩٤ ، وانظر : المغني ٧ : ٣٠٠ - ٣٠١ ، والشرح الكبير ١٠ : ٤٨٦.

(٢) الأنفال : ٤١.

(٣) التهذيب ٤ : ١٢٨ / ٣٦٦ ، الاستبصار ٢ : ٥٦ / ١٨٥.

(٤) حكاه أيضاً المحقّق في شرائع الإِسلام ١ : ١٨٢.

(٥) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٧ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٧ ، المغني ٧ : ٣٠٠ و ٣٠١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٨٦ و ٤٨٧ ، الهداية للمرغيناني ٢ : ١٤٨ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٢٤ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٧.

٤٣٢

وليس بذاك ؛ لجواز ترك بعض حقّه.

مسألة ٣٢٢ : سهم الله وسهم رسوله للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ‌ ، يصنع به في حياته ما شاء ، وبعده للإِمام القائم مقامه ، لأنّه حقٌّ له باعتبار ولايته العامة ، ليصرف بعضه في المحاويج ، فينتقل الى مَن يَنُويُه في ذلك.

وللروايات عن أهل البيتعليهم‌السلام (١) .

وقال الشافعي : ينتقل سهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الى المصالح ، كبناء القناطر وعمارة المساجد وأرزاق القضاة وشبهه(٢) .

وقال أبو حنيفة : يسقط بموتهعليه‌السلام (٣) . وليس بمعتمد.

مسألة ٣٢٣ : المراد بذي القُربى الإِمامعليه‌السلام خاصة‌ عند علمائنا ؛ لوحدته لفظاً ، فلا يتناول أكثر من الواحد حقيقةً ، والأصل عدم المجاز. وللرواية(٤) .

وقال الشافعي : المراد به قرابة النبيعليه‌السلام من ولد هاشم والمطّلب أخيه ، الصغير والكبير والقريب والبعيد سواءً ، للذكر ضِعفُ الاُنثى ؛ لأنّه ميراث(٥) .

وقال المزني وأبو ثور : يستوي الذكر والاُنثى ؛ لأنّه مُستَحقٌ بالقرابة(٦) .

____________________

(١) اُنظر على سبيل المثال : التهذيب ٤ : ١٢٨ / ٣٦٦.

(٢) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٧ ، الوجيز ١ : ٢٨٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٢ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٨٩.

(٣) الهداية للمرغيناني ٢ : ١٤٨ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٧ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٢٥ ، المغني ٧ : ٣٠١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٨٦ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٧.

(٤) التهذيب ٤ : ١٢٥ / ٣٦١ و ١٢٦ - ١٢٧ / ٣٦٤.

(٥) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، الوجيز ١ : ٢٨٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩٢.

(٦) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩٢.

٤٣٣

إذا عرفت هذا فسهم ذي القُربى للإِمام بعد الرسولعليه‌السلام ، فلا يسقط بموته ، وبعدم السقوط قال الشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : يسقط بموته(٢) .

وهو خطأ ؛ لأنّه تعالى أضاف السهم الى ذي القربى بلام التمليك.

مسألة ٣٢٤ : المراد باليتامى والمساكين وأبناء السبيل في آية الخُمس‌(٣) : مَن اتّصف بهذه الصفات من آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهُم ولد عبد المطّلب بن هاشم - وهم الآن أولاد أبي طالب - والعباس والحارث وأبي لهب خاصة دون غيرهم ، عند عامة علمائنا ؛ لأنّه عوض عن الزكاة ، فيصرف الى مَن مُنِعَ منها.

ولقول أمير المؤمنينعليه‌السلام( وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (٤) منّا خاصة(٥) .

وقال الشافعي : سهم ذي القُربى لقرابة النبيعليه‌السلام ، وهُم أولاد هاشم وآل المطّلب(٦) .

وقال أبو حنيفة : إنّه لآل هاشم خاصة(٧) ؛ مع اتّفاقهما على أنّ اليتامى والمساكين وأبناء السبيل غير مختص بالقرابة ، بل هو عام في المسلمين(٨) .

وأطبق الجمهور كافّة على تشريك الأصناف الثلاثة من المسلمين في الأسهم الثلاثة(٩) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٢٥.

(٢) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٤ : ٢٠٧ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨.

(٣) الأنفال : ٤١.

(٤) الحشر : ٧.

(٥) الكافي ١ : ٤٥٣ / ١.

(٦) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨.

(٧) أحكام القرآن - للجصّاص - ٣ : ٦٤ ، التفسير الكبير - للرازي - ١٥ : ١٦٦.

(٨ و ٩ ) الاُم ٤ : ١٤٧ ، المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، المغني ٧ : ٣٠٦ و ٣٠٧ ، الشرح =‌

٤٣٤

مسألة ٣٢٥ : ولا يستحقّ بنو المطّلب شيئاً من الخُمس‌ ، وتحلّ لهم الزكاة - وبه قال أبو حنيفة(١) - لتساوي بني المطّلب وبني نوفل وعبد شمس في القرابة ، فإذا لم يستحقّ بنو نوفل وعبد شمس فكذا مُساويهم.

ولقول الكاظمعليه‌السلام : « الذين جعل الله لهم الخُمس هُم قرابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهُم بنو عبد المطّلب الذكر والاُنثى منهم ، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ، ولا من العرب أحد »(٢) .

وقال الشافعي : إنّ بني المطّلب يستحقّون(٣) ؛ لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أنا وبنو المطّلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام )(٤) .

والمراد به النصرة لا استحقاق الخُمس.

مسألة ٣٢٦ : وإنّما يستحقّ من بني عبد المطّلب مَن انتسب اليه بالأب لا مَن انتسب اليه بالاُم‌ عند أكثر علمائنا - وهو قول الجمهور(٥) - لقول الكاظمعليه‌السلام : « ومَن كانت اُمّه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإنّ الصدقة تحلّ له ، وليس له من الخُمس شي‌ء ؛ لأنّ الله تعالى يقول( ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ ) (٦) »(٧) .

وقال السيد المرتضى : إنّ مَن انتسب اليهم بالاُم يستحقّ الخُمس(٨) ،

____________________

= الكبير ١٠ : ٤٩٣ و ٤٩٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٤ : ٢٠٧.

(١) المغني ٢ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٧١٤.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٩ / ٣٦٦.

(٣) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، الوجيز ١ : ٢٨٨ ، الهداية للمرغيناني ٢ : ١٤٨.

(٤) سنن أبي داود ٣ : ١٤٦ / ٢٩٨٠.

(٥) الوجيز ١ : ٢٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩١.

(٦) الأحزاب : ٥.

(٧) التهذيب ٤ : ١٢٩ / ٣٦٦.

(٨) حكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٢٩٥.

٤٣٥

لقولهعليه‌السلام : ( هذان ولداي إمامان قاما أو قعدا )(١) يشير بذلك الى الحسن والحسينعليهما‌السلام ، وانتسابهما بالولادة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما هو بالاُم.

ونمنع كونه حقيقة.

مسألة ٣٢٧ : يعتبر في آخِذ الخُمس : الإِيمان‌ ، للنهي عن مودّة غير المؤمن ، وعمّن حادّ الله ورسوله(٢) . ولا تعتبر العدالة.

ولا يستحق الغني ؛ لأنّه وضع للإِرفاق ، كما وضعت الزكاة لمحاويج العوام. نعم يستحقّ الإِمام سهم ذي القُربى عندنا وإن كان غنيّاً.

واليتيم مَن لا أب له ممّن لم يبلغ الحُلُمَ ، وهو في آية الخُمس(٣) مختص بالذُرية من هاشم ، خلافاً للجمهور(٤) .

وهل يشترط فقره؟ قال الشيخ في المبسوط : لا يشترط ؛ عملاً بالعموم(٥) . وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الآخر : يشترط(٦) .

ولا يعتبر الفقر في ابن السبيل ، بل الحاجة في بلد السفر.

مسألة ٣٢٨ : لا يُحمل الخُمس من بلد المال مع وجود المستحقّ فيه‌ ؛ لأنّ المستحق مطالب من حيث الحاجة والفقر ، فنقله يستلزم تأخير إيصال الحقّ إلى مستحقّه مع القدرة والطلب ، فإن نَقَله حينئذٍ ضمن ، ويبرأ مع التسليم.

____________________

(١) اعلام الورى : ٢٠٩ ، المناقب - لابن شهر آشوب - ٣ : ٣٦٧ ، كشف الغمة ١ : ٥٣٣ ، وعوالي اللآلي ٣ : ١٢٩ - ١٣٠ / ١٤.

(٢) المجادلة : ٢٢.

(٣) الأنفال : ٤١.

(٤) اُنظر : المصادر في الهامش ( ٨ و ٩ ) من صفحة ٤٣٣.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٢٦٢.

(٦) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٩ ، الوجيز ١ : ٢٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٦ - ٣٠٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩٣.

٤٣٦

ولو فقد المستحقّ جاز النقل ؛ للضرورة ، ولا ضمان.

ويعطى مَن حضر البلد ، ولا يتبع من غاب عند علمائنا ، وبه قال بعض الشافعية(١) .

وقال الشافعي : ينقل من البلد الى غيره ، ويقسَّم في البلدان ؛ لأنّه مستحقّ بالقرابة ، فاشترك الحاضر والغائب كالميراث(٢) .

وليس بجيّد ، وإلّا لاختصّ به الأقرب كالميراث.

مسألة ٣٢٩ : ظاهر كلام الشيخ : وجوب قسمته في الأصناف‌ ؛ عملاً بظاهر الآية(٣) (٤) .

ويُحتمل المنع ؛ لأنّ المراد بيان المصرف كالزكاة.

ويؤيّده : أنّ الرضاعليه‌السلام سُئل عن قوله تعالى( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ) (٥) ، قال : « فما كان لله فللرسول ، وما كان للرسول فهو للإِمام » قيل : أرأيت إن كان صنف أكثر من صنف أو أقلّ من صنف كيف يصنع؟

قال : « ذلك الى الإِمام ، أرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كيف صنع؟

إنّما كان يعطي على ما يرى ، كذلك الإِمام »(٦) .

نعم الأحوط ما قاله الشيخ.

مسألة ٣٣٠ : مستحقّ الخُمس من الركاز والمعادن هو المستحقّ له من الغنائم‌ عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة(٧) - لأنّه غنيمة ، وكذا البحث في جميع‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٩.

(٢) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨.

(٣) الأنفال : ٤١.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٦٢.

(٥) الأنفال : ٤١.

(٦) الكافي ١ : ٤٥٧ / ٧ ، التهذيب ٤ : ١٢٦ / ٣٦٣.

(٧) المغني ٢ : ٦١٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٩ ، المجموع ٦ : ١٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ١١٧.

٤٣٧

ما يجب فيه الخُمس.

وقال الشافعي : مصرفه مصرف الزكوات(١) - وعن أحمد روايتان(٢) - لأنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام أمر صاحب الكنز أن يتصدّق به على المساكين(٣) .

ويحتمل القسمة في المساكين من الذرية.

ولا يجوز صرف حقّ المعدن الى مَن وجب عليه - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد(٤) - لأنّه مأمور بإخراجه ، ولا يتحقق مع الدفع الى نفسه. ولأنّه حقٌّ وجب عليه ، فلا يصرف اليه ، كعُشر الزرع.

وقال أبو حنيفة : يجوز(٥) . وليس بمعتمد.

مسألة ٣٣١ : الأسهم الثلاثة التي للإِمام يملكها ويصنع ما شاء‌ ، والثلاثة الباقية للأصناف الاُخر ، لا يختص بها القريب دون البعيد ، ولا الذكر دون الاُنثى ، ولا الكبير على الصغير ، بل يُفرّقها الإِمام على ما يراه من تفضيل وتسوية ، ويُفرّق بين الحاضرين ، ولا يتبع الأباعد.

ولو فضل عن كفاية الحاضرين جاز حمله الى بلد آخر ؛ لاستغنائهم بحصول قدر الكفاية ، ولا ضمان.

وإذا حضر الأصناف الثلاثة ، استحبّ التعميم.

ولو لم يحضر في البلد إلّا فرقة منهم ، جاز أن يُفرّق فيهم ، ولا ينتظر غيرهم ، ولا يحمل الى بلد آخر.

____________________

(١) المجموع ٦ : ١٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١١٧ ، المغني ٢ : ٦١٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٩.

(٢) المغني ٢ : ٦١٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٩ ، المجموع ٦ : ١٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ١١٧.

(٣) سنن البيهقي ٤ : ١٥٦ - ١٥٧.

(٤و٥) المجموع ٦ : ٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ١١٣.

٤٣٨

٤٣٩

الفصل الرابع

في الأنفال‌

المراد بالأنفال كلّ ما يخصّ الإِمام ، فمنه : كلّ أرض انجلى أهلها عنها ، أو سلّموها طوعاً بغير قتال ، وكلّ أرض خربة باد أهلها إذا كانت قد جرى عليها ملك أحد ، وكلّ خربة لم يجر عليها ملك أحد ، وكلّ أرض لم يوجف عليها بِخَيلٍ ولا ركابٍ ؛ للرواية(١) .

ومنه : رؤوس الجبال والآجام والأرض الموات التي لا أرباب لها ؛ لقول الكاظمعليه‌السلام : « والأنفال كلّ أرض خربة قد باد أهلها ، وكلّ أرض لم يُوجَف عليها بِخَيل ولا ركاب ، ولكن صُولحوا عليها ، وأعطوا بأيديهم على غير قتال ، وله رؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام ، وكلّ أرض ميتة لا ( وارث )(٢) لها »(٣) .

وأمّا المعادن ، فقال الشيخان : إنّها من الأنفال(٤) .

ومنعه ابن إدريس(٥) ؛ وهو الأقوى.

____________________

(١) اُنظر : الهامش (٣) من هذه الصفحة.

(٢) في المصدر بدل ( وارث ) : ( ربّ ).

(٣) الكافي ٣ : ٤٥٥ / ٤ ، التهذيب ٤ : ١٣٠ / ٣٦٦.

(٤) المقنعة : ٤٥ ، النهاية للطوسي ١ : ٤١٩.

(٥) اُنظر : السرائر : ١١٦.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463