دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٣

دلائل الصدق لنهج الحق4%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-356-x
الصفحات: 420

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 420 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 214382 / تحميل: 4821
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٥٦-x
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

التكليف سابق على الفعل

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

المطلب السابع عشر

في التكليف

لا خلاف بين المسلمين في أنّ الله تعالى كلّف عباده فعل الطاعات واجتناب المعاصي ، وأنّ التكليف سابق على الفعل(٢) .

وقالت الأشاعرة ها هنا مذهبا غريبا عجيبا! وهو : إنّ التكليف بالفعل حالة الفعل لا قبله(٣) .

وهذا يلزم منه محالات

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٣٣.

(٢) شرح الأصول الخمسة : ٤١٠ ـ ٤١١ ، تقريب المعارف : ١٢٣ ، تجريد الاعتقاد : ٢٠٣.

(٣) التقريب والإرشاد ٢ / ٢٩٠ ـ ٢٩٢ ، المحصول في علم أصول الفقه ١ / ٣٣٥ ، الإحكام في أصول الأحكام ـ للآمدي ـ ١ / ١٢٧ ، فواتح الرحموت ١ / ١٣٤ ـ ١٣٥.

٣٦١

وقال الفضل(١) :

لمّا ذهبت الأشاعرة إلى أنّ القدرة مع الفعل ، والتكليف لا يكون إلّا حال القدرة(٢) ، فيلزم أن يكون التكليف مع الفعل ، وهذا شيء لزم من القول الأوّل.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ١٦٦.

(٢) التقريب والإرشاد ٢ / ٢٩٠ ـ ٢٩٢ ، المحصول في علم أصول الفقه ١ / ٣٣٥ وما بعدها ، الإحكام في أصول الأحكام ـ للآمدي ـ ١ / ١٢٧ ، فواتح الرحموت ١ / ١٣٤ ـ ١٣٥.

٣٦٢

وأقول :

قد عرفت بطلان اللزوم(١) فيلزمه بطلان اللازم ، على أنّ اللزوم ممنوع ؛ لأنّ توقّف صحّة التكليف على القدرة لا يستدعي إلّا تحقّق القدرة على الفعل في وقته لا في وقت التكليف ، فلا يتمّ القول بأنّ التكليف مع الفعل.

* * *

__________________

(١) انظر الصفحة ٣٤٥ ـ ٣٤٦.

٣٦٣

قال المصنّف ـ قدّس الله سرّه ـ(١) :

الأوّل : أن يكون التكليف بغير المقدور ؛ لأنّ الفعل حال وقوعه يكون واجبا ، والواجب غير مقدور.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٣٣.

٣٦٤

وقال الفضل(١) :

لا نسلّم أنّ الواجب غير مقدور مطلقا ، بل ما أوجبته القدرة الحادثة مقدور لتلك القدرة التي أوجبته.

وكذلك فعل العبد بعد الحصول ، فيكون مقدورا ، وإذا صار مقدورا تعلّق به التكليف ولا محذور فيه.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ١٦٦.

٣٦٥

وأقول :

لا ريب أنّ المقدور لا يبقى على المقدوريّة حين عروض الوجوب عليه وإن كان وجوبه بالقدرة ، إذ لو بقي مقدورا لم يصر واجبا ، فإذا فرض تعلّق التكليف بالفعل حين وقوعه ، فقد تعلّق به وهو واجب غير مقدور ، وهو محال ، ومجرّد مقدوريّته بالذات لا تسوّغ التكليف به وهو في حال الوجوب.

ولو سلّم بقاؤه على المقدوريّة ، فلا ريب أنّ التكليف بالشيء محركّ وباعث عليه ، والموجود لا يتصوّر التحريك نحوه ، وكما لا يجوز التكليف بالشيء بعد وقوعه وإن كان مقدورا في نفسه ، لا يجوز التكليف به حين وقوعه.

* * *

٣٦٦

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

الثاني : يلزم أن لا يكون أحد عاصيا ألبتّة ؛ لأنّ العصيان مخالفة الأمر ، فإذا لم يكن الأمر ثابتا إلّا حالة الفعل ، وحال العصيان هو حال عدم الفعل ، فلا يكون مكلّفا حينئذ وإلّا لزم تقدّم التكليف على الفعل ، وهو خلاف مذهبهم.

لكن العصيان ثابت بالإجماع ونصّ القرآن

قال الله تعالى :( أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي ) (٢)

( وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً ) (٣)

( آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ) (٤)

ويلزم انتفاء الفسق الذي هو الخروج عن الطاعة أيضا.

فلينظر العاقل من نفسه ، هل يجوز لأحد تقليد هؤلاء الّذين طعنوا في الضروريات؟!

فإنّ كلّ عاقل يسلّم بالضرورة من دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ الكافر عاص ، وكذا الفاسق( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) (٥) .

فأيّ سداد في هذا القول المخالف لنصوص القرآن؟!

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٣٣.

(٢) سورة طه ٢٠ : ٩٣.

(٣) سورة الكهف ١٨ : ٦٩.

(٤) سورة يونس ١٠ : ٩١.

(٥) سورة الأحزاب ٣٣ : ٧٠ و ٧١.

٣٦٧

وقال الفضل(١) :

الأمر عندنا أزلي ، فكيف ينسب إلينا أنّ الأمر عندنا لم يكن ثابتا إلّا حالة الفعل؟!

وأمّا قوله : « حال العصيان حال عدم الفعل »

فنقول : ممنوع ؛ لأنّ الأمر إذا توجّه إلى المكلّف وتعلّق به ، فهو إمّا أن يفعل المأمور به ، أو لا يفعل ، فإن فعل المأمور به فهو مطيع ، وإن فعل غيره فهو عاص.

فالطاعة والعصيان يكونان مع الفعل ، والتكليف حاصل معه ، فكيف يصحّ أن يقال : إنّ العصيان حال عدم الفعل ، والعصيان صفة الفعل ، وحاصل معه؟!

والحاصل : إنّ عصيان الأمر مخالفته ، وإذا صدر الفعل عن المكلّف ، فإن وافق الأمر فهو طاعة ، وإن خالفه فهو عصيان.

فالعصيان حاصل حال الفعل ، ولا يلزم أصلا من هذا الكلام أن لا يكون العصيان ثابتا.

وأمّا قوله : « والعصيان ثابت » ، وإقامة الدليل على هذا المدّعى ، فهو من باب طامّاته ، وإقامته الأدلّة الكثيرة على مدّعى ضروري في الشرع متّفق عليه.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ١٦٧.

٣٦٨

وأقول :

نعم ، لمّا كان الأمر عندهم أزليا وجب أن يكون الأمر سابقا على الفعل ، فينا في قولهم بأنّ الأمر مع الفعل ، وليس علينا أن ندفع هذه المنافاة.

ودعوى أنّ الأمر أزلي وتعلّقه حادث لو صحّت لا تدفع المنافاة ، ما دام الأمر بنفسه ثابتا في الأزل كما زعموه.

ولا يمكن إنكار قولهم بأنّ الأمر مع الفعل ، بدليل ما تكلّفوه من الأجوبة عن المحالات التي ذكرها المصنّف ، فإنّهم لو ذهبوا إلى أنّ التكليف قبل الفعل لما لزمهم شيء من المحالات ، وما احتاجوا إلى تكلّف تلك الأجوبة الواهية ، التي منها ما أجاب به عن قول المصنّفرحمه‌الله : « حال العصيان حال عدم الفعل ».

وحاصله : إنّ المكلّف فاعل حال عصيانه فعلا آخر مقارنا لترك المأمور به ، فيكون العصيان حال الفعل ، وهذا مبنيّ على أنّ مرادهم بالفعل في قولهم : « التكليف مع الفعل » هو الأعمّ من فعل المأمور به وفعل ضدّه ، لزعمهم أنّ القدرة المعتبرة في التكليف هي القدرة على الشيء أو ضدّه.

وفيه : إنّهم لو أرادوا الأعمّ لا خصوص الفعل المأمور به ، لما احتاجوا إلى كلفة الجواب عن المحالات الأخر ؛ لأنّ المأمور متلبّس قبل فعل المأمور به بفعل ضدّه ، فيكون التكليف مع الفعل ـ أي : فعل الضدّ ـ وقبل فعل المأمور به ، فلا يكون تكليفا بالواجب ، ولا طلبا لتحصيل الحاصل.

فتكلّفهم بالجواب عن هذين المحالين دليل على أنّ مرادهم بالفعل

٣٦٩

هو خصوص فعل المأمور به ، فيبطل ما أجاب به الخصم.

هذا ، واعلم أنّ كلام المصنّف إنّما هو في عصيان الأمر كما هو صريح كلام الخصم.

وإنّما خصّ المصنّف الإشكال به دون عصيان النهي ؛ لأنّه في مقام الردّ على قولهم : « التكليف مع الفعل ».

ومن المقرّر أنّ التكليف في النهي إنّما هو بالترك ؛ لأنّه طلب الترك ، فيكون التكليف معه لا مع الفعل ، لاعتبار القدرة على المكلّف به ، وزعمهم أنّ القدرة على الشيء معه.

وحينئذ فتقرير الإشكال على كون التكليف مع الترك هكذا : إنّ عصيان النهي مخالفته ، فإذا لم يكن النهي ثابتا إلّا حالة الترك ، وحال العصيان هي حال فعل المنهيّ عنه ، لم يكن مكلّفا حينئذ ، وإلّا لزم ثبوت النهي لا مع الترك ، وإذا لم يكن منهيّا حين فعل المنهي عنه ، لم يكن عاصيا

ويمكن أن يدّعي أنّ النهي متعلّق بالفعل بنحو الزجر عنه ، فيكون التكليف مطلقا على زعمهم مع الفعل ، ويكون تخصيص المصنّف للإشكال بعصيان الأمر ؛ لاختصاصه به.

وأمّا ما ذكره من أنّ المصنّف في إقامته الأدلّة على ثبوت العصيان قد أقامها على مدّعى ضروريّ ، فصحيح ، لكنّه أراد بها التشنيع عليهم باستلزام مذهبهم لمخالفة الضروري الثابت بالإجماع ونصّ الكتاب!

* * *

٣٧٠

قال المصنّف ـ رفع الله منزلته ـ(١) :

الثالث : لو كان التكليف حالة الفعل خاصّة لا قبله ، لزم : إمّا تحصيل الحاصل ، أو : مخالفة التقدير ، والتالي باطل بقسميه بالضرورة ، فالمقدّم مثله.

بيان الشرطية : إنّ التكليف إمّا أن يكون بالفعل الثابت حالة التكليف ، أو بغيره.

والأوّل : يستلزم تحصيل الحاصل.

والثاني : يستلزم تقدّم التكليف على الفعل.

وهو خلاف الفرض ، وأيضا هو المطلوب ، وأيضا يستلزم التكرار.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٣٤.

٣٧١

وقال الفضل(١) :

نختار أنّ التكليف بالفعل الثابت حالة التكليف.

قوله : « يستلزم تحصيل الحاصل ».

قلنا : تحصيل الحاصل بهذا التحصيل ليس بمحال ، وها هنا كذلك ؛ لأنّ التكليف وجد مع القدرة والفعل ، فهو حاصل بهذا التحصيل فلا محذور.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ١٦٩.

٣٧٢

وأقول :

قد تكرّر هذا الجواب في كلماتهم ، وهو من الغرائب ؛ لأنّ الحصول المطلوب لا بدّ أن ينبعث عن الطلب.

فلو كان الحصول مقارنا للطلب ومطلوبا به ، لزم إعادة نفس الحصول ليتصوّر الانبعاث عن الطلب ، فيلزم تحصيل الحاصل وإعادته بعينه ، وهو محال.

* * *

٣٧٣
٣٧٤

شرائط التكليف

قال المصنّف ـ شرّف الله منزلته ـ(١) :

المطلب الثامن عشر

في شرائط التكليف

ذهبت الإماميّة إلى أنّ شرائط التكليف ستّة :

الأوّل : وجود المكلّف ؛ لامتناع تكليف المعدوم ، فإنّ الضرورة قاضية بقبح أمر الجماد ، وهو إلى الإنسان أقرب من المعدوم(٢) .

وقبح أمر الرجل عبيدا يريد أن يشتريهم وهو في منزله وحده ، ويقول : يا سالم قم ، ويا غانم كل ، ويعدّه كلّ عاقل سفيها ، وهو إلى الإنسان الموجود أقرب.

وخالفت الأشاعرة في ذلك ، فجوّزوا تكليف المعدوم ومخاطبته والإخبار عنه(٣) ، فيقول الله في الأزل :( يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٣٤.

(٢) التذكرة بأصول الفقه : ٣٢ ، الغيبة ـ للطوسي ـ : ١٥ ، العدّة في أصول الفقه ١ / ٢٥١.

(٣) التقريب والإرشاد ٢ / ٢٩٨ وما بعدها ، المستصفى من علم الأصول ١ / ٨٥ ، المحصول في علم أصول الفقه ١ / ٣٢٨ ، الإحكام في أصول الأحكام ـ للآمدي ـ ١ / ١٣١ ، منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل : ٤٤ ، فواتح الرحموت ١ / ١٤٦ ـ ١٤٧.

٣٧٥

رَبَّكُمُ ) (١) ، ولا شخص هناك

ويقول :( إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً ) (٢) ، ولا نوح هناك.

وهذه مكابرة في الضرورة.

* * *

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ٢١.

(٢) سورة نوح ٧١ : ١.

٣٧٦

وقال الفضل(١) :

قد عرفت جواب هذا في مبحث إثبات الكلام النفساني ، وأنّ الخطاب موجود في الأزل قبل وجود المخاطبين بحسب الكلام النفساني(٢) ، ويحدث التعلّق عند وجودهم.

ولا قبح في هذا ، فإنّ من زوّر في نفسه كلاما ليخاطب به العبيد الّذين يريد أن يشتريهم بأن يخاطبهم بعد الشراء لا يعدّ سفيها.

ثمّ ما ذكر أنّ الأشاعرة جوّزوا تكليف المعدوم ، فهذا ينافي ما أثبته في الفصل السابق أنّهم يقولون : إنّ التكليف مع الفعل ، وليس قبله تكليف.

فإذا كان وجود التكليف عند الأشاعرة مع الفعل ، فهل يجوز عندهم أن يقولوا بتكليف المعدوم؟!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ١٧٢.

(٢) راجع ج ٢ / ٢٣٧ و ٢٤٤ ـ ٢٤٥.

٣٧٧

وأقول :

تقدّم في ذلك المبحث أنّ خطاب المعدوم وتكليفه سفه بالضرورة ، إذ لا يصحّان من دون مخاطب ومكلّف ، ولا أثر لحدوث التعلّق لو عقلنا التعلّق(١) .

والقياس على من زوّر في نفسه كلاما ، خطأ ظاهر ؛ لأنّ المزوّر ليس بمخاطب ، وإنّما هو متصوّر ومقدّر لخطاب في المستقبل ، فلا يقاس عليه الكلام النفسي الذي هو خطاب وتكليف في الأزل.

وأمّا ما ذكره من المنافاة ، فقد عرفت أنّه ليس على المصنّف رفع التنافي عن أقوالهم ، وكيف يمكن إنكارهم لتكليف المعدوم وقد قالوا : إنّه مأمور ومنهي في الأزل؟!

* * *

__________________

(١) راجع ج ٢ / ٢٣٨ و ٢٤٦.

٣٧٨

قال المصنّف ـ طاب رمسه ـ(١) :

الثاني : كون المكلّف عاقلا ؛ فلا يصحّ تكليف الرضيع ، ولا المجنون المطبق(٢) .

وخالفت الأشاعرة في ذلك وجوّزوا تكليف هؤلاء(٣) .

فلينظر العاقل هل يحكم عقله بأن يؤاخذ المولود حال ولادته بالصلاة وتركها ، وترك الصوم والحجّ والزكاة ، وهل يصحّ مؤاخذة المجنون المطبق على ذلك؟!

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ١٣٥.

(٢) شرح جمل العلم والعمل : ١٠٠ ، الذخيرة في علم الكلام : ١٢١ ، تقريب المعارف : ١٢٩ ، المنقذ من التقليد ١ / ٢٥٣.

(٣) ذكر ذلك الباقلّاني عن بعض الفقهاء ؛ انظر : التقريب والإرشاد ١ / ٢٤٠ و ٢٤٣ ـ ٢٤٤.

٣٧٩

وقال الفضل(١) :

مذهب الأشاعرة : إنّ القلم مرفوع عن الصبيّ حتّى يبلغ الحلم ، وعن المجنون حتّى يفيق(٢) .

وما ذكره افتراء عليهم محض ، كما هو عادته في الافتراء والكذب والاختراع.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ١٧٣.

(٢) انظر : التقريب والإرشاد ١ / ٢٣٦.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420