دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ١

دلائل الصدق لنهج الحق18%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-354-3
الصفحات: 307

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 307 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 182426 / تحميل: 5316
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٥٤-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

وكان أبو العالية ـ إذا سافر عبد الكريم ـ يقول : اللهمّ لا تردّه علينا!

٢٠٢ ـ ( ع ) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي ، مولاهم(١) :

ن : يدلّس.

يب : قال يحيى بن سعيد : إذا قال : « قال » فهو شبه الريح.

وقال أيضا : حديثه عن عطاء لا شيء كلّه.

وقال ابن حبّان : يدلّس.

وقال الدارقطني : تجنّب تدليسه ، فهو قبيح [ التدليس ] ، لا يدلّس إلّا في ما سمعه من مجروح.

٢٠٣ ـ ( ع ) عبد الملك بن عمير اللخمي ، قاضي الكوفة(٢) :

ضعّفه أحمد جدّا.

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٤ / ٤٠٤ رقم ٥٢٣٢ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣٠٣ رقم ٤٣١٧.

وقد كان في الأصل هكذا : « ( م ٤ ) عبد المجيد بن عبد العزيز بن جريج الأموي ، مولاهم » وهو سهو ؛ فقد اختلط الرمز الخاصّ والاسم الأوّل ل :

« عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد الأزدي » برمز واسم المترجم له في المتن ، وما أثبتناه هو الصحيح من المصدرين وتهذيب الكمال ١٢ / ٥٥ رقم ٤١٢١.

وانظر ترجمة ابن أبي روّاد في : ميزان الاعتدال ٤ / ٣٩٠ رقم ٥١٨٨ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٢٨٣ رقم ٤٢٨٦ ، تهذيب الكمال ١٢ / ١٨ رقم ٤٠٩٢.

(٢) ميزان الاعتدال ٤ / ٤٠٥ رقم ٥٢٤٠ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣١٠ رقم ٤٣٢٤.

١٨١

وقال ابن معين : مخلّط.

يب : قال ابن حبّان : كان مدلّسا.

٢٠٤ ـ ( س ) عبد الملك بن نافع الشيباني(١) :

ن : مجهول.

قال يحيى : يضعّفونه.

يب : قال أبو حاتم : لا يكتب حديثه.

وقال ابن معين : لا شيء.

وقال : كان خمّارا.

٢٠٥ ـ ( ع ) عبد الواحد بن زياد ، أبو بشر العبدي ، وقيل : أبو عبيدة(٢) :

قال ( د ) : عمد إلى أحاديث كان يرسلها الأعمش فوصلها.

ن : قال يحيى : ليس بشيء.

وقال القطّان : ما رأيته يطلب حديثا بالبصرة ولا بالكوفة [ قطّ ] وكنت أذاكره حديث الأعمش لا يعرف منه حرفا(٣) .

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٤ / ٤١٤ رقم ٥٢٦٢ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣٢٥ رقم ٤٣٤٧.

(٢) ميزان الاعتدال ٤ / ٤٢٤ رقم ٥٢٩٢ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣٣٤ رقم ٤٣٦٣.

(٣) هذا القول ليس من مختصّات ميزان الاعتدال ؛ فقد ورد في تهذيب التهذيب أيضا ، وفيه : « فلا نعرف » بدل « لا يعرف » ؛ فلاحظ.

١٨٢

٢٠٦ ـ ( ق ) عبد الوهّاب بن الضحّاك(١) :

قال ( س ) : متروك.

ن : كذّبه أبو حاتم.

يب : قال ( د ) : يضع الحديث.

وقال صالح جزرة : عامّة حديثه كذب.

٢٠٧ ـ ( م ٤ ) عبد الوهّاب بن عطاء الخفّاف ، أبو نصر(٢) :

ن : قال ابن الجوزي : في كتاب « الموضوعات »(٣) : « قال الرازي : كان يكذب.

وقال [ العقيلي و ](٤) ( س ) : متروك [ الحديث ](٥) »(٦) .

يب : قال ( خ ) : يدلّس عن ثور وأقوام [ أحاديث ] مناكير.

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٤ / ٤٣٢ رقم ٥٣٢١ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣٤٨ رقم ٤٣٨٠.

(٢) ميزان الاعتدال ٤ / ٤٣٥ رقم ٥٣٢٧ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣٣١ رقم ٤٣٨٥.

(٣) كذا في الأصل ، وهو سهو ؛ والصواب ما في المصدر هكذا : « ونقل ابن الجوزي في إحياء الموات من كتاب ( التحقيق ) شيئا هو غالط فيه » ثمّ أورد قولي الرازي والنسائي الآتيين ؛ فلاحظ.

(٤) أثبتناه من « التحقيق في أحاديث الخلاف ».

(٥) أثبتناه من « التحقيق في أحاديث الخلاف » و « ميزان الاعتدال ».

(٦) التحقيق في أحاديث الخلاف ٢ / ٢٢٥ رقم ١٦٠٥ ـ مسائل إحياء الموات.

وانظر : الضعفاء الكبير ـ للعقيلي ـ ٣ / ٧٧ رقم ١٠٤٣ ، الضعفاء والمتروكين ـ للنسائي ـ : ١٦٣ رقم ٣٩٥.

١٨٣

٢٠٨ ـ ( ق ) عبد الوهّاب بن مجاهد(١) :

يب : قال ابن معين وابن المديني : لا يكتب حديثه ، وليس بشيء.

وقال الأزدي : لا تحلّ الرواية عنه.

وقال الحاكم : روى أحاديث موضوعة.

وقال ابن الجوزي : أجمعوا على ضعفه(٢) .

٢٠٩ ـ ( ٤ ) عبيد الله بن زحر(٣) :

قال ابن معين : ليس بشيء.

وقال ابن حبّان : يروي الموضوعات عن الأثبات.

وقال أبو مسهر : صاحب كلّ معضلة.

٢١٠ ـ ( د ت ق ) عبيد الله بن عبد الله بن موهب ، أبو يحيى التيمي(٤) :

قال أحمد : لا يعرف.

يب : قال الشافعي : لا نعرفه.

وقال ابن القطّان : مجهول الحال.

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٥ / ٣٥٣ رقم ٤٣٨٦.

(٢) كذا في الأصل ؛ وفي المصدر : أجمعوا على ترك حديثه.

(٣) ميزان الاعتدال ٥ / ٩ رقم ٥٣٦٤ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣٧٤ رقم ٤٤٢٠.

(٤) ميزان الاعتدال ٥ / ١٦ رقم ٥٣٨٠ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٣٨٧ رقم ٤٤٤٢.

١٨٤

٢١١ ـ ( ت ق ) عبيد الله بن الوليد الوصّافي ، أبو إسماعيل الكوفي(١) :

قال ابن معين : ليس بشيء.

وقال ( س ) والفلّاس : متروك(٢) .

يب : قال ( س ) مرّة : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه.

وقال الساجي وابن عديّ : ضعيف جدّا(٣) .

وقال الحاكم : روى عن محارب أحاديث موضوعة.

وقال أبو نعيم : لا شيء.

٢١٢ ـ ( ق ) عبيد بن القاسم(٤) :

قال ( خ ) : ليس بشيء.

وقال ابن معين : كذّاب.

وقال صالح جزرة : كذّاب ، يضع الحديث.

وقال ( د ) : يضع الحديث.

وقال ( س ) : متروك [ الحديث ].

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٥ / ٢٢ رقم ٥٤١٠ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٤١٥ رقم ٤٤٨٣.

(٢) في تهذيب التهذيب : متروك الحديث.

(٣) هذا قول ابن عديّ ، أمّا الساجي فقد قال : ضعيف الحديث جدّا.

(٤) ميزان الاعتدال ٥ / ٢٨ رقم ٥٤٤١ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٤٣٢ رقم ٤٥٢١.

١٨٥

٢١٣ ـ ( د ت ق ) عبيدة بن معتّب الضبّي ، أبو عبد الكريم الكوفي(١) :

قال أحمد : تركوا حديثه.

وقال ابن معين : ليس بشيء.

يب : نهى يحيى عن كتابة حديثه.

وذكره ابن المبارك فيمن يترك حديثه.

وقال الفلّاس : متروك [ الحديث ].

٢١٤ ـ ( خ د س ت ) عتّاب بن بشير الجزري ، مولى بني أميّة(٢) :

ن : قال ابن المديني : أصحابنا يضعّفونه.

وقال : ضربنا على حديثه.

يب : قال ( د ) : سمعت أحمد يقول : تركه ابن مهدي بآخره.

قال : ورأيت أحمد كفّ عن حديثه.

٢١٥ ـ ( م ق ) عثمان بن حيّان بن معبد ، أبو المغراء الدمشقي ، مولى أمّ الدرداء(٣) :

يب : قال مالك : بعث ابن حيّان ـ وهو أمير المدينة ـ إلى محمّد بن

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٥ / ٣٤ رقم ٥٤٦٥ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٤٤٧ رقم ٤٥٥٠.

(٢) ميزان الاعتدال ٥ / ٣٦ رقم ٥٤٧١ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٤٥٢ رقم ٤٥٥٣.

(٣) تهذيب التهذيب ٥ / ٤٧٧ رقم ٤٥٩٨.

١٨٦

المنكدر وأصحابه فضربهم ، لما كان من كلامهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر!(١) .

وقال ابن شوذب : قال عمر بن عبد العزيز : الوليد بالشام ، والحجّاج بالعراق ، ومحمّد بن يوسف باليمن ، وعثمان بن حيّان بالمدينة ، وقرّة بن شريك بمصر ؛ امتلأت والله الأرض جورا!(٢) .

٢١٦ ـ ( ع ) عثمان بن عاصم بن حصين ، أبو حصين الكوفي الأسدي(٣) :

يب : قال الأعمش : يسمع منّي ثمّ يذهب فيرويه.

وقال وكيع : كان يقول : أنا أقرأ من الأعمش.

فقال الأعمش لرجل يقرأ عليه : إهمز « الحوت »(٤) فهمزه.

فلمّا كان من الغد قرأ أبو حصين في الفجر نون فهمز الحوت(٥) .

فقال له الأعمش لمّا فرغ : [ أبا حصين! ] كسرت ظهر الحوت؟!

فقذفه أبو حصين!

__________________

(١) تاريخ دمشق ٣٨ / ٣٤٣.

(٢) تاريخ دمشق ٣٨ / ٣٤٣ ، مختصر تاريخ دمشق ١٦ / ٨٥ ، وورد قريب منه في الكامل في التاريخ ٤ / ٢٨٣ حوادث سنة ٩٥ ه‍.

(٣) تهذيب التهذيب ٥ / ٤٨٩ رقم ٤٦٢٠.

(٤) أي : إقرأه « الحؤت ».

(٥) أي قرأ : « كصاحب الحوت » بدلا من( كَصاحِبِ الْحُوتِ ) سورة القلم ٦٨ : ٤٨ ؛ انظر : تهذيب الكمال ١٢ / ٤٢٣ وسير أعلام النبلاء ٥ / ٤١٤.

١٨٧

فحلف الأعمش ليحدّنّه ، فكلّمه فيه بنو أسد ، فأبى ، فقال خمسون منهم : [ والله لنشهدنّ أنّ أمّه كما قال! ](١) فغضب الأعمش وحلف أن لا يساكنهم [ وتحوّل عنهم ].

وقال العجلي : كان صاحب سنّة ، عثمانيّا ، رجلا صالحا!

أقول :

لعلّ المبرّر لمدحه ووصفه بأنّه صاحب سنّة ، وبالصلاح ـ مع قذفه للمسلم الموجب لحدّه ، وعدم قبول روايته وشهادته ـ هو بغضه لإمام المتّقين ، ونفس النبيّ الأمين ، فانظر واعجب!

وفي التقريب : سنّيّ ، وربّما دلّس(٢) .

٢١٧ ـ ( ت ) عثمان بن عبد الرحمن [ بن عمر ] بن سعد بن أبي وقّاص(٣) :

قال ( خ ) : تركوه.

وقال ابن معين : يكذب.

وقال ( س ) : متروك.

__________________

(١) ما بين القوسين المعقوفتين ساقط من تهذيب التهذيب ، وأضفناه من ترجمته في تهذيب الكمال ١٢ / ٤٢٣ وسير أعلام النبلاء ٥ / ٤١٤ ليستقيم السياق.

(٢) تقريب التهذيب ١ / ٣٩٣ رقم ٤٦٢٠.

(٣) ميزان الاعتدال ٥ / ٥٦ رقم ٥٥٣٧ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٤٩٦ رقم ٤٦٢٩.

١٨٨

٢١٨ ـ ( د س ق ) عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم الحرّاني المؤدّب(١) :

قال ابن نمير : كذّاب.

يب : قال الأزدي : متروك.

وقال أحمد : لا أجيزه.

٢١٩ ـ ( د ت ق ) عثمان بن عمير ، أبو اليقظان الأعمى(٢) :

قال ابن معين : ليس بشيء(٣) .

يب : قال الدارقطني : متروك.

وقال ابن عبد البرّ : كلّهم ضعّفه.

٢٢٠ ـ ( ت ) عطاء بن عجلان البصري العطّار(٤) :

قال ابن معين : ليس بشيء ، كذّاب ، كان يوضع له الحديث فيحدّث به.

وقال الفلّاس : كذّاب.

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٥ / ٥٨ رقم ٥٥٣٨ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٤٩٧ رقم ٤٦٣٠.

(٢) ميزان الاعتدال ٥ / ٦٤ رقم ٥٥٥٦ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٥٠٧ رقم ٤٦٤٣.

(٣) في تهذيب التهذيب : ليس حديثه بشيء.

(٤) ميزان الاعتدال ٥ / ٩٥ رقم ٥٦٥٠ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٥٧٤ رقم ٤٧٣٠.

١٨٩

وقال أبو حاتم والدارقطني : متروك(١) .

يب : قال الجوزجاني : كذّاب.

وقال ( ت ) : ضعيف ، ذاهب الحديث.

٢٢١ ـ ( م ٤ ) عطاء بن أبي مسلم الخراساني(٢) :

ذكره ( خ ) في « الضعفاء » ، ونقل عن سعيد بن المسيّب أنّه كذّبه ، فقال : كذب عليّ ، ما حدّثته [ هكذا ](٣) .

ن : قال ( خ ) : لم أعرف رجلا يروي عنه مالك يستحقّ الترك غيره.

أقول : في التقريب : يهم كثيرا ، ويرسل ، ويدلّس(٤) .

٢٢٢ ـ ( خ د س ) عطاء ، أبو الحسن السوائي(٥) :

يب : ما وجدت له راويا غير الشيباني ، ولم أقف فيه على تعديل ولا تجريح ، وروايته عندهم عن ابن عبّاس غير مجزوم بها [ فيه ].

__________________

(١) هذا ما ورد عنهما في « ميزان الاعتدال » وعن الدارقطني في « تهذيب التهذيب » ، وجاء عن أبي حاتم في « تهذيب التهذيب » أنّه قال : متروك الحديث.

(٢) ميزان الاعتدال ٥ / ٩٢ رقم ٥٦٤٨ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٥٧٨ رقم ٤٧٣٧.

(٣) التاريخ الكبير ٦ / ٤٧٤ رقم ٣٠٢٧ ، التاريخ الصغير ٢ / ٣٧ ، وما بين القوسين المعقوفتين أضفناه من تهذيب التهذيب.

(٤) تقريب التهذيب ١ / ٤٠٢ رقم ٤٧٣٧.

(٥) تهذيب التهذيب ٥ / ٥٨٤ رقم ٤٧٤٥.

١٩٠

وقرأت بخطّ الذهبي : لا يعرف.

٢٢٣ ـ ( د ت س ) عطاء العامري الطائفي ، والد يعلى(١) :

ن : لا يعرف إلّا بابنه.

يب : قال ابن القطّان : مجهول [ الحال ] ، ما روى عنه غير ابنه.

٢٢٤ ـ ( ع ) عكرمة البربري ، مولى ابن عبّاس(٢) :

كذّبه ابن المسيّب ، وابن عمر ، ويحيى بن سعيد.

وذكر عند أيّوب أنّه لا يحسن الصلاة ، فقال أيّوب : أو كان يصلّي؟!

وعن مطرّف : كان مالك يكره أن يذكره.

وقال أحمد : يرى رأي الصفرية.

وقال عطاء بن أبي رباح : كان إباضيا.

وقال مصعب الزبيري : يرى رأي الخوارج.

وقال يحيى بن بكير(٣) : الخوارج الّذين بالمغرب عنه أخذوا.

ن : قال محمّد بن سيرين : كذّاب.

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٥ / ٩٩ رقم ٥٦٦٨ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٥٨٥ رقم ٤٧٤٧.

(٢) ميزان الاعتدال ٥ / ١١٦ رقم ٥٧٢٢ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٦٣٠ رقم ٤٨١٢.

(٣) كان في طبعة طهران : « يحيى بن أبي بكير » والمثبت هو الصواب ؛ انظر : المصدرين وتهذيب الكمال ١٣ / ١٧٢.

١٩١

وقال حمّاد بن زيد في آخر يوم مات فيه. : أحدّثكم بحديث ما حدّثت به قطّ ، لأنّي أكره أن ألقى الله ولم أحدّث به ؛ سمعت أيّوب يحدّث عن عكرمة ، قال : إنّما أنزل الله متشابه القرآن ليضلّ به!

يب : قال ابن أبي ذئب(١) : غير ثقة(٢) .

وقال الشافعي : قال مالك : لا أرى لأحد أن يقبل حديثه.

وقال ابن معين : كان ينتحل مذهب الصفرية.

وقال يزيد بن أبي زياد : دخلت على عليّ بن عبد الله بن عبّاس ـ وعكرمة مقيّد على باب الحشّ(٣) ـ فقلت : ما لهذا؟! قال : إنّه يكذب على أبي.

ومثله في ن عن عبد الله بن الحارث.

.. إلى غير ذلك ممّا ذكروه في ترجمته(٤) .

__________________

(١) كان في الأصل : « ابن أبي ذؤيب » والصواب ما أثبتناه من المصدرين وتهذيب الكمال ١٣ / ١٧٤.

(٢) وجاء مثله أيضا في ترجمته من ميزان الاعتدال.

(٣) الحشّ والحشّ : النخل المجتمع ، والبستان ؛ ويطلق أيضا على الكنف ومواضع قضاء الحاجة.

انظر : الصحاح ٣ / ١٠٠١ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ٣٩٠ ، لسان العرب ٣ / ١٨٩ ـ ١٩٠ ، القاموس المحيط ٢ / ٢٧٩ ، تاج العروس ٩ / ٩٠ ـ ٩١ ، مادّة « حشش ».

(٤) ونورد هنا ممّا ذكر في ترجمته أيضا من المصدرين ، وفق منهج الشيخ المظفّرقدس‌سره ما يلي :

قال ابن أبي عمران : قال عكرمة في وقت الموسم : وددت أنّ بيدي حربة

١٩٢

أقول :

فمن العجب أنّ البخاري يروي في صحيحه عن هذا الكذّاب المنافق الداعية إلى المذهب السوء ، ولا يروي عن حجّة الله وابن حججه جعفر بن محمّد الصادق ، ولا عن أبنائه الطاهرين!!

وكذا باقي أرباب صحاحهم لم يرووا عن أكثر آل محمّد وثقله الأصغر ، ويروون عن هذا الرجس وأشباهه!!

٢٢٥ ـ ( ق ) العلاء بن زيد(١) :

قال أبو حاتم والدارقطني : متروك(٢) .

وقال ابن المديني : يضع الحديث.

__________________

فأعترض بها من شهد الموسم يمينا وشمالا.

وقال ابن المديني : كان يرى رأي نجدة الحروري.

لمّا مات عكرمة بالمدينة ترك الناس جنازته ، ولم يشهدها أحد ، حتّى اكتروا من يحملها.

ن : قال ابن المديني : وقف عكرمة على باب المسجد ، فقال : ما فيه إلّا كافر.

وكان يلعب بالنرد.

وكان يستمع الغناء.

يب : قال ابن لهيعة : كان يحدّث برأي نجدة.

(١) ميزان الاعتدال ٥ / ١٢٣ رقم ٥٧٣٦ ، تهذيب التهذيب ٦ / ٢٩٧ رقم ٥٤٢٩.

ويعرف أيضا ب‍ : « ابن زيدل » ؛ انظر : تقريب التهذيب ١ / ٤٥٨ رقم ٥٤٢٩ ، تهذيب الكمال ١٤ / ٤٨٦ رقم ٥١٥٤.

(٢) هذا قول الدارقطني كما في « تهذيب التهذيب » فقط ، أمّا قول أبي حاتم فيه وكذلك قولهما في « ميزان الاعتدال » فهو : متروك الحديث.

١٩٣

٢٢٦ ـ ( ت ) العلاء بن مسلمة الروّاس(١) :

قال الأزدي : لا تحلّ الرواية عنه.

وقال ابن طاهر : يضع الحديث.

وقال ابن حبّان : يروي الموضوعات عن الثقات.

٢٢٧ ـ ( ق ) عليّ بن ظبيان ، قاضي بغداد(٢) :

قال ابن معين : كذّاب خبيث.

وقال ( د ) : ليس بشيء.

وقال أبو حاتم و ( س ) وأبو الفتح : متروك(٣) .

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٥ / ١٣٠ رقم ٥٧٤٩ ، تهذيب التهذيب ٦ / ٣٠٦ رقم ٥٤٤٨.

وكان اللقب قد ضبط في الأصل هكذا : « الروّاسي » ـ بالياء في آخره ـ كما هو في تهذيب التهذيب والكاشف ٢ / ٣٤٨ رقم ٤٣٩٢ ، وهو تصحيف ؛ والمثبت في المتن ـ بالسين المهملة في آخره ـ من : ميزان الاعتدال ، المجروحين ـ لابن حبّان ـ ٢ / ١٨٥ ، طبقات المحدّثين بأصبهان ٣ / ٤٧٠ ح ٦٢٧ ، تاريخ بغداد ١٢ / ٢٤١ رقم ٦٦٩١ ، الأنساب ـ للسمعاني ـ ٣ / ٩٦ ، العلل المتناهية ١ / ٨٩ ، تهذيب الكمال ١٤ / ٥٠٤ رقم ٥١٧١ ، تقريب التهذيب ١ / ٤٥٩ رقم ٥٤٤٨ ، تنزيه الشريعة المرفوعة ١ / ٢٦٠ ح ٣١ ؛ فلاحظ.

(٢) ميزان الاعتدال ٥ / ١٦٣ رقم ٥٨٧٧ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٧٠٣ رقم ٤٩٠١.

(٣) هذا قول أبي حاتم وأبي الفتح في « تهذيب التهذيب » ولم يرد قولهما في « ميزان الاعتدال » ؛ فلاحظ.

أمّا قول أبي حاتم في « ميزان الاعتدال » وقول النسائي في « تهذيب التهذيب » فهو : متروك الحديث.

١٩٤

٢٢٨ ـ ( د ت ق ) عليّ بن عاصم بن صهيب الواسطي(١) :

قال ابن معين : ليس بشيء.

وقال يزيد بن هارون : ما زلنا نعرفه بالكذب.

ن : قال ( س ) : متروك [ الحديث ].

يب : قال ابن معين مرّة : كذّاب ، ليس بشيء.

وقال ابن المديني : قال خالد : كذّاب فاحذروه.

وقال الدارقطني وابن المديني وأحمد : يغلط ويثبت على غلطه.

وقال ابن أبي خيثمة : قيل(٢) لابن معين : إنّ أحمد يقول : إنّه ليس بكذّاب! قال : لا والله ما كان عنده قطّ ثقة ، ولا حدّث عنه بشيء ، فكيف صار اليوم عنده ثقة؟!

٢٢٩ ـ ( خ د س ت ) عليّ بن عبد الله بن جعفر ، أبو الحسن ، ابن المديني البصري(٣) :

قال المروزي : سمعت أحمد كذّبه.

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٥ / ١٦٥ رقم ٥٨٧٩ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٧٠٥ رقم ٤٩٠٣.

(٢) كان في الأصل : « قلت » وهو سهو ، والصواب ما أثبتناه من المصدر وتهذيب الكمال ١٣ / ٣٢٥.

(٣) ميزان الاعتدال ٥ / ١٦٧ رقم ٥٨٨٠ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٧١٠ رقم ٤٩٠٧.

١٩٥

يب : قيل لإبراهيم الحربي : أكان ابن المديني يتّهم بالكذب؟! فقال : لا ، إنّما حدّث بحديث فزاد فيه كلمة ليرضي بها ابن أبي دؤاد.

أقول :

كيف يجتمع نفي التهمة عنه والإقرار بزيادته في الحديث عمدا؟!

فتأمّل!

٢٣٠ ـ ( ق ) عليّ بن عروة(١) :

قال ابن معين : ليس بشيء.

وقال أبو حاتم : متروك الحديث.

وقال ابن حبّان : يضع الحديث.

وكذّبه صالح جزرة.

٢٣١ ـ ( ت ) عليّ بن مجاهد الكابلي(٢) :

قال يحيى بن الضريس : كذّاب.

وقال ابن معين : يضع الحديث.

وزاد فييب : صنّف كتاب « المغازي » فوضع للكلّ إسنادا.

وفييب : قال محمّد بن مهران : كذّاب.

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٥ / ١٧٤ رقم ٥٨٩٧ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٧٢٣ رقم ٤٩٢٠.

(٢) ميزان الاعتدال ٥ / ١٨٤ رقم ٥٩٢٥ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٧٣٦ رقم ٤٩٤٠.

١٩٦

٢٣٢ ـ ( خ ) عليّ بن أبي هاشم عبيد الله [ بن طبراخ البغدادي ](١) :

يب : قال أبو حاتم : ترك الناس حديثه.

وقال الأزدي : ضعيف جدّا(٢) .

٢٣٣ ـ ( ت ق ) عليّ بن يزيد بن أبي هلال الألهاني(٣) :

قال الدارقطني : متروك.

وقال ( س ) : ليس بثقة.

يب : قال الحاكم أبو أحمد : ذاهب الحديث.

وقال ( س ) في موضع ، والأزدي والبرقي : متروك(٤) .

وقال الساجي : اتّفق أهل العلم على ضعفه(٥) .

٢٣٤ ـ ( ت ق ) عمّار بن سيف الضبّي ، أبو عبد الرحمن(٦) :

يب : قال ( خ ) : منكر الحديث ، ذاهب.

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٥ / ٧٥١ رقم ٤٩٦٢.

(٢) هذا القول ليس من مختصّات تهذيب التهذيب ، فقد ورد في ترجمته من ميزان الاعتدال ٥ / ١٦٣ رقم ٥٨٧٥.

(٣) ميزان الاعتدال ٥ / ١٩٥ رقم ٥٩٧٢ ، تهذيب التهذيب ٥ / ٧٥٣ رقم ٤٩٦٧.

(٤) هذا قول الأخيرين ، أمّا قول النسائي فهو : متروك الحديث.

(٥) كان في الأصل : « تضعيفه » ، وما أثبتناه من المصدر.

(٦) تهذيب التهذيب ٦ / ٦ رقم ٤٩٧٧.

١٩٧

وقال أبو نعيم : لا شيء.

وقال الدارقطني : متروك.

٢٣٥ ـ ( م ت ق ) عمّار بن محمّد الثوري ، أبو اليقظان ، ابن أخت سفيان الثوري(١) :

قال ابن حبّان : استحقّ الترك.

[ن : ](٢) وقال ( خ ) : مجهول.

٢٣٦ ـ ( ت ق ) عمارة بن جوين ، أبو هارون العبدي البصري(٣) :

قال أحمد : ليس بشيء.

وقال ( س ) : متروك [ الحديث ].

وقال الجوزجاني : كذّاب مفتر.

وقال شعبة : لأن أقدّم فتضرب عنقي أحبّ إليّ من أن أحدّث عنه.

وقال ابن معين : لا يصدق في حديثه.

وقال الدارقطني : يتلوّن خارجيّ وشيعيّ ، يعتبر بما يرويه عنه الثوري.

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٥ / ٢٠٣ رقم ٦٠٠٨ ، تهذيب التهذيب ٦ / ٩ رقم ٤٩٨٣.

(٢) أضفناه لاقتضاء النسق.

(٣) ميزان الاعتدال ٥ / ٢٠٩ رقم ٦٠٢٤ ، تهذيب التهذيب ٦ / ١٦ رقم ٤٩٩١.

١٩٨

يب : قال حمّاد بن زيد : كذّاب(١) ، بالعشيّ شيء وبالغداة شيء.

وقال أبو أحمد الحاكم : متروك.

وقال ابن عليّة : يكذب.

وقال عثمان بن أبي شيبة : كان كذّابا.

وقال ابن البرقي : أهل البصرة يضعّفونه.

وقال ابن عبد البرّ : أجمعوا على أنّه ضعيف الحديث ؛ وقد تحامل بعضهم فنسبه إلى الكذب ، وكان فيه تشيّع ، وأهل البصرة يفرطون في من يتشيّع بين أظهرهم ؛ لأنّهم عثمانيّون.

قال في يب : كيف لا ينسبونه إلى الكذب وقد روى ابن عديّ في « الكامل »(٢) بسنده عن بهز بن أسد ، قال : أتيته فقلت : أخرج إليّ ما سمعت من أبي سعيد.

فأخرج لي كتابا ، فإذا فيه : حدّثنا أبو سعيد أنّ عثمان أدخل في حفرته وإنّه لكافر بالله!

[ قال : قلت : تقرّ بهذا؟!

قال : هو كما ترى!

قال : فدفعت الكتاب في يده وقمت ].

فهذا كذب ظاهر على أبي سعيد.

__________________

(١) وورد مؤدّاه أيضا في ترجمته من ميزان الاعتدال.

(٢) انظر : الكامل ٥ / ٧٨.

١٩٩

أقول :

كيف يمتنع على أبي سعيد أن يقوله وقد قتل عثمان بينهم ورأوه حلال الدم؟!(١) .

__________________

(١) ورد عن عائشة أنّها قالت في عثمان : اقتلوا نعثلا فقد كفر ـ وفي رواية : فجر ـ!

وقالت فيه : اقتلوا نعثلا ، قتل الله نعثلا!

وقالت فيه أيضا : أما والله لوددت أنّه [ أي : عثمان ] مقطّع في غرارة من غرائري ، وأنّي أطيق حمله ، فأطرحه في البحر!

وقالت عنه لمّا بلغها قتله : أبعده الله! قتله ذنبه.

وقالت أيضا : أبعده الله! ذلك بما قدّمت يداه ، وما الله بظلّام للعبيد.

وكان عثمان يخطب ذات يوم فقام رجل فنال منه ، فزجره ابن سلام [ يهوديّ أسلم! ] ، فقال له رجل : لا يمنعنّك مكان ابن سلام أن تسبّ نعثلا ، فإنّه من شيعته!

ونادت عائشة يوما : يا معشر المسلمين! هذا جلباب رسول الله لم يبل ، وقد أبلى عثمان سنّته!

وخاطبها عبيد بن أمّ كلاب بعد قتله وإرادتها الخروج للطلب بدمه : فو الله إنّ أوّل من أمال حرفه لأنت هذا والله التخليط يا أمّ المؤمنين! ثمّ أنشأ يقول ضمن قصيدة :

فمنك البداء ومنك الغير

ومنك الرياح ومنك المطر

وأنت أمرت بقتل الإمام

وقلت لنا : إنّه قد كفر

فهبنا أطعناك في قتله

وقاتله عندنا من أمر

انظر : الإمامة والسياسة ١ / ٧٢ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٧٢ و ٧٣ ، تاريخ الطبري ٣ / ١٢ حوادث سنة ٣٦ ه‍ ، الفتوح ـ لابن أعثم ـ ١ / ٤٣٤ ، تاريخ دمشق ٣٩ / ٣٢٧ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ٥ / ٨٠ ، الكامل في التاريخ ٣ / ١٠٠ حوادث سنة ٣٦ ه‍ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٢١٦ ، مختصر تاريخ دمشق ١٦ / ١٩٩.

ونعثل : الشيخ الأحمق ، والذكر من الضباع ، ورجل طويل اللحية ، ويهوديّ كان بالمدينة شبّه به عثمان.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

غانمة تنتصر لهاشم

بلغ غانمة بنت غانم سبُّ ابن هند وابن النابغة بني هاشم! فقالت لأهل مكة: أيها الناس، إنّ قريشاً لم تَلِد من رَقم ولا رُقم، سادت وجادت، ومُلِّكت فملكت، وفُضِّلت فَفَضَلت، واصطُفِيَت فاصطَفَت، ليس فيها كدرُ عيب ولا أفْنُ(١) ريب، ولا حشروا طاغين، ولا حادوا نادمين، ولا المغضوب عليهم ولا الضالّين. إنّ بني هاشم أطولُ الناس باعاً، وأمجَدُ الناس أصلاً، وأحلمُ الناس حلماً، وأكثر الناس عطاءً. منّا عبد مَناف الذي يقول فيه الشاعر:

كانت قريش بيضةً فتفلّقت

فالمخُّ خالِصُها لعبدِ مَناف

وولده هاشم الذي هشَمَ الثَّريدَ لقومشه، وفيه يقول الشاعر:

هشم الثريد لقومه وأجارَهم

ورجال مكّة مُسْنِتُون عِجافُ(٢)

ثمّ منّا عبد المطّلب الذي سُقينا به الغَيث، وفيه يقول الشاعر:

ونحن سِنيَّ المحلِ قامَ شفيعُنا

بمكّةَ يدعو والمياهُ تَغورُ

وابنُه أبوطالب عظيمُ قريش، وفيه يقول الشاعر:

آتيتُه مَلِكا فقام بحاجتي

وترى العُلَيّجَ خائباً مذموما

ومنّا العبّاس بن عبد المطّلب، أردفه رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأعطاه ماله، وفيه يقول الشاعر:

رَدِيفُ رسولِ الله لم أرَ مثلَهُ

ولا مِثلُهُ حتّى القيامةِ يُوجَدُ

____________________

(١) أفْن: ضعيف الرأي.

(٢) في جمهرة النسب: فولَدَ عبد مَناف بن قُصَيّ: هاشماً، وهو عمرو، وسُمِّيَ هاشماً لأنّه هشم الثَّريدَ، وله يقول الشاعر:

عمرو العُلى هَشَمَ الثَّرِيدَ لقومِهِ

ورجالُ مكّةَ مُسْنتِونَ عِجافُ

٢٦١

ومنّا حمزة سيّد الشهداء، وفيه يقول الشاعر:

أبا يَعلى لكَ الأركانُ هُدّتْ

وأنتَ الماجدُ البرُّ الوَصُولُ

ومنّا جعفر ذو الجناحين أحسنُ الناس وأكملهم كمالاً، ليس بغدّار ولا ختّار، بدّله الله عزّ وجلّ بكلّ يد له جناحاً يطير به في الجنّة، وفيه يقول الشاعر:

هاتوا كجعفرنا الطيّار أو كعليّنا

أليسا أعزّ النّاس عند الخلائق؟!

ومنّا أبو الحسن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، أفرس بني هاشم وأكرم من احتفى وتنعّل بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن فضائله ما قصر عنكم أنباؤها، وفيه يقول الشاعر:

ومن يكُ جدُّه حقّاً نبيّاً

فإنّ لَهُ الفضيلة في الأنام

ومنّا الحسين بن عليّ رضوان الله عليه، حمله جبرئيل علىعليه‌السلام عاتقه وكفى بذلك فخراً، وفيه يقول الشاعر:

نفى عنه عيبَ الآدميّين ربُّهُ

ومن مجدِه مجدُ الحسينِ المطهَّرِ(١)

ثمّ قالت: يا معشر قريش! والله ما معاوية بأميرالمؤمنين، ولا هو كما يزعم، هو والله شانئ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إنّي آتيةٌ معاوية وقائلة له بما يعرق جبينُه ويكثر منه عويله(٢) .

فكتب عامل معاوية إليه بذلك، فلمّا بلغه أنّ غانمة قد قرُبت منه أمر بدارِ ضيافةٍ

____________________

(١) صريح في العصمة.

(٢) لـمّا تأتي ابن هند بعد، حتّى جعلتها تظاهرة في مكّة صدحت بفضائل الشجرة المباركة. ولكن لا أظن سيعرق جبين ابن هند فهو نسيج عاهات وعورات سارت بها الركبان!

٢٦٢

فنُظّفت وألقي فيها فرش، فلمّا قربت من المدينة استقبلها يزيد في حَشَمه ومماليكه، فلمّا دخلت المدينة أتت دار أخيها عمرو بن غانم، فقال لها يزيد: إنَّ عبد الرحمن يأمرك أن تصيري إلى دار ضيافته، فقالت: من أنت كّلأكّ الله؟ قال: يزيد بن معاوية. قالت: لا رعاك الله يا ناقص! لست بزائد، فتمعّر لون يزيد(١) ، فأتى أباه فأخبره، فقال: هي أسَنّ قريش وأعظمهم. فلما قال يزيد: كم تعدّ لها؟ قال: كانت على عهد رسول الله أربعمائة عام وهي من بقيّة الكرام.

فلمّا كان من الغد أتاها معاوية فسلّم عليها، فقالت: وعلى المؤمنين السلام وعلى الكافرين الهوان! ثمّ قالت: من منكم ابن العاص؟ قال عمرو: ها أنا ذا. فقالت: وأنت تسبّ بني هاشم وأنت والله أهل السبّ وفيك السبّ وإليك يعود السبّ يا عمرو! إنّي والله عارفة بعيوبك وعيوب أمّك، وإنّي أذكر لك عيبا عيباً؛ ولدت من أمة سوداء مجنونة حمقاء تبول من قيام ويعلوها اللّئام، إذا لامسها الفحل كانت نطفتها أنفذَ من نطفته، ركبها في يوم واحد أربعون رجلاً! وأما أنت، فقد رأيتُك غاويا غير راشد ومفسدا غير صالح، ولقد رأيت فحل زوجتك على فراشك فما غِرتَ ولا أنكرتَ!

وأمّا أنت يا معاوية، فما كنت في خير ولا رُبّيت في خير، فما لَكَ ولبني هاشم؟ أنساء بني أميّة كنسائهم أم أُعطي أميّة ما أُعطي هاشم في الجاهليّة والإسلام؟ وكفى برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فقال معاوية: أيّتها الكبيرة أنا كاف عن بني هاشم. قالت: فإنّي أكتب عليك عهداً، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا ربّه أن يستجيب لي خمس دعوات، فأجعل تلك الدعوات كلّها فيك. فخاف معاوية وحلف لها أن لا يسبّ بني هاشم أبداً(٢) .

____________________

(١) أي تغيّر وعَلَته صُفرة.

(٢) المحاسن والمساوئ، للبيهقي: ٩١ - ٩٤.

٢٦٣

أخذ الله تعالى على ابن هند وحاشيته الفاسدة أبصارهم وأسماعهم، وطبع على قلوبهم، فهم يتعاوون. يسبّون (خير البشر؛ ومن أبى فقد كفر) و (خير البريّة)...، وشجرته المباركة! ولا يأتي السبّ إلّا عن أفن وسوء منبت وفساد طبع وفقدان حجّة. فسلّط الله سبحانه عليهم من يذيع فضائحهم التي تزكم الأنوف.

وللهِ محتدك يا غانمة! إذ بدأت بقريش، فهي المبرّزة بين قبائل العرب فبدأت بها لتنتقي منها جوهرتها (عبد مناف) ومن ولد عبد مناف: ذورة السنام من غير منازع (بني هاشم) موضع سبّ ابن النابغة وابن هند وكفى بصنعهما هذا حقارة وصغاراً! وتحوّلت إلى وريثه في المجد: ولده (عبد المطّلب)، ومن ولد عبد المطلب، انتقت ولده مؤمن قريش وعظيمها (أبا طالب). وراحت تعدد من بني هاشم الأماجد، فكان (العباس بن عبد المطلب)، رديف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فحمزة؛ سيد الشهداء بن عبد المطلب؛ فجعفر ذا الجناحين بن أبي طالب. ثمّ حطّت رحالها في دوحة الفخر عند عليّ بن أبي طالب أكرم خلق الله بعد رسوله؛ ومنه إلى شبله سبط رسول الله وسيّد شباب أهل الجنّة وكفى بذلك فخراً (الحسن المجتبى بن عليّ المرتضى) فإلى الحسين بن عليّ الذي طهّره الله وتشرّف جبريل بحمله على عاتقه. فمن ذا حمل ابن هند ووضعه على قارعة الطريق؟!

وبعد أن أحكمت كلامها إذ بدأت بقريش وانتهت بخامس أصحاب الكساء، عادت تخاطب قريشا وتذكرهم بفعل ابن هند وتسلبه الإمارة الجبريّة، فهو شانئ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فهي لذلك منتصرة لهذا البيت المنيف والشجرة المباركة، من بيت الطغاة والكفر والشجرة الملعونة.

فكان أوّل من وقع بين براثنها: الناقص حفيد هند، ولو لاها لم ندر أنّ النابغة من الشّبق والتبذّل أن ركبها واحد وأربعون رجلاً في يوم واحد، وانّ ابنها عمرو مع

٢٦٤

نبوغه في الضلال؛ فإنّه رأي عاهرا مع زوجته في فراشه فلم يغر ولم ينكر!

والتفتت غانمة إلى ابن هند، فلم يكن في بيئة اجتماعيّة طيّبة ولم يتولّ تربيته أهل خير؛ وإن شاءت المقادير أن ينسب إلى بني أميّة، مثلما نسب هو ابن سُميّة زيادا ونقل نسبه إلى نسبه وادّعى أخوّته وزوّجه وزوّج ولده من بنات آل سفيان؛ ومع ذا فليس نساء بني أميّة مثل نساء بني هاشم واشتُهر منهنّ حَمامة جدّة أبي سفيان بغيّ لها راية تؤتى؛ ومنهنّ هند أمّ معاوية، وقد عرضنا لحالها. وإغراق رجالهم في الجهل والغدر والكفر والنفاق وحرب الإسلام...، وإذا اقتصرنا على اشتقاق الأسماء؛ فإنّ (سفيان) اشتقاقه من (السفيه)(١) .

قال: وأبو سفيان، واسمه صخر بن حرب بن أميّة. والصخر، معروف، وليس كلّ الحجارة تسمّى صخراً، وإنّما الصخرة الصّفاة العظيمة التي لا يمكن حملها وإزالتها عن مكانها. (ابن حربٍ) الحرب: ضد السلم. ورجل محرب ومحراب، إذا كان صاحب حرب يسعرها(٢) .

و (أميّة): تصغير أَمَة(٣) .

و (معاوية): استعوى الكلاب ليسمع نُباحَها فيعلمُ أنّه قريب من ماء(٤) .

وابن هند حقيق بهذه التسمية وكأنّ مشيّة الله تعالى أملت على هند أن تسمّيه به، لـما يعلمه سبحانه ممّا سيكون منه تناوش وتهارش ونباح على كلّ قريب وبعيد.

____________________

(١) الاشتقاق، لابن دريد: ٧٣.

(٢) نفس المصدر السابق: ٧٥.

(٣) نفس المصدر السابق: ٥٤.

(٤) نفس المصدر السابق: ٧٥.

٢٦٥

عواؤه على شريك بن الأعور

دخل شريك بن الحارث بن عبد الله الهمدانيّ الحارثيّ البصريّ المعروف بشريك بن الأعور، على معاوية. وكان شريك هذا من خيار الشيعة وكان سيّد قومه، فقال له: ما اسمك؟ قال: شريك. قال: ابن من؟ قال: ابن الأعور. قا ل: إنّك شريك وما لله شريك، وإنّك لابن الأعور والصحيح خير من الأعور، وإنّك لدميم سيّئ الخلق فكيف سُدتَ قومَك؟(١)

فقال: وأنت والله معاوية، وما معاوية إلّا كلبة عوت فاستعوت(٢) فسمّيت معاوية، وإنّك لابن صخر والسهل خير من الصَّخر، وإنّك لابنُ حَرْبٍ والسِّلمُ خيرٌ من الحرب، وإنّك لابن أميّة وأميّة أَمَة صغر بها، فكيف سمّيت أميرالمؤمنين؟!

قال معاوية: واحدة بواحدة والبادي أظلم.

ولشريك شعر في المناسبة يتوعّد فيه ابن هند، فقاسمه(٣) معاوية أن يسكت وقرّبه وأدناه(٤) .

فهل تمسّك ابن هند بقَسَمِه هذا، أم حنَثَ فعاد إلى المحارشة وقد حلف لغانمة كما مرّ بنا أن لا يعود، ولغيرها، ثمّ عاد؟!

وفي التنازع والتخاصم: روى سفينة عن أمّ سلمة أنّه قال لها: إنّ بني أميّة يزعمون

____________________

(١) ابن هند، يعرف شريك حقّ المعرفة، إلّا أنّ سجيّته حملته على سؤاله عن اسمه! وابن من؟! وعرف شريك مرمى ابن هند؛ فلم يقل ابن الحارث وتعمّد أن يقول: ابن الأعور ليستنطقه فيصبّ عليه شؤبوب سخطه!

(٢) استعوت: أي نبحت فتبعها الكلاب. وفي لسان العرب: المعاوية، الكلبة المستحرمة تعوي إلى الكلاب إذا صرفت ويعوين إليها. ومعاوية اسم وهو منه.

(٣) قاسمه: أي حلف له يميناً.

(٤) مختصر تاريخ دمشق ١٠: ٣٠٥.

٢٦٦

أنّ الخلافة فيهم، فقالت: كذبت بنو الزرقاء، بل هم ملوك ومن شرّ الملوك(١) .

قال: ويقال إنّ الزرقاء هذه هي أمّ بني أميّة؛ واسمها: أرنب، وكانت في الجاهليّة من صواحب الرايات(٢) .

وذكرها ابن حزم في ولد الحكم بن أبي العاصي بن أميّة، فذكر مروان وإخوته وقال: أمّهم اسمها أرنب، وهي من بني مالك بن كنانة، وهي الزّرقاء التي كان يعيّر بها عبد الملك وغيره من بني مروان(٣) .

إنّ قول المقريزي: إنّ الزرقاء، واسمها أرنب، وهي في الجاهليّة من صواحب الرايات؛ هي أمّ بني أميّة.

وقول ابن حزم: إنّ أرنب وهي الزرقاء، هي أمّ ولد الحكم بن أبي العاص بن أميّة، التي يعيّر بها عبد الملك وغيره من بني مروان؛ قريب منه جواب أروى بنت الحارث ابن عبدالمطّلب لمروان في مجلس ابن هند - وقد ذكرناه - إذ خاطبته بقولها: يا ابن الزرقاء، مع نفيها إيّاه من الانتساب إلى الحكم، ونسبته إلى سفيان بن الحارث بن كلدة. وزادت بياناً أنّه يشبه سفيان في زرقة عينيه وحمرة شعره. وذكرت صفات في الحكم غير موجودة في مروان. فما أنكر عليها مروان.

إذاً: الزَّرقاء وهي أرنب، وهي بغيّ من ذوات الرايات، ابنها مروان؛ فمروان وبنوه: بنو الزرقاء، وأيضاً بنو الأزرق لنسبتهم إلى سفيان، أزرق العينين.

وهذا لا يمنع أن تكون الزرقاء ثانية على ما ذكر المقريزي وأنّها أمّ بني أميّة، ولا داعي للتوقّف عند ورود اسم أرنب في أمّ بني أميّة، وفي أمّ بني مروان، فما أكثر تشابه

____________________

(١) النزاع والتخاصم، للمقريزي: ٤٢.

(٢) نفس المصدر السابق.

(٣) جمهرة أنساب العرب، لابن حزم: ٨٧، والعقد الفريد ١: ٣٥٧.

٢٦٧

الأسماء؛ وإلاّ لوجب حذف أكثر التاريخ لهذه الشُبهة! والقاسم مشترك بين بني مروان وبني أميّة؛ فإنّ في نسب أميّة قول إذ ذهب البعض إلى أنّهم ليسوا من العرب وإنّما من الروم. ولأجل ذلك توقّف شريك بن الحارث (الأعور) الهمدانيّ وهو يلقم المعاوية حجراً مسكتاً، عند حدود أميّة ووسمه بالأمة أي العبد المسترق، وهو لفظ مؤنّث! ثمّ صغّره لا عن شماتة، وإنّما هكذا به يعرف. ولم يكن أميّة في نفسه هناك، وإنّما رفعه أبوه الذي يتبنّاه - ومعذرةً أن نقول: أبوه، إلّا أنّه غلب فصار العبد الرومي (أميّة) يعرف بابن عبد شمس؛ وبنوه الذين أخذوا شهرة بمعاداتهم لبني هاشم! فهم في حالي سلامهم وموادعتهم؛ أو حال حربهم محقّقوا مجد وسمعة: فهم أنداد هاشم وكفى بذلك فخراً! ولئلاّ يشطبهم التاريخ لخمول ذكرهم، فلمّا ناوؤا هاشماً عرفوا.

ولئلاّ ننسى: فلا ننسى (حمامة) وقد أشرنا إليها، جدّة أبي سفيان صخر بن حرب ابن أميّة؛ بَغيّ نابغة في هذا الفنّ من ذوات الرايات.

ولا ننسى (أمّ جميل)؛ اسمٌ جميل لامرأةٍ خلّدها عملُها مع زوجها في جهنّم؛ وهذا هو الوفاء: أن تسير المرأة على خطى زوجها في الدنيا، وتعانقه في الآخرة، فهي معه في السّراء والضّراء وإن كان باطلاً!

(أمّ جميل) بنت حرب بن أميّة؛ أخت أبي سفيان صخر بن حرب، عمّة معاوية - تنزّلاً؛ إذ قامت البراهين أنّه ابن شُبهة، فتارة للصُّبّاح، وأخرى لأربعة، وثالثة لرجل آخر...، وهي: حمّالة الحطب، امرأة أبي لهب، ولا نعرف لها فضيلةً! إلّا حملها الحطب والشوك وطرحه في طريق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ ولشدّة عداء زوجها (أبي لهب) وعداءها وإيذائهما النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنزل الله تعالى فيهما سورة كاملةً من القرآن تخلّد عملهما، وتخلّدهما في جهنّم، تلك هي سورة (تبّت) أو (المسد).

وللمعاويةَ حوار مع عقيل بن أبي طالب، قطعه فيه عقيل النسّابة المعروف بسرعة

٢٦٨

البديهة. وقبل ذكر ذلك، لا ندري هل جرى ذلك بعد الوعد الذي أعطاه ابن هند لشريك أن يسكت عن التهارش أم قبله، وهل كان ذلك بعد وعده لغانمة أم قبل ذلك...؟!

ذكر أبو عمرو بن العلاء، قال: قال معاوية يوماً وعنده عمرو بن العاص وقد أقبل عقيل: لأضحكنّك من عقيل! فلمّا سلّم قال له معاوية: مرحباً برجل عمّه أبو لهب. فقال له عقيل: أهلاً برجلٍ عمّته حمّالةُ الحَطَب في جيدها حبْلٌ من مَسَد.

قال معاوية: يا أبا يزيد، ما ظنّك بأبي لهب؟ قال: يا معاوية - ولم يكنّه كما فعل ابن هند إذ كنّى عقيلاً -، إذا دخلت النار فخذ على يسارك تجده مفترشا عمّتك حمّالة الحطب؛ أفناكحٌ في النار خيٌر أم منكوح؟! قال: كلاهما سواءٌ شرٌّ والله(١) .

ليس مثل عقيل بن أبي طالب رضي الله عنهما، مَن يكعّ عن جواب ابن هند أو تخونه بديهته حتّى يجعله أضحوكة لابن النابغة، لكن شاء الله لـما علم من حال ابن هند، وحال أسرته؛ أن يُخليهم وأنفسهم يعمهون ولا يكفّ عنهم قرناءهم ليزيّنوا لهم أعمالهم، فهم عمون.

واتّفق من حال ابن هند أنّ فيه شيئاً يحركه فلا يطيق إلّا أن يعود فيعاد عليه شرّه. وله مع عقيل مواقف غير ما ذكرنا، من ذلك:

قال معاوية لعقيل: ما أبين الشَّبَق(٢) في رجالكم يا بني هاشم!

قال: لكنّه في نسائكم يا بني أميّة أبيَن!(٣)

____________________

(١) شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد ٤: ٩٣؛ وبلفظ قريب منه في العقد الفريد ٤: ٩١، الموفقيّات: ٣٣٥، البيان والتبيين، للجاحظ ٢: ٣٢٦، عيون الأخبار ٢: ١٩٧، أنساب الأشراف ٢: ٣٣٠، مختصر تاريخ دمشق ١٧: ١٢٢.

(٢) الشّبق: إشتداد الشهوة الجنسيّة.

(٣) العقد الفريد ٤: ٩١، أنساب الأشراف ٢: ٣٣٠، عيون الأخبار ٢: ٢١٠، شرح نهج البلاغة ٢: ٣٢٩، وفي نثر الدرّ ٢: ١٩٨ قال معاوية لعقيل: إنّ فيكم شبقاً يا بني هاشم. قال: هو منّا في الرجال، ومنكم في النساء.

٢٦٩

وقال معاوية لعقيل وقد ابتلي به: إنّ فيكم يا بني هاشم لِيناً. قال: أجل، إنّ فينا لينا من غير ضعف، وعزّاً من غير عنف، وإنّ لينكم يا معاوية غَدْر وسِلمكم كفر، فقال معاوية: ولا كلّ هذا يا أبا يزيد!(١)

فلم يكن عقيل يتكلّم من غير بيّنة؛ فهند أعطت لوحشي ضمير الصدر، ومعاوية مردّد بين الصُّبّاح؛ وبين أربع رجال، حاله حال أخيه عُتبة؛ وعدا الصُّبّاح والأربع فهناك رجل آخر...، ومن قبل تزوّجت هند رجالاً ثلاث؛ فأيّ شبق بعد هذا؟!

لم يكن معاوية يجهل حال أمّه هند؛ وهو يرى أنّ عمر بن الخطّاب يوصيه بها خاصّةً ويعرف كثيراً عن حياة هذا الرجل (أبوسفيان) الذي ارتبط بأمّه؛ وجدّة هذا الرجل (حمامة) ذكرناها في مشاهير البغايا من ذوات الرايات. ولـمّا كان من شأن هؤلاء وما اشتهروا به هو الاستلحاق والادّعاء، وقد استلحق ابن هند ابن سميّة زياداً فادّعى إخوّته، وهو مثله ابن زنىً يدعى إلى أربعة وأمّه من ذوات الرايات؛ فليس صعباً على ابن هند أن يمارس الزنا وإن تربّع على منبر المسلمين، فورث يزيد القرود ذلك منه!

المدائني عن محمّد الثقفيّ قال: دعا معاوية بجارية له خراسانيّة فخلا بها، وعرَضتْ له وصيفةٌ مولّدة فترك الخُراسانيّة وخلا بالوصيفة فنال منها وخرج فقال للخراسانيّة: ما اسم الأسد بالفارسيّة؟ فقالت: كَفْتار، فخرج وهو يقول: أنا الكَفْتار، فقيل له: أتدري ما الكفتار؟ قال: نعم الأسد، قالوا: لا ولكنّه الضّبُع العرجاء، فقال: ما لها لله دَرُّها! سرعان ما أدركت بثأرها(٢) .

ومن شابه أُمَّه فما ظلم! فكلاهما سواءٌ شرٌّ.

____________________

(١) شرح نهج البلاغة ٤: ٩٣.

(٢) أنساب الأشراف ٥: ٦٤.

٢٧٠

سوء تقدير، أم حسن تدبير

لا أظنّ أنّ بيتاً في جاهليّة ولا إسلام ضمّ بين حناياه ما ضمّه البيت الأمويّ من خزايات وعاهات، لا يفتحون ماخُورَهم إلّا لمعْرِقٍ في الغَدْر والكفر والعُهْر ومَن ضُرب في ضياع النسب بسهم وافر!

فكانت خضراء ابن هند بدمشق، وخضراء الحجّاج بواسط، وخضراء المنصور العباسيّ ببغداد؛ وأخيراً خضراء فرعون العصر وأعتى الطواغيت صدّام ببغداد أيضاً، مواخير فسق ومراتع إبليس ومناحر لأطهر وأشرف عباد الله، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.

كان لابن هند هيئة استشارية يركن إليها في الملمّات منهم الصحابي الأعور الزنّاء المغيرة بن شعبة، وقد عرفت من قصّة غدره ببني مالك فذبحهم أجمعين، حسداً...، وإحصانه في الإسلام أكثر من ثمانين امرأة، ثمّ كان من فضائله زناه الذي شهد عليه فيه عند حاكم المسلمين عمر بن الخطّاب، وقد ناضل عمر أشدّ النضال في درأ الحدّ عن الصحابيّ حتّى جاء ابن سميّة زياد فأسمعه عمر ما يريده منه! ولذا فلم يشهد مثل سابقيه الّذين أذهبا بشهادتهما ثلثي دين المغيرة، فأبقى على الثالث الآخر فلهو لم يرَ مثلهما أنّه يدخله فيها ويخرجه إدخال الميل في المكحلة، وإنّما رآه متبطّنها جالساً بين فخذيها - ربما يعالجها من مرض! - ولم ير من عورته إلّا خصيته السوداويين؛ ونفساً يعلو؛ ونكص عن الشهادة برؤية ميل المغيرة يولجه في المرأة ويخرجه مثل الميل في المكحلة؛ فكبّر عمر وجلد الشهود...؛ وقد علمتَ مَن هي المرأة.

ومن لُجنته وإن شئت سمّيته وزيره: ابن النابغة عمرو الذي ينسب إلى ستّة، وتلونا عليك من أنبائه أنّ أمّه من ذوات الرايات، وما أكثر رايات البغاء والعُهْر والضلال في

٢٧١

هذا البيت! ولـمّا انعقدت نطفته سألوها إلى من تنسبه من هؤلاء الزّناة فاختارت العاص بن وائل السَّهميّ. ذكره ابن حبيب (ت ٢٤٥ هـ) في كتابيه (المحبّر: ١٦١) و (المنَمَّق: ٤٨٧) في (زنادقة قريش) - تعلّموا الزندقة من نصارى الحيرة - وهم: أبو سفيان صخر بن حرب، أظهر الإسلام؛ وعقبة بن أبي معيط، ضربت عنقه يوم بدر، ضربها عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؛ وأبيّ بن خلف الجُمَيّ، قتله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم أحد، والنَّصر بن كَلَدة من بني عبد الدار، قتله عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يوم بدر؛ ومنبّه، ونبيه ابنا الحجّاج السّهميّان، قتلا يوم بدر كافرين، قتلهما عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام. وقتل أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام : العاص بن منبّه السَّهْميّ يوم بدر. وقد ذكرنا الذين قتلهم أمير المؤمنينعليه‌السلام من بني عبد شمس، وبني أميّة وغيرهم مع مصادر ذلك في غير هذا الموضع. وإنّما أردنا أن نشير إلى دواعي انضمام ابن النابغة إلى ابن هند، وكلاهما يعرف بأمّه، سارت بذلك الرّكبان. ولا يستحي عمرو أن ينتمي إلى أمّه موضع فخره! ركبها في يوم واحد، واحد وأربعون رجلاً وعاشرت العبيد بمكّة، ثمّ كانت الليلة المشؤومة التي تراودها فيها ستّة وانعقدت نطفة عمرو؛ فنسبته إلى العاص بن وائل.

قلنا: إنّ ابن حبيب ذكر العاص في الزنادقة؛ وكذلك قد ذكره في المستهزئين برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وماتوا ميتات مختلفات.

قال: وأمّا سبب موته، فإنّ العاص بن وائل خرج في يوم مطير على راحلته ومعه ابنان له يتنزّه ويتغدّى، فنزل شعباً من تلك الشعاب، فلمّا وضع قدمه على الأرض صاح، فطافوا فلم يروا شيئاً، فانتفخت رجله حتّى صارت مثل عنق البعير، فمات من لدعة الأرض(١) .

____________________

(١) المحبّر: ١٥٩، المنمّق: ٤٨٦.

٢٧٢

فالعاهة واحدة، وعقدة النسب؛ تؤلّف بين قلبي ابن هند، وابن النابغة وتجعلهما يداً على من حاز دونهما كلّ فخر، وزكى عليهما في طهارة المولد، ومفاخر آبائه وأمّهاته.

وهما مع علمهما أن لا نسب لهما بأبي سفيان صخر بن حرب، والعاص بن وائل السهميّ؛ فهما لم يجدا بدّاً من الرضا بهذا النسب حتّى أشربا إيّاه، يوترهما ما يوتره؛ وقد وتر أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ابن هند بما ذكرناه؛ ووتر ابن النابغة بما ذكرناه؛ فصار هذا سبباً آخر في أن يكونا جبهةً واحدةً.

النابغة: سأل رجل عمرو بن العاص عن أمّة فقال: سلمى بنت حَرمَلة، تُلقَّب النابغة من بني عنزة، أصابتها رماح العرب، فبيعت بعكاظ، فاشتراها الفاكِهُ بن المغيرة، ثمّ اشتراها منه عبد الله بن جدعان، ثمّ صارت إلى العاص بن وائل، فولدت له، فأنجبت، فإن كان جُعِل لك شيء فخذه(١) .

عمرو، أعرف بأمّه، فهي سبيّ، بيعت في الأسواق كما تباع البضائع، فاشتراها الفاكه بن المغيرة المخزوميّ(٢) ، وبعد أن نال منها وطراً! اشتراها منه عبد الله بن جدعان التيميّ، من قوم طلحة وأبي بكر؛ فأصاب منها دهراً، وأخيراً، برواية ابنها عمرو، صارت إلى العاص بن وائل.

فهو لا يجد حرجاً في الكلام عن أمّه وتقلّبها بين الرجال، إلّا أنّه لم يصرّح كيف صارت إلى العاص بن وائل، هل بالشراء مثل الفاكه، وابن جُدْعان؟

ثمّ خلط الأمور بقوله (فولدت له، فأنجبت)؛ إيحاءً منه بما حدث؛ فأنجبت

____________________

(١) أسد الغابة ٤: ٢٤٤.

(٢) الفاكه بن المغيرة المخزوميّ، ابن عمّ خالد بن الوليد المخزوميّ. والفاكه هو الزوج لهند أمّ معاوية، قتل عنها بالغميصاء؛ ثمّ حفص بن المغيرة، مات؛ ثمّ صخر (أبو سفيان) بن حرب. (المحبّر: ٤٣٧).

٢٧٣

عمرو؛ إلّا أنّه جعل الأمر وكأنّه بعد أن صارت النابغة إلى العاص وليس عكس ذلك أي: لـمّا واقعها عدّة رجال منهم العاص بن وائل فحملت بعد ذلك، فلمّا وضعت حملها سئلت: بمن يلحقوه؟ فاختارت العاص: فعلى ذلك؛ كان على عمرو أن يقول: إنّ النابغة وقع عليها العاص في رجال...، ويتمّ الخبر كما هو، وكيفما قال عمرو فإنّ النابغة لم تسمّ بذلك إلّا لنبوغها في الزنا، وهي من ذوات الرايات.

فحال عمرو في الانتساب إلى العاص مثل حال انتساب معاوية إلى أبي سفيان. إنّ انتساب عمرو إلى النابغة، هو الثغرة الأولى التي ينفذ منها كلّ من أراد تنقّصه وتوهين أمره؛ فإذا ذكره قال: يا ابن النابغة؛ وأعرض عن كفره وكشف عورته يوم صفّين ووشايته بجعفر وجماعته لدى النجاشيّ، وعدم غيرته وهو يرى رجلاً مع امرأته في فراشه؛ فإنّ النابغة غطّت على كلّ هذه الفضائح وغيرها وقد خاطبه سيّد الصادقين بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام، يوم صفّين بذلك، لـمّا وقع الخلاف عند كتابة وثيقة التحكيم، فرفض ابن هند وابن النابغة صيغة الكتاب وامتنعا من تسمية عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام، مثلما كان من مشركي قريش في صلح الحديبيّة، إذ أصرّ مفاوضهم سهيل بن عمرو على محو عبارة (رسول الله) من وثيقة الصلح. وقد أشار أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى ذلك، طاعناً بإسلام عمرو وحزبه، فقال عمرو: سبحان الله! ومثل هذا شبّهتنا بالكفّار ونحن مؤمنون؟ فقال له عليّعليه‌السلام : (يا ابن النابغة، ومتى لم تكن للكافرين وليّاً وللمسلمين عدوّاً، وهل تشبه إلّا أمّك التي وُضعت بك!)(١) .

المعاوية تكشف عورات حرب

قال ابن عبّاس: قدِمت على معاوية وقعد على سريره وجمع أصحابه، ووفودُ العرب

____________________

(١) وقعة صفّين: ٥٠٨.

٢٧٤

عنده، فدخلت وسلمت وقعدت، فقال: مَن الناس يا ابن عباس؟ فقلت: نحن. قال: فإذا غبتم؟ قلت: فلا أحد! قال: ترى أنّي قعدت هذا لا مقعد بكم؟ قلت: نعم، فبمن قعدت؟ قال: قال: بمن كان مثل حرب بن أميّة.

قلت: من أكفأ عليه إناءه وأجاره بردائه. قال: فغضب وقال: وارِ شخصك شهراً قد أمرت لك بصلتك وأضعفتها لك. فلمّا خرج ابن عبّاس قال لخاصّته: ألا تسألوني ما الذي أغضب معاوية؟ إنّه(١) لم يلتق أحد من رؤساء قريش في عقبه أو مضيق مع قوم إلّا لم يتقدّمه أحد حتّى يجوزه، فالتقى حرب بن أميّة مع رجل من بني تميم في عقبة فتقدّمه التميميّ، فقال حرب: أنا حرب بن أميّة، فلم يلتفت إليه التميميّ وجازه، فقال: موعدك مكّة؛ فبقي التميميّ دهراً، ثم أراد دخول مكّة فقال: من يجيرني من حرب بن أمية؟ فقالوا: عبد المطلب. قال: عبد المطلب أجَلّ قدَراً من أن يُجير على حرب! فأتى ليلا دارَ الزبير بن عبد المطّلب فدقّ عليه، فقال الزبير للغَيْداق(٢) : قد جاءنا رجلٌ إمّا طالب حاجة وإمّا طالب قِرىً وإمّا مستجير، وقد أعطيناه ما أراد.

قال: فخرج إليه الزبير، فقال التميميّ:

لاقَيْتُ حَرْباً في الثَّنِيّةِ مُقْبِلاً

والصبحُ أبْلَجَ ضَوؤُهُ للساري(٣)

فَدَعا بصوتٍ واكتَنَى لِيَرُوعَني(٤)

ودَعا بِدَعْوتِهِ يُريدُ فَخاري

فتركتُه كالكلبِ يَنبَحُ وحدَهُ

وأتيتُ أهلَ معالمٍ وفَخَارِ

____________________

(١) عائدة إلى حرب بن أميّة.

(٢) الغَيداق بن عبد المطّلب، واسمه نوفل، وأمّه ممتّعة بنت عمرو الخزاعيّة (جمهرة النسب: ٢٩، النسب: ١٩٧، الاشتقاق: ٤٧. وفي نسب قريش: ١٨: الغيداق، واسمه مصعب).

(٣) الثّنيّة: طريق الصعبة. أبلَجَ: أشرق وأضاء.

(٤) يروعني: يفزعني.

٢٧٥

لَيْثاً هِزَبراً يُستجارُ بقُربِه

رَحْبَ المباءةِ مُكِرماً للجارِ(١)

ولقد حلفتُ بزمزمٍ وبمكّةِ

والبيت ذي الأحجار والأستارِ

إنّ الزبير لَمانعي من خوفِه

ما كبَّر الحُجّاجُ في الأمصارِ

قال: تقدّم فإنّا لا نتقدّم من نُجيره. فتقدّم التميميّ فدخل المسجد، فرآه حرب فقام إليه فلطمه، فحمل عليه الزبير بالسيف فعدا حتّى دخل دار عبد المطّلب، فقال: أجرني من الزبير، فأكفأ عليه جفنةً كان عبد المطّلب يطعم فيها الناس، فبقي هناك ساعةً ثمّ قال له: أُخرج. فقال: كيف أخرج وتسعة من ولدك قد احتَبَوا بسيوفهم على الباب؟! فألقى عليه رداء كان كساه إيّاه سيف بن ذي يَزَن، له طرّتان خضراوان. فخرج عليهم فعلموا أنّه قد أجاره، فتفرّقوا عنه(٢) .

مكرمة جديرة بالذكر

من الإنصاف ذكر مكارم الناس وليس الاقتصار على الخوض في مثالبهم مهما كان خمول ذكرهم.

قال محمّد بن كعب: إنّا لجلوس مع البراء في مسجد الكوفة إذ دخل قاصّ، فجلس فقصّ، ثمّ دعا للعامّة والخاصّة، ثمّ دعا للخليفة، ومعاوية يومئذ خليفة!

فقلنا للبراء: يا أبا إبراهيم! دخل هذا فدعا للعامّة والخاصّة، ثمّ دعا لمعاوية فلم نسمعك قلت شيئاً، فقال: إنّا شهدنا وغِبْتُم، وعلما وجهِلْتم، إنّا بينا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحنين إذ أقبلت امرأة فوقفت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت: إنّ أبا سفيان ومعاوية أخذا

____________________

(١) هِزَبر: شديد صلب. المباءة: المنزل، المحيط.

(٢) المحاسن والمساوئ، للبيهقيّ: ٨٩ - ٩٠، المحاسن والأضداد، للجاحظ: ٨٦ - ٨٧. وهذا معنى قول ابن عبّاس: (من أكفاً عليه إناءه وأجاره بردائه).

٢٧٦

بعيراً لي فغيّباه عليَّ. فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلاً إلى أبي سفيان بن حرب ومعاوية: أن ردّا على المرأة بعيرها. فأرسلا: إنّا والله ما أخذناه، وما ندري أين هو. فعاد إليها الرسول فقالا: والله ما أخذناه وما ندري أين هو. فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى رأينا لوجهه ظلالا ثمّ قال: انطلق اليهما فقل لهما: بل والله إنّكما صاحباه، فأديّا إلى المرأة بعيرها. فجاء الرسول إليهما وقد أناخا البعير وعقلاه فقالا: إنّا والله ما أخذناه، ولكن طلبناه حتّى أصبناه. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اذهبا(١) .

وقفة أخرى مع أميّة

فيما تقدّم، ذكرنا أنّ أميّة عبدُ عبدِ شَمْس، روميّ اشتراه عبد شمس من أرض مصر ثمّ أعتقه واستحلقه فصار يعرف بأميّة بن عبد شمس.

وإذا وقع شكّ في عبوديّة نسب أميّة؛ فلا شكّ في عبوديّة السبب! وقبل الحديث عن هذه باختصار نقول: لم يكن لأميّة في نفسه ميزة أو خليقة ترفعه إلى شرف ونُبْل. ولو افترضنا نسبته إلى عبد شمس، فلم يكن لهذا في نفسه ميزة كذلك؛ إنّما يذكر بأبيه وبأخيه هاشم الذي كان يكفل عيشه ويسدّ مسغبته(٢) .

ثمّ إنّ أميّة إنّما صار شيئاً مذكوراً ببنيه(٣) الذين إنّما أحيا ذكرهم ما قرنهم ببني هاشم، إذ صاروا خصوماً ألدّاء لهاشم وبنيه فلا يذكر الهاشميين ذاكر إلّا ذكر معهم الأمويّين مهما كانت المناسبة والذكر.

وذكره المقريزي أيضاً فقال: (ولم يكن أمية هناك...، وكان مضعوفاً وكان صاحب عهار)(٤) .

____________________

(١) مختصر تاريخ دمشق ٢٥: ٧٢ - ٧٣.

(٢) انظر: شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد ٣: ٤٦٦.

(٣) النزاع والتخاصم، للمقريزي: ٢١.

(٤) نفس المصدر السابق: ٤١.

٢٧٧

ونورد نصّين نستجلي منهما حقيقةً مهمّة في أميّة:

في كتاب كتبه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام إلى ابن هند، عقد فيه موازنة بين هاشم وأميّة وبين حرب وعبد المطّلب وبين نفر من آل هاشم ونفر من آل أميّة؛ وفيه: (وليس المهاجر كالطليق، ولا الصريح كاللصيق)(١) .

ويقول أبوطالب من أبيات أنشأها حين تظاهر عليه وعلى رسول الله، بنو عبد شمس، ونوفل.

توالى علينا موالينا كلاهما

وإذا سئلا قالا إلى غيرنا الأمر

بلى لهما أمر ولكن تراجما

كما ارتجمت من رأس ذي القلع الصخر

أخصّ خصوصاً عبد شمس ونوفلا

هما نبذانا مثل ما نبذ الخمر

قديماً أبوهم كان عبداً لجدّنا(٢)

بني أَمَة شهلاء جاش بها البحر

فهاتان شهادتان صادرتان من رجلين برَّيْن تقيّين يتحرّجان القولَ من غير علم، ويأنفان أن تأخذهما الحميّة فيتعمّد الهجاء؛ وإذا أخبرنا؛ لم يصدرا إلّا عن صدق وإنصاف.

ففي قول أمير المؤمنين إذ يخاطب ابن هند فيصفه بـ (اللصيق)؛ فليس أدلّ في اللغة العربيّة على انتحال أميّة نسبه إلى عبد شمس.

وفي قول أبي طالب زيادة في الدلالة وتفصيلاً لـِما أجمله ولده أمير المؤمنينعليهما‌السلام.

فقد نصب (بني) - في آخر بيت - بإضمار فعل يخصّص من كان أبوهم عبداً لجدّ الطالبيّين، فالمعنيّون في البيت: بنو أميّة بقرينة نصب (بني) بفعل (أعني أو أخصّ) وبهذا التقدير يتّسق البيت ويتّضح معناه.

____________________

(١) من كتاب لهعليه‌السلام جواباً على كتاب معاوية إليه، وهو في نهج البلاغة - باب الكتب رقم ١٧.

(٢) إشارة إلى واقعة استبعد فيها عبد المطلب أميّة عشر سنين، يأتي خبرها.

٢٧٨

والملفت أنّه أنّث الموصوف (أمة) وأتبع ذلك بتأنيث الصفة (شهلاء) وتأنيث الضمير (بها). أنّث كلّ ذلك باعتبار اللفظ ثمّ أنّثه قاصداً إلى تأنيثه استصغاراً له وتعويضاً عن تصغير لفظه الذي لا يستقيم معه الوزن لو جاء بلفظ (أميّة) فكأنّه حين أراد المصغر ولم يُواتِه الوزن، جاء بمُكبَّرهِ (أمَة) ثمّ دلّ على ما يريده منه بتوهين أمره واستصغار شأنه بهذا التأنيث المطّرد وبهذا الوصف الزريّ.

والبيت صريح بأنّ أميّة ممّا قذفه البحر إلى الحجاز مع هذه التجارة التي كانت ترد إلى مكّة من الروم وغيرها.

ولا يجيش البحر بسلع آدميّة إلّا الرقيق والإماء! وليس عبثاً انتقاء أبي طالب كلمة (شهلاء)، فهي صفة لا تعرف بها العين العربيّة التي هي في الأغلب سوداء؛ والشّهلة دون الزرقة، وهي صفة عرفت بها العين الروميّة، أو ربّما كثرت هذه الصفة في عيون الروم.

ويؤيّد ذلك، ما ذكرناه من نقيضته التي ناقض عصره ومحيطه الاجتماعيّ بها؛ المتمثّلة في استلحقاه عبده (ذكوان) وتسميته (أبو عمرو) ثمّ تزويجه امرأته في حياته، فهو بهذه الإباحيّة والتردّي في أخلاق ليست من أخلاق العرب في جاهليّتهم من شيء، وإنّما تناقضها تماماً إذ كانت الحميّة تطبع العصر الجاهليّ وتدمغ العفاف بسنّة قاسية غشوم تلك هي سنّة الوَأْد هرباً من خيال العار! وحرصاً على المرأة من تلك المهاوي الوقاح.

وربّما صلح هذا الأسلوب من أساليب الفسق الذي لا يعرفه العرب في الدلالة على الشكّ في نسبه وأيّد القول بعروضه على مكّة من وراء البحر حيث تشيع أمثال هذا المجون الذي يأنفه العرب وينكرونه(١) .

____________________

(١) نذكّر بما ذكرناه: فهو أميّة؛ تصغير أمَة؛ وهو عبد روميّ مُتبنّى؛ وتبنّى عبده (ذكوان) فسمّاه (أبو عمرو)؛ وزوّجه من امرأته.

٢٧٩

ومن هذا شأنه، فهو منبت كلّ سوء، ولذا تجد فيه الحسد لمن طار صيته في الآفاق ونطق بمجده الصغير والكبير؛ وورث هذا الحسد بنوه أصالةً أو بالاستلحاق مع مصاهرة على امرأته!! فهم يتنسمون الزندقة والإباحيّة والدياثة..؛ وبغض هاشم وبنيه، كلٌّ بغَضَه بوُسع حاله، فمنهم من نافرَه فنفرَه القمرُ الباهر فنفاه عن مكّة إلى الشأم عشرَ سنين.

وعاد اللصيق من منفاه في الشأم وكانّه ذهب في تجارة استغرقت منه عشر سنين في الذهاب والإياب والمتاجرة بماذا؟! وعاد إلى مكّة لم يفد من نفيه إلّا إلحاحاً على العناد وإسرافاً في الفساد ومضيّاً في الحسد وإيغالاً في العداوة؛ وكأنّ ابتعاده إلى تلك الأراضي قرّبه من أنفاس أبناء جلدته؛ ولـمّا وجد هاشماً قد أودع مكارمه (شيبة الحمد) وارتحل؛ فظنّ واهماً أن يصيب بعض الفوز مع عبد المطّلب بعد أن أخفق مع هاشم؛ إلّا أنّ اللصيق مضى يستفزّ عبد المطّلب ويلحّ إلى أن اضطرّ عبد المطّلب إلى قبول منافرة اللصيق ومراهنته؛ إلّا أنّه جعلها مناسبة للقضاء على معنويّة أمويّة وتحقيره وإهانته بما هو أهل له. ولم يكن رهاناً، إنّما امتحاناً صعباً لولا الروحيّة العظيمة وقدس الذات وصفاء النفس الّتي كان عليها عبد المطّلب، لـما أقدم على أمر يتساوى في عقباه مع أميّة؛ إذ طلب إجراء فرسين واحد له والآخر لأميّة، وشرط على المغلوب مائة من الإبل وعشرة من الأعبد، ومثلها من الإماء، واستعباد سنة، وجزّ الناصية وهو علامة على الاستعباد، يشقّ على من عوقب به تحمّله.

فهل مثل عبد المطّلب يضع مثل هذه الشروط وهو لا يدري أنّ فرس أميّة تجري مجرى فرسه وأنّ كلاّ منهما عرضة للكبوة؛ فكيف يكون أمره لو فاز أميّة في هذا الامتحان؟! فلتذهب الإبل وغيرها، أمّا أن يصبح عبد المطّلب - حاشا له! - عبداً

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307