دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٢

دلائل الصدق لنهج الحق4%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-355-1
الصفحات: 456

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 456 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 146931 / تحميل: 5836
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٥٥-١
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

وكذا كانت إحدى جدّاته الأخرى من أولاد أبي بكر(١) (٢) .

وذكر الإمام الحاكم أبو عبد الله النيسابوري ، المحدّث الكبير ، والحافظ المتقن ، الفاضل النحرير ، في كتاب « معرفة علوم الحديث » بإسناده عن الإمام [ أبي عبد الله ](٣) جعفر بن محمّد الصادق ، أنّه قال : « أبو بكر ( الصدّيق )(٤) جدّي ، وهل يسبّ أحد أجداده(٥) ؟! لا قدّمني الله إن لا أقدّمه »(٦) . انتهى

وقد اشتهر بين المحدّثين والعلماء أنّ الحاكم أبا عبد الله ـ المذكور ـ كان مائلا إلى التشيّع(٧) .

فمن عجبي!! كيف يجوز لهم ذكر المطاعن لذلك الإمام الحكيم الرشيد ، وقد ذكر الأئمّة ـ الّذين يدّعون الاقتداء بهم ـ في مناقبه(٨) أمثال هذه المناقب ، ومع ذلك يزعمون أنّهم لهم مقتدون ، وبآثارهم مهتدون؟!

نسأل الله العصمة عن التعصّب ، فإنّه ساء الطريق ، وبئس الرفيق.

ثمّ إنّي لمّا نظرت في ذلك الكتاب الموسوم ب‍ «نهج الحقّ وكشف الصدق » رأيت أنّ صاحبه عدل عن نهج الحقّ ، وبالغ في الإنكار على أهل السنّة ، حتّى ذكر أنّهم كالسوفسطائية ، ينكرون المحسوسات والأوليّات ،

__________________

(١) إذ إنّ جدّته لأمّه ٧ هي : أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.

(٢) انظر : كشف الغمّة ٢ / ١٦١ ، نقلا عن الحافظ عبد العزيز بن أبي نصر محمود بن المبارك بن محمود الجنابذي ، المعروف بابن الأخضر ( ٥٢٤ ـ ٦١١ ه‍ ).

(٣) أثبتناه من « إبطال نهج الباطل » المطبوع ضمن « إحقاق الحقّ ».

(٤) ليست في معرفة علوم الحديث.

(٥) في إبطال نهج الباطل : آباءه.

(٦) معرفة علوم الحديث : ٥١.

(٧) انظر : سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٦٢ رقم ١٠٠.

(٨) أي : مناقب أبي بكر. وكان في إبطال نهج الباطل : « مناقبهم » وهو تصحيف.

٢١

فلا يجوز الاقتداء بهم ، ووضع في هذا مسائل ذكرها من علم أصول الدين ، ومن علم ( مسائل )(١) أصول الفقه ، ومن المسائل الفقهية ، وطعن على الأئمّة الأربعة بمخالفتهم نصّ الكتاب ، وبالغ في هذا أقصى المبالغة.

ولم يبلغني أنّ أحدا من علماء السنّة ردّ عليه كلامه ومطاعنه في كتاب وضعه لذلك ، وذلك الإعراض يحتمل أن يكون لوجهين :

الأوّل : عدم الاعتناء بكلامه وكلام أمثاله ؛ لأنّ أكثره ظاهر عليه أثر المكابرة والتعصّب ، وقد ذكر ما ذكر في كلام بالغ في الركاكة ـ على شاكلة كلام المتعرّبة من عوامّ الحلّة وبغداد ـ ، وشين الرطانة(٢) ، وهجنة(٣) [ العوراء(٤) ] تلوح من مخائله كرطانات جهلة أهل السواد ، كما ستراه واضحا غير خفيّ على أهل الفطانات.

الوجه الثاني : إنّ تتبّع ذلك الكلام وتكراره وإشاعته ممّا ينجرّ(٥) إلى اتّساع الخرق ، وتشهير ما حقّه الإعراض عنه ، ولم يكن داعية دينية تدعو إلى ذلك الردّ ، لسلامة الزمان عن آفة البدعة.

ومن عادة أجلّة علماء الدين أنّهم لا يخوضون في التصانيف إلّا

__________________

(١) ليست في إبطال نهج الباطل ؛ وعبارة الفضل مشوّشة ، وما يناسب السياق أن تكون الجملة هكذا : ومسائل من علم أصول الفقه

(٢) الرطانة ـ بالفتح أو الكسر ـ : الكلام بالعجميّة ؛ انظر : الصحاح ٥ / ٢١٢٤ ، لسان العرب ٥ / ٢٣٩ ، تاج العروس ١٨ / ٢٣٧ ، مادّة « رطن ».

(٣) تهجين الأمر : تقبيحه ، والهجنة من الكلام : ما يعيبه ؛ انظر : الصحاح ٦ / ٢٢١٧ ، لسان العرب ١٥ / ٤٢ ، تاج العروس ١٨ / ٥٨٢ ، مادّة « هجن ».

(٤) العوراء : الكلمة التي تهوي في غير عقل ولا رشد ، والكلمة القبيحة ، وهي السقطة ؛ انظر : الصحاح ٢ / ٧٦٠ ، لسان العرب ٩ / ٤٦٩ ، مادّة « عور ».

(٥) كذا في الأصل والمصدر ، و« يجرّ » هو الصواب لغة ومعنى ؛ وكذا في المورد التالي في الصفحة التالية.

٢٢

لضرورة الدين ، لا يصبغون بالمداد ثياب الأقلام ، إلّا لقصارة(١) الدنس الواقع على جيوب حلل الإسلام.

ولمّا اطّلعت على مضامين ذلك الكتاب ، وتأمّلت في ما سنح في الزمان من ظهور بدعة الفرقة الإمامية ، وعلوّهم في البلاد ، حتّى قصدوا محو آثار كتب السنّة وغسلها وتحريفها(٢) ، بل تمزيقها وتحريقها

حدّثتني نفسي بأنّ فساد الزمان ربّما ينجرّ إلى أنّ أئمّة الضلال يبالغون بعدها في تشهير هذا الكتاب ، وربّما يجعلونه مستندا لمذهبهم الفاسد ، ويحصّلون من قدح أهل السنّة ـ بذلك الكتاب ـ جلّ المقاصد ، ويظهرون على الناس ما ضمّن ذلك الرجل ذلك الكتاب من ضعف آراء الأئمّة الأشاعرة ، من أهل السنّة والجماعة ، ويصحّحون على العوامّ والجهلة أنّهم كالسوفسطائية ، فلا يصحّ الاقتداء بهم ، وربّما يصير هذا سببا لوهن قواعد السنّة.

فهنالك تحتّم عليّ ، ورأيت المفروض عليّ ، أن أنتقد كلام ذلك الرجل في ذلك الكتاب ، وأقابل في كلّ مسألة من العلوم الثلاثة المذكورة فيه ما يكون تحقيقا لحقيقة تلك المسألة ، وأبيّن فيه حقّيّة مذهب أهل السنّة والجماعة في تلك المسألة ، أو أردّ عليه ما يكون باطلا ، وعن حلية الحقّ الصريح عاطلا ، على وجه التحقيق والإنصاف ، لا على وجه التعصّب والاعتساف.

__________________

(١) قصر الثوب قصارة : بيّض الثوب وحوّره ودقّه بالقصرة التي هي القطعة من الخشب ؛ انظر : الصحاح ٢ / ٧٩٤ ، لسان العرب ١١ / ١٨٩ ، تاج العروس ٧ / ٣٩٧ ، مادّة « قصر ».

والمقصود هنا هو إزالة الدنس عن الثوب وتنظيفه منه.

(٢) في إبطال نهج الباطل : « تخريقها ».

٢٣

وقد أردت أوّلا أن أذكر حاصل كلامه في كلّ مسألة ، بعبارة موجزة خالية عن التطويل المملّ الفارغ عن الجدوى ، وليسهل على المطالع أخذه وفهمه ، ولا يذهب إلى أباطيله ذهنه ووهمه.

ثمّ بدا لي أن أذكر كلامه بعينه وبعباراته الركيكة ، لوجهين :

أحدهما : إنّ الفرقة المبتدعة لا يأتمنون علماء السنّة ، وربّما يتمسّك بعض أصحاب التعصّب بأنّ المذكور ليس من كلام ابن المطهّر ، ليدفع بهذا الإلزام عنه.

والثاني : إنّ آثار التعصّب والغرض في تطويلات عباراته ظاهرة ، فأردت نقل كلامه بعينه ليظهر على أرباب الفطنة أنّه كان من المتعصّبين ، لا من قاصدي تحقيق مسائل الدين.

وهذان الوجهان حدأاني إلى ذكر كلامه في ذلك الكتاب بعينه.

والله تعالى أسأل أن يجعل سعيي مشكورا ، وعملي لوجهه خالصا مبرورا ، وأنّ يزيد بهذا تحقيقا في ديني ، ورجحانا في يقيني ، ويثقل به يوم القيامة عند الحساب موازيني ، وأن يوفّقني للتجنّب عن التعصّب ، والتأدّب في إظهار الحقّ أحسن التأدّب ، إنّه وليّ التوفيق ، وبيده أزمّة التحقيق.

وها أنا أشرع في المقصود ، متوكّلا على الله الودود ، وأريد أن أسمّيه بعد الإتمام ـ إن شاء الله ـ بكتاب : «إبطال نهج الباطل ، وإهمال كشف العاطل ».

٢٤

أقول :

قد ذكر الفضل هذا في كلامه أنّهم « الفرقة الناجية » ، وهي دعوى يبطلها الكتاب والسنّة والعقل ـ كما ستعرفها إن شاء الله تعالى ـ.

لكن ينبغي هنا أن نشير إلى بعض الآيات ، وبعض الأخبار

فمن الآيات :

قوله عزّ من قائل مخاطبا للصحابة بعد واقعة أحد :

(وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) الآية(١) .

فإنّها دالّة على عروض الانقلاب للصحابة بعد موت النبيّ ٦

إذ ليس الاستفهام منه سبحانه على حقيقته ؛ لاستلزامه الجهل بل هو للإنكار أو التوبيخ ، وهما يقتضيان الوقوع ، ولذا قال : (انْقَلَبْتُمْ ) بلفظ الماضي ، تنبيها على تحقّقه ، لعلمه تعالى بعاقبة أمرهم.

ولا يصح أن يراد بالآية خصوص الأعراب ، الّذين زعم أهل السنّة ارتدادهم ، كمالك بن نويرة(٢) وقومه ؛ لأنّ الآية متعلّقة بالمنهزمين في

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤ وتمامها : (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ).

(٢) هو : مالك بن نويرة بن جمرة بن شدّاد بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع التميمي اليربوعي ، يكنّى أبا حنظلة ، كان شاعرا شريفا فارسا معدودا في فرسان بني يربوع.

٢٥

أحد ، وهم المهاجرون والأنصار(١) .

فإن قلت : لعلّ المراد الإنكار على ما يعلمه منهم من إرادة الانقلاب في وقعة أحد ، كما روي عن بعضهم من إرادة التنصّر والتهوّد ـ كما ستعرفه في محلّه ـ فلا تدلّ على الانقلاب بعد موت النبيّ ٦.

قلت : لو سلّم ، فهو كاف في المقصود ؛ لأنّ القوم أولئك القوم ، ولم يخرج منهم إلّا القليل المتّفق على عدم انقلابهم ، لا الكثير الغالب ، وإلّا لما حسن الإنكار على المنهزمين بوجه العموم ، ولو بالعموم العرفي.

وللكلام في الآية تتمّة تأتي في أوّل مباحث الإمامة إن شاء الله تعالى.

وأمّا الأخبار :

فمنها : أخبار الحوض ، الدالّة على ارتداد الصحابة ، إلّا القليل

__________________

في الجاهلية وأشرافهم ، وكان من أرداف الملوك ، قدم على النبيّ ٦ وأسلم ، وأسلم بنو يربوع بإسلامه ، وولّاه رسول الله ٦ على صدقات قومه ثقة به واعتمادا عليه ، قتله خالد بن الوليد مسلما! وجعل رأسه أثفية لقدر! ثمّ نزا على امرأته من ليلته فزنى بها وكانت جميلة!!

انظر : فتوح البلدان : ١٠٧ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٧٢ حوادث سنة ١١ ه‍ ، أسد الغابة ٤ / ٢٧٦ رقم ٤٦٤٨ ، شرح نهج البلاغة ١ / ١٧٩ ، الإصابة في تمييز الصحابة ٥ / ٧٥٤ رقم ٧٧٠٢ ، تاريخ الخميس ٢ / ٢٠٩.

(١) تنوير المقباس : ٧٤ ، تفسير الطبري ٣ / ٤٥٥ ـ ٤٥٨ ح ٧٩٣٩ ـ ٧٩٥٢ ، أسباب النزول ـ للواحدي ـ : ٧٠ ، البحر المحيط ٣ / ٦٨ ـ ٦٩ ، النهر المادّ ١ / ٥٦٦ ، تفسير البغوي ١ / ٢٨١ ، الكشّاف ١ / ٤٦٨ ، تفسير الفخر الرازي ٩ / ٢٢ المسألة ١ ، تفسير القرطبي ٤ / ١٤٣ ، تفسير البيضاوي ١ / ١٨٢ ، تفسير ابن جزي الكلبي ١ / ١١٩ ، تفسير ابن كثير ١ / ٣٨٦ ، فتح القدير ١ / ٣٨٥ ، روح المعاني ٣ / ١١٤.

٢٦

النادر ، كالذي رواه البخاري في « كتاب الحوض » عن أبي هريرة ، أنّ رسول الله ٦ قال : « بينا أنا قائم فإذا زمرة ، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلمّ ؛ فقلت : إلى أين؟! قال : إلى النار والله ؛ قلت : ما شأنهم؟! قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى.

ثمّ إذا زمرة ، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلمّ ؛ قلت : إلى أين؟! قال : إلى النار والله ؛ قلت : ما شأنهم؟! قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى.

فلا أراه يخلص منهم إلّا مثل همل النعم »(١) .

__________________

(١) صحيح البخاري ٨ / ٢١٧ ح ١٦٦.

وقد تضافرت الأحاديث وصحّت في اختلاج أكثر الصحابة عن الحوض يوم القيامة ، لارتدادهم عن الدين ؛ فانظر ذلك ـ مثلا ـ في :

صحيح البخاري ٤ / ٢٧٧ ح ١٥١ وج ٦ / ١٠٨ ح ١٤٧ وج ٨ / ٢١٤ ح ١٥٧ وص ٢١٦ ـ ٢١٨ ح ١٦٣ و ١٦٤ و ١٦٥ و ١٧١ ، صحيح مسلم ١ / ١٥٠ ـ ١٥١ وج ٢ / ١٢ ـ ١٣ وج ٧ / ٦٦ ـ ٦٨ وص ٧١ وج ٨ / ١٥٧ ، سنن ابن ماجة ٢ / ١٤٣٩ ح ٤٣٠٦ ، مسند أحمد ١ / ٢٥٧ و ٣٨٤ و ٤٠٦ و ٤٢٥ و ٤٣٩ و ٤٥٣ و ٤٥٥ وج ٢ / ٣٠٠ و ٤٠٨ وج ٥ / ٤٨ و ٥٠ و ٣٣٣ و ٣٣٩ و ٣٩٣ ، مصنّف عبد الرزّاق ١١ / ٤٠٦ ـ ٤٠٧ ح ٢٠٨٥٤ و ٢٠٨٥٥ ، ما روي في الحوض والكوثر ـ لبقيّ بن مخلد ـ : ٩٨ ح ٣٥ ، تأويل مختلف الحديث : ٣٠ ، السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٣٤٠ ـ ٣٤٦ ح ٧٦١ ـ ٧٧٦ ، المعجم الكبير ٦ / ١٤٣ ح ٥٧٨٣ وص ١٥٦ ح ٥٨٣٤ وص ١٧١ ح ٥٨٩٤ وص ٢٠٠ ح ٥٩٩٦ وج ١١ / ٢٨ ح ١٠٩٥٣ وج ١٧ / ٢٠١ ح ٥٣٨ ، المعجم الأوسط ٣ / ٢٦٣ ح ٢٨٩٥ ، السنن الكبرى ٤ / ٧٨ ، فردوس الأخبار ١ / ٤٥ ح ١٣١ ، الذيل على جزء بقيّ بن مخلد ـ لابن بشكوال ـ : ١١٩ ـ ١٢٠ ح ٥٤ و ٥٥ ، مصابيح السنّة ٣ / ٥٣٧ ح ٤٣١٥ ، الترغيب والترهيب ٤ / ١٩٢ ح ٧٥ ـ ٧٧ ، مجمع الزوائد ١٠ / ٣٦٤ ـ ٣٦٥ ، جامع الأحاديث الكبير ٢ / ١٩١ ـ ١٩٢ ح

٢٧

فهل ترى هذا الخبر ونحوه يجامع مذهب القوم ، والبناء على سلامة الصحابة المخالفين لأمير المؤمنين ٧؟!

فكيف يكونون هم الفرقة الناجية؟!

ومنها : ما رواه الحاكم وصحّحه على شرط البخاري ومسلم ، عن عوف بن مالك ، قال : قال رسول الله ٦ : «ستفترق أمّتي على بضع وسبعين فرقة ، أعظمهم فرقة [ قوم ] يقيسون الأمور برأيهم ، فيحرّمون الحلال ، ويحلّلون الحرام »(١)

وأنت تعلم أنّ أهل القياس عمدة أهل السنّة ، فكيف يكونون الفرقة الناجية؟!

ومنها : ما رواه الذهبي في « ميزان الاعتدال » بترجمة زيد بن وهب الجهني ـ وصحّحه بظاهر كلامه ، واعتبره جدّا ـ عن حذيفة : « إن خرج الدجّال تبعه من كان يحبّ عثمان »(٢)

.... إلى غيرها ممّا لا يحصى من الأخبار ، وسيمرّ عليك الكثير منها إن شاء الله تعالى.

وممّا يدلّ على أنّنا نحن الفرقة الناجية : الأحاديث المستفيضة ؛ كحديث السفينة ، وباب حطّة ، وحديث الثقلين ـ ونحوها ممّا سيمرّ عليك ـ فإنّا تعلّقنا بسفينة النجاة ، ودخلنا باب حطّة ، وتمسّكنا بعترة

__________________

٤٧٧٦ و ٤٧٧٧ وج ٣ / ٢٨٣ ح ٨٦٥٣ و ٨٦٥٤ ، الجامع الصغير : ٤٦٣ ح ٧٥٦١ ، كنز العمّال ١١ / ١٧٦ ـ ١٧٧ ح ٣١١١٢ ـ ٣١١١٥ وج ١٣ / ٩٤ ح ٣٦٣٢١ وج ١٤ / ٤١٧ ـ ٤١٩ ح ٣٩١٢٤ ـ ٣٩١٣١ ـ وص ٤٢٠ ح ٣٩١٣٥ وص ٤٢١ ح ٣٩١٣٧.

(١) المستدرك على الصحيحين ٤ / ٤٣٠ [ ٤ / ٤٧٧ ح ٨٣٢٥ ] كتاب الفتن. منه ١.

(٢) ميزان الاعتدال ٣ / ١٥٨ رقم ٣٠٣٤.

٢٨

رسول الله ٦ وثقله ، الذي من تمسّك به لا يضلّ أبدا(١) .

بخلاف أهل السنّة ، فإنّهم بالضرورة لم يتمسّكوا بهم ، ولم يأخذوا منهم علما وعملا ، بل نابذوهم يدا ولسانا.

وأمّا ما رواه الخصم من قوله ٦ : «لا تزال طائفة من أمّتي منصورين لا يضرّهم من خذلهم »(٢) .

فهو أدلّ على إنّ الشيعة هم الفرقة الناجية ؛ للتعبير بالطائفة الظاهرة بالقلّة.

والمراد بال « منصورين » إلى آخره ، هو : النصرة الدينية القائمة بالأدلّة الجليّة وقوّة البرهان ، وهي مختصّة بمذهب قرناء القرآن المجيد ، والثقل الذي خلّفه النبيّ ٦ لأمّته.

وليس المراد النصرة الدنيوية كما تخيّله الخصم ، فإنّه ينتقض عليه بأمر عثمان ، وكثير من الأوقات كأيّام البويهيّين ، والحمدانيّين ، والعلويّين ، وأيّام المصنّف ، والسلطان محمّد خدابنده ، وأيّام الصفويّين ، التي هي أيّام الخصم نفسه التي تذمّر منها في خطبته لاستيلاء الشيعة على البلاد.

وأمّا ما وسموا به أنفسهم من أنّهم أهل السنّة والجماعة فخطأ آخر ؛ لما رواه يحيى بن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه ، قال : « كان عليّ ٧ يخطب ، فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين! أخبرني من أهل الجماعة؟ ومن أهل الفرقة؟ ومن أهل السنّة؟ ومن أهل البدعة؟

__________________

(١) سيأتي تخريج كلّ واحد منها في محلّه إن شاء الله تعالى.

(٢) مرّ تخريجه في صفحة ١٢.

٢٩

فقال : ويحك! أما إذ سألتني فافهم عنّي ، ولا عليك أن [ لا ] تسأل عنها أحدا بعدي.

فأمّا أهل الجماعة : فأنا ومن اتّبعني وإن قلّوا ، وذلك الحقّ عن أمر الله وأمر رسوله ٦.

وأمّا أهل الفرقة : فالمخالفون لي ولمن اتّبعني وإن كثروا.

وأمّا أهل السنّة : فالمتمسّكون بما سنّه الله لهم ورسوله ٦ وإن قلّوا [ وإن قلّوا ].

وأمّا أهل البدعة : فالمخالفون لأمر الله ، ولكتابه ، ورسوله ٦ ، العاملون برأيهم وأهوائهم ، وإن كثروا ، وقد مضى منهم الفوج الأوّل ، وبقيت أفواج ، وعلى الله قصمها واستئصالها عن حدبة(١) الأرض »(٢) الحديث

وهو كما ترى لا ينطبق على أهل السنّة إلّا أن يتعلّقوا بالمكابرة ، ويتجنّوا في الدعوى.

إذ كيف يكونون من أهل جماعة أمير المؤمنين ٧ ومتّبعيه؟! وهم لا يتّبعونه بكلّ ما يخالف به مشايخهم ، بل بكلّ أمر!

وكيف يكونون من أهل السنّة؟! وهم يعملون بالقياس ، والاستحسان ، ويحلّلون الحرام ، ويحرّمون الحلال بآرائهم ، كما ذمّهم به رسول الله ٦ في حديث الحاكم السابق!

__________________

(١) الحدبة : ما أشرف وغلظ وارتفع من الأرض ؛ انظر : الصحاح ١ / ١٠٨ ، لسان العرب ٣ / ٧٣ ، تاج العروس ١ / ٤٠٧ ، مادّة « حدب ».

(٢) كنز العمّال ٨ / ٢١٥ [ ١٦ / ١٨٣ ـ ١٨٤ ح ٤٤٢١٦ ] كتاب المواعظ. منه ١.

٣٠

نعم ، هم أهل جماعة معاوية وأضرابه ، وهم أهل السنّة ، أي المخالفون لأمير المؤمنين ٧ كما عرفت في بعض رجال المقدّمة أنّهم يصفون العثماني العدوّ لأمير المؤمنين ٧ بأنّه صاحب سنّة!(١) .

فلو لم يستحسنوا طريقة العثماني ، ولم يرتضوها ، لوصفوه بأنّه صاحب بدعة وضلالة ونفاق ، لما استفاض أنّ بغض عليّ ٧ علامة النفاق(٢) .

فيكون أهل السنّة عبارة عن العثمانيّين الأعداء لأمير المؤمنين ، المبغضين له.

ويشهد لعداوتهم له أنّهم إلى الآن لا يأنسون بذكر فضائله ، ولا يحبّون الاستماع إليها ، لا سيّما فضائله العظمى ، ومناقبه الكبرى ، التي يعرفون منها الامتياز على مشايخهم ، حتّى إنّهم يحتالون لإنكارها أو تأويلها بكلّ طريق ، وإن لم يمكن لأحدهم نكران فضله ، وترك ذكر فضائله كلّيّة!

وتراهم إذا ذكروا رسول الله ٦ أفردوه بالصلاة عليه ، وهي الصلاة البتراء المنهيّ عنها(٣) ، مع إنّه قد استفاض عندهم أنّ النبيّ ٦ جعل الصلاة على آله من كيفيّة الصلاة عليه ، كما رواه البخاري ومسلم

__________________

(١) انظر مثلا :

إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، مرّت ترجمته في ج ١ / ٦٣ ـ ٦٤ رقم ٦.

وعثمان بن عاصم ، مرّت ترجمته في ج ١ / ١٨٧ ـ ١٨٨ رقم ٢١٦.

ومحمّد بن عبيد الطنافسي ، مرّت ترجمته في ج ١ / ٢٤٢ رقم ٢٩٣.

(٢) مرّت الإشارة إلى ذلك في الجزء الأوّل من الكتاب ، صفحة ١٥ ؛ فراجع.

(٣) انظر : جواهر العقدين : ٢١٧ ، الصواعق المحرقة : ٢٢٥ ، كشف الغمّة عن جميع الأمّة ـ للشعراني ـ ١ / ٣٤٢.

٣١

وغيرهما(١) ، وستعرفه إن شاء الله في الآية الخامسة والعشرين من الآيات التي استدلّ بها المصنّف ; على إمامة أمير المؤمنين ٧.

نعم ، ربّما يصلّون على آل النبيّ معه في أوائل مصنّفاتهم وأواخرها ، ولكن لا بدّ أن يشركوا معهم الصحابة ، كراهة لتمييز آل محمّد ٦ على غيرهم كما ميّزهم الله تعالى ورسوله ٦ ، وخصّهم بالأمر بالصلاة عليهم معه.

ومع ذلك ، إذا جاء أحدهم إلى تفسير آل الرسول ٦ قال : المراد بهم مطلق عشيرته وأقاربه!(٢) خلافا لرسول الله ٦ حيث فسّرهم بعليّ وفاطمة والحسن والحسين كما تواتر في أخبارهم ، التي منها ما استفاض في نزول آية التطهير(٣) .

فليت شعري كيف يفضّل بمشاركة سيّد النبيّين بالصلاة عليه من لا يشاركه بالفضل والقرب من الله سبحانه ، ولا يختصّ معه بالطهارة من الرجس؟!

وأمّا ما أشار فيه إلى مدح الصحابة المرضيّين ، فأكثره حقّ بلا مراء ،

__________________

(١) صحيح البخاري ٦ / ٢١٧ ـ ٢١٨ ح ٢٩١ ـ ٢٩٣ ، صحيح مسلم ٢ / ١٦ ، سنن ابن ماجة ١ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ح ٩٠٣ و ٩٠٤ و ٩٠٦ ، سنن أبي داود ١ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ح ٩٧٦ ـ ٩٨١ ، سنن الترمذي ٥ / ٣٣٤ ـ ٣٣٥ ح ٣٢٢٠ ، سنن النسائي ٣ / ٤٥ ـ ٤٩ ، مسند أحمد ٤ / ٢٤٣ و ٢٤٤ وج ٥ / ٢٧٤ ، الصلاة على النبيّ ٦ ـ لابن أبي عاصم ـ : ١٢ ـ ١٦ ح ١ ـ ٧ وص ١٧ ـ ٢٥ ح ١٠ ـ ٢٢.

وسيأتي إن شاء الله تعالى مزيد تفصيل في موضعه من الآية الكريمة المشار إليها في المتن لاحقا.

(٢) انظر : تفسير القرطبي ١٤ / ١١٩ ، شرح الزرقاني على المواهب اللدنّية ٤ / ٣٤٢ ـ ٣٤٣.

(٣) مرّ تخريج ذلك في الجزء الأوّل ، صفحة ١٦٢ ـ ١٦٤ ه‍ ٤ ؛ فراجع.

٣٢

وهم الأحقّون بالمدح والثناء.

كيف لا؟! وهم أركان الدين ، وأنصار سيّد المرسلين ٦.

ولكنّ الكلام في من انقلبوا بعده ، وارتدّوا على أدبارهم القهقرى.

ثمّ إنّ من المشكل قول الفضل : « وجعل مناط أمور الدين مرجوعة إليهم ».

فإنّه إن أراد بالدين : فروعه ، وبرجوعه إليهم : صحّة اجتهادهم تبعا للدليل ؛ فهذا لا يخصّهم.

وإن أراد صحّة اجتهادهم ، وحكمهم بالاستحسان والهوى ، كما في تحريم المتعتين ، وإمضاء الطلاق ثلاثا ، ونحوها ؛ فباطل.

لأنّ الأحكام بيد الله تعالى ، وليس لأحد أن يتحكّم في دينه ، ويشرّع خلاف ما أنزل على رسوله ٦.

وإنّ أراد بالدين : الإمامة ، وبرجوع أمورها إليهم : جعلهم أئمّة ؛ فهو باطل أيضا على مذهبهم ، لإنكارهم النصّ على إمام.

وما أحسن قوله : « والناس على دين ملوكهم » ، فإنّه من أصدق الكلام!

ولذا ترى الناس اجتنوا من الشجرة الملعونة في القرآن طعام الأثيم ، وهو بغضهم وعداوتهم لمن أمروا بمودّتهم ، وتركوا التمسّك بالشجرة الطيّبة ، وأحد الثقلين اللذين أمروا بالتمسّك بهما ، وأخبر النبيّ ٦ بأنّهم سفينة النجاة ، وأنّهم من بيوت أذن الله أن ترفع.

فعافوا مذهب هؤلاء الأطيبين ، واتّبعوا مذهب أولئك الظالمين ، وهم يشاهدون أحوالهم في الفسق والجور ، يسهرون لياليهم بالخمر والزنا ، ويقضون أيّامهم بالظلم والخنا ، لا يعرفون لله حرمة ، ولا يرقبون في مؤمن

٣٣

إلّا(١) ولا ذمّة.

نعم ، ربّما يتّفق أنّ الملوك والناس يتّبعون النبيّين والعلماء والبراهين ، كما اتّفق في زمن الإمام العلّامة المصنّف أعلى الله مقامه ، فإنّ سلطان زمانه السديد لمّا رأى الخلل في مذاهب السنّة ، طلب المصنّف ; من الحلّة الفيحاء ، وجمع له الجمّ الغفير من أكابر علمائهم ، وأمرهم بالمناظرة بحضرته ، ليتّضح الحقّ عيانا.

فتناظروا ، وبان الوهن والانقطاع في أولئك العلماء على رؤوس الأشهاد ، وظهر بطلان دينهم في جميع البلاد ، فاستبصر السلطان وكلّ من سلك لمعرفة الحقّ فجاجا ، وجاء نصر الله والفتح ، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا.

ولم يكن لهذا السلطان العظيم الشأن داع للعدول عن مذهبه ، وخلاف ما كان عليه عامّة أهل مملكته ، غير حبّ الحقّ والحقيقة ، إذ ليس سلطانه محتاجا إلى ما فعل ، بل كان منه على خطر ، بخلاف ملوك السنّة بعد النبيّ ٦ ، فإنّ سلطانهم موقوف على ردّ نصّ الغدير ، وجحد الأئمّة الاثني عشر ، الّذين هم أحد الثقلين المستمرّين ، اللذين لا يفترقان حتّى يردا على النبيّ ٦ الحوض.

*وأمّا ما نقله عن « كشف الغمّة » من حديث « حلية سيف أبي بكر » فهو وإن كان مذكورا في أواخر أحوال إمامنا أبي جعفر الباقر ٧ ، إلّا أنّه قد نقله عن أبي الفرج ابن الجوزي في كتاب « صفوة الصفوة » عن عروة

__________________

(١) الإلّ : كلّ ما له حرمة وحقّ ، كالحلف والعهد والقرابة والرحم والجوار ، انظر : الصحاح ٤ / ١٦٢٦ ، لسان العرب ١ / ١٨٦ ، تاج العروس ١٤ / ٢٦ ، مادّة « ألل ».

٣٤

ابن عبد الله(١) .

فهو عن كتب السنّة وأخبارهم لا الشيعة ، كما هو طريقة « كشف الغمّة » ، فإنّ غالب ما فيه منقول عن كتب الجمهور ، يعرفه كلّ من رأى هذا الكتاب ولحظ طرفا منه.

وقد صرّح مؤلّفه بذلك في خطبة الكتاب ، فقال : « واعتمدت في الغالب النقل من كتب الجمهور ؛ ليكون أدعى لتلقّيه بالقبول ، ووفق رأي الجميع متى رجعوا إلى الأصول ، ولأنّ الحجّة متى قام الخصم بتشييدها ، والفضيلة متى نهض المخالف بإثباتها وتقييدها ، كانت أقوى يدا » إلى آخر كلامه(٢) .

*كما إنّ ما نقله الخصم عن كتاب « كشف الغمّة » من قول إمامنا الصادق ٧ : « ولدني أبو بكر مرّتين » إنّما هو من كتب القوم ، على أنّ لفظ « الصدّيق » زيادة من الفضل!

وظاهر أنّه لم ير « كشف الغمّة » ولذا جهل ولادة الصادق ٧ الثانية ، فقال : « وكذا كانت إحدى جدّاته [ الأخرى ] من أولاد أبي بكر » مع إنّها مذكورة في الكتاب!

فإنّه ـ بعد ما نقل في أوّل ترجمة الصادق ٧ كلاما طويلا لمحمّد ابن طلحة الشافعي ـ قال : « وقال الحافظ عبد العزيز الأخضر الجنابذي : أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الصادق ، أمّه أمّ فروة ، واسمها قريبة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصدّيق ، وأمّها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق ، ولذا قال

__________________

(١) صفوة الصفوة ١ / ٣٩٩ ، وانظر : حلية الأولياء ٣ / ١٨٥.

(٢) كشف الغمّة ١ / ٤.

٣٥

جعفر : ولدني أبو بكر مرّتين »(١)

فهذا ـ مع إنّه عن كتب الجمهور ـ خال عن وصف الصادق ٧ لأبي بكر ب‍ : الصدّيق.

وعليه ، فقد كذب الخصم مرّتين :

الأولى : في دعوى أنّ ما ذكره فى « كشف الغمّة » كان نقلا عن كتب الشيعة.

والثانية : في النقل عن الصادق ٧ أنّه وصف أبا بكر ب‍ « الصدّيق » بقوله : ولدني أبو بكر مرّتين.

وهذا ونحوه هو الذي أوجب أن لا نأتمن القوم في نقلهم!

*وأمّا ما حكاه عن الحاكم ، فلو صحّ عنه لم يكن حجّة علينا ؛ لأنّ الحاكم ورجال حديثه من الجمهور ، ومجرّد كونه ممّن يميل إلى التشيّع ـ أي أنّه ليس ناصب العداوة لأمير المؤمنين ـ وأنّ له إنصافا في الجملة ، لا يقضي بإلزامنا بما يرويه بإسناد من قومه.

*وأمّا ما ذكره من الوجهين لترك علمائهم الردّ على المصنّف ; ، فالحقّ كما ذكره في الوجه الثاني ، من أنّ تتبّع ذلك الكلام وإشاعته ينجرّ(٢) إلى اتّساع الخرق ، إذ به تنكشف الحقيقة وتزول الغفلة عن بعض الغافلين.

ولذا قالوا : إذا جاء ذكر ما وقع بين الصحابة فاسكتوا!(٣) .

__________________

(١) كشف الغمّة ٢ / ١٦١.

(٢) في المخطوط والمصدر : « ينجرّ » ، والمثبت من المطبوعتين هو الصواب معنى.

(٣) وقد رووا في ذلك حديثا موضوعا على رسول الله ٦ ، أنّه قال : إذا ذكر

٣٦

فإنّهم لو بحثوا لما خفي الحقّ ، ولزالت الغشاوة عن أعين الأفئدة ، ولكن قنعوا بالظنّ والتخمين ، ولم ينظروا بعين التدبّر والإنصاف إلى ما أرشدهم إليه علماء الإمامية ، كأنّهم لم يسمعوا ما ذمّ الله سبحانه به الأوّلين ، حيث قال تعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ )(١) .

فاللازم على كلّ مكلّف أن يبحث عن الحقّ بحثا تامّا ، ويرعى الأدلّة رعاية من يطلب خلاص نفسه يوم العرض ، لا مجرّد الحصول على صورة الردّ والنقض.

وما أعجب نسبة الخصم التعصّب إلى المصنّف ;! والإنصاف والتأدّب إلى نفسه! مع ما رأيت من كلامه ، من ضروب الشتم ، وتعمّد الكذب.

وأعجب منه نسبة الركاكة وشين الرطانة إلى كلام المصنّف ;! وهو لم يعرف العلوم العربية ، فضلا عن أن يرقى إلى رتبةالبلاغة ، فإنّ كلامه قد اشتمل على أنواع الغلط!

فوصف السنن ب‍ « الميتاء » ولا يقال ـ في ما أعلم ـ : « ميتاء ».

وأعاد ضمير الجمع المذكّر إلى الموصول المفرد المؤنّث ، فقال : « التي يسخطون العصبة الرضية ».

واستعمل في شعره « سارعة » بمقام « مسرعة ».

__________________

أصحابي فأمسكوا.

انظر : المعجم الكبير ٢ / ٩٦ ح ١٤٢٧ وج ١٠ / ١٩٨ ح ١٠٤٤٨ ، تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة : ١٨٣ رقم ١٧٤ ، حلية الأولياء ٤ / ١٠٨ ، مجمع الزوائد ٧ / ٢٠٢ و ٢٢٣ ، كنز العمّال ١ / ١٧٨ ح ٩٠١.

(١) سورة الأنعام ٦ : ١١٦.

٣٧

وجاء بيته الأخير مختلّ الوزن.

وأعاد ضمير المفرد على المثنّى ، فقال : « الوجهان حداني ».

.. إلى غير ذلك ممّا في كلامه من الغلط ، فضلا عن الركاكة!

ونحن وإن لم نرد أن نؤاخذه بمثل ذلك ؛ لأنّ المقصود غيره ، إلّا أنّا أردنا هنا أن نشير إلى أنّه ركض في غير ميدانه ، وأحلّ نفسه بغير مكانه!

٣٨

المحسوسات

أصل الاعتقادات

٣٩
٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456