دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٢

دلائل الصدق لنهج الحق13%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-355-1
الصفحات: 456

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 456 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 147712 / تحميل: 5903
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٥٥-١
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

النظر واجب بالعقل لا بالسمع

قال المصنّف ـ طاب رمسه ـ(١) :

المبحث الثاني

في أنّ النظر واجب بالعقل

الحقّ أنّ مدرك وجوب النظر عقليّ لا سمعي ، وإن كان السمع قد دلّ عليه أيضا بقوله تعالى : (قُلِ انْظُرُوا )(٢) .

وقال الأشاعرة قولا يلزم منه انقطاع حجج الأنبياء ، وظهور المعاندين عليهم ، وهم معذورون في تكذيبهم! مع إنّ الله تعالى قال : (لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )(٣)

فقالوا : إنّه واجب بالسمع لا بالعقل ، وليس يجب بالعقل شيء ألبتّة!(٤) .

فيلزمهم إفحام الأنبياء ، واندحاض حجّتهم ؛ لأنّ النبيّ إذا جاء إلى المكلّف فأمره بتصديقه واتّباعه ، لم يجب ذلك عليه إلّا بعد العلم بصدقه ،

__________________

(١) نهج الحقّ : ٥٠ ـ ٥١.

(٢) سورة يونس ١٠ : ١٠١.

(٣) سورة النساء ٤ : ١٦٥.

(٤) الملل والنحل ١ / ٨٨ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٦٤ ـ ٦٥ ، شرح المقاصد ١ / ٢٦٢ ، شرح المواقف ١ / ٢٧٠ ـ ٢٧١.

١٤١

إذ بمجرّد الدعوى لا يثبت صدقه ، بل ولا بمجرّد ظهور المعجزة على يده ما لم ينضمّ إليه مقدّمات

منها : إنّ هذه المعجزة من عند الله تعالى.

[ومنها : إنّه تعالى ] فعلها لغرض التصديق.

ومنها : إنّ كلّ من صدّقه الله تعالى فهو صادق

لكنّ العلم بصدقه حيث يتوقّف على هذه المقدّمات النظرية ، لم يكن ضروريا ، بل يكون نظريّا.

فللمكلّف أن يقول : لا أعرف صدقك إلّا بالنظر ، والنظر لا أفعله إلّا إذا وجب عليّ وعرفت وجوبه ، ولم أعرف وجوبه إلّا بقولك ، وقولك ليس بحجّة عليّ قبل العلم بصدقك!

فتنقطع حجّة النبيّ ، ولا يبقى له جواب يخلص به ، فتنتفي فائدة بعثة الرسل ، حيث لا يحصل الانقياد إلى أقوالهم ، ويكون المخالف لهم معذورا.

وهذا هو عين الإلحاد والكفر! نعوذ بالله منه.

فلينظر العاقل المنصف [ من نفسه ] ، هل يجوز له اتّباع من يؤدّي مذهبه إلى الكفر؟!

وإنّما قلنا بوجوب النظر ؛ لأنّه دافع للخوف ، ودفع الخوف واجب بالضرورة.

١٤٢

وقال الفضل(١) :

إعلم أنّ النظر في معرفة الله واجب بالإجماع ، والاختلاف في طريق ثبوته.

فعند الأشاعرة طريق ثبوته : السمع ، لقوله تعالى : (انْظُرُوا )(٢) ؛ ولأنّ معرفة الله واجبة إجماعا ، وهي لا تتمّ إلّا بالنظر ، وما لا يتمّ الواجب المطلق إلّا به فهو واجب ، ومدرك هذا الوجوب هو السمع كما سيتحقّق بعد هذا.

وأمّا المعتزلة ومن تبعهم من الإمامية(٣) ، فهم أيضا يقولون بوجوب النظر ، لكن يجعلون مدركه العقل لا السمع(٤) .

ويعترضون على الأشاعرة بأنّه لو لم يجب النظر إلّا بالشرع لزم إفحام

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ١٥١ ـ ١٥٥.

(٢) سورة يونس ١٠ : ١٠١.

(٣) إنّ القول بأنّ الإمامية تبع للمعتزلة في علم الكلام ، وأنّهم متّفقون معهم في العقيدة ، قول باطل لا أساس له من الصحّة جملة وتفصيلا

فللإمامية رأيهم المستقلّ ، ومن الخطأ في التعليل والاعتباط في الرأي أن نجعل موافقة الإمامية للمعتزلة دليلا على تأثّرهم بهم ، أو حضور إماميّ عند معتزليّ شاهدا على استجداء العقيدة واستماحة الفكر ، بل إنّ الاحتكاك الفكري هو الذي ينمّي التفكير ويصحّح طرق الاستدلال ويقصّر السبل ويسهّلها ؛ وقد نشأ علم الكلام واستقرّت طرقه ومناهجه عند الإمامية قبل غيرهم.

وقد فصّل البحث في ذلك سماحة الشيخ محمّد رضا الجعفري ـ حفظه الله ـ في مقاله : « الكلام عند الإمامية » المنشور في مجلّة « تراثنا » ، العددين ٣٠ ـ ٣١ ، ص ١٤٤ ـ ٢٩٩ ؛ فراجع.

(٤) شرح الأصول الخمسة : ٤٢ ـ ٤٣ ، الذخيرة في علم الكلام : ١٦٧ ـ ١٧١.

١٤٣

الأنبياء ، وعجزهم عن إثبات نبوّتهم في مقام المناظرة كما ذكره من الدليل.

والجواب من وجهين :

[ الجواب ] الأوّل : النقض :

وهو : إنّ ما ذكرتم من إفحام الأنبياء ، مشترك بين الوجوب الشرعي ـ الذي هو مذهبنا ـ ، والوجوب العقلي ـ الذي هو مذهبكم ـ ، فما [ هو ] جوابكم فهو جوابنا!

وإنّما كان مشتركا ، إذ لو وجب النظر بالعقل فوجوبه ليس ضروريا ، بل بالنظر فيه ، والاستدلال عليه بمقدّمات مفتقرة إلى أنظار دقيقة من أنّ المعرفة واجبة ، وأنّها لا تتمّ إلّا بالنظر ، وأنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب

فيقول المكلّف حينئذ : لا أنظر أصلا ما لم يجب ، ولا يجب ما لم أنظر ، فيتوقّف كلّ واحد من وجود النظر مطلقا ، ووجوبه على الآخر.

لا يقال : إنّه يمكن أن يكون وجوب النظر فطريّ القياس ، فيضع النبيّ للمكلّف مقدّمات ينساق ذهنه إليها بلا تكلّف ، ويفيده العلم بذلك ـ يعني بوجوب النظر ضرورة ـ ، فيكون الحكم بوجوب النظر ضروريا محتاجا إلى تنبيه على طرفيه.

لأنّا نقول : كونه فطريّ القياس مع توقّفه على ما ذكرتموه من المقدّمات الدقيقة الأنظار ، باطل.

وعلى تقدير صحّته ـ بأن يكون هناك دليل آخر ـ فللمكلّف أن لا يستمع إليه وإلى كلامه الذي أراد تنبيهه به ، ولا يأثم بترك النظر أو الاستماع ، إذ لم يثبت بعد وجوب شيء أصلا ، فلا يمكن الدعوة وإثبات

١٤٤

النبوّة ، وهو المراد بالإفحام.

والجواب الثاني : الحلّ :

وهو أن يقال : [ النبيّ له أن يقول ] ـ إذا قال المكلّف : لا أعرف صدقك إلّا بالنظر ، والنظر لا أفعله إلّا إذا وجب عليّ وعرفت وجوبه ـ:

إنّ الوجوب عليك محقّق بالشرع في نفس الأمر ، ولكن لا يلزم أن تعرف ذلك الوجوب.

فإن قال : الوجوب موقوف على علمي به.

قلنا : لا يتوقّف ؛ إذ العلم بالوجوب موقوف على الوجوب ، فلو توقّف الوجوب على العلم بالوجوب لزم الدور ، فليس الوجوب في نفس الأمر موقوفا على العلم بالوجوب.

فإن قال : ما لم أعرف الوجوب لم أنظر.

قلنا : ماذا تريد بالوجوب الذي ما لم تعرفه لم تنظر؟!

فإن قال : أريد بالوجوب ما يكون ترك الواجب به إثما وفعله ثوابا.

قلنا : فقد أثبتّ الشرع حيث قلت بالثواب ، وإلّا فبطل قولك :

« ووجوبه لا أعرفه إلّا بقولك » ، فاندفع الإفحام.

وإن قال : أردت بالوجوب ما يكون ترك الواجب به قبيحا لا يستحسنه العقلاء ، ويترتّب عليه المفسدة ، فيرجع إلى استحسان العقل.

قلنا : فأنت تعرف هذا الوجوب إذا راجعت العقلاء ، وتأمّلت فيه بعقلك ، فإنّ كلّ عاقل يعرف أنّ ترك النظر في معرفة خالقه ـ مع بثّ النعم ـ

١٤٥

قبيح ، وفيه مفسدة ، فبطل قوله : « ولم أنظر ما لم أعرف الوجوب » ، واندفع الإفحام.

لا يقال : هذا الوجه الثاني هو عين [ القول ب‍ ] الحسن والقبح العقليّين ، وليس هذا مذهب الأشاعرة ، بل هذا إذعان لمذهب المعتزلة ومن تابعهم.

قلنا : لأنّا نقول : ليس هذا من الحسن والقبح اللذين وقع فيهما المنازعة أصلا ؛ لأنّ الحسن والقبح ، بمعنى تعلّق المدح والثواب والذمّ والعقاب ، هو محلّ النزاع ، فهو عند الأشاعرة شرعيّ ، وعند المعتزلة عقليّ.

وأمّا الحسن والقبح ، بمعنى ملاءمة الغرض ومنافرته ، وترتّب المصلحة والمفسدة عليهما ، فهما عقليّان بالاتّفاق ؛ وهذا من ذاك الباب ، وسنبيّن لك [ حقيقة ] هذا المبحث في فصل الحسن والقبح إن شاء الله تعالى.

ثمّ اعلم أنّا سلكنا في دفع لزوم الإفحام [ عن الأنبياء ] مسلكا لم يسلكه قبلنا أحد من السلف ، وأكثر ما(١) اطّلعنا عليه من كلامهم لم يفد دفع الإفحام ، كما هو ظاهر على من يراجع كلامهم ، والله العالم.

إذا عرفت هذا ، علمت أنّ الإفحام مندفع على تقدير القول بالوجوب الشرعي في هذا المبحث ، فأين الانجرار إلى الكفر والإلحاد؟!

ثمّ إنّ من غرائب طامّات هذا الرجل أنّه أورد شبهة على كلام الأشاعرة ، وهي مندفعة بأدنى تأمّل ، ثمّ رتّب عليه التكفير والتفسيق ، وهذا

__________________

(١) كان في الأصل : « من » ، وهو تصحيف ؛ والمثبت في المتن من المصدر.

١٤٦

غاية الجهل والتعصّب ، وهو رجل يريد ترويج طامّاته ليعتقده القلندرية والأوباش(١) ورعاع الحلّة من الرفضة والمبتدعة.

__________________

(١) الأوباش من الناس : الأخلاط والضروب المتفرّقون والسفلة ؛ انظر : الصحاح ٣ / ١٠٢٤ ، لسان العرب ١٥ / ٢٠٠ ، تاج العروس ٩ / ٢١٩ ، مادّة « وبش ».

١٤٧

وأقول :

إنّ الجواب النقضي إنّما يتوجّه إذا كان الدليل العقلي على الوجوب ـ نظريا أو ضروريا ـ محتاجا إلى تنبيه.

وأمّا إذا كان ضروريا غنيا عن التنبيه ، فلا ، كالدليل الذي ذكره المصنّف.

فإنّالمقدّمة الأولى منه ، وهي :

« إنّ النظر دافع للخوف » وجدانية ؛ لأنّ النظر إمّا أن يحصل به القطع المؤمّن للقاطع ، أو يوجب الأمان من جهله لو لم يقطع ؛ لأنّ النظر غاية المقدور.

والمقدّمة الثانية ، وهي :

« إنّ دفع الخوف واجب » ضرورية أوّلية ، لا تحتاج إلى التنبيه كالأولى.

فإن قلت :

أين الخوف حتّى يوجب دفعه؟!

قلت :

لا ريب أنّ كلّ عاقل يحتمل بالضرورة أنّ له ربّا لازم العبادة ، وأنّه يعاقبه بجهله فيه ، وترك النظر في معرفته ، والإخلال بعبادته ، فيحصل له الخوف بالضرورة ، فيحتاج إلى النظر ، ويجب عليه عقلا.

١٤٨

ولا يخفى أنّ الخصم أخذ هذا الجواب النقضي بعينه من « المواقف » وشرحها ، من غير تدبّر بعدم انطباقه على المورد ؛ لأنّ المصنّف ذكر لوجوب النظر دليلا ضروريا ، وما ذكره في « المواقف » دليل آخر نظريّ!

فرأى الخصم أنّ صاحب « المواقف » ذكر جوابا سمّاه نقضيا ، فأخذه بلفظه من غير معرفة بعدم انطباقه على الدليل الذي في الكتاب ، وأنّه لا يكون نقضا عليه ، وإنّما يكون نقضا على ما بيّنه في « المواقف ».

ثمّ إنّه قد ذكر في « المواقف » نظير الدليل البديهي المذكور ، وجعله دليلا على وجوب المعرفة عقلا ، لا على وجوب النظر ، فقال : « المعرفة دافعة للخوف الحاصل من الاختلاف ، وهو ـ أي الخوف ـ ضرر ، ودفع الضرر عن النفس واجب [ عقلا ] »(١) .

ولو قال : المعرفة دافعة للخوف ، ودفع الخوف واجب بالضرورة ؛ لكان أولى.

وأمّا ما ذكره في الحلّ :

فيرد عليه أمور :

الأوّل :

إنّ قوله : « الوجوب عليك محقّق بالشرع في نفس الأمر » كلام غير نافع ، وهو الذي اقتصر عليه علماء الأشاعرة ؛ لأنّ تحقّق وجوب النظر في الواقع وإن لم يتوقّف على العلم ، لكن لا يؤثّر في لزوم إطاعة المكلّف له

__________________

(١) المواقف : ٢٨ ـ ٣١ ، شرح المواقف ١ / ٢٦٩ ـ ٢٧٠.

١٤٩

ما لم يعلمه ، فإنّ من لا يعرف الوجوب يكون معذورا في مخالفته وترك النظر ، فيلزم الإفحام.

ولو ادّعيت عدم المعذورية عقلا في مخالفة الوجوب الشرعي الواقعي ، بمجرّد احتمال المكلّف له ، رجعت إلى حكم العقل ، وصار المحرّك للمكلّف على النظر هو العقل لا الشرع.

وبالجملة : إنّما يرتفع الإفحام بعلم المكلّف بالوجوب ، لا بمجرّد وجوده في الواقع ، وقول مدّعي النبوّة لا يفيده العلم ، فلا يرتفع الإفحام ، بخلاف الدليل العقلي ، فإنّه يثبت الوجوب ، ويفيد العلم به ، فيرتفع الإفحام.

الثاني :

إنّه لا يلزم من قول المكلّف : « أريد بالوجوب ما يكون ترك الواجب به إثما وفعله ثوابا » أن يكون مثبتا للشرع ، مذعنا به ؛ لأنّ استعمال اللفظ في معنى لا يستلزم اعتقاد المستعمل بالمعنى ، بل يكفيه سماعه له مستعملا به عند أهل الشرع ، فإذا أراده صحّ كلامه من غير اعتقاد به ، ولزم الإفحام.

الثالث :

إنّ نتيجة قوله : « وإن قال : أردت بالوجوب ما يكون الواجب به قبيحا » إلى آخره ، أن يكون الوجوب عقليا ، وحينئذ ـ لو تمّ ـ لا يكون جوابا حلّيا عن إشكال الإفحام بناء على الوجوب الشرعي.

فظهر أنّ زيادة الخصم على جواب الأشاعرة بقوله : « فإن قال : ما لم أعرف الوجوب لم أنظر » إلى آخر جوابه ، زيادة لاغية لا تنفع

١٥٠

الأشاعرة ؛ لاشتمالها على مقدّمتين :

أولاهما : لا تدفع الإفحام.

والثانية : تجعل الوجوب عقليا كما عرفته في الأمرين الأخيرين.

واعلم أنّ دليل المصنّف العقلي كما يثبت وجوب النظر لمعرفة الله تعالى ، يثبت وجوب النظر لمعرفة النبيّ ، إلّا أنّ وجه الخوف مختلف ، ولا يبعد أنّ المصنّف أراد الأمرين كما هو ظاهر من كلامه.

والله العالم.

* * *

١٥١
١٥٢

المعرفة واجبة بالعقل

قال المصنّف ـ أجزل الله ثوابه ـ(١) :

المبحث الثالث

في أنّ معرفة الله تعالى واجبة بالعقل

الحقّ أنّ وجوب معرفة الله تعالى مستفاد من العقل ، وإن كان السمع [ قد ] دلّ عليه ؛ لقوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ )(٢) ؛ لأنّ شكر النعمة(٣) واجب بالضرورة ، وآثار النعمة علينا ظاهرة ، فيجب علينا أن نشكر فاعلها ، وإنّما يحصل بمعرفته ؛ ولأنّ معرفة الله دافعة للخوف الحاصل من الاختلاف ، ودفع الخوف واجب بالضرورة.

وقالت الأشاعرة : إنّ معرفة الله واجبة بالسمع لا بالعقل(٤) ، فلزمهم ارتكاب الدور ، المعلوم بالضرورة بطلانه ؛ لأنّ معرفة الإيجاب تتوقّف على معرفة الموجب ، فإنّ من لا نعرفه بشيء من الاعتبارات ألبتّة ، نعلم ـ بالضرورة ـ أنّا لا نعرف أنّه أوجب ، فلو استفيدت معرفة الموجب من معرفة الإيجاب لزم الدور المحال.

__________________

(١) نهج الحقّ : ٥١ ـ ٥٢.

(٢) سورة محمّد ٦ ٤٧ : ١٩.

(٣) في المصدر : المنعم.

(٤) الملل والنحل ١ / ٨٨ ، المواقف : ٢٨ ، شرح المواقف ١ / ٢٧٠ ـ ٢٧١.

١٥٣

وأيضا : لو كانت المعرفة إنّما تجب بالأمر ، لكان الأمر بها إمّا أن يتوجّه إلى العارف بالله تعالى ، أو إلى غير العارف ، والقسمان باطلان ، فتعليل الإيجاب بالأمر محال.

أمّا بطلان الأوّل ؛ فلأنّه يلزم منه تحصيل الحاصل ، وهو محال.

وأمّا بطلان الثاني ؛ فلأنّ غير العارف بالله يستحيل أن يعرف : أنّ الله قد أمره ، وأنّ امتثال أمره واجب.

وإذا استحال أن يعرف أنّ الله تعالى قد أمره ، وأنّ امتثال أمره واجب ، استحال أمره ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق ، وسيأتي بطلانه إن شاء الله تعالى.

١٥٤

وقال الفضل(١) :

لا بدّ في هذا المقام من تحرير محلّ النزاع أوّلا ، فنقول :

وجوب معرفة الله تعالى ـ الذي اختلف فيه ـ هل إنّه مستفاد من الشرع أو العقل؟

إن أريد به الاستحسان ، وترتّب المصلحة ، فلا يبعد أن يقال : إنّه مستفاد من العقل ؛ لأنّ شكر المنعم موقوف على معرفته ، والشكر واجب ـ بهذا المعنى ـ بالعقل ، ولا نزاع للأشاعرة في هذا.

وإن أريد به ما يوجب ترتّب الثواب والعقاب ، فلا شكّ أنّه مستفاد من الشرع ؛ لأنّ العقل ليس له أن يحكم بما يوجب الثواب عند الله.

والمعتزلة يوافقون أهل السنّة في أنّ الحسن والقبح ـ بهذا المعنى ـ مركوزان في العقل ، ولكنّ الشرع كاشف عنهما.

ففي المذهبين لا بدّ وأن يؤخذ(٢) من الشرع ، إمّا لكونه حاكما ، أو لكونه كاشفا(٣) .

فكلّ ما يرد على الأشاعرة في هذا المقام بقولهم : « إنّ الشرع حاكم بالوجوب دون العقل » يرد على المعتزلة بقولهم : « إنّ الشرع كاشف للوجوب » ؛ لأنّ في القولين لا بدّ من الشرع ليحكم أو يكشف.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ١٦٠ ـ ١٦١.

(٢) كان في الأصل : « يوجد » ، وهو تصحيف ؛ والمثبت في المتن من المصدر.

(٣) أي كاشفا عن حكم العقل بوجوب النظر.

١٥٥

ثمّ ما ذكر من أنّ معرفة الله دافعة للخوف الحاصل من الاختلاف ، ودفع الخوف واجب بالضرورة

فنحن نقول فيه ـ بعد تسليم حكم العقل بالحسن والقبح في الأفعال ، وما يتفرّع عليهما من الوجوب والحرمة وغيرهما ـ : نمنع حصول الخوف المذكور ؛ لعدم الشعور بما جعلتم الشعور به سببا له من الاختلاف وغيره.

ودعوى ضرورة الشعور من العاقل ممنوعة ؛ لعدم الخطور في الأكثر ، فإنّ أكثر الناس لا يخطر ببالهم أنّ هناك اختلافا بين الناس في ما ( ذكروا : أنّ )(١) لهذه النعم منعما قد طلب منهم الشكر عليها ، بل هم ذاهلون عن ذلك ، فلا يحصل لهم خوف أصلا.

وإن سلّم حصول الخوف ، فلا نسلّم أنّ العرفان ـ الحاصل بالنظر ـ يدفعه ، إذ قد يخطئ فلا يقع العرفان على وجه الصواب ؛ لفساد النظر ، فيكون الخوف حينئذ أكثر.

ثمّ ما ذكر من لزوم الدور ، مندفع بأنّ وجوب المعرفة بالشرع في نفس الأمر ، لا يتوقّف على معرفة الإيجاب [ وإن توقّف على الإيجاب ] في نفس الأمر ، فلا يلزم الدور.

ثمّ ما ذكر من أنّ المعرفة لا تجب إلّا بالأمر ، والأمر إمّا أن يتوجّه إلى العارف أو الغافل ؛ وكلاهما باطل

فنقول في جوابه : المقدّمة الثانية القائلة : بأنّ تكليف غير العارف باطل لكونه غافلا ؛ ممنوعة

__________________

(١) في المصدر : « ذكر ، وأنّ ».

١٥٦

إذ شرط التكليف : فهمه وتصوّره ، لا العلم والتصديق به ؛ لأنّ الغافل من لا يفهم الخطاب ، أو لم يقل له : إنّك مكلّف ؛ فتكليف غير العارف ليس من المحال في شيء ؛ والله أعلم.

١٥٧

وأقول :

لا يخفى أنّ معنى الوجوب هو : لزوم الفعل ، وعبّر بعضهم بطلب الفعل مع المنع من الترك ، وهذا ممّا لا يشتبه في نفسه على أحد ، ولا في كونه ـ هو دون غيره ـ محلّ النزاع ، فأيّ وجه لتركه؟!

والترديد في معنى الوجوب بين أمرين لا ربط لهما بالمقصود ، اللهمّ إلّا أن يريد الترديد في سبب الوجوب العقلي ودليله ، لا في معناه ، فهو حسن إذا كان غرضه ـ من الشقّ الأوّل في الترديد ـ تسليم الدليل الأوّل الذي استدلّ به المصنّف ، مع إرادة الخصم بالاستحسان هو الاستحسان على وجه اللزوم.

لكنّ دعوى تسليم الأشاعرة لهذا الدليل ، وعدم النزاع لهم في وجوب شكر المنعم ، غير صحيحة ، لا سيّما إذا أريد به إثبات وجوب المعرفة عقلا.

فإنّهم أنكروا وجوب المعرفة عقلا ـ كما سمعت ـ ، وأنكروا وجوب شكر المنعم عقلا ، مدعين :

أوّلا : إنّه تصرّف في ملك الغير ، فلا يجوز بدون إذنه.

وثانيا : إنّه لو وجب عقلا ، فإن كان لا لفائدة ، يلزم العبث ؛ وإن كان لفائدة : إمّا في الدنيا ، وأنّه مشقّة ؛ أو في الآخرة ، ولا استقلال للعقل فيها.

ويرد على الأوّل : إنّهم إن أرادوا بملك الغير : الجوارح والقوى المدركة ؛ ففيه : إنّ الله سبحانه إنّما خلقها ليتصرّف بها صاحبها ، إلّا أن

١٥٨

يثبت منع الشرع في مورد فيستثنى.

وإن أرادوا به أفعال العبد ؛ فهي عندهم مخلوقة لله تعالى ، فلا تصرّف للعبد فيها ، على إنّ الأصل الإباحة عند الشكّ كما حقّق في أصول الفقه(١) .

ويرد على الثاني : إنّا نختار أنّه لفائدة الشاكر ، سواء قلنا : إنّها في الدنيا ؛ لأنّ المشقّة لا يلتفت إليها في جنب الفائدة ، كيف؟! ولا تحصل فائدة غالبا بدون مشقّة

أم في الآخرة ؛ لأنّ العقل مستقلّ بها ، وحاكم بالثواب عند الله تعالى ، كما ستعرف إن شاء الله تعالى.

وأمّا قوله : « وإن أريد به ما يوجب ترتّب الثواب والعقاب ، فلا شكّ أنّه مستفاد من الشرع »

فهو خارج عن المقام ؛ لأنّ الكلام إنّما هو في أصل الوجوب العقلي ودليله ، ولا ربط له بمسألة استحقاق الثواب والعقاب على طاعة التكاليف الشرعية ومخالفتها.

كما إنّ قولنا بالاستحقاق لا يتوقّف على كشف الشرع بالضرورة.

وكيف كان ، فإن أقرّ الخصم بوجوب معرفة الله تعالى عقلا ، وأنّ العقل ملزم للإنسان بالمعرفة وإن لم يعرف الشرع ، لوجوب شكر المنعم عقلا ، الموقوف على المعرفة ، فهو المطلوب.

__________________

(١) انظر : المستصفى من علم الأصول ١ / ٧٥ ، إرشاد الفحول : ٤٧٣ ، المواهب السنية ـ المطبوع بهامش الأشباه والنظائر ، للسيوطي ـ : ٨٣ ، العدّة في أصول الفقه ٢ / ٧٤١ ـ ٧٥١ ، كفاية الأصول : ٣٣٨ و ٣٥٥.

١٥٩

ولكنّ أصحابه لا يعترفون به وإن أنكر ذلك تبعا لأصحابه! فما هذه التفاصيل الخارجة عن المقصود ، والأغاليط التي لا يعرف معناها ، ولا نتيجة لها ، إلّا تشويش الكلام وتلبيس الحقّ!

ومن جملة الخبط في كلامه قوله : « والمعتزلة يوافقون أهل السنّة في أنّ الحسن والقبح بهذا المعنى مركوزان في العقل »

فإنّ حقّ العبارة أن يقول : « ثابتان بالشرع » ، بدلا عن قوله :

« مركوزان في العقل » ؛ لأنّ الأشاعرة لا يقولون بالثواب والعقاب عقلا(١) .

وأمّا ما أجاب به عن الدليل الثاني الذي ذكره المصنّف ، فهو عين لفظ « المواقف » وشرحها ، من قوله : « نحن نقول بعد تسليم » إلى قوله :

« فيكون الخوف حينئذ أكثر »(٢)

ويرد عليه أوّلا : إنّ منع حصول الخوف بدعوى عدم شعور الناس بسببه وهو « الاختلاف » خطأ ظاهر ، سواء أراد المصنّف بالاختلاف ، الاختلاف في وجود الله تعالى ، أم في أنّ لهذه النعم منعما.

وذلك لأنّ الاختلاف في الأمرين أظهر الوجدانيات والمشاهدات ، وأبين محالّ الخلاف في الديانات ، فكيف يمكن أن لا يشعر به الناس؟!

نعم ، ربّما لا يبالي الناس بالجهل ومقتضى الخوف ، وهو أمر آخر.

ويرد عليه ثانيا : إنّ تقييد المنعم بأنّه قد طلب الشكر عليها ، خطأ آخر ؛ لمنافاته لمذهبنا ، وهم يريدون حكاية دليلنا ، فإنّا نقول : إنّ وجوب شكر المنعم عقلي لا شرعي ، وإنّما الشرع مؤكّد(٣) .

__________________

(١) الملل والنحل ١ / ٨٨ ، شرح المواقف ٨ / ١٨٣.

(٢) المواقف : ٣١ ، شرح المواقف ١ / ٢٧٠.

(٣) انظر : الذخيرة في علم الكلام : ١٧٠ ـ ١٧١.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

ولهؤلاء الناس ، يجب ان نقول : تصفّحوا التاريخ وانظروا اية حركة اصلاحية او ثقافية او ايديولوجية او ثورية قامت في المنطقة الاسلامية ولم يكن للعلماء دور فيها ، بل ولم يكونوا هم قادتها.

وهنا تذكرت كلاماً قاله احد الشخصيات الثورية البرازيلية ويسمىٰ« اسبينا » رغم ان كلامه يدور حول الروحانيين المسيحيين التقدميين ، ويرىٰ اسبينا ان من بين ثلاثة عشر الف روحاني ( قسيس ) برازيلي هناك الفين منهم يحملون افكاراً تقدمية ويمكن التعاون معهم.

ومن جهة اخرىٰ ، فالعديد من القساوسة هم رجعيون ومحافظون برأي الشيوعيين ، والحقيقة ان هناك من القساوسة ، خاصة الطبقة الفقيرة منهم ، من هم اكثر تطرفاً من الشيوعيين والاشتراكيين وسائر المجموعات اليسارية ، والكثير منهم مستعد لحمل السلام بيده والكفاح ، ولابد من الاعتراف ان الكنيسة التي تحمل افكاراً تقدمية تستطيع اكثر من غيرها من القوىٰ نشر الوعي بين صفوف الناس(1) .

يقول الدكتور علي شريعتي في احد كتبه وضمن بحث حول دور العلماء الرساليين في جميع الثورات والانتفاضات التي حدثت في العالم الاسلامي ضد المستثمرين الداخليين والخارجيين :

اقول في هذا الصدد ـ واذكر انني لا ارجو فيه اية مصلحة ، فالله يعلم وهكذا الجماهير انني لم اكذب يوماً من اجل مصلحة ما ولن اكذب في المستقبل و وتاريخ حياتي دليل علىٰ ان كلامي هذا بسبب عقيدتي وايماني ________________

(1) قضايا امريكا اللاتينية : 180.

٤٤١

والضرورة الاجتماعية والمسؤولية الفكرية التي اشعر بها ـ فعلىٰ مدىٰ عملي في اوروبا أو هنا ، دافعت بكل ما اوتيت من قوة وبكل تعصب عن الروحانيين « الحقيقيين والتقدميين » وعن المجتمع الاسلامي العلمي والصحيح والأصيل وقد قلت لكم مراراً هنا ان الدفاع والانجياز لهذا المجتمع العلمي ، ليس فقط وظيفة المسلم والمؤمن ، بل وبما انه آخر مواقع مقاومة امام الهجوم الاستعماري الثقافي الغربي ، فانه وظيفة ومسؤولية كل « مثقف رسالي » حتىٰ ولو لم يكن مؤمناً بالاسلام(1) .

ويضيف الدكتور شريعتي في مكان آخر

توجد ثقافات قومية وأديان اصيلة وقيم فنية وقومية ، لكنه وحتىٰ ذلك الوقت كانت جميع الشعوب المحلية والمجتمعات التاريخية المتحضرة ، تصنع اكبر الحضارات الساطعة ، وآخر القيم الانسانية التي لا تقارن بالقيم والحضارة الغربية.

والعلماء المسلمون التقدميون والمناهضون للاستعمار ، هم الذين حذّروا الآخرين من خطر الحضارة الغربية ودعوهم للرجوع الىٰ انفسهم ، وما يعلنه اليوم مؤتمر السود علىٰ لسان شخصيات امثال : ستغور وجوليوس تيربري ، في العالم ، كان العلماء المسلمون قد اعلنوا قبل مائة سنة امام الغزو الغربي المتعدد الاوجه ( اقتصادي وسياسي وثقافي ) ، خاصة الامبريالية الفكرية الغربية التي هي من اشد واخطر اوجه ذلك الغزو.

________________

1 ـ القاسطين ، والمارقين والناكثين : 242.

٤٤٢

اجل : ان الامبريالية الثقافية والفكرية هي من اخطر اشكال الاستعمار والغزو الغربي ، حيث يقضي في البداية علىٰ الفكر والعصبية ، ويغير طريقة فهمنا للدين ويفتح الطريق لاستقرار افكاره في عقولنا ، وبعد ذلك يبدأ غزوه الاقتصادي والعسكري ، فلو لم يكن هناك غزو فكري وامبريالية ثقافية ، لما تمكن من غزونا اقتصادياً وعسكرياً بهذه السهولة.

وان أول من كشف النقاب عن وجه الاستعمار الاوروبي الكرية وكشف دسائسه في محو الاخلاق الفضيلة من المجتمعات هم المثقفون المسلمون الذين وقفوا في مقدمة المواجهة مع الغزو الثقافي الاستعماري الغربي.

ولهذا السبب طرح علماء المسلمون الجزائريون هذا الشعار في جهادهم ضد المستعمر :

« الاسلام ديننا والعربية لساننا والجزائر وطننا »

لانهم احسوا آنذاك ان فرنسا لم تأت لتبشر بالحضارة الجديدة ، او الاستهلاك الجديد ، او لتحصل علىٰ منافع مادية وتنهب الثروات فقط ! لا انها جاءت لمسخ الانسان وتغيير التاريخ ، جاءت لسحق جميع قيمنا الانسانية انهم حسّوا بذلك ولان الاستعمار الفرنسي كان يطلق هذا الشعار :

فلتكن الفرنسية لغتكم وفرنسا وطنكم والمسيحية دينكم !

فقد اطلقوا هم ايضاً شعارهم الذي ذكرناه من قبل ، هذا هو المعنىٰ الحقيقي للمثقف والواعي والتقدم والفهم السياسي والاجتماعي المناهض للاستعمار ، لا ان نقلد الاوروبيين في كل كلمة وخطوة.

٤٤٣

أمّا اليوم فقد ادرك المثقفون الشباب بعد الحرب العالمية الثانية خاصة في البلدان المستعمرة في افريقيا تلك الحقيقية وتنبهوا لخطورة الغزو الثقافي الاستعماري. وهذه القضية مورد اهتمام القادة السود والمثقفون التقدميون في امريكا اللاتينية ايضاً.

« نيريري » من علماء الاجتماع وقادة ومفكري افريقيا الشرقية ـ لغته ولغة جميع المتعلمين والمثقفين في مجتمعه هي الانجيليزية ، لقد درسوا في كمبريدج وتعلموا اشياء كثيرة في لندن. لكن لغتهم العامية ولغة جماهيرهم من الاميين ، فهي « السواحلية » ، لهذا يعلن اليوم امراً باستعمال اللغة السواحلية وهي لغة شبة وحشية ومحلية وهي لغة منحطة بدل اللغة الانجليزية في الجامعات ومدارسهم ودوائرهم ومراكزهم العلمية والسياسية ، وهذا النوع من التفكير خاص بالمثقف والمتنور التقدمي جداً ، والذي تعده الدنيا شخصاً ثورياً ، وجميع الاشخاص الذين ظهروا بعنوان قادة ثوريين في القرن العشرين من بين مجتمعات « الشعوب المغضوب عليها في الارض » رفعوا هذا الشعار ، وهو العودة الىٰ الذات وتلقي القيم والاطر الثقافية الغربية.

والذي اطلبه هو دراسة الحركات التقدمية التي قامت في مجتمعنا خلال القرن الاخير في مقابل الغزو والمؤامرات الغربية ، فاي نهضة وحركة وقفت امام لعبة « العصرنة » التي كانت تروج لكل الثقافات والبضائع الغربية ، وقاومت بعد المتعصرنيين المحليين الذين كانوا يسمون انفسهم خطأً المتنورين والتقدميين ! ستجدون في مقدمة جميع الحركات التي قاومت ووقفت بوجه الغزو الثقافي وحتىٰ السياسي والاقتصادي الغربي واوجدت حالة وعي في الامة ، شخصيات علمائية اسلامية تقدمية وشجاعة وواعية.

٤٤٤

انا لا اقول ذلك بعنوان مبلّغ ديني بل هي حقيقية تاريخية.

ولن اتعرض في حديثي عن اسباب المتنورين والمثقفين الذين يحكمون علىٰ الاسلام ، بتكرار تلك الاحكام التي اصدرها الاوروبيين من قبل حول مسيحية القرون الوسطىٰ والكنيسة والكاثوليكية.

اما اولئك الذين يملكون فكراً مستقلاً واحكاماً تستند الى دراساتهم وعقلياتهم ، ويتساءلون عن دور العلماء المسلمين والدين والمسجد والبازار في الحركات والثورات السياسية التي خدمت خلال القرن الاخير ، فلابد ان يعلموا ان الاسلام ليس كالمسيحية فهو ، لا يمتلك جهازاً ادارياً وروحانياً يمكن الحكم فيه ، فالعلماء في الاسلام هو النخبة الطبيعة للمجتمع والجماهير ، ولكل واحد منهم شخصية مستقلة ، اذن من الخطأ الكلام عن « مجمتع واحد باسم الروحانيين » واصدار الاحكام بحقه ، وعلىٰ الرغم من وجود اشخاص غير لائقين او عناصر مرتبطة بالانظمة الدكتاتورية بينهم ، إلّا انه ليس منطقياً مقارنتهم بالجهاز الروحاني المسيحي في القرون الوسطىٰ ، لانهما حقيقتان اجتماعيتان غير متجانستان ولا متشابهتان.

اما قولنا بأن الحركات الاسلامية التي قاومت الامبريالية والغزو الثقافي الغربي كانت قيادتها علمائية او انها تأسس اساساً علىٰ ايديهم ، فهو حقيقية موضوعية لا يمكن انكارها ، وفي جميع المجتمعات الاسلامية التي واجهت خلال المائة سنة الاخيرة قضايا الحضارة الجديدة والمسائل الاقتصادية والسياسية والعسكرية الاوروبية.

انظروا في جميع المعاهدات التي ابرمت خلال هذا القرن من الزمان او

٤٤٥

اكثر منه ، والتي كانت نتيجتها التبعية على السواء للأجنبي والمستعمر ، سوف لن تجدوا توقيع عالم اسلامي واحد ، لكنها مليئة ـ وللأسف الشديد ـ بأسماء وتواقيع اصحاب التعليم الحديث والمثقفين و « الحداثويين » وغير المتعصبين و « التقدميين » و « العلمانيين » ! وحتىٰ لو كان احد العلماء يريد ان يبيع نفسه ويوقع اسفل احدىٰ تلك « المعاهدات الاستعمارية » ، كان قبل كل شيء يخلع عمامته وعباءته ويحلق لحيته ويعقد ربطة عنقه ، ثم يذهب الىٰ اوروبا مسافراً وهناك يعمد في نهر التايمز ، بعد ذلك يعود الينا بعنوان شخصية متعصرنة وتقدمية وذات ميول اوروبية وعلمانية ، ثم بعد ذلك كله يوقع علىٰ تلك المعاهدة. كما ان اول من قام بتوعية الناس واخطارهم حول مقاصد الاوروبيين المستعمرين هم العلماء المسلمين الرساليين ( لا المتنورين المقلدين للغرب ) ، لقد اعلنوا للناس ان اوروبا لم تأت لتنهب خيراتنا المادية فقط من ذهب وفضة ونحاس ونفط وقطن و الخ بل جاءت ايضاً لتدمير ثرواتنا الانسانية والثقافية ولسحق فضائلنا الاخلاقية ، واقتلاع جذورنا الدينية والتقليدية ، جاءت لسحق وجودنا وتاريخنا وشخصيتنا واسقاط كل ما نملك في الحضيض ! فكان العلماء الرساليون اول من واجه الامبريالية ولم يقتصر نشاطهم علىٰ الجانب السياسي والاقتصادي كما فعل القادة القوميين ، بل انهم قاوموا المستعمر من خلال اساس فكري وايديولوجي ومعنوي ، ففهموا الاستعمار بجميع اوجهه وخاصة في اكثرها خفية وخطورة وهو البعد والوجه الفكري والمعنوي والاخلاقي والعلمي ، انهم اشتبكوا مع ثقافته(1) .

________________

(1) القاسطين والمارقين والناكثين : 241.

٤٤٦

ويضيف الدكتور شريعتي في كتاب آخر حول هذا الموضوع :

« باعتباري متخصص في التاريخ والمسائل الاجتماعية ، اقول بصراحة ، لا يوجد في اسفل اي معاهدة استعمارية خلال القرنين الماضيين توقيع لمعمم درس في النجف ، في حين ان هذه المعاهدات مليئة بتواقيع الدكتور الفلاني والمهندس الفلاني من الذين درسوا في الخارج ( وهو ما يخجل الجميع ).

ومن جهة اخرىٰ ، في مقدّمة كل حركة تقدمية مناهضة للاستعمار في هذه الدول نجد شخصية عالم دين مسلم ، خاصة من الشيعة ، وانتم الذين تريدون اجتثاث هذه القاعدة الثقافية المتأصلة في عمق تاريخنا وفي اعماق وجدان مجتمعنا ، ما هو البديل الذي تطرحونه كقاعدة ثقافية وجماهيرية لكم باعتباركم متنورين ومثقفين رساليين ، مقابل الاستعمار الثقافي الغربي ؟(1)

وفي مكان آخر من الكتاب ذاته ، يقول الدكتور علي شريعتي :

« ان اكبر قاعدة يمكن ان نرجوا منها وعي جماهيرنا ، وتقديم الاسلام الحقيقي لهم ، والتي يمكنها ان تعلب دوراً قوياً وحياتياً في انهاض الناس فكرياً واحياء الروح الاسلامية وايجاد حركة وعي الاسلامي وتكون قوة مقتدرة ، هي « الحوزة ».

« طلبة الحوزة » وتلك الغرف الضيقة والمظلمة التي خرج منها السيد ________________

(1) اقبال : 63.

٤٤٧

جمال الدين وامثاله(1) .

العلماء والعمل

بيضاوي : المسألة التي بقيت بالنسبة لي دون جواب ، هي لماذا لايعمل الروحانيون ارجو ان تفيدونا في هذا الموضوع ؟

الشيخ : الاسئلة التي تطرح حول عمل الروحانيين ، جميعها تنشأ من عدم وضوح لمفهوم العمل عند السائل ، ولهذا نواجه اعتراضات حتىٰ من قبل اشخاص ( مثل السيد بيضاوي ) الذي يشابه عمله ، عمل الروحانيين. ولمزيد التوضيح ، يقسم العمل الىٰ ثلاثة اقسام :

أ ـ الاعمال الانتاجية ، مثل الزراعة ، والنسيج وتربية المواشي و وامثالها.

ب ـ الاعمال الخدماتية ، مثل : الطب والتمريض والسياقة والحملة و

ج ـ الاعمال الثقافية والايديولوجية ، مثل : التدريس في الجامعات ، العمل في مجال التربية والتعليم ، الكتابة والعمل في سلك العلماء والروحانيين ، الذين يسعون لنشر وتطبيق اهدافهم والقيام بمسؤولياتهم وبهذا الشكل يتّضح نوع عمل الروحانيين والمجال الذي ينتمون اليه ، اي انهم من القسم الثالث للعمل وهو العلم الثقافي والايديولوجي والعملي ، وللأسف الشديد ، بما ان الاغلبية يتصورون خطأ ان العمل هو فقط في مجال الانتاج ، لذلك يتساءلون ________________

(1) ن. م.

٤٤٨

عن عمل علماء الدين ، في حين اننا لو حصرنا مفهوم العمل بالانتاج ( المادي ) فقط ، يجب ان نعد الاطباء والاساتذة والكتّاب والفنانين و من جملة العاطلين ، والغريب ان اغلب تلك التساؤلات يطرحها اشخاص لا يقومون هم بأي عمل انتاجي او خدماتي ، بل هم ايضاً ينتمون الىٰ قسم الاعمال الثقافية والعلمية ! ولو كان مصداق العمل النوع الانتاجي فقط. فما هو العمل الذي تقوم به وتنتجه يا سيد بيضاوي انت وجميع العاملين في سلك التعليم و ؟ كيف يعد المعلم حتىٰ الذي يدرّس طلاب الصف الاول الابتدائي ( مع ان الاسلام يحترم ويقدس هذا العمل ) عاملاً ويتغاضىٰ علىٰ ذلك مرتباً شهرياً(1) في حين ان اساتذة الحوزة العلمية الذين يدرّسون الطلاب علىٰ مدىٰ ساعات واكثر من المعلمين العاديين ، يعدون بلا عمل ؟! واصبحت نشاطات اساتذة الجامعات ( مع انها ليست انتاجية أو خدماتية ) عملاً يدفع لهم مقابله اجراً على الرغم من انه يصب احياناً لصالح الحكومات المستثمرة والفاسدة والظالمة ، بينما اساتذة الحوزة العلمية الذين يبحثون ويدرّسون العلوم الاسلامية « عاطلين » ولا يحق لهم استفادة من بين المال علىٰ حدّ كفافهم ؟!

ولماذا يعدّ ملايين الطلاب الجامعيين وطلاب المدارس اصحاب عمل في حين ان طلبة العلوم الاسلامية وعلىٰ الرغم من قلة الامكانيات المخصصة لهم يعتبرون عاطلين ؟! ولماذا تعد الكتابة عملاً مقدساً اذا قام بها شخص غير روحاني ، بينما يعد الروحاني عاطلاً حتىٰ لو كتب وألّف عشرات الكتب المفيدة ؟! فمثل هذه الاحكام بحق العلماء الروحانيين لابد وان مصدرها ________________

(1) هناك حقيقة مؤسفة ، وهي ان شريحة العاملين في سلك التعليم وعلىٰ الرغم من قداسة عملها ، لا زالت مجهولة في هذا البلد ويجحف حقها.

٤٤٩

الاستعمار الذي ذاق الويل علىٰ يد العلماء الرساليين الواعين الذين وقفوا بوجه وكشفوا حقيقته للناس.

اجل ، هذه الاراجيف والاحكام الباطلة هي ـ وكباقي اراجيفه ـ من صنع الاستعمار الذي القاها بأفواه بعض المغفلين ، فأخذوا يتناقلونها دون معرفة مفهوم « العمل » و « العامل ».

والغريب هو انني اعرف بعض الاشخاص ، ليسوا روحانيين ، ولكنهم يرون انفسهم من المطلعين علىٰ المسائل الاسلامية ( الى هنا لا اشكال علىٰ ذلك ) ولكنهم يتصورون ان المرتبات العالية التي يتقاضونها والتي تتجاوز عشرة آلاف تومان في الشهر مشروعة وحلال تماماً ، في حين انهم يتصورون العالم والروحاني الذي يودي عملاً مشابهاً لعلمهم شخصاً عاطلاً ولا يحق له اخذ ما يسدّ به حاجته من بيت المال ؟! مع انهم لابد ان يعرفوا ان المرتبات التي يحصلون عليها هي في الحقيقة من نفس بيت المال الذي يستفيد منه الروحانيون ( هذا اذا لم تكن تلك الاموال مجموعة بطرق غير شرعية ، مثل الضرائب التي تأخذ من الكسبة والمهنيين الصغار فيما يترك كبار الرأسماليين دون اية ضريبة ) ولان مصدر مرتبات الاثنين واحدة في حقيقتها ( رغم اختلاف التسمية ) ويجب علىٰ الروحاني الرسالي وغير الروحاني الخدوم ، ان لا يأخذوا منها اكثر من حاجتهم ، اجل ، لا يحق لغير الروحاني الملتزم والرسالي الذي يعمل في مجال الخدمات او مجال الثقافة ، ان يأخذ ويحلل كل ما يعطىٰ له من اموال ، ويصرفها كيفما يشاء.

واذكّر ثانية ان محور كلامنا هنا ، هم العلماء الحقيقيون والرساليون

٤٥٠

الملتزمون ، الذين فضلهم الاسلام ورفعهم علىٰ من سواهم ، اولئك الذين يجاهدون في سبيل القيام بمسؤلياتهم وتحقيق الاهداف التي حددها لهم الله عز وجل ، اي تعبئة القوىٰ من اجل محو الباطل والطوغيت ، واقامة الحكومة الاسلامية الحقّة ، اولئك الذين يصدق عليهم قول رسول الاسلام الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث قال :

« يحمل هذا الدين في كل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين ».(1) .

أجل ، من حق الروحانيين والعلماء ( علىٰ اختلاف مراتبهم ) ان يأخذوا اجوراً بقدر حاجاتهم علىٰ ما يقدموه من اعمال ايديولوجية وعلمية اسلامية. وفي نهاية هذا البث ، اجد من المناسب جداً ان انقل هذه الرواية المروية عن الامام الصادقعليه‌السلام في هذا الصدد : عن حمزة بن حمران ، قال : سمعت ابا عبد اللهعليه‌السلام يقول : من استأكل بعمله افتقر ، قلت : ان في شيعتك قوماً يتحملون علومكم ويبثونها في شيعتكم فلا يعدمون منهم البر الصلة والاكرام ، فقال : ليس اولئك بمستأكلين ، انما ذاك الذي يفتي بغير علم ولا هدىٰ من الله ليبطل به الحوق طمعاً في حطام الدنيا(2) .

________________

(1) وسائل الشيعة : ج 18 كتاب القضاء ، الباب 11 ، الرواية 43.

(2) المصدر نفسه.

٤٥١
٤٥٢

فهرس الموضوعات

لابدّ من هذه المقدّمة قبل قراءة الكتاب 5

بداية الحديث :8

الشيخ يتحدث :9

سؤال الشيخ :9

قضاء باطل 10

قصّة حول الاحكام الباطلة11

اصدقائي الاعزاء !14

وعاء أحرّ من الأكل(1) 15

حقائق العالم وآراء العلماء17

مجهولات الانسان 19

لا أعلم 22

أصدقائي الاعزاء !24

أيُّها السادة !24

خطأ اديسون(1) 25

اصدقائي الاعزاء !26

أيُّها السادة :27

التعارف 28

محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله رجل فذّ 30

التشريع في عالمنا المعاصر33

اصدقائي الاعزاء !33

نظرة الىٰ عالم الامس 34

٤٥٣

اعتراف الدكتور لورافاكسيا فاغليري 36

اصدقائي الاعزاء !36

محطة بندرگز38

اهانة عقيد لسائق سيارة اجرة39

السباق في الاسلام41

اصدقائي الاعزاء !44

ارض الجزيرة العربية45

قوانين الاسلام خالدة لا تبلىٰ 48

أيُّها السادة المحترمون !52

أيُّها السادة المحترمون !53

الذين جلبوا العار لتاريخ المسلمين 56

حديث من السيد جمال الدين 59

اصدقائي الاعزاء !60

كلام مفكر والعالم حول الاسلام61

اصدقائي !61

نفوذ رسول الاسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله في الماضي والحاضر(1) 64

اصدقائي الاعزاء !64

أيُّها السادة !67

اعتراف ابو سفيان :68

النفوذ المعنوي للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله برأي الدكتور لوبون(1) 73

كلام الدكتور لورافاكسيا فاغليري 74

الخليفة العباسي يزور سامراء75

اقتراح بهمنيار على ابن سينا78

السبب الحقيقي لنفوذ نبي الاسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله 81

٤٥٤

أمّا الموضوع الأوّل :82

سيرة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله المليئة بالفخر85

معاملة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل بيته85

معاملة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لأبنائه86

معاملة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لأصدقائه86

اصدقائي !89

معاملة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لأعدائه89

أيُّها السادة !91

اعجاز النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الاخلاقي عند فتح مكة91

مكّة في انتظار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله 94

اصدقائي الاعزاء !98

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يدعو بالسوء99

معاملة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لغلمانه99

محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله مصدر الفضائل 101

وفاء النبي 101

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله معلم الاخلاق 102

تواضع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله 104

جود النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكرمه105

قضاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله 105

اصدقائي الاعزاء !109

حقيبة الدكتور فارغة111

المعجزة برأي العلماء والعلوم العصرية* 114

الاعمىٰ الذي أبصر115

الرجل الذي لا يجد لقدمه علاجاً115

حدث غريب في زاغ مرز117

٤٥٥

كيف فسّرت برقية الشفاء ؟!120

المعجزات من الزاوية الطبيّة والعلميّة121

اصدقائي الاعزاء!123

ولادة عيسىٰ عليه‌السلام بدون أب من منظار العلوم العصرية125

ايها السادة !128

ما تحدّث به علماء اوروبا حول نبي الاسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله 130

اصدقائي !130

لا اتكلم عبثاً131

1 ـ ماذا يقول بك الخوري ؟!132

محمد اعظم العظماء السابقين واللاحقين علىٰ الارض133

2 ـ رسالة الدكتور شمّيل التاريخية ؟!133

3 ـ كلام الدكتور غوستاف لوبون 134

4 ـ اعترافات توماس كارلايل 134

5 ـ ليون تولستوي 135

6 ـ المسيو سافاري 136

7 ـ المسيو سديل 136

8 ـ غويته137

9 ـ السيد بلر137

10 ـ جون ديفنبورت 138

11 ـ اللورد بيدلي 138

12 ـ ماذا يقول اسير وليام موليس ؟139

13 ـ اعتراف غريب لفولتير 140

14 ـ كلام من برناردشو 140

15 ـ السيد جون فنيزات :141

٤٥٦