شهداء الإسلام من سنة 40 إلى 51 الهجرية الجزء ٣

شهداء الإسلام من سنة 40 إلى 51 الهجرية8%

شهداء الإسلام من سنة 40 إلى 51 الهجرية مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 697

الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 697 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 203469 / تحميل: 5792
الحجم الحجم الحجم
شهداء الإسلام من سنة 40 إلى 51 الهجرية

شهداء الإسلام من سنة ٤٠ إلى ٥١ الهجرية الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

وقالعليه‌السلام : « جود الرجل يحببه إلى أضداده، وبخله يبغضه ( إلى أولاده )(٤) » وقالعليه‌السلام : « لا فخر في المال الا مع الجود »(٥) .

وقالعليه‌السلام : « لا سيادة لمن سخاء له »(٦) .

وباقي أخبار الباب تقدم في كتاب الزكاة.

١٧ -( باب استحباب الانفاق، وكراهة الامساك)

[١٨١٨٤] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث الاسراء: « ورأيت ملكين يناديان في السماء، أحدهما يقول: اللهم اعط كل منفق خلفا، والاخر يقول: اللهم اعط كل ممسك تلفا » الخبر.

[١٨١٨٥] ٢ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « ثلاثة من حقائق الايمان: الانفاق من الاقتار » الخبر.

[١٨١٨٦] ٣ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « من أيقن بالخلف ( جاد بالعطية )(١) ».

[١٨١٨٧] ٤ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن حميد بن

__________________

(٤) غرر الحكم ج ١ ص ٣٦٨ ح ١٢، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٥) نفس المصدر ج ٢ ص ٨٤٥ ح ٣١٠.

(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ٨٤٧ ح ٣٥٠.

الباب ١٧

١ - تفسير القمي ج ٢ ص ٧.

٢ - الجعفريات ص ٢٣١.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٥٤ ح ٩٦٣.

(١) في المصدر: سخت نفسه بالنفقة.

٤ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح ص ٦٨.

٢٦١

شعيب السبيعي، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « إن مناديا ينادي عن يمينه ( - أي عن يمين العرش - )(١) ومناديا ينادي عن شماله، فيقول أحدهما: اللهم اعط منفقا خلفا، ويقول الاخر: اللهم اعط ممسكا تلفا ».

[١٨١٨٨] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا حسد الا في اثنين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به اناء الليل واناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه ( في الحق )(١) اناء الليل واناء النهار ».

[١٨١٨٩] ٦ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « المال وبال على صاحبه الا ما قدم منه ».

وقالعليه‌السلام (١) : « أمسك من المال بقدر ضرورتك، وقدم الفضل ليوم فاقتك ».

١٨ -( باب تحريم البخل والشح بالواجبات)

[١٨١٩٠] ١ - زيد النرسي في أصله: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ما رأيت شيئا هو أضر في دين المسلم من الشح ».

وباقي أخبار الباب مضى في كتاب الزكاة(١) .

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٣ ح ٦٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

٦ - الغرر ج ١ ص ٨٤.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ١٢٠ ح ١٨١.

الباب ١٨

١ - أصل زيد النرسي ص ٥٠.

(١) تقدم في الباب

(٥) من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

٢٦٢

١٩ -( باب استحباب الاقتصاد في النفقة)

[١٨١٩١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : التودد إلى الناس نصف العقل، والرفق نصف العيش، وما عال امرؤ في اقتصاد ».

[١٨١٩٢] ٢ - وبهذا الاسناد: قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أراد الله بأهل بيت خيرا، فقههم في الدين، ورزقهم الرفق في معايشهم، والقصد في شأنهم » الخبر.

ورواهما في الدعائم: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(١) .

[١٨١٩٣] ٣ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عمن ذكره، وغير واحد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا يصلح المرء الا على ثلاث خصال: التفقه في الدين، وحسن التقدير في المعيشة، والصبر على النائبة ».

[١٨١٩٤] ٤ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من اقتصد ( في معيشته )(١) رزقه الله، ومن بذر حرمه الله ».

[١٨١٩٥] ٥ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « الكمال كل الكمال: الفقه في الدين، والصبر على النائبة، والتقدير في المعيشة ».

__________________

الباب ١٩

١ - الجعفريات ص ١٤٩، دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٤ ح ٩٦٥.

٢ - الجعفريات ص ١٤٩.

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٤ و ٢٥٥ ح ٩٦٥ و ٩٦٦.

٣ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١٠٨.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٥ ح ٩٦٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

٥ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢٥٥ ح ٩٦٩.

٢٦٣

[١٨١٩٦] ٦ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : « العقل، أنك تقصد فلا تسرف، وتعد فلا تخلف ».

٢٠ -( باب أنه ليس فيما أصلح البدن إسراف)

[١٨١٩٧] ١ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: نقلا من كتاب اللباس للعياشي، عن أبي السفاتج(١) ، عن بعض أصحابه، انه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال: انا نكون في طريق مكة، فنريد الاحرام فلا يكون معنا نخالة نتدلك(٢) بها من النورة، فنتدلك(٣) بالدقيق، فيدخلني من ذلك ما الله به أعلم، قالعليه‌السلام : « مخافة الاسراف » قلت: نعم، قال: « ليس فيما أصلح البدن إسراف أنا(٤) ربما أمرت بالنقي(٥) فيلت بالزيت فأتدلك به، إنما الاسراف فيما أتلف المال وأضرر بالبدن » قلت: فما الاقتار؟ قال: « أكل الخبز والملح وأنت تقدر على غيره » قلت: ( فما القصد؟ ) قال: « الخبز واللحم واللبن والزيت والسمن، مرة ( هذا ومرة هذا(٧) ».

[١٨٢٩٨] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا

__________________

٦ - الغرر ج ١ ص ٩٩ ح ٢١٥٢.

الباب ٢٠

١ - مكارم الأخلاق ص ٥٧.

(١) في الحجرية: أبو السفائح، وما أثبتناه من المصدر هو الصواب. انظر: « تنقيح المقال ج ٣ ص ١٨، مجمع الرجال ج ٧ ص ٤٩ ».

(٢) في الطبعة الحجرية: « فندلك » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في الطبعة الحجرية: « فندلك » وما أثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر: اني.

(٥) النقي: دقيق الحنطة المنخول ( مجمع البحرين ج ١ ص ٤٢٠ ).

(٦) في المصدر: « فالقصد ».

(٧) في المصدر: « ذا ومرة ذا ».

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٩١ ح ١٥٤.

٢٦٤

خير في السرف، ولا سرف في الخير ».

٢١ -( باب عدم جواز السرف والتقتير)

[١٨١٩٩] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن علي بن جذاعة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « اتق الله، ولا تسرف ولا تقتر وكن بين ذلك قواما، ان التبذير من الاسراف، وقال الله:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) (١) ان الله لا يعذب على القصد ».

[١٨٢٠٠] ٢ - وعن ابن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ ) (١) قال: فضم يده وقال هكذا، فقال( لَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ) (٢) وبسط راحته وقال هكذا.

[١٨٢٠١] ٣ - وعن جميل، عن إسحاق بن عمار، عن عامر بن جذاعة قال: دخل على أبي عبد اللهعليه‌السلام رجل فقال: يا أبا عبد الله، قرضا إلى ميسرة، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إلى غلة تدرك؟ » فقال: لا والله، فقال: « إلى تجارة تؤدى؟ » فقال: لا والله، فقال: « إلى عقدة(١) تباع؟ » فقال: لا والله، فقال: « فأنت إذن ممن جعل الله له في أموالنا حقا  - فدعا أبو عبد اللهعليه‌السلام بكيس فيه دراهم، فأدخل يده فناوله قبضة، ثم قال -: اتق الله، ولا تسرف ولا تقتر وكن بين ذلك قواما، ان التبذير من الاسراف، قال الله تعالى:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) وقال: ان الله

__________________

الباب ٢١

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٥.

(١) الاسراء ١٧: ٢٦.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٦٠.

(١) الاسراء ١٧: ٢٩.

(٢) الاسراء ١٧: ٢٩.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٩.

(١) العقدة: البستان والدار وأمثالهما من المال ( لسان العرب ج ٣ ص ٢٩٩ ).

(٢) الاسراء ١٧: ٢٦.

٢٦٥

لا يعذب على القصد ».

[١٨٢٠٢] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا منع ولا إسراف ولا بخل ولا اتلاف ».

[١٨٢٠٣] ٥ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « التبذير عنوان الفاقة ».

وقالعليه‌السلام (١) : « إذا أراد الله بعبد خيرا ألهمه الاقتصاد وحسن التدبير، وجنبه سوء التدبير والاسراف ».

وقالعليه‌السلام (٢) : « حلوا أنفسكم بالعفاف، وتجنبوا التبذير والاسراف ».

وقالعليه‌السلام (٣) : « ذر السرف، فان المسرف لا يحمد جوده، ولا يرحم فقره ».

وقالعليه‌السلام :(٤) « سبب الفقر الاسراف ».

وقالعليه‌السلام (٥) : « من أشرف الشرف، الكف عن التبذير والسرف ».

وقالعليه‌السلام (٦) : « ويح المسرف، ما أبعده عن صلاح نفسه، واستدراك أمره! ».

__________________

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٩٦ ح ١٩٨.

٥ - الغرر ج ١ ص ٣١ ح ٩٤٠.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٣٢٢ ح ١٦٤.

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٣٨٧ ح ٨٢.

(٣) نفس المصدر ج ١ ص ٤٠٦ ح ٢٨.

(٤) نفس المصدر ج ١ ص ٤٣١ ح ٢٠.

(٥) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٣٤ ح ١٣٨.

(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٨٢ ح ٣١.

٢٦٦

٢٢ -( باب استحباب صيانة العرض بالمال)

[١٨٢٠٤] ١ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كلام له: ثم كل معروف بعد ذلك، ما وقيتم به أعراضكم، وصنتموها عن ألسنة كلاب الناس، كالشعراء الوقاعين في الاعراض تكفونهم، فهم محسوب لكم في الصدقات ».

[١٨٢٠٥] ٢ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كل معروف صدقة، وكل ما أنفق المؤمن من نفقة على نفسه وعياله وأهله كتب له بها صدقة، وما وقى به الرجل عرضه كتب له(١) صدقة - قلت: ما معنى ما وقى به الرجل عرضه؟ قال: ما أعطاه الشاعر وذا اللسان المتقى - وما أنفق الرجل(٢) من نفقة فعلى الله خلفها ضمانا، الا ما كان من نفقة في بنيان، أو معصية الله ».

[١٨٢٠٦] ٣ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في خطبة الوسيلة: « إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال ».

[١٨٢٠٧] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « حصنوا الاعراض بالأموال ».

__________________

الباب ٢٢

١ - تفسير الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٦٨ ح ٤٠.

٢ - درر اللآلي ج ١ ص ١٤.

(١) في المصدر زيادة: به.

(٢) في المصدر: المؤمن.

٣ - تحف العقول ص ٦٣.

٤ - غرر الحكم ج ١ ص ٣٨٣ ح ٤١.

٢٦٧

وقالعليه‌السلام : « خير أموالك ما وقى عرضك »(١) .

وقالعليه‌السلام : « لم يذهب من مالك ما وقى عرضك »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « من النبل أن يبذل الرجل ماله(٣) ، ويصون عرضه، من اللؤم أن يصون ماله، ويبذل عرضه »(٤) وقالعليه‌السلام : « قوا أعراضكم ببذل أموالكم »(٥) .

وقالعليه‌السلام : « وفور الأموال بانتقاص الاعراض لؤم »(٦) .

وقالعليه‌السلام : « وقر عرضك، بعرضك تكرم »(٧) .

وقالعليه‌السلام : « وقروا العرض بابتذال المال »(٨) .

٢٣ -( باب حد الاسراف والتقتير)

[١٨٢٠٨] ١ - العياشي في تفسيره: عن بشر بن مروان قال: دخلنا على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فدعا برطب فأقبل بعضهم يرمي بالنواة، قال: وأمسك أبو عبد اللهعليه‌السلام يده، فقال: « لا تفعل، ان هذا من التبذير، وان الله لا يحب الفساد ».

[١٨٢٠٩] ٢ - وعن عجلان قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ،

__________________

(١) غرر الحكم ج ١ ص ٣٨٧ ح ١٢.

(٢) نفس المصدر ج ٢ ص ٦٠٠ ح ١٦.

(٣) في المصدر: نفسه.

(٤) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٣٠ ح ٩٦، ٩٧.

(٥) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٨٠ ح ٨.

(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٨٠ ح ٩.

(٧) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٨٤ ح ٥١.

(٨) نفس المصدر ص ٣٧٢ ( الطبعة الحجرية ).

الباب ٢٣

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٨.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٥٩.

٢٦٨

فجاءه سائل فقام إلى مكتل فيه تمر فملا يده ثم ناوله، ثم جاءه آخر فسأله فقام وأخذ بيده فناوله، ثم جاء آخر فسأله فقال: « رزقنا الله وإياك » ثم قال: « ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان له يسأله أحد من الدنيا شيئا الا أعطاه، قال: فأرسلت إليه امرأة ابنا لها فقالت: انطلق إليه فاسأله فان قال: ليس عندنا شئ، فقل: أعطني قميصك، فأتاه الغلام فسأله، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس عندنا شئ، فقال: فأعطني قميصك، فأخذ قميصه فرمى به إليه، فأدبه الله على القصد، فقال:( وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورً‌ا ) (١) ».

[١٨٢١٠] ٣ - وعن محمد بن يزيد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورً‌ا ) (١) قال: الاحسار: الاقتار ».

[١٨٢١١] ٤ - وعن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) (١) قال: « من أنفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذر، ومن أنفق في سبيل الخير فهو مقتصد ».

[١٨٢١٢] ٥ - وعن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن قوله تعالى:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) (١) قال: « بذل الرجل ماله ( و )(٢) يقعد

__________________

(١) الاسراء ١٧: ٢٩.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٦١.

(١) الاسراء ١٧: ٢٩.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٣.

(١) الاسراء ١٧: ٢٦.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٤.

(١) الاسراء ١٧: ٢٦.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢٦٩

ليس له مال » قال: فيكون تبذير في حلال؟ قال: « نعم ».

[١٨٢١٣] ٦ - وعن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أترى الله أعطى من أعطى من كرامته عليه، ومنع من منع من هوان به عليه! لا، ولكن المال مال الله يضعه عند الرجل ودائع، وجوز لهم أن يأكلوا قصدا، ويشربوا قصدا، ويلبسوا قصدا، وينكحوا قصدا، ويركبوا قصدا، ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين، ويلموا به شعثهم، فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالا ويشرب حلالا ويركب حلالا وينكح حلالا، ومن عدا ذلك كان عليه حراما، ثم قال: ولا تسرفوا ان الله لا يحب المسرفين أترى الله ائتمن رجلا على مال خول له أن يشتري فرسا بعشرة آلاف درهم، ويجزئه فرس بعشرين درهما، ويشتري جارية بألف ( دينار )(١) وتجزئه جارية بعشرين دينارا! وقال:( وَلَا تُسْرِ‌فُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِ‌فِينَ ) (٢) ».

[١٨٢١٤] ٧ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك، عن رجل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « رب فقير هو أسرف من غني، ان الغني ينفق مما آتاه الله، والفقير ينفق مما ليس عنده ».

[١٨٢١٥] ٨ - الصدوق في الخصال: عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن خالد، عن إبراهيم بن محمد الأشعري، عن أبي إسحاق رفعه إلى علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) : للمسرف ثلاث علامات: يأكل ما ليس له، ويلبس ما ليس له،

__________________

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٣ ح ٢٣، وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٣٠٥ ح ٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الانعام ٦: ١٤١.

٧ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١١٠.

٨ - الخصال ص ٩٧ ح ٤٥.

(١) في المصدر: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٢٧٠

ويشترى ما ليس له ».

ورواه أيضا فيه: عن أبيه، عن سعد بن عبد اله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال لقمان لابنه: يا بني للمسرف » وذكر مثله(٢) .

[١٨٢١٦] ٩ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) (١) قال: « ليس في طاعة الله تبذير ».

[١٨٢١٧] ١٠ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « الاسراف مذموم في كل شئ، إلا في أفعال البر ».

وقالعليه‌السلام : « الا ان اعطاء هذا المال في غير حقه تبذير واسراف »(١) .

وقالعليه‌السلام : « أفقر الناس من قتر على نفسه مع الغنى والسعة، وخلفه لغيره »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « في كل شئ يذم السرف، الا في صنائع المعروف، والمبالغة في الطاعة »(٣) .

وقالعليه‌السلام : « كل ما زاد على الاقتصاد إسراف »(٤) .

__________________

(٢) نفس المصدر ص ١٢١ ح ١١٣.

٩ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٤ ح ٩٦٤.

(١) الاسراء ١٧: ٢٦.

١٠ - غرر الحكم ج ١ ص ٨٣ ح ١٩٦٠.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ١٦١ ح ٩.

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٢١٠ ح ٥١٧.

(٣) نفس المصدر ج ٢ ص ٥١٥ ح ٨٥.

(٤) نفس المصدر ج ٢ ص ٥٤٧ ح ٧٣.

٢٧١

وقالعليه‌السلام : « ما فوق الكفاف إسراف(٥) ».

٢٤ -( باب استحباب الصبر لمن رأى الفاكهة ونحوها في السوق، وشق عليه شراؤها)

[١٨٢١٨] ١ - أحمد بن محمد بن فهد في كتاب التحصين: نقلا من كتاب المنبئ عن زهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، للشيخ جعفر بن أحمد القمي، باسناده إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في جملة كلام له في صفات إخوانه الذين يأتون من بعده: « يا أبا ذر، لو أن أحدا منهم اشتهى شهوة من شهوات الدنيا، فيصبر ولا يطلبها، كان له من الاجر(١) بذكر أهله ثم يغتم ويتنفس، كتب الله له بكل نفس ألفي ألف حسنة، ومحا عنه ألفي ألف سيئة، ورفع له ألفي ألف درجة » الخبر.

٢٥ -( باب عدم جواز جمع المال وترك الانفاق منه)

[١٨٢١٩] ١ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « قيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فمن أعظم الناس حسرة؟ قال: من رآى ماله في ميزان غيره، فأدخله الله به النار، وأدخل وارثه به الجنة، قيل: فكيف يكون هذا؟ قال: كما حدثني بعض إخواننا، عن رجل دخل إليه وهو يسوق، قال له: يا فلان، ما تقول في مائة ألف في هذا الصندوق؟ قال: ما أديت منها زكاة قط، ولا وصلت منها رحما قط، قال: قلت: فعلى ما جمعتها؟ قال: لحقوق السلطان، ومكاثرة العشيرة، ولخوف(١) الفقر على العيال، ولروعة الزمان، قال: ثم لم يخرج من عنده حتى فاضت نفسه، ثم قال عليعليه‌السلام :

__________________

(٥) غرر الحكم ج ٢ ص ٧٣٧ ح ١٣.

الباب ٢٤

(١) كذا في الحجرية.

الباب ٢٥

١ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ١٤.

(١) في نسخة: تخوف.

٢٧٢

الحمد لله الذي أخرجه منها ملوما مليا، بباطل جمعها، ومن حق منعها فأوعاها، وشدها فأوكاها، فقطع فيها المفاوز والقفار ولجج البحار، أيها الواقف لا تخدع كما خدع صويحبك بالأمس، ان من أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى ماله في ميزان غيره، أدخل الله هذا به الجنة، وأدخل هذا به النار ».

[١٨٢٢٠] ٢ - أحمد بن محمد بن فهد في عدة الداعي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « احذروا المال فإنه كان فيما مضى رجل قد جمع مالا وولدا، وأقبل على نفسه وجمع لهم فأوعى، فأتاه ملك الموت فقرع بابه وهو في زي مسكين، فخرج إليه الحجاب فقال لهم: ادعوا لي سيدكم، قالوا: أو(١) يخرج سيدنا إلى مثلك، ودفعوه حتى نحوه عن الباب، ثم عاد إليهم في مثل تلك الهيئة، وقال: ادعوا لي سيدكم، وأخبروه اني ملك الموت، فلما سمع سيدهم هذا الكلام قعد خائفا فرقا، وقال لأصحابه: لينوا له في المقال، وقولوا له: لعلك تطلب غير سيدنا بارك الله فيك، قال لهم: لا، ودخل عليه وقال له: قم فأوص ما كنت موصيا، فاني قابض روحك قبل أن اخرج، فصاح أهله وبكوا، فقال: افتحوا الصناديق واكتبوا ما فيها من الذهب والفضة، ثم أقبل على المال يسبه ويقول: لعنك الله من مال، أنت أنسيتني ذكر ربي، وأغفلتني عن أمر آخرتي، حتى بغتني من أمر الله ما قد بغتني، فأنطق الله المال فقال له: لم تسبني وأنت ألام مني؟ ألم تكن في أعين الناس حقيرا فرفعوك لما رأوا عليك من أثري؟ ألم تحضر أبواب الملوك والسادة ويحضرها الصالحون فتدخل قبلهم ويؤخرون؟ ألم(٢) تخطب بنات الملوك والسادة ويخطبهن الصالحون فتنكح ويردون؟ فلو كنت تنفقني في سبيل الخيرات لم أمتنع عليك، ولو كنت تنفقني في سبيل الله لم أنقص عليك، فلم

__________________

٢ - عدة الداعي ص ٩٥.

(١) في الحجرية: « لن » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في الحجرية: « و » ما أثبتناه من المصدر.

٢٧٣

تسبني وأنت ألام مني؟ وإنما خلقت أنا وأنت من تراب، فانطلق ترابا وانطلق ( أنت )(١) بإثمي، هكذا يقول المال لصاحبه ».

[١٨٢٢١] ٣ - عوالي اللآلي: عن أبي أيوب الأنصاري، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « أيما رجل له مال لم يعط حق الله منه، الا جعله الله على صاحبه يوم القيامة شجاعا له زبيبتان، ينهشه حتى يقضي بين الناس، فيقول: مالي ومالك؟ فيقول: أنا كنزك الذي جمعت لهذا اليوم، قال: فيضع يده فيه فيقضمها(١) ».

[١٨٢٢٢] ٤ - العياشي في تفسيره: عن عثمان بن عيسى، عمن حدثه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قول الله:( كَذَٰلِكَ يُرِ‌يهِمُ اللَّـهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَ‌اتٍ عَلَيْهِمْ ) (١) قال: « هو الرجل يدع المال لا ينفقه في طاعة الله بخلا، ثم يموت فيدعه لمن يعمل به في طاعة الله أو في معصيته، فان عمل به في طاعة الله رآه في ميزان غيره فزاد حسرة، وقد كان المال له، أو من عمل به في معصية الله قواه بذلك المال حتى عمل به في معاصي الله ».

[١٨٢٢٣] ٥ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « ما من عبد ضيع حقا، الا أعطى في باطل مثله - إلى أن قال - وما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما يرضي الله، الا ابتلي أن ينفق أضعافا(١) فيما يسخط الله ».

[١٨٢٢٤] ٦ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال:

__________________

(٣) أثبتناه من المصدر.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٨٤ ح ١١.

(١) القضم: العض ( النهاية ج ٤ ص ٧٧ ).

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٧٢ ح ١٤٤.

(١) البقرة ٢: ١٦٧.

٥ - الاختصاص ص ٢٤٢.

(١) في الحجرية: « اضعافها » وما أثبتناه من المصدر.

٦ - غرر الحكم ج ٢ ص ٦٠٠ ح ١٣.

٢٧٤

« لم يرزق المال من لم ينفقه ».

٢٦ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب النفقات)

[١٨٢٢٥] ١ - البحار، من كتاب العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم: العلة في جوع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه هو أب المؤمنين، لقول الله عز وجل:( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) (١) وهو أب لهم، فما كان أب المؤمنين علم ( أن )(٢) في الدنيا مؤمنين جائعين، ولا يحل للأب أن يشبع ويجوع ولده، فجوع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه، لأنه علم ( ان )(٣) في أولاده جائعين.

[١٨٢٢٦] ٢ - حسين بن عثمان بن شريك في كتابه: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « ما الصعلوك عندكم؟ » قال: قيل: الذي ليس له شئ، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « لا ولكنه الغني الذي لا يتقرب إلى الله بشئ من ماله ».

[١٨٢٢٧] ٣ - وعن الحسين بن مختار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ان الله عز وجل يبغض الغني الظلوم، والشيخ الفاجر، والصعلوك المختال » قال: ثم قال: « أتدري ما الصعلوك المختال؟ » قال: قلت: القليل المال، قال: « لا، ولكنه الغني الذي لا يتقرب إلى الله بشئ من ماله ».

[١٨٢٢٨] ٤ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد، قال أخبرنا محمد بن

__________________

الباب ٢٦.

١ - بحار الأنوار ج ٤ ص ٧٥.

(١) الأحزاب ٣٣: ٦.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١١٢.

٣ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١٠٩.

٤ - الجعفريات ص ٢٢٠.

٢٧٥

محمد قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رجل، فقال: يا رسول الله، ان نفسي لا تشبع ولا تقنع، فقال له: قل اللهم رضني بقضائك، وصبرني على بلائك، وبارك لي في أقدارك، حتى لا أحب تعجيل شئ أخرته، ولا أحب تأخير شئ عجلته ».

[١٨٢٢٩] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ».

[١٨٢٣٠] ٦ - الآمدي في الغرر عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « اعطاء هذا المال في حقوق الله، داخل في باب الجود ».

صورة خط المؤلف متع الله المسلمين ببقائه إن شاء الله تعالى.

تم كتاب النكاح من كتاب مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، بقلم مؤلفه العبد المذنب المسئ ( حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي ).

حشرهما الله تعالى مع مواليه، في عصر يوم الخميس العاشر من ربيع المولود، من سنة ١٣١١ في الناحية المقدسة سر من رآى، حامدا مصليا مستغفرا.

ويتلوه كتاب الطلاق إن شاء الله تعالى.

__________________

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٨٣ ح ١٢٢.

٦ - الغرر ج ١ ص ٩٣ ح ١٠٩٦.

٢٧٦

٢٧٧

بسم الله الرحمن الرحيم

فهرست أنواع الأبواب إجمالا

أبواب مقدماته وشرائطه

أبواب أقسامه وأحكامه

أبواب العدد

٢٧٨

أبواب مقدماته وشرائطه

١ -( باب كراهة طلاق الزوجة الموافقة وعدم تحريمه)

[١٨٢٣١] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام أنه قال يوما لجارية له - يقال لها: أم سعيد - وهي تصب الماء على يديه: « يا أم سعيد قالت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: لقد اشتهيت أن أكون عروسا، قالت: وما يمنعك من ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: ويحك، بعد أربع في الرحبة؟ قالت: طلق واحدة منهن وادخل مكانها أخرى، فقال: ويحك قد علمت هذا، ولكن الطلاق قبيح وأنا أكرهه ».

[١٨٢٣٢] ٢ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه كتب كتابا إلى رفاعة بن شداد، كان فيه: « واحذر أن تتكلم في الطلاق، وعاف ( بنفسك فيه )(١) ما وجدت إليه سبيلا » الخبر.

[١٨٢٣٣] ٣ - تحفة الاخوان للمولى محمد سعيد المزيدي: عن أبي بصير، عن جعفر بن محمدعليهم‌السلام - في حديث طويل في قصة آدمعليه‌السلام - قال: « لا شئ مباح أبغض إلى الله تعالى من الطلاق ».

__________________

كتاب الطلاق

أبواب مقدماته وشرائطه

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٧ ح ٩٧٩.

٢ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢٥٨ ح ٩٨٢.

(١) في المصدر: نفسك منه.

٣ - تحفة الاخوان: مخطوط.

٢٧٩

وقالعليه‌السلام : لعن الله الذواق والذواقة »(١) .

[١٨٢٣٤] ٤ - عوالي اللآلي: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما أحب الله مباحا كالنكاح، وما أبغض الله مباحا كالطلاق ».

[١٨٢٣٥] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق ».

[١٨٢٣٦] ٦ - وعن أبي موسى، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تطلقوا النساء إلا عن ربية، فان الله لا يحب الذواقين والذواقات ».

[١٨٢٣٧] ٧ - وعن ثوبان يرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة ».

٢ -( باب جواز رد الرجل للطلاق إذا خطب، وإن كان كفوا في نهاية الشرف)

[١٨٢٣٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « قال عليعليه‌السلام لأهل الكوفة: يا أهل الكوفة، لا تزوجوا حسنا فإنه رجل مطلاق ».

[١٨٢٣٩] ٢ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أبي طالب في قوت القلوب:

__________________

(١) قال ابن الأثير: ومنه الحديث: إن الله لا يحب الذواقين والذواقات، يعني السريعي النكاح، السريعي الطلاق ( النهاية ج ٢ ص ١٧٢ ).

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٣٧٢ ح ٤.

٥ - المصدر السابق ج ١ ص ١٦٥ ح ١٧١.

٦ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٣٩ ح ٣٨٩.

٧ - المصدر السابق ح ٢ ص ١٣٩ ح ٣٨٨.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٧ ح ٩٨٠.

٢ - المناقب ج ٤ ص ٣٠.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

(أمّا بعد: فإنّما أنت وثَن ابن وثَن من أوثان مكّة، دخلت في الإسلام كُرهاً، وخرجت منه طوعاً، ولم يجعل الله لك فيه نصيباً، لم يقدم إسلامك، ولم يحدث نفاقُك، ولم تزل حرباً لله ورسوله وحزباً من أحزاب المشركين؛ فأنت عدوّ الله ورسوله والمؤمنين من عباده. وذكرت أبي، ولعمري ما أوتر إلّا قوسه، ولا رمى إلّا غرضه، فشغَب عليه من لا يشقّ غباره ولا يبلغ كعبه، وكان أمراً مرغوباً عنه مزهوداً فيه. وزعمت أنّي يهوديّ ابن يهوديّ ولقد علمت وعلم الناس أنّي وأبي من أنصار الدين الذي خرجت منه، وأعداء الدين الذي دخلت فيه وصرتَ إليه).

فلمّا قرأ كتابه معاوية غاظه وأراد إجابته فقال له عمرو: مهلاً إن كاتبته أجابك بأشدّ من هذا، وإن تركته دخل فيما دخل فيه الناس فأمسك عنه(١) .

على ما حدث لأميرالمؤمنين الحسنعليه‌السلام وخديعة ابن هند لعبيد الله بن العبّاس، فإنّ قيس بن سعد بن عُبادة سدّ الفراغ الذي أحدثه غياب عبيد الله، وبقي طوداً شامخاً ولـمّا خايَر أصحابه بين القتال مع غير إمام أو يبايعوا بيعة ضلال؛ اختاروا القتال بلا إمام فقد أَصَّلوا أمرهم على وجوب قتال الخوارج القاسطين كما قاتلوا الخوارج يوم البعير، ويوم صفّين والنهروان وكانت بيعتهم في كلّ وقعة على الموت.

هذا هو شأن أنصار الله وأنصار دينه ورأسُهم قيس بن سعد بن عُبادة، هو وأبوه لهم السيادة في الخزرج، وأنصار الخزرج والأوس تَبَعٌ لقولهما وقد مرّ بنا سيرة أبيه سعد بن عُبادة ولزومه عليًّا أمير المؤمنينعليه‌السلام واشتداد الخوارج الأوائل عليه حتّى أخرج من مدينة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؛ ولم تطب نفوس أولئك حتّى بعثوا جنيّاً! قتله بحوران، وهذا الذي أراد ابن هند من كتابه إلى قيس بن سعد في قتل أبيه طريداً بحوران.

____________________

(١) أنساب الأشراف ٣: ٢٨٥، مقاتل الطالبيّين: ٤٣.

٥٢١

وليت ابن هند وقف عند هذا الأمر؛ إلّا أنّه معاوية، وقد علمتَ أنّه ما عوى على أحدٍ إلّا وردّه بما يندم عليه! ولكنّ قرينه يُنسيه مرامي ضعفه فيرجع إلى طبعه في المحارشة فترشقه سهامُ الردّ بدءاً باسمه (عاوية) ومروراً بهند أُمّه وعطفاً على أبي سفيان زوج هند الرابع، والذي لم تكن له علاقة نسبيّة بمعاوية المنسوب إلى أربعة وربّما ستّة، ولعنات رسول الله له ولأبي سفيان وأمره بقتله إن شوهد على المنبر.

وقد ظنّ ظنّاً كاذباً! إذ رأى أنّه تمكّن من خديعة عبيد الله بن العبّاس وأنّه بذلك أضعف جبهة الإمام الحسنعليه‌السلام ولا يدري أنّ القوم قد زادهم ما حدث عزيمةً وقد بايعوا قيس بن سعد على الموت. فبعث إليهم بُسْر بن أبي أرطاة ليضعف قناتهم بانضمام عبيد الله إلى ابن هند، وكذب عليهم بقوله: إنّ الحسنعليه‌السلام قد بايع ابن هند! وما أروع الموقف وأرشده! فإنّ قيس بن سعد لم يضعف ولم تهزّه الهزاهز، إلّا أنّه لم يُقحم جيشه في معركةٍ حتّى استشارهم فاختاروا القتال بلا إمامٍ على بيعة ضلال فهم مع الحق حيث زال فهزموا بُسراً. عند ذلك عوى ابن هند فبعث رسالة إلى قيس بن سعد بدأه بقوله: (إنّما أنت يهوديّ ابن يهوديّ!) ولا ندري ربّما أراد أن يقول: إنّما أنت أنصاري ابن سيّد الأنصار! فأخذ عليه قرينُه بصيرته؛ فصرف من هذا إلى ذاك، مثل قوله في خطبته حين بويع له: (ما اختلفت أمّة بعد نبيّها إلّا ظهر أهل باطلها على أهل حقّها).

ولقد كان كتاب ابن هند إلى قيس بن سعد، بعد كتابه الأوّل إليه يدعوه فيه إليه ويُمنّيه! فجاءه جواب قيس كالصاعقة: (لا والله لا تلقاني أبداً إلّا وبيني وبينك الرمح).

وكان جوابه على كتابه الثاني قاصعة بدأه: (إنّما أنت وثن ابن وثن، دخلت في

٥٢٢

الإسلام كُرهاً وخرجتَ منه طوعاً ولم يجعل الله لك فيه نصيباً). صدق قيس وكذب ابن هند؛ فقيس وأبوه من أنصار الدين الذي دخله ابن هند كرهاً تحت بارقة السيوف، وخرج منه طوعاً يصدّقه في ذلك لعنات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، له والتحذير من فتنته وخروجه على أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام وأمر النبيّ لعليّ بقتاله؛ فما أبينها من حجّة!

وشتّان بين شتيمة ابن هند وجواب قيس! فابن هند نسب قيساً وأباه إلى أهل الكتاب - مع جلالتهما من ذلك - وأمّا قيس فنسب ابن هند، وأبا سفيان إلى الوثنيّة، وسيرتهما وأقوال رسول الله فيهما تصدّق ذلك.

ابن هند يطلب الصلح

بعد جواب قيس بن سعد بن عُبادة، وبعد وقعتين بين أهل العراق وأهل الشأم، جعل قيس بن سعد ينتظر الحسنعليه‌السلام أن يقدم عليه، وهو لا يعلم ما الذي نزل به. فبينا هو كذلك إذ وقع الخبر في العسكرين أنّ الحسن بن عليّ قد طعن في فخذه وأنّه قد تفرّق عنه أصحابه؛ فاغتمّ قيس بن سعد وأراد أن يشغل الناس بالحرب لكي لا يذكروا هذا الخبر، فزحف القوم بعضهم إلى بعض فاختلطوا للقتال، فقتل من جماعة معاوية جماعة وجرح بشر كثير وكذلك من أصحاب قيس بن سعد، ثمّ تحاجزوا.

وأرسل معاوية إلى قيس فقال: على ماذا تقاتلنا وتقتل نفسك وقد أتانا الخبر اليقين بأنّ صاحبك قد خلعه أصحابه، وقد طعن في فخذه... فيجب أن تكفّ عنّا ونكفّ عنك حتّى يأتيك علم ذلك.

ووجّه معاوية عبد الله بن كُرَيْز، وعبد الرحمن بن سَمُرة إلى الحسن للصلح، فدعواه إليه، فقبل وبعث معهما عمرو بن سلمة الهمداني ثمّ الأرحبي، ومحمّد بن الأشعث الكندي، ليكتبا على معاوية الشرط ويعطياه الرضى.

٥٢٣

فكتب معاوية كتاباً نسخته: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب للحسن بن عليّ من معاوية بن أبي سفيان، إنّي صالحتك على أنّ لك الأمر من بعدي، ولك عهد الله وميثاقه وذمّته وذمّة رسوله وأشدّ ما أخذ الله على أحد من خلقه من عهد وعقد، لا أبغيك غائلة ولا مكروهاً، وعلى أن أعطيك في كلّ سنة ألف ألف درهم من بيت المال وعلى أنّ لك خراج فسا، ودار أبجرد، تبعث إليهما عمّالك وتصنع بهما ما بدا لك).

شهد عبد الله بن عامر، وعبد الله بن سلمة الهَمْداني، وعبد الرحمن بن سَمُرة، ومحمّد بن الأشعث الكندي. وكتب في شهر ربيع الآخر سنة احدى وأربعين.

فلمّا قرأ الحسنعليه‌السلام الكتاب قال: يُطمعني معاوية في أمرٍ لو أردتُ لم أسلّمه إليه(١) .

ثمّ بعث الحسنعليه‌السلام عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب، وأمّه هند بنت أبي سفيان فقال له: ائت خالك فقل له إن أمنت بايعتك(٢) . وفي لفظ: إن أمنت الناس على أنفسهم وأموالهم وأولادهم ونسائهم بايعتك، وإن لم تؤمنهم لم أبايعك(٣) .

فالإمامعليه‌السلام لا ينظر إلى مصلحته خاصّة وإنّما همّه سلامة الناس كافّة. ولو كان ممّن يغريه السلطان لـما تنازل عنه أوّلاً ومعه مائة ألف سيف؛ ولا رفضه ومعاوية قد جعل الأمر إليه من بعده:

فدعا معاوية بصحيفة بيضاء فوضع عليها طينة وختمها بخاتمه ثمّ قال: خذ هذه الصحيفة، فانطلق بها إلى الحسن وقل له فليكتب فيها ما شاء وأحبّ ويشهد أصحابه على ذلك، وهذا خاتمي بإقراري.

____________________

(١) أنساب الأشراف ٣: ٢٨٦.

(٢) نفس المصدر السابق.

(٣) الفتوح ٤: ١٥٨.

٥٢٤

فأخذ عبد الله بن نوفل الصحيفة وأقبل إلى الحسن ومعه نفر من أصحاب معاوية فدخلوا على الحسنعليه‌السلام فسلّموا وقالوا: أبا محمّد، إنّ معاوية قد أجابك إلى جميع ما أحببت، فاكتب الذي تحبّ. فقالعليه‌السلام: أما ولاية الأمر من بعده، فما أنا بالراغب في ذلك، ولو أردت هذا الأمر لم أسلّمه إليه، وأمّا المال، فليس لمعاوية أن يشرط لي في المسلمين، ولكن أكتب غير هذا.

كتاب الصلح

فأمر الإمام الحسنعليه‌السلام كاتبه فكتب إلى ابن هند:

(بسم الله الرحمن الرحيم؛ هذا ما صالح عليه الحسن بن عليّ معاوية بن أبي سفيان، صالحه على أن يسلّم إليه ولاية أمر المسلمين(١) ، على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة الخلفاء الصالحين، وعلى أنّه ليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده عهداً، بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين، وعلى أنّ الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وذراريهم؛ وعلى معاوية بذلك عهد الله وميثاقه، وما أخذ الله على أحد من خلقه بالوفاء بما أعطى الله من نفسه؛ وعلى أنّه لا يبغي للحسن بن عليّ ولا لأخيه الحسين ولا لأحدٍ من أهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سرّاً وعلانية، ولا يخيف أحداً منهم في أفق من الآفاق، شهد على ذلك عبد الله بن نوفل بن الحارث، وعمر بن أبي سلمة وفلان، وفلان)(٢) .

إذاً: فسبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخامس أصحاب الكساء وأحد تركة النبيّ الذين هم عِدْلُ القرآن؛ على سيرة جدّه وأبيه فلم تكن حروب جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جميعها إلّا دفاعيّة حياطةً

____________________

(١) هكذا في أنساب الأشراف، وفي الفتوح (المؤمنين).

(٢) أنساب الأشراف ٣: ٢٨٥ - ٢٨٧، الفتوح ٤: ١٥٨ - ١٦٠.

٥٢٥

على الإسلام، فهو رحمةٌ للعالمين نصّ على ذلك القرآن الكريم وهكذا كانت السيرة العلويّة وقد استوفينا الحديث كيف كانت البيعة لأميرالمؤمنين عليّعليه‌السلام، فلا سقيفة ولا مؤامرات في الخفاء ولم تكن قسريّة ولا إكراه وإنّما كانت بيعةً عامّة وعلى رؤوس الملأ فنكثها خوارج البعير بعد حربهم عليها وإظهار الحماس لها وكان أحد رؤوس أهل البعير أوّل من مسح على يد أمير المؤمنينعليه‌السلام عنواناً للبيعة وتبعه صاحبه وتوالى الناس وبويع له في الأقاليم من غير سفك دم.

وعرفنا سيرته مع خوارج الناكثين فهو لم يسر إليهم حتّى أفسدوا فأراقوا الدماء وسرقوا بيت المال؛ ولم يبدأهم بقتال حتّى قتلوا وجرحوا؛ فلمّا انجلت الغبرة عفا وصفح وكان له أن يقتل مَن في الدار مع عائشة: مروان وابن الزبير وجمع من بني أميّة. وهكذا في حروبه الأخرى فهي دفاعيّة لا هجوميّة وحفظاً للكيان الإسلاميّ. وهكذا كان حال فرع الشجرة المباركة الإمام الحسنعليه‌السلام .

فتراهعليه‌السلام ينزل عن الولاية بشرط العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه، وهو يعلم أنّ ابن هند لا يُمكنه أن يعمل بهذا الشرط فقد فُطر على الضلال ورواهُ الشيطان ضرعه حتّى صار قرينه ومَن كان الشيطان قرينه فساءَ قريناً، فهو عدوّ الله ونبيّه وما في كتاب الله وسنّة نبيّه مخالف لأهواء ابن هند وضلاله؛ ولكن هذا ما ينبغي لمنبع العصمة أن يفعله فيبرئ ذمّته ويحرج ابن هند في الدنيا ويخزه عند الله تعالى بوزر ما صنع.

وقيّده بقيدٍ آخر هو أن لا يعهد إلى أحدٍ من بعده بعهدٍ بل الأمر شورى بين المسلمين كوفيّهم وشأميّهم وحجازهم....

وأخذ عليه عهداً أنّ الناس آمنون حيث كانوا، وأخذ عليه بذلك ميثاقاً مغلّظاً لمعرفته بسرّ وعلانية ابن هند الذي لا عهد له ولا وفاء إذ ألغى تلك العهود وسعى

٥٢٦

لقتل الإمام الزكي الحسنعليه‌السلام كما يأتي الحديث عن ذلك.

وانظر موقف ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مسألة الخلافة والحكم، فهوعليه‌السلام إذ نزل عن الحكم بعد أن أفرغ وسعه في مجاهدة العدوّ وطعن تلك الطعنة التي كادت تصل العظم! طعنه إيّاها أحد خارجة المارقين وكتب إليه ابن هند يمنّيه الحكم وأن يكون الأمر من بعده، رفضعليه‌السلام ذلك بإباءٍ، فهو ليس طالب حكم وقد حقّق ما بايع الناس عليه؛ في أن يسالموا من سالم ويحاربوا من حارب وقد شرط على ابن هند أن يُؤمّن الناس حيث كانوا، فعلى ابن هند الوفاء، وعلى الناس كفّ ابن هند عن غيّه وغدره، وللسبط الزكي بجدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أُسوة حسنة، فقد آذاه قومه بما لم يوذ به نبيّ قبله فما كان منه إلّا أن يدعو لهم بالمغفرة لأنّهم قوم يجهلون! وكانت حجرته يجلس فيها قوم أعداءٌ له ويظهرون الإسلام، وقد أخبره القرآن بذلك فلم يُبادهم بسوء.

وكذلك أبوه أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام وقد ذكرنا من سيرته مع صنوف الخوارج، وكذلك مع الذين داهموا بيته وفعلوا فعلتهم مستغلّين الوصيّة! وكان يقول: أُسالم ما سلم الدين. وسنأتي على حيثيّات قبول الإمامعليه‌السلام الصلح إن شاء الله.

موقف قيس بن سعد بن عُبادة

سار الإمام الحسنعليه‌السلام إلى الكوفة ثمّ تبعه ابن هند لأخذ البيعة منه وقد أرسل إليه: هلمّ أبا محمّد إلى البيعة. فأرسل إليه الإمامعليه‌السلام : أبايعك على أنّ الناس كلّهم آمنون.

فقال معاوية: الناس كلّهم آمنون إلّا قيس بن سعد، فإنّه لا أمان له عندي؛ فأرسل إليه الحسن: إنّي لست مبايعاً أو تؤمن الناس جميعاً، وإلاّ لم أبايعك. فأجاب معاوية إلى ذلك.

٥٢٧

إنّ الإمامعليه‌السلام لم يرض أن يبايع ابن هند عن ضعف وإنّما أراد حقن الدماء وله ولجماعته دينهم؛ ولابن هند ومن معه دينهم وسيحكم الله بينهم فيفلج الباطل.

ولم تكن بيعة قيس بن سعد لمعاوية سهلةً فقد اعتزل في أربعة آلاف قد بايعوه على الموت، وأرسل إليه معاوية أربعين ليلة يسأله أن يبايعه وهو يأبى ذلك حتّى أرسل إليه أخيراً يقول: على طاعة من تقاتلني وقد بايعني الذي أعطيته طاعتك! فأبى قيس أن يلين له حتّى أرسل إليه معاوية بسجلّ قد ختم في أسفله فقال: اكتب في هذا السجلّ ما شئت فهو لك. قال عمرو لمعاوية بسجلّ قد ختم في أسفله فقال: اكتب في هذا السجلّ ما شئت فهو لك. قال عمرو لمعاوية: لا تعطه هذا وقاتله! فقال معاوية: على رسلك فإنّا لا نخلص إلى قتل هؤلاء حتّى يقتلوا أعدادهم من أهل الشأم فما خير العيش بعد ذلك؟ وإنّي والله لا أقاتله أبداً حتّى لا أجد من قتاله بدّاً.

فلمّا بعث إليه معاوية بذلك السجلّ، اشترط فيه قيس له ولشيعته على الأمان على ما أصابوا من الدماء والأموال، ولم يسأل معاوية في سجلّه ذلك مالاً وأعطاه معاوية ما سأل فدخل قيس ومن معه في الطاعة(١) .

والتلميذ على سرّ أستاذه وإمامه، فهو وقد صنع معه ابن هند صنيعه مع الإمامعليه‌السلام وظنّ أنّه يغريه فيشغله بمطالب الدنيا من حكم ومال وغير ذلك إلّا أنّ الإمام شرط عليه العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه والأمان العام؛ فكذلك فعل ابن سعد إذ لم يطلب مالاً وإنّما اشترط الأمان له ولشيعة أهل البيتعليهم‌السلام .

ولم يبادر قيس بن سعد بن عبادة إلى بيعة ابن هند حتّى رجع إلى إمامه بشأن البيعة التي له في عنقه! وأبرّ بقسمه إذ كان قد حلف أن لا يلقى ابن هند إلّا وبينهما الرمح! ولم يبايعه حتّى أذلّه فأَبْرَكه ليمسح هو على يد قيس بن سعد، فما أعظمه من مشهد!

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ١٢٥، أنساب الأشراف ٣: ٢٩٢، الفتوح ٤: ١٦١.

٥٢٨

ابن أعثم: أرسل معاوية وذلك بعد بيعة الحسن، إلى قيس بن سعد فدعاه إلى البيعة، فأبى أن يبايع، فدعاه الحسن وأمره أن يبايع، فقال له قيس: يا ابن رسول الله! إنّ لك في عنقي بيعة، وإنّي والله لا أخلعها أبداً حتّى تكون أنت الذي تخلعها!

فقال له الحسن: فأنت في حلٍّ وسَعة من بيعتي، فبايع؛ فعندها بايع قيس لمعاوية. فقال له معاوية: يا قيس! إنّي قد كنت أكره أن تجتمع الناس إليّ وأنت حيّ! فقال قيس: وأنا والله يا معاوية قد كنت أكره أن يصير الأمر إليك وأنا حيّ(١) .

واحدة بواحدة والبادئ أظلم.

وفي كيفيّة بيعة قيس بن سعد لابن هند، أنّ الإمام لـمّا تمّ الصلح بينه وبين معاوية أرسل إلى قيس يدعوه إلى البيعة فأتى وكان رجلاً طويلاً يركب الفرس المسرف ورجلاه تخطّان في الأرض، فلمّا أرادوا أن يدخلوه إليه قال: إنّي قد حلفت أن لا ألقاه إلّا بيني وبينه الرمح أو السيف، فأمر معاوية برمح أو سيف فوضع بينه وبينه ليبرّ بيمينه.

ثمّ قال لقيس: بايع، فقال قيس بيده هكذا، وجعلها في حجره ولم يرفعها إلى معاوية ومعاوية على السرير، فبرك معاوية على ركبتيه ومدّ يده حتّى مسح على يد قيس وهي في حجره فما رفع قيس إليه يده(٢) .

موقف السبط الإمام الحسينعليه‌السلام من البيعة

وأرسل ابن هند إلى الإمام الحسين بن عليّعليه‌السلام فدعاه إلى البيعة، فأبى الحسين أن يبايع، فقال الحسن: يا معاوية! لا تكرهه فإنّه لن يبايع أو يُقتل، ولن يُقتل حتّى يُقتل

____________________

(١) الفتوح ٤: ١٦٢.

(٢) أنساب الأشراف ٣: ٢٩٣، مقاتل الطالبيّين: ٤٧.

٥٢٩

أهل بيته، ولن يُقتل أهل بيته حتّى تُقتل شيعته، ولن تقتل شيعته حتّى يبيد أهل الشأم؛ فسكت معاوية عن الحسين ولم يُكرهه(١) .

معاوية يرفض كتاب الله وسنّة نبيّه

إنّ صلح الإمام الحسنعليه‌السلام وتداعي الأمور بعد ذلك أظهر أنّ معاوية محض باطل وكهف نفاق ولولا حكمة الإمام لا هريقت أنهر دم شيعته وشيعة أبيهعليهما‌السلام وربّما قُتل الإمام على يد مارق وفعلاً طعنه أحد المارقين طعنة كادت تأتي عليه، ولو وقع ذلك ما يدرينا ما يرفع ابن هند من شعار علّه ينعق يا للثأر لعثمان وحكم الله وسنّة رسوله! ولكن حنكة الإمام أبطلت مقولاته.

قالوا: جاء هانئ بن خطاب الهمداني إلى معاوية فقال: أبايعك على كتاب الله وسنّة نبيّه، فقال: لا شرط لك، قال: وأنت أيضاً فلا بيعة لك. ثمّ قال معاوية: إذن فبايع فما خير شيء ليس فيه كتاب الله وسنّة نبيّه! فبايعه(٢) .

خطبة الإمام الحسنعليه‌السلام

قالوا: إنّ معاوية أمر الحسنعليه‌السلام أن يخطب لـمـّا سلّم الأمر إليه وظنّ أنّه سيحصر فقال في خطبته: إنّما الخليفة من سار بكتاب الله وسنّة نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس الخليفة من سار بالجور؛ ذلك ملِكٌ ملَكَ مُلكاً يمتّع به قليلاً ثمّ تنقطع لذّته وتبقى تبعته:( إِنْ أَدْرِي لَعَلّهُ فِتْنَةٌ لّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى‏ حِينٍ ) (٣) .(٤)

____________________

(١) الفتوح ٤: ١٦١ - ١٦٢.

(٢) أنساب الأشراف ٣: ٢٨٨ - ٢٨٩.

(٣) الأنبياء: ١١١.

(٤) مقاتل الطالبيّين: ٤٧.

٥٣٠

ظنّ ابن هند أنّ سلالة الرحمة وسبط النبوّة سيحصر ويقعده العَيّ! فطلب منه أن يخطب؛ فخطب الإمامعليه‌السلام وأوجز وطوّق عنق ابن أمّه (معاوية) بقيدٍ ثقيل ينوء بحمله! فقد عرّف بالخليفة الذي هو أهل للانقياد له فإذا هو الذي يعمل بكتاب الله وسنّة نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا يجور في الحكم ولا هو ملِكاً ممّن حذّر منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ أشار إلى مرحلة حكم ابن هند ومن تلاه وسمّاها (ملكيّة).

ابن هند يتردّى في خُطبه

ولـمّا كان الغد اجتمع الإمام الحسنعليه‌السلام ومعاوية فلمّا استقرّ المجلس قال معاوية: أبا محمّد! إنّك جُدْتَ بما - بشيء - لا تجود به أنفس الرجال، ولا عليك أنّ تتكلّم وتُعلم الناس بأنّك قد بايعتَ حتّى يعلموا ذلك، قال الحسن: فإنّي أفعل.

ثمّ تكلّم الإمام الحسنعليه‌السلام وقال: أيّها الناس، إنّ أكيس الكيس التقى، وإنّ أحمق الحمق الفجور، وإنّكم لو طلبتم رجلاً جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما وجدتموه غيري وغير أخي الحسين، وقد علمتم أنّ الله تعالى هداكم بجدّي محمّد، وأنقذكم به من الضلالة، ورفعكم به من الجهالة، وأعزّكم به بعد الذلّة، وكثّركم به بعد القلّة؛ وإنّ معاوية نازعني على حقّ هو لي دونه، فنظرتُ صلاح الأمّة، وقد كنتم بايعتموني على أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت، وإنّ معاوية واضع الحرب بيني وبينه، وقد بايعته ورأيت أن ما حقن الدماء خير ممّا سفكها، وما أردت بذلك إلّا صلاحكم وبقاءكم، إن أدري لعلّه فتنةٌ لكم ومتاع إلى حين(١) .

ثمّ سكت، وقام عمرو بن العاص، فقال: يا أهل العراق! إنّا كنّا وأنتم جميعاً على

____________________

(١) الفتوح ٤: ١٦٣ - ١٦٤، أنساب الأشراف ٣: ٢٨٨.

٥٣١

كلمة هي السواء ففرّق بيننا وبينكم الأهواء، ثمّ تحاكمنا إلى الله فحكم أنّكم أنتم الظالمون لنا، فتداركوا ما سلف منكم بالسمع والطاعة يصلح لكم دينكم ودنياكم(١) .

ثمّ تكلّم معاوية فقال: أيّها الناس إنّه لم تتنازع - اختلفت - أمّة بعد نبيّها إلّا ظهر أهل باطلها على أهل حقّها، ثمّ انتبه فقال: إلّا هذه الأمّة...، وقد كنت شرطت لكم شروطاً، والآن فقد جمع الله كلمتنا وأعزّ دعوتنا، فكلّ شرط شرطته لكم فهو مردود، وكلّ وعد وعدته أحداً منكم فهو تحت قدمي.

فغضب الناس من كلام معاوية وضجّوا وتكلّموا، ثمّ شتموا معاوية وهمّوا فيه في وقتهم ذلك وكادت الفتنة تقع، وخشي معاوية على نفسه فندم على ما تكلّم به أشدّ الندم(٢) .

وبسندٍ عن عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق، قال: سمعت معاوية بالنُخيلة يقول: ألا إنّ كلّ شيء أعطيته الحسن بن عليّ تحت قدمي هاتين لا أفي به!

قال أبو إسحاق: وكان والله غدّاراً(٣) .

وعن الأعمش عن عمرو بن مُرّة عن سعيد بن سويد قال: صلّى بنا معاوية بالنخيلة الجمعة ثمّ خطبنا فقال: إنّي والله ما قاتلتكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتحجّوا ولا لتزكّوا، إنّكم لتفعلون ذلك. وإنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون!(٤)

يا ابن هند! صدق قول الله تعالى:( وَإِنْ أَدْرِي لَعَلّهُ فِتْنَةٌ لّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى‏ حِينٍ ) .

____________________

(١) الفتوح ٤: ١٦٤، أنساب الأشراف ٣: ٢٨٨.

(٢) الفتوح ٤: ١٦٤.

(٣) مقاتل الطالبيّين: ٤٥.

(٤) نفس المصدر السابق.

٥٣٢

هلاّ نظرت لنفسِك ما أنت لاقيه، فقد صارت الإمرة إليك بعد أن ضاق عليك الخناق، فلمّا رأى سيّد شباب أهل الجنّة التي هي مأوى الأتقياء، وهيهات أن يكون لغدّار مثلك فيها موضع إنّما تُنصب للغادر في جهنّم راية، فكيف بغدّار مثلك.

وأين نباحك هذا وأنت تقود البقر البُكم - كما قال وزيرك ابن النابغة - خوارج القاسطين يوم صفّين، فلم يكن عندك إلّا رفع الأرجل وإبداء السوءة تعلّمت ذلك من ابن النابغة وتعلّمها بُسر بن أبي أرطاة، فجميعكم رضع ضرع الشيطان.

وعظيم هو قيس بن سعد بن عُبادة إذ أبركك لتمسح أنت على يده وبينكما الرمح! فما سمعنا ببيعة مثلها. وكنت أنت الذي راسلت إمام الحقّ تدعوه إلى الصّلح، فرأىعليه‌السلام أنّ حقن الدماء أفضل من سفكها، فحاشا لسيّد شباب أهل الجنّة هو وأخوه وأبوهما سيّد المسلمين والعرب والأوصياء وجدّه سيّد المرسلين وجدّته سيّدة وأكمل النساء هي ومريم وآسية وامرأة فرعون أن يردّ دعوة صلح ولم يكن للإمرة عنده موضع فرفضها إذ شرطتها له من بعدك وكان همّه أخذ الأمان للنّاس أينما كانوا وأن تعمل بكتاب الله وسنّة نبيّه. وكلاهما يشدّدان على إقام الصلاة وأداء الحجّ والصوم والزكاة وينكران على من قصّر في ذلك؛ وابن هند لا يهمّه من أمر ذلك شيء، وأقصى همّته أن يتأمّر عليهم، أليس هو القائل: (ما اختلفت أمّة بعد نبيّها إلّا ظهر أهل باطلها على أهل حقّها)؟!

قال شريك في خطبة ابن هند بالنخيلة: (هذا هو التهتّك)(١) .

ومن تهتّك ابن هند ما رواه حبيب بن أبي ثابت قال: لـمـّا بويع معاوية خطب فذكر عليًّا فنال منه ونال من الحسن، فقام الحسين ليردّ عليه فأخذ الحسن بيده فأجلسه ثمّ

____________________

(١) مقاتل الطالبيّين: ٤٦.

٥٣٣

قام فقال: أيّها الذاكر عليًّا! أنا الحسن وأبي عليّ، وأنت معاوية وأبوك صخر(١) وأمّي فاطمة وأمّك هند وجدّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجدّك حرب وجدّتي خديجة وجدّتك قتيلة، فلعن الله أخملنا ذكراً، وألأمنا حسباً وشرّنا قدماً، وأقدمنا كفراً ونفاقاً. فقال طوائف من أهل المسجد: آمين. قال فضل - بن دُكَين -: فقال يحيى بن مَعين: ونحن نقول: آمين. قال أبو عبيد - القاسم بن سلام -: ونحن أيضاً نقول: آمين. قال أبو الفرج - الأصفهاني -: وأنا أقول: آمين(٢) .

ونحن نقول آمين.

أميرالمؤمنين يُنبئ بضلال ابن هند

دخل معاوية الكوفة بعد فراغه من خطبته بالنُخيلة، وبين يديه خالد بن عُرْفطة ومعه رجل يُقال له حبيب بن عمّار(٣) يحمل رايته حتّى دخل الكوفة فصار إلى المسجد فدخل من باب الفيل فاجتمع الناس إليه.

بسند عن عطاء بن السائب عن أبيه قال: بينما عليّ -عليه‌السلام - على المنبر إذ دخل رجل فقال: يا أمير المؤمنين مات خالد بن عُرْفطة، فقال: لا والله ما مات! إذ دخل رجل آخر فقال: يا أمير المؤمنين مات خالد بن عُرْفطة، فقال: لا والله ما مات، إذ دخل رجل آخر فقال: يا أميرالمؤمنين، مات خالد بن عُرْفطة، فقال: لا والله ما مات ولا يموت حتّى يدخل من باب هذا المسجد (يعني باب الفيل) براية ضلالة يحملها له حبيب بن عمّار - حمار - قال: فوثب رجل فقال: يا أمير المؤمنين أنا حبيب بن عمّار وأنا لك شيعة؛

____________________

(١) تمشيّاً مع العرف العام وإلاّ فالإمامعليه‌السلام يعلم معاوية ابن مَن؟!

(٢) مقاتل الطالبيّين: ٤٦.

(٣) في الإصابة ١: ٤١٠ (حبيب بن حمار).

٥٣٤

قال: فإنّه كما أقول! فقدم خالد بن عُرْفطة على مقدّمة معاوية يحمل رايته حبيب بن عمّار(١) .

وقد ذكره ابن حجر على مثل ما في المقاتل إلّا أنّه قال: (إنّ ابن زياد بعث عمر بن سعد إلى الحسين بن عليّ، فجعل خالداً على مقدّمته وحبيب بن حمار صاحب رايته فدخل بها المسجد من باب المقبل)(٢) .

إنّ إنباء أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام بالمغيّبات كثير تحقّقت كلّها على نحو ما وصف، وهي من العلوم التي اختصّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليًّاعليه‌السلام بها، ومن ذلك ما كان منه مع قاتله ابن ملجم المرادي - لعنه الله - إذ كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول على المنبر في أكثر من مرّة: (متى يبعث أشقاها حتّى يخضّب هذه من هذا) ويشير إلى لحيته ورأسه. حتّى خطب فقال في آخر خطبته: (متى يبعث أشقى مراد! حتّى يخضّب هذه من هذا) فخاف ابن ملجم المرادي وقام إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال له: يا أميرالمؤمنين! هذه يدي فاقطعها! فقال له: ويحك كيف أقتلك ولم تقتلني بعد. حتّى كان اليوم الموعود فضربه ابن ملجم على رأسه وهو ساجد في محراب المسجد بالكوفة.

موقف الشيعة من البيعة وتفسير الإمام

ذكرنا أنّ الشيعة لـمّا سمعوا كلام ابن هند وغدره بعهوده ونكثه للمواثيق؛ غضبوا من ذلك وضجّوا وتكلّموا وشتموا ابن هند وهمّوا به، وكادت الفتنة تقع، وخشي معاوية على نفسه فندم على ما تكلّم أشدّ الندم.

البلاذري: حدّثني عبّاس بن هشام عن أبيه، عن أبيه مخنف، عن أبي الكنود عبد

____________________

(١) مقاتل الطالبيّين: ٤٦.

(٢) الإصابة ١: ٤١٠.

٥٣٥

الرحمن بن عبيد قال: لـمّا بايع الحسن بن عليّ معاوية، أقبلت الشيعة تتلاقى بإظهار الأسف والحسرة على ترك القتال، فخرجوا بعد سنتين من يوم بايع معاوية فقال له سليمان بن صرد الخزاعي: ما ينقضي تعجّبنا من بيعتك معاوية ومعك أربعون ألف مقاتل من أهل الكوفة كلّهم يأخذ العطاء، وهم على أبواب منازلهم - كناية عن الاتّعاد للقتال - ومعهم مثلهم من أبنائهم وأتباعهم شيعتك من أهل البصرة وأهل الحجاز ثمّ لم تأخذ لنفسك ثقة في العقد ولا حظّاً في العطيّة، ولو أنّك إذ فعلت ما فعلت أشهدت على معاوية وجوه أهل المشرق والمغرب، وكتبت عليه كتاباً بأنّ الأمر لك من بعده كان الأمر علينا أيسر، ولكنّه أعطاك أشياء بينك وبينه ثمّ لم يفِ به، ثمّ لم يلبث أن قال على رؤوس الناس: إنّي كنت شرطت شروطاً ووعدتُ عِداةً إرادةً لإطفاء نار الحرب، فأمّا إذ جمع الله لنا الكلمة والإلفة فإنّ ذلك تحت قدمي؛ فو الله ما اغترّني بذلك إلّا ما كان بينك وبينه وقد نُقض، فإذا شئتَ فأعد الحرب جَذعةً، وأنذر لي في تقدّمك إلى الكوفة، فأخرج عنها عامله وأظهر خلعه وتنبذ إليه( عَلَى‏ سَوَاءٍ إِنّ اللّهَ لاَيُحِبّ الْخَائِنِينَ ) (١) .

وتكلّم الباقون بمثل كلام سليمان، فقال الحسنعليه‌السلام: (أنتم شيعتنا وأهل مودّتنا، فلو كنت بالحزم في أمر الدنيا أعمل، ولسلطانها أربض وأنصب ما كان معاوية بأبأس منّي بأساً، ولا أشدّ شكيمة ولا أمضى عزيمة، ولكنّي أرى غير ما رأيتم، وما أردتُ فيما فعلت إلّا حقْنَ الدم، فارضوا بقضاء الله، وسلّموا لأمره، والزموا بيوتكم وأمسكوا حتّى يستريح بِرّ أو يستراح من فاجر)(٢) .

____________________

(١) الأنفال: ٥٨.

(٢) أنساب الأشراف ٣: ٢٩٠ - ٢٩١.

٥٣٦

فهذه شهادة من الإمام المعصوم الحسن الزكيعليه‌السلام في أهل الكوفة؛ فهم شيعة أهل البيتعليهم‌السلام ، وأهل مودّتهم؛ ثمّ بيّنعليه‌السلام أنّه ليس مثل ابن هند الذي كلّ همّه ونصيبه الدنيا ولا يقيم للدماء وزناً إلّا أنّه لا عزيمة له مثل عزيمة سيّد شباب أهل الجنّة، ولا هو أشدّ منه شكيمة؛ إلّا أنّ الإمامعليه‌السلام يعلم أنّ الأمر سينتهي إلى معاوية! بإخبار من جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأبيهعليه‌السلام ، بعد أن يفنى أكثر شيعته ومثلهم من أهل الشأم، وقد ذكرنا خبر جرح الإمامعليه‌السلام على يد أحد الخوارج المندسّين في جنده.

كلام المسيّب بن نَجَبة

وكلّم المسيّب بن نَـجَبة الإمام الحسنعليه‌السلام يوم البيعة وكلامه نظير كلام سُليمان بن صُرَد، ودعاه إلى نقض البيعة، ممّا أثار الناس، ونظر الإمام إلى ابن هند وإلى ما قد نزل به من الخوف والجزع، فجعل يسكن الناس حتّى سكنوا، ثمّ قال للمسيّب: يا مسيّب، إنّ الغدر لا يليق بنا ولا خير فيه ولو أنّي أردت بما فعلت الدنيا لم يكن معاوية بأصبر منّي على اللقاء، ولا أثبت عند الوغاء، ولا أقوى على المحاربة إذا استقرّت الهيجاء، ولكنّي أردت بذلك صلاحكم وكفّ بعضكم عن بعض...(١) .

فقال المسيّب: أما والله يا ابن رسول الله، ما يعظم هذا الأمر الذي صار إلى معاوية، ولكنّا نخاف عليكم أن تضامّوا بعد هذا اليوم، وأمّا نحن فإنّهم يحتاجون إلينا وسيطلبون المودّة منّا كلّما قدروا عليه.

فقال له الحسنعليه‌السلام : لا عليك يا مسيّب، فإنّه من أحبّ قوماً كان معهم(٢) .

____________________

(١) الفتوح ٤: ١٦٥.

(٢) نفس المصدر السابق.

٥٣٧

فالتفتَ الحسين إلى أخيه الحسن فقال: والله لو اجتمع الخلق طرّاً على أن لا يكون الذي كان إذاً ما استطاعوا، ولقد كنتُ كارهاً لهذا الأمر ولكنّي لم أُحبّ أن أُغضبك، إذ كنت أخي وشقيقي(١) .

وكلّمه حجر بن عَدِيّ الكندي، فعاتبه على قبوله الصلح فقال له الإمام الحسنعليه‌السلام : ليس كلّ إنسان يُحبّ ما تُحبّ ولا رأيه كرأيك، وإنّي لم أفعل ما فعلت إلّا إبقاءً عليكم، والله تعالى كلّ يوم هو في شأن(٢) .

إنّ كلّ من ذكرناه ممّن عتب على الإمامعليه‌السلام ، لم تغب عنهم الشهادة فقد قتلهم ابن هند فيما بعد وسنأتي على سيرتهم وشهادتهم رضوان الله تعالى عليهم ولعن الله قاتليهم.

كلام سفيان بن أبي ليلى

بسند عن الشعبي عن سفيان بن أبي ليلى قال: أتيت الحسن بن عليّ حين بايع معاوية فوجدته بفناء داره وعنده رهط، فقلت: السلام عليك يا مُذلّ المؤمنين! فقال: عليك السلام يا سفيان انزل فنزلت فعقلت راحلتي ثمّ أتيته فجلست إليه فقال: كيف قلت يا سفيان؟ فقلت: السلام عليك يا مذلّ رقاب المؤمنين. فقال: ما جرَّ هذا منك إلينا؟ فقلت: أنت والله، بأبي أنت وأمّي أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة وسلّمت الأمر إلى اللعين بن اللعين بن آكلة الأكباد ومعك مائة ألف كلّهم يموت دونك. وقد جمع الله لك أمر الناس.

فقال: (يا سفيان، إنّا أهلُ بيت إذا علمنا الحقّ تمسّكنا به، وإنّي سمعت عليًّا يقول:

____________________

(١) الفتوح ٤: ١٦٥.

(٢) نفس المصدر السابق: ١٦٦.

٥٣٨

سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: لا تذهب الليالي والأيّام حتّى يجتمع أمر هذه الأمّة على رجل واسع السُرم ضخم البلعوم يأكل ولا يشبع لا ينظر الله إليه ولا يموت حتّى لا يكون له في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر(١) وإنّه لَمعاوية، وإنّي عرفت أنّ الله بالغ أمره).

ثمّ أذّن المؤذّن فخرجنا نمشي إلى المسجد فقال لي: ما جاءنا بك يا سفيان؟ قلت: حبّكم والذي بعث محمّداً بالهدى ودين الحقّ. قال: (فأبشر يا سفيان فإنّي سمعت عليًّا يقول: سمعتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: يرد على الحوض أهلُ بيتي ومَن أحبّهم من أمّتي كهاتين؛ يعني السبّابتين. ولو شئت لقلت هاتين يعني السبّابة والوسطى، إحداهما تفضل على الأخرى. ابشر يا سفيان فإنّ الدنيا تسع البِرّ والفاجر حتّى يبعث الله إمام الحقّ من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )(٢) .

وفي الفتوح، والأخبار الطوال:

بينا الحسن يكلّم حُجْر بن عَديّ إذا برجل من أصحابه يقال له سفيان بن أبي ليلى فقال له: السلام عليك يا مذلّ المؤمنين، هلّا قاتلت حتّى تموت ونموت معك! فقال له الحسن: يا هذا! إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يخرج من الدنيا حتّى رفع له ملك بني أميّة، فنظر إليهم يصعدون منبره واحداً بعد واحد، فشقّ ذلك عليه، فأنزل الله تعالى في ذلك قرآناً فقال:( إِنّا انزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) (٣) من سلطان بني أميّة(٤) .

____________________

(١) في مناقب أميرالمؤمنين، للكوفي ١: ٧٧١ / ٦٢٥ (حامد).

(٢) مقاتل الطالبيّين: ٤٤.

(٣) القدر: ١ - ٣.

(٤) الفتوح ٤: ١٦٦ - ١٦٧، الأخبار الطوال: ٢٨٠.

٥٣٩

وبأسانيد عدّة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال في الحسنعليه‌السلام : (إنّ ابني هذا سيّد، وإنّ الله سيُصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين)(١) .

وبسند عن جبير بن نفير عن أبيه قال: قلت للحسن إنّ الناس يقولون إنّك تريد الخلافة. فقال: كانت جماجم العرب بيدي يسالمون مَن سالمت ويحاربون من حاربت فتركتها ابتغاء وجه الله ثمّ أريدها بأهل الحجار؟! وفي قول: بأتياس الحجاز(٢) .

خلاصة البحث

إنّ ابن هند تربّى في بيت مشحون بالفضائح فهو يسمع أبا سفيان يفتخر على هند بابنه يزيد بن أبي سفيان، وهند تفخر بابنها معاوية على أبي سفيان؛ وكلّما شبّ معاوية شابت عليه الخزايات! فقد علم أنّه يُنسب إلى أربع، وإلى الصُّبّاح مغنٍّ أسود، وإلى وَحْشي قاتل حمزة بن عبد المطّلبعليه‌السلام وأنّ هنداً تزوّجت ثلاثة رجال قبل أبي سفيان - ذكرنا تفصيل ذلك - وأنّ الأخير منهم لا يمّت بأميّة القبطيّ! بصلة، لـما قيل في ضياع نسب معاوية، وشهد هو بذلك؛ ولذلك كان بهند ألصق، يتنهّد بها ويفخر فيقول: وأنا ابن هند وغلب على مخاطبيه رجالاً ونساءً بنسبته إلى هند التي ينتهي نسبها إلى عبد شمس، وكان خاملَ الذِكر كلًّا على هاشم إذ كان يُنفق عليه.

وعبد شمس أطلق عبده الروميّ (أميّة) ثمّ استلحقه! فسنّ بذلك سُنّةً سيّئةً إذ أعتق أميّة عبده (ذَكْوان) واستلحقه وسمّاه: أبا عمرو. ومضى بعيداً! فنزل له عن زوجته وزوّجه منها! ومعاوية يعلم كلّ ذلك مع علمه أنّ جدّته (حمامة) من ذوات

____________________

(١) البخاري ٥: ٣٢، النسائي ٣: ١٠٧، الترمذي رقم ٢٣٧٣ وغيرها كثير.

(٢) أنساب الأشراف ٣: ٢٩١ - ٢٩٢، المستدرك على الصحيحين ٣: ١٧٠، حلية الأولياء ٢: ٣٦ - ٣٧.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697