دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٢

دلائل الصدق لنهج الحق8%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-355-1
الصفحات: 456

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 456 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 146796 / تحميل: 5824
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٥٥-١
العربية

١
٢

٣
٤

المقدمة

من هم الفرة الناجية؟

٥

٦

من هم الفرقة الناجية؟

قال المصنّف العلّامة ـ بعد الحمد والصلاة ـ(١) :

وبعد ،

فإنّ الله تعالى حيث حرّم في كتابه العزيز كتمان بيّناته وآياته ، وحظر إخفاء براهينه ودلالاته ، فقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ )(٢) .

وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ * أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ )(٣) .

وقال رسول الله ٦ : « من علم علما وكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من النار »(٤) .

__________________

(١) نهج الحقّ : ٣٦ ـ ٣٨.

(٢) سورة البقرة ٢ : ١٥٩.

(٣) سورة البقرة ٢ : ١٧٤ و ١٧٥.

(٤) ورد الحديث بألفاظ وأسانيد مختلفة في العديد من مصادر الفريقين ، منها :

سنن أبي داود ٣ / ٣٢٠ ح ٣٦٥٨ ، سنن ابن ماجة ١ / ٩٦ ـ ٩٨ ح ٢٦١

٧

تفضّلا منه على بريّته ، وطلبا لإدراجهم في رحمته ، فيرجع الجاهل عن زلله ، ويستوجب الثواب [ بعلمه ] على عمله.

فحينئذ وجب على كلّ مجتهد وعارف إظهار ما أوجب الله تعالى إظهاره من الدين ، وكشف الحقّ ، وإرشاد الضالّين ؛ لئلّا يدخل تحت الملعونين على لسان ربّ العالمين ، وجميع الخلائق أجمعين ، بمقتضى الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية.

وقد قال رسول الله ٦ : «إذا ظهرت البدع في أمّتي فليظهر العالم علمه ، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله »(١) .

ولمّا كان أبناء هذا الزمان ممّن استغواهم الشيطان ـ إلّا الشاذّ القليل ، الفائز بالتحصيل ـ حتّى أنكروا كثيرا من الضروريّات ، وأخطأوا في معظم المحسوسات ، وجب بيان خطئهم ؛ لئلّا يقتدي غيرهم بهم ، فتعمّ البليّة جميع الخلق ، ويتركون نهج الصدق.

وقد وضعنا هذا الكتاب الموسوم ب‍ «نهج الحقّ وكشف الصدق »(٢) طالبين فيه الاختصار ، وترك الاستكثار ، بل اقتصرنا فيه على مسائل ظاهرة

__________________

و ٢٦٤ ـ ٢٦٦ ، سنن الترمذي ٥ / ٢٩ ح ٢٦٤٩ ، مسند أحمد ٢ / ٢٦٣ ، مسند أبي يعلى ٤ / ٤٥٨ ح ٢٥٨٥ ، المعجم الكبير ١٠ / ١٢٨ ح ١٠١٩٧ ، المعجم الأوسط ٣ / ٥٣ ح ٢٣١١ ، المعجم الصغير ١ / ١٦٢ ، المستدرك على الصحيحين ١ / ١٨٢ ح ٣٤٥ و ٣٤٦ ، كنز العمّال ١٠ / ٢١٧ ح ٢٩١٤٦ ، الأمالي ـ للطوسي ـ : ٣٧٧ ح ٨٠٨.

(١) الكافي ١ / ٧٥ ح ١٥٨ ، المحاسن ١ / ٣٦١ ح ٧٧٦ ، وانظر ما بمعناه في : تاريخ دمشق ٥٤ / ٨٠ ح ١١٣٦٦ ، مختصر تاريخ دمشق ٢٣ / ٦ رقم ٣ ، كنز العمّال ١٠ / ٢١٦ ح ٢٩١٤٠.

(٢) كان في الأصل : « كشف الحقّ ونهج الصدق » ، وما أثبتناه هو الصواب وفقا للمصدر.

٨

معدودة ، ومطالب واضحة محدودة.

وأوضحت فيه لطائفة المقلّدين من طوائف المخالفين ، إنكار رؤسائهم ومقلّديهم القضايا البديهية ، والمكابرة في المشاهدات الحسّيّة ، ودخولهم تحت فرق السوفسطائية(١) ، وارتكاب الأحكام التي لا يرتضيها لنفسه ذو عقل ورويّة ؛ لعلمي بأنّ المنصف منهم إذا وقف على مذهب من يقلّده تبرّأ منه ، [ وحاد عنه ، ] وعرف أنّه ارتكب الخطأ والزلل ، وخالف الحقّ في القول والعمل.

فإن اعتمدوا الإنصاف ، وتركوا المعاندة والخلاف ، وراجعوا أذهانهم الصحيحة ، وما تقتضيه جودة القريحة ، ورفضوا تقليد الآباء ، والاعتماد على أقوال الرؤساء ، الّذين طلبوا اللذّة العاجلة ، وأهملوا أحوال الآجلة ، حازوا القسط الأوفى من الإخلاص ، وحصلوا بالنصيب الأسنى من النجاة والخلاص.

وإن أبوا إلّا استمرارا على التقليد ، فالويل لهم من نار الوعيد ، وصدق عليهم قوله تعالى : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ )(٢) .

وإنّما وضعنا هذا الكتاب حسبة لله ، ورجاء لثوابه ، وطلبا للخلاص

__________________

(١) السفسطة : هي المغالطة والتمويه والتلبيس بالقول والإيهام ، واللفظ مركّب في اليونانية من « سوفيا » وهي الحكمة ، ومن « أسطس » وهي المموّه ؛ فمعناها حكمة مموّهة ، وكلّ من له قدرة على التمويه والمغالطة بالقول في أيّ شيء كان ، قيل له : إنّه سوفسطائي.

أنظر : معجم المصطلحات العلمية العربية : ٩٠ ـ ٩١ ، التعريفات ـ للجرجاني ـ: ١١٨.

(٢) سورة البقرة ٢ : ١٦٦.

٩

من أليم عقابه ، بكتمان الحقّ ، وترك إرشاد الخلق!

وامتثلت فيه مرسوم سلطان وجه الأرض ، الباقية دولته إلى يوم النشر والعرض ، سلطان السلاطين ، خاقان الخواقين ، مالك رقاب العباد وحاكمهم ، وحافظ أهل البلاد وراحمهم ، المظفّر على جميع الأعداء ، المنصور من إله السماء ، المؤيّد بالنفس القدسية ، والرئاسة الملكية ، الواصل بفكره العالي ، إلى أسنى مراتب المعالي ، البالغ بحدسه الصائب ، إلى معرفة الشهب الثواقب ، غياث [ الملّة و ] الحقّ والدين : أولجايتو خدابنده محمّد(١) ، خلّد [ الله ] ملكه إلى يوم الدين ، وقرن دولته بالبقاء والنصر والتمكين.

وجعلت ثواب هذا الكتاب واصلا إليه ، أعاد الله بركاته عليه ، بمحمّد وآله الطاهرين ، صلوات الله عليهم أجمعين.

وقد اشتمل هذا الكتاب على مسائل

__________________

(١) هو : خدابنده محمّد بن أرغون بن أبغا بن هولاكو بن تولي بن جنكيز خان المغولي ، ملك العراق وخراسان وعراق العجم والروم وأذربيجان والبلاد الأرمينية وديار بكر ، وأولجايتو معناه السلطان الكبير المبارك ، وخدابنده معناه عبد الله ، وقيل : خربندا ، ولد سنة ٦٨٠ ه‍ ، اعتنق الإسلام وسمّي بمحمّد ، وتلقّب بغياث الدين ، كان عادلا كريما سمحا ، تحوّل إلى مذهب الشيعة الإمامية سنة ٧٠٨ ه‍ بعد أن كان حنفيّا ، على أثر مناظرات كثيرة بين المذاهب الإسلامية ـ وقيل : إنّ ذلك كان على يد العلّامة الحلّي ١ ـ ، توفّي في آخر شهر رمضان عام ٧١٦ ه‍ عن بضع وثلاثين سنة ، ودفن بتربته في مدينة « السلطانية » التي أنشأها بين مدينتي قزوين وهمذان.

انظر : أعيان الشيعة ٩ / ١٢٠ ـ ١٢١ ، مراقد المعارف ١ / ٢١٨ ـ ٢٢٠ ، دول الإسلام : ٤٠٩ ، العبر ٤ / ٤٤ ، البداية والنهاية ١٤ / ٦٢ حوادث سنة ٧١٦ ه‍ ، دول الإسلام : ٤٠٩ حوادث سنة ٧١٦ ه‍ ـ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٦٤٩ ، شذرات الذهب ٦ / ٤٠ وفيات سنة ٧١٦ ه‍.

١٠

وقال الفضل(١) :

الحمد لله المتعزّز بالكبرياء والرفعة والمناعة ، المتفرّد بإبداع الكون في أكمل نظام وأجمل بداعة ، المتكلّم بكلام أبكم كلّ منطيق من قروم(٢) أهل البراعة ، فانخزلوا(٣) آخرا في حجر(٤) العجز وإن بذلوا الوسع والاستطاعة.

أحمده على ما تفضّل بمنح كرائم الأجور على أهل الطاعة ، وفضّل

__________________

(١) إبطال نهج الباطل وإهمال كشف العاطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل ـ ١ / ٢٢ ـ ٣٥.

(٢) قروم ـ جمع : قرم ـ : أي السيّد المعظّم ، المقدّم في المعرفة وتجارب الأمور.

انظر : الصحاح ٥ / ٢٠٠٩ ، لسان العرب ١١ / ١٣٠ ، تاج العروس ١٧ / ٥٦٢ ، مادّة « قرم ».

(٣) كان في طبعة القاهرة : « فانخذلوا » بالذال المعجمة.

والخزل والانخزال : القطع والانقطاع. والخذل والخذلان : ترك الإعانة والنصرة ، والضعف.

انظر مادّتي « خذل » و« خزل » في : الصحاح ٤ / ١٦٨٣ و ١٦٨٤ ، لسان العرب ٤ / ٤٥ و ٨٤ ، تاج العروس ١٤ / ١٩٤ و ١٩٧.

(٤) في طبعة طهران : « حجز ».

وحجر الإنسان ـ بالفتح أو الكسر ـ : حضنه. أو : حجر ـ جمع حجرة ـ : وهي الغرفة.

وحجز أو حجزات ـ جمع حجزة ـ : وهي موضع الالتجاء والاعتصام ، والتمسّك بالشيء ، والتعلّق به ، والأخذ بسبب منه.

أو : حجز ـ بالكسر أو الضمّ ـ : الأصل والمنبت والناحية.

أنظر مادّتي « حجر » و« حجز » في : الصحاح ٢ / ٦٢٣ ، لسان العرب ٣ / ٥٧ و ٦٢ ، تاج العروس ٦ / ٢٤١ و ٢٤٦ وج ٨ / ٤٢ ـ ٤٣.

١١

على فرق الإسلام الفرقة الناجية من أهل السنّة والجماعة ، حتّى كشف نقاب الارتياب عن وجوه مناقبهم صاحب المقام المحمود والعظمى من الشفاعة ، بقوله صلّى الله عليه وسلّم : «لا تزال طائفة من أمّتي منصورين ، لا يضرّهم من خذلهم حتّى تقوم الساعة »(١)

صلّى الله وسلّم وبارك على سيّدنا ونبيّنا محمّد ، الذي فرض الله على كافّة الناس اتّباعه ، وجعل شيعة الحقّ وأئمّة الهدى أشياعه ، وهدى إلى انتقاد «نهج الحقّ » وإيضاح «كشف الصدق » أتباعه.

ثمّ السلام والتحيّة والرضوان على عترته أهل بيته ، وكرام صحبه ، أرباب النجدة والجود والشجاعة ، الّذين جعل الله موالاتهم في سوق الآخرة خير بضاعة ، ما دام ذبّ الباطل عن حريم الحقّ أفضل عمل وخير صناعة.

أمّا بعد :

فإنّ الله بعث نبيّه محمدا صلّى الله عليه وسلّم حين تراكم الأهواء الباطلة ، وتصادم الآراء العاطلة ، والناس هائمون في معتكر حندس(٢) ليل الضلال ،

__________________

(١) هذا من الأحاديث المتواترة معنى ، وقد روته أمّهات مصادر وجوامع الجمهور ، منها : صحيح البخاري ٩ / ١٨١ ح ٨٢ ، التاريخ الكبير ٤ / ١٢ رقم ١٧٩٧ ، صحيح مسلم ١ / ٩٥ ، سنن أبي داود ٣ / ٤ ح ٢٤٨٤ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤ ـ ٥ ح ٦ و ٧ و ٩ و ١٠ ، سنن الترمذي ٤ / ٤٢٠ ح ٢١٩٢ ، سنن النسائي ٦ / ٢١٤ ـ ٢١٥ ، مسند الطيالسي : ٩ ، سنن سعيد بن منصور ٢ / ١٤٤ ـ ١٤٥ ح ٢٣٧٢ و ٢٣٧٥ و ٢٣٧٦ ، مسند أحمد ٣ / ٣٨٤ ، مسند أبي يعلى ١٣ / ٣٧٥ ح ٧٣٨٣ ، المعجم الكبير ٢ / ٢٣٨ ح ١٩٩٦ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٨١ ح ٢٣٩٢.

(٢) اعتكر الليل : اشتدّ سواده واختلط والتبس ؛ أنظر : الصحاح ٢ / ٧٥٦ ، لسان

١٢

يعبدون الأوثان ، ويخرّون للأذقان [ سجّدا ] عندها بالغدوّ والآصال ، لا يعرفون ملّة ، ولا يهتدون إلى نحلة ، ولا سير لهم إلى مراتع الحقّ ولا رحلة.

فأقام الله تعالى برسوله الملّة العوجاء ، وهداهم بإيضاح الحقّ إلى السنن الميتاء(١) ، وأوضح للملّة منارها ، وأعلم آثارها ، وأسّس قواعد الدين على رغم الكفرة الماردين ، هم الّذين أبوا إلّا الإقامة على الكفر والبوار ، وإن هداهم إلى سبيل النجاح ، فما أذعنوا للحقّ إلّا بعد ضرب القواضب(٢) وطعن الرماح.

فندب صلّى الله عليه وسلّم لنصرة الدين ، وإعانة الحقّ ، عصبة من صحبه الصادقين ، فانتدبوا ، ونصروا ، ونصحوا ، وأوذوا في سبيل الله ، ثمّ هاجروا واغتربوا.

هم كانوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكرش والعيبة(٣) ، حين كذّبه عتبة

__________________

ـ العرب ٩ / ٣٣٧ ، تاج العروس ٧ / ٢٥٦ ، مادّة « عكر ».

والحندس : الشديد الظلمة ؛ انظر : الصحاح ٣ / ٩١٦ ، لسان العرب ٣ / ٣٥٦ ، تاج العروس ٨ / ٢٥٢.

(١) في إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن « إحقاق الحقّ » : « المتناء » و« الغرّاء » نسخة بدل عنها.

(٢) القواضب ـ جمع قاضب ـ : السيوف القواطع ؛ انظر : الصحاح ١ / ٢٠٣ ، لسان العرب ١١ / ٢٠٢ ، تاج العروس ٢ / ٣٢٧ ، مادّة « قضب ».

(٣) الكرش أو الكرش ـ لغتان بمعنىً ـ : هي لكلّ مجترّ بمنزلة المعدة للإنسان ، ومن المجاز : الجماعة من الناس.

انظر : الصحاح ٣ / ١٠١٧ ، لسان العرب ١٢ / ٦٩ ، تاج العروس ٩ / ١٨١ ، مادّة « كرش ».

والعيبة ـ جمعها : عيب وعياب وعيّبات ـ : ما يجعل فيه الثياب ، ووعاء يكون ـ

١٣

وشيبة(١)

فأثنى الله عليهم في مجيد كتابه ، ورضي عنهم ، وتاب عليهم(٢) ، وجعل مناط أمور الدين مرجوعة إليهم.

ثمّ وثب فرقة بعد القرون المتطاولة ، والدول المتداولة ، يلعنونهم ويشتمونهم [ ويسبّونهم ] ، ولكلّ قبيح ينسبونهم ، فويل لهذه الفئة

__________________

فيه المتاع ، وعيبة الرجل : موضع سرّه.

انظر : الصحاح ١ / ١٩٠ ، لسان العرب ٩ / ٤٩٠ ـ ٤٩١ ، تاج العروس ٢ / ٢٧٠ ، مادّة « عيب ».

أي إنّهم جماعته وصحابته وبطانته ، وموضع سرّه وأمانته ، الّذين يثق بهم ويعتمد عليهم في أموره.

(١) ذكر عتبة وشيبة ـ هنا ـ لم يقصد منه خصوص الرجلين ، بل المراد عموم كفّار قريش.

وعتبة وشيبة هما ابنا ربيعة بن عبد شمس ، قتلا والوليد بن عتبة يوم بدر كفّارا ، بيد أمير المؤمنين الإمام عليّ ٧وحمزة وعبيدة بن الحارث ، وفيهم جميعا نزل قوله تعالى : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ )سورة الحجّ ٢٢ : ١٩.

انظر مثلا : صحيح البخاري ٥ / ١٨٣ ـ ١٨٤ ح ١٧ ـ ٢١ وج ٦ / ١٨١ ح ٢٦٤ و ٢٦٥ ، صحيح مسلم ٨ / ٢٤٦ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٩٤٦ ح ٢٨٣٥ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٨ / ٤٧٤ ح ٣١ ، مسند البزّار ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ح ٧١٥ ، وغيرها كثير.

(٢) أشار ابن روزبهان ـ في كلامه هذا ـ إلى آيات قرآنية عديدة بخصوص الثناء والرضا والتوبة على الصحابة ، منها :

قوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً )سورة الفتح ٤٨ : ٢٩.

وقوله عزّ وجلّ : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ )سورة الفتح ٤٨ : ١٨.

وقوله سبحانه : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ )سورة التوبة ٩ : ١١٧.

١٤

الباغية ، التي يسخطون العصبة الرضيّة ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة ، شاهت الوجوه ، ونالت كلّ مكروه.

ثمّ إنّ زماننا قد أبدى من الغرائب ، ما لو رآه محتلم في رؤياه لطار من وكر الجفن نومه ، ولو شاهده يقظان في يومه لاعتكر من ظلام الهموم يومه(١) .

وممّا شاع فيه أنّ فئة من أصحاب البدعة استولوا على البلاد ، وأشاعوا الرفض والابتداع بين العباد.

فاضطرّني حوادث الزمان ، إلى المهاجرة عن الأوطان ، وإيثار الاغتراب وتوديع الأحبّة والخلّان ، وأزمعت الشخوص من وطني أصفهان ، حتّى حططت الرحل بقاسان(٢) .

عازما على أن لا يأخذ جفني القرار(٣) ، ولا تضاجعني الأرض بقرار ،

__________________

(١) في المصدر : بومه.

(٢) قاسان ـ بالسين المهملة ـ : مدينة كانت عامرة آهلة ، كثيرة الخيرات ، واسعة الساحات ، متهدّلة الأشجار ، حسنة النواحي والأقطار ، بما وراء النهر في حدود بلاد الترك ، خربت بغلبة الترك عليها.

وقاسان أو قاشان ـ بالسين المهملة أو الشين المعجمة ـ : مدينة قرب أصفهان ، بينها وبين قم اثنا عشر فرسخا ، وبينها وبين أصفهان ثلاث مراحل.

والتي عناها الفضل هنا هي الأولى دون الثانية ؛ لأنّ أهل الأولى من الجمهور دون الثانية التي أهلها كلّهم شيعة إمامية.

انظر : معجم البلدان ٤ / ٣٣٥ و ٣٣٦ رقمي ٩٣٦١ و ٩٣٦٤ ، مراصد الاطّلاع ٣ / ١٠٥٦ و ١٠٥٧.

(٣) القرار : الهدوء والنوم ، وأقرّ الله عينه ، أي أنام الله عينه ؛ أنظر : لسان العرب ١١ / ١٠٠ ـ ١٠١ مادّة « قرر ».

وفي المصدر : « الغرار » ، وهو النوم القليل.

انظر : الصحاح ٢ / ٧٦٨ ، لسان العرب ١٠ / ٤٥ ، مادّة « غرر ».

١٥

حتّى أستوكر مربعا من مرابع الإسلام ، لم يسمعني فيه الزمان صيت هؤلاء اللئام.

وأستوطن مدينة أتّخذها دار هجرتي ، ومستقرّ رحلتي ، تكون فيها السنّة والجماعة فاشية ، ولم يكن فيها شيء من البدع والإلحاد ناشية.

وأتمسّك بسنّة النبيّ [ صلّى الله عليه وسلّم الرصين ] ( وآله وصحبه المرضيّين )(١) ، وأعبد ربّي حتّى يأتيني اليقين.

فإنّ التمسّك [ بالسنّة ] عند فساد الأمّة طريق رشيد ، وأمر سديد ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : «من تمسّك بسنّتي عند فساد أمّتي فله أجر مائة شهيد »(٢) .

فلمّا استقرّ ركابي بمدينة قاسان ، اتّفق لي مطالعة كتاب من مؤلّفات المولى الفاضل ، جمال الدين ابن المطهّر الحلّي ، غفر الله ذنوبه ، وقد سمّاه بكتاب «نهج الحقّ وكشف الصدق » ، قد ألّفه في أيّام دولة السلطان غياث الدين أولجايتو محمّد خدابنده ، وذكر أنّه صنّفه بإشارته.

وقد كان ذلك الزمان أوان فشو البدعة ، ونبغ نابغة الفرقة الموسومة ب‍ : « الإمامية » من فرق الشيعة!

فإنّ عامّة الناس يأخذون المذاهب من السلاطين وسلوكهم ، والناس على دين ملوكهم ، إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وقليل

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « إبطال نهج الباطل ».

(٢) انظر مثلاً ـ وفي بعضها : « فله أجر شهيد » ـ : المعجم الأوسط ٥ / ٤٧١ ح ٥٤١٤ ، الكامل في ضعفاء الرجال ٢ / ٣٢٧ رقم ٤٦٠ ، حلية الأولياء ٨ / ٢٠٠ ، فردوس الأخبار ٢ / ٣٥٥ ح ٦٨٨٩ ، مصابيح السنّة ١ / ١٦٣ ح ١٣٩ ، الترغيب والترهيب ١ / ٤٥ ح ٥ ، مشكاة المصابيح ١ / ٩٧ ح ١٧٦ ، مجمع الزوائد ١ / ١٧٢ الجامع الصغير : ٥٤٩ ح ٩١٧١ ، كنز العمّال ١ / ١٨٤ ح ٩٣٦ وص ٢١٤ ح ١٠٧١.

١٦

ما هم!

وقد ذكر في مفتتح ذلك الكتاب أنّه حاول بتأليفه إظهار الحقّ ، وبيان خطأ الفرقة الناجية من أهل السنّة والجماعة ؛ لئلّا يقلّدهم المسلمون ، ولئلّا يقتدوا بهم ، فإنّ الاقتداء بهم ضلالة.

وذكر أنّه أراد بهذا إقامة مراسم الدين ، وحوز(١) [ أجور ] الآخرة ، واقتناء ثواب الّذين يبغون(٢) الحقّ ولا يكتمونه.

ومع ذلك فإنّ جلّ كتابه مشتمل على مطاعن الخلفاء الراشدين ، والأئمّة المرضيّين ، وذكر مثالب العلماء المجتهدين!

فهو في هذا كما ذكر بعض الظرفاء ـ على ما يضعونه على ألسنة البهائم ـ أنّ الجمّال سأل جملا : من أين تخرج؟ قال الجمل : من الحمّام ؛ قال : صدقت ، ظاهر من رجلك النظيف ، وخفّك اللطيف.

فنقول : نعم ، ظاهر على ابن المطهّر أنّه من دنس الباطل ودرن التعصّب مطهّر ، وهو خائض في مزابل المطاعن ، وغريق في حشوش(٣) الضغائن ، فنعوذ بالله من تلبيس إبليس ، وتدليس ذلك الخسيس ، كيف سوّل له وأملى له ، وكثّر في إفشاء الباطل ـ على رغم الحقّ ـ إملاءه؟!

__________________

(١) الحوز : الجمع ، وكلّ من ضمّ شيئا إلى نفسه من مال أو غير ذلك ، فقد حازه حوزا وحيازة ؛ انظر : الصحاح ٣ / ٨٧٥ ، لسان العرب ٣ / ٣٨٨ ، مادّة « حوز ».

(٢) في إبطال نهج الباطل : « يبيّنون » ؛ ولعلّ ما في المتن تصحيف : يبلّغون.

(٣) الحشوش ، جمع : الحشّ والحشّ : الكنف ومواضع قضاء الحاجة.

انظر : الصحاح ٣ / ١٠٠١ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ٣٩٠ ، لسان العرب ٣ / ١٨٩ ـ ١٩٠ ، القاموس المحيط ٢ / ٢٧٩ ، تاج العروس ٩ / ٩٠ ـ ٩١ ، مادّة « حشش ».

١٧

ومن الغرائب أنّ ذلك الرجل وأمثاله ينسبون مذهبهم إلى الأئمّة الاثني عشر ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ وهم صدور إيوان(١) الاصطفاء ، وبدور سماء الاجتباء ، ومفاتيح أبواب الكرم ، ومجاديح(٢) هواطل النعم ، وليوث غياض(٣) البسالة ، وغيوث رياض الإيالة(٤) ، وسبّاق مضامير(٥) السماحة ، وخزّان نقود الرجاحة ، والأعلام الشوامخ في الإرشاد والهداية ، والجبال الرواسخ في الفهم والدراية وهم كما قلت فيهم شعرا :

شمّ المعاطس من أولاد فاطمة

علوا رواسي طود العزّ والشرف

فاقوا العرانين(٦) في نشر الندى كرما

بسمح كفّ خلا من هجنة السرف

__________________

(١) الإيوان ـ بكسر الهمزة ـ : الصفّة العظيمة كالأزج ـ وهو البيت الذي يبنى طولا غير مسدود الوجه ـ وجمعه : إيوانات وأواوين.

أنظر : الصحاح ٥ / ٢٠٧٦ ، لسان العرب ١ / ٢٧٣ و ١٣٠ ، تاج العروس ١٨ / ٤٠ ر ج ٣ / ٢٨٧ ، مادّتي « أون » و« أزج ».

(٢) مجاديح السماء : أنواؤها ؛ انظر : الصحاح ١ / ٣٥٨ ، لسان العرب ٢ / ١٩٧ ، مادّة « جدح ».

(٣) الغياض ـ جمع : غيضة ـ : وهي الأجمة ، وهي مجتمع الشجر في مغيض الماء ، يجتمع فيه الماء فينبت فيه الشجر ، من أيّ الشجر كان ، وكذا هي الشجر الملتفّ.

انظر : الصحاح ٣ / ١٠٩٧ ، لسان العرب ١٠ / ١٥٨ ، تاج العروس ١٠ / ١١٧ ، مادّة « غيض ».

(٤) الإيالة : السياسة ، يقال : آل الأمير رعيّته يؤولها أولا وإيالا ، أي ساسها وأحسن رعايتها ؛ انظر : الصحاح ٤ / ١٦٢٨ ، لسان العرب ١ / ٢٦٧ ، مادّة « أول ».

(٥) في طبعتي طهران والقاهرة : « مظاهر » ، والمثبت هو الأنسب بالسياق.

(٦) عرانين القوم : سادتهم وأشرافهم ووجوههم ؛ انظر : الصحاح ٦ / ٢١٦٣ ، لسان العرب ٩ / ١٧٥ ، مادّة « عرن ».

١٨

تلقاهم في غداة الروع إذ رجفت

أكتاف أكفائهم من رهبة التلف

مثل الليوث إلى الأهوال سارعة

حماسة النفس لا ميلا إلى الصلف

بنو عليّ وصيّ المصطفى حقّا (؟)(١)

أحلاف(٢) صدق نموا من أشرف السلف

وهؤلاء الأئمّة الكرام(٣) ، قد كانوا يثنون على الصحابة الكرام ، الخلفاء الراشدين ـ رضي الله عنهم ـ بما هم أهله من ذكر المناقب والمزايا.

وقد ذكر الشيخ عليّ بن عيسى الإربلي(٤) ـ رحمه الله تعالى ـ في

__________________

(١) علامة الاستفهام من الشيخ المظفّر ١.

(٢) كذا في الأصل ؛ وفي إحقاق الحقّ : أخلاف.

(٣) في إبطال نهج الباطل : « العظام ».

(٤) هو : الشيخ بهاء الدين أبو الحسن عليّ بن عيسى بن فخر الدين أبي الفتح الإربلي ، من كبار علماء الشيعة الإمامية ، كان فاضلا محدّثا ثقة ، شاعرا أديبا منشئا ، جامعا للفضائل والمحاسن ، مؤلّفا شهيرا.

كان والده أميرا حاكما بإربل أيّام تاج الدين محمّد بن الصلايا الحسين ، له تصانيف كثيرة ، منها : كشف الغمّة في معرفة الأئمّة : ، رسالة الطيف في الإنشاء ، نزهة الأخيار ، حياة الإمامين زين العابدين ومحمّد الباقر ٨ ، ديوان شعر ، وله رسائل علمية وأدبية ، وله أيضا شعر كثير في مدح أهل البيت : ».

ولقبه « الإربلي » نسبة إلى إربل ، وهي : قلعة حصينة ومدينة كبيرة بين الزابين ، من أعمال الموصل ، من جهتها الشرقية.

وجاء في خاتمة كتابه « كشف الغمّة » أنّه فرغ من تصنيفه سنة ٦٨٧ ه‍ ، وتوفّي سنة ٢ / ٦٩٣ ه‍ في بغداد ودفن فيها ؛ ولعلّ ما في شذرات الذهب من أنّه توفّي سنة ٦٨٣ ه‍ تصحيف ، لمنافاته مع ما سبق.

١٩

كتاب « كشف الغمّة في معرفة الأئمّة » ـ واتّفق جميع الإمامية أنّ عليّ بن عيسى من عظمائهم ، والأوحدي النحرير من جملة علمائهم ، لا يشقّ غباره ، ولا يبتدر آثاره ، وهو المعتمد المأمون في النقل ـ وما ذكره هو في الكتاب المذكور نقلا عن كتب الشيعة ، لا عن كتب علماء السنّة :

أنّ الإمام أبا جعفر محمّدا الباقر رضي الله عنه سئل عن حلية السيف ، هل يجوز؟

فقال : نعم [ يجوز ] ، قد حلّى أبو بكر الصدّيق سيفه [ بالفضّة ].

قال الراوي : فقال السائل : أتقول هكذا؟!

فوثب الإمام من مكانه وقال : نعم الصدّيق ، فمن لم يقل له :

« الصدّيق » فلا صدّقه الله في الدنيا والآخرة(١) .

هذه عبارة « كشف الغمّة » وهو كتاب مشهور معتمد عند الإمامية.

وذكر أيضا في الكتاب المذكور ، أنّ الإمام أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق قال : « ولدني أبو بكر ( الصدّيق )(٢) مرّتين » ؛ وذلك أنّ أمّ الإمام جعفر كانت أمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصدّيق ،

__________________

أمّا مرقده فهو بالكرخ ببغداد ، بداره على الضفة اليمنى لنهر دجلة قرب الجسر العتيق ( جسر الأحرار ) بين الزقاق ونهر دجلة.

انظر : أمل الآمل ٢ / ١٩٥ رقم ٥٨٨ ، رياض العلماء ٤ / ١٦٦ ، الكنى والألقاب ٢ / ١٨ ، مراقد المعارف ٢ / ٩٠ رقم ١٧٤ ، معجم البلدان ١ / ١٦٦ رقم ٤٠٦ ، شذرات الذهب ٥ / ٣٨٣ وفيات سنة ٦٨٣ ه‍ ، هديّة العارفين ٥ / ٧١٤ ، معجم المؤلّفين ٢ / ٤٨٤ رقم ٩٨٠٥.

(١) كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ٢ / ١٤٧ ، نقلا عن صفة الصفوة ـ لأبي الفرج ابن الجوزي الحنبلي ـ ١ / ٣٩٩ ، باختلاف يسير ؛ وما بين القوسين المعقوفتين أثبتناه من « إبطال نهج الباطل » المطبوع ضمن « إحقاق الحقّ ».

(٢) ليست في كشف الغمّة.

٢٠

وكذا كانت إحدى جدّاته الأخرى من أولاد أبي بكر(١) (٢) .

وذكر الإمام الحاكم أبو عبد الله النيسابوري ، المحدّث الكبير ، والحافظ المتقن ، الفاضل النحرير ، في كتاب « معرفة علوم الحديث » بإسناده عن الإمام [ أبي عبد الله ](٣) جعفر بن محمّد الصادق ، أنّه قال : « أبو بكر ( الصدّيق )(٤) جدّي ، وهل يسبّ أحد أجداده(٥) ؟! لا قدّمني الله إن لا أقدّمه »(٦) . انتهى

وقد اشتهر بين المحدّثين والعلماء أنّ الحاكم أبا عبد الله ـ المذكور ـ كان مائلا إلى التشيّع(٧) .

فمن عجبي!! كيف يجوز لهم ذكر المطاعن لذلك الإمام الحكيم الرشيد ، وقد ذكر الأئمّة ـ الّذين يدّعون الاقتداء بهم ـ في مناقبه(٨) أمثال هذه المناقب ، ومع ذلك يزعمون أنّهم لهم مقتدون ، وبآثارهم مهتدون؟!

نسأل الله العصمة عن التعصّب ، فإنّه ساء الطريق ، وبئس الرفيق.

ثمّ إنّي لمّا نظرت في ذلك الكتاب الموسوم ب‍ «نهج الحقّ وكشف الصدق » رأيت أنّ صاحبه عدل عن نهج الحقّ ، وبالغ في الإنكار على أهل السنّة ، حتّى ذكر أنّهم كالسوفسطائية ، ينكرون المحسوسات والأوليّات ،

__________________

(١) إذ إنّ جدّته لأمّه ٧ هي : أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.

(٢) انظر : كشف الغمّة ٢ / ١٦١ ، نقلا عن الحافظ عبد العزيز بن أبي نصر محمود بن المبارك بن محمود الجنابذي ، المعروف بابن الأخضر ( ٥٢٤ ـ ٦١١ ه‍ ).

(٣) أثبتناه من « إبطال نهج الباطل » المطبوع ضمن « إحقاق الحقّ ».

(٤) ليست في معرفة علوم الحديث.

(٥) في إبطال نهج الباطل : آباءه.

(٦) معرفة علوم الحديث : ٥١.

(٧) انظر : سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٦٢ رقم ١٠٠.

(٨) أي : مناقب أبي بكر. وكان في إبطال نهج الباطل : « مناقبهم » وهو تصحيف.

٢١

فلا يجوز الاقتداء بهم ، ووضع في هذا مسائل ذكرها من علم أصول الدين ، ومن علم ( مسائل )(١) أصول الفقه ، ومن المسائل الفقهية ، وطعن على الأئمّة الأربعة بمخالفتهم نصّ الكتاب ، وبالغ في هذا أقصى المبالغة.

ولم يبلغني أنّ أحدا من علماء السنّة ردّ عليه كلامه ومطاعنه في كتاب وضعه لذلك ، وذلك الإعراض يحتمل أن يكون لوجهين :

الأوّل : عدم الاعتناء بكلامه وكلام أمثاله ؛ لأنّ أكثره ظاهر عليه أثر المكابرة والتعصّب ، وقد ذكر ما ذكر في كلام بالغ في الركاكة ـ على شاكلة كلام المتعرّبة من عوامّ الحلّة وبغداد ـ ، وشين الرطانة(٢) ، وهجنة(٣) [ العوراء(٤) ] تلوح من مخائله كرطانات جهلة أهل السواد ، كما ستراه واضحا غير خفيّ على أهل الفطانات.

الوجه الثاني : إنّ تتبّع ذلك الكلام وتكراره وإشاعته ممّا ينجرّ(٥) إلى اتّساع الخرق ، وتشهير ما حقّه الإعراض عنه ، ولم يكن داعية دينية تدعو إلى ذلك الردّ ، لسلامة الزمان عن آفة البدعة.

ومن عادة أجلّة علماء الدين أنّهم لا يخوضون في التصانيف إلّا

__________________

(١) ليست في إبطال نهج الباطل ؛ وعبارة الفضل مشوّشة ، وما يناسب السياق أن تكون الجملة هكذا : ومسائل من علم أصول الفقه

(٢) الرطانة ـ بالفتح أو الكسر ـ : الكلام بالعجميّة ؛ انظر : الصحاح ٥ / ٢١٢٤ ، لسان العرب ٥ / ٢٣٩ ، تاج العروس ١٨ / ٢٣٧ ، مادّة « رطن ».

(٣) تهجين الأمر : تقبيحه ، والهجنة من الكلام : ما يعيبه ؛ انظر : الصحاح ٦ / ٢٢١٧ ، لسان العرب ١٥ / ٤٢ ، تاج العروس ١٨ / ٥٨٢ ، مادّة « هجن ».

(٤) العوراء : الكلمة التي تهوي في غير عقل ولا رشد ، والكلمة القبيحة ، وهي السقطة ؛ انظر : الصحاح ٢ / ٧٦٠ ، لسان العرب ٩ / ٤٦٩ ، مادّة « عور ».

(٥) كذا في الأصل والمصدر ، و« يجرّ » هو الصواب لغة ومعنى ؛ وكذا في المورد التالي في الصفحة التالية.

٢٢

لضرورة الدين ، لا يصبغون بالمداد ثياب الأقلام ، إلّا لقصارة(١) الدنس الواقع على جيوب حلل الإسلام.

ولمّا اطّلعت على مضامين ذلك الكتاب ، وتأمّلت في ما سنح في الزمان من ظهور بدعة الفرقة الإمامية ، وعلوّهم في البلاد ، حتّى قصدوا محو آثار كتب السنّة وغسلها وتحريفها(٢) ، بل تمزيقها وتحريقها

حدّثتني نفسي بأنّ فساد الزمان ربّما ينجرّ إلى أنّ أئمّة الضلال يبالغون بعدها في تشهير هذا الكتاب ، وربّما يجعلونه مستندا لمذهبهم الفاسد ، ويحصّلون من قدح أهل السنّة ـ بذلك الكتاب ـ جلّ المقاصد ، ويظهرون على الناس ما ضمّن ذلك الرجل ذلك الكتاب من ضعف آراء الأئمّة الأشاعرة ، من أهل السنّة والجماعة ، ويصحّحون على العوامّ والجهلة أنّهم كالسوفسطائية ، فلا يصحّ الاقتداء بهم ، وربّما يصير هذا سببا لوهن قواعد السنّة.

فهنالك تحتّم عليّ ، ورأيت المفروض عليّ ، أن أنتقد كلام ذلك الرجل في ذلك الكتاب ، وأقابل في كلّ مسألة من العلوم الثلاثة المذكورة فيه ما يكون تحقيقا لحقيقة تلك المسألة ، وأبيّن فيه حقّيّة مذهب أهل السنّة والجماعة في تلك المسألة ، أو أردّ عليه ما يكون باطلا ، وعن حلية الحقّ الصريح عاطلا ، على وجه التحقيق والإنصاف ، لا على وجه التعصّب والاعتساف.

__________________

(١) قصر الثوب قصارة : بيّض الثوب وحوّره ودقّه بالقصرة التي هي القطعة من الخشب ؛ انظر : الصحاح ٢ / ٧٩٤ ، لسان العرب ١١ / ١٨٩ ، تاج العروس ٧ / ٣٩٧ ، مادّة « قصر ».

والمقصود هنا هو إزالة الدنس عن الثوب وتنظيفه منه.

(٢) في إبطال نهج الباطل : « تخريقها ».

٢٣

وقد أردت أوّلا أن أذكر حاصل كلامه في كلّ مسألة ، بعبارة موجزة خالية عن التطويل المملّ الفارغ عن الجدوى ، وليسهل على المطالع أخذه وفهمه ، ولا يذهب إلى أباطيله ذهنه ووهمه.

ثمّ بدا لي أن أذكر كلامه بعينه وبعباراته الركيكة ، لوجهين :

أحدهما : إنّ الفرقة المبتدعة لا يأتمنون علماء السنّة ، وربّما يتمسّك بعض أصحاب التعصّب بأنّ المذكور ليس من كلام ابن المطهّر ، ليدفع بهذا الإلزام عنه.

والثاني : إنّ آثار التعصّب والغرض في تطويلات عباراته ظاهرة ، فأردت نقل كلامه بعينه ليظهر على أرباب الفطنة أنّه كان من المتعصّبين ، لا من قاصدي تحقيق مسائل الدين.

وهذان الوجهان حدأاني إلى ذكر كلامه في ذلك الكتاب بعينه.

والله تعالى أسأل أن يجعل سعيي مشكورا ، وعملي لوجهه خالصا مبرورا ، وأنّ يزيد بهذا تحقيقا في ديني ، ورجحانا في يقيني ، ويثقل به يوم القيامة عند الحساب موازيني ، وأن يوفّقني للتجنّب عن التعصّب ، والتأدّب في إظهار الحقّ أحسن التأدّب ، إنّه وليّ التوفيق ، وبيده أزمّة التحقيق.

وها أنا أشرع في المقصود ، متوكّلا على الله الودود ، وأريد أن أسمّيه بعد الإتمام ـ إن شاء الله ـ بكتاب : «إبطال نهج الباطل ، وإهمال كشف العاطل ».

٢٤

أقول :

قد ذكر الفضل هذا في كلامه أنّهم « الفرقة الناجية » ، وهي دعوى يبطلها الكتاب والسنّة والعقل ـ كما ستعرفها إن شاء الله تعالى ـ.

لكن ينبغي هنا أن نشير إلى بعض الآيات ، وبعض الأخبار

فمن الآيات :

قوله عزّ من قائل مخاطبا للصحابة بعد واقعة أحد :

(وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) الآية(١) .

فإنّها دالّة على عروض الانقلاب للصحابة بعد موت النبيّ ٦

إذ ليس الاستفهام منه سبحانه على حقيقته ؛ لاستلزامه الجهل بل هو للإنكار أو التوبيخ ، وهما يقتضيان الوقوع ، ولذا قال : (انْقَلَبْتُمْ ) بلفظ الماضي ، تنبيها على تحقّقه ، لعلمه تعالى بعاقبة أمرهم.

ولا يصح أن يراد بالآية خصوص الأعراب ، الّذين زعم أهل السنّة ارتدادهم ، كمالك بن نويرة(٢) وقومه ؛ لأنّ الآية متعلّقة بالمنهزمين في

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤ وتمامها : (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ).

(٢) هو : مالك بن نويرة بن جمرة بن شدّاد بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع التميمي اليربوعي ، يكنّى أبا حنظلة ، كان شاعرا شريفا فارسا معدودا في فرسان بني يربوع.

٢٥

أحد ، وهم المهاجرون والأنصار(١) .

فإن قلت : لعلّ المراد الإنكار على ما يعلمه منهم من إرادة الانقلاب في وقعة أحد ، كما روي عن بعضهم من إرادة التنصّر والتهوّد ـ كما ستعرفه في محلّه ـ فلا تدلّ على الانقلاب بعد موت النبيّ ٦.

قلت : لو سلّم ، فهو كاف في المقصود ؛ لأنّ القوم أولئك القوم ، ولم يخرج منهم إلّا القليل المتّفق على عدم انقلابهم ، لا الكثير الغالب ، وإلّا لما حسن الإنكار على المنهزمين بوجه العموم ، ولو بالعموم العرفي.

وللكلام في الآية تتمّة تأتي في أوّل مباحث الإمامة إن شاء الله تعالى.

وأمّا الأخبار :

فمنها : أخبار الحوض ، الدالّة على ارتداد الصحابة ، إلّا القليل

__________________

في الجاهلية وأشرافهم ، وكان من أرداف الملوك ، قدم على النبيّ ٦ وأسلم ، وأسلم بنو يربوع بإسلامه ، وولّاه رسول الله ٦ على صدقات قومه ثقة به واعتمادا عليه ، قتله خالد بن الوليد مسلما! وجعل رأسه أثفية لقدر! ثمّ نزا على امرأته من ليلته فزنى بها وكانت جميلة!!

انظر : فتوح البلدان : ١٠٧ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٧٢ حوادث سنة ١١ ه‍ ، أسد الغابة ٤ / ٢٧٦ رقم ٤٦٤٨ ، شرح نهج البلاغة ١ / ١٧٩ ، الإصابة في تمييز الصحابة ٥ / ٧٥٤ رقم ٧٧٠٢ ، تاريخ الخميس ٢ / ٢٠٩.

(١) تنوير المقباس : ٧٤ ، تفسير الطبري ٣ / ٤٥٥ ـ ٤٥٨ ح ٧٩٣٩ ـ ٧٩٥٢ ، أسباب النزول ـ للواحدي ـ : ٧٠ ، البحر المحيط ٣ / ٦٨ ـ ٦٩ ، النهر المادّ ١ / ٥٦٦ ، تفسير البغوي ١ / ٢٨١ ، الكشّاف ١ / ٤٦٨ ، تفسير الفخر الرازي ٩ / ٢٢ المسألة ١ ، تفسير القرطبي ٤ / ١٤٣ ، تفسير البيضاوي ١ / ١٨٢ ، تفسير ابن جزي الكلبي ١ / ١١٩ ، تفسير ابن كثير ١ / ٣٨٦ ، فتح القدير ١ / ٣٨٥ ، روح المعاني ٣ / ١١٤.

٢٦

النادر ، كالذي رواه البخاري في « كتاب الحوض » عن أبي هريرة ، أنّ رسول الله ٦ قال : « بينا أنا قائم فإذا زمرة ، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلمّ ؛ فقلت : إلى أين؟! قال : إلى النار والله ؛ قلت : ما شأنهم؟! قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى.

ثمّ إذا زمرة ، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلمّ ؛ قلت : إلى أين؟! قال : إلى النار والله ؛ قلت : ما شأنهم؟! قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى.

فلا أراه يخلص منهم إلّا مثل همل النعم »(١) .

__________________

(١) صحيح البخاري ٨ / ٢١٧ ح ١٦٦.

وقد تضافرت الأحاديث وصحّت في اختلاج أكثر الصحابة عن الحوض يوم القيامة ، لارتدادهم عن الدين ؛ فانظر ذلك ـ مثلا ـ في :

صحيح البخاري ٤ / ٢٧٧ ح ١٥١ وج ٦ / ١٠٨ ح ١٤٧ وج ٨ / ٢١٤ ح ١٥٧ وص ٢١٦ ـ ٢١٨ ح ١٦٣ و ١٦٤ و ١٦٥ و ١٧١ ، صحيح مسلم ١ / ١٥٠ ـ ١٥١ وج ٢ / ١٢ ـ ١٣ وج ٧ / ٦٦ ـ ٦٨ وص ٧١ وج ٨ / ١٥٧ ، سنن ابن ماجة ٢ / ١٤٣٩ ح ٤٣٠٦ ، مسند أحمد ١ / ٢٥٧ و ٣٨٤ و ٤٠٦ و ٤٢٥ و ٤٣٩ و ٤٥٣ و ٤٥٥ وج ٢ / ٣٠٠ و ٤٠٨ وج ٥ / ٤٨ و ٥٠ و ٣٣٣ و ٣٣٩ و ٣٩٣ ، مصنّف عبد الرزّاق ١١ / ٤٠٦ ـ ٤٠٧ ح ٢٠٨٥٤ و ٢٠٨٥٥ ، ما روي في الحوض والكوثر ـ لبقيّ بن مخلد ـ : ٩٨ ح ٣٥ ، تأويل مختلف الحديث : ٣٠ ، السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٣٤٠ ـ ٣٤٦ ح ٧٦١ ـ ٧٧٦ ، المعجم الكبير ٦ / ١٤٣ ح ٥٧٨٣ وص ١٥٦ ح ٥٨٣٤ وص ١٧١ ح ٥٨٩٤ وص ٢٠٠ ح ٥٩٩٦ وج ١١ / ٢٨ ح ١٠٩٥٣ وج ١٧ / ٢٠١ ح ٥٣٨ ، المعجم الأوسط ٣ / ٢٦٣ ح ٢٨٩٥ ، السنن الكبرى ٤ / ٧٨ ، فردوس الأخبار ١ / ٤٥ ح ١٣١ ، الذيل على جزء بقيّ بن مخلد ـ لابن بشكوال ـ : ١١٩ ـ ١٢٠ ح ٥٤ و ٥٥ ، مصابيح السنّة ٣ / ٥٣٧ ح ٤٣١٥ ، الترغيب والترهيب ٤ / ١٩٢ ح ٧٥ ـ ٧٧ ، مجمع الزوائد ١٠ / ٣٦٤ ـ ٣٦٥ ، جامع الأحاديث الكبير ٢ / ١٩١ ـ ١٩٢ ح

٢٧

فهل ترى هذا الخبر ونحوه يجامع مذهب القوم ، والبناء على سلامة الصحابة المخالفين لأمير المؤمنين ٧؟!

فكيف يكونون هم الفرقة الناجية؟!

ومنها : ما رواه الحاكم وصحّحه على شرط البخاري ومسلم ، عن عوف بن مالك ، قال : قال رسول الله ٦ : «ستفترق أمّتي على بضع وسبعين فرقة ، أعظمهم فرقة [ قوم ] يقيسون الأمور برأيهم ، فيحرّمون الحلال ، ويحلّلون الحرام »(١)

وأنت تعلم أنّ أهل القياس عمدة أهل السنّة ، فكيف يكونون الفرقة الناجية؟!

ومنها : ما رواه الذهبي في « ميزان الاعتدال » بترجمة زيد بن وهب الجهني ـ وصحّحه بظاهر كلامه ، واعتبره جدّا ـ عن حذيفة : « إن خرج الدجّال تبعه من كان يحبّ عثمان »(٢)

.... إلى غيرها ممّا لا يحصى من الأخبار ، وسيمرّ عليك الكثير منها إن شاء الله تعالى.

وممّا يدلّ على أنّنا نحن الفرقة الناجية : الأحاديث المستفيضة ؛ كحديث السفينة ، وباب حطّة ، وحديث الثقلين ـ ونحوها ممّا سيمرّ عليك ـ فإنّا تعلّقنا بسفينة النجاة ، ودخلنا باب حطّة ، وتمسّكنا بعترة

__________________

٤٧٧٦ و ٤٧٧٧ وج ٣ / ٢٨٣ ح ٨٦٥٣ و ٨٦٥٤ ، الجامع الصغير : ٤٦٣ ح ٧٥٦١ ، كنز العمّال ١١ / ١٧٦ ـ ١٧٧ ح ٣١١١٢ ـ ٣١١١٥ وج ١٣ / ٩٤ ح ٣٦٣٢١ وج ١٤ / ٤١٧ ـ ٤١٩ ح ٣٩١٢٤ ـ ٣٩١٣١ ـ وص ٤٢٠ ح ٣٩١٣٥ وص ٤٢١ ح ٣٩١٣٧.

(١) المستدرك على الصحيحين ٤ / ٤٣٠ [ ٤ / ٤٧٧ ح ٨٣٢٥ ] كتاب الفتن. منه ١.

(٢) ميزان الاعتدال ٣ / ١٥٨ رقم ٣٠٣٤.

٢٨

رسول الله ٦ وثقله ، الذي من تمسّك به لا يضلّ أبدا(١) .

بخلاف أهل السنّة ، فإنّهم بالضرورة لم يتمسّكوا بهم ، ولم يأخذوا منهم علما وعملا ، بل نابذوهم يدا ولسانا.

وأمّا ما رواه الخصم من قوله ٦ : «لا تزال طائفة من أمّتي منصورين لا يضرّهم من خذلهم »(٢) .

فهو أدلّ على إنّ الشيعة هم الفرقة الناجية ؛ للتعبير بالطائفة الظاهرة بالقلّة.

والمراد بال « منصورين » إلى آخره ، هو : النصرة الدينية القائمة بالأدلّة الجليّة وقوّة البرهان ، وهي مختصّة بمذهب قرناء القرآن المجيد ، والثقل الذي خلّفه النبيّ ٦ لأمّته.

وليس المراد النصرة الدنيوية كما تخيّله الخصم ، فإنّه ينتقض عليه بأمر عثمان ، وكثير من الأوقات كأيّام البويهيّين ، والحمدانيّين ، والعلويّين ، وأيّام المصنّف ، والسلطان محمّد خدابنده ، وأيّام الصفويّين ، التي هي أيّام الخصم نفسه التي تذمّر منها في خطبته لاستيلاء الشيعة على البلاد.

وأمّا ما وسموا به أنفسهم من أنّهم أهل السنّة والجماعة فخطأ آخر ؛ لما رواه يحيى بن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه ، قال : « كان عليّ ٧ يخطب ، فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين! أخبرني من أهل الجماعة؟ ومن أهل الفرقة؟ ومن أهل السنّة؟ ومن أهل البدعة؟

__________________

(١) سيأتي تخريج كلّ واحد منها في محلّه إن شاء الله تعالى.

(٢) مرّ تخريجه في صفحة ١٢.

٢٩

فقال : ويحك! أما إذ سألتني فافهم عنّي ، ولا عليك أن [ لا ] تسأل عنها أحدا بعدي.

فأمّا أهل الجماعة : فأنا ومن اتّبعني وإن قلّوا ، وذلك الحقّ عن أمر الله وأمر رسوله ٦.

وأمّا أهل الفرقة : فالمخالفون لي ولمن اتّبعني وإن كثروا.

وأمّا أهل السنّة : فالمتمسّكون بما سنّه الله لهم ورسوله ٦ وإن قلّوا [ وإن قلّوا ].

وأمّا أهل البدعة : فالمخالفون لأمر الله ، ولكتابه ، ورسوله ٦ ، العاملون برأيهم وأهوائهم ، وإن كثروا ، وقد مضى منهم الفوج الأوّل ، وبقيت أفواج ، وعلى الله قصمها واستئصالها عن حدبة(١) الأرض »(٢) الحديث

وهو كما ترى لا ينطبق على أهل السنّة إلّا أن يتعلّقوا بالمكابرة ، ويتجنّوا في الدعوى.

إذ كيف يكونون من أهل جماعة أمير المؤمنين ٧ ومتّبعيه؟! وهم لا يتّبعونه بكلّ ما يخالف به مشايخهم ، بل بكلّ أمر!

وكيف يكونون من أهل السنّة؟! وهم يعملون بالقياس ، والاستحسان ، ويحلّلون الحرام ، ويحرّمون الحلال بآرائهم ، كما ذمّهم به رسول الله ٦ في حديث الحاكم السابق!

__________________

(١) الحدبة : ما أشرف وغلظ وارتفع من الأرض ؛ انظر : الصحاح ١ / ١٠٨ ، لسان العرب ٣ / ٧٣ ، تاج العروس ١ / ٤٠٧ ، مادّة « حدب ».

(٢) كنز العمّال ٨ / ٢١٥ [ ١٦ / ١٨٣ ـ ١٨٤ ح ٤٤٢١٦ ] كتاب المواعظ. منه ١.

٣٠

نعم ، هم أهل جماعة معاوية وأضرابه ، وهم أهل السنّة ، أي المخالفون لأمير المؤمنين ٧ كما عرفت في بعض رجال المقدّمة أنّهم يصفون العثماني العدوّ لأمير المؤمنين ٧ بأنّه صاحب سنّة!(١) .

فلو لم يستحسنوا طريقة العثماني ، ولم يرتضوها ، لوصفوه بأنّه صاحب بدعة وضلالة ونفاق ، لما استفاض أنّ بغض عليّ ٧ علامة النفاق(٢) .

فيكون أهل السنّة عبارة عن العثمانيّين الأعداء لأمير المؤمنين ، المبغضين له.

ويشهد لعداوتهم له أنّهم إلى الآن لا يأنسون بذكر فضائله ، ولا يحبّون الاستماع إليها ، لا سيّما فضائله العظمى ، ومناقبه الكبرى ، التي يعرفون منها الامتياز على مشايخهم ، حتّى إنّهم يحتالون لإنكارها أو تأويلها بكلّ طريق ، وإن لم يمكن لأحدهم نكران فضله ، وترك ذكر فضائله كلّيّة!

وتراهم إذا ذكروا رسول الله ٦ أفردوه بالصلاة عليه ، وهي الصلاة البتراء المنهيّ عنها(٣) ، مع إنّه قد استفاض عندهم أنّ النبيّ ٦ جعل الصلاة على آله من كيفيّة الصلاة عليه ، كما رواه البخاري ومسلم

__________________

(١) انظر مثلا :

إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، مرّت ترجمته في ج ١ / ٦٣ ـ ٦٤ رقم ٦.

وعثمان بن عاصم ، مرّت ترجمته في ج ١ / ١٨٧ ـ ١٨٨ رقم ٢١٦.

ومحمّد بن عبيد الطنافسي ، مرّت ترجمته في ج ١ / ٢٤٢ رقم ٢٩٣.

(٢) مرّت الإشارة إلى ذلك في الجزء الأوّل من الكتاب ، صفحة ١٥ ؛ فراجع.

(٣) انظر : جواهر العقدين : ٢١٧ ، الصواعق المحرقة : ٢٢٥ ، كشف الغمّة عن جميع الأمّة ـ للشعراني ـ ١ / ٣٤٢.

٣١

وغيرهما(١) ، وستعرفه إن شاء الله في الآية الخامسة والعشرين من الآيات التي استدلّ بها المصنّف ; على إمامة أمير المؤمنين ٧.

نعم ، ربّما يصلّون على آل النبيّ معه في أوائل مصنّفاتهم وأواخرها ، ولكن لا بدّ أن يشركوا معهم الصحابة ، كراهة لتمييز آل محمّد ٦ على غيرهم كما ميّزهم الله تعالى ورسوله ٦ ، وخصّهم بالأمر بالصلاة عليهم معه.

ومع ذلك ، إذا جاء أحدهم إلى تفسير آل الرسول ٦ قال : المراد بهم مطلق عشيرته وأقاربه!(٢) خلافا لرسول الله ٦ حيث فسّرهم بعليّ وفاطمة والحسن والحسين كما تواتر في أخبارهم ، التي منها ما استفاض في نزول آية التطهير(٣) .

فليت شعري كيف يفضّل بمشاركة سيّد النبيّين بالصلاة عليه من لا يشاركه بالفضل والقرب من الله سبحانه ، ولا يختصّ معه بالطهارة من الرجس؟!

وأمّا ما أشار فيه إلى مدح الصحابة المرضيّين ، فأكثره حقّ بلا مراء ،

__________________

(١) صحيح البخاري ٦ / ٢١٧ ـ ٢١٨ ح ٢٩١ ـ ٢٩٣ ، صحيح مسلم ٢ / ١٦ ، سنن ابن ماجة ١ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ح ٩٠٣ و ٩٠٤ و ٩٠٦ ، سنن أبي داود ١ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ح ٩٧٦ ـ ٩٨١ ، سنن الترمذي ٥ / ٣٣٤ ـ ٣٣٥ ح ٣٢٢٠ ، سنن النسائي ٣ / ٤٥ ـ ٤٩ ، مسند أحمد ٤ / ٢٤٣ و ٢٤٤ وج ٥ / ٢٧٤ ، الصلاة على النبيّ ٦ ـ لابن أبي عاصم ـ : ١٢ ـ ١٦ ح ١ ـ ٧ وص ١٧ ـ ٢٥ ح ١٠ ـ ٢٢.

وسيأتي إن شاء الله تعالى مزيد تفصيل في موضعه من الآية الكريمة المشار إليها في المتن لاحقا.

(٢) انظر : تفسير القرطبي ١٤ / ١١٩ ، شرح الزرقاني على المواهب اللدنّية ٤ / ٣٤٢ ـ ٣٤٣.

(٣) مرّ تخريج ذلك في الجزء الأوّل ، صفحة ١٦٢ ـ ١٦٤ ه‍ ٤ ؛ فراجع.

٣٢

وهم الأحقّون بالمدح والثناء.

كيف لا؟! وهم أركان الدين ، وأنصار سيّد المرسلين ٦.

ولكنّ الكلام في من انقلبوا بعده ، وارتدّوا على أدبارهم القهقرى.

ثمّ إنّ من المشكل قول الفضل : « وجعل مناط أمور الدين مرجوعة إليهم ».

فإنّه إن أراد بالدين : فروعه ، وبرجوعه إليهم : صحّة اجتهادهم تبعا للدليل ؛ فهذا لا يخصّهم.

وإن أراد صحّة اجتهادهم ، وحكمهم بالاستحسان والهوى ، كما في تحريم المتعتين ، وإمضاء الطلاق ثلاثا ، ونحوها ؛ فباطل.

لأنّ الأحكام بيد الله تعالى ، وليس لأحد أن يتحكّم في دينه ، ويشرّع خلاف ما أنزل على رسوله ٦.

وإنّ أراد بالدين : الإمامة ، وبرجوع أمورها إليهم : جعلهم أئمّة ؛ فهو باطل أيضا على مذهبهم ، لإنكارهم النصّ على إمام.

وما أحسن قوله : « والناس على دين ملوكهم » ، فإنّه من أصدق الكلام!

ولذا ترى الناس اجتنوا من الشجرة الملعونة في القرآن طعام الأثيم ، وهو بغضهم وعداوتهم لمن أمروا بمودّتهم ، وتركوا التمسّك بالشجرة الطيّبة ، وأحد الثقلين اللذين أمروا بالتمسّك بهما ، وأخبر النبيّ ٦ بأنّهم سفينة النجاة ، وأنّهم من بيوت أذن الله أن ترفع.

فعافوا مذهب هؤلاء الأطيبين ، واتّبعوا مذهب أولئك الظالمين ، وهم يشاهدون أحوالهم في الفسق والجور ، يسهرون لياليهم بالخمر والزنا ، ويقضون أيّامهم بالظلم والخنا ، لا يعرفون لله حرمة ، ولا يرقبون في مؤمن

٣٣

إلّا(١) ولا ذمّة.

نعم ، ربّما يتّفق أنّ الملوك والناس يتّبعون النبيّين والعلماء والبراهين ، كما اتّفق في زمن الإمام العلّامة المصنّف أعلى الله مقامه ، فإنّ سلطان زمانه السديد لمّا رأى الخلل في مذاهب السنّة ، طلب المصنّف ; من الحلّة الفيحاء ، وجمع له الجمّ الغفير من أكابر علمائهم ، وأمرهم بالمناظرة بحضرته ، ليتّضح الحقّ عيانا.

فتناظروا ، وبان الوهن والانقطاع في أولئك العلماء على رؤوس الأشهاد ، وظهر بطلان دينهم في جميع البلاد ، فاستبصر السلطان وكلّ من سلك لمعرفة الحقّ فجاجا ، وجاء نصر الله والفتح ، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا.

ولم يكن لهذا السلطان العظيم الشأن داع للعدول عن مذهبه ، وخلاف ما كان عليه عامّة أهل مملكته ، غير حبّ الحقّ والحقيقة ، إذ ليس سلطانه محتاجا إلى ما فعل ، بل كان منه على خطر ، بخلاف ملوك السنّة بعد النبيّ ٦ ، فإنّ سلطانهم موقوف على ردّ نصّ الغدير ، وجحد الأئمّة الاثني عشر ، الّذين هم أحد الثقلين المستمرّين ، اللذين لا يفترقان حتّى يردا على النبيّ ٦ الحوض.

*وأمّا ما نقله عن « كشف الغمّة » من حديث « حلية سيف أبي بكر » فهو وإن كان مذكورا في أواخر أحوال إمامنا أبي جعفر الباقر ٧ ، إلّا أنّه قد نقله عن أبي الفرج ابن الجوزي في كتاب « صفوة الصفوة » عن عروة

__________________

(١) الإلّ : كلّ ما له حرمة وحقّ ، كالحلف والعهد والقرابة والرحم والجوار ، انظر : الصحاح ٤ / ١٦٢٦ ، لسان العرب ١ / ١٨٦ ، تاج العروس ١٤ / ٢٦ ، مادّة « ألل ».

٣٤

ابن عبد الله(١) .

فهو عن كتب السنّة وأخبارهم لا الشيعة ، كما هو طريقة « كشف الغمّة » ، فإنّ غالب ما فيه منقول عن كتب الجمهور ، يعرفه كلّ من رأى هذا الكتاب ولحظ طرفا منه.

وقد صرّح مؤلّفه بذلك في خطبة الكتاب ، فقال : « واعتمدت في الغالب النقل من كتب الجمهور ؛ ليكون أدعى لتلقّيه بالقبول ، ووفق رأي الجميع متى رجعوا إلى الأصول ، ولأنّ الحجّة متى قام الخصم بتشييدها ، والفضيلة متى نهض المخالف بإثباتها وتقييدها ، كانت أقوى يدا » إلى آخر كلامه(٢) .

*كما إنّ ما نقله الخصم عن كتاب « كشف الغمّة » من قول إمامنا الصادق ٧ : « ولدني أبو بكر مرّتين » إنّما هو من كتب القوم ، على أنّ لفظ « الصدّيق » زيادة من الفضل!

وظاهر أنّه لم ير « كشف الغمّة » ولذا جهل ولادة الصادق ٧ الثانية ، فقال : « وكذا كانت إحدى جدّاته [ الأخرى ] من أولاد أبي بكر » مع إنّها مذكورة في الكتاب!

فإنّه ـ بعد ما نقل في أوّل ترجمة الصادق ٧ كلاما طويلا لمحمّد ابن طلحة الشافعي ـ قال : « وقال الحافظ عبد العزيز الأخضر الجنابذي : أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الصادق ، أمّه أمّ فروة ، واسمها قريبة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصدّيق ، وأمّها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق ، ولذا قال

__________________

(١) صفوة الصفوة ١ / ٣٩٩ ، وانظر : حلية الأولياء ٣ / ١٨٥.

(٢) كشف الغمّة ١ / ٤.

٣٥

جعفر : ولدني أبو بكر مرّتين »(١)

فهذا ـ مع إنّه عن كتب الجمهور ـ خال عن وصف الصادق ٧ لأبي بكر ب‍ : الصدّيق.

وعليه ، فقد كذب الخصم مرّتين :

الأولى : في دعوى أنّ ما ذكره فى « كشف الغمّة » كان نقلا عن كتب الشيعة.

والثانية : في النقل عن الصادق ٧ أنّه وصف أبا بكر ب‍ « الصدّيق » بقوله : ولدني أبو بكر مرّتين.

وهذا ونحوه هو الذي أوجب أن لا نأتمن القوم في نقلهم!

*وأمّا ما حكاه عن الحاكم ، فلو صحّ عنه لم يكن حجّة علينا ؛ لأنّ الحاكم ورجال حديثه من الجمهور ، ومجرّد كونه ممّن يميل إلى التشيّع ـ أي أنّه ليس ناصب العداوة لأمير المؤمنين ـ وأنّ له إنصافا في الجملة ، لا يقضي بإلزامنا بما يرويه بإسناد من قومه.

*وأمّا ما ذكره من الوجهين لترك علمائهم الردّ على المصنّف ; ، فالحقّ كما ذكره في الوجه الثاني ، من أنّ تتبّع ذلك الكلام وإشاعته ينجرّ(٢) إلى اتّساع الخرق ، إذ به تنكشف الحقيقة وتزول الغفلة عن بعض الغافلين.

ولذا قالوا : إذا جاء ذكر ما وقع بين الصحابة فاسكتوا!(٣) .

__________________

(١) كشف الغمّة ٢ / ١٦١.

(٢) في المخطوط والمصدر : « ينجرّ » ، والمثبت من المطبوعتين هو الصواب معنى.

(٣) وقد رووا في ذلك حديثا موضوعا على رسول الله ٦ ، أنّه قال : إذا ذكر

٣٦

فإنّهم لو بحثوا لما خفي الحقّ ، ولزالت الغشاوة عن أعين الأفئدة ، ولكن قنعوا بالظنّ والتخمين ، ولم ينظروا بعين التدبّر والإنصاف إلى ما أرشدهم إليه علماء الإمامية ، كأنّهم لم يسمعوا ما ذمّ الله سبحانه به الأوّلين ، حيث قال تعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ )(١) .

فاللازم على كلّ مكلّف أن يبحث عن الحقّ بحثا تامّا ، ويرعى الأدلّة رعاية من يطلب خلاص نفسه يوم العرض ، لا مجرّد الحصول على صورة الردّ والنقض.

وما أعجب نسبة الخصم التعصّب إلى المصنّف ;! والإنصاف والتأدّب إلى نفسه! مع ما رأيت من كلامه ، من ضروب الشتم ، وتعمّد الكذب.

وأعجب منه نسبة الركاكة وشين الرطانة إلى كلام المصنّف ;! وهو لم يعرف العلوم العربية ، فضلا عن أن يرقى إلى رتبةالبلاغة ، فإنّ كلامه قد اشتمل على أنواع الغلط!

فوصف السنن ب‍ « الميتاء » ولا يقال ـ في ما أعلم ـ : « ميتاء ».

وأعاد ضمير الجمع المذكّر إلى الموصول المفرد المؤنّث ، فقال : « التي يسخطون العصبة الرضية ».

واستعمل في شعره « سارعة » بمقام « مسرعة ».

__________________

أصحابي فأمسكوا.

انظر : المعجم الكبير ٢ / ٩٦ ح ١٤٢٧ وج ١٠ / ١٩٨ ح ١٠٤٤٨ ، تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة : ١٨٣ رقم ١٧٤ ، حلية الأولياء ٤ / ١٠٨ ، مجمع الزوائد ٧ / ٢٠٢ و ٢٢٣ ، كنز العمّال ١ / ١٧٨ ح ٩٠١.

(١) سورة الأنعام ٦ : ١١٦.

٣٧

وجاء بيته الأخير مختلّ الوزن.

وأعاد ضمير المفرد على المثنّى ، فقال : « الوجهان حداني ».

.. إلى غير ذلك ممّا في كلامه من الغلط ، فضلا عن الركاكة!

ونحن وإن لم نرد أن نؤاخذه بمثل ذلك ؛ لأنّ المقصود غيره ، إلّا أنّا أردنا هنا أن نشير إلى أنّه ركض في غير ميدانه ، وأحلّ نفسه بغير مكانه!

٣٨

المحسوسات

أصل الاعتقادات

٣٩
٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456