دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٣

دلائل الصدق لنهج الحق14%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-356-x
الصفحات: 420

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 420 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 214068 / تحميل: 4812
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٥٦-x
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

لزمت ضريح الهادي اُوصاحت ابصوت عالي

يا والدي يا محمّد ليتك تعاين حالي

صرت ابهضم وامذلّه والهم شاغل بالي

اتمنّيت آني قبلك يابه آني شيالّه

بالنار حرقوا بيتي اُو بالباب كسروا ضلعي

ماحدبقي يا والدي بعدك ينشّف دمعي

إرثي امنعوني منّه اُوباحبال قادوا سبعي

اُودخلوه بوسط المحراب ليتك تعاين حاله

بعدك بخبرك بالعدى رادوا به ايقتلونه

وصل ضريحك يبكي ويهل دمع اعيونه

يا مصطفى من قبرك انهض عسى ايخلونه

ليت المدينة بعدك حلّت بها زلزاله

جارت عليه الاُمّة اُوغصبوا حقّه عنّه

يا والدي يا محمّد نالوا الضعاين منّه

وآني اضلوعي امكسّره واجدب عليك الونّه

والناس كلها ابدهشه في مشكله اُو زلزاله

اُولزمتضريح الهادي اُوفي الحال صارت ظلمهْ

اُوفي الحين جاهاالمرتضى ايكفكف دموعه ابكْمّه

قلها يزهرا والدك رحمه لهذي الاُمّهْ

ردّت تحن اُوتنتحب واُدموعها همّاله

- تمّت -

مات اُودفن في داره مات اُو دفن في داره

حطّوه فوق المغتسل واتشعشعت أنواره

مدّوه فوق المغتسل يا وجنة تزهي له

يمغسلين الطاهر طاهر قبل تغسيله

لحد يدار الهادي ما أوحشك هالليله

حنّي يغبرة اُوونّي بعد النّبي ياداره

مدّوه فوق المغتسل يا ليتني الممدوده

في هالقبر والرضّه يا ليتني الملحوده

وانته ترد للدنيا واصير آني المفقوده

واتعود يا بدر الدجى يا لساطع بأنواره

٢١

يومك إلي يا والدي أنحس إلي مِن أمسي

اتمنّيت آني بعدك إنْ أصبحت ما أمسي

وأظلم عليّه كوني يوم إلغبت يا شمسي

حالي كمكفوف البصر ليله سوا ونهاره

مثلك ماشفت ميت مات اُوتشعشع نوره

تشتم ريح الجنّة من رايحة كافوره

لحد يراية عزّي يوم أصبحت مكسوره

ظلّيت آني بعدك يا والدي مختاره

كيف استطيع افراقك وانته حشاي وفادي

وانته يبويه شربي وانته يبويه زادي

يا ما على كتفينك يابه حملت اُولادي

حنّي يغبرة اُووني بعد النّبي ياداره

يا تربة الضميتي جسم النّبي العدناني

باسايلك ما ينقل تربك ضريح الثاني

باقسم عليك إبشأنه اُوباقسم عليك إبشأني

سوّي محل واخذيني تحت البدر باجواره

- تمّت -

فاطمْ تقول لولادها وإدموعها همّالهْ

قوموا نودّع للنّبي حطّوه في شيّاله

طلعت اُوهيه اتنادي اُوشبلينها ويّاها

يا والدي يا محمّد يا مصطفى يا طاها

عن بضعتَكْ باتسافرتشمتْ عليها اعداها

وانكانْ عنّي شايل وياك آني شيّاله

لحد يبو شبليني باتروح عن شبليني

وآني العزيزة عندك باتروح واتخلّيني

الله لَشد إعصابتي واَهمل مدامعْ عيني

وانكانْ عنّي شايل وياك آني شيّاله

يا عزوتي يا رجالي قوموا ادفنوني حيّه

من غيرماي جاري اُومن غير غسل اُونيّه

لجله لَشد إعصابتي ما دام عيني حيّه

واِمن الحزن لتحمّل حمل يكض شيّاله

بالهون يا شيّالة بالهون يا شيّالَه

نعش النّبي المصطفى بالهون يا شيّالَه

يا مجهّزين الهادي بالهون لا تشيلونهْ

خلّه تجي له عزونه(١) واجماعته ايحضرونه

____________________

(١) لا يخفى ما في الشطر من إرباك بيّن. (موقع معهد الإمامين الحسنَين)

٢٢

خلّوا البتولة اتودعَه من قبل ماتدفنونهْ

خلّه تجي سبطينه هاليوم تنظر حالَهْ

جتّي البتولة إتنادي مَعْ والدي دفنوني

يا ياب عفت الدنيا بعدك ينور اِعيوني

يا ياب جتني قومك وابنارهُم حرقوني

اُوقادوا وصيّك وتركَوا لمدامعي همّالهْ

ما دابها إلّا تنتحب في دارها واتنادي

قوموا لقبرِ المصطفى بانروح يا اُولادي

ننصب عزانا عنده إنحشمه وانْادي

يا بوي صرنا بعدك في ذلْ واسوأ حالهْ

يعقوب ما صار ابحزنْ يا ياب مثل أحزاني

ولا دنيه نالتْ مثلي اُو عشير أشجاني

وأظلم عليّهْ كوني واتشمّتت عدواني

بعدك رمتني الدّنيا اُو معتادها ميّالهْ

يابه عليّ المرتضى دخلوا عليهْ إبدارهْ

والأجنبي يا بويّه بعدك حرّقها اِبنارهْ

وآني صرت يا والدي بين العدى محتارهْ

والحسن سبطَك ينتحب واِمدامعه همّالهْ

واِحسين سبطك يبجي دوبه يجر الونّه

في وين جدنا المصطفى ذاليوم سافر عنّه

اُوحيدر يون اُوينتحب والنوح صاير فنّه

ويقول عنّي سافر هاللي عشت باظلالهْ

- تمّت -

ما تثُور يا حيدر عليْ تتدارك الدّينْ

منبر الهادي ينتخي باسمك يبو حسينْ

منبر الهادي ينتخي باسمك يضرغامْ

بعد النّبيِّ المصطفى اتضعضعْ الإسلامْ

ترضى يحيدرْ يدخلوا بيتي هلقوامْ

دخلوا عليّه اُو والدي من غير تكفينْ

خلِّ الصبر يا بو الحسنْ ما هو محلّهْ

والأجنبي يا بو الحسن بيتي يدخلهْ

اِنهض يحيدر سيفك البتّار سِلّهْ

واصعد مقامك يا علي واتداركْ الدينْ

مكسور ضلعي اُو منزلي محروق بالنارْ

واجنين بطني سقّطه واَنبت المسمارْ

٢٣

واليوم يومك يا علي اِنهض يمغوارْ

اُوهدّي امحزاتك عَليْ يمشيّد الدينْ

يوم الهزاهز والوقايع والشدايدْ

ما قَط وتيت ولا جزعتْ اللهُ الشاهدْ

وإنكان تريني يا بتولة اليوم قاعدْ

عندي وصيّة اِمن النّبي خير النبيّينْ

صبري يزهرةعلى الأذى اُوتكسير الضلوعْ

وآني يزهرة عن مقامي اليوم ممنوعْ

إيحق لك يزهرة[لو]بكيتي اِبسكب الدموعْ

بس الله الله في اُولادي الحسن واحسينْ

والله يزهرة ما بقت لك بهجة إفادْ

في يوم واحد فاقده الوالد ولولادْ

إمصيبت الأولاد يا هي ذوبتني

واَنحلت جسمي ما يشيل الثوب متني

لحّد يبوية رحت عنّي اُوضيعتني

وأهل المدينة حرموني الشرب والزادْ

ما بين أني اللي مقابله إبوجهي المحرابْ

لَسمعْ ولَن القوم والصرخة على البابْ

فرّيت لا دافعْ ولا مانع ولا ذابْ

اُو بالباب شفت اِمجمّعة أعداء اُوحسّادْ

قيدومُهم ضنوة صهاكْ الحبشيّهْ

هاللي من الظلّام نسلٌ والبغيهْ

قلتْ الله الله من النّبيْ ماني الوصيّهْ

قال الوصية ما فعلنا بك إلّا إعنادْ

قولي العلي يظهر النا الساعة يبايعْ

قلت الأسد ما تقوده الأغنام طايعْ

قالوا يبايع وانْ أبى ألّا يبايعْ

هاليوم يُقتل قلت وا ضيعة هالاُولادْ

بس ينذبح أدري أنه واُولادي إنضيعْ

اُو عندي من المعلوم ابنْ عمّي فلا يطيعْ

والحُر ما ينجلب حقّ السّوم والبيعْ

أبداً ولا طير السعد بالأيدي ينصادْ

- تمّت -

والله يزهرة هالشهر أكشر اُوميشومْ

قومي يزهرة واِنصبي مأتم المسمومْ

الله على اللي لك سعى واتسبب اُوشار

واللي سعى لك بالحطبْ والجيش والنارْ

اُو كسّر اِضلوعِك واَخرجوا حيدر الكرّارْ

اُوسقّط جنينَك في أحشاكِ اُو زادك إهمومْ

شهرينْ ما فيهم أبد ساعة هجعتي

عاشور فيه ابذبحةِ اِحسين اِفتجعتي

٢٤

اُوكلْ ساعْ عن واحد إمن اُولادِك سمعتي

واِللي قضى مذبوح واللي راحْ مسمُومْ

نوحي لبو القاسم ترى يستاهل النُّوحْ

هذا أبو آدم وبو حوّا وبو نُوحْ

نُوحوا لجلْ فقده اُوصبّوا الدمع مسفوحْ

قلبه ترى من اُمّته بالقهر مهضُومْ

نوحي على مِن شيّع إبفضلك اُوشهّر

اُوبيّن اِبفضلك مثل نورِ الشمس والشّهرْ

حتّى اُولادك في رباهم تَعب واَسهرْ

ويقول فاطم بضعتي واُولادها اِنجومْ

جتّك اِمصيبة أسّستْ كُلّ المصايبْ

منها تعلّمتي تشدّين العصايبْ

مِنْ يوم أبو ابراهيم ضمّته الترايبْ

كُلّ المصايب أسّستها اِمصيبة اليومْ

لولا مصابُ الجُرح قلبي والدمع صبْ

ما كان نلتين الهضمْ والذّل والضربْ

ولُولاد كلّها شتّت بالشرقِ والغربْ

وصلَتْ شتايتهم إلى بلدان العجومْ

- تمّت -

وهذه نبذة لصاحب الزمان القائم عجّل الله تعالى فرجه وسهّل مخرجه وجعلنا من أنصاره :

والله عَجبْ يابنِ الحسن صبركْ على الثار

ما كمل جندكْ لو ما آذن لك الجبّارْ

الخيل عندَكْ والمواضي لكْ مُطيعهْ

اُوالأملاك من جندكْ اُوكُلّ جندكْ الشّيعهْ

تملي على العدوانْ هالأرض الوسيعهْ

اِبخيل عجاجتها تغطّي شمس لنهارْ

اُوسوفي العدا يومٌ مثلْ يوم القيامهْ

ابجيش عرمرم ضيّق الدّنيا ازدحامهْ

اُوخَلِ الرمح والسيف يروي من الهامهْ

نشاهداُوخل الدّمااَمنِ الهام يشبهْ سيل لمطارْ

يمته يبو صالحْ نشاهد هالعلاماتْ

وانشوف اذياب الفلا ترعى مع الشاةْ

اُو نسمع ندا جبريل في اُفق السماواتْ

اُو كلما عراكُمْ من الذلّة طول العمارْ

ثارات إلك يابنَ الحسن من أوّل اُوتالْ

يوم الوصي جدّك يقيدونَه بلحْبالْ

٢٥

واُمّك الزهرة روّعوها قومُ الانذالْ

اُو عندك من المعلوم حرق البابِ بالنّارْ

معذورة هالزهرة إذا هلّتْ دمعْها

ما ينّسي للحشر فعلُ القوم معها

دخلوا عليها اُو كسّروا منها ضلعها

اُو صارالسبب في اِسقوطهاعصرة بالجدارْ

وألقتْ جنيناً ما تكامل في اِشهورَه

اُو شافت الزهرة ساطعاً للأرض نورَهْ

جرّت اِلونّة صارخة ذيك الوقورَه

ونادتْ اِبصوت تصيح يا حيدر الكرّارْ

شاهدت يابنَ العمِّ فعل القوم ويّاي

ابنك المُحسن أسقطوهمن داخل اِحشاي

اُوترضى العدى اِيكسرون ضلعيوانتَه حماي

من ويش ما تنفر اُوبيدك سيف لفقارْ

نادى عليها اُودمعته اِبخده جريّهْ

مقبول عتبِكْ يا بِنِتْ خيرِ البريّهْ

تخْسَ العدى اِيقربون ليج لولا الوصيّهْ

اُوصى أبوكِ محمّد الهادي المختارْ

صِبري مثل صَبري على سيف ابن ملجمْ

اُضرب على راسي وفرض الصُّبح ما تَمْ

واطيح في المحراب شيبي امخضّب ابدَمْ

وألزم الراسي بليمين وهَم باليسارْ

اُوعنّي الحسن واِحسين في منزلهمْ اِنيام

اُو هذا المُصاب ايصيبني في شهرِ لصيامْ

اُو لا يهل العيد إلّا اُولادي أيتامْ

اُو تلبس بني هاشم سواد إصغار واكبارْ

جدّك عليُّ المرتضى اللي قتل مرحبْ

واللي قتل عمرواُوكشف عن أحمدَ الكربْ

بآخر صلاتَه بوسط المحراب يُضربْ

ويطيح في المحرابْ من [ ضربة] الغدّارْ

جدّك حسافة مات ما تمّم اِصيامَهْ

وأبقى الحسن واِحسين من بعدَه يتامَهْ

صار المُرادي سَببْ للدينِ انهدامَهْ

اُوظلّتْ الشيعة بالحزنْ لَه طول لعمارْ

لو كُنتْ حاضر كان دمع العين هلّيتْ

تنظر لجدّك شايلينة يشبه الميّتْ

اُوصارتْ الضجّةاُوسمعواالصيحةاِبكلّ بيتْ

اُوصار الوقتْ ما ينعرفْ ليلَ من اِنهارْ

اُوجبريل نادى في السما يا ولاد آدمْ

صبّوا على الكرّار إن عاز الدمع دَمْ

ركنِ الهُدى والدين من بعدَه تهدّمْ

والشرع والإسلام ركنَه مال وانهارْ

- تمّت -

٢٦

دارْ الوحي دخلوها دارْ الوحي دخلوها

والبضعة المعصومة يا والدي ضربوها

وصيّت فوق المنبر بالدّرّة المعصومَهْ

اُوجوني يبويه بعدك هالعصبة الميشومَهْ

ليتَك تشوف الغالية فوق الوَجه ملطومَهْ

اُوجابواالحطب يالوالي ودارالوحي حرقوها

فزّيت يوم الجوني وآني أهلِ اِدموعي

وآني يبويه الفقدَك بعدَه مَيسكن روعي

فزّيت ابلزم بابي اُوكسروا يبويه اِضلوعي

ترضى يبويه داري من بعدك اِيدخلوها

يابوي يوم الأجوني اُودخلوا عليّه داري

وآني حزينة اُوفاقدة خير انبياءِ الباري

هتكوايبويه اِحجابي اُوهتكوايبويه اِخداري

اُوكلّ الوصيّة اِتخالفتْ دار الوحي دخلُوها

نادى الحسن وآجدي واِحسين اينادي يامّهْ

اُوهذايجي للثاني اِيكفكف دموعَه اِبكمّهْ

ياهي امصيبةَ عظمى اُوياهي علينه ملتمّهْ

يوم العدى وصلتنه اُودار الوحي دخلُوها

الله يحيدر صبّرك مثل الصخَر بل زايدْ

إنتَه الاُسود اِتهابك واِنته إليهمْ قايدْ

كيف الأعادي تهجمْ بالدار واِنته قاعدْ

اِيدخلوااعليكْ اِبدارك اُودارالوحي حرقوها

تمّت في ٥ ربيع الأوّل سنة ١٣٨٣ ه

اِقعد يبو ابراهيم شوف اللي علَيْ صار

مكسور ضلعي اُومنزلي محروق بالنّارْ

جيتك أخبرَك واَشتكي فعلة القومْ

استهضمتني اُمّتك يا كنز العلُومْ

يا مُصطفى ليتَكْ تعاينْ حالي اليومْ

مكسور ضلعي ما إلى ثاير ونغّارْ

اُمّتك يا هادي علينه ردّت اِردودْ

ردّتْ ظلم يا ياب تطلب منك احقُودْ

بالباب عصروني اُوعلي سحبوه مَقيودْ

يردونّه أنْ يخضع اُوهو حيدر الكرّارْ

يوم اَعصروني وطحت مغشيّه عليّه

اُوحيدر يعاينّي ولا ينْغر عليّه

اُو لَمن أفقتْ اُوعاينتْ داري خِليّهْ

سايلتْ فضة وين عنّي حامي الجارْ

٢٧

قالتْ خَذوه القُوم يا بنتِ الرسالهْ

وامكتفة ايمينة يزهرة مَعَ اشمالَهْ

وضعوا وسط حلقَه حبال قوم الظلم(١)

اُوراحوا به امكتّف يزهرة يا امْ لطهارْ

فرّيت مذعورة اُولَن حيدر مشوا بيهْ

لَهل الظُّلم إللي قَصدهم إلبطش بيهْ

واَدركتهم يا ياب قبل ايوصلوا بيهْ

ردوئر(٢) اُو ألموني اِبسوطهم قوم لشرارْ

من بعد عينك كَم عدو جار اُوتعدّه

اُوجاني اِبيتي يتبعه جنده اِبهدّه

اُودخلوا عليّه يا رسول الله اِبشدّه

والنار شبّوا بمنزلي اُوصار الذي صارْ

اُونخيتْ بصحابك ولا واحد رحمني

يابه لخلّي النوح والتعداد فنّي

واِحسين اِيذوبني إلّا من نشدني

ويقول وينه جدّنا أحمد المختارْ

اُوهذي يبويه للفريضة إِيأذّن اِبلالْ

اُويهلّن لذكرَك يا رسول الله يسردالْ

وآني المصايب فوق راسي مثل لجبالْ

لقضي العمر بالنوح في ليل وانهار

بعدك فلا أبطل ولا هيّد منَ النُّوحْ

ليلي اُونهاري ما بقت في جسمي الرُّوحْ

لو عشتْ في الدّنيا مثل عمرِ النّبي نُوحْ

ولدعي اِدموع العين تجري مثل المطارْ

تمّت ٧ صفر سنة ١٣٨٦ ه

___________________

(١) يبدو أنّ هناك أربعة أشطر سقطت من أصل المصدر لم نهتدِ إليها في النسخة التي بين أيدينا. (موقع معهد الإمامين الحسنَين)

(٢) هكذا وردت المفردة ولا معنى لها , ولعلها ( رَدَّوا ). (موقع معهد الإمامين الحسنَين)

٢٨

الفصل الثاني

في رثاء فاطمة الزهراء (عليها‌السلام )

ممّا رثاها ملا علي الفايز :

أسما تنادي فاطمة يا اُمْ البدورْ

والله مصابك يا حزينة اِيفت الصخورْ

ياما من البلوى اُومن ضيم حصلتيه

جسم الوصي بامصيبتك زهرة نحلتيه

فتحي اعيونك له يمحزونه اُو نظريه

تجري دموعه والقلب بالحزن مفطورْ

بالفرش مطروحه اُومن حولك يتاماك

يا ليت كُلّ أرواحنا زهرة فداياك

يا عيشة الكشرة يمحزونة بليّاك

عقبك فلا انعيّد ولا نستر باسرور

لمّن افاقت من الغشوه اُم لطهار

قالت يا اسما لا تصيحي ابصوت مجهار

لا تروعين لقلب ايتامي هلصغار

رحمي ابحال اِحسين قلبه صار مكسور

قرب لي اُولادي يبو الحملة بشعهُمْ

ما تصبّر الأولاد عن توديع اُمّهُمْ

قلبي عليهم ذاب من اذكر يتمهُمْ

لا سيما اللي ينذبح في شهر عاشور

باقول ياسما لولادي وحفظيهم

لا من بكوا بالنوح اسما سكتيهم

بافارق الأولاد وا حزني عليهم

ايحق لي على اولادي لصب الدمع منثور

اُونادت على حيدر اُومنها الدمع سفّاك

قالت يبن عمّي بوصيك أبيتاماك

وانكان يابن العَم عملت اقصور ويّاك

قلها فلا منّك بدي يا فاطمة اقصور

٢٩

لكنْ أنا مني بدا في حقك اقصور

اسقاطك المُحسن اُومن ضلعك المكسور

اُومن لطمتك خدك اُومن جنبك المعصور

وانا ابعيني أنظرك يا زينة الحُور

- تمّت -

نصبي يفضّة النوح والمأتم عليّه

لا من رأيتي حجرتي منّي خليّه

سمعي يفضّة للكلام اللي أقولهْ

قبل المنية ودّعي الزهرة البتولهْ

بوصيك يا فضّة أتبارين الحمولهْ

اُو بالأخص اُولادي يفضّة بالسويّه

لمّي شمل ليتام فضّة عن التبديد

بوجوههم بالك تصيحي اُوتصفقي الأيد

اُوعندي الخبر لن بناتي اتروح ليزيد

من كربلا للشام تتودى هديّه

ياُولاد منّي اتودّعوا قبل المنيّهْ

إنفارقتكم يا ولادي بهالعشيّهْ

مع السلامة يا ذبيح الغاضريّهْ

وانته يبو محمّد يمسموم الدعيّه

إنته يكلبي عقب عيني اتروح مسموم

شبّيت في قلبي ترى نيران لهموم

اُو حزني على اللي ابكربلا ينذبح مظلوم

الله ايعينك يا غريب الغاضريّه

أمّا اِخوك الحسن موتَه تحضرونَه

وقت احتضاره يا لولد تتحاولونَه

اُو في يوم دفنه للجنازة تحملونه

وانته تظل يا بني على الرمضة رميّه

تبقى ثلاثتيام لا سدر ولا كافور

اُوجملة أنصارك واخوتَك وكلكُم بلا اقبور

والأعوجيّة اترض منكم ذيك لصدور

والروس تحمل فوق روس السمهريّه

واخيامكم بالنار يا بني يحرّقوها

اُو كُلّ الحراير من خيمها ايفرهدوها

اُو تالي على الهزّل سبايا ايركّبوها

تبدي حنين ايفجّر اصخور القويّه

٣٠

واللي يباري للضعينة عقب اهلكُم

زجر اُوخولّي لو بكيتوا يضربنْكُم

في كُلّ بلدة يا بناتي ايشهرنكُم

ليل اُو نهارٌ فوق أكوار المطيّه

في الحين دارت عينها الوالد السبطين

بالليل جهّزني ابخفيّة يا ابو الحسنين

اُو ليكون تبكي تكسر اقلوب اليتيمين

اُو حملة بناتي تفتجع كلها سويّه

بالليل جهّزني يحيدر معْ يتاماك

اُو ليكون في دفني أحد يشترك ويّاك

من هالذي يابو اِحسين آذاني وآذاك

ينتقم منهم خالقي ربْ البريّه

لمّن وصية بوي أوصى اُوضيّعوها

اضلوعي ابصاير باب بيتي كسّروها

إجنازتي شاهد لهم لا يحضروها

يابو الحسن لا يحضروا يصلّوا عليّه

عنهم فلا أرضى ولا أنسى فعلهم

كُلهم ترى عدوان ليّه القوم كُلْهم

وانته الذي منصوب رب السما إلهم

امضوا حكمهم فيك بالشمس المضيّه

تبقى جليس الدار في بيتك امأخّر

تجلس ابذلّة وغيرك اليصعد المنبر

منبر الهادي يصعدُونه دون حيدر

منهم بريّة يا علي منهم بريّه

مع السلامة يا ولادي امعا لسلامهْ

حانت الفرقة والملاقي في القيامهْ

اُوحقي على الكرّار يكفل هاليتامه

٣١

٣٢

٣٣

٣٤

٣٥

٣٦

٣٧

٣٨

٣٩

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

وأقول :

لا تنفعهم الاصطلاحات الصرفة ، وأنّ الخلق غير الفعل ـ كما سبق(١) ـ.

ولو سلّم ، فالمصنّف يلزمهم بأنّه إذا كان الله تعالى خالقا للقبائح كالظلم والعبث ، فقد جاز أن تكون مخلوقاته كلّها منها ، فلا يكون في الكون إلّا ما هو من جنس العبث والظلم واللواط والزنا والقيادة والفساد في الأرض ونحوها ، فإذا جاز ذلك عندهم ، فقد جوّزوا أن يكون الله سبحانه عابثا ظالما ، إذ لا شكّ لكلّ عاقل أنّ من تكون مخلوقاته هكذا لا غير ، يكون عابثا ظالما ؛ تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

وقوله : « لا قبيح بالنسبة إليه » ؛ قد عرفت أنّه باللغو أشبه(٢) .

وأمّا ما زعمه من أنّ خالق الصفة غير المتّصف بها

ففيه : إنّه عليه لا يصحّ وصف الله تعالى بالصفات الفعلية ، فلا يقال له : هاد ورحمن ورازق ؛ لأنّ الهداية والرحمة والرزق مخلوقة له ، ولا محيي ولا مميت ولا معزّ ولا مذلّ إلى غير ذلك.

فالحقّ أنّ الصفات منها ما يكون التلبّس بمبدئها باعتبار إيجاده ، كالظالم والعابث والأبيض والهادي والمحيي والضارب ، ونحوها.

ومنها : ما يكون التلبّس به باعتبار قيامه وحلوله بالموصوف ،

__________________

(١) تقدّم في الصفحة ٩ من هذا الجزء.

(٢) انظر ردّ الفضل في الصفحة ٧ وردّ الشيخ المظفّر١ عليه في الصفحة ٩ من هذا الجزء ، وانظر كذلك ردّ الشيخ المظفّر في ج ٢ / ٢٦١ وما بعدها.

٢٢١

كالحيّ والميّت والأبيض والأسود ، ونحوها.

ومنها : غير ذلك كما سبق بيانه(١) .

فحينئذ لا وجه لنقض الخصم بالأسود في محلّ الكلام ، من نحو الظالم والعابث واللاعب ، كما لا ريب في صدق هذه المشتقّات على من أوجد مبادئها ، وهي الظلم والعبث واللعب ، لا سيّما إذا اختصّت مصنوعاته بهذه المبادئ.

وأمّا ما أورده من النقض بخلق الخنزير ونحوه ، بدعوى أنّها قبائح ، فقد مرّ أنّها لم تخلق إلّا لحكم ومصالح فيها ، فلا توصف بالقبح واقعا وإن وصفت به تسامحا وببعض الجهات(٢)

على أنّ القبح المتنازع فيه هو القبح في الأفعال ، وهو المعنى الثالث الذي ذكره(٣) ، والقبح في الأعيان لا يكون إلّا بالمعنى الثاني ، وهو معنى الملاءمة والمنافرة الذي ليس هو محلّا للنزاع باعترافهم.

* * *

__________________

(١) انظر ج ٢ / ٢٣٣.

(٢) انظر الصفحة ٢٦ من هذا الجزء.

(٣) راجع ردّ الفضل في ج ٢ / ٣٢٧.

٢٢٢

قال المصنّف ـ عطّر الله ضريحه ـ(١) :

ومنها : إنّه يلزم إلحاق الله تعالى بالسفهاء والجهّال ، تعالى الله عن ذلك ؛ لأنّ من جملة أفعال العباد الشرك بالله تعالى ، ووصفه بالأضداد والأنداد والأولاد ، وشتمه وسبّه.

فلو كان الله تعالى فاعلا لأفعال العباد ، لكان فاعلا للأفعال كلّها ولكلّ هذه الأمور ، وذلك يبطل حكمته ؛ لأنّ الحكيم لا يشتم نفسه ، وفي نفي الحكمة إلحاقه بالسفهاء ، نعوذ بالله من هذه المقالات الرديّة.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٦.

٢٢٣

وقال الفضل(١) :

ونحن نقول : نعوذ بالله من هذه المقالة المزخرفة الباطلة ، وهذا شيء نشأ له لعدم الفرق بين الخالق والفاعل ، فإنّ الله يخلق الأشياء ، فالسبّ والشتم له ـ وإن كانا مخلوقين لله تعالى ـ فبما فعل العبد ، والمذمّة للفعل لا للخلق ، فلا يلزم كونه شاتما لنفسه.

وخلق هذه الأفعال ليس سفها حتّى يلزم إلحاقه تعالى بالسفهاء ، نعوذ بالله من هذا ؛ لأنّ الله تعالى قدّر في الأزل شقاوة الشاتم له ، والسابّ له ، وأراد إدخاله النار ، فيخلق فيه هذه الأفعال ، لتحصل الغاية التي هي دخول الشاتم النار ، فأيّ سفه في هذا؟!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٢.

٢٢٤

وأقول :

لو سلّم أنّ الخالق غير الفاعل فلا يرتفع السفه ؛ لأنّه إنّما ينشأ من إيجاد الشخص سبّ نفسه وما ينقصه ، سواء سمّي خلقا أم فعلا ، فإنّ مجرّد الاصطلاح لا يدفع المحذور.

ولكنّ هذا ليس بأعظم من قوله بإرادة الله سبحانه إدخال عبده النار ، فيتسبّب إليه بجعله محلّا لسبّه وسائر القبائح ، مع عجزه عن الدفع لتحصل الغاية ، وهي تعذيب عبده الضعيف الأسير بأشدّ العذاب!

والحال أنّه لا حاجة إلى هذا التسبّب المستهجن ؛ لأنّه يصحّ عندهم أن يعذّب عبده ابتداء وبلا سبب ، فما أعجب أقوال هؤلاء وما أقبحها وما أجرأهم على الله العظيم!

* * *

٢٢٥

قال المصنّف ـ قدّس الله روحه ـ(١) :

ومنها : إنّه يلزم مخالفة الضرورة ؛ لأنّه لو جاز أن يخلق الزنا واللواط ، لجاز أن يبعث رسولا هذا دينه.

ولو جاز ذلك لجوّزنا أن يكون في ما سلف من الأنبياء من لم يبعث إلّا للدعوة إلى السرقة ، والزنا ، واللواط ، وكلّ القبائح ، ومدح الشيطان وعبادته ، والاستخفاف بالله تعالى ، والشتم له ، وسبّ رسوله ، وعقوق الوالدين ، وذمّ المحسن ، ومدح المسيء.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٦.

٢٢٦

وقال الفضل(١) :

لو أراد من نفي جواز بعثه الرسول بهذه الأشياء الوجوب على الله تعالى ، فنحن نمنعه ؛ لأنّه لا يجب على الله شيء.

وإن أراد بنفي هذا الجواز الامتناع عقلا ، فهو لا يمتنع عقلا.

وإن أراد الوقوع ، فنحن نمنع هذا ؛ لأنّ العلم العادي يفيدنا عدم وقوع هذا ، فهو محال عادة ، والتجويز العقلي لا يوجب وقوع هذه الأشياء كما عرفته مرارا(٢) .

ثمّ إنّه صدّر كلامه بلزوم مخالفة الضرورة ، وأيّ مخالفة للضرورة في هذا المبحث؟!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٤.

(٢) انظر الصفحات ٧ و ٦٥ و ٩٩ من هذا الجزء.

٢٢٧

وأقول :

يمكن اختيار الشقّ الأوّل ؛ لأنّ الله سبحانه أوجب على نفسه الهدى وقصد السبيل حيث قال :( إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى ) (١) ( وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) (٢) .

ولا ريب أنّ إرسال الرسول بتلك الفواحش والقبائح وقطع السبيل ، مناف للهدى وقصد السبيل.

ويمكن اختيار الشقّ الثاني ؛ لحكم العقل(٣) بامتناع أن يبعث الله تعالى رسولا بهذا الدين ؛ لأنّه من أظهر منافيات الحكمة وأعظم النقص بالملك العدل ، فهو ممتنع عقلا بالغير ، بل مثله نقص في حقّ أقلّ العقلاء.

ويمكن اختيار الشقّ الثالث ، أعني الوقوع احتمالا ؛ لأنّه إذا جاز أن يخلق الله سبحانه تلك القبائح ، احتملنا أن يكون قد بعث بها رسولا.

ودعوى العلم العادي بالعدم ممنوعة ، إذ لم يطّلع أحدنا على جميع الأنبياء وشرائعهم ، ولم نعرف منهم إلّا النادر ، فلعلّ هناك نبيّ أو أنبياء هذه شريعتهم لم يتّبعهم أحد ، أو اندرست أممهم.

ولا عجب من الخصم إذ أنكر على دعوى الضرورة ، فإنّ أمرهم مبنيّ على إنكار الضروريات!

__________________

(١) سورة الليل ٩٢ : ١٢.

(٢) سورة النحل ١٦ : ٩.

(٣) كذا في المخطوط ، وفي المطبوعتين : الكلّ.

٢٢٨

قال المصنّف ـ شرّف الله منزلته ـ(١) :

ومنها : إنّه يلزم أن يكون الله سبحانه أشدّ ضررا من الشيطان ؛ لأنّ الله لو خلق الكفر في العبد ثمّ يعذّبه عليه لكان أضرّ من الشيطان ؛ لأنّ الشيطان لا يمكن أن يلجئه إلى القبائح ، بل يدعوهم إليها كما قال الله تعالى :( وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ) (٢) .

ولأنّ دعاء الشيطان هو أيضا من فعل الله تعالى ، وأمّا الله سبحانه فإنّه يضطرّهم إلى القبائح!

ولو كان كذلك لحسن من الكافر أن يمدح الشيطان وأن يذمّ الله ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٦.

(٢) سورة إبراهيم ١٤ : ٢٢.

٢٢٩

وقال الفضل(١) :

نعوذ بالله من التفوّه بهذه المقالة ، والاستجراء على تصوير أمثال هذه الترّهات ، فإنّ الله تعالى يخلق كلّ شيء ، والتعذيب مرتّب على المباشرة والكسب ، وخلق الكفر ليس بقبيح ؛ لأنّ غايته دخول الشقي النار ، كما يقتضيه نظام عالم الوجود.

والتصرّف في العبد بما شاء ليس بظلم ؛ لأنّه تصرّف في ملكه ، وقد عرفت أنّ تصرّف المالك في الملك بما شاء ليس بظلم(٢) ، والله تعالى وإن خلق الكفر في العبد ، ولكنّ العبد هو يباشره ويكسبه.

والله تعالى بعث الأنبياء ، وخلق أيضا قوّة النظر ، وبثّ دلائل الوحدانية في الآفاق والأنفس.

فهذه كلّها ألطاف من الله تعالى ، والشيطان يضرّ بالإغواء والوسوسة ، فأين نسبة اللطيف الهادي ـ وهو الله تعالى ـ بالشيطان الضارّ المضلّ؟! ومن أين لزم هذا؟!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٥.

(٢) تقدّم في الصفحة ٩٣.

٢٣٠

وأقول :

قد خرج بكلامه عن المقصود ، وتشبّث بالتمويهات الصرفة ، فإن كانت غايته من كلامه جعل أثر للعبد والشيطان في الفعل أو الكسب ، فقد خرج عن مذهبه ، وإلّا لم يكن له مناص عن إلزام المصنّف لهم.

وقد عرفت تفصيل ما في هذه الكلمات الفارغة عن التحصيل(١) .

وأمّا الاجتراء على الله سبحانه فهو ممّن قال بما يستلزم هذا الكفر ، لا ممّن صوّره للردع عنه.

وما باله إذا كان يتعوّذ من التفوّه بهذه الكلمات يعتقد بحقيقتها ، ويعلم أنّ جوابه عنها يشتمل على الإقرار بها ، لكن بشيء من التمويه!

* * *

__________________

(١) راجع الصفحة ٩٥ من هذا الجزء وج ٢ / ٣٣٦.

٢٣١

قال المصنّفـ ضاعف الله ثوابه ـ (١) :

ومنها : إنّه يلزم مخالفة العقل والنقل ؛ لأنّ العبد لو لم يكن موجدا لأفعاله لم يستحقّ ثوابا ولا عقابا ، بل يكون الله تعالى مبتدئا بالثواب والعقاب من غير استحقاق منهم.

ولو جاز ذلك لجاز منه تعذيب الأنبياءعليهم‌السلام ، وإثابة الفراعنة والأبالسة ، فيكون الله تعالى أسفه السفهاء ، وقد نزّه الله تعالى نفسه عن ذلك فقال :( أَ فَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٢) ( أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) (٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٧.

(٢) سورة القلم ٦٨ : ٣٥ و ٣٦.

(٣) سورة ص ٣٨ : ٢٨.

٢٣٢

وقال الفضل(١) :

جوابه : إنّ استحقاق العبد للثواب والعقاب بواسطة المباشرة والكسب ، وهو يستحقّ الثواب والعقاب بالمباشرة ، لا أنّه يجب على الله إثابته.

فالله متعال عن أن يكون إثابة المطيع وتعذيب العاصي واجبا عليه ، بل جرى عادة الله تعالى بإعطاء الثواب عقيب العمل الصالح ، والتعذيب عقيب الكفر والعصيان.

وجواز تعذيب الأنبياء وإثابة الفراعنة والأبالسة المراد به نفي الوجوب على الله تعالى ، وهو لا يستلزم الوقوع ، بل وقوعه محال عادة ـ كما ذكرناه مرارا(٢) ـ فلا يلزم المحذور.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٦.

(٢) راجع الصفحة ٢١٤ من هذا الجزء وج ٢ / ٣٥٧ و ٤٢٨.

٢٣٣

وأقول :

الكسب والمباشرة أثر صادر عن الله تعالى وحده بزعمهم ، كأصل الفعل ، لأنّه خالق كلّ شيء ، فكيف يستحقّ العبد الثواب والعقاب على الكسب؟!

وكيف يتّجه تخصيص الاستحقاق عليه دون أصل الفعل ، وكلاهما من الله وحده ، والعبد محلّ بالاضطرار؟!

ثمّ إنّه إذا كان العبد مستحقّا للثواب بواسطة الكسب ، كان حكمه بعدم وجوب إثابته مناقضا له ، إذ كيف يكون حقّا له على الله تعالى ولا يجب عليه أداؤه له ، وهو العدل؟!

نعم ، لمّا كان العقاب حقّا لله تعالى ، كان له العفو عنه ، كما سبق(١) ويأتي إن شاء الله تعالى.

وأمّا دعوى العادة ، فباطلة ؛ لأنّ الثواب والعقاب غيب ومتأخّران ، فما وجه العادة والعلم بها؟! إلّا أن يدّعي العلم العادي بأخبار الله تعالى في كتابه المجيد ، وهو مع توقّفه على ثبوت صدق كلامه تعالى على مذهبهم غير تامّ ؛ لأنّه تعالى أيضا أخبر بأنّه يمحو ما يشاء ويثبت(٢) .

وأمّا قوله : « وهو لا يستلزم الوقوع » فمسلّم ؛ لكن لا يستلزم أيضا عدم الوقوع ، ويكفينا الاحتمال ، إذ لا يجوز على غير السفيه تعذيب

__________________

(١) تقدّم في ج ٢ / ٣٩٨.

(٢) في قوله تعالى :( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) سورة الرعد ١٣ : ٣٩.

٢٣٤

الأنبياء وإثابة الفراعنة والأبالسة ؛ تعالى الله عن ذلك.

وقد أنكر عليه سبحانه هذا الحكم فقال :( ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (١) .

* * *

__________________

(١) سورة الصافّات ٣٧ : ١٥٤ ، سورة القلم ٦٨ : ٣٦.

٢٣٥

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

ومنها : يلزم مخالفة الكتاب العزيز من انتفاء النعمة عن الكافر ؛ لأنّه تعالى إذا خلق الكفر في الكافر لزم أن يكون قد خلقه للعذاب في نار جهنّم.

ولو كان كذلك لم يكن له عليه نعمة أصلا ، فإنّ نعمة الدنيا مع عقاب الآخرة لا تعدّ نعمة ، كمن جعل لغيره سمّا في حلواء وأطعمه ، فإنّه لا تعدّ اللذّة الحاصلة من تناوله نعمة.

والقرآن قد دلّ على أنّه تعالى منعم على الكفّار ، قال الله تعالى :

( أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً ) (٢) ( وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ ) (٣) .

وأيضا : قد علم بالضرورة من دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه ما من عبد إلّا ولله عليه نعمة ، كافرا كان أو مسلما.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٧.

(٢) سورة إبراهيم ١٤ : ٢٨.

(٣) سورة القصص ٢٨ : ٧٧.

٢٣٦

وقال الفضل(١) :

هذا أيضا من غرائب الاستدلالات ، فإنّ نعمة الله تعالى على الكافر محسوسة ، والهداية أعظم النعم.

وإرسال الرسل وبثّ الدلائل العقليّة كلّها نعم عظام ، والكافر استحقّ دخول النار بالمباشرة والكسب ، والخلق من الله تعالى ليس بقبيح.

ثمّ ما ذكره من لزوم عدم كون الكافر منعما عليه ، يلزمه أيضا بإدخاله النار ، فإنّ الله تعالى يدخل الكافر النار ألبتّة ، فيلزم أن لا يكون عليه نعمة.

فإن قال : إدخاله لكونه آثر الكفر ورجّحه واختاره.

قلنا : في مذهبنا أيضا كذلك ، وإدخاله لكونه باشر الكفر ، وكسبه ، وعمل به.

ولو كان الواجب على الله تعالى أن ينعم على الكافر ـ وهو المفهوم من ضرورة الدين ـ لكان الواجب عليه أن لا يدخل النار ، بأيّ وصف كان الكافر ؛ لأنّه يلزم أن لا يكون منعما عليه ، وهو خلاف ضرورة الدين.

وأمثال هذه الاستدلالات ترّهات ومزخرفات.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٧٨.

٢٣٧

وأقول :

لا ينكر أنّ الهداية والرسل والدلائل نعم عظام على العباد ، لكن إذا خلق الله سبحانه الكفر في الكافر وأعجزه عن اتّباع الرسل والدلائل لم تكن في حقّه نعمة بالضرورة ، وإنّما تكون نعمة عليه إذا مكّنه من اتّباعها ، وأهّله لتحصيل الثواب بعمله الميسور له ، وإن فوّت على نفسه بكفره الاختياري نعمة الثواب.

وهذا هو الجواب عن نقض الخصم على المصنّفرحمه‌الله بأنّه إذا أدخل الله الكافر النار لم تكن له نعمة عليه ، لا ما ذكره بقوله : « فإن قال : إدخاله لكونه آثر الكفر ورجّحه واختاره » فإنّ هذا إنّما يكون مصحّحا لعقابه ، لا لإثبات كونه منعما عليه كما هو محلّ الكلام ، وقد بيّنّا ثبوته على مذهبنا فيكون هو الجواب.

ولعلّ الخصم إنّما أجاب بهذا ليتمكّن بزعمه من الجواب بمثله! ويقول : « قلنا : في مذهبنا أيضا كذلك ، وإدخاله لكونه باشر الكفر » إلى آخره.

وفيه : مع ما ظهر لك من أنّ مثل هذا لا يصلح أن يكون جوابا عن إشكال عدم النعمة على الكافر ، ليس صحيحا في نفسه ؛ لما سبق مرارا من أنّ الكسب ليس ممّا للعبد فيه أثر ـ على قولهم(١) ـ فلا يكون مصحّحا للعقاب.

__________________

(١) انظر قول الفضل في ص ٩٣ ، وردّ الشيخ المظفّر عليه في ص ٩٥ من هذا الجزء.

٢٣٨

وأمّا قوله : « ولو كان الواجب على الله تعالى أن ينعم على الكافر لكان الواجب عليه أن لا يدخل النار ».

ففيه : إنّ المصنّف إنّما قال : « قد علم بالضرورة من دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه ما من عبد إلّا ولله تعالى عليه نعمة ، كافرا أو مسلما » وهذا لا يدلّ على أصل وجوب الإنعام على الكافر ، فضلا عن أن يجب على الله تعالى أن يجعل الكافر محلّا لكلّ نعمة ، وأن لا يدخله النار.

* * *

٢٣٩

قال المصنّف ـ طيّب الله ثراه ـ(١) :

ومنها : صحّة وصف الله تعالى بأنّه ظالم وجائر ؛ لأنّه لا معنى للظالم إلّا فاعل الظلم ، ولا الجائر إلّا فاعل الجور ، ولا المفسد إلّا فاعل الفساد ؛ ولهذا لا يصحّ إثبات أحدها إلّا حال نفي الآخر(٢) .

ولأنّه لمّا فعل العدل سمّي عادلا ، فكذا لو فعل الظلم سمّي ظالما.

ويلزم أن لا يسمّى العبد ظالما ولا سفيها ؛ لأنّه لم يصدر عنه شيء من هذه.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١١٧.

(٢) أي إنّ ثبوت الصفة يستلزم نفي ضدّها ، فكونه عادلا يستلزم أن لا يكون ظالما.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420