دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٣

دلائل الصدق لنهج الحق14%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-356-x
الصفحات: 420

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 420 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 214753 / تحميل: 4835
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٥٦-x
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

بِهِ مِنْ ذِكرِكَ ، وَالْهَمْتَنيهِ مِنْ شُكْركَ ، وَدُعائِكَ ، فَلْيَكُنْ مِنْ شَأنِكَ اَلْإستجابةُ لي فيما دَعَوْتُكَ بِهِ ، وَالنَّجَاةُ لي فِي ما فَزِعتُ إلَيكَ مِنْهُ ، فَإنْ لَمْ أكُنْ أهْلاً أنْ أَبْلُغَ رَحْمَتَكَ ، فإنَّ ، رَحْمَتَكَ أَهْلٌ أَنْ تَبْلُغَني ، وَتَسَعَني فَإنَّهَا وَسِعَتْ كُلَّ شَيءٍ ، وَأنا شَيءٍ فَلتَسَعْني رَحْمَتُكَ يا مَوْلايَ.

اللّهُمَّ ، صَلَّ على مُحَمَّدً وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَامْنُنْ عَليَّ ، وَأعْطِنْي فكاكَ رَقَبَتي مِنَ النَّارِ ، وَأوجِبْ لي الجَنَّة بِرَحْمَتِكَ ، وَزَوِّجْني مِنَ الحورِ العينِ بِفَضْلِكَ ، وَأجِرْني مِنْ غَضَبِكَ ، وَوَفِّقْني لما يُرْضِيكَ عَني ، وَاعْصِمْني مِمَّا يُسْخِطُكَ عَليَّ ، وَاَرْضِني بما قَسَمْتَ لي ، وَبَارِكْ لي فيما أَعْطَيْتَني ، واجْعَلْني شَاكِراً لِنِعْمَتِكَ ، وَارْزُقْني حُبَّكَ ، وَحُبَّ كُلَّ مَنْ أحَبَّكَ ، وَحُبَّ كُلَّ عَمَلٍ يقَرِّبُني إلى حُبِّكَ ، وَامْنُنْ عليَّ بالتَوَكُّلِ عَلَيكَ ، وَالتَفْويضِ إلَيْكَ ، وَالرِّضَا بِقَضائِكَ ، وَالتَسْليِمِ لَأمْرِكَ ، حَتَّى لا أُحِبَّ تَعْجيلَ ما أَخَّرْتَ ، وَلا تَأْخيرَ ما عَجَّلتَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ ، وَصلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، آمين يا رَبَّ العَالمينَ.

اللّهُمَّ ، أَنْتَ لِكُلِّ عَظيمَةٍ ، وَلِكُلِّ نَازِلَةٍ ، فَصَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَدٍ ، وَاكْفني كُلَّ مَؤونةٍ وَبَلاءٍ ، يا قَديمُ. العَفوَ عَنّي ، يا مَنْ رِزْقُ كلِّ شَيْء ٍعَلَيْهِ ،

وكانعليه‌السلام ، يشير بإصبعه ، على من يخاف شره وكيده ويقرأ :

وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ، وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَداً ، فَأَغْشَيْناهُم ، فَهُمْ لا يُبْصِرونَ ، إنّا جَعَلّنا على قُلوبِهِم أكِنَّةٌ إنْ يَفْقَهوهُ ، وَفي آذَانِهِم وَقْراً ، وَإنْ تَدْعُهُمْ إلى الهُدى فلَنْ يَهْتَدوا إذاً أَبَداً ، أُولئكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ على قُلوبِهِم ، وَسَمْعِهِمْ ، وَأَبْصَارِهِمْ ، وَاولئِكَ هُمُ الغَافِلونَ ، أَفَرَأَيْتَ مَنِ

٤١

اتَّخَذَ إلهَهُ هَوَاهُ ، وَأَضَلَّهُ الله على عِلمٍ ، وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ ، وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غِشَاوَةً ، فَمَنْ يَهْديهِ مِنْ بَعْدِ الله أَفَلا تَذَكَّرُونَ. وَإذا قَرَأْتَ القُرْآنَ ، جَعَلْنَا بَيْنَكَ ، وَبَيْنَ الذين لا يُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ ، حِجَاباً مَسْتوراً ، وَجَعَلْنا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةٌ أَنْ يَفْقَهوهُ ، وَفي آذَاَنِهِمْ وَقْراً ، وَإذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ في القُرآن وَحْدَهُ ، وَلّوا على أدْبَارِهِمْ نُفُوراً ، الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمينَ اللّهُمَّ ، إنّي أَسْأَلُكَ ، بِاْسمِكَ الذي بِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ ، وَبِِهِ تَقُومُ اَلَارضُ ، وَبِهِ تُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ ، وَبِهِ تَجْمَعُ بَيْنَ المُتَفَرِّقِ ، وَبِهِ تُفَرِّقُ بَيْنَ المُجْتَمِعِ ، وَبِهِ أحْصَيْتَ عَدَدَ الرِّمَالِ ، وَزِنَةَ الجِبَالِ ، وَكَيْلَ البِحَاِر ، أنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأَنْ تَجْعَلَ لي مِنْ أَمْري فَرَجَاً ، إنَكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ »(1) .

لقد علمنا الامامعليه‌السلام كيف ندعو الله وكيف نتوسل إليه وكيف نناجيه.

أرأيتم ، كيف خاطب الامام ربه ، بهذا الدعاء الحافل ، بجميع ألوان الادب والخضوع؟! ومن الطبيعي ، أنه ناشئ عن معرفته الكاملة ، بالله تعالى ، مصدر الفيض لجميع الكائنات.

وحكى هذا الدعاء ، التجاء الامامعليه‌السلام إلى الله ، وشكواه إليه ، ممن بغى عليه من حكام عصره ، الذين جهدوا على ظلمه ، وقهره ، وفي طليعتهم المنصور الدوانيقي ، العدو الاول للاسرة النبوية ، الذي تجاوز ببطشه لهم ما اقترفه الامويون من إثم وظلم.

__________________

1 ـ البلد الامين ( ص 61 ـ 64 ).

٤٢

2 ـ ادعية قبل طلوع الشمس وغروبها:

أ ـ كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يدعو قبل شروق الشمس وغروبها ، بهذا الدعاء المبارك ، وقد منحه تلميذه محمد بن مروان وهذا نصه :

« أَسْتَعِيذُ باللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجيم ، وَاعوُذُ باللهِ أنْ يَحْضُرونِ ، إنَّ اللهَ هُوَ السَّميعُ العَليمُ ، لا إلهَ إلَّا اللهُ ، وَحْدَهُ لا شَريِكَ لَهُ ، يُحْيي وَيُميتُ ، وَهُوَ على كُلَّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ».

وكان يقرأ هذا الدعاء عشر مرات ، وقد حث على قراءته ، وقال : من نسيه فليقضه(1) .

ب ـ ومن أدعيته ، قبل شروق الشمس وغروبها ، هذا الدعاء ، وأعتبره من السنن الاسلامية ، وهذا نصه :

« لا إلهَ إلَّا اللهُ ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ المُلْكُ ، وَلَهُ الحَمد ُ، يُحْيي وَيُمِيتُ ، وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ ، بيَدِهِ الخَيْرُ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

وكان يقرأ ذلك عشر مرات ، ثم يقول :

« أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ العَليمِ ، مِنْ هَمَزَاتِ الشِّيَاطِينِ ، وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُروُنِ ، إنَّ اللهَ هُوَ السِّميعُ العَليمُ »

وكان يقول : ذلك عشر مرات ، وأوصىعليه‌السلام ، بملازمة هذا الدعاء. وقال : من نسي ذلك فليقضه ، كما تقضي الصلاة إذا نسيها(2) .

__________________

1 ـ اصول الكافي 2 / 533.

2 ـ اصول الكافي 2 / 533.

٤٣

3 ـ دعاؤه بعد الغداة :

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يدعو بهذا الدعاء المبارك بعد الغداة. وقال للعلاء بن كامل : إن من الدعاء ما ينبغي لصاحبه إذا نسيه أن يقضيه. وهو :

« لا إلهَ إلَّا اللهُ ، وَحْدَهُ ، لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ المُلْكُ ، وَلَهُ الحَمْدُ ، يُحْيي وَيُميتُ ، وَيُميتُ وَيُحْيي ، وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ ، بِيَدِِهِ الخَيْرُ كُلُّهُ ، وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

وكان يقول ذلك عشر مرات ، ثم يقول :

« أعوذ بالله السميع العليم »

يقول ذلك عشر مرات(1) لقد كان الامامعليه‌السلام لهجا بذكر الله تعالى في جميع أحواله.

4 ـ ادعيته عند خروجه من منزله :

لقد اعتصم الامامعليه‌السلام بالله ، والتجأ إليه ، وكان لهجا بذكره ، ودعائه ، في جميع آناء زمانه ، والتي منها فيما يقول الرواة ، أنه إذا خرج من منزله إلى الجامع النبوي ، الذي هو مقر بحوثه ودروسه ، كان يدعو بما يلي :

أ ـ روى أبو حمزة قال : رأيت الامام أبا عبداللهعليه‌السلام ، يحرك شفتيه حين أراد أن يخرج ، وهو قائم على الباب ، فقلت : إني رأيتك تحرك شفتيك حين خرجت ، فهل قلت شيئا؟ قال : نعم ، إن الانسان إذا خرج من منزله يقول حين يخرج : الله أكبر الله أكبر ثلاثا ، ثم يقول : بالله أخرج ، وبالله أدخل ، وعلى الله أتوكل ، يقول ذلك ثلاثا ، ثم يقول :

____________

1 ـ اصول الكافي 2 / 533.

٤٤

اللّهُمَّ افْتَحْ لي في وَجْهي هََذَا بِخَيْرٍ ، وَاخْتُمْ لي بِخَيْرٍ ، وَقِني شرَّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ أخِذٌ بِنَاصِيَتِها ، إنَّ رَبِّي على صِرَاطٍ مُسْتَقيمٍ فَإذَا قَاَل ذَلِكَ ، فَإنَّهُ لَمْ يَزَلْ في ضَمَانِ الله عَزَّوَجَلْ ، حَتَّى يَرُدَّهُ إلى المَكَانِ الذي كَانَ فِيهِ(1) .

ب ـ روى أبو خديجة قال : كان الامام أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا خرج يقول :

« اللّهُمَّ بِكَ خَرَجْتُ ، وَلَكَ أسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمنْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، اللّهُمَّ بَارِكْ لي في يَوْمي هَذَا ، وَارْزُقْني فَوْزَهُ وَفَتْحَهُ ، وَنَصْرَهُ ، وَطَهُورَهُ ، وَهدَاهُ ، وَبَرَكَتَهُ ، وَاصْرِفْ عَنيِّ شَرَّهُ ، وَشَرَّ ما فِيهِ ، بِسْمِ اللهِ ، وَباللهِ ، وَالله أكْبَرُ ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ ، اللّهُمَّ إني قَدْ خَرَجْتُ فَبَارِكْ لي في خُرُوجي ، وَانفعني بِهِ »

قال ابو خديجة : وكانعليه‌السلام إذا دخل إلى منزله ، قال مثل ذلك(2) .

5 ـ ادعيته عند النوم :

وتعلق قلب الامامعليه‌السلام بالله تعالى ، وهام بحبه ، فلم يترك ذكره في كل لحظة من حياته ، حتى إذا آوى إلى فراشه ، وأراد النوم ، دعا ربه وقد أثرت عنه مجموعة من الادعية منحها بعض اصحابه هذه بعضها :

أ ـ روى بكر بن محمد ، عن الامام الصادقعليه‌السلام ، أنه قال : من أراد أن يأخذ مضجعه ، فليقل ثلاث مرات : الحَمْدُ لله الَّذي عَلَا فَقَهَرَ ، والحمدُ لله الذي بَطُنَ فَخَبِرَ ، والحَمْدُ لله الَّذي مَلَكَ فَقَدَرَ ،

__________________

1 ـ اصول الكافي 2 / 540.

2 ـ اصول الكافي 2 / 542.

٤٥

والحمدُ لله الذي يُحْيِي المَوتَى وَيُميتُ الَاحْيَاَءَ ، وَهَوَ عَلى كلِّ شيءٍ قديرٌ »(1) .

ب ـ قالعليه‌السلام : إذا أوى أحدكم إلى فراشه ، فليقل : الَّلهُمَّ ، إني أَحْتَسِبُ نَفْسِي عِنْدَكَ ، فاحْتَسِبْها في محلِّ رِضْوَانِكَ ، وَمَغْفِرَتِكَ ، وإنْ رَدَدْتَهَا ، فَأْرُددْهَا مُؤمِنَةً ، عَارِفَةً بِحَقِّ أَوْلِيائِكَ حَتَّى تَتَوفَّاهَا عَلى ذلِكَ..(2) .

ج ـ روى يحيى بن أبي العلاء ، أن الامام الصادقعليه‌السلام ، كان يقول عند منامه :

آمنْتُ بالله ، وَكَفَرْتُ بِالطَاغوُتِ ، اللّهُمَّ احْفَظْني في مَنامي ، وَفي يَقْظَتي(3) .

د ـ روى معاوية بن وهب ، أن أحد أبناء الامام الصادقعليه‌السلام قال لابيه : يا أبت إني إريد أن أنام ، فقال له : يا بني قل :

« أَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله ، وَأَنَّ مُحَمَّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَعوذُ بِعَظَمَةِ اللهِ ، وَأَعُوذُ بِِعِزَّةِ الله ، وَأعَوذُ بِقُدْرَةِِ الله ، وَأَعُوذُ بِجَلَالِ اللهِ ، وَأعَوذُ بِسُلْطَانِ اللهِ ، إنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ ، وَأَعوذُ بِعَفْو اللهِ ، وَأَعوذُ بِغُفرانِ الله ، وَأَعُوذُ بِرَحْمَةِ اللهِ مِنْ شَرِّ السَامةِ وَالَهامَّةِ(4) ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِِيرَةٍ ، بِليْلٍ أَوْ نَهَارٍ ، وَمِنْ شَرِّ فَسَقَةِ الجِنِّ

__________________

1 ـ اصول الكافي 2 / 535.

2 ـ اصول الكافي 2 / 536.

3 ـ اصول الكافي 2 / 536.

4 ـ السامة : ما يسم ، ولا يقتل كالعقرب والزنبور ، والهامة : ما يسم ويقتل ، وقد تطلق على كل ما يدب.

٤٦

وَالانْسِ ، وَمِنْ شَرِّ فَسَقَةِ العَرَبِ وَالعَجَمِ ، وَمِنْ شَرِّ الصَّوَاعِقِ وَالبَرْدِ اللّهُمَّ صَلَّ على مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ».

ويقول معاوية : إن الصبي كان يقول عند ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الطيب المبارك ، فقال له الامام : نعم يا بني الطيب المبارك(1) .

ه‍ ـ قال الامامعليه‌السلام ، لتلميذه العالم ابن عمر : إن اسْتَطَعْتَ أَن لا تبيتَ ، حتى تتعوذَ بِأَحَدَ عَشَرَ حَرْفاً ، فَافْعَلْ. فقال المفضل أخبرني بها قالعليه‌السلام : قلْ :

« أَعُوذُ بِعِزَّةِ الله ، وَأَعُوذُ بِجَلَال الله ، وَأَعوذُ بِسُلْطَانِ اللهِ ، وِأَعُوذُ بِجَمَالِ اللهِ ، وَأَعوذُ بِدَفْعِ الله ، وَأَعُوذُ بِمَنعِ الله ، وَأَعوذُ بِجَمعِ الله ، وَأَعوذُ بِمُلْكِ اللهِ ، وَأَعوذُ بِوَجْهِ الله ، وأَعوذُ بِرَسولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وَبَرَأَ ، وَذَرَأَ »(2) .

و ـ روى خالد بن نجيح قال : كان الامام الصادقعليه‌السلام يقول : إذا أويت إلى فراشك ، فقل :

بِسْمِ اللهِ ، وَضَعْتُ جَنْبِي اَلَأيْمَنَ على مِلَّةِ إبْرَهِيم ، حَنِيفاً لله مُسْلِماً ، وَمَا أَنا مِنَ المُشْرِكينَ(3) .

وَحَكَت هَذهِ الأدْعِيَةُ ، مَدى ارْتِبَاط الإمام ، وتَعَلُّقِهِِ بِاللهِ تَعَالَى ، فَهُوَ دَائِبٌ في ذِكْرِهِ ، وَمُنَاجَاتِهِ ، في يَقْظَتِهِ وَمَنَامِهِ ، قَدْ تَعَلَّقتْ رُوحُهُ بِهِ ، فَهُوَ لا يَرَى غَيْرَهُ.

__________________

1 ـ اصول الكافي 2 / 537.

2 ـ اصول الكافي 2 / 537.

3 ـ اصول الكافي 2 / 537.

٤٧

6 : ـ ادعيته عند الانتباه من النوم :

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، إذا انتبه من النوم سارع إلى ذكر الله ، والثناء عليه ، وقد وردت عنه بعض الادعية في ذلك كان منها ما يلي :

أ ـ قالعليه‌السلام : إذا قام أحدكم من الليل ، فليقل :

« سُبْحَانَ رَبِّ النَّبِيِّينَ ، وَإلهِ المُرْسَلِينَ ، وَرَبِّ المُسْتَضْعَفِينَ وَاَلْحَمْدُ للهِ الذي يُحْيي المَوْتى ، وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. »(1) .

ب ـ روى عبدالرحمن بن الحجاج قال : كان الامام أبو عبد اللهعليه‌السلام ، إذا قام آخر الليل ، يرفع صوته حتى يسمع أهل الدار ، ويقول :

« اللّهُمَّ أعِنِّي على هَوْلِ المَطْلَعِ ، وَوَسِّعْ عَلَيَّ ضِيقَ المَضْجَعِ ، وَارْزُقْني خَيْرَ ما قَبْلَ المَوْتِ ، وَارْزُقْني خَيْرَ ما بَعْدَ المَوْتِ »(2) .

وهكذا ارتبط الامامعليه‌السلام بالله تعالى ، وتعلق به نفسيا وفكريا ، فلا يخلو ذكره من ضميره ولسانه ، فهو يدعوه في خلواته ، ويناجيه في يقظته وعند منامه ، بل وفي جميع أحواله وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض أدعيته في هذا القسم.

__________________

1 ـ اصول الكافي.

2 ـ اصول الكافي 2 / ص 539.

٤٨

القسم الثاني :

من أدعيته في الوقاية من الكوارث والاخطار

٤٩
٥٠

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يفزع إلى الله تعالى ، ويلتجئ إليه من طوارق الزمن ، وحوادث الايام ، ودفع كل ما يحذر ويخاف منه ، حتى العلل والاسقام ، كما كان يتعوذ بالله من شر أعدائه ، والحاقدين عليه ، خصوصا حكام عصره ، الذين كانوا يبغون له الغوائل ، ويكيدونه في غلس الليل ، وفي وضح النهار ، خصوصا المنصور الدوانيقي ، العدو الاول لآل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد صفاهم جسديا ، ونكل بهم كأفضع ما يكون التنكيل ، وكان يتربص بالامام ، ويبغي له الغوائل ، مع علمه بأنه لم يشترك بأي عمل إيجابي ضد حكومته ، ولكنه كان يتميز غيظا منه ، لما يراه من إجماع المسلمين ، على تعظيم الامام وتقديسه ، فأقض ذلك مضجعه ، واتخذ جميع الاجراءات القاسية ضده ، كما سنوضحه في بعض حلقات هذا الكتاب.

وعلى أي حال ، فإنا نعرض بعض الادعية ، التي أثرت عنه في هذه الامور.

1 ـ دعاؤه في الوقاية من الكوراث :

كان الامامعليه‌السلام ، يتسلح بهذا الدعاء ، إذا خاف من بلية ، أو كارثة تنزل به ، وكان يدعو به ساجدا أو قائما ، وهذا نصه :

٥١

« اللّهُمَّ ، إنّي أَحْتَجِبُ بِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِيم ، الجَليلِ ، اَلْقَدِيمِ ، اَلْرَفِيعِ اَلْعَظِيمِ ، اَلْعَليِّ اَلْرَحِيمِ ، اَلْقَائِمِ بِالْقِسطِ ، لا إلهَ إلَّا أَنْتَ اَلْعَزِيزُ الحَكيِمُ ، وبِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ، وَبأولِى اَلْعَزْمِ مِنَ المُرْسَلينَ ، صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعينَ ، وَببَيْتِكَ اَلْمَعْمُورِ ، وَاَلَسَّبعِ المَثَاني ، وَاَلْقُرآنِ اَلْعَظِيمُ ، وَبِكُلِّ مَنْ يُكْرَمُ عَلَيْكَ ، مِنْ جَميعِ خَلْقِكَ أجْمَعِينَ لِأنْفُسِ أَهْلِ بَيْتِْ نَبِيِّكَ ، مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ، وَلَأوليَائِهمْ ، وَلِجَميعِ مَا مَلَّكْتَهُمْ ، وَتَتَفَضَّلُ بِهِ عَلَيْهِمْ وَلَأنْفُسِنَا ، وَلِجَميعِ مَا مَلَّكْتَنَا ، وَتَتَفَضَّلُ بِهِ عَلَيْنَا ، مِنْ شُرُورِ جَميعِ ما قَضَيْتَ ، وَقَدَرْتَ ، وَخَلَقْتَ ، وَمِنْ شُرُورِ جَميعِ ما تَقْضِي وَتَقْدُرُ وَتَخْلُقُ ، ما أَحْيَيْتَنَا ، وَبَعْدَ وَفَاتِنَا ، بِسْمِ اللهِ اَلْرَّحْمنِ اَلْرَّحِيمِ :

ثم يقرأ سورة التوحيد ثلاثا ، ويقول : كذلك الله ربنا ، ثلاثا ثم يقول : من فوقهم ، ومن فوقنا ، ويقرأ سورة التوحيد ثلاثا(1) .

إن الله تعالى هو الملجأ العزيز للمنيبين والمتقين ، فمن اعتصم به كفاه ما أهمه ، وخاف منه.

2 ـ دعاؤه في الحجب من الاعداء :

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يدعو بهذا الدعاء الجليل ، ويتسلح به عن أعدائه. وهذا نصه :

« يا مَنْ إذَا اسْتَعَدْتُ بِهِ أَعَاذَني ، وَإذَا اسْتَجَرْتُ بِهِ عِنْدَ اَلْشَّدَائِدِ أَجَارَني ، وَإذَا اسْتَغَثْتُ بِهِ عِنْدَ اَلْنَوَائِبِ ، أَغَاثَنيِ ، وَإذَا اسْتَنْصَرْتُ بِهِ على عَدُوِّي نَصَرَني وَأَغَاثَني.

__________________

1 ـ المصباح ( ص 144.

٥٢

اَلْلّهُمَّ إلَيْكَ اَلْمَفْزَعُ ، وَأَنْتَ اَلْثّقَةُ ، فَاقْمَعْ عَنْيَ مَنْ أَرَادَني ، وَاغْلُبْ لي مَنْ كَادَني ، يامَنْ قَاَل : « إنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ، يا مَنْ نَجَّى نُوحاً مِنَ اَلْقَومِ الظَالِمينَ ، يا مَنْ نَجَّى لُوطاً مِنَ القَوْمِ الفَاسِقينَ ، يا مَنْ نَجَّى هُوداً مِنَ القَوْمَ العَادِينَ ، يا مَنْ نَجَّى مُحَمَداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مِنَ القَوْمِ الكَافِرينَ ، نَجِّني مِنْ أعْدَائي ، وَأَعْدَائِك ، بِأَسْمَائِكَ ، يا رَحْمنُ يا رَحِيمُ ، لا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى مَنْ تَعَوَّذَ بِالقُرآنِ ، واسْتَجَارَ بالرَّحِيم الرَّحْمنِ ، اَلْرَّحْمنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اسْتَوى ، إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدُ ، إنَّهُ هُوَ يُبْدىءُ وَيُعِيد ، وَهُوَ اَلْغَفُورُ اَلْوَدُودُ ، ذُو العَرْشِ المَجِيدِِ ، فَعِّالٌ لما يُريدُ ، فَإنْ تَوَلَّوْا ، فَقُلْ : حَسْبِيَ الله ، لا إلهَ إلَّا هُوَ ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظيم »(1) .

وحكى هذا الدعاء ، مدى ما كان يعانيه الامامعليه‌السلام ، من المحن والآلام ، من أعدائه البغاة ، الذين كانوا يبغون له الغوائل ، ويحيكون المؤمرات للفتك به ، وهؤلاء من الاسرة العباسية ، التي ناصبت اهل البيتعليهم‌السلام ، العداء حينما تسلمت قيادة الحكم ، وقد أسرفت إلى حد بعيد في ظلمهم وقهرهم.

3 ـ الدعاء الذي يعوذ به نفسه :

وكان الامام الصادقعليه‌السلام ، يعيذ نفسه من شرور القوم الظالمين ، بهذا الدعاء الجليل ، وقد جعله حرزا لولده الامام الكاظمعليه‌السلام وهذا نصه بعد البسملة.

« بِسْمِ اللهِ ، لا إلهَ إلَّا اللهُ أَبَداً حَقّاً ، حَقّاً ، لا إلهَ إلَّا اللهُ إيماناً

__________________

1 ـ المصباح ( ص 216 ـ 217 ) البلد الامين ( ص 549 ).

٥٣

وَصِدْقاً ، لا إلهَ إلَّا الله تَعَبُداً وَرِقّاً ، لا إلهَ إلَّا الله تَلَطُفاً وَرِفْقاً ، لا إلهَ إلَّا اللهُ ، بِسْمِ اللهِ ، وَالحَمْدُ للهِ ، إعْتَصَمْتُ بِاللهِ ، وألْجَأْتُ ظَهْري إلى اللهِ ، ما شَاءَ اللهُ ، وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ ، وَمَا تَوْفِيقي إلَّا بِاللهِ ، وَنِعْمَ القَادِرُ الله وَنِعْمَ المَولَى اللهُ ، وَنِعْمَ النصِيرُ اللهُ ، وَلا يَأَتي بِالحَسَنَاتِ إلَّا اللهُ ، وَلَا يَصْرِفُ السيِّئاتِ إلَّا الله ، وَمَا بِنَا مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ، وَإنَّ اَلَأمْرَ كُلَّهُ للهِ وَأَسْتَكْفي بِاللهِ ، وَأَسْتَعينُ بِاللهِ ، وَأسْتَقِيلُ اللهَ ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ ، وَأَسْتَغِيثُ اللهَ ، وَصَلَّى اللهُ على مُحَمَدٍ رَسُولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وَعلى أَنْبِيَاءِ اللهِ ، وَعلى مَلائِكَةِ اللهِ ، وَعلى الصَّالِحينَ مِنْ عِبَادِ الله «إنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ ، وَإنَّه بِسْمِ الله اَلْرَّحْمن اَلْرَّّحِيم أَلَّا تَعْلوا عَلَيَّ وَاْتُونِي مُسْلِمينَ »(1) كَتب الله لَأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلي ، إنَّ اللهَ قَوِيٌ عَزِيزٌ ، لا يَضُرُكُمْ كَيْدُهُمْ إنَّ اللهَ بِما يَعْلَمُون مُحيطٌ ، وَاجْعَلْ لي مِنْ لَدُنْكَ سُلطَاناً نَصِيراً. إذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إلَيْكُمْ أَيْدِيَهْم ، فَكَفَّ أَيدِيَهمْ عَنْكُمْ ، وَاتَّقُوا اللهَ وُعَلى اللهِ فَلْيَتَوكَّلِ اَلْمُؤْمِنُونَ ، وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَاسِ ، إنَّ اللهَ لا يَهْدِي القَوْمَ اَلكَافِرينَ ، كلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ ، وَيَسْعَونَ في اَلأرْضِ فَسَاداً ، وَاللهُ لا يُحِبُّ المُفْسِدينَ ، قُلْنَا يا نَارُ كُوني بَرْداً وَسَلَاماً على إبرَاهِمَ ، وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ اَلَأخْسَرينَ ، وَزَادَكُمْ في الخَلْقِ بَسْطَةً ، وَاذْكُرُوا آلاءَ الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، لَهُ مُعْقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، وَمِنْ خَلْفِهِ ، يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ. رَبِّ أَدْخِلْني مُدْخَلَ صِدْقٍ ، وَأَخْرِجْني مُخْرَجَ صِدْقٍ ، وَاجْعَلْ لي منْ لَدُنْكَ سًلْطَاناً نَصيراً ، وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً ، وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلياً ، سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وَدّاً ، وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ، وَلِتُصْنعَ على عَيْني ، إذْ تَمشي أُخْتُكَ فَتَقولُ : هَلْ أَدُلُّكُمْ على مَنْ يَكْفَلُهُ ، فَرَجَعْنَاكَ إلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ

__________________

1 ـ سورة النمل آية 29 و 30.

٥٤

عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ ، وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ اَلْغَمِّ ، وَفَتَنّاكَ فُتُوناً ، لا تَخَفْ إنَّكَ مِنَ اَلآمِنِينَ ، لا تَخَفْ إنَّكَ أَنْتَ اَلَأعْلى ، لا تَخَاف دَرَكاً وَلا تَخْشَى ، لا تَخَفْ ، نَجَوْتَ مِنَ القَوُمَ الظَالِمينَ ، لا تَخَفْ إنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ ، لا تَخَافَا إنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ، وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزيزاً ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ على اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، إنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ ، قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلَّ شَىْءٍ قَدُراً ، فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ اَلْيَوْمِ ، وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً ، وَيَنْقَلِبُ إلى أَهْلِهِ مَسْروُراً ، وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرِكَ ، وَيُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ ، وَالذينَ آمَنوا أَشَدُّ حُبّاً لله ، رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً ، وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا على القَوْمِ الكَافِرِينَ ، الذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ : إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ، فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَاناً ، فَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْْمَ الوَكِيلِ ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةِ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ ، لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ، وَاتَّبَعَوا رِضْوَانَ اللهِ ، وَاللهُ ذو فَضْلٍ عَظِيمٍ ، أَوَ مَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ ، وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً ، يَمْشي بِهِ في النَّاسِ ، هُوَ الذي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ ، وَبِالمُؤْمِنينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ، وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ، سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأخَيكَ ، وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً ، فلا يَصلُونَ إلَيْكُمَا بِآيآتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ تَبِعَكُمَا الغَالَبُونَ ، على اللهِ تَوَكَّلْنَا ، رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا ، وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الفَاتِحِينَ ، إنِّي تَوَكَّلْتُ على اللهِ ، رَبِّي ، وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ، إنَّ رَبِّي على صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ، فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ ، وَأُفَوِّضُ أَمْري إلى اللهِ ، إنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ ، فَأِنْ تَوَلَّوْا ، فَقُلْ : حَسبيَ اللهُ لا إلهَ إلَّا هُو ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ، وَهُوَ رَبُّ ألْعَرِِش اَلَعَظِيم ، رَبِّ مَسَّنيَ اَلْضُرُّ ، وََأَنْتَ أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. لا إلهَ إلَّا أَنْتَ ، سُبْحَانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظَالِمينَ ، آلم ، ذلِكَ الكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ، الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ ، وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ، ومِما رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ. اللهُ لا إلهَ إلَّا

٥٥

هُوَ ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ، وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظيمِ ، وعَنَتِ الوُجُوهُ لَلْحَيِّ القَيُّومِ ، وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظلماً ، فَتَعَالى اللهُ اَلْمَلِكُ اَلْحَقُّ ، لا إلهَ إلَّا هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ ، فَلِلّهِ الحَمْدُ ، رَبِّ السَّمَواتُ ، وَرَبِّ الَأرْضِ وَرَبِّ العَالَمِينَ ، وَلَهُ الكِبْريَاءُ في السَّمَواتِ وَالأرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ، وَإذَا قَرَأْتَ اَلْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَذِينَ لا يُؤْمنُونَ بَالآخِرَة حِجَاباً مَسْتوُراً ، وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِم أكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ ، وَفي آَذَانِهِمْ وَقْراً ، وَإذَا ذَكَرْتَ رَبِّكَ في القُرْآنِ وَحْدَهُ ، وَلَّوا على أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً ، أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلهَهُ هَوَاهُ ، وَأَضَلَّهُ اللهُ على عِلمٍ ، وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ ، وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غِشَاوَةٌ ، فَمَنْ يَهْدِيهِ بَعْدَ اللهِ أفَلا تَذَكَّرُونَ ، وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنَ أَيْدِيِهْم سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرونَ ، وَمَا تَوْفِيقي إلَّا بالله ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ، وَإلَيهِ أُنِيبُ ، إنَّ اللهَ مَعَ الذِينَ اتَّقُوا والذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ، وَقَالَ المَلِكُ أئْتُوني بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسي ، فَلَمَّاَ كَلَّمَهُ قَاَلَ : إنَّكَ اَلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينُ ، وَخَشَعَتِ اَلَأصْوَاتُ لِلْرَّحْمنِ ، فَلَا تَسْمَعُ إلَّا هَمْسَاً ، فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ الَّسِميعُ العَليمُ. لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ عَلى جَبَلٍ ، لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ، وَتِلْكَ الَأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلْنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. هُوَ اللهُ الذي لا إلهَ إلَّا هُوَ ، عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَهَادَةِ ، هُوَ الرحْمنُ الرَّحِيمُ ، هُوَ اللهُ لا إلهَ إلَّا هُوَ ، المَلِكُ ، القُدُّوس ، السَّلَامُ ، المُؤمِنُ ، اَلْمُهَيْمِنُ ، اَلْعَزِيزُ ، اَلْجَبَّارُ ، اَلْمُتَكَبَّرُ ، سُبْحَانَ اللهُ عَمَّا يُشْرِكوُنَ ، هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارىءُ ، المُصَوِّرُ ، لَهُ الَأسْمَاءُ الحُسْنَى ، يُسَبِّحُ لَهُ مَا في السَّمَواَتِ وَاَلأرْضِ وَهُوَ الَعِزيزُ الحَكِيمُ ، رَبَّنَاَ ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا ، وَإنْ َلم تَغْفِر لَنَا ، وَتَرحَمْنَا ، لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرينَ ، رَبَّنَا ، اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ، إنَّ عَذَاَبَهَا كَاَن غَرَاماً ، رَبَّنَا ، ما خَلَقْتَ

٥٦

هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ ، فَقِنَا عَذَابَ النَارِ ، وَقُلْ : الحَمْدُ لله ، الذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيِكُ في المُلْكِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَليٌّ مِنَ الذُلِّ ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ، وَمَا لَنَا أنْ لا نَتَوَكَّلَ على اللهِ وَقَدْ هَدَاناَ سُبُلَنَا ، وَلَنَصْبِرَنَّ على ما آَذَيْتُمُونَا ، وَعلى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكٍّلُونَ ، إنَّما أَمْرُهُ إذَا أَرَادَ شَيْئاً ، أَنْ يَقُولَ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ ، فَسُبْحَانَ الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

اَلْلّهُمَ ، مَنْ أَرَادَنِي ، وَأَهْلِي ، وَوَلَدِي ، وَأَهْلَ حُزَانَتي بِشَرٍ أَوْ ضُرٍّ فَاقْمَعْ رَأْسَهُ ، وَاعْقُلْ لِسَانَهُ ، وَاُلْجُمْ فَاهَهُ ، وَحُلْ بَينِي وَبَيْنَهُ كَيْفَ شِئْتَ ، وَأَنىَّ شِئْتَ ، إجْعَلْنَا مِنهُ وَمِنْ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّكَ على صِراطٍ مُسْتَقيمٍ ، في حِجَابِكَ الذي لا يُرَامُ ، وَفي سُلْطَانِكَ الذي لا يُسْتَضَامُ ، فَإنَّ حِجَابَكَ مَنيعٌ ، وَجَارَكَ عَزِيزٌ ، وَأَمْرَكَ غَالِبٌ ، وَسُلْطَانَكَ قَاهِرٌ ، وأَنْتَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدْ ، أَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ على أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، كما هَدَيْتَنَا بِهِ مِنَ الضَّلَالَةٍ ، وَاغْفِرْ لَنَا ، وَلآبَائِنَا ، وَلُأمَّهَاتِنَا ، وَلِجَميعِ المُؤْمِنينَ ، والمُؤْمَناتِ ، وَتَابِعْ بَيْنَنَا وَبَيْنِهِمْ بِالخَيْراتِ ، إنَّكَ مُجِيِبُ الدَّعَوَاتِ ، وَأَنتَ على كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ.

اَلْلّهُمَّ ، إنَّي أَسْتَوْدِعُكَ نَفْسي ، وَدِينِي وَأَهْلي ، وَمَالي ، وَعِيَالِي ، وَأَهْلَ حُزَانَتي وَخَوَاتِيمَ عَمَلي ، وَجَميعَ ما أَنْعَمْتَ بِهِ عَليَّ ، مِنْ أَمْرَ َدُنْيَايَ ، وَآخِرَتي ، فَإنَّهُ لا يَضِيعُ مَحْفُوظُكَ ، وَلا تُرْزَأُ وَدَائِعُكَ ، قُلْ : إنِّي لَنْ يُجِيرَني ، مِنَ اللهِ أَحَدٌ ، وَلَنْ أَجِدُ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً ،

٥٧

اللّهُمَّ ، رَبنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً ، وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، وَصَلىَّ اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلَ مُحَمَّدٍ أَجْمَعِينَ »(1)

أرأيتم ، هذا الايمان العميق ، الذي انفجر كالبركان ، في مناجاة الامام ودعائه مع الله تعالى؟!

أرأيتم ، هذا الترابط البديع ، بين بنود هذا الدعاء ، الذي رصعه بآيات من الذكر الحكيم ، من سور مختلفه ، ومضامين متحدة ، يلمس في كل فصل من فصولها ، الاعتصام الوثيق بالله ، الذي بيده جميع مجريات الاحداث؟!

أرأيتم ، كيف تسلح الامامعليه‌السلام ، واحتجب بهذا الدعاء ، ليجيره الله من أعدائه ، والباغين عليه؟!

إن هذا الدعاء ، صفحة مشرقة ، من صفحات الايمان ، الذي تفاعل مع عواطف الامام ، ومشاعره ، فكان لا يرى إلا الله ، يرجوه ويلوذ به ، ويستجير به.

4 ـ دعاؤه في الوقاية من السلطان :

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، إذا خاف أن يدهمه شر السلطان ، أو يمسه سوء من عدوه ، أو حاسد ، صام ثلاثة إيام آخرها يوم الجمعة ، ويدعو في عشيتها بهذا الدعاء :

« أيّ رَبَّاهُ ، أيْ سَيِّدَاهُ ، أيْ أمَلَاهُ ، أيْ رَجَاءَاهُ ، أيْ عِمَادَاه ، أيْ كَهْفَاهُ إيْ حِصْنَاهُ ، أيْ حِرْزَاهُ ، أيْ فَخْراهُ ، بِكَ آمَنْتُ ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ ، وَعَلْيَكَ تَوَكَّلْتُ ، وَبَابَكَ قَرَعْتُ ، وَبِفَنَائِكَ نَزَلْتُ ، وَبِحَبْلِكَ اعْتَصَمْتُ ، وَبِكَ اسْتَعَنْتُ ، وَبِكَ أَعُوذُ ، وَبِكَ أَلوذُ ، وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ ، وَإلَيْكَ أَلْجَأُ

__________________

1 ـ المصباح ( ص 140 ـ 143 ).

٥٨

وَأَعْتَصِمُ ، وَبِكَ أَسْتَجِيرُ في جَميعِ أُمُوري ، وَأَنْتَ غِيَاثي ، وَعِمادِي ، وَأَنْتَ عِصْمَتي وَرَجَائِي ، وَأَنْتَ ، اللهَ رَبِّي لا إلهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ ، عَمِلْتُ سُوءاً وَظَلَمْتُ نَفْسي ، فَصَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ ، وَاغْفِرْ لي في لَيْلي وَنَهَارِي ، وَمَسَائِي وَصَبَاحِي ، وَمَقَامي ، وَسَفَري ، يا أَجْوَدَ الَأجْوَدِينَ ، وَيا أَكْرَمَ الَأكْرَمِينَ ، وَيا أَعْدَلَ الفَاصِلينَ ، وَيا إلهَ اَلَأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ، ويا ماَلِكَ يَوْمِ الدِّينِ ، وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ،

يا حَيُّ يا قَيُّوم ُ، يا حَيُّ لا يَمُوتُ ، لا إلهَ إلَّا أَنْتَ ، بمُحَمَّدٍ يا اللهُ ، بِعَلِيٍّ يا اللهُ ، بِالحَسَنَ ، يا اللهُ ، بالحسين يا الله

وكان يتوسل إلى الله ، بالبقية ، من أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، ثم يقول :

صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَخُذْ بِنَاصِيَةِ مَنْ أَخَافَه

ـ وكان يسميه بأسمه ـ

وَذَلِّلْ لي صَعْبَهُ ، وَسَهِّلْ لي قِيَادَهُ ، وَرُدَّ عَنِّي نَافِرَةَ قَلْبِهِ ، وَارْزُقْنِي خَيْرَهُ ، وَاصْرِفُ عَنيِّ شَرَّهُ ، فَإنِّي بِكَ أَعُوذُ وَأَلوُذُ ، وَبِكَ أثِقُ ، وَعَلَيْكَ أَعْتَمِدُ وَأَتَوَكَّلُ ، فَصَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاصْرِفْهُ عَنِّي فَإنَّكَ غَيَاثُ المُسْتَغِيثِينَ ، ومُجِيرُ المُسْتَجِيرينَ ، وَمَلْجَأُ اللاجِئِينَ ، وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ »(1)

وهكذا ، كان الامامعليه‌السلام ، يفزع إلى الله ، ويلجأ إليه ، في كل ما يَحْذَرُ ، وَيَخَافُ مِنْهُ ، سَوَاء أَكَانَتِ السُّلْطَةُ أَمْ غَيْرُهَا ، وَمِنَ الطَّبِيعِيِّ ، أَنَّ الفَزَعَ إلى اللهِ في كُلِّ شَيْءٍ هُوَ مُنْتَهَى اَلايمَان.

____________

1 ـ البلد الامين ( ص 154 ـ 155 ).

٥٩

5 ـ دعاؤه في دفع ما يحذر منه :

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، أذا خاف شيئا ، دعا بهذا الدعاء الشريف ، للسلامة والنجاة منه ، وهذا نصه :

« أعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ ، وَأَعُوذُ بِقُدْرَةِ الله ، وَأَعوُذُ بِجَلَالَ اللهِ ، وَأعَوذُ بِعَظَمَةِ اللهِ ، وَأَعُوذُ بِعَفْو اللهِ ، وَأَعُوذُ بِمْغفِرَةِ الله ، وَأعُوذُ بِرَحْمَةِ الله ، وَأَعُوذُ بِسُلْطَانِ اللهِ ، الذي هُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَأَعُوذُ بِكَرَمِ الله ، وَأَعُوذُ بِجَمْعِ اللهِ ، مِنْ شَرِّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَكُلِّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ، وَشَرِّ كُلِّ قَرِيبٍ ، أَوْ بَعِيدٍ ، أَوْ ضَعِيفٍ ، أَوْ شَدِيدٍ ، وَمنْ شَرِّ السَامَّةِ ، وَالهَامَّةِ ، وَاللَّامَّةِ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دَابِّةِ ، صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ ، بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ ، وَمِنْ شَرِّ فُسَّاقِ العَرَبِ وَالعَجَمِ ، وَمِنْ شَرِّ فَسَقَةِ اَلْجِنِّ وَالأنْسِ »(1) .

لقد تضرع الامامعليه‌السلام ، أن يقيه من شر الجبابرة ، والطغاة ، وينجيه من شر القريب والبعيد ، ويسلمه من إعتداء الفساق ، الذين لا يرجون لله وقارا.

6 ـ ادعيته في الوقاية من الخوف والهم :

أما الخوف والهم ، فإنهما من أسوأ الكوارث ، التي يمنى بها الانسان ، فيشيعان في نفسه القلق والاضطراب ، ويجعلانه يعيش في شقاء ، وقد أثرت عن الامام الصادقعليه‌السلام ، بعض الادعية للتخلص منهما ، وفيما يلي بعضها :

أ ـ روى سعيد بن يسار قال : قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : يدخلني الغم ، فقال : أكثر من قول :

__________________

1 ـ اصول الكافي 2 /.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

وأقول :

لا تنفعهم الاصطلاحات الصرفة ، وأنّ الخلق غير الفعل ـ كما سبق(١) ـ.

ولو سلّم ، فالمصنّف يلزمهم بأنّه إذا كان الله تعالى خالقا للقبائح كالظلم والعبث ، فقد جاز أن تكون مخلوقاته كلّها منها ، فلا يكون في الكون إلّا ما هو من جنس العبث والظلم واللواط والزنا والقيادة والفساد في الأرض ونحوها ، فإذا جاز ذلك عندهم ، فقد جوّزوا أن يكون الله سبحانه عابثا ظالما ، إذ لا شكّ لكلّ عاقل أنّ من تكون مخلوقاته هكذا لا غير ، يكون عابثا ظالما ؛ تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

وقوله : « لا قبيح بالنسبة إليه » ؛ قد عرفت أنّه باللغو أشبه(٢) .

وأمّا ما زعمه من أنّ خالق الصفة غير المتّصف بها

ففيه : إنّه عليه لا يصحّ وصف الله تعالى بالصفات الفعلية ، فلا يقال له : هاد ورحمن ورازق ؛ لأنّ الهداية والرحمة والرزق مخلوقة له ، ولا محيي ولا مميت ولا معزّ ولا مذلّ إلى غير ذلك.

فالحقّ أنّ الصفات منها ما يكون التلبّس بمبدئها باعتبار إيجاده ، كالظالم والعابث والأبيض والهادي والمحيي والضارب ، ونحوها.

ومنها : ما يكون التلبّس به باعتبار قيامه وحلوله بالموصوف ،

__________________

(١) تقدّم في الصفحة ٩ من هذا الجزء.

(٢) انظر ردّ الفضل في الصفحة ٧ وردّ الشيخ المظفّر١ عليه في الصفحة ٩ من هذا الجزء ، وانظر كذلك ردّ الشيخ المظفّر في ج ٢ / ٢٦١ وما بعدها.

٢٢١

كالحيّ والميّت والأبيض والأسود ، ونحوها.

ومنها : غير ذلك كما سبق بيانه(١) .

فحينئذ لا وجه لنقض الخصم بالأسود في محلّ الكلام ، من نحو الظالم والعابث واللاعب ، كما لا ريب في صدق هذه المشتقّات على من أوجد مبادئها ، وهي الظلم والعبث واللعب ، لا سيّما إذا اختصّت مصنوعاته بهذه المبادئ.

وأمّا ما أورده من النقض بخلق الخنزير ونحوه ، بدعوى أنّها قبائح ، فقد مرّ أنّها لم تخلق إلّا لحكم ومصالح فيها ، فلا توصف بالقبح واقعا وإن وصفت به تسامحا وببعض الجهات(٢)

على أنّ القبح المتنازع فيه هو القبح في الأفعال ، وهو المعنى الثالث الذي ذكره(٣) ، والقبح في الأعيان لا يكون إلّا بالمعنى الثاني ، وهو معنى الملاءمة والمنافرة الذي ليس هو محلّا للنزاع باعترافهم.

* * *

__________________

(١) انظر ج ٢ / ٢٣٣.

(٢) انظر الصفحة ٢٦ من هذا الجزء.

(٣) راجع ردّ الفضل في ج ٢ / ٣٢٧.

٢٢٢

قال المصنّف ـ عطّر الله ضريحه ـ(١) :

ومنها : إنّه يلزم إلحاق الله تعالى بالسفهاء والجهّال ، تعالى الله عن ذلك ؛ لأنّ من جملة أفعال العباد الشرك بالله تعالى ، ووصفه بالأضداد والأنداد والأولاد ، وشتمه وسبّه.

فلو كان الله تعالى فاعلا لأفعال العباد ، لكان فاعلا للأفعال كلّها ولكلّ هذه الأمور ، وذلك يبطل حكمته ؛ لأنّ الحكيم لا يشتم نفسه ، وفي نفي الحكمة إلحاقه بالسفهاء ، نعوذ بالله من هذه المقالات الرديّة.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٦.

٢٢٣

وقال الفضل(١) :

ونحن نقول : نعوذ بالله من هذه المقالة المزخرفة الباطلة ، وهذا شيء نشأ له لعدم الفرق بين الخالق والفاعل ، فإنّ الله يخلق الأشياء ، فالسبّ والشتم له ـ وإن كانا مخلوقين لله تعالى ـ فبما فعل العبد ، والمذمّة للفعل لا للخلق ، فلا يلزم كونه شاتما لنفسه.

وخلق هذه الأفعال ليس سفها حتّى يلزم إلحاقه تعالى بالسفهاء ، نعوذ بالله من هذا ؛ لأنّ الله تعالى قدّر في الأزل شقاوة الشاتم له ، والسابّ له ، وأراد إدخاله النار ، فيخلق فيه هذه الأفعال ، لتحصل الغاية التي هي دخول الشاتم النار ، فأيّ سفه في هذا؟!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٢.

٢٢٤

وأقول :

لو سلّم أنّ الخالق غير الفاعل فلا يرتفع السفه ؛ لأنّه إنّما ينشأ من إيجاد الشخص سبّ نفسه وما ينقصه ، سواء سمّي خلقا أم فعلا ، فإنّ مجرّد الاصطلاح لا يدفع المحذور.

ولكنّ هذا ليس بأعظم من قوله بإرادة الله سبحانه إدخال عبده النار ، فيتسبّب إليه بجعله محلّا لسبّه وسائر القبائح ، مع عجزه عن الدفع لتحصل الغاية ، وهي تعذيب عبده الضعيف الأسير بأشدّ العذاب!

والحال أنّه لا حاجة إلى هذا التسبّب المستهجن ؛ لأنّه يصحّ عندهم أن يعذّب عبده ابتداء وبلا سبب ، فما أعجب أقوال هؤلاء وما أقبحها وما أجرأهم على الله العظيم!

* * *

٢٢٥

قال المصنّف ـ قدّس الله روحه ـ(١) :

ومنها : إنّه يلزم مخالفة الضرورة ؛ لأنّه لو جاز أن يخلق الزنا واللواط ، لجاز أن يبعث رسولا هذا دينه.

ولو جاز ذلك لجوّزنا أن يكون في ما سلف من الأنبياء من لم يبعث إلّا للدعوة إلى السرقة ، والزنا ، واللواط ، وكلّ القبائح ، ومدح الشيطان وعبادته ، والاستخفاف بالله تعالى ، والشتم له ، وسبّ رسوله ، وعقوق الوالدين ، وذمّ المحسن ، ومدح المسيء.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٦.

٢٢٦

وقال الفضل(١) :

لو أراد من نفي جواز بعثه الرسول بهذه الأشياء الوجوب على الله تعالى ، فنحن نمنعه ؛ لأنّه لا يجب على الله شيء.

وإن أراد بنفي هذا الجواز الامتناع عقلا ، فهو لا يمتنع عقلا.

وإن أراد الوقوع ، فنحن نمنع هذا ؛ لأنّ العلم العادي يفيدنا عدم وقوع هذا ، فهو محال عادة ، والتجويز العقلي لا يوجب وقوع هذه الأشياء كما عرفته مرارا(٢) .

ثمّ إنّه صدّر كلامه بلزوم مخالفة الضرورة ، وأيّ مخالفة للضرورة في هذا المبحث؟!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٤.

(٢) انظر الصفحات ٧ و ٦٥ و ٩٩ من هذا الجزء.

٢٢٧

وأقول :

يمكن اختيار الشقّ الأوّل ؛ لأنّ الله سبحانه أوجب على نفسه الهدى وقصد السبيل حيث قال :( إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى ) (١) ( وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) (٢) .

ولا ريب أنّ إرسال الرسول بتلك الفواحش والقبائح وقطع السبيل ، مناف للهدى وقصد السبيل.

ويمكن اختيار الشقّ الثاني ؛ لحكم العقل(٣) بامتناع أن يبعث الله تعالى رسولا بهذا الدين ؛ لأنّه من أظهر منافيات الحكمة وأعظم النقص بالملك العدل ، فهو ممتنع عقلا بالغير ، بل مثله نقص في حقّ أقلّ العقلاء.

ويمكن اختيار الشقّ الثالث ، أعني الوقوع احتمالا ؛ لأنّه إذا جاز أن يخلق الله سبحانه تلك القبائح ، احتملنا أن يكون قد بعث بها رسولا.

ودعوى العلم العادي بالعدم ممنوعة ، إذ لم يطّلع أحدنا على جميع الأنبياء وشرائعهم ، ولم نعرف منهم إلّا النادر ، فلعلّ هناك نبيّ أو أنبياء هذه شريعتهم لم يتّبعهم أحد ، أو اندرست أممهم.

ولا عجب من الخصم إذ أنكر على دعوى الضرورة ، فإنّ أمرهم مبنيّ على إنكار الضروريات!

__________________

(١) سورة الليل ٩٢ : ١٢.

(٢) سورة النحل ١٦ : ٩.

(٣) كذا في المخطوط ، وفي المطبوعتين : الكلّ.

٢٢٨

قال المصنّف ـ شرّف الله منزلته ـ(١) :

ومنها : إنّه يلزم أن يكون الله سبحانه أشدّ ضررا من الشيطان ؛ لأنّ الله لو خلق الكفر في العبد ثمّ يعذّبه عليه لكان أضرّ من الشيطان ؛ لأنّ الشيطان لا يمكن أن يلجئه إلى القبائح ، بل يدعوهم إليها كما قال الله تعالى :( وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ) (٢) .

ولأنّ دعاء الشيطان هو أيضا من فعل الله تعالى ، وأمّا الله سبحانه فإنّه يضطرّهم إلى القبائح!

ولو كان كذلك لحسن من الكافر أن يمدح الشيطان وأن يذمّ الله ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٦.

(٢) سورة إبراهيم ١٤ : ٢٢.

٢٢٩

وقال الفضل(١) :

نعوذ بالله من التفوّه بهذه المقالة ، والاستجراء على تصوير أمثال هذه الترّهات ، فإنّ الله تعالى يخلق كلّ شيء ، والتعذيب مرتّب على المباشرة والكسب ، وخلق الكفر ليس بقبيح ؛ لأنّ غايته دخول الشقي النار ، كما يقتضيه نظام عالم الوجود.

والتصرّف في العبد بما شاء ليس بظلم ؛ لأنّه تصرّف في ملكه ، وقد عرفت أنّ تصرّف المالك في الملك بما شاء ليس بظلم(٢) ، والله تعالى وإن خلق الكفر في العبد ، ولكنّ العبد هو يباشره ويكسبه.

والله تعالى بعث الأنبياء ، وخلق أيضا قوّة النظر ، وبثّ دلائل الوحدانية في الآفاق والأنفس.

فهذه كلّها ألطاف من الله تعالى ، والشيطان يضرّ بالإغواء والوسوسة ، فأين نسبة اللطيف الهادي ـ وهو الله تعالى ـ بالشيطان الضارّ المضلّ؟! ومن أين لزم هذا؟!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٥.

(٢) تقدّم في الصفحة ٩٣.

٢٣٠

وأقول :

قد خرج بكلامه عن المقصود ، وتشبّث بالتمويهات الصرفة ، فإن كانت غايته من كلامه جعل أثر للعبد والشيطان في الفعل أو الكسب ، فقد خرج عن مذهبه ، وإلّا لم يكن له مناص عن إلزام المصنّف لهم.

وقد عرفت تفصيل ما في هذه الكلمات الفارغة عن التحصيل(١) .

وأمّا الاجتراء على الله سبحانه فهو ممّن قال بما يستلزم هذا الكفر ، لا ممّن صوّره للردع عنه.

وما باله إذا كان يتعوّذ من التفوّه بهذه الكلمات يعتقد بحقيقتها ، ويعلم أنّ جوابه عنها يشتمل على الإقرار بها ، لكن بشيء من التمويه!

* * *

__________________

(١) راجع الصفحة ٩٥ من هذا الجزء وج ٢ / ٣٣٦.

٢٣١

قال المصنّفـ ضاعف الله ثوابه ـ (١) :

ومنها : إنّه يلزم مخالفة العقل والنقل ؛ لأنّ العبد لو لم يكن موجدا لأفعاله لم يستحقّ ثوابا ولا عقابا ، بل يكون الله تعالى مبتدئا بالثواب والعقاب من غير استحقاق منهم.

ولو جاز ذلك لجاز منه تعذيب الأنبياءعليهم‌السلام ، وإثابة الفراعنة والأبالسة ، فيكون الله تعالى أسفه السفهاء ، وقد نزّه الله تعالى نفسه عن ذلك فقال :( أَ فَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٢) ( أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) (٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٧.

(٢) سورة القلم ٦٨ : ٣٥ و ٣٦.

(٣) سورة ص ٣٨ : ٢٨.

٢٣٢

وقال الفضل(١) :

جوابه : إنّ استحقاق العبد للثواب والعقاب بواسطة المباشرة والكسب ، وهو يستحقّ الثواب والعقاب بالمباشرة ، لا أنّه يجب على الله إثابته.

فالله متعال عن أن يكون إثابة المطيع وتعذيب العاصي واجبا عليه ، بل جرى عادة الله تعالى بإعطاء الثواب عقيب العمل الصالح ، والتعذيب عقيب الكفر والعصيان.

وجواز تعذيب الأنبياء وإثابة الفراعنة والأبالسة المراد به نفي الوجوب على الله تعالى ، وهو لا يستلزم الوقوع ، بل وقوعه محال عادة ـ كما ذكرناه مرارا(٢) ـ فلا يلزم المحذور.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٦.

(٢) راجع الصفحة ٢١٤ من هذا الجزء وج ٢ / ٣٥٧ و ٤٢٨.

٢٣٣

وأقول :

الكسب والمباشرة أثر صادر عن الله تعالى وحده بزعمهم ، كأصل الفعل ، لأنّه خالق كلّ شيء ، فكيف يستحقّ العبد الثواب والعقاب على الكسب؟!

وكيف يتّجه تخصيص الاستحقاق عليه دون أصل الفعل ، وكلاهما من الله وحده ، والعبد محلّ بالاضطرار؟!

ثمّ إنّه إذا كان العبد مستحقّا للثواب بواسطة الكسب ، كان حكمه بعدم وجوب إثابته مناقضا له ، إذ كيف يكون حقّا له على الله تعالى ولا يجب عليه أداؤه له ، وهو العدل؟!

نعم ، لمّا كان العقاب حقّا لله تعالى ، كان له العفو عنه ، كما سبق(١) ويأتي إن شاء الله تعالى.

وأمّا دعوى العادة ، فباطلة ؛ لأنّ الثواب والعقاب غيب ومتأخّران ، فما وجه العادة والعلم بها؟! إلّا أن يدّعي العلم العادي بأخبار الله تعالى في كتابه المجيد ، وهو مع توقّفه على ثبوت صدق كلامه تعالى على مذهبهم غير تامّ ؛ لأنّه تعالى أيضا أخبر بأنّه يمحو ما يشاء ويثبت(٢) .

وأمّا قوله : « وهو لا يستلزم الوقوع » فمسلّم ؛ لكن لا يستلزم أيضا عدم الوقوع ، ويكفينا الاحتمال ، إذ لا يجوز على غير السفيه تعذيب

__________________

(١) تقدّم في ج ٢ / ٣٩٨.

(٢) في قوله تعالى :( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) سورة الرعد ١٣ : ٣٩.

٢٣٤

الأنبياء وإثابة الفراعنة والأبالسة ؛ تعالى الله عن ذلك.

وقد أنكر عليه سبحانه هذا الحكم فقال :( ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (١) .

* * *

__________________

(١) سورة الصافّات ٣٧ : ١٥٤ ، سورة القلم ٦٨ : ٣٦.

٢٣٥

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

ومنها : يلزم مخالفة الكتاب العزيز من انتفاء النعمة عن الكافر ؛ لأنّه تعالى إذا خلق الكفر في الكافر لزم أن يكون قد خلقه للعذاب في نار جهنّم.

ولو كان كذلك لم يكن له عليه نعمة أصلا ، فإنّ نعمة الدنيا مع عقاب الآخرة لا تعدّ نعمة ، كمن جعل لغيره سمّا في حلواء وأطعمه ، فإنّه لا تعدّ اللذّة الحاصلة من تناوله نعمة.

والقرآن قد دلّ على أنّه تعالى منعم على الكفّار ، قال الله تعالى :

( أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً ) (٢) ( وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ ) (٣) .

وأيضا : قد علم بالضرورة من دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه ما من عبد إلّا ولله عليه نعمة ، كافرا كان أو مسلما.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٧.

(٢) سورة إبراهيم ١٤ : ٢٨.

(٣) سورة القصص ٢٨ : ٧٧.

٢٣٦

وقال الفضل(١) :

هذا أيضا من غرائب الاستدلالات ، فإنّ نعمة الله تعالى على الكافر محسوسة ، والهداية أعظم النعم.

وإرسال الرسل وبثّ الدلائل العقليّة كلّها نعم عظام ، والكافر استحقّ دخول النار بالمباشرة والكسب ، والخلق من الله تعالى ليس بقبيح.

ثمّ ما ذكره من لزوم عدم كون الكافر منعما عليه ، يلزمه أيضا بإدخاله النار ، فإنّ الله تعالى يدخل الكافر النار ألبتّة ، فيلزم أن لا يكون عليه نعمة.

فإن قال : إدخاله لكونه آثر الكفر ورجّحه واختاره.

قلنا : في مذهبنا أيضا كذلك ، وإدخاله لكونه باشر الكفر ، وكسبه ، وعمل به.

ولو كان الواجب على الله تعالى أن ينعم على الكافر ـ وهو المفهوم من ضرورة الدين ـ لكان الواجب عليه أن لا يدخل النار ، بأيّ وصف كان الكافر ؛ لأنّه يلزم أن لا يكون منعما عليه ، وهو خلاف ضرورة الدين.

وأمثال هذه الاستدلالات ترّهات ومزخرفات.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٨.

٢٣٧

وأقول :

لا ينكر أنّ الهداية والرسل والدلائل نعم عظام على العباد ، لكن إذا خلق الله سبحانه الكفر في الكافر وأعجزه عن اتّباع الرسل والدلائل لم تكن في حقّه نعمة بالضرورة ، وإنّما تكون نعمة عليه إذا مكّنه من اتّباعها ، وأهّله لتحصيل الثواب بعمله الميسور له ، وإن فوّت على نفسه بكفره الاختياري نعمة الثواب.

وهذا هو الجواب عن نقض الخصم على المصنّفرحمه‌الله بأنّه إذا أدخل الله الكافر النار لم تكن له نعمة عليه ، لا ما ذكره بقوله : « فإن قال : إدخاله لكونه آثر الكفر ورجّحه واختاره » فإنّ هذا إنّما يكون مصحّحا لعقابه ، لا لإثبات كونه منعما عليه كما هو محلّ الكلام ، وقد بيّنّا ثبوته على مذهبنا فيكون هو الجواب.

ولعلّ الخصم إنّما أجاب بهذا ليتمكّن بزعمه من الجواب بمثله! ويقول : « قلنا : في مذهبنا أيضا كذلك ، وإدخاله لكونه باشر الكفر » إلى آخره.

وفيه : مع ما ظهر لك من أنّ مثل هذا لا يصلح أن يكون جوابا عن إشكال عدم النعمة على الكافر ، ليس صحيحا في نفسه ؛ لما سبق مرارا من أنّ الكسب ليس ممّا للعبد فيه أثر ـ على قولهم(١) ـ فلا يكون مصحّحا للعقاب.

__________________

(١) انظر قول الفضل في ص ٩٣ ، وردّ الشيخ المظفّر عليه في ص ٩٥ من هذا الجزء.

٢٣٨

وأمّا قوله : « ولو كان الواجب على الله تعالى أن ينعم على الكافر لكان الواجب عليه أن لا يدخل النار ».

ففيه : إنّ المصنّف إنّما قال : « قد علم بالضرورة من دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه ما من عبد إلّا ولله تعالى عليه نعمة ، كافرا أو مسلما » وهذا لا يدلّ على أصل وجوب الإنعام على الكافر ، فضلا عن أن يجب على الله تعالى أن يجعل الكافر محلّا لكلّ نعمة ، وأن لا يدخله النار.

* * *

٢٣٩

قال المصنّف ـ طيّب الله ثراه ـ(١) :

ومنها : صحّة وصف الله تعالى بأنّه ظالم وجائر ؛ لأنّه لا معنى للظالم إلّا فاعل الظلم ، ولا الجائر إلّا فاعل الجور ، ولا المفسد إلّا فاعل الفساد ؛ ولهذا لا يصحّ إثبات أحدها إلّا حال نفي الآخر(٢) .

ولأنّه لمّا فعل العدل سمّي عادلا ، فكذا لو فعل الظلم سمّي ظالما.

ويلزم أن لا يسمّى العبد ظالما ولا سفيها ؛ لأنّه لم يصدر عنه شيء من هذه.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٧.

(٢) أي إنّ ثبوت الصفة يستلزم نفي ضدّها ، فكونه عادلا يستلزم أن لا يكون ظالما.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420